المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محمد بن عاصم وبذله من أجل العقيدة - دروس للشيخ علي القرني - جـ ٢١

[علي القرني]

فهرس الكتاب

- ‌عوامل بناء النفس

- ‌الصنف الأول: بنوا أنفسهم على الحق

- ‌التباين في بناء النفس

- ‌سعد بن الربيع بناء ثابت

- ‌الزهري لا تغيره محنة أو منحة

- ‌يوسف عليه السلام الثبات بكل معانيه

- ‌الإمام أحمد ذهب أحمر

- ‌العز بن عبد السلام الإباء والاستعلاء

- ‌بناء النفس يظهر في الفتن

- ‌محمد بن عاصم وبذله من أجل العقيدة

- ‌الصنف الثاني: بنوا أنفسهم على شفا جرف هار

- ‌ملك غسان وبناؤه المنهار

- ‌أسباب بناء النفس

- ‌من عوامل بناء النفس

- ‌من عوامل البناء التقرب إلى الله بما يحب

- ‌من عوامل بناء النفس المجاهدة

- ‌علامات الإخلاص

- ‌من عوامل بناء النفس: محاسبة النفس محاسبة دقيقة

- ‌من عوامل بناء النفس: طلب العلم

- ‌بناء العلماء لطلابهم

- ‌الوقوف على أخبار العلماء

- ‌فائدة أخبار العلماء

- ‌تنبيهات لكل داعية

- ‌من عوامل بناء النفس: المداومة على العمل وإن قل

- ‌من عوامل بناء النفس: مجالسة الصالحين

- ‌من عوامل بناء النفس: التفرغ للعبادة

- ‌من عوامل بناء النفس: الدعاء

- ‌من عوامل بناء النفس: تدبر كتاب الله تعالى

- ‌إساءة الظن بالنفس

الفصل: ‌محمد بن عاصم وبذله من أجل العقيدة

‌محمد بن عاصم وبذله من أجل العقيدة

هاهو أحد المحدثين بـ خراسان، واسمه محمد بن عاصم عليه رحمة الله له بُنيات صغار، لا ولد ذكر يقوم عليهن، انتقل إلى بغداد يوم سمع بمحنة الإمام أحمد ليحدث الناس، ويسد ثغرة قد فُتِحَت في ذلك البلد، ترك بنياته بـ خراسان، وسمع في بغداد بتلك المحنة، فانطلق إلى الإمام أحمد، وقد علم أنه سُجن وعُذِّب وأوذي في الله عز وجل، فقال لأصحابه - وهو يحدث يوماً من الأيام في حلقته-: ألا نقوم فنقول كلمة الحق؟ وقام ليقولها، وتذكر بنياته اللاتي تركهن في خراسان، وعلم أن رجلاً يقوم ليقول كلمة في ذلك المقام ما عاقبته إلا الموت.

وهو في هذا الصراع مع نفسه يأتيه كتاب من بنيَّاته يقلن له: يا أبانا! إنا قد سمعنا أن الرجل قد دعا الناس إلى القول بخلق القرآن، وإنا نأمرك بألا تجيب؛ فوالذي لا إله إلا هو -يا أبانا- لأن يأتينا نعْيُك أحبُّ إلينا من أن نسمع أنك قلت بخلق القرآن.

الله أكبر! إنه البناء في أوساط النساء، وفي أوساط البنات، وفي أوساط الرجال، أُسَرٌ لم تعرف إلا ربها فهان في سبيله كل شيء، واستعذب في سبيله كل صعب.

كل بذل إذا العقيدة ريعَتْ دون بذل النفوس بذل زهيد

مسلم يا صعاب لن تقهريني في فؤادي زمازم ورعود

لا أبالي ولو أُقيمت بدربي وطريقي حواجز وسدود

من دمائي في مقفرات البراري يطلع الزهر والحيا والورود

هذه سمة المؤمنين، الاطمئنان إلى الله يملأ نفوسهم فيبنيها، يحرك جوارحهم فيقوِّيها، لا يستمدون تصوراتهم وقِيَمَهم وموازينهم من الناس، وإنما يستمدونها من رب الناس؛ فأنى يجدوا في أنفسهم وهناً عند محنة أو عند منحة أو عند شهوة، أو يجدوا في قلوبهم حزناً على فائت من الدنيا؟

إنهم على الحق؛ فماذا بعد الحق إلاّ الضلال، وليكن للباطل سلطانه، وليكن له هيله وهيلمانه، وليكن معه جمعه وجنوده، إن هذا لا يغير من الخطب شيئاً.

هذا هو الصنف الأول من الناس، ممن أسَّسَ بنيانه على تقوى من الله ورضوان؛ هامات لا تنحني، وقامات لا تنثني، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل هذا الصنف.

ص: 10