المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بعض الأدلة من القرآن والسنة على النهي عن التشبه بالكافرين: - رأس السنة هل نحتفل

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌دُرَر من كلامشيخ الإسلام ابن تيميةعن تحريم مشابهة أهل الكتاب في الأعياد وغيرها

- ‌الصراط المستقيم أمور باطنة في القلب، وأمور ظاهرة:

- ‌لماذا الأمر بمخالفة اليهود والنصارى في الهدي الظاهر

- ‌بعض الأدلة من القرآن والسنة على النهي عن التشبه بالكافرين:

- ‌موافقة اليهود والنصارى في أعيادهم:

- ‌حريم العيد:

- ‌هل يجب على المسلم أن يعرف أعياد الكفار

- ‌حكم إعانة المسلمين المتشبهين بالكفار في أعيادهم:

- ‌بيع المسلمين للكفار في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم:

- ‌الأعياد والمواسم المبتدعة:

- ‌ الأصل الذي بَنَى الإمام أحمد وغيره من الأئمة عليه مذاهبهم

- ‌أصل بدعةالاحتفال بعيدرأس السنة الميلادية

- ‌تاريخ رأس السنة:

- ‌غرائب الغرب وأذنابهم في احتفالهم برأس السنة الميلادية

- ‌خرافة سانتاكلوز أو ما يسمى بابا نويل:

- ‌الجذورالوثنية لعيد الميلاد

- ‌هل حقًا يحتفل النصارى بعيد ميلاد المسيح عليه السلام

- ‌أصل شجرة الميلاد:

- ‌كلامٌ قيِّمللإمام ابن القيمفي تهنئة الكفار بعيدهم

- ‌حكمإهداء الكافروقبول هديتهفي يوم عيده

- ‌استخدامالتاريخ الميلادي

- ‌أصل بدعةالاحتفال بعيدرأس السنة الهجرية

- ‌صيام يومَيْ آخر السنة الهجرية وأولها:

- ‌السُنّةفي استقبالالسَّنَة الهجرية

- ‌حكم التهنئةبالعام الهجري الجديد

- ‌فتاوىأهل العلم

- ‌هل يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ:

- ‌لا يجوز الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية ولا بدخول الألفية الميلادية الثالثة:

- ‌الاحتفال بأعياد الكفار ومناسباتهم الخاصة بهم لا يجوز:

- ‌هل تحضر العيد لتسَلّم على أقاربها

- ‌إرسال المبتعث بطاقات التهنئة بعيد رأس السنة للمشرف الدراسي النصراني:

- ‌هل يجوز له العمل في بيع تحف تتعلق بأعياد الكفار

- ‌لا يجوز تهنئة الكفار بأعيادهم بأي صيغة كانت:

- ‌جمع التبرعات لشراء هدايا للأسر الفقيرة في الكريسمس:

- ‌استخدام الألعاب النارية ليلة رأس السنة:

- ‌إنشاء عبادة لمخالفة المشركين في أعيادهم بدعة:

- ‌هل يجوز الاجتماع ليلة رأس السنة الميلادية للذِّكر والدعاء وقراءة القرآن

- ‌حكم الاحتفال ببداية العام الهجري:

- ‌صيام رأس السنة الهجرية بدعة:

- ‌حكم تخصيص ليلة رأس السنة الهجرية بالعبادة والقيام:

- ‌مِن البدع تحديد تاريخ المولد النبوي أو رأس السنة الهجرية كموعد للختان:

- ‌المراجع

- ‌صَدَرَ للمؤلف

الفصل: ‌بعض الأدلة من القرآن والسنة على النهي عن التشبه بالكافرين:

شُعبة من شُعَب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم؛ فهذا أصل ينبغي أن يُتَفَطَّنُ له.

‌بعض الأدلة من القرآن والسنة على النهي عن التشبه بالكافرين:

1 -

قال تعالى: {آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)} (الجاثية: 16 - 19).

أخبر سبحانه، أنه أنعم على بني إسرائيل بِنِعَم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيًا من بعضهم

ص: 16

على بعض، ثم جعل محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته.

وأهواؤهم: هو ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه؛ ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم، ويُسَرُّون به، ويَوَدُّون أن لو بذلوا مالًا عظيمًا ليحصل ذلك.

2 -

قال سبحانه لموسى وهارون:: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)} (يونس:89)، وقال سبحانه:{وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} (الأعراف:142)، وَقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ

ص: 17

وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} (النساء:115)، إلى غير ذلك من الآيات.

وما هم عليه من الهَدْيِ والعمل، هو من سبيل غير المؤمنين، بل ومن سبيل المفسدين، والذين لا يعلمون.

3 -

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (رواه أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح)، وهذا الحديث أقل أحواله: أن يقتضى تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)} (المائدة:51)؛ فقد يُحمَل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم، في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرًا، أو معصية، أو شعارًا لها كان حكمه كذلك.

ص: 18

وبكل حال: يقتضي تحريم التشبه، بعلة كونه تَشَبُّهًا، والتَّشَبُّه: يعم مَنْ فَعَل الشيء لأجل أنهم فعلوه، وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبهًا نظر، لكن قد ينهى عن هذا؛ لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإحفاء الشوارب، مع أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» (رواه الترمذي وصححه الألباني)، دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترْك تغيير ما خُلِق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية، الاتفاقية، وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زيّ غير المسلمين.

وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن أمته ستتبع سنن الأمم قبلها، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ،

ص: 19

حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا:«يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟» .

قَالَ «فَمَنْ» (رواه البخاري ومسلم).

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ» ، فَقِيلَ:«يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟» .

فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلَاّ أُولَئِكَ؟» (رواه البخاري).

فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم، وهم الأعاجم.

وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس هذا إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» (رواه البخاري ومسلم).

ص: 20

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِى ـ أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عَلَى ضَلَالَةٍ» (رواه الترمذي وصححه الألباني).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ فِى هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِى طَاعَتِهِ» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).

فعُلِم بخبره الصِّدق أنه في أمته صلى الله عليه وآله وسلم قومٌ مستمسكون بهَدْيه، الذي هو دين الإسلام محضًا، وقوم منحرفون إلى شُعبة من شُعَب اليهود، أو إلى شعبة من شعب النصارى، وإن كان الرجل لا يكفر بكل انحراف، بل وقد لا يفسق أيضًا، بل قد يكون الانحراف كفرًا، وقد يكون فسقًا، وقد يكون معصية، وقد يكون خطأ، وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أُمِر العبدُ بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلًا.

ص: 21

ونفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين، لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنوَّر قلبه، حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون ـ من المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان.

ونفس ما هم عليه من الهَدْي، والخُلُق، قد يكون مُضِرًا، أو مُنْقِصًا فيُنهى عنه، ويُؤمر بضده، لما فيه من المنفعة والكمال.

وليس شيء من أمورهم، إلا وهو: إما مضر، أو ناقص؛ لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة، ونحوها، مضرة، وما بأيديهم ـ مما لم ينسخ أصله ـ فهو يقبل الزيادة والنقص.

ص: 22