المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآثار المترتبة على عدم اختيار الصالح عند الزواج - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٣

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌ذلك أزكى لهم

- ‌النظرة المسمومة والآثار المترتبة عليها

- ‌توجيه المؤمنين بغض البصر وحفظ الفروج لحصول التزكية

- ‌حكم نظر المرأة إلى الرجل

- ‌حكم تغطية المرأة للوجه والكفين والراجح من أقوال أهل العلم

- ‌معنى وحقيقة ضرب المرأة بالخمار على الجيب

- ‌أسباب انتشار فتنة النساء في بلاد المسلمين

- ‌من تبدي المرأة زينتها بحضرته

- ‌وجه عدم ذكر العم والخال في الآية من المحارم

- ‌المقصود بقوله تعالى: أو نسائهن

- ‌حد عورة المرأة أمام مملوكها والمملوكة أمام سيدها

- ‌المقصود بالتابع في قوله تعالى: أو التابعين

- ‌الطفل الذي يجوز له الدخل على النساء

- ‌الآثار المترتبة على وجود الخادمات الأجنبيات في البيوت

- ‌معنى ضرب النساء بالأرجل ليعلم ما يخفين من الزينة وحكمه

- ‌دعوة عامة إلى التوبة المؤدية إلى الفلاح

- ‌الزواج المبكر والآثار الإيجابية المترتبة عليه

- ‌الآثار المترتبة على عدم اختيار الصالح عند الزواج

- ‌لزوم الاستعفاف لمن لا يجد القدرة على النكاح

- ‌حقيقة المكاتبة وشروطها

- ‌حرمة إكراه الإماء على الزنا عند إرادة التحصن وعدمه

- ‌الأسئلة

- ‌حكم لبس النقاب ذي الفتحات الواسعة

- ‌حكم تعدد الزوجات

- ‌قياس الخادمة والسائق بالرقيق وحكم خروج المرأة مع السائق مع أطفال صغار

- ‌حكم من يقول بأن ترك القرآن واستبدال الغناء به يعتبر رقياً

- ‌تحذير الآباء مما يعرض في التلفاز للأطفال

- ‌حكم النظر إلى الشاب الأمرد

- ‌توجيه حديث: (عفوا تعف نساؤكم)

- ‌حكم الخروج من البيت الذي فيه خادمة غير متحجبة

- ‌الحكمة من إباحة تزوج الرجل بأربع والمرأة بواحد

- ‌حكم لبس المرأة للبنطال أو الملابس الضيقة والمفتوحة أمام النساء

الفصل: ‌الآثار المترتبة على عدم اختيار الصالح عند الزواج

‌الآثار المترتبة على عدم اختيار الصالح عند الزواج

الله عز وجل هنا في قوله: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32] نبه على الصلاح، ولذلك فإن على الرجل إذا أراد أن يبحث عن امرأة أن يبحث عن المرأة الصالحة، يقول عليه الصلاة والسلام:(الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)، وقال:(اظفر بذات الدين تربت يداك).

وكذلك المرأة إذا أرادت أن تبحث عن زوج، أو أراد وليها أن يزوجها فعليه أن يبحث عن الرجل الصالح؛ لأن الله تعالى يقول:(وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) ويقول عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كثير) ولذلك كانت الفتنة وكان الفساد العريض عندما أعرض كثير من الناس عن هذا الأمر من أوامر الله، فساروا يشترون الرجل صاحب المركز أو صاحب الشهادة العملاقة، أو الرجل المثقف، أو صاحب المال الكثير، فأغفلت كل الجوانب الأخرى إلا ما شاء الله، ولم يلتفت إليها إلا أناس قلة، فكان ذلك سبباً في وجود فتنة في الأرض وفساد كبير.

وانظر كم يسافر اليوم من أبناء المسلمين للفساد؟! وكم تنقل الطائرات؟! وكم تفتح من بيوت للفساد في العالم تستقبل أبناء المسلمين الذين ولدوا على الفطرة وعاشوا على الفطرة؟! الفتنة بدأت منا نحن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فمن يتحمل هذه المسئولية أمام الله؟ هل يتحملها ذلك الشاب الذي يقول: لا أتزوج حتى أملك بيتاً يتكون من طابقين، وأثاثاً راقياً، وأملك سيارة جميلة، وحتى وحتى، فإذا به يسوف في الزواج، ولربما يقع بعضهم في غضب الله عز وجل، أم تلك الفتاة التي أراد وليها أن يساوم عليها مساومة بالمزاد العلني، ويبحث عن أثرى الناس وأكثرهم مالاً، ويغفل كل الصفات التي يستفيد منها هو في الدنيا والآخرة وتستفيد منها تلك البنت التي تنظر إلى الصالح الذي يحترمها ويخاف الله عز وجل فيها، وينجب لها -بإذن الله- أولاداً صالحين يكونون لها سعادة في الدنيا والآخرة، هذه هي المشكلة وهذا هو الفساد العريض، والذي تسبب في وجود الفساد العريض هم الذين لا يحسنون اختيار الزوج، أو لا يحسنون اختيار الزوجة، فهنا يقول الله تعالى:{وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32]!!! وكم من الناس من يأتي إلينا ويشتكي إلينا أمر موليته، فيقول: والله -يا أخي- لقد زوجت ابنتي رجلاً يشرب الخمر، فحل مشكلتي.

نقول: لا نملك لك من الله شيئاً، هل حينما خطب ذلك الرجل البعيد ابنتك سألت عن أخلاقه وسلوكه ومن يخالط؟ لا نستطيع أن نخلصك من هذه المشكلة، ولربما ينجب من ابنتك أولاداً فسدت نطفتهم؛ لأن هذه تقارير علماء الاجتماع، أن إدمان المسكرات ربما ينتقل عن طريق النطفة لينجب أولاداً إما مجرمين وإما مدمني خمر، هكذا يقول علماء الاجتماع والمسئولية عليهم.

ويقول آخر: زوجت ابنتي رجلاً لا يصلي فماذا أفعل؟ نقول: هو كافر وهي مسلمة، فكيف تضع امرأة مسلمة في عصمة رجل كافر والله تعالى يقول:{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة:10]؟! حتى العودة لا تعود فكيف بالابتداء؟! {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] لا نملك لك من الله شيئاً، فالزواج غير صحيح، ويقول بعض علماء المسلمين: الأولاد الذين يولدون في هذه الفترة غير شرعيين؛ لأن الزواج فاسد بطبيعته ما دام أنه رجل كافر مرتد وهي امرأة مسلمة.

فهذا أمر خطير لا يدركه كثير من الناس إلا بعد أن يقع، فلماذا لا نبحث فيه قبل أن نقع وقبل أن ندخل في هذه المشكلة؟! لماذا إذا خطب هذا الرجل لا أبحث عمن يخالط؟ وأسأل الناس عنه هل هو رجل صالح أو غير صالح؟ هب أنه رجل فقير، أليس يقول الله تعالى:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32] فهي لن تموت جوعاً عند ذلك الرجل؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:6] بل هي تموت عند الرجل المجرم الذي يهينها ولا يأتيها إلا في الهزيع الأخير من الليل، هذا الرجل الذي يفسد شهوته فيما حرم الله، هذا الرجل الذي يتناول المسكرات والمخدرات، ذلك الرجل الملحد الذي لا يصلي ولا يعرف الله طرفة عين، ذلك الرجل الذي يسب دين الله ويتجرأ على ما حرم الله، هذا هو الذي يجب أن يحذره، أما الفقير فإن الله تعالى سوف يغنيه، ومن أكبر عوامل الغنى الزواج، كما قال صلى الله عليه وسلم:(ثلاثة حق على الله عونهم)، وذكر منهم الرجل يتزوج يريد إعفاف نفسه، ويقول الله تعالى:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32] وعد من الله تعالى، ألا يصدق أولياء النساء؟! ألا تصدق النساء بوعد الله؟! فكم من أناس كانوا في فقر مدقع لا يملك أحدهم قوت ليلة، فبعد أن يتزوج إذا بالدنيا تنفتح عليه من كل جانب؛ لأن رزق المرأة اجتمع مع رزق الرجل مع رزق الأولاد الذين سيأتون بإذن الله تعالى، فتجتمع هذه الأرزاق فتكون رزقاً واسعاً، إذاً لماذا لا يثق الناس بوعد الله وبرزق الله؟! ثم يقول الله تعالى:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32] أي: العبيد الذين ستزوجونهم إذا كانوا فقراء فإن الله يعطيهم بكرمه.

ثم يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور:32] أي أن الله تعالى له خزائن السماوات والأرض، فعنده من السعة في الرزق ما يغني جميع المخلوقات فضلاً عن ذلك الرجل الذي تزوج لإعفاف نفسه، ويدر عليه الرزق لنفقة هذه الزوجة التي رضيت بهذا الرجل الصالح الفقير من أجل تعفه وتعف نفسها.

ص: 18