الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فواعجباً كيف يعصى الإله **** أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ **** وتسكينه أبداً شاهد
ومن الأدلة على وحدانية الله، وعلى تفرده بالخلق والرزق، وأنه وحده المستحق للعبادة ما يلي:
1_
الفطرة.
2_
الشرع.
3_
العقل.
4_
الحس.
5_
الاستدلال بأسماء الله وصفاته.
وهذه الأدلة بمجموعها تدل على وجود الله، وتدل على أنواع التوحيد الثلاثة؛ ذلك أن أنواع التوحيد الثلاثة متلازمة، ومن أشرك في واحد منها فهو مشرك في البقية.
مثال ذلك من دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فدعاؤه عبادة صَرَفَهَا لغير الله، وهذا شرك في الألوهية.
وهذا الدعاء لغير الله متضمن لاعتقاد الداعي أن المدعو متصرف مع الله، وقادر على قضاء ذلك، وهذا شرك في الربوبية.
ثم إنه لم يدعه إلا لاعتقاده أنه يسمعه، وهذا شرك في الأسماء والصفات؛ لاعتقاده أن للمدعو سمعاً محيطاً بجميع المسموعات لا يحجبه قرب ولا بعد.
ومن هنا نجد أن الشرك في الألوهية مستلزم الشرك في الربوبية والأسماء والصفات (1) .
وفيما يلي تفصيل للأدلة السابقة.
* * *
1ـ دلالة الفطرة
الفطرة في اللغة هي الخلقة، أما في الشرع فهي الإسلام على القول الراجح كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (2) _رحمهما الله تعالى_.
=وكل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه+ (3) .
قال النبي": =ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه+.
وفي رواية: =إلا على هذه الملة+ وفي رواية =إلا على الملة+ (4) .
(1) انظر أعلام السنة المنشورة، ص77، السؤال رقم 73.
(2)
انظر شفاء العليل لابن القيم، ص572_ 575، وانظر درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية 8/371.
(3)
نبذة في العقيدة الإسلامية، للشيح محمد بن عثيمين، ص11.
(4)
رواه البخاري 2/97، ومسلم 4/2047 برقم (1258) .
وفي حديث عياض بن حمار÷يقول _تعالى_ في الحديث القدسي: =وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم+ (1) .
قال ابن القيم×=وذكروا عن عكرمة، ومجاهد، والحسن، وإبراهيم، والضحاك، وقتادة في قوله_عز وجل_:[فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا](الروم: 30) قالوا: (فطرة الله) دين الإسلام (لا تبديل لخلق الله) قالوا: لدين الله+ (2) .
ثم إن الإنسان مفطور على اللجوء إلى ربه_تبارك وتعالى_عند الشدائد، فإذا ما وقع الإنسان_أي إنسان_حتى الكافر الملحد_في شدة، أو أحدق به خطر_فإن الخيالات والأوهام تتطاير من ذهنه، ويبقى ما فطر عليه ليصيح بأعلى صوته، ومن قرارة نفسه، وعميق قلبه، منادياً ربه؛ ليفرج كربته وهمه، ويلجأ إليه وحده دون سواه (3) .
وصدق الله_تعالى_إذ يقول: [فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ](العنكبوت: 65) .
وليس المراد بأنه يولد على الفطرة أنه يولد عالماً بأمور الإسلام؛ فالله_سبحانه وتعالى_يقول: [وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً](النحل:78) .
وليس المراد_أيضاً_أنه يولد ساذجاً لا يعرف شركاً ولا توحيداً؛ لأن الرسول"قال: =إلا ويولد على الملة+ وفي رواية: =على هذه الملة+.
بل المراد أن كل مولود يولد على محبته لفاطره، وإقراره له بربوبيته، وادعائه له بالعبودية، فلو خُلِّي وعدمَ المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره، كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من الأغذية، والأشربة، فيشتهي اللبن الذي يناسبه ويغذيه (4) .
(1) مسلم 4/2197 برقم (2865) .
(2)
شفاء العليل، ص 572_573، وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/376.
(3)
مستفاد من مذكرة للشيخ عبد الله الجاسر.
(4)
انظر شفاء العليل لابن القيم، ص578_579.