المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوقفة الأولى: تذكر فراق الدنيا عند وداع الأهل والأحباب - دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي - جـ ٢٤

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌دمعة في الحج

- ‌وقفات مع الحاج إلى بيت الله الحرام

- ‌الوقفة الأخيرة: حال الحاج عند طواف الوداع

- ‌الوقفة السابعة: حال الحاج عند إفاضته من عرفات إلى المشعر الحرام

- ‌الوقفة الثامنة: حال الحاج في منى

- ‌الوقفة السادسة: فضل يوم عرفة وحال الحاج في هذا اليوم

- ‌الوقفة الأولى: تذكر فراق الدنيا عند وداع الأهل والأحباب

- ‌الوقفة الثانية: العظات والعبر التي يستفيدها الحاج من لبس الإحرام

- ‌الوقفة الثالثة: العظات والعبر التي يستفيدها الحاج حين يتوجه إلى بيت الله

- ‌الوقفة الرابعة: ما ينبغي على الحاج حين وصوله إلى بيت الله

- ‌الوقفة الخامسة: أن يتذكر الحاج حال النبي عند ما قى الصفا

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة لأهل البلاء بأن لا يقنطوا من رحمة الله

- ‌حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج

- ‌حكم تغطية الوجه للمحرمة وكشف شعرها أمام محارمها

- ‌اندراج طواف الوداع في طواف الإفاضة

- ‌فضل عشر ذي الحجة وأحكامها

- ‌اختلاف العلماء في المراد بالحج الأكبر

- ‌معنى التشريق

- ‌عدم وجوب الحج على المديون وإن حج فحجه صحيح

- ‌تقديم طواف الوداع عن الرمي مخالف للسنة

- ‌حكم تأخير طواف الوداع إلى ما بعد الخروج إلى جدة ومن ثم العودة إلى مكة

- ‌وجوب الإحرام لمن مر بميقات غير ميقاته إن نوى الحج

- ‌جواز الإتيان بعمرة التمتع يوم التروية

- ‌الموضع الذي يحرم منه من له بيت بمكة وخارجها

- ‌من اعتمر في رمضان وحج من عامه دون أن يقرن حجة بعمرة لا يكون متمتعاً بل مفرداً

- ‌أقوال العلماء في كون الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر ليلة النحر أم لا

- ‌حكم مشط الشعر للمحرم

- ‌كيفية ذكر الله عز وجل في الحج وتبيين مواضعه

- ‌حكم تكرار الموجب للدم مع اتحاد الجنس واختلافه

- ‌حكم من دخل مكة أيام الحج للعمل ثم أحرم منها وحج

- ‌حكم من وقف بعرفات ثم سافر ولم يتم بقية المناسك

الفصل: ‌الوقفة الأولى: تذكر فراق الدنيا عند وداع الأهل والأحباب

‌الوقفة الأولى: تذكر فراق الدنيا عند وداع الأهل والأحباب

لذلك أحبتي في الله نسير مع هذه الركاب، وننتقل مع هذه الرحلة مرحلة مرحلة، لماذا عز عند الله شأنهم وارتفع عند الله قدرهم؟ لأن الحاج إلى بيت الله في جهاد وجلاد، من أول لحظة تدخل فيها تلك الكلمة التي تدعوه إلى الإقبال إلى بيت الله يعيش الصراع، هل أحج هذا العام أم أرجئ إلى الأعوام القادمة؟ يعيش أول ما يعيش في صراع مع نفس متخاذلة عن طاعة الله متثابطة، يصارعها يجالدها يجاهدها، ثم مع الزوجات، ثم مع الأبناء والبنات، ثم مع الأموال والتجارات، أأحج أم لا أحج؟ أأنتظر أم أبادر؟ حتى يشاء الله عز وجل أن يختاره في الركاب.

فإذا عقدت النفس النية، وعقد القلب العزم على المسير إلى الله، والانتقال إلى رياض رحمة الله، إلى البيت العتيق، حتى إذا صدق عزمه وقوي يقينه؛ عندها تكون أول وقفة لنا مع الحاج إلى بيت الله الحرام.

إذا عقدت الحج إلى بيت الله الحرام كانت أول وقفة حينما تشد الرحال، وتعزم على المسير إلى الكبير المتعال.

فتقف على الباب لكي تنظر إلى الابن والبنت، لكي تنظر إلى الأخ والأخت، لكي تنظر بدمعة تسح على الخد لفراقهم، حتى إذا أصابت سويداء قلبك تلك الحسرة على فراقهم، إذا بنداء من الأعماق يذكرك بيوم عظيم، يذكرك بساعة للفراق وأي ساعة فراق! تناديك نفسك: يا عبد الله! اليوم تودعهم، وأنت قادر على الوداع بكلمات رقيقات؛ فكيف إذا انقطع الأثر وخسف البصر ونفذ القدر.

كيف بك إذا أصبحت أسيراً للمسير إلى الله؟ فلذلك تتحرك في النفس ذكر الآخرة، تتحرك في سويداء القلب تلك العظة البالغة، اليوم تودعهم وغداً يودعونك، واليوم تنظر إليهم وغداً ينظرونك، اليوم تبادلهم الكلمات فمن لك إذا انقطع لسانك، ووجل جنانك، ولم تستطع أن تبيح بما في النفس من حسراتها.

فهذه أول وقفة، ومن هذه الوقفة إلى ختام الحج تنتقل من مرحلة إلى مرحلة تذكر بالآخرة؛ فتجيش في النفس عبرتها؛ وتحرك في القلوب خشوعها.

ص: 7