المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة هود - روح البيان - جـ ٤

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة هود

‌تفسير سورة هود

وهى مكية وآيها مائة وثلاث وعشرون او اثنتان وعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم قال فى التأويلات النجمية قوله بِسْمِ اللَّهِ اشارة الى الذات الرَّحْمنِ يشير الى صفة الجلال الرَّحِيمِ الى صفة الجمال. والمعنى ان هاتين الصفتين قائمتان بذاته جل جلاله وباقى الأسماء مشتملة على هاتين الصفتين وهمان من صفات القهر واللطف الر اى هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم فيكون خبر مبتدأ محذوف او لا محل له من الاعراب مسرود على نمط تعديد الحروف للتحدى والاعجاز وهو الظاهر فى هذه السورة الشريفة إذ على الوجه الاول يكون كتاب خبرا بعد خبر فيؤدى الى ان يقال هذه السورة كتاب وليس ذاك بل هى آيات الكتاب الحكيم كما فى سورة يونس وحمل الكتاب على المكتوب او على البعض تكلف وهو اللائح بالبال قالوا الله اعلم بمراده من الحروف المقطعة فانها من الاسرار المكتومة كما قال الشعبي حين سئل عنها سر الله فلا تطلبوه والله تعالى لا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول او وارث رسول. وفى الحديث (ان من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه الا العلماء بالله فاذا نطقوا به لا ينكره الا اهل الغرة بالله) رواه ابو منصور الديلمي وابو عبد الرحمن السلمى كما فى الترغيب قال الرقاشي هى اسرار الله يبديها الى أمناء أوليائه وسادات النبلاء من غير سماع ولا دراسة وهى من الاسرار التي لم يطلع عليها الا الخواص كما فى فتح القريب وعن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال حفظت من رسول الله وعاءين فاما أحدهما فبثثته فيكم واما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم قال البخاري البلعوم مجرى الطعام كما فى شرح الكردي على الطريقة المحمدية وقال سلطان المفسرين والمؤولين ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر أنا الله ارى [منم خداى كه مى بينم طاعت مطيعانرا ومعصيت عاصيانرا وهر كس را مناسب عمل او جزا خواهم داد پس اين كلمه مشتمل است بر وعد ووعيد كما فى تفسير الكاشفى] ويقال الالف آلاؤه واللام لطفه والراء ربوبيته كما فى تفسير ابى الليث وسيأتى فى التأويلات غير هذا كِتابٌ اى هذا القرآن كتاب كما ذهب اليه غير واحد من المفسرين أُحْكِمَتْ آياتُهُ نظمت نظما محكما لا يعتريه نقض ولا حلل لفظا ومعنى كالبناء المحكم المرصف او منعت من النسخ بمعنى التغيير مطلقا: وفى المثنوى

مصطفى را وعده كرد ألطاف حق

گر بميرى تو نميرد اين سبق

كس نتاند بيش وكم كردن درو

تو به از من حافظى ديگر مجو

هست قرآن مر ترا همچون عصا

كفرها را دركشد چون اژدها

تو اگر در زير خاكى خفته

چون عصايش دان تو آنچهـ گفته

قاصدانرا بر عصايت دست نى

تو بخسب اى شه مبارك خفتنى

ثُمَّ فُصِّلَتْ يقال عقد مفصل إذا جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والمعنى زينت آياته بالفوائد كما تزين القلائد بالفرائد اى ميزت وجعلت تفاصيل فى مقاصد مختلفة ومعان متميزة من العقائد والاحكام والمواعظ والأمثال وغير ذلك وثم للتفاوت فى الحكم اى الرتبة لا للتراخى فى الوجود

ص: 90

والوقوع فى الزمان او للتراخى فى الاخبار لا فى الوقت فان الشائع فى الجمل ان يراد بها نفس مفهومها الا انه قد يراد بها الاخبار. بمفهومها كما تقول فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل والمراد بالتراخي مجرد الترتيب مجازا لظهور ان حقيقة التراخي منتفية بين الاخبارين ضرورة ان الاخبار بالتفصيل وقع عقيب الاخبار بالاحكام او يقال بوجود التراخي باعتبار ابتداء الخبر الاول وانتهاء الثاني والفعلان من قبيل قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل يعنى انه لم يكن البعوض كبيرا اولا ثم جعله الله صغيرا لكنه كان ممكنا فنزل هذا الإمكان منزلة الوجود كما فى شرح الهندي على الكافية مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ صفة ثانية للكتاب وصف اولا بجلالة الشان من حيث الذات ثم وصف من حيث الاضافة. ولدن بمعنى عند لكنها مختصة بأقرب مكان وعند للبعيد والقريب ولهذا تقول عندى كذا لما تملكه حضرك او غاب عنك ولا تقول لدى كذا الا لما هو بحضرتك. والحكيم الخبير هو الله تعالى حكيم فيما انزل خبير بمن أقبل على امره او اعرض عنه أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مفعول له حذف منه اللام مع فقدان الشرط اعنى كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل بناء على القياس المطرد فى حذف حرف الجر مع ان المصدرية كأنه قيل كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لاجل ان لا تعبدوا الا الله اى تتركوا يا اهل مكة عبادة غير الله وتتمحضوا فى عبادته دل على ان لا مقصود من هذا الكتاب الشريف الا هذا الحرف الواحد فكل من صرف عمره الى سائر المطالب فقد خاب وخسر إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ كلام على لسان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله منه اما حال من نذير وبشير اى كائنا من جهة الله تعالى او متعلق بنذير اى أنذركم من عذابه ان كفرتم اى بقيتم على الكفر وعبادة غير الله تعالى وأبشركم بثوابه ان أمنتم وتقديم النذير لان التخويف هو الأهم إذ التخلية قبل التحلية وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ عطف على ان لا تعبدوا سواء كان نهيا او نفيا وان مصدرية وسوغ سيبويه ان توصل ان بالأمر والنهى لان الأمر والنهى دالان على المصدر دلالة غيرهما من الافعال والاستغفار طلب المغفرة وهى ان يستر على العبد ذنوبه فى الدنيا ويتجاوز عن عقوبته فى العقبى ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ثم أخلصوا التوبة واستقيموا عليها كما فى بحر العلوم للسمرقندى وقال فى الإرشاد المعنى فعل ما فعل من الاحكام والتفصيل لتخصوا الله بالعبادة وتطلبوا منه ستر ما فرط منكم من الشرك ثم ترجعوا اليه بالطاعة انتهى فثم ايضا على بابها فى الدلالة على التراخي الزمانى ويجوز ان يكون ثم لتفاوت ما بين الامرين وبعد المنزلة بينهما من غير اعتبار تعقيب وتراح فان بين التوبة وهى انقطاع العبد اليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيدا كذا ذكره الرضى قال الفراء ثم هاهنا بمعنى الواو لان الاستغفار توبة انتهى يقول الفقير فرقوا بينهما كما قال الحدادي عند قوله تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ

اى بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة لان الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت وأسأت ولا أعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً انتصابه على انه مصدر بمعنى تمتيعا حذف منه الزوائد. والتمتيع جعل الشخص متمتعا منتفعا بشئ. والمعنى يعيشكم عيشا مرضيا لا يفوتكم فيه شىء مما تشتهون ولا ينغصه شىء من المكدرات إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى الى آخر الأعمار المقدرة وتموتوا على فرشكم- كما حكى- ان الله

ص: 91

تعالى اوحى الى موسى عليه السلام قل لفرعون ان آمنت بالله وحده عمرك فى ملكك وردك شابا طريا فمنعه هامان وقال له انا اردك شابا طريا فاتاه بالوسمة فخضب لحيته بها وهو أول من خضب بالسواد ولذا كان الخضاب بالسواد حراما وقال العتبى اصل الامتاع الاطالة فيقال جبل ماتع وقد متع النهار إذا طال. والمعنى لا يهلككم بعذاب الاستئصال الى آخر ايام الدنيا وهاهنا سؤالان. الاول ان قوله عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وقوله (وخص البلاء بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) ونحوهما يدل على ان نصيب المطيع عدم الراحة فى الدنيا فكيف يكون فى أمن وسعة الى حين الموت. والجواب ان من ربط قلبه بالله ورضى بما قضاه الله فى حقه حيى

حياة طيبة ولذا قال بعضهم متاعا حسنا [رضاست بر آنچهـ هست از نعمت وصبر بر آنچهـ رو نمايد از سخت] ومن ربط قلبه بالأسباب كان ابدا فى الم الخوف من فوات محبوبه فيتنغص عيشه ويضطرب قلبه وكون الدنيا سجنا انما هو بالاضافة الى ما أعد للمؤمن من نعيم الآخرة وهو لا ينافى الراحة فى الجملة- كما حكى- انه كان قاض من اهل بغداد ما را بزقاق كلخان مع خدمه وحشمه كالوزير فطلع الكلخانى فى صورة جهنمى رث الهيئة كان القطران يقطر من جوانبه فاخذ بلجام بغلة القاضي فقال أيد الله القاضي ما معنى قول نبيكم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) اما ترى ان الدنيا جنة لك وأنت مؤمن محمدى والدنيا سجن لى وانا كافر يهودى فقال القاضي الدنيا وما ترى من زينتها وحشمتها سجن للمؤمنين بالنسبة الى الجنة وما أعد لهم فيها من الدرجات وجنة للكافرين بالنسبة الى جهنم وما أعد لهم فيها من الدركات فعقل اليهودي فاسلم وأخلص. والثاني ان قوله تعالى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يدل على ان للعبد اجلين كما قال الكعبي ان للمقتول اجلين أجل القتل وأجل الموت وان المقتول لو لم يقتل لعاش الى اجله الذي هو أجل الموت وكما قال الفلاسفة ان للحيوان أجلا طبيعيا هو وقت موته لتحلل رطوبته وانطفاء حرارته الغريزيتين وأجلا اختراميا بحسب الآفات والأمراض. والجواب ان الاجل واحد عند اهل السنة والجماعة فان الأرزاق والأعمار وان كانت متعلقة بالأعمال كالاستغفار والتوبة فى هذه الآية وكالصلة فى قوله (صلة الرحم تزيد العمر) لكنها مسماة بالاضافة فى كل أحد بناء على علم الله باشتغاله بما يزيد فى العمر من القرب فلا يثبت تعدد الاجل وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فى الأعمال والأخلاق والكمالات فَضْلَهُ والضمير راجع الى كل اى جزاء فضله من الثواب والدرجات العالية ولا يبخس منه قال سعيد بن جبير فى هذه الآية من عمل حسنة كتب له عشر حسنات ومن عمل سيئة كتب عليه سيئة واحدة فان لم يعاقب بها فى الدنيا أخذ من العشرة واحدة وبقيت له تسع حسنات [وجورجانى گفته كه ذو فضل آنست كه در ديوان ازل بنام او نشان فضل نوشته باشند وهر آينه بعد از وجود بدان شرف خواهد رسيد آنرا كه بدادند ازو باز نگيرند وَإِنْ تَوَلَّوْا اى تتولوا او تعرضوا عما القى إليكم من التوحيد والاستغفار والتوبة وتستمروا على الاعراض وانما اخر عن البشارة جريا على سنن تقدم الرحمة على الغضب فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ بموجب الشفقة والرحمة او أتوقع عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ شاق وهو يوم القيامة قال

ص: 92

فى التبيان وهو كبير لما فيه من الأهوال فوصف بوصف ما يكون فيه إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالموت ثم بالبعث للجزاء فى مثل ذلك اليوم لا الى غيره وهو شاذ عن القياس لان المصدر الميمى من باب ضرب قياسه ان يجيئ بفتح العين وهو لا يمنع الفصاحة نحو ويأبى الله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على تعذيبكم إذ من جملة مقدوراته العذاب والثواب واعلم ان الآية تدل على فضل التوحيد وشرف الاستغفار ألا يرى ان الموحد المستغفر كيف ينال العيش الطيب فى الدنيا والدرجات العالية فى العقبى فهما مفتاح سعادة الدارين وفى الحديث (لا اله الا الله ثمن الجنة) وفى خبر آخر (مفتاح الجنة) وفى الخبر (قال آدم يا رب انك سلطت على إبليس ولا أستطيع ان امتنع منه الا بك قال الله تعالى لا يولد لك ولد الا وكلت عليه من يحفظه من مكر إبليس ومن قرناء السوء قال يا رب زدنى قال الحسنة عشر وأزيد والسيئة واحدة وامحوها قال يا رب زدنى قال التوبة مقبولة مادام الروح فى الجسد قال يا رب زدنى قال الله تعالى قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم) ثم الاستغفار لا يختص بكونه من الذنوب بل يكون من العبادة التي لا يؤتى بها على الوجه اللائق كما قال بعضهم ان الصحابة كانوا يستغفرون من عبادتهم استقلالا لها وما يقع فيها: قال العرفي

ما لب آلوده بهر توبه بگشاييم ليك

بانك عصيان ميزند ناقوس استغفار ما

وفى التأويلات النجمية قوله الر يشير بالألف الى الله وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ يعنى القرآن كتاب أحكمت بالحكم آياته كقوله وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ فالكتاب هو القرآن والحكمة هى الحقائق والمعاني والاسرار التي أدرجت فى آياته ثُمَّ فُصِّلَتْ اى بينت لقلوب العارفين تلك الحقائق والحكم مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ أودع فيها الحكمة البالغة التي لا يقدر غيره على ايداعها فيها وهذا سر من اسرار اعجاز القرآن خَبِيرٍ على تعليمها من لدنه لمن يشاء من عباده كقوله فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً يشير الى ان للقرآن ظهرا يطلع عليه اهل اللغة وبطنا لا يطلع عليه الا ارباب القلوب الذين أكرمهم الله بالعلم اللدني ورأس الحكمة وسرها ان تقول يا محمد لامتك أمرتم أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى لا تعبدوا الشيطان ولا الدنيا ولا الهوى ولا ما سوى الله تعالى إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ أنذركم بالقطيعة من الله تعالى ان تعبدوا وتطيعوا وتحبوا غيره وعذاب العبد فى الجحيم وَبَشِيرٌ أبشركم ان تعبدوه وتطيعوه وتحبوه بالوصول ونعم الوصال فى دار الجلال وكان النبي عليه السلام مخصوصا بالدعوة الى الله من بين الأنبياء والمرسلين يدل عليه قوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ فيما فرطتم من ايام عمركم فى طلب غير الله وترك طلبه وتحصيل الحجب وابطال الاستعداد الفطري ليكون الاستغفار تزكية لنفوسكم وتصفية لقلوبكم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ارجعوا بقدم السلوك الى الله تعالى لتكون التوبة تحلية لكم بعد التزكية بالاستغفار وهى قوله يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً وهو الترقي فى المقامات من السفليات

ص: 93

الى العلويات ومن العلويات الى حضرة العلى الكبير إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو انقضاء مقامات السلوك وابتداء درجات الوصول وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ ذى صدق واجتهاد فى الطلب فَضْلَهُ فى درجات الوصول فان المشاهدات بقدر المجاهدات وَإِنْ تَوَلَّوْا تعرضوا عن الطلب والسير الى الله فَإِنِّي قل فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ عذاب يوم الانقطاع عن الله الكبير فانه اكبر الكبائر وعذابه أعظم المصائب إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ طوعا او كرها فان كان بالطوع يتقرب إليكم بجذبات العنايات كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) وان كان بالكره تسحبون فى النار على وجوهكم وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من اللطف والقهر قَدِيرٌ أَلا اى تنبهوا ايها المؤمنون إِنَّهُمْ اى مشركى مكة يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ من ثنى يثنى اى عطف وصرف. والمعنى يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والاعراض عن الحق وعداوة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بحيث يكون ذلك مخفيا مستورا فيها كما تعطف الثياب على ما فيها من الأشياء المستورة لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ الاستخفاء الاستتار الى ليختفوا ويستتروا من الله تعالى لجهلهم بما لا يجوز على الله تعالى- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انها نزلت فى اخنس بن شريق الزهري وكان رجلا حلو المنطق حسن السياق للحديث يظهر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المحبة ويضمر فى قلبه ما يضادها وقال ابن شداد انها نزلت فى بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا براه النبي عليه السلام فكأنه انما كان يصنع ما يصنع لانه لو راه النبي عليه السلام لم يمكنه التخلف عن حضور مجلسه والمصاحبة معه وربما يؤدى ذلك الى ظهور ما فى قلبه من الكفر والنفاق فان قلت الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة قلت لك ان تمنع ذلك بل ظهوره انما كان فيها ولو سلم فليكن هذا من باب الاخبار عن الغيب وهو من جملة المعجزات أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ اى يتغطون بها للاستخفاء على ما نقل عن ابن شداد وحين يأوون الى فراشهم ويتدثرون ثيابهم وكان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخى ستره ويحنى ظهره ويتغشى ثوبه ويقول هل يعلم الله ما فى قلبى قال فى الكواشي حين توقيت للتغطى لا للعلم انتهى اى لئلا يلزم تقييد علمه تعالى بسرهم وعلنهم بهذا الوقت الخاص وهو تعالى عالم بذلك فى كل وقت. والجواب انه تعالى إذا علم سرهم وعلنهم فى وقت التغشية الذي يخفى فيه السر فاولى ان يعلم ذلك فى غيره وهذا بحسب العادة والا فالله تعالى لا يتفاوت علمه بتفاوت احوال الخلق يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ اى يضمرون فى قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ بأفواههم وما مصدرية اى أسرارهم واعلانهم او بمعنى الذي والعائد محذوف وقدم السر على العلن لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه قبل ذلك مضمر فى القلب فتعلق علمه سبحانه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية إِنَّهُ اى الله تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ مبالغ فى الإحاطة بمضمرات جميع الناس وأسرارهم الخفية المستكنة فى صدورهم بحيث لا تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما يسرون وما يعلنون

اى كه در دل نهان كنى سرى

آنكه دل آفريد ميداند

ص: 94

ومعنى الآية ان الذين اضمروا الكفر والعداوة لا يخفون علينا وسنجازيهم على ما ابطنوا من سوء أعمالهم حق جزائهم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترئ على شىء مما يخالف رضاه

صورت ظاهر ندارد اعتبار

باطني بايد مبرا از غبار

واعلم ان إصلاح القلب أهم من كل شىء إذ هو كالملك المطاع فى إقليم البدن النافذ الحكم وظاهر الأعضاء كالرعية والخدم له والنفاق صفة من صفاته المذمومة وهو عدم موافقة الظاهر للباطن والقول للفعل وقال ناس لا بن عمر انا لندخل الى سلطاننا وامرائنا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال حذيفة ان المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله قالوا وكيف ذلك قال كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون

هر كه سازد نفاق پيشه خويش

خوار گردد بنزد خالق وخلق

ومن آفات القلب العداوة وعن على رضى الله عنه انه قال العداوة شغل

هر كه پيشه كند عداوت خلق

از همه خيرها جدا گردد

كه دلش خسته عنا باشد

كه تنش بسته بلا گردد

وفى هذا المعنى قال حضرة الشيخ السعدي قدس سره

دلم خانه مهر يارست وبس

از ان جا نكنجد درو كين كس

وفى الآية اشارة الى حال اهل الإنكار فان كفار الشريعة كانوا يتغطون بثيابهم لئلا يسمعوا القرآن وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا كفار الحقيقة لا يصغون الى ذكر الصوفية بالجهر ولا يقبلون على استماع اسرار المشايخ وحقائق القرآن بل يثنون صدورهم ويظنون ان الله تعالى لا يعلم سر هم ونجواهم ولا يجازيهم على اعراضهم عن الحق وعداوتهم لاهله تم الجزء الحادي عشر فى الثامن عشر من ذى القعدة من سنة اثنتين ومائة والف الجزء الثاني عشر من الاجزاء الثلاثين وَما نافية مِنْ صلة دَابَّةٍ عام لكل حيوان يحتاج الى الرزق صغيرا كان او كبيرا ذكرا او أنثى سليما او معيبا طائرا او غيره لان الطير يدب اى يتحرك على رجليه فى بعض حالاته فِي الْأَرْضِ متعلق بمحذوف هو صفة لدابة اى ما فرد من افراد الدواب يستقر فى قطر من أقطار الأرض إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها غذاؤها ومعاشها اللائق لتكفله إياه تفضلا ورحمة قال فى التبيان هو إيجاب كرم لا وجوب حق انتهى لانه لا حق للمخلوق على الخالق ولذا قال فى الجامع الصغير يكره ان يقول الرجل فى دعائه بحق نبيك او بيتك او عرشك او نحوه الا ان يحمل على معنى الحرمة كما فى شرح الطريقة وقال فى بحر العلوم انما قال على الله بلفظ الوجوب

ص: 95

دلالة على ان التفضل رجع واجبا كنذور العباد وقال غيره اتى بلفظ الوجوب مع ان الله تعالى لا يجب عليه شىء عند اهل السنة والجماعة اعتبارا لسبق الوعد وتحقيقا لوصوله إليها البتة وحملا للمكلفين على الثقة به تعالى فى شان الرزق والاعراض عن اتعاب النفس فى طلبه ففى كلمة على هنا استعارة تبعية شبه إيصال الله رزق كل حيوان اليه تفضلا وإحسانا على ما وعده بايصال من يوصله وجوبا فى انتفاء التخلف فاستعملت كلمة على [وگفته اند بمعنى من است يعنى روزى همه از خداست يا بمعنى الى يعنى روزى مفوض بخداى تعالى است اگر خواهد بسط كند واگر اراده نمايد قبض كند] وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها يحتمل وجوها الاول ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان مستقرها المكان الذي تأوى اليه ليلا او نهارا او تستقر فيه وتستكن ومستودعها الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت بلا اختيار منها كالشئ المستودع قال عبد الله إذا كان مدفن الرجل بأرض ادته الحاجة إليها حتى إذا كان عند انقضاء امره قبض فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني والثاني مستقرها محل قرارها فى أصلاب الآباء ومستودعها موضعها فى الأرحام وما يجرى مجراها من البيض ونحوه وسميت الأرحام مستودعا لانها يوضع فيها من قبل شخص آخر بخلاف وضعها فى الأصلاب فان النطفة بالنسبة الى الأصلاب فى حيزها الطبيعي ومنشأها الخلقي والثالث مستقرها مكانها من الأرض حين وجودها بالفعل ومستودعها حيث تكون مودعة فيه قبل وجودها بالفعل من صلب او رحم او بيضة ولعل تقديم محلها باعتبار حالتها الاخيرة لرعاية المناسبة بينها وبين عنوان كونها دابة فى الأرض والرابع مستقرها فى العدم يعلم انه كيف قدرها مستعدة لقبول تلك الصورة المختصة بها ومستودعها لغرض تؤول اليه عند استكمال صورتها. وايضا يعلم مستقر روح الإنسان خاصة فى عالم الأرواح لانهم كانوا فى اربعة صفوف كان فى الصف الاول أرواح الأنبياء وأرواح خواص الأولياء وفى الصف الثاني أرواح الأولياء وأرواح خواص المؤمنين وفى الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين وفى الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين ويعلم مستودع روحه عند استكمال مرتبة كل نفس منهم من دركات النيران ودرجات الجنان الى مقعد صدق عند مليك مقتدر كُلٌّ اى كل واحد من الدواب ورزقها ومستقرها ومستودعها فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ البين لمن ينظر فيه من الملائكة او المظهر لما ثبت فيه للناظرين وفى التأويلات النجمية فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى عنده فى أم الكتاب الذي لا تغير فيه من المحو والإثبات انتهى وقد اتفقوا على ان اربعة أشياء لا تقبل التغير أصلا وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة فعلى العاقل ان لا يهتم لاجل رزقه ويتوكل على الله فانه حسبه

مكن سعديا ديده بر دست كس

كه بخشنده پروردگارست وبس

اگر حق پرستى ز درها بست

كه گر وى براند نخواند كست

- روى- ان موسى عليه السلام عند نزول الوحى عليه بالذهاب الى فرعون للدعوة الى الايمان تعلق قلبه بأحوال اهله قائلا يا رب من يقوم بامر عيالى فامره الله تعالى ان يضرب بعصاه

ص: 96

صخرة فضربها فانشقت وخرج منها صخرة ثانية ثم ضرب بعصاه عليها فانشقت وخرجت منها صخرة ثالثة ثم ضربها بعصاه فخرجت منها دودة وفى فمها شىء يجرى مجرى الغذاء لها ورفع الحجاب عن سمع موسى فسمع الدودة تقول سبحان من يرانى ويسمع كلامى ويعرف مكانى ويذكرنى ولا ينسانى وعن انس رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوما الى المفازة فى حاجة لنا فرأينا طيرا يلحن بصوت جهورى فقال عليه السلام (أتدري ما يقول هذا الطير يا انس) قلت الله ورسوله اعلم بذلك قال (انه يقول يا رب أذهبت بصرى وخلقتنى أعمى فارزقنى فانى جائع) قال انس فبينما نحن ننظر اليه إذ جاء طائر آخر وهو الجراد ودخل فى فم الطائر فابتلعه ثم رفع الطائر صوته وجعل يلحن فقال عليه السلام (أتدري ما يقول الطير يا انس) قلت الله ورسوله اعلم قال (انه يقول الحمد لله الذي لم ينس من ذكره) وفى رواية (من توكل على الله كفاه) كما فى انسان العيون قيل كان مكتوبا على سيف الحسين بن على رضى الله عنه اربع كلمات. الرزق مقسوم. والحريص محروم. والبخيل مذموم. والحاسد مغموم وفى الحديث (من جاع واحتاج وكتمه عن الناس وافضى به الى الله تعالى كان حقا على الله ان يفتح له رزق سنة) كما فى روضة العلماء. وحقيقة التوكل فى الرزق وغيره عند المشايخ الانقطاع عن الأسباب بالكلية ثقة بالله تعالى وهذا لاهل الخصوص فاما اهل العموم فلا بد لهم من التسبب: كما قال فى المثنوى

گر توكل ميكنى در كار كن

كسب كن پس تكيه بر جبار كن «1»

ثم رزق الإنسان يعم جسده وغذاء روحه: وفى المثنوى

اين دهان بستى دهانى باز شد

كو خورنده لقمهاى راز شد «2»

گر ز شير ديو تن را وا برى

در فطام او بسى نعمت خورى

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ السبع. السماء الدنيا وهو فلك القمر من الموج المكفوف المجتمع وهو مقر أرواح المؤمنين. والسماء الثانية وهو فلك عطارد من درة بيضاء وهو مقر أرواح العباد. والسماء الثالثة وهو فلك الزهرة من الحديد وهو مقر أرواح الزهاد. والسماء الرابعة وهو فلك الشمس من الصفر وهو مقام أرواح اهل المعرفة. والسماء الخامسة وهو فلك المريخ من النحاس وهو مقام أرواح الأنبياء. والسماء السادسة وهو فلك المشترى من الفضة وهو مقام أرواح الأنبياء. والسابعة وهو فلك زحل من الذهب وهو مقام أرواح الرسل وفوق هذه السموات الفلك الثامن وهو فلك الثوابت ويقال له الكرسي وهو مقام أرواح اولى العزم من الرسل وفوقه عرش الرحمن وهو مقام روح خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وجمع السموات لاختلاف العلويات أصلا كما ذكرنا وذاتا لانها سبع طبقات بين كل اثنتين منها مسيرة خمسمائة عام على ما ورد فى الخبر وكذا ما بين السابعة والكرسي وبين الكرسي والعرش على ما نقل عن ابن مسعود رضى الله عنهما قدم السموات لانها منشأ أحكامه تعالى ومصدر قضاياه ومتنزل أوامره ونواهيه وارزاقه ووعده ووعيده فان يؤمرون به وينهون عنه وما يرزقونه فى الدنيا وما يوعدونه فى العقبى كله مقدر مكتوب فى السماء ولانها وما فيها من الآثار العلويات اظهر دلالة على القدرة الباهرة وأبين شهادة على الكبرياء والعظمة

(1) در أوائل دفتر يكم در بيان ديكر بار بيان كردن شير ترجيح جهد بر توكل

(2)

در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي بر مريم إلخ

ص: 97

وَالْأَرْضَ اى الأرضين السبع بدليل قوله السموات وأفردت فان السفليات واحدة بالأصل والذات وقوله تعالى وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أول بالأقاليم السبعة كما فى حواشى سعدى المفتى وبين المشرق والمغرب خمسمائة عام كما بين السماء والأرض واكثر الأرض مفازة وجبل وبحار والقليل منها العمران ثم اكثر العمران اهل الكفر والقليل منها اهل الايمان والإسلام واكثر اهل الإسلام اهل البدع والأهواء وكلها على الضلالة والباطل والقليل منهم على الحق وهم اهل السنة والجماعة وحول الدنيا ظلمة ثم وراء الظلمة جبل قاف وهو جبل محيط بالدنيا من زمردة خضراء وأطراف السماء ملتصقة به ووسط الأرض كلها عامرها وخرابها قبة الأرض وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى فيه الليل والنهار ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر ولا ينقص واما الكعبة فهى وسط الأرض المسكونة وارفع الأرضين كلها الى السماء مهبط آدم عليه السلام بأرض الهند وهو جبل عال يراه البحريون من مسافة ايام وفيه اثر قدم آدم مغموسة فى الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له فى كل يوم من مطر يغسل قدمى آدم وذروة هذا الجبل اقرب ذرى جبال الأرض الى السماء كما فى انسان العيون فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ السموات فى يومين والأرض فى يومين وما عليها من انواع الحيوان والنباتات وغير ذلك فى يومين حسبما قيل فى سورة حم السجدة ولم يذكر خلق ما فى الأرض لكونه من تتمات خلقها. والمراد فى ستة اوقات على ان يكون المراد باليوم يوم الشان وهو الآن وهو الزمان الفرد الغير المنقسم وقد مر تحقيقه او فى مقدار ستة ايام من ايام الدنيا أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة فان الأيام فى المتعارف زمان كون الشمس فوق الأرض ولا يتصور ذلك حين لا ارض ولا سماء او من ايام الآخرة كل يوم كالف سنة مما تعدون على ما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما وفى خلقها على التدريج مع انه لو شاء لكان ذلك فى اقل من لمح البصر حث على التأنى فى الأمور ولعل تخصيص ذلك بالعدد المعين باعتبار اصناف الخلق من الجماد والمعدن والنبات والحيوان والإنسان والأرواح وَكانَ عَرْشُهُ العرش فى اصل اللغة السرير والعرش المضاف اليه تعالى عبارة عن مخلوق عظيم موجود هو أعظم المخلوقات قال مقاتل جعل الله تعالى للعرش اربعة اركان بين كل ركن وركن وجوه لا يعلم عددها الا الله تعالى اكثر من نجوم السماء وتراب الأرض وورق الشجر ليس لطوله وعرضه منتهى لا يعلمه أحد الا الله تعالى فان قيل لم خلق الله تعالى العرش وهو سبحانه لا حاجة له به أجيب بوجوه. أحدها انه جعله موضع خدمة ملائكته لقوله تعالى وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ. وثانيها انه أراد اظهار قدرته وعظمته كما قال مقاتل السموات والأرض فى عظم الكرسي كحلقة فى فلاة والكرسي مع السموات والأرض فى عظم العرش كحلقة فى فلاة وكلها فى جنب عظمة الله تعالى كذرة فى جنب الدنيا فخلقه كذلك ليعلم ان خالقه أعظم منه. وثالثها انه خلق العرش إرشادا لعباده الى طريق دعوته ليدعوه من الفوق لقوله تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ. ورابعها انه خلقه لاظهار شرف محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو قوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وهو مقام تحت العرش. وخامسها انه جعله معدن كتاب الأبرار

ص: 98

لقوله تعالى إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وفيه تعظيم لهم ولكتابهم. وسادسها انه جعله مرآة الملائكة يرون الآدميين وأحوالهم كى يشهدوا عليهم يوم القيامة لان عالم المثال والتمثال فى العرش كالاطلس فى الكرسي. وسابعها انه جعله مستوى الاسم الرحمن اى محل الفيض والتجلي والإيجاد الاحدى كما جعل الشرع الذي هو مقلوبه مستوى الأمر التكليفي الارشادى لا مستوى نفسه تعالى الله عن ذلك عَلَى الْماءِ اى العذب كما فى انسان العيون قال كعب الأحبار أصله ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد من مخافة الله تعالى فلذلك يرتعد الماء الى الآن وان كان ساكنا ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها اى ظهرها ثم وضع العرش على الماء وليس ذلك على

معنى كون أحدهما على الآخر ملتصقا بالآخر بل ممسك بقدرته كما فى فتح القريب قال الأصم هذا كقولهم السماء على الأرض وليس ذلك على سبيل كون إحداهما ملتصقة بالأخرى فالمعنى وكان عرشه تعالى قبل خلق السموات والأرض على الماء لم يكن حائل محسوس بينهما وانما قلنا محسوس فان بين السماء والأرض حائلا هو الهواء لكن لما لم يكن محسوسا لم يعد حائلا وفيه دليل على ان العرش والماء خلقا قبل السموات والأرض والجمهور على ان أول ما خلق الله من الأجسام هو العرش ومن الأرواح الروح المحمدي الذي يقال له العقل الاول والفلك الأعلى ايضا. وفيه دليل ايضا على إمكان الخلاء فان الخلاء هو الفراغ الكائن بين الجسمين اللذين لا يتماسان وليس بينهما ما يماسهما فاذا لم يكن بين العرش والماء حائل يثبت الخلاء والحكماء ذاهبون الى امتناع الخلاء والمتكلمون الى إمكانه قال فى كتب الهيئة مقعر سطح الفلك الأعظم يماس محدب فلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ إذ ليس وراءه شىء لا خلاء ولا ملاء بل عنده ينقطع امتدادات العالم كلها. وقيل من ورائه أفلاك من أنوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الأعظم بل هو الملاء وقال المولى ابو السعود رحمه الله وكان عرشه قبل خلقهما على الماء ليس تحته شىء غيره سواء كان بينهما فرجة او كان موضوعا على متنه كما ورد فى الأثر فلا دلالة فيه على إمكان الخلاء كيف لا ولو دل لدل على وجوده لا على إمكانه فقط ولا على كون الماء أول ما حدث فى العالم بعد العرش وانما يدل على ان خلقهما اقدم من خلق السموات والأرض من غير تعرض للنسبة بينهما انتهى قال الكاشفى [در وقوف عرش بر آب واستقرار آب بر باد اعتبار عظيم است مر اهل تفكر را از عباد] لِيَبْلُوَكُمْ متعلق بخلق واللام لام العلة عقلا ولام الحكمة والمصلحة شرعا بمعنى ان الله تعالى فعل فعلا لو كان يفعله من يراعى المصالح لم يفعله الا لتلك المصلحة اى خلق السموات والأرض وما فيهما من المخلوقات التي من جملتها أنتم ورتب فيهما جميع ما تحتاجون اليه من مبادى وجودكم واسباب معايشكم وأودع فى تضاعيفهما من أعاجيب الصنائع والعبر ما تستدلون به على مطالبكم الدينية ليعاملكم معاملة من يبتليكم ويمتحنكم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فيجازيكم بالثواب والعقاب بعد ما تبين المحسن من المسيئ فان قلت الاختبار يتعلق بجميع العباد محسنين كانوا او مسيئين واحسن عملا يخصصه بالمحسنين منهم لان العمل الأحسن يخص بالمحسنين ولا يتحقق فى اهل القبائح فيلزم ان يعتبر عموم الابتلاء وخصوصه معا وهما متنافيان قلت الابتلاء وان كان

ص: 99

يعم الفرق المكلفين الا ان المراد خصوصه بالمحسنين تنبيها على ان المقصود الأقصى من خلق المخلوقات ان يتوسلوا بأحسن الأعمال الى أجل المثوبات وتحريضا لهم على ترك القبائح والمنكرات والمراد بالعمل ما يعم عمل القلب والجوارح ولذلك فسره عليه السلام بقوله (أيكم احسن عقلا وأورع عن محارم الله واسرع فى طاعة الله) فان لكل من القلب والقالب عملا مخصوصا به فكما ان الاول اشرف من الثاني فكذا الحال فى عمله فكيف لا ولا عمل بدون معرفة الله تعالى الواجبة على العباد وانما طريقها النظري التفكر فى عجائب صنعه ولا طاعة بدون فهم الأوامر والنواهي. وقد روى عن النبي عليه السلام انه قال (لا تفضلونى على يونس بن متى فانه كان يرفع له كل يوم مثل عمل اهل الأرض) قالوا وانما كان ذلك التفكر فى امر الله تعالى الذي هو عمل القلب لان أحدا لا يقدر على ان يعمل فى اليوم بجوارحه مثل عمل اهل الأرض واما ذات الله تعالى فلا يسعها التفكر: وفى المثنوى

بي تعلق نيست مخلوقى بدو

آن تعلق هست بيچون اى عمو

اين تعلق را خرد چون ره برد

بسته فصلست ووصلست اين خرد

زين وصيت كرد ما را مصطفى

بحث كم جوئيد در ذات خدا

آنكه در ذاتش تفكر كردنيست

در حقيقت آن نظر در ذات نيست

هست آن پندار او زيرا براه

صد هزاران پرده آمد تا اله

وفى التأويلات النجمية الابتلاء على قسمين. قسم للسعداء وهو بلاء حسن وذلك ان السعيد لا يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي بل يجعل ذلك حضرة المولى والرفيق الأعلى ويجعل ما سوى المولى بإذن مولاه وامره ونهيه وسيلة الى القربات وتحصيل الكمالات فهو احسن عملا. وقسم للاشقياء وهو بلاء سيئ وذلك ان الشقي يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي ويتقيد بشهواتها ولذاتها ولم يتخلص من نار الحرص عليها والحسرة على فواتها ويجعل ما أنعم الله عليه به من الطاعات والعلوم التي هى ذريعة الى الدرجات والقربات وسيلة الى نيل مقاصده الفانية واستيفاء شهواته النفسانية فهو أسوأ عملا انتهى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته نية الإنسان لا تخلو اما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الدنيا فهو سيئ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه هو الآخرة وفى جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو وجه الله تعالى فهو احسن نية وعملا فالاول حال الكفار والثاني حال المنافقين والثالث حال الأبرار والرابع حال المقربين وقد أشار الحق سبحانه الى احوال المقربين عبارة والى احوال غيرهم اشارة فى قوله تعالى إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا انتهى باجمال: قال الحافظ

صحبت خور نخواهم كه بود عين قصور

با خيال تو اگر با دگرى پردازم

اللهم اجعلنا من الفارين إليك والحاضرين لديك وَلَئِنْ قُلْتَ يا محمد لقومك وهم اهل مكة واللام لام التوطئة للقسم إِنَّكُمْ ايها المكلفون مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ

ص: 100

يعنى يوم القيامة لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا منهم وهو جواب القسم وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه إِنْ هذا ما هذا القرآن الناطق بالبعث إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ اى مثله فى البطلان فان السحر لا شك تمويه وتخييل باطل وإذا جعلوه سحرا فقد اندرج تحته انكار ما فيه من البعث وغيره وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ الموعود إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ الى طائفة من الأيام قليلة لان ما يحصره العد قليل لَيَقُولُنَّ اى الكفار ما يَحْبِسُهُ اى أي شىء يمنع العذاب من المجيء والنزول فكأنه يريده فيمنعه مانع وانما كانوا يقولونه بطريق الاستعجال استهزاء ومرادهم انكار المجيء والحبس رأسا لا الاعتراف به والاستفسار عن حابسه أَلا [بدانيد] يَوْمَ يَأْتِيهِمْ العذاب كيوم بدر لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ اى مدفوعا عنهم يعنى لا يدفعه عنكم دافع بل هو واقع بكم. ويوم منصوب بخبر ليس وهو دليل على جواز تقديم خبر ليس على ليس فانه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها كان ذلك دليلا على جواز تقديم خبرها إذ المعمول تابع للعامل فلا يقع الا حيث يقع العامل وَحاقَ بِهِمْ ونزل بهم وأحاط وهو بمعنى يحيق فعبر عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى العذاب الذي كانوا يستعجلون به استهزاء واعلم ان السبب الموجب للعذاب كان الاستهزاء والباعث على الاستهزاء كان الإنكار والتكذيب والناس صنفان فى طريق الآخرة صنف مبتاع نفسه من عذاب الله تعالى بالايمان والأعمال الصالحة وصنف مهلكها باتباع الهوى وترك الأعمال الصالحة والكفار أمنوا من عذاب الله تعالى وسخطه فوقعوا فيما وقعوا من العذاب العاجل والآجل وفى الحديث القدسي (وعزتى لا اجمع على عبدى خوفين وامنين إذا خافنى فى الدنيا آمنته يوم القيامة وإذا أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة) . ولشدة الأمر قال الفضيل بن عياض انى لا أغبط ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى احوال القيامة وشدائدها وعن السرى السقطي اشتهى ان أموت ببلدة غير بغداد مخافة ان لا يقبلنى قبرى فافتضح عندهم فعلى العاقل ان يتدارك امره قبل حلول الاجل كما قيل علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد ويخاف من ربه ويستغفر من ذنبه ويحترز عن الإصرار وفى الحديث (المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه) والله تعالى يريد من كل جزء من اجزاء الإنسان ما خلقه له فمن القلب المعرفة والتوحيد ومن اللسان الشهادة والتلاوة وترك الاذية بالاستهزاء وغيره فمن ترك الوفاء بما تعهد له من استعمال كل عضو فيما خلق هو لأجله فقد تعرض لسخط الله تعالى وعذابه وقد استهزأ ابو جهل بالنبي عليه السلام فى بعض الأوقات حيث سار خلفه عليه السلام فجعل يخلج انفه وفمه يسخر به فاطلع عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات لعنه الله واستهزأ به عليه السلام عتبة بن ابى معيط فبصق فى وجهه فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا ومر عليه السلام بجماعة من كفار اهل مكة فجعلوا يغمزون فى قفاه ويقولون هذا يزعم انه نبى وكان معه عليه السلام جبريل فغمز جبريل بإصبعه فى أجسادهم فصاروا جروحا

ص: 101

وأنتنت فلم يستطع أحد ان يدنو منهم حتى ماتوا وقس عليه التعرض لاهل الحق بشئ مكروه كما يفعله اهل الإنكار فى حق سادات الصوفية ولا يدرون انه يوجب المقت وربما يبتلى أحدهم بمرض هائل فى بدنه وهو غافل عن سببه وجهة نزوله به وكل عمل لا بد وان يصل جزاؤه الى عامله فى الحال ولكن لا يرى فى الدنيا بعين اليقين وانما يرى فى الآخرة إذا قيل له فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديدا ألا ترى ان عذاب البعد واقع لاهل الغفلة والحجاب ولكن ما ذاقوا ألمه لانهم نيام فاذا ماتوا انتبهوا وذاقوا ذلك حسا ولئن قلت للاشقياء موتوا عن الطبيعة باستعمال الشريعة ومزاولة الطريقة لتحيوا بالحقيقة فان الحياة الحقيقة تكون بعد الموت عن الحياة الطبيعية ليقولن الذي ستروا حسن استعدادهم الفطري بتعلق المكونات ومحبتها وهم الأشقياء ان هذا الا كلام مموه لا اصل له كما فى التأويلات النجمية: قال السعدي

بگوى آنچهـ دانى سخن سودمند

وگر هيچ كس را نيايد پسند

كه فردا پشيمان بر آرد خروش

كه آوخ چرا حق نكردم بكوش

وفى المثنوى

منقبض كردند بعضى زين قصص

زانكه هر مرغى جدا دارد قفص «1»

كودكان گر چهـ بيك مكتب درند

در سبق هر يك ز يك بالاترند

مرگ پيش از مرگ اينست اى فتى

اين چنين فرمود ما را مصطفى «2»

گفت موتوا كلكم من قبل ان

يأتى الموت تموتوا بالفتن

وَلَئِنْ اللام موطئة للقسم أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً اى أعطيناه نعمة من صحة وأمن وجدة وغيرها واوصلناها اليه بحيث يجد لذتها والمراد مطلق الإنسان وجنسه الشامل للمؤمن والكافر بدلالة الاستثناء الآتي. وقوله منا حال من رحمة اى لا باستحقاق منه ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ اى سلبنا تلك النعمة منه وأزلناها عنه وإيراد النزع للاشعار بشدة تعلقه بها وحرصه عليها قال سعدى المفتى الظاهر ان من صلة نزعناها اى قلعناها منه ولا يبعد ان يقال والله اعلم ان من للتعليل يعنى ان منشأ النزع شؤم نفسه بارتكاب معصية الله إِنَّهُ لَيَؤُسٌ شديد اليأس من ان يعود اليه مثل تلك النعمة المسلوبة قطوع رجاءه من فضل الله تعالى لقلة صبره وتسليمه لقضائه وعدم ثقته به وهو جواب القسم ساد مسد جواب الشرط كَفُورٌ عظيم الكفران لما سلف له من النعم نساءله: قال السعدي قدس سره

سگى را لقمه گر دادى فراموش

نگردد گر زنى صد نوبتش سنگ

وگر عمرى نوازى سفله را

بكمتر تندى آيد با تو در جنگ

ومعنى الكفران انكار النعمة والمعروف وستره وترك شكره وحمده وعدم الثناء على فاعله ومعطيه وفيه اشارة الى ان النزع انما كان بسبب كفرانهم وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ كصحة بعد سقم وجدة بعد عدم وفرج بعد شدة أضاف سبحانه وتعالى اذاقة النعماء الى ذاته الكريمة ومس الضراء إليها لا الى ذاته الجليلة تنبيها على ان القصد الاول إيصال الخير الى العباد تفضلا منه تعالى ورحمة ومساس الشر ليس إلا لشؤم نفسه وفساد

(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير گردانيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوان هذيلى را إلخ

(2)

در اواسط دفتر چهارم در بيان چاره انديشيدن آن ماهى نيم عاقل إلخ

ص: 102

حاله مجازاة وانتقاما قال الله تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وهذا هو المراد من قول البيضاوي وفى اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى وفى التعبير عن ملابسة الرحمة والنعماء بالذوق الذي هو ادراك الطعم وعن ملابسة الضراء بالمس الذي هو مبدأ الوصول كأنما يلاصق البشرة من غير تأثير تنبيه على ان ما يجده الإنسان فى الدنيا من النعم والمحن كالا نموذج لما يجده فى الآخرة لَيَقُولَنَّ الإنسان ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي اى المكاره والمصائب التي ساءتنى اى فعلت بي ما اكره ولن يعترينى بعد أمثالها فان الترقب لورود أمثالها مما يكدر السرور وينغص العيش إِنَّهُ لَفَرِحٌ [شادمانست مغروريان] وهو اسم فاعل من فعل اللازم. والفرح إذا اطلق فى القرآن كان للذم وإذا كان للمدح يأتى مقيدا بما فيه خير كقوله تعالى فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير يرده قوله تعالى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً والظاهر ان كونه للمدح او للذم انما هو بحسب المقام والقرائن واعلم ان الفرح بالنعمة ونسيان المنعم فرح الغافلين والعطب الى هذا اقرب من السلامة والاهانة او فى من الكرامة قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه انتهى باجمال يشير قدس سره الى الفرح بالله تعالى على كل حال فَخُورٌ على الناس بما اوتى من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها: قال السعدي قدس سره

چومنعم كند سفله را روزگار

نهد بر دل تنگ درويش بار

چوبام بلندش بود خودپرست

كند بول وخاشاك بر بام پست

وقال

كه اندر نعمتى مغرور وغافل

گهى از تنگ دستى خسته وريش

چودر سرا وضرا حالت اينست

ندانم كى بحق پردازى از خويش

[يعنى كى فارغ شوى از خود وبحق مشغول شوى] إِلَّا الَّذِينَ [مگر آنان كه] والاستثناء متصل صَبَرُوا على الضراء ايمانا بقضاء الله وقدره وفى الحديث (ثلاثة لا تمسهم فتنة الدنيا والآخرة المقر بالقدر والذي لا ينظر بالنجوم والمتمسك بسنتى) ومعنى الايمان بالقدر ان يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وان جميع الكائنات بقضائه وقدره وهو مريد لها كلها واما النظر فى النجوم فقد كان حقا فى زمن إدريس عليه السلام يدل عليه قوله تعالى خبرا عن ابراهيم عليه السلام فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ استدل بالنظر فى النجوم على انه سيسقم ثم نسخ فى زمن سليمان عليه السلام كما فى بحر الكلام وفى كتاب تعليم المتعلم علم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لانه يضر ولا ينفع والهرب من قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن انتهى فينبغى ان لا يصدق اهل النجوم فيما زعموا ان الاجتماعات والاتصالات الفلكية تدل على حوادث معينة وكوائن مخصوصة فى هذا العالم قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد

ص: 103

على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوّفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا إليها الماء والأزواد وتهيئوا فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون للخراب بمثل ريح عاد كنا جلوسا عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثلها فى ركودها ذكره الامام اليافعي وقال فى انسان العيون أول من استخرج علم النجوم إدريس عليه السلام اى علم الحوادث التي تكون فى الأرض باقتران الكواكب قال الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذي يخطئ لعدم استيفائه النظر انتهى وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ شكرا لنعمائه الظاهرة والباطنة او السالفة والآنفة والعمل الصالح هو ما كان لوجه الله تعالى وعن عمر رضى الله عنه الشكر والصبر مطيتان ما باليت أيهما اركب يشير رضى الله عنه الى ان كل واحد من طريق الصبر والشكر موصل الى الله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات الحميدة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ عظيمة لذنوبهم وان جمت وَأَجْرٌ ثواب لاعمالهم الحسنة كَبِيرٌ اقله الجنة كما فى تفسير البيضاوي وهو الجنة كما فى الكواشي قال سعدى المفتى وصف الاجر بقوله كبير لما احتوى عليه من النعيم السرمدي ورفع التكاليف والأمن من العذاب ورضى الله عنهم والنظر الى وجهه الكريم انتهى يقول الفقير الظاهر ان المراد بالأجر الكبير هو الجنة لان نعم الله تعالى أدناها متاع الدنيا وأعلاها رضوان الله لقوله وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ وأوسطها الجنة ونعميها فاذا وصف الرضى بالاكبرية لزم ان توصف الجنة بالكبيرية قال الكاشفى [شيخ الإسلام فرموده كه در جنت نعمتى هست كه همه نعيم بهشتى در جنب آن محقر ومختصر باشد يعنى مشاهده أنوار لقاى خدا]

ما را بهشت بهر لقاى تو در خورست

بي پرتو جمال تو جنت محقرست

وفى الآيتين إشارتان. الاولى ان من ذاق طعم بعض المقامات الالهية وشهد بعض المشاهد الربانية ثم نزع ذلك منه بشئوم خطاياه وسوء أدبه ينبغى ان لا ييأس من روح الله ولا يكفر بنعمته كأبليس بل إذا ابتلى بسدل الحجاب ورد الباب كان من شرط عبوديته ان يرجع الى ربه معترفا بظلمه على نفسه كآدم عليه السلام ليجتبيه ربه فيتوب عليه ويهديه فان من رحمة الله ونعمته على عبده انه إذا أسرف على نفسه ثم تاب ورجع الى ربه وجده غفورا رحيما. والثانية ان من ذاق برد العفو وحلاوة الطاعة ينبغى ان لا يقول صرت معصوما مطهرا مرفوع الحجاب فتعجبه نفسه فينظر إليها بنظر الاعجاب وينظر الى غيره بنظر الحقارة ويأمن مكر الله فهو فى كلتا الحالتين مذموم فى حالة اليأس وكفران النعمة وفى حالة الاعجاب بنفسه وامنه من مكر الله: قال الحافظ

زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه

رند از ره نياز بدار السلام رفت

وقال

زاهد ايمن مشو از بازي غيرت زنهار

كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست

فالآيتان تناديان على النفس الامارة بصفاتها الرذيلة فلا بد من معالجتها وإصلاحها بما أمكن من المجاهدات أصلحها الله سبحانه وتعالى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ- روى-

ص: 104

ان مشركى مكة لما قالوا ائت بقرآن غير هذا ليس فيه سب آلهتنا ولا مخالفة آبائنا همّ النبي عليه السلام ان يدع سب آلهتهم ظاهرا فانزل الله تعالى هذه الآية ولعل اما للترجى ومعناه توقع امر مرجو لا وثوق بحصوله كقوله تعالى لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ واما للاشفاق وهو توقع امر مخوف كقوله تعالى لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ والرجاء والإشفاق يتعلقان بالمخاطبين دون الله سبحانه والمراد هنا اما الاول فالمعنى لعظم ما يرد على قلبك من تخليطهم تتوهم انهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من تبليغ ما اوحى إليك ولا يلزم من توقع الشيء وجود ما يدعو اليه ووقوعه لجواز ان يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسل عن الخيانة فى الوحى والثقة فى التبليغ هاهنا واما الثاني فالمعنى اشفق على نفسك ان تترك تبليغ ما يوحى إليك وهو ما يخالف رأى المشركين مخافة ردهم له واستهزائهم وهو أوجه من الاول كما فى بحر العلوم للسمرقندى قال الكاشفى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ [پس شايد كه تو ترك كننده باشى. امام ما تريدى رحمه الله ميگويد استفهام بمعنى نهى است: يعنى ترك مكن] وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ اى عارض لك ضيق صدر بتلاوته عليهم وتبليغه إليهم فى أثناء الدعوة والمحاجة وضمير به يعود الى بعض ما يوحى وعدل عن ضيق الى ضائق ليدل على انه كان ضيقا عارضا غير ثابت لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان افسح الناس صدرا ونحوه فلان سائد لمن عرضه له السودد وسيد لمن هو عريق فيه أَنْ يَقُولُوا اى مخافة ان يقولوا مكذبين لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ هلا القى عليه كَنْزٌ مال من السماء يستعين به فى أموره وينفقه فى الاستتباع كالملوك قال ابن الشيخ كنز اى مال كثير من شأنه ان يجعل كنزا اى مالا مدفونا فان الكنز اسم للمال المدفون فهو لا ينزل فوجب ان يكون المراد به هاهنا ما يكنز وقد جرت العادة بان يسمى المال الكثير بهذا الاسم أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يشهد له على صدق قوله ويعينه على تحصيل مقصوده فتزول الشبهة عن امره كما قال رؤساء مكة يا محمد اجعل لنا جبال مكة ذهبا ان كنت رسولا وقال آخرون ائتنا بالملائكة ليشهدوا بنبوتك إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ليس عليك الا الانذار بما اوحى إليك ولا عليك ردوا او تهكموا او اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ فتوكل عليه فانه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم قال الكواشي تلخيصه ادّ الرسالة غير ملتفت إليهم فانى حافظك وناصرك عليهم

در شبى مهتاب مه را بر سماك

از سگان وعوعو ايشان چهـ باك

قال فى المفاتيح الوكيل القائم بامور العباد وتحصيل ما يحتاجون اليه. وقيل الموكول اليه تدبير البرية وحظ العبد منه ان يكل اليه ويتوكل عليه ويلقى بالاستعانة اليه أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ الضمير راجع الى ما يوحى إليك وأم منقطعة مقدرة ببل والهمزة ومعنى الهمزة فيه التوبيخ والإنكار والتعجب اما التوبيخ فكأنه قيل أيتها الكون ان ينسبوا مثله الى الافتراء ثم الى الاقتدار على الذي هو أعظم الفري وأفحشها إذ يقوله ويفتريه على الله ولو قدر عليه دون عامة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة وإذا كانت معجزة كان تصديقا من الله له والعليم الحكيم لا يصدق الكاذب فلا يكون مفتريا. والمعنى بل أيقولون افتراه وليس من عند الله قُلْ ان كان الأمر كما تقولون

ص: 105

فَأْتُوا أنتم ايضا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم قال هنا بعشر وفى يونس والبقرة بسورة لان نزول هذه السورة الكريمة مقدم عليهما لانهم تحدوا اولا بالإتيان بعشر فلما عجزوا تحدوا بسورة واحدة. وقوله مثله نعت لسور اى أمثال وتوحيده باعتبار كل واحد وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يقال انه صفة للمضاف المقدر فان المراد بقدر عشر سور مثله والله اعلم مُفْتَرَياتٍ صفة اخرى لسور. والمعنى فائتوا بعشر سور ممائلة له فى البلاغة مختلقات من عند أنفسكم ان صح انى اختلقته من عند نفسى فانكم فصحاه مثلى تقدرون على ما اقدر عليه بل أنتم اقدر لتعلمكم القصص والاشعار وتعودكم النثر والنظم وفى الآية دلالة قاطعة على ان الله تعالى لا يشبهه شىء فى صفة الكلام وهو القرآن كما لا يشبهه بحسب ذاته وَادْعُوا للاستظهار فى المعارضة مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به من آلهتكم التي تزعمون انها ممدة لكم ومدارهكم التي تلجأون الى آرائهم فى الملمات ليسعدوكم فيها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افترى انسان يقدر انسان آخر ان يفترى مثله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ الضمير فى لكم للرسول عليه السلام وجمع للتعظيم اوله وللمؤمنين لانهم اتباع له عليه السلام فى الأمر بالتحدي وفيه تنبيه لطيف على ان حقهم ان لا ينفكوا عنه ويناصبوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه فى الجهاد قال سعدى المفتى اختلف فى تناول خطاب النبي عليه السلام لامته فقال الشافعية لا وقال الحنفية والحنابلة نعم الا ما دل الدليل فيه على الفرق انتهى. والمعنى فان لم يستجب هؤلاء المشركون لكم يا محمد ويا اصحاب محمد عليه السلام اى ما دعوتموهم اليه من معارضة القرآن وإتيان عشر سور مثله وتبيين عجزهم عنه بعد الاستعانة بمن استطاعوا بالاستعانة منه من دون الله تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ما فى انما كافة وضمير انزل يرجع الى ما يوحى وبعلم الله حال اى ملتبسا بما لا يعلمه الا الله تعالى من المزايا والخواص والكيفيات وقال الكاشفى [يعنى ملتبس بعلمي كه خاصه اوست وآن علمست بمصالح عباد وآنچهـ ايشانرا بكار آيد در معاش ودر معاد] وقال فى التأويلات النجمية بِعِلْمِ اللَّهِ لا بعلم الخلق فان فيه الاخبار عما سيأتى وهو بعد فى الغيب ولا يعلم الغيب الا الله انتهى والمراد الدوام والثبات على العلم اى فدوموا ايها المؤمنون واثبتوا على العلم الذي أنتم عليه لتزدادوا يقينا وثبات قدم على انه منزل من عند الله وانه من جملة المعجزات الدالة على صدقه عليه السلام فى دعوى الرسالة وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى ودوموا على هذا العلم ايضا يعنى هو ينزل الوحى وليس أحد ينزل الوحى غيره لانه الا له ولا اله غيره فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثابتون على الإسلام راسخون فيه اى فاثبتوا عليه فى زيادة الإخلاص وفى الآيات امور. منها ان الوحى على ثلاثة انواع نوع امر عليه السلام بكتمانه إذ لا يقدر على حمله غيره ونوع خير فيه ونوع امر بتبليغه الى العام والخاص من الانس والجن وهو ما يتعلق بمصالح العباد من معاشهم ومعادهم فلا يجوز تركه وان ترتب عليه مضرة وضاق به الصدر وسبيل تبليغ الرسالة هو اللسان فلا رخصة فى الترك وان خاف قال صاحب التيسير فهذا دليل قولنا فى المكره على الطلاق والعتاق ان تكلم به نفذ لان تعلق ذلك باللسان

ص: 106

لا بالقلب والإكراه لا يمنع فعل اللسان فلا يمنع النفاذ انتهى وفى الحديث (ان الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعا فاوحى الله تعالى الى ان لم تبلغ رسالتى عذبتك وضمن لى العصمة فقويت) ويدخل فيه العلماء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فانهم إذا عملوا بما علموا وتصدوا للتبليغ وخافوا الله دون غيره فان الله تعالى يحفظهم من كيد الأعداء- حكى- ان زاهدا كسر خوابى الخمر لسليمان بن عبد الملك الخليفة فاتى به يعاقبه وكان للخليفة بغلة تقتل من ظفرت به واتفق رأى وزرائه ان يلقى الزاهد بين يدى البغلة فالقى بين يديها فخضعت له فلم تقتله فلما أصبحوا نظروا اليه فاذا هو صحيح فعلموا ان الله تعالى حفظه فاعتذورا اليه وخلوا سبيله

گرت نهى منكر برآيد ز دست

نشايد جوبى دست و پايان نشست

ومنها ان المؤمنين ينبغى ان يعاونوا أئمتهم ومن اقتدى بهم فى تنفيذ الحق واجرائه والزام الخصم واسكاته كما كان الاصحاب رضى الله عنهم يفعلون ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد وغيره من الأمور الدينية وفى الحديث (المؤمن للمؤمن كبنيان يشد بعضه بعضا) يعنى المؤمن لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة أخيه كما ان بعض البناء يقوى ببعضه وفيه حث على التعاضد فى غير الإثم كذا فى شرح المشارق لابن الملك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا فى المسجد فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدفع عن المسلمين ويقويهم على المشركين وكان روح القدس اى جبريل يمده بالجواب ويلهمه الصواب

هجا گفتن ار چهـ پسنديده نيست

مبادا كسى كآلت آن ندارد

چهـ آن شاعرى كو هجا گو نباشد

چوشيرى كه چنگال ودندان ندارد

ومنها لزوم الثبات على التوحيد ومن علاماته التكرير باللسان جهرا وإخفاء جمعية وانفرادا وفى الحديث (جددوا ايمانكم) والمراد الانتقال من مرتبة الى مرتبة فان اصل الايمان قديم بالأول كما فى الواقعات المحمودية: قال المولى الجامى قدس سره

دلت آيينه خداى نماست

روى آيينه تو تيره چراست

صيقلى دار صيقلى ميزن

باشد آيينه ات شود روشن

صيقل آن اگر نه آگاه

نيست جز لا اله الا الله

وفى الحديث (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ومن مات يعلم انه لا اله الا الله دخل الجنة) واعلم ان كلمة هو فى قوله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اسم تام بمنزلة لفظة الجلالة ولذا جعلها الصوفية قدس الله أسرارهم وردّ الهم فى بعض أوقاتهم قال فى فتح القريب من خواص اسم الله انك إذا حذفت من خطه حرفا بقي دالا على الله تعالى فان حذفت الالف بقي لله وان حذفت اللام الاولى وأبقيت الالف بقي اله وان حذفتهما معا بقي له ملك السموات والأرض وان حذفت الثلاثة بقي هو الله الحي القيوم لا اله الا هو انتهى مَنْ كانَ [هر كه باشد كه از دنائت همت] وكان صلة اى زائدة كما فى التبيان وقال فى الإرشاد للدلالة على الاستمرار يُرِيدُ بما عمله من اعمال البر والإحسان الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها اى ما يزينها ويحسنها من الصحة والامن

ص: 107

والسعة فى الرزق وكثرة الأولاد والرياسة وغير ذلك لا وجه الله تعالى والمراد بالارادة ما يحصل عند مباشرة الأعمال لا مجرد الارادة القلبية لقوله تعالى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها اى توصل إليهم ثمرات أعمالهم فى الحياة الدنيا كاملة وليس المراد بأعمالهم اعمال كلهم فانه لا يجد كل متمن ما تمناه فان ذلك منوط بالمشيئة الالهية كما قال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ولا كل أعمالهم بل بعضها الذي يترتب عليه الاجر والجزاء وَهُمْ فِيها اى فى الحياة الدنيا لا يُبْخَسُونَ لا ينقصون شيأ من أجورهم أُولئِكَ المريدون للحياة الدنيا وزينتها الموفون فيها ثمرات أعمالهم من غير بخس الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ لان هممهم كانت مصروفة الى الدنيا وأعمالهم مقصورة على تحصيلها فقد اجتنبوا ثمراتها فلم يبق فى الآخرة الا العذاب المخلد وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها يعنى بطل ثواب أعمالهم التي صنعوها فى الدنيا لانها لم تكن لوجه الله تعالى والعمدة فى اقتضاء ثواب الآخرة هو الإخلاص وَباطِلٌ [وناچيز است] فى نفس الأمر ما كانُوا يَعْمَلُونَ رياء وسمعة. فقوله باطل خبر مقدم وما كانوا يعملون مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها والآية فى حق الكفار كما يفصح عنه الحصر فى كينونة النار لهم واعلم ان حسنات الكفار من البر وصلة الرحم والصدقة وبناء القناطر وتسوية الطرق والسعى فى دفع الشرور واجراء الأنهار ونحو ذلك مقبولة بعد إسلامهم يعنى يحسب ثوابها ولا يضيع واما قبل الإسلام فانعقد الإجماع على انهم لا يثابون على أعمالهم بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن يكون بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد بما فى الآيات والاخبار من بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر ووافقه المازري كما فى شرح المشارق لابن الملك وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الآية فى اهل الرياء من اهل القبلة فمعنى قوله تعالى لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ليس يليق لهم الا النار ولا يستحقون بسبب الأعمال الريائية الا إياها كقوله تعالى فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ وجائز ان يتغمدهم الله برحمته فليس فى الآية دلالة على الخلود والعذاب البتة والظاهر ان الآية عامة لاهل الرياء مؤمنا كان او كافرا او منافقا كما فى زاد المسير والرياء مشتق من الرؤية وأصله طلب المنزلة فى قلوب الناس برؤيتهم خصال الخير كما فى فتح القريب وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال (الرياء يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)

مرايى هر كسى معبود سازد

مرايى را از آن گفتند مشرك

قال فى شرح الترغيب المشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ومجوسى ويهودى ونصرانى ومرتد وزنديق وعلى المرائى وهو الشرك الأصغر والشرك الخفي يقال للقراء من اهل الرياء أردت ان يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ولمن وصل الرحم وتصدق فعلت حتى يقال فقيل ولمن قاتل فقتل قاتلت حتى يقال فلان جريئ فقد قيل ذلك فهؤلاء الثلاثة أول خلق يسعر؟؟؟ بهم

ص: 108

النار كما فى الحديث (ويصعد الحفظة بعمل العبد الى السماء السابعة من صلاة وصوم ونفقة واجتهاد وورع فيقول لهم الملك الموكل بها اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه فانه أراد بعمله غير الله تعالى ويصعد الحفظة يعمله من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها فيقول لهم الله تعالى أراد به غيرى فعليه لعنتى فيقول الملائكة كلها عليه لعنتك ولعنتنا ويلعنه السموات السبع ومن فيهن) كما ورد فى الحديث: قال الحافظ

گوييا باور نمى دارند روز داورى

كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند

قال الفضيل ترك العمل لاجل الناس رياء والعمل لاجل الناس شرك والإخلاص الخلاص من هذين معنى كلامه ان من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة ان يطلع الناس عليه فهو مرائ لانه لو كان عمله لله تعالى لم يضره اطلاع الناس عليه

ومن عمل لاجل ان يراه الناس فقد أشرك فى الطاعة ويستثنى من كلامه مسألة لا يكون ترك العمل فيها لاجل الناس رياء وهى إذا كان الشخص يعلم انه متى فعل الطاعة بحضرة الناس آذوه واغتابوه فان الترك من أجلهم لا يكون رياء بل شفقة عليه ورحمة كما فى فتح القريب وقال فى شرح الطريقة من مكايد الشيطان ان الرجل قد يكون ذاورد كصلاة الضحى والتهجد وتلاوة القرآن والادعية المأثورة فيقع فى قوم لا يفعلونه فيتركه خوفا من الرياء وهذا غلط منه إذ مداومته السابقة دليل الإخلاص فوقوع خاطر الرياء فى قلبه بلا اختيار ولا قبول لا يضر ولا يخل بالإخلاص فترك العمل لاجله موافقة للشيطان وتحصيل لغرضه نعم عليه ان لا يزيد على معتاده ان لم يجد باعثا وقد يترك لا خوفا من الرياء بل خوفا من ان ينسب اليه ويقال انه مرائ وهذا عين الرياء لانه تركه خوفا من سقوط منزلته عند الناس وفيه ايضا سوء الظن بالمسلمين وقد يقع فى خاطره ان تركه لاجل صيانتهم من الغيبة لا لاجل الفرار من المذمة وسقوط المنزلة وهذا ايضا سوء الظن بهم إذ صيانة الغير من المعصية انما يكون فى ترك المباحات دون السنن والمستحبات انتهى كلامه قال فى التأويلات النجمية وَحَبِطَ ما صَنَعُوا من اعمال الخير فِيها فى الدنيا للدنيا وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال وان كانت حقا لانهم عملوها لغير وجه الله وهو باطل وبه يشير الى ان كل من يعمل عملا يطلب به غير الله فان عمله ومطلوبه باطل كما قال صلى الله عليه وسلم (ان اصدق كلمة قالتها العرب ألا كل شىء ما خلا الله باطل) قال حضرة الشيخ الأكبر قد سنا الله بسره الأطهر اعلم ان الموجودات كلها وان وصفت بالباطل فهى حق من حيث الوجود ولكن سلطان المقام إذا غلب على صاحبه يرى ما سوى الله تعالى باطلا من حيث انه ليس له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهذا معنى قولهم قوله باطل اى كالباطل لان العالم قائم بالله لا بنفسه فهو من هذا الوجه باطل والعارف إذا وصل الى مقامات القرب فى بداية عرفانه ربما تلاشت هذه الكائنات وحجب عن شهودها بشهود الخلق لانها زالت من الوجود بالكلية ثم إذا كمل عرفانه شهد الحق تعالى والخلق معا فى آن واحد وما كل أحد يصل الى هذا المقام فان غالب الناس ان شهد الخلق لم يشهد الحق وان شهد الحق لم يشهد الخلق ولا يدرك الوحدة الا من أدرك اجتماع الضدين ولعل

ص: 109

من المشهد الاول قول الأستاذ الشيخ ابى الحسن البكري قدس سره استغفر الله مما سوى الله تعالى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته كذا فى انسان العيون فى سيرة الامين المأمون: قال الشيخ المغربي

سايه هستى مى نمايد ليك اندر اصل نيست

نيست را از هست ار بشناختى يابى نجات

: وقال ايضا

بيدار شو از خواب كه اين جمله خيالات

اندر نظر ديده بيدار چوخوابيست

نسأل الله سبحانه ان يكشف القناع عن وجه المقصود ويتجلى لنا بجماله فى وجه كل مظهر وموجود وهو الرحيم الودود ذو الفضل والفيض والجود أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ الهمزة للانكار والبينة الحجة والبرهان وعلى للاستعلاء المجازى وهو الاستيلاء والاقتدار على إقامتها والاستدلال بها ومن شرطية او موصولة مبتدأ حذف خبره والتقدير أفمن كان على برهان ثابت من ربه يدل على الحق والصواب فيما يأتيه ويذره وهو كل مؤمن مخلص كمن ليس على بينة يعنى سواء بل الاول على السعادة وحسن العاقبة والثاني على الشقاوة وسوء الخاتمة وَيَتْلُوهُ من التلو وهو التبع ذلك البرهان الذي هو دليل العقل فتذكير الضمير الراجع الى البينة انما هو بتأويل شاهِدٌ مِنْهُ اى شاهد من الله تعالى يشهد بصحته وهو القرآن وَمِنْ قَبْلِهِ اى ومن قبل القرآن الشاهد كِتابُ مُوسى وهو التوراة فانها ايضا تتلو ذلك البرهان فى التصديق إِماماً كتابا مؤتما به فى الدين ومقتدى وانتصابه على الحال وَرَحْمَةً اى نعمة عظيمة على من انزل إليهم ومن بعدهم الى يوم القيامة باعتبار أحكامه الباقية المؤيدة بالقرآن العظيم قال فى انسان العيون التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك وانما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز انتهى أُولئِكَ اشارة الى من كان على بينة يُؤْمِنُونَ بِهِ اى يصدقون بالقرآن وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ [وهر كه كافر شود بقرآن] مِنَ الْأَحْزابِ من اهل مكة ومن تحزب معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال تحزبوا عليه اى اجتمعوا فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ اى مكان وعده الذي يصير اليه وفى جعلها موعدا اشعار بان له فيها ما يوصف من أفانين العذاب فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى فى شك من امر القرآن وكونه من عند الله إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ الذي يربيك فى دينك ودنياك وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بان ذلك حق لا شبهة فيه اما لقصور انظارهم واختلال افكارهم واما لعنادهم واستكبارهم هذا ما اختاره البيضاوي وتبعه فى ذلك اكثر المفسرين وقال المولى ابو السعود فى الإرشاد ما حاصله ان المراد بالبينة البرهان الدال على حقية الإسلام وهو القرآن والكون على بينة من الله عبارة عن التمسك بها ويتلوه اى يتبعه شاهد من القرآن شهيد بكونه من عند الله وهو اعجازه وما وقع فيه من الاخبار بالغيب او شاهد من الله تعالى كالمعجزات الظاهرة على يديه عليه السلام ولما كان المراد بتلو الشاهد للبرهان اقامة الشهادة بصحته وكونه من عند الله تعالى تا تابعا له بحيث لا يفارقه فى مشهد من المشاهد فان القرآن بينة باقية على وجه الدهر مع شاهدها

ص: 110

الذي يشهد بامرها الى يوم القيامة عند كل مؤمن وجاحد عطف كتاب موسى فى قوله تعالى وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى على فاعله مع كونه مقدما عليه فى النزول فكأنه قيل أفمن كان على بينة من ربه ويشهد به شاهد آخر من قبل هو كتاب موسى وقال فى التأويلات النجمية وحمل الآية فى الظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم وابى بكر اولى وأحرى فانه عليه السلام كما كان على بينة من ربه كان ابو بكر شاهدا يتلوه بالايمان والتصديق يدل عليه قوله وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ يعنى النبي عليه السلام وصدق به يعنى أبا بكر رضى الله عنه وهو الذي كان ثانيه فى الغار وتاليه فى الامامة فى مرضه عليه السلام حين قال (مر أبا بكر فليصل بالناس) وكان تاليه بالخلافة بإجماع الصحابة وكان منه حيث قال صلى الله عليه وسلم لابى بكر وعمر رضى الله عنهما (انهما منى بمنزلة السمع والبصر وَمِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ابى بكر وشهادته بالنبوة كان

كِتابُ مُوسى وهو التوراة إِماماً يأتم به قومه بعده وفى ايام محمد صلى الله عليه وسلم كما ائتم به عبد الله بن سلام وسلمان وغيرهما من أحبار اليهود ولانه كان فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وَرَحْمَةً اى الكتاب كان رحمة لاهل الرحمة وهى الذين يؤمنون بالكتاب وبما فيه كما قال أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يعنى اهل الرحمة وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ اى بالكتاب وبما فيه مِنَ الْأَحْزابِ اى حزب اهل الكتاب وحزب الكفار وحزب المنافقين وان زعموا انهم مسلمون لان الإسلام بدعوى اللسان فحسب وانما يحتاج مع دعوى اللسان الى صدق الجنان وعمل الأركان فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى من ان يكون الكافر بك وبما جئت به من اهل النار لان الايمان بك ايمان بي وان طاعتك طاعتى فلا يخطرن ببالك انى من سعة رحمتى لعلى ارحم من كفر بك كائنا من كان فانى لا ارحمهم لانهم مظاهر قهرى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى يكون له مظاهر صفات القهر كما يكون له مظاهر صفات اللطف وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بصفات قهره كما يؤمنون بصفات لطفه لرجائهم المذموم ولغرورهم المشئوم بكرم الله فانه غرهم بالله وكرمه الشيطان الغرور انتهى: قال الحافظ

در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست

آتش كرا بسوز دگر بو لهب نباشد

واعلم ان حضرة القرآن انما نزل لتمييز اهل اللطف واهل القهر فهو البرهان النير العظيم الشان وبه يعلم اهل الطاعة من اهل العصيان ولما كان الكلام صفة من الصفات القديمة له تعالى قال اهل التأويل فى اشارة قوله أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ اى كشف بيان من تجلى صفة من صفات ربه وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ اى ويتبع الكشف شاهد من شواهد الحق فان الكشف يكون مع الشهود ويكون بلا شهود. والمعنى أفمن كان على بينة من كشوف الحق وشواهده كمن كان على بينة من العقل والنقل مع احتمال السهو والغلط فيها ولذا: قال الحافظ

عشق ميورزم واميد كه اين فن شريف

چون هنرهاى دگر موجب حرمان نشود

: وقال الصائب

طريق عقل را بر عشق رجحان مى دهد زاهد

عصايى بهتر از صد شمع كافورست أعمى را

: وقال

جمعى كه پشت گرم بعشق ازل نيند

ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند

ص: 111

جعلنا الله وإياكم من المستبصرين لشواهد الحق وأوصلنا وإياكم الى شهود النور المطلق وحشرنا وإياكم تحت لواء الفريق الاسبق وَمَنْ أَظْلَمُ اى لا أحد اظلم مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان نسب اليه ما لا يليق به كقولهم للملائكة بنات الله وقولهم لآلهتهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله أُولئِكَ المفترون يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ المراد عرضهم على الموقف المعد للحساب والسؤال وحبسهم فيه الى ان يقضى الله تعالى بين العباد لانه تعالى ليس فى مكان حتى يعرضون عليه وأسند العرض إليهم والمقصود عرض أعمالهم لان عرض العامل بعمله وهو الافتراء هنا أفظع من عرض عمله مع غيبته وَيَقُولُ الْأَشْهادُ عند العرض وهم الملائكة والنبيون والمؤمنون جمع شاهد او شهيد كاصحاب واشراف هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ المحسن إليهم والمالك لنواصيهم بالافتراء عليه وهؤلاء اشارة الى تحقيرهم واصغارهم بسوء صنيعهم أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عذابه وغضبه عَلَى الظَّالِمِينَ بالافتراء المذكور وفى الحديث (ان الله تعالى يدنى المؤمن يوم القيامة فيستره من الناس فيقول اى عبدى أتعرف ذنب كذا وكذا فيقول نعم يا رب فاذا قرره بذنوبه قال فانى قد سترتها عليك فى الدنيا وقد غفر تهالك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته واما الكفار والمنافقون فيقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين يفضحونهم بما كانوا عليه فى الدنيا ويبينون انهم ملعونون عند الله بسبب ظلمهم) وفى الحديث (من سمع سمع الله به) اى من اظهر عمله للناس رياء اظهر الله نيته الفاسدة فى عمله يوم القيامة وفضحه على رؤس الاشهاد وهم الملائكة الحفظة. وقيل عموم الملائكة. وقيل عموم الخلائق أجمعين ثم وصفهم بالصد فقال الَّذِينَ يَصُدُّونَ اى يمنعون كل من يقدرون على منعه بالتحريف وإدخال الشبه عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن دين الله وطريق طاعته وَيَبْغُونَها عِوَجاً السبيل مؤنث سماعى فلذلك انث ضمير يبغونها يقال بغيت الشيء طلبته وبغيتك خيرا او شرا اى طلبت لك اى ويصفونها بالانحراف عن الحق والصواب فيكون من قبيل اطلاق اسم السبب على المسبب قال فى الإرشاد وهذا شامل لتكذيبهم بالقرآن وقولهم انه ليس من عند الله وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ اى يصفونها بالعوج والحال انهم كافرون بها لا انهم مؤمنون بها ويزعمون ان لها سبيلا سويا يهدون الناس اليه وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به كأن كفر غيرهم ليس بشئ عند كفرهم أُولئِكَ الكاذبون لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ الله تعالى ان يعاقبهم لو أراد عقابهم فِي الْأَرْضِ مع سعتها وان هربوا منها كل مهرب وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ينصرونهم ويمنعونهم من العقاب ولكن اخر ذلك الى اليوم تحقيقا للامهال كما قال تعالى أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً والجمع باعتبار افراد الكفرة كأنه قيل وما كان لاحد منهم من ولى يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ استئناف كأنه قيل هؤلاء الذين شأنهم ذلك ما مصير أمرهم وعقبى حالهم فقيل يضاعف لهم عذاب الابد ضعفين ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ النافع وَما كانُوا يُبْصِرُونَ الحق والآيات المنصوبة فى الأنفس والآفاق وهو استئناف وقع تعليلا لمضاعفة العذاب وليس المراد بالمضاعفة الزيادة بمرتبة واحدة لشمولها الزيادة بمراتب كما فى الحواشي السعدية ولما كان قبح حالهم

ص: 112

فى عدم إذعانهم للقرآن الذي طريق تلقيه السمع أشد منه فى عدم قبولهم لسائر الآيات المنوطة بالأبصار بالغ فى نفى الاول حيث نفى عنهم الاستطاعة واكتفى فى الثاني بنفي الابصار أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ

باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى فى البحرانه على حذف مضاف اى راحة او سعادة أنفسهم والا فانفسهم باقية معذبة انتهى ولعل الإبقاء على حاله انسب لمرام المقام وان البقاء معذبا كلا بقاء إذا لمقصود من البقاء انتفاع به وَضَلَ

بطل وضاع عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ

من الهية الآلهة وشفاعتها لا جَرَمَ فيه ثلاثة أوجه. الاول ان لا نافية لما سبق وجرم فعل بمعنى حق وان مع ما فى حيزه فاعله. والمعنى لا ينفعهم ذلك الفعل اى حق أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وهذا مذهب سيبويه. والثاني ان جرم بمعنى كسب وما بعده مفعوله وفاعله ما دل عليه الكلام اى كسب ذلك خسرانهم فالمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور خسرانهم. والثالث ان لا جرم بمعنى لا بد انهم فى الآخرة هم الأخسرون وأياما كان فمعناه انهم أخسر من كل خاسر قال الكاشفى [بي شك وشبهه ايشان دران سراى ايشان زيانكارتر از همه زيانكاران چهـ پرستش بتان را بپرستش خداى تعالى خريده اند ومتاع دنياى فانى را بر نعيم عقباى باقى اختيار كرده ودرين سودا غبن فاحش است]

مايه اين را بدنيا دادن از دون همتيست

زانكى دنيا جملگى رنج است ودين آسايش است

نعمت فانى ستانى دولت باقى دهى

اندرين سودا خرد داند كه غبن فاحش است

- وروى- ابن ابى الدنيا عن الضحاك انه قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك زينة الدنيا واثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (بادروا بالأعمال فان بين ايديكم فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا) ومن البائع دينه بالدنيا المدعى مع الله رتبة طلبا للرياسة واستجلاب حظوظ النفس بطريق التزهد والشيخوخة وهو ملعون على ألسنة الأولياء الذين هم شهداء الله فى الأرض لانه نزل نفسه منزلة السادة الكبراء فظلم واستحق اللعنة: وفى المثنوى

تو ملاف از مشك كان بوى پياز

از دم تو ميكند مكشوف راز

گلشكر خوردم همى گوئى وبوى

ميزند از سير كه ياوه مگوى

ومن أوصاف المدعين انهم بادعائهم الشيخوخة يقطعون سبيل الله على طالبيه بالدعوة الى أنفسهم ويمنعونهم ان يتمسكوا بذيل ارادة صاحب ولاية يهديهم الى الحق وهم بالآخرة هم كافرون على الحقيقة لان من يؤمن بالآخرة ولقاء الله والحساب والجزاء على الأعمال لا يجرى مع الله بمثل هذه المعاملات ولهم عذاب الضلال عن سبيل الله بطلب الدنيا والقدوة فيها وعذاب إضلال اهل الارادة عن طريق الحق باستتباعهم وهم مؤاخذون بخسرانهم وخسران اتباعهم وبحسبان انهم يحسنون صنعا فهم الأخسرون

ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي

كين ره كه تو ميروى بتركستانست

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى بكل ما يجب ان يؤمن به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فيما بينهم وبين

ص: 113

ربهم وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ الإخبات الخضوع والخشوع ويستعمل باللام يقال اخبت لله واستعماله بالى فى الآية لتضمينه معنى الاطمئنان والانقطاع. والمعنى اطمأنوا وسكنوا اليه وانقطعوا الى عبادته بالخشوع والتواضع أُولئِكَ المنعوتون بتلك النعوت أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون لم يأت هنا ضمير الفصل للاشارة والله اعلم الى ان الخلود فيها ليس بمختص بهؤلاء الموصوفين فان المؤمن وان لم يعمل الصالحات مآله الخلود فى الجنة على ما هو مذهب اهل السنة كذا فى حواشى سعدى المفتى وقال فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بطلب الله وطلبوه على أقدام المعاملات الصالحات للطلب المفيدات للوصول الى المطلوب وانابوا الى ربهم بالكلية ولم يطلبوا منه الا هو واطمأنوا به أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى ارباب الجنة كما يقال رب الدار لصائب الدار وهم مطلوبوا الجنة لا طلابها وانما هم طلاب الله هم فيها خالدون طلابا مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ الكافر والمؤمن اى حالهما العجيب لان المثل لا يطلق الا على ما فيه غرابة من الأحوال والصفات قال ابن الشيخ لفظ المثل حقيقة عرفية فى القول السائر المشبه مضربه بمورده ثم يستعار للصفة العجيبة والخال الغريبة تشبيها لهما بالقول المذكور فى الغرابة فانه لا يضرب الا ما فيه غرابة كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ اى كهؤلاء فيكون ذواتهم كذواتهم فان تشبيه حال الشيء بحال شىء آخر يستلزم تشبيه الشيء الاول بالثاني فالاعمى والأصم هم الكافرون والبصير والسميع هم المؤمنون. والواو فى والأصم والسميع لعطف الصفة على الصفة كقولك هو الجواد والشجاع فان الادخل فى المبالغة ان يشبه الكافر بالذي جمع بين العمى والصمم كالموتى وذلك ان الكفرة حين لا ينظرون الى ما خلق الله نظر اعتبار ولا يسمعون ما يتلى عليهم من آيات الله سماع تدبر كان بصرهم كلا بصر وسماعهم كلا سماع فكان حالهم لانتفاء جدوى البصر والسماع كحال الموتى الذي فقدوا مصحح البصر والسمع قال ابن الشيخ الأعمى إذا سمع شيأ ربما يهتدى الى الطريق والأصم ربما ينتفع بالاشارة ومن جمع بينهما فلا حيلة له وقس عليه الشخص الذي جمع بين الوصفين الشريفين اللذين هما البصر والسمع فانه يكون بذلك على احسن حال. وقدم الأعمى لكونه اظهر وأشهر فى سوء الحال من الأصم هَلْ يَسْتَوِيانِ يعنى الفريقين المذكورين والاستفهام إنكاري مَثَلًا اى حالا وصفة وهو تمييز من فاعل يستويان منقول من الفاعلية والأصل هل يستوى مثلهما أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى أتشكون فى عدم الاستواء وما بينهما من التباين او أتغفلون عنه فلا تتذكرون بالتأمل فيما ضرب لكم من المثل فيكون الإنكار واردا على المعطوفين معا او أتسمعون هذا فلا تتذكرون فيكون راجعا الى عدم التذكر بعد تحقق ما يوجب وجوده وهو المثل المضروب وفى التأويلات النجمية الأعمى الذين لا يبصر الحق حقا والباطل باطلا بل يبصر الباطل حقا والحق باطلا. والأصم من لا يسمع الحق حقا والباطل باطلا بل يسمع الباطل حقا والحق باطلا. والبصير الذي يرى الحق حقا ويتبعه ويرى الباطل باطلا ويجتنبه. والسميع الذي من كان الله سمعه فيسمع به ومن ابصر بالله لا يبصر غير الله ومن

ص: 114

سمع بالله لا يسمع الا من الله انتهى يعنى يسمع من الحق تعالى ولا يرى ان أحدا فى الوجود يخاطبه غير الله تعالى فهو ممتثل لكل ما يؤمر به- حكى- ان خير النساج لقيه انسان فقال له أنت عبدى واسمك خير فسمع ذلك من الحق سبحانه واستعمله الرجل فى النسج أعواما ثم بعد ذلك قال له ما أنت عبدى ولا اسمك خير

كوشى كه بحق باز بود در همه جاى

از هيچ سخن نشنود الا ز خداى

وان ديده كزو نور پذيرد او را

هر ذره بود آيينه دوست نماى

وفى كل من مقام الرؤية والسماع ابتلاء والطالب الصادق يقف عند الحد الذي حد له فلا ينظر الى الحرام ولا يرتكب المحذور كشرب الخمر وان قيل له من لسان واحد اشرب هذه الخمر لان هذا القول ابتلاء من الله تعالى هل يقف عند حده اولا فلا بد من التحقق فى الطريق ليكون تابعا لامر مولاه لا أسيرا لشهوته وعبدا لهواه وذلك التحقق والتبعية انما يكون ويحصل بالاجتهاد والتشبث بذيل واحد من اهل الإرشاد: وفى المثنوى

آن سواريكه سپهـ را شد ظفر

اهل دين را كيست سلطان بصر

با عصا كوران اگر ره ديده اند

در پناه خلق روشن ديده اند

گرنه بينايان بدندى وشهان

جمله كوران مرده اندى در جهان

نى ز كوران گشت آيد نى درود

نى عمارت نى تجارتها وسود

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ الواو ابتدائية واللام جواب قسم محذوف وحرفه الباء لا الواو كما فى سورة الأعراف لئلا يجتمع واوان اى بالله لقد بعثنا نوحا وهو ابن ملك ابن متوشلخ بن إدريس عليهما السلام وهو أول نبى بعث بعده قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث نوح على رأس أربعين من عمره ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين سنة وكان عمره الفا وخمسين سنة وقيل غير ذلك ولد نوح بعد الف وستمائة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وكانت دمشق داره ودفن فى الكوفة وقال بعضهم فى الكرك وقال بعضهم فى مغارة ابراهيم عليه السلام فى القدس ويقال كان اسمه شاكرا وسمى نوحا لكثرة نياحته على نفسه واختلفوا فى سبب نياحته على ثلاثة أوجه. الاول قلة رحمته حين قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فلم يرض الله ذلك منه. والثاني انه مر بكلب فقال ما أقبحك من خلق فعاتبه الله على ذلك أعبتني أم عبت الكلب فقام وناح على نفسه وذهب فى البراري والجبال. والثالث الميل والهوى الى ولده ومراجعته الى ربه حين قال إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فقال الله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ فقام وناح على نفسه او شفقة على الولد وخوفا على نفسه كذا فى التبيان يقول الفقير عامله الله بلطفه الخطير ان بعض الزلات وان كان سببا للنياحة كما وقع ايضا لداود عليه السلام وغيره الا ان نياحة الأنبياء والأولياء انما هى من جلال الله تعالى وهيبته الآخذة بقلوبهم فهى من صفات العاشقين وسمات العارفين ألا ترى الى يحيى عليه السلام لم ير اكثر نوحا وبكاء منه فى زمانه مع انه لم يهم بذنب قط وبكاء يعقوب عليه السلام لم يكن لمجرد فراق يوسف عليه السلام بل كان فراقه سببا صوريا

ص: 115

ظاهر يا له والله تعالى إذا أراد بكاء عبده وحنينه الى جنابه ابتلاء بالفراق او بالجوع او بغيرهما كما لا يخفى على اهل القلوب وفى ذلك ترقيات له عجيبة وتجليات له غريبة قد شاهدت هذه الحال من بعض اهل الكمال وهاهنا سؤال وهو انه كيف يستقيم الاخبار فى الأزل عن إرسال نوح عليه السلام بلفظ الماضي ونوح وقومه لم يجد بعد والجواب ان هذا الاخبار بالنسبة الى الأزل لا يتصف بشئ من الازمنة إذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى واتصافه به انما هو بالنسبة الى توجه الخطاب للسامع فان كان معنى الكلام سابقا على توجه الخطاب له كان ماضيا وان كان معه او بعده فالحال او الاستقبال إِنِّي اى فقال لقومه انى لَكُمْ نَذِيرٌ مخوف مُبِينٌ مظهر وذلك الانذار على أكمل طرقه اى أبين لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه بيانا ظاهرا لا شبهة فيه ولم يقل وبشير لان البشارة انما تكون لمن آمن ولم يكن أحد آمن كما اقتصر على الانذار فى قوله تعالى قُمْ فَأَنْذِرْ تقديما للتخلية على التحلية أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى بان لا تعبدوا على انّ ان مصدرية والباء متعلقة بأرسلنا ولا ناهية اى أرسلناه ملتبسا بنهيهم عن الشرك قال فى التأويلات النجمية قال نوح الروح لقومه القلب والنفس والبدن ان لا تعبدوا الدنيا وشهواتها والآخرة ودرجاتها فان عبادة الله مهما كانت معلولة بشئ من الدنيا والآخرة فانه عبد ذلك الشيء لا الله على الحقيقة انتهى ولذا قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيدة: قال الشيخ المغربي قدس سره

در جنت ديدار تماشاى جمالت

باشد ز قصور ار بودم ميل بحورى

إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ يوم القيامة او يوم الطوفان. واليم يجوز ان يكون صفة يوم وصفة عذاب على ان يكون جره للجوار ووصفه بالأليم على الاسناد المجازى للمبالغة يعنى ان اسناد الأليم الى اليوم اسناد الى الظرف كقولك نهاره صائم واسناده الى العذاب اسناد الى الوصف كقولك جد جده والمتألم حقيقة هو الشخص المعذب المدرك لا وصفه ولا زمانه وإذا وصفا بالتألم دل على ان الشخص بلغ فى تألمه الى حيث سرى ما به من التألم الى ما يلابسه من الزمان والأوصاف فالاليم بمعنى المؤلم على انه اسم مفعول من الإيلام ويجوز ان يكون بمعنى المؤلم على انه اسم فاعل وهو صفة الله تعالى فى الحقيقة إذ هو الخالق للألم- روى- ان الله تعالى أرسل نوحا الى قومه فجاءهم يوم عيد لهم وكانوا يعبدون الأصنام ويشربون الخمور ويواقعون النساء كالبهائم من غير ستر فنادهم بصوت عال ودعاهم الى التوحيد ففزعوا ثم نسبوه الى الجنون وضربوه وكذبوه كما قال تعالى فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى الاشراف منهم الذين ملأوا القلوب هيبة والمجالس ابهة ووصفهم بالكفر لذمهم والتسجيل عليهم بذلك من أول الأمر لا لان بعض اشرافهم ليسوا بكفرة ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا لا مزية لك علينا نخصك من دوننا بالنبوة ووجوب الطاعة ولو كان كذلك لرأيناه فالرؤية بصرية والا بشرا حال من المفعول ويجوز ان تكون قلبية وهو الظاهر فالا بشرا

ص: 116

مفعول ثان وتعلق الرأى بالمثلية لا بالبشرية فقط قال الكاشفى [ايشان هياكل بشر ديدند واز درك حقائق اشيا غافل ماندند] : مثنوى

همسرى با انبيا بر داشتند

أوليا را همچوخود پنداشتند

گفت اينك ما بشر ايشان بشر

ما وايشان بسته خوابيم وخور

اين ندانستند ايشان از عمى

هست فرقى در ميان بي منتهى

هر دو كون زنبور خوردند از محل

ليك شد زان نيش وز اين ديگر عسل

هر دو كون آهو كيا خوردند وآب

ز اين يكى سر كين شد وزان مشكناب

هر دو نى خوردند از يك آبخور

اين يكى خالى وآن پر از شكر

والاشارة ان النفس سفلية وطبعها سفلى ونظرها سفلى والروح علوى وله طبع علوى ونظر علوى فالروح العلوي من خصائصه دعوة غيره الى عالمه لانه بنظره العلوي يرى شرف العبادات وعزتها ويرى السفليات وخستها وذلتها فمن طبعه العلوي يدعو السفلى الى العلويات والنفس السفلية بنظرها السفلى لا ترى العلويات ولا تميل بطبعها السفلى الى العلويات بل تميل الى السفليات وترى بنظرها السفلى كل شىء سفليا فتدعو غيرها الى عالمها فمن هنا ترى الروح العلوي بنظر المثلية فكذلك صاحب هذه النفس يرى صاحب الروح العلوي بنظر المثلية فيقول ما نراك الا بشرا مثلنا فلهذا ينظرون الى الأنبياء ولا يرونهم بنظر النبوة بل يرونهم بنظر الكذب والسحر والجنون ويرون اتباع الأنبياء بنظر الحقارة كما قالوا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ الرؤية ان كانت بصرية يكون اتبعك حالا من المفعول بتقدير قد وان كالت قلبية يكون مفعولا ثانيا إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ اخساؤنا وادانينا كالحاكة والاساكفة واهل الصنائع الخسيسة ولو كنت صادقا لا تبعك الأكياس والاشراف من الناس. فالاراذل جمع اسم تفضيل اى أرذل كقوله «أكابر مجرميها وأحاسنكم أخلاقا» جمع اكبر واحسن فان قلت يلزم الاشتراك إذا بين الاشراف وبينهم فى مأخذ الاشتقاق الذي هو الرذالة قلت هو للزيادة المطلقة والاضافة للتوضيح فلا يلزم ما ذكرت وانتصاب بادى الرأى على الظرفية على حذف المضاف اى اتبعك وقت حدوث بادى الرأى وظاهره او فى أول الوهلة من غير تعمق وتدقيق تفكر من البدو او من البدء والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها وانما استرذلوهم مع كونهم اولى الألباب الراجحة لفقرهم وكان الاشراف عندهم من له جاه ومال كما ترى اكثر اهل زمانك يعتقدون ذلك ويبنون عليه إكرامهم واهانتهم

فلك بمردم نادان دهد زمام مراد

تو اهل فضلى ودانش همين گناهت بس

وما اعجب شان اهل الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر ولا اتباعه وقد رضوا للالهية بحجر وعبادته قال فى التأويلات النجمية اما الأراذل من اتباع الروح البدن وجوارحه الظاهرة فان الغالب على الحق ان البدن يقبل دعوة الروح ويستعمل الجوارح بالأعمال الشرعية ولكن النفس الامارة بالسوء تكون على كفرها ولا تخلى البدن يستعمل بالأعمال الشرعية الدينية الا لغرض فاسد ومصلحة دنيوية كما هو المعتاد لاكثر الخلق وَما نَرى لَكُمْ اى لك ولمتبعيك فغلب

ص: 117

المخاطب على الغائبين عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ من زيادة شرف فى الملك والمال تؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة واتباعهم لك لا يدل على نبوتك ولا نجد بكم فضيلة تستتبع اتباعنا لكم قال فى الكواشي وما نرى لكم علينا من فضل لانكم بشر تأكلون وتشربون مثلنا بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ جميعا لكون كلامكم واحدا ودعواكم واحدة قالَ نوح يا قَوْمِ [اى گروه من] أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني فان الرؤية سبب للاخبار إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ برهان ظاهر مِنْ رَبِّي وشاهد يشهد بصحة دعواى وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ هى النبوة فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ اى أخفيت تلك البينة عليكم أَنُلْزِمُكُمُوها اى أنلزمكم قبول تلك البينة ونوجبها عليكم ونجبركم على الاهتداء بهاء وهذا استفهام معناه الإنكار يقول لا نقدر ان نلزمكم من ذات أنفسنا وهو جواب أرأيتم وساد مسد جواب الشرط وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ والحال انكم لا تختارونها ولا تتأملون فيها ومحصول الجواب أخبروني ان كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة الدعوى الا انها خافية عليكم غير مسلمة عندكم أيمكننا ان نكرهكم على قبولها وأنتم معرضون عنها غير متدبرين فيها اى لا يكون ذلك قال سعدى المفتى المراد الزام جبر بالقتل ونحوه فاما الزام الإيجاب فهو حاصل قال قتادة لو قدر الأنبياء ان يلزموا قومهم الايمان لالزموهم ولكن لم يقدروا

يكى را بخوانى كه مقبول ماست

يكى را برانى كه مخذول ماست

بدو نيك امر ترا بنده اند

بتسليم حكمت سر افكنده اند

وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ على تبليغ الرسالة وهو ان لم يذكر فمعلوم من قوله انى لكم نذير مبين ان لا تعبدوا الا الله مالًا تؤدونه الى بعد ايمانكم واتباعكم لى فيكون ذلك اجرا لى فى مقابلة اهتدائكم إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وهو الثواب الذي يثيبنى فى الآخرة اى ما بلغتكم من رسالة الله الا لوجه الله لا لغرض من اغراض الدنيا وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا لانهم طلبوا منه ان يطرد من عنده من الفقراء والضعفاء حتى يجالسوه كما طلب رؤس قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم طرد فقراء المؤمنين الملازمين لمجلسه الشريف استنكافا منهم ان ينتظموا معهم فى سلك واحد: قال الحافظ

آنچهـ زر ميشود از پرتو آن قلب سياه

كيمياييست كه در صحبت درويشانست

: وقال

نظر كردن بدرويشان منافىء بزرگى نيست

سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش

قيل ان الله تعالى اختار الفقر لرسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله وليدل على هوان الدنيا عند الله تعالى إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ يوم القيامة فيقتص لهم ممن ظلمهم كما فى الكواشي او انهم فائزون فى الآخرة بلقاء الله تعالى وحسن جزائه كأنه قيل لا اطردهم ولا ابعدهم عن مجلسى لانهم مقربون فى حضرة القدس وكيف أذل من أعزه الله تعالى وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ما أمرتكم به وما جئتكم به قاله ابو الليث وقال فى الإرشاد تجهلون بكل ما ينبغى ان يعلم ويدخل فيه جهلهم بلقائه تعالى

ص: 118

وبمنزلتهم عنده وباستيجاب طردهم لغضب الله تعالى وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ يدفع عنى غضب الله تعالى ويمنعنى من انتقامه إِنْ طَرَدْتُهُمْ وهم بتلك الصفة والمثابة من الكرامة والزلفى أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى أتستمرون على ما أنتم عليه من الجهل المذكور فلا تتذكرون ما ذكر من حالهم حتى تعرفوا ان ما تأتون بمعزل من الصواب وفى الحديث (حب الفقراء والمساكين من اخلاق الأنبياء والمرسلين وبغض مجالستهم من اخلاق المنافقين والاشارة يقول نوح الروح للنفس من يمنعك من عذاب الله تعالى وقهره ان منعت البدن من الطاعة والعبودية واقتصر على مجرد ايمان النفس وتخلقها بأخلاق الروح كما هو معتقد اهل الفلسفة واهل العناد فانهم يقولون ان اصل العبودية معرفة الربوبية وجمعية الباطن والتحلية بالأخلاق الحميدة فلا عبرة للاعمال البدنية كذبوا والله وكذبوا الله ورسوله فضلوا كثيرا والقول ما قال المشايخ رحمهم الله الظاهر عنوان الباطن وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يستقيم ايمان أحدكم حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يستقيم لسانه حتى يستقيم اعماله) يعنى اركان الشريعة تسرى الى الباطن عند استعمال الشريعة فى الظاهر وان الله تعالى أودع النور فى الشرع والظلمة فى الطبع وانما بعث الأنبياء ليخرجوا الخلق من ظلمات الطبع الى نور الشرع وَلا أَقُولُ لَكُمْ حين ادعى النبوة عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ اى عندى رزق الله وأمواله حتى تستدلوا بعدمها على كذبى بقولكم وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين فان النبوة أعز من ان تنال بأسباب دنيوية ودعواها بمعزل عن ادعاء المال والجاه قال سعدى المفتى يعنى لا ادعى وجوب اتباعى بكثرة المال والجاه الدنيوي حتى تنكروا فضلى وانما ادعى وجوبه لانى رسول من الله وقد جئت بينة تشهد على ذلك وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ اى لا ادعى فى قولى انى لكم نذير مبين انى أخاف عليكم عذاب يوم اليم العلم على الغيب حتى تسارعوا الى الإنكار والاستبعاد وقال سعدى المفتى الظاهر انهم حين ادعى النبوة سألوه عن المغيبات وقالوا ان كنت صادقا فى دعواك فاخبرنا عن كذا وكذا فقال انا ادعى النبوة وقد جئتكم بآية من ربى ولا اعلم الغيب الا بإعلامه ولا يلزم من ان يكون سؤالهم مذكورا فى النظم ان سؤال طردهم كذلك وَلا أَقُولُ لكم إِنِّي مَلَكٌ حتى تقولوا ما نراك الا بشرا مثلنسا فان البشرية ليست من موانع النبوة بل من مباديها. يعنى انكم اتخذتم فقدان هذه الأمور الثلاثة ذريعة الى تكذيبى والحال انى لا ادعى شيأ من ذلك ولا الذي أدعية يتعلق بشئ منها وانما يتعلق بالفضائل النفسانية التي بها تتفاوت مقادير البشر وَلا أَقُولُ مساعدة لكم كما تقولون لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ زراه إذا عابه واستصغره اى لاجل المؤمنين الذي تزدريهم أعينكم لفقرهم وفى شأنهم ولو كانت اللام للتبليغ لكان القياس لن يؤتيكم بكاف الخطاب واسناد الازدراء الى الأعين للمبالغة والتنبيه على انهم استرذلوهم بادى الرؤية من غير روية وبما عاينوا من رثاثة حالهم وقلة منالهم دون تأمل فى معانيهم وكما لاتهم: قال السعدي

معانيست در زير حرف سياه

چودر پرده معشوق ودر ميغ ماه

پسنديده ونغز بايد خصال

كه گاه آيد وكه رود جاه ومال

ص: 119

يقول الفقير الظاهر ان اسناد الازدراء الى الأعين انما هو بالنسبة الى ظهوره فيها كما يقال فلان نظر الى فلان بعين التحقير دون عين التعظيم وهذا لا ينافى كونه من صفات القلب فى الحقيقة لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً فى الدنيا او فى الآخرة فعسى الله ان يؤتيهم خير الدارين وقد وقع كما قال فان نطق الأنبياء عليهم السلام انما هو من الوحى والإلهام حيث أورثهم الله ارضهم وديارهم بعد عزتهم اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من الايمان والمعرفة ورسوخهم فيه إِنِّي إِذاً اى إذ قلت ذلك لَمِنَ الظَّالِمِينَ لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم او من الظالمين لانفسهم بذلك فان وباله راجع الى أنفسهم. وفيه تعريض بانهم ظالمون فى ازدرائهم واسترذالهم وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المسلم أخو المسلم) المراد اخوة الإسلام (لا يظلمه) بنقصه حقه او بمنعه إياه (ولا يخذله) بترك الاعانة والنصرة إذا استعان به فى دفع ظالم ونحوه (ولا يحقره) اى لا يحتقره ولا يستكبر عليه. والاحتقار بالفارسية [خوار داشتن](التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا) ويشير الى صدره واصل التقوى الاجتناب والمراد هاهنا اجتناب المعاصي وكان المتقى يتخذ له وقاية من عذاب الله تعالى بترك المخالفة. وقوله هاهنا اشارة الى ان الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى وانما تحصل بما يقع من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته فمن كانت التقوى فى قلبه فلا ينظر الى أحد بعين الحقارة (بحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم) يعنى يكفيه من الشر احتقاره أخاه المسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) العرض موضع المدح والذم من الإنسان كما فى فتح القريب وقال ابن الملك عرض الرجل جانبه الذي يصونه قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا خاصمتنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا اى أطلته. والمجادلة روم أحد الخصمين إسقاط كلام صاحبه وهو من الجدل وهو شدة الفتل فَأْتِنا بِما تَعِدُنا اى تعدناه من العذاب المعجل إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى الدعوى والوعيد فان مناظرتك تؤثر فينا قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ عاجلا او آجلا وليس موكولا الىّ ولا مما يدخل تحت قدرتى. وفيه اشارة الى ان وقوع العذاب بمشيئة الله لا بالأعمال الموجبة للوقوع وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ بالهرب او بالمدافعة كما تدافعون فى الكلام قال الامام فان أحدا لا يعجزه اى يمنعه مما أراد يفعله والمعجز هو الذي يفعل ما عنده فيتعذر به مراد الغير فيوصف بانه أعجزه فقوله تعالى وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ اى لا سبيل لكم الى ان تفعلوا ما عندكم فيمتنع على الله تعالى ما يشاء من العذاب ان أراد انزاله بكم وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي النصح كلمة جامعة لكل ما يدور عليه الخير من فعل او قول وحقيقته الخاصة ارادة الخير والدلالة عليه ونقيضه الغش وقيل هو اعلام موضع الغى ليتقى وموضع الرشد ليقتفى إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق عليه والتقدير ان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى وهذه الجملة دالة على ما حذف من جواب قوله تعالى إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ والتقدير ان كان الله يريدان يغويكم فان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى. وفيه اشارة الى ان نصح الأنبياء ودعوتهم لا تفيد الهداية مع ارادة الله الغواية والكل بيد الله تعالى: قال الحافظ

مكن بچشم حقارت نگاه بر من مست

كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او

ص: 120

يقول الفقير قد سبق ان نوحا عليه السلام وصفهم بالجهل والجاهل لا ينفع فيه النصح والوعظ كما فى المثنوى

پند گفتن با جهول خوابناك

تخم افكندن بود در شوره خاك

چاك حمق وجهل نپذيرد رفو

تخم حكمت كم دهش اى پندگو

هُوَ رَبُّكُمْ خالقكم والمتصرف فيكم وفق إرادته وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم على أعمالكم لا محالة أَمْ يَقُولُونَ قوم نوح افْتَراهُ الضمير المستتر المرفوع لنوح عليه السلام والبارز للوحى الذي بلغه إليهم قُلْ يا نوح إِنِ افْتَرَيْتُهُ بالفرض البحت فهو لا يدل على انه كان شاكا بل هو قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول فَعَلَيَّ إِجْرامِي اى وبال اجرامى وهو كسب الذنب فالمضاف محذوف وان كنت صادقا فكذبتمونى فعليكم عقاب ذلك التكذيب فحذف لدلالة قوله تعالى وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ عليه اى من اجرامكم فى اسناد الافتراء الىّ فلا وجه لاعراضكم عنى ومعاداتكم لى. وفيه اشارة الى ان ذنوب النفس لا تنافى صفاء الروح ولا يتكدر الروح بها مادام متبرئا منها لكن كل من القوى يتكدر بما قارفه من ذنوب نفسه فالجهل يكدر الروح والميل الى ما سوى الله تعالى يكدر القلب والهوى يكدر النفس والشهوة تكدر الطبيعة فعلى العاقل تجلية هذه المرائى وتصقيلها له تعالى والتوجه الى الحضرة العلياء والعمل على وفق الهدى وترك المشتهيات قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة الإنسان. اما حيوانى وهم الذين غلب عليهم أوصاف الطبيعة واحوال الشهوة. واما شيطانى وهم الذين غلب عليهم أوصاف النفس واحوال الشيطنة. واما ملكى وهم الذين غلب عليهم أوصاف الروح واحوال الملكية. واما صاحب الجانبين وهم الذين استوى واشترك فيهم وصف الطبيعة والنفس ووصف الملكية والروح. واما رحمانى وهم الذين غلب عليهم وصف السر وحاله ثم الثلاثة الاول من يخرج منهم بالايمان من الدنيا فهم يدخلون الجنة بالفضل او بعد اقامة العدل وهم اصحاب اليمين وارباب الجمال ومن يخرج من الدنيا بلا ايمان فيدخلون الجحيم بالعدل وهم اصحاب الشمال وارباب الجلال والرابع من يخرج منهم بالايمان فهم اهل الأعراف والخامس هم ارباب الكمال السابقون المقربون وما منا الا له مقام معلوم ورزق مقسوم ثم الحيوانيون بعد ما خرجوا من الدنيا يحشرون مع الشياطين والملكيون يحشرون مع الملائكة واصحاب الجانبين يحشرون بين الطرفين والرحمانيون يحشرون مع قرب الرحمن قال عليه السلام (تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون) انتهى كلامه قال يحيى بن معاذ الرازي الناس ثلاثة اصناف. رجل شغله معاده عن معاشه. ورجل شغله معاشه عن معاده. ورجل مشتغل بهما جميعا فالاول درجة الفائزين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين وفى الحديث (ان لله خواص يسكنهم الرفيع من الجنان كانوا اعقل الناس) قالوا يا رسول الله كيف كانوا اعقل الناس قال (كان نهمتهم المسابقة الى ربهم والمسارعة الى ما يرضيه وزهدوا فى الدنيا وفى رياستها وفى فضولها ونعميها فهانت عليهم فصبروا قليلا واستراحوا طويلا)

تا كى غم دنياى دنى اى دل دانا

حيفست ز خوبى كه شود عاشق زشتى

ص: 121

وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ اى المصرين على الكفر وهو اقناط له عليه السلام من ايمانهم واعلام لكونه كالمحال الذي لا يصح توقعه إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ الا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه وقد للتوقع وقد أصابت محزها وقال المولى ابو السعود رحمه الله هذا الاستثناء على طريقة قوله تعالى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وقد سبق فى اواخر سورة النساء وقال سعدى المفتى ان قيل من قد آمن لا يحدث الايمان بل يستمر عليه فكيف صح اتصال الاستثناء قلنا قد تقرر ان لدوام الأمور المستمرة حكم الابتداء ولهذا لو حلف لا البس هذا الثوب وهو لا بسه فلم ينزعه فى الحال يحنث ومبنى الايمان على العرف وقال القطب العلامة إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ قد استعد للايمان وتوقع منه ولا يراد الايمان بالفعل والا لكان التقدير الا من قد آمن فانه يؤمن فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ هو تفتعل من البؤس ومعناه الحزن فى استكانة وهى الخضوع اى لا تحزن حزن بائس مستكين ولا تغتم بما كانوا يتعاطون من التكذيب والإيذاء فى هذه المدة الطويلة فقد انتهى أفعالهم وحان وقت الانتقام منهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (ان نوحا كان إذا جادل قومه ضربوه حتى يغشى عليه فاذا أفاق قال اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) انتهى ولما جاء هذا الوحى من عند الله تعالى دعا عليهم فقال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً: وفى المثنوى

ناحمولى انبيا را از امر دان

ور نه حمالست بدرا حلمشان

طبع را كشتند اندر حمل بد

ناحمولى گر كند از حق بود

قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أول ما يتخلق المتخلق بعدم التأذى بأذى الأنام باحتماله صبرا وواسطته ان لا يجدهم مؤذين لانه موحد فيستوى عنده المسيئ والمحسن فى حقه وخاتمته ان يرى المسيئ محسنا اليه فانه عالم بالحقائق متحقق بالتجلى الإلهي وهى بداية التحقيق والاشارة فى الآية ان نوح الروح لا يؤمن من قومه الا القلب والسر والبدن وجوارحه فاما النفس فانها لا تؤمن ابدا اللهم الا نفوس الأنبياء وخواص الأولياء فانها تسلم أحيانا دون الايمان وحال النفوس كاحوال الاعراب كقوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فان معدن الايمان القلوب ومظهر الإسلام النفوس لان الإسلام الحقيقي الذي قال تعالى فيه أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ هو ضوء قد انعكس من مرآة القلب المنور بنور الايمان فاما اسلام الاعراب إذ قال تعالى لهم ولما يدخل الايمان فى قلوبكم لم يكن ضوأ منعكسا من مرآة القلب المنور ولكن هو ضوء منعكس من النور المودع فى كلمة التوحيد والأعمال الصالحة عند إتيانها بالصدق علم ان ايمان الخواص ينزل من الحق تعالى بنظر عنايته على القلوب القابلة للفيض الإلهي بلا واسطة وايمان العوام يدخل فى قلوبهم من طريق الإقرار باللسان والعمل بالأركان فَلا تَبْتَئِسْ على نفوس السعداء بِما كانُوا يَفْعَلُونَ من اعمال الشر فانها لهم كالجسد للاكسير ينقلب ذهبا مقبولا عند طرح الروح فلذلك تنقلب اعمال الشر خيرا عند طرح التوبة عليها كما قال تعالى فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فَلا تَبْتَئِسْ على نفوس الأشقياء بِما كانُوا يَفْعَلُونَ لانها حجة الله على

ص: 122

شقاوتهم وبتلك السلاسل يسحبون فى النار على وجوههم كذا فى التأويلات النجمية وَاصْنَعِ الْفُلْكَ [چون فائده دعوت از ايشان منقطع كشته زمان نزول عذاب در رسيد حكم شد كه اى نوح ميان اجتهاد دربند وبساز كشتى را] والأمر للوجوب إذ لا سبيل الى صيانة الروح من الغرق الا به فيجب كوجوبها. واللام اما للعهد بان يحمل على ان هذا مسبوق بالوحى اليه انه سيهلككم بالغرق وينجيه ومن معه بشئ سيصنعه بامره تعالى ووحيه من شأنه كيت وكيت واسمه كذا واما للجنس والصنعة بالفارسية [كار كردن] والمراد هاهنا نجر الخشب اى نحته ليتحصل منه صورة السفينة بِأَعْيُنِنا العين ليست من الآلات التي يستعان بها على مباشرة العمل بل هى سبب لحفظ الشيء فعبر بها عنه مجازا وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة والكثرة اسباب الحفظ والرعاية فالاعين فى معنى محفوظا على انه حال من فاعل اصنع اى اصنعه محفوظا من ان يمنعك أحد من أعدائك عن ذلك العمل وإتمامه ومن ان تزيغ فى صنعته عن الصواب وقال الكاشفى [بأعيننا بنگاه داشتن ما يا با عين ملائكه كه مددكار وموكل تواند] يقول الفقير الاول انسب لما فى سورة الطور من قوله تعالى وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا اى فى حفظنا وحمايتنا بحيث نراقبك ونكلؤك واتحاد القضية ليس بشرط وَوَحْيِنا إليك كيف نصنعها وتعليمنا والهامنا اى موحى إليك كيفية صنعتها قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يعلم كيف صنعة الفلك فاوحى الله اليه ان يصنعها مثل جؤجؤ الطائر بالفارسية [چون سينه مرغ وبر او] فاخذ القدوم وجعل يضرب ولا يخطئ [ودر اخبار آمده كه نوح عليه السلام چوب كشتى بطلبيد فرمان برسيد تا درخت ساج بكاشت ودر مدت بيست سال كه درخت برسيد مطلقا هيچ فرزند متولد نشد تا أطفال قوم بالغ شدند وايشان نيز متابعت آبا كرده از قبول دعوت نوح أبا كردند پس نوح بساختن كشتى اشتغال فرمود] ونحتها فى سنتين واستأجر اجراء ينحتون معه وقيل فى اربعمائة سنة ومن الغرائب ما فى حياة الحيوان من ان أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام قال يا رب أمرتني ان اصنع الفلك وانا فى صناعته اصنع أياما فيجيئون بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يلتئم لى ما أمرتني به قد طال علىّ امرى فاوحى الله تعالى اليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل فاذا جاء قومه ليفسدوا بالليل ينبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة ويثب إليهم فينهزمون منه فالتأم ما أراد وفعل السفينة برشاد: وفى المثنوى

قابل تعليم وفهمست اين خرد

ليك صاحب وحي تعليمش دهد

جمله حرفتها يقين از وحي بود

أول او ليك عقل آنرا فزود

هيچ حرفت را ببين كين عقل ما

ماند او آموختن بي اوستا

گر چهـ اندر فكر موى اشكاف بد

هيچ پيشه رام بي اوستا نشد

وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع والذراع الى المنكب وعرضها خمسين ذراعا وسمكها اى ارتفاعها فى الهواء ثلاثين ذراعا وبابها فى عرضها او كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها

ص: 123

ستمائة ذراع كما قيل ان الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة يحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى الى كثيب من تراب فاخذ كفا من ذلك التراب فقال أتدرون من هذا قالوا الله ورسوله اعلم قال هذا كعب بن حام فضرب بعصاه وقال قم بإذن الله فاذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى أهكذا هلكت قال لا مت وانا شاب ولكنى ظننت انها الساعة فمن ثم شبت فقال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات طبقة للدواب والوحش وطبقة للانس وطبقة للطير ثم قال عد بإذن الله تعالى كما كنت فعاد ترابا قال فى الكواشي وطلاها بالقار فلما أتمها أنطقها الله فقالت لا اله الا الله فى الأولين والآخرين انا السفينة التي من ركبنى نجا ومن تخلف عنى هلك ولا يدخلنى الا اهل الايمان والإخلاص فقال قومه يا نوح هذا قليل من سحرك وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لا تراجعنى فيهم ولا تدعنى فى استدفاع العذاب عنهم. وفى وضع المظهر موضع المضمر تسجيل عليهم بالظلم ودلالة على انه انما نهى عن الدعاء لهم بالنجاة لتصميمهم على الظلم وان العذاب انما لحقهم لذلك إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ محكوم عليهم بالاغراق قد مضى به القضاء وجف القلم فلا سبيل الى كفه ولزمتهم الحجة فلم يبق الا ان يجعلوا عبرة للمعتبرين ومثلا للآخرين ويقال للذين ظلموا يعنى ابنه كنعان كما فى تفسير ابى الليث وزاد فى التبيان امرأته والعة او واعلة بالعين المهملة وهى أم كنعان يقول الفقير لعله هو الأصوب لانه روى ان الأرض صاحت وقال يا رب ما أحلمك على هؤلاء الكفرة يمشون على ظهرى ويأكلون رزقك ويعبدون غيرك ثم نطقت السباع كذلك فلما اشتد الأمر وعلم نوح انه لا يؤمن من قومه أحد بعد دعا عليهم بالهلاك فكيف يخاطب الله فيهم وفى نجاتهم. واما كنعان وامه فهما وان كانا كافرين لكن لا يسوى بينهما وبينهم من حيث ان الشفقة على الأهل والأولاد أشد وكان من شأنه المخاطبة فى حقهم ولذلك نهى عنها وسيجئ زيادة البيان فى ذلك قال فى التأويلات النجمية وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى النفوس فان الظلم من شيمتها انه كان ظلوما جهولا لانها تضع الأشياء فى غير موضعها تضع عبادة الحق فى هواها والدنيا وشهواتها وفى هذا الخطاب حسم مادة الطمع عن ايمان النفوس وفيه حكم يطول شرحها منها ترقى اهل الكمالات الى الابد فافهم جدا وان النفس مكمن مكر الحق حتى لا تأمن منها ومن صفاتها انهم مغرقون فى طوفان الفتن الا من سلمه الله منه والسلامة فى ركوب سفينة الشريعة فان نوح الروح ان لم يركبها كان من المغرقين انتهى. وفى الحديث (مثلى ومثل أمتي كمثل سفينة نوح من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق) : وفى المثنوى

بهر اين فرمود پيغمبر كه من

همچوكشتى أم بطوفان زمن

ما واصحابيم چون كشتى نوح

هر كه دست اندر زند يابد فتوح

چونكه با شيخى تو دور از زشتىء

روز وشب سيارى ودر كشتىء

مكسل از پيغمبر ايام خويش

تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش

گر چهـ شيرى چون روى ره بي دليل

خويش رو به در ضلالى وذليل

ص: 124

وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ينجرها وهى حكاية حال ماضية لاستحضار صورتها العجيبة وَكُلَّما اى يصنعها والحال انه كلما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ اشراف ورؤساء مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ استهزؤا به لعمله السفينة اما لانهم ما كانوا يعرفونها ولا كيفية استعمالها والانتفاع بها فقالوا يا نوح ما تصنع قال اصنع بيتا يمشى على الماء فتعجبوا من قوله وسخروا منه واما لانه كان يصنعها فى برية بهماء فى ابعد موضع من الماء فى وقت عزته عزة شديدة وكانوا يتضاحكون ويقولون يا نوح صرت نجارا بعد ما كنت نبيا ويقولون أتجعل للماء إكافا فاين الماء او لانه كان ينذرهم الغرق فلما طال مكثه فيهم ولم يشاهدوا منه عينا ولا اثرا عدوه من باب المحال ثم لما رأوا اشتغاله بأسباب الخلاص من ذلك فعلوا ما فعلوا ومدارا الجميع انكار ان يكون لعمله عاقبة حميدة مع ما فيه من تحمل المشاق العظيمة

من اگر نيكم وبد تو برو وخود را باش

هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت

قوله كلما ظرف وما مصدرية ظرفية تقديره وكل وقت مرور سخروا منه والعامل سخروا منه قالَ استئناف كأن سائلا سأل فقال فما صنع نوح عند بلوغ اذاهم الغاية فقيل قال إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا [اگر سخريه وأفسوس ميكنيد با ما] فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة قال المولى ابو السعود رحمه الله اى نعاملكم معاملة من يفعل ذلك لان نفس السخرية مما لا يكاد يليق بمنصب النبوة انتهى يقول الفقير المقصود من هذه السخرية إصابة جزاء السخرية وكل أحد انما يجازى من جنس عمله لا من خلاف جنسه ألا ترى الى قوله تعالى فى حق الصائمين كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ فانه يقال لهم يوم القيامة كلوا يا من جوعوا بطونهم واشربوا يا من عطشوا أكبادهم ولا يقال كلوا يا من قطعوا الليل واشربوا يا من ثبتوا يوم الزحف إذ ليس فيه المناسبة بين العمل وجزائه فالآية نظير قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ألا ترى الى ما قال فى الجزاء فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ثم تمم بقوله هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ وفى الآية اشارة الى ان اهل النفس وتابعي هواها يستهزئون بمن يستعمل اركان الشريعة الظاهرة ويضحكون منهم فى اتعابهم بها نفوسهم إذ هم بمعزل عن اسرارها وأنوارها فان سخروا منهم بجهلهم لفائدة هذه السفينة فسوف يسخر بهم من ركبها إذ نجوا وهلكوا قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب الله تعالى فكذلك العارف الغير العامل والغافل الغير العامل سواء فى كونهما مردودين عن باب الله تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والفلاح ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجرد هما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية انتهى كلامه المقبول المفيد

كارى كنيم ور نه حجالت برآورد

روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم

قال السعدي قدس سره

ص: 125

كنون كوش كآب از كمر درگذشت

در وقت سيلابت از سر گذشت

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ عبارة عنهم وهى اما استفهامية فى حيز الرفع او موصولة فى محل النصب بتعلمون وما فى حيزها ساد مسد المفعولين قال سعدى المفتى من موصولة ويعدى تعلمون الى واحد استعمالا لها استعمال عرف فى التعدية الى واحد يَأْتِيهِ عَذابٌ وهو عذاب الغرق يُخْزِيهِ يهينه ويذله وصف العذاب بالاخزاء لما فى الاستهزاء والسخرية من لحوق الخزي والعار عادة وَيَحِلُّ عَلَيْهِ حلول الدين الذي لا انفكاك عنه ففى الكلام استعارة مكنية حيث شبه العذاب الأخروي الذي قضى الله تعالى به فى حقهم بالدين المؤجل الواجب الحلول واثبت له الحلول الذي هو من لوازمه عَذابٌ مُقِيمٌ دائم هو عذاب النار حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا للتنور بالفوران او للحساب بالإرسال وحتى هى التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية وهى مع ذلك غاية لقوله ويصنع فان كونها حرف ابتداء لا ينافى كون ما بعدها غاية لما قبلها. والمعنى وكان يصنعها الى ان جاء وقت الطوفان وَفارَ التَّنُّورُ [وبجوشيد آب از تنور] والتنور اسم أعجمي عربته العرب لان اصل بنائه تنر وليس فى كلام العرب نون قبل راء ذكره القرطبي اى نبع منه الماء وارتفع بشدة كما يفور القدر بغليانها. والتنور تنور الخبز لاهله وهو قول الجمهور- روى- انه قيل لنوح إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب ومن معك فى السفينة فلما نبع الماء أخبرته امرأته فركب وقيل كان تنور آدم وكان من حجارة فصا الى نوح وانما نبع منه وهو ابعد شىء من الماء على خرق العادة واختلفوا فى مكان التنور ايضا فقيل كان فى الكوفة فى موضع مسجدها عن يمين الداخل مما يلى باب الكنيسة وكان عمل السفينة فى ذلك الموضع وفى القاموس الغارقون مسجد الكوفة لان الغرق كان فيه وفى زاوية له فار التنور وقيل فى الهند وقيل فى موضع بالشام يقال له عين وردة وقيل التنور وجه الأرض او اشرف موضع فى الأرض اى أعلاه وعن على رضى الله عنه فار التنور طلع الفجر قُلْنَا جواب إذا وان جعلت حتى جارة متعلقة بيصنع فاذا ليست بشرطية بل مجرورة بحتى وقلنا استئناف احْمِلْ فِيها الضمير راجع الى الفلك والتأنيث باعتبار السفينة مِنْ كُلٍّ اى من كل نوع من الحيوانات لا بد منه فى الأرض زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ مفعول احمل واثنين صفة مؤكدة له وزيادة بيان كقوله تعالى لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ والزوجان عبارة عن كل اثنين لا يستغنى أحدهما عن الآخر ويقال لكل واحد منهما زوج يقال زوج خف وزوج نعل قال فى الإرشاد الزوج ما له شماكل من نوعه فالذكر زوج للانثى كما هى زوج له وقد يطلق على مجموعهما فيقابل الفرد ولا زالة ذلك الاحتمال قيل اثنين كل منهما زوج الآخر وقدم ذلك على اهله وسائر المؤمنين لانه انما يحمل بماشرة البشر وهم انما يدخلونها بعد حملهم إياه- روى- ان نوحا قال يا رب كيف احمل من كل زوجين اثنين فحشر الله اليه السباع والطير فجعل يضرب يديه فى كل جنس فيقع الذكر فى يده اليمنى والأنثى فى اليسرى فيجعلهما فى السفينة قال الحسن لم يحمل فى السفينة الا ما يلد ويبيض واما ما يتولد من التراب كالحشرات والبق والبعوض فلم يحمل منه شيأ قال الشيخ السمرقندي فى بحر الكلام وأول ما حمل نوح الذرة وآخر ما حمله الحمار فلما دخل صدره

ص: 126

تعلق إبليس بذنبه فلم يستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح ادخل والشيطان معك فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال نوح ما أدخلك علىّ يا عدو الله قال ألم تقل ادخل والشيطان معك قال اخرج عنى يا عدو الله قال مالك بدّ من ان تحملني معك وكان فيما يزعمون فى ظهر الفلك انتهى وقال فى التبيان ان إبليس أراد ان يدخل السفينة فلم يمكن ان يدخل من غير اذن فتعلق بذنب حمار وقت دخوله فى السفينة فلم يدخل الحمار فى السفينة فالح عليه نوح عليه السلام فقال نوح للحمار ادخل يا ملعون فدخل الحمار السفينة ودخل معه إبليس فلما كان بعد ذلك رأى نوح إبليس فى السفينة فقال له دخلت السفينة بغير امرى فقال له إبليس ما دخلت الا

بأمرك فقال له فانا ما امرتك فقال أمرتني حين قلت للحمار ادخل يا ملعون ولم يكن ثمه ملعون الا انا فدخلت فتركه وفى الحديث (إذا سمعتم نهاق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فانها رأت شيطانا وإذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فانها رأت ملكا) قالوا صوت كل حيوان تسبيح منه الا الحمار فان صوته من رؤية الشيطان وذلك يدل على كمال دناءته فى نفسه ولذا تعلق الشيطان بذنبه وجاء صديقاله واما الديك فهو عدوله لانه يصبح فى اوقات الصلاة عند استماع صوت ديك العرش ولا بعد فى تفاوت الحيوانات العجم كالانسان وقد صح ان البغال كانت اسرع الدواب فى نقل الحطب لنار ابراهيم عليه السلام ولذلك دعا عليها فقطع الله نسلها وان الوزغ كان ينفخ فى ناره ولذا ورد (من قتل وزغة فى أول ضربة كتبت له مائة حسنة) قال فى حياة الحيوان إذا ذبح الديك الأبيض الأفرق أحد لم يزل ينكب فى اهله وماله وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال لما ركب نوح عليه السلام فى السفينة رأى فيها شيخا لم يعرفه فقال له نوح ما أدخلك قال دخلت لا صيب قلوب أصحابك فيكون قلوبهم معى وأبدانهم معك قال نوح اخرج يا عدو الله فقال إبليس خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاث ولا أحدثك باثنتين فاوحى الى نوح انه لا حاجة بك الى الثلاث مره يحدثك بالثنتين قال الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما والحرص أبيح لآدم الجنة كلها فاصبت حاجتى منه بالحرص: وفى المثنوى

حرص تو در كار بد چون آتشست

اخگر از رنگ خوش آتش خوشست

آن سياهئ فحم در آتش نهان

چون شد آتش آن سياهى شد عيان

اخگر از حرص تو شد فحم سياه

حرص چون شد ماند آن فحم تباه

آن زمان آن فحم اخگر مينمود

آن نه حسن كار نار حرص بود

حرص كارت را بيارائيده بود

حرص رفت وماند كار تو كبود

وقيل ان الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا احملنا فقال أنتما سبب الضرر والبلاء فلا احملكما قالتا احملنا فنحن نضمن لك ان لا نضر أحدا فمن قرأ حين خاف مضرتهما سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ما ضرتاه وعن وهب بن منبه امر نوح بان يحمل من كل زوجين اثنين قال يا رب كيف اصنع بالأسد والبقرة وبالعناق والذئب وبالحمام والهرة قال يا نوح من القى بينهم العداوة قال أنت يا رب قال فانى اؤلف بينهم حتى يتراضوا وعن ابن عباس رضى الله عنهما كثر الفار فى السفينة

ص: 127

حتى خافوا على حبال السفينة فاوحى الله تعالى الى نوح ان امسح جبهة الأسد فمسحها فعطس فخرج منها سنوران فأكلا الفار وكثرت العذرة فى السفينة فشكوا الى نوح فاوحى الله تعالى ان امسح ذنب الفيل فمسحه فخرج منه خنزيران فاكلا العذرة وفى خبر آخر خنزير واحد ودل خبر وهب على ان الهرة كانت من قبل وهذا الخبر على انها لم تكن من قبل الا ان يقال ان قصة التأليف وقعت بعد خروج الهرة من انف الأسد والله اعلم وَأَهْلَكَ عطف على زوجين والمراد امرأته المؤمنة فانه كان له امرأتان أحدهما مؤمنة والاخرى كافرة وهى أم كنعان وبنوه ونساؤهم إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بانه من المغرقين بسبب ظلمهم والمراد به ابنه كنعان وامه واعلة فانهما كانا كافرين والاستثناء منقطع ان أريد بالأهل الأهل ايمانا وهو الظاهر لقوله تعالى إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ او متصل ان أريد به الأهل قرابة ويكفى فى صحة الاستثناء المعلومية عند المراجعة الى أحوالهم والتفحص عن أعمالهم وجيئ بعلى لكون السابق ضارا لهم كما جيئ باللام فيما هو نافع لهم فى قوله تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ وقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى وَمَنْ آمَنَ عطف على وأهلك اى واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم وافراد الأهل منهم للاستثناء المذكور وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ [وايمان نياورده بودند وموافقت نكرده با نوح مكر اندكى از مردمان]- روى- عن النبي عليه السلام انه قال كانوا ثمانية نوح واهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم قال العتبى قرأت فى التوراة ان الله تعالى اوحى اليه ان اصنع الفلك وادخل أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شىء من الحيوان زوجان اثنان فانى منزل المطر أربعين يوما وليلة فأتلف كل شىء خلقته على وجه الأرض وعن مقاتل كانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وأولاد نوح ونساؤهم فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان فى سفينة نوح ثمانون رجلا وامرأة أحدهم جرهم يقال ان فى ناحية الموصل قرية يقال لها قرية الثمانين سميت بذلك لانهم لما خرجوا من السفينة بنوها فسميت بهم والاشارة حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وهو حد البلاغة التي يكون العبد مأمورا بالركوب على سفينة الشريعة وَفارَ التَّنُّورُ اى يفور ماء الشهوة من تنور القالب قُلْنَا احْمِلْ فِيها فى سفينة الشريعة مِنْ كُلٍّ صفة من صفات النفس زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اى كل صفة وزوجها كالشهوة وزوجها العفة. والحرص وزوجه القناعة. والبخل وزوجه السخاوة والغضب وزوجه الحلم. والحقد وزوجه السلامة. والعداوة وزوجها المحبة. والتكبر وزوجه التواضع والتأنى وزوجه العجلة وَأَهْلَكَ اى واحمل معك أهلك صفات الروح إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ من النفس وَمَنْ آمَنَ اى آمن معك من القلب والسر وَما آمَنَ مَعَهُ غالبا إِلَّا قَلِيلٌ من صفات القلب فيه اشاره الى ان كل ما كان من هذه الصفات وأزواجها فى معزل عن سفينة الشريعة فهو غريق فى طوفان الفتن وهذا رد على الفلاسفة والإباحية فانهم يعتقدون ان من أصلح أخلاقها الذميمة وعالجها بضدها من الأخلاق الحميدة فلا يحتاج الى الركوب فى سفينة الشرع ولا يعلمون ان الإصلاح والعلاج إذا صدرا من طبيعة لا يفيد ان النجاة لان الطبيعة لا تعلم كيفية الإصلاح والعلاج ولا مقدار تزكية النفس وتحليتها وان كانت الطبيعة

ص: 128

واقفة على صلاح النفس وفسادها لعالجتها فى ابتداء أمرها وما كانت النفس محتاجة الى طبيب عالم بالامراض ومعالجتها وهم الأنبياء عليهم السلام حيث قال هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ ليعلموا المرض من الصحة والداء من الدواء وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والحكمة فبالتزكية عن الصفات الطبيعية يستحقون تحلية اخلاق الشريعة الربانية كذا فى التأويلات النجمية وَقالَ اى نوح لمن معه من المؤمنين بعد إدخال ما امره بحمله فى الفلك من الأزواج قال الكاشفى [نوح ايشانرا بنزديك كشتى آورد وسرپوشى كه ترتيب داده بود بالاى كشتى پوشيد واز زمين آب عذاب جوشيدن كرفت واز آسمان آب بلا فرود آمدن آغاز كرد]- وروى- انه حمل معه تابوت آدم وجعله معترضا بين الرجال والنساء ارْكَبُوا فِيها اى فى السفينة وهو متعلق باركبوا وعدى بفي لتضمنه معنى ادخلوا وصيروا فيها راكبين قال فى الإرشاد الركوب العلو على الشيء المتحرك ويتعدى بنفسه واستعماله هنا بكلمة فى ليس لان المأمور به كونهم فى جوفها لا فوقها كما ظن فان اظهر الروايات انه عليه السلام جعل الوحوش والسباع والهوام فى البطن الأسفل من الطبقات الثلاث للسفينة والانعام والدواب فى الأوسط وركب هو ومن معه مع ما يحتاجون اليه من الزاد فى الأعلى بل رعاية لجانب المحلية والمكانية فى الفلك والسر فيه ان معنى الركوب العلو على شىء له حركة اما ارادية كالحيوان او قسرية كالسفينة والعجلة ونحوهما فاذا استعمل فى الاول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وان استعمل فى الثاني يلوح لمحلية المفعول بكلمة فى فيقال ركبت فى السفينة قيل انهم ركبوا السفينة يوم العاشر من رجب وكان يوم الجمعة فاتت السفينة البيت فطافت اسبوعا فسارت بهم مائة وخمسين يوما واستقرت بهم على الجودي شهرا وكان خروجهم من السفينة يوم عاشوراء من محرم بِسْمِ اللَّهِ متعلق باركبوا حال من فاعله اى اركبوا مسمين الله او قائلين بسم الله قال سعدى المفتى كان اصل التقدير ملتبسين او متبركين باسم الله وهو تأويل مسمين الله او قائلين بسم الله وعلى التقديرين فهو حال مقدرة لان وقت الجري والارساء بعد الركوب مَجْراها بفتح الميم من جرى وبكسر الراء على الامالة نصب على الظرفية اى وقت جريها وَمُرْساها اى وقت ارسائها وحبسها وثبوتها وقال فى الكواشي بسم الله مجراها خبر ومبتدأ ومرساها عطف عليه اى بسم الله اجراؤها وارساؤها فكان عليه السلام إذا أراد ان تجرى قال بسم الله فجرت وإذا أراد ان ترسو قال بسم الله فرست ومجراها ضما وفتحا مصدر أجريته وجريت به لغتان بمعى كاذهبته وذهبت به ومرساها بضم الميم من ارست السفينة ترسى وقفت انتهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ للذنوب والخطايا رَحِيمٌ لعباده ولهذا نجاكم من هذه الداهية ولولا ذلك لما فعله وفيه دلالة على ان نجاتهم ليست بسبب استحقاقهم لها بل بمحض فضل الله وغفرانه ورحمته على ما عليه رأى اهل السنة- حكى- ان عجوزا مرت على نوح وهو يصنع السفينة وكانت مؤمنة به فسألته عما يصنعه فقال ان الله تعالى سيهلك الكفار بالطوفان وينجى المؤمنين بهذه السفينة فاوصت ان يخبرها نوح إذا جاء وقتها لتركب فى السفينة من

ص: 129

المؤمنين فلما جاء ذلك الوقت اشتغل نوح بحمل الخلق فيها ونسى وصية العجوز وكانت بعيدة منه ثم لما وقع ما وقع من إهلاك الكفار ونجاة المؤمنين وخرجوا من السفينة جاءت اليه تلك العجوز فقالت يا نوح انك قلت لى سيقع الطوفان ألم يأن ان يقع قال قد وقع وكان امر الله مفعولا وتعجب من امر العجوز فان الله تعالى قد أنجاها فى بيتها من غير ركوب السفينة ولم تر الطوفان قط وهكذا حماية الله تعالى لعباده المؤمنين وقد صح عن بعض اهل الكشف ان موضع الجامع الكبير فى بلدة بروسه كان بيتا للعجوز المذكورة كما فى الواقعات المحمودية: وفى المثنوى

كاملان از دور نامت بشنوند

تا بقعر باد وبودت در روند «1»

بلكه پيش از زادن تو سالها

ديده باشندت ترا با حالها

هر كسى اندازه روشن دلى

غيب را بيند بقدر صيقلى «2»

والاشارة ان سفينة الشريعة معمولة للنجاة لراكبيها من طوفان فتن النفس والدنيا والأمر بالركوب فى قوله تعالى ارْكَبُوا فِيها يشير الى كشف سر من اسرار الشريعة وهو ان من ركب سفينة الشرع بالطبع وتقليد الآباء والاستاذين لم ينفعه للنجاة الحقيقية كما ركب المنافقون بالطبع لا بالأمر فلم ينفعهم وكما ركب إبليس فى سفينة نوح فلم ينفعه وانما النجاة لمن ركب فيها بالأمر وحفظا لادب المقام قال بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها اى يكون مجريها من الله ومرساها الى الله كقوله أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ بالنجاة لمن ركبها رَحِيمٌ لمن ركبها بالأمر لا بالطبع كذا فى التأويلات النجمية وَهِيَ اى الفلك تَجْرِي حكاية حال ماضية بِهِمْ حال من فاعل تجرى اى وهم فيها اى ملتبسة بهم ولك ان تجعل الباء للتعدية يقال أجريته وجريت به كأذهبته وذهبت به فالمعنى بالفارسية [همى برد ايشانرا] والجملة عطف على محذوف دل عليه الأمر بالركوب اى فركبوا فيها مسمين وهى تجرى بهم فِي خلال مَوْجٍ يعنى موج الطوفان والطوفان من كل شىء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كالمطر الغالب فى هذا المقام. والموج جمع موجة وهو ما ارتفع من الماء إذا اشتد عليه الريح كَالْجِبالِ شبه كل موجة من ذلك بالجبل فى عظمها وارتفاعها على الماء وتراكمها وظاهره يدل على ان السفينة تجرى داخل الموج ولكن المراد ان الأمواج لما أحاطت السفينة من الجوانب شبهت بالتي تجرى فى داخل الأمواج فان قلت ان الماء ملأ ما بين السماء والأرض وإذا كان كذلك لم يتصور الموج فيه فما معنى جريها فيه قلت هذا الجريان كان قبل ان يغمر الطوفان الجبال ثم كانت السفينة تجرى فى جوف الماء كما تسبح السمكة كما قالوا ولا يلزم الغرق لان الله تعالى قادر على إمساك الماء عن الدخول فى السفينة ألا ترى الى الحوت الذي اتخذ سبيله فى البحر سربا [يعنى هر جا كه ماهى ميرفت اب بالاى ومرتفع مى ايستاد] ومثله من الخوارق فلق البحر لموسى عليه السلام وقومه وجعله تعالى فى الماء كوى متعددة وَنادى [وآواز داد] نُوحٌ ابْنَهُ قيل اسم ابنه كنعان وقيل يام واختلفوا ايضا فى انه كان ربيبه او ابنه لظهره فذهب اكثر علماء

(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان دريافتن طبيبان الهى امراض دل إلخ

(2)

در اواخر دفتر چهارم در بيان تفسير آيه كريمه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ إلخ [.....]

ص: 130

الرسوم الى الاول لان ولد الرسول المعصوم يستبعد ان يكون كافرا ولقراءة على رضى الله عنه ابنها على ان يكون الضمير لامرأته واعلة بالعين المهملة او والعة كما فى التبيان ولقوله إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي دون ان يقول منى. وذهب بعضهم وجمهور علماء الحقيقة قدس الله أسرارهم الى الثاني لقوله تعالى ابْنَهُ وقول نوح يا بُنَيَّ يقول الفقير اما قولهم ولد الرسول يستبعد ان يكون كافرا فمنقوض بابن آدم وهو قابيل والله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وعلى هذا تدور حكمته فى مظاهر جلاله وجماله وإذا ثبت ان والدي الرسول ووالد ابراهيم عليهما الصلاة والسلام كانوا كافرين فكيف يبعد ان يكون ولد نوح كافرا. واما قراءة على رضى الله عنه فانما أسند فيها الابن الى الام لكونها كافرة مثله عادلة عن طريقة نوح فحق ان ينسب الكافر الى الكافر لا الى المؤمن لا لانه اى عليا اعتبر قوله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ فانه وهم. واما قوله إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فلمواقفة قوله تعالى وَأَهْلَكَ كما لا يخفى فان قيل انه عليه السلام لما قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً كيف ناداه مع كفره أجيب بان شفقة الابوة لعلها حملته على ذلك النداء. والذي تقدم من قوله إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ كان كالمجمل فلعله جوز ان لا يكون هو داخلا فيه كذا فى حواشى ابن الشيخ وَكانَ ابنه فِي مَعْزِلٍ مكان منقطع عن نوح وعن دينه لكونه كافرا كما فى الكواشي وقال فى الإرشاد اى فى مكان عزل فيه نفسه عن أبيه واخوته وقومه بحيث لم يتناوله الخطاب باركبوا واحتاج الى النداء المذكور وهو فى محل النصب على انه حال من ابنه والحال يأتى من المنادى لانه مفعول به. والمعزل بكسر الزاى اسم لمكان العزل وهو التنحية والابعاد يقال عزله عنه إذا أبعده [پس از فرط شفقت كفت] يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا بإدغام الباء فى الميم لتقاربهما فى المخرج [اى پسرك من سوار شو در كشتى با ما تا ايمن شوى] ولم يقل اركب فى الفلك لتعينها مع إغناء المعية عن ذكرها وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فتهلك مثلهم اى لا تكن معهم فى المكان وهو وجه الأرض خارج الفلك لا فى الدين وان كان ذلك مما يوجبه كما يوجب ركوبه معه كونه معه فى الايمان لانه عليه السلام بصدد التحذير عن المهلكة فلا يلائمه النهى عن الكفر كذا فى الإرشاد يقول الفقير الذي يلوح ان المعنى وكان فى معزل اى بمكان عزل فيه نفسه عن أبيه بناء على ظن ان الجبل يعصمه من الغرق يا بنى اركب معنا بان تؤمن بالله ونعوت جماله وجلاله ولا تكن مع الكافرين اى منهم لانه إذا كان معهم مصاحبا لهم فقد كان منهم وبعضهم كقوله تعالى وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فان قلت قوله تعالى وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ يقطع رجاء الايمان فكيف نادى نوح ابنه فى إيمانه قلت ذلك ليس بنص فى حق ابنه مثل قوله إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مع ان من شأن الكمل انه لا يستحيل عندهم مطلوب الى ان يخبرهم الحق بأخبار مخصوص فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالة حصول ذلك المطلوب كحال موسى عليه السلام فى طلب الرؤية لما اخبر بتعذر ذلك تاب وآمن قالَ ابنه سَآوِي اصيرو التجئ إِلى جَبَلٍ من الجبال يَعْصِمُنِي يمنعنى بارتفاعه مِنَ الْماءِ فلا أغرق ولا أومن ولا اركب السفينة زعما منه ان ذلك

ص: 131

كسائر المياه والسيول المعتادة التي ربما يتقى منها بالصعود الى الربى وجهلا بان ذلك انما كان لإهلاك الكفرة ان لا محيص من ذلك سوى الالتجاء الى ملجإ المؤمنين قالَ نوح لا عاصِمَ ذاتا وصفة الْيَوْمَ زاد اليوم تنبيها على انه ليس كسائر الأيام التي تقع فيها الوقائع التي ربما يخلص من ذلك بالالتجاء الى بعض الأسباب مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى عذابه الذي هو الطوفان وفيه تنبيه لابنه على خطاه فى تسميته ماء وتوهمه انه كسائر المياه التي يتفصى منها بالهرب الى بعض الامكنة المرتفعة وتمهيد لحصر العصمة فى جنابه عز جاره بالاستثناء كأنه قيل لا عاصم من امر الله الا هو وانما قيل إِلَّا مَنْ رَحِمَ اى الا الراحم وهو الله تعالى تفخيما لشأنه الجليل بالإبهام ثم التفسير وبالإجمال ثم التفصيل واشعارا بعلية رحمته

فى ذلك بموجب سبقها على غضبه فهو استثناء متصل وعاصم على معناه وقيل بمعنى المعصوم كقوله تعالى مِنْ ماءٍ دافِقٍ اى مدفوق وعيشة راضية بمعنى مرضية اى لا معصوم من عذاب الله الا من رحم الله وقيل لا عاصم بمعنى لاذا عصمة على حذف المضاف على ان يكون بناء النسبة وذو عصمة يطلق على عاصم وعلى معصوم والمراد هنا المعصوم فهو مصدر من عصم المبنى للمفعول ويكون من رحم بمعنى المرحومين والاستثناء متصلا كالاولين لان المرحوم من جنس المعصوم وَحالَ [وحائل شد] بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ اى بين نوح وبين ابنه فانقطع ما بينهما من المجاوبة فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ من المهلكين بالماء وفيه دلالة على هلاك سائر الكفرة على ابلغ وجه فكان ذلك امرا مقرر الوقوع غير مفتقر الى البيان وفى إيراد كان دون صار مبالغة فى كونه منهم: وفى المثنوى

همچوكنعان كآشنا ميكرد او

كه نخواهم كشتىء نوح عدو

هين بيا در كشتى بابا نشين

تا نكردى غرق طوفان اى مهين

كفت نى من آشنا آموختم

من بجز شمع تو شمع افروختم

هين مكن كين موج طوفان بلاست

دست و پاى آشنا امروز لاست

باد قهرست وبلاي شمع كش

جز كه شمع حق نمى بايد خمش

كفت مى رفتم بران كوه بلند

عاصمست آن كه مرا از هر كزند

هين مكن كه كوه كاهست اين زمان

جز حبيب خويش را ندهد أمان

كفت من كى پند تو بشنوده ام

كه طمع كردى كه من زين دوده ام

خوش نيامد كفت تو هركز مرا

من برى ام از تو در هر دو سرا

اين دم سرد تو در كوشم نرفت

خاصه اكنون كه شدم دانا وزفت

كفت بابا چهـ زيان دارد اگر

بشنوى يكبار تو پند پدر

همچنين مى كفت او پند لطيف

همچنان ميكفت او دفع عنيف

نى پدر از نصح كنعان سير شد

نى دمى در كوش ان ادبير شد

اندرين كفتن بدند وموج تيز

بر سر كنعان زد وشد ريز ريز

وقيل انه بنى قبة فى أعلى الجبل وسدها عليه حتى لا يدخل فيها ماء فجاءه البول فبال داخل

ص: 132

القبة فما برح البول يتزايد حتى غرق فيه والكفار غرقوا بالماء- روى- عن ابن عباس انه قال أمطرت السماء أربعين يوما وليلة وخرج ماء الأرض كذلك وذلك قوله تعالى فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ فارتفع الماء على أطول جبل فى الأرض بخمسة عشر زراعا او بثلاثين او بأربعين وطافت بهم السفينة الأرض كلها فى خمسة أشهر لا تستقر على شىء حتى أنت الحرم فلم تدخله ودارت حول الحرم اسبوعا وقد أعتق الله البيت من الغرق كما فى بحر العلوم وقال فى تفسير ابى الليث ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام الى السماء السادسة وهو البيت المعمور واستودع الحجر الأسود أبا قبيس الى زمن ابراهيم عليه السلام وسمى أبا قبيس باسم رجل من جرهم اسمه قبيس هلك فيه كما فى انسان العيون قال الحكيم خرج قوس قزح بعد الطوفان أمانا لاهل الأرض من ان يغرقوا جميعا وسمى به لانه أول مارؤى فى الجاهلية على قزح جبل بالمزدلفة او لان قزح هو الشيطان ومن ثمة قال على رضى الله عنه لا تقل قوس قزح لان قزح هو الشيطان ولكنها قوس الله هى علامة كانت بين نوح وبين ربه تعالى وهى أمان لاهل الأرض من الغرق كما فى الصواعق لابن حجر قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة واحدة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل وفى الحديث (سألت ربى ثلاثا) اى ثلاث مسائل (فاعطانى اثنتين ومنعنى واحدة سألت ربى ان لا يهلك أمتي بالسنة) اى القحط أراد به قحطا يعم أمته (فاعطانيها وسألته ان لا يجعل بأسهم بينهم) أراد بها الحرب والفتن (فمنعنيها) وفى التأويلات النجمية وَهِيَ تَجْرِي يعنى سفينة الشريعة بِهِمْ بمن ركبها بالأمر فِي مَوْجٍ اى موج الفتن كَالْجِبالِ من عظمتها وَنادى نُوحٌ الروح ابْنَهُ كنعان النفس المتولدة بينه وبين القلب وَكانَ فِي مَعْزِلٍ من معرفة الله وطلبه يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا سفينة الشريعة وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ من الشياطين المتمردة والا بالسنة الملعونة المطرودة قالَ يعنى كنعان النفس سَآوِي إِلى جَبَلٍ اى جبل العقل يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ من ماء الفتن قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يعنى إذا نبع ماء الشهوات من ارض البشرية ونزول ماء ملاذ الدنيا وفتنها من سماء القضاء لا يتخلص منه الا بسفينة الشريعة فلا عاصم منه غيرها وذلك قوله إِلَّا مَنْ رَحِمَ اى يرحمه الله بالتوفيق للاعتصام بسفينة الشريعة وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ اى بين كنعان النفس المعتصم بجبل العقل وبين العقل موج الشهوات النفسانية الحيوانية وفتن زخارف الدنيا فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ يعنى كل نفس لا تعتصم بسفينة الشريعة وتريد ان تعتصم بجبل العقل لتتخلص به من طوفان الفتن المهلكة كما هو حال الفلاسفة لا يتهيأ له متمناه وهو من الهالكين: وفى المثنوى

پس بكوشى وباخر از كلال

خود بخود كوئى كه العقل عقال

همچوآن مرد مفلسف روز مرك

عقل را مى ديدى پس بى بال وبرك

بى غرض ميكرد آن دم اعتراف

كز زكاوت را ندايم اسب از كزاف

از غرورى سر كشيديم از رجال

آشنا كرديم در بحر خيال

ص: 133

آشنا هيچست اندر بحر روح

نيست آنجا چاره جز كشتىء نوح

همچوكنعان سوى هر كوهى مرو

از نبى لا عاصم اليوم شنو

مى نمايد پست آن كشتى ز بند

مى نمايد كوه فكرت پس بلند

در بلندى كوه فكرت كم نكر

كه يكى موجش كند زير وزبر

كر تو كنعانى ندارى باورم

كرد وصد چندين نصيحت آورم

كوش كنعان كى پذيرد اين كلام

كه بر او مهر خدايست وختام

آخر اين اقرار خواهى كرد هين

هم ز أول روز آخر را ببين

هر كه آخر بين بود مسعود بود

نبودش هر دم بره رفتن عثور

كر نخوائى هر دمى اين خفت وخيز

كن ز خاك پاى مردى چشم تيز

وقال الحافظ

يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح

هست خاكى كه بابى نخرد طوفانرا

ومن اللطائف المناسبة لهذا المحل ما قال خسرو دهلوى

ز درياى شهادت چون نهنك لا بر آرد سر

نيم فرض كردد نوح را در وقت طوفانش

قوله [ز درياى شهادت] هو قول المؤمنين اشهد [چون نهنك لا برآرد سر] هو ارتفاع لا والمراد من التميم الضربتان ضربة الا وضربة الله. والمراد من نوح اللسان ومن الفم السفينة وطوفانه تلفظه بان لا اله الا الله وإذا قال اشهد ان لا اله الا الله رفع لا رأسه من بحر الشهادة ووقع الطوفان على اللسان فوجب عليه هاتان الضربتان فاذا ضربهما نجا وان لم يضربهما ووقف ساعة غرق فى بحر الطوفان والوقف كفر كذا شرحه حضرة الشيخ بالى الصوفيوى شارح الفصوص قدس سره وَقِيلَ بنى على المفعول كأخواته الآتية لتعين الفاعل وهو الله تعالى إذ لا يقدر أحد غيره على مثل هذا القول البدائع والفعل العجيب اى قال الله تعالى بعد مدة الطوفان تنزيلا للارض والسماء منزلة من له صلاحية النداء يا أَرْضُ قدم امر الأرض على امر السماء لابتداء الطوفان منها ابْلَعِي اى انشفى فان البلع حقيقة إدخال الطعام فى الحلق بعمل الجاذبة فهو استعارة لغور الماء فى الأرض ووجه الشبه الذهاب الى مقرّ خفى يقال نشف الثوب العرق بكسر الشين اى شربه. وفيه دلالة على انه ليس كالنشف المعتاد التدريجي ماءَكِ اى ما على وجهك من ماء الطوفان دون المياه المعهودة فيها من العيون والأنهار وانما لم يقل ابلعي بدون المفعول لئلا يستلزم تركه ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال والتلال والبحار وساكنات الماء بأسرهن نظرا الى مقام ورود الأمر الذي هو مقام عظمة وكبرياء كذا فى المفتاح يقول الفقير تفسير الإرشاد يدل على ان الماء المضاف الى الأرض مجموع الماء الذي خرج من بطنها ونزول من السماء والظاهر الذي لا محيص عنه انه ماء الأرض بخصوصه فانها لما نشفته صار ما نزل من السماء هذه البحور على ما فى تفسير التيسير ثم رأيت فى بعض الكتب المعتبرة ما يوافق هذا وهو ان الله تعالى لما نزل الطوفان على قوم نوح عليه السلام انزل عليهم

ص: 134

المطر من السماء أربعين يوما بمياه كثيرة وامر عيون الأرض فانفجرت فكان الماءان سواء فى اللين غير ان ماء السماء كان مثل الثلج بياضا وبردا وماء الأرض مثل الحميم حرارة حتى ارتفع الماء على أعلى جبل فى الدنيا ثمانين ذراعا ثم امر الأرض فابتعلت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض فهذه البحور التي على وجه الأرض منها واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده انتهى وَيا سَماءُ أَقْلِعِي اى أمسكي عن إرسال المطر يقال اقلع الرجل عن عمله إذا كف وأقلعت السماء إذا انقطع مطرها فالاقلاع يشترك بين الحيوانات والجمادات قال العلماء قيل مجاز مرسل عن الارادة كأنه قيل أريد ان يرتد ما انفجر من الأرض الى بطنها وان ينقطع طوفان السماء وذلك بعد أربعين يوما وليلة- روى- انه لا ينزل من السماء قطرة من ماء إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان فانزل بغير كيل ووزن. واصل الكلام قيل يا ارض ابلعي ماءك فبلغت ماءها ويا سماء أقلعي عن إرسال الماء فاقلعت عن إرساله وغيض الماء النازل من السماء فغاض وترك ذكره لظهور انفهامه من الكلام وَغِيضَ الْماءُ اى نقص ما بين السماء والأرض من الماء فظهرت الجبال والأرض والغيض النقصان يقال غاض الماء قل ونضب وغاضه الله نقصه يتعدى ويلزم وهو فى الآية من المتعدى لان الفعل لا يبنى للمفعول بغير واسطة حرف الجر الا إذا كان متعديا بنفسه وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى أنجز الموعود من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين فالقضاء هاهنا بمعنى الفراغ كأنه قيل تم أمرهم وفرغ من إهلاكهم وإغراقهم قال فى المفتاح قيل الأمر دون ان يقال امر نوح لقصد الاختصار والاستغناء بحرف التعريف عن ذلك قال السيد اما لان اللام بدل من المضاف اليه كما هو مذهب الكوفية واما لانها تغنى غناء الاضافة فى الاشارة الى المعهود وَاسْتَوَتْ واستقرت الفلك واختير استوت على سويت اى

أقرت مع كونه انسب باخواته المبنية للمفعول اعتبارا لكون الفعل المقابل للاستقرار اعنى الجريان منسوبا الى السفينة على صيغة المبنى للفاعل فى قوله وهى تجرى بهم مع ان استوت اخصر من سويت عَلَى الْجُودِيِّ هو جبل بالجزيرة بقرب الموصل او بالشام او بآمد- وروى- فى الخبر ان الله تعالى اوحى الى الجبال انى انزل السفينة على جبل فتشامخت الجبال وتواضع الجودي لله تعالى فارست عليه السفينة: قال السعدي قدس سره

طريقت جز اين نيست درويش را

كه افكنده دارد تن خويش را

بلنديت بايد تواضع كزين

كه آن نام را نيست راهى جز اين

والتواضع آخر مقام ينتهى اليه رجال الله تعالى وحقيقته العلم بعبودية النفس ولا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ قدس الله أسرارهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق لسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع سر من اسرار الله تعالى لا يهبه على الكمال الا لنبى او صديق كما فى المواقع وعن على رضى الله أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها إذ ينحت به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى

ص: 135

النار والسحاب يحمل الماء والريح تحمل السحاب والإنسان يغلب الريح بالبنيان والنوم يغلب الإنسان والموت يغلب الكل وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا وفى زهرة الرياض ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى اسؤلة الحكم جعل الله الجبال كراسى أنبيائه كاحد لنبينا والطور لموسى وسر نديب لآدم والجودي لنوح عليهم السلام وكفى بذلك شرفا وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجل الكامل جبل واختلفوا فى ان أي الجبال أفضل فقيل ابو قبيس لانه أول جبل وضع على الأرض وقيل عرفة وقيل جبل موسى وقيل قاف وقال السيوطي أفضل الجبال جبل واحد وهو جبل من جبال المدينة وسمى بذلك لتوحده وانفراده عن غيره من الجبال التي هناك وهذا الجبل يقصد لزيارة سيدنا حمزة رضى الله عنه ومن فيه من الشهداء رضى الله عنهم وهو على نحو ميلين او على نحو ثلاثة من المدينة واستدل على أفضليته بانه مذكور فى القرآن باسمه فى قراءة من قرأ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ اى بضم الهمزة والحاء وبقوله عليه السلام (أحد ركن من اركان الجنة) اى جانب عظيم من جوانبها وقوله (الآخر ان أحدا هذا جبل يحبنا ونحبه فاذا مررتم به فكلوا من شجره ولو من عضاهه) وهى كل شجرة عظيمة لها شوك والقصد الحث على عدم إهمال الاكل من شجره تبركا به ولا مانع ان تكون المحبة من الجبل على حقيقتها وضع الحب فيه كما وضع التسبيح فى الجبال مع داود عليه السلام وكما وضعت الخشية فى الحجارة قال الله تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ كما فى انسان العيون يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى كما قال فى المثنوى

باد را بى چشم اگر بينش نداد

فرق چون ميكردد اندر قوم عاد

كر نبودى نيل را آن نور ديد

از چهـ قبطى را ز سبطى ميكزيد

گرنه كوه سنك با ديدار شد

پس چرا داود را او يار شد

اين زمين را كر نبودى چشم جان

از چهـ قارونرا فرو خوردى چنان

ومن هذا عرفت النداء فى قوله تعالى يا ارض ويا سماء حقيقة عند العلماء بالله وكذا مقاله تعالى المنفهم من قوله وقيل قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر وكما نقول تجلى الله تعالى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك نقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وكلام الله تعالى عين المتكلم فى مرتبة ومعنى قائم به فى الاخرى كالكلام النفسي ومركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس بحسبهما كما فى الدرة الفاخرة للمولى الجامى رحمه الله ثم ان نوحا هبط من السفينة الى الجودي يوم عاشوراء وعن قتادة استقلت بهم السفينة لعشر خلون من رجب وكانت فى الماء خمسين ومائة يوم واستقرت بهم على الجودي شهرا وذلك ستة أشهر وهبطت بهم يوم عاشوراء وسيأتى ما يتعلق بذلك وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قوله بعدا مصدر مؤكد لفعله المقدر اى بعدوا بعدا اى هلكوا من قولهم بعدا وبعدا إذا أرادوا البعد البعيد من حيث الهلاك والموت. والمعنى الدعاء عليهم بذلك وهو تعليم من الله تعالى لعباده ان يدعوا

ص: 136

على الظالمين به اى ليبعد القوم بعدا وليهلكوا وهو بالفارسية [دورى وهلاكى باد مر قوم ستمكارانرا] واللام فى للقوم لبيان من دعى عليهم كاللام فى هيت لك وسقيا لك متعلق بالفعل المحذوف او بقوله قيل اى قيل لاجلهم هذا القول والتعرض لوصف الظلم للاشعار بعليته للهلاك وفيه تعريض بان سالكى مسالكهم فى الظلم والتكذيب يستحقون مثل هذا الإهلاك والدعاء عليهم قال فى المفتاح وختم الكلام ختم اظهار لمكان السخط ولجهة استحقاقهم إياه لان الدعاء بالهلاك بعد هلاكهم. قيل ما نجا من الكفار غير عوج بن عنق كان فى الماء الى حجزته وهو معقد الإزار وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وقد سبق فى سورة المائدة وكان سبب نجاته ان نوحا عليه السلام احتاج الى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها فحملها عوج اليه من الشام فنجاه الله من الغرق بذلك وقد ثبت ايضا ان واحدا من آل فرعون كان يلبس قلنسوة مثل قلنسوة موسى عليه السلام ويسخر منه وقد نجاه الله تعالى من الغرق فى بحر القلزم بمجرد تشبهه الصوري ولو تاب من جنايته لنجا من عذاب الدارين وعن ابى العالية قال لمارست سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوثل السفينة اى مؤخرها فقال له نوح ويلك قد غرق اهل الأرض من أجلك قد أهلكتهم قال له إبليس فما اصنع قال تتوب قال فسل ربك هل لى من توبة فدعا نوح ربه فاوحى الله تعالى اليه ان توبته ان يسجد لقبر آدم عليه السلام فقال له نوح قد جعلت لك قال وما هى قال تسجد لقبر آدم قال تركته حيا واسجد له ميتا وفيه اشارة الى ان السجدة لآدم وهو مقبور كالسجدة له وهو غير مقبور إذ الأنبياء عليهم السلام احياء عند ربهم وكذا كمل الأولياء قدس الله أسرارهم كما قال الصائب

مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد

كه خواب مردم آگاه عين بيداريست

والشيطان الرجيم غفل عن هذا فنكل عن قبول الحق الصريح ومثله من ينكر الأولياء او زيارة قبورهم والاستمداد منهم نسأل الله العصمة ونعوذبه من الخذلان اعلم ان القرآن بجميع سوره وآياته معجز فى غاية طبقات الفصاحة والبلاغة لكن بين بعض اجزائه تفاوت بحسب الاشتمال على الخواص والمزايا فان بعض المقام لا يتحمل ما تحمله مقام كلام فوقه من اللطائف والخفايا فمن المرتفع شأنه فى الحسن والقبول هذه الآية الكريمة وهى قوله تعالى وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي الى آخره ولذا لما سمعها من تبوأ اسرّة الفصاحة القحطانية وركب متن البلاغة فى بدوّ الخطب العدنانية من العرب العرباء ومصاقع الخطباء سجدوا لفصاحتها وتططأوا دون سرادقات احاطتها ونسوا قصائدهم المعلقة ورجعوا عن منشآتهم المقررة المحققة ولقد احسن من نبه على التفاوت المذكور وقال على ما هو المشهور

در بيان ودر فصاحت كى بود يكسان سخن

گر چهـ گوينده بود چون جاحظ و چون أصمعي

از كلام ايزد بيچون كه وحي منزلست

كى بود تبت يدا چون قيل يا ارض ابلعي

ألا ترى ان الله سبحانه جعل الأنبياء عليهم السلام متساوية الاقدام فى درجة النبوة وجعل استعدادات أممهم مختلفة فاختلافهم انما هو لمعنى فى نفسهم لا لمعنى فى الذي أرسل إليهم فلما كانت

ص: 137

هذه الآيات الآفاقية والانفسية الواقعة فى مصحف الفرقان متفاوتة متباينة كانت الآيات البينات المندرجة فى مصحف القرآن كذلك إذ هو جامع لحقائق جميع النسخ الوجوبية والامكانية موافق لما فصله الكتب العلمية والاعيانية ولله در شأن التنزيل فى الاشارة الى المراتب والله الغالب قال فى التأويلات النجمية وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ اى يا ارض البشرية ماء شهواتك ويا سماء القضاء أقلعي عن إنزال مطر الآفات وَغِيضَ الْماءُ ماء الفتن اى نقصت ظلمتها بنور الشرع وسكنت سورتها وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى انقضى ما كان مقدرا من طوفان الفتن للابتلاء وَاسْتَوَتْ اى سفينة الشريعة عَلَى الْجُودِيِّ وهو مقام التمكين يعنى ايام الطوفان كانت من مقامات التلوين فى معرض الآفات والهلاك فلما مضت تلك الأيام آل الأمر الى مقام التمكين وفيه النجاة والثبات ونيل الدرجات وَقِيلَ بُعْداً اى غرقة وهلاكا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الذين ظلموا أنفسهم بالتقاعد عن ركوب سفينة الشريعة انتهى وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ [وبخواند پروردگار خود را] فَقالَ الفاء لتفصيل ما فى النداء من الإجمال رَبِّ [اى پروردگار من إِنَّ ابْنِي كنعان وسمى الابن ابنا لكونه بناء أبيه اى مبنى أبيه مِنْ أَهْلِي وقد وعدتني انجاءهم فى ضمن الأمر بحملهم فى الفلك ومن تبعيضية لانه كان ابنه من صلبه على ما هو الأرجح او كان ربيباله فهو بعض اهله والأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن ملك قال ابن الكمال الأهل خاصة الشيء وما ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ذلك والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها الْحَقُّ الثابت الذي لا يتطرق اليه الخلف ولا يشك فى إنجازه والوفاء به والظاهر ان هذا النداء كان قبل غرق ابنه فان الواو لا تدل على الترتيب والمقصود منه طلب نجاته لا طلب الحكمة فى عدم نجاته حين حال الموج بينهما ولم يعلم بهلاكه بعد اما بتقريبه الى الفلك بتلاطم الأمواج او بتقريبها اليه ومجرد حيلولة الموج بينهما لا يستوجب هلاكه فضلا عن العلم به لظهور إمكان عصمة الله إياه برحمته والله على كل شىء قدير ويؤيده ما فى بحر الكلام ان ذكر المسألة اى فى قوله تعالى فَلا تَسْئَلْنِ كما يستاتى دليل على ان النداء كان قبل ان يغرق حتى يخاف عليه وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ اى اعلم الحكام واعدلهم إذ لافضل الحاكم على غيره الا بالعلم والعدل ورب جاهل ظالم من متقلدى الحكومة فى زمانك لقد لقب أقضي القضاة ومعناه احكم الحاكمين فاعتبر واستعبر قال جار الله

قضاة زماننا صاروا لصوصا

عموما فى القضايا لا خصوصا

خشينا منهمو لو صافحونا

للصوا من خواتمنا فصوصا

وفى الحديث (القضاة ثلاثة واحد فى الجنة واثنان فى النار فاما الذي فى الجنة فرجل عرف الحق فقضى به واما الآخران فرجل عرف الحق فجار فى الحكم فهو فى النار ورجل قضى للناس على جهل فهو فى النار) اى لا يعرف الحق فيخلط الحلال بالحرام: قال الشيخ السعدي

مها زورمندى مكن بر كهان

كه بر يك نمط مى نماند جهان

ص: 138

لب خشك مظلوم را كو بخند

كه دندان ظالم بخواهند كند

قالَ الله تعالى يا نُوحُ إِنَّهُ اى ابنك لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذين عمهم الوعد بالانجاء لخروجه منهم بالاستثناء فان مدار الاهلية هو القرابة الدينية ولا علاقة بين المؤمن والكافر وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة انه ابنه غير انه خالفه فى العمل قال بعض الحكماء الابن إذا لم يفعل ما فعل الأب انقطع عنه والامة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيهم أخاف ان ينقطعوا عنه فظهر ان لا فائدة فى نسب من غير علم وعمل وفى فخر بمجرد الآباء: قال السعدي قدس سره

چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود

پيمبر زادگى قدرش نيفزود

هنر بنماى اگر دارى نه كوهر

كل از خارست وابراهيم از آزر

وفى الحديث (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) والغرض تقبيح الافتخار لديه عليه السلام بالأنساب حين يأتى الناس بالأعمال

وما ينفع الأصل من هاشم

إذا كانت النفس من باهله

وهى قبيلة معروفة بالدناءة لانهم كانوا يأكلون نقى عظام الميتة إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أصله انه ذو عمل غير صالح فجعل نفس العمل مبالغة فى مداومته على العمل الفاسد ولم يقل عمل فاسد مع انهما متلازمان للايذان بان النجاة انما كانت بسبب الصلاح يقول الفقير لاح لى حين المطالعة معنى آخر وهو ان العمل بمعنى الكسب والفعل ولا يبعد ان يكون المعنى انه كسب غير صالح من غير احتياج الى تقدير مضاف وقد ورد فى الحديث تسمية الولد كسبا فى قوله (ان أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه) وفى قوله (أنت ومالك لابيك) قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسانا فَلا تَسْئَلْنِ سمى نداؤه سؤالا لما فيه من السؤال والطلب اى إذا وقفت على جلية الحال فلا تطلب منى ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى مطلبا لا تعلم يقينا ان حصوله صواب وموافق للحكمة إِنِّي أَعِظُكَ [پند ميدهم ترا] أَنْ تَكُونَ اى كراهة ان تكون مِنَ الْجاهِلِينَ عبر عن ترك الاولى بالجهل لان استثناء من سبق عليه القول قد دله على الحال وأغناه عن السؤال اشغله حب الولد عنه حتى اشتبه الأمر عليه فعوتب على ان اشتبه عليه ما يجب ان لا يشتبه قالَ عند ذلك قبلت يا ربى هذا التكليف فلا أعود اليه الا انى لا اقدر على الاحتراز منه الا باعانتك وهدايتك فلهذا بدأ اولا بقوله رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ اى من ان اطلب منك من بعد ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ اى مطلوبا لا اعلم ان حصوله مقتضى الحكمة يعنى احفظني بعد اليوم من المعاودة الى مثل السؤال وكان على قدم الاستغفار الى ان توفى وهذه عادة الصالحين انهم إذا وعظوا اتعظوا وإذا نبهوا للخطأ استغفروا وتعوذوا وحكى تعالى ما كان من الأنبياء عليهم السلام ليقتدى بهم فى الاستغفار وان لا يقطع الرجاء من رحمة الله تعالى وقد قبل الله تعالى توبة نوح عليه السلام كما يدل عليه قوله تعالى قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ ثم حقيقة التوبة تقتضى أمرين أحدهما العزم على ترك الفعل فى المستقبل واليه الاشارة بقوله إِنِّي أَعُوذُ بِكَ الخ والآخر الندم والاستغفار لما مضى واليه الاشارة بقوله وَإِلَّا مركب من ان ولا ثم ادغم أحدهما

ص: 139

فى الآخر تَغْفِرْ لِي اى وان لم تغفر لى ما صدر منى من السؤال المذكور وَتَرْحَمْنِي بقبول توبتى أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ أعمالا بسبب ذلك فان الذهول عن شكر الله لا سيما عند وصول مثل هذه النعمة الجليلة التي هى النجاة وهلاك الأعداء والاشتغال بما لا يعنى خصوصا بمبادى خلاص من قيل فى شأنه انه عمل غير صالح والتضرع الى الله تعالى فى امره معاملة غير رابحة وخسران مبين واعلم ان التوبة والاستغفار والالتجاء الى الملك الغفار ورد لا ينقطع الى الموت وفعل يستمر الى زمان الفوت لان المؤمن لا يزال متقلبا بين التنزلات والترقيات والسالك لا يبرح مبتلى بالاستتار والتجليات والكامل لا ينفك يتدرج الى غايات مراتب السير فى عوالم الصفات والذات. وهذا نوح قد سأل ما سأل ثم تاب. وهذا موسى قد طلب ما طلب ثم أناب والكل جار بقضاء الله وقدره فانه إذا جاء يتعطل العبد عن قواه وقدره: وفى المثنوى

اين هم از تأثير حكمست وقدر

چاه مى بينى ونتوانى حذر

نيست خود از مرغ پران اين عجب

كو نبيند دام وافتد در عطب

اين عجب كه دام بيند هم وتد

كر بخواهد ور نخواهد مى فتد

چشم باز وكوش باز ودام پيش

سوى دامى مى برد با پر خويش

ألا ترى الى نوح عليه السلام فانه لما ابتدر الى سؤال ابنه نبه على تركه مرات والاشارة وَنادى نُوحٌ اى نوح الروح رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي اى النفس المتولدة من ازدواج الروح والقالب من أهلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وذلك ان الله تعالى لما أراد بحكمته ان ينزل الأرواح المقدسة العلوية من أعلى عليين جواره وقربه الى أسفل سافلين القالب قال أرواح الأنبياء والأولياء وخواص المؤمنين يا ربنا والهنا تنزلنا من أعلى مقامات قربك الى أسفل دركات بعدك ومن عالم البقاء الى عالم الفناء ومن دار السرور واللقاء الى دار الحزن والبلاء ومن منزل التجرد والتواصل الى منزل التوالد والتناسل ومن رتبة الاصطفاء والاجتباء الى رتبة الاجتهاد والابتلاء فوعدهم الله من عواطف إحسانه بان ينجيهم وأهليهم من ورطات الهلاك فكما ان من قضية حكمته ان يكون لنوح اربعة بنين ثلاثة منهم مؤمنون وواحد كافر فكذلك حكمته اقتضت ان يكون للروح اربعة بنين ثلاثة منهم مؤمنون وهم القلب والسر والعقل وواحد كافر وهو النفس فكما كان ثلاثة من بنى نوح معه فى السفينة وكان واحد فى معزل منه فكذلك ثلاثة من بنى الروح معه كانوا فى سفينة الشريعة وكان واحد وهو كافر النفس فى معزل منه ومن الدين والشريعة فلما اشرف ولده الكافر على العرق فى بحر الدنيا وطوفان الفتن قال رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ يعنى فان أنجيته او أغرقته أنت اعدل العادلين فيما تفعله لانك حكيم واحكم الحكماء لا تخلو افعالك من عدل وحكمة أنت اعلم بها قالَ اى الرب تعالى للروح يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ اى من اهل دينك وملتك والاهلية على نوعين اهلية القرابة واهلية الملة والدين وما نفى هنا اهلية القرابة لتولدها من الروح ثم اظهر علة نفى الاهلية الدينية فقال إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ اى خلق للامارية بالسوء وهذه سيرتها ابدا ثم ادب الروح بآداب اهل القربة فقال فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى علم

ص: 140

حقيقى بان يجوز لاهل القربة على بساط القرب هذا الانبساط أم لا إِنِّي أَعِظُكَ يا روح القدس أَنْ تَكُونَ على البساط بهذا الانبساط مِنَ الْجاهِلِينَ اى من النفوس الجاهلة الظالمة. وفيه اشارة الى ان الروح العالم العلوي يصير بمتابعة النفس وهواها جاهلا سفلىّ الطبع دنئ الهمة قالَ اى الروح رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ من التماس نجاة النفس الممتحنة بآفات الدنيا وشهواتها من طوفان الفتن وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي تؤيدنى بانورا المغفرة وَتَرْحَمْنِي على عجزى عن الاهتداء بغير هداك أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ يشير الى ان الرحمة هى المانعة للروح من الخسران كذا فى التأويلات النجمية قِيلَ القائل هو الله تعالى يا نُوحُ اهْبِطْ هبط لازم ومتعد الا ان مصدر اللازم الهبوط ومصدر المتعدى الهبط كالرجوع والرجع والمراد هنا الاول والهبوط بالفارسية [فرود آمدن] اى انزل من الفلك الى جبل الجودي الذي استقرت السفينة عليه شهرا او من الجودي الى الأرض المستوية بِسَلامٍ ملتبسا بسلامة من المكاره كائنة مِنَّا فسلام بمعنى السلامة حال من فاعل اهبط ومنا صفة له دالة على تعظيمه وكماله لان ما كان من الله العظيم عظيم او بسلام وتحية منا عليك كما قال سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ فالسلام بمعنى التسليم والاول أوجه لان المقام مقام النجاة من الغرق وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ اى خيرات نامية فى نسلك وما يقوم به معاشك ومعاشهم من انواع الأرزاق وَعَلى أُمَمٍ ناشئة مِمَّنْ مَعَكَ متشعبة منهم فمن ابتدائية. والمراد الأمم المؤمنة المتناسلة ممن معه من أولاده الى يوم القيامة فهو من اطلاق العام وارادة الخاص هذا على رواية من قال كان معه فى السفينة أولاده وغيرهم مع الاختلاف فى العدد فمات غير الأولاد اى بعد الهبوط ولم ينسل وهو الأرجح. واما على رواية من قال ما كان معه فى السفينة الا أولاده ونساؤهم على ان يكون المجموع ثمانية فلا يحتاج الى التأويل وأياما كان فنوح ابو الخلق كلهم ولذا سمى آدم الثاني وآدم الأصغر لانه لم يحصل النسل الا من ذريته وقد اخرج الله الكثير من القليل بقدرته كما اخرج من صلب زين العابدين الكثير الطيب وذلك انه قتل مع سلطان الشهداء الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته ولم ينج الا ابنه زين العابدين على انه رضى الله عنه أصغرهم فانمى الله تعالى ذريته السادة قال فى نفائس المجالس لما ارتفع الطوفان قسم نوح الأرض بين أولاده الثلاثة فاما سام فاعطاه بلاد الحجاز واليمن والشام فهو ابو العرب واما حام فاعطاه بلاد السودان فهو ابو السودان واما يافث فاعطاه بلاد المشرق فهو ابو الترك قال فى اسولة الحكم اما ممالك الا قاليم السبعة التي ضبط عددها فى زمن المأمون فثلاثمائة وثلاث وأربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى أضيقها وثلاثة أشهر وهى أوسعها ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتاآن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار وبعضها حر وبعضها برد واما جميع مدائن الأقاليم فهو اربعة آلاف مدينة وخمسمائة وست وخمسون وقيل غير ذلك وما العمران فى الخراب الا كخردلة فى كف أحدكم وفى الخبر (ان لله دابة فى مرج من مروجه رزقها كل يوم بقدر رزق العالم باسره) فانظر الى سعة رحمة الله وبركاته ولا تغتم لاجل الرزق: وفى المثنوى

ص: 141

جمله را رزاق روزى ميدهد

قسمت هر كس كه پيشش مينهد «1»

سالها خوردى وكم نامد ز خور

ترك مستقبل كن وماضى نكر «2»

وَأُمَمٌ مبتدأ سَنُمَتِّعُهُمْ صفة والخبر محذوف وهو منهم اى ليس جميع من تشعب منهم مسلما ومباركا عليهم بل منهم امم سنمتعهم فى الدنيا معناه بالفارسية [زود باشد كه برخوردارى دهيم ايشانرا در دنيا بفراخي عيش وسعت رزق] ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا [پس برسد ايشانرا از ما] عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك] اما فى الآخرة او فى الدنيا ايضا وهم الكفار واهل الشقاوة يشير سبحانه وتعالى الى ان كون كل الناس سعداء او أشقياء مخالف لحكمته فانه أودع فيهم جماله وجلاله على مقتضى تدبيره فلا بد من ظهور آثار كل منهما كما قال الحافظ

در كار خانه عشق از كفر ناگزيرست

آتش كرا بسوزد كر بو لهب نباشد

- حكى- فى التفاسير انه لمارست السفينة على الجودي كشف نوح الطبق الذي فيه الطير فبعث الغراب لينظر هل غرقت البلاد كما فى حياة الحيوان او كم بقي من الماء فيأتيه بخبر الأرض كما فى تفسير ابى الليث فابصر جيفة فوقع عليها واشتغل بها فلم يرجع ولذا قالوا فى المثل ابطأ من غراب نوح ثم أرسل الحمامة فلم تجد موضعا فى الأرض فجاءت بورق الزيتون فى منقارها فعرف نوح ان الماء قد نقص وظهرت الأشجار ثم أرسلها فوقعت على الأرض فغابت رجلاها فى الطين قدر حمرتهما فجاءت الى نوح وارته فعرف ان الأرض قد ظهرت فبارك على الحمامة وطوقها الخضرة التي فى عنقها ودعالها بالأمان فمن ثم تألف البيوت ودعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت وتشاءم العرب بالغراب واستخرجوا من اسمه الغربة قالوا غراب البين لانه بان عن نوح واعلم ان نوحا عليه السلام هبط بمن معه فى السفينة يوم عاشوراء فصام وامر من معه بصيامه شكرا لله تعالى وكان قد فرغت أزوادهم فجاء هذا بكف حنطة وهذا بكف عدس وهذا بكف حمص الى ان بلغت سبعة حبوب فطبخها نوح عليه السلام لهم فافطروا عليها وشبعوا جميعا ببركات نوح وكان أول طعام طبخ على وجه الأرض بعد الطوفان هذا فاتخذه الناس سنة يوم عاشوراء وفيه اجر عظيم لمن يفعل ذلك ويطعم الفقراء والمساكين وذكر ان الله عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ أمن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق ومن وسع فيه على عياله فى النفقة وسع الله له سائر سنته قال ابن سيرين جربناه ووجدناه كذلك كما فى الاسرار المحمدية قال فى عقد الدرر واللآلى المستحب فى ذلك يوم فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا ينبغى للمؤمن ان يتشبه بيزيد الملعون فى بعض الافعال وبالشيعة والروافض والخوارج ايضا يعنى لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد او يوم مأتم فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه وان كان للاكتحال فى ذلك اليوم اصل صحيح فان ترك السنة سنة إذا كانت شعارا لاهل البدعة كالتختم باليمن فانه فى الأصل سنة لكنه لما كان شعار اهل البدعة والظلمة صارت السنة ان يجعل الخاتم فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستاني ومثله تقصير الثياب

(1) در اواسط دفتر پنجم در بيان جواب دادن ضرر وباه را كه امر است باكتساب إلخ

(2)

در اواسط دفتر پنجم در بيان حكايت آن كاو حريصى كه هر روزه إلخ

ص: 142

وتطويلها اللهم الا ان يفعل بعض الافعال كالاغتسال وزيارة الاخوان وتوسيع النفقة ونحوها من غير ان يخطر بباله التشبيه وعدمه كما إذا خرج بطريق التنزه والتفرج يوم نيروز النصارى او نيروز العجم واهدى شيأ الى بعض إخوانه بطريق الاتفاق او بمصلحة داعية اليه من غير ان يخطر بقلبه الموافقة فانه لا بأس به ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرم مقتل الحسين رضى الله عنه فقد تشبه بالروافض خصوصا إذا كان بألفاظ مخلة بالتعظيم لاجل تحزين السامعين وفى كراهية القهستاني لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغى ان يذكر اولا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض انتهى قال حجة الإسلام الغزالي يحرم على الواعظ وغيره راوية مقتل الحسين وحكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة ولعل ذلك لخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة والدنيا كما لا يخفى وقال عز الدين بن عبد السلام فى فصل آفات اللسان الخوض فى الباطل هو الكلام فى المعاصي كحكاية احوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وكحكاية مذاهب اهل الأهواء وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضى الله عنهم انتهى قال فى عقد الدرر ويح قاتل الحسين كيف حاله مع أبويه وجده وانشدوا

لا بد ان ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور فى يوم القيامة ينفخ

وفى الحديث (قاتل الحسين فى تابوت من نار عليه نصف عذاب اهل الدنيا) قال فى انسان العيون أرسل اهل الكوفة الى الحسين ان يأتيهم ليبايعوه فاراد الذهاب إليهم فنهاه ابن عباس وبين له غدرهم وقتلهم لابيه وخذلانهم لاخيه الحسن فأبى الا ان يذهب فبكى ابن عباس رضى الله عنهما وقال واحسيناه ولم يبق بمكة الا من حزن على مسيره وقدم امامه الى الكوفة مسلم بن عقيل فبايعه من اهل الكوفة للحسين اثنا عشر الفا وقيل اكثر من ذلك ولما شارف الكوفة جهز اليه أميرها من جانب يزيد وهو عبد الله بن زياد عشرين الف مقاتل وكان أكثرهم ممن بايع لاجل السحت العاجل على الخير الآجل فلما وصلوا اليه ورأى كثرة الجيوش طلب منهم احدى ثلاث اما ان يرجع من حيث جاء أو يذهب الى بعض الثغور او يذهب الى يزيد يفعل فيه ما أراد فابوا وطلبوا منه نزوله على حكم ابن زياد وبيعته ليزيد فابى فقاتلوه الى ان أثخنته الجراحة فسقط الى الأرض فحزوا رأسه وذلك يوم عاشوراء عام احدى وستين ووضع ذلك الرأس بين يدى عبد الله بن زياد قال فى روضة الأخيار قبر الحسين رضى الله عنه بكربلاء وهى من ارض العراق ورأسه بالشام فى مسجد دمشق على رأس اسطوانة وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصالحين فى النوم فقال يا رسول الله بابى أنت وأمي ما ترى فتن أمتك فقال زادهم الله فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظونى ولم يراعوا حقى فيه وعن الشعبي مر على رضى الله عنه بكربلاء عند مسيره الى صفين فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فبكى حتى بل الأرض من دموعه ثم قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكى فقال (كان عندى جبريل آنفا وأخبرني ان ولدي الحسين يقتل بشاطئ

ص: 143

الفرات بموضع يقال له كربلاء ثم قبض جبريل قبضة من تراب أشمني إياها فلم املك عينى ان فاضتا) - روى- ان تلك التربة جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قارورة وقال لام سلمة رضى الله عنها (ان هذا من تربة الأرض التي يقتل بها الحسين فمتى صار دما فاعلمى انه قد قتل) قالت أم سلمة فلما كان ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول

ايها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتذليل

قد لعنتم على لسان ابن داو

دو موسى وحامل الإنجيل

قالت فبكيت وفتحت القارورة فاذا التربة قد جرت دما. حكى ان السماء احمرت لقتله قال ابن سيرين والحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين وحكمته على ما قال ابن الجوزي ان غضبنا يؤثر حمرة الوجه والحق منزه عن الجسمية فاظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهارا لعظيم الجناية ولم يرفع حجر فى الدنيا يوم قتله الا وجد تحته دم عبيط واخرج ابو الشيخ ان جمعا تذاكروا انه ما من أحد أعان على قتل الحسين الا أصابه بلاء قبل ان يموت فقال شيخ انا أعنت وما أصابني شىء فقام ليصلح السراج فاخذته النار فجعل ينادى النار النار وانغمس فى الفرات ومع ذلك لم يزل ذلك به حتى مات. وبعضهم ابتلى بالعطش فكان يشرب راوية ولا يروى. وبعضهم عوقب بالقتل او العمى او سواد الوجه او زوال الملك فى مدة يسيرة وغير ذلك فاذا عرفت فكن على جانب ممن يعادى اهل البيت ومن صحبتهم فان موالاتهم معاداة لاهل البيت وبغض لهم واحفظ الحرمة يحفظك الله تعالى وفى الحديث (ان لله تعالى ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ الله دينه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله تعالى دينه ولا دنياه حرمة الإسلام وحرمتى وحرمة رحمى ومن لم يعرف حق عترتى والأنصار والعرب فهو لا حدى ثلاث اما منافق واما لزنية واما حملت به امه فى غير طهر)

در كار دين ز مردم بى دين مدد مخواه

از ماه منخسف مطلب نور صبحكاه

اللهم احفظنا من الانقطاع عن الوسائل الحقة والحقنا فى الدنيا والآخرة بالطائفة المحقة تِلْكَ اشارة الى قصة نوح عليه السلام ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها قوله مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ اى بعض اخباره فانه لتقادم عهده لم يبق علمه الا عند الله تعالى نُوحِيها اى تلك القصة بواسطة جبريل خبر ثان إِلَيْكَ ليكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء عليهم السلام ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ خبر آخر اى مجهولة عندك وعند قومك مِنْ قَبْلِ هذا اى من قبل ايحائنا إليك واخبارنا بها. وفى ذكر جهلهم تنبيه على انه عليه السلام لم يتعلمه إذ لم يخالط غيرهم وانهم مع كثرتهم لم يسمعوه فكيف يؤخذ منهم قال سعدى المفتى أعلمناهم بها ليكون لهم مثالا وتحذيرا ان يصيبهم إذا كذبوك ما أصاب أولئك فَاصْبِرْ متفرع على الإيحاء اى وإذ قد أوحيناها وفى تفسير ابى الليث يعنى ان لم يصدقوك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة واذية قومك وتكذيبهم كما صبر نوح فى هذه المدة المتطاولة إِنَّ الْعاقِبَةَ اى آخر الأمر بالظفر فى الدنيا وبالفوز فى الآخرة

ص: 144

لِلْمُتَّقِينَ اى المؤمنين الموحدين الصابرين كما شاهدته فى نوح وقومه ولك فيه أسوة حسنة. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين: قال الحافظ

سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد

كه كس هميشه كرفتار غم نخواهد ماند

قال الكاشفى [پير طريقت فرمود كه صبر كليد همه بستكيها است وشكيبايى علاج همه خستكيها است نتيجه شكيبايى ظفر است وكار بى صبر از هر روز بترست

صبر است كليد كنج مقصود

بى صبر در مراد نكشود

كر صبر كنى مراد يابى

وز پاى در افتى از شتابى

- روى- عن خباب بن الأرت قال اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردائه فى ظل الكعبة فشكونا اليه فقلنا يا رسول الله ألا تدعو الله لنا وتستنصرنا فجلس محمارا لونه ثم قال (ان من كان قبلكم ليؤتى بالرجل فيحفر له فى الأرض حفرة فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه) وفى الحديث (يؤتى يوم القيامة بانعم اهل الأرض فيغمس فى النار غمسة فيخرج اسود محترقا فيقال له هل مر بك نعيم قط او كنت فيه فيقول لا لم ازل فى هذا البلاء منذ خلقنى الله تعالى ويؤتى باشد اهل الدنيا بلاء فيغمس فى الجنة غمسة) يعنى يدخل فيها ساعة (فيخرج كأنه القمر ليلة البدر فيقال له هل مر بك شدة قط فيقول لا لم ازل فى هذا النعيم منذ خلقنى الله تعالى) يقول الفقير هذا إذا صبر ولم يظفر ببغيته فى الدنيا مع ان من الظفر والنصر الموت على ما قال بعض العلماء فى قوله تعالى أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ فان الميت اما مستريح او مستراح منه ولكن غالب العادة الالهية إنزال النصر للعاجز ولقد شاهدت فى عصرى كثيرا من مواد هذا الباب. منها انى كنت فى الاسكوب من الديار الرومية انهى عن المنكر فلقبنى من القوم فى مدة ست سنين ما يضيق نطاق البيان عنه حتى آل الأمر الى الهجرة من تلك البلدة فاخرجونى من بينهم فانقلب الابتلاء الى مقاساة شدائد الهجرة مع الأهل والأولاد حتى إذا دخلت مدينة بروسة باشارة حضرة الشيخ قدس سره ووجدت فيها الراحة العظمى استولى الكفار على البلاد الرومية واحرقوا الاسكوب وجعل الله من فيها من المستكبرين كأن لم يكن شيأ مذكورا. ومنها ان ابراهيم الوزير فى اواخر دولة السلطان محمد الرابع نفى حضرة شيخنا الاجل الذي جعله الله آية من آيات هذه الدورة القمرية الى بلدة المعروفة بشمنى وكان حين النفي متمكنا فى القسطنطينية فلم يلبث حتى نفاه الله اى الوزير ثم قتل ثم لما آلت الوزارة الى مصطفى المعروف بابن كوپريلى فى دولة السلطان سليمان الثاني اخرج حضرة الشيخ ايضا لغرض فاسد الى جزيرة قبرس فما مضى سنة الا قتل الوزير وجعل عبرة للمعتبرين ومثلا للآخرين وكنت اتحزن فى امر حضرة الشيخ حين كان فى الجزيرة المذكورة فبينما انا فى تفكره يوما إذ ورد لى كتاب من جنابه مندرج فيه قوله تعالى وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ فصادف قتل الوزير وهو من كراماته العجيبة حفظه الله سبحانه ومتعنا بعلومه الالهية ووارداته الربانية وَإِلى عادٍ قبيلة من

ص: 145

العرب بناحية اليمن فهو متعلق بمضمر معطوف على قوله تعالى أرسلنا فى قصة نوح وهو الناصب لقوله أَخاهُمْ وتقديم المجرور على المنصوب هاهنا للحذار من الإضمار قبل الذكر. والمعنى وأرسلنا الى عاد أخاهم اى واحدا منهم فى النسب من قولهم ويا أخا العرب يا أخا بنى تميم يريدون يا واحدا منهم هُوداً وكان عليه السلام من جملتهم فانه هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عوص بن ارم بن سام بن نوح. وقيل هود بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح ابن عم ابى عاد قال الكاشفى [عاد چهارم پدر هودست وعاد پسر عوص بن ارم بن سام بن نوح است وبرين قول از أبناء عم عاد باشد] قال بعضهم عاد هو اسم القبيلة وهى الفروع المنشعبة من اصل واحد فيكون اسم الأب الكبير فى الحقيقة والتعبير بأخص الأوصاف التي هى الاخوة بمعنى انتساب شخصين الى صلب واحد او رحم واحد او الى صلب ورحم معا ككونه كذلك بالنسبة الى اتحاد الأب. وقال بعضهم هو اسم ملكهم وكانوا يسمون باسم ملكهم وانما جعل واحدا منهم لانهم افهم لقوله واعرف بحاله فى صدقه وأمانته وارغب فى اقتفائه قيل ان هودا مكث فى ديار قومه أربعين سنة يعبد الله ويتجنب أصنامهم فنزل عليه جبريل بالرسالة الى بنى عاد فذهب هود إليهم وهم بالأحقاف متفرقون وهى الرمال والتلال وجعل يدعوهم الى عبادة الله تعالى وترك عبادة الأصنام كما قال تعالى قالَ استئناف بيانى كأنه قيل ماذا قال لهم فقيل قال يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فخصوه بالعبادة ولا تشركوا به شيأ وغيره بالرفع صفة لاله باعتبار محله إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ اى ما أنتم باتخاذكم الأصنام شركاء الا مفترون على الله الكذب قال فى التأويلات النجمية يشير بهود الى القلب وبعاد الى النفس وصفاتها فان القلب أخو عاد النفس لانهما قد تولدا من ازدواج الروح والقالب. فالمعنى انا أرسلنا هود القلب الى عاد النفس كما أرسلنا نوح الروح الى قومه وبهذا المعنى يشير الى ان القلب قابل لفيض الحق تعالى كما ان الروح قابل لفيضه قال يا قوم اعبدوا الله يشير الى النفس وصفاتها ان يتوجهوا لعبودية الحق وطلبه ما لكم من اله غيره اى شىء دونه لاستحقاق معبوديتكم ومحبوبيتكم ومطلوبيتكم ان أنتم الا مفترون فيما تتخذون الهوى والدنيا معبودا ومطلوبا يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغ الرسالة أَجْراً يعنى جعلا ورشوة ومعناه لست بطامع فى أموالكم إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي خلقنى جعل الصلة فعل الفطرة لكونه اقدم النعم الفائضة من جناب الله تعالى المستوجبة للشكر أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أتغفلون عن هذه القصة فلا تعقلونها واعلم ان المال والجاه وثناه الخلق وغيرها من مشارب النفس عند اهل الله تعالى ولذا قالوا ما من رسول الا خاطب قومه بهذا القول ازاحة للتهمة وتمحيضا للنصيحة فانها لا تنجع ولا تنفع الا إذا كانت خالصة غير مشوبة بشئ من المطامع

طمع بند ودفتر ز حكمت بشوى

طمع بگسل وهر چهـ خواهى بكوى

كما روى عن بعض المشايخ انه كان له سنور وكان يأخذ من قصاب فى جواره شيأ من الغدد لسنوره فرأى على القصاب منكرا فدخل الدار فاخرج السنور اولا ثم جاء واحتسب على

ص: 146

القصاب فقال له القصاب لا أعطيك بعد اليوم لسنورك شيأ فقال ما احتسب عليك الا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك والطمع سكون القلب الى منفعة مشكوكة

مكن سعديا ديده بر دست كس

كه بخشنده پروردگارست وبس

طمع آب روى موقر بريخت

براى دو جو دامن در بريخت

وساحة قلوب الأنبياء عليهم السلام وكذا الأولياء قدس سرهم مطهرة من دنس التعلق بغير الله فى دعوتهم وإرشادهم وانما يريد اهل الإرشاد من هذه الامة تعظيم جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكثير اتباعه لا المال والمنافع الدنيوية فان الآخرة خير وأبقى. وفى المثل أجهل من داعى ثمانين من الضأن. قال ابن خالويه انه رجل قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فاتاه فقال (أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او ادعو الله ان يجعلك معى فى الجنة) قال بل ثمانون من الضأن قال (أعطوه إياها) ثم قال (ان صاحبة موسى عليه السلام كانت اعقل منك) وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكونى معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة ولكمال المحافظة على الدين لم يقبل العلماء المتقدمون اجرة على الوعظ والتعليم والامامة والخطابة والتأذين وغيرها

زيان ميكند مرد تفسير دان

كه علم وادب ميفروشد بنان

وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ آمنوا به ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ من عبادة غيره لان التوبة لا تصح إلا بعد الايمان كما فى بحر العلوم واللائح للبال ان المعنى اطلبوا مغفرة الله تعالى لذنوبكم السالفة من الشرك والمعاصي بان تؤمنوا به فان الايمان يجب ما قبله اى يقطع ثم ارجعوا اليه بالطاعة فان التحلية بالمهملة بعد التخلية بالمعجمة فيكون ثم على بابها فى التراخي ايضا يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ اى المطر مِدْراراً من ابنية مبالغة الفاعل يستوى فيه المذكر والمؤنث وأصله من در اللبن درورا وهو كثرة وروده على الحالب يقال سحاب مدرار ومطر مدرار إذا تتابع منه المطر فى اوقات الاحتياج اليه. والمعنى حال كونه متتابعا دائما كلما تحتاجون وقال الكاشفى [تا بفرستد از آسمان بارانى پيوسته] وَيَزِدْكُمْ [وبيفزايد وزياده كند] قُوَّةً مضافة منضمة إِلى قُوَّتِكُمْ اى يضاعفها لكم وانما رغبهم فى الايمان بكثرة المطر وزيادة القوة لانهم كانوا اصحاب زروع وبساتين وعمارات حراصا عليها أشد الحرص فكانوا أحوج شىء الى الماء وكانوا مدلين بما أوتوا من شدة القوة والبطش والبأس والنجدة ممنوعين بها من العدو مهيبين فى كل ناحية وقال الكاشفى [آورده اند كه عاديان دعوت هود قبول نكردند وحق سبحانه وتعالى بشآمت آن سه سال باران از ايشان باز كرفت وزنان ايشانرا عاقره وعقيمه ساخت و چون اصحاب زراعت بودند ودشمنان نيز داشتند براى زراعت به باران وبراى دفع أعادي باولاد محتاج شدند هود عليه السلام فرمود كه يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا إلخ فيكون معنى قوله وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قوتى با قوت شما يعنى فرزندان دهد شما را تا بمدد ايشان بر دفع أعادي قادر شويد] وعن الحسن بن على انه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال انى رجل ذو مال ولا يولدلى فعلمنى شيأ لعل الله يرزقنى ولدا فقال عليك بالاستغفار فكان يكثر

ص: 147

الاستغفار حتى ربما استغفر فى يوم واحد سبعمائة مرة فولدله عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال هلا سألته مم قال ذلك فوفد وفدة اخرى فسأله الرجل فقال ألم تسمع قول هود وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وقول نوح وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَلا تَتَوَلَّوْا ولا تعرضوا عما أدعوكم اليه وأرغبكم فيه مُجْرِمِينَ اى حال كونكم مصرين على الاجرام والآثام والاجرام كسب الجرم كالاذناب بكسر الهمزة كسب الذنب قالُوا استئناف بتقدير سؤال سائل كأنه قيل ما قال له قومه بعد ان أمرهم ونهاهم فقيل قالوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ اى بحجة تدل على صحة دعواك وانما قالوه لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بماء جاءهم من المعجزات كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم لولا انزل عليه آية من ربه مع فوات آياته الحصر وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا اى بتاركي عبادتهم وأصله تاركين سقطت النون بالاضافة عَنْ قَوْلِكَ حال من الضمير فى تاركي كأنه قيل وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك اى صادرا تركنا عن ذلك بإسناد حال الوصف الى الموصوف ومعناه التعليل على ابلع وجه لدلالته على كونه علة فاعلية ولا يفيده الباء واللام قال السعدي المفتى قد يقال عن للسببية كما فى قوله تعالى إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فيتعلق بتاركي اى بقولك المجرد عن حجة وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين فيما تدعونا اليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وهو اقناط له من الاجابة والتصديق إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ قوله اعتراك جملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره ما نقول فى شأنك الا قولنا اعتراك اى أصابك من عراه يعره إذا أصابه بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ الباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [مكر آنكه رسانيده اند بتو برخى از خدايان ما رنجى وكزندى وعلتى] اى بجنون لسبك إياها وصدك عنها وعداوتك مكافاة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء فمن ثم تتكلم بكلام المجانين وتهذى بهذيان المبرسمين قالَ هود إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا اى وأقول اشهدوا لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر أَنِّي بَرِيءٌ تنازع فيه اشهد الله واشهدوا اى على انى بريئ مِمَّا تُشْرِكُونَ اى من اشراككم مِنْ دُونِهِ اى من دون الله او مما تشركون من آلهة غير الله فما موصولة وإشهاد الله تعالى حقيقة واشهادهم استهزاء بهم واستهانة إذ لا يقول أحد لمن يعاديه أشهدك على انى برئ منك الا وهو يريد عدم المبالاة ببراءته والاستهانة بعداوته واعلم انهم لما سموا أصنامهم آلهة واثبتوا لها الضرر نفى هود بقوله انى اشهد الله الآية كونهم آلهة رأسا ثم نفى الضرر بقوله فَكِيدُونِي الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق اى ان صح ما تفوهتم به من كون آلهتكم مما تقدر على إضرار من يسبها ويصد عن عبادتها فانى بريئ منها فكونوا أنتم وآلهتكم جَمِيعاً حال من ضمير كيدونى على قصد إهلاكي بكل طريق ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ لا تمهلونى ولا تسامحونى فى ذلك فالفاء لتفريع الأمر على زعمهم فى قدرة آلهتهم على ما قالوا وعلى البراءة كليهما كما فى الإرشاد وفيه اشارة الى ان النفس وصفاتها والشيطان والهوى والدنيا فى كيد القلب على الدوام والقلب المؤيد بالتأييد الرباني لا يناله كيدهم

جمله عالم اگر دريا شود

چون تو با حق تر نكردد پاى تو

ص: 148

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ يعنى انكم والهتكم لا تقتدرون على ضررى فانى متوكل على الله القادر القوى وهو مالكى ومالك كل شىء إذ ما مِنْ دَابَّةٍ نسمة تدب على الأرض إِلَّا هُوَ اى رب تعالى آخِذٌ بِناصِيَتِها الناصية عند العرب منبت الشعر فى مقدس الرأس ويسمى الشعر النابت هناك ايضا ناصية تسمية له باسم منبته والاخذ بناصية الإنسان عبارة عن قهره والغلبة عليه وكونه فى قبضة الآخذ بحيث يقدر على التصرف فيه كيف يشاء والعرب إذا وصفوا إنسانا بالذلة والخضوع لرجل قالوا ما ناصيته الابيد فلان اى انه مطيع له لان كل من أخذت بناصيته فقد قهرته وأخذ الله بناصية الخلائق استعارة تمثيلية لنفاذ قدرته فيهم. والمعنى الا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها والغرض من هذا الكلام الدلالة على عظمته وجلالة شأنه وكبرياء سلطانه وباهر قدرته وان كل مقدور وان عظم وجل فى قوته وجثته فهو مستضغر الى جنب قدرته مقهور تحت قهره وسلطانه منقاد لتكوينه فيه ما يشاء غير ممتنع عليه إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعنى انه على الحق والعدل فى ملكه لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده معتصم به وفى التأويلات النجمية ما مِنْ دَابَّةٍ تدب فى طلب الخير والشر إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها يجرها بها الى الخير والشر وهى فى قبضة قدرته مذللة له إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فى إصلاح حال اهل الخير وإفساد حال اهل الشر وفيه اشارة اخرى ان ربى على صراط مستقيم يدل طالبيه به عليه يقول من طلبه فليطلبه على صراط مستقيم الشريعة على أقدام الطريقة فانه يصل اليه بالحقيقة وايضا يعنى الصراط المستقيم هو الذي ينتهى اليه لا الى غيره كقوله وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [ودر نقد النصوص قدس سر جامعه مذكور است در باب احديت افعال وبيان تأثيرات ومؤثرات كه آن ذات متعاليه كه فى الحقيقة مصدر جميع افعال ومؤثر در تمام منفعلاتست بحكم تربيت هر يكى را بحسب قابليات بسوى حضرت خود مى كشاند اينست سر آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم]

كش كشاند مى كشد كانا اليه راجعون

چوروى جاى دگر فكر غلط باشد جنون

وازين مقوله ها است قول قائل

چون همه راه اوست از چپ وراست

تو بهر ره كه ميروى او راست

چون از وبود ابتداى همه

هم بدو باشد انتهاى همه

فَإِنْ تَوَلَّوْا فان تتولوا بحذف احدى التاءين اى وان تستمروا على التولي والاعراض فلا تفريط منى فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ اى لانى قد أديت ما علىّ من الإبلاغ والزام الحجة وكنتم محجوجين بان بلغكم الحق فابيتم الا التكذيب والجحود فالمذكور دليل الجزاء وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ كلام مستأنف اى ويهلككم الله ويجيئ بقوم آخرين يخلفونكم فى دياركم وأموالكم وَلا تَضُرُّونَهُ بتوليكم واعراضكم شَيْئاً من ضرر قط لانه لا يجوز عليه المضار والمنافع وانما تضرون أنفسكم إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ رقيب فلا يخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مجازاتكم واعلم انه بين وجوب التوكل على الله وكونه حفيظا حصينا اولا بان ربوبيته عامة لكل أحد ومن يرب يدبر امر المربوب ويحفظه فلا يحتاج حفظ الغير وثانيا بان كل ذى نفس تحت قهره أسير عاجز عن الفعل والتأثير فى غيره

ص: 149

فلا حاجة الى الاحتراز منه وثالثا بانه على طريق العدل فى عالم الكثرة الذي هو ظل وحدته فلا يسلط أحدا على أحد الا عن استحقاق لذلك بسبب ذنب وجرم ولا يعاقب أحدا من غير زلة ولو صغيرة نعم قد يكون لتزكية ورفع درجة فالمستفاد فى ضمن ذلك كله نفى القدرة عنهم وعن آلهتهم فلا حول ولا قوة الا بالله والله تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة وما يرى فى صورة الظلم فمن خفأ سره وحكمته والعارف ينظر الى الاسرار الإلهية ويحمل الوقائع على الحكم- حكى- انه كان رجل سقاء بمدينة بخارى يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان للذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت فالحت فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فاعجبنى بياض يدها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان من الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن إلا من الشيخ الذي فى الدكان فاقتص الله منه فى الدنيا وأمثال ذلك من عدل الله تعالى فليكن العباد على العدالة خصوصا الحكام والسلاطين فان العدل ينفع فى الدنيا والآخرة- حكى- ان ذا القرنين سأل من ارستطاليس أي شىء أفضل للملوك الشجاعة أم العدل فقال إذا عدل السلطان لم يحتج الى الشجاعة فمن آمن بالملك الديان وخشى من عذابه كل آن فقد عدل واحترز عن الظلم والطغيان وفاز بالدرجات فى أعلى الجنان والا فقد عرض نفسه لعذاب النيران بل ولعذاب الدنيا ايضا على أشد ما كان ألا ترى الى قوله تعالى حكاية وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ مع ماله من انواع اللعنة: قال السعدي قدس سره

نماند ستمكار بد روزكار

بماند برو لعنت پايدار

خنك روز محشر تن دادكر

كه در سايه عرش دارد مقر

وَلَمَّا [آن هنكام كه] جاءَ أَمْرُنا اى عذابنا فيكون واحد الأمور أو أمرنا بالعذاب فيكون مصدر امر نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وكانوا اربعة آلاف بِرَحْمَةٍ عظيمة كائنة مِنَّا اى نجيناهم بمجرد رحمة وفضل لا بأعمالهم لانه لا ينجو أحد وان اجتهد فى الأعمال والعمل الصالح الا برحمة الله تعالى كما هو مذهب اهل السنة وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ شديد وهو تكرير لبيان ما نجيناهم منه اى كانت تلك التنجية نتجية من عذاب غليظ وهى السموم التي كانت تدخل انوف الكفرة وتخرج من ادبارهم فتقطعهم اربا اربا وقد سبق تفصيل القصة فى سورة الأعراف فارجع إليها وفيه اشارة الى ان العذاب نوعان خفيف وغليظ فالخفيف هو عذاب الشقاوة المقدرة قبل خلق الخلق والغليظ هو عذاب الشقي بشقاوة معاملات الأشقياء التي تجرى عليه مع شقاوته المقدرة له قبل الوجود كما فى التأويلات النجمية- روى- ان الله تعالى لما أهلك عادا ونجى هودا والمؤمنين معه أتوا مكة وعبدوا الله تعالى فيها حتى ماتوا قال فى انسان العيون كل نبى من الأنبياء كان إذا كذبه قومه خرج

ص: 150

من بين أظهرهم واتى مكة يعبد الله تعالى حتى يموت وجاء (ما بين الركن اليماني والركن الأسود روضة من رياض الجنة) وان قبر هود وشعيب وصالح وإسماعيل عليهم السلام فى تلك البقعة وفى فتوح الحرمين

هيچ نبى هيچ ولى هم نبود

كونه برين در رخ اميد سود

كعبه بود نوكل مشكين من

تازه ازو باغ دل ودين من

وَتِلْكَ القبيلة يا قوم محمد عادٌ قال العلامة الطيبي كأنه تعالى اذن بتصوير تلك القبيلة فى الذهن ثم أشار إليها وجعلها خبرا للمبتدأ لمزيد الإبهام فيحسن التفسير بقوله جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ كل الحسن لمزيد الإجمال والتفصيل انتهى ويجوز ان تكون اشارة الى قبورهم وآثارهم كأنه تعالى قال سيروا فى الأرض فانظروا إليها واعتبروا ففى الكلام مجاز حذف اما قبل المبتدأ اى اصحاب تلك واما قبل الخبر اى قبور عاد كفروا بآيات ربهم بعد ما استيقنوها يعنى انهم كانوا يعرفون انها حق لكنهم جحدوها كما يجحد المودع الوديعة ويستمر على جحوده ولا يرعوى وَعَصَوْا رُسُلَهُ لانهم عصوا رسولهم ومن عصى رسوله فقد عصى الكل لاتفاق كلمتهم على التوحيد واصول الشرائع. قيل لم يرسل إليهم الا هود وحده وهذا الجحود والعصيان شامل لكل فرد منهم اى لرؤسائهم وأسافلهم وَاتَّبَعُوا اى الأسافل أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ [فرمان هر سركشى] عَنِيدٍ [ستيزه كار را] قال فى التبيان الجبار المتعظم فى نفسه المتكبر على العباد والعنيد الذي لا يقول الحق ولا يقبله وقال القاضي اى من كبرائهم الطاغين قال سعدى المفتى أشار الى ان الجبار بمعنى المتكبر فانه يأتى بمعنى المتكبر الذي لا يرى لاحد عليه حقا ويقال عند إذا طغى. والمعنى عصوا من دعاهم الى الايمان وما ينجيهم وأطاعوا من دعاهم الى الكفر وما يرديهم وَأُتْبِعُوا اى التابعون والرؤساء فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً اى ابعادا عن الرحمة وعن كل خير اى جعلت تابعة لهم ولازمة تكبهم فى العذاب كمن يأتى خلف شخص فيدفعه من خلف فيكبه وانما عبر عن لزوم اللعنة لهم بالتبعية للمبالغة قكأنها لا تفارقهم وان ذهبوا كل مذهب بل تدور معهم حيثما داروا ولوقوعه فى صحبة اتباعهم رؤساءهم يعنى انهم لما اتبعوا اتبعوا ذلك جزاء لصنيعهم جزاء وفاقا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ اى اتبعوا فى يوم القيامة ايضا لعنة وهى عذاب النار المخلد حذفت لدلالة الاولى عليها أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ جحدوه كأنهم كانوا من الدهرية وهم الذين يرون محسوسا ولا يرون معقولا وينسبون كل حادث الى الدهر قال فى الكواشي كفر يستعل متعديا ولازما كشكرته وشكرت له أَلا بُعْداً لِعادٍ [بدانيد كه دوريست مر عاديانرا يعنى از رحمت دورند] كما قال فى التبيان ابعدهم الله فبعدوا بعدا قَوْمِ هُودٍ عطف بيان لعاد لان عادا عادان عاد هود القديمة وعاد ارم الحديثة وانما كرر ألا ودعاءه عليهم وأعاد ذكرهم تهويلا لامرهم وتفظيعا له وحثا على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم: وفى المثنوى

بس سپاس او را كه ما را در جهان

كرد پيدا از پس پيشينيان

تا شنيديم آن سياستهاى حق

بر قرون ماضيه اندر سبق

ص: 151

استخوان و پشم آن كركان عيان

بنگريد و پند كيريد اى مهان

عاقل از سر بنهد اين هستى وباد

چون شنيد انجام فرعونان وعاد

ور نه بنهد ديكران از حال او

عبرتى كيرند از إضلال او

ثم قوله أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ دعاء عليهم بالهلاك اى ليبعد عاد بعدا وليهلكوا والمراد به الدلالة على انهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكى عنهم وذلك لان الدعاء بالهلاك بعد هلاكهم ففائدته ما ذكر ثم اللام تدل ايضا على الاستحقاق وعلى البيان كأنه قيل لمن فقيل لعاد قال سعدى المفتى ويجوز ان يكون دعاء عليهم باللعن وفى القاموس البعد والبعاد اللعن انتهى وفى الكفاية شرح الهداية اللعن على ضربين. أحدهما الطرد من رحمة الله تعالى وذلك لا يكون الا للكافر. والثاني الابعاد عن درجة الأبرار ومقام الصالحين وهو المراد بقوله عليه السلام (المحتكر ملعون) لان اهل السنة والجماعة لا يخرجون أحدا من الايمان بارتكاب الكبيرة وجاء فى اللعن العام (لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض) . قوله محدثا بكسر الدال معناه الآتي بالأمر المنكر مما نهى عنه وحرم عليه اى من آواه وحماه وذب عنه ولم يكن ينكر عليه ويردعه. ومنار الأرض العلامات التي تكون فى الطرق والحد بين الأراضي وفى الحديث (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده والواشمة والموشومة ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له) . الوشم هو الزرقة الحاصلة فى البدن بغرز الابرة فيه وجعل النيلة او الكحل فى موضعه. والواشمة الفاعلة. والموشومة المفعول بها ذلك وفى الحديث (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) اى الذي يسعى بينهما وفى الحديث (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وأكل ثمنها) ويكره للمسلم ان يؤجر نفسه من كافر لعصر العنب كما فى الأشباه ويجوز بيع العصير لمن يتخذه خمرا لان عين العصير عار عن المعصية وانما يلحقه الفساد بعد تغيره بخلاف بيع السلاح فى ايام الفتنة لان عينه آلة بلا تغيير يعنى يكره بيع السلاح ايام الفتنة إذا علم ان المشترى من اهل الفتنة لانه يكون سببا للمعصية وإذا باع مسلم خمرا وقبض الثمن وعليه دين كره لرب الدين اخذه منه لان الخمر ليست بمال متقوم فى حق الذمي فملك الثمن فحل الاخذ منه وفى الحديث (لعن المسلم كقتله) قال ابن الصلاح فى فتاواه قاتل الحسين رضى الله عنه لا يكفر بذلك وانما ارتكب ذنبا عظيما وانما يكفر بالقتل قاتل نبى من الأنبياء ثم قال والناس فى يزيد ثلاث فرق. فرقة تتولاه وتحبه. وفرقة تسبه وتلعنه. وفرقة متوسطة فى ذلك لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به مسالك سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين فى ذلك وهذه الفرقة هى المصيبة ومذهبها هو اللائق بمن يعرف سير الماضين ويعلم قواعد الشريعة المطهرة انتهى وقال سعد الدين التفتازانيّ

اللعن على يزيد فى الشرع يجوز

واللاعن يجزى حسنات ويفوز

قد صح لدى انه معتل

واللعن مضاعف وذلك مهموز

وباقى البحث فيه قد سبق فى سورة البقرة ألا لعنة الله على الظالمين قال فى حياة الحيوان

ص: 152

ان الله تعالى لم يجعل الدنيا مقصودة لنفسها بل جعلها طريقة موصلة الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الأنبياء والأولياء والابدال وحسبك بها هوانا انه سبحانه صغرها وحقرها وأبغضها وابغض أهلها ومحبها ولم يرض لعاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله ومن والاه وعالما او متعلما) ولا يفهم من هذا اباحة لعن الدنيا وسبها مطلقا كما روى ابو موسى الأشعري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر ان العبد إذا قال لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله من عصى ربه) وهذا يقتضى المنع من سب الدنيا ولعنها. ووجه الجمع بينهما ان المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله تعالى وشاغلا عنه كما قال السلف كل ما شغلك عن الله سبحانه من مال وولد فهو مشئوم عليك واما ما كان من الدنيا يقرب من الله ويعين على عبادته فهو المحمود بكل لسان المحبوب لكل انسان فمثل هذا لا يسب بل يرغب ويحب واليه الاشارة حيث قال (الا ذكر الله ومن والاه او عالما او متعلما) وهو المصرح به فى قوله (نعمت مطية المؤمن) إلخ وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين واعلم ان حقيقة اللعن هو الطرد عن الحضرة الإلهية الى طلب شهوات الدنيا وتعب وجدانها وتعب فقدانها فهو اللعنة الدنيوية واما اللعنة يوم القيامة فبالبعد والخسران والحرمان وعذاب النيران فالنفس إذا لم تقبل نصيحة هود القلب وتركت مشارب القلب الدينية الباقية من لوامع النورانية وطوامع الروحانية وشواهد الربانية وأقبلت على المشارب الدنيوية الفانية من الشهوات والمستلذات الحيوانية وثناء الخلق والجاه عندهم وأمثال هذا فقد جاء فى حقها ألا بعدا اى طردا وفرقة وقطيعة وحسرة لها عصمنا الله وإياكم من مكايد النفس الامارة وشرفنا بصلاح الحال الى آخر الأعمار والآجال وَإِلى ثَمُودَ اى وأرسلنا الى ثمود وهى قبيلة من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عاد بن ارم بن سام. وقيل انما سموا بذلك لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل. فى تفسير ابى الليث انما لم ينصرف لانه اسم قبيلة وفى الموضع الذي ينصرف جعله اسما للقوم أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب صالِحاً عطف بيان لاخاهم وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسخ بن عبيد بن خاور ابن ثمود قالَ استئناف بيانى كأن قائلا قال فما قال لهم صالح حين أرسل إليهم فقيل قال يا قَوْمِ [اى قوم من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ

[نيست شما را معبودى جزوى] هُوَ لا غيره لانه فاعل معنوى وتقديمه يدل على القصر أَنْشَأَكُمْ كونكم وخلقكم مِنَ الْأَرْضِ من لابتداء الغاية اى ابتداء انشاءكم منها فانه خلق آدم من التراب وهو أنموذج منطو على جميع ذرياته التي ستوجد الى يوم القيامة انطواء اجماليا لان كل واحد منهم مخلوق من المنى ومن دم الطمث والمنى انما يتولد من الدم والدم انما يتولد من الاغذية وهى اما حيوانية او نباتية والنباتية انما تتولد من الأرض والاغذية الحيوانية لا بد ان تنتهى الى الاغذية النباتية المتولدة من الأرض فثبت انه تعالى

ص: 153

انشأ الكل من الأرض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها من العمر يقال عمر الرجل يعمر عمرا بفتح العين وسكون الميم اى عاش زمانا طويلا واستعمره الله اى أطال بقاءه ونظيره بقي الرجل واستبقاه الله من البقاء اى ابقاء الله فبناء استفعل للتعدية. والمعنى عمركم واستبقاكم فى الأرض وبالفارسية [وزندكانى وبقا داد شما را در زمين. در مدارك مذكورست كه سال عمر هر يك از ثمود از سيصد تا هزار بوده] ويجوز ان يكون من العمارة بالفارسية [آبادان كردن] قال كعب قوله تعالى وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها يدل على وجوب عمارة الأرض لان الاستعمار طلب العمارة والطلب المطلق منه تعالى يحمل على الأمر والإيجاب. والمعنى أمركم بالعمارة فيها وأقدركم على امارتها كما قال الكاشفى [شما را قدرت داد بر عمارت زمين تا منازل نزه ساختيد

وبر حفر انهار وغرس أشجار اشتغال نموديد] فَاسْتَغْفِرُوهُ فاطلبوا مغفرة الله بالايمان يعنى [ايمان آريد تا شما را بيامرزد] فان ما فصل من فنون الإحسان داع الى الاستغفار ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ من عبادة غيره لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان وقد سبق تحقيق «ثم» هذه غير مرة إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ اى قريب الرحمة لقوله تعالى إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ مُجِيبٌ لمن دعاء وسأله قال سعدى المفتى والذي يلوح للخاطر ان قوله تعالى قريب ناظر لتوبوا ومجيب لاستغفروا اى ارجعوا الى الله فانه قريب ما هو بعيد واسألوا منه المغفرة فانه مجيب لسائله لا يخيبه

محالست اگر سر برين در نهى

كه باز آيدت دست حاجت تهى

وحظ العبد من الاسم المجيب ان يجيب ربه فيما امره ونهاه ويتلقى عباده بلطف الجواب واسعاف السؤال والعبد إذا أجاب ربه فالله تعالى يجيبه كما قال ابو طالب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما أطوع ربك فقال عليه السلام (وأنت يا عم لو أطعته لأطاعك) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر الدعاء يوذن بالبعد وهو تعالى القريب وإذا كان القريب فلم تدعو وان سكت قال لك لم تدعو هل استكبرت فلم تبق الغبطة الا للاخرس وهم البكم صم بكم عمى طوبى لهم وحسن مآب انتهى وهذا وصف العلماء بالله وهم الذين قيل فيهم من عرف الله كل لسانه

چوبيت المقدس درون بر قباب

رها كرده ديوار بيرون خراب

بخود سر فرو برده همچون صدف

نه ماند ز دريا بر آورده كف

واعلم ان عمارة الظاهر بافعال الشريعة من اسباب عمارة الباطن بأخلاق الربانية. قال العلماء العمارة متنوعة الى واجب ومندوب ومباح وحرام فالواجب مثل سد الثغور وبناء القناطر على الانهر المهلكة وبناء المسجد الجامع فى المصر وغير ذلك والمندوب كبناء القناطر على الانهر الصغيرة والمساجد والمدارس والرباطات ونحو ذلك تيسيرا للناس والمباح كالزوايا والخانقاهات والبيوت التي تقى الحر والبرد وربما تكون الاخيرة واجبة قال فى الاسرار المحمدية الغرض من المسكن دفع المطر والبرد واقل الدرجات فيه معلوم ومازاد عليه فهو من الفضول والاقتصار على الأقل والأدنى يمكن فى الديار الحارة واما فى البلاد الباردة فى

ص: 154

غلبة البرد ونفوذه من الجدران الضعيفة حتى كاد يهلك او يمرض فالبناء بالطين وأحكامه لا يخرجه عن حد الزاهدين وكذا فى ايام الصيف عند اشتداد الحر واستضراره واستضرار أولاده بالبيت الشتوي السفلى لعدم نفوذ الهواء البارد فيه ومن براغيثه فى الليل المزعجات عن النوم وانواع الحشرات فيه فلا يجوز حملهم على الزهد بان يتركهم على هذه الحال بل عليه ان يبنى لهم صيفيا علويا لما روينا عن النبي عليه السلام (من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء او غرس غرسا فى غير ظلم ولا اعتداء كان له اجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن) انتهى والحرام كابنية الجهلة الذين بنوا للمباهاة وابنية الظلمة وغير ذلك مما ليس به حاجة. وفى الخبر (من بنى فوق ما يكفيه جاء يوم القيامة وهو حامله على عنقه) وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ما كان منها لله تعالى) وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما كان فيهم من عسف الرعايا فسأل نبى من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فاوحى اليه انهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادى وعن معاوية انه أخذ فى احياء الأرض فى آخر امره فقيل له فقال ما حملنى عليه الأقوال القائل

ليس الفتى بفتى يستضاء به

ولا يكون له فى الأرض آثار

والمراد بهذه الآثار ما يتناول العمارة الواجبة والمندوبة: قال سعدى قدس سره

نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى

پل ومسجد وخان ومهمان سراى

هر آن كو نماند از پسش يادگار

درخت وجودش نياورد بار

وگر رفت آثار خيرش نماند

نشايد پس از مرك الحمد خواند

قالُوا اى قوم صالح بعد دعوتهم الى الله تعالى وعبادته يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا فيما بيننا مَرْجُوًّا مأمولا قَبْلَ هذا الوقت وهو وقت الدعوة كانت تلوح فيك مخايل الخير وامارات الرشد والسداد فكنا نرجوك ان تكون لنا سيدا ننتفع بك ومستشارا فى الأمور ومسترشدا فى التدابير فلما سمعنا منك هذا القول انقطع رجاؤنا عنك وعلمنا ان لا خير فيك كما يقول بعض اهل الإنكار لبعض من يسلك طريق الارادة والطلب ان هذا قد فسد بل جن وكان قبل هذا رجلا صالحا عاقلا فلا يرجى منه الخير: وفى المثنوى

عقل جزوى عشق را منكر بود

كر چهـ بنمايد كه صاحب سر بود

قال الحافظ

مبين حقير كدايان عشق را كين قوم

شهان بي كمر وخسروان بي كلهند

غلام همت دردى كشان يك رنكيم

نه زين گروه كه ازرق ردا ودل سيهند

أَتَنْهانا معنى الهمزة الإنكار اى أتمنعنا من أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا اى عبدوه والعدل الى صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية وَإِنَّنا من قال انا أسقط النون الثانية من ان دون كناية المتكلمين نا وهو المختار لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد وترك عبادة الأوثان مُرِيبٍ موقع فى الريبة اى قلق النفس وانتفاء الطمأنينة: يعنى [كمانى كه نفس را مضطرب ميسازد ودل آرام نمى دهد وعقل را شوريده مى كرداند] من ارابه اى

ص: 155

أوقعه فى الريبة واسناد الارابة الى الشك وهو ان يبقى الإنسان متوقفا بين النفي والإثبات مجازى لان الريب هو انتفاء ما يرجح أحد طرفى النسبة او تعارض الادلة لا نفس الشك وقال سعدى المفتى يجوز ان يعتقدوا ان الشك يوقع فى القلق والاضطراب فيكون الاسناد حقيقيا وان كان الموقع عند الموحدين هو الله تعالى قالَ صالح يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني إِنْ كُنْتُ فى الحقيقة عَلى بَيِّنَةٍ حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة مِنْ رَبِّي مالكى ومتولى امرى وَآتانِي مِنْهُ من جهته رَحْمَةً نبوة وانما اتى بحرف الشك مع انه متيقن انه على بينة وانه نبى لان خطابه للجاحدين وهو على سبيل الفرض والتقدير كأنه قال افرضوا وقدروا انى على بينة من ربى وانى نبى بالحقيقة وانظروا ان تابعتكم وعصيت ربى فيما أمرني فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ اى فمن يمنعنى من عذاب الله ففيه تضمين ينصر معنى يمنع وتقدير المضاف قبل اللفظة الجليلة وقال فى الإرشاد فمن ينصرنى منجيا من عذابه تعالى إِنْ عَصَيْتُهُ فى تبليغ رسالته والنهى عن الإشراك به فَما تَزِيدُونَنِي إذا باستتباعكم إياي كما ينبئ عنه قولهم قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا اى لا تفيدوننى إذ لم يكن فيه اصل الخسران حتى يزيدوه غَيْرَ تَخْسِيرٍ اى غير ان تجعلونى خاسرا بابطال أعمالي وتعريضى لسخط الله تعالى او فما تزيدوننى بما تقولون لى وتحملوننى عليه غير ان أنسبكم الى الخسران وأقول لكم انكم لخاسرون فالزيادة على معناها وصيغة التفعيل للنسبة يقال فسقه وفجره إذا نسبه الى الفسق والفجور فكذا خسره إذا نسبه الى الخسران وفى الآية اشارة الى ان لا رجوع عن الحق بعد ما استبان فانه ماذا بعد الحق الا الضلال والخذلان والخسران قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وفى شرح التجليات البيعة لازمة الى ان يلقى الله تعالى ومن نكث الاتباع فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب اليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره حظه فى الآخرة واما الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فعاد عليه بردا وسلاما وهذا نتيجة الوفاء واعلم ان المبايع فى الحقيقة وهو معطى البيعة هو الله تعالى لكن خلق الوسائط والوسائل ليسهل الاخذ والعهد فجعل الأنبياء والشيوخ الورثة والسلاطين اللاحقين بالشيوخ مبايعين فهم معصومون محفوظون لا يأمرون بمعصية أصلا ولا يتصور منهم نكث العهد قطعا فبقى الاتباع فمن لزم منهم الباب استسعد بحسن المآب ومن رجع القهقرى ونعوذ بالله اذله الله وأخزاه: وفى المثنوى

مرسكانرا چون وفا آمد شعار

روسكانرا ننك بدنامى ميار

بي وفائى چون سكانرا عار بود

بي وفائى چون روا دارى نمود

ص: 156

فعلى العاقل ان لا يكون فى تردد وشك مما دعا اليه الأنبياء والأولياء من التوحيد وحقائقه بل يتبع الحق الى ان يصل الى دقائقه فان التردد والشك من أوصاف الكفرة والقلق والاضطراب من احوال الفجرة

اين تردد عقبه راه حقست

اى خنك آنرا كه پايش مطلقست «1»

بى تردد مى رود بر راه راست

ره نمى دانى بجو كامش كجاست

كام آهو را بگير ورو معاف

تا رسى از كام آهو تا بناف

كر كران وكر شتابنده بود

عاقبت جوينده يابنده بود «2»

وقد رأينا فى زماننا اشخاصا يطلبون شيوخا ورثة هم على بينة من ربهم فلا يجدونهم لان فى الطلب ضعفا وترددا وفى الاعتقاد والهمة توزعا وتفرقا فاذا لم يكن الطالب على بصيرة من الأمر لا يجد اهل البصيرة وان كانوا نصب عينيه بل تزداد خسارته ونعم ما قيل الشمس شمس وان لم يرها الضرير ألا ترى الى طغاة الأمم السالفة كيف أنكروا الأنبياء مع ظهور حججهم وبراهينهم اللهم انا نسألك العصمة والتوفيق وَيا قَوْمِ- روى- عن النبي عليه السلام انه قال ان صالحا لما دعا قومه الى الله تعالى كذبوه فضاق صدره فسأل ربه ان يأذن له فى الخروج من عندهم فاذن له فخرج وانتهى الى ساحل البحر فاذا رجل يمشى على الماء فقال له صالح ويحك من أنت فقال انا من عباد الله كنت فى سفينة كان قومها كفرة غيرى فاهلكهم الله ونجانى منهم فخرجت الى جزيرة أتعبد هناك فاخرج أحيانا واطلب شيأ من رزق الله ثم ارجع الى مكانى فمضى صالح فانتهى الى تل عظيم فرأى رجلا فانتهى اليه وسلم عليه فرد عليه السلام فقال له صالح من أنت قال كانت هاهنا قرية كان أهلها كفارا غيرى فاهلكهم الله تعالى ونجانى منها فجعلت على نفسى ان اعبد الله تعالى هاهنا الى الموت وقد أنبت الله لى شجرة رمان واظهر عين ماء آكل من الرمان واشرب من ماء العين واتوضأ منه فذهب صالح وانتهى الى قرية كان أهلها كفارا كلهم غير أخوين مسلمين يعملان عمل الخوص فضرب النبي عليه السلام مثلا فقال لو ان مؤمنا دخل قرية فيها الف رجل كلهم كفار وفيهم مؤمن واحد فلا يسكن قلبه مع أحد حتى يجد المؤمن ولو ان منافقا دخل قرية فيها الف رجل كلهم مؤمنون وفيهم منافق واحد فلا يسكن قلب المنافق مع أحد ما لم يجد المنافق فدخل صالح وانتهى الى الأخوين فمكث عندهما أياما وسأل عن حالهما فاخبرا انهما يصبران على أذى المشركين وانهما يعملان عمل الخوص ويمسكان قوتهما ويتصدقان بالفضل فقال صالح الحمد لله الذي أراني فى الأرض من عباده الصالحين الذي صبروا على أذى الكفار فانا ارجع الى قومى واصبر على اذاهم فرجع إليهم وقد كانوا خرجوا الى عيد لهم فدعاهم الى الايمان فسألوه آية فقال أية آية تريدون فاشار سيدهم جندع بن عمرو الى صخرة منفردة يقال لها الكاثبة وقال له اخرج من هذه الصخرة ناقة واسعة الجوف كثيرة الوبر عشراء اى أتت عليها من يوم أرسل الفحل عليها عشرة أشهر فان فعلت صدقناك فاخذ عليهم مواثقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن فقالوا نعم فصلى ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج

(1) در أوائل دفتر سوم در بيان قصه اصحاب ضروان وحيله كردند إلخ

(2)

در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت آن مرد كه در عهد داود عليه السلام إلخ

ص: 157

بولدها فانشقت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا فقال يا قوم هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ الاضافة للتشريف والتنبيه على انها مفارقة لسائر ما يجانسها من حيث الخلقة ومن حيث الخلق لان الله تعالى خلقها من الصخرة دفعة واحدة من غير ولادة وكانت عظيمة الجثة جدا لَكُمْ آيَةً معجزة دالة على صدق نبوتى فآمن جندع به فى جماعة وامتنع الباقون وانتصاب آية على الحال من ناقة الله وعاملها ما فى اسم الاشارة من معنى الفعل اى أشير إليها آية ولكم حال من آية متقدمة عليها لكونها نكرة لو تأخرت لكانت صفة لها فلما تقدمت انتصبت حالا فَذَرُوها اى خلوها وشأنها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ترع نباتها وتشرب ماءها فهو من قبيل الاكتفاء نحو تقيكم الحر والمراد انه عليه السلام رفع عن القوم مؤونتها يعنى [روزىء او بر شما نيست ونفع او را شما راست] كما روى انها كانت ترعى الشجرة وتشرب الماء ثم تفرج بين رجليها فيحلبون ما شاؤا حتى تمتلئ أوانيهم فيشربون ويدخرون وهم تسعمائة اهل بيت ويقال الف وخمسمائة ثم انه عليه السلام لما خاف عليها منهم لما شاهد من إصرارهم على الكفر فان الخصم لا يحب ظهور حجة خصمه بل يسعى فى اخفائها وابطالها بأقصى ما يمكن من السعى فلهذا احتاط وقال وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ [ومرسانيد بوى آزارى] فالباء للتعدية بولغ فى النهى عن التعرض لها بما يضرها حيث نهى عن المس الذي هو من مبادى الاصابة ونكر السوء ليشمل جميع انواع الأذى من ضرب وعقر وغير ذلك اى لا تضربوهما ولا تطردوها ولا تقربوها بشئ من الأذى فضلا عن عقرها وقتلها فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ اى قريب النزول وكانت تصيف بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم الى بطنه وتشتو ببطنه فتهرب مواشيهم الى ظهره فشق عليهم ذلك فَعَقَرُوها عقرها قدار بامرهم ورضاهم وقسموا لحمها على جميع القرية. والعقر قطع عضو يؤثر فى النفس وقدار كهمام بالدال المهملة اسم رجل وهو قدار بن سالف وتفصيل القصة سبق فى سورة الأعراف قال الكاشفى [صالح عليه السلام در ان وقت در ميان قوم نبود و چون بيامد حال با او تقريد كردند] فَقالَ لهم صالح تَمَتَّعُوا اى عيشوا فِي دارِكُمْ فى بلدكم ومنازلكم وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها اى يتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد كما فى بحر العلوم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ الأربعاء والخميس والجمعة فانهم عقروها ليلة الأربعاء واهلكوا صبيحة يوم السبت كما فى التبيان قيل قال لهم تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب وكان كما قال ذلِكَ اشارة الى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة ايام من نزول العذاب عقيبها وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ اى غير كذب كالمجلود بمعنى الجلد الذي هو الصلابة والجلادة او غير مكذوب فيه فحذف حرف الجر فاتصل الضمير باسم المفعول بإقامته مقام المفعول به توسعا كما يقال شهدناه والأصل شهدنا فيه فاجرى الظرف مجرى المفعول وذلك لان الوعد انما يوصف بكونه غير مكذوب إذا كان من شأنه ان يكون مكذوبا وليس كذلك لان المصدوق والمكذوب من كان مخاطبا بالكلام المطابق للواقع وغير

ص: 158

الواقع وقلما يوصف بهما الا الإنسان الصالح للخطاب والاشارة ان القوم انما فعلوا ذلك جهلا منهم بحقيقة الأمر ولا داء ادوأ من الجهل والدنيا مسكن النفس ومقرها والتمتع فيها ثلاثة ايام اليوم الاول هو يوم الجهل وفيه تصفر الوجوه واليوم الثاني هو يوم الغفلة وفيه تحمر الوجوه واليوم الثالث هو يوم الرين والختم على القلوب وفيه تسود الوجوه فلا يبقى الا العذاب فعلى العاقل ان يزيل حجاب الجهل بمعرفة الله تعالى والغفلة يا ليقظة قبل حصول الرين فانه عند حصوله لا يوجد له العلاج فانه الداء العضال ونعوذ بالله تعالى وكما تتلون الوجوه بنار الجلال كذلك تتلون بنور الجمال كما قال ذو النون المصري بينما انا فى طريق البصرة إذ سمعت قائلا يقول يا شفيق يا رفيق ارفق بنا فطلبت الصوت فاذا انا بجارية متطلعة من قصر مشرف فقلت أراك مسفرة بغير خمار فقالت ما يصنع بالخمار وجه قد علاه الصفار قلت ومم الصفار قالت من الخمار قلت يا جارية عساك تناولت من الشراب قالت نعم شربت البارحة بكأس الودّ مسرورة فاصبحت غداة صباحى هذا من شوقه مخمورة قلت أراك حكيمة فعظينى قالت عليك بالسكوت ولزوم خدمته فى ظلم البيوت حتى يتوهم الناس انك مبهوت وارض من الله بالقوت واستعد ليوم تموت لكى يبنى لك بيت فى الملكوت أساسه من الزبرجد والياقوت: وفى المثنوى

روح همچون صالح وتن ناقه است

روح اندر وصل وتن در فاقه است

روح صالح قابل آفات نيست

زخم بر ناقه بود بر ذات نيست

روح صالح قابل آزار نيست

نور يزدان سغبه كفار نيست

جسم خاكى را بدو پيوسته جان

تا بيازارند وبينند امتحان

بى خبر كازار اين آزار اوست

آب اين خم متصل با آب جوست

ناقه جسم ولى را بنده باش

تا شوى با روح صالح خواجه تاش

فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا [پس آن هنكام كه آمد فرمان ما بعذاب ايشان] نَجَّيْنا التنجية [نجات دادن] صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ متعلق بنجينا او بآمنوا وهو الأظهر إذ المراد آمنوا كما آمن صالح واتبعوه فى ذلك لا ان زمان ايمانهم مقارن لزمان إيمانه فان ايمان الرسول مقدم على ايمان من اتبعه من المؤمنين بِرَحْمَةٍ اى ملتبسين بمجرد رحمة عظيمة مِنَّا وفضل لا بأعمالهم كما هو مذهب اهل السنة قال فى التأويلات النجمية هى توفيق اعمال النجأة وقال فى الإرشاد هى بالنسبة الى صالح النبوة والى المؤمنين الايمان وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ عطف على نجينا اى ونجيناهم من خزى يومئذ اى من زله ومهانته وفضيحته ولا خزى أعظم من خزى من كان هلاكه بغضب الله وانتقامه قال ابن الشيخ كرر نجينا لبيان ما نجاهم منه وهو هلاكهم يومئذ اى يوم إذ جاء أمرنا فان إذ مضافة الى جملة محذوفة عوض عنها التنوين او هو الذل والهوان الذي نزل بهم فى ذلك اليوم ولزمهم بحيث بقي ما لحقهم من العار بسببه مأثورا عنهم ومنسوبا إليهم الى يوم القيامة فان معنى الخزي العيب الذي تظهر فضيحته ويستحيى من مثله واعلم ان ظرف الزمان إذا أضيف الى مبنى جاز فيه البناء والاعراب فمن قرأ بفتح الميم بناه لاضافته الى مبنى وهو إذ الغير المتمكن ومن قرأ بكسرها أعربه لاضافة الخزي اليه

ص: 159

والقراءة الأولى لنافع والكسائي والثانية لغيرهما إِنَّ رَبَّكَ يا محمد هُوَ الْقَوِيُّ القادر على كل شىء الْعَزِيزُ الغالب عليه لا غيره وقال الكاشفى هُوَ الْقَوِيُّ [اوست توانا بنجات مؤمنان الْعَزِيزُ غالب بر دشمنان بر هلاك ايشان] ولكون الاخبار بتنجية الأولياء لا سيما عند الانباء بحلول العذاب أهم ذكرها اولا ثم اخبر بهلاك الأعداء فقال وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم الصَّيْحَةُ اى صيحة جبرائيل عليه السلام وهو فاعل أخذ والموصول مفعوله والصيحة فعلة تدل على المرة من الصياح وهو الصوت الشديد يقال صاح يصيح صياحا اى صوت بقوة وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة ولعلها وقعت عقيب الصيحة المستتبعة لتموج الهواء قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه در آن سه روز كه وعده حيات داشتند در خانهاى خود ساكن شده قبرها كنديدند ومنتظر عذاب مى بودند چون روز چهارم آفتاب طالع شده وعذاب نيامد از منازل بيرون آمده يكديكر را مى خواندند واستهزا ميكردند كه ناكاه جبرائيل بر صورت اصل خويش پايش بر زمين وسر بر آسمان پرهاى خويش نشر كرده از مشرق تا مغرب پايهاى وى زرد وبالهايش سبز ودندانهاى سفيد وبراق و پيشانى با جلا ونورانى ورخسارى برافروخته وموى سروى سرخ برنك مرجان ظاهر شده وأوفق را بپوشيد وقوم ثمود آن حالرا مشاهده نمودند وروى بمساكن نهاده بقبور در آمدند جبرائيل نعره زد كه موتوا عليكم لعنة الله بيكبار همه مردند وزلزله در خانها افتاده سقفها بر ايشان فرود آمد] فَأَصْبَحُوا اى صاروا فِي دِيارِهِمْ فى بلادهم او فى مساكنهم جاثِمِينَ خامدين ميتين لا تحركون والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب بهم من غير اضطراب وحركة كما يكون ذلك عند الموت المعتاد. ولا يخفى ما فيه من الدلالة على شدة الاخذ وسرعته اللهم انا نعوذ بك من حلول غضبك. وجثومهم سقوطهم على وجوههم او الجثوم السكون يقال للطير إذا باتت فى او كارها جثمت ثم ان العرب أطلقوا هذا اللفظ على ما لا يتحرك من الموت قال فى بحر العلوم يقال الناس جثم اى قعود لا حراك بهم ولا ينبسون بنبسة ومنه المجثمة التي نهى الشرع عنها وهى البهيمة تربط وتوجمع قوائمها لترمى: وفى المثنوى

شحنه قهر خدا ايشان بجست

خونبهاى اشترى شهرى درست

چون همه در نااميدى سر زدند

همچواشتر در دو زانو آمدند

در نبى آورد جبريل أمين

شرح اين زانو زدن را جاثمين

زانو آندم زن كه تعليمت كنند

وز چنين زانو زدن بيمت كنند

كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها اى كأنهم لم يقيموا فى ديارهم ولم يكونوا احياء مترددين متصرفين وهو فى موقع الحال اى أصبحوا جاثمين مماثلين لمن لم يوجد ولم يقم فى مقام قط. والمغني المنزل والمقام الذي يقيم الحي به يقال غنى الرجل بمكان كذا اى اقام به وغنى اى عاش أَلا [بدانيد] إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ جحدوا بوحدانية الله تعالى فهذا تنبيه وتخويف لمن بعدهم أَلا بُعْداً [دورى وهلاك] لِثَمُودَ فقوله بعدا مصدر وضع موضع فعله فان معناه بعدوا اى هلكوا واللام لبيان من دعى عليهم وفائدة الدعاء عليهم بعد هلاكهم الدلالة على استحقاقهم عذاب

ص: 160

الاستئصال بسبب كفرهم وتكذيبهم وعقرهم ناقة الله تعالى وعن جابر رضى الله عنه ان رسول الله لما نزل الحجر فى غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال (يا ايها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها فعتوا عن امر ربهم فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام وكان وعدا من الله غير مكذوب ثم جاءتهم الصيحة فاهلك الله من كان فى مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان فى حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله يقال له ابو رغال) قيل له يا رسول الله من ابو رغال قال (ابو ثقيف) الاشارة فيه انه أشار الى إهلاك النفس وصفاتها بعذاب البعد وصاعقة القهر الا ما كان فى حرم الله تعالى وهو الشريعة يعنى النفس وصفاتها ان لم تكن آمنت ولكن التجأت الى حرم الشريعة آمنت من عذاب البعد فتكون بقدر التجائها فى القرب وجوار الحق وهو الجنة ولهذا قال تعالى للنفس المطمئنة فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي كما فى التأويلات النجمية. والناس فى القرب والبعد والسلوك والترك على طبقات. فمنهم من اختار الله له فى الأزل البلوغ اليه بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده. ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله تعالى حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه. ومنهم من بقي فى الطريق ولم يصل الى المقصد الأقصى لكون نشأته غير حاملة لما اراده. ومنهم من لم يدر ما الطريق وما الدخول فيها فبقى فى مقامه الطبيعي: قال الحافظ

قومى بجد وجهد خريدند وصل دوست

قومى دكر حواله بتقدير ميكنند

اما الاول فاخذوا بقول الله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فالوصل إذا مما للكسب مدخل فيه فيكون كالوزارة الممكن حصولها بالأسباب. واما الثاني فجعلوا الوصل من الاختصاصات الالهية التي ليس للكسب مدخل فيها عند الحقيقة فهو كالسلطنة قال الله تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وقال يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وقال وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ هكذا لاح للخاطر والله اعلم بالبواطن والظواهر وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ اى وبالله لقد جاء جبريل وجمع من الملائكة معه فى صورة الغلمان الذين يكونون فى غاية الحسن والبهاء والجمال الى ابراهيم عليه السلام بِالْبُشْرى اى ملتبسين بالبشارة بالولد من سارة بدليل ذكره فى سور اخرى ولانه اطلق البشرى هنا وقيد فى قوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ والمطلق محمول على المقيد قالُوا استئناف بيانى سَلاماً اى سلمنا عليك سلاما او نسلم. وبالفارسية [سلام ميكنيم بر تو سلام كردنى] قالَ ابراهيم عليكم سَلامٌ حياهم بأحسن من تحيتهم لان الجملة الفعلية دالة على التجدد والحدوث والاسمية دالة على الثبات والاستمرار قال الكافي [ابراهيم عليه السلام ندانست كه فرشتگانند ايشانرا در مهمانخانه نشانيد] فَما نافية لَبِثَ مكث ابراهيم أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ ولد البقرة حَنِيذٍ يعنى [پس درنك نكرد تا آنكه آورد كوساله بريان كرده بر سنك كرم] والحنيذ هو المشوى فى حفرة من الأرض بالحجارة المحماة بغير تنور ومن غير ان تمسه النار

ص: 161

كفعل اهل البادية فانهم يشوون فى الأخدود بالحجارة المحماة وفى الكواشي حنيذ مشوى فى حفيرة يقطر دسما من حنذت الفرس إذا وضعت اليه جلاله ليسيل عرقه وفى التأويلات النجمية قالُوا سَلاماً اى نبلغك سلاما قولا من رب رحيم قالَ سَلامٌ اى علينا سلام الجليل وهذا كما كان حال الحبيب ليلة اسرى به قال (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) قال الحبيب (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) والفرق بين الحبيب والخليل ان سلام الحبيب بلا واسطة وسلام الخليل بواسطة الرسل وفى سلام الحبيب زيادة رحمة الله وبركاته فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ تكرمة لسلام الخليل وإعزازا لرسله انتهى

قاصد دلبر كه آرد يك پيام

از حبيب من كه آمد يك سلام

مژدكانه مال وجانم مى دهم

هر چهـ ميدارم براهش مى نهم

قال مقاتل انما جاءهم بالعجل لانه كان اكثر ماله البقر فلما قرب إليهم ووضع بين أيديهم كفوا عنه فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ لا يمدون الى العجل أيديهم للاكل نَكِرَهُمْ أنكر ذلك منهم ولم يعرف سبب عدم تناولهم منه وامتناعهم عنه وَأَوْجَسَ الإيجاس الإدراك. وفى التهذيب [بيم در دل كرفتن] اى أحس وأدرك مِنْهُمْ من جهتهم خِيفَةً لما وقع فى نفسه انهم ملائكة وان نزولهم لامر أنكره الله عليه او لتعذيب قومه قال فى التأويلات النجمية ما كان خوف ابراهيم خوف البشرية بان خاف على نفسه فانه حين رمى بالمنجنيق الى النار ما خاف على نفسه وقال أسلمت لرب العالمين وانما كان خوفه خوف الرحمة والشفقة على قومه يدل عليه قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا بالعذاب إِلى قَوْمِ لُوطٍ خاصة ما أرسلنا الى قومك فكن طيب النفس وكان أخا سارة او ابن أخي ابراهيم عليهما السلام وَامْرَأَتُهُ سارة بنت هاران بن ناخور وهى ابنة عمه قائِمَةٌ وراء الستر بحيث تسمع محاوراتهم او على رؤسهم للخدمة وكانت نساؤهم لا تحجب كعادة الاعراب ونازلة البوادي والصحراء ولم يكن التبرج مكروها وكانت عجوزا وخدمة الضيفان مما يعد من مكارم الأخلاق والجملة حال من ضمير قالوا اى قالوا لابراهيم لا تخف فى حال قيام امرأته فَضَحِكَتْ سرورا بزوال الخوف فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ اى عقبنا سرورها بسرور أتم منه على ألسنة رسلنا وإسحاق بالعبرانية الضحاك وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام فهو من الاضداد وقد يستعار للزمان كما فى هذا المكان. والمعنى وهبنا لها بعد إسحاق يَعْقُوبَ فهو من عطف جملة على جملة ولا يكون يعقوب على هذا مبشرا به وقال فى التبيان اى بشروها بانها تلد إسحاق وانها تعيش الى ان ترى ولد الولد وهو يعقوب بن إسحاق والاسمان يحتمل وقوعهما فى البشارة كيحيى حيث سمى به فى البشارة قال الله تعالى إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ويحتمل وقوعهما فى الحكاية بعد ان ولد فسميا بإسحاق ويعقوب وتوجيه البشارة إليها لا اليه مع انه الأصل فى ذلك للدلالة على ان الولد المبشر به يكون منها ولانها كانت عقيمة حريصة على الولد وكان لابراهيم ولده إسماعيل من هاجر لان المرأة أشد فرحا بالولد وقال ابن عباس ووهب

ص: 162

فضحكت تعجبا من ان يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها وعلى هذا تكون الآية من التقديم والتأخير تقديره وامرأة قائمة فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فضحكت كما فى بحر العلوم وتفسير ابى الليث وقال فى التأويلات النجمية هذه البشارة لها ما كانت بشارة تتعلق ببشريتها وحيوانيتها وما كان ضحكها للسرور بحصول الابن الذي هو من زينة الدنيا وانما كان ضحكها لسرور نجاة القوم من العذاب وكانت بشارتها بنبوة ابنها إسحاق بعد ابراهيم ومن وراء إسحاق يعقوب اى بعد إسحاق يكون يعقوب نبيا وتكون النبوة فى عقبهم الى عهد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فانه يكون من عقب إسماعيل قال الكاشفى عند قوله تعالى بِالْبُشْرى [در حقايق آورده كه مژده بود بظهور حضرت سيد أنبياء از صلب وى بآنكه خاتم پيغمبران وصاحب لواء حمد است وجه بشارت در مقابله اين تواند بود كه پدرى را چنين پسر باشد]

خوش وقت آن پدر كه چنين باشدش پسر

ساباش از آن صدف كه چنين پرورد كهر

آبا ازو مكرم وابنا ازو عزيز

صلوا عليه ما طلع الشمس والقمر

قالَتْ كأنه قيل فماذا قالت إذ بشرت بذلك فقيل قالت يا وَيْلَتى اى يا عجبا أصله يا ويلتى فابدل من الياء الالف ومن كسرة التاء الفتحة لان الالف مع الفتحة أخف من الياء مع الكسرة واصل هذه الكلمة فى الشر لأن الشخص ينادى ويلته وهى هلكته يقول لها تعالى واحضرى فهذا أوان حضورك ثم اطلق فى كل امر عجب كقولك يا سبحان الله وهو المراد هنا قال سعدى المفتى اصل الدعاء بالويل ونحوه فى التفجع لشدة مكروه يدهم النفس ثم استعمل فى عجب يدهم النفس آلد [آيا من بزايم] وَأَنَا عَجُوزٌ بنت تسعين او تسع وتسعين سنة لم الد قط وَهذا الذي تشاهدونه بَعْلِي اى زوجى وأصله القائم بالأمر شَيْخاً ابن مائة سنة او مائة وعشرين ونصبه على الحال والعامل معنى الاشارة قال فى الكواشي كأنها اشارت الى معروف عندهم اى هذا المعروف بعلى ثم قالت شيخا اى أشير اليه فى حال شيخوخته ولو لم يكن معروفا عندهم لكان يجب ان يكون بعلها مدة شيخوخته ولم يكن بعلها مدة شبيبته ونحوه هذا زيد قائما ان أخبرت من يعرفه صح المعنى وان أخبرت من لا يعرفه لا يصح لانه انما يكون زيدا ما قام فاذا ترك القيام فليس بزيد وقدمت بيان حالها على بيان حال بعلها لان مباينة حالها لما ذكر من الولادة اكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب ولا يولد للعجائز من الشبان إِنَّ هذا اى حصول الولد من هرمين مثلنا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ بالنسبة الى سنة الله المسلوكة فيما بين عباده ومقصدها استعظام نعمة الله عليها فى ضمن الاستعجاب العادي لا استبعاد ذلك بالنسبة الى قدرة الله تعالى لان التعجب من قدرة الله يوجب الكفر لكونه مستلزما للجهل بقدرة الله تعالى قالُوا منكرين عليها أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى من شأن الله تعالى بايجاد الولد من كبيرين قال الكاشفى [از كار خداى تعالى هيچ عجب نيست كه از صنع بي آلت واز فضل بي علت از ميان دو پير فرزندى بيرون آرد

قدرتى را كه بر كمال بود

كى چنينها از ومحال بود

ص: 163

قال سعدى المفتى أخذ جبريل عمودا من الأرض يابسا فدلكه بين إصبعيه فاذا هى شجرة تهتز فعرفت انه من الله تعالى وفى التأويلات النجمية مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى من قدرة الله تعالى فان لله تعالى سنة وقدرة فيجرى امر العوام بسنته وامر الخواص إظهارا للآية والاعجاز بقدرته فاجرى أمركم بقدرته ومثلها امرأة عمران وهى حنة كانت عاقرا لم تلد الى ان عجزت اى صارت عجوزا ثم حملت بمريم وقد سبق فى آل عمران فاذا كان هذا الحمل بقدرة الله تعالى خارقا للعادة لم يحتج الى الحيض ولا يبعد الحيض ايضا فى كبر السن كما فسر بعض العلماء قوله تعالى فَضَحِكَتْ بحاضت قيل لما صلب الحجاج عبد الله بن الزبير جاءته امه اسماء بنت ابى بكر الصديق فلما رأته حاضت مع كبر سنها وقد بلغت مائة سنة وخرج اللبن من ثدييها وقالت حنت اليه مراتعه ودرت عليه مراضعه رَحْمَةِ اللَّهِ التي وسعت كل شىء واستبقت كل خير وَبَرَكاتُهُ خيراته النامية المتكاثرة فى كل باب التي من جملتها هبة الأولاد حالتان عَلَيْكُمْ لازمتان لكم لاتفارقاكم يا أَهْلَ الْبَيْتِ أرادوا ان هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالانعام به يا اهل بيت النبوة فليست بمكان عجب. والجملة مستأنفة فقيل خبر وهو الأظهر وقيل دعاء وقيل الرحمة النبوة والبركات الأسباط من بنى إسرائيل لان الأنبياء منهم وكلهم من ولد ابراهيم عليه السلام ومثله فى قصة نوح عليه السلام قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وقد سبق إِنَّهُ اى الله تعالى حَمِيدٌ فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده لا سيما فى حقها مَجِيدٌ كثير الخير والإحسان الى عباده خصوصا فى ان جعل بيتها مهبط البركات وفى التأويلات النجمية حَمِيدٌ على ما يجرى من السنة والقدرة مَجِيدٌ فيما ينعم به على العوام والخواص واصل المجد فى كلامهم السعة قال ابن الشيخ المجد الكرم والمجيد صيغة مبالغة منه وقال الامام الغزالي رحمه الله المجيد الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شريف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ اى زال الخوف والفزع الذي أصابه لما لم يأكلوا من العجل واطمأن قلبه بعرفانهم بحقيقتهم الملكية وعرفان سبب مجيئهم وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بنجاة قومه كما قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ او بالولد إسحاق كما قال فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وابراهيم اصل فى التبشير كما قال فى سورة اخرى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ يُجادِلُنا اى جادل وخاصم رسلنا لانه صرح فى سورة العنكبوت بكون المجادلة مع الرسل وجيئ بجواب لما مضارعا مع انه ينبغى ان يكون ماضيا لكونها موضوعة للدلالة على وقوع امر فى الماضي لوقوع غيره فيه على سبيل الحكاية الماضية فِي قَوْمِ لُوطٍ فى شأنهم وحقهم لرفع العذاب جدال الضعيف مع القوى لا جدال القوى مع الضعيف بل جدال المحتاج الفقير مع الكريم الغنى وجدال الرحمة والمعاطفة وطلب النجاة للضعفاء والمساكين الهالكين وكان لوط ابن أخيه وهو لوط بن آزور ابن آزر وابراهيم بن آزر ويقال ابن عمه وسارة كانت اخت لوط فلما سمعا بهلاك قوم لوط اغتما لاجل لوط فطفق ابراهيم يجادل الرسل حين قالوا انا مهلكوا اهل هذه القرية فقال أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلا من المؤمنين أتهلكونها قالوا لا قال فاربعون قالوا لا قال فثلاثون قالوا لا حتى بلغ خمسة قالوا لا قال أرأيتم ان كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها

ص: 164

قالوا لا فعند ذلك قال فان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه واهله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ غير عجول على الانتقام ممن أساء اليه أَوَّاهٌ كثير التأوه على الذنوب والتأسف على الناس وفى ربيع الأبرار معنى التأوه الدعاء الى الله بلغة توافق النبطية مُنِيبٌ راجع الى الله تعالى بما يجب ويرضى اى كان جداله بحلم وتأوه عليهم فان الذي لا يتعجل فى مكافاة من يؤذيه يتأوه اى يقول أوه وآه إذا شاهد وصول الشدائد الى الغير وانه مع ذلك راجع الى الله فى جميع أحواله اى ما كان بعض أحواله مشوبا بعلة راجعة الى حظ نفسه بل كان كله لله فتبين ان رقة القلب حملته على المجادلة فيهم رجاء ان يرفع عنهم العذاب ويمهلوا لعلهم يحدثون التوبة والانابة كما حملته على الاستغفار لابيه يقول الفقير دلت الآية على ان المجادلة وقعت فى قوم لوط ودلت التفاسير على انها وقعت فى لوط نفسه والمؤمنين معه ولا تنافى بينهما فان عموم الرحمة التي حملته عليها نشأة الأنبياء عليهم السلام لا يميز بين شخص وشخص فان الامة بالنسبة الى النبي كالاولاد بالنسبة الى الأب وكفرهم لا يرفع الرحمة فى حقهم ويدل عليه حال نوح مع ابنه كنعان كما وقفت عليه فيما سبق وانما مجيئ البشرى فى حق قومه فقط فبقى الألم فى حق الغير على حاله واتصال القرابة بين ابراهيم ولوط يقتضى ان يكون قوم لوط فى حكم قوم ابراهيم فافهم يا إِبْراهِيمُ على ارادة القول اى قالت الملائكة يا ابراهيم أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال بالحلم والرحمة على غير اهل الرحمة إِنَّهُ اى الشان قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ قدره بمقتضى قضائه الأزلي بعذابهم وهو اعلم بحالهم والقضاء هو الارادة الازلية والعناية الالهية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص والقدر تعلق الارادة بالأشياء فى أوقاتها وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ غير مصروف عنهم بجدال ولا بدعاء ولا بغير ذلك وانك مأجور مثاب فيما جادلتنا لنجاتهم وهذا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اشفعوا تؤجروا وليقصنّ الله على لسان نبيه ما شاء) قال ابن الملك فى شرح الحديث لا يخفى ان مطلق الشفاعة لا يكون سببا للاجر فيحمل على ان تكون الشفاعة لارباب الحوائج المشروعة كدفع ظلم وعفو عن ذنب ليس فيه حد انتهى والحد واجب فى اللواطة عند الإمامين لانهما الحقاها بالزنى. وعند ابى حنيفة يعزر فى ظاهر الرواية وزاد فى الجامع الصغير ويودع فى السجن حتى يتوب. وروى عنه الحد فى دبر الاجنبية ولو فعل هذا بعبده او أمته او منكوحته لا يحد بلا خلاف وفى الشرح الاكملى والظاهر ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث يجازى بما يجازى القتل او الزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة يقول الفقير الظاهر ان إتيان العذاب الغير المردود لاصرارهم على الكفر والتكذيب بعد استبانة الحق واللواطة من جملة اسباب الإتيان كالعقر لناقة الله بالنسبة الى قوم صالح- روى- ان الرسل الذين بشروا ابراهيم خرجوا بعد هذه المجادلة من عنده وانطلقوا الى قرية لوط سدوم وما بين القريتين اربعة فراسخ فانتهوا إليها نصف النهار فاذاهم بجوار يستقين من الماء فابصرتهم ابنة لوط وهى تستقى الماء فقالت لهم ما شأنكم واين تريدون قالوا أقبلنا من مكان

ص: 165

كذا ونريد كذا فاخبرتهم عن حال اهل المدينة وخبثهم فاظهروا الغم من أنفسهم فقالوا هل أحد يضفنا فى هذه القرية قالت ليس فيها أحد يضيفكم الا ذاك الشيخ فاشارت الى أبيها لوط وهو قائم على بابه فاتوا اليه وقال الكاشفى [چون نزديك شهر سدوم رسيدند كه لوط در آنجا مى بود نكاه كردند ديدند كه وى در زمين كار ميكرد پيش وى رفتند وسلام كردند] فلما رآهم وهيئتهم ساءه ذلك وهو قوله تعالى وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ [اندوهگين شد بديشان] وهو فعل مبنى للمفعول والقائم مقام الفاعل ضمير لوط من قولك ساءنى كذا اى حصل لى منه سوء وحزن وغم وبهم متعلق به اى بسببهم. والمعنى ساءه مجيئهم لا لانهم جاؤا مسافرين وهو لا يود الضيف وقراه فحاشى بيت النبوة عن ذلك بل لانهم جاؤا فى صورة غلمان حسان الوجوه فحسب انهم أناس فخاف عليهم ان يقصدهم قومه فيعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم وفيه اشارة الى عروض الهمّ والحزن له لهلاك قومه بالعذاب فانظر الى التفاوت بين ابراهيم ولوط وبين قومهما حيث كان مجيئهم لابراهيم للمسرة وللوط للمساءة مع تقديم المسرة لان رحمة الله سابقة على غضبه- وروى- ان الله تعالى قال لهم لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط اربع شهادات فلما أتوا اليه قال لهم أما بلغكم امر هذه القرية قالوا وما أمرها قال اشهد بالله انها لشرّ قرية فى الأرض عملا يقول ذلك اربع مرات فدخلوا منزله ولم يعلم بذلك أحد فاذاع خبرهم امرأته الكافرة كما ستقف عليه وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً [وتنك دل شد بجهت ايشان] وذرعا نصب على التمييز اى ضاق بمكانهم صدره او قلبه او وسعه وطاقته وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه يقال ضاق ذرع فلان بكذا إذا وقع فى مكروه ولا يطيق الخروج منه. وفى الاخترى ضاق به ذرعا اى طاقة وضاق بالأمر اى لم يطقه ولم يقو عليه وكان مد اليه يده فلم تنله. قال الأزهري الذرع يوضع موضع الطاقة والأصل فيه البعير يذرع بيديه فى سيره ذرعا على قدر سعة خطوته فاذا حمل عليه اكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه وجعل ضيق الذرع عبارة عن قلة الوسع والطاقة فيقال مالى به ذرع ولا ذراع اى مالى به طاقة وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ اى شديد علىّ وهو لغة جرهم كما فى ربيع الأبرار ثم قال لوط لامرأته ويحك قومى اخبزى ولا تعلمى أحدا وكانت امرأته كافرة منافقة فانطلقت لطلب بعض حاجتها فجعلت لا تدخل على أحد الا أخبرته وقالت ان فى بيت لوط رجالا ما رأيت احسن وجوها منهم ولا أنظف ثيابا ولا أطيب رائحة فلما علموا بذلك جاؤا الى باب لوط مسرعين فذلك قوله تعالى وَجاءَهُ اى لوطا وهو فى بيته مع أضيافه قَوْمُهُ والحال انهم يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ يسرعون اليه كأنما يدفعون دفعا طلبا للفاحشة من أضيافه غافلين عن حالهم جاهلين بمآلهم والاهراع الاسراع قال فى التهذيب الهرع [براندن سخت وشتابانيدن] يقال اهرع القوم وهرعوا وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ الجملة حال ايضا من قومه اى جاؤا مسرعين والحال انهم كانوا من قبل هذا الوقت وهو وقت مجيئهم الى لوط منهمكين فى عمل الفواحش [عملهاى بد از لواطه وكبوتر بازي وصفير زدن در مجالس وبراى استهزا نشستن

ص: 166

بر سر راهها] فتمرنوا بها اى تعودوا واستمروا حتى لم تعب عندهم قباحتها ولذلك لم يستحيوا مما فعلوا من مجيئهم مهرعين مجاهرين وفى التأويلات النجمية كانوا يعملون السيئات الموجبة للهلاك والعذاب فجاوا مسرعين مستقبلى العذاب وطلبوا من بيت النبوة من اهل الطهارة معاملة ساءتهم بخباثة نفوسهم ليستحقوا بذلك كمال الشقاوة وسرعة العذاب انتهى ودل ما ذكر على ان جهار الفسق فوق اخفائه ولذا رد شهادة الفاسق المعلن وفى الحديث (كل أمتي معافى الا المجاهرون) اى لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون بل يؤخذون فى الدنيا ان كانت مما يتعلق بالحدود واما فى الآخرة فمطلقا: قال السعدي قدس سره

نه هركز شنيدم درين عمر خويش

كه بد مرد را نيكى آمد بپيش

نه إبليس بد كرد ونيكى نديد

بر پاك نايد ز تخم پليد

قالَ يا قَوْمِ [اى قوم من] هؤُلاءِ مبتدأ خبره قوله بَناتِي الصلبية فتزوجوهن وكانوا يطلبونهن من قبل ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعيته فان تزويج المسلمات من الكفار كان جائزا فى شريعته وهكذا كان فى أول الإسلام بدليل انه عليه السلام زوج ابنتيه من ابى العاص بن وائل وعتبة بن ابى لهب قبل الوحى وهما كافران ثم نسخ ذلك بقوله تعالى وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه وأياما كان فقد أراد به وقاية ضيفه وذلك غاية فى الكرم هُنَّ مبتدأ خبره قوله أَطْهَرُ لَكُمْ هذا لا يدل على ان إتيان الذكور كان طاهرا كما لا يدل قولك النكاح اطهر من الزنى على كون الزنى طاهرا لانه خبث ليس فيه شىء من الطهارة لكن هؤلاء القوم اعتقدوا ذلك طهارة فبنى ذلك على زعمهم الفاسد واعتقادهم الباطل وهو مثل ما قال النبي عليه السلام لعمر رضى الله عنه (الله أجل وأعلى) جوابا لابى سفيان حيث قال اعل هبل اعتقد علو صنمه وذلك اعتقاد فاسد لا شبهة فيه يقول الفقير عرض عليهم اولا بناته لكى يرغبوا فيهن فينسد باب الفتنة ففيه حسن دفع لهم من أول الأمر وبناته وان لم تف للجمع الكثير لانه على ما روى كان له بنتان لكنه إذا رضى بهن البعض ممن كان مطاعا انقطع عرق النزاع من الاتباع ولئن سلم انه لم يكن فيهم مطاع فلقد شاهدنا اندفاع شر كثير بخير يسير ثم حكم بكونهن اطهر وهو للزيادة المطلقة على ما ذهب اليه الرازي فى الكبير تأكيدا للترغيب وتقبيحا لحالهم فى استطابة الخبائث لينزجروا ويتركوا ما هم عليه من اللواطة فانه إذا كان المحيض أذى وقذرا يجب التجنب عنه مع كون المحل مباح الأصل فلأن يكون الجزاء كذلك اولى مع كون المحل حرام الأصل فَاتَّقُوا اللَّهَ بترك الفواحش او بايثارهن عليهم وَلا تُخْزُونِ [مرا رسواى نكنيد] فِي ضَيْفِي فى حقهم وشأنهم فان إخزاء ضيف الرجل اخزاؤه كما ان إكرام من يتصل به إكرامه. والضيف مصدر فى الأصل يكون للقليل والكثير أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ رجل واحد يهتدى الى الحق ويرعوى عن القبيح وقال الكاشفى [آيا نيست از شما مردى راه يافته كه شما را پند دهد واز عملهاى بد باز دارد] وفى التأويلات النجمية رجل رشيد يقبل نصحى ويتوب الى

ص: 167

الله بالصدق فينجيكم من العذاب ببركته انتهى وذلك لان الواحد على الحق كالسواد الأعظم وكالاكسير قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ من حاجة اى لا رغبة لنا فيهن فلا ننكحهن ومقصودهم ان نكاح الإناث ليس من عادتنا ومذهبنا ولذا قالوا علمت فان لوطا كان يعلم ذلك ولا يعلم عدم رغبتهم فى بناته بخصوصهن ويؤيده قوله وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ وهو إتيان الذكور وهو فى الحقيقة طلب ما أعد الله لهم فى الأزل من قهره يعنى الهلاك بالعذاب ولما يئس من ارعوائهم عما هم عليه من الغى قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً لو للتمنى وهو الأنسب بمثل هذا المقام فلا يحتاج الى الجواب وبكم حال من قوة اى بطشا والمعنى بالفارسية [كاشكى مرا باشد بدفع شما قوتى] أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ عطف على ان لى بكم لما فيه من معنى الفعل والركن بسكون الكاف وضمها الناحية من الجبل وغيره اى لو قويت على دفعكم ومقاومتكم بنفسي او التجأت الى ناصر عزيز قوى استند اليه واتمنع به فيحمينى منكم شبه بركن الجبل فى الشدة والمنعة وقال الكاشفى [يا پناه كيرم وباز كردم بركنئ سخت يعنى عشيره وقبيله كه بديشان منع شما توانم كرد] وكان لوط رجلا غريبا فيهم ليس له عشيرة وقبيلة يلتجئ إليهم فى الأمور الملمة والغريب لا يعينه أحد غالبا فى اكثر البلدان خصوصا فى هذا الزمان: قال الحافظ

تيمار غريبان سبب ذكر جميلست

جانا مكر اين قاعده در شهر شما نيست

وانما تمنى القوة لان الله تعالى خلق الإنسان من ضعف كما قال خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ والعارف ينظر الى هذا الضعف ذوقا وحالا ولذا قيل ان العارف التام المعرفة فى غاية العجز والضعف عن التأثير والتصرف لانقهاره تحت الوحدة الجمعية وقد قال تعالى فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا والوكيل هو المتصرف فان الهم التصرف بجزم تصرف وان منع امتنع وان خير اختار ترك التصرف الا ان يكون ناقص المعرفة: وفى المثنوى

ما كه باشيم اى تو ما را جان جان

تا كه ما باشيم با تو در ميان

دست نى تا دست جنباند بدفع

نطق نى تا دم زند از ضر ونفع

پيش قدرت خلق جمله باركه

عاجزان چون پيش سوزن كاركه

وفى الحديث (رحم الله أخي لوطا كان يأوى الى ركن شديد) وهو نصر الله ومعونته واختلف فى معناه فقال الكاشفى يعنى [بخداى پناه كرفت وخدا او را يارى داد كه ملجأ درماندكان جز درگاه او نيست]

آستانش كه قبله همه است

در پناهش ز ماهى تا بمه است

هر كه دل در حمايتش بستست

از غم هر دو كون وارستست

وقال ابن الشيخ اى كان يريد او يتمنى ان يأوى الى ركن شديد وفى قوله (رحم الله) اشارة الى ان هذا الكلام من لوط ليس مما ينبغى من حيث انه يدل على قنوط كلى ويأس شديد من ان يكون له ناصر ينصره والحال انه لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوى اليه أليس الله بكاف عبده انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بعث الله نبيا بعد لوط الا فى عز من قومه يعنى استجيب دعوته

ص: 168

ضرورة وكان صلى الله عليه وسلم يحميه قبيلته كأبى طالب فانه كان يتعصب للنبى ويذب عنه دائما وانما اضطر الى الهجرة بعد وفاته- روى- ان لوطا اغلق بابه دون أضيافه حين جاؤا وأخذ يحاولهم من وراء الباب فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة ما بلوط من الكرب قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بضرر ولا مكروه ولن يخزوك فينا وان ركنك شديد فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبرائيل ربه تعالى فى عقوبتهم فاذن له فقام فى الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال تعالى فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فان فى بيت لوط سحرة وهددوا لوطا وقالوا مكانك حتى نصبح فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ الاسراء بالفارسية [رفتن بشب] وهو لازم ومتعد وكذا السرى فان معناه [رفتن بشب] والمصدر على فعل خص به المعتل كما فى التهذيب والمعنى كما قال الكاشفى [ببركسان خود را] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ القطع فى آخر الليل وقال ابن عباس بطائفة من الليل والمعنى [بپاره از شب يعنى بعد از كذشتن برخى از شب] فالباء فى باهلك للتعدية ويجوز ان تكون للحال اى مصاحبابهم وفى قوله بقطع للحال اى مصاحبين بقطع على ان المراد به ظلمة الليل وقيل الباء فيه بمعنى فى اى اخرجوا ليلا لتستبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ منك ومن أهلك اى لا يتخلف ولا ينصرف عن امتثال المأمور به او لا ينظر الى ورائه فالظاهر على هذا انه كان لهم فى البلد اموال وأقمشة وأصدقاء فالملائكة امروهم بان يخرجوا ويتركوا تلك الأشياء ويقطعوا تعلق قلوبهم كما قال فى التأويلات النجمية وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ الى ما هم فيه من الدنيا وزينتها ومتاعها أراد به تجرد الباطن عن الدنيا وما فيها فان النجاة من العذاب والهلاك منوط به انتهى وفى الحديث (اللهم امض لاصحابى هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم) اى انفذها وتممهالهم ولا تمسهم فى بلدة هاجروا منها لئلا ينتقض الثواب بالركون الى الوطن قال ابو الليث فى تفسيره جمع لوط اهله وابنتيه ريثا ورعورا فحمل جبريل لوطا وبناته وماله على جناحه الى مدينة زغر وهى احدى مدائن لوط وهى خمس مدائن وهى على اربع فراسخ من سدوم ولم يكونوا على مثل عملهم انتهى ويخالفه الأمر بالاسراء كما لا يخفى وقال فى بحر العلوم وانما نهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم ويجوز ان يكون النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التوقف لان من يلتفت الى ما وراءه لا بدله من ادنى وقفة إِلَّا امْرَأَتَكَ استثناء من قوله تعالى فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِنَّهُ اى الشان مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب

با بدان يار كشت همسر لوط

خاندان نبوتش كم شد

يعنى وقعت اهل بيت نبوته فى الضلالة فهلكت والمراد امرأته فانها مع تشرفها بالاضافة الى بيت النبوة لما اتصلت باهل الضلالة صارت ضالة وادّى ضلالها وكفرها الى الهلاك معهم ففيه تنبيه على ان لصحبة الأغيار ضررا عظيما إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ اى موعد عذابهم وهلاكهم وهو تعليل للامر بالاسراء والنهى عن الالتفات المشعر بالحث على الاسراع كما فى الإرشاد- وروى-

ص: 169

انه قال للملائكة متى موعدهم قالوا الصبح فقال أريد اسرع من ذلك فقالوا أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [آيا نيست صبح نزديك نفى نزديكست] وانما جعل ميقات هلاكهم الصبح لانه وقت الدعة والراحة فيكون حلول العذاب حينئذ أفظع ولانه انسب بكون ذلك عبرة للناظرين وفيه اشارة الى ان صبح يوم الوفاة قريب لكل أحد فاذا أدركه فكأنه لم يلبث فى الدنيا إلا ساعة من نهار: قال السعدي قدس سره

چرا دل برين كاروان مى نهيم

كه ياران برفتند وما بر رهيم

پس اى خاكسار كنه عن قريب

سفر كرد خواهى بشهر غريب

برين خاك چندان صبا بگذرد

كه هر ذره از ما بجايى برد

فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا اى وقت عذابنا وموعده وهو الصبح جَعَلْنا قدرتنا الكاملة عالِيَها اى عالى قرى قوم لوط وهى التي عبر عنها بالمؤتفكات وهى اربع مدائن فيها اربعمائة الف او اربعة آلاف قال الكاشفى [در هر يكى صد هزار مرد شمشير زن] وهى سدوم وعامورا وكادوما ومذوايم كانت على مسيرة ثلاثة ايام من بيت المقدس سافِلَها اى قلبناها على تلك الهيآت. وبالفارسية [نكون ساختيم]- روى- ان جبريل جعل جناحه فى أسفلها فاقتلعها من الماء الأسود ثم رفعها الى السماء حتى سمع اهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة لم يكفأ اناء ولم ينتبه نائم ثم قلبها عليهم فاقبلت تهوى من السماء الى الأرض وَأَمْطَرْنا عَلَيْها على اهل المدائن من فوقهم [اى بعد از سر نكون شدن] وكان حقه جعلوا وامطروا اى الملائكة المأمورون به فاسند الى نفسه من حيث انه المسبب تعظيما للامر وتهويلا للخطب حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر كقوله حجارة من طين وأصله [سنك كل] فعرب مَنْضُودٍ نضد فى الإرسال بتتابع بعضه بعضا كقطار الأمطار. والنضد وضع الشيء بعضه على بعض وهو نعت لسجيل مُسَوَّمَةً نعت حجارة اى معلمة لا تشبه حجارة الدنيا او باسم صاحبها الذي تصيبه ويرمى بها عِنْدَ رَبِّكَ اى جاءت من عند ربك قال الكاشفى [آماده كشته در خزائن پروردگار تو براى عذاب ايشان]- روى- ان الحجر اتبع شذاذهم أينما كانوا فى البلاد ودخل رجل منهم الحرم وكان الحجر معلقا فى السماء أربعين يوما حتى خرج فاصابه فاهلكه [در تفسير زاهدى آورده كه سنك كلان او برابر خمى بود وخردى مساوى اسبويى] يقول الفقير لعل الأمطار على تلك القرى بعد القلب انما هو لتكميل العقوبة كالرجفة الواقعة بعد الصيحة لقوم صالح ولتحصيل الهلاك لمسافريهم الخارجين من بلادهم لمصالحهم وهو الظاهر والله اعلم وَما هِيَ اى الحجارة الموصوفة مِنَ الظَّالِمِينَ من كل ظالم فهم بسبب ظلمهم مستحقون لها ملا بسون بها بِبَعِيدٍ تذكيره على تأويل الحجارة بالحجر. وفيه وعيد لاهل الظلم كافة وعنه عليه السلام انه سأل جبرائيل فقال يعنى ظالمى أمتك ما من ظالم منهم الا وهو بعرضة حجر يسقط من ساعة الى ساعة يقال فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه وجعلت فلانا عرضة لكذا اى نصبته؟؟؟ فلا تظن الظالمين انهم يتخلصون ويسلمون من هذه الحجارة بل تسقط عليهم وقت وفاتهم وحصولهم الى صباح موتهم ونظيره

ص: 170

ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا مع أصحابه فى المسجد فسمعوا هدّة عظيمة وهى صوت انهدام الحائط فارتاعوا اى خافوا وفزعوا فقال عليه السلام (أتعرفون ما هذه الهدة) قالوا الله ورسوله اعلم قال (حجر القى من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل الى قعرها وكان وصوله الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة) فما فرغ من كلامه الا والصراخ فى دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل فى قعرها قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم الله ليعتبروا وفى الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليلة اسرى بي الى السماء رأيت فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسألت عن ذلك جبريل فقال لا تسأل عنها فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة وقلت أخبرني عن الحجارة فقال هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك ثم تلا وما هى من الظالمين ببعيد) كذا فى زهرة الرياض

چون عالم از ستمكر ننك دارد

عجب نبود كه بر وى سنك بارد

وفى التبيان والبعيد الذي ليس بكائن ولا يتصور وقوعه وكل ما هو كائن فهو قريب وعن محمد بن مروان قال صرت الى جزيرة النوبة فى آخر ممرنا فامرت بالمضارب فضربت فخرج النوب يتعجبون واقبل ملكهم رجل طويل أصلع حاف عليه كساء فسلم وجلس على الأرض فقلت له مالك لا تقعد على البساط قال انا ملك وحق لمن رفعه الله ان يتواضع له إذا رفعه

تواضع ز كردن فرازان نكوست

كدا گر تواضع كند خوى اوست

ثم قال ما بالكم تطاون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم فى كتابكم فقلت عبيدنا فعلوه بجهلهم قال ما بالكم تشربون الخمر وهى محرمة عليكم فى دينكم قلت أشياعنا فعلوه بجهلهم قال فما بالكم تلبسون الديباج وتتحلون بالذهب والفضة وهى محرمة عليكم على لسان نبيكم قلت فعل ذلك أعاجم من خدمنا كرهنا الخلاف عليهم فجعل ينظر فى وجهى ويكرر معاذرى على وجه الاستهزاء ثم قال ليس كما تقول يا ابن مروان ولكنكم قوم ملكتم فظلمتم وتركتم ما أمرتم فاذاقكم الله وبال أمركم ولله فيكم نعم لم تحص وانى أخشى ان ينزل بك وأنت فى ارضى مصيبة فتصيبنى معك فارتحل عنى واعلم ان الظلم من نتائج القساوة التي تمطر على كل قلب مقدار ما قدر له فلا يزال يزداد ظلم المرء بحسب ازدياد قساوة قلبه فاذا أحاطت بمرآة قلبه قساوته ابعد من ان يكون مرجوا نجاته وكان من المهلكين بحجر القساوة النازلة من سماء القهر والجلال عصمنا الله وإياكم من البغي والفساد وأرشدنا الى العدل والصلاح انه ولى الإرشاد وَإِلى مَدْيَنَ هو اسم ابن ابراهيم عليه السلام ثم صار اسما للقبيلة او اسم مدينة بناها مدين فسميت باسمه اى وأرسلنا الى قبيلة مدين او ساكنى بلدة مدين أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب شُعَيْباً عطف بيان له وهو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين قالَ استئناف بيانى يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ولا تشركوا به شيأ من الأصنام لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى ليس لكم اله سوى الله تعالى وكانت كلمة جميع الأنبياء فى التوحيد واحدة فدعوا الى الله الواحد

ص: 171

وعبادته فامرهم شعيب بالتوحيد اولا لانه ملاك الأمر وقوامه ثم نهاهم عما اعتادوه من النقص فى الكيل والوزن لانه يورث الهلاك فقال وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى آلة الوزن والكيل وكان لهم مكيالان وميزانان أحدهما اكبر من الآخر فاذا اكتالوا على الناس يستوفون بالأكبر وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون بالاصغر والمراد لا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود وكذا الصنجات كى تتوسلوا بذلك الى بخس حقوق الناس ويجوز ان يكون من ذكر المحل وارادة الحال. والمعنى بالفارسية [مكاهيد وكم مكنيد پيمانه را در پيمودن مكيلات وترازو را در سنجيدن موزونات] وكل من البخسين شائع فى هذا الزمان ايضا كأنه ميراث من الكفرة الخائنين إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ علة للنهى اى ملتبسين بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف. يعنى [درمانده ومحتاج نيستيد كه داعى باشد شما را بخيانت بلكه منعم وتوانكريد رسم حق كزارى آنست كه مردم را از مال خود بهره مند كنيد نه آنكه از حقوق ايشان باز گيريد] وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ ان لم ترجعوا عن ذلك النقص عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ لا يشذ منه أحد منكم. والمراد منه عذاب يوم القيامة او عذاب الاستئصال ووصف اليوم بالاحاطة وهى حال العذاب لاشتماله عليه ففيه اسناد مجازى واصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش والعذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إيفاء الحق إعطاؤه تاما كاملا اى اسعوا فى إعطاء الحق على وجه التمام والكمال بحيث يحصل لكم اليقين بالخروج عن العهدة بِالْقِسْطِ حال من فاعل او فوا اى ملتبسين بالعدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان فان الزيادة فى الكيل والوزن وان كانت تفضلا مندوبا اليه لكنها فى الآلة محظورة كالنقص فلعل الزائد للاستعمال عند الاكتيال والناقص للاستعمال وقت الكيل كذا فى الإرشاد. وصرح بالإيفاء بعد النهى عن ضده لان النهى عن نقص حجم المكيال وصنجات الميزان والأمر بايفاء المكيال والميزان حقهما بان لا ينقص فى الكيل والوزن وهذا الأمر بعد مساواة المكيال والميزان للمعهود فلا تكرار فى الآية كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ مطلقا اى سواء كانت من جنس المكيل والموزون او من غيره وسواء كانت جليلة او حقيرة وكانوا يأخذون من كل شىء يباع شيأ كما يفعل السماسرة ويمكنون الناس وينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العثى أشد الفساد اى ولا تتمادوا فى الفساد فى حال فسادكم لانهم كانوا متمادين فيه فنهوا عن ذلك ومن الفساد نقص الحقوق ومن الإفساد قص الدراهم والدنانير وترويج الزيوف ببعض الأسباب وغير ذلك بَقِيَّتُ اللَّهِ اى ما أبقاه الله لكم من الحلال بعد ترك الحرام فهى فعيلة بمعنى المفعول واضافتها للتشريف كما فى بيت الله وناقة الله فان ما بقي بعد إيفاء الكيل والوزن من الرزق الحلال يستحق التشريف خَيْرٌ لَكُمْ مما تجمعون بالبخس والتطفيف فان ذلك هباء منثور بل شر محض وان زعمتم ان فيه خيرا كما قال تعالى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ قال فى شرح الشرعة

ص: 172

ولا يخون أحد فى مبايعته بالحيل والتلبيس فان الرزق لا يزيد بذلك بل تزول بركته فمن جمع المال بالحيل حبة حبة يهلكه الله جملة قبة قبة وييقى عليه وزره ذرة ذرة كرجل كان يحلط اللبن بالماء ليرى كثيرا فجاء السيل وقتل بقره فقالت صبيته يا أبت قد اجتمع المياه التي جعلتها فى اللبن وقتلت البقر إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بشرط ان تؤمنوا وانما شرط الايمان فى خيرية ما بقي بعد الإيفاء لان فائدته وهى حصول الثواب والنجاة من العقاب انما تظهر مع الايمان فان الكافر مخلد فى عذاب النيران ومحروم من رضوان وثواب الرحمن سواء اوفى الكيل والميزان او سلك سبيل الخوّان ان كنتم مصدقين لى فى مقالتى لكم وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ اى ما بعثت لا حفظكم عن المعاصي والقبائح وانما بعثت مبلغا ومنبها على الخير وناصحا وقد بلغت

من آنچهـ شرط بلاغست با تو ميكويم

تو خواه از سخنم پند كير وخواه ملال

اعلم ان العدل ميزان الله فى الأرض سواء كان فى الاحكام او

فى المعاملات والعدول عنه يؤدى الى مؤاخذة العباد فينبغى ان يجتنب الظلم والمراد بالظلم ان يتضرر به الغير والعدل ان لا يتضرر منه أحد بشئ ما قال عكرمة اشهد ان كل كيال ووزان فى النار قيل له فمن اوفى الكيل والميزان قال ليس رجل فى المدينة يكيل كما يكتال ولا يزن كما يتزن والله تعالى يقول وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وقال سعيد بن المسيب إذا أتيت أرضا يوفون المكيال والميزان فاطل المقام فيها وإذا أتيت أرضا ينقصون المكيال والميزان فاقل المقام فيها وفى الحديث (ما ظهر الغلول فى قوم الا القى الله فى قلوبهم الرعب ولا فشا الزنى فى قوم الأكثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع الله عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم ولاختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو) قوله ولاختر اى غدر ونقض العهد كما فى الترغيب وفى التأويلات النجمية وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى مكيال المحبة وميزان الطلب فان للمحبة مكيالا وهو عداوة ما سوى الله تعالى كما قال الخليل عند اظهار الخلة فانهم عدو لي إلا رب العالمين فانك ان تحب أحدا وشيأ مع الله فقد نقصت فى مكيال محبة الله وان للطلب ميزانا وهو السير على قدمى الشريعة والطريقة كما قيل خطوتان وقد وصلت فان خطوت خطوتين دونهما فقد نقصت من الميزان انتهى فعلى السالك ان يتأدب بآداب الأولياء والأنبياء ويضع القدم فى هذا الطريق الاولى كما امر به وشرط له ولا بد من الامانة والاستقامة وإيتاء كل ذى حق حقه قائما بالعدل والقسط القويم وازنا بالقسطاس المستقيم كائلا بالكيل السليم فعند ذلك يتفضل له المولى بالقبول والمدح فى الدنيا والثواب والانعام فى الآخرة فيعيش سعيدا ويموت سعيدا واما إذا غدر وظلم وخان واستكبر وأصر يعدل له المولى بالرد والذم فى الدنيا والعقاب والانتقام فى الآخرة ان لم يتداركه الفضل والعفو فيعيش شقيا ويموت شقيا ويحشر شقيا: وفى المثنوى

چون ترازوى تو كژ بود ودغا

راست چون جوئى ترازوى جزا

چونكه پاى چپ بود در غدر وكاست

نامه چون آيد ترا در دست راست

ص: 173

چون جزا سايه است اى قد توخم

سايه تو كژ فتد در پيش هم

قالُوا يا شُعَيْبُ [آورده اند كه انبيا بر دو قسم بوده اند بعضى آنكه ايشانرا فرمان حرب بود چون موسى وداود وسليمان عليهم السلام وبرخى آنكه ايشانرا بحرب نفرمودند وشعيب از آن جمله بود كه رخصت حرب نداشت قوم خود را موعظه ميكفت وخود همه شب نماز مى كرد گفتند قوم او كه اى شعيب] أَصَلاتُكَ [آيا نماز تو] تَأْمُرُكَ اسندوا الأمر الى صلاته قصدا الى الاستهزاء فمرادهم السخرية لا حقيقة الاستفهام. والمعنى أصلاتك تدعوك الى أمرنا أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا من الأوثان وقد توارثنا عبادتها أبا عن جد أجابوا بذلك امره عليه السلام إياهم بعبادة الله وحده المتضمن لنهيهم عن عبادة الأوثان أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا جواب عن امره بايفاء الحقوق ونهيه عن البخس والنقص معطوف على ما وأو بمعنى الواو لان ما كلفهم به شعيب هو مجموع الامرين لاحدهما. والمعنى ان نترك ان نفعل فى أموالنا ما نشاء من التصرفات وقال بعضهم كان ينهاهم عن تقطيع أطراف الدراهم والدنانير وقصها فارادوا به ذلك. والمعنى ما نشاء من تقطيعها واعلم ان أول من استخرج الحديد والفضة والذهب من الأرض «هوشنك» فى عصر إدريس عليه السلام وكان ملكا صالحا داعيا الى الإسلام. وأول من وضع السكة على النقدين الضحاك وإفساد السكة بأى وجه كان إفساد فى الأرض وسئل الحجاج عما يرجوبه النجاة فذكر أشياء منها ما أفسدت النقود على الناس إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ الأحمق السفيه بلغة مدين كما فى ربيع الأبرار وقال فى الكواشي تتعاطى الحلم والرشد ولست كذلك اى ما أنت بحليم ولا رشيد فيما تأمرنا وترشدنا اليه وقال اكثر اهل التفسير أرادوا السفيه الضال الغاوي فتهكموا به كما يتهكم بالشحيح فيقال لو أبصرك حاتم لتعلم منك الجود. وبالمستجهل والمستخف فيقال يا عالم يا حليم فهو إذا من قبيل الاستعارة التبعية نزلوا التضاد منزلة التناسب على سبيل الهزؤ فاستعاروا الحلم والرشد للسفه والغواية ثم سرت الاستعارة منهما الى الحليم الرشيد قالَ شعيب يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كُنْتُ إيراد حرف الشك باعتبار حال المخاطبين عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي اى حجة واضحة وبرهان نير من مالك امرى عبر بهما عما أتاه الله تعالى من النبوة والحكمة ردا على مقالتهم الشنعاء فى جعلهم امره ونهيه غير مستند الى سند وَرَزَقَنِي مِنْهُ اى من لدنه رِزْقاً حَسَناً هو النبوة والحكمة ايضا عبر عنهما بذلك تنبيها على انهما مع كونهما بينة رزق حسن كيف لا وذلك مناط الحياة الابدية له ولامته وقال بعضهم هو ما رزقه الله من المال الحلال من غير شائبة حرام اى من غير بخس وتطفيف وكان كثير المال وجواب الشرط محذوف لان إثباته فى قصة نوح ولوط دل على مكانه ومعنى الكلام ينادى عليه. والمعنى أخبروني ان كنت على حجة واضحة ويقين من ربى وكنت نبيا على الحقيقة فهل يصح لى ان اتبعكم وآشوب الحلال بالحرام ولا آمركم بتوحيد الله وترك عبادة الأصنام والكف عن المعاصي والقيام بالقسط والأنبياء لا يبعثون الا لذلك وَما أُرِيدُ بنهيى إياكم عن التطفيف أَنْ أُخالِفَكُمْ مخالفتكم حال كونى مائلا إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ يقال خالفت

ص: 174

زيدا الى كذا إذا قصدته وهو مول عنه وخالفته عنه إذا كان الأمر بالعكس اى لا انهى عن شىء وارتكبه من نقصان الكيل والوزن اى اختار لكم ما اختار لنفسى فانه ليس بواعظ من يعظ الناس بلسانه دون عمله قال فى الاحياء اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحى منى: قال الحافظ

واعظان كين جلوه در محراب ومنبر ميكنند

چون بخلوت ميروند آن كار ديكر ميكنند

مشكلى دارم ز دانشمند مجلس باز پرس

توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر ميكنند

إِنْ أُرِيدُ اى ما أريد بما أبا شره من الأمر والنهى إِلَّا الْإِصْلاحَ الا ان أصلحكم بالنصيحة والموعظة مَا اسْتَطَعْتُ اى مقدر ما استطعته من الإصلاح قال فى بحر العلوم ما مصدرية واقعة موقع الظرف اى مدة استطاعتي الإصلاح ومادمت متمكنا منه لا اترك جهدى فى بيان ما فيه مصلحة لكم: قال السعدي قدس سره

بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند

وكر هيچ كس را نيايد پسند

وَما تَوْفِيقِي مصدر من المبنى للمفعول اى كونى موفقا لتحقيق ما اقصده من إصلاحكم إِلَّا بِاللَّهِ الا بتأييده ومعونته بل الإصلاح من حيث الخلق مستند اليه وانما انا من مباديه الظاهرة. والتوفيق يعدى بنفسه وباللام وبالباء وهو تسهيل سبل الخير وأصله موافقة فعل الإنسان القدر فى الخير والاتفاق هو موافقة فعل الإنسان خيرا كان او شرا القدر وقال فى التأويلات النجمية التوفيق اختصاص العبد بعناية ازلية ورعاية ابدية عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اعتمدت فى ذلك معرضا عما عداه فانه القادر على كل مقدور وما عداه عاجز محض فى حد ذاته بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار بمعزل عن رتبة الاستمداد به فى الاستظهار وَإِلَيْهِ أُنِيبُ اى ارجع فيما انا بصدده فى جميع أموري ويجوز ان يكون المراد وما كونى موفقا لاصابة الحق والصواب فى كل ما آتى وما اذر الا بهدايته ومعونته عليه توكلت وهو اشارة الى محض التوحيد الذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدأ واليه أنيب اى عليه اقبل بشراشر نفسى فى مجامع أموري وفيه اشارة الى معرفة المعاد والتوكل على ثلاثة أوجه. توكل المبتدى وهو ترك الأسباب فى طلب المعاش. وتوكل المتوسط وهو ترك طلب المعاش فى طلب العيش مع الله وتوكل المنتهى وهو استهلاك الوجود فى وجود الله وإفناء الاختيار فى اختيار الله ليبقى فى هويته بلا هو متصرفا فى الأسباب وان لا يرى التصرف والأسباب الا لمسبب الأسباب قال فى التأويلات القاشانية أول مراتب التوحيد توحيد الافعال ثم توحيد الصفات ثم توحيد الذات فان الذات محجوبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالآثار والأكوان. فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الأكوان توكل. ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلم. ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فهو فى الوحدة فصار موحدا مطلقا انتهى

تا نخوانى «لا» و «الا الله» را

در نيابى منهج اين راه را «1»

عشق آن شعله است كو چون بر فروخت

هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت «2»

تيغ «لا» در قتل غير حق براند

در نكر آخر كه بعد از «لا» چهـ ماند

(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى إلخ

(2)

در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ثواب عمل عاشق إلخ

ص: 175

ماند «الا الله» وباقى جمله رفت

شاد باش اى عشق شركت سوز ورفعت

فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق بالاذكار النافعة والأعمال الصالحة الى ان يصل الى مقام التوحيد الحقيقي ثم إذا وصل اليه اقتفى بأثر الأنبياء وكمل الأولياء فى طريق النصح والدعوة ولم يرد الا الإصلاح تكثيرا للاتباع المحمدية وتقويما لاركان العالم بالعدل ونظما للناس فى سلك الرشاد والله ولى الإرشاد وهو المبدأ واليه الرجوع والمعاد وَيا قَوْمِ [اى كروه من] لا يَجْرِمَنَّكُمْ يقال جرم زيد ذنبا اى كسبه وجرمته ذنبا اى اكسبته إياه فهو يتعدى الى واحد والى اثنين والاول فى الآية الكاف والميم. والمعنى لا يكسبنكم شِقاقِي فاعل لا يجر من اى شقاقكم وعداوتكم إياي أَنْ يُصِيبَكُمْ اى ينالكم وهو الثاني من مفعولى لا يجر منكم ويقال جرمنى فلان على ان صنعت كذا اى حملنى فيقدر حرف الجر بعد ان. والمعنى لا يحملنكم بغضكم إياي على ان يصيبكم قال الكاشفى [شما بر ان نداد ودشمنى وستيزه كارى با من كه برسد شما را] مِثْلُ فاعل ان يصيب مضاف الى قوله ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ من الغرق أَوْ قَوْمَ هُودٍ من الريح أَوْ قَوْمَ صالِحٍ من الصيحة وَما قَوْمُ لُوطٍ قال الجوهري القوم يذكر ويؤنث مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ يعنى انهم اهلكوا بسبب الكفر والمعاصي فى عهد قريب من عهدكم فهم اقرب الهالكين منكم فان لم تعتبروا بمن قبلهم من الأمم المعدودة فاعتبروا بهم ولا تكونوا مثلهم كيلا يصيبكم مثل ما أصابهم والاشارة ان فى طبيعة الإنسان مركوزا من صفات الشيطنة الإباء والاستكبار ومن طبعه انه حريص على ما منع كما ان آدم عليه السلام لما منع من أكل الشجرة حرص على أكلها فلهاتين الصفتين إذا امر بشئ ابى واستكبر وإذا نهى عن شىء حرص على إتيانه لا سيما إذا صدر الأمر والنهى عن انسان مثله فان طاعة الله هينة القبول بالنسبة الى طاعة المخلوق لان فى الطاعة ذلة وهوانا وكسرا للنفس وان ما يحتمل المخلوق من خالقه اكثر مما يحتمله من مخلوق مثله ولهذا السر بعث الله الأنبياء وامر الخلق بطاعتهم وقال أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فمن كان موفقا من الله تعالى بالعناية الازلية يأتمر بما امر به وينتهى عما نهى عنه ويطيع الرسل فيما جاؤا به أخرجته الطاعة من ظلمات صفاته المخلوقة الى نور صفاته الخالقية ومن سبقته الشقاوة فى الأزل تداركه الخذلان ووكل الى نفسه وطبعه فلا يطيع الله ورسوله ويتمرد عن قبول الدعوة ويستكبر على الرسول ويعاديه بمعاداته ما أمره الله به فيصيبه قهر الله وعذابه مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ اى وما معاملة قوم لوط من معاملتكم وذنوبهم من ذنوبكم ببعيد لان الكفر كله من جنس واحد وصفات الكفر قريب بعضها من بعض كذا فى التأويلات النجمية: قال فى المثنوى

پس وصيت كرد وتخم وعظ كاشت

چون زمين شان شوره بد سودى نداشت

گرچهـ ناصح را بود صد داعيه

پند را اذنى ببايد واعيه

تو بصد تلطيف و پندش ميدهى

او ز پندت ميكند پهلو تهى

يك كس نا مستمع ز استيز ورد

صد كس كوينده را عاجز كند

ص: 176

ز انبيا ناصحتر وخوش لهجه تر

كى بود كه رفت دمشان در حجر

زانچهـ كوه وسنك در كار آمدند

مى نشد بدبخت را بگشاده بند

آنچنان دلها كه بدشان ما ومن

تعتشان شد بل أشد قسوة

وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ بالايمان ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ مما أنتم عليه من المعاصي وعبادة الأوثان لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان او استغفروا بالايمان ثم ارجعوا اليه بالطاعة او استغفروا بالأعمال الصالحة وتوبوا بالفناء التام قال فى التأويلات النجمية واستغفروا من صفات الكفر ومعاملاته كلها وبدلوها بصفات الإسلام ومعاملاته فانها تزكية النفوس عن الصفات الذميمة ثم ارجعوا اليه على قدمى الشريعة والطريقة سائرين منكم اليه ليحليكم بتحلية الحقيقة وهى الفناء عنكم والبقاء به إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ عظيم الرحمة للمؤمنين والتائبين وَدُودٌ فاعل بهم من اللطف والإحسان كما يفعل البليغ المودة بمن يوده قال فى المفاتيح الودود مبالغة الوادّ ومعناه الذي يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن إليهم فى الأحوال كلها. وقيل المحب لاوليائه وحاصله يرجع الى ارادة مخصوصة وحظ العبد منه ان يريد للخلق ما يريد لنفسه ويحسن إليهم حسب قدرته ووسعته ويحب الصالحين من عباده وأعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم أريد ان أكون جسرا على النار يعبر عليه الخلق ولا يتأذون بها كما فى المقصد الأسنى للغزالى قال الكاشفى فى تفسيره [قطب الأبرار مولانا يعقوب چرخى قدس سره در شرح اسماء الله تعالى معنى الودود را برين وجه آورده است كه دوست دارنده نيكى بهمه خلق ودوست در دلهاى بحق يعنى او نيك را دوست ميدارد ونيكان او را دوست ميدارند وفى الحقيقة دوستىء ايشان فرع دوستى اوست زيرا كه چون بنظر تحقيق در نكرند اصل حسن واحسان كه سبب محبت مى باشد غير او را ثابت نيست پسر خود خود را دوست ميدارد واز ين باب نكتة چند در آيت يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ بر منظر عيان جلوه نمود وللوالد الأعز زيدت حقائقه

اى حسن تو داده يوسفانرا خوبى

وز عشق تو كرده عاشقان يعقوبى

كر نيك نظر كند كسى غير تو نيست

در مرتبه محبى ومحبوبى

واعلم ان الله تعالى لو لم يكن له ود لما هدى عباده ولما فرح بتوبة عبده المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم (لا لله افرح بتوبة عبد المؤمن من رجل نزل فى ارض دوية مهلكة معه راحلة عليها طعامه وشرا به فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهب راحلته فطلبها حتى اشتد عليه الحر والعطش قال ارجع الى مكانى الذي كنت فيه فانام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فاذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه فلا لله أشد فرحابتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده) فمن أضاع راحلته فى برية الهوى بغلبة الغفلة فعليه الرجوع الى مكانه الاول اعنى الفطرة الاولى بالتسليم والموت الاختياري حتى يجد ما إضاعة. وفى الحديث اشارة الى الطريق من البداية الى النهاية اما الى البداية فبقوله عليه السلام فاستيقظ لان اليقظة ابتداء حال السالك واما الى النهاية فبقوله عليه السلام ليموت لان الفناء غاية السير الى الله ثم ان قوله فاستيقظ فاذا راحلته عنده اشارة الى البقاء بعد الفناء والرجوع الى البشرية ثم اعلم ان التوبة على مراتب أعلاها الرجوع عن جميع ما سوى الله تعالى الى الله سبحانه وهذا المقام يقتضى نسيان المعصية والتوبة عن التوبة

ص: 177

فان وقت الصفاء يقتضى نسيان الجفاء وايضا إذا تجلى الحق للسالك ورأى كل شىء هالكا الا وجهه فنى الذوات كلها فما ظنك بالأعمال والله تعالى تواب يقبل التوبة الا ان يكون العبد كذوبا- يحكى- ان مالك ابن دينار مر بشابين يلهوان فوعظهما فقال أحدهما انا اسد من الأسود فقال مالك سيأتيك اسد تكون عنده ثعلبا فمرض الشاب وعاده مالك فبكى الشاب وقال قد جاء الأسد الذي صرت عنده ثعلبا فقال مالك تب الى الله تعالى فانه تواب فنودى من زاوية البيت جربناه مرارا فوجدناه كذوبا: وفى المثنوى

توبه آرند وخدا توبه پذير

امر او كيرند او نعم الأمير

قالُوا استئناف بيانى يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ الفقه معرفة غرض المتكلم من كلامه اى لا نعرف ولا نفهم كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ اى كل ما تقول من التوحيد ومن إيفاء الكيل والوزن وغير ذلك كما فى قوله تعالى وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا اى كلهم على أحد الوجهين وذلك استهانة بكلامه واحتقارا به كما يقول الرجل لصاحبه إذا لم يعبأ بحديثه ما ندرى ما تقول والا فشعيب كان يخاطبهم بلسانهم وهم يفهمون كلامه لكن لما كان دعاؤه الى شىء خلاف ما كانوا عليه وآباؤهم قالوا ما قالوا وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا اى فيما بيننا ضَعِيفاً هو فى المشهور من ليس له قوة جسمانية اى لا قوة لك فتمتنع منا ان أردنا بك سوءا او مهينا لاعز لك وهذا لا يتعلق بالقوة الجسمانية فان ضعيف الجسم قد يكون وافر الحرمة بين الناس وهو الظاهر لان الكفرة كانوا يزدرون بالأنبياء وباتباعهم المؤمنين وفى التأويلات النجمية ضَعِيفاً اى ضعيف الرأى ناقص العقل وذلك لانه كما يرى العاقل السفيه ضعيف الرأى يرى السفيه العاقل ضعيف الرأى وَلَوْلا رَهْطُكَ ولولا حرمة قومك ومراعاة جانبهم وقالوا ذلك كرامة لقومه لانهم كانوا على دينهم لا خوفا منهم لان الرهط من الثلاثة الى السبعة او التسعة او العشرة وهم ألوف فكيف يخافون من رهطه لَرَجَمْناكَ لقتلناك برمى الحجارة وقد يوضع الرجم موضع القتل وان لم يكن بالحجارة من حيث انه سببه ولان أول القتل وهو قتل قابيل هابيل لما كان بالحجارة سمى كل قتل رجما وان لم يكن بها قال عمر رضى الله عنه تعلموا انسابكم تعرفوا بها أصولكم وتصلحوا بها أرحامكم. قالوا ولو لم يكن فى معرفة الأنساب الا الاحتراز بها من صولة الأعداء ومنازعة الأكفاء لكان تعلمها من احزم الرأى وأفضل الصواب ألا ترى الى قول قوم شعيب ولولا رهطك لرجمناك فابقوا عليه لرهطه يقال أبقيت على فلان إذا أرعيت عليه ورحمته وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ مكرم محترم حتى تمنعنا عزتك من رجمك بل رهطك هم الاعزة علينا لكونهم من اهل ديننا فانما نكف عنك للمحافظة على حرمتهم وهذا ديدن السفيه المحجوج يقابل الحجج والآيات بالسب والتهديد وتقديم الفاعل المعنوي لافادة الحصر والاختصاص وان كان الخبر صفة لا فعلا وعلينا متعلق بعزيز وجاز لكون المعمول ظرفا والباء مزيدة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من كان على الله بعزيز فانه ليس على الجاهل بعزيز انتهى أقول وذلك لان العزة والشرف عند الجهلاء بالجاه والمال لا بالدين والكمال وقد قال النبي عليه السلام (ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل ينظر الى قلوبكم وأعمالكم) يعنى إذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا: وفى المثنوى

ص: 178

وقت بازي كودكان را ز اختلال

مى نمايد اين خزفها زر ومال «1»

عارفانش كيميا كر كشته اند

تا كه شد كانها پريشان ونژند

باغها وقصرها وآب رود

پيش چشم از عشق كلخن مى نمود «2»

قالَ شعيب فى جوابهم يا قَوْمِ أَرَهْطِي [أيا عشيره وقوم من] وهمزة الاستفهام للانكار والتوبيخ أَعَزُّ عَلَيْكُمْ [عزيز ترند بر شما ودوسترند نزد شما] مِنَ اللَّهِ كان الظاهر ان يقال منى الا انه قيل من الله للايذان بان تهاونهم به وهو نبى الله تهاون بالله تعالى وانما أنكر عليهم اعزية رهطه منه تعالى مع ان ما أثبتوه انما هو مطلق عزة رهطه لا اعزيتهم منه تعالى مع الاشتراك فى اصل العزة لتكرير التوبيخ حيث أنكر عليهم اولا بترجيح جنب الله تعالى وثانيا بنفي العزة بالمرة. والمعنى أرهطى أعز عليكم من الله تعالى فانه مما لا يكاد يصح والحال انكم لم تجعلوا له حظا من العزة أصلا وَاتَّخَذْتُمُوهُ اى الله تعالى وَراءَكُمْ [از پس پشت خود] ظِهْرِيًّا [همچومرد فراموش شده] اى شيأ منبوذا وراء الظهر منسيالا يبالى به اى جعلتموه مثله باشراككم به والاهانة برسوله فلا تبقون على الله وتبقون على رهطى اى فلا تحفظوننى ولا ترحموننى لله وتراعون نسبة قرابتى الى الرهط وتضيعون نسبتى الى الله بالنبوة فكأنكم زعمتم ان القوم أعز من الله حيث تزعمون انكم تركتم قتلى إكراما لرهطى والله اولى بان يتبع امره كأنه يقول حفظكم إياي فى الله اولى منه فى رهطى والعرب تقول لكل مالا يعبأ بامره قد جعل فلان هذا الأمر بظهره فالظهرى منسوب الى الظهر والكسر لتغيير النسب كقولهم فى النسبة الى أمس امسىّ بكسر الهمزة والى الدهر دهرى بضم الدال إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال السيئة التي من جملتها عدم مراعاتكم لجانبه مُحِيطٌ لا يخفى عليه منها خافية وان جعلتموه منسيا فيجازيكم عليها والإحاطة ادراك الشيء بكماله واحاطة الله بالأعمال مجاز وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ مصدر من مكن مكانة فهو مكين إذا تمكن ابلغ التمكن والجار والمجرور فى موقع النصب على الحال. والمعنى اعملوا حال كونكم موصوفين بغاية المكنة والقدرة كل ما فى وسعكم وطاقتكم من إيصال الشرور الى او بمعنى المكان كمقام ومقامة فاستعيرت من العين للمعنى كما يستعار حيث للزمان وهو للمكان. والمعنى على ناحيتكم وجهتكم التي أنتم عليها من الشرك والعداوة لى إِنِّي ايضا عامِلٌ على مكانتى فحذف للاختصار اى عامل بقدر ما آتاني الله من القدرة وعلى حسب ما يؤتينى الله من النصرة والتأييد فكأنهم قالوا ماذا يكون إذا عملنا على قوتنا فقال سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ استفهام اى أينا او موصولة اى تعرفون الذي يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ يذله ويهينه وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ عطف على من يأتيه لما اوعدوه وكذبوه أراد ان يدفع ذلك عن نفسه ويلحقه بهم فسلك سبيل إرخاء العنان لهم وقال سَوْفَ تَعْلَمُونَ من المعذب والكاذب منى ومنكم وأينا الحانى على نفسه والمخطئ فى فعله يريد ان المعذب والكاذب أنتم لا انا وَارْتَقِبُوا اى انتظروا مآل ما أقول لكم سيظهر صدقه إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ منتظر فعيل بمعنى الراقب وكان شعيب عليه السلام يسمى خطيب الأنبياء لحسن محاورته مع قومه وكمال اقتداره فى مراجعته

(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام إلخ

(2)

در أوائل دفتر چهارم آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ

ص: 179

جوابهم وكان كثير البكاء حتى عمى ثم رد الله عليه عليه السلام بصره فاوحى اليه يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا الى الجنة أم خوفا من النار فقال الهى وسيدى انك تعلم انى ما ابكى شوقا الى الجنة ولا خوفا من النار ولكن اعتقدت حبك بقلبي فاذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي فاوحى الله تعالى يا شعيب ان يكن ذلك حقا فهنيئا لك لقائى يا شعيب لذلك اخدمتك موسى بن عمران كليمى: قال المولى الجامى

زهاد خلد خواهد وأوباش عيش نقد

ما خود بدولت غمت از هر دو رسته ايم

وهذه حال المقربين فانهم جعلوا الله تعالى بين أعينهم وجعلوا الخلق وراء ظهورهم خلاف ما عليه اهل الغفلة فلم يلتفتوا الى شىء من الكونين حبا لله تعالى وقصرا للنظر عليه وهم العبيد الأحرار والناس فى حقهم على طبقات فاما اهل الشقاء فلم يعرفوهم من هم ولم يروهم أصلا لانطماس بصيرتهم وعدم استعدادهم لهذا الانكشاف ألا ترى الى قوم شعيب كيف حجبهم كونه أعمى فى الصورة عن رؤية جمال نبوته وظنوا ان لهم ابصارا ولا بصر له ولذا عدوه ضعيفا ولم يعرفوا انهم عمى فى الحقيقة وان أبصارهم الظاهرة لا تستجلب لهم شرفا وان الحق مع اهل الحق سواء ساعده الأسباب الصورية والآلات الظاهرة اولا فان الناس مشتركون فيما يجرى على ظواهرهم من انواع الابتلاء مفترقون فيما يرد على بواطنهم من اصناف النعماء والله تعالى أرسل الأنبياء عليهم السلام الى الناس الغافلين ليفتحوا عيون بواطنهم من نوم الغفلة ويدعوهم الى الله تعالى ووصاله ولقاء جماله فمن كان له منهم استعداد لهذا الانفتاح رضى بالتربية والإرشاد وقام فى طريق الحق بالسعي والاجتهاد ومن لم يكن له منهم ذلك ابى واستكبر عن أخذ التلقين وامتنع عن الوصول الى حد اليقين فبقى فى الظلمات كالاعمى لا يدرى اين يذهب فيا ايها الاخوان ارجعوا الى ربكم مع القوافل الروحانية فعن قريب ينقطع الطريق ولا يوجد الرفيق ونعم ما قال من قال

خيز دلا مست شو از مى قدسى از آنك

ما نه درين تيره جام بهر نشست آمديم

وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا الذي قدرناه فى الأزل من العذاب والهلاك لقوم شعيب فالامر واحد الأمور نَجَّيْنا شُعَيْباً قدم تنجيته إيذانا بسبق الرحمة التي هى مقتضى الربوبية على الغضب الذي يظهر اثره بموجب الجرائم وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى ونجينا الذي اتبعوا شعيبا فى الايمان وآمنوا كما آمن هو بِرَحْمَةٍ ازلية صدرت مِنَّا فى حقهم ومجرد فضل لا بسبب أعمالهم كما هو مذهب اهل السنة. وقال بعضهم هى الايمان الذي وفقناهم له يقول الفقير وجه هذا القول ان العذاب والهلاك الذي هو من باب العدل قد أضيف الى الكفر والظلم فاقتضى ان يضاف الخلاص والنجاة الذي هو من باب الفضل الى الايمان ولما كان الايمان والعمل الصالح امرا موقوفا على التوفيق كان مجرد فضل ورحمة فافهم وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالاباء والاستكبار عن قبول دعوة شعيب الصَّيْحَةُ فاعل أخذت والمراد صيحة جبرائيل عليه السلام بقوله موتوا جميعا. وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة ولعلها من روادف الصيحة المستتبعة لتموج الهواء المفضى إليها عن ابن عباس

ص: 180

رضى الله عنهما لم يعذب الله أمتين بعذاب واحد الا قوم شعيب وصالح وذلك انه أصابهم حر شديد فخرجوا الى غيضة لهم فدخلوا فيها فظهرت لهم سحابة كهيئة الظلة فاحدقت بالأشجار وأخذت فيها النار وصاح بهم جبريل ورجفت بهم الأرض فماتوا كلهم واحترقوا فذلك قوله تعالى فَأَصْبَحُوا اى صاروا فِي دِيارِهِمْ بلادهم او مساكنهم جاثِمِينَ ميتين لازمين لاماكنهم لابراح لهم منها اى لا زوال كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها اى لم يقيموا فى ديارهم احياء متصرفين مترددين أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ اى هلاكا لاهل مدين واعلم ان بعدا وسحقا ونحوهما مصادر قد وضعت مواضع افعالها التي لا يستعمل إظهارها. ومعنى بعدا بعدوا اى هلكوا. وقوله لمدين بيان لمن نبه عليه بالبعد نحو هيت لك قال الكاشفى [بدانيد كه هلاكيست قوم مدين را ودورى از رحمت من] كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ اى هلكت شبه هلاكهم بهلاكهم لانهما أهلكتا بنوع من العذاب وهو الصيحة كما مر آنفا. والجمهور على كسر العين من بعدت على انها من بعد يبعد بكسر العين فى الماضي وفتحها فى المضارع بمعنى هلك يهلك أرادت العرب ان تفرق بين البعد بمعنى الهلاك وبين البعد الذي هو ضد القرب ففرقوا بينهما بتغيير البناء فقالوا بعد بالضم فى ضد القرب وبعد بالكسر فى ضد السلامة والبعد بالضم والسكون مصدر لهما والبعد بفتحتين انما يستعمل فى مصدر مكسور العين وفى الآية اشارة الى ان الكفرة واهل الهوى أفسدوا الاستعداد الروحاني الفطري فى طلب الدنيا واستيفاء شهواتها والاستكبار عن قبول الحق والهدى وادي تمردهم عن الحق وتماديهم فى الباطل الى الهلاك صورة ومعنى. اما صورة فظاهر. واما معنى فلانهم ابعدوا عن جوار الله وطيب العيش معه الى أسفل سافلين القطيعة فبقوا فى نار الفرقة لا يحيون ولا يموتون وما انتفعوا بحياتهم فصاروا كالاموات وكما ان الصيحة من جبرائيل أهلكتهم فكذا النفخة من شعيب احيت المؤمنين لان أنفاس الأنبياء والأولياء كنفخ اسرافيل فى الاحياء إذا كان المحل صالحا لطرح الروح فيه كجسد الإكسير: قال فى المثنوى

سازد اسرافيل روزى ناله را

جان دهد پوسيده صد ساله را «1»

هين كه اسرافيل وقتند أوليا

مرده را ز يشان حياتست ونما

جان هر يك مرده از كور تن

برجهد ز آواز شان اندر كفن

سركشى از بندگان ذو الجلال

وانكه دارند از وجود تو ملال «2»

كهربا دارند چون پيدا كنند

كاه هستىء ترا شيدا كنند

كهرباى خويش چون پنهان كنند

زود تسليم ترا طغيان كنند

قد سبق ان قوم شعيب عدوه ضعيفا فيما بينهم وما عرفوا ان الله القوى معه

كر تو پيلى خصم تو از تو رميد

نك جزا طيرا ابابيلت رسيد «3»

كر ضعيفى در زمين خواهد أمان

غلغل افتد در سپاه آسمان

كر بدندانش كزى پر خون كنى

درد دندانت بگيرد چون كنى

هر پيمبر فرد آمد در جهان

فرد بود وصد جهانش در نهان «4»

(1) در اواسط دفتر يكم در بيان داستان پير جنگى كه در عهد عمر إلخ

(2)

در اواسط دفتر يكم در بيان سبب حرمان اشقيا از دو جهان إلخ

(3)

در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن شير وايس كشيدن إلخ

(4)

در اواسط دفتر يكم در بيان سبب حرمان اشقيا از دو جهان كه إلخ

ص: 181

ابلهان كفتند مردى بيش نيست

واى آن كو عاقبت انديش نيست

فعلى الصالحين ان يعتبروا بأحوال الطالحين فانهم قد أخذوا الدنيا وآثروها على الآخرة ثم سلبهم الله أموالهم وديارهم كأن لم ينتفعوا بشئ ولم يقيموا فى دار وعن جابر بن عبد الله انه قال شهدت مجلسا من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل ابيض الوجه حسن الشعر واللون عليه ثياب بيض فقال السلام عليك يا رسول الله فقال عليه السلام (عليك السلام) فقال يا رسول الله ما الدنيا قال (هى حلم المنام وأهلها مجازون ومعاقبون) قال يا رسول الله وما الآخرة قال (عيش الابد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) فقال يا رسول الله فما الجنة قال (بذل الدنيا لطالبها نعيمها لاهلها ابدا) قال فما جهنم قال (بذل الآخرة لطالبها لا يفارقها أهلها ابدا) قال فما خير هذه الامة قال (الذي يعمل بطاعة الله) قال فكيف يكون الرجل فيها قال (مشمرا كطالب القافلة) قال فكم القرار بها قال (كقدر المتخلف عن القافلة) قال فكم ما بين الدنيا والآخرة قال (غمضة عين) قال فذهب الرجل فلم ير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا جبريل أتاكم ليزهدكم فى الدنيا ويرغبكم فى الآخرة) كذا فى تنبيه الغافلين: قال السعدي قدس سره

يكى بر سر كور كل ميسرشت

كه حاصل كند زان كل كور خشت

بانديشه لختى فرو رفت پير

كه اى نفس كوته نظر پند كير

چهـ بندى درين خشت زرين دلت

كه يك روز خشتى كند از كلت

تو غافل در انديشه سود ومال

كه سرمايه عمر شد پايمال

دل اندر دلارام دنيا مبند

كه ننشست با كس كه دل بر نكند

بر مرد هشيار دنيا خسست

كه هر مدتى جاى ديگر كسست

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع التي هى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الأموال والأنفس وَسُلْطانٍ برهان مُبِينٍ واضح هو من قبيل عطف الصفة مع اتحاد الموصوف اى ولقد أرسلنا موسى بالجامع بين كونه آياتنا وبين كونه سلطانا له على صدق نبوته واضحا فى نفسه او موضحا إياها فان ابان جاء لازما ومتعديا كقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والفرقان اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل ويجوز ان يراد بسلطان مبين الغلبة والاستيلاء كقوله تعالى وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه ورؤسائه. وتخصيص ملئه بالذكر مع عموم رسالته لقومه كافة لاصالتهم فى الرأى وتدابير الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ اى امره بالكفر بما جاء به موسى من البينات وأطاعوا قوله حين قال لهم ما علمت لكم من اله غيرى وخالفوا امر موسى بالتوحيد وقبول الحق وانما لم يصرح بكفر فرعون بآيات الله للايذان بوضوح حاله فكان كفره وامر ملئه بذلك محقق الوجود غير محتاج الى الذكر صريحا وانما المحتاج الى ذلك شأن ملئه المترددين بين هاد الى الحق وداع الى الضلال وإيراد الفاء للاشعار

ص: 182

بمسارعتهم الى الاتباع فكأنه لم يتراخ من الإرسال والتبليغ بل وقعا فى وقت واحد وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ قال الكاشفى [نبود كار فرعون بر نهج رشد وصواب] وقال غيره الرشد مستعمل فى كل ما يحمد ويرتضى كما استعمل الغى فى كل ما يذم ويتسخط فهو ضد الغى والرشيد بمعنى المرشد والاسناد مجازى. والمعنى وما هو مرشد الى خير وهو عى محض وضلال صريح وانما يتبع العقلاء من يرشدهم ويهديهم لا من يضلهم ويغويهم وفيه تجهيل لمتبعيه يَقْدُمُ فى الصحاح قدم بالفتح يقدم قدما اى تقدم وهو استئناف لبيان حاله فى الآخرة قَوْمَهُ جميعا من الاشراف وغيرهم يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يتقدمهم يوم الآخرة الى النار وهم خلفه ويقودهم الى النار كما كانوا يتبعونه فى الدنيا ويقودهم الى الضلال فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ اى يوردهم ويدخلهم فيها. وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع لا محالة لان الماضي متيقن الوجود واعلم ان الورود عبارة عن المجيء الى الماء والا يراد إحضار الغير والمورد الماء فشبه فرعون بالفارط الذي يتقدم الواردة الى الماء واتباعه بالواردة والنار بالماء الذي يردونه ثم قيل وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ اى بئس المورد الذي يردونه النار لان الورد انما يورد لتسكين العطش وتبريد الأكباد والنار على ضد ذلك وَأُتْبِعُوا اى الملأ الذين اتبعوا امر فرعون فِي هذِهِ اى فى الدنيا لَعْنَةً لعنة عظيمة حيث لعنهم من بعدهم من الأمم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ اى حيث يلعنهم اهل الموقف قاطبة فهى تابعة لهم حيثما ساروا دائرة معهم أينما داروا فكما اتبعوا امر فرعون اتبعتهم اللعنة فى الدارين جزاء وفاقا او يلعنون ويطردون من رحمة الله تعالى فى الدنيا بالغرق والآخرة بما فيها من عذاب فان كل معذب ملعون مطرود من الرحمة كما ان كل مخذول محروم من التوفيق والعناية كذلك واكتفى ببيان حالهم الفظيع عن بيان حال فرعون إذ حين كان حالهم هكذا فما ظنك بحال من أغواهم وألقاهم فى هذا الضلال البعيد وحيث كان شان الاتباع ان تكون أعوانا للمتبوع جعلت اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم فقيل بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ الرفد قد جاء بمعنى العون وبمعنى العطية والملائم هنا هو الاول قال الزجاج كل شىء جعلته عونا لشئ وأسندت به شيأ فقد رفدته. والمعنى بئس العون المعان رفدهم وهى اللعنة فى الدارين وذلك ان اللعنة فى الدنيا رفد للعذاب ومددله وقد رفدت باللعنة فى الآخرة. وفى الآية بيان شقاء فرعون وانه لم ينفعه إيمانه حين الغرق ولو نفعه لما كان قائد قومه الى النار وفى الفتوحات فى الباب الثاني والستين المجرمون اربع طوائف كلها فى النار لا يخرجون منها وهم المتكبرون على الله تعالى كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ونفاها عن الله تعالى فقال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وقال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى يريد انه ليس فى السماء اله غيرى وكذلك نمرود وغيره وقال فى الفتوحات فى موضع آخر هو معتقدى وغير هذا قلت على سبيل البحث والاستكشاف انتهى وعلى هذا يحمل ما فى فصوص الحكم من كونه مقبوضا على الطهارة فتدبر وامسك لسانك عن الشيخ فان لكلمات الكبار محامل كثيرة والقرآن لا ينقضى عجائبه وهى بكر بالنسبة الى ارباب الرسوم هدانا الله وإياكم الى حقيقة العلم والعمل

ص: 183

وأرشدنا وإياكم الى طريقة الكمل وفى الآية ايضا ذم لاتباع اهل الهوى وصحبة اهل الفسق فان العرق دساس والطبع جذاب والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية

اى فغان از يار ناجنس اى فغان

همنشين نيك جوئيد اى مهان

وفى الحديث (لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا يسرى إليكم اخلاقهم الخبيثة وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة فقوم فرعون لما اتبعوا فرعون أوردهم النار ولو اتبعوا موسى لاوردهم الجنة: وفى المثنوى

اى خنك آن مرده كز خود رسته شد

در وجود زنده پيوسته شد

سيل چون آمد بدريا بحر كشت

دانه چون آمد بمزرع كشت كشت

چون تعلق يافت نان بأبو البشر

نان مرده زنده كشت وبا خبر

موم وهيزم چون فداى نار شد

ذات ظلمانئ او أنوار شد

سنگ سرمه چونكه شد در ديدگان

كشت بينائى شد آنجا ديده بان

واى آن زنده كه با مرده نشست

مرده كشت وزندگى از وى بجست

ذلِكَ اى الخبر السابق با محمد مِنْ أَنْباءِ الْقُرى بعض انباء القرى المهلكة بما جنت أيدي أهلها نَقُصُّهُ عَلَيْكَ خبر بعد خبر اى مقصوص عليك ليكون فيه دلائل نبوتك مِنْها اى من تلك القرى قائِمٌ باق اثره وجدرانه كالزرع القائم على ساقه مثل ديار عاد وثمود وَحَصِيدٌ مبتدأ حذف خبره اى ومنها عافى الأثر كالزرع المحصود مثل بلاد قوم نوح ولوط وقال الكاشفى [قائم باقيست وآبادان وحصيد مفقود است يا خراب] وفى التأويلات النجمية من الأجساد ما هو قائم قابل لتدارك ما فات عنها وإصلاح ما أفسد النفس منها ومنها و؟؟؟ هو محصود بمحصد الموت مأيوس من التدارك وَما ظَلَمْناهُمْ باهلاكنا إياهم والضمير الى الأهل المحذوف المضاف الى القرى وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بارتكاب ما يوجب الهلاك من الشرك وغيره فانهم أكلوا رزق الله وعبدوا غيره وكذبوا رسله. وفيه اشارة الى انه تعالى أعطاهم استعدادا روحانيا وآلة لتحصيل كمالات لا يدركها الملائكة المقربون فاستعملوا تلك الآلة على وفق الطبيعة لا على حكم الشريعة فعبدوا طاغوت الهوى ووثن الدنيا وأصنام شهواتها فجاءهم الهلاك من أيدي الأسماء الجلالية فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ ما نافية اى فما نفعتهم ولا قدرت ان ترد بأس الله عنهم آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ اى يعبدون وهى حكاية حال ماضية وانما أريد بالدعاء العبادة لانه منها ومن وسائطها ومنه قوله عليه السلام (الدعاء هو العبادة) مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الله مِنْ شَيْءٍ فى موضع المصدر اى شيأ من الإغناء وهو القليل منه لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ منصوب باغنت اى حين مجيئ عذابه ونقمته وهى المكافاة بالعقوبة وَما زادُوهُمْ الضمير المرفوع للاصنام والمنصوب لعبدتها وعبر عن الأصنام بواو العقلاء لانهم نزلوها منزلة العقلاء فى عبادتهم إياها واعتقادهم انها تنفع غَيْرَ تَتْبِيبٍ من تب إذا هلك وخسر وتبه غيره إذا

ص: 184

أهلكه اواقعه فى الخسران اى غير إهلاك وتخسير فانهم انما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها وكانوا يعتقدون فى الأصنام جلب المنافع ودفع المضار فزال عنهم بسبب ذلك الاعتقاد منافع الدنيا والآخرة وجلب ذلك إليهم مضار الدنيا والآخرة وذلك من أعظم الهلاك وأشد الخسران وَكَذلِكَ الكاف فى محل الرفع على انها خبر مقدم للمصدر المذكور بعده اى مثل ذلك الاخذ الذي مر بيانه أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى اى أهلها وانما أسند إليها للاشعار بسريان اثره إليها وَهِيَ ظالِمَةٌ حال من القرى وهى فى الحقيقة لاهلها لكنها لما أقيمت مقامهم فى الاخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الاشعار بانهم أخذوا بظلمهم وكفرهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ

اى عقوبة مؤلمة شديدة صعبة على المأخوذ والمعاقب لا يرجى منها الخلاص وعن ابى موسى رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك) الآية

كسى كر صرصر ظلمش دمادم

چراغ عيش مظلومان بميرد

نميترسد از ان كايزد تعالى

اگر چهـ دير گيرد سخت گيرد

والله تعالى لا يجير الظالم ولكن يمهله ويكله الى نفسه فمن امارية نفسه يظلم على نفسه وعلى نفس غيره فيؤاخذه الله تعالى بظلمه عدلا منه ولكنه إذا نظر بفضله ورحمته الى عبد بنظر العناية يزيل بنور العناية ظلمات امارية نفسه فتصير نفسه مأمورة لامر الشريعة فلا يعمل الا للنجاة من عذاب الآخرة ونيل الدرجات والقربات فعلى كل من أذنب ان يحذر أخذ ربه فيبادر الى التوبة ويترك التسويف فانه ورد (هلك المسوفون)

قبول توبه بر رب كريمست

فعجل ان فى التأخير آفات

إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما نزل بالأمم الهالكة بذنوبهم او فيما قصه الله من قصصهم لَآيَةً لعبرة بينة وموعظة بالغة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ اى أقربه وآمن لانه يعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على احوال عذاب الآخرة واما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم ولم يقل بالفاعل المختار وجعل تلك الوقائع لاسباب فلكية اتفقت فى تلك الأيام لا لذنوب المهلكين فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبالهم ولما لهم من الافكار: قال الحافظ

سير سپهر ودور قمر را چهـ اختيار

در گردشند بر حسب اختيار دوست

ذلِكَ اشارة الى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ اى يجمع له الأولون والآخرون للمحاسبة والجزاء واستعمال اسم المفعول حقيقة فيما تحقق فيه وقوع الوصف وقد استعمل هاهنا فيما لم يتحقق مجازا تنبيها على تحقق وقوعه وَذلِكَ اى يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه حيث يشهد فيه اهل السموات والأرضين للموقف لا يغيب عنه أحد فالمشهود هو الموقف والشاهدون اى الحاضرون الخلائق والمشهود فيه اليوم فاتسع فيه اجراء للظرف مجرى المفعول به واليوم

ص: 185

كما يصح ان يوصف بانه مشهود فيه بمعنى يشهد فيه الخلائق من كل ناحية لامر له شأن او لخطب يهمهم كيوم الجمعة والعيد وعرفة وايام الحروب وقدوم السلطان كذلك يصح ان يوصف بانه مشهود اى مدرك كما تقول أدركت يوم فلان فاريد فى هذا المقام اليوم المشهود فيه لما فيه من تهويل ذلك اليوم لا اليوم المشهود لان سائر الأيام كذلك وَما نُؤَخِّرُهُ اى وما نؤخر أحدا فى ذلك اليوم الملحوظ بعنوانى الجمع والشهود إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ الا لانقضاء مدة قليلة بحذف المضاف قال الكاشفى [مگر از براى گذشتن مدتى شمرده يعنى تا وقت وى در نرسد قائم نگردد] حسما يقتضيه الحكمة. وفى الآيات تهديد وتخويف من الله وحث على تصحيح الحال وتصفية البال وتزكية الأعمال ومحاسبة النفوس قبل بلوغ الآجال فان العبد لا يحصد الا ما يزرع ولا يشرب الا بالكأس التي يسقى وفى الحديث القدسي (يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظلموا. يا عبادى كلكم ضال الا من هديته فاستهدونى أهدكم. يا عبادى كلكم جائع الا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم. يا عبادى كلكم عار الا من كسوته فاستكسونى اكسكم. يا عبادى انكم تخطئون بالليل والنهار وانى اغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى اغفر لكم. يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى. يا عبادى لو ان او لكم وآخركم وجنكم وانسكم كانوا على قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ. يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وجنكم وانسكم قاموا فى صعيد واحد فسألنى كل واحد منكم مسألة وأعطيته ما نقص ذلك مما عندى الا كما ينقص المخيط إذا غمس فى البحر غمسة واحدة. يا عبادى انما هى أعمالكم أحصيها لكم واو فيكم إياها يوم القيامة فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) فعلى العاقل ان يتدارك ما فات ولا يضيع الأوقات: قال المولى الجامى قدس سره

هر دم از عمر گرامى هست گنج بي بدل

ميرود گنج چنين هر لحضه باد آخ آخ

وقد خسر من فات عنه نفس فى طلب غير الله فكيف يكون حال من أضاع أنفاسه فى هواه يَوْمَ يَأْتِ اى حين يأتى ذلك اليوم المؤخر بانقضاء اجله وهو يوم القيامة فلا يلزم ان يكون للزمان زمان وذلك لان الحين مشتمل على ذلك اليوم وغيره من الأوقات ولا محذور فى كون الزمان جزأ من زمان آخر ألا ترى ان الساعة جزء من اليوم واليوم من الأسبوع والأسبوع من الشهر وعلى هذا ويأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة كما قالوا لا أدر ولا أبال وهو كثير فى لغة هذيل- روى- عن عثمان رضى الله عنه انه عرض عليه المصحف فوجد فيه حروفا من اللحن فقال لو كان الكاتب من ثقيف والمملى من هذيل ما وجد فيه هذه الحروف فكأنه مدح هذيلا بالفصاحة والناصب للظرف قوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ لا تتكلم بما ينفع وينجى من جواب او شفاعة إِلَّا بِإِذْنِهِ اى بإذن الله تعالى كقوله تعالى لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً وقوله مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ويوم القيامة يوم مقداره الف سنة من سنى الدنيا ففيه مواقف وازمنة واحوال مختلفة يتكلمون فى بعضها ويتساءلون كما قال يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى بعضها لشدة

ص: 186

الهول والفزع وظهور سطوة آثار القهر او لعدم الاذن لهم فى الكلام كما قال هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ويختم فى بعضها على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم تمكثون الف عام فى الظلمة لا تتكلمون: قال السعدي قدس سره [اگر تيغ قهر بر كشد ولى وبنى سر در كشد وگر غمزه لطف بجنباند بدانرا بنيكان رساند]

گر بمحشر خطاب قهر بود

انبيا را چهـ جاى معذرتست

پرده از لطف كو بردار

كاشقيا را اميد مغفرتست

فَمِنْهُمْ اى من الناس المذكور فى قوله مجموع له الناس او من اهل الموقف المدلول عليهم بقوله لا تكلم نفس شَقِيٌّ وجبت له النار بموجب الوعيد وَسَعِيدٌ اى ومنهم سعيد وجبت له الجنة بمقتضى الوعد. وتقديم الشقي على السعيد لان المقام مقام التحذير والانذار قال فى التبيان علامة الشقاوة خمسة أشياء قساوة القلب وجمود العين والرغبة فى الدنيا وطول الأمل وقلة الحياء. وعلامة السعادة خمسة أشياء لين القلب وكثرة البكاء والزهد فى الدنيا وقصر الأمل وكثرة الحياء وفى التأويلات النجمية شَقِيٌّ محكوم عليه بالشقاوة فى الأزل وَسَعِيدٌ محكوم عليه بالسعادة فى الأزل. وعلامة الشقاء الاعراض عن الحق وطلبه والإصرار على المعاصي من غير ندم عليها والحرص على الدنيا حلالها وحرامها واتباع الهوى والتقليد والبدعة. وعلامة السعادة الإقبال على الله وطلبه والاستغفار من المعاصي والتوبة الى الله والقناعة باليسير من الدنيا وطلب الحلال منها واتباع السنة واجتناب البدعة ومخالفة الهوى انتهى [شيخ ابو سعيد خراز قدس سره فرموده كه حق سبحانه وتعالى درين سوره دو كار عظيم بيان فرموده يكى سياست جبارى وسطوت قهارى كه دمار از روزگار كفار بر آورده ديگر حكم ازلى كه بشقاوت وسعادت خلق شرف نفاذ يافته وحضرت رسالت از هيبت آن خبر وسطوت اين حكم فرموده كه (شيبتنى سورة هود)

آن يكى را از ازل لوح سعادت بر كنار

وين يكى را تا ابد داغ شقاوت بر جبين

عدل او ميراند اين را سوى اصحاب شمال

فضل او ميخواند آنرا نزد اصحاب يمين

قال ابن الشيخ فى حواشيه قوله تعالى فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ظاهره يدل على ان اهل الموقف لا يخرجون عن هذين القسمين اللذين. أحدهما مخلد فى النار ابدا الا ما شاء ربك. وثانيهما مخلد فى الجنة ابدا الا ما شاء ربك فيلزم ان يكون أطفال المشركين والمجانين الذين لم يعلموا صالحا غير خارجين عنهما فان قلت انهم من اهل الجنة فبلا ايمان وان قلت انهم من اهل النار فبلا ذنب فاعلم ان أمرهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية تبع لا شرف الأبوين وفيما يتعلق بامر الآخرة من الثواب والعقاب معلوم مما روى عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين أهم من اهل الجنة أم من اهل النار فقال عليه السلام (الله اعلم بما كانوا عاملين من الكفر والايمان ان عاشوا وبلغوا) وتحقيق هذا المقام ان الله تعالى يحشر يوم القيامة اصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين فى صعيد واحد لا قامة

ص: 187

العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب للعمل فى اصحاب الجنة فاذا حشروا فى صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبى من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتى بها هذا النبي المبعوث فى ذلك اليوم فيقول لهم انا رسول الله إليكم فيقع عند بعضهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ويقول لهم اقتحموا هذه النار لانفسكم فمن إطاعتي نجا ومن عصانى وخالف امرى هلك وكان من اهل النار فمن امتثل امره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال ثواب العمل ووجد تلك النار بردا وسلاما ومن عصاه استحق العقوبة ودخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من الله تعالى فى عباده هكذا ورد فى صحيح الاخبار فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا اى سبقت لهم الشقاوة وقضى لهم بالنار فَفِي النَّارِ اى مستقرون فى جهنم كأن سائلا قال ما شأنهم فيها فقيل لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ الزفير إخراج النفس بقوة وشدة والشهيق رده واستعمالهما فى أول ما ينهق الحمار وآخر ما يفرغ من نهيقه وفيه استعارة تصريحية فان المراد تشبيه صراخهم بأصوات الحمير فكما ان الحمير لها أصوات منكرة كذلك لهم أصوات منكرة فى جهنم كما يشاهد ذلك فى اهل الابتلاء فى الدنيا لا سيما عند الصلب او الخنق او ضرب العنق او قطع اليد او نحوها فان لبعض المجرمين حينئذ خوارا كخوار البقر يتغير صوته كما يتغير لونه وحال الآخرة أشد من حال الدنيا الف مرة خالِدِينَ فِيها مقيمين دائمين فيها حال مقدرة من ضمير الاستقرار فى الظرف وهو قوله فى النار هذا ان أريد حدوث كونهم فى النار وقال بعضهم لا حاجة هنا الى جعل الحال مقدرة كما فى قوله تعالى فَادْخُلُوها خالِدِينَ لان الخلود بعد الدخول وهى هاهنا حال من استقر فيها فلا حاجة الى التقدير ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ما مصدرية والمصدر المؤول قائم مقام الظرف. والمعنى مدة دوامهما وهو عبارة عن التأبيد ونفى الانقطاع على عادة العرب وذلك انهم إذا وصفوا شيأ بالابد والخلود قالوا ما دامت السموات والأرض لانهما باقيتان ابد الآباد على زعمهم فمثلوا ما قصد تأبيده بهما فى عدم الزوال فورد القرآن على هذا المنهاج وان أريد تعليق قرارهم فيها بدوام السموات والأرض فالمراد سموات الآخرة وارضها وهى دائمة مخلدة ويدل عليه قوله يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وقوله وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ وان اهل الآخرة لا بدلهم من مظل ومقل اما سماء يخلقها الله فتظلهم او يظلهم العرش وكل ما علاك فاظلك فهو سماء وكل ما استقرت عليه قدمك فهو ارض ولا فساد فى التشبيه بما لا يعرف اكثر الخلق وجوده ولا مانع ونظيره تشبيه الشيء بالكيمياء او بمدينة ارم وغير ذلك [حضرت شيخ قدس سره در فتوحات آورده كه دوام آسمان وزمين از حيثيت جوهر ايشان مرا دست نه از حيثيت صورت ايشان] وقال اهل التأويل سموات الأرواح والقلوب وارض النفوس والبشرية إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ استثناء من الخلود فى النار لان بعض اهل النار وهم فساق الموحدين يخرجون منها وذلك كاف فى صحة الاستثناء لان زوال الحكم عن الكل يكفيه زواله عن البعض ويجوز اجتماع الشقاوة والسعادة فى شخص واحد باعتبارين كما قال فى التأويلات النجمية إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ من الأشقياء وذلك لان اهل الشقاوة على ضربين شقى وأشقى

ص: 188

فيكون من اهل التوحيد شقى بالمعاصي سعيد بالتوحيد فالمعاصى تدخله النار والتوحيد يخرجه منها ويكون من اهل الكفر والبدعة أشقى يصليه كفره وتكذيبه النار فيبقى خالدا مخلدا انتهى وعن ابن مسعود رضى الله عنه ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا وعن ابى هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص مثله ومعناه عند اهل السنة ان لا يبقى فيها أحد من اهل الايمان فتبقى طبقتهم خالية واما مواضع الكفار فممتلئة ابدا: قال الحافظ

دلا طمع مبر از لطف بى عنايت دوست

كه ميرسد همه را لطف بى نهايت او

وفى هذا البيت اشارة الى سر خفى لا يدركه الا اهل الإلهام قال بعض الكبار الترقي والتدلي انما يجرى فى هذا العالم واما فى الآخرة فلا ترقى فيها فان قلت فقد ترقى العاصي الى مرتبة الجنة بعد الخروج من النار قلت ذلك الترقي كان فى الدنيا بسبب الايمان غير ان ظهوره كان فى الآخرة فعذب اوّلا ثم دخل الجنة إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ من تخليد البعض كالكفار وإخراج البعض كالفساق من غير اعتراض عليه. وانما قيل فعال لان ما يريد ويفعل فى غاية الكثرة وقال المولى ابو السعود إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ استثناء من الخلود على طريقة قوله تعالى لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وقوله ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وقوله حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ غير ان استحالة الأمور المذكورة معلومة بحكم العقل واستحالة تعلق المشيئة بعدم الخلود معلومة بحكم النقل يعنى انهم مستقرون فى النار فى جميع الازمنة الا فى زمان مشيئة الله تعالى لعدم قرارهم فيها وإذ لا إمكان لتلك المشيئة ولا لزمانها بحكم النصوص القاطعة الموجبة للخلود فلا إمكان لانتهاء مدة قرارهم فيها ولدفع ما عسى يتوهم من كون استحالة تعلق المشيئة بطريق الوجوب على الله تعالى قال إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ يعنى انه فى تخليد الأشقياء فى النار بحيث يستحيل وقوع خلافه فعال بموجب إرادته قاض بمقتضى مشيئته الجارية على سنن حكمته الداعية الى ترتب الاجزئة على افعال العباد ولك ان تقول انهم ليسوا بمخلدين فى العذاب الجسماني بل لهم من العقوبات والآلام الروحانية ما لا يعلمه الا الله تعالى وهذه العقوبات وان كانت تعتريهم وهم فى النار لكنهم ينسون بها عذاب النار ولا يحسون بها ألا ترى ان من دهمه الغم المفرط وأدهشه خطب جليل فانه لا يحس بقرص النملة والبرغوث ونحوهما وقس عليه الحال فى جانب السرور كما سيأتى وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا من سعد بمعنى اسعد لغتان حكاهما الكسائي اى قدر لهم السعادة وخلقوا لها فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قال قتادة الله اعلم بثنياه وقال الضحاك الا ما مكثوا فى النار حتى ادخلوا الجنة فان التأبيد من مبدأ معين كما ينقص باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره ان حمل على طريقة التعليق بالمحال فقوله عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ نصب على المصدرية من معنى الجملة لان قوله فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يقتضى إعطاء وانعاما فكأنه قيل يعطيهم إعطاء غير مقطوع بل ممتدا لا الى نهاية وهو اما اسم مصدر هو الإعطاء او مصدر بحذف الزوائد كقوله تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وان حمل على ما أعد الله لعباده الصالحين من النعيم الروحاني الذي عبر عنه (بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فهو

ص: 189

نصب على الحالية من المفعول المقدر للمشيئة قال بعض الكبار اهل الجنة يبقى فى مرتبة الجنة واهل الترقي يتجاوز ويترقى الى ما فوقها وتحقيقه على ما فى التأويلات النجمية ان اهل السعادة على ضربين سعيد واسعد فالسعيد من يبقى فى الجنة ودرجاتها وغرفاتها الى العليين بحسب العبادة والعبودية والأسعد من يدخل الجنة ويعبر عن درجاتها وغرفاتها الى مقامات القربة بحسب المعرفة والتقوى والمحبة كقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وقال صلى الله عليه وسلم (ان اهل الجنة ليرون اهل العليين كما يرى أحدكم الكوكب الدري فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم فى أنعم مكان فمن كان من اهل الجنة واهل العليين فلهم خلود فى الجنة ومن كان فى مقام مقعد الصدق فهو فى

أنعم مقام من الجنة فلهم الخروج من الجنة من بجذبات العناية الى عالم الوحدة) والسر فى هذا ان السالك يسلك بقدم المعاملات الى أعلى مقام الروحانية من حضيض البشرية وهو بعد فى مقام الاثنينية وهو سدرة المنتهى عندها جنة المأوى فلا عبور عن هذا المقام للملك المقرب ولا للنبى المرسل الا برفرف جذبة العناية فانها توازى عمل الثقلين وبها يصل العبد الى عالم الوحدة فافهم جدا فما بقي هناك الدخول والخروج والاستثناء بقوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ راجع الى هذا المقام ولهذا قال عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لانه لا انقطاع له ولا تغيير فيه انتهى يقول الفقير على ما تلقف من فم حضرة الشيخ العلامة أبقاه الله بالسلامة ان اهل الجنة يصلون بمقتضى الاستثناء الذي هو قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ الى مقام لا يشابه ما قبله أصلا وذلك بعد تطاول الزمان وتباعد التنعم فى الجنان وعند ذلك يظهر سر الأزل فى مرآة الابد فكما ان مبدأ التعينات وهو شئونات الغيبية ازل الازال كذلك مقام هذا التجلي المخصوص ابد الآباد فالأبد المضاف هو ما بعد هذا التجلي لا الى نهاية والمضاف اليه ما كان قبله مذ دخولهم الجنة وكذا الأزل فان ما فوق المبدأ المذكور هو الأزل المضاف وما تحته هو الأزل المضاف اليه ونظير هذا هو ما يصل اليه اهل الفناء الكلى فى الدنيا وذلك انهم استوفوا حظهم من الأرزاق المعنوية بحيث لم يبق لهم بحسب مرتبتهم وتعينهم الخاص شىء لم يصلوا اليه من اسرار الافعال والصفات والذات فى جميع المراتب والتعينات فعند ذلك يتجلى الله لهم بصورة اخرى لا تشابه ما قبلها أصلا فيحيون حياة ابدا باقية. ثم السر المذكور المنسوب الى اهل الجنة والعليين جار على اهل النار لكنهم اهل الجلال ومقامهم مقام الفردية ولذا لا تزوج لهم ولا تنعم بما يتنعم به اهل الجنان واهل الجنة اهل الجمال ومقامهم مقام الصفة ومقتضاه التنعم والتلذذ. فالفرق بين اهل الجنة واهل النار ان لاهل الجنة ظهورا بالصفات وفى الظهور بطون وهو سر الذات وان لاهل النار بطونا وليس فى البطون ظهور ولاهل الكمال احاطة وسعة بحيث لا توصف وذلك فى الدارين فالمقربون واقفون على احوال الأبرار ومكاشفون عن مقاماتهم ومواطنهم وهم محجوبون عن المقربين فى ذلك وكذا الأبرار واقفون على احوال اصحاب المشأمة وهم محجوبون عن الأبرار فقس على حال الدنيا حال البرازخ والآخرة ولذا قال بعض الكبار ان الروح بعد خلاصه من حبس البدن ان كان علويا بعضه يقطع برزخا وبعضه اكثر الى ان يسموا

ص: 190

البرازخ فكلما قطع برزخا ازداد احاطة حتى يصل الى المحيط الحقيقي فهناك يضمحل الكل فهو محيط الكل واما إذا كان سفليا فانه فى البلاء والعياذ بالله تعالى ثم ان العلم الإلهي انما يستكمل بعد أربعين سنة من أول المكاشفة والظهور كما ان العقل انما يستكمل فى سن الأربعين يعنى ان الوصول الى منتهى المراتب انما يحصل فى تلك المدة وقد اجرى الله عادته على ذلك فلا يطمع أحد فيه قبلها فان العلم يزداد الى ذلك الحد ثم يحصل التحقق وتصير الأوصاف الطبيعية والنفسانية كلها تحت تسخيره وفى يده غالبا عليها بإذن الله تعالى وعونه فانظر الى طول الطريق وعزة المطلب فاختر لك دليلا الى ان تصل الى الله الرب: وفى المثنوى

پير را بگزين بي پير اين سفر

هست ره پر آفت وخوف وخطر

آن رهى كه بارها تو رفته

بي قلاوز اندر آن آشفته

پس رهى را كه نديدستى تو هيچ

هين مرو تنها ز رهبر سر مپيچ

گر نباشد سايه پير اى فضول

پس ترا سرگشته دارد بانگ غول

اللهم خذ بايدينا وجد علينا كل حين فَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون لكثرة الاستعمال اى إذا تبين عندك ما قصصت عليك من قصص المتقدمين وسوء عاقبتهم فلا تكن فِي مِرْيَةٍ اى فى شك مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما مصدرية اى من جهة عبادة هؤلاء الحاضرين من المشركين وكن على يقين فى انها ضلال سيئ العاقبة كأنه قيل لم لا أكون فى شك فاجيب لانهم ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما كان يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ اى حالهم كحال آبائهم من غير تفاوت فهم على الباطل والتقليد لا على الحق والتحقيق وفيه اشارة الى ان اهل الفترة الذين عبدوا الأصنام من اهل النار فان الذم ينادى على ذلك وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ توفية الشيء تأديته وإعطاؤه على وجه التمام والضمير لهؤلاء الكفرة نَصِيبَهُمْ اى حظهم المتعين لهم من العذاب الدنيوي والأخروي كما وفينا آباءهم أنصباءهم المقدرة حسب جرائمهم فسيلحقهم مثل ما لحق بآبائهم فان التماثل فى الأسباب يقتضى التماثل فى المسببات فان قيل لا سبب عندنا الا الله قلنا يكفينا السببية العادية وهو ما يفضى الى الشيء بحسب جريان العادة غَيْرَ مَنْقُوصٍ حال مؤكدة من النصيب كقوله هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً وفائدته مع دفع توهم التجوز تقرير ذى الحال اى جعله مقررا ثابتا لا يظن انه غيره وفى الآية ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه ولا يحصل اليقين الا بترك التقليد وبالوصول الى عين التوحيد: قال المولى الجامى قدس سره

سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را

زين بيش خشك لب منشين بر سر آب ريب

ثم ان اهل التقليد وارباب الطبيعة انما يعبدون الدنيا والهوى فى الحقيقة فلا بد من ترك الهوى

ص: 191

واتباع الهدى يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء وقع الازدواج بين إبليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثاني الهوى فجميع الأديان الباطلة والأخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى قال بعض المحققين لما جعل الله سلطان الروح ملكا فى ملك البدن وجعل العقل وريره جعل النفس خليلة الروح فمالت النفس الى الهوى فسئل الوزير عن حالها فقال وزير العقل ايها الملك ان هاهنا مسمى بالهوى قد أضل النفس فتوجه الروح الى الله تعالى بالتضرع والابتهال فانقادت النفس للروح بالصلاح وحسن الحال فمن أراد إصلاح نفسه فليرجع الى القادر المتعال يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر ويتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى ثم ان البدعة والهوى عندنا معاشر الصوفية خلاف العمل بسنة النبي عليه السلام وسنة الاصحاب العظام وسنة المشايخ الكرام والاتباع بالعقل الجزئى والطبع فى كل فعل وترك. فعلى السالك ان لا يخالف السنن مطلقا ولا يخرج عن آثار الأخيار ولا يلتفت الى طعن الأغيار فان الحق أحق ان يتبع

دين ما عشقست اى زاهد مگو بيهوده پند

ما بترك دين خود گفتن نخواهيم از گذاف

وَلَقَدْ اى وبالله لقد آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة وهو أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع واما ما قبله من الكتب فانما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز فَاخْتُلِفَ فِيهِ اى فى شأنه وكونه من عند الله وآمن به قوم وكفر به آخرون فلا تبال يا محمد باختلاف قومك فيما آتيناك من القرآن واصبر على تكذيبهم كما صبر موسى على تكذيب قومه. ففيه تسلية له صلى الله عليه وسلم ولما قسم صلى الله عليه وسلم غنائم الطائف وأطال بعض المنافقين الكلام فى انه لم يعدل فى القسمة قال عليه السلام (من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحمه الله على أخي موسى لقد او ذى بأكثر من هذا فصبر) يعنى ان موسى أصابه الأذى الكثير من جهة قومه فصبر على اذاهم فلم يجزع فانا أحق بالصبر منه لان الجمعية الكمالية فى ذاته عليه السلام أتم فحظه من الصفات الالهية والأخلاق الحميدة الربانية اكثر وأوفر: قال المولى الجامى قدس سره فى نعته

بر دفتر جلال تو تورات يك رقم

وز مصحف جمال تو إنجيل يك ورق

وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ هى كلمة القضاء بانظارهم الى يوم القيامة قال سعدى المفتى الأظهر ان لا تقيد بيوم القيامة فان اكثر طغاتهم نزل بهم العذاب يوم بدر وغيره لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى لا وقع القضاء بين المختلفين من قومك بانزال العذاب الذي يستحقه المبطلون ليتميزوا به عن المحقين وَإِنَّهُمْ اى وان كفار مكة أريد به بعض من رجع إليهم ضمير بينهم للامن من الإلباس لَفِي شَكٍّ عظيم مِنْهُ اى من القرآن وان لم يجر له ذكر فان مقام التسلية ينادى على ذلك نداء غير خفى مُرِيبٍ وصف لشك يقال ارابه أوقعه فى الريبة. يعنى [نفس را مضطرب ودل را شوريده كننده] وَإِنَّ كُلًّا التنوين عوض عن المضاف اليه اى وان كل المختلفين فيه المؤمنين منهم والكافرين لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ

ص: 192

أَعْمالَهُمْ

اللام الاولى موطئة للقسم والثانية جواب للقسم المحذوف ولما بتشديد الميم أصله لمن ما بكسر الميم على انها من الجارة دخلت على ما الموصولة او الموصوفة فلما اجتمعت النون ساكنة مع ميم ما وجب ادغامها فقلبت ميما فاجتمع فى اللفظ ثلاث ميمات فحذفت إحداهن اولاهن كانت المحذوفة أم وسطاهن على اختلاف الأقوال. والمعنى ان جميعهم لمن الذي او لمن خلق او لمن فريق والله ليوفينهم ربك أعمالهم من الايمان وسائر الحسنات والكفر وسائر السيئات اى ليعطينهم ويؤدينهم جزاء أعمالهم خيرا او شرا تاما وافيا كاملا إِنَّهُ اى الله تعالى بِما يَعْمَلُونَ اى بما يعمله كل فرد من المختلفين من الخير والشر خَبِيرٌ بحيث لا يخفى عليه شىء من جلائله ودقائقه فيجازى كلا بحسب عمله وتوفية جزاء الطاعات وعد عظيم وتوفية جزاء المعاصي وعيد عظيم فعلى العاقل ان ينتبه من الغفلة ويجانب ما يخالف امر الله تعالى فان الله تعالى لا يفوته منه شىء

بهمه كار بنده دانا اوست

بمكافات او توانا اوست

واعلم ان الكلمة الالهية الازلية سبقت بسعادة اهل الايمان وشقاوة

اهل الكفر فهم فى قبضتى الكفر والقهر وإمهالهم وتأخيرهم انما هو لاستكمال السعادة والشقاوة لنفوسهم ولغيرهم فكتاب الله تعالى هو محك النفوس فمن آمن به وعمل باحكامه فقد كملت سعادته ومن كفر به وترك العمل باحكامه فقد كملت شقاوته وكل واحد من الفريق الاول اهل يقين ونجاة وكل واحد من الفريق الثاني اهل شك وهلاك وعادة الله تعالى جارية على تسليط اهل الإنكار على اهل الإقرار لاستخراج ما فى معادن نفوسهم من جواهر أوصافه الشريفة كالصبر على الأذى والتحمل على البلاء والحلم على السفهاء والعفو عن الجهلاء والصفح عمن ليس له حياء لكى يتخلقوا بأخلاق الله تعالى ويظهر بها صدق عبوديتهم وتفاوت درجاتهم فان المراتب ليست بالدعاوى والأماني بل بالحقائق والمعاني: قال المولى الجامى

بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج

آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام قدس سره مبانى طريق الصوفية على اربعة أشياء وهى اجتهاد وسلوك وسير وطير فالاجتهاد التحقق بحقائق الايمان والسير التحقق بحقائق الإحسان والطير الجذبة بطريق الجود والإحسان الى معرفة الملك المنان فمنزلة الاجتهاد من السلوك منزلة الاستنجاء من الوضوء فمن لا استنجاء له لا وضوء له فكذا من لا اجتهاد له لا سلوك له ومنزلة السلوك من السير منزلة الوضوء من الصلاة فمن لا وضوء له لا صلاة له فكذا من لا سلوك له لا سير له وبعده الطير وهو الوصول وادنى الانتساب فى هذا الباب محبة اهل الاجتهاد وتصديق الواصلين الى سر المبدأ والمعاد ورعاية جانب المتحققين بحقائق القرآن دون العداوة والبغض والشنآن وفى الحديث القدسي (من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب) اى أعلمته انى محارب له حيث كان محاربا لى بمعاداة أوليائي فاذا كان معادى الولىّ ورافض علومه محاربا لله تعالى فما ظنك بمعادى النبي وتارك كتابه ولا يفلح أحد ممن حارب الله تعالى ورسوله ووارث رسوله فان الله تعالى ذو البطش الشديد فاذا أخذه لم يفلته نسأل الله العافية والوفاء والصفاء ونعوذ به

ص: 193

من الخذلان واهل الجفاء فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ يقول الفقير اى إذا تبين عندك يا محمد احوال القرون الاولى وان اخوانك الأنبياء ومؤمنيهم تحملوا من قومهم الأذى وصبروا واستقاموا على طريقتهم المثلى الى ان يأتى امر الله تعالى فدم أنت ايضا على الاستقامة على التوحيد والدعوة اليه كما أمرك الله تعالى وَمَنْ تابَ مَعَكَ معطوف على المستكن فى فاستقم من غير تأكيد بالمنفصل لوجود الفاصل القائم مقامه اى ومن تاب من الشرك والكفر وشاركك فى الايمان هو المعنى بالمعية والا فليس لهم مصاحبة له فى التوبة عما ذكر إذا الأنبياء معصومون عن الكفر وكذا عن تعمد الكبائر قبل الوحى وبعده بالإجماع لكن الظاهر ان الاشتراك فى نفس التوبة يكفى فى الاصطحاب ولا يلزم الاشتراك فى المتوب عنه وقد كان عليه السلام يستغفر الله كل يوم اكثر من سبعين مرة على ما ورد فى الحديث كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لعل التوبة فى مثل هذا المقام هى الرجوع عن الحالة الاولى ومفارقتها سواء صدر فيها الكفر كسجود الصنم وغيره وهو حال اكثر المؤمنين او لم يصدر وهو حال الأقلين ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صح انه عليه السلام شهد بان عليا رضى الله عنه لم يكفر بالله قط طرفة عين مع قوله له فى دعوة الإسلام (وأدعوك الى الكفر باللات والعزى) فان هذا القول لا يقتضى كفره رضى الله عنه إذ قد يدعى الرجل الى كفر ما لم يتصف به إذا كان من شأنه الكفر به والإنكار عليه وَلا تَطْغَوْا اى ولا تنحرفوا عما حد لكم بافراط وتفريط فان كلا طرفى قصد الأمور ذميم. وانما سمى ذلك طغيانا وهو تجاوز الحد تغليظا او تغليبا لحال سائر المؤمنين على حاله. وفى سورة شورى وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ والنهيان متقاربان إذ المراد عدم الاتباع لاهواء اهل الكفر لان فى الاتباع الطغيان وفى عدمه الاستقامة المحضة إِنَّهُ اى الله تعالى بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عالم لا يخفى عليه شىء فيجازيكم على ذلك فاتقوه فى المحافظة على حدوده وهو فى معنى التعليل للامر والنهى وعن بعض الصلحاء وهو ابو على السنوسى رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم فقلت له روى عنك انك قلت (شيبتنى سورة هود) فقال نعم فقلت فما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء وهلاك الأمم قال لا ولكن قوله فاستقم كما أمرت وذلك لان حقيقة الاستقامة هى الوفاء بالعهود كلها وملازمة الصراط المستقيم برعاية حد التوسط فى كل الأمور من الطعام والشراب واللباس فى كل امر دينى ودنيوى ترغيب او ترهيب او حال او حكم او صفة او معاملة وذلك هو الصراط المستقيم كالصراط المستقيم فى الآخرة والتمشى على هذا الصراط الذي يقال لها الاستقامة الاعتدالية عسير جدا كما قال فى بحر العلوم الاستقامة على جميع حدود الله على الوجه الذي امر الله بالاستقامة عليه مما يكاد يخرج عن طوق البشر ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) ولن يطيق مثل هذه المخاطبة بالاستقامة الا من أيد بالمشاهدات القوية والآثار الصادقة ثم بالتثبت كما قال لَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ ثم حفظ وقت المشاهدة ومشافهة الخطاب ولولا هذه المقدمات لتفسخ دون هذا الخطاب ألا تراه كيف قال للامة (استقيموا ولن تحصوا) اى لن تطيقوا الاستقامة التي أمرت بها قيل لمحمد بن فضل حاجة

ص: 194

العارفين الى ماذا قال حاجتهم الى الخصلة التي كملت بها المحاسن كلها ألا وهى الاستقامة فكل من كان أتم معرفة كان أتم استقامة قال ابن عطاء فاستقم اى افتقر الى الله مع تبريك من الحول والقوة وفى التفسير الفارسي للامام القشيري [فرمود كه مستقيم آنكس است كه از راه حق باز نگردد تا بسر منزل وصال برسد. وشيخ ابو على دقاق گفته استقامت آنست كه سر خود را از ما سوى محفوظ دارى. وخواجه عصمت بخارى در صفت اهل استقامت فرموده]

كسى را دانم اهل استقامت

كه باشد بر سر كوى ملامت

ز أوصاف طبيعت پاك برده

بإطلاق هويت جان سپرده

تمام از كرد تن دامن فشانده

برفته سايه وخوشيد مانده

وقال ابو على الجرجاني كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فان نفسك متحركة فى طلب الكرامة ويطلب منك الاستقامة فالكرامة الكبرى الاستقامة فى خدمة الخالق لا بإظهار الخوارق قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره فى نفائس المجالس لا تتيسر الاستقامة الا بايفاء حق كل مرتبة من الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة فمن رعاية حق الشريعة العدالة فى الاحكام فالاستقامة فى مرتبة الطبيعة برعاية الشريعة وفى مرتبة النفس برعاية الطريقة وفى مرتبة الروح برعاية المعرفة وفى مرتبة السر برعاية المعرفة والحقيقة فمراعاة تلك الأمور فى غاية الصعوبة ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) فالكمال الإنساني بتكميل تلك المراتب لا بإظهار الخوارق كما حكى انه قيل للشيخ ابى سعيد ان فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك وقيل ان فلانا يطير فى الهواء فقال ان الطيور كذلك وقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد قال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق واعلم ان النفوس جبلت على الاعوجاج عن طريق الاستقامة الا ما اختص منها بالعناية الازلية والجذبة الالهية: قال المولى الجامى قدس سره

سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند

سالها گر چهـ درين راه تك و پوى كنند

وَلا تَرْكَنُوا الركون هو الميل اليسير والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين اى ولا تميلوا ادنى ميل إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى الى الذين وجد منهم الظلم فى الجملة فَتَمَسَّكُمُ بسبب ذلك وهو منصوب بإضمار ان فى جواب النهى يعنى [بشما برسد] النَّارُ [آتش دوزخ] وإذا كان الركون الى من صدر منهم ظلم مرة فى الإفضاء الى مساس النار هكذا فما ظنك بالركون الى من صدر منهم الظلم مرارا ورسخوا فيه ثم بالميل إليهم كل الميل وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ اى من أنصار ينقذونكم من النار على ان يكون مقابلة الجمع بالجمع بطريق انقسام الآحاد على الآحاد. والجملة نصب على الحالية من مفعول فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة وهى انتفاء ناصركم ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ جملة فعلية معطوفة على الاسمية قبلها. وكلمة ثم لاستبعاد نصرة الله تعالى إياهم مع استحقاقهم العذاب بسبب ركونهم ثم لا ينصركم الله إذ سبق فى حكمه ان يعذبكم ولا يبقى عليكم. والآية

ص: 195

ابلغ ما يتصور فى النهى عن الظلم والتهديد عليه والعجب من قوم يقرأون هذه الآية ويرون ما فيها ثم لا يرتدعون عن الظلم والميل الى اهله ولا يتدبرون انهم مؤاخذون غير منصورين:

قال السعدي قدس سره

كرازى بچاه اندر افتاده بود

كه از هول او شير نر مانده بود

بد انديش مردم بجز بد نديد

بيفتاد وعاجز تر از خود نديد

همه شب ز فرياد وزارى نخفت

يكى بر سرش كوفت سنگى وگفت

تو هرگز رسيدى بفرياد كس

كه ميخواهى امروز فريادرس

كه بر ريش جانت نهد مرهمى

كه دلها ز دردت بنالدهمى

تو ما را همى چاه كندى براه

بسر لا جرم در فتادى بچاه

اگر بد كنى چشم نيكى مدار

كه هرگز نيارد كژ انگور بار

وفى الحديث (إياكم والظلم فانه يخرب قلوبكم) وفى تخريب القلب تخريب سائر الجسد فالظالم يظلم على نفسه حيث يخرب أعضاءه الظاهرة والباطنة وعلى الله حيث يخرب بنيان الله ويغيره ويفسده ولانه إذا ظلم غيره وآذاه فقد ظلم على الله ورسوله وآذاه. والدليل عليه قوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى فمن آذى مؤمنا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى) ودخل فى الركون الى الظالمين المداهنة والرضى بأقوالهم وأعمالهم ومحبة مصاحبتهم ومعاشرتهم ومد العين الى زهرتهم الفانية وغبطتهم فيما أوتوا من القطوف الدانية والدعاء لهم بالبقاء وتعظيم ذكرهم وإصلاح دواتهم وقلمهم ودفع القلم او الكاغذ الى أيديهم والمشي خلفهم والتزيي بزيهم والتشبه بهم وخياطة ثيابهم وحلق رؤسهم. وقد امتنع بعض السلف عن رد جواب الظلمة فى السلام وقد سئل سفيان عن ظالم اشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء فقال لا فقيل له يموت فقال دعه فانه اعانة للظالم وقال غيره يسقى الى ان يثوب الى نفسه ثم يعرض عنه وفى الحديث (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فاذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم) فاذا علمت هذا فاعلم ان الواجب عليك ان تعتزل عنهم بحيث لا تراهم ولا يرونك إذ لا سلامة الا فيه وان لا تفتش عن أمورهم ولا تتقرب الى من هو من حاشيتهم ومتصل بهم من امامهم ومؤذنهم فضلا عن غيرهم من عمالهم وخدمهم ولا تتأسف على ما يفوت بسبب مفارقتهم وترك مصاحبتهم واذكر كثيرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه فى الدين ثم اتى باب السلطان تملقا اليه وطمعا لما فى يديه خاض بقدر خطاه فى نار جهنم) والحديث كأنه مأخوذ من الآية فهما متطابقان معنى كما لا يخفى- وروى- ان الله تعالى اوحى الى يوشع بن نون انى مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال ما بال الأخيار فقال انهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلونهم ويشاربونهم وبهذا تبين ان بغض الظلمة والغضب عليهم لله واجب وانما ظهر الفساد فى الرعايا وجميع أقطار الأرض برا وبحرا بفساد الملوك وذلك بفساد العلماء اولا إذ لولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك بل لو اتفق العلماء فى كل عصر على الحق ومنع الظلم مجتهدين فى ذلك

ص: 196

مستفرغين مجهودهم لما اجترأ الملوك على الفساد ولا ضمحل الظلم من بينهم رأسا وبالكلية ومن ثم قال النبي عليه السلام (لا تزال هذه الامة تحت يد الله وكنفه ما لم يمالئ قرّاؤها أمراءها) وانما ذكر القراء لانهم كانوا هم العلماء وما كان علمهم الا بالقرآن ومعانيهم الا بالسنة وماوراء ذلك من العلوم انما أحدثت بعدهم كذا فى بحر العلوم للشيخ على السمرقندي قدس سره يقول الفقير أصلحه الله القدير ذكر فى الاحياء ان من دخل على السلطان بلا دعوة كان جاهلا ومن دعى فلم يجب كان اهل بدعة وتحقيق المقام ان الركون فى الآية أسند الى المخاطبين والمخالطة وإتيان الباب والممالأة الى العلماء والقراء فكل منها انما يكون مذموما إذا كان من قبل العلماء واما إذا كان من جانب السلاطين والأمراء بان يكونوا مجبورين فى ذلك مطالبين بالاختلاط لاجل الانتفاع الديني فلا بأس حينئذ بالمخالطة لان المجبور المطالب مؤيد من عند الله تعالى خال عن الأغراض النفسانية بخلاف ما إذا كان مقارنا بالأغراض النفسانية فيكون موكولا الى نفسه فتختطفه الشياطين نعوذ بالله تعالى وَأَقِمِ الصَّلاةَ فى الأمر بافعال الخير جاء موحدا موجها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الظاهر وان كان المأمور به من حيث المغني عاما وفى النهى عن المحظورات موجها الى غير الرسول مخاطبا به أمته فهذا من جليل البلاغة القرآنية والمراد باقامة الصلاة أداؤها وانما عبر عنه بها اشارة الى ان الصلاة عماد الدين طَرَفَيِ النَّهارِ اى غدوة وعشية وانتصابه على الظرفية لكونه مضافا الى الوقت فيعطى حكم المضاف اليه وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ منصوب على الظرفية لعطفه على طرفى النهار اى ساعات من الليل وهى الساعات القريبة من النهار فانه من ازلفه إذا قربه جمع زلفة كغرف جمع غرفة. والمراد بصلاة الغدوة صلاة الفجر. وبصلاة العشية الظهر والعصر لان ما بعد الزوال عشى. وبصلاة الزلف المغرب والعشاء وفيه دلالة بينة على اطلاق لفظ الجمع وهو الزلف على الاثنين فالآية مشتملة على الصلوات الخمس ونظيرها قوله تعالى فى سورة ق وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اى بصلاة الصبح وَقَبْلَ الْغُرُوبِ اى بصلاة العصر والظهر فالعصر اصل فى ذلك الوقت والظهر تبع لها كما فى تفسير المناسبات وَمِنَ اللَّيْلِ فى بعض أوقاته فَسَبِّحْهُ بصلاتى المغرب والعشاء وفسر بعضهم طرفى النهار بالصبح والمغرب وزلف الليل بالعشاء والتهجد فانه كان واجبا عليه فيوافق قوله وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ او الوتر على ما ذهب اليه ابو حنيفة او مجموع العشاء والوتر والتهجد على ما يقتضيه ظاهر صيغة الجمع فى زلفا إِنَّ الْحَسَناتِ على الإطلاق لا سيما الصلوات الخمس يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ اى يكفرن الصغائر يعنى لا انها تذهب السيئات نفسها إذ هى قد وجدت بل ما كان يترتب عليها وفى الحديث الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن اذا اجتنب الكبائر ويمنعن من اقترافها كقوله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ- روى- فى سبب النزول ان أبا اليسر الأنصاري كان يبيع التمر فاتته امرأة فاعجبته فقال لها ان فى البيت أجود من هذا التمر فذهب بها الى نحو بيته فضمها الى نفسه وقبلها وفعل بها كل شىء الا الجماع فقالت له اتق الله فتركها وندم فاتى أبا بكر رضى الله عنه فاخبره فقال استر على نفسك وتب الى الله تعالى

ص: 197

فلم يصبر فاتى عمر رضى الله عنه فقال له مثل ذلك فلم يصبر ثم اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بما فعل فقال (انتظر امر ربى فاستر على نفسك) فلما صلى صلاة العصر نزلت هذه الآية فقال عليه السلام (صليت العصر معنا) قال نعم فقال (اذهب فانها كفارة لما فعلت) فقال الحاضرون من الصحابة (هذا له خاصة أم للناس عامة) قال (بل للناس كافة) وفى الحديث (أرأيتم لو ان نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من دونه شىء) قالوا لا قال (فذلك مثل صلاة الخمس يمحو الله بها الخطايا) واعلم ان الذنوب كلها نجاسات والطاعات مطهرات وبماء أعضاء الوضوء تتساقط الأوزار ولذا كانت الغسالة فى حكم النجاسة. ومن هنا أخذ بعض الفقهاء كراهة الصلاة بالخرقة التي يتمسح بها أعضاء الوضوء وقال الله تعالى لموسى عليه السلام (يا موسى يتوضأ احمد وأمته كما

امرتهم وأعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء) فانظر الى ما سلبه الوضوء وجلبه: قال الحافظ

خوشا نماز ونياز كسى كه از سر درد

بآب ديده وخون جگر طهارت كرد

واحسن الحسنات وأفضل الطاعات العلم بالله وطريقه التوحيد وخلاف هوى النفس فبذكر الله يتخلص العبد من الذنوب وبه يحصل تزكية النفوس وتصفية القلوب وبه يتقوى العبد على طاعة الرحمن ويتخلص من كيد الشيطان قالوا يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات قال (هى احسن الحسنات) وفى الآية اشارة الى ادامة الذكر والطاعة والعبادة فى الليل والنهار الا ان يكون له ضرورة من الحاجات الانسانية فيصرف بعض الأوقات إليها كطلب المعاش فى النهار والاستراحة فى الليل فانه يحصل للقوى البشرية والحواس كلال فيلزم دفعه بالمنام ليقوم فى أثناء الليل نشيطا للذكر والطاعة إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ اى ان أنوار الحسنات وهى الأعمال الصالحة والذكر والمراقبة طرفى النهار وزلفا من الليل يذهبن ظلمات سيآت الأوقات التي تصرف فى قضاء الحوائج النفسانية الانسانية وما يتولد من الاشتغال بها واعلم ان تعلق الروح النورانى العلوي بالجسد الظلماني السفلى موجب لخسران الروح الا ان تتداركه أنوار الأعمال الصالحة الشرعية فتربى الروح وترقيه من حضيض البشرية الى ذروة الروحانية بل الى الوحدانية الربانية وتدفع عنه ظلمة الجسد السفلى كما ان إلقاء الحبة فى الأرض موجب لخسران الحبة الا ان يتداركها الماء فيربيها الى ان تصير الحبة الواحدة الى سبعمائة حبة والله يضاعف لمن يشاء فعلى العاقل ان يصبر على مشاق الطاعات والعبادات فان له فيها أنوار او حياة باقية

مده براحت فانى حيات باقى را

بمحنت دو سه روز از غم ابد بگريز

ذلِكَ اى المذكور من الاستقامة والاقامة وغيرهما ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ اى موعظة للمتعظين فمن امتثل الى امر الله تعالى فاستقام واقام فقد تحقق بحقيقة الحال والمقام قال بعض الحكماء علامة الذي استقام ان يكون مثله كمثل الجبل لان الجبل له اربع علامات. احداها ان لا يذيبه الحر. والثانية ان لا يجمده البرد. والثالثة ان لا تحركه الريح. والرابعة ان لا يذهب به السيل فكذا المستقيم إذا احسن اليه انسان لا يحمله إحسانه على ان يميل اليه بغير الحق كما يفعله ارباب الجاه والمناصب فى هذا الزمان فانهم بالشيء اليسير من الدنيا الواصل إليهم من يد رجل

ص: 198

او امرأة يتخطون الحد ويتركون الاستقامة وليس الاتعاظ وقبول النصيحة من شأنهم. والثاني إذا أساء اليه انسان لا يحمله ذلك على ان يقول بغير الحق. والثالث ان هوى نفسه لا يحوله عن امر الله تعالى. والرابع ان حطام الدنيا لا يشغله عن طاعة الله: فقال الحافظ

ببال و پر مروازره كه تير پرتابى

هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست

يعنى لا تخرج بالقدرة الدنيوية والمكنة المالية عن حد الطريق المستقيم فان لكل ترق تنزلا ألا ترى الى حال السهم كيف صعد الى جو السماء زمانا ثم سقط على الأرض فالانسان لا بد وان يسقط على الأرض فى آخر امره ونهاية عمره وَاصْبِرْ يا محمد على مشاق الأوامر ويدخل فيه الامة بالتبعية وقد كانت العادة القرآنية على اجراء اكثر خطابات الأوامر على النبي عليه السلام واكثر خطابات النهى على الامة اعتبارا للاصالة فى الاتصاف والتنزه والاجتناب فافهم فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فى أعمالهم صلاة كانت او صبرا او غيرهما من فرائض الإسلام ومندوبات الأعمال ومكارم الأخلاق ومحاسن الشيم اى يوفيهم أجور أعمالهم من غير بخس أصلا وانما عبر عن ذلك بنفي الاضاعة مع ان عدم إعطاء الاجر ليس باضاعة حقيقة كيف لا والأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه عنها ضياعها لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يمتنع صدوره عنه سبحانه من القبائح وإبراز الاثابة فى معرض الأمور الواجبة وهو تعليل للامر بالصبر. وفيه ايماء الى ان الصبر من باب الإحسان وهو ان تعبد الله كأنك تراه لانه إذا قدر المرء على هذه المشاهدة هان عليه الصبر وغيره من مر الاحكام ولا يكون هذا الإحسان الا بالإخلاص واخلاص السريرة گر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل وكان اهل الخير يكتب بعضهم الى بعض بثلاث كلمات من عمل لآخرته كفاه الله امر دنياه ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته. ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس واعلم ان الله تعالى امر ونهى ومراده إطاعة عباده له فى كل ما يأتون وما يدرون فان فلاحهم فى ذلك ولا يرضى الله منهم الا بالطاعة والتسليم والقبول: قال الحافظ

مزن ز چون و چرا دمكه بنده مقبول

قبول كرد بجان هر سخن كه جانان گفت

وعن ابى بكر الوراق قال طلبنا اربعة أشياء سنين فوجدناها فى اربعة. طلبنا رضى الله تعالى فوجدناه فى طاعته. وطلبنا السعة فى المعيشة فوجدناها فى صلاة الضحى. وطلبنا سلامة الدين فوجدناها فى حفظ اللسان. وطلبنا نور القبر فوجدناه فى صلاة الليل فعلى العاقل السعى فى طريق الطاعات وتنوير القلب بنور العبادات وفى التأويلات النجمية وَاصْبِرْ ايها الطالب الصادق والعاشق الوامق على صرف الأوقات فى طلب المحبوب بدوام الذكر ومراقبة القلب وترك الشهوات ومخالفة الهوى والطبيعة فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ اى سعى الطالبين كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) لان من سنة كرمه قوله (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) والمقصود من الحديث القدسي بيان سعة فيضه وجوده على عباده والتقرب الى الله تعالى انما يكون بقطع التعينات ورفع حجب الكثرة عن وجه الوحدة الذاتية الا ان ذلك مشروط

ص: 199

بشرائط ومربوط بالأسباب فى الصورة الظاهرة ولا تقيد تلك الشرائط والأسباب الا بالجذبة الالهية والدعوة الربانية فمن دعاه وأزال الموانع عن طريقه فقد وصل وإلا فقد انقطع دونه الطريق وبقي متحيرا مبهوتا

داد حق را قابليت شرط نيست

بلكه شرط قابليت داد اوست

اللهم ارحمنا فان ذنوبنا قد جلت وحجبنا قد كثفت وحيلنا قد انقطعت وما بقي الا التوفيق منك والعفو والغفران واللطف والكرم والإحسان انك أنت المحسن فى كل زمان ومكان فَلَوْلا كانَ لولا بمعنى هلا وكان بمعنى وجد. والمعنى بالفارسية [پس چرا نبود] مِنَ الْقُرُونِ الهالكة الكائنة مِنْ قَبْلِكُمْ على رأى من جوز حذف الموصول مع بعض صلته او كائنة من قبلكم على ان يكون حالا وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم قال فى القاموس القرن مائة سنة وهو الأصح لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة سنة وكل امة هلكت فلم يبق منها أحد أُولُوا بَقِيَّةٍ اصحاب فضل وخير وسمى الفضل والجودة بقية على ان يكون الهاء للنقل كالذبيحة لان الرجل انما يستبقى مما يكسبه عادة أجوده وأفضله فصار مثلا فى الجودة والفضل يقال فلان من بقية القوم اى من خيارهم ومنه ما قيل فى الزوايا خبايا وفى الرجال بقايا يَنْهَوْنَ المفسدين نعت لا ولوا عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ الواقع منهم حسبما حكى عنهم ومعناه جحد اى لم يكن فيهم أولوا بقية ينهون حتى لا ينزل العذاب بهم إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ استثناء منقطع اى لكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وهم اتباع الأنبياء وسائرهم تاركوا النهى. ومن فى ممن للبيان لا للتبعيض لان جميع الناجين ناهون وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا عطف على مضمر دل عليه الكلام اى لم ينهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا بمباشرة الفساد وترك النهى عنه فيكون العدول الى المظهر لادراج المباشرين معهم فى الحكم والتسجيل عليهم بالظلم وللاشعار بعلية ذلك لما حاق بهم من العذاب ما أُتْرِفُوا فِيهِ الإتراف الانعام من الترف وهو النعمة اى انعموا فيه من الشهوات واللذات وآثروها على امر الآخرة. ويقال أترفته النعمة اى أطغته. فالمعنى ما اطغوا فيه على ان يكون فيه للسببية والمراد هو الأموال والاملاك قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى يعنى اهتموا بكسبها وبذلوا وسعهم فى تحصيلها وجمعها واعرضوا عما وراءها. اما المباشرون فظاهر. واما المتساهلون فلما لهم فى ذلك من نيل حظوظهم الفاسدة وَكانُوا مُجْرِمِينَ عطف على اتبع وهذا بيان لسبب استئصال الأمم المهلكة وهو ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واتباع الشهوات وفى الحديث (ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروا فلا ينكرون فاذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة فكل قوم لم يكن فيهم آمر بالمعروف وناه عن المنكر من ارباب الصدق وهم مجتمعون على الفساد او لا يأتمرون بالأمر بالمعروف ولا ينتهون بالنهى عن المنكر فانهم هالكون) : قال السعدي

گرت نهى منكر برآيد ز دست

نشايد چوبى دست و پايان نشست

بگو آنچهـ دانى سخن سودمند

وگر هيچ كس را نيايد پسند

ص: 200

چودست وزبانرا نماند مجال

بهمت نمايند مردى رجال

وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى اللام لام الجحود عند البصريين وينتصب الفعل بعدها بإضمار ان وهى متعلقة بخبر كان المحذوف اى مريدا لاهلاك اهل القرى وقال الكوفيون يهلك خبر كان زيدت اللام دلالة على التأكيد بِظُلْمٍ حال من الفاعل اى ظالما لها بغير ذنب واستحقاق للهلاك بل استحال ذلك فى الحكمة وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ غير ظالمين حال من المفعول. والمراد تنزيه الله تعالى عن الظلم بالكلية بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى والا فلا ظلم فيما فعل الله بعباده كائنا ما كان. وقيل قوله بِظُلْمٍ متعلق بالفعل المتقدم والمراد به الشرك. والمعنى ليهلك القرى بسبب شرك أهلها وبمجرده وهم مصلحون فيما بينهم لا يضمون الى شركهم فسادا آخر وذلك لفرط رحمته ومسامحته فى حقوقه ولهذا قال الفقهاء حقوق الله تعالى مبنية على المساهلة وحقوق العباد مبنية على المضايقة وقدموا عند تزاحم الحقوق حقوق العباد والحاصل ان عذاب الاستئصال لا ينزل لاجل كون القوم معتقدين للشرك والكفر بل انما ينزل ذلك العذاب إذا خانوا فى المعاملات وسعوا فى أذى الخلق وظلمهم وانما لم يهلكهم بمجرد شركهم لان مكافاة الشرك النار لا ما دونها وانما يهلكهم بمعاصيهم زيادة على شركهم مثل قوم صالح بعقر الناقة وقوم لوط بالافعال الخبيثة وقوم شعيب بنقصان الكيل والوزن وقوم فرعون بايذائهم موسى وبنى إسرائيل قال بعضهم الملك يبقى مع الشرك ولا يبقى مع الظلم واشتهر انوشروان بالعدل اشتهار حاتم بالجود حتى صار العادل لقباله فلفظ العادل انما يطلق عليه لعدم جوره وظهور عدله لا لمجرد المدح له والثناء عليه واما سلاطين الزمان فلظهور جورهم وعدم اتصافهم بالعدل منعوا عن اطلاق العادل عليهم إذ إطلاقه عليهم حينئذ يكون بمجرد المدح لهم والثناء عليهم فيكون كذبا وكفرا- حكى- ان انوشروان لما مات كان يطاف بتابوته فى جميع مملكته وينادى مناد من له علينا حق فليأت فلم يوجد أحد فى ولايته له عليه حق من درهم

شه كسرى از ظلم از ان ساده است

كه در عهد او مصطفى زاده است

وذكر عن ابى ميسرة قال اتى الى رجل فى قبره بعد ما دفن منكر ونكير فقالا له انا ضارباك مائة سوط فقال الميت انى كنت كذا وكذا فتشفع حتى حطا عنه عشرة ثم لم يزل بهما حتى حطا عنه عشرة اخرى الى ان صار الى ضربة واحدة فقالا انا ضارباك ضربة فضرباه واحدة فالتهب القبر نارا فقال لم ضربتمانى فقالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه فهذه حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم. فعلى السلاطين والحكام العدل على كافة الأنام وتفتيش احوال اهل الإسلام

نيايد بنزديك دانا پسند

شبان خفته وگرگ در گوسفند

مكن تا توانى دل خلق ريش

وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش

وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مشيئة قسر كما فى الكواشي لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً متفقة على الحق ودين الإسلام بحيث لا يكاد يختلف فيه أحد كما كانوا قبل الاختلاف قال الله تعالى

ص: 201

وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وكما يكونون بعد الاختلاف فى آخر الزمان فى عهد عيسى عليه السلام على ما فى بعض الروايات ولكن لم يشأ ذلك لما علم انهم ليسوا باهل لذلك فلم يكونوا امة متفقة على الحق يقول الفقير وقع الاتفاق فى أول النشأة الانسانية ثم آل الأمر الى الاختلاف بمقتضى الحكمة الالهية الى عهد عيسى عليه السلام ويعود فى زمانه على ما كان عليه قبل. ففيه اشارة الى اتحاد سر الأزل والابد فافهم جدا. واما الاختلاف الواقع قبل آدم فغير معتبر لكونه من غير جنس الناس وكذا بعد عيسى عليه السلام لكونه بعد انقطاع الولاية المطلقة وانتقالها الى نشأة اخرى وَلا يَزالُونَ اى الناس مُخْتَلِفِينَ فى الحق ودين الإسلام اى مخالفين له كقوله تعالى وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ او على أنبيائهم كما قال عليه السلام (ان الله بعثني رحمة للعالمين كافة فادوا عنى رحمكم الله ولا تختلفوا كما اختلف الحواريون على عيسى فانه دعاهم الى الله مثل ما أدعوكم اليه) وفى الاية اثبات الاختيار للعبد لما فيها من النداء على انهم صرفوا قدرتهم وإرادتهم الى كسب الاختلاف فى الحق فان وجود الفعل بلا فاعل محال سواء كان موجبا او لا وهو جبر متوسط وقول بين القولين وذلك لان الجبرية اثنتان متوسطة تثبت كسبا فى الفعل كالاشعرية من اهل السنة والجماعة وخالصة لا تثبته كالجهمية وان القدرية يزعمون ان كل عبد خالق لفعله لا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى فنحن معاشر اهل السنة نقول العبد كاسب والله خالق اى فعل العبد حاصل بخلق الله إياه عقيب ارادة العبد وقصده الجازم بطريق جرى العادة بان الله يخلقه عقيب قصد العبد ولا يخلقه بدونه فالمقدور الواحد داخل تحت القدرتين المختلفتين لان الفعل مقدور الله من جهة الإيجاد ومقدور العبد من جهة الكسب يقول الفقير قوله تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ونحوه لا ينافى الاختيار لان ذلك بالنسبة الى فناء العبد فى الحق ولا كلام فى ان المؤثر على كل حال هو الله تعالى: كما قال المولى الجامى قدس سره

حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود

تأثير ز آلت از محالات بود

هستى مؤثر حقيقى است يكيست

باقى همه أوهام وخيالات بود

إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ استثناء متصل من الضمير فى مختلفين وان شئت من فاعل لا يزالون اى الا قوما هداهم الله بفضله الى الحق فاتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه اى لم يخالفوه وَلِذلِكَ اى وللرحمة بتأويل ان مع الفعل خَلَقَهُمْ الضمير لمن قاله ابن عباس اى خلق اهل الرحمة للرحمة كما خلق اهل الاختلاف للاختلاف: وفى المثنوى

چون خلقت الخلق كى يربح على

لطف تو فرمود اى قيوم وحي

لا لان تربح عليهم جودتست

كه شود زو جمله ناقصها درست

عفو كن زين بندگان تن پرست

عفو از درياى عفو اوليترست

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى وجب قول ربك للملائكة او حكمه وهو لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ اى من عصاتهما أجمعين او منهما أجمعين لا من أحدهما فهو لتأكيد العموم للنوعين والثلان هما النوعان المخلوقان للاختلاف فى دين الله الموصوفان بكفران نعم الله

ص: 202

ونسيان حقه وهما سيان فى الحكم فلا شقياء الجن ما لا شقياء الانس من العقاب واعلم ان الناس فى الأديان على اربعة اقسام سعيد. بالنفس والروح فى لباس السعادة وهم الأنبياء واهل الطاعة. والثاني شقى بالنفس فى لباس الشقاوة وهم الكفرة المصرون. والثالث شقى بالنفس فى لباس السعادة مثل بلعم بن باعورا وبرصيصا وإبليس. والرابع سعيد بالنفس فى لباس الشقاوة كبلال وصهيب وسلمان فى أوائل أمرهم ثم بدل الله لباسهم بلباس التقوى والهداية فاصل الأصول هو العناية الازلية والهداية الالهية والسعادة الاصلية قال فى الاحياء المانع من الوصول عدم السلوك والمانع من السلوك عدم الارادة والمانع من الارادة عدم الايمان وسبب عدم الايمان عدم الهداية انتهى

قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت

بى سابقه فضل ازل نتوان يافت

قال فى التأويلات النجمية وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً فى طلب الحق وَلا يَزالُونَ الخلق مُخْتَلِفِينَ فى الطلب فمنهم من طلب الدنيا ومنهم من طلب الآخرة ومنهم من طلب الحق إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فاخرجهم بنور رحمته من ظلمة طبيعتهم الجسمانية والروحانية الى نور طلب الربوبية فلا يكونون طلابا للدنيا والعقبى بل يكونون طلاب جمال الله وجلاله وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ اى ولطلب الله تعالى خلقهم وأكرمهم بحسن استعداد الطلب ورحمهم على توفيق الطلب وفضلهم على العالمين بفضيلة الوجدان وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ فى الأزل إذ قال (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي وهؤلاء فى النار ولا أبالي) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ اى من الأرواح المستهلكة المتمردة وهم إبليس واتباعه وَالنَّاسِ وهم النفوس الأمارات بالسوء أَجْمَعِينَ كلهم من الفريقين المعرضين عن الله تعالى وطلبه انتهى: قال المولى الجامى قدس سره

يا من ملكوت كل شىء بيده

طوبى لمن ارتضاك ذخرا لغده

اين بس كه دلم جز تو ندارد كامى

تو خواه بده كام دلم خواه مده

: وقال المغربي قدس سره

نيست در باطن ارباب حقيقت جز حق

جنت اهل حقيقت بحقيقت اينست

فاذا عرفت حقيقة الحال وسر هذا الكلام فجرد همتك من لباس علاقة كل حال ومقام وصر وأصلا الى الله حاصلا عنده وهو غاية المرام وَكُلًّا مفعول به لنقص وتنوينه عوض عن المضاف اليه المحذوف اى كل نبأ وخبر نَقُصُّ عَلَيْكَ نخبرك به مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ بيان لكل او صفة لما أضيف اليه كل لا لكلا لان الفصيح وصف المضاف اليه ومن للتبعيض ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ بدل من كلا او صفة لما أضيف اليه والأظهر ان يكون المضاف اليه المحذوف فى كلا المفعول المطلق لنقص اى كل اقتصاص اى كل اسلوب من اساليبه نقص عليك من انباء الرسل. وقوله ما نثبت به فؤادك مفعول نقص اى ما نشد به قلبك حتى يزيد يقينك ويطيب به نفسك وتعلم ان الذي فعل بك قد فعل بالأنبياء قبلك والإنسان إذا ابتلى بمحنة وبلية فرأى جماعة يشاركونه فيها خف على قلبه بليته كما يقال البلية إذا عمت خفت وطابت قال القاشاني رحمه الله فى شرح التائية للقلب وجه الى الروح يسمى فؤادا وهو محل الشهود كما قال سبحانه ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ووجه الى النفس يسمى صدرا وهو محل صور العلوم والقلب عرش

ص: 203

الروح فى عالم الغيب كما ان العرش قلب الكائنات فى عالم الشهادة انتهى وَجاءَكَ فِي هذِهِ السورة على ما فسره ابن عباس رضى الله عنهما فى منبر البصرة وعليه الأكثر الْحَقُّ ما هو حق وبيان صدق وتخصيصها بالحكم بمجىء الحق فيها مع ان ما جاءه فى جميع السور حق يحق تدبره وإذعانه والعمل بمقتضاه تشريفا لها ورفعا لمنزلتها وَمَوْعِظَةٌ ونصيحة عظيمة وَذِكْرى وتذكرة لِلْمُؤْمِنِينَ لانهم هم المنتفعون بالموعظة والتذكير بايام الله وعقوبته قال فى الإرشاد اى الجامع بين كونه حقا فى نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين ولكون الوصف الاول حالا له فى نفسه حلى باللام دون ما هو وصف له بالقياس الى غيره وتقديم الظرف اعنى فى هذه على الفاعل لان المقصود بيان منافع السورة لا بيان ذلك فيها لا فى غيرها وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بهذا الحق ولا يتعظون به ولا يتذكرون من اهل مكة وغيرهم اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ

اى حالكم وجهتكم التي هى عدم الايمان إِنَّا عامِلُونَ على حالنا وهو الايمان به والاتعاظ والتذكير به وَانْتَظِرُوا بنا الدوائر والنوائب على ما يعدكم الشيطان إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ان ينزل بكم ما نزل بامثالكم من الكفرة على ما وعد الرحمن فهذا تهديد لهم لا ان الآية منسوخة بآية السيف واعلم ان تثبيت القلوب على الدين والطاعة الى الله تعالى لا الى غيره لانه تعالى أسنده الى ذاته الكريمة وان التثبت يكون منه بالواسطة وبغير الواسطة فاما بالواسطة فههنا كما قال ما نُثَبِّتُ بِهِ اى بالانباء عن أقاصيص الرسل كقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ واما بغير الواسطة فكقوله تعالى وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا وهذا التثبيت من إنزال السكينة فى قلبه بغير واسطة كقوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وكقوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ واعلم انه كما يزداد الايمان بالسكينة فكذلك يزداد اليقين على اليقين باستماع قصص الانبيا والأمم السالفة كما قيل حكايات الصالحين جند من جنود الله تعالى وهذا لمن يثبت الله به قلبه لا لمن يزداد شكه على الشك وكفره على الكفر كأبى جهل ونحوه لان الله تعالى أودع فى كل شىء لطفه وقهره فمن فتح عليه باب لطفه اغلق عليه باب قهره ومن فتح عليه باب قهره اغلق عليه باب لطفه: قال فى المثنوى

ماهيانرا بحر نگذارد برون

خاكيانرا بحر نگذارد درون «1»

اصل ماهى ز اب وحيوان از كاست

حيله وتدبير اينجا باطلست

قفل رفتست وگشاينده خدا

دست در تسليم زن اندر رضا

ومن فتح الله عليه باب لطفه جاءه الحق من هذا الباب كما قال الله تعالى وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ اى انك لست بقادر ان تجيئ فى هذه بالحق لان أبواب اللطف والقهر مغلوقة والمفتاح بيد الفتاح لا يقدر غير المفتاح ان يفتحه فاذا هو الذي يفتح باب لطفه فى كل شىء على العبد ويجيئ بكرمه فيه اليه بلا كيف ولا اين وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ليطلبوا الحق من باب لطفه فى كل شىء ولا يطلبوا من باب قهره

اطلبوا الأرزاق من أسبابها

ادخلوا الأبيات من ابوابها «2»

(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه غاز باره بود إلخ

(2)

در أوائل دفتر سوم در بيان آن مرد كه در عهد داود عليه السلام شب وروز إلخ [.....]

ص: 204

وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بطلب الحق ووجدانه اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ فى طلب المقاصد من باب قهر الحق تعالى إِنَّا عامِلُونَ فى طلب الحق من باب لطفه وَانْتَظِرُوا قهر الحق من باب قهره إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وجدان الحق من باب لطفه وقد ثبت عند اهل التحقيق ان الوجود العيني تابع لعلم الله تعالى وهو تابع للمعلوم الذي هو عين ثابتة لكل فرد من افراد الإنسان وهم قد سألوا بلسان الاستعداد فى تلك المرتبة اى حين كونهم أعيانا ثابتة كل ما لهم وعليهم فسلوكهم فى هذه النشأة الى طريق الأعمال القهرية ودقهم باب الجلال الإلهي انما هو من نتائج استعداداتهم ومقتضيات اسئلتهم السابقة وقس عليه اهل اللطف والجمال وكما ان الله تعالى نصر أنبياءه كذلك ينصر أولياءه وصالح المؤمنين ويفتح عليهم أبواب لطفه وكرمه ويؤيدهم ويثبتهم ويحفظهم من تزلزل الاقدام بحسب مراتبهم ويدفع عن قلوبهم الألم وانما الألم من فقدان العيان- يحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعين سوطا فما صاح ولا استغاث الا فى واحدة بعدها فتبعه الشبلي رحمه الله فسأله عن امره فقال ان العين التي ضربت من أجلها كانت تنظر الىّ فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عنى: وفى المثنوى

هر كجا باشد شه ما را بساط

هست صحرا گر بود سم الخياط

هر كجا يوسف رخى باشد چوماه

جنتست آن گرچهـ باشد قعر چاه

فالكلام انما هو فى كون المرء مع الحق وشهوده فى كل وقت وَلِلَّهِ اللام للاختصاص غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الغيب فى الأصل مصدر واضافة المصدر من صيغ العموم والاضافة بمعنى فى اى يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه فكيف يخفى عليه أعمالكم وَإِلَيْهِ تعالى وحده يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ بضم الياء وفتح الجيم بمعنى يرد وبفتح الياء وكسر الجيم بمعنى يعود عواقب الأمور كلها يوم القيامة فيرجع أمرك يا محمد وامر الكفار اليه فينتقم لك منهم فَاعْبُدْهُ اى أطعه واستقم على التوحيد وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فوض اليه جميع أمورك فانه كافيك وعاصمك من شرهم فعليك تبليغ ما أوحينا إليك بقلب فسيح غير مبال بعداوتهم وعتوهم وسفههم وفى تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة اشعار بانه لا ينفع بدونها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وكل عمل تعمله أنت وهم اى الكفار فالله تعالى عالم به غير فاعل عنه لان الغفلة والسهو لا يجوزان على من لا يخفى عليه شىء فى السماوات والأرض فيجازى كلا منك ومنهم بموجب الاستحقاق وعن كعب الأحبار ان فاتحة التوراة سورة الانعام وخاتمتها هذه الآية وهى وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلخ اعلم ان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الأنبياء والأولياء صلوات الله عليهم أجمعين فبواسطة الوحى والإلهام وتعليم الله تعالى. ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن حال العشرة المبشرة. وكذا عن حال بعض الناس وعن محمد بن كعب انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة) فدخل عبد الله ابن سلام فقام اليه الناس من اصحاب رسول الله فاخبروه بذلك قالوا لو اخبرتنا باوثق عمل ترجوبه فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنى. وكذا اخباره عليه السلام

ص: 205

عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واماتة الصلاة واتباع الشهوات وعن سيد الطائفة جنيد البغدادي رحمه الله قال لى خالى سرى السقطي تكلم على الناس وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك ورأيت النبي عليه السلام وكان ليلة الجمعة فقال تكلم على الناس فانتبهت وأتيت بابه العامي فقال لم تصدقنا حتى قيل لك فقعدت من غد للناس اى بطريق العظة والتذكير فقعد على غلام نصرانى متنكرا وقال ايها الشيخ ما معنى قوله عليه السلام (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) قال فاطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت إسلامك فاسلم الغلام فمثل هذا العلم والوقوف على احوال الناس لا يحصل الا بأخبار الله تعالى والا فكل ولى متحير فى امره وامر غيره كما قال المولى الجامى

اى دل تو كه آن فضولى وبو العجبى

از من چهـ نشان عافيت مى طلبى

سرگشته بود خواه ولى خواه نبى

در وادي ما أدرى ما يفعل بي

ثم ان التوكل عبارة عن الاعتصام به تعالى فى جميع الأمور ومحله القلب وحركة الظاهر لا تنافى توكل القلب بعد ما تحقق عند العبد ان التقدير من قبل الله تعالى فان تعسر شىء فبتقديره فالواجب على كافة العباد ان يعبدوا الله تعالى ويعتمدوا عليه كل الاعتماد لا على الجاه والعقل والأموال والأولاد فان الله تعالى خالق كل مخلوق ورازق كل مرزوق وفى الحديث (ما من زرع على الأرض ولا ثمر على الأشجار الا وعليه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم هذا رزق فلان ابن فلان) وفى الحديث (خلق الله الأرزاق قبل الأجساد بألف عام فبسطها بين السماء والأرض فضربتها الرياح فوقعت فى مشارق الأرض ومغاربها فمنهم من وقع رزقه فى الف موضع ومنهم من وقع فى مائة ومنهم من وقع على باب داره يغدو ويروح حتى يأتيه) : قال المولى الجامى قدس سره

حرص چهـ ورزى كه نبودت او سود

هيچ دو شش كرد دو هشت تونه

رنج طلب را همه بر خود مگير

يطلبك الرزق كما تطلبه

وأفضل العبادات فى مقام التوكل هو التوكل وفى مقام الرضى هو الرضى وفى مقام الفناء هو الفناء وعلى هذا ثم ان العبادة وان كثرت أنواعها ولكن العبادة فى الحقيقة ترك العادات ومخالفة النفس بالمجاهدات والانقطاع عما سوى الله تعالى حتى يترقى العبد من مقام العبادة الى مقام العبودية ولا يحصل ذلك الا بكمال التوحيد وكمال التوحيد لا يحصل الا بالمداومة للعبادات والملازمة الى ذكر الله تعالى فى جميع الحالات

يا رب ز دو كون بي نيازم گردان

واز أفسر فقر سر فرازم گردان

در راه طلب محرم رازم گردان

زان ره كه نه سوى تست بازم گردان

والله ولى التوفيق واليه تعود العواقب على التحقيق تمت سورة هود بفضل الله الودود فى سحر ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الاول من سنة ثلاث ومائة والف

ص: 206