المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - امرأتان خطف الذئب ابن إحداهما - دروس وعبر من صحيح القصص النبوي

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌2 - امرأتان خطف الذئب ابن إحداهما

الطَّاعَةِ، وَالْقَلْبُ إِذَا تَفَرَّقَ ضَعُفَ فِعْلُ الْجَوَارِحِ وَإِذَا اِجْتَمَعَ قَوِيَ.

3 -

أَنَّ الأمم السابقة كَانُوا يَغْزُونَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَ أَعْدَائِهِمْ وَأَسْلَابَهُمْ، لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بَلْ يَجْمَعُونَهَا، وَعَلَامَةُ قَبُولِ غَزْوِهِمْ ذَلِكَ أَنْ تَنْزِلَ النَّارُ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا، وَعَلَامَةُ عَدَمِ قَبُولِهِ أَنْ لَا تَنْزِلَ وَمِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْقَبُولِ أَنْ يَقَعَ فِيهِمْ الْغُلُولُ، وَقَدْ مَنَّ الله عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا، فَأَحَلَّ لَهُمْ الْغَنِيمَةَ، وَسَتَرَ عَلَيْهِمْ الْغُلُولَ، فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ.

‌2 - امرأتان خطَف الذئبُ ابنَ إحداهما

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا.

فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: «إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ» ، وَقَالَت الْأُخْرَى:«إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ» .

فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عليه السلام فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى.

ص: 9

فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ سدد خطاكم فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ:«ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا» ؛ فَقَالَتْ الصُّغْرَى: «لَا تَفْعَلْ، يَرْحَمُكَ الله، هُوَ ابْنُهَا» ؛ فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى» (رواه البخاري ومسلم).

لَا تَفْعَلْ: لَا تَشُقّهُ.

إِنَّ دَاوُدَ عليه السلام قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِسَبَب اِقْتَضَى بِهِ عِنْده تَرْجِيح قَوْلهَا، إِذْ لَا بَيِّنَة لِوَاحِدَة مِنْهُمَا، فَيُحْتَمَل أَنْ يُقَال: إِنَّ الْوَلَد الْبَاقِي كَانَ فِي يَد الْكُبْرَى وَعَجَزَتْ الْأُخْرَى عَنْ إِقَامَة الْبَيِّنَة.

وَاحْتَالَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ سدد خطاكم بِحِيلَة لَطِيفَة أَظْهَرَتْ مَا فِي نَفْس الْأَمْر، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمَّا أَخْبَرَتَا سُلَيْمَان بِالْقِصَّةِ فَدَعَا بِالسِّكِّينِ لِيَشُقّهُ بَيْنهمَا، وَلَمْ يَعْزِم عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَاطِن، وَإِنَّمَا أَرَادَ اِسْتِكْشَاف الْأَمْر.

فَحَصَلَ مَقْصُودُهُ لِذَلِكَ؛ لِجَزَعِ الصُّغْرَى الدَّالّ عَلَى عَظِيم الشَّفَقَة، وَلَمْ يَلْتَفِت إِلَى إِقْرَارهَا بِقَوْلِهَا هُوَ اِبْن الْكُبْرَى؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا آثَرَتْ حَيَاته، فَظَهَرَ لَهُ مِنْ قَرِينَةِ شَفَقَةِ الصُّغْرَى وَعَدَمِهَا فِي الْكُبْرَى ـ مَعَ مَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ الْقَرِينَة الدَّالَّة عَلَى صِدْقهَا ـ مَا هَجَمَ بِهِ عَلَى الْحُكْم لِلصُّغْرَى.

ص: 10