الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا ينسج عليه عنا كب العاهات وأي نعيم لا يكدره الدهر هيهات وانى لما أتممت الدفتر الاول من هذا الجمع المعول المسمى ب (روح البيان فى تفسير القرآن) على ما القى فى روعى من نفث روح القدس وألهم لى من مقام الملكوت وحضرة الانس وأوقفت القلم عند منتهاه من السير على وجه لم يسبقنى اليه الغير رأيت رؤيا هالتنى واذعرتنى وعن خطب جليل أخبرتني فلما تفكرت فى تعبيرها والمراد منها واستفتيت قلبى فى كشف القناع عنها استبان لى ان الله تعالى فسح فى مدتى وانسأ حمامى الى حصول منيتى لكن لم يعرّف الحد بل أبهم لكونه بالنسبة الىّ مرو ما غير أهم الا انى وجدت السن قد ناهزت الأربعين وقد اشمط الرأس ولهزم الشيب الخدّ على اليقين ورأيت ان اركان الوجود تضعضعت من ضعف الكبر وقوة الفتور وان شمس القوى قد توجهت الى الأفول بعد الظهور وان الفكرة قد فهدت كعبود وان القلب كانما غرز بابر بل بسفود ومن ثم دمست وجوه المحابر وانشقت جيوب الأقلام وتطايرت الصحف كايادى سبا كأنهن فى مأتم الآلام فوضعت الديباجة على عتبة الباب واتربت الجبهة لمسبب الأسباب ووجهت ركاب التوجه الى جنابه الرفيع وادمعت العين رجاء ان يكون لى خير شفيع فى ان يشد عضدى فى إتمام الدفتر الثاني والثالث ويعوق عنى صروف الدهر والحوادث ويحرك من عطفى الى قضاء هذا الوطر وان كان جسيما وكان فضل الله عظيما ومن ديدنى فى هذا الجمع ان لا اكثر من وجوه التفسير بل اقتصر على ما ينحل به عقد الآي على وجه يسير مع توشيحات خلت عنها التفاسير الاول من المجلدات الصغر والكبر والطول وتذييلات ينسرّ بذكرها صدور اهل التذكير والعظة مع نبذ مزجت فى كل مجلس من الأبيات الفارسية الدرية لتكون عبرة موقظة ومن دأبى ايضا ان لا أغير عبارات المآخذ الا لان يتجاوب الكلم او يكون المقام مما يقال فيه لا أو لم وأشرت الى بعض اللوائح بقولي يقول الفقير وأدرجت بعضها فى خلال التقرير ووقع الشروع فى هذا الجلد فى العشر الثاني من الثلث الثالث من السدس الثاني من النصف الثاني من العشر الثاني من العشر الاول من العقد الثاني من الالف الثاني من الهجرة النبوية على صاحبها الف الف سلام وتحية وكان البدء كالاول فى مهاجرى ومراغمى بلدة بروسة المحروسة لا زالت أقطارها بالأرواح القدسية مأنوسة اللهم كما عودتنى فى الاول خيرا كثيرا يسر لى الأمر فى الآخر تيسيرا واجعل
رقيمى هذا سببا لبياض الوجه كما تبيض وجوه أوليائك وامح مسودات صحائف أعمالي بجاه حبيبك محمد أحب أنبيائك ولم أكن بدعائك رب شقيا بكرة وعشيا مادمت حيا فلك الحمد فى الاولى والاخرى على عناياتك الكبرى وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين
تفسير سورة يونس
مكية وهى مائة وتسع آيات بينات بسم الله الرحمن الرحيم
الر الظاهر ان الر اسم للسورة وانه فى محل الرفع على انه مبتدأ حذف خبره او خبر مبتدأ محذوف اى الر هذه السورة او هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم ولله ان يسمى السور بما أراد ورجحه المولى ابو السعود رحمه الله حيث قال وهو اظهر من الرفع على
الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب والاشارة إليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت فى حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهى اجزاء الجمل وهى اجزاء الآيات وهى اجزاء السور وهى اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وهى الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهى الى النقاط كما ان البحر يأول الى الأنهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها وقول اهل الظاهر فى الر وأمثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف إذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين وقد ثبت ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اوتى علوم الأولين والآخرين. فمن علوم آدم وإدريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هى لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد بأحدهما خارج عن دائرة المعرفة الالهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض فى الحقيقة الى الله والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود فى العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر انا الله ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه إذا جمعت الر وحم ون انتظم حروف الرحمن وقال فى التأويلات النجمية ان فى قوله الر إشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائى عليك فى الأزل وأنت فى العدم وبلطفي معك فى الوجود ورحمتى ورأفتى لك من الأزل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معى حين خلقت روحك أول شىء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي أجبتني به فى العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى يا سيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك تِلْكَ محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهى اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ اى آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان الله تعالى أودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين- حكى- ان الامام محمدا رحمه الله غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان أعطيتني شربة أعلمك مسألتين من الفقه فقال الفقاعى لا حاجة الى المسألة
قيمت در گرانمايه چهـ دانند عوام
…
حافظا گوهر يكدانه مده جز بخواص
فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما فى الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محمد فقال الامام لما طلبت منك شربة كان فى عزيمتى ان أعلمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا أعلمها الا بعد أخذ الف دينار
تعظما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا فى يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان الله تعالى قال وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فوقع هذا الجواب عندهم فى حيز القبول
علم دريست نيك با قيمت
…
جهل درديست سخت بى درمان
وفى التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك فى الأزل وأورثته لك ولا متك وقلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الأمم وأورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا فى هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً الهمزة لانكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لكونه فى غير محله والمراد بالناس كفار مكة قال ابو البقاء للناس حال من عجبا لان التقدير أكان عجبا للناس وعجبا خبر كان واسمه قوله أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ اى بشر من جنسهم فأنهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ولم يتعجبوا من ان يكون الا له صنما من حجر او ذهب او خشب او نحاس او ممن لا يعرف بكونه ذا جاه ومال ورياسة ونحو ذلك مما يعدونه من اسباب العز والعظمة فانهم كانوا يقولون العجب ان الله تعالى لم يجد رسولا يرسله الى الناس الا يتيم ابى طالب وهو من فرط حماقتهم وقصر نظرهم على الأمور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحى والنبوة فانه عليه السلام لم يكن يقصر عن عظمائهم فى النسب والحسب والشرف وكل ما يعتبر فى الرياسة من كرم الخصال الا فى المال ولا مدخل له فى شرف النفس ونجابة جوهرها الا انهم لعظم الغنى فى أعينهم تعجبوا من اصطفائه للرسالة وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ: قال الحافظ قدس سره
تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى
…
در خود از گوهر جمشيد فريدون باشى
: وقال السعدي قدس سره
هنر بايد وفضل ودين
…
كه گاه آيد وگه رود جاه ومال
قال فى التأويلات النجمية يشير الى انهم يتعجبون من ايحائنا الى محمد عليه السلام لانه كان رجلا منهم وفيه رأينا رجوليته قبل الوحى وتبليغ الرسالة من بينهم ولهذا السر ما اوحى الى امرأة بالنبوة قط انتهى. والرجولية هى صدق اللسان ودفع الأذى عن الجيران والمواساة مع الاخوان هذا فى الظاهر واما فى الحقيقة فالتنزه عن جميع ما سوى الله تعالى. وفى حديث المعراج (ان الله تعالى نظر الى قلوب الخلق فلم يجد اعشق من قلب محمد عليه السلام فلذا أكرمه بالرؤية) فالعبرة لحال الباطن لا لحال الظاهر واعلم ان حال الولاية كحال النبوة ولو رأيت اكثر اهل الولاية فى كل قرن وعصر لوجدتهم ممن لا يعرف بجاه ومن عجب من ذلك القى فى ورطة الإنكار وحجت بذلك الستر عن رؤية الأخيار أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا اليه شيأ هو أَنْذِرِ النَّاسَ اى جميع الناس كافة لا ما أريد بالأول عمم الانذار لانه ينفع جميع
المكلفين من الكفار وعوام المؤمنين وخواصهم فالبعض ينذر بنار الجحيم والبعض الآخر بانحطاط الدرجات فى دار النعيم والبعض الثالث بنار الحجاب عن مطالعة جمال الرب الكريم وقدم الانذار على التبشير لان ازالة ما لا ينبغى متقدمة فى الرتبة على فعل ما ينبغى وهو لا يفيد مادامت النفس ملوثة بالكفر والمعاصي فان تطييب البيت بالبخور انما يكون بعد الكنس وازالة القاذورات ألا ترى ان الطبيب الذي يباشر معالجة الأمراض البدنية يبدأ اولا بتنقية البدن من الاخلاط الرديئة ثم يباشر المعالجة بالمقويات فكذلك الطبيب الذي يباشر معالجة مرض القلب لا بد له ان يبدأ اولا بتنقيته من العقائد الزائغة والأخلاق الرديئة والأعمال القبيحة المكدرة للقلب بان يسقيه شربة الانذار بسوء عاقبة تلك الأمور وبعد تنقيته من المهلكات يعالجه بما يقويه على الطاعات بان يسقيه شربة التبشير بحسن عاقبة الأعمال الصالحات ولهذا اقتصر على ذكر الانذار فى مبدأ امر النبوة حيث قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا دون الذين كفروا إذ ليس لهم ما يبشرون به من الجنة والرحمة ماداموا على كفرهم أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم
قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى أعمالا صالحة سابقة قدموها ذخرا لآخرتهم ومنزلة رفيعة يقدمون عليها سميت قدما على طريق تسمية الشيء باسم آلته لان السبق والقدوم يكون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد واضافة قدم الى الصدق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته للمبالغة فى صدقها وتحققها كأنها فى صدقها وتحققها مطبوعة منه وإذا قصد تبيينها لا تبين إلا به وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال قَدَمَ صِدْقٍ شفاعة نبيهم لهم هو امامهم الى الجنة وهم بالأثر
گفتى كنم شفاعت عاصى عذر خواه
…
دل بر اميد آن كرم افتاد در گناه
قالَ الْكافِرُونَ هم المتعجبون اى كفار مكة مشيرين الى رسول الله عليه السلام إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ [جادويست آشكارا] وفيه اعتراف بانهم صادفوا من الرسول أمورا خارقة للعادة معجزة إياهم عن المعارضة واعلم ان الكفار سحرهم سحرة صفات فرعون النفس ولذا صاروا صما بكما عميا عن الحق فهم لا يعقلون الحق ولا يتبعون داعى الحق والنفس جبلت على حب الرياسة وطلب التقدم فلا ترضى ان تكون مرؤوسة تحت غيرها فاصلاحها انما هو بالعبودية التي هى ضد الرياسة والانقياد للمرشد: وفى المثنوى
همچواستورى كه بگريزد زبار
…
او سر خود گيرد اندر كوهسار
صاحبش از پى دوان كاى خيره سر
…
هر طرف گرگيست اندر قصد خر
استخوانت را بخايد چون شكر
…
كه نبينى زندگانى را دگر
هين بمگريز از تصرف كردنم
…
وز گرانى بار چون جانت منم
تو ستورى هم كه نفست غالبست
…
حكم غالب را بود اى خود پرست
مير آخر بود حق را مصطفا
…
بهر استوران نفس پر جفا
لا جرم اغلب بلا بر انبياست
…
كه رياضت دادن خامان بلاست
قال عيسى عليه السلام للحواريين اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة
لا تنبت الا فى القلب مثل الأرض يشير الى التواضع والى هذه الاشارة بقول سيد البشر من اخلص لله اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء فظهر ان الكفار لما لم ينزلوا أنفسهم الى مرتبة التواضع والعبودية. ولم يقبلوا الانذار بحسن النية. حرموا من الورود الى المنهل العذب الذي هو القرآن.
فبقوا عطشى الأكباد فى زوايا الهجران. واين المتكبرون المتصعدون الى جوّ هواهم. من الشرب من ينبوع الهدى الذي أجراه من لسان حبيبه مولاهم. وكما ان الكفار بالكفر الجلى ادعوا كون القرآن سحرا وأنكروا مثل ذلك الخارق لعاداتهم. فكذا المشركون بالشرك الخفي أنكروا الكرامات المخالفة لمعاملاتهم قال الام اليافعي رحمه الله ثم ان كثيرا من المنكرين لو رأوا الأولياء والصالحين يطيرون فى الهواء لقالوا هذا سحر وهؤلاء شياطين ولا شك ان من حرم التوفيق وكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا فواعجبا كيف نسب السحر وفعل الشياطين الى الأنبياء العظام والأولياء الكرام نسأل الله العفو والعافية سرا وجهارا. وان يحفظنا من العقائد الزائغة والأعمال الموجبة بوارا إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خطاب لكفار مكة اى مربيكم ومدبر أموركم خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ التي هى اصول الممكنات وجسام الأجسام فان قيل الموصولات موضوعة لان يشاربها الى ما يعرفه المخاطب باتصافه بمضمون الصلة والعرب لا يعلمون كونه تعالى خالق السموات والأرض أجيب بان ذلك امر معلوم مشهور عند اهل الكتاب والعرب كانوا يتخالطون معهم فالظاهر انهم سمعوه منهم فحسن هذا التعريف لذلك قال فى ربيع الأبرار تفكروا ان الله خلق السموات سبعا والأرضين وثخانة كل ارض خمسمائة عام وثخانة كل سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء خمسمائة عام وفى السماء السابعة بحر عمقه مثل ذلك كله فيه ملك لم يتجاوز الماء كعبه فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى فى ستة اوقات فان اصل الأيام هو يوم الآن المشار اليه بقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وهو الزمن الفرد الغير المنقسم وسمى يوما لان الشان يحدث فيه فبالآن تتقدر الدقائق وبالدقائق تتقدر الدرج وبالدرج تتقدر الساعات وبالساعات يتقدر اليوم فاذا انبسط الآن سمى اليوم وإذا انبسط اليوم سمى أسابيع وشهورا وسنين ادوارا فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة اى ادنى مقدار ستة ايام لان اليوم عبارة عن زمان مقدر مبدأه طلوع الشمس ومنتهاه غروبها فكيف تكون حين لا شمس ولا نهار ولو شاء لخلقها فى اقل من لحظة لكنه أشار الى التأنى فى الأمور فلا يحسن التعجيل الا فى التوبة وقضاء الدين وقرى الضيف وتزويج البكر ودفن الميت والغسل من الجنابة: وفى المثنوى
مگر شيطانست تعجيل وشتاب
…
خوى رحمانست صبر واحتساب «1»
با تأنى كشت موجود از خدا
…
تابشش روز اين زمين و چرخها «2»
ور نه قادر بود كز كن فيكون
…
صد زمين و چرخ آوردى برون
اين تأنى از پى تعليم تست
…
طلب آهسته بايد بى شكست
(1) در اواسط دفتر پنجم در بيان بردن روباه ضررا پيش شير إلخ [.....]
(2)
در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرا
وقد جاء فى الصحيح (ان الله خلق التربة) يعنى الأرض (يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق فى آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل) فان قيل القرآن يدل على ان خلق الأشياء فى ستة ايام والحديث الصحيح المذكور على انها سبعة فالجواب ان السموات والأرض وما بينهما خلق فى ستة ايام وخلق آدم من الأرض فالارض خلقت فى ستة ايام وآدم كالفرع من بعضها كما فى فتح القريب والحكمة فى تأخير خلق آدم ليكون خليفة فى الأرض لان الأشياء قبله بمنزلة الرعية فى مملكة الكون ولا يكون خليفة الا بالجنود والرعية فتقدم الرعية على الخليفة تشريف وتكريم للخلافة واعلم ان أول فلك دار بالزمان قلب الميزان وفيه حدثت الأيام دون الليل والنهار فكان أول حركته بالزمان واما حدوث الليل والنهار فبحدوث الشمس فى السماء الرابعة ودورانها على طريقة واحدة من الشرق الى الغرب كذا فى عقلة المستوفز وأول المخلوقات من الأيام هو يوم الأحد فالاحد فيه بمعنى الاول فلما أوجد الله الثاني سمى الاثنين لانه ثانى يوم الأحد وأول الأيام التي خلق فيها الخلق السبت وآخر الأيام الستة إذ الخميس فالجمعة سابع والسبت بمعنى الراحة زعم اليهود انه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السموات والأرض وما فيهن وكذبوا لقوله تعالى وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ اى اعياء فيكون أول الأسبوع عندهم يوم الأحد وكذا عند النصارى ولذا اختاروه وقد سئل عليه السلام عن يوم السبت فقال (يوم مكر وخديعة) لان قريشا مكرت فيه فى دار الندوة ولا يقطع اللباس يوم السبت والأحد والثلاثاء قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس إذا فصلت وخيطت فى وقت رديئ اتصل بها خواص رديئة وكذا الأمر فى باب المآكل والمشارب وكذلك ما ورد التنبيه عليه فى الشريعة من شئوم المرأة والفرس والدار وشهدت بصحته التجارب المكررة فان لجميع هذه فى بواطن اكثر الناس بل وفى ظواهرهم ايضا خواص مضرة تتعدى من بدن المغتذى والمباشر والمصاحب الى نفسه وأخلاقه وصفاته فيحدث بسببها للقلوب والأرواح تلويثات هى من اقسام النجاسات وقد نبهت الشريعة على كراهتها دون الحكم عليها بالحرمة وسئل حضرة مولانا قدس سره عما ورد (بارك الله فى السبت والخميس) فقال بركتهما لوقوعهما جارين ليوم الجمعة وسئل عليه السلام عن يوم الأحد فقال (يوم غرس وعمارة) لان الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها وفى رواية (بنيت الجنة فيه وغرست) وسئل عن يوم الاثنين فقال (يوم سفر وتجارة) لان فيه سافر شعيب فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال يوم دم لان فيه خاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه وقتل فيه چرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى إسرائيل ونهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهى وقال (فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم) اى لا ينقطع إذا احتجم او فصد وربما يهلك الإنسان بعد انقطاع الدم (وفيه نزل إبليس الى الأرض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بنى آدم وفيه
ابتلى ايوب) وقال بعضهم ابتلى فى يوم الأربعاء. قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة رحمه الله إن يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين والثلاثاء ومات الخصاف ببغداد سنة احدى وستين ومائتين يقول الفقير ثم صار يوم البطالة يوم الثلاثاء والجمعة واستمر الى يومنا هذا فى اكثر البلاد وكان شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة يعد الدرس فيهما افراطا ويقول يعرض للانسان من الاشتغال فتور وانقباض فلا بد من يوم البطالة ليصل نشاط وانبساط لئلا ينقطع الطالب عن تحصيل المطلوب ومن هنا أبيح ورخص التفرج والتبسط أحيانا ولو للسالك وسئل عن يوم الأربعاء قال يَوْمِ نَحْسٍ لان فيه أغرق فرعون وقومه وأهلك فيه عاد وثمود وقوم صالح ونهى فيه
عن قص الأظفار لانه يورث البرص وكره بعضهم عيادة المريض يوم الأربعاء وفى منهاج الحليمي ان الدعاء مستجاب يوم الأربعاء بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب فى ذلك اليوم فى ذلك الوقت قيل يحمد فيه الاستحمام وذكر انه ما بدئ شىء يوم الأربعاء الا وقد تم فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يتوقف فى ابتداء الأمور على الأربعاء ويروى هذا الحديث ويقول هكذا كان يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد وسئل عليه السلام عن يوم الخميس (فقال يوم قضاء الحوائج والدخول على السلطان) لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك مصر فقضى حاجته واهدى اليه هاجر وسئل عن يوم الجمعة فقال (يوم نكاح) نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس ونكح عليه السلام خديجة وعائشة رضى الله عنهما وعن ابن مسعود رضى الله عنه من قلم أظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء وادخل فيه الشفاء ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قال فى التبيان ثم فى كتاب الله تعالى على خمسة أوجه. الوجه الاول أتت عاطفة مرتبة وهو قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا. والوجه الثاني بمعنى قبل وهو قوله ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ معناه قبل ذلك استوى على العرش لان قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ يدل على ان وجود العرش سابق على تخليق السموات والأرض ومثله ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ معناه قبل ذلك مرجعهم ومثله قول الشاعر
قل لمن ساد ثم ساد أبوه
…
ثم قد ساد قبل ذلك جده
والوجه الثالث بمعنى الواو وهو قوله ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا معناه ومع ذلك كان من الذين آمنوا. والرابع بمعنى الابتداء وهو قوله أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ معناه نحن نتبعهم والوجه الخامس تكون بمعنى التعجب وهو قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ معناه تعجبوا منهم كيف يكفرون بربهم انتهى بزيادة يقول الفقير ثم هاهنا لتفخيم شان منزلة العرش وتفضيله على السموات والأرض لا للتراخى فى الوقت كما ذهبوا اليه عند قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فى أوائل سورة البقرة فلا حاجة الى التأويل واعلم ان الافلاك تسع طبقات بعضها فوق بعض والفلك المحيط
وهو العرش محيط بها كلها وكذلك جسم الإنسان خلق من تسعة جواهر بعضها فوق بعض ليكون جسم الإنسان مشاكلا للافلاك بالكمية والكيفية وهى اى الجواهر المخ والعظام والعصب والعروق وفيها الدم واللحم والجلد والشعر والظفر وهو اى العرش أول الموجود الجسماني كما ان روح نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أول الموجود الروحاني وهو من ياقوتة حمراء وله الف شرفة وفى كل شرفة الف عالم مثل ما فى الدنيا بأسرها قال ابن الشيخ ومعنى الاستواء عليه الاستيلاء عليه بالقهر ونفاذ التصرف فيه وخص العرش بالأخبار عن الاستواء عليه لكونه أعظم المخلوقات فيفيد انه استولى على ما دونه قال الحدادي ودخلت ثم على الاستواء وهى فى المعنى داخلة على التدبير كأنه قال ثم يُدَبِّرُ الْأَمْرَ وهو مستو على العرش فان تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش ولذا ترفع الأيدي فى دعاء الحوائج نحو العرش قال القاضي يدبر الأمر اى يقدر امر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه والتدبير النظر فى ادبار الأمور لتجيئ محمودة العاقبة وعن عمرو بن مرة يدبر امر الدنيا بامر الله اربعة. جبرائيل وميكائيل وملك الموت واسرافيل. اما جبرائيل فعلى الرياح والجنود. واما ميكائيل فعلى القطر والنبات. واما ملك الموت فعلى الأنفس. واما اسرافيل فينزل عليهم ما يؤمرون به قال فى التأويلات النجمية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فى عالم الصورة وهو العالم الأكبر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من انواع ستة وهى الافلاك والكواكب والعناصر والحيوان والنبات والجماد ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ والعرش جسمانى روحانى ذو جهتين جهة منه تلى العالم الروحاني وجهة منه تلى العالم الجسماني يُدَبِّرُ الْأَمْرَ لفيضان فيض رحمانيته على العرش فانه أول قابل لفيض الروحانية وهذا أحد تفاسير الرحمن على العرش استوى ثم من
العرش ينقسم الفيض فانه مقسم الفيض فيجرى فى مجارى جعلها الله من العرش الى ما دونه من المكونات وانواع المخلوقات فبذلك الفيض تدور الافلاك كما تدور الرحى بالماء به تؤثر الكواكب وبه تولد العناصر وتظهر خواصه وبه يتولد الحيوان ذا حس وحركة وبه ينبت النبات ذا حركة بلا حس وبه تغير المعادن بلا حس ولا حركة وفيه اشارة اخرى إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي يربيكم هو الذي خَلَقَ السَّماواتِ سموات أرواحكم وَالْأَرْضَ ارض نفوسكم فى عالم المعنى وهو العالم الأصغر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى من ستة انواع وهى الروح والقلب والعقل والنفس التي هى الروح الحيواني والنفس النباتية التي هى النامية وخواص المعادن وهى فى الإنسان قوة قابلة لتغير الأحوال والأوصاف والألوان ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ على عرش القلب يُدَبِّرُ الْأَمْرَ امر السعادة والشقاوة ويهيئ أسبابهما من الأخلاق والأحوال والأعمال والافعال والأقوال والحركات والسكنات والى هذا يشير قوله (قلوب العباد بيدي الله يقلبها كيف يشاء) ما مِنْ شَفِيعٍ يشفع لاحد فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ المبنى على الحكمة الباهرة وهو جواب قول الكفار ان الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين الله تعالى انه ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل يشفع لاحد إلا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى فكيف تشفع الأصنام التي ليس لها عقل ولا تمييز وفيه اثبات الشفاعة لمن اذن له ذلِكُمُ اى ذلك العظيم الشان المنعوت بما ذكر من نعوت الكمال والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس بالله
تعالى قال فى البهجة واما نحو تلك الجنة فذلك لصيرورتها كالمشاهد بمعرفة أوصافها اللَّهُ خبر ذلكم ويجوز ان يكون صفة على ان الخبر ما بعده كما قال الكاشفى [آن خداوندى كه موصوف است بصفات خلق وتدبير واستيلاء] رَبَّكُمُ [پروردگار شماست نه غير او] إذ لا يشاركه أحد فى شىء من ذلك قال المولى ابو السعود رحمه الله ربكم بيان له او بدل منه او خبر ثان لاسم الاشارة فَاعْبُدُوهُ وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك او انسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع أَفَلا تَذَكَّرُونَ تتفكرون فان ادنى التفكر والنظر ينبهكم على انه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً بالموت والنشور لا الى غيره فاستعدوا للقائه. وانتصب جميعا على انه حال من الضمير المجرور لكونه فاعلا فى المعنى اى اليه رجوعكم مجتمعين وفى التأويلات النجمية رجوع المقبول والمردود الى حضرته. فاما المقبول فرجوعه اليه بجذبات العناية التي صورتها خطاب ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ وحقيقتها انجذاب القلب الى الله تعالى ونتيجتها غروب النفس عن الدنيا واستواء الذهب والمدر عندها وانزعاج القلب مما سوى الله واستغراق الروح فى بحر الشوق والمحبة والتبري مما سوى الله وهيمان السر وحيرته فى شهود الحق ورجوعه من الخلق. واما المردود فرجوعه بغير اختياره مغلولا بالسلاسل والاغلال يسحبون فى النار على وجوههم وهى صورة صفة قهر الله ومن نتائج قهر الله تعلقاته بالدنيا وما فيها واستيلاء صفات النفس عليه من الحرص والبخل والأمل والكبر والغضب والشهوة والحسد والحقد والعداوة والشره فان كل واحدة منها حلقة من تلك السلاسل وغل من تلك الاغلال بها يسحبون الى النار وَعْدَ اللَّهِ اى وعد الله البعث بعد الموت وعدا حَقًّا كائنا لا شك فيه فوعد الله مصدر مؤكد لنفسه لان قوله اليه مرجعكم وعد من الله بالبعث والاعادة لا محتمل له غير كونه وعدا وقوله حقا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وعد الله لان لهذه الجملة محتملا غير الحقية نظرا الى نفس مفهومها اى حق ذلك حقا إِنَّهُ اى الله تعالى يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يقال بدأ الله الخلق اى خلقهم كما فى القاموس ثُمَّ يُعِيدُهُ اى يبدأ الخلق اولا فى الدنيا ليكلفهم ويأمرهم بالعبادة ثم يميتهم عند انقضاء آجالهم ثم يبعثهم بعد الموت وهذا استئناف بمعنى التعليل لوجوب الرجوع اليه لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ متعلق بيعيده اى يثيبهم بما يليق بلطفه وكرمه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بِالْقِسْطِ متعلق بيجزى اى بالعدل فلا ينقص من ثواب محسن ولا يزيد على عقاب مسيئ بل يجازى كلا على قدر عمله كما قال تعالى جَزاءً وِفاقاً وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ اى من ماء حار قد انتهت حرارته [چون بخورند احشا وامعاى ايشان پاره پاره گردد] وَعَذابٌ أَلِيمٌ وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم بِما كانُوا يَكْفُرُونَ وهو فى موضع رفع صفة اخرى لعذاب ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المذكور من الشراب والعذاب حاصل لهم بسبب كفرهم بالله ورسوله وغير النظم ولم يقل وليجزى الكافرين بشراب إلخ تنبيها على ان المقصود بالذات من الإبداء والاعادة هو الاثابة والعقاب واقع بالعرض واعلم ان الدنيا مزرعة الآخرة فالله تعالى
بقدرته يعيد الخلق بعد الموت ليحصدوا فيها ما زرعوه فى الدنيا فمن زرع الخير يحصد السلامة ومن زرع الشر يحصد الندامة
جمله دانند اين اگر تو نگروى
…
هر چهـ مى كاريش روزى بدروى
وانما اخر الجزاء الى دار الآخرة لان الدنيا لا تسعه ولله تعالى فى كل شىء حكمة فاذا عرفت الحال فخف من الله المتعال فانه غيور لا يرضى اقامة عبده على مخالفته وخروجه من دائرة طاعته وعن وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج فى ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون أخي قد عرفت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لو ان قطرة من الزقوم قطرت فى الأرض لامرت على اهل الأرض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه من زقوم وشرابه من حميم. ومن تذكر المبدأ والمعاد وتفكر ان الرجوع الى رب العباد تاب من الخطايا والسيئات وصار من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وفى الحديث (إذا بلغ العبد أربعين سنة ولم يغلب خيره شره قبل الشيطان بين عينيه وقال فديت وجهالا يفلح ابدا) فان من الله عليه وتاب واستخرجه من غمرات الجهالة واستنقذه من ورطات الضلالة يقول الشيطان واويلاه قطع عمره فى الضلالة وأقر عينى فى المعاصي ثم أخرجه الله بالتوبة من ظلمة المعصية الى نور الطاعة: وفى المثنوى
مرد أول بسته خواب وخورست
…
آخر الأمر از ملائك بر ترست
در پناه پنبه وكبريتها
…
شعله نورش برآيد برسها
يعنى ان الشرارة تصير نارا عظيمة بمعونة القطن والكبريت فكذا الإنسان فى أول حاله كالشرارة فاذا قارن المربى أو رباه الله من غير وساطة أحد من الناس يرقى الى حيث يعظم قدره عند الله ويصير بين اقرانه كالمسك بين الدماء نسأل الله العناية والتوفيق هُوَ الَّذِي [اوست آن خداونديكه بقدرت] جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً اى صيرها ذات ضياء للعالمين بالنهار لان المعنى لا يحمل على العين او خلقها وانشأها حال كونها ذات ضياء وأصله ضواء قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها والشمس مأخوذ من شمسة القلادة وهى أعظم جواهرها جرما وأنفسها قيمة وهى التي يقال لها بالفارسية [ميانگين] وانما سميت بذلك لتوسطها بين الكواكب كذا فى شرح التقويم وَالْقَمَرَ سمى بذلك لكون لونه بياضا فى صفرة يقال حمار اقمر إذا كان ابيض فى صفرة نُوراً اى ذا نور بالليل والضياء أقوى بحكم الوضع والاستعمال ولذا نسب الضياء الى الشمس والنور الى القمر. وعند الحكماء الضياء ما يكون بالذات كما للشمس والنور بالعرض كما على وجه الأرض فيكون نور القمر مستفادا من الشمس. يعنى ان القمر فى نفسه جرم مظلم صقيل يقبل النور فعند المقابلة يمتلئ نورا من الشمس بطريق الانعكاس فيقع ذلك الشعاع على وجه الأرض
نور هستى جمله ذرات عالم تا ابد ميكنند
…
از مغربى چون ماه از مهر اقتباس
قال فى اسئلة الحكم هذا مدفوع بالخبر الوارد ان الله تعالى خلق شمسين نيرين قبل خلق الافلاك فالشمس والقمر خلقهما الله من نور عرشه وكان فى سابق علمه ان يطمس نور القمر كما روى ان الله خلق نور القمر سبعين جزأ وكذا نور الشمس ثم امر جبريل فمسحه بجناحيه فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس فاذهب عنه الضوء وأبقى فيه النور والشمس مثل الأرض مائة وستا وستين مرة وربعاثم جرم الأرض والقمر جزء من تسعة وثلاثين وربع على ما فى الواقع وفى الخبر ان وجوههما الى العرش وظهورهما الى الأرض تضيئ وجوههما لاهل السموات السبع وظهورهما لاهل الأرضين السبع والمشهور انه إذا كان على وجه الأرض نهار يكون فيما تحت الأرض ليل وبالعكس كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان فى الأرض الثانية خلقا وجوههم وأبدانهم وأيديهم كوجوه بنى آدم وأبدانهم وأيديهم وأفواههم كافواه الكلاب وأرجلهم وآذانهم كارجل البقر وآذانها وشعور هم كصوف الضأن لا يعصون الله طرفة عين ليلنا نهارهم ونهار ناليلهم كما فى ربيع الأبرار. وبعضهم فضل القمر على الشمس لان القمر مذكر والشمس مؤنث والتذكير اصل والتأنيث فرع فالفضل للاصل على الفرع وهو الأصح الأشهر وتقدم الشمس فى الذكر لا يوجب الافضلية إذ قد يتأخر الأشرف فى القرآن كقوله تعالى فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ. وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ كما فى اسئلة الحكم يقول الفقير الكلام فى التذكير والتأنيث الحقيقي دون اللفظي وكون القمر مذكرا لفظا لا يوجب الفضل على ما هو مؤنث لفظا وقد يسمى الرجل بطلحة وهو مؤنث لفظى مع ان الرجل أفضل من المرأة: ونعم ما قيل
ولا التأنيث عار لاسم شمس
…
ولا التذكير فخر للهلال
وجعل الله للشمس سلطانا على جميع الطبائع النباتية والمعدنية والحيوانية ما نبت زرع ولا خرجت فاكهة ولا يكون فى العالم طعم ولذة الا والشمس تربيها بامر الواحد القهار ويقال الثمرة ينضجها الشمس ويلونها القمر ويعطى طعمها الكواكب قيل اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ان كن للناس فى الحلم كالارض تحتهم وفى السخاء كالماء الجاري وفى الرحمة كالشمس والقمر فانهما يطلعان على البر والفاجر: قال الحافظ قدس سره
نظر كردن بدرويشان منافئ بزرگى نيست
…
سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش
قال فى التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق الروح نورانيا له ضياء كالشمس وخلق القلب صافيا كالقمر قابلا للنور والظلمة وخلق النفس ظلمانية كالارض فمهما وقع قمر القلب فى مواجهة شمس الروح يتنور بضيائها ومهما وقع فى مقابلة ارض النفس تنعكس فيه ظلمتها ويسمى القلب قلبا لمعنيين. أحدهما انه خلق بين الروح والنفس فهو قلبهما. والثاني لتقلب أحواله تارة يكون نورانيا لقبول فيض الروح وتارة يكون ظلمانيا لقبول النفس انتهى قال حضرة
شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته نحن بين النورين نور شمس الحقيقة ونور قمر الشريعة فاذا جاء نهار الحقيقة نستضيئ بنور شمسها وإذا جاء ليل الشريعة نستضيئ بنور
قمرها ونحن ارباب النورين من النور الى النور نسير وبالنور الى النور نطير وحالنا بين التعجلى والاستتار فعند تجلى النور الإلهي لقلوبنا وأرواحنا وأسرارنا يكفى لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وأرواحنا وأسرارنا يكفى لنا بدله وهو نور قمر الشريعة ولا حاجة الى غيره انتهى باجمال وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ اى وهيأ لكل من الشمس والقمر منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها فحذف حرف الجر ومنازل الشمس هى البروج الاثنا عشر ثلاثة بروج منها بروج الربيع. وهى الجمل والثور والجوزاء. فهذه الثلاثة ربيعية شمالية والشمال يسار القبلة وانما سميت بهذه الأسامي لان الكواكب المركوزة فى الفلك مشكلة فى كل برج بشكل مسماه وقت التسمية وثلاثة منها بروج الصيف. وهى السرطان والأسد والسنبلة. وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي فهذه الثلاثة صيفية شمالية وثلاثة منها بروج الخريف. وهى الميزان والعقرب والقوس. وابتداء الميزان من نقطة الاعتدال الخريفي فهذه الثلاثة خريفية جنوبية وثلاثة منها بروج الشتاء. وهى الجدى والدلو والحوت. وابتداء الجدى من الانقلاب الشتوي فهذه الثلاثة شتوية جنوبية والجنوب يمين القبلة ويجمعها هذان البيتان فى نصاب الصبيان
برجها دائم كه از مشرق بر آوردند سر
…
جمله در تسبيح ودر تهليل حى لا يموت
چون حمل چون ثور چون جوزا وسرطان واسد
…
سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت
تسير الشمس فى كل واحد من هذه البروج شهرا وتنقضى السنة بانقضائها ويعلم مدة سكون الشمس فى كل بزج حتما: قال فى النصاب ايضا
خور بجوز است سى ودو ويكبيست
…
حمل وثور وشير با پس و پيش
دلو وميزان وحوت وعقرب سى
…
بيست نه قوس وجدى بي كم وبيش
فتكون السنة الشمسية وهى مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم على ما فى صدر الشريعة ومنازل القمر ثمان وعشرون منزلة وهذه المنازل مقسومة على البروج الاثني عشر لكل برج منزلتان وثلث فينزل القمر كل ليلة منها منزلة فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين وليلة واحدة ان كان الشهر تسعة وعشرين ويكون مقام الشمس فى كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما وهذه المنازل هى مواقع النجوم التي نسبت إليها العرب الأنواء المستمطرة وستأتى عند قوله وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ الآية وأول هذه المنازل السرطان والثاني البطين كزبير وهى ثلاثة كواكب صغار كأنها أثافي وهو بطن الحمل والثالث الثريا بالضم وفتح الراء والياء المشددة وهى ستة كواكب وقع كل اثنين منها فى مقابلة الآخر والرابع الدبران محرّكة والخامس الهقعة وهى ثلاثة كواكب بين منكبى الجوزاء كالاثافى إذا طلعت مع الفجر اشتد حر الصيف والسادس الهنعة منكب الجوزاء الأيسر وهى خمسة أنجم مصطفة ينزلها القمر والسابع الذراع وهى ذراع الأسد المبسوطة وللاسد ذراعان مبسوطة ومقبوضة وهى تلى الشام والقمر ينزل بها والمبسوطة تلى اليمن وهى ارفع من السماك
وامدّ من الاخرى وربما عدل القمر فنزل بها تطلع لا ربع يخلون من تموز وتسقط لاربع يخلون من كانون الاول والثامن النثرة وهى كوكبان بينهما مقدار شبر وفوقهما شىء من بياض كأنه قطعة سحاب ويقال لهما ايضا عند اهل النجوم انف الأسد والتاسع الطرف من القوس ما بين السية والانهران او قريب من عظم الذراع من كبدها والانهران العواء والسماك لكثرة مائهما والعاشر الجبهة وهى اربعة كواكب ثلاثة منها مثلثة كالاثافى وواحد منفرد والحادي عشر الزبرة بالضم كوكبان نيران بكاهل الأسد ينزلهما القمر والثاني عشر الصرفة وهى نجم واحد نير يتلو الزبرة سميت لانصراف البرد بطلوعها والثالث عشر العواء وهى خمسة كواكب او اربعة كأنها كتابة الف والرابع عشر السماك ككتاب نجمان نيران والخامس عشر الغفر وهى ثلاثة أنجم صغار والسادس عشر الزباني بالضم كوكبان نيران فى قرنى العقرب والسابع عشر الإكليل بالكسر اربعة أنجم مصطفة والثامن عشر القلب وهو نجم من المنازل والتاسع عشر الشولة وهى كوكبان نيران ينزلهما القمر يقال لها ذنب العقرب والعشرون النعائم بالفتح اربعة كواكب نيرة والحادي والعشرون البلدة بالضم ستة كواكب صغار تكون فى برج القوس وتنزلها الشمس فى اقصر ايام السنة. قال فى القاموس البلدة رقعة من السماء لا كواكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح ينزلها القمر وربما عدل عنها فنزل بالقلادة وهى ستة كواكب مستديرة تشبه القوس اه والثانى والعشرون سعد الذابح كوكبان نيران بينهما قيد ذراع وفى نحر أحدهما كوكب صغير لقربه منه كأنه يذبحه والثالث والعشرون سعد بلع كزفر معرفة منزل للقمر طلع لما قال الله تعالى يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وهو كوكبان مستويان فى المجرى أحدهما خفى والآخر مضيئ يسمى بلع كأنه بلع الآخر وطلوعه لليلة تمضى من آب والرابع والعشرون سعد السعود والخامس والعشرون سعد الاخبية وهى كواكب مستديرة. قال فى القاموس سعود النجوم عشرة سعد بلع وسعد الاخبية وسعد الذابح وسعد السعود وهذه الاربعة من منازل القمر وسعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الهمام وسعد البارع وسعد مطرو هذه الستة ليست من المنازل كل منها كوكبان بينها فى المنظر نحو ذراع والسادس والعشرون فرغ الدلو المقدم والسابع والعشرون فرغ الدلو المؤخر. قال فى القاموس فى الغين المعجمة فرغ الدلو المقدم والمؤخر منزلان للقمر كل واحد كوكبان كل كوكبين فى المرأى قدر رمح والثامن والعشرون الرشاء ويقال له ايضا بطن الحوت وهى كواكب صغار مجتمعة فى صورة الحوت وفى سرتها نجم نير والسنة القمرية عبارة عن اجتماع القمر مع الشمس اثنتي عشرة مرة وزمان هذه يتم فى ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما وكسر وهو ثمان ساعات وثمان
وأربعون دقيقة قال فى شرح التقويم ارباب هذه الصناعة ما وجدوا زمان شهر واحد اقل من تسعة وعشرين يوما واكثر من ثلاثين وكذا ما وجدوا زمان سنة واحدة اقل من ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما واكثر من ثلاثمائة وخمسة وخمسين فعدد ايام كل سنة اما ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما او ثلاثمائة وخمسة وخمسون واعلم ان الله تعالى جعل الدورة المحمدية دورة قمرية كما قال إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً تنبيها منه
تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر ممحوّة عن العالم الظاهر لمن اعتبر وتدبر فى قوله لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى فى علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي أعطاها للمحدثين العربيين وأجراها وأخفاها فيهم كذا فى عقلة المستوفز لحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى كتاب اللامحات البرقيات له مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفى المراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر انتهى باجمال ثم لحروف ظاهر النفس الرحمانى منازل عدد منازل القمر ويقال لها التعينات وهى العقل الاول ثم النفس الكلية ثم الطبيعة الكلية ثم الهباء ثم الشكل الكلى ثم الجسم الكلى ثم العرش ثم الكرسي ثم الفلك الأطلس ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشترى ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهواء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الإنسان ثم المرتبة وفى مقابلتها على الترتيب حروف باطن النفس الرحمانى وهى الاسم البديع ثم الباعث ثم الباطن ثم الآخر ثم الظاهر ثم الحكيم ثم المحيط ثم الشكور ثم الغنى ثم المقتدر ثم الرب ثم العليم ثم القاهر ثم النور ثم المصور ثم المحصى ثم المبين ثم القابض ثم المحيي ثم المميت ثم العزيز ثم الرزاق ثم المذل ثم القوى ثم اللطيف ثم الجامع ثم الرفيع ولو تفطنت حروف التهجي وجدتها على هذا الترتيب كما رتب اهل الآراء وهى الهمزة ثم الهاء ثم العين ثم الحاء المهملة ثم الغين المعجمة ثم القاف ثم الكاف ثم الجيم ثم الشين المنقوطة ثم الياء المثناة ثم الضاد المعجمة ثم اللام ثم النون ثم الراء المغفلة ثم الطاء المهملة ثم الدال المهملة ثم التاء المثناة من فوق ثم الزاى ثم السين المهملة ثم الصاد المهملة ثم الظاء المعجمة ثم الثاء المثلثة ثم الذال المنقوطة ثم الفاء ثم الباء الموحدة ثم الميم ثم الواو فسبحان من اظهر بالنفس الرحمانى هذه المنازل فى الأنفس والآفاق ارادة كمال الوفاق لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ اى حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالى والساعات لصلاح معاشكم ودينكم من فرض الحج والصوم والفطر والصلاة وغيرها من الفروض ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ المذكور من الشمس والقمر على ما حكى بحال ما من الأحوال إِلَّا ملتبسا بِالْحَقِّ مراعيا لمقتضى الحكمة البالغة وهو ما أشير اليه اجمالا من العلم بأحوال السنين والأوقات المنوط به امور معاملاتهم وعباداتهم فليس فى خلقه عبث باطل أصلا- حكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بدّ لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع
رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات أعز الادوية وان فى كل خلقه حكمة يُفَصِّلُ الْآياتِ التكوينية المذكورة الدالة على وحدانيته وقدرته ويذكر بعضها عقيب بعض مع مزيد الشرح والبيان لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الحكمة فى إبداع الكائنات فيستدلون بذلك على شئون مبدعها وخص العلماء بالذكر لانهم المنتفعون بالتأمل فيها إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فى اختلاف ألوانهما بالنور والظلمة او فى اختلافهما بذهاب الليل ومجيئ النهار وبالعكس واختلف فى أيهما أفضل قال الامام النيسابورى الليل أفضل لانه راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق. وقيل النهار أفضل لانه محل النور والليل محل الظلام يقول الفقير الليل اشارة الى عالم الذات وله الرتبة العليا والنهار اشارة الى عالم الصفات وله الفضيلة العظمى ويختلفان بان من ولد فى الليل يصير اهل فناء فى الله ومن ولد فى النهار يصير اهل بقاء بالله ففيهما سردار الجلال ودار الجمال وسر أهلهما وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ من انواع الكائنات كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح وَالْأَرْضِ من أنواعها ايضا كالجبال والبحار والأشجار والأنهار والدواب والنبات لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ خص المتقين لانهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر الى النظر والتدبر وعن على رضى الله عنه من اقتبس علما من النجوم من حملة القرآن ازداد به ايمانا ويقينا ثم تلا إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ الى لَآياتٍ يقول الفقير أصلحه الله القدير هذا بالنسبة الى ما أبيح من تعلم النجوم وتوسل به الى معرفة الآيات السماوية واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية فى مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الأزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى- وسمع- ذو النون المصري شخصا قائما على الجبل وسط البحر يقول سيدى سيدى انا خلف البحور والجزائر وأنت الملك الفرد بلا حاجب ولا زائر من ذا الذي انس بك فاستوحش من ذا الذي نظر الى آيات قدرتك فلم يدهش اما فى نصبك السموات الطرائق ونظمك الفلك فوق رؤس الخلائق ورفعك العرش المحيط بلا علائق واجرائك الماء بلا سائق وارسالك الريح بلا عائق ما يدل على فردانيتك اما السموات فتدل على منعتك واما الفلك فيدل على حسن صنعتك واما الرياح فتنشر من نسيم بركاتك واما الرعد فيصوت بعظيم آياتك واما الأرض فتدل على تمام حكمتك واما الأنهار فتتفجر بعذوبة كلمتك واما الأشجار فتخبر بجميل صنائعك واما الشمس فتدل على تمام بدائعك: قال الشيخ المغربي قدس سره
جمله نقش تعينات ويند
…
هر چهـ هستند در زمين وسما
وله
مغربى زان ميكند ميلى بگلشن كاندرو
…
هر چهـ را رنگى وبويى هست رنگ وبوى اوست
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا المراد بلقائه تعالى اما الرجوع اليه بالبعث او لقاء الحساب كما فى قوله إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وبعدم الرجاء عدم اعتقاد الوقوع المنتظم لعدم الأمل وعدم الخوف فان عدمهما لا يستدعى عدم اعتقاد وقوع المأمول والمخوف اى لا يتوقعون الرجوع إلينا او لقاء حسابنا المؤدى اما الى حسن الثواب او الى سوء العذاب فلا يأملون الاول واليه أشير بقوله وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا فانه منبئ عن إيثار الأدنى الخسيس على الأعلى النفيس ولا يخافون الثاني واليه أشير بقوله وَاطْمَأَنُّوا بِها كما فى الإرشاد وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي وَاطْمَأَنُّوا بِها وسكنوا إليها قاصرين هممهم على لذائذها وزخارفها او سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديدا وأملوا بعيدا: يعنى [در دنيا ساكن گشتند بر وجهى كه گوييا هرگز ايشانرا از آنجا رحلت نخواهد بود وندانستند كه لحظه بلحظه دست أجل طبل رحيل فرو خواهد كوفت]
آن كيست كه دل نهاد وفارغ بنشست
…
پنداشت كه مهلتى وتأخيرى هست
گو خيمه مزن كه ميخ مى بايد كند
…
گو رخت منه كه بار مى بايد بست
- روى- ان الله تعالى قال عجبت من ثلاثة. ممن آمن بالنار ويعلم انها وراءه كيف يضحك. وممن اطمأنت نفسه بالدنيا وهو يعلم انه يفارقها كيف يسكن إليها. وممن هو غافل وليس بمغفول عنه كيف يلهو) ونزل النعمان بن المنذر تحت شجرة ليلهو فقال عدى ايها الملك أتدري ما تقول هذه الشجرة ثم انشأ يقول رب ركب قد أناخوا حولنا يمزجون الخمر بالماء الزلال ثم اضحوا عصف الدهر بهم وكذاك الدهر حالا بعد حال فتنغص على النعمان يومه كذا فى ربيع الأبرار وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا عن آيات القرآن فيكون المراد الآيات التشريعية او عن دلائل الصنع فيكون المراد الآيات التكوينية غافِلُونَ لا يتفكرون فيها لانهما كهم فيما يضادها والعطف لتغاير الوصفين اى للجمع بين الوصفين المتغايرين الانهماك فى لذات الدنيا وزخارفها والذهول عن آيات الله ودلائل المعرفة او لتغاير الذاتين كما قال فى التأويلات النجمية ان الذين لا يعتقدون السير إلينا والوصول بنا لدناءة همتهم ورضوا بالتمتعات الدنيوية وركنوا الى مالها وجاهها وشهواتها والذين هم عن آياتنا غافلون وان لم يركنوا الى الدنيا وتمتعاتها وكانوا اصحاب الرياضات والمجاهدات من اهل الأديان والملل وهم البراهمة والفلاسفة والإباحية لكن كانوا معرضين عن متابعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم او كانوا من اهل الأهواء والبدع أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من صفات السوء مَأْواهُمُ اى مسكنهم ومقرهم الذي لابراح لهم منه النَّارُ نار جهنم او نار البعد والطرد والحسرة لا ما اطمأنوا بها من الحياة الدنيا ونعيمها بِما كانُوا يَكْسِبُونَ اى جوزوا بما واظبوا عليه وتمرنوا به من الأعمال القلبية المعدودة وما يستتبعه
من اصناف المعاصي والسيئات إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فعلوا الايمان او آمنوا بما تشهد به الآيات التي غفل عنها الغافلون وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحة فى أنفسها اللائقة بالايمان وهى ما كان لوجه الله تعالى ورضاه وانما ترك ذكر الموصوف لجريانها مجرى الأسماء يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ فى الآخرة بِإِيمانِهِمْ اى بسبب ايمانهم وبنوره الى مأواهم ومقصدهم وهى الجنة وفى الحديث (ان المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله فى صورة حسنة فيقول انا عملك فيكون له نورا وقائدا الى الجنة والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله فى صورة سيئة فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار) ويحتمل ان تكون الهداية الى سلوك سبيل يؤدى الى ادراك الحقائق الكونية والالهية وهى هداية خاصة يلقاها الخواص واليه الاشارة بقوله (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) فالعلم الاول هو علم المعاملة الذي يكون بطريق الدراسة والعلم الثاني هو علم المكاشفة الذي يكون بطريق الوراثة وهو أعلى وأجل من الاول لان الاول منه بمنزلة القشر من اللب نسأل الله الفيض الخاص الذي ذاقه اهل الاختصاص تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ من تحت سررهم المرفوعة الموضوعة فى البساتين والرياض الْأَنْهارُ الاربعة فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بتجرى اى فى جنات يتنعمون فيها ويترفهون قال الكاشفى فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [در بوستانها با نعيم وبا نعمت] والنعيم النعمة والخفض والدعة كما فى القاموس وسميت جنة لاستتار ارضها باشجارها ومنه سمى الجن لاستتارهم عن الابصار ومنه سمى الجن للتستر به دَعْواهُمْ فِيها اى دعاؤهم فى تلك الجنات سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ اى يا الله نسبحك تسبيحا وننزهك عن الخلف فى الوعد والكذب فى القول فقد وجدنا ما وعدتنا وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها التحية التكرمة بالحالة الجليلة أصلها أحياك الله حياة طيبة وهى من اضافة المصدر الى فاعله اى تحية بعضهم لبعض فى الجنة سَلامٌ اى سلامة من كل مكروه او من إضافته الى المفعول اى تحية الملائكة إياهم كما قال تعالى وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ او تحية الله إياهم كما قال سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ
سلام دوست شنيدن سعادتست وسلامت
…
بوصل يار رسيدن فضيلتست وكرامت
وَآخِرُ دَعْواهُمْ اى خاتمة دعائهم أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اى ان يقولوا ذلك نعتاله تعالى بصفات الإكرام اثر نعته بصفات الجلال اى دعاؤهم منحصر فيما ذكر إذ ليس لهم مطلب مترقب حتى ينظموه فى سلك الدعاء وان هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف والجملة الاسمية التي بعدها فى محل الرفع على انها خبر لها وان مع اسمها وخبرها فى محل الرفع خبر للمبتدأ الاول- روى- ان اهل الجنة إذا اشتهوا شيأ يقولون سبحانك اللهم فيأتيهم الخدم بالطعام والشراب وكل ما يشتهون فاذا طعموا قالوا الحمد لله رب العالمين واعلم انه لا تكليف فى الجنة ولا عبادة وما عبادة اهل الجنة الا ان يسبحوا الله ويحمدوه وذلك ليس بعبادة وانما يلهمونه فينطقون به تلذذا بلا كلفة [وهر آيينه لذت تسبيح وتحميد ايشانرا از جميع لذاتهاى بهشت خوبتر آيد]
ذوق نامش عاشق مشتاقرا
…
از بهشت جاودانى خوشتر است
گر چهـ در فردوس نعمتها بسى ست
…
وصل او از هر چهـ دانى خوشترست
وفيه اشارة الى ان اللسان انما خلق للذكر والدعاء لا لكلام الدنيا والغيبة والبهتان
زبان آمد از بهر شكر وسپاس
…
بغيبت نگرداندش حق شناس
وقد كان أول كلام تكلم به أبونا آدم عليه السلام حين عطس الحمد لله وآخر الدعاء ايضا كان ذلك. ففيه اشارة الى ان العبد غريق فى بحر نعم الله اولا وآخرا فعليه استغراق أوقاته بالحمد ونعم الله فى الدنيا متناهية وفى الآخرة غير متناهية فالحمد لا نهاية له ابد الآباد وهو منتهى مراتب السالكين: وفى المثنوى
حمدشان چون حمد گلشن از بهار
…
صد نشانى دارد وصد گير ودار
بر بهارش چشمه ونخل وگياه
…
وان گلستان ونگارستان گواه
تو ملاف از مشك كان بوى پياز
…
از دم تو ميكند مكشوف راز
گلشكر خوردم همى گوئى وبوى
…
مى زند از سير كه ياوه مگوى
يعنى ان لحمد العارف علامة فانه يشهد لحمده كل أعضائه بخلاف حمد غيره فلا بد من تحقيق الدعوى بالحجة والبرهان فان الدعوى المجردة لا تنفع كما لا يخفى على اهل الإيقان تسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الحامدين فى السراء والضراء بلسان الجهر والإخفاء وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ [واگر تعجيل كند خداى تعالى] لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ التعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة والمراد بالشر العذاب وسمى به لانه أذى مكروه فى حق المعاقب- روى- ان النضر بن الحارث قال منكرا لنبوته عليه السلام اللهم ان كان محمد حقا فى ادعاء الرسالة فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم وكانوا يستعجلون العذاب المتوعد به من لسان النبوة فقال تعالى وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ والعذاب حين استعجلوه استعجالا مثل اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ والرحمة والعافية لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ لادى إليهم الاجل الذي عين لعذابهم وأميتوا واهلكوا بالمرة وما أمهلوا طرفة عين لان تركيبهم فى الدنيا لا يحتمل ما استعجلوه من العذاب ولكن لا نعجل ولا نقضى فَنَذَرُ الَّذِينَ اى نترك فالفاء للعطف على مقدر لا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل فى الامتناع الذي يقتضيه لو وليس كذلك لان التعجيل لم يقع وتركهم فى طغيانهم يقع كما فى تفسير ابى البقاء لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لا يتوقعون جزاءنا فى الآخرة التي هى محل اللقاء لانكارهم البعث فِي طُغْيانِهِمْ الذي هو عدم رجاء اللقاء وانكار البعث والجزاء وهو متعلق بنذر او بقوله يَعْمَهُونَ اى حال كونهم متحيرين ومترددين وذلك لانه لاصلاح ولا حكمة فى اماتتهم وإهلاكهم عاجلا إذ ربما آمنوا بعد ذلك او ربما خرج من أصلابهم من يكون مؤمنا ولذلك لا يعاجلهم الله تعالى بايصال الشر إليهم بل يتركهم امهالا لهم واستدراجا قال الحدادي الآية عامة فى كل من يستعجل العقاب الذي يستحقه بالمعاصي ويدخل فيها دعاء الإنسان على نفسه وولده وقومه بما يكره ان يستجاب له مثل قول الرجل إذا غضب على ولده اللهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لنفسه رفعنى الله من بينكم وفى الحديث (دعاء المرء على محبوبه غير مقبول) وعن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه (انى سئلت الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه) ولكن قد صح (ان دعاء الوالد على ولده لا يرد) فيجمع بينهما كما فى المقاصد الحسنة وقال شهر بن حوشب قرأت فى بعض الكتب ان الله تعالى يقول للملكين
الموكلين لا تكتبا على عبدى فى حال ضجره شيأ ثم بين الله تعالى انهم كاذبون فى استعجال العذاب بناء على انه لو نزل بالإنسان ادنى شىء يكرهه لا يصبر عليه بل يتضرع الى الله فى إزالته عنه فقال وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ أصابه الضُّرُّ جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد إصابة يسيرة دَعانا [بخواند ما را بإخلاص براى ازاله او] لِجَنْبِهِ اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ اى دعانا كائنا على جنبه اى مضطجعا او ملقى لجنبه على الأرض لما به من المرض واللام على بابها أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً وذلك ان من الضرر ما يغلب الإنسان ويجعله صاحب فراش يضطره الى الاضطجاع ومنه ما يكون أخف من ذلك ويجعله بحيث يقدر على القعود ومنه ما يتمكن الإنسان معه على القيام لا غير. ففائدة الترديد تعميم الدعاء لجميع اصناف الضرر. ويجوز ان يكون لجميع الأحوال اى دعانا فى جميع أحواله مما ذكر وما لم يذكر لازالة ما يضر عنه فى حال ما من أحواله. وتخصيص المعدودات بالذكر لعدم خلو الإنسان عنها عادة فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ رفعناه وأزلناه بسبب إخلاصه فى الدعاء مَرَّ مضى على طريقته التي كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسى حالة الجهد والبلاء واستمر على كفره كَأَنْ اى كأنه لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ اى مشبها بمن لم يدع الى كشف ضره فهو حال من فاعل مر وهذا وصف للجنس باعتبار حال بعض افراده ممن هو متصف بهذه الصفات كَذلِكَ اى مثل ذلك التزيين. فالكاف اسم منصوب المحل على انه صفة مصدر محذوف لقوله زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الاعراض عن التضرع والانهماك فى الشهوات حين انكشاف الضر عنهم. وسمى الكافر مسرفا لكونه مسرفا فى امر دينه متجاوزا عن الحد فى الغفلة عنه فانه لا شبهة فى ان المرء كما يكون مسرفا فى الانفاق فكذا يكون مسرفا فى اتباع الهوى وتضييع العمر فيما لا يعنيه بل يضره: قال الصائب
ازين چهـ سود كه در گلستان وطن دارم
…
مرا كه عمر چونرگس بخواب ميگذرد
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ يعنى الأمم الماضية مثل قوم نوح وعاد مِنْ قَبْلِكُمْ متعلق باهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان اى أهلكناهم من قبل زمانكم يا اهل مكة لَمَّا ظَلَمُوا حين ظلموا بالتكذيب واستعمال القوى والجوارح لا على ما ينبغى وَجاءَتْهُمْ اى والحال انهم قد جاءتهم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالحجج الدالة على صدقهم وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا وما استقام لهم ان يؤمنوا لفساد استعدادهم وخذلان الله لهم وعلمه بانهم يموتون على كفرهم وهو عطف على ظلموا كأنه قيل لما ظلموا وأصروا على الكفر بحيث لم يبق فائدة فى إمهالهم أهلكناهم كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء وهو إهلاكهم بسبب تكذيبهم للرسل وإصرارهم عليه بحيث تحقق انه لا فائدة فى إمهالهم نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ نجزى كل مجرم ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ استخلفنا كم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر لان الله تعالى لا يحتاج فى العلم بأحوال الإنسان الى الاختبار والامتحان فى الحقيقة ولكن يعامل معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم ليجازيهم بحسبه لِنَنْظُرَ النظر فى اللغة عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي طلبا لرؤيته وهو فى حقه
تعالى مستعار للعلم المحقق الذي لا يتطرق اليه شك ولا شبهة بان يشبه هذا العلم بنظر الناظر وإدراكه عين المرئي على سبيل المعاينة والمشاهدة ويطلق عليه لفظ النظر والرؤية على سبيل الاستعارة التصريحية ثم تسرى الاستعارة الى الفعل تبعا قال الكاشفى [تا به بينيم در صورت شهادت بعد از انكه دانستيم در غيب شما كه] كَيْفَ تَعْمَلُونَ [چهـ گونه عمل خواهيد كرد از خير وشر تا با شما بمقتضاى اعمال شما معامله كنيم ان خيرا فخير وان شرا فشر]
چرا آيينه فعلست گويى
…
كه در وى هر چهـ كردى مينمايد
اگر كردى نكوئى نيك بينى
…
وگر بد كرده بد پيشت آيد
وكيف معمول تعملون فان معنى الاستفهام يحجب ان يعمل فيه ما قبله وفائدته الدلالة على ان المعتبر فى الجزاء جهات الافعال وكيفياتها لا من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح اخرى وفى الحديث (ان الدنيا حلوة خضرة) يعنى حسنة فى المنظر (تعجب الناظر) والمراد من الدنيا صورتها ومتاعها وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضراء ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة يفتتن الناس بحسنها: قال الحافظ
خوش عروسست جهان از ره صورت ليكن
…
هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد
قال فى فتح القريب حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة فان النفس تطلبها طلبا حثيثا فكذلك الدنيا وهى فى الحال حلوة خضراء وفى المآل مرة كدرة نعمت المرضعة وبئست الفاطمة (وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعملون) اى تتصرفون قيل معناه جاعلكم خلفا ممن قبلكم واعطى ما بايديهم إياكم فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون فى مآلهم قال قتادة ذكر لنا عمر رضى الله عنه قال صدق ربنا جعلنا خلفاء الأرض لينظر الى اعمالنا فاروه من أعمالكم خيرا بالليل والنهار والسر والعلانية وفى الآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليرتدعوا عن انكار النبوة واستعجال الشر حذرا من ان ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن قبلهم من المكذبين وهذا الوعيد والتهديد لا يختص بهم فان اهل كل قرن خليفة لمن قبله الى قيام الساعة فعلى العاقل ان يعتبر بمن مضى ويتدارك حاله قبل نزول القضاء قال فى التأويلات النجمية ان لهذه الامة اختصاصا باستحقاق الخلافة الحقيقة التي أودعها الله فى آدم عليه السلام بقوله إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولهذا السر ما كان فى امة من الأمم من الخلفاء ما كان فى هذه الامة بالصورة والمعنى وللخلافة صورة ومعنى فكما ان صورة الخلافة مبنية على الحكم بين الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون الشرع والاجناب عن متابعة الهوى والطبع كذلك معنى الخلافة مبنى على الحكم بين الرعية المعنوية وهى الجوارح والأعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاتها وأخلاقها والحواس الخمس والقوى النفسانية بالحق كما كان سيرة الأنبياء وخواص الأولياء فى طلب الحق ومجانبة الباطل وترك ما سوى الله والوصول الى الله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ
اى على مشركى مكة آياتُنا القرآنية الدالة على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على ذلك قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا: يعنى [اميد ندارند ديدار ما را ورسيدن بما] وهو عبارة عن كونهم مكذبين للحشر قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه ليس لهم شوق الى الله وطلبه إذ الشوق من شان القلب الحي وقلوبهم ميتة ونفوسهم حية فلما فى القرآن مما يوافق القلوب ويخالف النفوس ما قبله ارباب النفوس ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا القرآن المنزل بان لا يكون على ترتيب هذا ونظمه وبان يكون خاليا عما نستبعده من امر البعث والجزاء وعما نكرهه من ذم آلهتنا وتحقيرها أَوْ بَدِّلْهُ بان يكون هذا القرآن المنزل باقيا على نظمه وترتيبه لكن يوضع مكان الآيات الدالة على ما نستبعده ونستكرهه آيات اخر موافقة لطريقتنا كما بدل أحبار اليهود التوراة ورهبان النصارى الإنجيل بما كان موافقا لهواهم ولعلهم سألوا ذلك طمعا فى ان يسعفهم الى إتيانه من قبل نفسه فيلزموه بان يقولوا قدتبين لنا انك كاذب فى دعوى ان ما تقرأه علينا كلام الهى وكتاب سماوى اوحى إليك بواسطة الملك وانك تقوله من عند نفسك وتفترى على الله كذبا قُلْ ما يَكُونُ لِي اى ما يصح لى ولا يمكننى أصلا أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي اى من قبل نفسى وانما اكتفى بالجواب عن التبديل لاستلزام امتناعه امتناع الإتيان بقرآن آخر كذا قال البيضاوي وهو اولى مما فى الكشاف. والبيان ان التبديل داخل تحت قدرة الإنسان واما الإتيان بقرآن آخر فغير مقدور عليه للانسان وذلك لان التبديل ربما يحتاج الى تغيير سورة او مقدارها واعجاز القرآن يمنع من ذلك كما لا يخفى وهو اللائح بالبال إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ تعليل لما يكون فان المتبع لغيره فى امر لم يستبد بالتصرف فيه بوجه اى ما اتبع فى شىء الا ما يوحى الى من غير تغيير له فى شىء أصلا على معنى قصر حاله عليه السلام على اتباع ما يوحى اليه لا قصر اتباعه على ما يوحى اليه كما هو المتبادر من ظاهر العبارة كأنه قيل ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ وقد مر تحقيق المقام فى سورة الانعام إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي اى بالتبديل عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هو يوم القيامة وفيه اشارة الى ان التبديل إذا كان عصيانا مستوجبا للعذاب يكون اقتراحه كذلك لانه نتيجته والنتيجة مبنية على المقدمة فعلم منه ان المؤدى الى المكروه او الحرام مكروه او حرام ألا ترى ان بعض الكيوف التي يستعملها ارباب الشهوات فى هذا الزمان مؤد الى استثقال الصوم الفرض واستثقال امر الله تعالى ليس من علامات الايمان تسأل الله تعالى ان يجذب عناننا من الوقوع فى مواقع الهلاك قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ان لا اتلو عليكم ما اوحى الىّ من القرآن ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ لانى أمي وليس التلاوة والقراءة من شأنى كما كان حالى مع جبريل أول ما نزل فقال (اقرأ قلت لست بقارئ فغطنى جبريل ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق فقرأته لما جعلنى قارئا ولو شاء الله ان لا اقرأه ما كنت قادرا على قرآته عليكم) - حكى- ان واحدا من المشايخ الأميين استدعى منه بعض المنكرين الوعظ بطريق التعصب والعناد زعما منهم انه لا يقدر عليه فيفتضح لانه كان كرديا لا يعرف لسان العرب ولا يحسن الوعظ والتذكير فنام بالغم فاذن له صلى الله تعالى عليه وسلم فى المنام بذلك فلما أصبح جلس
مجلس الوعظ والتذكير وقرر من كل تأويل وتفسير وقال «أمسيت كرديا وأصبحت عربيا» وذلك من فضل الله وهو على كل شىء قدير: قال الحافظ
فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد
…
ديگران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد
وَلا أَدْراكُمْ بِهِ ماض من دريت الشيء ودريت به اى علمته وادرانيه غيرى اى أعلمنيه والمعنى ولا أعلمكم الله القرآن على لسانى ولا أشعركم به أصلا فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ اى مكثت بين ظهرانيكم عُمُراً يضمتين الحياة والجمع أعمار كما فى القاموس قال ابو البقاء ينصب نصب الظروف اى مقدار عمر او مدة عمر قال ابن الشيخ اى مدة متطاولة وهى أربعون سنة مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن لا اتلوه ولا اعلمه وكان عليه السلام لبث فيهم قبل الوحى أربعين سنة ثم اوحى اليه فاقام بمكة بعد الوحى ثلاث عشرة سنة ثم هاجر الى المدينة فاقام بها عشر سنين وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة فمن عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشئ قريضا ولا خطبة ثم قرأ عليهم كتابا بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلى كل منثور ومنظوم واحتوى على قواعد علمى الأصول والفروع وأعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هى عليه علم انه معلم به من عند الله وان ما قرأه عليه معجز خارق للعادة
امىء دانا كه بعلم فزون
…
راند رقم بر ورق كاف ونون
بى خط وقرطاس ز علم ازل
…
مشكل لوح وقلمش گشت حل
أَفَلا تَعْقِلُونَ أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا انه ليس الا من الله فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً احتراز مما أضافوه اليه عليه السلام كناية وهو انه عليه السلام نظم هذا القرآن من عند نفسه ثم قال انه من عند الله افتراء عليه فأن قولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله كناية عنه فقوله عليه السلام فمن اظلم ممن افترى كناية عن نفسه كأنه قيل لو لم يكن هذا القرآن من عند الله كما زعمتم لما كان أحد فى الدنيا اظلم على نفسه من حيث افتريته على الله لكن الأمر ليس كذلك بل هو وحي الهى أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ فكفر بها إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ لا ينجون من محذور ولا يظفرون بمطلوب وفى التأويلات النجمية اى لا يتخلص الكذابون والمكذبون من قيد الكفر وحجب الهوى وعذاب البعد وجحيم النفس انتهى وذلك لان الطريق طريق الصدق والإخلاص لا طريق الكذب والرياء فمن سلك سبيل الصدق أفلح ونجاو وصل ومن سلك سبيل الكذب خاب وهلك وضل وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها إذا صحت ففيها النجاة ولا يتم بعضها الا ببعض الإسلام الخالص من الظلم وطيب الغذاء والصدق لله فى الأعمال وفى الحديث (ان من أعظم الفرية ثلاثا ان يفترى الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير) يعنى فى المنام (او يفترى على والديه فيدعى الى غير أبيه او يفترى علىّ يقول سمعت من رسول الله ولم يسمع منى) يقول الفقير فاذا لم يصح هذا الواحد من أمته فكيف يصح لرسول الله عليه الصلاة والسلام والأنبياء عليهم السلام أمناء الله على ما اوحى إليهم لا يزيدون فيه ولا ينقصون ولا يبدلون فكذا الأولياء قدس الله أسرارهم أمناء الله على ما ألهم إليهم يبلغونه
الى من هو اهل له من غير زيادة ولا نقصان ومن أنكر كون الأمي وليا فلينكر كونه نبيا فان ذلك مفض الى ذلك ومستلزم له قال الامام السخاوي قوله (ما اتخذ الله من ولى جاهل ولو اتخذه لعلمه) ليس بثابت ولكن معناه صحيح والمراد بقوله ولو اتخذه لعلمه يعنى لواراد اتخاذه وليا لعلمه ثم اتخذه وليا انتهى وقال الامام الغزالي فى شرح الاسم الحكيم من الأسماء الحسنى ومن عرف الله تعالى فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها انتهى فظهر ان العلم الزائد على ما يقال له علم الحال ليس بشرط فى ولاية الولي وان الله تعالى إذا أراد بعبده خيرا يفقهه فى الدين ويعلمه من لدنه علم اليقين قال عمر رضى الله عنه يا نبى الله مالك افصحنا فقال عليه السلام (جاءنى جبريل فلقننى لغة ابى إسماعيل وان الله أدبني فاحسن تأديبى ثم أمرني بمكارم الأخلاق فقال خذ العفو وأمر بالعرف) الآية فقد استبان الحق والله اعلم حيث يجعل رسالته فاياك ان تنكر ولاية مثل يونس وغيره من الأميين فان شواهدهم تنادى على صحة دعواهم بل وإياك ان تطلق لسانك بالطعن على لحنهم فان سين بلال أحب الى الله من شين غيره فى اشهد: وفى المثنوى قدس سره
گر حديثت كژ بود معنيت راست
…
آن كژئ لفظ مقبول خداست
وذلك لان خطأ الأحباب اولى من صواب الأغيار كما فى المثنوى وعن ابى الدرداء رضى الله عنه انه قال (ان لله عبادا يقال لهم الابدال لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتمتع وحسن الحلية وانما بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدور والرحمة لجميع المسلمين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم أربعون رجلا على مثل قلب ابراهيم عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد انشأ من يخلفه واعلم انهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا لا تدركهم الخيل المجراة ولا الرياح العواصف فيما بينهم وبين ربهم انما قلوبهم تصعد فى السقوف العلى ارتياحا الى الله فى استباق الخيرات أولئك حزب الله ألا ان حزب الله هم المفلحون) كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي: وفى المثنوى فى وصف الأولياء
مرده است از خود شده زنده برب
…
زان بود اسرار حقش در دو لب
وَيَعْبُدُونَ اى كفار مكة مِنْ دُونِ اللَّهِ حال من الفاعل اى متجاوزين الله لا بمعنى ترك عبادته بالكلية بل بمعنى عدم الاكتفاء بها وجعلها قريبا لعبادة الأصنام ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ اى الأصنام التي لا قدرة لها على إيصال الضرر إليهم ان تركوا عبادتها ولا على إيصال المنفعة ان عبدوها لان الجماد بمعزل عن ذلك والمعبود ينبغى ان يكون مثيبا ومعاقبا حتى تعود عبادته بجلب نفع او دفع ضر وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ الأصنام شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ تشفع لنا فيما يهمنا من امور الدنيا لانهم كانوا لا يقرون بالمعاد او فى الآخرة ان يكن بعث كما قال الكاشفى [يا اگر فرضا حشر ونشر باشد چنانچهـ معتقد مؤمنانست ما را از خداى درخواست ميكنند واز عذاب ميرهانند] واعلم ان أول ما حدثت عبادة الأصنام فى قوم نوح عليه السلام وذلك ان آدم كان له خمسة أولاد صلحاء وهم ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر. فمات ودّ فحزن الناس
عليه حزنا شديدا فاجتمعوا حول قبره لا يكادون يفارقونه وذلك بأرض بابل فلما رأى إبليس ذلك جاء إليهم فى صورة انسان وقال لهم هل لكم ان اصور لكم صورة إذا نظرتم إليها ذكرتموه قالوا نعم فصور لهم صورته ثم صار كلما مات منهم واحد صور صورته وسموا تلك الصور بأسمائهم ثم لما تقادم الزمن وتناست الآباء والأبناء وأبناء الأبناء قال لمن حدث بعدهم ان الذين كانوا قبلكم يعبدون هذه الصور فعبدوها فارسل الله إليهم نوحا فنهاهم عن عبادتها فلم يجيبوه لذلك وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق ثم ان تلك الصور دفنها الطوفان فى ساحل جدة فاخرجها اللعين وأول من نصب الأوثان فى العرب عمرو بن لحى من خزاعة وذلك انه خرج من مكة الى الشام فى بعض أموره فرأى بأرض البلقاء العماليق ولد عملاق بن لاود بن سام ابن نوح وهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه قالوا هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم أفلا تعطوننى منها صنما فاسير به الى ارض العرب فاعطوه سنما يقال له هبل من العقيق على صورة انسان فقدم به مكة فنصبه فى بطن الكعبة على يسراها وامر الناس بعبادته وتعظيمه فكان الرجل إذا قدم من سفره بدأ به قبل اهله بعد طوافه بالبيت وحلق رأسه عنده كذا فى انسان العيون وكان اهل الطائف يعبدون اللات واهل مكة العزى ومناة وهبل واسافا قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ أتخبرونه بِما لا يَعْلَمُ اى بالذي لا يعلمه كائنا فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ فما عبارة عن ان له شريكا والظرف حال من العائد المحذوف وفى الاستفهام الإنكاري تقريع لهم وتهكم بهم حيث نزلوا منزلة من يخبر علام الغيوب بما ادعوه من المحال الذي هو وجود الشركاء وشفاعتهم عند الله. وفى الظرف تنبيه على ان ما يعبدونه من دون الله اما سماوى. كالملائكة والنجوم واما ارضى كالاصنام المنحوتة من الشجر والحجر لا شىء من الموجودات فيهما الا وهو حادث مقهور مثلهم لا يليق ان يشرك به سبحانه قال الكاشفى [انتفاء علم بجهت معلومست يعنى شما ميگوييد كه خدايرا شريك هست. واثبات بشفاعت بتان ميكنيد وخداوند كه عالمست بجميع معلومات اين را نمى دانيد پس معلوم شد كه شريك نيست وشفاعت نخواهد بود] كما قال ابن الشيخ فان شيأ من ذلك لو كان موجودا لعلمه الله وما لا يعلمه الله استحال وجوده سُبْحانَهُ [پاكست] وَتَعالى [برترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ لما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري اى تبرأ وجل عن اشراكهم
واحد اندر ملك او را يار نى
…
بندگانش را جز او سالار نى
وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً اى على ملة واحدة فى عهد آدم عليه السلام الى ان قتل قابيل هابيل او فى زمن نوح بعد الطوفان حين لم يبق على وجه الأرض من الكافرين ديارا فان الناس كانوا متفقين على الدين الحق فَاخْتَلَفُوا اى تفرقوا الى مؤمن وكافر وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ اى لولا الحكم الأزلي بتأخير العذاب الفاصل بينهم الى يوم القيامة فانه يوم الفصل والجزاء لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ عاجلا فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ باهلاك المبطل وابقاء المحق قال الكاشفى [هر آينه حكم كرده شدى ميان ايشان ران چيزى كه ايشان در ان اختلاف
ميكنند عذاب بيامدى ومبطل هلاك شدى ومحق بماندى] ويحتمل ان يكون المعنى ان الناس كانوا امة واحدة فى بدء الخلقة موجودين على اصل الفطرة التي فطر الناس عليها فاختلفوا بحسب تربية الوالدين كما قال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) ثم اختلفوا بعد البلوغ بحسب المعاملات الطبيعية والشرعية ثم هذا الاختلاف كما كان بين الأمم السالفة كذلك كان بين هذه الامة فمن مؤمن ومن كافر ومن مبتدع وفى اختلافهم فائدة جليلة وحكمة عظيمة حيث ان الكمال الإلهي انما يظهر بمظاهر جماله وجلاله لكن ينبغى للناس ان يكونوا على التآلف والتوافق دون التباغض والتفرق لان يد الله مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة المنفردة- واوصى حكيم- أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها وقال اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها وقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا
تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وفى الحديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) والمراد بالخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان الله عليهم أجمعين. والراشدون جمع راشد اسم فاعل وهو الذي اتى بالرشد واتصف به وهو ضد الغى فالراشد ضد الغاوي والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه. والنواجذ آخر الأسنان والمعنى واظبوا على السنة والزموها واحرصوا عليها كما يفعل العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته وقد وقع هذا الاختلاف وسيقع الى ان يقوم المهدى وينزل عيسى عليه السلام: قال الحافظ
تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبده باز
…
هزار بازي ازين طرفه تر بر انگيزد
: وقال
روزى اگر غمى رسدت تنگ دل مباش
…
روشكر كن مباد كه از بد بتر شود
قال بعض العلماء فى هذه الامة فرقة مختلفة تبغض العلماء وتعادى الفقهاء ولم يكن ذلك فيمن تقدم قبلنا من الأمم بل كانوا منقادين لهم محبين كما وصفهم الله تعالى فى كتابه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والفقيه إذا كان مبغوضا بين الناس فما ظنك بالعالم بالله ألا تراهم إذا وجدوا الرجل كاملا فى العلوم الظاهرة والباطنة متفردا فى فنه متميزا من جنسه متفوقا على اقرانه فمن قائل فى حقه انه زنديق ومن قائل انه مبتدع وقلما تسمع من يقول انه صديق فانظر الى غيرة الله تعالى كيف ستره عن الأغيار وأخفى سره عن الأشرار: قال الحافظ
معشوق عيان ميگذرد بر تو وليكن
…
اغيار همى بيند از آن بسته نقابست
قال رويم من المشايخ الكرام لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا فاذا اصطلحوا هلكوا وذلك لانه لو قبل بعضهم بعضا لبقى بعضهم مع بعض وسكن بعضهم الى بعض والسكون الى غير الله تعالى عند الخواص من قبيل عبادة الأصنام عند العوام وهذا التبري بين الصوفية المحققين ليس كالتبرى بين اليهود والنصارى لان تبريهم فى الحق للحق وتبرى هؤلاء فى الباطل للباطل والحاصل ان من الاختلاف ما كان مذموما وما كان ممدوحا فالمذموم هو ما كان فى العقائد واصول
الدين والممدوح هو ما كان فى الأعمال وفروع الدين كما قال عليه السلام (اختلاف الأئمة رحمة) وعن على كرم الله وجهه قال له يهودى ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقال انما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا آلها كما لهم آلهة وهذا من الاجوبة المسكتة والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وَيَقُولُونَ اى كفار مكة لَوْلا للتحضيض مثل هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ على محمد عليه الصلاة والسلام آيَةٌ معجزة مِنْ رَبِّهِ كانوا يقولون ان القرآن يمكن معارضته كما دل عليه قولهم لو تشاء لقلنا مثل هذا ويقترحون أشياء اخر سوى القرآن لتكون معجزة مثل اليد والعصا وتفجير الأنهار وغيرها
گفت اگر آسان نمايد اين بتو
…
اينچنين يك سوره گو اى سخت رو
فَقُلْ لهم فى الجواب إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ اللام للاختصاص العلمي دون التكويني فان الغيب والشهادة فى ذلك الاختصاص سيان. والمعنى ان ما اقترحتموه وزعمتم انه من لوازم النبوة وعلقتم عليه ايمانكم من الغيوب المختصة بالله سبحانه لا وقوف لى عليه ولو علم الصلاح فى زيادة الآيات لا نزل وفى التأويلات النجمية الغيب هو عالم الملكوت الذي ينزل منه الآيات ويظهر منه المعجزات بانزال الله تعالى وإظهاره فهو لله وبحكمه ينزل الآيات منه متى شاء كما شاء فَانْتَظِرُوا لنزول ما اقترحتموه إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لما يفعل الله بكم بجحودكم ما نزل علىّ من الآيات العظام واقتراحكم غيره وقد امهلهم الله سبحانه ليأخذ الظالم منهم أخذ عزيز مقتدر وقد يعجل عقوبة من يشاء [آورده اند كه سپهسالارى بود ظالم وبا اتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خداوند خانه گفت من منشورى دارم بخانه من فرود ميا گفت منشورى بنماى شيخ در خانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودر پيش بياورد وباز كرد اين آيت بر آمد كه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها سپهسالار گفت من پنداشتم كه منشور امير دارى بدان التفات نكرد ودر خانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بگرفت وهلاك شد] وفيه اشارة الى ان حضرة القرآن ليس كسائر الآيات فمن رده واستحقره فقد تعرض لسخط الله تعالى أشد التعرض كما ان من قبله وعظمه صورة بالرفع والمس على الطهارة ونحو ذلك ومعنى بالعمل بما فيه والتخلق بأخلاقه نال من الله كل ما يتمناه- حكى- ان عثمان الغازي جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من أسخياء زمانه يبذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته ونغصوا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاج بكتاش او غيره من الرجال فنزل بيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الأدب ان نقعد عند كلام الله تعالى فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل قائما الى الصبح فلما أصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل وقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط برأسها منديلا وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل أول غزوته بلاجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ثم بعد ارتحاله صار ولده
اورخان سلطانا ففتح هو بروسة المحروسة بالعون الإلهي فمن ذلك الوقت الى هذا الآن الدولة العثمانية على الازدياد بسبب تعظيمه كتاب الله وكلامه القديم كذا فى الواقعات المحمودية فليلازم العاقل تعظيم القرآن العظيم ليزداد جاهه ورتبته وليحذر من تحقيره لئلا ينتقص شأنه وهيبته ألا ترى ان السلطان محمد الرابع وأعوانه لما رفضوا العمل بالقرآن وأخذوا بالظلم والعدوان سلط الله عليهم وعلى الناس بسببهم القحط والخوف فخرج من أيديهم اكثر القلاع المعمورية الرومية واستولى الكفار الى ان طمعوا فى القسطنطينية واشتد الخوف الى ان قال الناس اين المفرّ وكل ذلك وقع من القرناء السوء فانهم كانوا يحثون السلطان على الجريان بخلاف الشرع
اى فغان از يار ناجنس اى فغان
…
همنشين نيك جوييد اى مهان «1»
اى بسا مهتر بچهـ از شور وشر
…
شد ز فعل زشت خود ننگ پدر «2»
اللهم اجعلنا من المعتبرين واجعلنا من المتبصرين وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ اى اهل مكة رَحْمَةً صحة وسعة مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ كقحط ومرض مَسَّتْهُمْ أصابتهم وخالطتهم حتى أحسوا بسوء اثرها فيهم واسناد المساس الى الضراء بعد اسناد الاذاقة الى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما فى قوله تعالى وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ونظائره وإذا للشرط وجوابه قوله إِذا للمفاجأة لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا اى فاجأوا فى وقت اذاقة الرحمة وقوع المكر منهم بالطعن فى الآيات والاحتيال فى دفعها وسارعوا اليه قبل ان ينفضوا عن رؤسهم غبار الضراء قيل قحط اهل مكة سبع سنين حتى كادوا يهلكون ثم رحمهم الله وانزل الغيث على أراضيهم فطفقوا يقدحون فى آيات الله ويكيدون رسوله قال مقاتل لا يقولون هذا رزق الله وانما يقولون سقينا بنوء كذا وكانت العرب نضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط من الأنواء جمع نوء وهى ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة فى منزل منها ويسقط فى المغرب نجم واحد من تلك المنازل الثمانية والعشرين فى كل ثلاثة عشر يوما مع طلوع الفجر ويطلع رقيبه من المشرق فى ساعته فى مقابلة ذلك الساقط وهذا فى غير الجبهة فان لها اربعة عشر يوما فينقضى الجميع بانقضاء السنة اى مع انقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما لان ثلاثة عشر فى ثمانى وعشرين مرة تبلغ هذا القدر من العدد وانما سمى النجم نوأ لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب فالطالع بالمشرق ينوء اى ينهض ويطلع فلما أنجاهم الله من القحط لبسوا الأمر على اتباعهم وأضافوا ذلك المطر الى الأنواء لا الى الله لئلا يشكروا الله ولا يؤمنوا بآياته فقيل هذا هو المراد بمكرهم فى آيات الله ومن لا يرى الأمطار إلا من الأنواء كان كافرا بخلاف من يرى انها بخلق الله والأنواء وسائط وامارات بجعله تعالى كما قال فى الروضة المؤثر هو الله تعالى والكواكب اسباب عادية: قال الحافظ
گر رنج پيشت آيد وگر راحت اى حكيم
…
نسبت مكن بغير كه اينها خدا كند
قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً اى اعجل عقوبة اى عقابه اسرع وصولا إليكم مما يأتى منكم فى دفع الحق وتسمية العقوبة بالمكر لوقوعها فى مقابلة مكرهم وجودا فيكون من باب تسمية الشيء باسم سببه او ذكرا فيكون من باب المشاكلة- روى- عن مقاتل انه تعالى قتلهم يوم بدر
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان رجوع بقصه موش وجغز إلخ
(2)
در أوائل دفتر ششم در بيان حكايت غلام هندو كه بخواجه زاده خود إلخ
وجازى مكرهم فى آياته بعقاب ذلك اليوم فكان اسرع فى إهلاكهم من كيدهم فى إهلاكه عليه السلام وابطال آياته والمكر إخفاء الكيد وارادة الله خفية عليهم وإرادتهم ظاهرة
توكل على الرحمن واحتمل الردى
…
ولا تخش مما قد يكيد بك العدى
إِنَّ رُسُلَنا الذين يحفظون أعمالكم وهم الكرام الكاتبون وفيه التفاوت إذ لو جرى على اسلوب قوله قُلِ اللَّهُ لقيل ان رسله يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى مكركم او ما تمكرونه وهو تحقيق للانتقام وتنبيه على ان ما دبروا إخفاءه لم يخف على الحفظة فضلا عن ان يخفى على الله وفيه تصريح بان للكفار حفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه أي شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال ان الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما فى البستان واختلفوا فى عددهم فقال عبد الله بن المبارك هم خمسة اثنان بالنهار واثنان بالليل وواحد لا يفارقه ليلا ولا نهارا فثبت بهذا ان افعال الناس وأقوالهم سواء كانوا مؤمنين او كافرين مضبوطة مكتوبة للالزام عليهم يوم القيامة وان المكر والحيلة لا مدخل له فى تخليص الإنسان من مكروه بل قد قالوا إذا أدبر الأمر كان العطب فى الحيلة فمن ظن نجاته فى المكر كان كثعلب ظن نجاته فى تحريك ذنبه وانما المنجى هو القدم وهو هاهنا العمل الصالح بعد الايمان الكامل والعاقل يتدارك حاله قبل وقوع القضاء [علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد] قال زياد وليس العاقل الذي يحتال للامر إذا وقع فيه ولكن العاقل الذي يحتال للامور حذرا ان يقع فيها: قال السعدي قدس سره
تو پيش از عقوبت در عفو كوب
…
كه سودى ندارد فغان زير چوب
كنون كرد بايد عمل را حساب
…
نه روزى كه منشور گردد كتاب
والاشارة فى الآية وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً اى اذقناهم ذوق توبة او انابة او صدق طلب او وصول الى بعض المقامات او ذوق كشف وشهود مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ وهو الفسق والفجور والأخلاق الذميمة وحجب أوصاف البشرية وصفات الروحانية إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا باظهارها مع غير أهلها للشرف بين الناس وطلب الجاه والقبول عند الخلق واستتباعهم والرياسة عليهم وجذب المنافع منهم قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً اى اسرع فى إيصال مجازاة مكرهم إليهم باستدراجهم من تلك المقامات والمكرمات الى دركات العبد وتراكم الحجب من حيث لا يعلمون إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى غير خاف علينا قدر مراتب مكرهم فنجازيهم على حسب ما يمكرون كما فى التأويلات النجمية وقد رؤى من اهل هذه الطريقة كثير ممن مشى على الماء والهواء وطويت له الأرض ثم رد الى حاله الاولى وقد يمشى المستدرج على الماء والهواء وتزوى له الأرض وليس عند الله بمكان لانه ليست عنده هذه المراتب نتائج مقامات محمودة وانما هى نتائج مقامات مذمومة قامت به ارادة الحق سبحانه ان يمكر به فى ذلك الفعل الخارق للعادة وجعله فتنة عليه وتخيل انه انما أوصله إليها ذلك الفعل الذي هو معصية شرعا وانه لولاه ما وقف على حقيقة ما اتفق له هذا وغفل المسكين عن موازنة نفسه بالشريعة نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فيستمر على ذلك الفعل كذا فى مواقع النجوم: قال الحافظ قدس سره
زاهد ايمن مشو از بازئ غيرت زنهار
…
كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست
وقل من تخلص من العقبات ألا ترى ان الواصل قليل بالنسبة الى المنقطع ولا بد فى قطعها من مرشد كامل ومؤدب حاذق: وفى المثنوى
در پناه شير كم نايد كباب
…
روبها تو سوى جيفه كم شتاب [1]
چون گرفتى پيرهن تسليم شو
…
همچوموسى زير حكم خضر رو [2]
هُوَ اى الله تعالى الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ من التسيير والتضعيف فيه للتعدية يقال سار الرجل وسيرته انا وهو بالفارسية [برفتن آوردن] والمعنى [مى راند وقدرت مى دهد در قطع مسافت شما را] فِي الْبَرِّ على الاقدام وظهر الدواب من الخيل والبغال والحمير والإبل وَالْبَحْرِ على السفن الكبيرة والصغيرة المعبر عنهما بالفارسية [كشتى وزورق] وفيه اشارة الى ان المسير فى الحقيقة هو الله تعالى لا الريح فان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى ومن عرف ذلك وقطع الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها تحقق بحقائق توحيد الافعال والا بقي فى الشرك الخفي: قال السعدي قدس سره
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد
…
وگر ناخدا جامه بر تن درد
: وقال الحافظ قدس سره
من از بيگانگان ديگر ننالم
…
كه با من هر چهـ كرد آن آشنا كرد
حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ غاية لقوله يسيركم فى البحر فان قيل غاية الشيء تكون بعده والحال ان السير فى البحر يكون بعد الكون فى الفلك قلنا ليس الغاية مجرد الكون فى الفلك بل هى الكون فى الفلك مع ما عطف عليه من قوله وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها فان هذا المجموع بعد السير فى البحر وَجَرَيْنَ اى الفلك لانه جمع مكسر بمعنى السفن وتغييره تقديرى بناء على ان ضمته كضمة اسد جمع اسد وضمة مفرده كضمة قفل بِهِمْ اى بالذين فيها والالتفات فى بهم للمبالغة فى التقبيح والإنكار عليهم كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويحملهم على الإنكار والتقبيح بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ لينة الهبوب موافقة لمقصدهم وَفَرِحُوا بِها بتلك الريح لطيبها وموافقتها جاءَتْها اى تلقت الريح الطيبة واستولت عليها من طرف مخالف لها فان الهبوب على وفقها لا يسمى مجيئا لريح اخرى عادة بل هو اشتداد للريح الاولى رِيحٌ عاصِفٌ يقال عصفت الريح اى اشتدت فهى ريح عاصف اى شديدة الهبوب ولم يقل عاصفة لاختصاص الريح بالعصوف فلا حاجة الى الفارق وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ وهو ما ارتفع من الماء مِنْ كُلِّ مَكانٍ اى من امكنة مجيئ الموج عادة ولا بعد فى مجيئه من جميع الجوانب ايضا إذ لا يجب ان يكون مجيئه من جهة هبوب الريح فقط بل قد يكون من غيرها بحسب اسباب تتفق واليه مال الكاشفى حيث قال: يعنى [از چپ وراست و پيش و پس] وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ اى هلكوا فان ذلك فى الهلاك وأصله احاطة العدو بالحي دَعَوُا اللَّهَ بدل من ظنوا بدل اشتمال لان دعاءهم ملا بس لظنهم الهلاك ملابسة الملزوم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
من غير ان يشركوا به شيأ من آلهتهم فان اخلاص الدين والطاعة له تعالى عبارة عن ترك الشرك وهذا الإخلاص ليس مبنيا على الايمان بل جار مجرى الايمان الاضطراري وقيل المراد بذلك الدعاء قولهم اهيا شراهيا فان تفسيره يا حى يا قيوم وهذان الاسمان من أوراد البحر كما سبق فى تفسير آية الكرسي لَئِنْ أَنْجَيْتَنا اللام موطئة للقسم على ارادة القول اى دعوا حال كونهم قائلين والله لئن أنجيتنا مِنْ هذِهِ الورطة لَنَكُونَنَّ البتة بعد ذلك ابدا مِنَ الشَّاكِرِينَ لنعمك التي من جملتها هذه النعمة المسئولة وهى نعمة الانجاء وذلك باتباع أوامرك والاجتناب عن مساخطك لا نكفر نعمتك بعبادة غيرك فَلَمَّا أَنْجاهُمْ مما غشيهم من الكربة اجابة لدعائهم والفاء للدلالة على سرعة الاجابة إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ اى فاجأوا الفساد فيها وسارعوا الى ما كانوا عليه من التكذيب والشرك والجراءة على الله تعالى وزيادة فى الأرض للدلالة على شمول بغيهم لاقطارها بِغَيْرِ الْحَقِّ اى حال كونهم ملتبسين بغير الحق قال الكاشفى [تأكيدست يعنى فساد ايشان بغير حق است هم باعتقاد ايشان چهـ ميدانند كه در ان عمل مبطلند] فيكون كما فى قوله تعالى وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقد سبق فى سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ الباغون إِنَّما بَغْيُكُمْ الذي تتعاطونه وهو مبتدأ خبره قوله تعالى عَلى أَنْفُسِكُمْ اى وباله راجع عليكم وجزاؤه لا حق بكم لا على الذين تبغون عليهم وان ظن كذلك مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا نصب على انه مصدر مؤكد لفعل مقدر بطريق الاستئناف اى تتمتعون متاع الحياة الدنيا أياما قلائل فتفنى الحياة وما يتبعها من اللذات وتبقى العقوبات على اصحاب السيئات هر كه او بد ميكند بى شبهه با خود ميكند ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فى يوم القيامة لا الى غيرنا فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا على الاستمرار من البغي وهو وعيد بالجزاء كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم وفى الآية الكريمة إشارات. منها ان الفلك نعمة من الله تعالى إذ قد يحتاج الناس الى عبور البحر به ولذا امتن الله عليهم بالتسيير فى البحر قال فى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء كذا قاله الجمهور وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال انتهى وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يرفعه الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا تركب البحر الا حاجا او معتمرا او غازيا فى سبيل الله فان تحت البحر نار او تحت النار بحرا) قوله فان تحت البحر نارا اشارة الى ان راكبه متعرض للآفات المهلكة كالنار. وقوله وتحت النار بحرا أراد به تهويل امر البحر وخوف الهلاك منه كما يخاف من ملامسة النار وان اختيار ذلك لغرض من الأغراض الفانية سفه وجهل لان فيه تلف النفس وبذل النفس لا يجمل الا فيما يقرب العبد الى الله وهذا الحديث يدل على وجوب ركوب البحر للحج والجهاد إذا لم يجد طريقا آخر ومن ركب البحر وأصابه نصب ومشقة كدوران الرأس وغثيان المعدة وغير ذلك فله اجر شهيد ان كان يمشى الى طاعة الله كالغزو والحج وطلب العلم
وزيارة الأقارب واما التجار فان لم يكن طريق سوى البحر وكانوا يتجرون للقوت لا لجمع المال فهم داخلون فى هذا الاجر. والغريق له اجر شهدين. أحدهما لقصد ما فيه طاعة. وثانيهما للاغراق وفى الحديث (حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج وغزوة فى البحر خير من عشر غزوات فى البر ومن فاته الغزو معى فليغز فى البحر) يقول الفقير واما الصوم فعلى عكس ذلك والله اعلم لان الصوم فى البحر سهل حيث لا يشتهى الطبع الطعام لاجل الدوران والغثيان بخلافه فى البر وقوة الاجر بكثرة التعب وكذا الغزو فى البر سهل بالنسبة الى البحر لسعة الأرض وإمكان التحفظ من العدو وقوة المزاج ولم يكن ذلك فى البحر قيل لبحار ما اعجب ما رأيت من عجائب البحر قال سلامتى منه ونعم ما قيل بدريا در منافع بي شمارست اگر خواهى سلامت در كنارست: قال
السعدي قدس سره سود دريا نيك بودى گر نبودى بيم موج صحبت كل خوش بدى گر نيستى تشويش خار- لطيفة- ركب نحوى سفينة فقال للملاح أتعرف النحو قال لا قال ذهب نصف عمرك فهاجت الريح واضطربت السفينة فقال الملاح أتعرف السباحة قال لا قال ذهب كل عمرك: وفى المثنوى محو مى بايد نه نحو اينجا بدان گر تو محوى بى خطر در آب ران آب دريا مرده را بر سر نهد ور بود زنده ز دريا كى رهد چون بمردى تو ز أوصاف بشر بحر اسرارت نهد بر فرق سر اى كه خلقان را تو خر مى خوانده اين زمان چون خر برين يخ مانده ومنها ان البغي والفساد والتعصب والعناد وكفران نعمة رب العباد انما هو من نسيان العهد مع الله ذى الامداد ونتيجة النسيان والإصرار على الآثام المؤاخذة والانتقام وفى الحديث (ثنتان يعجلهما الله فى الدنيا البغي وعقوق الوالدين) وفى الحديث (لا تمكر ولا تغن ما كرا ولا تبغ ولا تعن باغيا ولا تنكث ولا تعن ناكثا) فالبغاة من القضاة والولاة لا يجوز اعانتهم فى امر من الأمور الا فى اجراء الاحكام الشرعية فقد ورد (من أعان ظالما سلطه الله عليه) وفى الحديث (ما من عبد ولاه الله امر رعيته فغشهم ولم ينصح لهم ولم يشفق عليهم الا حرم الله عليه الجنة) : قال السعدي قدس سره رعيت چوبيخند سلطان درخت درخت اى پسر باشد از بيخ سخت مكن تا توانى دل خلق ريش وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش گر انصاف پرسى بداختر كسست كه در راحتش رنج ديگر كسست نماند ستمكار بد روزگار بماند برو لعنت پايدار ومنها ان لكل عمل صورة حقيقية بها يظهر فى النشأة الآخرة فان كان خيرا فعلى صورة حسنة وان كان شرا فعلى صورة قبيحة وهذه الصور المختلفة برزت فى هذه النشأة على خلاف ما هى عليه فى الآخرة ولذا استحسن العصاة المعاصي واستحلوها وان كانت سموما قاتلة واستكرهوا الطاعات ووجدوها مرة المذاق وان كانت معاجين نافعة فالبغى برز فى هذه الدار بصورة
مشتهاة عند البغاة لتمتعهم به من حيث أخذ المال والتشفي من الأعداء ونحو ذلك وسينبئهم الله بأعمالهم اى يظهر هالهم على صورها الحقيقية فيرون ان الأمر على خلاف ما ظنوا إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى حالها العجيبة وسميت الحال العجيبة مثلا تشبيها لها بالمثل السائر فى الغرابة كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ اى اختلط بسبب المطر نبات الأرض واشتبك بعضه فى بعض وكثف مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ حال من النبات اى كائنا مما يأكل الناس من الزروع والبقول وَالْأَنْعامُ من الحشيش حَتَّى غاية للاختلاط باعتبار الجزاء الذي هو إتيان الأمر الإلهي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها زينتها وحسنها وَازَّيَّنَتْ بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها فالارض استعارة بالكناية حيث شبهت بالعروس واثبت لها ما يلائم العروس وهو أخذ الزينة وهو قرينة الاستعارة بالكناية. وقوله وازينت ترشيح وأصله تزينت فادغمت التاء فى الزاى فاجتلبت همزة الوصل لضرورة تسكين الزاى عند الإدغام وَظَنَّ أَهْلُها اى اهل تلك الأرض أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها متمكنون من حصدها ورفع غلتها أَتاها أَمْرُنا جواب إذا قال الكاشفى [ناگاه آمد بدان زمين عذاب ما يعنى فرمان ما بخرابى آن زمين در رسيد] لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها اى زروع تلك الأرض وسائر ما عليها فالمضاف محذوف للمبالغة حَصِيداً شبيها بما حصد من أصله كَأَنْ لَمْ تَغْنَ زروعها اى لم تنبت بِالْأَمْسِ وهو مثل فى الزمان القريب وليس المراد أمس يومه كأنه قيل لم تغن آنفا ويقال للشئ إذا فنى كان لم يغن بالأمس اى كأن لم يكن وهو من باب علم يقال غنى بالمكان إذا اقام به والجملة حال من مفعول جعلناها كَذلِكَ الكاف صفة مصدر محذوف اى مثل ذلك التفصيل البديع نُفَصِّلُ الْآياتِ القرآنية التي من جملتها هذه الآيات المنبهة على احوال الحياة الدنيا اى نوضحها ونبينها لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى تضاعيفها ويقفون على معانيها وتخصيص تفصيلها بهم لانهم المنتفعون بها واعلم ان التشبيه الواقع فى هذه الآية تشبيه مركب وان دخل الكاف على المفرد وهو الماء لانه شبهت الهيئة المنتزعة من اجتماع الحياة وبهائها وسرعة انقضائها بعد اغترار الناس بها بالهيئة المنتزعة من اجتماع خضرة الأرض ونضارتها وانعدامها عقيبها بآفة سماوية ومشيئة آلهية
بنگر بآنكه روى زمين فصل نوبهار
…
مانند نقش خامه ما نى مزينست
وقت خزان ببرك رياحين چوبنگرى
…
منصف شوى كه لائق بر باد دادنست
وقال بعضهم مثلت الحياة الدنيا بالماء لان الماء يتغير بالمكث فكذا المال بالإمساك اى يصير مذموما عند البخل: كما قال فى المثنوى
مال چون آبست وتا باشد روال
…
فيضها يابند از واهل جهان
چند روزى چون كند يكجا درنگ
…
كنده وبيحاصلست وتيره رنگ
يقول الفقير من البخل ايضا حبس الكتب ممن يطلبها للانتفاع بها لا سيما مع عدم التعدد لنسخها الذي هو أعظم اسباب المنع والوعيد المذكور فى قوله عليه السلام (من كتم علما يعلمه
الجم يوم القيامة بلجام من نار يشمل ما ذكرنا كما فى المقاصد الحسنة. وقد رأينا فى زماننا من يمنع الكتب عن المستحقين ويحبس بعض الثياب فى الصندوق الى ان يبلى ويفنى لا يلبس ولا يبيع ولا يهب ولو قلت فيه لقال انى ورثته من ابى او أمي فاحفظه تبركا فانظر الى هذا الجهل الذي لا يغنى عنه شيأ وقال بعضهم فى وجه المماثلة المطر إذا نزل بقدر الحاجة نفع وإذا جاوز حد الاعتدال ضر فكذا المال إذا كان قدر ما يندفع به الضرورة ويحصل به مقاصد الدين والدنيا كان نافعا وإذا كان زائدا على قدر الحاجة صار موجبا لارتكاب المعاصي ووسيلة للتفاخر على الأداني والأقاصي قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى
توانگرى كشدت سوى عجب ونخوت وناز
…
خوشست فقر كه دارد هزار سوز ونياز
وقال بعضهم [چون باران بنهال گل رسد لطافت وطراوت او بيفزايد و چون بخار بن گذرد حدت وشوكت او زيادت كند مال دنيا نيز چون بمصلح رسد صلاح او بيفزايد](كما فى الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح)[واگر بدست مفسد افتد مايه فساد وعناد او روى بازدياد نهد] كما ان العلم النافع سيف قاطع لصاحبه فى قتل الهوى والعلم الغير النافع سبب لقطع طريق صاحبه عن الحق فما احسن الاول وما أقبح الثاني وقال بعضهم [چون آب باران بزمين رسد قرار نگيرد وبلكه باطراف وجوانب روان گردد مال دنيا نيز يكجا قرار نگيرد بلكه هر روز در دست ديگرى باشد وهر شب با يكى عقد مواصلت بندد نه عهد او را وفايى ونه وفاى او را بقائي]
كنج أمان نيست درين خاكدان
…
مغز وفا نيست درين استخوان
كهنه سراييست بصد جا كرو
…
كهنه واندر كرو نوبنو
وسئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الدنيا فقال (دنياك ما يشغلك عن ربك) أقول ان الدنيا كالامّ تربى الناس كالاولاد فمن اشتغل بالأم كالطفل عن المعلم بقي جاهلا وصار كأنه اتخذها صنما لنفسه يعبده ومن اشتغل بالمعلم عن الام صار عالما وتخلص من عبادة الهوى ووصل الى المقصود. فذم الدنيا انما هو بحسب اشتغاله عن الله تعالى لا بحسب نفسها. قيل حد الدنيا من القاف الى القاف وقال اهل التحقيق حدها فى الحقيقة من مقعر الكرسي الى تحت الثرى فما يتعلق بعالم الكون والفساد فمن حد الدنيا فالسموات والأرضون وما فيهما من عالم الكون والفساد يدخل فى حد الدنيا واما العرش والكرسي وما يتعلق بهما من الأعمال الصالحة والأرواح الطيبة والجنة وما فيها فمن حد الآخرة عصمنا الله وإياكم من التعلق بغيره أيا كان وشرفنا بالتجرد التام عن عالم الإمكان وَاللَّهُ اسم للذات الاحدية جامع لجميع الأسماء والصفات ومن ثمه توسل به بعضهم الى دخول عالم الحقيقة وقال رجل للشبلى قدس سره لم تقول الله ولا تقول لا اله الا الله فقال أخشى ان أوخذ فى وحشة الجحد يَدْعُوا الناس جميعا على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى ألسنة ورثته الكمل الذين اتبعوه قولا وفعلا وحالا من الدار التي أولها البكاء وأوسطها العناء وآخرها الفناء إِلى دارِ السَّلامِ اى الى دار السلامة من كل مكروه وآفة وهى الجنة أولها العطاء وأوسطها الرضاء وآخرها
اللقاء- حكى- ان بعض ملوك الأمم السالفة بنى مدينة وتأنق وتغالى فى حسنها وزينتها ثم صنع طعاما ودعا الناس اليه واجلس أناسا على ابوابها يسألون كل من خرج هل رأيتم عيبا فيقولون لا حتى جاء أناس فى آخر الناس عليهم اكسية فسألوهم هل رأيتم عيبا فقالوا عيبين اثنين فحبسوهم ودخلوا على الملك فاخبروه بما قالوا فقال ما كنت ارضى بعيب واحد فائتونى بهم فادخلوهم عليه فسألهم عن العيبين ما هما فقالوا تخرب ويموت صاحبها فقال أفتعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها قالوا نعم فذكروا له الجنة ونعيمها وشوقوه إليها وذكروا النار وعذابها وخوفوه منها ودعوه الى عبادة الله تعالى فاجابهم الى ذلك وخرج من ملكه هاربا تائبا الى الله تعالى
والله يدعو آمده آزادى زندانيان
…
زندانيان غمگين شده گويى بزندان ميكشى
شاهان سفيهانرا همه در بند زندان ميكشند
…
تو از چهـ از زندان شان سوى گلستان ميكشى
وفى الحديث (ما من يوم تطلع فيه الشمس الا وبجنبيها ملكان يناديان بحيث يسمع كل الخلق الا الثقلين ايها الناس هلموا الى ربكم والله يدعو الى دار السلام) والمقصود الى العمل المؤدى الى دخول الجنة ولذا قال بعض المشايخ أوجب الله عليك وجود طاعته فى ظاهر الأمر وما أوجب عليك بالحقيقة إلا دخول جنته إذ الأمر آيل إليها والأسباب عدمية وانما احتاجوا الى الدعوة والإيجاب إذ ليس فى أكثرهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة بخلاف اهل المروءة والمحبة والوفاء فانه لو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية وراعوا ما يجب ان يراعى من حرمة الربوبية ويجوز ان يكون المعنى الى دار الله تعالى فان السلام اسم من أسمائه سبحانه والاضافة للتشريف كبيت الله ومعنى السلام فى حقه تعالى انه سلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وأفعاله من الشر وفى حق العبد انه سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلم من الآثام والمحظورات جوارحه ولن يوصف بالسلام والإسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده. او المعنى الى دار يسلم الله تعالى والملائكة على من يدخلها او يسلم بعضهم على بعضهم يقول الفقير دار السلام اشارة الى دار القلب السليم الذي سلم من التعلق بغير الله تعالى ومن دخلها كان آمنا من التكدر مطلقا بشئ من الأمور المكروهة صورة وصارت النار عليه نورا وقد قيل جنة معجلة وهى جنة المعارف والعلوم وجنة مؤجلة وهى الموعودة فى دار القرار والجنة مطلقا دار السلامة لاولياء الله تعالى وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته منهم إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل إليها وهو الإسلام والتزود بالتقوى عم بالدعوة لاظهار الحجة وخص بالهداية لاستغنائه عن الخلق وهذا العموم والخصوص فى سماع الدعوة وقبولها بالنسبة الى من كان له سمع كالعموم والخصوص فى رؤية المسك وشمه بالاضافة الى من كان له بصر فرب رائى مزكوم ليس له الا الرؤية وكذا رب سامع ليس له من القبول شىء فمن تعلقت بهدايته ارادة الحق تعالى يسرت أسبابه وطوى له الطريق وحمل على الجادة فالداعى اولا وبالذات هو الله تعالى وثانيا وبالعرض هو الأنبياء ومن اتبعهم على الحق اتباعا كاملا والمدعو هو الناس والمدعو اليه هو الجنة وكذا الهادي
هو الله والمهدى بالهداية الخاصة هو الخواص والمهدى اليه هو الصراط المستقيم ومشيئته تعالى إرادته وهى صفة قديمة اتصفت بها ذاته تعالى كعلمه وقدرته وكلامه وسائر صفاته ويسمى متعلقها المراد المعبر عنه بالعناية فمن سأل بلسان الاستعداد كونه مظهرا للجلال امسك فى هذه النشأة عن اجابة الدعوة ومن سأل كونه مظهرا للجمال اسرع للاجابة والله تعالى يعطى كل شىء ما يستعده وهذه المشيئة والسؤال لا بد فى توفيقهما من قوة الحال: قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى
…
چنانكه پرورشم مى دهند مى رويم
واعلم ان قبول الدعوة لا بد فيه من علامة وهى التزهد فى الدنيا والسلوك الى طريق الفردوس الأعلى والتوجه الى الحضرة العليا ألا ترى الى ابن أدهم خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا أو أرنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي وهى من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست
…
هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
والانتباه الصوري اى من المنام مثال للانتباه القلبي اى من الغفلة فالقاعدون فى مقامات طبائعهم ونفوسهم كمن بقي فى النوم ابدا واليه الاشارة بقوله تعالى فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ والسالكون هم المنتبهون من رقدة هذه الغفلة واليه الاشارة بقوله تعالى وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو اللائح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال قال فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ يدعو الله ازلا وابدا عباده الى دار السلام وهى العدم صورة ظاهرا وعلم الله وصفته معنى وحقيقة
وانما سمى العدم والعلم دار السلام لان العدم كان دارا قد سلم المعدوم فيها من آفة الاثنينية والشركة مع الله فى الوجود وهى دار الوحدانية وايضا لان السلام هو الله تبارك وتعالى والعلم صفته القائمة بذاته فالله تعالى بفضله وكرمه يدعو عباده ازلا من العدم الى الوجود ومن العلم وهو الصفة الى الفعل وهو الخلق ويدعوهم ابدا من الوجود الى العدم ومن الفعل الى العلم يدعوهم الى الوجود بالنفخة وهى قوله تعالى وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ويدعوهم من الوجود الى العدم والعلم بالجذبة وهى قوله تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ ولمادعى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالجذبة الى علم الله الأزلي الابدى قال (قد علمت ما كان وما سيكون) وذلك لانه صار عالما بعلم الله تعالى لا بعلم نفسه وهو سر قوله تعالى عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
وانما علمه ذلك حين قال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى فاعلم بعلم الله الذي دعيت بالجذبة اليه ان لا اله فى الوجود الا الله فان العلم الإلهي محيط بالوجود كله قال قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً فانت بعلمه محيط بالوجود كله فتعلم حقيقة ان ليس فى الوجود اله غير الله انتهى يقول الفقير المتلقف من فم حضرة الشيخ سلمه الله تعالى ان الانتباه الصوري اشارة الى يقظة القلب ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الإلهي فحاله من الانتباه الى هنا اشارة الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت والدخول فى عالم
الملكوت ثم الانتقال الى الركوع اشارة الى عبوره من عالم الملكوت الى عالم الجبروت ثم الانتقال الى السجدة اشارة الى عبوره من عالم الجبروت والوصول الى عالم اللاهوت وهو مقام الفناء الكلى وعند ذلك يحصل الصعود الى وطنه الأصلي العلوي فالانتقالات تصعد فى صورة التنزل ثم القيام من السجدة اشارة الى حالة البقاء فانه رجوع الى القهقرى وفيه تنزل فى صورة التصعد والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الصفات اى الذات الواحدية والسجدة مقام أو أدنى وهو مقام الذات الاحدية ومن هذا التفصيل عرفت ما فى التأويلات من الصعود والهبوط مرة بالدعوة من العلم الى الوجود ومرة بالدعوة من الوجود الى العلم فاذا لم يقطع السالك عقبات العروج والنزول فهو ناقص وفى برزخ بالنسبة الى من قطعها كلها وتلك العقبات هى تعينات الأجسام والأرواح والعلم والعين على حسب تفصيل المراتب فيها فانظر الى قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تجد الاشارة الى ان الهوية الذاتية لا يمسها الا المطهرون من دنس تعلق كل تعين روحانيا كان او جسمانيا والله المعين قال فى التأويلات وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فلما جعل الله دعوة الخلق من العلم الى الفعل ومن الوجود الى العدم والعلم عامة جعل الهداية بالمشيئة الى العلم وهى الصراط المستقيم خاصة يعنى هو يهديهم بالجذبة الكاملة الى علمه القديم بمشيئته الازلية خاصة وهذا مقام السير فى الله بالله انتهى كلامه لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا أعمالهم اى عملوها على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله (ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) يقول الفقير العبادة على وجه رؤية الله تعالى وشهوده والحضور معه لا تكون إلا بعد غيبوبة الغير عن القلب وارتفاع ملاحظته جدا فيأول المعنى الى قولنا للذين أخلصوا أعمالهم عن الرياء وقلوبهم عن غير الله تعالى الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى فى اللغة تأنيث الأحسن والعرب تطلق هذا اللفظ على الخصلة المرغوب فيها وَزِيادَةٌ اى وما يزيد على تلك المثوبة تفضلا لقوله تعالى وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ فالمثوبة ما أعطاه الله فى مقابلة الأعمال والزيادة ما أعطاه الله لا فى مقابلتها والكل فضل عندنا وقيل الحسنى مثل حسناتهم والزيادة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف واكثر جمهور المحققين على ان الحسنى الجنة والزيادة اللقاء والنظر الى وجه الله الكريم وفى الحديث (إذا دخل اهل الجنة الجنة يقول الله تعالى تريدون شيأ أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف لهم الحجاب فما اعطوا شيأ أحب إليهم من النظر الى ربهم ثم تلاهذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) رواه مسلم والترمذي والنسائي فان قيل لم سمى الله الرؤية زيادة والجنة الحسنى والنظر الى وجهه اكبر من الجنة والزيادة فى الدنيا تكون اقل من رأس المال قيل المراد بالزيادة فى الآية الزيادة الموعودة والموعودة الجنة فالزيادة هاهنا ليست من جنس المزيد عليه وهى الجنة ودرجاتها فالزيادة من العزيز الأكبر اكبر وأعز كما ان الرضوان من الكريم الأجود اكبر وأجل وفى الخبر (ان اهل الجنة إذا رأوا الحق نسوا نعيم الجنة) وهذه الرؤية بعين الرأس واما فى الدنيا فبعين العين لغير نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق عند قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ الآية وانما تحصل بارتفاع الموانع وهى حجب التعينات جسمانية او روحانية: قال الحافظ
جمال يار ندارد نقاب و پرده ولى
…
غبار ره بنشان تا نظر توانى كرد
وذلك لان الله تعالى ليس بمحجوب لانه لوحجبه شىء لستره وهو ليس فى جهة ولا مكان وانما المحجوب أنت ولو أزال الحق الحجاب عنا وشاهدناه نسينا الكون وما فيه كما ينسى اهل الجنة نعيمها عند التجلي فكان يفوت آن التعبد الشرعي ولذا لا نشاهد الحق فى دار الدنيا لانها مقام التكليف وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ اى لا يغشاها. وبالفارسية [پوشيده نكرداند رويهاى بهشتيانرا] قَتَرٌ غبرة فيها سواد والقتر أشد من الغبار وَلا ذِلَّةٌ اى اثر هوان وكسوف بال والغرض من نفى هاتين الصفتين نفى اسباب الخوف والحزن والذل عنهم ليعلم ان نعيمهم الذي ذكره الله خالص لا يشوبه شىء من المكروهات وانه لا يتطرق إليهم ما إذا حصل بغير صفحة الوجه ويزيل ما فيها من النضارة والحسن. والجملة مستأنفة لبيان امنهم من المكاره اثر بيان فوزهم بالمطالب والثاني وان اقتضى الاول الا انه ذكر اذكارا بما ينقذهم الله منه برحمته وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام ببيان ان المصون من الرهق اشرف أعضائهم أُولئِكَ [آن كروه محسنان] أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ بلا زوال دائمون بلا انتقال وفى التأويلات النجمية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ اى للذين عاملوا الله على مشاهدته فان الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه الحسنى وهى شواهد الحق والنظر اليه وزيادة والزيادة مازاد على النظر بالوصول الى العلم الأزلي مجذوبا من انانيته الى هويته بافناء الناسوتية فى اللاهوتية وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ اى لا يصيبهم غبار الحجاب وَلا ذِلَّةٌ وجود يقتضى الاثنينية أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ جنة السير فى الله هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون فى السير بجذبات العناية وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ اى ارتكبوا الشرك والمعاصي وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها والجزاء مصدر من المبنى للمفعول والباء فى بمثلها متعلقة بجزاء. والمعنى وجزاء الذين كسبوا السيئات ان يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها كما يزاد فى الحسنة قال فى الكشاف فى هذا دليل على ان المراد بالزيادة الفضل لانه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله ودل ثمة بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله انتهى يقول الفقير تبعه على هذا جمهور المفسرين ولكن تفسير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق أحق بان يتبع ويرجح ويقدم على الكل ولا مانع من ان يراد بالزيادة الفضل واللقاء فان اللقاء الذي هو أفضل الكرامات إذا حصل فلأن يحصل ما هو دونه من الفضل والتضعيف اظهر وَتَرْهَقُهُمْ [وبپوشد ايشانرا] إذا عاينوا النار ذِلَّةٌ [خوارى ورسوايى يعنى آثار مذلت بر ايشان هويدا كردد] وفى اسناد الرهق الى أنفسهم دون وجوههم إيذان بانها محيطة بهم غاشية لهم جميعا ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ اى لا يعصمهم أحد من سخطه تعالى وعذابه ولا يمنعه كَأَنَّما أُغْشِيَتْ ألبست. وبالفارسية [كوييا پوشيده شده است] وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ لفرط سوادها وظلمتها مُظْلِماً حال من الليل والعامل فيه معنى الفعل اى قطعا كائنة من الليل فى حال كونه مظلما: يعنى [سياه كردد رويهاى ايشان از غم واندوه چون شب تيره] وقطعا بفتح الطاء جمع قطعة مفعول ثان لأغشيت وقرئ
قطعا بسكون الطاء وهو مفرد اسم للشئ المقطوع فحينئذ يصح ان يكون مظلما صفة له لتطابقهما فى الافراد والتذكير أُولئِكَ [آن كروه كه كاسب سيآتند] يعنى مشركان ومنافقان أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ اعلم ان دخول الجنة برحمة الله تعالى وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالأعمال وخلودهم بالنيات. يعنى ان المؤمن لما كانت نيته فى الدنيا ان يعبد الله ابدا ما عاش وكذا الكافر لما كانت نيته عبادة الأصنام ابدا ما عاش جوزى كل أحد بتأبيد النية واصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة ما عذبهم الله شرعا نسأل الله لنا ولك وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الأعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى قال ابو العباس الأقليشي لم أجد فى مقدار بقاء العصاة فى النار حدا فى صحيح الآثار غير ان الغزالي ذكر فى الاحياء حال عصاة الموحدين فقال ان بقاء العاصي فى النار لحظة وأكثره سبعة آلاف عام لما ورد به الاخبار انتهى يقول الفقير لعل الحكمة فى ذلك كون تلك المدة عمر النوع الإنساني فاقتضى التشديد فى التربية بقاءه فى النار تلك المدة فالظاهر ان تلك السنين انما هى باعتبار سنى الآخرة التي كل يوم منها الف سنة كما فى حق الكفرة الا ان يتفضل الله تعالى على المؤمنين والله اعلم. وعذاب كل عاص كيفية وكمية انما هو على حسب حجابه كيفية وكمية ألا ترى الى قوله تعالى كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً فانه باعتبار توجههم الى السفليات وهى الصفات الحيوانية والسبعية والشيطانية ظلمات بعضها فوق بعض نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الذين انتقلوا من معادنهم الطينية وخرجوا من رعونة البشرية والتحقوا بالعالم الأعلى وكل من صفت جوهرته ولطف معناه يكون هكذا بخلاف من انكدرت جوهرته وكشف معناه فلا بد لك من ان تضرم على النفس نار المجاهدة وتلقيها فى ابواط الرياضة فان الرجال الانجاد رضى الله عنهم ما اشتغلوا بتدبير جسومهم من حيث الشهوات وانما اشتغلوا بنفوسهم ان يخلصوها من رعونة الطبع حتى يلحقوها بعالمها ألا ترى سهلا التستري وهو من رؤساء هذا الطريق وساداته لما قيل له ما القوت فقال ذكر الحي الذي لا يموت قيل له هذا قوت الأرواح فما قوت الأشباح فقال دع الديار الى بانيها ان شاء عمرها وان شاء خربها فما احرم عبدا لم يوفقه الله لتخليص جوهرته نعوذ بالله من الحرمان: وفى المثنوى
اين رياضتهاى درويشان چراست
…
كان بلا بر تن بقاى جانهاست «1»
مردن تن در رياضت زند كيست
…
رنج اين تن روح را پايند كيست
پس رياضت را بجان شو مشترى
…
چون سپردى تن بخدمت جان برى «2»
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ يوم منصوب على المفعولية بفعل مضمر اى انذرهم او ذكرهم وضمير نحشرهم لكلا الفريقين الذين أحسنوا والذين كسبوا السيئات لانه المتبادر من قوله جَمِيعاً حال من الضمير اى مجتمعين لا يشذ منهم فريق ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا اى نقول للمشركين من بينهم مَكانَكُمْ نصب على انه فى الأصل ظرف لفعل أقيم مقامه لا على انه اسم فعل وحركته حركة بناء كما هو رأى الفارسي اى الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان خبر دادن خروس از مرك خواجه
(2)
در اواخر دفتر سوم در بيان دعا كردن موسى عليه السلام جهة سلامتى ايمان آن شخصى
أَنْتُمْ تأكيد للضمير المنتقل اليه من عامله لسده مسده وَشُرَكاؤُكُمْ عطف عليه فَزَيَّلْنا من زلت الشيء عن مكانه ازيله أي أزلته والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية لان ثلاثيه متعد بنفسه وهذا التزييل وان كان مما سيكون يوم القيامة الا انه لتحقق وقوعه صار كالكائن الآن فلذلك جاء بلفظ الماضي بعد قوله نحشر ونقول اى ففرقتا بَيْنَهُمْ وبين الآلهة التي كانوا يعبدونها وقطعنا العلائق والوصل التي كانت بينهم فى الدنيا فخابت أعمالهم وانصرمت عرى اطماعهم وحصل لهم اليأس الكلى من حصول ما كانوا يرجونه من جهتهم والحال وان كانت معلومة لهم من حين الموت والابتلاء بالعذاب لكن هذه المرتبة من اليقين انما حصلت عند المشاهدة والمشافهة وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ التي كانوا يعبدونها ويثبتون الشركة لها وهم الملائكة وعزير والمسيح وغيرهم ممن عبدوه من اولى العلم. وقيل الأصنام ينطقها الله الذي انطق كل شىء ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ مجاز عن براءة الشركاء من عبادة المشركين حيث لم تكن تلك العبادة بامر الشركاء وإرادتهم وانما الآمر بها هو اهواؤهم والشياطين فالمشركون انما عبدوا فى الحقيقة أهواءهم وشياطينهم الذين أغووهم فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فانه العالم بكنه الحال إِنْ مخففة من ان واللام فارقة كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لنا لَغافِلِينَ والغفلة عبارة عن عدم الارتضاء وإلا فعدم شعور الملائكة بعبادتهم لهم غير ظاهر وهذا يقطع احتمال كون المراد بالشركاء الشياطين كما قيل فان ارتضاءهم باشراكهم مما لا ريب فيه وان لم يكونوا مجبرين لهم على ذلك كذا فى الإرشاد وهذا بالنسبة الى كون المراد بالشركاء ذوى العلم واما ان كان المراد الأصنام فمن أعظم اسباب الغفلة كونها جمادات لا حس لها ولا شعور البتة هُنالِكَ ظرف مكان اى فى ذلك المقام الدهش او فى ذلك الوقت على استعارة ظرف المكان للزمان تَبْلُوا من البلوى والاختبار. فى الفارسية [بيازمودن] اى تختبر وتذوق كُلُّ نَفْسٍ مؤمنة كانت او كافرة سعيدة او شقية ما أَسْلَفَتْ اى قدمت من العمل فتعاين نفعه وضره واما ما عملت من حالها من حين الموت والابتلاء بالعذاب فى البرزخ فامر مجمل وَرُدُّوا الضمير للذين أشركوا على انه معطوف على زيلنا وما عطف عليه وقوله تعالى هُنالِكَ تَبْلُوا إلخ اعتراض فى أثناء المقرر لمضمونها إِلَى اللَّهِ اى جزائه وعقابه فان الرجوع الى ذاته تعالى مما لا يتصور مَوْلاهُمُ ربهم الْحَقِّ اى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا قال الشيخ فى تفسيره مولاهم الحق اى الذي يتولى ويملك أمرهم حقيقة ولا يشكل بقوله وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ لان المعنى فيه المولى الناصر وفى الاول المالك وَضَلَّ عَنْهُمْ وضاع اى ظهر ضياعه وضلاله لا انه كان قبل ذلك غير ضال او ضل فى اعتقادهم الجازم ايضا ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان آلهتهم تشفع لهم او ما كانوا يدعون انهم شركاء الله واعلم ان اكثر ما اعتمد عليه اهل الايمان يتلاشى ويضمحل عند ظهور حقيقة الأمر يوم القيامة فكيف ما استند اليه اهل الشرك والعصيان- كما حكى- ان الجنيد قدس سره رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال طاحت تلك الإشارات وفنيت تلك العبارات وأبيدت تلك الرسوم وغابت تلك العلوم وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها فى السحر
هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ
…
از يمن دعاى شب وورد سحرى بود
ثم ان الآية الشريفة اشارت الى ان النفس انما تعبد الهوى ولا محراب لها فى توجهها الا ما سوى المولى قال بعض السادة رحمه الله تحت الجبال بالاظافر أيسر من زوال الهوى إذا تمكن وكما لا يحب الله العمل المشترك بالالتفات لغيره نفسا كان او غيرها كذا لا يحب القلب المشترك بمحبة غيره من شهوة او غيرها قال محمد بن حسان رحمه الله بينا انا أدور فى جبل لبنان إذ خرج على شاب قد أحرقته السموم والرياح فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وقلت عظنى بكلمة انتفع بها قال احذره فانه غيور لا يحب ان يرى فى قلب عبده سواه قال ابن نجيد رحمه الله لا يصفو لاحد قدم فى العبودية حتى يكون أفعاله كلها عنده رياء وأحواله كلها عنده دعاوى وانما يفتضح المدعون بزوال الأحوال: وفى المثنوى
چون بباطن بنگرى دعوى كجاست
…
او ودعوى پيش آن سلطان فناست
: وقال الحافظ قدس سره
حديث مدعيان وخيال همكاران
…
همان حكايت زر دوز وبوريا بافست
فعلى العبد ان يفنى عن جميع الأوصاف ويغتسل عن كل الأوساخ وينقطع عن التشبث بكل حجر وشجر فان الظفر انما هو بعناية الله خالق القوى والقدر ونعم ما قال بعضهم استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون وفى التأويلات النجمية وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً اى اجتماع أرواح الإنسان وحقائق الأشياء التي يعبدون من دون الله مثل الدنيا والهوى والأصنام ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ اى نخاطب أرواح المشركين بان قفوا مكانكم الذي اخترتم بالجهل بعد ان كنتم فى علو المكان أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ اى انزلوا أنتم وشركاؤكم الى المكان السفل وهو مكان شركائكم إذا تعلقتم بهم فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ اى فرقنا بين المشركين وشركائهم بان نعذب المشركين بعذاب البعد والطرد عن الحضرة والم المفارقة وحسرة ابطال استعداد المواصلة ولا نعذب الشركاء بهذه العقوبات لعدم استعدادهم فى قبول كمال القرب وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ بل كنتم تعبدون هواكم لانه ما عبد فى الأرض اله ابغض الا بالهوى فلهذا قال عليه الصلاة والسلام (ما عبد فى الأرض اله ابغص على الله من الهوى) وقال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فيما شاهد إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ اى كنا فى غفلة عن ذوق عبادتكم إيانا وحظها ومشربها بل كان الحظ والمشرب والذوق لهواكم فى استيفاء اللذات والشهوات والتمتعات الدنيوية والاخروية عند عبادتنا بلا شعور منا بخلاف عبادة الله فان فى عبادة الله رضاه وشعوره بها ومنه المدد والتوفيق وعليه الجزاء والثواب هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ اى فى ذلك الحال تبتلى كل نفس ما قدمت من التعلقات بالأشياء والتمسكات بها وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ فى الحكم والقرب والبعد واللذة والألم مَوْلاهُمُ الْحَقِّ اى متوليهم فى ذلك هو الله اى فى اذاقة اللذات من القرب والألم من البعد لا غيره من الشركاء وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ان للشركاء اثرا فى القربة والشفاعة انتهى ما فى التأويلات النجمية قُلْ للمشركين احتجاجا على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك مَنْ يَرْزُقُكُمْ [كيست كه شما را
روزى ميدهد] مِنَ السَّماءِ [از آسمانكه باران مى باراند] وَالْأَرْضِ [واز زمين كه كياه مى روياند] أَمَّنْ أم منقطعة لانه لم يتقدمها همزة استفهام ولا همزة تسوية وتقدر هناببل وحده دون الهمزة بعدها كما فى سائر المواضع لانها وقع بعدها اسم استفهام صريح وهو من فلا حاجة الى الهمزة وبل إضراب انتقال من الاستفهام الاول الى استفهام آخر لا إضراب ابطال إذ ليس فى القرآن ذلك. والمعنى بالفارسية [آيا كيست كه] يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ اى يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة او من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من ادنى شىء يصيبهما. وكان على رضى الله عنه يقول سبحان من بصر بشحم واسمع بعظم وانطق بلحم ولما كانت حاجة الإنسان الى السمع والبصر اكثر من حاجته الى الكلام خلق الله له أذنين وعينين ولسانا واحدا وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ اى من ينشئ الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان وكذا من يخرج الطائر من البيضة ويخرج البيضة من الطائر وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ اى امر جميع العالم علويا كان او سفليا روحانيا او جسمانيا فَسَيَقُولُونَ بلا تأخير اللَّهُ يفعل ما ذكر من الأفاعيل لا غيره إذ لا مجال للمكابرة لغاية وضوحه فَقُلْ عند ذلك تبكيتا لهم أَفَلا تَتَّقُونَ اى أتعلمون ذلك فلا تتقون عقابه باشراككم به الأصنام فَذلِكُمُ اللَّهُ الذي يفعل هذه الأشياء هو رَبُّكُمُ الْحَقُّ اى الثابت ربوبيته لا ما أشركتم معه. فقوله فذلكم مبتدأ والجلالة صفته وربكم الحق خبره ويجوز ان يكون الجلالة خبره وربكم بدل منه والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس به تعالى فَماذا يجوز ان يكون الكل اسما واحدا قد غلب فيه الاستفهام على اسم الاشارة وان يكون موصولا بمعنى الذي اى ما الذي بَعْدَ الْحَقِّ اى غيره بطريق الاستعارة اى ليس غير التوحيد وعبادة الله تعالى إِلَّا الضَّلالُ الذي لا يختاره أحد وهو عبادة الأصنام وانما سميت ضلالا مع كونها من اعمال الخوارج باعتبار ابتنائها على ما هو ضلال من الاعتقاد والرأى فَأَنَّى تُصْرَفُونَ استفهام إنكاري بمعنى انكار الوقوع واستبعاده والتعجب اى كيف تصرفون من التوحيد وعبادة الله الى الإشراك وعبادة الأصنام الذي هو ضلال عن الطريق الواضح: قال السعدي قدس سره
ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي
…
كين ره كه تو ميروى بتركستانست
فقد نبه الله على ضلالهم على لسان رسوله عليه السلام وهو الهادي الى طريق الحق والصواب والفارق بين اهل التصديق والارتياب: قال الصائب
اقف نميشوند كه كم كرده اند راه
…
تا رهروان برهنمايى نمى رسند
كَذلِكَ الكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف والاشارة بذلك الى المصدر المفهوم من الحق فى قوله ربكم الحق اى كما حقت الربوبية لله تعالى حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ حكمه وقضاؤه. يعنى [واجب شد عذاب الهى] عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا اى تمردوا فى كفرهم وخرجوا عن حد الاستصلاح أَنَّهُمْ تعليل لحقية تلك الكلمة والأصل لانهم لا يُؤْمِنُونَ
فالكفر اذاهم الى العذاب فان كل نتيجة مبنية على المقدمات والأسباب. والقمح لا ينبت من الزوان ولا يثمر الثمر أم غيلان قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ البدء بالفارسية [ابتدا كردن] اى يخلق الخلق اولا ثم يعيده بعد الموت ولما كانوا مقرين بالبدء ومنكرين للاعادة عنادا ومكابرة امر صلى الله تعالى عليه وسلم بان يبين لهم من يفعل ذلك فقيل له قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ اى هو يفعلهما لا غير كائنا من كان فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ اى كيف تصرفون وتقلبون عن قصد السبيل والاستفهام إنكاري قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ ولو كانت الهداية بوجه من الوجوه فان ادنى مراتب العبودية هداية المعبود لعبدته الى ما فيه صلاح أمرهم وهدى كما يستعمل بكلمة الى لتدل على انتهاء ما قبلها الى مدخولها كذلك يستعمل باللام التعليلية لتدل على ان الهداية لا تتوجه نحو ما دخل عليه اللام الا لاجل ان تؤدى اليه ويترتب هو عليها كما هو شأن العلة والمعلل بها وقد جمع بين التعديتين فى هذه الآية قُلِ اللَّهُ يَهْدِي من يشاء لِلْحَقِّ دون غيره بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب والتوفيق للنظر الصحيح والتدبر الصائب فان العقول مضطربة والافكار مختلطة وتعيين الحق صعب ولا يسلم من الغلط الا الأقل من القليل فالاهتداء لادراك الحقائق لا يكون الا باعانة الله وهدايته وإرشاده أَفَمَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ هو الله تعالى أَحَقُّ أَنْ اى بان يُتَّبَعَ والمفضل عليه محذوف اى ممن لا يهدى أَمَّنْ لا يَهِدِّي بكسر الهاء وتشديد الدال أصله لا يهتدى وادغم وكسر الهاء لالتقاء الساكنين اى لا يهتدى فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يُهْدى الا حال هدايته تعالى له الى الاهتداء فان قلت الأصنام جمادات لا تقبل الهداية فكيف يصح ان يقال فى حقها الا ان يهدى وايضا كلمة من تستعمل فى ذوى العقول دون الجمادات فلا يليق ان يقال فى حقها أم من لا يهدى قلت هذا اى انتفاء الاهتداء الا ان يهدى حال اشراف شركائهم كالملائكة والمسيح وعزير عليهم السلام فهذا بيان لفساد مذهب من يتخذ العقلاء الذين يقبلون الهداية أربابا بعد ما بين فساد مذهب مطلق اهل الشرك من عبدة الأوثان وغيرها بقوله قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ الآية فانه لا شك ان المراد بالشركاء فيه ما يتناول الأصنام وغيرها وقال فى التبيان الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يقدر على شىء فى نفسه الا ان يهدى يعنى يدخل ويخرج وينقل ويتصرف فيه والله تعالى جل عن ذلك وظاهر هذا الكلام يدل على ان الأصنام ان هديت اهتدت وليس كذلك لانها حجارة لا تهتدى الا انهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعقل ويفعل فَما لَكُمْ اى أي شىء لكم فى اتخاذكم هؤلاء شركاء لله تعالى كَيْفَ تَحْكُمُونَ بما يقضى صريح العقل ببطلانه وهو انكار لحكمهم الباطل حيث سوّوا بين من يحتاجون هم اليه وهو الله تعالى وبين من يحتاج هو إليهم وهو ما عبدوه من دون الله من الأصنام ولا مساواة بين القادر والعاجز جدا
عجز وقدرت كه هر دو ضدانند
…
عقل كركويدت كه يكسانند
عجز بر خلق مى دراند پوست
…
قادرى بر كمال حضرت اوست
وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ فيما يعتقدون من ان الأصنام آلهة إِلَّا ظَنًّا من غير تحقيق وانما قلدوا فى ذلك آباءهم. وفيه اشعار بان بعضهم قد يتبعون العلم فيقفون على حقية التوحيد وبطلان الشرك لكن لا يقبلونه مكابرة وعنادا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي بى نياز نكرداند كسى را] مِنَ الْحَقِّ [از علم واعتقاد درست يعنى ظن وتخمين بجاى حق ويقين نتواند] شَيْئاً من الإغناء فيكون مفعولا مطلقا ويجوز ان يكون مفعولا به ومن الحق حالا منه فمعنى لا يغنى حينئذ لا ينوب وقال بعضهم ان الظن بان الأصنام شفعاء لا يدفع عنهم العذاب فقولهم بانها شفعاء باطل محض مبنى على خيال فاسد وظن واه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ وعيد على اتباعهم للظن واعراضهم عن البرهان. وفى الآية دلالة على وجوب العلم فى الأصول وعدم جواز الاكتفاء بالتقليد: وفى المثنوى
وهم افتد در خطا ودر غلط
…
عقل باشد در أصابتها فقط «1»
كشتئ بي لنكر آمد مرد شر
…
كه ز باد كژ نيابد او حذر «2»
لنكر عقلست عاقل را أمان
…
لنكرى در يوزه كن از عاقلان
وقد نادى قوله تعالى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ على كونهم محرومين من كمال العقل فان العاقل بالعقل الكامل لا يتبع الباطل والجهل بل الحق والعلم وكون الآباء على صفة الشرك لا ينهض حجة فان الله تعالى قد خلق الناس وهداهم الى تمييز الخير والشر بتركيب العقل فيهم فالاتباع ليس الا الى الهدى وكما ان المشركين ضلوا عن طريق الشريعة بتقليد الجهلة فكذا السالكون ضلوا عن طريق الحقيقة بتقليد الغفلة قال بعض الكبار أوصيكم بوصية لا يعرفها الا من عقل وجرب ولا يهملها الا من غفل فحجب وهو ان لا تأخذوا فى هذا العلم مع متكبر ولا صاحب بدعة ولا مقلد. اما الكبر فانه عقال عن فهم الآية والعبر. واما البدعة فتوقع صاحبها فى البلايا الكبار. واما التقليد فعقال يمنع من الظفر وبلوغ الوطر ثم ان ما وصل المرء اليه بنور العقل والبرهان فالعلم المكسوب بالعقل بمنزلة الظن والتخمين عند ارباب اليقين والحق الذي لا غاية وراءه وراء طور العقل وما يلى ظاهر القلب هو الايمان وما يلى باطنه هو الإيقان قال بعض العارفين إذا كان الايمان فى ظاهر القلب كان العبد محبا للآخرة والدنيا وكان مرة مع الله ومرة مع نفسه فاذا دخل الايمان باطن القلب ابغض العبد دنياه وهجر هواه والوصول الى هذه المرتبة لا يكون الا بجذبة الهية وبصحبة مرشد كامل: قال الحافظ
من بسر منزل عنقانه بخود بردم راه
…
قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم
ومن شرائطه الاحتراز عن صحبة خلاف الجنس فانها مؤثرة وما ضاع من ضاع الا بمساعدة الهوى والقعود مع اهل الإنكار فقد ظهر الحق وحقيقة الحال وماذا بعد الحق الا الضلال نسأل الله المتعال ان يوفقنا للاجتهاد الى وقت الارتحال وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ مع ما فيه من دلائل الاعجاز من حسن نظمه ومعانيه الدقيقة وحقائقه الجامعة أَنْ يُفْتَرى فى محل النصب على انه خبر كان اى افتراء اى مفترى يفترى به على الله وسمى بالمصدر مبالغة والافتراء فى الأصل افتعال من فريت الأديم إذا قدرته للقطع ثم استعمل فى الكذب مِنْ دُونِ اللَّهِ
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه هر چهـ غفلت وكاهلى إلخ
(2)
در اواخر دفتر سوم در بيان مثل زدن در رميدن كره اسب إلخ
خبر آخر اى صادرا من دون الله لانه لا يتكلم بمثله الا الله وَلكِنْ كان تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى مصدقا لما تقدمه من الكتب الالهية بسبب كون مضمونه مطابقا لمضمون تلك الكتب فيما أخبر به من اصول الدين وقصص الأولين ظهر فى يد من لم يمارس شيأ من العلوم ويجالس علماء تلك الكتب فاذا كان ما جاء به مطابقا لها يعلم انه ليس افتراء بل من الله تعالى وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ من كتب بمعنى فرض وقدر وحكم اى وتفصيل ما حقق واثبت من الحقائق والشرائع وفى التأويلات النجمية اى تفصيل الجملة التي هى المقدر المكتوبة فى الكتاب الذي عنده لا يتطرق اليه المحو والإثبات لانه ازلى أبدى كما قال يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ يعنى فى اللوح المحفوظ وهو مخلوق قابل التغير وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ يعنى الأصل الذي لا يقبل التغير وهو علمه القائم بذاته القديم لا رَيْبَ فِيهِ خبر ثالث داخل فى حكم الاستدراك اى منتفيا عنه الريب. يعنى [از ظهور حجت ووضوح دلالت بمثابه ايست كه هر كه درو ادنى تأملى كند زريب باز استد وداند كه بشبه در ومجال نيست] مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ خبر آخر تقديره كائنا من رب العالمين فهو وحي نازل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من عنده تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة. والمعنى بل أيقولون كفار مكة افتراه محمد والهمزة لانكار الواقع واستبعاده وجوز الزمخشري ان تكون للتقرير لالزام الحجة قُلْ لهم ان كان الأمر كما تقولون فَأْتُوا أنتم على وجه الافتراء والأمر من باب التعجيز والقام الحجر بِسُورَةٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم وقوة المعنى فانكم مثلى فى العربية والفصاحة وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به ليعاونكم على إتيان مثله ان لم يف عقل الواحد والاثنين منكم فى استخراج ما يعارض القرآن مِنْ دُونِ اللَّهِ متعلق بادعوا ودون جار مجرى اداة الاستثناء اى ادعوا متجاوزين الله اى سواه تعالى من استطعتم من خلقه فانه لا يقدر عليه أحد إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افتراه أحد من المخلوقين يفتريه غيره لانه فوق كل ذى علم عليم فاذا عرفتم عجزكم حال الاجتماع وحال الانفراد عن هذه المعارضة فحينئذ يظهر ان نظمه وتنزيله ليس الا من قبل الله تعالى واعلم ان اعجاز القرآن اى جعله الغير عاجزا كونه فى غاية البلاغة ونهاية الفصاحة بحيث يصرف الناس عن قدرة معارضته لاعن نفس المعارضة مع القدرة بان عقد الله لسان البيان من بلغاء الزمان لطفا منه بنبيه وفضلا عليه كما توهمه البعض كذا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ اى سارعوا الى تكذيب القرآن قبل فهمه فان تكذيب الكلام قبل الإحاطة بمعانيه مسارعة اليه فى أول وهلة ومعنى الاضطراب فى بل ذمهم على التقليد وترك النظر كأنه قيل دع تحديهم وإلزامهم فانهم لا يستأهلون الخطاب لانهم مقلدون متهافتون فى الأمر لا عن خبر وتعقل ولو كان لهم وقوف على ما فى تضاعيف القرآن من شواهد الاعجاز لعلموا انه ليس مما يمكن ان يكون له نظير يقدر عليه المخلوق وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ عطف على الصلة او حال من الموصول اى لم يجئهم ما يأول اليه امره. والمعنى ان القرآن معجز من جهة النظم والمعنى ومن جهة الاخبار بالغيب وهم قد فاجأوا تكذيبه قبل ان يتدبروا نظمه
وينتظروا وقوع ما اخبر به من الأمور المستقبلة التي يظهر بعضها فى الدنيا ويظهر بعضها فى الآخرة ليستدلوا بذلك على صحة القرآن وصدق قول النبي عليه السلام ونفى إتيان التأويل بكلمة لما الدالة على التوقع بعد نفى الإحاطة بعلمه بكلمة لم لتأكيد الذم وتشديد التشنيع فان الشناعة فى تكذيب الشيء قبل علمه المتوقع إتيانه افحش منها فى تكذيبه قبل علمه مطلقا والمعنى انه كان يجب عليهم ان يتوقفوا الى زمان وقوع المتوقع فلم يفعلوا كَذلِكَ اى مثل ذلك التكذيب الواقع من قومك كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أنبياءهم فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ فيه وعيد لهم بمثل ما عوقب به من قبلهم وانما وصفهم بالظلم لانهم وضعوا التكذيب فى موضع التصديق فكان مآل أمرهم الى ما اخبر به الكتب والأنبياء من العذاب والهلاك وَمِنْهُمْ اى من المكذبين مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ من يصدق بالقرآن فى نفسه ويعلم انه حق ولكنه يعاند وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ فى نفسه كما لا يؤمن به ظاهرا لفرط غباوته وقلة تدبره او منهم من سيؤمن به ويتوب عن كفره لكونه مستعدا لقبول الايمان ومنهم من لا يؤمن به فيما يستقبل بل يموت على كفره لعدم استعداده لقبوله وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ بالمعاندين او بالمصرين وانما وصفهم بالإفساد لانهم أفسدوا استعدادهم الفطري بالأعمال الفاسدة وَإِنْ كَذَّبُوكَ وان أصروا على تكذيبك بعد الزام الحجة فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ فتبرأ منهم فقد أعذرت اى بالغت فى العذر كقوله تعالى فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ والمعنى لى جزاء عملى ولكم جزاء عملكم حقا كان او باطلا وتوحيد العمل المضاف إليهم باعتبار الاتحاد النوعي ولمراعاة كمال المقابلة أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ تأكيد لما أفاده لام الاختصاص من عدم تعدى جزاء العمل الى غير عامله اى لا تؤاخذون بعملي ولا اؤاخذ بعملكم وعمله صرف الاستعداد الفطري فى استعمال العبودية لقبول فيض الربوبية وجزاؤه الجنة والوصلة وعملهم إفساد الاستعداد فى استيفاء اللذات والشهوات النفسانية وابطال القلب عن قبول الفيض الإلهي وجزاؤه النار والقطيعة وايضا عمله التصديق والإقرار وعملهم التكذيب والإنكار وكل بريئ من صاحبه فى الدنيا والآخرة لا يجتمعان ابدا لانه لا يجتمع الضب والنون فان الضب غذاؤه الهواء والنون غذاؤه الماء ولاحدهما وهو الضب القبض واليبوسة لانه برى ومن طبع التراب ذلك وللآخر وهو النون البسط والرطوبة لانه بحرىّ ومن طبع الماء ذلك: وفى المثنوى
طوطيان خاص را قنديست ژرف
…
طوطيان عام ازين خود بسته طرف «1»
كى چشد درويش صورت زان نكات
…
معنى است آن نى فعولن فاعلات
از خر عيسى دريغش نيست قند
…
ليك خر آمد بخلقت كه پسند
بال بازان را سوى سلطان برد
…
بال زاغان را بگورستان برد «2»
وَمِنْهُمْ اى من المكذبين مَنْ اى ناس يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ عند قراءتك القرآن وتعليمك للشرائع بسمع الظاهر وفى سمع قلوبهم صمم من محبة الدنيا وشهواتها فان حب الشيء يعمى ويصم عن غيره أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الهمزة الاستفهامية انكارية والفاء
(1) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى كه مرغى إلخ
(2)
در أوائل دفتر ششم در بيان بر تخت نشاند سلطان محمود غلام هندو را إلخ
للعطف على مقدر والتقدير أيستمعون إليك فانت تسمعهم اى تقدر على أسماعهم وقد اصمهم الله بسوء أعمالهم والمنكر هو وقوع الاسماع لا الاستماع فانه امر محقق وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ اى ولو انضم الى صممهم عدم تعلقهم لان الأصم العاقل ربما تفرس إذا وصل الى صماخه صوت واما إذا اجتمع فقدان السمع والعقل جميعا فقدتم الأمر وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ بنظر الحس ويعائن دلائل نبوتك الواضحة وفى بصيرته عمى أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ جمع الأعمى اى عقيب ذلك أنت تهديهم وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ اى ولو انضم الى عدم البصر عدم البصيرة فان المقصود من الابصار هو الاعتبار والاستبصار والعمدة فى ذلك البصيرة ولذلك يحدس الأعمى المستبصر ويتفطن لما يدركه البصير الأحمق فحيث اجتمع فيهم الحمق والعمى فقد انسد عليهم باب الهدى فقد شبه الله المكذبين الذين أصروا على التكذيب بالأصم والأعمى من حيث ان شدة بغضهم وكمال نفرتهم عن رسول الله منعهم عن ادراك محاسن كلامه ومشاهدة دلائل نبوته كما يمنع الصمم فى الاذن عن ادراك محاسن الكلام ويمنع العمى فى العين عن مشاهدة محاسن الصورة وقرن عدم العقل بعدم السمع وبعدم البصر عدم الإدراك تفضيلا لحكم الباطن على الظاهر فلما بلغوا فى معرض العقل الى حيث لا يقبلون الفلاح والطبيب إذا رأى مريضا لا يقبل العلاج اعرض عنه ولا يستوحش من عدم قبوله للفلاح فقد وجب التبري منهم وعدم الانفعال من إصرارهم على التكذيب قال يونان وزير كسرى خمسة أشياء ضائعة. المطر فى الأرض السبخة. والسراج المشتعل فى ضوء الشمس. والمرأة الحسنة الصورة عند الرجل الأعمى. والطعام الطيب عند المريض. والرجل العاقل عند من لا يعرف قدره إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً [الله ظلم نكند بر مردمان هيچ چيز يعنى سلب نكند حواس وعقول ايشانرا] وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [ستم كنند بر نفسهاى خود وحس وعقل كه آلت ادراك آيات قدرتست در ملاهى استعمال نمايند ومنافع وفوائد آن بدركات از ايشان فائت كردد]
چشم از براى ديدن آيات قدرتست
…
گوش از پى شنيدن اخبار حضرتست
هر كه كه حق نبيند وحق نشنود كسى
…
كور وكرست بلكه از آن هم بتر بسى
وفى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً بان لا يعطيهم استعداد الهداية وقبول فيض الايمان ثم يجبرهم على الهداية وقبول الايمان بل أعطاهم استعداد الهداية وقبول الايمان بفطرة الله التي فطر الناس عليها وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بإفساد الاستعداد الفطري فى مخالفات الأوامر والنواهي الشرعية انتهى. وفيه دليل على ان للعبد كسبا وانه ليس مسلوب الاختيار بالكلية كما زعمت الجبرية وان كل ما ابتلى به فانما اتى من جانبه: وفى المثنوى
عاشق بوده است در ايام پيش
…
پاسبان عهد اندر عهد خويش
سالها در بند وصل ماه خود
…
شاه مات ومات شاهنشاه خود
عاقبت جوينده يابنده بود
…
كه فرج از صبر زاينده بود
كفت روزى يار او كامشب بيا
…
كه به پختم از پى تو لوبيا
در فلان حجره نشين تا نيم شب
…
تا بيايم نيمشب من بى طلب
مرد قربان كرد ونانها بخش كرد
…
چون پديد آمد مهش از زير كرد
شب دران حجره نشست آن كرم دار
…
بر اميد وعده آن يار غار
بعد نصف الليل آمد يار او
…
صادق الوعدانه آن دلدار او
عاشق خود را فتاده خفته ديد
…
اندكى از آستين او دريد
كرد كانى چندش اندر جيب كرد
…
كه تو طفلى كير اين مى باز نرد
چون سحر از خواب عاشق بر جهيد
…
آستين وكردكانها را بديد
كفت شاه ما همه صدق ووفاست
…
آنچهـ بر ما مى رسد آن هم زماست
خوابرا بگذار امشب اى پدر
…
يك شبى بر كوى بى خوابان كذر
بنكر اينها را كه مجنون كشته اند
…
همچو پروانه بوصلت كشته اند
أيقظنا الله وإياكم ونور محيانا ومحياكم ولا يجعلنا من الغافلين الضالين الظالمين آمين آمين وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ يوم منصوب بفعل مقدر والضمير لكفار مكة اى اذكر لهم يا محمد او انذرهم يوم يحشرهم الله ويجمعهم وهو يوم القيامة كَأَنْ مخففة اسمها محذوف اى كأنهم لَمْ يَلْبَثُوا لم يمكثوا فى الدنيا او فى القبور إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ اى شيأ قليلا منه فانها مثل فى غاية القلة وتخصيصها بالنهار لان ساعاته اعرف حالا من ساعات الليل والجملة التشبيهية حال من ضمير المفعول اى يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة استقصروا المدة لهول ما رأوا والإنسان إذا عظم خوفه ينسى الأمور الظاهرة [در تفسير زاهدى آورده كه معتزله در نفى عذاب قبر بدين آيت استدلال نموده كويند اگر كفار در قبر معذب بودندى مدتى بدين درازى ايشانرا ساعتى نه نمودى وجواب ميكويند كه اين صورت بسبب صعوبت اهوال وشدت احوال قيامتست كه مدت عذاب قبر در جنب آن يكساعت نمايد] يقول الفقير استقلوا مدة اللبث فى الدنيا لانهم كانوا فى النعيم صورة وأيامه تمضى كالرياح واستقلوا مدة المكث فى القبور لان عذابهم فيها كان على النصف بالنسبة الى عذاب الآخرة إذا التنعم البرزخى وكذا التألم على الروح والبدن البرزخى بخلاف التنعم والتألم الحشريين فافهم هداك الله قال فى التأويلات النجمية تشير الآية الى الخروج من مضيق عالم الأجسام الذي هو عالم الكون والفساد والتناهى الى متسع عالم الأرواح الذي هو عالم الكون بلا فساد وتناه فان مدة عمر الدنيا الفانية بالنسبة الى الآخرة الباقية ترى كساعة من نهار بل اقل من لحظة ثم اعلم ان الحشر يكون عاما وخاصا وأخص فالعام هو خروج الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور والحشر الخاص هو خروج أرواحهم الاخروية من قبور أجسامهم الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية لانهم ماتوا بالارادة عن صفات النفسانية قبل ان يموتوا بالموت عن صورة الحيوانية والحشر الأخص هو الخروج من قبور الانانية الروحانية الى هويته الربانية كما قال تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ يعرف
بعضهم بعضا كما كانوا يعرفون فى الدنيا فكأنهم لم يتفارقوا بسبب الموت إلا مدة قليلة لا تؤثر فى زوال ذلك التعارف أول ما خرجوا من القبور ثم ينقطع التعارف إذا عاينوا العذاب ويتبرأ بعضهم من بعضهم وهو حال اخرى مقدرة لان التعارف بعد الحشر يكون قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ شهادة من الله على خسرانهم وتعجب منه اى قد غبن المكذبون بالحساب والجزاء وَما كانُوا مُهْتَدِينَ فى تجارتهم إذ باعوا الايمان بالكفر والتصديق بالتكذيب فلم يكونوا على نفع وقد مضى الوقت
چهـ خوش كفت با كودك آموزگار
…
كه كارى نكرديم وشد روزكار
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ أصله ان نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط اى ان نبصرنك بان نظهر لك بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب ونعجله فى حياتك كما أراه ببدر والجواب محذوف لظهوره اى فذاك هو المأمول وانا عليهم مقتدرون أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان نريك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ اى رجوعهم رجوعا اضطراريا فنريكه فى الآخرة وانا منهم منتقمون وهو جواب نتوفينك لان الرجوع انما يكون فى الآخرة بعد الموت فهو لا يصلح ان يكون جوابا للشرط وما عطف عليه ولان قوله تعالى فى حم الزخرف فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ يدل على ما ذكرنا والقرآن يفسر بعضه بعضا هكذا لاح ببال الفقير أصلحه الله القدير ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ اى مجاز على أفعالهم السيئة. ذكر الشهادة وأراد نتيجتها ومقتضاها ولذلك رتبها على الرجوع بثم الدالة على التراخي ولو كان المراد من الشهادة نفسها لم يصح الترتيب المذكور لانه تعالى شهيد على ما يفعلونه من التكذيب والمحاربة حال رجوعهم اليه تعالى وقبله وقال فى الكواشي ثم بمعنى الواو او لترتيب الاخبار نحو زيد قائم ثم هو كريم وليس التأخير عجزا بل للايذان بانه تعالى قادر عليهم فى كل آن وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم الماضية رَسُولٌ يبعث إليهم بشريعة خاصة مناسبة لاحوالهم ليدعوهم الى الحق فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ بالبينات فكذبوه قُضِيَ بَيْنَهُمْ اى بين كل امة ورسولها بِالْقِسْطِ بالعدل وحكم بنجاة الرسول والمؤمنين به وهلاك المكذبين وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى ذلك القضاء المستوجب لتعذيبهم لانه من نتائج أعمالهم يقول الفقير ان قلت يرد على ظاهر الآية زمان الفترة فانها بظاهرها ناطقة بانه لم يهمل امة قط ولم يبعث لاهل الفترة رسول كما يشهد عليه قوله تعالى لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قلت مساق الآية الكريمة على ان كل امة قضى لها بالهلاك قد انذروا اولا على لسان رسول من الرسل ولم يعذب اهل الفترة لان العرب لم يرسل إليهم رسول بعد إسماعيل غير رسول الله عليهما الصلاة والسلام فعذب أعقابهم ببدر وغيره لتكذيبهم رسول الله كما دل عليه قوله تعالى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وقد انتهت رسالة إسماعيل بموته كبقية الرسل لان ثبوت الرسالة بعد الموت من خصائص نبينا عليه السلام كما فى انسان العيون وبهذا ظهر بطلان قول ابن الشيخ فى حواشيه ان عموم الآية لا يقتضى ان يكون الرسول حاضرا مع كل واحدة منهم لان تقدم الرسول على بعض منهم لا يمنع من كونه رسولا الى ذلك البعض كما لا يمنع
تقدم رسولنا عليه السلام من كونه مبعوثا إلينا الى آخر الابد انتهى واما كون اهل الفترة معذبين فى الآخرة أم لا فقد سبق فى اواخر سورة التوبة ثم الرسول يأتى بالوحى الظاهر والباطن ووارث الرسول يأتى بالوحى الباطن وهو الإلهام الإلهي وكل ما جاز وقوعه للانبياء من المعجزات جاز للاولياء مثله من الكرامات والله تعالى لا يحكم بين العباد الا بعد مجيئ رسولهم بالظاهر والباطن فان صدقوه قضى بينهم بالسعادة على قدر تصديقهم وان كذبوه قضى بينهم بالشقاوة على قدر تكذيبهم
هر كسى از همت والاى خويش
…
سود دارد در خور كالاى خويش
فعليك بالصدق والتصديق فى حق الأنبياء والأولياء واتباع ما جاؤا به من الوحى والإلهام لتظفر بكل مرام وَيَقُولُونَ استبعادا واستهزاء [آورده اند كه بعد از نزول واما نرينك الآية كفار مكة استعجال عذاب موعود نمودند اين آيت نازل شد] مَتى هذَا الْوَعْدُ بالعذاب فليأتنا عجلة إِنْ كُنْتُمْ اى أنت واتباعك صادِقِينَ فانه يأتينا قُلْ لا أَمْلِكُ لا اقدر لان الملك يلزمه القدرة لِنَفْسِي ضَرًّا بان ادفعه وَلا نَفْعاً بان اجلبه فكيف املك لكم فاستعجل فى جلب العذاب إليكم إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء منقطع اى لكن ما شاء الله كائن فالله هو المالك للضر والنفع وهو لم يعين لوعده زمانا ثم اخلف فاذا حضر الوقت فانه لا بد وان يقع الموعود كما قال لِكُلِّ أُمَّةٍ ممن قضى بينهم وبين رسولهم أَجَلٌ معين خاص بهم لا يتعدى الى امة اخرى مضروب لعذابهم جزاء على تكذيبهم رسلهم يحل بهم عند حلوله إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ اى زمانهم الخاص المعين فَلا يَسْتَأْخِرُونَ
اى لا يتأخرون عن ذلك الاجل وصيغة الاستقبال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له ساعَةً اى شيأ قليلا من الزمان وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون عليه فلا يستعجلون فسيحين وقتكم وينجز وعدكم وهو عطف على يستأخرون لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه فى نفسه كالتأخر بل للمبالغة فى انتفاء التأخر بنظمه فى سلك المستحيل عقلا قُلْ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني لان الرؤية سبب للاخبار إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ الذي تستعجلون به بَياتاً اى وقت بيات واشتغال بالنوم أَوْ نَهاراً حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ جواب للشرط بحذف الفاء فان جواب الشرط إذا كان استفهاما لا بد فيه من الفاء الا فى الضرورة اى أي شىء ونوع من العذاب يستعجلونه وليس شىء من العذاب يستعجل به لمرارته وشدة أصابته فهو مقتص لنفور الطبع منه او أي شىء يستعجلون منه سبحانه والشيء لا يمكن استعجاله بعد إتيانه والمراد به المبالغة فى انكار استعجاله بإخراجه عن حيز الإمكان وتنزيله فى الاستحالة منزلة استعجاله بعد إتيانه بناء على تنزيل تقرر إتيانه ودنوه منزلة إتيانه حقيقة والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الإنكار ببيان مباينة حالهم للاستعجال فان حق المجرم ان يهلك فزعا من إتيان العذاب فضلا عن استعجاله أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ دخول حرف الاستفهام على ثم لانكار التأخر وما مزيدة. اى قل لهم ابعد ما وقع العذاب وحل بكم حقيقة آمنتم به حين
لا ينفعكم الايمان آلْآنَ بابدال الهمزة الثانية الفا مع المد اللازم وأصله أألان على ان تكون الاولى استفهامية وهو منصوب بآمنتم المقدر دون المذكور لان ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده كالعكس وهو استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت القول الملقن اى قيل لهم عند ايمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به إنكارا للتأخير وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ اى تكذيبا واستهزاء ثُمَّ قِيلَ عطف على ما قدر قبل آلآن لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى وضعوا التكذيب موضع التصديق والكفر موضع الايمان ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ [عذاب جاويدى كه آن دائم بود] وذلك انهم يعذبون فى قبورهم ثم يصيرون الى جهنم فيعذبون فيها ابدا
نپندارى كه بد كو رفت وجان برد
…
حسابش با كرام الكاتبين است
هَلْ تُجْزَوْنَ اليوم يعنى لا تجزون إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ فى الدنيا من الكفر والمعاصي وفيه تنبيه على ان العذاب لم يصدر منه تعالى ابتداء فانه لم يخلق عباده الا ليرحمهم بل هو نتيجة عملهم الباطل بمنزلة الهلاك المترتب على تناول السم
چرا ز غير شكايت كنم كه همچوحباب
…
هميشه خانه خراب هواى خويشتنم
وَيَسْتَنْبِئُونَكَ اى يستخبرونك فيقولون على طريق الاستهزاء والإنكار أَحَقٌّ هُوَ والهمزة للاستفهام وحق خبر قدم على المبتدأ الذي هو الضمير والجملة فى موضع النصب بيستنبئونك لان انبأ بمعنى اخبر يتعدى الى اثنين بنفسه والأشهر ان يتعدى الى الثاني بكلمة عن بان يقال استنبأت زيدا عن عمرو اى طلبت منه ان يخبرنى عن عمرو قُلْ لهم غير ملتفت الى استهزائهم بانيا للامر على أساس الحكمة إِي وَرَبِّي اى بكسر الهمزة وسكون الياء من حروف الإيجاب بمعنى نعم فى القسم خاصة كما ان هل بمعنى قد فى الاستفهام خاصة فالواو للقسم. والمعنى بالفارسية [آرى بحق پروردگار من] إِنَّهُ اى العذاب الموعود لَحَقٌّ ثابت البتة وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ربكم حين أراد تعذيبكم حتى يفوتكم العذاب بالهرب فهو لا حق بكم لا محالة وفى الآية اشارة الى ان اهل الغفلة لاحتجاب بصائرهم بحجب التعلقات الكونية ليس الأمور الاخروية عندهم بمنزلة المحسوس واما اهل اليقظة فلتنورهم بنور الله تعالى يشاهدون بعين القلب الآخرة وأهوالها كما تشاهد عين القالب الدنيا وأحوالها فهى عندهم بمنزلة المحسوس بل النبي عليه السلام قد عبر ليلة المعراج على الجنة والنار فشاهد ما شاهد بعين الرأس وكشف حقائق الأشياء ولذا حكم على الموعود بالحقية وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ أشركت صفة نفس ما فِي الْأَرْضِ اى فى الدنيا من خزائنها وأموالها لَافْتَدَتْ بِهِ اى جعلته فدية لها من العذاب وبذلته مقابلة نجاتها من افتداه بمعنى فداه اى اعطى فداءه وَأَسَرُّوا اى النفوس المدلول عليها بكل نفس وإيثار صيغة جمع المذكر لحمل لفظ النفس على الشخص او لتغليب ذكور مدلوله على إناثه النَّدامَةَ على ما فعلوا من الظلم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ والمعنى اخفوها ولم يظهروها عند معاينة العذاب عجزا عن النطق لكمال الحيرة كمن يذهب به ليصلب فانه يبقى مبهوتا لا ينطق بكلمة وفى
الكواشي وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ أظهروها لانه ليس بيوم تصبر قال فى التبيان الاسرار من الاضداد وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى أوقع القضاء والحكم بين الظالمين من المشركين وغيرهم من اصناف اهل الظلم بان اظهر الحق سواء كان من حقوق الله او من حقوق العباد من الباطل وعومل اهل كل منهما بما يليق به بِالْقِسْطِ بالعدل وَهُمْ اى الظالمون لا يُظْلَمُونَ فيما فعل بهم من العذاب بل هو من مقتضيات ظلمهم ولوازمه الضرورية كذا فى الإرشاد وقال القاضي ليس تكريرا لان الاول قضاء بين الأنبياء ومكذبيهم والثاني مجازاة للمشركين على الشرك أَلا قال الامام كلمة ألا انما تذكر لتنبيه الغافلين واهل هذا العالم مشغولون بالنظر الى الأسباب الظاهرة فيضيفون الأشياء الى ملاكها الظاهرة المجازية فيقولون الدار لزيد والغلام لعمرو والسلطنة للخليفة والتصرف للوزير ونحو ذلك فكانوا مستغرقين فى نوم الجهل والغفلة حيث يظنون صحة تلك الإضافات فلذلك نادى الحق هؤلاء الناثمين بقوله ألا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه قد ثبت ان جميع ما سواه تعالى ممكن لذاته وان الممكن لذاته مستند الى الواجب لذاته اما ابتداء او بواسطة فثبت ان جميع ما سواه مملوك له تعالى يتصرف فيه كيفما يشاء إيجادا واعداما واثابة وعقابا وكلمة ما لتغلب غير العقلاء على العقلاء أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ اى ما وعده من الثواب والعقاب كائن لا خلف فيه فالوعد بمعنى الموعود والحق بمعنى الثابت والواقع ويجوز ان يكون بمعناه المصدري والحق بمعنى المطابق للواقع اى وعده بما ذكر مطابق للواقع وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لقصور عقلهم واستيلاء الغفلة عليهم والفهم بالافعال المحسوسة المعتادة لا يَعْلَمُونَ ذلك وانما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فيقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون
مانده در تنكناى اين مجلس
…
غير دنيا نديده ديده حس
چشم دل كو كه پردها بدرد
…
جانب ملك آخرت نكرد
مرغ او در قفس زبون باشد
…
چهـ شناسد كه باغ چون باشد
هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فى الدنيا من غير دخل لاحد فى ذلك وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فى الآخرة بالبعث والحشر وفى التأويلات النجمية هُوَ يُحيِي من العدم بالإيجاد وَيُمِيتُ من الوجود بالاعدام وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وجودا وعدما. انتهى وفى الآية اشارة الى انه لا بد من الرجوع وان كان اضطراريا ونعم ما قيل إذا جاء الموت لا ينفع العلم كما لم ينفع آدم ولا الخلة كما لم تنفع ابراهيم ولا القربة كما لم تنفع موسى ولا الملك كما لم ينفع داود وسليمان وذا القرنين ولا المحبة كما لم تنفع محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ولا المال كما لم ينفع قارون ولا الجنود كما لم تنفع نمرود ولا الجمال كما لم ينفع يوسف قيل فى الموت ستمائة الف واربعة وعشرون الف غم كل غم لو وضع على اهل الدنيا لماتوا منه وبعد الموت ثلاثمائة وستون هو لا كل هول أشد من الموت فمن عرف هذا بطريق اليقين جاهد الى ان تجد كل ذرة منه الم الموت فحينئذ لا يبقى للالم حين الفوت مجال أصلا لانه مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار ورجع الى المولى بنفسه وفنى عن جملة القيود والإضافات وبقي ببقاء الله تعالى فهذا يقال له موت النفس
وحياة القلب أحيانا الله تعالى وإياكم. والموت بالاختيار حال الأحرار والموت بالاضطرار حال اهل الدناءة والأغيار والاول رجوع بوصال والثاني رجوع بفراق: وفى المثنوى
اى برادر صبر كن بر درد نيش
…
تا رهى از نيش نفس كبر خويش «1»
هر كه مرد اندر تن او نفس كبر
…
مرد را فرمان برد خرشيد وابر
نى بگفتست آن سراج امتان
…
اين جهان وآن جهان چون ضرتان «2»
پس وصال اين فراق آن بود
…
صحت اين تن سقام جان بود
سخت مى آيد فراق اين مقر
…
پس فراق آن مقردان سخت تر
چون فراق آن نقش سخت آيد ترا
…
تا ز سخت آيد ز نقاش جدا
يا أَيُّهَا النَّاسُ نداء عام كما فى تفسير الكاشفى وخصصه فى الإرشاد بكفار مكة قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ هى التذكير بالعواقب سواء كان بالزجر والترهيب او بالاستمالة والترغيب اى كتاب مبين لما يجب لكم وعليكم مرغب فى الأعمال الحسنة منفر عن الافعال السيئة وهو القرآن مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بجاءتكم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ ودواء من امراض القلوب كالجهل والشك والشرك والنفاق وغيرها من العقائد الفاسدة وَهُدىً الى طريق الحق واليقين بالإرشاد الى الاستدلال بالدلائل المنصوبة فى الآفاق والأنفس وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حيث نجوا بمجىء القرآن من ظلمات الكفر والضلال وهذه المصادر وصف بها القرآن للمبالغة كأنه عينها
زهى كلام تو محض هدايت وحكمت
…
زهى پيام تو عين عنايت ورحمت
كشد كمند كلام تو اهل عرفانرا
…
ز شوره زار خساست بگلشن همت
يقال القرآن موعظة للنفوس وشفاء للصدور وهدى للارواح. ويقال الموعظة للعوام والشفاء للخواص والهدى للاخص والرحمة للكل حيث أوصلهم الى مراتبهم قُلْ يا محمد للناس بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ عبارتان عن إنزال القرآن والباء متعلقة بمحذوف واصل الكلام ليفرحوا بفضل الله وبرحمته وتكرير الباء فى رحمته للايذان باستقلالها فى استيجاب الفرح ثم قدم الجار والمجرور على الفعل لافادة القصر ثم ادخل عليه الفاء لافادة معنى السببية فصار بفضله وبرحمته فليفرحوا ثم قيل فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا للتأكيد والتقرير ثم حذف الفعل الاول لدلالة الثاني عليه والفاء الاولى جزائية والثانية للدلالة على السببية والأصل ان فرحوا بشئ فبذلك ليفرحوا لا بشئ آخر ثم ادخل الفاء للدلالة على السببية ثم حذف الشرط وأشير بذلك الى اثنين اما لا تحادهما بالذات او بالتأويل المشهور فى اسماء الاشارة هُوَ اى ما ذكر من فضل الله ورحمته خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من الأموال الفانية قال بعض الكبار فضل الله إيصال إحسانه إليك ورحمته ما سبق لك منه من الهداية ولم تك شيأ فكأن الله تعالى يقول عبدى لا تعتمد على طاعتك وخدمتك واعتمد على فضلى ورحمتى فان رأس المال ذلك [هر كسى را سرمايه ايست وسرمايه مؤمنان فضل من وهر كسى را خزانه ايست وخزانه مؤمنان رحمت من]
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن قزوينى بر شانه كاه إلخ
(2)
در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه آن شاهزاده آدمي زاده است إلخ
گر شاه را خزانه نهادن بود هوس
…
درويش را خزانه همين لطف دوست بس
ولو كان فى جمع حطام الدنيا منفعة لا تنفع قارون قال مالك بن دينار كنت فى سفينة مع جماعة فنبه العشار ان يخرج أحد فخرجت فقال ما اخرجك فقلت ليس معى شىء فقال اذهب فقلت فى نفسى هكذا امر الآخرة فالعلائق قيد والتجرد حضور وراحة: قال الحافظ
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود
…
ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست
أشار بهذا البيت الى الحرية عن جميع ما سوى الله تعالى فان العالم جسما او روحا عينا او علما مما يقبل التعلق لكن لما كان الف الناس بالمحسوس اكثر خص ما تحت الفلك الأرزق بالذكر اعلم ان الاتعاظ بالموعظة القرآنية يوصل العبد الى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية- حكى- ان ابراهيم بن أدهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله وموعظة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة ثم فى عبارة جاءَتْكُمْ اشارة الى ان حضرة القرآن تحفة من الله تعالى جسيمة وهدية منه عظيمة وصلت إلينا فلم يبق الا القبول وقبوله الائتمار باوامره والانتهاء عن نواهيه قال بعض القراء قرأت القرآن على شيخ لى ثم رجعت لا قرأ ثانيا فانتهرنى وقال جعلت القراءة على عملا اذهب فاقرأ على غيرى فانظر ماذا يأمرك وينهاك وماذا يفهمك كذا فى الاحياء: ونعم ما قيل
نقد عمرش ز فكرت معوج
…
خرج شد در رعايت مخرج
صرف كردش همه حيات سره
…
در قراءات سبع وعشره
والمقصود من البيت انه يلزم بعد تحصيل قدر ما يتحصل به تصحيح الحروف ورعاية المخرج صرف باقى العمر الى الأهم وهو معرفة الله تعالى وهو متعلق القلب الذي هو اشرف من اللسان وسائر الأعضاء ومعرفة الله انما تحصل غالبا بالذكر ثم بالفكر بانكشاف حقائق الأشياء وحقائق القرآن فكما ان الله تعالى أيد النبي عليه السلام بجبريل فكذا أيد الولي بالقرآن وهو جبريل وعلم الشريعة يبقى هنا لان متعلقه على الفناء وانما يذهب الى الآخرة ثوابه بحسب العمل بالخلوص. واما علم الحقيقة فيذهب الى الآخرة لانه على البقاء وهو ازلى أبدى لا زوال له فى كل موطن ومقام كما أفاده لى حضرة شيخى وسندى قدس الله نفسه الزاكية ونفعنى وإياكم بعلومه النافعة قُلْ أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها المشركون ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ ما استفهامية منصوبة المحل بانزل سادة مسد المفعولين لأرأيتم جعل الرزق منزلا من السماء مع ان الأرزاق انما تخرج من الأرض اما لانه مقدر فى السماء كما قال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ ولا يخرج من الأرض الا على حسب ما قدر فيها فصار بذلك كأنه منزل منها أو لأنه انما يخرج من الأرض بأسباب متعلقة بالسماء كالمطر والشمس. والقمر فان المطر سبب الإنبات والشمس سبب النضج والقمر سبب اللون واللام للمنفعة فدلت على ان المراد منه ما حل فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ اى جعلتم بعضه حَراماً اى حكمتم بانه حرام وَحَلالًا اى وجعلتم
بعضه حلالا اى حكمتم بحله مع كون كله حلالا. والمعنى أي شىء انزل الله من رزق فبعضتموه والمقصود الإنكار لتجزئتهم الرزق وذلك قولهم هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ وقولهم ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وهى البحيرة والسائبة والوصيلة والحام قُلْ لهم آللَّهُ [آيا خدا] أَذِنَ لَكُمْ فى ذلك الجعل فانتم فيه ممتثلون لأمره قائلون بالتحريم والتحليل بحكمه أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ فى نسبة ذلك اليه وفى الكواشي هذه الآية من ابلغ الزواجر عن التجوز فيما يسأل عنه من الحكم وباعثة على الاحتياط فيه ومن لم يحتط فى الحكم فهو مفتر انتهى قال على كرم الله وجهه «من افتى الناس بغير علم لعنته السماء والأرض» وسألت بنت على البلخي أباها عن القيء إذا خرج الى الحلق فقال يجب إعادة الوضوء فرأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لا يا على حتى يكون ملء الفم فقال علمت ان الفتوى تعرض على رسول الله فآليت على نفسى ان لا افتى ابدا وفى الآية اشارة الى انه لا يجوز للمرء ان يعتقد ويقول ان الرزق المعنوي من الواردات الالهية والشواهد الربانية حرام على ارباب النفوس وحلال على اصحاب القلوب وان تحصيل هذه السعادات ونيل هذه الكرامات ليس من شأننا وانما هو من شأن الأخيار الكبراء وخواص الأنبياء والأولياء فان هذا افتراء على الله فان الله تعالى ما خص قوما بالدعوة الى الدرجات والمقامات العلية بل جعل الدعوة عامة لقوله وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وقوله يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ فتحريمه هذا الرزق على نفسه من خساسة نفسه وركاكة عقله ودناءة همته والا فالله تعالى لم يسد عليه هذا الباب بل هو الفياض الوهاب: قال الحافظ
عاشق كه شد كه يار بخالش نظر نكرد
…
اى خواجه درد نيست وگر نه طبيب هست
: وقال
طالب لعل وكهر نيست وگر نه خورشيد
…
همچنان در عمل معدن وكانست كه بود
: وفى المثنوى
كر كران وكر شتابنده بود
…
عاقبت جوينده يابنده بود
وفى الحكم العطائية وشرحها من استغرب ان ينقذه الله من شهوته التي اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية ومن استعجزها فقد كفر أو كاد ودليل ذلك ان الله تعالى يقول وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً أبان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شىء وهذا أمس الأشياء وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلى ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ما استفهامية فى محل الرفع على الابتداء وظن خبرها ومفعولاه محذوفان وزيادة الكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا لاظهار كمال قبح ما افتعلوا وكونه كذبا فى اعتقادهم ايضا يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف لنفس الظن اى أي شىء ظنهم فى ذلك اليوم يوم عرض الافعال والأقوال والمجازاة عليها مثقالا بمثقال والمراد تهويله
وتفظيعه بهول ما يتعلق به مما يصنع بهم يومئذ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ جميعا حيث أنعم عليهم بالعقل المميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح ورحمهم بانزال الكتب وإرسال الرسل وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ تلك النعمة الجليلة فلا يصرفون قواهم ومشاعرهم الى ما خلقت له ولا يتبعون دليل العقل فيما يستبدبه ولا دليل الشرع فيما لا يدرك الا به وَما نافية تَكُونُ يا محمد فِي شَأْنٍ اى فى امر والجمع شؤون من قولك شأنت شأنه قصدت قصده مصدر بمعنى المفعول ويكون الشأن بمعنى الحال ايضا يقال ما شأن فلان بمعنى ما حاله وَما تَتْلُوا مِنْهُ الضمير للشأن والظرف صفة لمصدر محذوف اى تلاوة كائنة من الشأن لان تلاوة القرآن معظم شأن الرسول مِنْ قُرْآنٍ من مزيدة لتأكيد النفي وقرآن مفعول تتلو وَلا تَعْمَلُونَ [اى آدميان] مِنْ عَمَلٍ من الأعمال تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير قال ابن الشيخ الخطاب وان خص به عليه السلام اولا بحسب الظاهر الا ان الامة داخلون فيه لان رئيس القوم إذا خوطب دخل قومه فى ذلك الخطاب كما فى قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً استثناء مفرغ من أعم احوال المخاطبين بالافعال الثلاثة اى ما تلابسون بشئ منها فى حال من الأحوال الا حال كوننا رقباء مطلعين عليه حافظين له إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ظرف لشهودا إذ تخلص المضارع لمعنى الماضي والافاضة الدخول فى العمل يقال أفاض القوم فى العمل إذا اندفعوا فيه اى تخوضون وتندفعون فيه وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ اى لا يبعد ولا يغيب عن علمه الشامل مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ من مزيدة لتأكيد النفي اى ما يساوى فى الثقل نملة صغيرة او هباء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ اى فى دائرة الوجود والإمكان وَلا لنفى الجنس أَصْغَرَ اسمها مِنْ ذلِكَ الذرة وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ خبرها وهو اللوح المحفوظ فاذا كان كل شىء مكتوبا فى اللوح فكيف يغيب عن علمه شىء وكيف يخفى عليه امر فلا يظن أحد انه لا يجازى على أقواله وأفعاله خيرا كانت او شرا وفيه اشارة الى طريق المراقبة وحث على المحافظة فان المرء إذا علم يقينا اطلاع الله عليه فى كل آن وحافظ على أوقاته سلم من الخلاف وعامل بالانصاف- حكى- عن عمر البناني رحمه الله قال مررت براهب فى مقبرة فى كفه اليمنى حصى ابيض وفى كفه اليسرى حصى اسود فقلت يا راهب ما تصنع هاهنا قال إذا فقدت قلبى أتيت المقابر فاعتبرت بمن فيها فقلت ما هذا الحصى الذي فى كفك فقال اما الحصى الأبيض إذا عملت حسنة ألقيت واحدة منها فى الأسود وإذا عملت سيئة ألقيت واحدة من هذا الأسود فى الأبيض فاذا كان الليل فنظرت فان فضلت الحسنات على السيئات أفطرت وقمت الى وردى وان فضلت السيئات على الحسنات لم آكل طعاما ولم اشرب شرابا فى تلك الليلة هذه حالتى والسلام عليك وعن بعض الكبار من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المراقبات وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لان الحياة تقتضى الاحساس والعكس صفة الميت وكل معصية من الغفلة والنسيان فذاكر الحق سالم فى الدنيا والآخرة- حكى- ان وليسا اشتاق الى رؤية حبيب
من أحباء الله فقيل له اذهب الى القصبة الفلانية ففيها حبيبى فجاء إليها ورأى رجلا يذكر الله وأسدا فاذا تغافل يختطفه الأسد حتى يقطع قطعة لحم من أعضائه فلما قرب اليه وسأل عن حاله قال أردت ان لا تغافل عن ذكر الله فاذا وقعت الغفلة سلط على كلبا من كلاب الدنيا فانا الازمه مخافة ان يسلط كلبا من كلاب الآخرة علىّ للغفلة يقول الفقير فى هذه القصة إشارات. منها ان فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة وان مقاساة شدائد طريق الحق فى هذه النشأة أسهل من المؤاخذات الاخروية فعلى المرء ملازمة الطاعة والعبادة وان كانت شاقة عليه: وفى المثنوى
اندرين ره مى تراش ومى خراش
…
تا دم آخر دمى فارغ مباش
ومنها انه لا بد من المراقبة فان عجز بنفسه عنها استعان عليها من خارج فانه لا بد للنائم من محرك وموقظ إذ النوم طويل والنفس كسلى ولذا جعلوا من شرط الصحبة ان لا يصطحب إلا مع من فوقه: وفى البستان
ز خود بهترى جوى وفرصت شمار
…
كه با چون خودى كم كنى روزكار
ومنها ان الأسد الذي سلطه الله عليه انما سلطه فى الحقيقة على نفسه ليفترسها فان من لم يمت نفسه فى هذه الدار سلطها الله عليه فى دار البوار أَلا تنبهوا واعلموا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ اى أحباء الله واعداء نفوسهم فان الولاية هى معروفة الله ومعرفة نفوسهم فمعرفة الله رؤيته بنظر المحبة ومعرفة النفس رؤيتها بنظر العداوة عند كشف غطاء أحوالها وأوصافها فاذا عرفتها حق المعرفة وعلمت انها عدوة لله ولك وعالجتها بالمعاندة والمكابدة أمنت مكرها وكيدها وما نظرت إليها بنظر الشفقة والرحمة كما فى التأويلات النجمية قال المولى ابو السعود رحمه الله الولي لغة القريب والمراد باولياء الله خلص المؤمنين لقربهم الروحاني منه سبحانه انتهى لانهم يتولونه تعالى بالطاعة اى يتقربون اليه بطاعته والاستغراق فى معرفته بحيث إذا رأوا رأوا دلائل قدرته وان سمعوا سمعوا آياته وان نطقوا نطقوا بالثناء عليه وان تحركوا تحركوا فى خدمته وان اجتهدوا اجتهدوا فى طاعته لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فى الدارين من لحوق مكروه والخوف انما يكون من حدوث شىء من المكاره فى المستقبل وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات مطلوب والحزن انما يكون من تحقق شىء مما كرهه فى الماضي او من فوات شىء أحبه فيه اى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا انه يعتريهم لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا انه لا يعتريهم خوف وحزن بل يستمرون على النشاط والسرور كيف لا واستشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال الله وهيبته واستقصارا للجد والسعى فى اقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين ولذا قال فى الكواشي لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فى الآخرة والا فهم أشد خوفا وحزنا فى الدنيا من غيرهم انتهى وانما يعتريهم ذلك لان مقصدهم ليس الاطاعة الله ونيل رضوانه انه المستتبع للكرامة والزلفى وذلك مما لا ريب فى حصوله ولا احتمال لفواته بموجب الوعد بالنسبة اليه تعالى واما ما عدا ذلك من الأمور الدنيوية المترددة بين الحصول والفوات فهى بمعزل من الانتظام فى سلك مقصدهم وجودا وعدما حتى يخافوا من حصول ضارها او يحزنوا
بفوات نافعها كما فى الإرشاد. والتحقيق انهم لفنائهم فى عين الهوية الاحدية لم يبق فيهم بقية ولا غاية ما وراء ما بلغوا حتى يخافوا ويحزنوا كما فى نفائس المجالس لحضرة الهدائى قدس سره الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ استئناف مبنى على السؤال ومحل الموصول الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف كأنه قيل من أولئك وما سبب فوزهم بتلك الكرامة فقيل هم الذين جمعوا بين الايمان بكل ما جاء من عند الله والتقوى المفضيين الى كل خير المنحيين عن كل شر قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة وكانوا يتقون الله تعالى من صدور سيآت الأعمال والأخلاق فى مرتبة الشريعة والطريقة ومن ظهور الغفلات والتلوينات فى مرتبة المعرفة والحقيقة لانهم يصلحون طبائعهم بالشريعة وأنفسهم بالطريقة وقلوبهم بالمعرفة وأرواحهم وأسرارهم بالحقيقة فلا جرم انهم يتقون من جميع ما سوى الله انتهى يقول الفقير يشير رضى الله عنه بذلك الى ان المراد بالتقوى المرتبة الثالثة منها وهو تنزه الإنسان عن كل ما يشغل سره عن الحق والتبتل اليه بالكلية وهذه المرتبة جامعة لما تحتها من مرتبة التوقي عن الشرك التي يفيدها الايمان ايضا ومرتبة التجنب عن كل ما يؤثم من فعل وترك وللاولياء فى شأن التبتل والتنزه درجات متفاوتة حسب تفاوت درجات استعداداتهم أقصاها ما انتهى اليه همم الأنبياء عليهم السلام جمعوا بين رياستى النبوة والولاية وما عاقهم التعلق بعلم الأشباح عن العروج الى عالم الأرواح ولم يصدهم الملابسة بمصالح الخلق عن الاستغراق فى شؤون الحق لكمال استعداد نفوسهم الزكية المؤيدة بالقوة القدسية ومن هنا يعرف فضل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على عيسى عليه السلام إذ ليس عروجه الى الرابعة ببديع بالنسبة الى عروج رسولنا عليه السلام الى العرش وما فوقه إذ كان تعلقه بهذه النشأة من جهة الام فقط وتعلق رسول الله من جهة الأبوين ومع ذلك ما عافه التعلق حتى انتهى فى عروجه الى ما انتهى من نهايات العنصريات وغايات الطبيعيات ودوام الاتصال بالأنوار العالية ممكن كما يحكى عن بعض المتألهين وان لم يمكن فيجعل هذه الحالة ملكة له فيصير بدنه كقميص يلبسه تارة ويخلعه اخرى ألا ترى ان من قدر على النفقة فهو متى جاع فبيده الشبع يأكل ما شاء فقس عليه الرزق المعنوي والعروج الى مبدأه بل هو اولى من ذلك لانه مستغن عن آلة وسبب وليس بين الطالب والمطلوب مسافة: وفى المثنوى
اين دراز وكوتهى مر جسم راست
…
چهـ دراز وكوته آنجا كه خداست
چون خدا مر جسم را تبديل كرد
…
رفتنش بي فرسخ وبي ميل كرد
فاذا عرفت ان اولياء الله تعالى هم المؤمنون المتقون بالتقوى الحقيقية فاعرف ايضا انه قد جاء فى الأولياء أوصاف اخر بعضها متقارب وبعضها باعتبار البداية وبعضها باعتبار النهاية الى غير ذلك مما روى على كرم الله وجهه هم صفر الوجوه من السهر عمش العيون من العبر خمص البطون من الطوى يبس الشفاه من الذوى وعن سعيد بن جبير ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سئل من اولياء الله فقال (هم الذي يذكر الله برؤيتهم) اى بسمتهم واخباتهم وسكينتهم نحو سيماهم فى وجوهم وقال بعضهم علامة الأولياء أن همومهم مع الله وشغلهم بالله وفرارهم اليه فنوا فى أحوالهم ببقائهم فى مشاهدة مالكهم فتوالت عليهم أنوار الولاية فلم يكن لهم عن
نفوسهم اخبار ولا مع واحد غير الله قرار وهم المتحابون فى الله قال صلى الله تعالى عليه وسلم (ان الله عبادا ليسوا بانبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله) قيل يا رسول الله من هم وما أعمالهم فلعلنا نحبهم قال (هم قوم تحابوا فى الله على غير أرحام منهم ولا اموال يتعاطونها فو الله ان وجوههم لنور وانهم لعلى منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس) قوله يغبطهم الأنبياء تصوير لحسن حالهم على طريقة التمثيل قال الكواشي وهذا مبالغة والمعنى لو فرض قوم بهذه الصفة لكانوا هؤلاء والا فلا خلاف ان أحدا من غير الأنبياء لا يبلغ منزله الأنبياء وفى تفسير الفاتحة للفنارى ان النبيين يفزعون على أممهم للشفقة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون يوم القيامة اللهم سلم سلم ويخافون أشد الخوف على أممهم والأمم يخافون على أنفسهم واما الآمنون على أنفسهم فيغبطهم النبيون فى الذي هم عليه من الامن لما هم اى النبيون عليه من الخوف على أممهم وان كانوا آمنين على أنفسهم يقول الفقير وحين الانتهاء فى التحرير الى هذا المحل ظهر لى وجه آخر وهو ان الحديث المذكور ناطق عن المحبة فى الله والمحبة مقام اختص به عليه السلام من بين الأنبياء والرسل وهو لا ينافى تحقق الكمل من ورثته بحقائقه إذ كمال التابع تابع لكمال متبوعه فمن الجائز ان يحصل لهم من ذلك المقام وآثاره ما به يغبطهم بعض الأنبياء وقد ورد (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) ولا يلزم من ذلك بلوغهم منزلة الأنبياء ورجحانهم عليهم مطلقا وقد تقرر ان الأفضل قد يكون مفضولا من وجه وبالعكس ألا ترى قوله عليه السلام (أنتم اعلم بامور دنياكم) ودرجات المعرفة لا نهاية لها والى الله المنتهى وقال ابو يزيد قدس سره اولياء الله تعالى عرائس ولا يرى العرائس الا من كان محرما لهم واما غيرهم فلا وهم مخدرون عنده فى حجاب الانس لا يراهم أحد فى الدنيا ولا فى الآخرة وقال سهل اولياء الله لا يعرفهم الا اشكالهم او من أراد ان ينفعه بهم ولو عرفهم حتى يعرفهم الناس لكانوا حجة عليهم فمن خالف بعد علمه بهم كفر ومن قعد عنهم خرج وقال الشيخ ابو العباس معرفة الولي أصعب من معرفة الله فان الله معروف بكماله وجماله ومتى يعرف مخلوق مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب وهم ظاهرهم مزين باحكام الشرع وباطنهم مشتغل بانوار الفقر: وفى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود
…
كاو باحكام شريعت ميرود
قال الكاشفى فى وصف الأولياء
رخش ز ميدان ازل تاخته
…
گوى بچوگان ابد بأخته
معتكفان حريم كبريا
…
شسته دل از صورت كبر وريا
راه نوردان شكسته قدم
…
راز كشايان فرو بسته دم
: وقال السعدي
اسيرش نخواهد رهايى ز بند
…
شكارش نجويد خلاص از كمند
دلارام در بر دلاراى جوى
…
لب از تشنكى خشك بر طرف جوى
هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
بيان لما أولاهم من خيرات الدارين بعد بيان
انجائهم من شرورهما ومكارههما. والجملة مستأنفة كأنه قيل هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة فقيل لهم ما يسر هم فى الدارين وتقديم الاول لما ان التخلية سابقة على التحلية. والبشرى مصدر أريد به المبشر به من الخيرات العاجلة كالنصر والفتح والغنيمة وغير ذلك والآجلة الغنية عن البيان والظرفان فى موقع الحال منه والعامل ما فى الخبر من معنى الاستقرار اى لهم البشرى حال كونها فى الحياة الدنيا وحال كونها فى الآخرة اى عاجلة وآجلة او من الضمير المجرور اى حال كونهم فى الحياة إلخ ومن البشرى العاجلة الثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس هذا ما اختاره المولى ابو السعود بناء على انها بشارة ناجزة مقصودة بالذات. وقيل البشرى مصدر والظرفان متعلقان به اما البشرى فى الدنيا فهى البشارات الواقعة للمؤمنين المتقين فى غير موضع من الكتاب المبين وعن النبي عليه السلام (هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له) اى يراها مسلم لاجل مسلم آخر ولا يخفى ان كون الرؤيا الصالحة مبشرة للمؤمن يمنع ان تكون بنبوة فتكون بوجه آخر من صلاح وتنبيه غفلة وفرح وغيرها كما فى شرح المشارق لابن الملك وهذه البشارة لا تحصل الا لاولياء الله لانهم مستغرقوا القلب والروح فى ذكر الله ومعرفة الله فمنامهم كاليقظة لا يفيد الا الحق واليقين واما من يكون متوزع الخاطر على احوال هذا العالم الكدر المظلم فانه لا اعتماد على رؤياه وفى التأويلات النجمية لهم المبشرات التي هى تلو النبوة من الوقائع التي يرون بين النوم واليقظة والإلهامات والكشوف وما يرد عليهم من المواهب والمشاهدات كما قال عليه السلام (لم يبق من النبوة الا المبشرات) انتهى وفى الحديث (الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة) ومعناه ان النبي عليه السلام حين بعث اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين فمدة الوحى اليه فى اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحى فى المنام ستة أشهر من ثلاث وعشرين سنة فهى جزء من ستة وأربعين جزأ وانما ابتدئ رسول الله بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحملها القوى البشرية فكانت الرؤيا تأنيسا له وقال بعضهم لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة. واما البشرى فى الآخره فتلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحف بايمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات فى كل موطن من المواطن الاخروية فتكون هذه بشارة بما سيقع من البشارات العاجلة والآجلة المطلوبة لغاياتها لا لذواتها [سلمى فرموده كه بشارت دنيا وعده لقاست ومژده آخرت تحقيق آن وعده. وشيخ الإسلام فرموده كه ولى را دو بشارتست. در دنيا شناخت ودر عقبى نواخت. درين سراى سرور مجاهده ودر ان سراى نور مشاهده. اينجا صفا ووفا وآنجا رضا ولقا] وفى التأويلات النجمية بشراهم فى الآخرة بكشف القناع عن جمال العزة عند سطوات نور القدم وزهق ظلمة الحدوث وبلقاء الحق رحمة منه كما قال يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ وفى حديث (الرؤية فى النشأة الكثيبية يقول الله تعالى لهم بعد التجلي هل بقي لكم شىء بعد هذا فيقولون يا ربنا وأي شىء بقي وقد نجيتنا من النار وادخلتنا دار رضوانك وأنزلتنا بجوارك وخلعت علينا ملابس كرمك وأريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقي لكم
فيقولون يا ربنا وما ذاك الذي بقي فيقول دوام رضاى عليكم فلا أسخط عليكم ابدا) فما أحلاها من كلمة وما ألذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال كن فاول شىء كان لنا منه السماع فختم بما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع وهو هذه البشرى تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ
اى لمواعيده الواردة فى حقهم إذ لا خلف لمواعيده أصلا وفى التأويلات النجمية لا يتغير أحكامه الازلية حيث قال للولى كن وليا وللعدو كن عدوا وكانوا كما أراد للحكمة البالغة فلا تغير لكلمة الولي وكلمة العدولِكَ
التبشيروَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
الذي لا يصل الى كنهه العقول وكيف لا وفيه سعادة الدارين اعلم ان الولاية على قسمين عامة وهى
مشتركة بين جميع المؤمنين كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وخاصة وهى مختصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك والولاية عبارة عن فناء العبد فى الحق والبقاء به ولا يشترط فى الولاية الكرامات الكونية فانها توجد فى غير الملة الاسلامية لكن يشترط فيها الكرامات القلبية كالعلوم الالهية والمعارف الربانية فهاتان الكرامتان قد تجتمعان كما اجتمعتا فى الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ ابى مدين المغربي قدس الله سرهما فانه لم يأت من اهل الشرق مثل عبد القادر فى الخوارق ومن اهل الغرب مثل ابى مدين مع مالهما من العلوم والمعارف الكلية وقد تفترقان فتوجد الثانية دون الاولى كما فى اكثر الكمل من اهل الفناء. واما الكرامات الكونية كالمشى على الماء والطيران فى الهواء وقطع المسافة البعيدة فى المدة القليلة وغيرها فقد صدرت من الرهابنة والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون كما سبق فى سورة البقرة عند قوله تعالى ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً الآية. والنبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لا مدخل لكسب العبد فيها. واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما يمكن الوزارة بالكسب كذلك يمكن الولاية بالكسب وفى الحقيقة كل منهما اختصاص عطائى غير كسبى حاصل للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل فاول الولاية انتهاء السفر الاول الذي هو السفر من الخلق الى الحق بازالة التعشق عن المظاهر والأغيار والخلاص من القيود والأستار والعبور على المنازل والمقامات والحصول على المراتب والدرجات وبمجرد حصول العلم اليقيني للشخص لا يلحق باهل المقام لانه انما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه وزال عنه اسمه ولما كانت المراتب متميزة قسم ارباب هذه الطريقة المقامات الكلية الى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين متصور الأمر على ما هو عليه وعين اليقين بشهوده كما هو وحق اليقين بالفناء فى الحق والبقاء به علما وشهودا وحالا لا علما فقط ولا نهاية لكمال الولاية فمراتب الأولياء غير متناهية والطريق التوحيد وتزكية النفس عن الأخلاق الذميمة وتطهيرها من الأغراض الدنيئة فمن جاهد فى طريق الحق فقد سعى فى الحلق نفسه بزمرة الأولياء ومن اتبع الهوى فقد اجتهد فى الالتحاق بفرقة الأعداء والسلوك الارادة لاجل الفناء فان المريد من يفنى إرادته فى ارادة الشيخ فمن عمل برأيه امرا فهو ليس بمريد: وفى المثنوى
مكسل از پيغمبر ايام خويش
…
تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش
كر چهـ شيرى چون روى ره بيدليل
…
همچوروبه ودر ضلالى وذليل
هين مپر الا كه با پرهاى شيخ
…
تا به بينى عون ولشكرهاى شيخ
وينبغى للمؤمن ان يجتهد فى تحصيل سير اولياء الله واقل الأمر أن لا يقصر فى حبهم فان المرء مع من أحب ان يحشر معه فلا بد من الجهة الجامعة من وجه خاص وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ هو فى الحقيقة نهى له عليه السلام عن الحزن كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بتكذيبهم وتشاورهم فى تدبير هلاكك وابطال أمرك وسائر ما يتفوهون به فى شأنك مما لا خير فيه وانما وجه النهى الى قولهم للمبالغة فى نهيه عليه السلام عن الحزن لما ان النهى عن التأثير نهى عن التأثر بأصله قال الكواشي يتم الوقف هنا ويختار الاستئناف بان العزة كأنه قيل فما لى لا احزن فقيل إِنَّ الْعِزَّةَ اى الغلبة والقهر لِلَّهِ جَمِيعاً اى فى مملكته وسلطانه لا يملك أحد شيأ منهما أصلا لا هم ولا غيرهم ويعصمك منهم وينصرك عليهم هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يسمع ما يقولون فى حقك ويعلم ما يعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك وفى التأويلات النجمية إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً فى الدنيا والآخرة يعز من يشاء فى الدنيا دون الآخرة ويعز من يشاء فى الآخرة دون الدنيا ويعز فى الدنيا والآخرة جميعا فلا يضره هواجس النفس ووساوس الشيطان فى احتظاظه بشهوات الدنيا ونعيمها والتزين بزينتها ولا يمنعه نعيم الدنيا عن نعيم الآخرة كما قال تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ. فيكون من خواص عباده الذين آتاهم الله فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة بل يكون لبعضهم نعيم الدنيا معينا على تحصيل نعيم الآخرة كما جاء فى الحديث الرباني (وان من عبادى من لا يصلحه الا الغنى فان أفقرته يفسده ذلك) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اى العقلاء من الملائكة والثقلين وإذا كان هؤلاء الذين هم اشرف الممكنات عبيد اله سبحانه مقهورين تحت قدرته وملكيته فما عداهم من الموجودات اولى بذلك فهو تعالى قادر على نصرك عليهم ونقل أموالهم وديارهم إليك وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ ما نافية وشركاء مفعول يتبع ومفعول يدعون محذوف لظهوره والتقدير وما يتبع الذين يدعون آلهة من دون الله شركاء فى الحقيقة وان سموها شركاء لان شركة الله تعالى فى الربوبية محال إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ اى ما يتبعون الا ظنهم انها شركاء وَإِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَخْرُصُونَ يكذبون فيما ينسبونه الى الله سبحانه يقال خرص يخرص خرصا اى كذب وهو من باب نصر والخراص الكذاب. ثم نبه على تفرده بالقدرة الكاملة والنعمة الشاملة ليدلهم على توحده باستحقاق العبادة فقال هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ مظلما لِتَسْكُنُوا فِيهِ وتستريحوا من تعب الطلب وَالنَّهارَ مُبْصِراً لتتحركوا فيه لتحصيل اسباب معاشكم فحذف مظلما لدلالة مبصرا عليه وحذف لتتحركوا لدلالة لتسكنوا عليه. واسناد الابصار الى النهار مجازى والمراد يبصر فيه كقوله نهاره صائم وليله قائم اى صام فى نهاره وقام فى ليله وفيه اشارة الى ان الله تعالى جعل بعض الأوقات للاستراحة من نصب المجاهدات وتعب الطاعات لنزول ملالة النفوس وكلالة القلوب ويستجد الشوق الى جانب المطلوب ومن ثمة جعل اهل التدريس يوم التعطيل ليحصل النشاط الجديد للتحصيل كما قال ابن خيام
زمانى بحث ودرس وقيل وقالى
…
كه انسان را بود كسب كمالى
زمانى شعر وشطرنج وحكايات
…
كه خاطر را شود دفع ملالى
ففى الانتقال من اسلوب الى اسلوب تجديد كتقلب اهل الكهف من اليمين الى اليسار من عهد بعيد: قال الحافظ
از قال وقيل مدرسه حال دلم كرفت
…
يك چند نيز خدمت معشوق ومى كنم
إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى جعل كل منهما كما وصف لَآياتٍ عجيبة كثيرة لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ اى سماع تدبر واعتبار لمواعظ القرآن وتخصيص الآيات بهم مع انها منصوبة لمصلحة الكل لما انهم المنتفعون بها قالُوا اى بنوا مدلج كما فى الكاشفى اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً اى تبناه وفى التبيان قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله وقالت قريش الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ تنزيه وتقديس له عما نسبوا اليه من الولد وتعجب لكلمتهم الحمقاء اما انه تنريه فلان تقديره أسبحه تسبيحا اى انزهه تنزيها واما انه تعجب فلانه يقال فى مقام التعجب سبحان الله واستعمال اللفظ فى الاول حقيقى وفى الثاني مجازى فان قلت لفظ واحد فى معنيين حقيقى ومجازى ممنوع قلت لا يلزم ان يكون استفادة معنى التعجب منه باستعمال اللفظ فيه بل هى من المعاني الثواني كما فى حواشى سعدى چلبى ورد فى الاذكار لكل اعجوبة سبحان الله ووجه اطلاق هذه الكلمة عند التعجب هو ان الإنسان عند مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كأنه استقصر قدرة الله فلذلك خطر على قلبه ان يقول قدر عليه وأوجده ثم تدارك انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان الله تنزيها لله تعالى عن العجز عن خلق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بانه تعالى على كل شىء قدير كذا فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النصر هُوَ الْغَنِيُّ عن كل شىء وهو علة لتنزهه سبحانه فان اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة فيتخذه الضعيف ليتقوى به والفقير ليستعين به والذليل ليتعزز به والحقير ليشتهر به وكل ذلك علامة الاحتياج لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى من العقلاء وغيرهم وهو تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا اى ما عندكم حجة وبرهان بهذا القول الباطل الذي صدر منكم فان نافية ومن زائدة لتأكيد النفي وسلطان مبتدأ والظرف المتقدم خبره وبهذا متعلق بسلطان أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم. وفيه تنبيه على ان كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وان العقائد لا بدلها من برهان قطعى وان التقليد فيها غير جائز قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ باتخاذ الولد واضافة الشريك اليه لا يُفْلِحُونَ لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب أصلا مَتاعٌ فِي الدُّنْيا جواب سؤال كأن قائلا قال كيف لا يفلحون وهم فى الدنيا بانواع ما يتلذذون به متمتعون فقيل ذلك متاع يسير فى الدنيا زائل لا بقاء له وليس بفوز بالمطلوب ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ اى بالموت ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ فيبقون فى الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر فى الدنيا فاين هم من الفلاح قال فى التأويلات النجمية فى الدنيا ماذا قوا ألم العذاب لانهم
كانوا نياما والنائم لا يجد ألم شىء من الجراحات والناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا
مردمان غافلند از عقبى
…
همه كويى بخفتگان مانند
ضرر غفلتى كه مى وزرند
…
چون بميرند آنگهى دانند
وفى الآيات نهى عن الشرك والذب وفى الحديث (ألا أخبركم بشئ امر به نوح عليه السلام ابنه فقال يا بنى آمرك بامرين وأنهاك عن أمرين آمرك ان تقول لا اله الا الله وحده لا شريك له فان السماء والأرض لو جعلتا فى كفة ولا اله الا الله فى كفة لرجح لا اله الا الله وآمرك ان تقول سبحان الله وبحمده فانها صلاة الملائكة ودعاء الخلق وبها يرزق الخلق وأنهاك ان لا تشرك بالله شيأ فان من أشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وأنهاك عن الكبر فان أحدا لا يدخل الجنة وفى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر اى ان الله إذا أراد ان يدخله الجنة نزغ ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر او لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه او لا يدخلها مع المتقين أول وهلة يقول الفقير الظاهر أنه زجر بطريق التشديد وليس المراد كبر الكفر لانه جاء فى مقابلته. والحاصل ان الكبر وهو الارتفاع على الناس واحتقارهم من الكبائر التي تقرب من الكفر فى الجزاء ومثله ترك الصلاة كما جاء (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) رواه الاصبهانى. اما الاول فوارد على طريق الفرض وحث على البر بطريق المبالغة بان له من الأثر فى الخير ما لو أمكن ان يبسط فى عمر البار لكان ذلك ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك حكمة قال تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ. واما الثاني فمعناه ان الكذب يمحق بركة الكذاب فيكون فى حكم الناقص ويجوز على فرض المحال اى لو كان شىء ينقص الرزق لكان هو الكذب واما الثالث فالمراد ان الدعاء يرد القضاء المعلق الذي توقف رده على اسباب وشروط لا القضاء المبرم الذي لا يقبل التغير أصلا فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل التوحيد الحقانى برعاية الأوامر الشرعية والانتهاء عما نهى الله تعالى عنه من المحرمات القولية والفعلية والاجتناب عن المشاغل القلبية والاحتراز عن الميل الى ما سوى الحضرة الاحدية فان الرجوع الى تلك الحضرة لا الى غيرها والتوحيد تحفة مقبولة ولا يقبل الله أحدا الا به والشرك سبب لعذابه كما قال تعالى ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ وفيه اشارة الى ان عذاب الدنيا بالنسبة الى عذاب الآخرة كلا عذاب إذ كلما انتقل المرء من طور الى طور وجد الأمر على الشدة وهو كذلك مبدأ ومعادا الا من تداركه الله تعالى بعنايته وخصه بتوفيق خاص من حضرته وَاتْلُ عَلَيْهِمْ اى على المشركين من اهل مكة نَبَأَ نُوحٍ خبره مع قومه لينزجروا بذلك عما هم عليه من الكفر والعناد وقال فى البستان كان اسم نوح شاكرا وانما يسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله وهو أول من امر بنسخ الاحكام وامر بالشرائع وكان قبله نكاح الاخت حلالا فحرم ذلك على عهده وبعثه الله نبيا وهو يومئذ ابن اربعمائة وثمانين سنة إِذْ قالَ معمول لنبأ لا لقوله اتل لانه مستقبل وإذ ماض والمراد بعض نبأه عليه السلام لا كل ما جرى بينه وبين قومه لِقَوْمِهِ اللام
للتبلغ يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ اى أعظم وشق مَقامِي اى نفسى كما يقال فعلته لمكان فلان اى لفلان ومنه قوله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ اى خاف ربه او قيامى ومكثى بين ظهرانيكم مدة طويلة وهو الف سنة إلا خمسين عاما او قيامى وَتَذْكِيرِي [پند دادن من شما را] بِآياتِ اللَّهِ [بعلامتهاى روشن بر وحدانيت خدا] فانهم كانوا إذا وعظوا الجماعة يقومون على أرجلهم لكون ذلك ادخل فى الاسماع كما يحكى عن عيسى عليه السلام انه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود. فيحتمل ان يستثقلوا ذلك وكان سحبان وهو رجل بليغ من العرب يقوم ويتكئ على عصاه ويسرد الألفاظ وكراسى الوعاظ اليوم بدل من القيام وكان عليه السلام يخطب على منبر من طين قبل ان يتخذ المنبر الذي هو من الشجر وكان له ثلاث درجات ولم يزل على حاله حتى زاد مروان فى خلافة معاوية ست درجات من أسفله فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ جواب للشرط اى دمت على تخصيص التوكل به وتفويض الأمور اليه فانه معينى وناصرى فيما أردتم بي من القتل والأذى وانما حمل على دوام التوكل واستمراره لئلا يرد انه عليه السلام متوكل على الله دائما كبر عليهم مقامه او لم يكبر وقال ابن الشيخ الأظهر ان يقال الجواب محذوف اى فافعلوا ما شئتم والمذكور تعليل لعدم مبالاته بهم فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ بقطع الهمزة من الإجماع وهو العزم يقال أجمعت على الأمر إذا عزمت عليه فهو يتعدى بعلى الا ان حرف الجر حذف فى الآية وأوصل الفعل الى المجرور بنفسه وقال ابو الهيثم اجمع امره جعله مجموعا بعد ما كان متفرقا وتفرقه انه يقول مرة افعل كذا واخرى كذا وإذا عزم على امر واحد فقد اجمعه اى جعله جميعا. والمعنى فاعزموا على أمركم الذي تريدون بي من السعى فى إهلاكي وَشُرَكاءَكُمْ بالنصب على ان الواو بمعنى مع اى مع آلهتكم التي تزعمون ان حالكم تقوى بالتقرب إليها واجتمعوا فيه على أي وجه يمكنكم قال الكاشفى [ملخص آيت آنكه شما همه بقصد من اتفاق كنيد] ثُمَّ للتراخى فى الرتبة لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ ذلك عَلَيْكُمْ غُمَّةً اى مستورا من غمه إذا ستره واجعلوه ظاهرا مكشوفا تجاهروننى به فان الستر انما يصار اليه لسد باب تدارك الخلاص بالهرب او نحوه فحيث استحال ذلك فى حقى لم يكن للستر وجه ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ اى أدوا الىّ وأوصلوا ذلك الأمر الذي تريدون بي وامضوا ما فى أنفسكم أو أدوا الى ما هو حق عليكم عندكم من إهلاكي كما يقضى الرجل غريمه وَلا تُنْظِرُونِ ولا تمهلونى بل عجلوا ذلك باشد ما تقدرون عليه من غير انتظار وانما خاطبهم بذلك إظهارا لعدم المبالاة بهم وانهم لن يجدوا اليه سبيلا وثقة بالله سبحانه وبما وعده من عصمته وحفظه فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى ان أعرضتم عن نصيحتى وتذكيرى ودمتم عليه وجواب الشرط محذوف اى فلا باعث لكم على التولي ولا موجب وقوله تعالى فَما سَأَلْتُكُمْ بمقابلة وعظي وتذكيرى علة له مِنْ أَجْرٍ اى شىء من حطام الدنيا تؤدونه الىّ حتى يؤدى ذلك الى توليكم اما لثقله عليكم او لكونه سببا لاتهامكم إياي بان تقولوا انما يعظنا ويذكرنا طمعا لنيل الاجر والمال قبلنا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ اى ما ثوابى على العظة
والتذكير الا عليه يثيبنى به آمنتم او توليتم وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ممن اسلم وجهه لله فلا يأخذ على تعليم الدين شيأ. وايضا ان المتعين لخدمة لا يجوز له ان يأخذ عليها اجرة والأنبياء والأولياء متعينون لخدمة الإرشاد ومن علم بالحسبة ولم يأخذ له عوضا فقد عمل عمل الأنبياء عليهم السلام. وقد جوز المتأخرون أخذ الاجرة على التعليم والتأذين والامامة والخطابة وغير ذلك لكن ينبغى للآخذ اخلاص النية فى عمله والا فقد جاء الوعيد: قال السعدي
زيان ميكند مرد تفسيردان
…
كه علم وادب ميفروشد بنان
بدين اى فرومايه دينى مخر
…
چوخر بانجيل عيسى مخر
واعلم ان المعلم الناصح إذا رغب فى إصلاحك وإصلاح غيرك حتى يودّ لو ان الناس كلهم صلحوا على يديه فانما يرغب فى ذلك ليكثر اتباع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لما سمعه يقول (انى مكاثر بكم الأمم) وهذا مقام رفيع لغناه عن عظة فى إرشاده وانما غرضه اقامة جاه محمد وتعظيمه كما يحكى ان رابعة العدوية كانت تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها فى اليوم والليلة فاذا تعلقت نية المعلم والعامل بهذا يجازيهما الله على ذلك من حيث المقام فَكَذَّبُوهُ عطف على قوله قال لقومه اى اتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه كذا وكذا فاصروا على تكذيبه تمردا وعنادا فتولوا عن تذكيره فحقت عليهم كلمة العذاب فاغرقوا فَنَجَّيْناهُ من الغرق والفاء فصيحة تفصح عن كون الكلام مشتملا على الحذف والتقدير كما قدرنا وَمَنْ استقر مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وكانوا ثمانين أربعين رجلا وأربعين امرأة كما فى البستان. او فنجيناهم فى هذا المكان فان انجاءهم وقع فى الفلك فعلى هذا يتعلق فى الفلك بنجيناه وعلى الاول يتعلق بالاستقرار الذي تعلق به معه وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ اى سكان الأرض وخلفا ممن غرق وهلك قال فى البستان لما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم الا أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم كما قال تعالى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ فتوالدوا حتى كثروا فالعرب والعجم والفرس والروم كلهم من ولد سام والحبش والسند والهند من أولاد حام ويأجوج ومأجوج والصقلاب والترك من أولاد يافث وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بالطوفان قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ وهم قوم نوح وفيه تحذير لمن كذب الرسول وتسلية له
محالست چون دوست دارد ترا
…
كه در دست دشمن كذارد ترا
ثُمَّ بَعَثْنا اى أرسلنا مِنْ بَعْدِهِ اى بعد نوح رُسُلًا التكثير للتفخيم ذاتا ووصفا اى رسلا كراما ذوى عدد كثير إِلى قَوْمِهِمْ كل رسول الى قومه خاصة كما يستفاد من اضافة القوم الى ضميرهم مثل هود الى عاد وصالح الى ثمود وابراهيم الى قوم بابل وشعيب الى قوم الايكة واهل مدين وغير ذلك ممن قص منهم ومن لم يقص فَجاؤُهُمْ اى جاء كل رسول قومه المخصوصين به بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة مثبتة لدعواهم
والباء اما متعلقة بالفعل المذكور على انها للتعدية او بمحذوف وقع حالا من ضمير جاؤا اى ملتبسين بالبينات. والمراد جاء كل رسول بالبينات الكثيرة فان مراعاة انقسام الآحاد الى الآحاد انما هى فيما بين ضميرى جاؤهم فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا اى فما صح وما استقام لقوم من أولئك الأقوام فى وقت من الأوقات ان يؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم لشدة شكيمتهم فى الكفر والعناد بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ما موصولة عبارة عن جميع الشرائع التي جاء بها كل رسول أصولها وفروعها والمراد بيان استمرار تكذيبهم من حين مجيئ الرسل الى زمان الإصرار والعناد فان المحكي آخر حال كل قوم او عبارة عن اصول الشرائع التي أجمعت عليها الرسل قاطبة. والمراد بيان استمرار تكذيبهم من قبل مجيئ الرسل الى زمان مجيئهم الى آخره فالمحكى جميع احوال كل قوم ومعنى تكذيبهم بها قبل مجيئ رسلهم انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا بكلمة التوحيد قط بل كان كل قوم من أولئك الأقوام يتسامعون بها من بقايا من قبلهم كثمود من بقايا عاد وعاد من بقايا قوم نوح فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجيئهم الرسل كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد. وفيه اشارة الى ان اهل الفترة مؤاخذون من جهة الأصول كَذلِكَ الكاف نعت مصدر محذوف اى مثل ذلك الطبع والختم المحكم الممتنع زواله نَطْبَعُ [مهر مى نهيم] عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين باختيار الإصرار على الكفر اعلم ان الله تعالى قددعا الكل الى التوحيد يوم الميثاق ثم لما وقع التنزل الى هذه النشأة الجسمانية لم يزل الروح الإنساني داعيا الى قبول تلك الدعوة الالهية والعمل بمقتضاها لكن من كان شقيا بالشقاوة الاصلية الازلية لما لم يقبلها فى ذلك اليوم استمر على ذلك فلم يؤمن بدعوة الأنبياء ومعجزاتهم فتكذيب الأنبياء مسبب عن تكذيب الروح وتكذيبه مسبب عن تكذيب الله تعالى يوم الميثاق وهم وان كانوا ممن قال بلى لكن كان ذلك من وراء الحجب حيث سمعوا نداء ألست بربكم من ورائها فلم يفهموا حقيقته وأجابوا بما أجاب به غيرهم لكن تقليدا لا تحقيقا وكما ان الله تعالى طبع على قلوب المكذبين للرسل بسوء اختيارهم وانهماكهم فى الغى والضلال كذلك طبع على قلوب المنكرين للاولياء بسوء معاملاتهم وتهالكهم على التقليد فما دخل فى قلوبهم الاعتقاد وما جرى على ألسنتهم الإقرار كما لم يدخل فى قلوب الأولين التصديق ولم يصدر من ألسنتهم ما يستدل به على التوفيق ثم هم مع كثرتهم قد جاؤا وذهبوا ولم يبق منهم أثر ولا اسم وسيلحق بهم الموجودون ومن يليهم الى آخر الزمان: وفى المثنوى
منبرى كو كه بر آنجا مخبرى
…
ياد آرد روزكار منكرى
سكه شاهان همى كردد دكر
…
سكه احمد ببين تا مستقر
برزخ نقره ويا روى زرى
…
وانما بر سكه نام منكرى
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التوحيد ويخلصنا وإياكم من ورطة التقليد ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء الرسل مُوسى ابن عمران وَهارُونَ وهو أخو موسى اكبر منه بثلاث سنين إِلى فِرْعَوْنَ [بسوى وليد بن مصعب با قابوس كه فرعون آن زمان بود]
وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه وهو اكتفاء بذكر الجل عن الكل بِآياتِنا بالآيات التسع وهى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس وفلق البحر وأضافها الى نفسه تنبيها على خروجها عن حيز استطاعة العبد فَاسْتَكْبَرُوا الاستكبار ادعاء الكبر من غير استحقاق والفاء فصيحة اى فأتياهم فبلغاهم الرسالة فاستكبروا عن اتباعهما وذلك قول اللعين لموسى عليه السلام أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ اى كانوا معتادين لارتكاب الذنوب العظام فان الاجرام مؤذن بعظم الذنب ومنه الجرم اى الجثة فلذلك استهانوا برسالة الله تعالى عز وجل فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا المراد بالحق الآيات التسع التي هى حق ظاهر من عند الله بخلقه وإيجاده لا تخييل وتمويه كصنعتهم قالُوا إِنَّ هذا [اين كه تو آورده ومعجزه نام كرده] لَسِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر كونه سحرا قالَ مُوسى على طريقة الاستفهام الإنكاري التوبيخي وهو استئناف بيانى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ الذي هو ابعد شىء من السحر الذي هو الباطل البحت لَمَّا جاءَكُمْ اى حين مجيئه إياكم ووقوفكم عليه او من أول الأمر من غير تأمل وتدبر وكلا الحالين مما ينافى القول المذكور والمقول محذوف لدلالة ما قبله عليه اى أتقولون له انه لسحر وهو مما لا يمكن ان يقوله قائل ويتكلم به متكلم ويجوز ان يكون القول بمعنى العيب والطعن من قولهم فلان يخاف القالة اى العيب وبين الناس تقاول إذا قال بعضهم لبعض ما يسوءه ونظيره الذكر فى قوله تعالى سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ اى يعيبهم فيستغنى عن المفعول اى أتعيبونه وتطعنون فيه أَسِحْرٌ هذا الذي امره واضح مكشوف وشأنه مشاهد معروف بحيث لا يرتاب فيه أحد ممن له عين مبصرة وهو انكار مستأنف من جهة موسى لكونه سحرا وتقديم الخبر للايذان بانه مصب الإنكار وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ جملة حالية من ضمير المخاطبين اى أتقولون انه سحر والحال انه لا يفلح فاعله اى لا يظفر بمطلوب ولا ينجو من مكروه فكيف يمكن صدوره من مثلى من المؤيدين من عند الله الفائزين بكل مطلب الناجين من كل محذور قالُوا استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال فرعون وأصحابه لموسى عند ما قال لهم ما قال فقيل قالوا عاجزين عن المحاجة أَجِئْتَنا خطاب لموسى وحده لانه هو الذي ظهرت على يده معجزة العصا واليد البيضاء لِتَلْفِتَنا اى لتصرفنا واللام متعلقة بالمجيء اى أجئتنا لهذا الغرض عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا اى من عبادة الأصنام وقال سعدى المفتى الظاهر من عبادة غير الله تعالى فانهم كانوا يعبدون فرعون وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ اى الملك لان الملوك موصوفون بالكبر والتعظم فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر فلا نؤثر رياستكما على رياسة أنفسنا فلما بينوا ان سبب اعراضهم عن قبول دعوتهما هذان الأمران صرحوا بالحكم المتفرع عليهما فقالوا وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين فيما جئتما به وَقالَ فِرْعَوْنُ لملائه يأمرهم بترتب مبادى الزامهما عليهما السلام بالفعل بعد اليأس عن الزامهما بالقول ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ بفنون السحر حاذق ماهر فيه ليعارض موسى فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فأتوا به فلما جاؤا فى مقابلة موسى قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ
اى ملقون له كائنا ما كان من اصناف السحر. وفى إبهام ما أنتم تخسيس له وتقليل واعلام انه لا شىء يلتفت اليه فان قيل كيف أمرهم بالسحر والعمل بالسحر كفر والأمر بالكفر كفر فالجواب انه أمرهم بإلقاء الحبال والعصى ليظهر للخلق ان ما أتوا به عمل فاسد وسعى باطل لا انه أمرهم بالسحر فَلَمَّا أَلْقَوْا ما القوا من العصى والحبال واسترهبوا الناس وجاؤا بسحر عظيم قالَ لهم مُوسى غير مكترث بهم وبما صنعوا ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ اى الذي جئتم به هو السحر لا ما سماه فرعون وقومه سحرا من آيات الله سبحانه فما موصولة وقعت مبتدأة والسحر خبرها والحصر مستفاد من تعريف الخبر إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ اى سيمحقه بالكلية بما يظهره على يدى من المعجزة فلا يبقى له اثر أصلا او سيظهر بطلانه للناس والسين للتأكيد
إذا جاء موسى والقى العصا
…
فقد بطل السحر والساحر
سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش
إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ اى لا يثبته ولا يكمله ولا يديمه بل يمحقه ويهلكه ويسلط عليه الدمار قال القاضي وفيه دليل على ان السحر إفساد وتمويه لا حقيقة له انتهى. وفيه بحث فانه عند اهل الحق ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وكون اثره هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ [آنچهـ من آورده ام] اى يثبته ويقويه بِكَلِماتِهِ باوامره وقضاياه وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ذلك والمراد بهم كل من اتصف بالاجرام من السحرة وغيرهم قال الكاشفى [يعنى حق سبحانه وتعالى بوعده نصرت وفا كند واز خشم وكراهت دشمنان باك ندارد ودر مثنوى معنوى اشارتى بدين معنى هست]
حق تعالى از غم وخشم خصام
…
كى كذارد أوليا را در عوام «1»
مه فشاند نور وسگ وع وع كند
…
سگ ز نور ماه كى مرتع كند «2»
خس خسانه ميرود بر روى آب
…
آب صافى ميرود بي اضطراب «3»
مصطفى مه ميشكافد نيمشب
…
ژاژ مى خايد ز كينه بو لهب
آن مسيحا مرده زنده ميكند
…
وآن جهود از خشم سبلت ميكند
وفى الآيات اشارة الى موسى القلب وهارون السر وفرعون النفس وصفاتها وما يجرى بينهما من الدعوة وعدم القبول فان موسى القلب وهارون السر يدعو ان النفس الى كلمة التوحيد وعبادة الله تعالى والنفس تدعى الربوبية ولا تثبت آلها غير هواها وتمتنع ان تكون السلطنة والتصرف لهما فى ارضها والله تعالى يحق الحق بكلمة لا اله الا الله ولو كره المجرمون من اهل الهوى من النفوس المتمردة الامارة بالسوء: قال الحافظ
اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش
…
كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود
- يحكى- ان الشيخ الجنيد العجمي اجتهد أربعين سنة لينال السلطنة فلم يتيسر ثم جاء من أولاده سلاطين روافض كشاه إسماعيل وشاه عباس وشاه طهماس فهزمهم الله تعالى على أيدي الملوك العثمانية فاندفع شرهم وارتفعت فتنتهم من الأرض فقد ظهر ان الحق من اهل الحق فهم كموسى وهارون واهل الباطل كفرعون وقد ثبت ان لكل فرعون موسى وذلك
(1) لم أجد فى نسخ المثنوى
[مه فشاند نور وسگ عوعو كند
…
هر كسى بر خلقت خود مى تند
(2)
در ديباجه دفتر شيشم: نيز در أوائل دفتر شيشم در بيان جواب مريد وز زجر كردن آن طعام إلخ
(3)
در أوائل دفتر دوم صلوا خريدن شيخ احمد حضرويه إلخ [.....]
فى كل عصر الى ان ينزل عيسى عليه السلام ويقتل الدجال فان قلت ما الحكمة فى تسليط الظلمة على اهل الأرض وقد استعبد فرعون بنى إسرائيل سنين كثيرة قلت تحصيل جوهرهم مما أصابهم من غش الآثام ان كانوا أهلا لذلك والا فهو عذاب عاجل- يحكى- ان عمر رضى الله عنه لما بلغه ان اهل العراق حصبوا أميرهم اى رموه بالحجارة خرج غضبان فصلى فسها فى صلاته فلما سلم قال اللهم انهم لبسوا علىّ فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم وكان ذلك قبل ان يولد الحجاج فلما ولد كان من امره ما كان وفى الحديث (يلحد بمكة تيس من قريش اسمه عبد الله عليه مثل أوزار الناس) قال صاحب انسان العيون هو عبد الله الحجاج ولا مانع من ان يكون الحجاج من قريش وفى حياة الحيوان ان العرب إذا أرادوا مدح الإنسان قالوا كبش وإذا أرادوا ذمه قالوا تيس ومن ثمة قال صلى الله تعالى عليه وسلم فى المحلل (التيس المستعار) فَما آمَنَ لِمُوسى فى مبدأ امره قبل إلقاء العصا واما ايمان السحرة فقد وقع بعده فلا ينافى الحصر المذكور هنا إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ اى الا أولاد من أولاد قومه بنى إسرائيل حيث دعا الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون واجابته طائفة من شبانهم وذلك ان لفظ الذرية يعبر به عن القوم على وجه التحقير والتصغير ولا سبيل لحمله على التحقير والاهانة هاهنا فوجب حمله على التصغير بمعنى قلة العدد او حداثة السن عَلى خَوْفٍ اى كائنين على خوف عظيم مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ اى ملأ الذرية ولم يؤنث لان الذرية قوم فذكر على المعنى. تلخيصه آمنوا وهم يخافون من فرعون ومن اشراف بنى إسرائيل لانهم كانوا يمنعون أعقابهم خوفا من فرعون عليهم وعلى أنفسهم ويجوز ان يكون الضمير لفرعون على ان المراد بفرعون آله كثمود اسم قبيلة أَنْ يَفْتِنَهُمْ ان يعذبهم فرعون او يرجع آباؤهم الى فرعون ليردهم الى الكفر وهو بدل اشتمال تقديره على خوف من فرعون فتنته كقولك أعجبني زيد علمه واسناد الفعل الى فرعون خاصة لانه الآمر بالتعذيب قال فى التأويلات النجمية فما آمن لموسى القلب إلا ذرية من قومه وهى صفاته ويجوز ان تكون الهاء فى قومه راجعة الى فرعون النفس اى ما آمن لموسى القلب الا بعض صفات فرعون النفس فانه يمكن تبديل أخلاقها الذميمة بالأخلاق الحميدة القلبية على خوف من فرعون وملائهم يعنى على خوف من فرعون النفس والهوى والدنيا وشهواتها بان يبدلوها باخلاقها الطبيعية التي جبلت النفس عليها وبهذا يشير الى ان النفس وان تبدلت صفاتها الامّارية الى المطمئنة لا يؤمن مكرها وتبدلها من المطمئنة الى الامارية كما كان حال بلعام وبرصيصا ان يفتنهم بالدنيا وشهواتها ويرجع النفس قهقرى الى اماريتها انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم وعلامة المدعى فى الوصول رجوعه الى رعونة النفس واعراضها ولهذا قال ابو سليمان الداراني من رؤساء المشايخ لو وصلوا ما رجعوا وانما حرموا الوصول لتضييعهم الأصول فمن لم يتخلق لم يتحقق وعلامة من صح وصوله الخروج عن الطبع والأدب مع الشرع واتباعه حيث سلك انتهى وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ لغالب فى ارض مصر ومتكبر وطاغ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ فى الظلم والفساد بالقتل وسفك
الدماء او فى الكبر والعتو حتى ادعى الربوبية واسترق أسباط الأنبياء وهم بنوا إسرائيل فانهم من فروع يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السلام وَقالَ مُوسى لما رأى تخوف المؤمنين منه يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ اى صدقتم به وبآياته وعلمتم ان إيصال المنافع ودفع المضار بقبضة اقتداره فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا وثقوا به واعتمدوا عليه ولا تخافوا أحدا غيره قال بعضهم وصف نوح عليه السلام نفسه بالتوكل على وجه يفيد الحصر فقال فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ وموسى عليه السلام امر قومه بذلك فظاهر ان هذه الدرجة فوق درجة نوح انتهى يقول الفقير كان الكلام فى القصة الاولى مع نوح وفى الثانية مع قوم موسى ولذا اقتصر نوح فى تخصيص التوكل بالله تعالى على نفسه وموسى امر بذلك وذا لا يدل على رجحان درجته على درجة نوح فى هذا الباب لتغاير الجهتين كما لا يخفى على اولى الألباب إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مستسلمين لقضاء الله مخلصين له وليس هذا من تعليق الحكم الذي هو وجوب التوكل بشرطين مختلفين هما الايمان بالله والإسلام والا لزم ان لا يجب التوكل بمجرد الايمان بالله بل هما حكمان علق كل واحد منهما بشرط على حدة علق وجوب التوكل على الايمان بالله فانه المقتضى له وعلق حصول التوكل ووجوده على الإسلام فان الإسلام لا يتحقق مع التخليط ونظيره ان احسن إليك زيد فاحسن اليه ان قدرت فَقالُوا مجيبين له من غير تلعثم فى ذلك عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا لانهم كانوا مؤمنين مخلصين ولذلك أجيبت دعوتهم ثم دعوا ربهم قائلين رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى موضع عذاب لهم بان تسلطهم علينا فيعذبونا ويفتنونا عن ديننا وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ من كيدهم وشؤم مشاهدتهم وسوء جوارهم: قال المتنبي
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى
…
عدوا له ما من صداقته بد
وفى تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على ان الداعي ينبغى ان يتوكل اولا لتجاب دعوته وحقيقة التوكل إسقاط الخوف والرجاء عما سوى الله تعالى والاستغراق فى بحر شهود المسبب والانقطاع عن ملاحظة الأسباب وقال بعضهم التوكل تعلق القلب بمحبة القادر المطلق ونسيان غيره يعنى لم يثبت لنفسه ولا لغيره قوة وتأثيرا بل كان منقادا للحكم الأزلي بمثابة الميت فى يد الغسال
هر كه در بحر توكل غرقه كشت
…
همتش از ما سوى الله درگذشت
اين توكل كر چهـ دارد رنجها
…
فهو حسبه بخشد از وى كنجها
ولما آمن هؤلاء الذرية بموسى واشتغلوا بعبادة الله تعالى لزمهم ان يبنوا مساجد للاجتماع فيها للعبادة فان فرعون كان قد خرب مساجد بنى إسرائيل حين ظهر عليهم لكن لما لم يقدروا على اظهار شعائر دينهم خوفا من أذى فرعون أمروا باتخاذ المساجد فى بيوتهم كما كان المؤمنون فى أول الإسلام يعبدون ربهم سرا فى دار الأرقم بمكة وذلك قوله تعالى وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ هارون أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا إليهما شيأ هو تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً يقال تبوأ المكان إذا اتخذه مباءة ومنزلا. والمعنى اجعلا بمصر المعروفة او الاسكندرية كما فى الكواشي بيوتا من بيوته مباءة لقومكما ومرجعا يرجعون إليها
للسكنى والعبادة وَاجْعَلُوا أنتما وقومكما بُيُوتَكُمْ تلك قِبْلَةً مساجد متوجهة نحو القبلة وهى الكعبة فان موسى عليه السلام كان يصلى إليها وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها وهذا ينبئ ان الصلاة كانت مفروضة عليهم دون الزكاة ولعل ذلك لفقرهم وَبَشِّرِ يا موسى لان بشارة الامة وظيفة صاحب الشريعة الْمُؤْمِنِينَ بالنصرة فى الدنيا اجابة لدعوتهم والجنة فى العقبى وفى الآية اشارة الى ان السلاك ينبغى ان لا يتخذوا المنازل فى عالم النفس السفلية بل يتخذوا المقامات فى مصر عالم الروحانية ويقيموا الصلاة اى يديموا العروج من المقامات الروحانية الى القربات والمواصلات الربانية فان سير الممكنات متناه وذوقها منقطع واما سير الواجب فغير متناه وذوقه دائم فى الدنيا والآخرة وذرة من سيره وذوقه لا يساويها لذة الجنان الثمان وجميع ذوق الرجال بانواع الكرامات لا يعادل محنة اهل الفناء عند الله وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بألم بل أشد والألم فيما إذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم. وغبطة موسى عليه السلام ليلة المعراج بنبينا عليه السلام من هذا القبيل ثم هذا بالنسبة الى من كان فى التنزل والإرشاد واما من بقي فى الوصلة فلا تألم له من شىء ولا مفخر فوق الحقيقة كما فى الواقعات المحمودية. ثم ان الابتلاء ماض الى يوم القيامة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اعلم انه لا بد لجميع بنى آدم من العقوبة والألم شيأ بعد شىء الى دخولهم الجنة لانه إذا نقل الى البرزخ فلا بد له من الألم وأدناه سؤال منكر ونكير فاذا بعث فلا بد من الم الخوف على نفسه او غيره وأول الألم فى الدنيا استهلال المولود حين ولادته صارخا لما يجده من مفارقة الرحم وسخونته فيضربه الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالم البرد فيبكى فان مات فقد أخذ حظه من البلاء انتهى كلامه وكان امية بن خلف يعذب بلالا رضى الله عنه لا سلامه فيطرحه على ظهره فى الرمضاء اى الرمل إذا اشتدت حرارته لو وضعت فيه قطعة لحم لنضجت ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدر وهو يقول أحد أحد اى الله أحد فيمزج مرارة العذاب بحلاوة الايمان وقد وقع له رضى الله تعالى عنه انه لما احتضر وسمع امرأته تقول وا حزناه صار يقول وا طرباه
نلقى غدا الاحبه
…
محمدا وحزبه
فكان يمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وقد أشير الى هذه القصة فى المثنوى
كفت جفت امشب غريبى ميروى
…
از تبار خويش غائب ميشوى
كفت نى نى بلكه امشب جان من
…
ميرسد خود از غريبى در وطن
كفت رويت را كجا بينيم ما
…
كفت اندر حلقه خاص خدا
كفت ويران كشت اين خانه دريغ
…
كفت اندر مه نكر منكر بميغ
كرد ويران تا كند معمور تر
…
قومم أنبه بود وخانه مختصر
من كدا بودم درين خانه چو چاه
…
شاه كشتم قصر بايد بهر شاه
قصرها خود مرشهانرا مأنس است
…
مرده را خانه ومكان كورى بس است
انبيا را تنك آمد اين جهان
…
چون شهان رفتند اندر لامكان
مردكان را اين جهان بنمود فر
…
ظاهرش زفت؟؟؟ وبمعنى تنك تر
كر نبودى تنك اين افغان ز چيست
…
چون دو تا شد هر كه در وى پيش زيست
در زمان خواب چون آزاد شد
…
زان ز مكان بنكر كه جان چون شاد شد
وحاصله ان الله تعالى خلق العوالم على التفاوت وجعل بعضها أوسع من بعض وأضيق الكل الدنيا وأوسعه عالم الأمر والشان ولكون الأنبياء وكمل الأولياء اصحاب السلوك والعروج كانوا بأجسادهم فى الدنيا وأرواحهم عند الحضرة العليا فلا جرم ان كل العوالم بالنسبة إليهم على السواء فلذا لا يتأذون بشئ أصلا ولا يخافون غير الله تعالى واما غيرهم فليسوا بهذه المرتبة فلهذا اختلفت أحوالهم فى السر والعلانية وغفلوا عن التوجه وحسن النية ومن الله العصمة والتوفيق وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً اى ما يتزين به من اللباس والمراكب ونحوهما وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وأنواعا كثيرة من المال كالنقود والمتاع والضياع [ابن عباس فرموده كه از فسطاط مصر تا زمين حبشه كوهها كه در او معادن ذهب وفضه وزبرجد بود همه تعلق بفرعون داشت وفرمان او درين مواضع بود بدين سبب مال بسيار بتصرف قبط در آمد ومتمول ومتجمل شدند وسبب ضلال وإضلال شد] كما قال رَبَّنا تكرير للاول اى آتيته وملأه هذه الزينة والأموال لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ اى ليكون عاقبة أمرهم ان يضلوا عبادك عن طريق الايمان فاللام للعاقبة كما فى قوله
أموالنا لذوى الميراث نجمعها
…
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
او لاجل ان يضلوا عن سبيلك فاللام للتعليل لا حقيقة بل مجازا لان الله تعالى آتاهم ذلك ليؤمنوا ويشكروا نعمته فتوسلوا به الى مزيد البغي والكفر فاشبهت هذه الحالة حال من اعطى المال لا جل الإضلال فورد الكلام بلفظ التعليل بناء على هذه المشابهة وفى الآية بيان ان حطام الدنيا سبب للضلال والإضلال فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى ومن رأى الغير فى زينة ورفاهية حال يتمنى ان يكون له مثل ذلك كما قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتى قارون لما خرج فى زينته ولذا حذر عن صحبة الأغنياء وأبناء الملوك وفى الحديث (لا تجالسوا الموتى) يعنى الأغنياء وعن ابى الدرداء رضى الله عنه لان أقع من فوق قصر فانحطم اى انكسر أحب الى من مجالسة الغنى وذلك لان مجالسته سارية وصحبته مؤثرة
باد چون بر فضاى بد كذرد
…
بوى بد كيرد از هواى خبيث
وقال ابو بكر رضى الله عنه اللهم ابسط لى الدنيا وزهدنى فيها ولا تزوها عنى وترغبنى فيها رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ دعاء عليهم بعد الانذار وعلمه ان لا سبيل الى ايمانهم وانما عرض اضلالهم اولا ليكون تقدمة لهذا الدعاء وانهم مستحقون له بسببه. واصل الطمس المحو وازالة الأثر والمعنى اذهب منفعتها وامسخها وغيرها عن هيئتها لانهم يستعينون بنعمتك على معاصيك وانما امرتهم بان يستعينوا بها على طاعتك وسلوك سبيلك قالوا صارت دراهمهم ودنانيرهم وطعامهم من الجوز والفول والعدس وغيرها كلها حجارة مصورة منقوشة على هيئتها وكذلك البيض والمقانى وسائر أموالهم وهذه احدى الآيات التسع وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ اصل الشد الايثاق: والمعنى اجعلها قاسية واختم عليها لئلا يدخلها الايمان
فَلا يُؤْمِنُوا جواب للدعاء حَتَّى يَرَوُا اى ليروا او الى ان يروا الْعَذابَ الْأَلِيمَ اى يعاينوه ويوقنوا به بحيث لا ينفعهم ذلك إذ ذاك وكان كذلك فانهم لم يؤمنوا الى الغرق وكان ذلك ايمان يأس فلم يقبل قالَ الله تعالى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما يعنى موسى وهارون لانه كان يؤمن والتأمين دعاء ايضا لان معناه استجب فَاسْتَقِيما فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزام الحجة ولا تستعجلا فان ما طلبتماه كائن فى وقته لا محالة وفى الكواشي الاستقامة فى الدعاء ان لا يرى الاجابة مكرا واستدراجا وتأخيرها طردا وابعادا وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ اى بعادات الله تعالى فى تعليق الأمور بالحكم والمصالح او سبيل الجهلة فى الاستعجال كارها موقوف وقت آيد نكهداريد وقت- روى- ان موسى عليه السلام او فرعون وهو الاولى كما فى حواشى سعدى المفتى مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة قال على رضى الله عنه جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسألته فما شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقنطك إبطاء اجابته فان العطية على قدر النية وربما أخرت عنك الاجابة ليكون ذلك أعظم لاجر السائل وأجزل لعطاء الآمل وفى الحديث (ما من داع يدعو إلا استجاب الله له دعوته او صرف عنه مثلها سوأ او حط من ذنوبه بقدرها ما لم يدع بإثم او قطيعة رحم) اى لم يدع حال مقارنة اثم او قطيعة رحم كما فى شرح العقائد لرمضان: وفى المثنوى
جز تو پيش كه بر آرد بنده دست
…
هم دعا وهم اجابت از تو است «1»
هم ز أول تو دهى ميل دعا
…
تو دهى آخر دعاها را جزا
: وفيه ايضا
داد مر فرعونرا صد ملك ومال
…
تا بكرد او دعوى عز وجلال «2»
در همه عمرش نديد او درد سر
…
تا ننالد سوى حق آن بد كهر
درد آمد بهتر از ملك جهان
…
تا بخوانى مر خدا را در نهان
ومن شرائط الدعاء الذلة فان الاجابة مترتبة عليها كالنصر كما قال تعالى وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار كما قال الحافظ
فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى
…
كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز
وفى الآية بيان جواز الدعاء السوء عند مساس الحاجة اليه وقد صدر من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ايضا حيث دعا على مضر حين بالغوا فى الاذية له عليه السلام فقال (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف) يعنى خذهم أخذا شديدا وعنى بسنى يوسف السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه عليه السلام فاصابتهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع ثم ان العذاب الأليم للنفس فطامها عن شهواتها
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در خواستن قبطى دعاى خير وهدايت إلخ
(2)
در أوائل دفتر سوم در بيان انكه الله كفتن نيازمند عين لبيك كفتن حق است
ومألوفاتها فهى لا تؤمن بالآخرة على الحقيقة ولا تسلك سبيل الطلب حتى تذوق الم ذلك العذاب فان ذلك موت لها معنى ولا ينتبه الناس الا بعد الموت أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغفلات وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ هو من جاوز المكان إذا تخطاه وخلفه والباء للتعدية اى جعلناهم مجاوزين البحر بان جعلناه يبسا وحفظناهم حتى بلغوا الشط قال الكاشفى [چون عذاب آن قوم رسيد وحي آمد بموسى عليه السلام با قوم خود از مصر برون رو كه قبطيان را هنكام عذاب رسيد موسى عليه السلام با جماعت بنى إسرائيل متوجه شام شدند وبكناره درياى قلزم رسيده دريا شكافته شد وبنى إسرائيل بسلامت آن دريا را بگذشتند چنانچهـ حق سبحانه وتعالى ميفرمايد وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ وبگذرانيديم فرزندان يعقوب را از درياى قلزم بسلامت] فَأَتْبَعَهُمْ يقال تبعته حتى اتبعته إذا كان سبقك فلحقته اى أدركهم ولحقهم فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ حتى تراءت الفئتان وكاد يجتمع الجمعان بَغْياً وَعَدْواً اى حال كونهم باغين فى القول ومعتدين فى الفعل او للبغى والعدوان على انهما مفعولان من اجلهما كما قال الكاشفى [بغيا براى ستم كردن بنى إسرائيل وعدوا از جهت واز حد بيرون بردن از جفاى ايشان] وذلك ان موسى عليه السلام خرج ببني إسرائيل على حين غفلة من فرعون فلما سمع به تبعهم حتى لحقهم ووصل الى الساحل وهم قد خرجوا من البحر ومسلكهم باق على حاله يبسا فسلكه بجنوده أجمعين قال الكاشفى [پس چون بكنار دريا رسيدند واسب فرعون بسبب بوى باديان كه جبريل سوار بود بدريا در آمد ولشكر متابعت نموده همه خود را در دريا افكندند وفرعون نمى خواست كه بدريا در آمد اما مركب او را مى برد] فلما دخل آخرهم وهم أولهم بالخروج غشيهم من اليم ما غشيهم حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ اى لحقه وألجمه وأحاط به قالَ فرعون آمَنْتُ أَنَّهُ اى بانه والضمير للشان لا إِلهَ [نيست معبودى مستحق عبادت] إِلَّا الَّذِي [مكر آن خدايى كه بدعوت موسى عليه السلام] آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ لم يقل كما قاله السحرة آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ بل عبر عنه بالموصول وجعل صلته ايمان بنى إسرائيل به للاشعار برجوعه عن الاستعصاء وباتباعه لمن كان يستتبعهم طمعا فى القبول والانتظام معهم فى سلك النجاة كذا فى الإرشاد يقول الفقير بل فى قول ذلك المخذول رائحة التقليد ولذا لم يقبل ولو نمسك بحبل التحقيق لقال آمنت بالله الذي لا اله الا هو وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اى الذين اسلموا نفوسهم لله اى جعلوها سالمة خالصة له تعالى آلْآنَ مقول لقول مقدر معطوف على قال اى فقيل آلآن تؤمن حين يئست من الحياة وأيقنت بالممات وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ حال من فاعل الفعل المقدر اى والحال قد عصيت قبل ذلك مدة عمرك وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ اى الغالين فى الضلال والإضلال عن الايمان فالاول عبارة عن عصيانه الخاص به والثاني عن فساده الراجع الى نفسه والساري الى غيره من الظلم والتعدي وصد بنى إسرائيل عن الايمان جاء فى الاخبار عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال غار النيل على عهد فرعون فاتاه اهل مملكته
فقالوا ايها الملك اجر لنا النيل فقال انى لست براض عنكم حتى قالوا ذلك ثلاث مرات فذهبوا فأتوه فقالوا ايها الملك ماتت البهائم وهلكت الصبيان والابكار فان لم تجر لنا النيل اتخذنا الها غيرك فقال لهم اخرجوا الى الصعيد فخرجوا فتنحى عنهم بحيث لا يرونه ولا يسمعون كلامه والصق خده بالأرض وأشار بالسبابة فقال اللهم انى خرجت إليك خروج العبد الذليل الى سيده وانى اعلم انه لا يقدر على اجرائه غيرك فاجره فقام فجرى النيل جريا فاتاهم فقال لهم انى أجريت لكم النيل فقال خروا له سجدا يقول الفقير هذا لا يدل على ايمان فرعون وذلك لان الايمان وان كان عبارة عن التصديق والإقرار وصاحبه ينبغى ان لا يكون كافرا بشئ من افعال الكفر وألفاظه ما لم يتحقق منه التكذيب والإنكار الا ان من المعاصي ما جعله الشارع امارة التكذيب ومنه دعوة فرعون الى عبادة نفسه ورضاه عن سجود قومه له ونحو ذلك فمع ذلك لا يكون مؤمنا البته قالوا عرض له جبريل يوما فقال ايها الملك ان عبدا ملكته على عبيدى وأعطيته مفاتيح خزائنى وعادانى وأحب من عاديته وعادى من أحببته فقال له فرعون لو كان لى ذلك العبد لغرقته فى بحر القلزم فقال جبريل ايها الملك اكتب لى بذلك كتابا قال فدعا بدواة وقلم وقرطاس فكتب فرعون فيه يقول ابو العباس الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماءه ان يغرق فى البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه فقال جبريل هذا ما حكمت به على نفسك قالوا نكب عن الايمان اى عدل واعرض عنه او ان بقاء التكليف والاختيار وبالغ فيه حين لا يقبل حرصا على القبول حيث كرر المعنى الواحد ثلاث مرات بثلاث عبارات حيث قال اولا آمنت وقال ثانيا لا اله الا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وقال ثالثا وانا من المسلمين وكانت المرة الواحدة كافية حين بقاء التكليف والاختيار وايمان اليأس موقوف من جهة الرد والقبول وان كان من مقام الاحتضار فمردود وإلا فلا والاحتضار لا يكون الا فى النفسين من الداخل والخارج كما فى اسئلة الحكم وهو مقبول عند الامام مالك حكما بالظاهر كالمؤمن عند سل السيف والمؤمن عند اقامة الحد عليه يقبل إيمانه وعلى هذا بنى كلامه حضرة الشيخ الأكبر المالكي فى الفصوص ذهب الى ايمان فرعون ثم فوض فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ اى نبعدك ونخرجك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا او نلقيك على نجوة من الأرض ليراك بنوا إسرائيل ويتحققوا بهلاكك. والنجوة المكان المرتفع الذي تظن انه نجاؤك لا يعلوه السيل بِبَدَنِكَ الباء للمصاحبة كما فى قولك خرج زيد بعشيرته وهذه الباء يصلح فى موضعها مع وهى مع مدخولها فى موضع الحال من ضمير المخاطب اى ننجيك ملابسا ببدنك فقط لامع روحك كما هو مطلوبك فهو قطع لطمعه بالكلية او كاملا سويا من غير نقص لئلا يبقى شبهة فى انه بدنك او عريانا من غير لباس او بدرعك وكانت له درع من الذهب يعرف بها والعرب تطلق البدن على الدرع قال الليث البدن الدرع الذي يكون قصير الكمين لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً لمن وراءك علامة وهم بنوا إسرائيل إذ كان فى نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم انه لا يهلك حتى كذبوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بغرقه الى ان عاينوه مطروحا على ممرهم من الساحل قصيرا احمر كأنه ثور إذ يروى ان قامته كانت سبعة أشبار ولحيته ثمانية أشبار او لمن
يأتى بعدك من الأمم إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك آية عبرة ونكالا على الطغيان او حجة تدلهم على ان الإنسان وان بلغ الغاية القصوى من عظم الشان وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية [بنده كه خود را از غرقه شدن در كرداب فنا نرهاند چرا صداى انا ربكم الأعلى بسمع چهانيان ساند
عاجز اى كو أسير خواب وخورست
…
لاف قدرت زند چهـ بيخبرست
آنكه در نفس خود زبون باشد
…
صاحب اقتدار چون باشد
ثم قوله تعالى آلْآنَ الى قوله آيَةً من كلام جبريل كما قال الكاشفى [بعد از انكه فرعون اين سخن كفت حق تعالى بجبريل در جواب او فرموده] آلآن إلخ وقال فى الكواشي وخاطبه كخطاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اهل القليب انتهى وذلك ان الله تعالى لما هزم المشركين يوم بدر امر صلى الله تعالى عليه وسلم ان يطرح قتلاهم فى القليب ثم جاء بعد ثلاثة ايام حتى وقف على شفير القليب وجعل يقول (يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجد ما وعدني الله حقا بئس عشيرة النبي كنتم كذبتمونى وصدقنى الناس وأخرجتموني وآوانى الناس وقاتلتمونى ونصرنى الناس) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم) وفى رواية (لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) وعن قتادة أحياهم الله حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والمراد باحيائهم شدة تعلق أرواحهم بأجسادهم حتى صاروا كالاحياء فى الدنيا للغرض المذكور لان الروح بعد مفارقة جسدها يصير لها تعلق به او بما يبقى منه ولو عجب الذنب فانه لا يفنى وان اضمحل الجسم بأكل التراب او بأكل السباع او الطير او النار وبواسطة ذلك التعلق يعرف الميت من يزوره ويأنس به ويرد سلامه إذا سلم عليه كما ثبت فى الأحاديث والغالب ان هذا التعلق لا يصير به الميت حيا فى الدنيا بل يصير كالمتوسط بين الحي والميت الذي لا تعلق لروحه بجسده وقد يقوى ذلك حتى يصير كالحى فى الدنيا ولعله مع ذلك لا يكون فيه القدرة على الافعال الاختيارية. فلا يخالف ما حكى عن السعد اتفقوا على انه تعالى لم يخلق فى الميت القدرة والافعال الاختيارية هذا كلامه والكلام فى غير الأنبياء وشهداء المعركة واما هما فتعلق أرواحهم بأجسادهم تصير به أجسادهم حية كحياتها فى الدنيا وتصير لهم القدرة والافعال الاختيارية كذا فى انسان العيون وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها: وفى المثنوى
نى ترا از روى ظاهر طاعتى
…
نى ترا در سر وباطن نيتى
نى ترا شبها مناجات وقيام
…
نى ترا روزان پرهيز وصيام
نى ترا حفظ زبان ز آزار كس
…
نى نظر كردن بعبرت پيش و پس
پيش چهـ بود ياد مرك ونزع خويش
…
پس چهـ باشد مردن ياران پيش
قالوا فرعون مع شدة شكيمته وفرط عناده آمن ولو حال اليأس واما فرعون هذه الامة فقد قتله الله يوم بدر شر قتلة ولم يصدر منه ما يؤذن بايمانه بل اشتد غيظه وغضبه فى حق رسول الله وفى
حق المؤمنين الى ان خرج روحه لعنه الله فصار أشد من فرعون فليعتبر العاقل بهذا وليقس عليه كل من سلك مسلكه فى الكفر والظلم والعناد فنعوذ بالله رب العباد من كل شر وفساد ثم ان الله تعالى أهلك العدو وأنجى بنى إسرائيل وذلك لصدق ايمانهم وبركة يقينهم- كما يحكى- انه صاح رجل فى مجلس الشبلي قدس سره فطرحه فى دجلة فقال ان صدق ينجه صدق كما نجا موسى وان كذب غرق كما غرق فرعون كما فى ربيع الأبرار. فدل على ان النجاة فى الايمان والعدل والصدق. والهلاك فى الكفر والظلم والكذب ولما كذب فرعون فى دعوى الربوبية واستمر على إضلال الناس دعا عليه موسى كما سبق فاستجاب الله دعاءه ولا كلام فى تأثير الدعاء مطلقا- يحكى- ان معاوية استجاب الله دعاء فى حق ابنه يزيد وذلك انه ليم على عهده الى يزيد فخطب وقال اللهم ان كنت انما عهدت ليزيد لما رأيت من فعله فبلغه ما أملته وأعنه وان كنت انما حملنى حب الوالد لولده وانه ليس لما صنعت به أهلا فاقبضه قبل ان يبلغ ذلك فكان كذلك لان ولايته كانت سنة ستين ومات سنة اربع وستين كما فى الصواعق لابن حجر. والحاصل ان الآفاق والأنفس مملوءة بالآيات والعبر فمن له عين مبصرة واذن واعية يرى الآثار المختلفة ويسمع الاخبار المتواترة فيعتبر اعتبارا الى ان يأتى اليقين ويسلم من آثار القهر المتين ولا يكون عبرة للغير بما اقترفه كل حين وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ اى اسكناهم وأنزلناهم بعد ما أنجيناهم وأهلكنا أعداءهم فرعون وقومه مُبَوَّأَ صِدْقٍ منزلا صالحا مرضيا ومكانا محمودا وهو الشام ومصر فصاروا ملوكا بعد الفراعنة والعمالقة وتمكنوا فى نواحيها. ومبوأ اسم مكان وصف بالصدق مدحا له فان عادة العرب إذا مدحت شيأ إضافته الى الصدق تقول رجل صدق قال الله تعالى رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى اللذائذ من الثمار وغيرها من المن والسلوى كما فى التبيان فَمَا اخْتَلَفُوا فى امور دينهم حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى الامن بعد ما قرأوا التوراة وعلموا أحكامهم وما هو الحق فى امر الدين ولزمهم الثبات عليه واتحاد الكلمة فيه يعنى انهم تشعبوا فى كثير من امور دينهم بالتأويل طلبا للرياسة وبغيا من بعضهم على بعضهم حتى أداهم ذلك الى القتال كما وقع مثله بين علماء هذه الامة حيث افترقوا على الفرق المختلفة وأولوا القرآن على مقتضى اهوائهم كالمعتزلة وغيرها من اهل الأهواء وفيهم من يقول بالظاهر: وفى المثنوى
كرده تأويل حرف بكر را
…
خويش را تأويل كن نى ذكر را
بر هوا تأويل قرآن ميكنى
…
پست وكژ شد از تو معنىء سنى
او المراد ببني إسرائيل معاصروا النبي عليه السلام كقريظة والنضير وبنى قينقاع أنزلهم الله ما بين المدينة والشام من ارض يثرب ورزقهم من النخل وما فيها من الرطب والتمر الذي لا يوجد مثله فى البلاد فما اختلفوا فى امر محمد عليه السلام الا من بعد ما علموا صدق نبوته وتظاهر معجزاته فآمن به بعضهم كعبد الله بن سلام وأصحابه وكفر آخرون وقال ابن عباس رضى الله عنهما المراد بالعلم القرآن العظيم وسمى القرآن علما لكونه سبب العلم وتسمية السبب باسم المسبب مجاز مشهور إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ [حكم كند ميان ايشان] يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فيميز المحق من المبطل بالاثابة والتعذيب واما فى الدنيا فيجرون على
الستر والامهال فانها ليست بدار جزاء الأعمال. وفيه تهديد بيوم القيامة الذي هو يوم الامتحان
چون محك ديدى سيه كشتى چوقلب
…
نقش شپرى رفت و پيدا كشت كلب «1»
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ اى فى شك ما يسير على الفرض والتقدير فان مضمون الشرطية انما هو تعليق شىء بشئ من غير تعرض لامكان شىء منهما كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعا كقوله تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ من القصص التي من جملتها قصة فرعون وقومه واخبار بنى إسرائيل فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ فان ذلك محقق عندهم ثابت فى كتبهم على نحو ما ألقينا إليك والمراد اظهار نبوته عليه السلام بشهادة الأحبار حسبما هو المسطور فى كتبهم وان لم يكن اليه حاجة أصلا او وصف اهل الكتاب بالرسوخ فى العلم بصحة نبوته او تهييجه عليه السلام وزيادة تثبيته على ما هو عليه من اليقين لا تجويز صدور الشك منه عليه السلام ولذلك قال عليه السلام (لا شك ولا اسأل)[ودر زاد المسير آورده كه ان بمعنى ماى نافيه است يعنى تو در شك نيستى اما براى زيادتئ بصيرت سؤال كن از اهل كتاب] وقيل الخطاب للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم والمراد أمته فانه محفوظ ومعصوم من الشكوك والشبهات فيما انزل وعادة السلطان الكبير إذا كان له امير وكان تحت راية ذلك الأمير جمع فاراد السلطان ان يأمر الرعية بامر مخصوص بهم فانه لا يوجه خطابه لهم بل يوجه ذلك الخطاب لذلك الأمير الذي جعله أميرا عليهم ليكون أقوى تأثيرا فى قلوبهم او الخطاب لكل من يسمع اى ان كنت ايها السامع فى شك مما أنزلنا إليك على لسان نبينا وفيه تنبيه على ان من خالجه شبهة فى الدين ينبغى ان يسارع الى حلها بالرجوع الى اهل العلم
چون چنين وسواس ديدى زود زود
…
با خدا كرد ودرا اندر سجود «2»
سجده كه را تر كن از أشك روان
…
كاى خدا يا وا رهانم زين كمان
كو ندانستى مراد حق ازين
…
فاسأل اهل العلم حتى تطمئن «3»
لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ الذي لا ريب فى حقيقته مِنْ رَبِّكَ وظهر ذلك بالآيات القاطعة فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ بالتزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقين ودم على ذلك كما كنت من قبل والامتراء التوقف فى الشيء والشك فيه وامره أسهل من امر المكذب فبدأ به اولا ونهى عنه واتبع به ذكر المكذب ونهى ان يكون منهم كما قال وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ من باب التهييج والالهاب والمراد به اعلام ان التكذيب من القبح والمحذورية بحيث ينبغى ان ينهى عنه من لا يتصور إمكان صدوره عنه فكيف بمن يمكن اتصافه به وفيه قطع لاطماع الكفرة فَتَكُونَ بذلك مِنَ الْخاسِرِينَ أنفسا وأعمالا واعلم ان تصديق الآيات سواء كانت آيات الوحى كالقرآن وآيات الإلهام كالمعارف الإلهية من اربح المتاجر الدينية وتكذيبها من أخسر المكاسب الانسانية ولذا قال بعض العارفين من لم يكن له نصيب من هذا العلم اى العلم الوهبي الكشفى أخاف عليه سوء الخاتمة وادنى النصيب منه التصديق به وتسليمه لاهله واقل عقوبة من ينكره ان لا يرزق منه شيأ وهو علم الصديقين والمقربين كذا فى احياء العلوم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر علم النبوة
(1) در أوائل دفتر دوم در بيان دعوى كردن فرعون لوهيت را إلخ
(2)
در أوائل دفتر چهارم در بيان كفتن جهودى على را كه اگر اعتماد بر حفيظ إلخ
(3)
لم أجد
والولاية وراء طور العقل ليس للعقل دخول فيه بفكره ولكن له القبول خاصة عند سليم العقل الذي لم يغلب عليه شبهة خيالية فما لنا الا ما نص عليه الشرع فانك تعلم ان دليل. الأشعري شبهة عند المعتزلي وبالعكس والناظر بفكره لا يبقى على طور واحد فيخرج من امر الى نقيضه كما فى الفتوحات: وفى المثنوى
تنكتر آمد خيالات از عدم
…
زان سبب باشد خيال اسباب غم
فلا بد من التصديق وكثرة الاجتهاد فى طريق التوحيد ليتخلص المريد من الشك والشبهة والتقليد ويصل بإقراره الى ما لم يصل اليه العنيد إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ ثبتت ووجبت كَلِمَتُ رَبِّكَ وهى قوله (هؤلاء فى النار ولا أبالي) اى وجبت عليهم النار بسبق هذه الكلمة كما فى التأويلات النجمية. او حكمه وقضاؤه بانهم يموتون على الكفر ويخلدون فى النار كقوله تعالى وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ إلخ كما فى الإرشاد وقال الكاشفى [يعنى قولى كه در لوح محفوظ نوشته كه ايشان بر كفر ميرند وملائكه را بران خبر داده] فهذه ثلاثة اقوال لا يُؤْمِنُونَ ابدا إذ لا كذب لكلامه ولا انتقاض لقضائه اى لا يؤمنون ايمانا نافعا واقعا فى أوانه فيندرج فيهم المؤمنون عند معاينة العذاب مثل فرعون باقيا عند الموت فيدخل فيهم المرتدون وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ سألوها واقترحوها وانث فعل كل لاضافته الى مؤنث وذلك ان سبب ايمانهم وهو تعلق ارادة الله به مفقود لكن فقدانه ليس لمنع منه سبحانه استحقاقه له بل لسوء اختيارهم المتفرع على عدم استعدادهم لذلك حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ الى ان يروه وحينئذ لا ينفعهم كما لم ينفع فرعون فَلَوْلا حرف لولا تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي يكون للتوبيخ على ترك الفعل كانَتْ تامة قَرْيَةٌ من القرى المهلكة والمراد أهاليها آمَنَتْ قبل معاينة العذاب ولم تؤخر إيمانها الى حين معاينته كما اخر فرعون وقومه وهو صفة لقرية فَنَفَعَها إِيمانُها بان يقبله الله منها ويكشف بسببه العذاب عنها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لكن قوم يونس بن متى ولم ينصرف يونس لعجمته وتعريفه وان قيل باشتقاقه فلتعريفه ووزن الفعل المختص ومتى بالتشديد اسم أبيه وقال بعضهم اسم امه ولم يشتهر باسم امه غير عيسى ويونس عليهما السلام لَمَّا آمَنُوا أول ما رأوا امارة العذاب ولم يؤخروا الى حلوله كَشَفْنا عَنْهُمْ رفعنا وأزلنا عَذابَ الْخِزْيِ اى الذل والهوان الذي يفضح صاحبه وهو لا يدل على حصولهم فى العذاب بل يقع ذلك على اشراف العذاب عليهم كما قال تعالى وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كان الانقاذ منها حالة الاشراف عليها لا الحصول فيها كما فى التيسير فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فنفعهم ايمانهم لوقوعه فى وقت الاختيار وبقاء التكليف لا حال اليأس وَمَتَّعْناهُمْ بمتاع الدنيا بعد كشف العذاب عنهم إِلى حِينٍ مقدر لهم فى علم الله سبحانه: والمعنى بالفارسية [چرا اهل قرى ايمان نياوردند قبل از معاينه عذاب وتعجيل نكردند پيش از حلول آن تا نفع كردى ايشانرا ايمان ايشان ليكن قوم يونس چون امارات عذاب مشاهده نمودند تأخير نكردند ايمان خود را تا بوقت حلول وايمان آوردند] فالاستثناء على هذا
منقطع ويجوز ان يكون متصلا والجملة فى معنى النفي لتضمن حرف التحضيض معناه يعنى ان لولا كلمة التحضيض فى الأصل استعملت هنا للنفى لان فى الاستفهام ضربا من الجحد كأنه قيل ما آمنت اهل قرية من القرى المشرفة على الهلاك فنفعهم ايمانهم الا قوم يونس فيكون قوله تعالى لما آمنوا استئنافا لبيان نفع ايمانهم وفيه دلالة على ان الايمان المقبول هو الايمان بالقلب: وفى المثنوى
بندگى در غيب آمد خوب وكش
…
حفظ غيب آيد در استبعاد خوش
طاعت وايمان كنون محمود شد
…
بعد مرك اندر عيان مردود شد
- روى- ان يونس عليه السلام بعث الى نينوى من ارض الموصل وهو بكسر النون الاولى وفتح الثانية وقيل بضمها قرية على شاطئ دجلة فى ارض الموصل وهر بفتح الميم وكسر الصاد المهملة اسم بلدة فدعاهم الى الله تعالى مدة فكذبوه وأصروا عليه فضاق صدره فقال اللهم ان القوم كذبونى فانزل عليهم نقمتك وذلك انه كان فى خلقه ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة تفسخ تحتها وقد قالوا لا يستطيع حمل أثقال النبوة الا أولوا العزم من الرسل وهم نوح وهود وابراهيم ومحمد عليهم السلام. اما نوح فلقوله يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ الآية وقد سبق. واما هود فلقوله إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ الآية. واما ابراهيم فلقوله هو والذين آمنوا معه إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. واما محمد فلقول الله تعالى له فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فصبر فقيل له أخبرهم ان العذاب مصبحهم بعد ثلاث او بعد أربعين قال الكاشفى [يونس ايشانرا خبر داد از ميان قوم يونس بيرون رفته در شكاف كوهى پنهان شد چون زمان موعود نزديك رسيد حق تعالى بمالك دوزخ خطاب كرد كه بمقدار شعيره از سموم دوزخ باين قوم فرست مالك فرمان الهى بجا آورد وآن سموم بصورت ابر سياه با دود غليظ وشراره آتش بيامده كرد مدينه نينوى را فرا كرفت اهل آن شهر دانستند كه يونس راست كفته روى بملك خود آوردند واو مرد عاقل بود فرمود كه يونس را طلب كنيد چندانكه طلبيدند نيافتند ملك كفت اگر يونس برفت خدائى كه ما را بدو دعوت ميكرد باقيست ودانا وشنوا اكنون هيچ چاره نيست الا آنكه عجز وشكستكى وتضرع بدرگاه او بريم پس ملك سر و پابرهنه پلاسى در پوشيد ورعايا بهمين صورت روى بصحرا نهادند مرد وزن وخرد وبزرك خروش وفرياد در كرفتند كودكانرا از مادران جدا كردند] قال فى الكواشي فحنّ بعضهم الى بعض وعجوا وتضرعوا واختلطت أصواتهم وفعلوا ذلك ليكون ارق لقلوبهم وأخلص للدعاء واقرب الى الاجابة وترادوا المظالم حتى كان الرجل يقلع الحجر قد وضع عليه بنيانه فيرده وقالوا جملة بالنية الخالصة آمنا بما جاء به يونس او قالوا يا حى حين لا حى محيى الموتى ويا حى لا اله الا أنت او قالوا اللهم ان ذنوبنا قد عظمت وجلت وأنت أعظم منها وأجل
من اميدوارم ز لطف كريم
…
كه خوانم كنه پيش عفو عظيم
افعل بنا ما أنت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله [واز أول ذى الحجة تا عاشر محرم برين وجه
مى ناليدند ودرين چهل روزه از افغان وناله نياسوده درماندكى وبيچارگى بموقف عرض ميرسانيدند]
چاره ما ساز كه بي ياوريم
…
گ ر تو برانى بكه رو آوريم
بي طربيم از همه سازنده
…
جز تو نداريم نوازنده
پيش تو كربى سرو پاآمديم
…
هم باميد تو خدا آمديم
[قومى ميكفتند خداوندا يونس ما را كفته بود كه خداى من گفته بندگان بخريد وآزاد كنيد ما بندگان توايم تو بكرم خود ما را از عذاب آزاد كن. جماعتى ديكر مى ناليدند كه الهنا ما را يونس خبر داد كه تو خداوند فرموده كه بيچارگان ودرماند كانرا دستكيرى ما بيچاره ودر مانده ايم بفضل خود ما را دستكير بعض ديكر بعرض ميرسانيدند كه اى پروردگار ما يونس از قول تو ميفرمود كه هر كه بر شما ستم كند ازو در كذرانيد خدايا ما بگناه بر خود ستم كرده ايم از ما عفو كن برخى ديكر بدين كونه ادا ميكردند كه خدايا يونس ماراى كفت كه پروردگار من كفته است كه سائلانرا رد مكنيد ما سائلان روى بدرگاه كرمت آورده ايم ما را رد مكن
ما تهى دستان بر آورديم دستى در دعا
…
نقد فيضى نه برين دست كنهكاران همه
قاضى حاجات درويشان ومحتاجان توئى
…
پس روا كن از كرم حاجات بسيار همه
القصة روز چهلم كه آذينه بود وعاشورا اثر مناجات دلسوز ايشان ظهور نموده برات نجات از ديوان رحمت نوشته شد وظلمت سحاب مرتفع كشته ابر رحمت سايه رأفت بر مفارق ايشان افكنده يونس بعد از چهل روز متوجه نبينوى كشته ميخواست كه از حال قوم خبر گيرد چون بنزديك شهر رسيد وبر صورت واقعه مطلع شد ملال بسيار برو غلبه كرده با خود كفت من ايشانرا بعذاب ترسانيدم وعذاب بر رحمت مبدل شد اگر من بدين شهر روم مرا بكذب نسبت دهند] فذهب مغاضبا ونزل السفينة فلم تسر فقال لهم ان معكم عبدا آبقا من ربه وانها لا تسير حتى تلقوه فى البحر وأشار الى نفسه فقالوا لا نلقيك يا بنى الله ابدا فاقترعوا فخرجت القرعة عليه ثلاث مرات فالقوه فالتقمه الحوت وقيل قائل ذلك بعض الملاحين وحين خرجت القرعة عليه ثلاثا ألقى نفسه فى البحر قال الشعبي التقمه الحوت ضحوة يوم عاشوراء ونبذه عشية ذلك اليوم اى بعد العصر وقاربت الشمس الغروب وفيه بيان فضيلة يوم عاشوراء فانه الذي كشف الله العذاب فيه عن قوم يونس واخرج يونس من بطن الحوت وأزال عنه ذلك الابتلاء- حكى- انه هرب أسير من الكفار يوم عاشوراء فركبوا فى طلبه فلما رأى الفرسان خلفه وعلم انه مأخوذ رفع رأسه الى السماء وقال اللهم بحق هذا اليوم المبارك اسألك ان تنجينى منهم فاعمى الله أبصارهم جميعا حتى تخلص منهم فصام ذلك اليوم فلم يجد شيأ يفطر ويتعشى به فنام فاطعم وسقى فى المنام فعاش بعد ذلك عشرين سنة لم يكن له حاجة الى الطعام والشراب كما فى روضة العلماء. ومن صامه أعطاه الله ثواب عشرة آلاف ملك وثواب عشرة آلاف حاج ومعتمر وثواب عشرة آلاف شهيد كما فى تنبيه الغافلين ذكر ان الله عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ أمن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق. والمستحب فى ذلك اليوم
فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا يجعل ذلك يوم عيدا ويوم مأتم كالشيعة والروافض والناصبة كما فى عقد الدرر. والاكتحال ونحوه وان كان له اصل صحيح لكن لما كان شعارا لاهل البدعة صار تركه سنة كالتختم باليمين فانه لما كان شعار اهل البدعة صار السنة ان يجعل فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستاتى وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ايمان من فى الأرض من الثقلين لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ بحيث لا يشذ منهم أحد جَمِيعاً مجتمعين على الايمان لا يختلفون لكنه لا يشاؤه لكونه مخالفا للحكمة التي عليها بنى أساس التكوين والتشريع فشاء ان يؤمن به من علم منه انه لا يختار الكفر وان لا يؤمن به من علم منه انه لا يؤمن به تكميلا لحكم القبضتين وتحصيلا لأهل النشأتين وجعل الكل مستعدا ليصح التكليف عليهم وكان عليهم السلام حريصا على ايمان قومه شديد الاهتمام به لان نشأة الكامل حاملة للرحمة الكلية بحيث لا يريد الا ايمان الكل ومغفرته- كما حكى- ان موسى عليه السلام حين قصد الى الطور لقى فى الطريق وليا من اولياء الله تعالى فسلم عليه فلم يرد سلامه فلما وصل الى محل المناجاة قال الهى سلمت على عبد من عبادك فلم يرد على سلامى قال الله تعالى يا موسى ان هذا العبد لا يكلمنى منذ ستة ايام قال موسى لم يا رب قال لانه كان يسأل منى ان اغفر لجميع المذنبين وأعتق العصاة من عذاب جهنم أجمعين فما أجبت لسؤاله فما كلمنى منذ ستة ايام كذا فى الواقعات المحمودية والحاصل ان الله تعالى لما رأى من حبيبه عليه السلام ذلك الحرص انزل هذه الآية وعلق ايمان قومه على مشيئته وقال له أَفَأَنْتَ اى أربك لا يشاء ذلك فانت تُكْرِهُ النَّاسَ على ما لم يشأ الله منهم حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ليس ذلك إليك كما فى الكواشي فيكون الإنكار متوجها الى ترتيب الإكراه المذكور على عدم مشيئته تعالى كما فى الإرشاد. وفى إيلاء الاسم حرف الاستفهام إيذان بان اصل الفعل وهو الإكراه امر ممكن مقدور لكن الشان فى المكره من هو وما هو الا هو وحده لا يشارك فيه لانه القادر على ان يفعل فى قلوبهم ما يضطرهم الى الايمان وذلك غير مستطاع للبشر وقال السيد الشريف فى شرح المفتاح المقصود من قوله أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ انكار صدور الفعل من المخاطب لا انكار كونه هو الفاعل مع تقرر اصل الفعل انتهى والتقديم لتقوية حكم الإنكار كما فى حواشى سعدى المفتى قال الكاشفى [اين آيت منسوخ است بآيت قتال] وقال فى التبيان والصحيح انه لا نسخ لان الإكراه على الايمان لا يصح لانه عمل القلب وَما كانَ اى وما صح وما استقام لِنَفْسٍ من النفوس التي علم الله انها تؤمن أَنْ تُؤْمِنَ فى حال من أحوالها إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى الا حال كونها ملابسة باذنه تعالى وتسهيله وتوفيقه فلا تجهد نفسك فى هداها فانه الى الله: قال الحافظ
رضا بداده بده وزجبين گره بگشاى
…
كه بر من وتو در اختيار نكشادست
وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ اى الكفر بقرينة ما قبله عبر عنه بالرجس الذي هو عبارة عن القبيح المستقذر المستكره لكونه علما فى القبح والاستكراه اى يجعل الكفر ويبقيه عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ لا يستعملون عقولهم بالنظر فى الحجج والآيات فلا يحصل لهم الهداية
التي عبر عنها بالاذن فيبقون مغمورين بقبائح الكفر والضلال وفى التأويلات النجمية وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ اى عذاب الحجاب عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ سنة الله فى الهداية والخذلان فان سنته ان تهتدى العقول المؤيدة بنور الايمان الى توحيد الله ومعرفته ولا تهتدى العقول المجردة عن نور الايمان الى ذلك وهذا رد على الفلاسفة فانهم يحسبون ان للعقول المجردة عن الايمان سبيلا الى التوحيد والمعرفة انتهى: قال الحافظ
اى كه از دفتر عقل آيت عشق آموزى
…
ترسيم اين نكته تحقيق ندانى دانست
قُلِ انْظُرُوا تفكروا يا اهل مكة ماذا مرفوع المحل على الابتداء فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبره اى أي شىء بديع فيهما من عجائب صنعه الدالة على وحدته وكمال قدرته فماذا جعل بالتركيب اسما واحدا مغلبا فيه الاستفهام على اسم الاشارة ويجوز ان يكون اسمين بمعنى ما الذي على ان تكون ما استفهامية مرفوعة على الابتداء والظرف صلة الذي والجملة خبر للمبتدأ وعلى التقديرين فالمبتدأ والخبر فى محل النصب بإسقاط الخافض وفعل النظر معلق بالاستفهام وَما نافية تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ جمع نذير على انه فعيل بمعنى منذر او على انه مصدر اى لا تنفع الآيات الانفسية والآفاقية الدالة على الوحدانية والرسل المنذرون او الانذارات شيئا عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ فى علم الله تعالى وحكمه فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ اى فما ينتظر كفار مكة واضرابهم إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا اى الا يوما مثل ايام الذين مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ من مشركى الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود واصحاب الايكة واهل المؤتفكة اى مثل وقائعهم ونزول بأس الله بهم إذ لا يستحقون غيره وهم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظر والعرب تسمى العذاب والنعم أياما وكل ما مضى عليك من خير وشر فهو ايام قُلْ تهديدا لهم فَانْتَظِرُوا ما هو عاقبتكم من العذاب إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لذلك او فانتظروا إهلاكي انى معكم من المنتظرين لهلاككم فان العاقبة للمتقين على ما هى السنة القديمة الالهية ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا عطف على محذوف دل عليه قوله مثل ايام الذين خلوا كأنه قيل نهلك الأمم ثم ننجى رسلنا ومن آمن بهم عند نزول العذاب على حكاية الحال الماضية فان المراد أهلكنا ونجينا كَذلِكَ اى مثل ذلك الانجاء حَقًّا عَلَيْنا اعتراض بين الفعل ومعموله ونصبه بفعله المقدر اى حق ذلك حقا نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ من كل شدة وعذاب ولم يذكر إنجاء الرسل إيذانا بعدم الحاجة اليه وفيه تنبيه على ان مدار النجاة هو الايمان وهذه سنة الله تعالى فى جميع الأمم فان الله تعالى كما أنجى الرسل المتقدمين ومن آمن بهم وأنجز ما وعد لهم كذلك أنجى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من أصحابه وحقق لهم ما وعد لهم وسينجى الى قيام الساعة جميع المؤمنين من أيدي الكفرة وشرورهم ما دام الشرع باقيا والعمل به قائما: قال السعدي قدس سره
محالست چون دوست دارد ترا
…
در دست دشمن كذارد ترا
واقل النجاة الموت فان الموت تحفة المؤمن ألا ترا الى قوله عليه السلام حين مرّ بجنازة مستريح
او مستراح منه فالاول هو الرجل الصالح يتخلص من تعب الدنيا ويستريح فى البرزخ بالثواب الروحاني وهو نصف النعيم والثاني هو الرجل الفاسق يستريح بموته الخلق ويتخلصون بموته من أذاه ويصل هو الى العذاب الروحاني البرزخى وهو نصف الجحيم نعوذ بالله تعالى منه والحديث المناسب لآية الانتظار والانجاء قوله صلى الله تعالى عليه وسلم (أفضل العبادة انتظار الفرج) وذلك لان فيه استراحة القلب وثواب الصبر إذا المؤمن المبتلى يعتقد ان المبتلى هو الله تعالى وانه لا كاشف له الا هو وذلك يخفف ألم البلاء عنه ويهون عليه الصبر فيرفع الجزع ويجد الاستراحة فى قلبه بخلاف حال الجاهل الذي لا يخطر بباله ان ما يجرى عليه انما هو بقضاء الله وان الله لطيف بعباده إذ ربما يعتقد انه لا يتخلص من بلائه ابدا فينسب العجز الى الله تعالى من حيث لا يحتسب ويتقلب فى ألم البلاء صباحا ومساء فنعوذ بالله منه: قال الحافظ
اى دل صبور باش مخور غم كه عاقبت
…
اين شام صبح گردد واين شب سحر شود
وفى الحديث (اشتدى ازمة تنفرجى) خاطب عليه السلام السنة المجدبة فقال ابلغى فى الشدة والمشقة الغاية تنكشفى وفيه تنبيه على ان لا بقاء للمحنة فى دار الدنيا كما لا بقاء للنعمة. والازمة القحط والشدة وقيل ازمة امرأة وقعت فى الطلق فقال عليه السلام اى ازمة اشتدى يعنى ابلغى فى الشدة الغاية تنفرجى حتى تجدى الفرج عن قريب بالوضع والعرب تقول إذا تناهت الشدة انفرجت. وقد عمل ابو الفضل يوسف بن محمد الأنصاري المعروف بابن النحوي لفظ الحديث مطلع قصيدة فى الفرج بديعة فى معناها كذا فى المقاصد الحسنة لخاتمة الحافظ والمحدثين الامام السخاوي رحمه الله سبحانه قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لاهل مكة إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي الذي أتعبد الله به وأدعوكم اليه ولم تعلموا ما هو وما صفته فَلا أَعْبُدُ اى فانا لا اعبد والا لا نجزم الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فى وقت من الأوقات وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ يقبض أرواحكم بواسطة الملك ثم يفعل بكم ما يفعل من فنون العذاب اى فاعلموا تخصيص العبادة به تعالى ورفض عبادة ما سواه من الأصنام وغيرها مما تعبدونه جهلا وذلك لان شكهم ليس سببا لعدم عبادة الأوثان وعبادة الله بل سبب للاعلام والاخبار بان الدين كذا ومثله وما بكم من نعمة فمن الله فان استقرار النعمة فى المخاطبين ليس سببا لحصولها من الله تعالى بل الأمر بالعكس وانما هو سبب للاخبار بحصولها من الله تعالى وَأُمِرْتُ أَنْ اى بان أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وفى الانتقال من العبادة التي هى جنس من اعمال الجوارح الى الايمان والمعرفة دلالة على انه ما لم يصر الظاهر مزينا بالأعمال الصالحة لا يستقر فى القلب نور الايمان والمعرفة فان الله تعالى جعل احكام الشريعة أساس المعرفة فاذا زال الأساس زال ما بنى عليه وايضا العمل لباس المعرفة فاذا انسلخت المعرفة عن هذا اللباس صارت كسراج على وجه الريح
علم آبست وعمل سد چون سبو
…
چون سبو بشكست ريزد آب ازو
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ عطف على ان أكون وان مصدرية اى موصول حرفى وصلته لا تجب ان تكون خبرية بخلاف الموصول الاسمى. والمعنى وأمرت بالاستقامة فى الدين
والاشتداد فيه بأداء الفرائض والانتهاء عن القبائح كما فى تفسير القاضي قال ابن الشيخ فى حواشيه وفيه اشارة الى ان اقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية الى عبادة الله تعالى والاعراض عما سواه فان من أراد ان ينظر الى شىء نظرا بالاستقصاء فانه يقيم وجهه فى مقابلته بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا فانه لو التفت الى جهة بطلت تلك المقابلة واختل النظر المراد ولذلك كنى باقامة الوجه عن صرف القوى بالكلية الى الدين انتهى قال فى الكواشي والمعنى كن مؤمنا وأخلص عملك لله
عبادت بإخلاص نيت نكوست
…
وگرنه چهـ آيد ز بى مغز پوست
حَنِيفاً حال من الدين اى مائلا عن الأديان الباطلة مستقيما لا اعوجاج فيه بوجه ما وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اعتقادا وعملا عطف على أقم داخل تحت الأمر قال الامام من عرف مولاه لو التفت بعد ذلك الى غيره كان ذلك شركا وهذا هو الذي تسميه اصحاب القلوب بالشرك الخفي: قال المغربي
اگر بغير تو كردم نگاه در همه عمر
…
بياد جرم غرامت ز ديده ام بستان
وَلا تَدْعُ عطف على قوله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ غير داخل تحت الأمر مِنْ دُونِ اللَّهِ استقلالا ولا اشتركا ما لا يَنْفَعُكَ إذا دعوته بدفع مكروه او جلب محبوب وَلا يَضُرُّكَ إذا تركته بسلب المحبوب دفعا او رفعا او بايقاع المكروه فَإِنْ فَعَلْتَ اى ما نهيت عنه من دعاء ما لا ينفع ولا يضر فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ الضارين بانفسهم فانه إذا كان ما سوى الحق معزولا عن التصرف كان اضافة التصرف الى ما سوى الحق وضعا للشئ فى غير موضعه فيكون ظلما فلا نافع ولا ضار الا الحق وكل شىء هالك الا وجهه
خيال جمله جهانرا بنور چشم يقين
…
بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ [واگر برساند خداى بتو مرضى يا شدتى يا فقرى] فَلا كاشِفَ لَهُ عنك إِلَّا هُوَ وحده وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ [واگر خواهد بتو صحت وراحت وغنا] فَلا رَادَّ فلا دافع لِفَضْلِهِ من جملة ما أرادك به من الخير كائنا من كان فيدخل فيه الأصنام. وفيه إيذان بان فيضان الخير منه تعالى بطريق التفضل من غير استحقاق عليه سبحانه ولعل ذكر الارادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الامرين للايذان بان الخير مراد بالذات وان الضر انما يمس من يمسه لما يوجبه من الدواعي الخارجية لا بالقصد الاولى ولم يستثن مع الارادة كما استثنى مع المس بأن يقول الا هو لانه قد فرض ان تعلق الخير به واقع بارادة الله تعالى فصحة الاستثناء تكون بارادة ضده فى ذلك الوقت وهو محال إذ لا يتعلق الارادتان للضدين فى وقت واحد بخلاف مس الضر فان ارادة كشفه لا تستلزم المحال يُصِيبُ بِهِ [ميرساند فضل خود را] اى بفضله الشامل لما أرادك به من الخير ولغيره مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فتعرضوا لرحمته بالطاعة ولا تيأسوا من غفرانه بالمعصية وفى التأويلات النجمية وَهُوَ الْغَفُورُ يستر بنور وجهه ظلمة وجود الصديقين الرَّحِيمُ يتقرب برحمته الى الطالبين الصادقين وهم الذين دينهم عبادة الله وطاعته ومحبته
وطلبه لا عبادة الهوى والدنيا وطاعتها ومحبتها وقال فى المفاتيح معنى الغفور يستر القبائح والذنوب باسبال الستر عليها فى الدنيا وترك المؤاخذة والعقاب عليها فى الآخرة وحظ العارف من هذا الاسم ان يستر من أخيه ما يحب ان يستر منه وقد قال عليه السلام (من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة) والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل عن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق الله الا احسن ما فيه- يروى- ان عيسى عليه السلام مر مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما أنتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو احسن كما فى شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي: وقال فى المثنوى فى الاسم الرحيم
بندگان حق رحيم وبردبار
…
خوى حق دارند در إصلاح كار
مهربان بي رشوتان يارى گران
…
در مقام سخت ودر روز گران
نسأل الله تعالى ان يفيض علينا سجال رحمته ويديم دوران كاسات فضله ومغفرته قُلْ لكفار مكة يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وهو القرآن العظيم واطلعتم على ما فى تضاعيفه من البينات والهدى لم يبق لكم عذر ولا عليه تعالى حجة فَمَنِ اهْتَدى بالايمان به والعمل بما فى مطاويه فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ اى منفعة اهتدائه لها خاصة وَمَنْ ضَلَّ بالكفر به والاعراض عنه فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها اى فوبال الضلال مقصور عليها. والمراد تنزيه ساحة الرسول عن شائبة غرض عائد اليه عليه السلام من جلب نفع او دفع ضر كما يلوح به اسناد المجيء الى الحق من غير اشعار يكون ذلك بواسطة وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ بحفيظ موكول الى أمركم وانما انا بشير ونذير وفى التأويلات النجمية قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ القرآن وهو الحبل المتين فَمَنِ اهْتَدى الى الاعتصام به فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ بان يخلصها من أسفل السافلين ويعيدها الى أعلى عليين مقاما وَمَنْ ضَلَّ عن الاعتصام به فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لانها تبقى فى أسفل الدنيا بعيدة عن الله معذبة بعذاب البعد وألم الفراق وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ فاوصلكم الى تلك المقامات والدرجات واخلصكم من هذه السفليات والدركات بغير اختياركم وانما انا مأمور بتبليغ الوحى والرسالة والتذكير والموعظة وَاتَّبِعْ اعتقادا وعملا وتبليغا ما يُوحى إِلَيْكَ على نهج التجدد والاستمرار من الحق المذكور المتأكد يوما فيوما وَاصْبِرْ على دعوتهم وتحمل اذيتهم حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ يقضى لك بالنصر واظهار دينك وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ إذ لا يمكن الخطأ فى حكمه لاطلاعه على السرائر اطلاعه على الظواهر
از سپيدى تا سياهى گير وتا لوح وقلم
…
يك رقم از خط حكمش وهو خير الحاكمين
قال فى التأويلات النجمية وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ فيما حكم بقبول الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن سبقت له العناية الازلية وبرد الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن أدركته الشقاوة الازلية وقال فى المفاتيح ومرجع الاسم الحاكم اما الى القول الفاصل بين الحق والباطل والبر والفاجر والمبين لكل نفس جزاء ما عملت من خير او شر واما الى التمييز من السعيد والشقي بالاثابة والعقاب. وحظ العبد منه ان يستسلم لحكمه وينقاد لامره فان من لم يرض بقضائه اختيار
امضى فيه اجبارا ومن رضى به طوعا عاش راضيا مرضيا ويكفى لنا موعظة حال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فانه رضى بقضاء الله وصبر على بلائه فعاش حميدا وصار عاقبة امره الى النصرة: وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد
…
كيميايى همچوصبر آدم نديد «1»
چونكه قبض آمد تو در وى بسط بين
…
تازه باش و چين ميفكن بر جبين «2»
چشم كودك همچوخر در آخرست
…
چشم عاقل در حساب آخرست
او در آخر چرب مى بيند علف
…
وين ز قصاب آخرش بيند تلف
آن علف تلخست كين قصاب داد
…
بهر لحم ما ترا زويى نهاد
صبر مى بيند ز پرده اجتهاد
…
روى چون گلنار وزلفين مراد
ومما وقع له صلى الله تعالى عليه وسلم من الاذية ما حدث به عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله فى المسجد وهو يصلى وقد نحر جزور وبقي فرثه اى روثه فى كرشه فقال ابو جهل أيكم يقوم الى هذا القذر ويلقيه على محمد فقام عقبة بن ابى معيط وجاء بذلك الفرث فالقاه على النبي عليه السلام وهو ساجد فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك فهممنا اى خففنا ان نلقيه عنه حتى جاءت فاطمة رضى الله عنها فالقته عنه وأقبلت عليهم تشتمهم وكان بجواره صلى الله تعالى عليه وسلم جماعة منهم ابو لهب والحكم بن العاص ابن امية وعقبة بن ابى معيط وكانو يطرحون عليه الأذى فاذا طرحوه عليه اخذه عليه السلام وخرج به ووقف على بابه ويقول يا ابن عبد مناف أي جوار هذا ثم يلقيه فى الطريق وقال عليه عليه السلام مرة فيمن التزم اذية له من رؤساء قريش مخاطبا لاصحابه (ابشروا فان الله تعالى مظهر دينه ومتمم كلمته وناصر نبيه ان هؤلاء الذين ترون مما يذبح على ايديكم عاجلا) فوقع كما قال حيث ذبحهم الاصحاب بأيديهم يوم بدر وهذه الاذية لا يظن ظان انها منقصة له عليه السلام بل هى رفعة له ودليل على فخامة قدره وعلو مرتبته وعظيم رفعته ومكانته عند ربه لكثرة صبره عليه السلام وحلمه واحتماله مع علمه باستجابة دعائه ونفوذ كلمته عند الله تعالى وقد قال (أشد الناس بلاء الأنبياء) عليهم السلام فالانبياء كالذهب والشدائد التي تصيبهم كالنار التي يعرض عليها الذهب فان ذلك لا يزيد الذهب إلا حسنا فكذا الشدائد لا تزيد الأنبياء الا رفعة: وفى المثنوى
طبع را كشتند در حمل بدى
…
تا حمولى كر بود هست ايزدى «3»
اى سليمان در ميان زاغ وباز
…
حلم حق شو با همه مرغان بساز
اى دو صد بلقيس حلمت را زبون
…
كه اهد قومى انهم لا يعلمون
نسأل الله تعالى ان يثبتنا على الحق المبين ويحكم لنا بالنصر على نفوسنا وهو خير الحاكمين تمت سورة يونس بالامداد الرحمانى والتأييد الرباني فى اليوم الحادي عشر يوم الاثنين فى ذى القعدة الشريفة من سنة اثنتين ومائة والف ويتلوها سورة هود
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر آوردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ
(2)
در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدوس بصورت آدمي بر مريم إلخ
(3)
در أوائل دفتر چهارم در بيان تحمل كردن از هر بى ادبى إلخ