المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهة جعل الطلاق بيد الرجل - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٣٤

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌المرأة وما يراد بها

- ‌سنة الصراع بين الحق والباطل

- ‌الوسائل الحديثة التي يحارب بها العدو الإسلام

- ‌لجوء العدو إلى سلاح محاربة الأفكار والقيم

- ‌استخدام العدو سلاح الشهوة الجنسية والمرأة في محاربة الإسلام

- ‌كيف حارب الإسلام الرذيلة وعالج الشهوة

- ‌معالجة الإسلام للشهوة بمنع الزنا وإقامة الحد عليه

- ‌منع الإسلام من الكلام في الأعراض وإقامة حد القذف

- ‌منع الاختلاط والتحذير منه

- ‌الأمر بغض البصر عن المحرمات

- ‌الحث على الزواج

- ‌ضياع حقوق المرأة في مجتمع الحضارة

- ‌أعداء المرأة وشبهاتهم حولها

- ‌شبهة تعدد الزوجات والرد على أباطيلها

- ‌شبهة جعل الطلاق بيد الرجل

- ‌شبه في حقوق المرأة المالية والاجتماعية

- ‌ثياب أعداء المرأة الجدد

- ‌الأسئلة

- ‌خطر الخلوة المحرمة وعلاقتها بالزنا

- ‌حكم ذهاب المرأة إلى المسجد الحرام برفقة زوجها

- ‌دور المرأة في المجتمع

- ‌التبرج والسفور ودور الرجال والنساء في الحدِّ منه

- ‌حكم ولاية المرأة في الإسلام

- ‌حكم لعن النساء المتبرجات

- ‌حكم الخلوة بالمرأة في السفر

- ‌حكم تعدد الزوجات وأدلة ذلك

- ‌نصيحة جار لديه مسبح عائلي

- ‌حكم زيارة الأهل مع ما هم فيه من المنكرات

- ‌وأد المرأة في الجاهلية

الفصل: ‌شبهة جعل الطلاق بيد الرجل

‌شبهة جعل الطلاق بيد الرجل

أيها الإخوان! إن الذين يشوهون الإسلام يقولون مثلاً: لماذا الطلاق؟! وإذا كان ولا بد من الطلاق فلماذا يكون بيد الرجل فقط؟! وهم يريدون من ذلك أن تقوم المرأة التي لا تفهم الإسلام كما قام في باكستان مجموعة من النساء اللواتي لم يفهمن الإسلام فهماً صحيحاً يقلن: لماذا الطلاق بيد الرجل ولا يكون بيد المرأة؟ ونسي هؤلاء أو تناسوا العقلية الكبيرة التي يمتاز بها الرجل على المرأة، والتأني والتؤدة التي يعطيها الله عز وجل بعض خلقه دون بعض، ولذلك يقول علماء النفس: لو كان الطلاق بيد المرأة لوقع في اليوم عدة مرات؛ لأن المرأة بعواطفها وبتسرعها واستجابتها لرغباتها، وانصياعها أمام شهواتها دفعة واحدة، قد تفعل شيئاً من ذلك، ولذلك فإن حكمة الله عز وجل تتجلى حينما أعطى الطلاق للرجل لا للمرأة؛ لأن الرجل إذا أراد أمراً فكر فيه وتأنى؛ ولأن الله عز وجل لا يريد أن يقع الطلاق؛ لأن الطلاق يهدم الأسر، ويقوض البيوت، ولذلك نجد أن القرآن عالج مشكلة الطلاق علاجاً لا يمكن أن يكون مثله في أي نظام من أنظمة الأرض وأنظمة البشر التي يصنعونها لأنفسهم أو لغيرهم، الإسلام أمر الرجل بأن يصبر على المرأة ولو كرهها كراهية شديدة:{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:19]، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر)، وإذا توترت العلاقات يقول الله عز وجل بعد ذلك:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34]، كل هذا من باب التأديب، وإذا توترت العلاقات وزاد الأمر سوءاً:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء:35].

إذا أعيت كل هذه الحلول وكان لابد من الفراق، حينئذ يكون الطلاق هو الحكمة والمصلحة؛ لأنه هو آخر علاج يجب أن يقدم لهذين الزوجين ما داما قد تنغص عندهما العيش، وما دامت الحياة الزوجية قد فسدت، ولابد إذاً من حل هذا الزواج، ولكن يجب أن يكون على قواعد أخرى ثابتة، فيكون هناك طلاق السنة وطلاق بدعة، وحينئذ من أراد أن يطلق فإنه يتحرى طلاق السنة، ولربما في هذه الفترة التي ينتظر فيها طلاق السنة تعود الأمور إلى مجاريها.

ثم أيضاً إذا طلق يجب أن تكون طلقة واحدة، ويعطى ثلاثة أشهر أو ثلاث حيضات وأطهار حتى ينظر في أمره، ويجب عليها أن تبقى في بيت زوجها حتى ينظر إليها دائماً لعله يرغب فيها في يوم من الأيام:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق:1]، وحينئذ يعطيه الله عز وجل الطلقة الأولى والطلقة الثانية، وإذا كانت الثالثة كان الفراق الأبدي حتى تنكح زوجاً غيره.

كل ذلك علاج حتى لا يكون الطلاق بسرعة، ولو كان الطلاق بيد المرأة لكانت المرأة لا تملك هذه القوى العقلية بطبيعتها وفطرتها، وإن كان منهن من يملك ذلك لكن النظر إلى الغالب، فلربما يقع الطلاق فجأة وتتهدم البيوت وتنهار الأسر، ثم أيضاً لا يعتبر الطلاق فساداً للعلاقات، وإنما يقول الله:{وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237]، ويعد الله عز وجل كل واحد من المطلق والمطلقة أن له نصيباً في هذه الحياة، {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء:130].

إذاً: الطلاق الذي شرعه الله عز وجل بعد علاج طويل، وسعي حثيث حتى تعود هذه العلاقات إلى طبيعتها؛ وهو يعتبر في الحقيقة من فضائل هذا الدين، وحينما يعتبرونه من التخلف أو الوحشية فقد كذبوا على الله عز وجل، وكذبوا على دين الله.

ص: 15