المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاجتهاد في عصر الخلفاء الراشدين - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء - جـ ١

[محمد حسن عبد الغفار]

فهرس الكتاب

- ‌ الحرص على تعلم أصول الفقه

- ‌فضل العلم والعلماء

- ‌فضل طلب العلم ومنزلة العالم عند الله

- ‌فضل علم أصول الفقه

- ‌أهمية فهم النص الشرعي

- ‌الحث على التمسك بالكتاب والسنة

- ‌الأدلة على التمسك بالكتاب والسنة

- ‌الرد على من يجوز الأخذ بأي قول في المسائل الخلافية

- ‌رجوع الصحابة إلى الكتاب والسنة

- ‌الاجتهاد في العصر النبوي

- ‌اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الإعراض عن الأعمى

- ‌اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في العفو عن الكفار والمنافقين

- ‌اجتهاد الصحابة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الاجتهاد في عصر الخلفاء الراشدين

- ‌سبب الخلاف في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأحوال الصحابة معها

- ‌من لم يبلغه الحديث فاجتهد وأصاب

- ‌من لم يبلغه الحديث فاجتهد فأخطأ

- ‌من بلغه الحديث فلم يعمل به لعدم ثبوته عنده

- ‌اختلاف الصحابة في حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الاختلاف الفقهي الناتج عن الخلاف في حكم فعله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة تعارض الأدلة والجمع بينها

- ‌معرفة الناسخ والمنسوخ وأثر ذلك على الخلاف الفقهي

الفصل: ‌الاجتهاد في عصر الخلفاء الراشدين

‌الاجتهاد في عصر الخلفاء الراشدين

والحاصل أن كثيراً من الصحابة قد اجتهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أقر ومنهم من أنكر عليه.

لكن هل حدث خلاف بعد موت رسول الله؟ فما من زمن يأتي بعد رسول الله إلا والذي بعده شر منه، فلابد أن يحدث الخلاف، لكن لرحمة الله بالأمة فقد جعل الخيرية في القرون المفضلة بعده صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن الخلاف ضاق جداً في عصر أبي بكر، وضاق جداً في عصر عمر، ثم توسعت الخلافات بين العلماء في عصر الصحابة بعد عمر بن الخطاب.

والسبب في ذلك: أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه كان في المدينة وكان الصحابة جميعهم مع أبي بكر في المدينة، وكذلك الأمر بالنسبة لـ عمر بن الخطاب، فإذا عمت المسألة نظر أبو بكر في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فائدة: هل يقال: كتاب الله وسنة نبيه، أم يقال: كتاب الله ثم سنة نبيه؟ والصحيح الراجح: أن الوحيين معاً، فتقول: انظر في كتاب الله وسنة النبي، وهو الذي جرى عليه المحدثون عندما ضعفوا حديث معاذ، والذي يستدل به الفقهاء والأصوليون دائماً: في أن كتاب الله هو الأول في الترتيب ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، (عندما بعثه إلى اليمن فقال: بم تحكم؟ قال: أحكم بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فإن لم أجد في كتاب الله أحكم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه جعلها مرتبة بعدية، فقال العلماء: هذا شاذ؛ لأن السنة والكتاب قرينان، فيحكم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فالمقصود: أن أبا بكر كان ينظر في الكتاب والسنة، فإن وجد شيئاً اعتبر الأمر منتهياً، وإن لم يجد جمع الصحابة فجلسوا إليه فتشاور معهم في حل إشكال هذه المسألة، فإذا كان لديهم علم من رسول الله وإلا اجتمعوا على رأي واجتهاد واحد، وسمي ذلك إجماعاً كما هو عند أهل الأصول.

ومثال ذلك: عندما جاءت الجدة إلى أبي بكر فقالت: يا أبا بكر! أين إرثي؟ فقال: إني لا أرى لك في كتاب الله أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ولكن اذهبي حتى أستشير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع الصحابة لذلك، فقال المغيرة بن شعبة:(قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يورث الجدة السدس)، ووافق محمد بن مسلمة المغيرة على ذلك، فقضى أبو بكر لها بالسدس عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وكان عمر بن الخطاب يجمع الصحابة حوله، ويحرم عليهم الخروج من المدينة، فإذا أشكلت المسألة قال لهم: هل يحفظ أحدكم في هذه المسألة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقد اختلفوا مرة في مسألة الجنين، يعني: إذا ضرب رجل امرأة وفي بطنها جنين فمات، فما الحكم؟ أقول: قد خفي الحكم في هذا على عمر، فجمع الصحابة جميعاً فقال: ما الحكم في الجنين؟ فقام المغيرة بن شعبة وقال: (يا أمير المؤمنين! قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل في الجنين الغرة) فنزل عمر على كلام المغيرة، وبهذا ضاق الخلاف بينهم.

ثم بعد ذلك جاء عثمان فانتقل الصحابة إلى الأمصار، فذهب ابن مسعود إلى الكوفة، وذهب ابن عباس إلى مكة، فلما تفرق الصحابة في الأمصار عمت المسائل الجديدة، وأصبح من الواجب إيجاد حلول وأحكام لهذه المسائل الجديدة؛ لضرورة معرفة حكم الله في هذا الشيء.

ص: 15