الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكفَّل بحفظه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه كلام الله منزّل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه ناسخ لما قبله من الكتب السماوية، قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ
…
} 1، أي حاكماً عليه، وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السماوية إلَاّ ما أقره منها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة2.
1 سورة المائدة، آية 48.
2 انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص350، شرح لمعة الاعتقاد ص77-85 لابن عثيمين، الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص149-151.
وقوع التحريف في الكتب السماوية السابقة عل القرآن الكريم
…
المطلب الثاني: وقوع التحريف في الكتب السماوية السابقة على القرآن الكريم.
لقد تضافرت الأدلة والبراهين على تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل وغيرها من الكتب المتقدمة، والآيات القرآنية كثيرة في ذلك منها: قوله تعالى: {
…
قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً
…
1 سورة الأنعام، آية 91.
2 سورة المائدة، آية 13-15.
وقد أجمع المسلمون على وقوع التحريف في التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السابقة، إما عمداً وإما خطأً في ترجمتها أو في تفسيرها أو تأويلها، إلا أن علماء المسلمين قد اختلفوا في مقدار التحريف فيها:
فقال بعضهم: إن كثيراً مما في التوراة والإنجيل باطل ليس من كلام الله.
ومنهم من قال: بل ذلك قليل.
وقال بعضهم: لم يحرف أحد شيئاً من حروف الكتب وإنما حرفوا معانيها بالتأويل.
وقال بعضهم: كانت توجد نسخ صحيحة للتوراة والإنجيل بقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ونسخ كثيرة محرفة.
وقال الجمهور: بأنه بُدِّل بعض ألفاظها وحُرِّف1.
والذي أراه - والله أعلم - أن تحريفاً كثيراً قد وقع في كتبهم إلا أنه لا تزال فيها بقايا من الوحي الإلهي وهي كثيرة أيضاً، ولا سبيل لمعرفتها إلا بموافقتها لما في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
وأما أنواع التحريف في كتبهم فهو: تحريف بالتبديل، وتحريف بالزيادة، وتحريف بالنقصان، وتحريف بتغيير المعنى دون اللفظ، والشواهد على ذلك كثيرة.
وإلى جانب التحريف فإن هناك وسائل أخرى ذكرها القرآن الكريم لا تقل خطورة في تأثيرها عن التحريف والتبديل، ومن هذه الوسائل2 ما يلي:
1 للتوسع انظر: مجموع الفتاوى 13/102-105، الجواب الصحيح 1/356، 367، 2/5، 3/246 للإمام ابن تيمية، وهداية الحيارى 105 لابن القيم، تفسير ابن كثير 1/520، فتح الباري 17/523-526.
2 انظر: علاقة الإسلام باليهودية ص43-45، د. محمد خليفة.
1-
الإخفاء: قال تعالى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً
…
2-
الكتمان: قال تعالى: {الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنّ فَرِيقاً مّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 3، وقال تعالى:{وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} 4.
3-
إلباس الحق بالباطل: قال تعالى: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 5، وقال تعالى:{وَلَا تَلْبِسُواْ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 6.
4-
الكذب والتكذيب: قال تعالى: {قُلْ فَأْتُواْ بِالتّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} 7، وقال تعالى:{وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ..} 8.
1 سورة الأنعام، آية 91.
2 سورة المائدة، آية 15.
3 سورة البقرة، آية 146.
4 سورة آل عمران، آية 187.
5 سورة آل عمران، آية 71.
6 سورة البقرة، آية 42.
7 سورة آل عمران، آية 93-94.
8 سورة آل عمران، آية 78.
5-
لوي الألسنة بالكتاب: قال تعالى: {وَإِنّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون} 1.
6-
التعطيل: المقصود به تعطيل أحكام التوراة والإنجيل وعدم إقامتها والعمل بها. قال تعالى: {وَلَوْ أَنّهُمْ أَقَامُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رّبّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مّنْهُمْ أُمّةٌ مّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ} 2، وقال تعالى: {قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىَ شَيْءٍ حَتّىَ تُقِيمُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مّن رّبّكُمْ
…
} 3. وقال تعالى: {مَثَلُ الّذِينَ حُمّلُواْ التّوْرَاةَ ثُمّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} 4.
7-
الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض الآخر: قال تعالى: {
…
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
…
} 5.
8-
الإهمال: قال تعالى: {وَلَما جَآءَهُمْ رَسُولٌ مّنْ عِندِ اللهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} 6.
1 سورة آل عمران، آية 78.
2 سورة المائدة، آية 66.
3 سورة المائدة، آية 68.
4 سورة الجمعة، آية 5.
5 سورة البقرة، آية 85.
6 سورة البقرة، آية 101.