الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الخامس
من تفسير روح البيان
تفسير سورة النحل
وهى مكية الا من وَإِنْ عاقَبْتُمْ الى آخرها وهى مائة وثمان وعشرون آية بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَتى أَمْرُ اللَّهِ روى ان كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيبا للوعد ويقولون ان صح ما يقولون من مجيئ العذاب فالاصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت وامر الله هو العذاب الموعود لان تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع فى سلك الواقع وقد وقع يوم بدر. والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به ايها الكفرة فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى امر الله ووقوعه إذ لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وان كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشيء قبل حينه سُبْحانَهُ [پاكست خداى] وَتَعالى [وبرترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ اى تبرأ وتقدس بذاته عن ان يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري قال ابن عباس رضى الله عنهما لما انزل الله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال الكفار بعضهم لبعض ان هذا يزعم ان القيامة قد قربت فامسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى تنظر ما هو كائن فلما رأوا انه لا ينزل شىء قالوا ما نرى شيأ فانزل اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيأ مما تخوفنا به فانزل الله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النبي عليه السلام قائما مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤسهم فنزل فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى
لا تطلبوا الأمر قبل حينه فاطمأنوا وجلس النبي عليه السلام بعد قيامه وليس فى هذه الرواية استعجال المؤمنين بل خوفهم وظنهم ثم ان الاستعجال بها لا يوصف به المؤمنون قال الله تعالى يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها بل الظاهر انهم لما سمعوا أول الآية اضطربوا لظن انه وقع ثم لما سمعوا خطاب الكفار بقوله فلا تستعجلوه اطمأنوا كما فى حواشى سعدى المفتى ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت انا والساعة كهاتين) يعنى إصبعيه المسبحة والوسطى معناه ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على المسبحة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة وفى حديث آخر (مثلى ومثل الساعة كفرسى رهان) قال فى القاموس كفرسى رهان يضرب للاثنين يسبقان الى غاية فيستويان وهذا التشبيه فى الابتداء لان الغاية تجلى عن السابق لا محالة انتهى والاشارة الى ان قوله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ كلام قديم كان الله فى الأزل به متكلما والمخاطبون به بعد فى العدم محبوسون وهم طبقات ثلاث منهم الغافلون والعاقلون والعاشقون فكان الخطاب مع الغافلين بالعتاب إذ كانوا مشتاقين الى الدنيا وزخارفها ولذاتها وشهواتها وهم اصحاب النفوس
نفس اگر چهـ زيركست وخرده دان
…
قبله اش دنياست او را مرده دان
والخطاب مع العاقلين بوعد الثواب إذ كانوا مشتاقين الى الطاعات والعبادات والأعمال الصالحات التي تبلغهم الى الجنة ونعيمها الباقية وهم ارباب العقول
نصيب ماست بهشت اى خداشناس برو
…
كه مستحق كرامت گناهكارانند
والخطاب مع العاشقين بوصلة رب الأرباب إذ كانوا مشتاقين الى مشاهدة جمال ذى الجلال
چهـ سود از روزن جنت اگر شيرين معاذ الله
…
ز كوى خود درى در روضه فرهاد نكشايد
فاستعجل أرواح كل طبقة منهم للخروج من العدم الى الوجود لنيل المقصود وطلب المفقود فتكلم الله فى الأزل بقوله أَتى أَمْرُ اللَّهِ اى سيأتى امر الله للخروج من العدم لاصابة ما كتب لكل طبقة منكم فى القسمة الازلية فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ فانه لا يفوتكم يدل عليه قوله تعالى وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى فى العدم وهو يسمع خفيات اسراركم ويبصر خفيات سرائركم المعدومة سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ اى هو منزه فى ذاته ومتعال فى صفاته ان يكون له شريك يعمل عمله او شبيه يكون بدله
قهار بي منازع وغفار بي ملال
…
ديان بي معادل وسلطان بي سپاه
با غير او اضافت شاهى بود چنانك
…
بريك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه
يُنَزِّلُ الله تعالى الْمَلائِكَةَ اى جبريل لان الواحد يسمى بالجمع إذا كان رئيسا تعظيما لشأنه ورفعا لقدره او هو ومن معه من حفظة الوحى كما قال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ يعنى ملائكة الوحى وهم جبريل وقال الملائكة بالجمع لانه قد ينزل بالوحى مع غيره- وروى- عن عامر الشعبي بإسناد صحيح قال وكل اسرافيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ثلاث
سنين وكان يأتيه بالكلمة والكلمتين ثم نزل عليه جبريل بالقرآن والحكمة فى توكيل اسرافيل به انه الموكل بالصور الذي فيه هلاك الخلق وقيام الساعة ونبوته صلى الله عليه وسلم مؤذنة بقرب الساعة وانقطاع الوحى وفى صحيح مسلم انه نزل عليه بسورة الحمد اى فاتحة الكتاب ملك لم ينزل بها جبريل كما قال بعضهم وهو بشيع. وذكر ابن ابى حيثمة خالد بن سنان العبسي وذكر نبوته وانه وكل به من الملائكة مالك خازن النار وكان من اعلام نبوته ان نارا يقال لها نار الحدثان كانت تخرج على الناس من مغارة فتأكلهم والزرع والضرع ولا يستطيعون ردها فردها خالد بن سنان بعصاه حتى رجعت هاربة منه الى المغارة التي خرجت منها فلم تخرج بعد وفى الحديث (وكان نبيا ضيعه قومه) يعنى خالد بن سنان اى ضيعوا وصية نبيهم حيث لم يبلغوه مراده من اخبار احوال القبر وقوله عليه السلام (انى اولى الناس بعيسى بن مريم فانه ليس بينى وبينه نبى) اى نبى داع للخلق الى الله وشرع وسبق تفصيل القصة فى سورة المائدة عند قوله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الآية فلينظر هناك. وذكر ان ملكا يقال له زياقيل كان ينزل على ذى القرنين وذلك الملك هو الذي يطوى الأرض يوم القيامة ويقبضها فتقع أقدام الخلائق كلهم بالساهرة فيما ذكره بعض اهل العلم وهذا مشاكل لتوكيله بذي القرنين الذي قطع مشارق الأرض ومغاربها كما ان قصة خالد بن سنان وتسخير النار له مشاكلة لحال الملك الموكل به كذا فى كتاب التعريف واسئلة الحكم بِالرُّوحِ اى بالوحى الذي من جملته القرآن على نهج الاستعارة فانه يحيى القلوب الميتة بالجهل او يقوم فى الدين مقام الروح فى الجسد يعنى ان الروح استعارة تحقيقية عن الوحى ووجه التسمية أحد هذين الوجهين والقرينة ابدال ان انذروا من الروح وقال بعضهم الباء بمعنى مع اى ينزل الملائكة مع جبريل قال الكاشفى [در تبيان ميگويد كه هيچ ملكى فرو نيايد الا كه روح با اوست ورقيبب برو چنانچهـ بر آدميان حفظه ميباشند] مِنْ أَمْرِهِ بيان للروح الذي أريد به الوحى فانه امر بالخير وبعث عليه وايضا هو من عالم الأمر المقابل لعالم الخلق وان كان جبريل من عالم الخلق او هو متعلق بينزل ومن للسببية كالباء مثلها فى قوله تعالى مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ اى ينزلهم بالروح بسبب امره وأجل إرادته عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ان ينزلهم به عليهم لاختصاصهم بصفات تؤهلهم ذلك أَنْ أَنْذِرُوا بدل من الروح اى ينزلهم ملتبسين بان انذروا اى بهذا القول والمخاطبون به الأنبياء الذين نزلت الملائكة عليهم والأمر هو الله والملائكة نقلة للامر كما يشعر به الباء فى المبدل منه وان مخففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف اى ينزلهم ملتبسين بان الشأن أقول لكم انذروا والانذار الاعلام خلا أنه مختص باعلام المحذور من نذر بالشيء كفرح علمه فحذره وأنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كذا فى القاموس اى اعلموا الناس ايها الأنبياء أَنَّهُ اى الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [كس نيست خداى مستحق عبادت مكر من كه آفريننده وروزى دهنده همه ام] وانباؤه عن المحذور ليس لذاته بل من حيث اتصاف المنذرين بما يضاده من الإشراك وذلك كاف فى كون اعلامه انذارا كما قال سعدى المفتى فى حواشيه التخويف بلا اله الا انا من حيث انهم كانوا يثبتون له تعالى ما لا يليق لذاته الكريمة من الشركاء
والانداد فاذا كان ما أسندوه خلاف الواقع وهو مستبد بالالوهية فالظاهر انه ينتقم منهم على ذلك فَاتَّقُونِ [پس بترسيد از من وجز مرا پرستش مكنيد]
مرا بندگى كن كه دارا منم
…
تو از بندگانى ومولا منم
وفى الآية دلالة على ان الملائكة وسائط بين الله وبين رسله
وأنبيائه فى إبلاغ كتبه ورسالاته وانهم ينزلون بالوحى على بعضهم دفعة فى وقت واحد كما نزلوا بالتوراة والإنجيل والزبور على موسى وعيسى وداود والدال عليه قراءة ابن كثير وابى عمرو وينزل من انزل وعلى بعضهم منجما موزعا على حسب المصالح وكفاء الحوادث كما نزلو بالقرآن منجما فى عشرين سنة او فى ثلاث وعشرين على ما يدل عليه قراءة الباقين لان فى التنزيل دلالة على التدرج والتكثر والانزال بشموله التدريجي والدفعى أعم منه وانه ليس ذلك النزول بالوحى جملة واحدة او متفرقا الا بامر الله وعلى ما يراه خيرا وصوابا وان النبوة موهبة الله ورحمته يختص بها من يشاء من عباده وان المقصود الأصلي فى ذلك اعلامهم الناس بتوحيد الله تعالى وتقواه فى جميع ما امر به ونهى عنه والاول هو منتهى كمال القوة العلمية والثاني هو أقصى كمالات القوة العلمية قال فى بحر العلوم واتقاء الله باجتناب الكفر والمعاصي وسائر القبائح يشمل رعاية حقوقها بين الناس والاشارة يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ اى بالوحى وبما يحيى القلوب من المواهب الربانية من امره اى من امر الله وامره على وجوه منها ما يرد على الجوارح بتكاليف الشريعة ومنها ما يرد على النفوس بتزكيتها بالطريقة ومنها ما يريد على الأرواح بملازمة الحضرة للمكاشفات ومنها ما يريد على الخفيات بتجل الصفات لا فناء الذوات عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ من الأنبياء والأولياء أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا اى اعلموا أوصاف وجودكم يبذلها فى انانيتى ان لا اله الا انا فَاتَّقُونِ اى فاتقوا من انانيتكم بانانيتى كذا فى التأويلات النجمية قال شيخى وسندى روحه الله روحه فى بعض تحريراته المتقى اما ان يتقى بنفسه عن الحق سبحانه واما بالحق عن نفسه والاول هو الاتقاء بإسناد النقائص الى نفسه عن إسنادها الى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية لله تعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات الى الحق سبحانه عن إسنادها الى نفسه فيجعل الحق سبحانه وقاية لنفسه والعدم نقصان والوجود كمال فاتقوا الله حق تقاته بان تضيفوا العدم الى أنفسكم مطلقا ولا تضيفوا الوجود إليها أصلا وتضيفوا الوجود الى الله مطلقا ولا تضيفوا العدم اليه أصلا فان الله تعالى موجود دائما ازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقه العدم أصلا ونفوسكم من حيث هى هى معدومة دائما وازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقها الوجود أصلا وطريان الوجود عليها من حيث فيضان الجود الوجودي عليها من الحق تعالى لا يوجب وجودها أصلا من حيث هى هى عند هذا الطريان على عدمها الأصلي من حيث هى دائما مطلقا فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا انتهى كلام الشيخ گر تويى جمله در فضاى وجود هم خود انصاف ده بگو حق گو در همه اوست پيش چشم شهود چيست پندارى هستى من وتو پاك كن جامى از غبار دويى لوح خاطر كه حق يكيست نه دو
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والآثار السفلية يقال قبل ان يخلق الله الأرض كان موضع الأرض كله ما فاجتمع الزبد فى موضع الكعبة فصارت ربوة حمراء كهيئة التل وكان ذلك يوم الأحد ثم ارتفع بخار الماء كهيئة الدخان حتى انتهى الى موضع السماء وما بين السماء والأرض مسيرة خمسائة عام كما بين المشرق والمغرب فجعل الله درة خضراء فخلق منها السماء فلما كان يوم الاثنين خلق الشمس والقمر والنجوم ثم بسط الأرض من تحت الربوة بِالْحَقِّ اى بالحكمة والمصلحة لا بالباطل والبعث ونعم ما قيل
انما الكون خيال
…
وهو حق فى الحقيقة
ويقال جعل الله الأرواح العلوية والأشباح السفلية مظاهر أفاعيله فهو الفاعل فيما يظهر على الأرواح والأشباح تَعالى وتقدس. وبالفارسية [برترست خداى تعالى وبزرگتر] عَمَّا يُشْرِكُونَ عن شركة ما يشركونه به من الباطل الذي لا يبدئ ولا يعيد فينبغى للسالك ان يوحد الله تعالى ذاتا وصفة وفعلا فان الله تعالى هو الفاعل خلق حجاب الوسائط لا بالوسائط بل بالذات فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا وهو ما أريد به وجه الله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقيل للمرائى مشرك
مرايى هر كسى معبود سازد
…
مرايى را از ان گفتند مشرك
خَلَقَ الْإِنْسانَ اى بنى آدم لا غير لان أبويهم لم يخلقا من النطفة بل خلق آدم من التراب وحواء من الضلع الأيسر منه مِنْ نُطْفَةٍ قال فى القاموس النطفة ماء الرجل. والمعنى بالفارسية [از آب منى كه جماديست بي حس وحركت وفهم وهيولائى كه وضع وشكل نپذيرد پس او را فهم وعقل داد] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] اى الإنسان بعد الخلق واتى بالفاء اشارة الى شرعة نسيانهم ابتداء خلقهم خَصِيمٌ بليغ الخصومة شديد الجدل مُبِينٌ اى مظهر للحجة او ظاهر لا شبهة فى زيادة خصومته وجدله: يعنى [مناظره ميكند وميخواهد كه سخن خود را بحجت ثابت سازد] قال فى التكملة الظاهر ان الآية على العموم وقد حكى المهدوى ان المراد به ابى بن خلف الجمحي فانه اتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم فقال يا محمد أترى الله تعالى اى أتظن ان الله يحيى هذا بعد ما قد رم فنزلت ومثلها الآية التي فى آخر سورة يس وفيه نزلت: يعنى [او در أول جمادى بوده وما او را حس ونطق داديم اكنون با ما مجادله ميكند چرا استدلال نمى كند بابداء بر إعادة كه هر كه بر إبداء قادر بود هر آيينه برين نيز قدرت دارد] وفى التأويلات النجمية اى جعل الإنسان من نطفة ميتة لا فعل لها ولا علم بوجودها فاذا أعطيت العلم والقدرة صارت خصيما لخالقها مبينا وجودها مع وجود الحق وادعت الشركة معه ففى الوجود والأفاعيل انتهى والآية وصف الإنسان بالإفراط فى الوقاحة والجهل والتمادي فى كفران النعمة قالوا خلق الله تعالى جوهر الإنسان من تراب اولا ثم من نطفة ثانيا وهم ما ازدادوا الا تكبرا وما لهم والكبر يعد ان خلقوا من نطفة نجسة فى قول عامة العلماء نه در ابتدا بودى آب منى اگر مردى از سر بدر كن منى وفى انسان العيون ان فضلاته صلى الله عليه وسلم طاهرة انتهى وهو من خصائصه عليه السلام كما صرحوا به فى كتب السير وحكم النطفة أسهل من الفضلات لانها أخف منها- يحكى- ان بعض
اهل الرياضة المحققين من اهل التوحيد الحقانى كان يشم من فضلاتهم رايحة المسك وذلك ليس ببعيد لصفوة باطنهم وسريان آثار حالهم الى جميع أعضائهم واجزائهم فهم من النطفة صورة ومن النور معنى وليس غيرهم مثلهم لان معناهم ظهر فى صورة الوجود فغابوا من الغيبة ووصلوا الى عالم الشهود بخلاف غيرهم من ارباب الغفلة فان أنت تطمع فى الوصول الى ما وصلوا او الحصول عند ما حصلوا فعليك بإخلاص العمل وترك المراء والجدل فان حقيقة التوحيد لا تحصل للخصم العنيد بل هى منه بمكان بعيد وَالْأَنْعامَ جمع نعم وقد يسكن عينه وهى الإبل والبقر والغنم والمعز وهى الأجناس الاربعة المسماة بالأزواج الثمانية اعتبارا للذكر والأنثى لان ذكر كل واحد من هذه الأنواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل وانتصابها بمضمر يفسره قوله تعالى خَلَقَها لَكُمْ ولمنافعكم ومصالحكم يا بنى آدم وكذا سائر المخلوقات فانها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم لا لها يدل عليه قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وقوله سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ واما الإنسان فقد خلق له تعالى كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي فالانسان مرآة صفات الله تعالى ومجلى أسمائه الحسنى فِيها دِفْءٌ [در ايشان پوستست گرم كننده يعنى جامعها از پشم وموى كه سرما باز دارد] والدفئ نقيض حدة البرد اى بمعنى السخونة والحرارة ثم سمى به كل ما يدفأ به اى يسخن به من لباس معمول من صوف الغنم او وبر الإبل او شعر المعز هذا واما الفر وفلا بأس به بعد الدباغة من أي صنف كان وقد عد الامام الشافعي رحمه الله لبس جلد السباع مكروها وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فنك يلبسها فى الأعياد والفنك بالتحريك دابة فروتها أطيب انواع الفراء وأشرفها وأعدلها صالح لجميع الامزجة المعتدلة كما فى القاموس ثم ان اسباب التسخين انما تلزم للعامة وقد اشتهر ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصطل بالنار وكذا بعض الخواص فان حرارة باطنهم تغنى عن الحرارة الظاهرة: قال الصائب
جمعى كه پشت گرم بعشق ازل نيند
…
ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند
وَمَنافِعُ نسلها ودرها وركوبها والحراثة بها وثمنها وأجرتها وَمِنْها تَأْكُلُونَ من للتبعيض اى تأكلون ما يؤكل منها من اللحوم والشحوم وغير ذلك بخلاف الغدة والقبل والدبر والذكر والخصيتين والمرارة والمثانة ونخاع الصلب والعظم والدم فانها حرام. وتقديم الظرف لرعاية الفاصلة او لان الاكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس فى معائشهم واما الاكل من غيرها من الطيور وصيد البر والبحر فعلى وجه التداوى او التفكه والتلذذ فيكون القصر إضافيا بالنسبة الى سائر الحيوانات حتى لا ينتقض بمثل الخبز ونحوه من المأكولات المعتادة وَلَكُمْ فِيها مع ما فصل من انواع المنافع الضرورية جَمالٌ اى زينة فى أعين الناس ووجاهة عندهم حِينَ تُرِيحُونَ تردونها من مراعيها الى مراحها ومباركها بالعشي اى فى آخر النهار من أراح الإبل إذا ردها الى المراح بضم الميم وهو موضع اراحة الإبل والبقر والغنم. والاراحة بالفارسية [شبانگاه باز آوردن اشتر وگوسفند] وَحِينَ تَسْرَحُونَ
ترسلونها بالغداة اى فى أول النهار فى المرعى وتخرجونها من حظائرها الى مسارحها من سرح الراعي الإبل إذا رعاها وأرسلها فى المرعى قال فى تهذيب المصادر والسروح [بچرا هشتن] وسرح لازم ومتعد يقال سرحت الماشية وسرحت الماشية انتهى وتعيين الوقتين لان الرعاة إذا اراحوا بالعشي وسرحوها بالغداة تزينت الافنية بها اى ما اتسع من امام الدار كما فى القاموس وتجاوب الثغاء والرغاء الاول صوت الشاة والمعز والثاني ذوات الخف فيجل بكسر الجيم اى يعظم أهلها فى أعين الناظرين إليها ويكسبون الجاه والحرمة عند الناس واما عند كونها فى المراعى فينقطع اضافتها الحسية الى أربابها وعند كونها فى الحظائر لا يراها راء ولا ينظر إليها ناظر وقدم الاراحة على السرح وان كانت بعده لان الجمال فيها اظهر إذ هي حضور بعد غيبة واقبال بعد ادبار على احسن ما يكون ملأى البطون مرتفعة الضلوع حافلة الضروع قال فى القاموس الجمال الحسن فى الخلق والخلق وتجمل تزين وجمله زينه وفى الحديث (جمال الرجل فصاحة لسانه) وفى حديث آخر (الجمال صواب المقال والكمال حسن الفعال)
بهايم خموشند وگويا بشر
…
پراكنده گوى از بهايم بتر
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ جمع ثقل بفتح الثاء والقاف وهو متاع المسافر وحشمه اى تحمل أمتعتكم واحمالكم إِلى بَلَدٍ بعيد أياما كان فيدخل فيه إخراج اهل مكة متاجرهم الى اليمن ومصر والشام لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ واصلين اليه بانفسكم مجردين عن الأثقال لولا الإبل اى لو لم تخلق الإبل فرضا إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فضلا عن استصحابها معكم اى عن ان تحملوها على ظهوركم اليه. والشق بالكسر والفتح الكلفة والمشقة وهو استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى لم تكونوا بالغيه بشئ من الأشياء الا بشق الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ عظيم الرأفة بكم وعظيم الانعام عليكم حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وأنعمها عليكم لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى بعض مغازيه فبينما هم يسيرون إذا خذوا فرخ طائر اى ولده فاقبل أحد أبويه حتى سقط فى أيدي الذين أخذوا الفرخ فقال عليه الصلاة والسلام (ألا تعجبون لهذا الطير أخذ فرخه فاقبل حتى سقط فى ايديكم والله لله ارحم بعباده من هذا الطائر بفرخه)
فروماندكانرا برحمت قريب
…
تضرع كنانرا بدعوت مجيب
وفى الآية اشارة الى ان فى خلق الحيوانات انتفاعا للانسان فانهم ينتفعون بها حين اطلاعهم على صفاتها الحيوانية الذميمة بالصفات الملكية الحميدة احترازا عن الاحتباس فى حيزها واجتنابا عن شبهها بقوله أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وهذه الصفات الحيوانية انما خلقت فيهم لتحمل أثقال أرواحهم الى بلد عالم الجبروت ولذا ورد (نفسك مطيتك فارفق بها) واعلم ان الله تعالى من على عباده بخلق الإبل والبقر والغنم والمعز وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابل يركبها وهى الناقة القصوى اى المقطوع طرف اذنها والجدعاء اى المقطوعة الانف او مقطوعة الاذن كلها والعضباء اى المشقوقة الاذن قال بعضهم وهذه القاب ولم يكن بتلك شىء من ذلك والعضباء هى التي كانت لا تسبق فسبقت فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم (ان حقا على الله ان لا يرفع شيأ من الدنيا الا وضعه) وهى التي لم تأكل بعد وفاة رسول الله ولم تشرب حتى ماتت وجاء ان ابنته فاطمة رضى الله عنها تحشر عليها قال السعدي [حلم شتر چنانكه معلومست اگر طفلى مهارش گيرد وصد فرسنگ ببرد گردن از متابعت او نپيچد اما اگر درره هولناك پيش آيد كه موجب هلاك باشد وطفل بنادانى خواهد كه آن جايكه برود زمام از كفش بگسلاند وديگر مطاوعت نكند كه هنگام درشتى ملاطفت مذموم است وگفته اند كه دشمن بملاطفت دوست نگردد بلكه طمع زياده كند]
كسى كه لطف كند با تو خاك پايش باش
…
وگر خلاف كند در دو چشمش آكن خاك
سخن بلطف وكرم با درشت گوى مگوى
…
كه ژنك خورده نگردد بنرم سوهان پاك
قال فى حياة الحيوان وإذا احرق وبر الجمل وذر على الدم السائل قطعه وقراده يربط فى كم العاشق فيزول عشقه ولحمه يزيد فى الباءة اى الجماع. والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة وقيل لمحمد بن الحسين بن على رضى الله عنهم الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا وإذا أردت ان ترى عجبا فادفن جرة فى الأرض الى حلقها وقد طلى باطنها بشحم البقر فان البراغيث كلها تجتمع إليها وإذا بخر البيت بشحمه مع الزرنيخ اذهب الهوام خصوصا العقارب ولم ينقل انه صلى الله عليه وسلم ملك شيأ منها اى من البقر للقنية فلا ينافى انه ضحى عن نسائه بالبقر كما فى انسان العيون يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر والمراد القصاب المعتاد لذلك وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وأسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وأسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) قال الامام السخاوي قد صح ان النبي عليه الصلاة والسلام ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره انتهى كلام السخاوي وفى الحديث (صوفها رياش وسمنها معاش) يعنى الغنم الرياش اللباس الفاخر يعنى ان ما على ظهرها سبب الرياش ومادتها وما فى بطنها سبب المعاش وهو الحياة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم وامر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال (الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حج فقرائها) وعند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى وجاء (اتخذوا الغنم فانها بركة) قال فى حياة الحيوان جعل الله البركة فى نوع الغنم وهى تلد فى العام مرة ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها جوف الأرض بخلاف السباع فانها تلد ستا وسبعا ولا يرى منها الا واحدة فى أطراف الأرض وكان له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم وسبعة اعنز كانت ترعاها أم ايمن رضى الله عنها وكان له عليه السلام شاة يختص بشرب لبنها وماتت له عليه الصلاة والسلام شاة فقال (ما فعلتم باهابها) قالوا انها ميتة قال (دباغها طهورها) قال الامام الدميري كبد الكبش إذا أحرقت طرية ودلك بها الأسنان بيضتها وقرن الكبش إذا دفن تحت شجرة يكثر حملها وإذا نحملت المرأة بصوف النعجة قطعت الحبل وإذا غطى الإناء بصوف الضأن الأبيض وفيه
عسل لا يقربه النمل وَالْخَيْلَ عطف على الانعام اى خلق الله الخيل وهو اسم جنس للفرس لا واحد له من لفظه كالابل. والخيل نوعان عتيق وهجين والفرق بينهما ان عظم البرذون أعظم من عظم الفرس وعظم الفرس أصلب وانقل والبرذون أجمل من الفرس والفرس اسرع منه والعتيق بمنزلة الغزال والبرذون بمنزلة الشاة فالعتيق ما أبواه عربيان سمى بذلك لعتقه من العيوب وسلامته من الطعن فيه بالأمور المنقصة. وسميت الكعبة بالبيت العتيق لسلامتها من عيب الرق لانه لم يملكها مالك قط. والهجين الذي أبوه عربى وامه عجمية. وخلق الله الخيل من ريح الجنوب وكان خلقها قبل آدم عليه السلام لان الدواب خلقت يوم الخميس وآدم خلق يوم الجمعة بعد العصر والذكر من الخيل خلق قبل الأنثى لشرفه كآدم وحواء. وأول من ركب الخيل إسماعيل عليه السلام وكانت وحوشا ولذلك قيل لها العراب وفى الحديث (اركبوا الخيل فانها ميراث أبيكم إسماعيل) وقد سبق قصة انقيادها لاسماعيل فى سورة البقرة عند قوله تعالى وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ الآية وعن انس رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شىء أحب اليه بعد النساء من الخيل وفى الحديث (لما أراد ذو القرنين ان يسلك فى الظلمة الى عين الحياة سأل أي الدواب فى الليل ابصر فقالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر فقالوا الإناث قال فأى الإناث ابصر فقالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك) وكان له صلى الله عليه وسلم سبعة أفراس. الاول الكسب شبه بكسب الماء وانصبابه لشدة جريه. والثاني المر تجز سمى به لحسن صهيله مأخوذ من الرجز الذي هو ضرب من الشعر والثالث اللحيف كامير او زبير كأنه يلحف الأرض بذنبه لطوله اى يغطيها وقيل هو بالخاء المعجمة كامير وزيبر. والرابع اللزاز مأخوذ من لاززته اى لاصقته فكأنه يلحق بالمطلوب لسرعته. والخامس الورد وهو ما بين الكميت والأشقر الكميت كزبير الذي خالط حمرته قنوء وقنأ قنوأ اشتدت حمرته والأشقر من الدواب الأحمر فى مغرة حمرة يحمر منها العرف والذنب ومن الناس من تعلو بياضه حمرة. والسادس الطرف بكسر الطاء المهملة واسكان الراء وبالفاء الكريم الجيد من الخيل. والسابع السبحة بفتح السين المهملة واسكان الموحدة وفتح الحاء المهملة اى سريع الجري وفى الحديث (ما من ليلة الا والفرس يدعو فيها ويقول رب انك سخرتنى لابن آدم وجعلت رزقى فى يده اللهم فاجعلنى أحب اليه من اهله وولده) وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الفرس يقول إذا التقت الفئتان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ولذلك قيل رب بهيمة خير من راكبها وكان له فى الغنيمة سهمان وعن النبي عليه السلام (لا يعطى الا لفرس واحد) عربيا كان او غيره لان الله تعالى قال وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ولم يفرق بين العربي وغيره ويقال ان الفرس لا طحال له وهو مثل لسرعته وحركته كما يقال للبعير لا مرارة له اى لا جسارة له والفرس يرى المنامات كبنى آدم وزبله إذا دخن به اخرج الولد من البطن قال الحافظ شرف الدين الدمياطي فى كتاب الخيل إذا ربط الفرس العتيق فى بيت لم يدخله الشيطان واما الفرس الذي فيه شئوم فهو الذي لا يغزى عليه ولا يستعمل فى مصلحة حميدة ولا يركبه صالح وفى الحديث (من نقى شعيرا لفرسه ثم جاء به حتى يعلق عليه
كتب الله له بكل شعيرة حسنة) قال موسى للخصر أي الدواب أحب إليك قال الفرس والحمار والبعير لان الفرس مركب اولى العزم من الرسل والبعير مركب هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم السلام والحمار مركب عيسى والعزيز عليهما السلام فكيف لا أحب شيأ أحياه الله بعد موته قبل الحشر وَالْبِغالَ جمع بغل وهو مركب من الفرس والحمار ويقال أول من استنتجها قارون وله صبر الحمار وقوة الفرس وهو مركب الملوك فى أسفارهم ومعبرة الصعاليك فى قضاء اوطارهم وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه ان البغال كانت تتناسل وكانت اسرع الدواب فى نقل الحطب لنار ابراهيم خليل الرحمن فدعا عليها فقطع الله نسلها وهذه
الرواية تستدعى ان يكون استنتاجها قبل قارون لان ابراهيم مقدم على موسى بأزمنة كثيرة وإذا بخر البيت بحافر البغل الذكر هرب منه الفأر وسائر الهوام كما فى حياة الحيوان وكان له صلى الله عليه وسلم بغال ست. منها بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها اليه المقوقس والى مصر من قبل هر قل والدلدل فى الأصل القنفذ وقيل ذكر القنافذ وقيل عظيمها وكان عليه الصلاة والسلام يركبها فى المدينة وفى الاسفار وعاشت حتى ذهبت اسنانها فكان يدق لها الشعير وعميت وقاتل على رضى الله عنه عليها مع الخوارج بعد ان ركبها عثمان رضى الله عنه وركبها بعد على رضى الله عنه ابنه الحسن ثم الحسين ثم محمد بن الحنيفة رضى الله عنهم يقول الفقير انما ركبوها وقد كانت مركبه عليه الصلاة والسلام طلبا للنصرة والظفر فالظاهر انهم لم يركبوها فى غير الوقائع لان من آداب التابع ان لا يلبس ثياب متبوعه ولا يركب دابته ولا يقعد فى مكانه ولا ينكح امرأته. ومنها بغلة يقال لها فضة. ومنها الايلية. وبغلة أهداها اليه كسرى. واخرى من دومة الجندل. واخرى من عند النجاشي وَالْحَمِيرَ جمع حمار وكان له صلى الله عليه وسلم من الحمر اثنان يعفور وعفير والعفرة الغبرة وفى كتاب التعريف والاعلام ان اسم حماره عليه الصلاة والسلام عفير ويقال له يعفور- روى- ان يعفورا وجده صلى الله عليه وسلم بخيبر وانه تكلم فقال اسمى زياد بن شهاب وكان فى آبائي ستون حمارا كلهم ركبهم نبى وأنت نبى الله فلا يركبنى أحد بعدك فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم القى الحمار نفسه فى بئر جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات وذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يرسله إذا كانت له حاجة الى أحد من أصحابه فيأتى الحمار حتى يضرب برأسه باب الصحاب فيخرج اليه فيعلم ان النبي عليه الصلاة والسلام يريده فينطلق مع الحمار اليه والحمار من أذل خلق الله تعالى كما قال الشاعر ولا يقيم على ضيم يراد به الا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشبح فلا يرثى له أحد اى لا يصبر على ظلم يراد به فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه وفى الحديث (من لبس الصوف وحلب الشاة وركب الأتن فليس فى جوفه شىء من الكبر) والأتن جمع أتان وهى الحمارة لِتَرْكَبُوها تعليل بمعظم منافعها والا فالانتفاع بها بالحمل ايضا مما لا ريب فى تحققه وَزِينَةً انتصابها على المفعول له عطفا على محل لتركبوها وتجريده عن اللام لكونه فعلا لفاعل الفعل المعلل به
دون الاول فان الركوب فعل الراكب وهو المخلوق والزينة فعل الزائن وهو الخالق او مصدر لفعل محذوف اى وتتزينوا بها زينة وقد احتج به ابو حنيفة رحمه الله تعالى على حرمة أكل لحم الحليل لانه علل خلقها للركوب والزينة ولم يذكر الاكل بعد ما ذكره فى الانعام ومنفعة الاكل أقوى والآية سيقت لبيان النعمة ولا يليق بالحكيم ان يذكر فى موضع المنة ادنى النعمتين ويترك أعلاهما كذا فى المدارك. وفى الحمر الاهلية خلاف مالك. وفى الخيل خلاف ابى يوسف ومحمد والشافعي كما فى بحر العلوم والتفصيل فى كتاب الذبائح من الكتب الفقهية وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ من انواع المخلوقات من الحشرات والهوام والطيور وحيوانات البحر ومخلوقات ماوراء جبل قاف وفى الحديث (ان الله تعالى خلق الف امة ستمائة منها فى البحر واربعمائة فى البر ومن انواع السمك ما لا يدرك الطرف أولها وآخرها وما لا يدركها الطرف لصغرها) وفى الحديث (ان الله خلق أرضا بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة محشوة خلقا من خلق الله لا يعلمون ان الله تعالى يعصى طرفة عين) قالوا يا رسول الله أمن ولد آدم هم قال (لا يعلمون ان الله خلق آدم) قالوا فأين إبليس منهم قال (لا يعلمون ان الله خلق إبليس) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ كما فى البستان وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان
عن يمين العرش نهرا من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبعة يدخل فيه جبريل كل سحر فيغتسل فيزداد نورا الى نور وجمالا الى جمال وعظما الى عظم ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا الف ملك فيدخل منهم كل يوم سبعون الف ملك البيت المعمور وسبعون ألف ملك الكعبة لا يعودون اليه الى يوم القيامة كما فى الإرشاد وفى الحديث (إذا ملئت جهنم تقول الجنة ملأت جهنم بالجبابرة والملوك والفراعنة ولم تملأنى الا من ضعفاء خلقك فينشئ الله خلقا عند ذلك فيدخلهم الجنة فطوبى لهم من خلق لم يذوقوا موتا ولم يروا سوأ بأعينهم) كما فى بحر العلوم واعلم ان الله تعالى قال وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وكيف يحصر من كان قليل العلم مخلوقات الله الغير المحصورة التي هى مظاهر كلماته التامة وأسمائه العامة فالاولى السكوت وقد اظهر الأنبياء عليهم السلام العجز مع سعة علومهم واحاطة قلوبهم فما ظنك فى حق افراد الامة
در محفلى كه خورشيد اندر شمار ذره است
…
خود را بزرگ ديدن شرط ادب نباشد
وفى التأويلات النجمية وَيَخْلُقُ فيكم بعد رجوعكم بالجذبة الى مستقركم ما لا تَعْلَمُونَ قبل الرجوع اليه وهو قبول فيض نور الله تعالى بلا واسطة انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سكت النبي عليه السلام عن الاستخلاف إذ فى أمته من يأخذ الأمر عن ربه فيكون بباطنه خليفة الله وبظاهره خليفة رسول الله فهو تابع ومتبوع وسامع ومسموع ومع ذلك فهو يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الموحى الى الرسول والمعدن الذي يأخذ منه الرسول وقد نبه سبحانه على ذلك بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي بيد انّ الرسول قابل للزيادة فى ظاهر الاحكام والخليفة الولي ليس كذلك ناقص عن رتبة النبوة انتهى فانظر الى استعداد كاملى هذه الامة كيف أخذوا الفيض من الله بلا واسطة نسأل الله تعالى
ان يملأ قلوبنا بمحبتهم واعتقادهم ويوفقنا لاعمالهم ورشادهم ويحشرنا معهم وتحت لوائهم ويدخلنا الجنة ونحن من رفقائهم وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ القصد مصدر بمعنى الفاعل يقال سبيل قصد وقاصد اى مستقيم على نهج اسناد حال سالكه اليه كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه والمراد بالسبيل الطريق بدليل اضافة القصد اليه اى حق عليه سبحانه بموجب رحمته ووعده المحتوم لا واجب إذ لا يجب عليه شىء من بيان الطريق المستقيم الموصل لمن يسلكه الى الحق الذي هو التوحيد بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب لدعوة الناس اليه وَمِنْها فى محل الرفع على الابتداء اما باعتبار مضمونه واما بتقدير الموصوف اى بعض السبيل او بعض من السبيل فانها تذكر وتؤنث قال ابن الكمال الفرق بين الطريق والصراط والسبيل انها متساوية فى التذكير والتأنيث اما فى المعنى فبينها فرق لطيف وهو ان الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد فهو أخص جائِرٌ اى مائل عن الحق منحرف عنه لا يوصل سالكه اليه وهو طريق الضلال التي لا يكاد يحصى عددها المندرج كلها تحت الجائر كاليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر ملل الكفر واهل الأهواء والبدع ومن هذا علم ان قصد السبيل هو دين الإسلام والسنة والجماعة جعلنا الله وإياكم على قصد السبيل وحسن الاعتقاد والعمل وحفظنا وإياكم من الجائر والزيغ والزلل قال مرجع طريقة الجلوتية بالجيم اعنى حضرة الشيخ محمود هدايى الاسكدارى قدس سره رأيت صور اعلام اهل الأديان فى مبشرتى ليلة الاثنين والعشرين من جماد الآخرة لسنة اثنتي عشرة والف وهى هذه- هذا علم اهل الايمان وصورة استمداد هم من الحق تعالى بالتوجه الى العلو اقتداء بمن قال فى حقه المولى الأعلى ما زاغ البصر وما طغى 88 هذا علم النصارى وصورة انحرافهم عن الحق 88 هذا علم اليهود وصورة انحرافهم عن الحق اكتفاء بالقلب انتهى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ اى ولو شاء الله ان يهديكم الى ما ذكر من التوحيد هداية موصلة اليه البتة مستلزمة لاهتدائكم أجمعين لفعل ذلك ولكن لم يشأ لان مشيئته تابعة للحكمة الداعية إليها ولا حكمة فى تلك المشيئة لما ان مدار التكليف والثواب والعقاب انما هو الاختيار الجزئى الذي يترتب عليه الأعمال التي بها نيط الجزاء وقال أبو الليث فى تفسيره لو علم الله ان الخلق كلهم اهل للتوحيد لهداهم انتهى يقول الفقير هو معنى لطيف مبنى على ان العلم تابع للمعلوم فلا يظهر من الأحوال الا ما أعطته الأعيان الى العلم الإلهي كالايمان والكفر والطاعة والعصيان والنقصان والكمال فمن كان مقتضى ذاته الايمان والطاعة والكمال وكان أهلا لها فى عالم عينه الثابتة أعطاها للعلم فشاء الله هدايته فى هذه النشأة بحكمته ومن كان مقتضى استعداده خلاف لم يشأ الله هدايته حين النزول الى مرتبة وجوده العنصري وإلا لزم التغير فى علم الله تعالى وهو محال وفى الحديث (انما انا رسول وليس الى شىء من الهداية ولو كانت الهداية الى لآمن كل من الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء) كذا فى تلقيح الأذهان قال الحافظ
مكن بچشم حقارت ملامت من مست
…
كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
وقال
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى
…
چنانكه پرورشم مى دهند ومى رويم
وقال
رضا بداده بده وزجبين گره بگشاى
…
كه بر من وتو در اختيار نكشادست
فعليك بترك القيل والقال ورفض الاعتزال والجدال فان الرضى والتسليم سبب القبول وخلافه يؤدى الى غصب الحبيب المقبول- يحكى- عن حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انه قال أقمت بمدينة قرطبة بمشهد فارانى الله اعيان رسله عليهم السلام من لدن آدم الى نبينا عليه الصلاة والسلام فخاطبنى منهم هود عليه السلام وأخبرني فى سبب جمعيتهم وهو انهم اجتمعوا شفعاء للحلاج الى نبينا عليه الصلاة والسلام وذلك انه كان قد أساء الأدب بان قال فى حياته الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم همته دون منصبه قيل له ولم ذلك قال لان الله تعالى قال وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وكان من حقه لا يرضى الا ان يقبل الله تعالى شفاعته فى كل كافر ومؤمن لكنه ما قال الا (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فلما صدر منه هذا القول جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى واقعة وقال له يا منصور أنت الذي أنكرت على الشفاعة فقال يا رسول الله قد كان ذلك فقال ألم تسمع اننى حكيت عن ربى عز وجل (إذا أحببت عبدا كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا) فقال بلى يا رسول الله فقال أو لم تعلم انى حبيب الله قال بلى يا رسول الله قال فاذا كنت حبيب الله كان هو لسانى القائل فاذا هو الشافع والمشفوع اليه وانا عدم فى وجوده فأى عتاب على يا منصور فقال يا رسول الله انا تائب من قولى هذا فما كفارة ذنبى قال قرب نفسك لله قربانا فاقتل نفسك بسيف شريعتى فكان من امره ما كان ثم قال هود عليه السلام وهو من حيث فارق الدنيا محجوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآن هذه الجمعية لاجل الشفاعة له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى بقول الفقير سامحه الله القدير فى هذه القصة أمران أحدهما عظم شأن الحلاج قدس سره بدلالة عظم شأن الشفعاء والثاني انه قتل فى بغداد فى آخر سنة ثلاثمائة وتسع ومات حضرة الشيخ الأكبر بالشام سنة ثمان وثلاثين وستمائة فبينهما من المدة ثلاثمائة وتسع وعشرون سنة والظاهر والله اعلم ان روح الحلاج كان محجوبا عن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من ثلاثمائة سنة تقريبا وذلك بسبب كلمة صدرت منه على خلاف الأدب فان من كان على بساط القرب والحضور ينبغى ان يراعى الأدب فى كل امر من الأمور فماظنك بمن جاوز حد الشريعة ورخص نظم القرآن ومعانيه اللطيفة وعمل بالخيالات والأوهام فليس أولئك الا كالانعام نسأل الله العافية والعفو والانعام هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بقدرته القاهرة مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا منه وهو المطر وفى بحر العلوم تنكيره للتبعيض اى بعض الماء فانه لم ينزل من السماء الماء كله لَكُمْ مِنْهُ اى من ذلك الماء المنزل شَرابٌ اى ما تشربونه والظرف الاول وهو لكم خبر مقدم لشراب والثاني حال منه ومن تبعيضية وَمِنْهُ شَجَرٌ
من ابتدائية اى ومنه وبسببه يحصل شجر ترعاه المواشي والمراد به ما ينبت من الأرض سواء كان له ساق اولا وفى حديث عكرمة (لا تأكلوا ثمن الشجر فانه سحت) يعنى الكلأ وهو بالقصر ما رعته الدواب من الرطب واليابس وانما كان ثمنه سحتا لما فى حديث آخر (الناس شركاء فى ثلاث الماء والكلأ والنار) اى فى اصطلائها وضوئها لا فى الجمر كما ان المراد بالماء ماء الأنهار والآبار لا الماء المحرز فى الظروف والحيلة فيه ان يستأجر موضعا من الأرض ليضرب فيه فسطاطا او ليجعله حظيره لغنمه فتصح الاجارة ويبيح صاحب المرعى الانتفاع له بالرعي فيحصل مقصودهما كذا فى الكافي ويجوز بيع الأوراق على الشجرة لا بيع الثمرة قبل ظهورها والحيلة فى ذلك بيعها مع الأوراق أول ما تخرج من وردها فيجوز البيع فى الثمر تبعا للبيع فى الأوراق كما فى أنوار المشارق فِيهِ تُسِيمُونَ الاسامة بالفارسية [بيرون هشتن رمه بچرا] يقال سامت الماشية رعت وأسامها صاحبها من السومة بالضم وهى العلامة لانها تؤثر بالرعي علامات فى الأرض اى ترعون مواشيكم قدم الشجر لحصوله بغير صنع من البشر ثم استأنف اخبارا عن منافع الماء فقال لمن قال هل له منفعة غير ذلك يُنْبِتُ الله تعالى لَكُمْ لمصالحكم ومنافعكم بِهِ اى بما انزل من السماء الزَّرْعَ الذي هو اصل الاغذية وعمود المعاش قال الكاشفى [مراد حبوب غاذيه است كه زراعت ميكنند] قال فى بحر العلوم الزرع كل ما استنبت بالبذر مسمى بالمصدر وجمعه زروع قال كعب الأحبار لما اهبط الله تعالى آدم جاء ميكائيل بشئ من حب الحنطة وقال هذا رزقب ورزق أولادك قم فاضرب الأرض وابذر البذر قال ولم يزل الخب من عهد آدم الى زمن إدريس كبيضة النعام فلما كفر الناس نقص الى بيضة الدجاجة ثم الى بيضة الحمامة ثم الى قدر البندقة ثم الى قدر الحمصة ثم الى المقدار المحسوس الا ان يقال ان البوم لا يأكل الحنطة ولا يشرب الماء اما الاول فلان آدم عصى بالحنطة ربه واما الثاني فلان قوم نوح اهلكوا بالماء وَالزَّيْتُونَ الذي هو ادام من وجه وفاكهة من وجه وقال الكاشفى يعنى [درخت زيتون را] قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة وكان زاده صلى الله عليه وسلم وقت تخليه بغار حراء بالمد والقصر الكعك والزيت وجاء (ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة مباركة) وهى الزيتون وقبل لها مباركة لانها لا تكاد تنبت الا فى شريف البقاع التي بورك فيها كارض بيت المقدس وَالنَّخِيلَ [وخرمابنان را] والنخيل والنخل بمعنى واحد وهو اسم جمع والواحدة نخلة كالثمرة والثمر وفى الحديث (أكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضل طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) كما فى المقاصد الحسنة وَالْأَعْنابَ [وتاكها را] جمع الأعناب للاشارة الى ما فيها من الاشتمال على الأصناف المختلفة وفيه اشارة الى ان تسمية العنب كرما لم يكن يوضع الواضع ولكنه كان من الجاهلية كأنهم قصدوا به الاشتقاق من الكرم لكون الخمر المتخذة منه تحت على الكرم والسخاء فنهى النبي عليه السلام عن ان يسموه بالاسم الذي وضعه الجاهلية وأمرهم بالتسمية اللغوية بوضع الواضع حيث قال (لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة) ثم بين قبح تلك الاستعارة
بقوله (انما الكرم قلب المؤمن) يعنى ان ما ظنوه من السخاء والكرم فانما هو من قلب المؤمن لا من الخمر إذ اكثر تصرفات السكران عن غلبة من عقله فلا يعتبر ذلك الغطاء كرما ولا سخاء إذ هو فى تلك الحالة كصبى لا يعقل السخاء ويؤثر بماله سرفا وتبذيرا فكما لا يحمل ذلك على الكرم فكذا إعطاء السكران كذا فى أبكار الافكار وخصص هذه الأنواع المعدودة بالذكر للاشعار بفضلها وشرفها ثم عمم فقال وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ من تبعضية اى بعض كلها لانه لم يخرج بالمطر جميع الثمرات وانما يكون فى الجنة اى لم يقل كل الثمرات لان كلها لا تكون الا فى الجنة وانما أنبت فى الأرض من كلها للتذكرة ولعل المراد ومن كل الثمرات التي يحتملها هذه النشأة الدنيوية وترى بها وهى الثمرات المتعارفة عند الناس بانواعها وأصنافها فتكون كلمة من صلة
كما فى قوله تعالى يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ على رأى الكوفية وهو اللائح إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء وإنبات ما فصل لَآيَةً عظيمة دالة على تفرده تعالى بالالوهية لاشتماله على كمال العلم والقدرة والحكمة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فان من تفكر فى ان الحبة والنواة تقع فى الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أسفلها فيخرج منه عروق تنبسط فى اعماق الأرض وينشق أعلاها ان كانت منتكسة فى الوقوع ويخرج منه ساق فينمو ويخرج منه الأوراق والازهار والحبوب والثمار على أجسام مختلفة الاشكال والألوان والخواص والطبائع وعلى نواة قابلة لتوليد الأمثال على النمط المحرر لا الى نهاية مع اتحاد المواد واستواء نسبة الطبائع السفلية والتأثيرات العلوية بالنسبة الى الكل علم ان من هذه أفعاله وآثاره لا يمكن ان يشبهه شىء فى شىء من صفات الكمال فضلا عن ان يشاركه اخس الأشياء فى صفاته التي هى الالوهية واستحقاق العبادة تعالى عن ذلك علوا كبيرا
روضه جانبخش جانها آفريد
…
بغچهـ كون ومكانها آفريد
كرد از هر شاخها گل برك وبار
…
جلوه او نقش ديگر آشكار
والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب قالوا الذكر طريق والفكر وسيلة المعرفة التي هى أعظم الطاعات قال بعضهم الذكر أفضل للعامة لما فى الفكر لهم من خوف الوقوع فى الأباطيل وتمكن الشبه عندهم كما يعرض ذلك لكثير من العوام فى زماننا والفكر أفضل لارباب العلم عند التمكن من الفكر المستقيم فانهم كلما عرضت لهم شبهة تطلبوا دليلا يزيلها فكان الفكر لهم أفضل من الذكر إذا لم يتمكنوا من حصول الفكر البليغ مع الذكر واليه أشار عليه السلام بقوله (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) - روى- ان عثمان رضى الله عنه ختم القرآن فى ركعة الوتر لتمكنه من التدبر والتفكر ولم يبح ذلك لمن لم يتمكن من تدبره ومعرفة فقهه وأجل له مدة يتمكن فيها من ذلك كالثلاثة والسبعة والاشارة فى الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً الفيض لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ المحبة لقلوبكم وَمِنْهُ شَجَرٌ قوى البشرية ودواعيها فيه ترعون مواشى نفوسكم ينبت لغذاء أرواحكم به زرع الطاعات وزيتون الصدق ونخيل الأخلاق الحميدة وأعناب الواردات الربانية ومن كل ثمرات المعقولات والمشاهدات والمكاشفات والمكالمات والأحوال كلها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
بنظر العقل فى هذه الصنائع الحكمية وَسَخَّرَ لَكُمُ اى لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وانضاجها اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان خلفة كما قال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً قال بعضهم الليل ذكر كآدم والنهار أنثى كحواء والليل من الجنة والنهار من النار ومن ثمة كان الانس بالليل اكثر وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تسخرا فى سيرهما وانارتهما أصالة وخلافة واصلاحهما لما نيط بهما صلاحه كل ذلك لمصالحكم ومنافعكم: قال السعدي
ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند
…
تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار
…
شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى
والتسخير بالفارسية [رام گردانيدن] وليس المراد بتسخير هذه لهم تمكنهم من تصريفها كيف شاؤا كما فى قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ونظائره بل هو تصريفه تعالى لها حسبما يترتب عليه منافعهم ومصالحهم لا ان ذلك تسخير لهم وتصرف من قبلهم حسب إرادتهم وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ مبتدأ وخبر اى سائر النجوم فى حركاتها وأوضاعها من التثليث والتربيع ونحوهما مسخرات اى مذللات لله خلقها ودبرها كيف شاء او لما خلقن له بامره اى بإرادته ومشيئته وحيث لم يكن عود منافع النجوم إليهم فى الظهور بمثابة ما قبلها من الملوين والقمرين لم ينسب تسخيرها إليهم بأداة الاختصاص بل ذكر على وجه يفيد كونها تحت ملكوته تعالى من غير دلالة على شىء آخر ولذلك عدل عن الجملة الفعلية الدالة على الحدوث الى الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار. وقرئ بنصب النجوم على تقدير وجعل النجوم مسخرات بامره او على انه معطوف على المنصوبات المتقدمة ومسخرات حال من الكل والعامل ما فى سخر من معنى نفع اى نفعكم بها حال كونها مسخرات لله او لما خلقن له بايجاده وتقديره إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التسخير المتعلق بما ذكر مجملا ومفصلا لَآياتٍ باهرة متكاثرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يفتحون عقولهم للنظر والاستدلال ويعتبرون وحيث كانت هذه الآثار العلوية متعددة ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية اظهر جميع الآيات علقت بمجرد العقل من غير حاجة الى التأمل والتفكر قال اهل العلم العقل جوهر مضيئ خلقه الله فى الدماغ وجعل نوره فى القلب يدرك الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة وهو للقلب بمنزلة الروح للجسد فكل قلب لا عقل له فهو ميت وهو بمنزلة قلب البهائم وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس عقلا قال (المسارع الى مرضاة الله تعالى والمجتنب عن محارم الله تعالى) قالوا أخف حلما من العصفور قال حسان بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم
…
جسم البغال وأحلام العصافير
وَما ذَرَأَ لَكُمْ عطف على قوله والنجوم رفعا ونصبا على انه مفعول لجعل المقدر اى وما خلق فِي الْأَرْضِ من حيوان ونبات حال كونه مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اى اصنافه فان اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون سخر لله تعالى او لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات او جعل ذلك مختلف الأصناف لتتمتعوا من ذلك بأى صنف شئتم وفى بحر العلوم
مختلفا ألوانه هيآته من خضرة وبياض وحمرة وسواد وغير ذلك وفى اكثر التفاسير وماذرأ معطوف على الليل والنهار اى وسخر لكم ما خلق لاجلكم وتعقب بان ذكر الخلق لهم مغن عن ذكر التسخير واعتذر بان الاول لا يستلزم الثاني لزوما عقليا لجواز كون ما خلق لهم عزيز المرام صعب المنال إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التسخيرات ونحوها لَآيَةً دالة على ان من هذا شأنه واحد لا شريك له لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ فان ذلك غير محتاج الا الى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية والاشارة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وَالشَّمْسَ شمس الروح وَالْقَمَرَ قمر القلب وَالنُّجُومُ نجوم القوى والحواس الخمس مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ وهو خطاب وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة بمعالجة طبيب حاذق البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية مخصوص بالعناية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لشاهدات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بشواهد الحق من غير التفكر بل بالمعاينات وَما ذَرَأَ لَكُمْ وما خلق لمصالحكم فِي الْأَرْضِ فى ارض جبلتكم من الاستعدادات مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ منها ملكية ومنها شيطانية ومنها حيوانية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ عبور أرواحهم على هذه العوالم المختلفة وتلونها فى كل عالم بلون ذلك العالم من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية الى ان ردت الى أسفل سافلين القالب كذا فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يتخلص من قيد الغفلة ويربط نفسه بسلسلة اهل التذكر قال محمد بن فضل ذكر اللسان كفارات ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات والتذكر من شأن القلب والقلب امير الجسد وأسير الحق وفى الحديث (لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السموات) وفى هذه اشارة الى الأسباب التي هى حجاب بين القلب وبين الملكوت واصحاب القلوب من الانس ثلاثة صنف كالبهائم قال الله تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وصنف أجسادهم أجساد بنى آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل الا ظله كذا فى الخالصة: قال السعدي قدس سره
ترا ديده در سر نهادند وكوش
…
دهن جاى گفتار ودل جاى هوش
مگر باز دانى نشيب از فراز
…
نكويى كه اين كوتهست يا دراز
يعنى ان الله تعالى خلق كل عضو من الأعضاء بالحكمة فاستعملوها فيما خلقت له وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ قال فى القاموس البحر الماء الكثير او الملح فقط والجمع أبحر وبحور وبحار انتهى وفى الكواشي سخر البحر العذب والملح اى جعله بحيث تتمكنون من الانتفاع به بالركوب والغوص والاصطياد قال بعضهم هذه البحور على وجه الأرض ماء السماء النازل وقت الطوفان فان الله تعالى امر الأرض بعد هلاك القوم فابتلعت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده ويجوز ركوب البحر بشرط علم السباحة وعدم دوران الرأس والا فقد القى نفسه الى التهلكة واقدم على ترك الفرائض وذلك للرجال والنساء كما قاله الجمهور وكره ركو به للنساء لان حالهن على الستر وذا متعسر فى السفينة غالبا لا سيما فى الزورق وهى السفينة الصغيرة لِتَأْكُلُوا مِنْهُ
اى من العذب والملح كما فى الكواشي لَحْماً طَرِيًّا من الطراوة فلا يهمز وهو بالفارسية [تازه] والمراد السمك والتعبير عنه باللحم مع كونه حيوانا للتلويح بانحصار الانتفاع به فى الاكل كما فى الإرشاد وللايذان بعدم احتياجه للذبح كسائر الحيوانات غير الجراد كما هو اللائح وصفه بالطراوة إرشادا لان يتناول طريا فان أكله قديدا أضر ما يكون كما هو المقرر عند الأطباء وفيه بيان لكمال قدرته حيث خلقه عذبا طريا فى ماء زعاق وهو كغراب الماء المر الغليظ لا يطاق شربه ومن اطلاق اللحم عليه ذهب مالك والثوري الى ان من حلف لا يأكل اللحم حنث باكله والجواب ان مبنى الايمان العرف ولا ريب فى انه لا يفهم من اللحم عند الإطلاق ألا ترى ان الله تعالى سمى الكافر دابة حيث قال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ولا يحنث يركوبه من حلف لا يركب دابة وفى حياة الحيوان المذهب المفتى به حل الجميع من الحيوانات التي فى البحر الا السرطان والضفدع والتمساح سواء كان على صورة كلب او خنزير أم لا وفى الحديث (أكل السمك يذهب بالحسد) كما فى بحر العلوم. والسمك يستنشق الماء كما يستنشق بنوا آدم وحيوان البر الهواء الا ان حيوان البر يستنشق الهواء بالأنوف ويصل بذلك الى قصبة الرئة والسمك يستنشق باصداغه فيقوم له الماء قى تولد الروح الحيواني فى قلبه مقام الهواء فى اقامة الحياة ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لان عالم السماء والأرض دون عالم الهواء ونحن من عالم الأرض ونسيم البرّ لو مرّ على السمك ساعة لهلك: وفى المثنوى
ماهيانرا بحر نگذارد برون
…
خاكيانرا بحر نگذارد درون
اصل ماهى آب وحيوان از گلست
…
حيله وتدبير اينجا باطلست «1»
وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ اى من البحر الملح حِيلَةً الحيلة الزينة من ذهب او فضة والمراد بها فى الآية اللؤلؤ والحجر الأحمر الذي يقال له المرجان تَلْبَسُونَها تنزين بها نساؤكم وانما أسند إليهم لكونهن منهم ولبسهن لاجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم وَتَرَى الْفُلْكَ اى لو حضرت ايها المخاطب لرأيت السفن مَواخِرَ فِيهِ جوارى فى البحر مقبلة ومدبرة ومعترضة بريح واحدة بحيزومها من المخر وهو شق الماء يقال مخرت السفينة كمنع جرت وشقت الماء بجآجئها جمع جؤجؤ بالضم وهو صدر السفينة وقال الفراء المخر صوت جرى الفلك بالرياح وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ عطف على تستخر جوا اى لتطلبوا من سعة رزقه بركوبها للتجارة فان تجارته اربح من تجارة البر واليه أشار حضرة سعدى بقوله
سود دريانيك بودى كر نبودى بيم موج
…
صحبت كل خوش بدى گر نيستى تشويش خار
وفى الحديث (من ركب البحر فى ارتجاجه فقرق برئت منه الذمة) وارتجاجه هيجانه من الموج وهو الحركة الشديدة ومعناه ان لكل أحد من الله عهدا وذمة بالحفظ فاذا القى نفسه الى التهلكة فقد انقطع عنه عهد الله فلندور السلامة حين الموج الشديد لم يجز ركوبه وعصى فاعله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى تعرفون حقوق نعمه الجليلة فتقومون بأدائها بالطاعة والتوحيد ولعل مستعار لمعنى الارادة كما فى بحر العلوم ولعل تخصيصه بتعقيب الشكر لانه أقوى فى باب الانعام من حيث انه جعل المهالك سببا للانتفاع وتحصيل المعاش قال صاحب كشف الاسرار
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ
[آورده اند كه حق سبحانه وتعالى از روى ظاهر در زمين درياها آفريد چون قلزم وعمان ومحيط وجزائر وبراى عبور بران كشتيها مقرّر فرموده واز روى باطن در نفس آدمي درياها پديد كرده چون درياهاى شغل وغم وحرص وغفلت وتفرقه وبراى عبور از ان كشتيها تعيين نموده. هر كه در كشتى توكل نشيند از درياى شغل بساحل فراغت رسد. وهر كه در كشتى رضا در آيد از بحر غم بساحل فرح رسد. وهر كه در كشتى قناعت جاى كند از درياى حرص بساحل زهد آيد وهر كه در كشتى ذكر نشيند از درياى غفلت بساحل آگاهى رسد. وهر كه بكشتى توحيد درآيد از درياى تفرقه بساحل جمعيت رسد وبحقيقت تفرقه در بقاست وجمعيت در فنا با وجود آن در مملكت تفرقه وبيخودان در مرتبه جمع]
بحساب خودى قلم دركش
…
در ره بيخودى علم بركش
تا بجاروب «لا» نرو بي راه
…
كى رسى در حريم الا الله
والاشارة وهو الذي سخر لكم بحر العلوم لتأكلوا منه الفوائد الغيبية والمواهب السنية وتستخرجوا من بحر العلوم جواهر المعاني ودرر الحقائق حلية لقلوبكم تلبس بها أرواحكم النور والبهاء وترى سفائن الشرائع والمذاهب جاريات فى بحر العلوم ولتبتغوا من فضله وهو الاسرار الخفيات عن الملائكة المقربين ولعلكم تشكرون هذه النعم الجسيمة والعطيات العظيمة التي اختصكم بها عن العالمين كما فى التأويلات النجمية وَأَلْقى الله تعالى بقدرته القاهرة فِي الْأَرْضِ هى كروبة الشكل محلها وسط العالم وسميت بالأرض لانها تأرض اى تأكل أجساد بنى آدم رَواسِيَ اى جبالا ثوابت من غير سبب ولا ظهير كأنها حصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الأرض فهو تصوير لعظمة وتمثيل لقدرته وان كل عسير فهو عليه يسير اى وجعل فيها رواسى بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر أحد مم خلقت من رسا الشيء إذا نبت جمع راسية والتاء للتأنيت على انها صفة جبال أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ مفعول له والميد الحركة والميل يقال ماد يميد ميدا تحرك ومنه سميت المائدة. والمعنى كراهة ان تميل بكم وتضطرب. وبالفارسية [تأميلي نكند بشما زمين يعنى متحرك ومضطرب نگردد وشما را نيكو دارد] وقد خلق الله الأرض مضطربة لكونها على الماء ثم أرساها بالجبال وهى ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول على جريان عادته فى جعل الأشياء منوطة بالأسباب فالارض بلا جبال كاللحم بلا عظام فكما ان وجود الحيوان وجسده انما يستمسك بالعظم فكذا الأرض انما تقوم بالرواسى ألا ترى ان سطيحا الكاهن لم يكن فى بدنه عظم سوى القفا لكونه من ماء المرأتين وكان لا يستمسك وانما يخرج فى السنة مرة ملفوفا فى خرقة او موضوعا على صحيفة من فضة وَأَنْهاراً جمع نهر ويحرك مجرى الماء اى وجعل فيها أنهارا لان فى القى معنى الجعل إذا لالقاء جعل مخصوص وذلك مثل الفرات نهر الكوفة ودجلة نهر بغداد وجيحون نهر بلخ وجيحان نهر اذنه فى بلاد الأرمن وسيحون نهر الهند وسيحان نهر المصيصة والنيل نهر مصر وغيرها من الأنهار الجارية فى أقطار الأرض وَسُبُلًا وطرقا مختلفة جمع سبيل وهو الطريق وما وضح
يعنى [پديد كرديم در زمين راهها از هر موضعى بموضعي] لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ارادة ان تهتدوا بها الى مقاصدكم ومنازلكم قال بعضهم خذوا الطريق ولو دارت واسكنوا المدن ولو جارت وتزوجوا البكر ولو بارت اى ولو كانت البكر بورا اى فاسدة هالكة لا خير فيها
زن نو كن اى دوست هر نو بهار
…
كه تقويم پارين نيايد بكار
وَعَلاماتٍ اى وجعل فيها معالم يستدل بها السابلة وهى القوم المختلفة على الطريق بالنهار من جبل وسهل ومياه وأشجار وريح كما قال الامام رأيت جماعة يشمون التراب وبواسطة ذلك الشم يتعرفون الطرقات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ بالليل فى البراري والبحار حيث لا علامة غيره ولعل الضمير لقريش فانهم كانوا كثيرى التردد للتجارة مشهورين بالاهتداء بالنجوم فى أسفارهم وصرف النظم عن سنن الخطاب وتقديم النجم واقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء يهتدون فالاعتبار بذلك الزم لهم والشكر عليه أوجب عليهم والمراد بالنجم الجنس او هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدى وذلك لانها تعلم بها الجهات ليلا لانها دائرة حول القطب الشمالي فهى لا تغيب والقطب فى وسط بنات نعش الصغرى والجدى هو النجم المفرد الذي فى طرفها والفرقدان هما النجمان اللذان فى الطرف الآخر. وهما من النعس والجدى من البنات ويقرب من بنات نعش الصغرى بنات نعش الكبرى وهى سبعة ايضا اربعة نعش وثلاث بنات وبإزاء الأوسط من البنات السهى وهو كوكب خفى صغير كانت الصحابة رضى الله عنهم تمتحن فيه أبصارهم كذ فى التكملة لابن عسكر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه تعلموا من النجوم ما تهتدون به فى طرقكم وقبلتكم ثم كفوا وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم قيل أول من نظر فى النجوم والحساب إدريس النبي عليه السلام قال بعض السلف العلوم اربعة الفقه للاديان والطب للابدان والنجوم للازمان والنحو للسان واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى تعلم قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية من مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون هذا بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره كما حكى انه لما وقع قران الكواكب السبعة فى دقيقة من الدرجة الثالثة من الميزان سنة احدى وثمانين وخمسمائة حكم المنجمون بخراب الربع المسكون من الرياح وكان وقت البيدر ولم يتحرك ريح ولم يقدر الدهاقين على رفع الحبوب ولذا استوصى تلميذ من شيخه بعد التكميل عند افتراقه فقال ان أردت ان لا تحزن ابدا فلا تصحب منجما وان أردت ان تبقى لذة فمك فلا تصحب طبيبا قال الشيخ [منجمى بخانه خود در آمد مرد بيگانه را ديد با زن او بهم نشسته دشنام داد وسقط گفت وفتنه وآشوب برخاست صاحب دلى برين حال واقف شد وگفت
تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست
…
چوندانى كه در سراى تو كيست
فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى كلام الحافظ مع زيادة يقول الفقير اصحاب النظر والاستدلال
محتاجون الى معرفة شىء من علم النجوم والحكمة والهيئة والمهندسة ونحوها مما يساعده ظاهر الشرع الشريف إذ هو ادخل فى التفكر وقد قال تعالى وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
ولا يمكن صرف التفكر الى المجهول المطلق فلا بد من معلومية الأمر ولو بوجه ما وهذا القدر خارج عن الطعن والجرح كما قال السيد الشريف النظر فى النجوم ليستدل بها على توحيد الله تعالى وكمال قدرته من أعظم الطاعات واما ارباب الشهود والعيان فطريقهم الذكر وبه يصلون الى مطالعة أنوار الملك والملكوت ومكاشفة اسرار الجبروت واللاهوت فيشاهدون فى الأنفس والآفاق ما غاب عن العيون ويعاينون فى الظاهر والباطن ما تخير فيه الحكماء والمنجمون ثم ان الاهتداء اما بنجوم عالم الآفاق وهو للسائرين من ارض الى ارض واما بنجوم عالم الأنفس وهو للمهاجرين من حال الى حال وفى الحديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وهذا الاقتداء والاهتداء مستمر باق الى آخر الزمان بحسب التوارث فى كل عصر فلا بد من الدليل وهو صاحب البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية المخصوص بالعناية: قال الحافظ
بكوى عشق منه بي دليل راه قدم
…
كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد
وفى التأويلات النجمية والقى فى ارض البشرية جبال الوقار والسكينة لئلا تميل بكم صفات البشرية عن جادة الشريعة والطريقة وأنهارا من ماء الحكمة وطريق الهداية لعلكم تهتدون الى الله تعالى وعلامات من الشواهد والكشوف وبنجم الهداية من الله يهتدون الى الله وهو جذبة العناية يخرجكم بها من ظلمات وجودكم المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى قال الشيخ ابو القاسم الخزيمي الغرارى فى كتاب الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة قوله تعالى وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ الى قوله لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فيه دليل انه تعالى أراد من الكل الاهتداء والشكر وان كل من لا يهتدى فليس ذلك بإرادته تعالى والجواب المراد به ان يذكرهم النعم التي يستحق عليها الشكر فى قوله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الى قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ثم بين تعالى ان هذه النعم كلها توجب الشكر والهداية ثم يختص بها من يشاء كما قال تعالى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ هذه المصنوعات العظيمة وهو الله تعالى. وبالفارسية [آيا كسى كه مرا آفريند اين همه مخلوقات را كه مذكور شد] كَمَنْ لا يَخْلُقُ كمن لا يقدر على شىء أصلا وهو الأصنام ومن للعقلاء لانهم سموها آلهة فاجريت مجرى العقلاء أو لأنه قابله بالخالق وجعله معه كقوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ والهمزة للانكار اى ابعد ظهور دلائل التوحيد تتصور المشابهة والمشاركة: يعنى [خالق را با مخلوق هيچ مشابهتى نيست پس عاجز را شريك قادر ساختن غايت عناد ونهايت جهلست] واختير تشبيه الخالق بغير الخالق مع اقتضاء المقام بظاهره عكس ذلك مراعاة لحق سبق الملكة على العدم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى ألا تلاحظون فلا تذكرون ذلك فتعرفون فساد ما أنتم عليه يا اهل مكة فانه بوضوحه بحيث لا يفتقر الى شىء سوى التذكر وهو بالفارسية [ياد كردن] وَإِنْ تَعُدُّوا العد بالفارسية [شمردن
نِعْمَةَ اللَّهِ الفائضة عليكم مما لم يذكر لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وضبط عددها ولو اجمالا فضلا عن القيام بشكرها يقال أحصاه اى عده كما فى القاموس وأصله ان الحساب كان إذا بلغ عقدا وضعت له حصاة ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة
عطاييست هر مو از وبر تنم
…
چگونه بهر موى شكرى كنم
إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ ستور يتجاوز عن تقصيركم فى شكرها رَحِيمٌ عظيم الرحمة والنعمة لا يقطعها عنكم مع استحقاقكم للقطع والحرمان بسبب ما أنتم عليه من العصيان ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها وتقديم وصف المغفرة على نعت الرحمة لتقدم التخلية على التحلية قال ابن عطاء ان لك نفسا وقلبا وروحا وعقلا ومحبة ودينا ودنيا وطاعة ومعصية وابتداء وانتهاء وحينا وأصلا وفصلا فنعمة النفس الطاعات والإحسان والنفس فيهما تتقلب ونعمة القب اليقين والايمان وهو فيهما يتقلب ونعمة الروح الخوف والرجاء وهو فيهما يتقلب ونعمة العقل الحكمة والبيان وهو فيهما يتقلب ونعمة المعرفة الذكر والقرآن وهى فيهما تتقلب ونعمة المحبة الالفة والمواصلة والامن من الهجران. وهى فيها تتقلب وهذا تفسير قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها انتهى واعلم انه لو صرف جميع عمر الإنسان الى الأعمال الصالحة واقامة الشكر لما كافأ نعمة الوجود فضلا عن سائر النعم لو عشت الف عام فى سجدة لربى شكر الفضل يوم لم اقض بالتمام والعام الف شهر والشهر الف يوم واليوم الف حين والحين الف عام قال الشيخ سعدى قدس سره
عذر تقصير خدمت آوردم
…
كه ندارم بطاعت استظهار
عاصيان از گناه توبه كنند
…
عارفان از عبادت استغفار
المراد رؤية العمل لا ترك العمل وينبغى للعبد از يكون تحت طاعة المولى لا تحت طاعة النفس والشيطان فان المطيع والعاصي لا يستويان- حكى- ان عابدا من بنى إسرائيل عبد الله تعالى سبعين سنة فاراد الله ان يظهره على الملائكة فارسل اليه ملكا يخبره انه مع تلك العبادة لا يليق بالجنة فقال العابد نحن خلقنا للعبادة فينبغى ان نعبد خالقنا امتثالا لامره فرجع الملك فقال الهى أنت تعلم بما قال فقال الله تعالى إذا لم يعرض عن عبادتنا فنحن مع الكرم لا نعرض عنه اشهدوا انى قد غفرت له فللعبد ان يكون قصده مراعاة الأمر وإخراج النفس عن البين وهو حجاب عظيم للوصول الى الحقيقة وعلى تقدير الزلة فالمسارعة الى الاستغفار فانه نعم المطهر من درن الذنوب والأوزار وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ ما تضمرون من العقائد والأعمال وَما تُعْلِنُونَ اى تظهرونه منهما اى يستوى بالنسبة الى علمه المحيط سركم وعلنكم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترأ على شىء مما يخالف رضاه وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اى والآلهة الذين يعبدهم الكفار والدعاء بمعنى العبادة فى القرآن كثير
مِنْ دُونِ اللَّهِ نصب على الحال اى متجاوزين الله فان معنى دون ادنى مكان من الشيء ثم استعير للتفاوت فى الأحوال والرتب ثم اتسع فيه فاستعمل فى كل من تجاوز حدا الى حد وتخطى حكما الى حكم لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً من الأشياء أصلا اى ليس من شأنهم ذلك لانهم عجزة وَهُمْ يُخْلَقُونَ اى شأنهم ومقتضى ذاتهم المخلوقية لانها ذوات ممكنة مفتقرة فى ماهيتها ووجوداتها الى الموجد قال فى القاموس الخالق فى صفاته المبدع للشئ المخترع على غير مثال سبق أَمْواتٌ جمع ميت خبرثان للموصول اى جمادات لا حياة فيها وبالفارسية [وايشان با وجود مخلوقيت مردكانند] ولم يقل موات لانهم صوروا على شكل من تحله الروح قال فى القاموس الموات كغراب وكسحاب ما لا روح فيه وارض لا مالك لها غَيْرُ أَحْياءٍ جمع حى ضد الميت اى غير قابلين للحياة كالنطفة والبيضة فهى أموات على الإطلاق وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ الشعور [بدانستن] يقال شعر به كنصر وكرم شعرا وشعورا علم به وفطن له وعقله. وأيان مركب من أي التي للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلذلك كان بمعنى متى اى سؤالا عن الزمان كما كان اين سؤالا عن المكان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بنيا على الفتح كبعلبك وبعث الموتى نشرهم اى احياؤهم كما فى القاموس. والمعنى ما يعلم أولئك الإلهية متى يبعث عبدتهم من القبور. وفيه إيذان بان معرفة وقت البعث مما لا بد منه فى الالوهية وتعريض بانهم كما لا بد لهم من الموت لا بد لهم من البعث وهم منكرون لذلك وهو اللائح إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [يكتا ويگانه است] لا نشاركه شىء فى شىء فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحوالها من البعث والجزاء وغير ذلك والايمان فى اللغة التصديق بالقلب وفى الشريعة هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان قال السهيلي فى كتاب الأمالي الفرق بين التصديق والايمان ان التصديق لا بد ان يكون فى مقابلة خبر والايمان قد يكون فى مقابلة خبر صادق وقد يكون عن فكر ونظر فاذا نظرت فى الصنعة وعرفت بها الصانع آمنت ولم تكن مصدقا بخبر إذ لا خبر هناك فاذا جاء الخبر بما آمنت به وأقررت صدقت الخبر وايضا ان التصديق قد يكون بالقلب وأنت ساكت تقول سمعت الحديث قصدقته والايمان لا بد من اجتماع اللفظ مع العقد فيه لغة وشرعا انتهى قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ للوحدانية متصفة بالنكارة لا بالمعرفة وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ اى وهم قوم لا يزال الاستكبار عن اعتراف الوحدانية والتعظيم عن قبول الحق دأبهم كما ان الإنكار سجيتهم لا جَرَمَ [هر آيينه راست است] أَنَّ اللَّهَ [آنكه خداى تعالى] يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من انكار قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ من استكبارهم. لا جرم للتحقيق والتأكيد بمنزلة حقا قال ابو البقاء فى لا جرم اربعة اقوال. أحدها ان لا رد لكلام ماض اى ليس الأمر كما زعموا وجرم فعل بمعنى كسب وفاعله مضمر فيه وان ما بعده فى موضع النصب على المفعول به. والقول الثاني ان لا جرم كلمتان ركبتا وصار معناهما حقا وما بعدها فى موضع رفع بانه فاعل لحق. والثالث ان المعنى لا محالة فيكون ما بعدها فى موضع رفع ايضا وقيل فى موضع نصب او جر. والرابع ان التقدير لا منع إِنَّهُ اى الله تعالى لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن التوحيد
اى جنس المستكبرين سواء كانوا مشركين او مؤمنين. والاستكبار رفع النفس فوق قدرها وجحود الحق والفرق بين المتكبر والمستكبر ان التكبر عام لاظهار الكبر الحق كما فى أوصاف الحق تعالى فانه جاء فى أسمائه الحسنى الجبار المتكبر وفى قوله عليه السلام (التكبر على المتكبر صدقة) ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ والاستكبار اظهار الكبر باطلا كما فى قوله تعالى فى حق إبليس اسْتَكْبَرَ ومنه ما فى هذا المقام وفى العوارف الكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره والتكبر إظهاره ذلك وفى الحديث (لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من فى قلبه مثقال ذرة من ايمان) قال الخطابي فيه تأويلان أحدهما ان المراد كبر الكفر ألا ترى انه قابله فى نقيضه بالايمان والآخر انه تعالى إذا أراد ان يدخله الجنة نزع ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر قال فى فتح القريب هذان التأويلان فيهما بعد فان الحديث ورد فى سياق النهى عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحقارهم ودفع الحق وقيل لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (قال الله تعالى يا بنى آدم خلقتكم من التراب ومصيركم الى التراب فلا تتكبروا على عبادى فى حسب ولا مال فتكونوا علىّ أهون من الذر وانما تجزون يوم القيامة بأعمالكم لا بأحسابكم وان المتكبرين فى الدنيا اجعلهم يوم القيامة مثل الذر يطأهم الناس كما كانت البهائم تطأه فى الدنيا) - وحكى- انه افتخر رجلان عند موسى عليه السلام بالنسب والحسب فقال أحدهما انا فلان ابن فلان حتى عدّ تسعة فاوحى الله تعالى اليه قل له هم فى النار وأنت عاشرهم وانشد بعضهم ولا تمش فوق الأرض الا تواضعا فكم تحتها قوم همو منك ارفع فان كنت فى عز وحرز ورفعة فكم مات من قوم همو منك امنع قعليك بالتواضع وعدم الفخر على أحد فان التواضع باب من أبواب الجنة والفخر باب من أبواب النار واللازم فتح أبواب الجنان وسد أبواب النيران وتحصيل الفقر المعنوي الذي ليس الفخر فى الحقيقة إلا به فانه لا يليق المرء بدولة المعنى ورياسة الحال وسلطنة المقام الا بتحلية ذاته بحلية التواضع وزينة الفناء: قال الحافظ
تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى
…
ور خود از گوهر جمشيد وفريدون باشى
اللهم اجعلنا من اهل التواضع لا من ارباب التملق واجعلنا من اصحاب التحقق بعد التخلق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عن السعدي اجتمعت قريش فقالوا ان محمدا رجل حلو اللسان إذا كلم رجلا ذهب بقلبه فانظروا أناسا من اشرافكم فابعثوهم فى كل طريق مكة على رأس ليلة او ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه فخرج ناس منهم من كل طريق فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم قالوا له هو رجل كذاب ما يتبعه الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه واما أشياخ قومه واخيارهم فهم مفارقوه فيرجعه أحدهم وإذا كان الوافد ممن هداه الله يقول بئس الوافد انا لقومى ان كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل ان القى هذا الرجل فانظر ما يقول فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرا فذلك
قوله تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين من قبل الوفود او وفود الحاج فى الموسم ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ماذا منصوب بانزل بمعنى أي شىء انزل ربكم على محمد قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ عدلوا عن الجواب فقالوا هذا أساطير الأولين على ان يكون خبر مبتدأ محذوف لانهم أنكروا إنزال القرآن بخلاف قوله وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً
كما يجيئ ويجوز ان يكون ماذا مرفوعا بالابتداء اى ما الذي أنزله ربكم قالوا أساطير الأولين اى ما تدعون نزوله أحاديث الأمم السالفة وأباطيلهم وليس من الانزال فى شىء: يعنى [هيچ نفرستاده وآنچهـ آدمي خواند أساطير الأولين است] قال فى القاموس الأساطير الأحاديث لا نظام لها جمع اسطار واسطير بكسرهما واسطور وبالهاء فى الكل لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ [بار گناهان خود را] واللام للعاقبة إذ لم يكن داعيهم الى ذلك القول حمل الأوزار ولكن الإضلال غير ان ذلك لما كان نتيجة قولهم وثمرته شبه بالداعي الذي لاجله يفعل الفاعل الفعل كما فى بحر العلوم وقال فى الإرشاد اللام للتعليل فى نفس الأمر من غير ان يكون غرض اى قالوا ما قالوا ليحملوا أوزارهم الخاصة بهم وهى أوزار ضلالهم اى تحتم حمل الأوزار عليهم على تقدير التعليل. والأوزار جمع وزر وهو الثقل والحمل الثقيل كامِلَةً لم يكفر منها شىء بنكبة أصابتهم فى الدنيا كما يكفر بها أوزار المؤمنين فان ذنوبهم تكفر عنهم من الصلاة الى الصلاة ومن رمضان الى رمضان ومن الحج الى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب اى المكروهات من الآلام والأسقام والقحط حتى خدش العود وعثرة القدم يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف ليحملوا وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ اى وبعض أوزار من ضل باضلالهم وهو وزر الإضلال والتسبيب للضلال لانهما شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر وفى الحديث (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى
هر كه بنهد سنت بد اى فتى
…
تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع گردد بروى آن جمله بزه
…
كو سرى بوده است وايشان دم غزه
بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الفاعل اى يضلونهم غير عالمين بان ما يدعون اليه طريق الضلال وبما يستحقونه من العذاب الشديد فى مقابلة الإضلال او من المفعول اى يضلون من لا يعلم انهم ضلال وفائدة التقييد بها الاشعار بان مكرهم لا يروج عند ذوى لب وانما يتبعهم الأغبياء والجهلة والتنبيه على ان جهلهم ذلك لا يكون عذرا إذ كان يجب عليهم ان يبحثوا ويميزوا بين المحقق الحقيق بالاتباع وبين المبطل
چشم باز وگوش باز ودام پيش
…
سوى دامى مى پرد با پر خويش
أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ساء فى حكم بئس والضمير الذي فيه يجب ان يكون مهما يفسره ما يزرون والمخصوص بالذم محذوف اى بئس شيأ يزرونه اى يحملونه فعلهم. وبالفارسية [بدانيد كه بد كاريست آن بارى كه ايشان مى كشند] واعلم انه لا يحمل أحد وزر أحد إذ كل نفس تحمل ما كسبت هى لا ما كسبت غيرها إذ ليس ذلك من مقتضى الحكمة الالهية
واما حمل وزر الإضلال فهو حمل وزر نفسه لانه مضاف اليه لا الى غيره فعلى العاقل ان يجتنب من الضلال والإضلال فى مرتبة الشريعة والحقيقة فمن حمل القرآن على الأساطير ودعا الناس الى القول بها فقد ضل وأضل وكذا من حمل إشارات القرآن على الأباطيل لا على الحقائق فانه ضل بالإنكار وأضل طلاب الحق عن طريق الإقرار فحمل حجاب الضلال وحجاب الإضلال وكلما تكاثف الحجب وتضاعف الأستار بعد المرء عن درك الحق ورؤية الآثار والمراد بالاشارات الصحيحة المشهود لحقيتها بالكتاب والسنة وهى الإشارات الملهمة الى اهل الوصول لا الإشارات التي تدعيها الملاحدة وجهلة المتصوفة مما يوافق هواهم فانها ليست من الإشارات فى شىء كما قال فى المثنوى
بر هوا تأويل قرآن ميكنى
…
پست وكژ شد از تو معنئ سنى
آن مگس بر برك كاه وبول خر
…
همچوكشتيبان همى افراشت سر «1»
گفت من دريا وكشتى خوانده ام
…
مدتى در فكر آن مى مانده ام
اينك اين دريا واين كشتى ومن
…
مرد كشتيبان واهل ورأى زن
بر سر دريا همى راند او عمد
…
مى نمودش آن قدر بيرون ز حد
صاحب تأويل باطل چون مگس
…
وهم او بول خر وتصوير خس
گر مگس تأويل بگذارد براى
…
آن مگس را بخت گرداند هماى
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ المكر الخديعة يعنى قد مكر اهل مكة كما مكر الذين من قبلهم وصار المكر سببا لهلاكهم لا لهلاك غيرهم لان من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا قال فى المدارك الجمهور على ان المراد نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل وكان قصرا عظيما طوله خمسة آلاف ذراع وعرضه فرسخان ليقاتل عليه من فى السماء بزعمه ويطلع على اله ابراهيم عليه السلام فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ البنيان البناء والجمع ابنية والقواعد جمع قاعدة وقواعد البيت أساسه او أساطينه اى قصد الله تخريب بنائهم من جهة أصوله وأساسه وأتاه امره وحكمه وبأسه او من جهة الأساطين التي بنوا عليها بان ضعفت فَخَرَّ اى سقط عَلَيْهِمُ السَّقْفُ اى سقف بنائهم مِنْ فَوْقِهِمْ يعنى [أول بام بر ايشان فرود آمد پس ديوارها] إذ لا يتصور البناء بعد هدم القواعد وجاء بفوقهم وعليهم للايذان بانهم كانوا تحته فان العرب لا تقول سقط علينا البيت وليسوا تحته- روى- انه هبت عليه ريح هائلة فالقت رأسه فى البحر وخر الباقي عليهم ولما سقط الصرح تبلبلت الألسن من الفزع يومئذ: يعنى [بهم بر آمد وسخن ايشان مختلف گشت هر قومى بزبانى سخن گفتن آغاز كردند وهيچ يك زبان آن ديگر ندانست] فتكلموا ثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت ببابل وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وَأَتاهُمُ الْعَذابُ اى الهلاك بالريح مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه منه بل يتوقعون إتيان مقابله مما يريدون ويشتهون. والمعنى ان هؤلاء الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير الأولين سيأتيهم فى الدنيا من العذاب مثل ما أتاهم وهم لا يحتسبون [دمياطى آورده كه مراد ازين عذاب بعوضة است كه بر لشكر نمرود مسلط شد. در لباب
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان زيافت تأويل مكس وركيك ظن او
فرموده كه خداى تعالى نمرود را مبتلا گردانيد به پشه كه در بينى او رفته بود ودر دماغ وى جاى گرفته وبزرگ شد و چهار صد سال در آنجا بماند ودرين مدت پيوسته مطرقه بر سر او ميزدند تا فى الجملة آرام يافت. شيخ فريد الدين عطار قدس سره در منطق الطير آورده
نيم پشه بر سر دشمن گماشت
…
در سر او چارصد سالش بداشت
چون دهد حكمش ضعيفى را مدد
…
سبلت خصم قوى را بر كند
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى هذا العذاب جزاؤهم فى الدنيا ويوم القيامة يُخْزِيهِمْ [رسواى گرداند ايشانرا] اى يذل أولئك المفترين والماكرين الذين من قبلهم جميعا بعذاب الخزي على رؤس الاشهاد واصل الخزي ذل يستحيى منه وثم لتفاوت ما بين الجزاءين وَيَقُولُ لهم تفضيحا وتوبيخا فهو الى آخره بيان للاخزاء أَيْنَ شُرَكائِيَ بزعمكم الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ أصله تشاققون اى تخاصمون الأنبياء والمؤمنين فِيهِمْ اى فى شأنهم بانهم شركاء أحقاء حين بينوا لكم بطلانها. والمراد بالاستفهام استحضارها للشفاعة او المدافعة على طريق الاستهزاء والتبكيت والاستفسار عن مكانهم لا يوجب غيبتهم حقيقة بل يكفى فى ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون انهم متصفون به من عنوان الالهية فليس هناك شركاء ولا اما كنها قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من اهل الموقف وهم الأنبياء والمؤمنون الذين أوتوا علما بدلائل التوحيد وكانوا يدعونهم فى الدنيا الى التوحيد فيجادلونهم ويتكبرون عليهم اى يقولون توبيخا لهم وإظهارا للشماتة بهم إِنَّ الْخِزْيَ اى الفضيحة والذل والهوان وبالفارسية [خوارى ورسوايى] الْيَوْمَ متعلق بالخزي وإيراده للاشعار بانهم كانوا قبل ذلك فى عزة وشقاق وَالسُّوءَ اى العذاب عَلَى الْكافِرِينَ بالله تعالى وبآياته ورسله وهو قصر للجنس الادعائى كأن ما يكون من الذل وهو العذاب لعصاة المؤمنين لعدم بقائه ليس من ذلك الجنس الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ فى محل الجر على انه نعت للكافرين وفائدة تخصيص الخزي والسوء بمن استمر كفره الى حين الموت دون من آمن منهم ولو فى آخر عمره اى على الكافرين المستمرين على الكفر الى ان تتوفاهم الملائكة اى يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ اى حال كونهم مستمرين على الكفر والاستكبار فانه ظلم منهم على أنفسهم وأي ظلم حيث عرضوها للعذاب المخلد بوضعها بالاستكبار على الملك الجبار غير موضعها وبدلوا فطرة الله تبديلا فَأَلْقَوُا السَّلَمَ عطف على قوله تعالى وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ والسلم بالتحريك الاستسلام اى فيلقون الاستسلام والانقياد فى الآخرة حين عاينوا العذاب ويتركون المشاقة وينزلون عما كانوا عليه فى الدنيا من التكبر والعلو وشدة الشكيمة قائلين ما كُنَّا نَعْمَلُ فى الدنيا مِنْ سُوءٍ اى من شرك قالوه منكرين لصدوره عنهم قصدا لتخليص نفوسهم من العذاب بَلى رد عليهم من قبل اولى العلم واثبات لما نفوه اى بلى كنتم تعملون ما تعملون إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه وهذا أوانه فلا يفد انكاركم وكذبكم على أنفسكم فَادْخُلُوا الفاء للتعقيب أَبْوابَ جَهَنَّمَ اى كل صنف بابه المعد له خالِدِينَ فِيها ان أريد بالدخول حدوثه فالحال مقدرة
وان أريد مطلق الكون فيها فمقارنة فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الفاء عطف على فاء التعقيب واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم والمثوى المنزل والمقام والمخصوص بالذم محذوف وهو جهنم: والمعنى بالفارسية [پس هر آينه بد مقامى وبد آرامگاهيست متكبرانرا جهنم] وذكرهم بعنوان التكبر للاشعار بعليته لثوآئهم فيها اى إقامتهم والمراد المتكبر عن التوحيد او كل متكبر من المشركين والمسلمين قال حضرة الشيخ على السمرقندي قدس سره فى تفسيره المسمى ببحر العلوم التكبر ينقسم على ثلاثة اقسام. التكبر على الله وهو أخبث انواع الكبر وأقبحها وما منشأه الا الجهل المحض. ثم التكبر على الرسل من تعزز النفس وترفعها عن الانقياد لبشر مثل سائر الناس وهذا كالتكبر على الله تعالى فى القيامة واستحقاق العذاب السرمدي. والثالث التكبر على العباد وهو بان يستعظم نفسه ويستحقر غيره فيأبى عن الانقياد لهم ويدعوه الى الرفع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويستنكف عن مساواتهم وهو ايضا قبيح وصاحبه جاهل كبير يستأهل سخطا عظيما لو لم يتب وان كان دون الأولين للدخول تحت عموم قوله مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وايضا من تكبر على أحد من عباد الله فقد نازع الله فى ردائه وفى صفة من صفاته قال ابو صالح حمدان بن احمد القصار رحمة الله عليه من ظن ان نفسه خير من نفس فرعون فقد اظهر الكبر: وفى المثنوى
آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست
…
ليك اژدرهات محبوس چهست «1»
آتشت را هيزم فرعون نيست
…
زانكه چون فرعون او را عون نيست
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال انى آمركما باثنين وانها كما عن اثنين آمركما بلا اله الا الله فلو ان السموات السبع والأرضين السبع وضعن فى كفة ولا اله الله فى كفة لرجحت بهن ولو ان السموات السبع والأرضين السبع حلقة مبهمة لقصمتهن لا اله الا الله وآمركما بسبحان الله وبحمده فانها صلاة كل نبى بها يرزق الخلق وانها كما عن الكفر والكبر) وَقِيلَ- روى- ان احياء العرب كانوا يبعثون ايام موسم الحج من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فاذا جاء الوافد كفه المقتسمون الذين اقتسموا طرق مكة وأمروه بالانصراف وقالوا ان لم تلقه كان خيرا لك فانه ساحر كاهن كذاب مجنون فيقول انا شر وافد ان رجعت الى قومى دون ان استطلع امر محمد واراه فيلقى اصحاب النبي عليه السلام فيخبرونه بصدقه فذلك قوله وقيل اى من طرف الوافدين لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عن الكفر والشرك وهم المؤمنون المخلصون ماذا اى أي شىء فهو مفعول قوله أَنْزَلَ رَبُّكُمْ على محمد قالُوا فى جوابه انزل خَيْراً وفى تطبيق الجواب بالسؤال اشارة الى ان الانزال واقع وانه نبى حق قال الكاشفى [مراد از خير قرآنست كه جامع جميع خيرات ومستجمع مجموع حسنات وبركات اوست ونيكوهاى دينى ودنياوى وخوبيهاى صورى ومعنوى ناشى ازو] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا أعمالهم وقالوا لا اله الا الله محمد رسول الله فانه احسن الحسنات وهو كلام مستأنف جيئ به لمدح المتقين فِي هذِهِ الدار الدُّنْيا حَسَنَةٌ اى مثوبة حسنة مكافاة فيها بإحسانهم وهى عصمة
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ
الدماء والأموال واستحقاق المدح والثناء والظفر على الأعداء وفتح أبواب المكاشفات والمشاهدات الذي من أوتيه فقد فاز بالقدح المعلى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من احسن اعماله بالصالحات وأخلاقه بالحميدات وأحواله بالانقلاب عن الخلق الى الحق فله حسنة من الله وهو ان ينزله منازل الواصلين الكاملين فى الدنيا وَلَدارُ الْآخِرَةِ اى ولثوابهم فيها خَيْرٌ مما أوتوا فى الدنيا من المثوبة او دار الآخرة خير من الدنيا على الإطلاق فان الآخرة كالجوهر والدنيا كالخزف وقيمة الجوهر ارفع من قيمة الخزف بل لا مناسبة بينهما أصلا وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [ونيكو سراييست مر پرهيزكاران را سراى آخرت] قال الحسن دار المتقين الدنيا لانهم منها يتزودون للآخرة يقول الفقير فيه مدح للدنيا باعتبار انها متاع بلاغ فانها باعتبار انها متاع الغرور مذمومة كما قال فى المثنوى
چيست دنيا از خدا غافل شدن
…
نى قماش ونقره وميزان وزن «1»
مال را كز بهر دين باشى حمول
…
نعم مال صالح خواندش رسول
آب در كشتى هلاك كشتى است
…
آب اندر زير كشتى پشتى است
چونكه مال وملك را از دل براند
…
زان سليمان خويش جز مسكين نخواند
كوزه سر بسته اندر آب رفت
…
از دل پر باد فوق آب رفت
باد درويشى چودر باطن بود
…
بر سر آب جهان ساكن بود
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للاتقياء الواصلين دارا غير دار الدنيا ودار الآخرة فدارهم مقعد الصدق فى مقام العندية ونعم الدار جَنَّاتُ عَدْنٍ عدن علم اى لهم بساتين عدن حال كونهم يَدْخُلُونَها حال كونها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى من تحت منازلها الأنهار الاربعة على ان يكون المنبع فيها بشهادة من لَهُمْ خبر مقدم فِيها اى فى تلك الجنات حال من المبتدأ المؤخر وهو قوله ما يَشاؤُنَ ويحبون من انواع المشتهيات قال البيضاوي فى تقديم الظرف تنبيه على ان الإنسان لا يجد جميع ما يريده الا فى الجنة يقول الفقير ان قلت هل يجوز للمرء ان يشتهى فى الجنة اللواطة وقد ذهب اليه من لا وقوف له على جلية الحال فالجواب ان الاشتهاء المذكور مخالف لحكمة الرب الغفور ولو جاز هو لجاز نكاح الأمهات فيها على تقدير الاشتهاء وانه مما لا يستريب عاقل فى بطلانه ألا ترى ان الذكور وكذا الزنى واللواطة والكذب ونحوها كان حراما مؤبدا فى الدنيا فى جميع الأديان لكونه مما لا تقتضى الحكمة حله بخلاف الخمر ونحوها ولذا كانت هى أحد الأنهار الجارية فيها فنسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن لا يستطيب ما استخبثته الطباع السليمة قال الكاشفى [ودر جواب كسى كه گويد شايد بهشتى خواهد كه بدرجات انبيا ومنازل أوليا ومراتب شهدا برسد وگفته اند در بهشت غيظ وحسد كه موجب تمناها باشد نيست با آنكه هر يك از بهشتيان بآنچهـ دارند راضى اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من الأتقياء من مشيئته الجنة ونعيمها ومن مشيئته العبور على الجنة والخروج الى مقعد الصدق فى مقام العندية فلهم ما يختارون من الجنة ومقعد الصدق كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الاوفى
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را إلخ
يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ اى كل من يتقى عن الشرك والمعاصي الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ نعت للمتقين اى يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم حال كونهم طَيِّبِينَ اى طاهرين عن دنس الظلم لانفسهم بتبديل فطرة الله. وفائدته الإيذان بان ملاك الأمر فى التقوى هو الطهارة عما ذكر الى وقت توفيهم. ففيه حث للمؤمنين على ذلك ولغيرهم على تحصيله. وقيل طيبين بفيض أرواحهم لتوجه نفوسهم بالكلية الى جناب القدس جعلنا الله وإياكم منهم: وفى المثنوى
همچنين باد أجل با عارفان
…
نرم وخوش همچون نسيم يوسفان «1»
وفى التأويلات النجمية اى طيبى الأعمال عن دنس الشهوات والمخالفات. وطيبى الأخلاق عن المذمومات الملوثة بالطبعيات دون الشرعيات. وطيبى الأحوال عن وصمة ملاحظات الكونين يَقُولُونَ حال من الملائكة اى قائلين لهم على وجه التعظيم والتبشير سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يخيفكم بعد مكروه قال القرطبي إذا استدعيت نفس المؤمن جاءه ملك الموت فقال السلام عليك يا ولى الله الله يقرئك السلام وبشره بالجنة ادْخُلُوا الْجَنَّةَ اى جنات عدن فانها معدة لكم فاللام للعهد والمراد دخولهم لها فى وقته كما قال الكاشفى [بعد از سلام گويند فردا كه مبعوث شويد درآييد در بهشت كه براى شما آماده است] والقبر روضة من رياض الجنة ومقدمة لنعيمها ومن دخله على حسن الحال والأعمال فكأنه. دخل جنته ووجد نعيما لا يزول ولا يزال بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بسبب ثباتكم على التقوى والطاعة والعمل وان لم يكن موجبا للجنة لان الدخول فيها محض فضل من الله الا ان الباء دلت على ان الدرجات انما تنال بالأعمال وصدق الأحوال فان المراد من دخول الجنة انما هو اقتسام المنازل بحسب الأعمال [وگفته اند] زرع يومك حصاد غدك
بكوش امروز تا تخمى بپاشى
…
كه فردا بر جوى قادر نباشى
گر اينجا كشت كردن را نورزى
…
در ان خرمن به از ارزن نيرزى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان دخول الجنة للاتقياء جزاء لاصلاح أعمالهم والعبور عليها جزاء لاصلاح اخلاقهم والخروج الى مقعد الصدق جزاء لاصلاح أحوالهم فلكل متق مقام بحسب معاملته مع الله تعالى وفى الحديث (عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيون والصديقون والشهداء يقول الله تعالى طوبى لمن دخلك) قال فى بحر العلوم المراد بالصديق كل من آمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد منهم بدليل قوله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ويدل عليه ايضا الآية التي نحن فيها كما لا يخفى ويعضده قول النبي عليه السلام (الله تعالى بنى جنات عدن بيد قدرته وجعل ملاطها المسك وترابها وحصباءها اللؤلؤ لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس غرسها بيد قدرته وقال لها تكلمى قالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك) وفى قولها قد أفلح المؤمنون تنبيه على ان سكانها اهل الايمان بالله ورسله انتهى يقول الفقير لا شك ان اهل الايمان كلهم يدخلون الجنة لكن بحسب تفاوت درجاتهم فى مراتب
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كرد باد قوم هود عليه السلام را
الايمان تتفاوت منازلهم الجنانية فالفردوس وعدن للخواص ومن يلحق بهم وغيرهما للعوام وكمال الايمان انما يحصل بمكاشفة اسرار الملكوت ومشاهدة أنوار الجبروت وصاحبه الصديق الأكبر والدليل على ما قلنا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا فانهم قد قالوا فى التفسير ان أهلها هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وهو الوصف الزائد على مطلق الايمان ولذا وعدوا بتلك الجنان إذ من كان ارفع مرتبة فى الدنيا بحسب العلوم النافعة والأخلاق الفاضلة كان أعلى درجة فى الجنةلْ يَنْظُرُونَ
[آيا انتظار ميبرند كفار مكه] اى ما ينتظرون لَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
اى ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم بالعذاب لمواظبتهم على الأسباب الموجبة له المؤدية اليه فكأنهم يقصدون إتيانه ويترصدون لوروده وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
اى العذاب الدنيوي وقد اتى يوم بدرذلِكَ
مثل فعل هؤلاء من الشرك والظلم والتكذيب والاستهزاءعَلَ الَّذِينَ
خلوانْ قَبْلِهِمْ
من الأمم ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
بما سيتلى من عذابهم لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
بالكفر والمعاصي المؤدية اليه فَأَصابَهُمْ عطف على قوله فعل الذين من قبلهم. والمعنى بالفارسية [رسيد ايشانرا بحكم عدل] سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا اى اجزية أعمالهم السيئة على طريقة تسمية المسبب باسم سببه إيذانا بفضاعته لا على حذف المضاف فانه يوهم ان لهم أعمالا غير سيآتهم وَحاقَ بِهِمْ اى أحاط بهم ونزل من الحيق الذي هو احاطة الشر كما فى القاموس الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب الموعود وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا اى اهل مكة لَوْ شاءَ اللَّهُ عدم عبادتنا لشئ غيره ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا الذين نقتدى بهم فى ديننا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ يعنى تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ومذهب اهل السنة ان الكفر والمعاصي وسائر افعال العباد بمشيئة الله وخلقه والكفار وان قالوا ان الشرك وغيره بمشيئة الله لكنهم يستدلون بذلك على اباحة تحريم الحلال وسائر ما يرتكبون من المعاصي ويزعمون ان الشرك والمعاصي إذا كانت بمشيئة الله تعالى ليست معصية ولا عليها عذاب فهذا كلام حق أريد به الباطل فصار باطلا وفى المدارك هذا الكلام صدر منهم استهزاء ولو قالوه اعتقادا لكان صوابا انتهى [حسين بن فضل گفته كه اگر كفار اين سخن از روى تعظيم وإجلال ومعرفت الهى گفتندى حق سبحانه وتعالى ايشانرا بدان عيب نكردى] : قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخودرويى
…
چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
: وقال
نقش مستورى ورندى نه بدست من وتست
…
آنچهـ سلطان ازل گفت بكن آن كردم
يقول الفقير فرق بين الجاهل الغافل المحجوب وبين العارف المتيقظ الواصل الى المطلوب والأدب اسناد المقابح الى النفس والمحاسن الى الله تعالى فانه توحيد أي توحيد كَذلِكَ اى مثل ذلك الفعل الشنيع فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم اى أشركوا بالله وحرموا
حله وعصوا رسله وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ وهدوهم الى الحق فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ [پس هست بر فرستادگان يعنى نيست بر ايشان] إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى ليست وظيفتهم الا تبليغ الرسالة تبليغا واضحا واطلاع الخلق على بطلان الشرك وقبحه لا ألجأهم الى قبول الحق وتنفيذ قولهم عليهم شاؤا او أبوا وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم. وبالفارسية [در ميان هر گروهى] رَسُولًا خاصا بهم كما بعثناك أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لبعثنا اى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله وحده وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ هو الشيطان وكل ما يدعوا الى الضلالة وذلك لالزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه ان منهم من لا يأتمر بالأوامر ولا يؤمن. والطاغوت فعلوت من الطغيان كالجبروت والملكوت من الجبر والملك وأصله طغيوت فقدم اللام على العين وتاؤه زائدة دون التأنيث فَمِنْهُمْ اى من تلك الأمم والفاء فصيحة اى فبلغوا ما بعثوا به من الأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت فتفرقوا فمنهم مَنْ هَدَى اللَّهُ خلق فيه الاهتداء الى الحق الذي هو عبادته واجتناب الطاغوت بعد صرف قدرتهم واختيارهم الجزئى الى تحصيله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [گمراهى بسبب خذلان الهى] اى وجبت وثبتت الى حين الموت لعناده وإصراره عليها وعدم صرف قدرته فلم يخلق فيه الاهتداء ولم يرد ان يطهر قلبه فَسِيرُوا سافروا يا معشر قريش إذ الكلام معهم فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا فى أكنافها وفى الفاء الموضوعة للتعقيب اشارة الى وجوب المبادرة الى النظر والاستدلال المؤديين الى الإقلاع عن الضلال كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من عاد وثمود ومن سار بسيرتهم ممن حقت عليه الضلالة لعلكم تعتبرون حين تشاهدون من منازلهم وديارهم آثار الهلاك والعذاب إِنْ تَحْرِصْ يا محمد عَلى هُداهُمْ اى ان تطلب هداية قريش بجهدك. وبالفارسية [اگر سخت كوشى وحرص ورزى] فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ اى فاعلم ان الله لا يخلق الهداية جبرا وقهرا فيمن يخلق فيه الضلالة بسوء اختياره وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم برفع العذاب عنهم وصيغة الجمع فى الناصرين باعتبار الجمعية فى الضمير فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد الى الآحاد واعلم ان سرّ بعثة الأنبياء عليهم السلام الى الخلق ان يأمروهم بعبادة الله واجتناب طاغوت الهوى وما يعبدون من دون الله ويعلموهم كيفية العبادة الخالصة من الشوائب وكيفية الاجتناب عما سوى الله ليصلوا بهذين القدمين الى حضرة الجلال كما قال بعضهم خطوتان وقد حصلت. فالخطوة الاولى عبادة الله بالتوحيد وهو التوجه الى الله تعالى بالكلية طلبا وشوقا ومحبة. والثانية الخروج عما سوى الله بالكلية صدقا واجتهادا بليغا لينالوا ما نال من قال لربه- كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول- كما فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العبودية وهى رفض المشيئة لان العبد لا مشيئة له لانه لا يملك ضرا ولا نفعا- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله اشترى عبدا فقال له أي شىء تأكل قال ما تطعمنى قال أي شىء تعمل قال ما تستعملنى قال أي شىء لك ارادة قال واين تبقى ارادة العبد فى جنب ارادة سيده ثم راجع ابراهيم نفسه وقال يا مسكين ما كنت لله فى عمرك ساعة مثل ما كان هذا لك فى هذه الحالة ان قلت الطاعة
راجحة أم ترك المخالفات قلت الاحتماء غالب على المعالجة بالادوية كما يفعله اهل الهند فانهم يداوون مرضاهم بترك الاكل أياما وقد قال ابو القاسم لا تطلبوا الآخرة بالبذل والإيثار واطلبوا بالترك والكف. وهذا عكس ما عليه اهل الزمان فان عبادهم يأتون ما أمكن لهم من الطاعات وهم غرقى فى بحر المخالفات إذ ليس مبالاة فى باب التروك فلوانهم اقتصروا على الفرائض والواجبات واجتهدوا فى باب الكف عن الرذائل والمخالفات لكان خيرا لهم ولذا قال فى المثنوى
بهر اين بعض صحابه از رسول
…
ملتمس بودند مكر نفس غول
گو چهـ آميزد ز اغراض نهان
…
در عبادتها ودر اخلاص جان
فضل طاعت را نجستندى ازو
…
عيب ظاهر را نجستندى كه كو «1»
مو بمو وذره ذره مكر نفس
…
مى شناسيدند چون كل از كرفس
نسأل الله تعالى ان يهدينا الى حق اليقين ويعصمنا من اعمال من قال فى حقهم وما لهم من ناصرين وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ الاقسام [سوگند خوردن] والقسم محركة اليمين بالله. والمعنى بالفارسية [سوگند خوردند بخداى تعالى] عن ابى العالية كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فاتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت انه لكذا: يعنى [در أثناء مكالمه گفت بدان خداى كه بعد از مرك بلقاء او اميدوارم] فقال المشرك انك لتزعم انك تبعث بعد الموت [اى گفت تو اميدوارى كه بعد از مرك زنده شوى مسلمان گفت آرى آن كافر بايمان غلاظ وشداد كه در كيش او مقرر بود سوگند ياد كرد كه هيچكس بعد از مرك زنده نشود] فانزل الله تعالى هذه الآية جَهْدَ أَيْمانِهِمْ [سخترين سوگند ايشان يعنى جهد كردند در تغليظ سوگند] يقال جهد الرجل فى كذا كمنع جد فيه وبالغ واجتهد قال فى القاموس وقوله تعالى جَهْدَ أَيْمانِهِمْ اى بالغوا فى اليمين واجتهدوا انتهى مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم اى حلفوا بالله مبالغين فى ايمانهم حتى بلغوا غاية شدتها ووكادتها وفى تفسير ابى الليث كل من حلف بالله فهو جهد اليمين لانهم كانوا يحلفون بالأصنام وبآبائهم ويسمون اليمين بالله جهد ايمانهم لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ مقسم عليه بَلى اثبات لما بعد النفي اى بلى يبعثهم وَعْداً اى وعد بذلك وعدا ثابتا عَلَيْهِ إنجازه لامتناع الخلف فى وعد الله تعالى حَقًّا اى حق حقا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم يبعثون والقول بعدمه لجهلهم بشئون الله تعالى من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال وبما يجوز عليه وما لا يجوز وعدم وقوفهم على سر التكوين والغاية القصوى منه لِيُبَيِّنَ لَهُمُ عبارة عن اظهار ما كان مبهما قبل ذلك اى يبعث الله كل من يموت مؤمنا كان او كافرا ليبين لهم الشان الَّذِي يَخْتَلِفُونَ مع المؤمنين فِيهِ من الحق المنتظم للبعث والجزاء وجميع ما خالفوه مما جاء به الشرع المبين والمؤمنون وان كانوا عالمين بذلك عند معاينة حقيقة الحال يتضح الأمر فيصل علمهم الى مرتبة عين اليقين لانه يحصل لهم مشاهدة الأحوال كما هى ومعاينتها بصورها الحقيقية وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله تعالى بالاشراك وانكار البعث
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان قبول كردن نصرانيان او را از پوشش وضعف
وتكذيب وعده الحق عند ما خرجوا من قبورهم أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ فى قولهم لا يبعث الله من يموت ونحوه وهو اشارة الى السبب الداعي الى البعث المقتضى له من حيث الحكمة وهو التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل بالثواب والعقاب إِنَّما ما كافة قَوْلُنا مبتدأ لِشَيْءٍ اى أي شىء كان مما عزوهان متعلق بقولنا على ان اللام للتبليغ كهى فى قولنا قلت له قم فقام فان قلت فيه دليل على ان المعدوم شىء لانه سماه قبل كونه قلت التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى لا انه كان شيأ قبل ذلك وفى التأويلاث النجمية فى الآية دلالة على ان المعدوم الذي فى علم الله إيجاده قبل إيجاده شىء بخلاف المعدوم الذي فى علم الله عدمه ابدا إِذا أَرَدْناهُ ظرف لقولنا اى وقت ارادتنا لوجوده أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ خبر للمبتدأ اى أحدث لانه من كان التامة بمعنى الحدوث التام فَيَكُونُ عطف على مقدر اى فنقول ذلك فيكون او جواب لشرط محذوف اى فاذا قلنا ذلك فهو يكون ويحدث عقيب ذلك وهذا الكلام مجاز عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله وتمثيل الغائب وهو تأثير قدرته فى المراد بالشاهد وهو امر المطاع للمطيع فى حصول المأمور به من غير امتناع وتوقف ولا افتقار الى مزاولة عمل واستعمال آلة وليس هناك قول ولا مقول له ولا آمر ولا مأمور حتى يقال انه يلزم أحد المحالين اما خطاب المعدوم او تحصيل الحاصل. والمعنى ان إيجاد كل مقدور على الله بهذه السهولة فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من بعض المقدورات
آنكه پيش از وجود جان بخشد
…
هم تواند كه بعد از ان بخشد
چون در آورد از عدم بوجود
…
چهـ عجب باز اگر كند موجود
وذهب فخر الإسلام وغيره الى ان حقيقة الكلام مرادة بان اجرى الله سنته فى تكوين الأشياء ان يكوّنها بهذه الكلمة إذ لم يمتنع تكوينها بغيرها. والمعنى يقول له أحدث فيحدث عقيب هذا القول لكن المراد هو الكلام النفسي المنزه عن الحروف والأصوات لا الكلام اللفظي المركب منهما لانه حادث يستحيل قيامه بذاته تعالى يقول الفقير أفادني شيخى وسندى روح الله روحه فى قوله عليه السلام (ان الله فرد يحب الفرد) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الإيجاد يبنى على ذلك واليه الاشارة بقوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوبه بعد الاعلال اللقا فليس عند الحقيقة هناك قول وانما هو لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة. قال الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسب حاله فعند تمام الخلقة فى الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره كظهور النار من غير إيقاد ولكن عبر عنه بالنفخ تفخيما لان العقل قاصر عن دركه ولذا قال العلماء لا يبحث عن ذات الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ اى فى شأن الله ورضاه وفى حقه والتمكين من طاعته ولوجهه مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا هم الذين ظلمهم اهل مكة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوهم من ديارهم فهاجروا الى الحبشة ثم الى المدينة فجمعوا بين الهجرتين
لا المهاجرون مطلقا فان السورة مكية- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين نذهب قال (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهاجر إليها ناس ذو عدد قال بعضهم كانوا فوق ثمانين مخافة الفتنة فرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله كعثمان بن عفان رضى الله عنه هاجر ومعه زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول خارج ومنهم من هاجر بنفسه وفى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب له الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليها السلام لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً اى مباءة حسنة وهى المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم. يقال بوأه منزلا أنزله والمباءة المنزل فهى منصوبة على الظرفية او على انها مفعول ثان ان كان لنبوئنهم فى معنى لنعطينهم وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ المعد لهم فى مقابلة الهجرة أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا فى المدارك الوقف لازم عليه لان جواب قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ محذوف والضمير للكفار اى لو علموا ان الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم فى الدين ويجوز ان يعود الى المؤمنين المهاجرين فانهم لو علموا علم المشاهدة لازدادوا فى المجاهدة والصبر وأحبوا الموت وليس الخبر كالمعاينة الَّذِينَ اى المهاجرون هم الذين صَبَرُوا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب فى كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤسهم- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر الى مكة وبكى وقال (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله تعالى وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قال الهمام
مشتاب ساربان كه مرا پاى در كلست
…
در كردنم ز حلقه زلفش سلاسلست
تعجيل ميكنى تو و پايم نمى رود
…
بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلشت
چون عاقبت ز صحبت ياران بريد نيست
…
پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست
وكذا صبروا على مفارقة الأهل والشدائد من اذية الكفار وبذل الأرواح ونحو ذلك وَعَلى رَبِّهِمْ خاصة يَتَوَكَّلُونَ منقطعين اليه معرضين عما سواه مفوضين اليه الأمر كله والمعنى على المضي والتعبير بصيغة المضارع لاستحضار صورة توكلهم البديعة والاشارة وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ بالأبدان عما نهى الله عنه بالشريعة وهاجروا بالله بالقلوب عن الحظوظ الاخروية برعاية الطريقة وهاجروا الى الله بالأرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بجذبات الحقيقة بل هاجروا عن الوجود المجازى مستهلكا فى بحر الوجود الحقيقي حتى لم يبق لهم فى الوجود سوى الله من بعد ما ردوا الى أسفل السافلين لننزلنهم على اقرب القرب فى حال حياتهم ولا جر الآخرة اى بعد الخروج من الدنيا والخلاص من حبس أوصاف البشرية وتلوثها بها اكبر اى أعظم وأجل وأصفى وأهنى وامرى مما كان لهم من حسنات الدنيا لو كانوا
يعلمون قدره ويؤدون شكره الذين صبروا على الائتمار بالأوامر وعلى الانتهاء عن النواهي بل صبروا على المجاهدات والمكابدات لنيل المشاهدات والمواصلات وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
صبروا بالله فى طلبه وتوكلوا على الله فى وجدانه فبالصبر ساروا وبالتوكل طاروا ثم فى الله حاروا حيرة لا نهاية لها الى الابد كما فى التأويلات النجمية اعلم ان من توكل على الله وانقطع اليه كفاه الله كل مؤونة ومن انقطع الى الدنيا وأهلها لا يتم امره فان اهل الدنيا لا تقدر على النفع وإيصال الخير ما لم يرد الله قال ابو سعيد الخراز قدس سره أقمنا بمكة ثلاثة ايام لم نأكل شيأ وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما أراه يأكل خبزا حوارى فقلت له نحن ضيفك فقال نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولنى درهمين فاشترينا خبزا فقلت بم وصلت الى ذلك فقال يا أبا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل الى حاجتك وَما أَرْسَلْنا وذلك ان مشركى قريش لما بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة ودعاهم الى عبادة الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا الله أعظم من ان يكون رسوله بشرا ولو أراد ان يبعث إلينا رسولا لبعث من الملائكة الذين عنده فنزل قوله تعالى وما أرسلنا مِنْ قَبْلِكَ اى الأمم الماضية إِلَّا رِجالًا آدمين لا ملكا وقوله تعالى جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا اى الى الملائكة او الى الأنبياء ولا امرأة إذ مبنى حالها على الستر والنبوة تقتضى الظهور ولا صبيا ونبوة عيسى فى المهد لا تنافيه إذ الرسالة أخص قال ابن الجوزي اشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ نُوحِي إِلَيْهِمْ على ألسنة الملائكة فى الأغلب واكثر الأمر وفيه اشارة الى ان الرسالة والنبوة والولاية لا تسكن الا فى قلوب الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
نه هر كس سزاوار باشد بصدر
…
كرامت بفضلست ورتبت بقدر
فَسْئَلُوا اى فان شككتم فى ذلك فاسألوا يا معشر قريش أَهْلَ الذِّكْرِ علماء اهل الكتاب ليخبروكم ان الله تعالى لم يبعث الى الأمم السالفة إلا بشرا وكانوا يشاورونهم فى بعض الأمور ولذلك أحالهم الى هؤلاء للالزام إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك وفى الآية اشارة الى وجوب المراجعة الى العلماء فيما لا يعلم وسئل الامام الغزالي رحمه الله من اين حصل لك الإحاطة بالعلوم أصولها وفروعها فتلا هذه الآية اى أفاد ان ذلك العلم الكلى انما حصل باستعلام المجهول من العلماء وترك العار وقدورد [الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها] يعنى ينبغى للمؤمن ان يطلب الحكمة كما يطلب ضالته بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ بالمعجزات والكتب والباء متعلقة بمقدر وقع جوابا عن سؤال من قال بم أرسلوا فقيل أرسلوا بالبينات والزبر. والبينات جمع بينة وهى الواضحة. والزبر جمع زبور وهو الكتاب بمعنى المزبور اى المكتوب وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ اى القرآن انما سمى به لانه تذكير وتنبيه للغافلين. يعنى انه سبب الذكر فاطلق عليه المسبب لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ كافة العرب والعجم ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فى ذلك الذكر من الاحكام والشرائع وغير ذلك من احوال القرون المهلكة بافانين العذاب حسب أعمالهم الموجبة لذلك على وجه التفصيل بيانا شافيا كما ينبئ عنه صيغة التفعيل فى الفعلين وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
التفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب اى وإرادة ان يجيلوا فيه افكارهم فيتنبهوا للحقائق وما فيه من العبر ويحترزوا عما يؤدى الى مثل ما أصاب الأولين من العذاب وفى التأويلات النجمية ولعلهم اى وفى إنزال الذكر إليك حكمة اخرى وهى لعل الناس يتفكرون فيما يسمعون من بيان القرآن والاحكام منك على انك أمي ما قرأت الكتب المنزلة ولا تعلمت العلوم وانما تبين لهم من نور الذكر فيلازمون الذكر ويواظبون عليه ليصلوا الى مقام المذكورين فى متابعتك ورعاية سنتك ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) ولا شك ان خير الاذكار كلمة التوحيد قال ابراهيم الخواص رحمه الله دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل. والتضرع الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين وفى أبكار الافكار أفضل الذكر قراءة القرآن فانها أفضل من الدعوة الغير المأثورة. واما المأثورة فقيل انها أفضل منها وقيل القراءة أفضل انتهى وفى نفائس المجالس مما يجب فيه التدبر والتذكر قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا فالله تعالى امر المؤمنين بالايمان اى بتكرار عقد القلب وتجديده كما ورد (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) قال بعض الكبار قد علم بحديث التجديد ان الايمان يقبل البلى وذلك بزوال الحب وتجديده بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فبنفى ما سوى المعبود واثبات ما هو المقصود يصل الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة التامة مع الصادقين كما قال تعالى وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ والكينونة صورية وهى بملازمة اهل الصدق ومجالستهم ومعنوية وهى باتخاذ الاسرار وتحصيل المناسبة المعنوية فلا بد من الارتباط بواحد من الصادقين ز من اى دوست اين يك پند بپذير برو فتراك صاحب دولتى گير كه قطره تا صدف را در نيايد نكردد گوهر وروشن نتابد واعلم ان التبيين حق اهل الدعوة والإرشاد إذ ليس عليهم الا البلاغ المبين والعمل بموجب الدعوة على العباد إذ ليس عليهم إلا قبول ما جاء من طرف النبي الامين فاذا قبلوا ذلك ورجعوا فى المشكلات اليه أو إلى وارث من ورثته الكمل علموا ما لم يعلموا ووصلوا الى كمال العلم والعمل وحصلوا عند المقصود من نزول القرآن فطوبى لهم فلهم درجات الجنان ورؤية المنان أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ هم اهل مكة الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وراموا صدّ أصحابه عن الايمان واحتالوا فى ابطال الإسلام والفاء عطف على مقدر والإنكار موجه الى المعطوفين معا. والسيئات نعت لمصدر محذوف اى ألم يتفكروا فامن الذين مكروا المكرات السيئات التي قصت عنهم او مفعول به لمكروا على تضمينه معنى فعلوا اى فعلوا السيئات وعملوا الكفر والمعاصي أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ مفعول لا من اى ان يغوّ ربهم الأرض حتى يدخلوا فيها الى الأرض السفلى كما فعل بقارون وأصحابه. وبالفارسية [از آنكه فرو برد خداى تعالى ايشانرا در زمين] ذكر الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض فاذا لم يأمن الطير من الخسف فما بال
الإنسان العاقل يمشى على الأرض وهو غافل أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه اى فى حال غفلتهم
ديدى آن قهقه كبك خرامان حافظ
…
كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ التقلب [بركشتن] وفى القاموس تقلب فى الأمور تصرف كيف شاء انتهى اى فى حالتى تقلبهم فى مسايرتهم ومتاجرهم واسباب دنياهم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد من قوله او يأتيهم إلخ حال نومهم وسكونهم ولا يلزم ان يكون من جانب السماء ومن الثانية إتيانه حال يقظتهم وتصرفهم كقوله تعالى فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ بناجين من عذاب الله القهار سابقين قضاءه بالهرب والفرار على ما يوهمه التقلب والسير فى الديار وفى الحديث (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته) اى ليمهل ويطول عمره حتى يكثر منه الظلم ثم يأخذه أخذا شديدا فاذا اخذه لم يتركه ولم يخلصه أحد من الله وفى الحديث تسلية للمظلوم ووعيد للظالم لئلا يغتر بامهاله: قال الشيخ سعدى قدس سره
مها زورمندى مكن بركهان
…
كه بر يك نمط مى نماند جهان
نمى ترسى اى كرك ناقص خرد
…
كه روزى پلنگيت بر هم درد
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قال فى القاموس تخوف الشيء تنقصه ومنه او يأخذهم على تخوف انتهى. ولقى رجل أعرابيا فقال يا فلان ما فعل دينك فقال تخوفته يعنى تنقصته كما فى تفسير ابى الليث. والمعنى او يأخذهم على ان ينقصهم شيأ بعد شىء فى أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا ولا يهلكهم فى حالة واحدة فيكون المراد مما قبلها عذاب الاستئصال ومنها الاخذ شيأ فشيأ والمراد بذكر الأحوال الثلاث بيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم بأى وجه كان لا الحصر فيها فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لا يعاجلكم بالعقوبة ويحلم عنكم مع استحقاقكم لها والمعنى انه إذا لم يأخذكم مع ما فيه فانما رأفته تقيكم ورحمته تحميكم وفى التأويلات النجمية رؤف بالعباد إذا عطاهم حسن الاستعداد رحيم عليهم عند إفساد استعدادهم بالمعاصي بان لا يأخذهم فى الحال ويتوب عليهم فى المآل ويقبل توبتهم بالفضل والنوال ومن المعاصي التقلب من اعمال الدنيا الى اعمال الآخرة بالرياء او من اعمال الآخرة الى اعمال الدنيا بالهوى وعذابه الرد من حرم القبول والرجع من درجات الوصول فعلى العاقل التيقظ فى الأمور وترك السيئات والشرور فانه لا يشعر من اين يأتى العذاب من قبل الأعمال الدنيوية او من قبل الأعمال الاخروية ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى مثلا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بظاهر الأمر وما ذلك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال بعضهم الزم الأدب ظاهرا وباطنا فما أساء أحد الأدب فى الظاهر إلا عوقب ظاهرا ولا أساء أحد الأدب فى الباطن الا عوقب باطنا من ضيع الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث
يظن القبول وقال رويم لابن خفيف اجعل عملك ملحا وأدبك دقيقا: وفى المثنوى
از خدا جوييم توفيق وادب
…
بي ادب محروم كشت از لطف رب «1»
بي ادب تنها نه خود را داشت بد
…
بلكه آتش در همه آفاق زد
هر كه نامردى كند در راه دوست
…
رهزن مردان شد ونامرد اوست
اللهم اجعلنا من المتأدبين بآداب حبيبك وأصحابه الى يوم السؤال وجوابه أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار وهى داخلة فى الحقيقة على النفي وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والرؤية هى البصرية المؤدية الى التفكر والضمير لكفار مكة اى ألم ينظروا ولم يروا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ اى قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما لهم لم يتفكروا فيه ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه مِنْ شَيْءٍ بيان لما الموصولة اى من كل شىء يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ اى ترجع شيأ فشيأ من جانب الى جانب وتدور من موضع الى موضع حسبما تقتضيه ارادة الخالق فان التفيؤ مطاوع الافاءة قال فى تهذيب المصادر التفيؤ [باز آمدن سايه بعد از انتصاف النهار] ولا يكون التفيؤ الا بالعشي قال الله تعالى يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ انتهى. والظلال جمع الظل وهو بالفارسية [سايه] والجملة صفة لشئ قال فى الإرشاد ولعل المراد بالموصول الجمادات من الجبال والأشجار والأحجار التي لا يظهر لظلالها اثر سوى التفيؤ بارتفاع الشمس وانحدارها واما الحيوان فظله يتحرك بتحركه وفى التبيان يريد به الشجر والنبات وكل جسم قائم له ظل عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ متعلق بيتفيئ. والشمائل جمع شمال.؟؟؟ ضد اليمين وبالفتح الريح التي مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر كما فى القاموس اى ألم يروا الأشياء التي لها ظلال متفيئة عن إيمانها وشمائلها اى عن جانبى كل واحد منها وشقيه وفى التبيان اى فى أول النهار عن اليمين وفى آخره عن الشمال يعنى من جانب الى جانب إذا كنت متوجها الى القبلة استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبى الشيء وتوحيد اليمين وجمع الشمائل لان مذهب العرب إذا اجتمعت علامتان فى شىء واحد ان يلغى واحد ويكتفى بأحدهما كقوله تعالى وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ وقوله تعالى يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ كذا فى الاسئلة المقحمة والاشارة ان المخلوقات على نوعين. منها ما خلق من شىء كعالم الخلق وهو عالم الأجسام. ومنها ما خلق من غير شىء كعالم الأمر وهو عالم الأرواح كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وانما سمى عالم الأرواح الأمر لانه خلقه بامر كن من غير شىء بلا زمان كما قال تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً يعنى خلقت روحك من قبل خلق جسدك ومنه قوله عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) كذا فى التأويلات النجمية سُجَّداً لِلَّهِ اى حال كون تلك الظلال ساجدين لله دائرين على مراد الله فى الامتداد والتقلص وغيرهما غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ وَهُمْ داخِرُونَ يقال دخر كمنع وفرح دخورا ودخرا صغر وذل وادخره كما فى القاموس وهو حال من الضمير فى ظلاله والجمع باعتبار المعنى إذ المراد ظلال كل شىء وإيراد صيغة الخاصة بالعقلاء لان الدخور من خصائصهم أو لأن من جملة ذلك من يعقل
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق رعايت ادب ووخامت بي ادبى
فغلب. والمعنى ترجع الظلال من جانب الى جانب بارتفاع الشمس وانحدارها منقادة لما قدر لها من التفيؤ والحال ان أصحابها من الاجرام داخرة اى صاغرة منقادة لحكمه تعالى ووصفها بالدخور منن عن وصف ظلالها به وبعد ما بين سجود الظلال من الاجرام السفلية الثابتة فى أحيازها ودخورها له سبحانه شرع فى بيان سجود المخلوقات المتحركة بالارادة سواء كانت لها ظلال أم لا فقيل وَلِلَّهِ يَسْجُدُ اى له تعالى وحده ويخضع وينقاد لا لشئ غيره استقلالا واشتراكا فالقصر ينتظم القلب والافراد ما فِي السَّماواتِ من العلويات قاطبة ودخل فيه الشمس والقمر والنجوم وَما فِي الْأَرْضِ كائنا ما كان مِنْ دابَّةٍ بيان لما فى الأرض فان قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ يدل على اختصاص الدابة بما فى الأرض لان ما فى السماء لا يخلق بطريق التولد وليس لهم دبيب بل لهم اجنحة يطيرون بها بقول الفقير الظاهر ان الطيران لا ينافى الدبيب وقد نقل ان فى السماء خلقا يدبون ودبيبه لا يستلزم كونه مخلوقا من الماء المعهود إذ من الماء كل شىء حى فيكون من دابة بيانا لما فى السماء والأرض وما عام للعقلاء وغيرهم وفى الاسئلة المقحمة ان ما لا يعقل اكثر عددا ممن يعقل فغلب جانب ما لا يعقل لانه اكثر عددا وَالْمَلائِكَةُ عطف على ما فى السموات عطف جبريل على الملائكة تعظيما وإجلالا وَهُمْ اى والحال ان الملائكة مع علو شأنهم لا يَسْتَكْبِرُونَ لا يتعظمون عن عبادته والسجود له بل يتذللون فكل شىء بين يدى صانعه ساجد بسجود يلائم حاله كما ان كل شىء يسبح بحمده تسبيحا يلائم حاله فتسبيح بعضهم بلسان القال وتسبيح بعضهم بلسان الحال والله يعلم لسان حالهم كما يعلم لسان قالهم: وفى المثنوى
چون مسبح كرده هر چيز را
…
ذات بي تمييز وبا تمييز را
هر يكى تسبيح بر نوع دكر
…
كويد او از حال آن اين بي خبر
آدمي منكر ز تسبيح جماد
…
وان جماد اندر عبادت او ستاد «1»
واعلم ان الله تعالى اعطى لكل شىء من اصناف المخلوقات من الحيوانات الى الجمادات سمعا وبصرا ولسانا وفهما به يسمع كلام الحق ويبصر شواهد الحق ويكلم الحق ويفهم اشارة الحق كما اخبر الله تعالى عن حال السموات والأرض وهما فى العدم أعطاهما سمعا به سمعتا قوله ائتيا طوعا او كرها وأعطاهما فهما به فهمتا كلامه وأعطاهما لسانا به قالتا اتينا طائعين فكل شىء يسبح الله بذلك اللسان ويسجد له بذلك الطوع فمن هذا اللسان الملكوتي معجزة النبي عليه السلام كانت الحصى تسبح فى يده. وكذلك الأحجار الثلاثة كلمت داود عليه السلام واوّبت الجبال معه ولما قال الله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فلا يبعد ان يسجد لله كل شىء وان لم نفقه سجوده قال الكاشفى [درين آيت سجده بايد كرد واين سجده سوم است از سجدهاى قرآنى. وحضرت شيخ قدس سره در فتوحات اين را سجود عالم بالا وادنا خوانده كه در مقام ذلت وخوف حق را سجده مى كنند پس بنده بايد كه درين محل بدين صفت موسوم شود خود را بزمره ساجدان گنجايش دهد] يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى مالك أمرهم والجملة حال من الضمير فى لا يستكبرون مِنْ فَوْقِهِمْ
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان دو بدن كاوى در خانه آن دعا كننده بإلحاح إلخ
اى يخافونه تعالى خوف هيبة وإجلال وهو فوقهم بالقهر لقوله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ فهو حال من ربهم قال فى التبيان عند قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ يعنى الغالب عباده وفوق صلته انتهى. او يخافون ان يرسل عليهم عذابا من فوقهم فهو متعلق بيخافون قال فى التأويلات النجمية معنى يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى يأتيهم العذاب مِنْ فَوْقِهِمْ ان عصوه وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ اى ما يأمرهم الخالق من الطاعات والتدبيرات من غير تثاقل عنه وتوان فيه وفيه ان الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهى والوعد والوعيد وبين الخوف والرجاء وفى الحديث (ان لله ملائكة فى السماء السابعة سجد منذ خلقهم الله الى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا ما عبدناك حق عبادك) كذا فى تفسير ابى الليث ويقال من لسان الاشارة ان الأمطار والمياه دموع الملائكة والأرض فهم يخافون الله تعالى بقدر ما وسعهم من معرفة جلاله فما بال الإنسان يمشى آمنا ضاحكا مع سوء حاله والله الهادي وَقالَ اللَّهُ لجميع المكلفين لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ تأكيد إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ لا شريك له ولا شبيه
از همه در صفات ذات خدا
…
ليس شىء كمثله ابدا
فَإِيَّايَ لا غيرى فَارْهَبُونِ خافون وَلَهُ وحده خلقا وملكا ما فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الجن والانس وَلَهُ الدِّينُ اى الطاعة والانقياد من كل شىء فى السموات والأرض وما بينهما واصِباً حال من الدين اى واجبا ثابتا لا زوال له لانه الإله وحده الواجب ان يرهب منه يقال وصب يصب وصوبا اى دام وثبت أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر اى أبعد العلم بما ذكر من التوحيد واختصاص الكل به خلقا وملكا غير الله تطيعون فتتقون وَما بِكُمْ اى أي شىء يلابسكم ويصاحبكم مِنْ نِعْمَةٍ
أي نعمة كانت كالغنى وصحة الجسم والخصب ونحوها فَمِنَ اللَّهِ فهى من قبل الله فما شرطية او موصولة متضمنة لمعنى الشرط باعتبار الاخبار دون الحصول فان ملابسة النعمة بهم سبب للاخبار بانها منه تعالى لا لحصولها منه ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ اى الفقر والبلاء فى جسدكم والقحط ونحوها مساسا يسيرا فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ تتضرعون فى كشفه لا الى غيره. والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا [ناكاه] فَرِيقٌ مِنْكُمْ وهم كفاركم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بعبادة غيره بِما آتَيْناهُمْ من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم فى الشرك كفران النعمة ففى اللام استعارة تبعية وقوله ليكفروا من الكفران وقيل اللام لام العاقبة فَتَمَتَّعُوا بقية آجالكم اى فعيشوا وانتفعوا بمتاع الحياة الدنيا أياما قليلة وهو امر تهديد فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب وفى الآيات إشارات. منها ان اكثر الخلق اتخذوا مع الله الها آخر وهو الهوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فلهذا قال إِلهَيْنِ وما قال آلهة لانه ما عبد الها آخر الا بالهوى ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (ما عبد اله
ابغض على الله من الهوى) فقال إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ اى الذي خلق الهوى وسائر الآلهة فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فانى انا الذي يستحق ان يرغب اليه ويرهب منه لا الهوى والآلهة فانهم لا يقدرون على نفع ولا ضر وعن بعضهم قال انكسرت بنا السفينة وبقيت انا وامرأتى على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بي وقالت يقتلنى العطش فقلت هو ذا يرى حالنا فرفعت راسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب فيها كوز من ياقوت احمر فقال هاك اشربا فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو أطيب رائحة من المسك وأبرد من الثلج واحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا قال تركت الهوى لمرضاته فاجلسنى على الهواء ثم غاب عنى فلم أره رضى الله عنه ومن الإشارات ان كاشف الضر هو الله تعالى فمن أراد كشفه عن الأسباب لا عن المسبب فقد أشرك ألا ترى ان وكيل السلطان إذا قضى لك حاجة فانت وان كنت شاكرا لفعله ولكن انما تدعو فى الحقيقة للسلطان حيث قلد العمل لمثل هذا فحاجتك انما قضيت فى الحقيقة من قبل السلطان من حيث ان فعل هذا خلف حجاب الأسباب لا بالأسباب فافهم. ومنها ان الكفران سبب لزوال النعمة: وفى المثنوى
باشد آن كفران نعمت در مثال
…
كه كنى با محسن خود تو جدال
كه نمى آيد مرا اين نيكوئى
…
من برنجم زين چهـ رنجه ميشوى
لطف كن اين نيكوئى را دور كن
…
من نخواهم عاقبت رنجور كن
نسأل الله العصمة من الكفار وعذابه وَيَجْعَلُونَ اى كفار مكة لِما لا يَعْلَمُونَ اى للاصنام التي لا يعلم الكفار حقيقتها وقدرها الخسيس ويعتقدون فيها انما تضر وتنفع وتشفع عند الله تعالى نَصِيباً [بهره] مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الزرع والانعام وغيرهما تقربا إليها فقالوا هذا الله بزعمهم وهذا لشركائنا وهو مذكور فى الانعام ويحتمل ان يعود ضمير لا يعلمون الى الأصنام وصيغة جمع العقلاء لكون ما عبارة عن آلهتهم التي وصفوها بصفات العقلاء اى الأشياء التي غير موصوفة بالعلم ولا تشعرأ جعلوا لها نصيبا وحظا فى أنعامهم وزروعهم أم لا تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ سؤال توبيخ وتقريع عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ فى الدنيا بانها آلهة حقيقة بان يتقرب إليها وفيه اشارة الى ان اصحاب النفوس والأهواء يجعلون مما رزقهم الله من الطاعات نصيبا بالرياء لمن لا علم لهم بأحوالهم ليحسنوا فى حقهم ظنا ويكتسبوا عندهم منزلة وهم غافلون فارغون عن توهمهم وافترائهم فى نفوسهم عليهم
بروى ريا خرقه سهلست دوخت
…
كرش با خدا در توانى فروخت
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ هم خزاعة وكنانة كانوا يقولون الملائكة بنات الله [وسخن بعضى از كفار اين بود كه حق تعالى با جن مصاهرت كرد وملائكه متولد شد نعوذ بالله] سُبْحانَهُ [پاكست خداى از قول ايشان كه ميكويند خداى تعالى دختران دارد] وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ من البنين اى يختارون لانفسهم الأولاد الذكور ما مرفوعة المحل على انها مبتدأ والظرف المقدم خبره والجملة حالية ثم وصف كراهتهم البنات لانفسهم فقال
وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى البشارة بمعنى الاخبار على الوضع الأصلي والمضاف مقدر اى اخبر بولادتها [يعنى چون كسى را از كافران خبر دهند كه ترا دخترى متولد شده] ظَلَّ وَجْهُهُ اى صار من الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها او هو بمعناه يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا اى دام النهار كله لان اكثر الوضع يتفق بالليل ويتأخر اخبار المولود الى النهار وخصوصا بالأنثى فيظل نهاره مُسْوَدًّا [سياه از اندوه وغم وشرمندكى در ميان قوم] واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشوير وهو بالفارسية [خجل كردن] يقال شور به فعل به فعلا يستحيى منه فتشور وَهُوَ كَظِيمٌ مملوء غضبا على المرأة لاجل ولادتها الأنثى. ومن هنا أخذ المعبرون من رأى او رؤى له ان وجهه اسود فان امرأته تلد أنثى يَتَوارى يستخفى مِنَ الْقَوْمِ [از كروه آشنايان وخويشان] مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ اى من أجل سوء المبشر به ومن أجل تعييرهم والتعبير عنها بما لا سقاطها عن درجة العقلاء أَيُمْسِكُهُ التذكير باعتبار ما اى مترددا فى امره ومحدثا نفسه فى شأنه أيمسك ذلك المولود ويتركه عَلى هُونٍ ذل وهوان للعمل والاستقاء والخدمة فهو حال من المفعول اى يمسكها مهانة ذليلة ويحتمل ان يكون حالا من الفاعل اى يمسكها مع رضاه بهوان نفسه أَمْ يَدُسُّهُ يخفيه فِي التُّرابِ بالوأد: يعنى [زنده در كور كند چنانچهـ بنو تميم وبنو مضر ميكردند] ولقد بلغ بهم المقت الى ان يهجر بعضهم البيت الذي فيه المرأة إذا ولدت أنثى أَلا ساءَ [بدانيد كه بدست] ما يَحْكُمُونَ [آنچهـ حكم ميكنند مشركان يعنى دخترانرا كه پيش ايشان قدر وحرمت نداند بخداى نسبت ميدهند] ويختارون لانفسهم البنين فمدار الخطأ جعلهم ذلك لله مع ابائهم إياه لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ممن ذكرت قبائحهم مَثَلُ السَّوْءِ صفة السوء الذي هو كالمثل فى القبح وهى الحاجة الى الولد ليقوم مقامهم عند موتهم وإيثار الذكور للاستظهار بهم وودأ البنات لدفع العار وخشية الاملاق مع احتياجهم إليهن طلب النكاح المنادى كل ذلك بالعجز والقصور والشح البالغ المنفور وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى اى الصفة العجيبة الشأن التي هى مثل فى العلو مطلقا وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والوجود الواسع والنزاهة عن صفات المخلوقين وَهُوَ الْعَزِيزُ المتفرد بكمال القدرة لاسما على مؤاخذتهم الْحَكِيمُ الذي يفعل كل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة ومن حكمته ان خلق الذكور والإناث فعلى العاقل ان يستسلم لامر الله تعالى وينقاد لحكمه فان كل ظهور انما هو منه تعالى وبإرادته والله إذا أراد شيأ فليس للعبد ان يريد خلافه فانه لا يكون ابدا: قال الحافظ
بدرد وصاف ترا نيست حكم دم دركش
…
كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست
وفى الشرعة ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية وفى الحديث (من بركة المرأة تبكيرها بالبنات) اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ حيث بدأ بالإناث وفى الحديث (من ابتلى من هذه البنات بشئ فاحسن إليهن كن له سترا من النار) والابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات قد تعد
منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور وفسر بعض شراح المصابيح الإحسان إليهن بالتزويج بالاكتفاء لكن الاوجه ان يعمم قال بعض الفقهاء لا يزوج بنته معتزليا فان اختلاف الاعتقاد بين السنى والبدعى كاختلاف الدين وشأن التقوى الاحتراز عن صحبة غير المجانس ومصاهرته
آن يكى را صحبت أخيار يار
…
لا جرم شد پهلوى فجار جار «1»
وقال صلى الله عليه وسلم (سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات) وقال (لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات) ومن لطائف الروضة سأل الحجاج بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ذلك الحسن وقال آخر ما سمت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الا الزاد
ايها المحبوس فى رهن الطعام
…
سوف تنجو ان تحملت الفطام
چون ملك تسبيح حق را كن غذا
…
تا رهى همچون ملائك از أذى
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ فاعل هنا بمعنى فعل النَّاسَ اى الكفار بِظُلْمِهِمْ بكفرهم ومعاصيهم ما تَرَكَ عَلَيْها اى على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله مِنْ دَابَّةٍ لانها ما يدب على الأرض والعرب تقول فلان أفضل من عليها وفلان أكرم من تحتها فيردون الكناية الى الأرض والسماء من غير سبق ذكر لظهور الأمر بين يدى كل متكلم وسامع ومن هذا القبيل قولهم والذي شقهن خمسا من واحدة يعنى الأصابع من اليد ولم يقل على ظهرها احترازا عن الجمع بين الظاءين فى كلام واحد وهو لو وجوابه فانه ثقيل فى كلام العرب. والمعنى ما ترك على وجه الأرض من دابة قط بل أهلكها بالكلية بشؤم ظلم الظالمين كقوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً فهلاك الدواب بآجالها وهلاك الناس عقوبة وعن ابى هريرة انه سمع رجلا يقول ان الظالم لا يضر الا نفسه فقال بلى والله حتى ان الحبارى لتموت فى وكرها بظلم الظالم وعن ابن مسعود رضى الله عنه لو عذب الله الخلائق بذنوب بنى آدم لاصاب العذاب جميع الخلائق حتى الجعلان فى جحرها ولامسكت السماء عن الأمطار ولكن آخرهم بالعفو والفضل يقول الفقيران اثر الظلم ضار صورة ومعنى وذلك ان أحدا إذا احرق بيته يسرى ذلك الى بيوت المحلة بل البلدة ويحترق بسببه الدواب والهوام
بي ادب تنها نه خود را داشت بد
…
بلكه آتش در همه آفاق زد «2»
وَلكِنْ لا يؤاخذهم بذلك بل يُؤَخِّرُهُمْ يمهلهم بحلمه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى معين لاعمارهم او لعذابهم كى يتوالدوا ويتناسلوا او يكثر عذابهم فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] أَجَلُهُمْ المسمى لا يَسْتَأْخِرُونَ عن ذلك الاجل اى لا يتأخرون. وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق إلخ
(2)
در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه نورى كه غذاى جان است غذاى جسم اولياست إلخ
كه يك لحظه صورت نبندد أمان
…
چو پيمانه پر شد بدور زمان
ساعَةً اقصر وقت وهى مثل فى قلة المدة وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون وانما تعرض لذكره مع انه لا يتصور الاستقدام عند مجيئ الاجل مبالغة فى عدم الاستيخار بنظمه فى سلك ما يمتنع وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ اى يثبتون له سبحانه وينسبون اليه فى زعمهم ما يَكْرَهُونَ لانفسهم من البنات ومن الشرك فى الرياسة وَمع ذلك تَصِفُ تقول أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ مفعول تصف وهو أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى بدل الكل من الكذب اى العاقبة الحسنى عند الله وهى الجنة ان كان البعث حقا كقوله تعالى وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فلا ينافى قولهم لا يبعث الله من يموت فانه يكفى فى صحته الفرض والتقدير وعن بعضهم انه قال لرجل من الأغنياء كيف تكون يوم القيامة إذا قال الله هاتوا ما دفع الى السلاطين وأعوانهم فيؤتى بالدواب والثياب وانواع الأموال الفاخرة وإذا قال ما دفع الىّ فيؤتى بالكسر والخرق وما لا مؤونة له أما تستحيى من ذلك الموقف وقرأ هذه الآية لا جَرَمَ رد لكلامهم ذلك واثبات لنقيضه وهو مصدر بمعنى حقا. وبالفارسية [حق چنين است كه فردا قيامت] أَنَّ لَهُمُ مكان ما أملوا من الحسنى النَّارَ التي ليس وراءها عذاب وهى علم فى السوء وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ اى مقدمون الى النار معجلون إليها من افرطته إذا قدمته فى طلب الماء او منسيون متركون فى النار من أفرطت فلانا خلفى إذا خلفته ونسيته خلفك ثم سلى رسوله عما يناله من جهالات الكفرة ليصبر على اذاهم فقال تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ اى رسلا الى من تقدمك من الأمم فدعوهم الى الحق فلم يجيبوا الى ذلك فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ القبيحة من الكفر والتكذيب بالرسل فعكفوا عليها مصرين فَهُوَ اى الشيطان وَلِيُّهُمُ اى قرينهم وبئس القرين الْيَوْمَ اى يوم زين لهم الشيطان أعمالهم فيه على طريقة حكاية الحال الماضية او فى الدنيا تولى اضلالهم بالغرور فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا ويوم القيامة وهو عاجز عن نصر نفسه فكيف ينصر غيره فهذه حكاية حال آتية اى فى حال كونهم معذبين فى النار والولي بمعنى الناصر يقول الفقير الظاهر ان المراد باليوم يوم النبي صلى الله عليه وسلم وعصره وبالضمير فى وليهم أعقابهم وأنسابهم من الكفرة المعاصرين والله اعلم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ هو عذاب النار وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن لعلة من العلل إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ اى للناس الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ من التوحيد واحوال المعاد والحلال والحرام والمراد بالمختلفين المؤمنون والكافرون كما فى الكواشي وَهُدىً وَرَحْمَةً معطوفان على محل لتبين وانتصابهما لانهما فعلا الذي انزل الكتاب بخلاف التبيين فانه فعل المخاطب لا فعل المنزل اى وللهداية من الضلالة والرحمة من العذاب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وتخصيصهم لانهم المنتفعون بالقرآن قال سهل بن عبد الله لا يتصل أحد بالله حتى يتصل بالقرآن ولا يتصل بالقرآن حتى يتصل بالرسول ولا يتصل بالرسول حتى يتصل بالأركان التي قام بها الإسلام- وحكى- عن مالك بن دينار انه قال يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن
فى قلوبكم فان القرآن ربيع المؤمن كما ان الغيث ربيع الأرض وعن على بن ابى طالب كرم الله وجهه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (انها ستكون فتنة) قلت ما المخرج منها يا رسول الله قال (كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما كان بعدكم وحكم ما بينكم وهو العلم وهو الفصل ليس بالهزل لا تشبع منه العلماء وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به اجر ومن دعا اليه فقد هدى الى صراط مستقيم) ثم ان تبيين احكام القرآن للعامة وحقائقه للخاصة انما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاصالة والاستقلال ولورثته بعده قرنا بعد قرن بالفرعية والتبعية. فعلماء الظواهر يخلصون الناس من الاختلاف فيما يتعلق بالظواهر بالبيان الصريح. وعلماء البواطن يخلصونهم من الاختلاف فيما يتعلق بالبواطن بالكشف الصحيح ولكل منهم مشرب لا يخيب وارده وهم أساطين الدين وسلاطين المسلمين واعلم ان الاتعاظ بالمواعظ القرآنية يدخل العبد فى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية- حكى- ان ابراهيم بن أدهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله تعالى وموعظة وهدى ورحمة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة: قال المولى الجامى قدس سره
هر كه دل بر عشوه كيتى نهاد
…
بر حذر باش از غرور وجهل او «1»
دامن او كير كز همت فشاند
…
آستين بر دنبى وبر اهل او
شرفنا الله وإياكم بالعصمة عن الهوى وبالتمسك بأسباب الهدى وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا خاصا من الماء وهو المطر فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ اى أنبت بسبب المطر فى الأرض انواع النباتات بَعْدَ مَوْتِها اى بعد يبسها شبه تهيج القوى النامية فى الأرض واحداث نضارتها بانواع النباتات بالاحياء وهو إعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة وشبه يبوستها بعد نضارتها بالموت بعد الحياة وما يفيده الفاء من التعقيب العادي لا ينافيه ما بين المعطوفين من المهلة إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء من السماء واحياء الأرض الميتة به لَآيَةً دالة على وحدته تعالى وعلمه وقدرته وحكمته إذ الأصنام وغيرها لا تقدر على شىء لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ هذا التذكير ونظائره سماع تفكر وتدبر فكأن من ليس كذلك أصم لا يسمع: وفى المثنوى
چون سليمان سوى مرغان سبا
…
يك صفيرى كرد آن جمله را
جز مكر مرغى كه بد بى جان و پر
…
يا چوماهى كنك بد از اصل كر
نى غلط كفتم كه كر كر سر نهد
…
پيش وحي كبريا سمعش دهد
وقال بعضهم وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قرآنا هو سبب حياة المؤمنين فاحي به قلوب الميتة بالجهل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ القرآن بسمع يسمع به كلام الله من الله فان الله تعالى متكلم بكلام ازلى ابدا ولا يسمع كلامه الا من أكرمه الله بسمع يسمع كلامه كقوله تعالى
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك ومست شدن او إلخ
ولو علم الله فيهم خيرا لا سمعهم والحق تعالى تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة يتلو عليك من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك فى أي مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير وهو الكتاب المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرآن إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق فى العالم الكبير وعلامة السامعين المتحققين فى سماعهم انقيادهم إلى كل عمل مقرب الى الله تعالى من جهة سماعه اعنى من التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن ومن علامته ايضا التصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آية الله والرفث والجدال وسماع القينات وكل محرم حجر الشارع عليك سماعه قال الله تعالى أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ فالكافر الخائض والمنافق الجليس له المستمع لخوضه كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة فانه شريك لهم فى كل خير ينالون من الله تعالى وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيهم (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمرؤ مع من جالس فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي نسأل الله تعالى ان يجعلنا مع الصلحاء فى الدنيا والآخرة انه الفياض الوهاب وَإِنَّ لَكُمْ ايها الناس فِي الْأَنْعامِ جمع نعم بالتحريك وهى الأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والضأن والمعز. والمعنى بالفارسية [در وجود چهار پايان] لَعِبْرَةً دلالة يعبر بها من الجهل الى العلم كأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى آشامانيم شما را] قال الزجاج سقيته وأسقيته بمعنى واحد وفى الاسئلة المقحمة يقال أسقيته إذا جعلت له سقيا دائما وسقيته إذا أعطيته شربه مِمَّا فِي بُطُونِهِ من للتبعيض لان اللبن بعض ما فى بطونه والضمير يعود الى بعض الانعام وهو الإناث لان اللبن لا يكون للكل او الى المذكور اى فى بطون ما ذكرنا قاله الكسائي. والمعنى بالفارسية [بعضى از آنچهـ كه در شكمهاى ذوات ألبانست از جنس نعم] مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً من ابتدائية متعلقة بنسقيكم لان بين الفرث والدم مبدأ الاسقاء والفرث فضالة العلف فى الكرش وثفله والكرش للحيوان بمنزلة المعدة للانسان خالِصاً صافيا ليس عليه لون الدم ولا رائحة الفرث سائِغاً بالفارسية [كوارنده] لِلشَّارِبِينَ اى سهل المرور فى حلقهم قيل لم يغص أحد باللبن قط وليس فى الطعام والشراب انفع منه ألا يرى الى قوله عليه السلام (إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فأنى لا اعلم شيأ انفع فى الطعام والشراب منه) قال فى الكواشي المعنى خلق الله اللبن فى مكان وسط بين الفرث والدم وذلك ان الكرش إذا طبخت العلف صار أسفله فرثا وأوسطه لبنا خالصا لا يشوبه شىء وإعلاء دما وبينه وبينهما حاجز من قدرة الله لا يختلط أحدهما بالآخر بلون ولا طعم ولا رائحة مع شدة الاتصال ثم تسلط الكبد على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث فى الكرش ثم ينحدر فان قلت ان اللبن
والدم لا يتولدان فى الكرش إذ البهائم إذا ذبحت لم يوجد فى كرشها لبن ولا دم قلت المراد كان أسفله مادة الفرث وأوسطه مادة اللبن وأعلاه مادة الدم فالمنحدر الى الضروع مادة اللبن لا مادة الدم وقول بعضهم ان الدم ينحدر الى الضروع فيصير لبنا ببرودة الضرع بدليل ان الضرع إذا كانت فيه آفة يخرج منه الدم مكان اللبن مدفوع بانه يجوز ان يتلون اللبن بلون الدم بسبب الآفة وهو اللائح بالبال ومن بلاغات الزمخشري
كما يحدث بين الخبيثين ابن لا يؤبن
…
الفرث والدم يخرج منهما اللبن
اى كما ان اللبن الطيب الطاهر يخرج من بين الخبيثين اللذين هما الفرث والدم بحيث لا يشوبه شىء من اوصافهما مع كمال الاتصال والاكتناف كذلك يخرج الابن الطيب الطاهر الذي لا يعاب بشئ أصلا من بين الأبوين الخبيثين بحيث لا يوجد فيه شىء من اوصافهما الخبيثة
مى ز غوره شود شكر از نى
…
عسل از نحل حاصلست بقي
مكو زنهار اصل عود چوبست
…
به بين دودش چهـ مستثنى وخوبست
- وسئل- شقيق عن الإخلاص فقال تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم [در قوت القلوب فرموده كه تمامى نعمت بخلوص لبن است يعنى اگر در وى يكى از وصفين فرث ودم باشد تمام نعمت نبود وطبع او را قبول نكند همچنين معامله بندگان با حق بايد كه خالص بود اگر بشوب فرث ريا ودم هوا آميخته كردد از خلوص دور واز نظر قبول مهجور خواهد بود زيرا كه ريا در عمل شرك خفيست وصفاى عمل بسبب شوب هوا منتفى در ريا نظر بر دم است ودر هوا بر غرض خود وبر هر وجه عمل خالى از آلودگى نيست
طاعت آلوده نيايد بكار
…
مشك جكر سوده نيايد بكار
هر كه ز آلودگى افتاد پاك
…
پيش نظرها نبود تابناك
وفى الآية اشارة الى اعتبار العاقل فيما سقاه الله مما فى بطون انعام النفوس فانها كالانعام من بين فرث الخواطر الشيطاني ودم الخواطر النفساني لبنا خالصا من الإلهام الرباني جائز الأهل هذا الشرب على الصراط المستقيم من غير تلعثم كذا فى التأويلات النجمية وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ [ومى آشامانيم شما را از كونه ميوها وى درختان خرما ودرختان انگورها] ونسقيكم ايها الناس من عصيرها ونطعمكم ثم بين كنه الاسقاء والإطعام وكشفه بقوله تَتَّخِذُونَ مِنْهُ اى من عصيرها سَكَراً قال فى القاموس السكر محركة الخمر ونبيذ يتخذ من التمر. فالآية سابقة على تحريم الخمر دالة على كراهتها حيث قوبل السكر بالرزق الحسن ومقابل الحسن لا يكون حسنا وَرِزْقاً حَسَناً كالتمر والدبس والزبيب والرب والخل وفى الحديث (خير خلكم خل خمركم) قال فى الروضة خطب المأمون بمرو فسعل الناس فنادى بهم ألا من كان له سعال فليتداو بشرب خل الخمر ففعلوا فانقطع سعالهم قال بعضهم انظر الى الاخبار عن نعمة اللبن ونعمة السكر والرزق الحسن لما كان اللبن لا يحتاج الى معالجة من الناس اخبر عن نفسه بقوله نُسْقِيكُمْ ولما كان السكر والرزق الحسن يحتاج الى معالجة قال تَتَّخِذُونَ فاخبر عنهم باتخاذهم منه السكر والرزق الحسن إِنَّ فِي ذلِكَ
الاسقاء لَآيَةً باهرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم فى الآيات بالنظر والتأمل وفى التأويلات النجمية ومن ثمرات نخيل الطاعات وأعناب المجاهدات تتخذون من ثمرات الطاعات والمجاهدات وهى المكاشفات والمشاهدات ووقائع ارباب الطلب وأحوالهم العجيبة سكرا ورزقا حسنا السكر ما يجعل منها شرب النفس فتسكر النفس فتارة تميل عن الحق والصراط المستقيم ميلان السكران وتارة تظهر رعوناتها بالافعال والأقوال رياء وسمعة وشهرة والرزق الحسن ما يكون منها شرب القلب والروح فيزداد منه الشوق والمحبة والصدق والطلب كما قال بعضهم
شربت الحب كأسا بعد كأس
…
فما نفد الشراب وما رويت
وقالوا
سقانى شربة احيى فؤادى
…
بكأس الحب من بحر الوداد
ان فى ذلك الاعتبار لدلالة لقوم يدركون بالعقل إشارات الحق ويفهمونها انتهى ما فى التأويلات قال اهل التحقيق العقل شجرة ثمرها العلم والحلم فشرف الثمر دال على شرف المثمر وصاحب العقل فى قومه كالنبى فى أمته قال بعض العلماء قسم العقل بألفي جزء الف للانبياء والرسل والملائكة وتسعمائة وتسعة وتسعون جزأ لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن الواحد اربعة دوانق للعلماء ودانق لعامة الرجال ونصف دانق للنساء ونصف لأهل القرى والرساتيق. والدانق بفتح النون وكسرها سدس الدرهم قال حكيم العمر فى الدنيا قليل والحسرة فى الآخرة طويلة والعبد بعمل نفسه فى الآخرة اما عزيز واما ذليل. فعلى كل عاقل واجب ان يجتهد فى إصلاح نفسه قبل ان يأتيه اليقين ويأخذ اشارة من كل رطب ويابس وغث وسمين ويصحو من سكر الغفلة والهوى ويشرب من مشرب التيقظ والهدى: وفى المثنوى
عقل جزؤى را وزير خود مكير
…
عقل كل را ساز اى سلطان وزير «1»
كين هوا پر حرص وحالى بين بود
…
عقل را انديشه يوم الدين بود
وَأَوْحى رَبُّكَ يا محمد إِلَى النَّحْلِ هو ذباب العسل وزنبوره اى ألهمها وقذف فى قلوبها وعلمها بوجه لا يعلمه الا هو مثل قوله بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها والوحى يقع على كل تنبيه خفى والله تعالى ألهم كل حيوان ان يلتمس منافعه ويجتنب مضاره وقد الهم الله الغراب ان يبحث فى الأرض ليرى قابيل كيف يوارى سوءة أخيه هابيل: كما فى المثنوى
پس بچنگال از زمين انگيخت كرد
…
زود زاغ مرده را در كور كرد «2»
دفن كردش پس بپوشيدش بخاك
…
زاغ از الهام حق بد علمناك
قال الزجاج سميت نحلا لان الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج منها إذ النحلة العطية وكفاها شرفا قول الله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ وكل ذباب فى النار إلا ذباب العسل قال فى عجائب المخلوقات يقال ليوم عيد الفطر يوم الرحمة وفيه اوحى ربك الى النحل صنعة العسل قال فى حياة الحيوان يحرم أكل النحل وان كان العسل حلالا كالآدمية لبنها حلال ولحمها حرام ويكره قتلها واما بيعها فى الكوارة فصحيح ان يشاهد جميعها والا فهو
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان مانستن بدرائى اين وزير دون در إفساد مروت شاه إلخ [.....]
(2)
در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كوركنى قابيل از زاغ إلخ
بيع غائب فان باعها وهى ظاهرة. ففى التتمة يصح. وفى التهذيب عكسه وقال ابو حنيفة لا يصح بيع النحل كالزنبور وسائر الحشرات ويجوز بيع دود القز من الذي يصنع به أَنِ اتَّخِذِي لنفسك اى بان اتخذي فان مصدرية وصيغة التأنيث لان النحل يذكر ويؤنث مِنَ الْجِبالِ [از شكاف كوهها] بُيُوتاً [خانه هاى مسدس] اى مساكن تأوى إليها وسمى ما تنبيه لتعسل فيه بيتا تشبيها ببناء الإنسان لما فى بيوته المسدسة المتساوية بلا بر كار ومسطر من الحذاقة وحسن الصنعة التي لا يقوى عليها حذاق المهندسين الا بآلات وانظار دقيقة واختارت المسدس لانه أوسع من المثلث والمربع والمخمس ولا يبقى بينها فرج خالية كما تبقى بين المدورات وما سواها من المضلعات ومن للتبعيض لانها لا تبنى فى كل جبل وكذا قوله وَمِنَ الشَّجَرِ لانها لا تبنى فى كل شجر. والمعنى بالفارسية [واز ميان درختان نيز خانه گيريد يعنى در بعضى شجر جاى كنيد در جانب كوه وقتى كه مالكى وصاحبى نداشته باشد] وكذا فى قوله وَمِمَّا يَعْرِشُونَ لانها لا تبنى فى كل ما يعرشه الناس اى يرفعه من الأماكن لتعسل فيها وهذا إذا كان لملاك وقال بعضهم ومما يعرشون من كرم او سقف او جدران او غير ذلك ولما كان أهم شىء للحيوان بعد الراحة من هم المقيل الاكل ثنى به ولما كان عاما فى كل ثمر ذكره بحرف التراخي اشارة الى عجيب الصنع فى ذلك وتيسره لها فقال ثُمَّ كُلِي وأشار الى كثرة الرزق بقوله مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فهو للتكثير كقوله تعالى وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ او من كل الثمرات المشتهاة عندك من حلوها وحامضها ومرها وغير ذلك فهو عام مخصوص بالعادة فَاسْلُكِي جواب شرط محذوف اى فاذا أكلت الثمار فى المواضع البعيدة من بيوتك فادخلى سُبُلَ رَبِّكِ فى الجبال وفى خلال الشجر اى طرق ربك التي ألهمك وعرفك الرجوع فيها الى مكانك من الخلية بعد بعدك عنها حال كون السبل ذُلُلًا جمع ذلول اى موطأة للسلوك مسهلة وذلك انها إذا اجدب عليها ما حولها سافرت الى المواضع البعيدة فى طلب النجعة ثم ترجع الى بيوتها من غير التباس وانحراف وأشار باسم الرب الى انه لولا عظيم إحسانه فى تربيتها لملاهدت الى ذلك وهذا كما يقال فى القطا وهو طائر معروف يضرب به المثل فى الهداية ويقال «اهدى من قطاة» وذلك انه يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطى لا صادرا ولا واردا اى ذهابا وإيابا كذا فى شرح الشفاء ثم اتبعه نتيجة ذلك جوابا لمن قال ماذا يكون من هذا كله فقال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها اى بطون النحل بالقيء شَرابٌ اى عسل لانه مشروب وذلك ان النحل تأكل الاجزاء اللطيفة الطلية الحلوة الواقعة على أوراق الأشجار والازهار وتمص من الثمرات الرطبة والأشياء العطرة ثم تقيئ فى بيوتها ادخارا للشتاء فينعقد عسلا بإذن الله تعالى والى هذا أشار ظهير الفاريابي بقوله
بدان طمع كه دهن خوش كنى زغايت حرص
…
نشسته مترصد كه قى كند زنبور
واما قول على رضى الله عنه فى تحقير الدنيا اشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف
شرابه رجيع نحلة فوارد على طريق التقبيح وان كان العسل فى نفسه مما يستلذ ويستطاب على ان اطلاق الرجيع عليه انما هو لكونه مما يحويه البطن وفى حياة الحيوان قد جمع الله تعالى فى النحلة السم والعسل دليلا على كمال قدرته واخرج منها العسل ممزوجا بالشمع وكذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف والرجاء وهى تأكل من كل الشجر ولا يخرج منها الا حلو إذ لا يغيرها اختلاف مآكلها والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه: وفى المثنوى
اين كه كرمناست وبالا ميرود
…
وحيش از زنبور كى كمتر بود «1»
چونكه اوحى الرب الى النحل آمدست
…
خانه وحيش پر از حلوا شدست
او بنور وحي حق عز وجل
…
كرد عالم را پر از شمع وعسل
وللعسل اسماء كثيرة. منها الحافظ الامين لانه يحفظ ما يودع فيه فيحفظ الميت ابدا واللحم ثلاثة أشهر والفاكهة ستة أشهر وكل ما اسرع اليه الفساد إذا وضع فى العسل طالت مدة مقامه وكان عليه السلام يحب الحلواء والعسل قال العلماء المراد بالحلواء هاهنا كل حلو وذكر العسل بعدها تنبيها على شرفه ومزيته وهو من باب ذكر الخاص بعد العام وفيه جواز أكل لذيذ الاطعمة والطيبات من الرزق وان ذلك لا ينافى الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل انفاق وفى الحديث (أول نعمة ترفع من الأرض العسل) وقال على رضى الله عنه انما لدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم. فاشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب. واشرف المشروبات الماء يستوى فيه البر والفاجر. واشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة. واشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل الرجال. واشرف المشمومات المسك وهودم حيوان. واشرف المنكوحات المرأة وهى مبال فى مبال مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ من ابيض واخضر واصفر واسود بسبب اختلاف سن النحل فالا بيض يلقيه شباب النحل والأصفر كهولها والأحمر شيبها وقد يكون الاختلاف بسبب اختلاف لون النور قال حكيم يونان لتلامذته كونوا كالنحل فى الخلايا وهى بيوتها قالوا وكيف النحل فى خلاياها قال انها لا تترك عندها بطالا الا نفته وأقصته عن الخلية لانه يضيق المكان ويفنى العسل وانما يعمل النشيط لا الكسل وعن ابن عمر رضى الله عنهما مثل المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتصنع طيبا ووجه المشابهة بينهما حذق النحل وفطنته وقلة أذاه ومنفعته وتنزهه عن الاقذار وطيب أكله وانه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لا ميره وان للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تغيره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السفه ونار الجوى فِيهِ اى فى الشراب وهو العسل شِفاءٌ لِلنَّاسِ اى شفاء الأوجاع التي يعرف شفاؤها منه يعنى انه من جملة الاشفية المشهورة النافعة لا مراض الناس وليس المراد انه شفاء لكل مرض كما قال فى حياة الحيوان قوله فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ لا يقتضى العموم لكل علة وفى كل انسان لانه نكرة فى سياق الإثبات بل المراد انه يشفى كما يشفى غيره من الادوية فى حال وكان ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم يحملانه على العموم قال البيضاوي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ اما بنفسه كما فى الأمراض البلغمية او مع غيره كما فى سائر
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى كه چهـ وحي تو آمده
الأمراض إذ قلما يكون معجون الا والعسل جزؤمنه واما السكر فمختص به بعض البلاد وهو محدث ولم يكن فيما تقدم من الأزمان يجعل فى الاشربة والادوية الا العسل- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان أخي قد اشتكى بطنه فقال (اسقه عسلا) فسقاه عسلا فما زاده الا استطلاقا فعاد الى النبي عليه الصلاة والسلام فذكر له ذلك فقال (اسقه عسلا) فسقاه ثانيا فمازاده الا استطلاقا ثم رجع فقال يا رسول الله سقيته فما نفع فقال (اذهب فاسقه عسلا فقد صدق الله وكذب بطن أخيك) فسقاه فشفاه الله فبرئ كانما انشط من عقال وفى الحديث (ان الله جعل الشفاء فى اربعة الحبة السوداء والحجامة والعسل وماء السماء) وجاء رجل الى على بن ابى طالب كرم الله وجهه وشكاله سوء الحفظ فقال أترجع الى اهل قال نعم فقال قل لها تعطيك من مهرها درهمين عن طيب نفس فاشتر بهما لبنا وعسلا واشربهما مع شربة من ماء المطر على الريق ترزق حفظا فسئل الحسن بن الفضل عن هذا فقال اخذه من قوله تعالى وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً وفى اللبن خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ وفى العسل فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ وفى المهر فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فاذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء والخالص السائغ فلا عجب ان ينفع- وروى- عن عوف بن مالك انه مرض فقال ائتوني بماء فان الله تعالى قال وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ثم قال ائتوني بعسل وقرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت من شجرة مباركة فخلط الجميع ثم شربه فشفى وكان بعضهم يكتحل بالعسل ويتداوى به من كل سقم وإذا خلط العسل الذي لم يصبه ماء ولانار ولادخان بشئ من المسك واكتحل به نفع من نزول الماء فى العين والتلطخ به يقتل القمل. والمطبوخ منه نافع للسموم ولعقه علاج لعضة الكلب قال امام الأولياء محمد بن على الترمذي قدس سره انما كان العسل شفاء للناس لان النحل ذلت لله مطيعة وأكلت من كل الثمرات حلوها ومرها محبوبها ومكروهها تاركة لشهوانها فلما ذلت لامر الله صار هذا الاكل كله لله فصار ذلك شفاء للاسقام. فكذلك إذا ذل العبد لله مطيعا وترك هواه صار كلامه شفاء للقلوب السقيمة انتهى وفى العسل ثلاثة أشياء الشفاء والحلاوة واللين. وكذلك المؤمن قال الله تعالى ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ويخرج من الشاب خلاف ما خرج من الكهل والشيخ كذلك حال المقتصد والسابق وعن ابن مسعود رضى الله عنه العسل شفاء من كل داء اى فى الأبدان والقرآن شفاء لما فى الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل
ريح اگر بسيار شد كى غم خورم
…
چون شفاوى جان بيمارم تويى
إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى امر نحل العسل لَآيَةً حجة ظاهرة دالة على القدرة الربانية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ اى للذين تفكروا فعلوا ان النحلة على صغر جسمها وضعف خلقتها لا تهتدى لصنعة العسل بنفسها فان ذلك بصانع صنعها خالف بينها وبين غيرها من الحشرات الطائرة فاستدل بذلك على خالق واحد قادر لا شريك له ولا شبيه قال الكاشفى (لقوم يتفكرون) [مر گروهى را كه تفكر كنند در اختصاص بصنايع دقيقه وامور رقيقه وهر آينه اينها بوجود نگيرد الا از الهام توانايى ودانايى كه چندين حكمت در جانورى ضعيف وديعت نهد انقيادي دارند كه از راه فرمان منحرف نشوند أمانتي كه ميوه تلخ
خورند وعسل شيرين باز دهند ورعى كه جز پاك و پاكيزه نخورند طاعتى كه هرگز خلاف فرمان نكنند تمكنى كه فرسنگها بروند وباز با وطن خود رجوع نمايند طهارتى كه هرگز بر قازورات ننشينند واز ان نخورند وصناعتى كه اگر همه بنايان عالم جميع شوند همچوخانهاى مسدس ايشان نتوانند ساخت پس همچنانچهـ از عسل ايشان شفاى الم ظاهر حاصل شود از تفكر احوال ايشان شفاء مرض باطن كه جهلست دست دهد]
فكر دلرانيك وهم نمكين كند
…
كام جانرا چون عسل شيرين كند
شربت فكر ار بكام جان رسد
…
چاشنئ آن بماند تا ابد
قال القشيري رحمه الله ان الله تعالى اجرى سنته ان يخفى كل عزيز فى شىء حقير جعل الإبريسم فى الدود وهو أصغر الحيوانات وأضعفها والعسل فى النحل وهو أضعف الطيور وجعل الدر فى الصدف وهو أوحش حيوان من حيوانات البحر وأودع الذهب والفضة والفيروزج فى الحجر وكذلك أودع المعرفة والمحبة فى قلوب المؤمنين وفيهم من يخطى وفيهم من يعصى ومنهم من يعرف ومنهم من يجعل امره
كسى را كه نزديك ظنت بد اوست
…
ندانى كه صاحب ولايت هم اوست
قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان تصرف كل حيوان فى الأشياء مع كثرتها واختلاف أنواعها انما هو بتعريف الله تعالى إياه والهامه على قانون حكمته وإرادته القديمة لا من طبعه وهواه. وانما خص النحل بالوحى وهو الإلهام والرشد من بين سائر الحيوانات لانها أشبه شىء بالإنسان لا سيما باهل السلوك فان من دأبهم وهجيراهم ان يتخذوا من الجبال بيوتا اعتزالا عن الخلق وتبتلا الى الله تعالى كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يتخنث الى حراء اسبوعا واسبوعين وشهرا وان من شأنهم النظافة فى الموضع والملبوس والمأكول كذلك النحل من نظافتها تضع ما فى بطنها على الحجر الصافي او على خشب نظيف لئلا يخالطه طين او تراب ولا تقعد على جيفة ولا على نجاسة احترازا عن التلوث كما يحترز الإنسان عنه وثمرات البدن الأعمال الصالحة وثمرات النفوس الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى وثمرات القلوب ترك الدنيا وطلب العقبى والتوجه الى حضرة المولى وثمرات الاسرار شواهد الحق والتطلع على الغيوب والتقرب الى الله فهذه كلها اغذية الأرواح والله تعالى قال للنحل كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وقال مثله للسالكين كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً وَاللَّهُ المحيط بكل شىء علما وقدرة خَلَقَكُمْ أوجدكم وأخرجكم من العدم الى الوجود. وبالفارسية [از ظلمت آباد نابود بصحراى أنوار وجود آورد] ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ اى يقبض أرواحكم على اختلاف الأسنان صبيانا وشبانا وكهولا فلا يقدر الصغير على ان يؤخر ولا الكبير على ان يقدم فمنكم من يموت حال قوته وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ قبل توفيه اى يعاد إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ اخسه وأحقره وهو الهرم والخرف الذي يعود فيه كهيئته الاولى فى أوان طفوليته ضعيف البنية ناقص القوة والعقل قليل الفهم وليس له حد معلوم فى الحقيقة لانه رب ابن ستين انتهى الى أرذل
العمر ورب ابن مائة لم يرد اليه وقال قتادة إذا بلغ تسعين سنة يتعطل عن العمل والتصرف والاكتساب والحج والغزو ونحوها ولذا دعا محمد بن على الواسطي لنفسه فقال يا رب لا تحيني الى زمن أكون فيه كلا على أحد خذبيدى قبل ان أقول لمن ألقاه عند القيام خذبيدى وسأل الحجاج شيخا كيف طعمك قال إذا أكلت ثقلت وإذا تركت ضعفت فقال كيف نومك قال أنام فى المجمع واسهر فى المهجع فقال كيف قيامك وقعودك قال إذا قعدت تباعدت عنى الأرض وإذا قمت لزمتنى فقال كيف مشيك قال تعقلنى الشعرة وتعثرنى البعرة لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ليصير الى حالة شبيهة بحال الطفولية فى سوء الفهم والنسيان وان يعلم شيأ ثم يسرع فى نسيانه فلا يعلمه ان سئل عنه فمؤدى الكلام لينسى ما يعلم وهو يستلزم ان لا يعلم زيادة علم على علمه لانه إذا كان حاله بحيث ينسى ما علم فكيف يزيد علمه واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتأكيد وهى متعلقة بيرد. وقال بعضهم اللام جارة وكى حرف مصدرى كأن وشيأ مفعول لا يعلم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمقادير اعماركم قال الكاشفى [داناست وجهل بر دانايى او طارى نشود] قَدِيرٌ [تواناست وعجز بر توانايى او راه نيايد] اى قدير على كل شىء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفاني: قال الشيخ سعدى قدس سره
اى بسا اسب تيزرو كه بماند
…
كه خرلنك جان بمنزل برد
پس كه در خاك تن درستانرا
…
دفن كردند وزخم خورده نمرد
وفيه تنبيه على ان تفاوت الآجال ليس الا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ قالوا أسنان الإنسان سبعة أطوار. طور الطفولية الى سبع سنين. ثم الصبى الى اربع عشرة سنة. ثم الشباب الى اثنين وثلاثين سنة. ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. ثم الهرم الى منتهى العمر وفى الإرشاد ضبطوا مراتب العمر فى اربع. الاولى سن النشو والنماء. والثانية سن الوقوف وهى سن الشباب. والثالثة سن الانحطاط القليل وهى سن الكهولة. والرابعة سن الانحاط الكثير وهى سن الشيخوخة ولا عمر أسوأ حالا من عمر الهرم الذي يشبه الطفل فى نقصان العقل والقوة وعند إخلاله لا يوجد له شفاء ولا يمنعه دواء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو (أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات) قال بعضهم حكم الهرم انما يظهر فى حق الكافر لان المسلم يزداد عقله لصلاحه فى طول عمره كرامة له وفى الحديث (من قرأ القرآن لم يردّ الى أرذل العمر) وكذا من يتدبره ويعمل به كما فى تفسير العيون يقول الفقير لا شك ان الجنون والعته ونحوهما من صفات النقصان فالله تعالى لا يبتلى كامل الإنسان أنبياء واولياء فالمراد بقولهم ان العلماء لا يعرض لهم العته وان بلغوا الى أرذل العمر علماء الآخرة والعلماء بالله لا مطلق العلماء كما لا يخفى إذ قد شاهدنا من علماء زماننا من صار حاله الى حال الطفولية ثم ان أرذل العمر وان كان أشد الأزمان وأصعبها لكنه او ان المغفرة ورفعة الدرجة وفى الحديث (إذا بلغ المرء ثمانين سنة أنبتت حسناته ومحيت سيآته وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله
ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله فى الأرض وشفيعا لاهل بيته يوم القيامة) - روى- ان رجلا قال للنبى عليه الصلاة والسلام أصابني فقر فقال (لعلك مشيت امام شيخ) وأول من شاب من ولد آدم ابراهيم عليه السلام فقال يا رب ما هذا قال هذا نورى فقال رب زدنى من نورك ووقارك وكان الرجل فى القرون الاولى لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة وعن وهب ان أصغر من مات من ولد آدم ابن مائتى سنة قال بعض المشايخ هذه الامة وان كانت أعمارهم قصارا قليلة لكن امدادهم كثيرة وهم ينالون فى زمن قصير ما ناله الأقدمون فى مدة طويلة من المرتبة وهذا فضل من الله تعالى قال حكيم ان خير نصفى عمر الرجل آخره يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه وشرّ نصفى عمر المرأة آخره يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وفى الحديث (خير شبابكم من تشبه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) يقول الفقير هذا يشمل التشبه بانواعه فى الأقوال والأحوال والافعال والقيام والقعود واللباس ونحوها فالصوفى شيخ فى المعنى لان مراده الفناء عن الأوصاف كلها فينبغى له ان يلبس لباس الكهول وان كان شابا وفى الحديث (من اتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره شره فليتجهز الى النار) قال يحيى بن معاذ رحمه الله مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد فاذا ضيعت نفسك فخسرت الابد انك لمن الخاسرين وفى الآية اشارة الى الفناء والبقاء فالمتوفى هو الفاني عن اثبات وجوده والمردود هو الباقي بوجود موجد وجوده وقوله لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً اى ليكون عاقبة امره ان لا يعلم بعد فناء علمه شيأ بعلمه بل يعلم بربه الأشياء كما هى كما فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ تعالى وحده فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ اى جعلكم متفاوتين فيه فمنكم غنى ومنكم فقير ومنكم مالك ومنكم مملوك. والرزق ما يسوقه الله تعالى الى الحيوان من المطعومات والمشروبات. وفيه تنبيه على ان غنى المكثر ليس من كياسته ووفور عقله وكثرة سعيه ولا فقر المقل من بلادته ونقصان عقله وقلة سعيه بل من الله تعالى ليس الا
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
…
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
قال الحافظ
سكندر را نمى بخشند آبى
…
بزور وزر ميسر نيست اين كار
قال ابن الشيخ وهذا التفاوت غير مختص بالمال بل هو واقع فى الذكاء والبلادة والرشد والدناءة والحسن والقباحة والصحة والسقامة وغير ذلك
كنج زر گر نبود گنج قناعت باقيست
…
آنكه آن داد بشاهان بگدايان اين داد
وفى التأويلات النجمية فضل الله الأرواح على القلوب فى رزق المكاشفات والمشاهدات بعد الفناء والرد الى البقاء. وفضل القلوب على النفوس فى رزق الزهد والورع والتقوى والصدق واليقين والايمان والتوكل والتسليم والرضى. وفضل النفوس على الأبدان فى رزق التزكية ومقاساة شدائد المجاهدات والصبر على المصائب والبلايا وحمل أعباء الشريعة بإشارات الطريقة وتبديل الأخلاق الذميمة بالحميدة وفضل أبدان المؤمنين. على أبدان الكافرين فى رزق
الأعمال التي هى اركان الشريعة وقراءة القرآن والذكر باللسان مشرفة بإخلاص بالجنان فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا اى فليس الموالي الذين فضلوا فى الرزق على المماليك بِرَادِّي رِزْقِهِمْ اى بمعطى رزقهم الذي رزقهم إياه أصله رادين سقط النون للاضافة عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ على مماليكهم الذين هم شركاؤهم فى المخلوقية والمرزوقية فَهُمْ اى الملاك والمماليك فِيهِ فى الرزق سَواءٌ فى الفاء دلالة على ترتب التساوي على الرد اى لا يردون عليهم ردا مستتبعا للتساوى فى التصرف والتشارك فى التدبير وانما يردون عليهم منه شيأ يسيرا والحاصل انهم لا يجعلون ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكهم بحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لا نفسهم وهم أمثالهم فى البشرية والمخلوقية فما بالهم كيف جعلوا مماليكه تعالى ومخلوقه شركاء له مع كمال علوه فأين التراب ورب الأرباب. وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم وكانوا يقولون فى التلبية لبيك لا شريك لك الا شريك هولك أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ الفاء للعطف على مقدر وهى داخلة فى المعنى على الفعل والجحود الإنكار والباء لتضمينه معنى الكفر. والمعنى
أبعد علمهم بان الرزاق هو الله تعالى يشركون به فيجحدون نعمته فان الإشراك يقتضى ان يضيفوا نعم الله الفائضة عليهم الى شركائهم وينكروا كونها من عند الله تعالى فالله تعالى يدعو عباده بهذه الآية إلى التوحيد ونفى الشرك حتى. يتخلصوا من الشرك والظلمات ويتشرفوا بالتوحيد الخالص والأنوار العاليات فعلى العبد الطاعة والسعى الى تحصيل الرضوان والعرفان وانما الرزق على المولى الكريم المنان ومن الكلمات التي نقلها كعب الأحبار عن التوراة «يا ابن آدم خلقتك لعبادتى فلا تلعب وقسمت رزقك فلا تتعب وفى اكثر منه لا تطمع ومن اقل منه لا تجزع فان أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندى محمودا وان كنت لم ترض به وعزتى وجلالى لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش فى البر ولا ينالك منها الا ما قسمته لك وكنت عندى مذموما يا ابن آدم خلقت لك السموات والأرضين. ولم اعى بخلقهن أيعييني رغيف اسوقه إليك من غير تعب. يا ابن آدم أنا لك محب فبحبى عليك كن لى محبا يا ابن آدم لا تطالبنى برزق غد كمالا اطالبك بعمل غد فانى لم انس من عصانى فكيف من أطاعني» واعلم ان عباد الله فى باب الرزق على وجوه. منهم من جعل رزقه فى الطلب فمن جعل رزقه فى الطلب فعليه بكسب الحلال الطيب كعمل اليد مثلا. ومنهم من جعل رزقه فى القناعة وهى فى اللغة الرضى بالقسمة وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى السكون عند عدم المألوفات. ومنهم من جعل رزقه فى التوكل وهو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدي الناس. ومنهم من جعل رزقه فى المشاهدة والمجاهدة كما قال صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يعطعمنى ويسقينى) وهو اشارة الى المشاهدة وقال (جعل رزقى تحت ظل رمحى) وهو اشارة الى المجاهدة فعلى العاقل المجاهدة والعبادة لله تعالى حالصا لا لأجل تنعم النفس فى الجنة والخلاص من النار فانها معلولة والمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب ولذا قال فى المثنوى
هشت جنت هفت دوزخ پيش من
…
هست پيدا همچوبت پيش وثن «1»
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان پرسيدن پيغمبر صلى الله عليه وسلم مر زيد را إلخ
وَاللَّهُ تعالى وحده جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم أَزْواجاً نساء لتأنسوابها وتقيموا بذلك جميع مصالحكم ويكون أولادكم أمثالكم. ومن هنا أخذ بعض العلماء انه يمتنع ان يتزوج المرء امرأة من الجن إذ لا مجانسة بينهما فلا مناكحة وأكثرهم على إمكانه ويدل عليه ان أحد أبوي بلقيس كان جنيا قال ابن الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وفيه حكايات اخر فى آكام المرجان فان قيل غلبة عنصر النار فى الجن تمنع من ان تتكون النطفة الانسانية فى رحم الجنية لما فيها من الرطوبات فتضمحل ثمة لشدة الحرارة النيرانية وقس عليه نكاح الجنى الانسية قلت انهم وان خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري بل قد استحالوا عنه بالا كل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنوا آدم عن عنصرهم الترابي بذلك على ان الذي خلق من نار هو ابو الجن كما خلق آدم ابو الانس من تراب واما كل واحد من الجن غير ابيهم فليس مخلوقا من النار كما ان كل واحد من بنى آدم ليس مخلوقا من تراب. وذكروا ايضا جواز المناكحة بين الإنسان وانسان الماء كما قال فى حياة الحيوان ان فى بحر الشام فى بعض الأوقات من شكله شكل انسان وله لحية بيضاء يسمونه شيخ البحر فاذا رآه الناس استبشروا بالخصب- وحكى- ان بعض الملوك حمل اليه انسان ماء فاراد الملك ان يعرف حاله فزوجه امرأة فاتاه منها ولد يفهم كلام أبويه فقيل للولد ما يقول أبوك قال يقول أذناب الحيوان كلها فى أسفلها فما بال هؤلاء اذنابهم فى وجوههم. وذكروا ايضا بنات الماء ومناكحة الإنسان اياهن وتولد الأولاد منهن وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ اى جعل لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره بَنِينَ [فرزندان] وَحَفَدَةً جمع حافد وهو الذي يسرع فى الخدمة والطاعة ومنه قول القانت وإليك نسعى ونحفد اى جعل لكم خدما يسرعون فى خدمتكم وطاعتكم ويعينونكم كاولاد الأولاد ونحوهم يقول الفقير حمل الحفدة على البنات كما فعله البعض بناء على انهن يخدمنه فى البيوت أتم خدمة ضعيف لان الخطاب لكون السورة مكية مع المشركين وهم كانوا تسودّ وجوههم حين الاخبار بالبنات فلا يناسب مقام الامتنان حملها عليهن وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالعسل ونحوه ومن للتبعيض لان كل الطيبات فى الجنة وما طيبات الدنيا الا أنموذج منها يقول الفقير المقصود الطيبات المنفهمة بحسب العرف وهى طيبات البلدة والناحية والإقليم لا الطيبات المشتملة عليها الدنيا والجنة فكل الطيبات مرزوق بها العباد أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ الفاء فى المعنى داخلة على الفعل وهى للعطف على مقدر اى أيكفرون بالله الذي شأنه هذا فيؤمنون بالباطل وهو ان الأصنام تنفعهم وان البحاثر ونحوها حرام وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ حيث يضيفونها الى الأصنام او المراد بالباطل الأصنام وما يفضى الى الشرك وبنعمة الله الإسلام والقرآن وما فيه من التوحيد والاحكام. والباطل عند اهل الحقيقة قسمان باطل حقيقى وهو ما لا تحقق ولا وجود ولا ثبوت له بان لم يقع التجلي الإلهي فى عالمه أصلا وقسم باطل مجازى وهو التعينات الموجودة كلها اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه «ألا كل شىء ما خلا الله باطل» واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي والحق المجازى والمؤمن بالباطل مطلقا كافر بالله تعالى
سالك پاك رو نخوانندش
…
آنكه از ما سوى منزه نيست
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً الرزق مصدر وشيأ نصب على المفعولية منه والمراد من الموصول الآلهة اى مالا يقدر على ان يرزق منهم شيأ لا من السموات مطرا ولا من الأرض نباتا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ان يملكوه إذ لا استطاعة لهم أصلا لانهم جماد فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ اى فلا تشبهوا الله بشئ من خلقه وتشركوا به قال ضرب المثل تشبيه حال بحال وقصة بقصة والله تعالى واحد حقيقى لا شبه له ازلا وابدا
در تصور ذات او را كنج كو
…
تا در آيد در تصور مثل او «1»
قال فى الإرشاد اى لا تشبهوا بشأنه تعالى شأنا من الشؤون واللام مثلها فى قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ لا مثلها فى قوله تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ ونظائره أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كنه ما تفعلون وعظمه وهو معاقبكم عليه بما يوازيه فى العظم وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك ولو علمتموه لما جرأتم عليه فالله تعالى هو العالم بالخطأ والصواب ومن خطأ الإنسان عبادته الدنيا والهوى وطلب المقاصد من المخلوقين وجعلهم أمثال الله وليس فى الوجود مؤثر الا الله تعالى فهو المقصود ومنه الوصول اليه وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) وذلك لان الله تعالى ليس له زمان ولا مكان وان كان الزمان والمكان مملوءين من نوره فاهل السماء والأرض فى طلبه سواء وقال موسى عليه السلام أين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت إلىّ أشار تعالى الى ان القاصد واصل بغير زمان ومكان وانما الكلام فى القصد الوجدانى الجمعى والميل الكلى لان من طلب وجدّ وجد ومن قرع الباب ولجّ ولج والباب هو باب القلب فان منه يدخل المرء بيت المعرفة الالهية ثم يصل الى صدر المشاهدة الربانية فيحصل الانس والحضور والذوق والصفاء ويرتفع الهيبة والحيرة والوحشة والغفلة والكدر والجفاء اللهم اجعلنا من الواصلين آمين ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ضرب المثل تشببه حال بحال وقصة بقصة اى ذكر وأورد شيأ يستدل به على تباين الحال بين جنابه وبين ما أشركوا به وليس المراد حكاية ضرب الماضي بل المراد انشاؤه بما ذكر عقيبه عَبْداً مَمْلُوكاً بدل من مثلا وتفسير له والمثل فى الحقيقة حالته العارضة له من المملوكية والعجز التام وبحسبها ضرب نفسه مثلا ووصفه بالمملوكية ليخرج عنه الحر لاشتراكهما فى كونهما عبد الله تعالى لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وصفه بعدم القدرة لتمييزه عن المكاتب والمأذون اللذين لهما تصرف فى الجملة وَمَنْ رَزَقْناهُ من موصوفة معطوفة على عبدا كأنه قيل وحرا رزقناه بطريق الملك ليطابق عبدا مِنَّا من جانبنا الكبير المتعال رِزْقاً حَسَناً حلالا طيبا او مستحسنا عند الناس مرضيا قال الكاشفى [روزى نيكو يعنى بسيار وبي مزاحم كه در وتصرف تواند كرد] فَهُوَ [پس اين مرزوق] يُنْفِقُ مِنْهُ أي من ذلك الرزق الحسن سِرًّا وَجَهْراً اى حال السر والجهر وقدم السر على الجهر للايذان بفضله عليه قال الكاشفى [پنهان وآشكارا يعنى هر نوع كه ميخواهد خرج ميكند واز كس نميترسد] هَلْ يَسْتَوُونَ جمع الضمير للايذان بان المراد مما ذكر من اتصف
(1) در أوائل دفتر يكم در ميان بودن پادشاه طبيب غيبى را إلخ
بالأوصاف المذكورة من الجنسين المذكورين لا فردان متعينان منهما. والمعنى بالفارسية [آيا برابرند يعنى مساوى نباشند بندگان بي اختيار با خواجكان صاحب اقتدار پس چون مملوك عاجز با مالك قادر متصرف برابر نيست پس بتان كه أعجز مخلوقاتند شريك قادر على الإطلاق چكونه توانند بود]
راه تو بنور لا يزالى
…
از شرك وشريك هر دو خالى
آن بنده كه عاجزست ومحتاج
…
كى راه برد بصاحب تاج
ما للتّراب ورب الأرباب [صاحب كشف المحجوب آورده كه روزى بخلوت شيخ ابو العباس شيبانى در آمدم ويرا ديدم كه اين آيت ميخواند وميكريست ونعره مى زد پنداشتم كه از دنيا بخواهد رفت كفتم اى شيخ اين چهـ حالتست فرمود كه يازده سال ميكذرد تا ورد من اينجا رسيده است واز اينجا در نميتوانم كذشت آرى حدوث در قدم نميتواند رسيد وممكن از كنه واجب خبر نتواند داد]
نيست با هست چون زند پهلو
…
قطره با بحر چون كند دعوى
الْحَمْدُ لِلَّهِ اعتراض اى كل الحمد لله تعالى لانه معطى جميع النعم وان ظهرت على أيدي بعض الوسائط وليس شىء من الحمد للاصنام لعدم استحقاقها إياه فضلا عن العباد بَلْ أَكْثَرُهُمْ [بلكه اكثر مشركان. يعنى همه ايشان] لا يَعْلَمُونَ ذلك فيضيفون نعمه تعالى الى غيره ويعبدونه لاجلها وفى الإرشاد نفى العلم عن أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك وانما لا يعلمون بموجبه عنادا كقوله تعالى يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا آخر يدل على ما يدل عليه المثل السابق على أوضح وجه وأظهره رَجُلَيْنِ قال فى الكواشي تقديره مثلا مثل رجلين فمثلا الاول مفعول والثاني بدل منه او بيان فحذف الثاني وأقيم مقامه رجلين أَحَدُهُما أَبْكَمُ وهو من ولد أخرس ولا بد ان يكون أصم كما قال الكاشفى [وبي شبهه كنك مادر زاد نشود] لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من الأشياء المتعلقة بنفسه او بغيره بحدس او فراسة لقلة فهمه وسوء إدراكه وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ثقل وعيال على من يعوله ويلى امره وهذا بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح نفسه بعد ذكر عدم قدرته على شىء مطلقا أَيْنَما يُوَجِّهْهُ اى حيث يرسله مولاه فى امره وكفاية مهم وهو بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح مولاه ولو كانت مصلحة يسيرة لا يَأْتِ بِخَيْرٍ [باز نيامد به نيكويى يعنى كارى نسازد وكفايتى نكند لا يفهم ولا يفهم] هَلْ يَسْتَوِي هُوَ [آيا برابر باشد اين ابكم] مع ما فيه من الأوصاف المذكورة وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ اى من هو منطيق فهم ذو رأى وكفاية ورشد ينفع الناس بحثهم على العدل الجامع لجميع الفضائل والمكارم وهذا كسحبان وباقل فان سحبان كان رجلا فصيحا بليغا متكلما بحيث لا يقطع الكلام ولو سرده يوما وليلة ولا يكرر ولو اقتضى الحال فبعبارة اخرى ولا يتتحنح وان باقلا كان رجلا اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فسئل عن شرائه ففتح كفيه واخرج لسانه يشير الى ثمنه فانفلت الظبى فضرب به المثل فى العي وَهُوَ فى نفسه مع ما ذكر من نفعه العام للخاص والعام عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [بر راهى راستست وسيرتى درست وطريقه
پسنديده كه بهر مطلب كه توجه نمايد زود بمقصد ومقصود رسد پس چنانكه بجاهل مساوى اين كامل فاضل نيست پس بتان بي اعتبار را مساوات با حضرت پروردگار جل شانه نباشد] وقال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام فيما أبهم من القرآن. ان الأبكم هو ابو جهل واسمه عمر وبن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. والذي يأمره بالعدل عمار بن ياسر العنسي وعنس بالنون حى من مدلج وكان حليفا لبنى مخزوم رهط ابى جهل وكان ابو جهل يعذبه على الإسلام ويعذب امه سمية وكانت مولاة لابى جهل وقال لها ذات يوم انما آمنت بمحمد لانك تحبينه لجماله ثم طعنها بالرمح فى فيها فماتت فكانت أول شهيدة فى الإسلام وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة لا تقدر على شىء من الخير لان من شأنها متابعة هواها ومخالفة مولاها وان الروح من شأنه ان يأمر النفس بطاعة الله وحسن عبوديته كما ان النفس تأمر الروح بمعاصي الله وعبودية هواها فالتوفيق فى جانب الروح واعداء المؤمن ثلاثة النفس والشيطان والدنيا فحارب النفس بالمخالفة وحارب الشيطان بالذكر وحارب الدنيا بالقناعة وعن حكيم نفسك لصك فاحفظها وهى عدوك فجاهدها كذا فى الخالصة وَلِلَّهِ تعالى خاصة لا لاحد غيره استقلالا ولا اشراكا وكان كفار قريش يستعجلون وقوع القيامة استهزاء فانزل الله تعالى هذه الآية غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى علم ماغاب فيهما عن العباد قال فى الإرشاد فيه اشعار بان علمه سبحانه حضورى فان تحقق الغيوب فى أنفسها علم بالنسبة اليه تعالى ولذلك لم يقل ولله علم غيب السموات والأرض وَما أَمْرُ السَّاعَةِ الساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم اى وما شأن قيام القيامة التي هى من الغيوب فى سرعة المجيء إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح النظر بسرعة اى كرجع الطرف من أعلى الحدقة الى أسفلها. يعنى [آوردن خداى تعالى مر قيامت را آسانترست از آنكه شما ديده بر هم زنيد] أَوْ هُوَ اى بل أمرها فيما ذكر من السرعة والسهولة أَقْرَبُ من لمح البصر واسرع زمانا قال الكاشفى [اقرب نزديكتر است چهـ لمح بصر دو فعل است وضع جفن ورفع آن وإيقاع قيامت بإحياء موتى يك فعل پس ممكن است ووقوع آن در نصف زمان اين حركت] وأو ليست للشك بل للتخيير اى تخيير المخاطبين بين ان يشبهوا امر قيامها بلمح البصر وان يقولوا هو اقرب وانما ضرب به المثل لانه لا يعرف زمان اقل منه إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ. قَدِيرٌ فهو يقدر على ان يقيم الساعة ويبعث الخلق لان بعض المقدورات. يعنى [تواند احياء خلائق دفعة چنانچهـ قادر است بر احياء ايشان بر سبيل تدريج پس از ابتداء طهور ايشان خبر داد تا از مبدأ وبر معاد استدلال كنند] واعلم انهم قالوا [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] يعنى هودان عند الله تعالى وان كان بعيدا عندنا فلابد من التهيؤ له وعن انس بن مالك رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام (ما اعددت لها) قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله نقال (أنت مع من أحببت) وشرط كون المرء مع من أحب ان يشترك معه فى الدين ويتحد ومن مقتضاه إتيان المأمورات وترك المحظورات فان المحبة الكاملة لا تحصل الا به فمن خالف امر الله تعالى وامر نبيه فقد فارقهما فكيف يحبهما مع البينونة: قال الشيخ سعدى قدس سره
نظر دوست نادر كند سوى تو
…
چودر روى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى
…
چوبيند كه دشمن بود در سراى
ثم اعلم ان رجوع النفس الى ربها يكون باماتتها عن أوصافها وإحيائها بصفات الله والاماتة تكون بتجلى صفة الجلال والاحياء بتجلى صفة الجمال فاذا تجلى الله لعبد لا يبقى له زمان ولا مكان إذ هو فان عن وجوده باق ببقاء الحق ان الله على كل شىء من المواهب التي يعزبها أولياءه قدير وان لم يفهم الأغبياء بعقولهم كيفية تلك المعارف والكمالات بل العقلاء بعقولهم السليمة بمعزل من ادراك تلك الحقائق وذلك لانها خارجة عن طور العقل سيل ضعيف واصل دريا نميشود والتجليات ثلاثة. الاول التجلي العلمي واهله من اصحاب البرازخ لا يصح ان يكون مرشدا الا تقليدا. والثاني التجلي العيني. والثالث التجلي الحقي وأهلهما من ارباب اليقين والوصول من شانهم ارشاد الناس فى جميع المراتب اى فى مرتبة الطبيعة والنفس والقلب والروح والطريقة والمعرفة والحقيقة وهم اهل البصيرة الذين أشير إليهم فى قوله تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فعليك بالاقتداء بهم دون غيرهم فان قلت ما الفرق بين اهل التجلي الثاني والثالث قلت انهما بعد اشتراكهما فى ان كلا منهما قطب ارشاد يتميز الثالث بالقطبية الكبرى التي هى أعلى المناسب وَاللَّهُ تعالى وحده أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ جمع الام زيدت الهاء فيها كما زيدت فى الإهراق من أراق لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً اى حال كونكم غير عالمين شيأ أصلا من امور الدنيا والآخرة ولا مما كانت أرواحكم تعلم فى عالم الأرواح ولا مما كانت ذراتكم تعلم من فهم خطاب ربكم إذ قال ألست بربكم ولا مما علمت إذ قالت بالجواب بلى ولا مما تعلم الحيوانات حين ولادتها من طلب غذائها ومعرفة أمها والرجوع إليها والاهتداء الى ضروعها وطريق تحصيل اللبن منها ومشيها خلفها وغير ذلك مما تعلم الحيوانات وتهتدى اليه ولا يعلم الطفل منه شيأ ولا يهتدى اليه قال الشيخ سعدى قدس سره
مرغك از بيضه برون آيد وروزى طلبد
…
آدمي بچهـ ندارد خبر وعقل وتميز
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ قدمه على البصر لما انه طريق تلقى الوحى ولذا ابتلى بعض الأنبياء بالعمى دون الصم أو لأن إدراكه اقدم من ادراك البصر ألا ترى ان الوليد يتأخر انفتاح عينيه عن السمع وافراده باعتبار كونه مصدرا فى الأصل وَالْأَبْصارَ جمع بصر وهى محركة حس العين وَالْأَفْئِدَةَ جمع فؤاد وهو وسط القلب وهو من القلب كالقلب من الصدر وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة قال فى بحر العلوم استعملت فى هذه الآية وفى سائر آيات وردت فيها فى الكثرة لان الخطاب فى جعل لكم وانشأ لكم عام. والمعنى جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها العلم والمعرفة بان تحسوا بمشاعركم جزئيات الأشياء وتدركوها بافئدتكم وتتنبهوا لما بينهما من المشاركات والمباينات بتكرر الاحساس فيحصل لكم علوم بديهية تتمكنون بالنظر فيها من تحصيل العلوم الكسبية
واعلم ان قوله وجعل عطف على أخرجكم وليس فيه دلالة على تأخر الجعل المذكور عن الإخراج لما ان مدلول الواو هو الجمع مطلقا لا الترتيب على ان اثر ذلك الجعل لا يظهر قبل الإخراج كما فى الإرشاد. والتحقيق ان الله تعالى صفات سبعا مرتبة وهى الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وإذا قلب الكلام يصير كمالا فآخر الكمال الكلام كما ان أول الكمال الكلام لان أول التعينات الالهية هى الهوية الذاتية وآخرها الكلام مطلقا وعلى هذا يدور الأمر فى المظهر الإنساني ألا ترى ان أول ما يبدو فى الجنين حس السمع ثم البصر ثم الكلام ولذا حرم تزوج الحبلى من النكاح اتفاقا ومن الزنى اختلافا لما قال عليه السلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يسقين ماءه زرع غيره) فان قيل فم الرحم منسد بالحبل فكيف يوجد سقى الزرع قلنا قد جاء فى الخبر (ان سمع الحمل وبصره يزداد حدة بالوطئ) فظهر ان آخر ما يظهر بعد الولادة هو الكلام ومقتضى مقام الامتنان ان هذه القوى انما تظهر آثارها بعد الإخراج من بطون الأمهات وهذا لا ينافى حصولها قبله بالقوة القريبة من الفعل لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ارادة ان تشكروا هذه الآلات وشكرها استعمالها فيما خلقت لاجله من استماع كلام الله وأحاديث رسول الله وحكم أوليائه وما ليس فيه ارتكاب منهى ومن النظر الى آيات الله والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته فمن استعملها فى غير ما خلقت له فقد كفر جلائل نعم الله تعالى وخان فى أماناته: قال الشيخ السعدي قدس سره
كذرگاه قرآن و پندست كوش
…
به بهتان وباطل شنيدن مكوش
دو چشم از پى صنع بارى نكوست
…
ز عيب برادر فرو كير ودوست
وقال الصائب
ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار
…
ز دزد امانت حق را نكاهدار مخسب
وفى التأويلات النجمية وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لاجسادكم كما جعل للحيوانات لتسمعوا بها وتبصروا وتفهموا ما يسمع الحيوان ويبصر ويفهم وجعل لارواحكم سمعا تسمعون به ما تسمع الملائكة وبصرا تبصرون به ما تبصر الملائكة وفؤادا تفهمون به ما تفهم الملائكة وجعل لاسراركم سمعا تسمعون بالله وبصرا تبصرون بالله وفؤادا تعرفون بالله وهذه الحواس مستفادة من قوله تعالى كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبى يسمع وبى يبصر وبى ينطق لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بهذه الآلات نعم الله وأداء شكر نعم الله باستعمالها وصرفها فى طلب الله وترك الالتفات الى النعم بل للمنعم وفى الآية اشارة اخرى والله أخرجكم من بطون أمهاتكم اى من العدم وهو الام الحقيقي لا تعلمون شيأ قبل ان يعلمكم الله اسماء كل شىء وجعل لكم السمع والابصار والافئدة حين خاطبكم بقوله ألست بربكم فتجلى لكم بربوبيته فبنور سمعه اعطاكم لسانا تجيبونه بقولكم بلى لعلكم تشكرون فلا تسمعون بهذا السمع الا كلامه ولا تبصرون بهذا البصر إلا جماله ولا تحبون بهذا الفؤاد الا ذاته ولا تكلمون بهذا اللسان الا معه أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ تقرير لمن ينظر إليهن وتعجيب من شأنهن. والطير جمع طائر اى ألم ينظروا
إليها ليستدلوا بها على قدرة الله تعالى مُسَخَّراتٍ مذللات للطيران بما خلق لها من الاجنحة والأسباب المساعدة له. وفيه مبالغة من حيث ان التسخير جعل الشيء منقادا للآخر يتصرف فيه كيف يشاء كتسخير البحر والفلك والدواب للانسان والواقع هنا تسخير الهواء للطير لتطير فيه كيف تشاء فكان مقتضى طبيعة الطير السقوط فسخرها الله للطيران وفيه تنبيه على ان الطيران ليس بمقتضى طبع الطير بل ذلك بتسخير الله تعالى وكذا إحراق النار وإهلاك البرد ليسا بذاتهما بل بتأثير الله تعالى وعلى هذا فِي جَوِّ السَّماءِ فى الهواء غير متباعد من الأرض وإضافته الى السماء لما انه فى جانبها من الناظر قال فى القاموس الجو الهواء ما يُمْسِكُهُنَّ فى الجو عن السقوط حين قبض أجنحتهن وبسطها ووقوفهن إِلَّا اللَّهُ بقدرته الواسعة وتدبيره لهن من الريوش الكبار والصغار فان ثقل جسدها ورقة قوام الهواء يقتضيان سقوطها ولا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها تمسكها والهواء للطائر كالماء للسابح فهو يقبض يديه ويبسطها ولا يغرق مع ثقل جسده ورقة الماء واعجب من ذلك وادل فيه على القدرة الباهرة تعشيش بعض الطير فى الهواء ومن اخبار الرشيد أنه خرج يوما للصيد فارسل بازا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق فيه دواب بيض تفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه. ومن ذلك الطير الأبابيل التي رمت اصحاب الفيل بحجارة من سجيل وهى الطير السود على هيئة الخطاطيف. ومن ذلك ما يقال له بالفارسية [هما] فانه من سكان الهواء يبيض ويفرخ فيه وليس له رجل وهو فى جثة العقعق الا انه سكرى اللون ويوجد جسده بعد وفاته فى صحارى الهند. ومن عجائب الطيور الرخ بالضم وهو طير فى جزائر الصين يكون جناحه الواحد عشرة آلاف باع قال فى القاموس هو طائر كبير يحمل الكركدان انتهى وكان وصل الى المغرب رجل من التجار ممن سافر فى بحر الصين وألقتهم الريح الى جزيرة عظيمة فخرج إليها اهل السفينة ليأخذوا الماء والحطب فرأوا قبة عظيمة أعلى من مائة ذراع لها لمعان وبريق فعجبوا منها فلما دنوا منها إذا هى بيضة الرخ فجعلوا يضربونها بالخشب والفؤوس والحجارة حتى انشقت عن فرخ كأنه جبل فتعلقوا بريش جناحه فجروه فنفض جناحه فبقيت هذه الريشة معهم خرج أصلها من جناحه ولم يكمل بعد خلقه نقتلوه وحملوا ما قدروا عليه من لحمه فلما طلعت الشمس إذ الرخ قد اقبل فى الهواء كالسحابة العظيمة فى رجله قطعة حجر كالبيت العظيم اكبر من السفينة فلما حاذى السفينة القى
ذلك الحجر بسرعة فوقع الحجر فى البحر وسبقت السفينة وتجاهم الله تعالى بفضله ورحمته كذا فى حياة الحيوان إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من تسخير الطير للطيران بان خلقها خلقة يمكن معها الطيران بان جعل لها اجنحة خفيفة واذنابا كذلك وخلق الجوّ بحيث يمكن الطيران فيه وإمساكها فى الهواء على خلاف طباعها لَآياتٍ [نشانها ظاهرست] لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اى من شأنهم ان يؤمنوا وانما
خص ذلك بهم لانهم المنتفعون به حيث يطيرون فى هواء المعرفة بجناح التفكر فيما ذكر ويصلون الى وكرالكرامة
فكر ازين خانه فرازت كشد
…
سوى سرا پرده رازت كشد «1»
وفى المثنوى
كر بينى ميل خود سوى سبا
…
پر دولت بر كشا همچون هما
ور بينى ميل خود سوى زمين
…
نوحه ميكن هيچ منشين از حنين
وفى الحديث (كونوا فى الدنيا اضيافا واتخذوا المساجد بيوتا وعودوا قلوبكم الرقة وأكثروا من التفكر والبكاء ولا يختلفن بكم الأهواء) وعن محمد عبد الله انه قال الفكرة على خمسة أوجه فكرة فى آيات الله يتولد منها المعرفة. وفكرة فى آلاء الله ونعمائه يتولد منها المحبة. وفكرة فى وعد الله وثوابه يتولد منها الرغبة. وفكرة فى وعد الله وعقابه يتولد منها الرهبة. وفكرة فى جفاء النفوس بجنب احسان الله إليها يتولد منها الحياء والندم وفى الآية اشارة الى ان طير الأرواح مسخرة فى جو سماء القلوب لا يمسكهن الا الله لان الأرواح علويات وانما سكونها فى سفل الأجساد بتسخير الله إياها كقوله وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقوله ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ وهذا كسلطان نزل فى خراب بحسب الاقتضاء والا فشأنه أعلى من ذلك وجاهه ارفع منه كما لا يخفى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ المعهودة التي تبنونها من الحجر والمدر وهو تبيين لذلك المجعول المبهم فى الجملة سَكَناً فعل بمعنى مفعول اى موضعا تسكنون فيه وقت اقامتكم. وبالفارسية [آرامگاهى] قال فى الكواشي كل ما يسكن اليه او فيه سكن بمعنى مسكن وفى الواقعات المجمودية للسلوك شروط ثلاثة الزمان والمكان والاخوان. اما الأولان فلانه لا بد من خلو الزمان عن الفترة وكذا المكان. واما الاخوان فلتدارك حوائج السالك لئلا يتقيد بها فلا بد من الشرائط المذكورة لدوام السلوك واستمراره من غير انقطاع انتهى. والظاهر ان المكان اقدم للسلوك ثم الزمان ثم الاخوان ثم صفاء الخاطر وفى الاسرار المحمدية الغرض فى المسكن دفع المطر والبرد واقل الدرجات فيه معلوم وما زاد عليه فهو من الفضول والاقتصار على الأقل والأدنى يمكن فى الديار الحارة اما فى البلاد الباردة فى غلبة البرد ونفوذه من الجدران الضعيفة حتى كاد يهلك او يمرض فالبناء بالطين وأحكامه لا يخرجه عن حد الزاهدين وكذا فى ايام الصيف عند اشتداد الحر واستضرار أولاده بالبيت الشتوي السفلى لعدم نفوذ الهواء البارد فيه ومن البراغيث فى الليل المزعجات عن النوم وانواع الحشرات فيه فلا يجوز حملهم على الزهد بان يتركهم على هذه الحال بل عليه ان يبنى لهم صيفيا علويا لما روينا عن النبي عليه الصلاة والسلام (من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء او غرس غراسا فى غير ظلم ولا اعتداء كان له اجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن) انتهى وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون الرشيد يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان الله لا يحب الظالمين وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ [از پوست چهارپايان] جمع نعم بالفتح وهو مخصوص بالأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والغنم والمعز بُيُوتاً
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت آن درويش كه در كوه خلوت كرده بود إلخ
اخر مغايرة لبيوتكم المعهودة وهى الخيام والقباب والاخبية والفساطيط من الانطاع والادم تَسْتَخِفُّونَها تجدونها خفيفة يخف عليكم نقضها وحملها ونقلها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ اى وقت ترحلكم وسفركم وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وقت نزولكم فى الضرب والبناء وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها جمع صوف ووبر وشعر والكنايات راجعة الى الانعام اى وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل واشعار المعز أَثاثاً اى متاع البيت مما يلبس ويفرش وَمَتاعاً اى شيأ يمتع به بفنون التمتع إِلى حِينٍ الى مدة من الزمان فانها لصلابتها تبقى مدة مديدة قال الجاحظ اتفقوا على ان الضأن أفضل من المعز بدليل الاضحية ويفضل المعز على الضأن لغزارة اللبن وثخانة الجلد وما نقص من ألية المعز يزيد فى شحمه ولذلك قالوا زيادة المعز فى بطنه ولما خلق الله جلد الضأن رقيقا غزر صوفه ولما خلق الله جلد المعز ثخينا قل شعره كذا فى حياة الحيوان فالله تعالى خلق هذه الانعام للانتفاع بجلودها ولحومها وأصوافها واوبارها واشعارها ويجوز الانتفاع بشحوم الميتة وعن جابر بن عبد الله انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة (ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال (لا هو حرام) والاستصباح [چراغ فرا كرفتن] وكما ان هذه الحيوانات وما يتبعها ينتفع بها الإنسان فى سفره وحضره فكذا القوى الحيوانية والحواس الخمس ينتفع بها السالك فى السير الى الله فانها مطية وفى وقت الوقفة للاستراحة والتربية فانها مما لا بد منه لكونها من الأسباب المعينة: قال الكمال الخجندي
با كرم روى واقف اين راه چنين كفت
…
آهسته كه اين ره بدويدن نتوان يافت
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ من غير صنع من قبلكم ظِلالًا جمع ظل وهو ما يستظل به اى أشياء تستظلوا بها من الحر كالغمام والشجر والجبل وغيرها امتنّ سبحانه بذلك لما ان تلك الديار غالبة الحرارة وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً [پوششها] جمع كن وهو ما يستكن فيه اى مواضع تستكنون فيها من الكهوف والغيران والسروب قال عطاء انما انزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى انه تعالى قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل من السهولة أعظم منه ولكنهم كانوا اصحاب جبال وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ جمع سربال وهو كل ما يلبس اى جعل لكم ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها تَقِيكُمُ الْحَرَّ [نكاه ميدارد شما را از ضرر كرما] ولم يذكر البرد لدلالته عليه لانه نقيضه او لان وقايته هى الأهم عندهم لكون البرد يسيرا محتملا بخلاف الديار الرومية فانها غالبة البرودة ولذا قيل الحر يؤذى الرجل والبرد يقتله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره برد الربيع غير مضر لكن هذا فى ديار العرب فان فى برد تلك الديار اعتدالا بخلاف ديارنا وفى الحديث (اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم واجتنبوا برد الخريف فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم) : وفى المثنوى
آن خزان نزد خدا نفس وهواست
…
عقل وجان عين بهارست وبقاست «1»
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم إلخ
مر ترا عقلست جزؤى در نهان
…
كامل العقلي بجو اندر جهان
جزؤ تو از كل او كلى شود
…
عقل كل بر نفس چون غلى شود
پس بتأويل اين بود كانفاس پاك
…
چون بهارست وحيات برك تاك
از حديث أوليا نرم ودرشت
…
تن مپوشان ز انكه دينت راست پشت
كرم كويد سرد كويد خوش بكير
…
تا ز گرم وسرد بجهى واز سعير
كرم وسردش نوبهار زندكيست
…
مايه صدق ويقين بندگيست
ز انكه زان بستان جانها زنده است
…
زين جواهر بحر دل آكنده است
وَسَرابِيلَ ودروعا من الحديد تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ اى البأس والألم الذي يصل الى بعضكم من بعض فى الحرب من الضرب والطعن. والبأس الشدة فى الحرب والقتل والجراحة كما فى التبيان وأول من عمل الدرع دواد عليه السلام فان الله تعالى ألان له الحديد كالشمع كما قال وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ وصحب لقمان داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبس الحرب أنت
چولقمان ديد كاندر دست داود
…
همى آهن بمعجز موم كردد
نه پرسيدش چهـ ميسازى كه دانست
…
كه بي پرسيدنش معلوم كردد
كَذلِكَ كاتمام هذه النعم التي تقدمت يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ يا معشر قريش لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ الإسلام هاهنا بمعنى الاستسلام والانقياد وضع موضع سببه وهو تنظرون وتتفكرون اى ارادة ان تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة والانفسية والآفاقية فتعرفوا حق منعهما فتؤمنوا به وحده وتذروا ما كنتم به نشركون وتنقادوا لأمره فَإِنْ تَوَلَّوْا فعل ماض اى فان اعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك ما القى إليهم من البينات والعبر والعظات وفى صيغة التفعل اشارة الى ان الفطرة الاولى داعية الى الإقبال على الله والاعراض لا يكون الا بنوع تكلف ومعالجة فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى فلا قصور من جهتك لان وظيفتك هى البلاغ الموضح او الواضح وقد فعلته بما لا مزيد عليه فهو من باب وضع السبب موضع المسبب عكس لعلكم تسلمون: قال الشيخ سعدى قدس سره
ما نصيحت بجاى خود كرديم
…
روزكارى درين بسر برديم
كر نيايد بكوش رغبت كس
…
بر رسولان پيام باشد وبس
وقال
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند
…
وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان برآرد خروش
…
كه اوخ چرا حق نكردم بكوش
يَعْرِفُونَ اى بعض المشركين نِعْمَتَ اللَّهِ المعدودة فى هذه السورة ويعترفون انها من الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها بأفعالهم حيث يعبدون غير منعمها او بقولهم انها بشفاعة آلهتنا او بسبب كذا ومعنى ثم استبعاد الإنكار بعد حصول المعرفة وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ اى المنكرون بقلوبهم غير المعترفين بما ذكر وفى التأويلات النجمية يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ
بتعريفك وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بك وبنعمة الله إظهارا للقهر فمن وصل اليه النعمة من يد أحد فلابد من الشكر فانه الواسطة والا فقد تعرض لحرمان كثير من النعم الالهية
چوبيابى تو نعمتى در چند
…
خرد باشد چونقطه موهوم
شكر آن يافته فرو مكذار
…
كه زنا يافته شوى محروم
قال السرى السقطي قدس سره الشكر على ثلاثة أوجه. شكر القلب. وشكر البدن. وشكر اللسان. فشكر القلب ان يعرف العبد ان النعم كلها من الله تعالى. وشكر البدن ان لا يستعمل جارحة من جوارحه الا فى طاعة الله. وشكر اللسان دوام حمد الله- وروى- ان عيسى عليه السلام مرّ بغنى فاخذ بيده فذهب به الى فقير فقال هذا أخوك فى الإسلام وقد فضلك الله عليه بالسعة فاشكر لله على ذلك ثم أخذ بيد الفقير فذهب به الى مريض فقال ان كنت فقيرا فلست بمريض ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا فاشكر لله ثم ذهب بالمريض الى كافر فقال ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا كافرا فاشكر لله فهداهم الى الشكر بطريق المشاهدة ومقابلة حالهم بحال من سواهم ونبههم من الغفلة ليقبلوا على الشكر ويحترزوا عن الكفران واعلم ان الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لا يفارق الثاني بخلاف العكس لان بعض الكفرة قد يكفر بنعمة الله ولا يكفر بالله فيجمع بين الايمان بالله والكفر بنعمته ولذا قال الله تعالى عبارة وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وكنى اشارة عن انه ما يؤمن أقلهم بالله إلا وهم موحدون وهم المؤمنون حقا وصدقا فاولئك هم المخلصون المفلحون وَيَوْمَ نَبْعَثُ اى اذكر يا أفضل الرسل يوم نحشر وهو يوم القيامة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ [از ميان هر كروهى] شَهِيداً نييا يشهد لهم بالايمان والطاعة وعليهم بالكفر والعصيان ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا فى الاعتذار إذ لا عذر لهم. والعذر فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وثم للدلالة على ان ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الاقناط الكلى وهو عند ما يقال لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء عليهم السلام فهى للتراخى الرتبى وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ يسترضون اى لا يقال لهم ارضوا ربكم ولا يطلب منهم ما يوجب العتبى وهى الرضى وذلك لان الرضى انما يكون بالايمان والعمل الصالح والآخرة دار الجزاء لا دار العمل والتكليف والدنيا مزرعة الآخرة فكل بذر فسد فى الأرض وبطل استعداده لقبول التربية ولم يتم امر نباته إذا حصد وحصل فى البيدر لا يفيده اسباب التربية لتغيير أحواله فالارواح بذور فى ارض الأشباح ومربيها ومنبتها وثمرها اعمال الشريعة بشرط الايمان ومفسدها ومبطلها ومغيرها عن أحوالها الكفر واعمال الطبيعة والموت حصادها والقيامة بيدرها: قال الحافظ
كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد
…
روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم
وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا كفروا الْعَذابَ الذي يستوجبونه بظلمهم وهو عذاب جهنم صاحوا وطلبوا من مالك تخفيف العذاب فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ذلك العذاب بعد الدخول وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ اى لا يمهلون قبله ليستريحوا [اى زمانى ايشانرا مهلت ندهند
وبي عذاب نكذارند] فكل من وضع الكفر واعمال الطبيعة موضع الايمان واعمال الشريعة فلا يخفف عنه أثقال الأخلاق الذميمة ولا يؤخر لتبديل مذمومها يمحمودها وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أوثانهم التي عبدوها قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا اى آلهتنا التي جعلناها شركاء الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ اى تعبدهم متجاوزين عبادتك وهو اعتراف بانهم كانوا مخطئين فى ذلك والتماس بتوزيع العذاب بينهم فَأَلْقَوْا اى شركاؤهم إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ يقال ألقيت الى فلان كذا اى قلت اى أنطقهم الله تعالى فاجابوهم بالتكذيب وقالوا لهم إِنَّكُمْ ايها المشركون لَكاذِبُونَ فى ادعائكم اننا شركاء لله إذ ما أمرناكم بعبادتنا وكنا مشغولين بتسبيح الله وطاعته فارغين عنكم وعن أحوالكم كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَأَلْقَوْا اى المشركون إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ الاستسلام والانقياد لحكمه بعد الاستكبار عنه فى الدنيا چون كار ز دست رفت فرياد چهـ سود وَضَلَّ عَنْهُمْ اى ضاع وبطل ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان لله شركاء وانهم ينصرونهم ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرأوا منهم الَّذِينَ كَفَرُوا فى أنفسهم وَصَدُّوا غيرهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر زِدْناهُمْ عَذاباً لصدهم فَوْقَ الْعَذابِ اى كانوا يستحقونه بكفرهم. والمعنى بالفارسية [بيفزاييم ايشانرا عذابى بر عذابى] بِما كانُوا يُفْسِدُونَ اى زدنا عذابهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور قال ابن جبير فى زيادة عذابهم هى عقارب أمثال البغال وحيات أمثال البخت تلسع إحداهن للسعة فيجد صاحبها حميتها أربعين خريفا ويقال يسألون الله تعالى الف سنة المطر ليسكن ما بهم من شدة الحر فيظهر لهم سحابة فيظنون انها تمطر فجعلت السحابة تمطر عليهم بالحيات والعقارب فيشتد المهم لانه إذا جاء الشر من حيث يؤمل الخير كان أغم وقال ابن عباس ومقاتل خمسة انهار من صفر مذاب كالنار تسيل من تحت العرش يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار: يعنى [پنج جوى از روى كداخته بطرف ايشان روان كردد وبسر جوى از ان معذب شوند در مقدار ساعات شبى از شبهاى دنيا وبد وجوى ديكر در مدت اندازه روزى از روزهاى اين جهان] يقول الفقير لعل سر هذا العدد ان اركان الإسلام خمسة لا سيما ان الصلوات الخمس فى تطهير الباطن كالانهار الخمسة الجارية لتطهر الظاهر فلما أضاعوا هذه الأركان وما أقاموها بدل الله بها خمسة انهار من الصفر المذاب ليعذبوابها ولكل عمل جزاء وفاق وَيَوْمَ نَبْعَثُ تكرير لما سبق تثنية للتهديد فِي كُلِّ أُمَّةٍ [وياد كن اى محمد روزيرا كه برانگيزانيم در ميان هر كروهى] شَهِيداً عَلَيْهِمْ اى نبيا مِنْ أَنْفُسِهِمْ من جنسهم قطعا لمعذرتهم لانه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم ولوط عليه السلام لما تأهل فيهم وسكن فيما بينهم كان منهم وفى قوله عليهم اشعار بان شهادة أنبيائهم على الإثم تكون بمحضر منهم وَجِئْنا بِكَ [وبياريم ترا يا محمد] شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ الأمم وشهدائهم كقونه تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً
وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ الكامل فى الكتابية الحقيق بان يخص به اسم الجنس وهو القرآن العظيم تِبْياناً بيانا بليغا لِكُلِّ شَيْءٍ يتعلق بامور الدين ومن ذلك احوال الأمم مع أنبيائهم فان قلت كيف هذا ومعلوم ان اكثر الاحكام غير مبنية فى القرآن ولذلك اختلف العلماء فيها الى قيام الساعة قلت كونه تبيانا لكل شىء من امور الدين باعتبار ان فيه نصا على بعضها واحالة لبعضها على السنة حيث امر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وقيل فيه وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى وحثا على الإجماع وقد رضى رسول الله لامته باتباع أصحابه حيث قال (أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم) وقد اجتهدوا وقاسوا ووطأوا طرق الاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة الى تبيان الكتاب ولم يضر ما فى البعض من الخفاء فى كونه تبيانا فان المبالغة باعتبار الكمية دون الكيفية وَهُدىً وكاملا فى الهداية من الضلالة وَرَحْمَةً للعالمين فان حرمان الكفرة من مغانم آثاره من تفريطهم لا من جهة الكتاب وَبُشْرى وبشارة بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ خاصة وفيه اشارة الى ان فى الكتاب بيان كل شىء يحتاج اليه السالك فى أثناء السلوك والسير الى الله الى ان يصل الى أقصى مقام الكمال المقدر للانسان وهذا الكتاب هاد يهدى الى الله عباده برحمته وبشارة لمن اسلم وجهه لله وتابع النبي صلى الله عليه وسلم بالوصول الى مقام الكمال وحضرة الجلال وكما ان المنزل عليه هو الرسول والبيان من لسانه يؤخذ لا من لسان غيره فكذا الملهم عليه هو وارث الرسول والإرشاد من تربية غيره فمن اسلم اى استسلم وانقاد لتربية الوسائط ولم يتحرك بشئ من عند نفسه كالميت على يد الغسال فقد هدى الى طريق التطهر عن الأدناس النفسانية ووصل الى درجات العارفين: قال الحافظ
من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه
…
قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم
واعلم ان القرآن كاف لاهل الشريعة والحقيقة فمن مشى على ما صرح به وأشار فقد أمن من العثار ومن خرج عن العمل به واتبع نفسه وهواه فقد بعد عن الله وأسخط مولاه قال سهل بن عبد الله اصول الدين على ركنين التمسك بكتاب الله والاقتداء بسنة رسول الله وعن ابى يزيد قدس سره ستة أشياء حصن الأعضاء السبعة استعمال العلم وحسن الأدب ومحاسبة النفس وحفظ اللسان وكثرة العبادة ومتابعة السنة وقال جنيد البغدادي قدس سره مذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وقال على رضى الله عنه الطريق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ فى القرآن بِالْعَدْلِ بان لا تظلموا أنفسكم وغيركم ولا تجوروا اى بالتسوية فى الحقوق فيما بينكم وترك الظلم وإيصال كل حق الى ذى حفه او يأمر بمراعاة التوسط بين الأمور اعتقادا كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك والقول بالكسب المتوسط بين الجبر والقدر وكذا القول بان الله لا يؤاخذ عبده المؤمن بشئ من الذنوب مساهلة عظيمة والقول بانه يخلده فى النار بالمعاصي تشديد عظيم والعدل مذهب اهل السنة وعملا كالتعبد بأداء الفرائض والواجبات المتوسطة بين البطالة والترهب وخلقا كالجود المتوسط بين البخل والتبذير والشجاعة المتوسطة بين
التهور والجبن والواجب معرفة الوسط فى كل شىء فان القصد ممدوح والافراط والتفريط مذمومان وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته فسأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام له (ارفع من صوتك قليلا) ومثله الامام. فانه لا يجهر فوق حاجة الناس ولا يخافت خافضا صوته بحيث يشتبه عليهم تلاوته فيراعى بين ذلك حذا وسطا والا فهو مسيئ وفى التأويلات النجمية العدل صرف ما اعطاك الله من الآلات الجسمانية والروحانية ومن الأموال الدنيوية ومن شرائع الدين واعماله فى طلب الله
والسير منك به اليه لان صرفه فى طلب غيره ظلم: قال الحافظ
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ
…
كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد
وَالْإِحْسانِ وان تحسنوا الأعمال مطلقا لقوله عليه السلام (ان الله كتب الإحسان فى كل شىء) وعن فضيل انه قال لو احسن الرجل الإحسان كله وكان له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها ولم تطعمها الى ان ماتت. وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها- وحكى- ان حضرة الشيخ الشبلي رحمه الله مر فى بعض طرق بغداد بهرّة ترعد من برد الهواء فاخذها وجعلها فى كمه رحمة لها فكان ذلك سبب قبوله عند الله ووصوله الى درجة الولاية ويدخل فيه العفو عن الجرائم والإحسان الى من أساء هر كه سنكت دهد ثمر بخشش والصبر على الأوامر والنواهي وأداء النوافل فان الفرض لا بد من ان يقع فيه تفريط فيجبره الندب وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) كما فى المقاصد الحسنة وايضا الإحسان هو المشاهدة كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك) وليست المشاهدة رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله وسميت هذه الحالة المشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله خيالك فى عينى وذكرك فى فمى وحبك فى قلبى فاين لغيب كذا فى الرسالة الرومية وفى التأويلات النجمية الإحسان ان تحسن الى الخلق بما اعطاك الله وأراك سبل الرشاد فترشدهم وتسلك بهم طريق الحق للوصول او الوصال يدل عليه قوله تعالى وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ انتهى وايضا العدل الاعراض عما سوى الله والإحسان الإقبال على الله وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى القربى بمعنى القرابة اى إعطاء الأقارب ما يحتاجون اليه من المال والدعاء بالخير وهو داخل فى الإحسان وانما أفرد بالذكر إظهارا لجلالة صلة الرحم
وتنبيها على فضيلتها كقوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ والرحم عام فى كل رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث من أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات وغير ذلك وقطع الرحم حرام موجب لسخط الله وانقطاع ملائكة الرحمة عن بيت القاطع والصلة واجبة باعثة على كثرة الرزق وزيادة العمر سريعة التأثير ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام او المكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كما فى شرح الطريقة قال الكاشفى [در فصول عبد الوهاب فرموده كه عدل توحيد است ومحبت خداى واحسان دوستى حضرت پيغمبر وفرستادن صلوات بر او إيتاء ذى القربى محبت اهل بيت است] ودعاء أصحابه رضى الله عنهم وفى التأويلات النجمية اقرب القربى إليك نفسك فصلة رحمها ان تنجيها من المهالك وترجع بها الى مالك الممالك وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ عن الذنوب المفرطة فى القبح قولا وفعلا كالكذب والبهتان والاستهانة بالشريعة والزنى واللواطة ونحوها وفى التأويلات هى ما يحجبك عن الله ويقطعك عنه أياما كان من مال او ولد او نحوهما فانه لا أقبح من الانقطاع عن الله ومثله أسبابه فان ما يجر الى الأقبح أقبح والعياذ بالله تعالى وَالْمُنْكَرِ وعما تنكره النفوس الزاكية السليمة ولا ترتضيه كما فى بحر العلوم او هو الشرك او مما لا يعرف فى شريعة ولا سنة او الإصرار على الذنب او ما أسخط الله تعالى وفى التأويلات ما ينكر به عليك من إضلال اهل الحق واغوائهم واحداث البدع واثارة الفتن كما فى اهالى هذا الزمان خصوصا متصوفهم وَالْبَغْيِ والظلم والاستيلاء على الناس والتطاول عليهم بلا سبب وتجسس عيوبهم وغيبتهم والطعن عليهم والتجاوز من الحق الى الباطل ونحو ذلك وفى التأويلات هو ما ثار من سورة صفات نفسك فيصيب الخلق منك ما يضرهم ويؤذيهم [وآنرا بقوت رياضت ببايد شكست تا قواعد
سلوك درستى يابد زيرا بحكم أعدى عدوك بدترين دشمن نفس است]
اين سك نفس شوم وبدكاره
…
كه در آغوش تست همواره
بدترين قاصديست جان ترا
…
مى خورد مغز استخوان ترا
بيشتر گر ترا ببندد جست
…
محكمش بند كن كه دشمن تست
[در لطائف التقرير در تفسير اين آيت آورده كه استقامت ملك بسه چيز بود واضطراب اين بسه چيز منهى عنه وهر يك أزينها ثمره پس ثمره عدل نصر تست ونتيجه احسان ثنا ومدحست وفائده صله رحم انس والفت اما نتيجه فحشاء فساد دين وثمره منكر برانگيختن اعدا وحاصل بغى محروم ماندن از متمنى] يَعِظُكُمْ [پند ميدهد خداى تعالى شما را] يعنى بامر هذه المستحسنات ونهى هذه المستقبحات لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ طلبا لان تتعظوا فتأتمروا بالأمر وتنتهوا بالنهى وقد امر الله تعالى فى هذه الآية بثلاثة أشياء ونهى عن ثلاثة أشياء وجمع فى هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين وجميع الخصال المحمودة والمذمومة ولذلك قال ابن مسعود رضى الله عنه هى اجمع آية فى القرآن للخير والشر ولذا يقرأها كل خطيب على المنبر فى آخر كل خطبة لتكون عظة جامعة لكل مأمور ومنهى كما فى المدارك
وحين أسقطت من الخطب لعنة اللاعنين لعلى امير المؤمنين رضى الله عنه أقيمت هذه الآية مقامها كما فى بحر العلوم وقال الامام السيوطي فى كتاب الوسائل الى معرفة الأوائل أول من قرأ فى آخر الخطبة (ان الله يأمر بالعدل والإحسان) إلخ عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا تولى عمر الخلافة سنة تسع وتسعين ومدة خلافته سنتان وخمسة أشهر وكان صاحب المائة الاولى بالإجماع. وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ «ق» اى فى آخر الخطبة. وكان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت. وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية. وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح يقول الفقير انظر ان كلامنهم اختار ما يناسب الحال والمقام بحسب اختلاف الزمان والا لكفى لهم الاقتداء بالنبي عليه السلام فى تلاوة سورة «ق» ومنه يعرف استحباب الترضية والتصلية فانها كانت بحسب المصلحة المقتضية لها وهى رد الروافض ومن يتبعهم فى البغض ولا شك ان مثل ذلك من مهمات الدين فليس هذا بمنكر وانما المنكر ترجيعات المؤذنين ولحون الائمة والخطباء بحيث يحرفون الكلم عن مواضعه رعاية للنغمات والمقامات الموسيقية نعم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر. وأول من قرأ فى الخطبة ان الله وملائكته يصلون على النبي الآية المهدى العباسي وعليه العمل فى هذا الزمان اى فى الخطب المطولة واما فى الخطب المختصرة لبعض العارفين فليس ذلك فيه لكن المؤذن يقرأه عند خروج الخطيب والأحوط فى هذا الزمان ان يقرأ عنده ما اختاره حضرة الشيخ وفا قدس سره وهو عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت فاستمعوا وانصتوا رحمكم الله) وذلك لان اكثر المؤذنين اعتادوا فى الآية المذكورة ما يخرجها عن القرآنية من اللحن الفاحش ولنبك على غربة الدين ووحشة اهل اليقين وظهور البدع بين المسلمين وَأَوْفُوا اى استمروا على الإيفاء وهو بالفارسية [وفا كردن] قال الكاشفى [نزول آيت در شان جمعيست كه با حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم در مكه عهد بستند وغلبه قريش وضعف مسلمانان مشاهده كرده جزع واضطراب در ايشان پديد آمد شيطان خواست كه ايشانرا بفريبد تا نقض عهد پيغمبر كنند حق سبحانه وتعالى بدين آيت ايشانرا ثابت قدم كردانيد وفرموده كه وفا كنيد] بِعَهْدِ اللَّهِ وهو البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فانها مبايعة لله تعالى لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ لان الرسول فان فى الله باق بالله وفى الحديث (الحجر الأسود يمين الله فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله) والمبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية ثم هو عام لكل عهد يلتزمه الإنسان باختياره لان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم إِذا عاهَدْتُمْ إذا عاقدتم وواثقتم والعهد العقد والميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ التي تحلفون بها عند المعاهدة اى لا تحنثوا فى الحلف بَعْدَ تَوْكِيدِها
حسبما هو المعهود فى أثناء العهود اى توثيقها بذكر الله وتشديدها باسمه كما فى بحر العلوم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد بالايمان الأشياء المحلوف عليها كما فى قوله عليه السلام (من حلف على يمين) إلخ لانه لو كان المراد باليمين ذكر اسم الله فهو غير التأكيد لا المؤكد فتأمل وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا شاهدا رقيبا فان الكفيل من يراعى لحال المكفول به محافظة عليه إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ من نقض الايمان والعهود فيجازيكم على ذلك واعلم ان الوفاء تأدية ما أوجبت على نفسك اما بالقبول او بالنذر وعن بعض المتكلمين إذا رأيتم الرجل اعطى من الكرامات حتى يمشى على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه فى حفظ الحدود والوفاء بالعهود ومتابعة الشريعة قيل لحكيم أي شىء اعمل حتى أموت مسلما قال لا تصحب مع الله الا بالموافقة ولا مع الخلق الا بالمناصحة ولا مع النفس الا بالمخالفة ولا مع الشيطان الا بالعداوة ولا مع الدين الا بالوفاء وفى التأويلات النجمية وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ بائتمار أوامر الله وانتهاء نواهيه إِذا عاهَدْتُمْ مع الله يوم الميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ مع الله بَعْدَ تَوْكِيدِها وهو اشهادكم على أنفسكم وقولكم بلى شهدنا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا بجزاء وفائكم وهو تكفل منكم بالوفاء بما عهد معكم على الجزاء كما قال وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وتفصيل الوفاء من الله والعبد ما شرح النبي صلى الله عليه وسلم فى حديث معاذ رضى الله عنه فقال (هل تدرى يا معاذ ما حق الله على الناس) قال قلت الله اعلم ورسوله قال (حقه عليهم ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ) اى يطلبوه بالعبادة ولا يطلبوا معه غيره ثم قال (أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك) قال قلت الله ورسوله اعلم قال (فان حق الناس على الله ان لا يعذبهم) يعنى بعذاب الفراق والقطيعة بل يشرفهم بالوجدان والوصال كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) وفى المثنوى
ما درين دهليز قاضىّ قضا
…
بهر دعوىّ ألستم وبلى «1»
چون بلى گفتيم آنرا ز امتحان
…
فعل وقول ما شهود است وبيان
از چهـ در دهليز قاضى تن زديم
…
نى كه ما بهر كواهى آمديم
تا كه ندهى آن كواهى اى شهيد
…
تو ازين دهليز كى خواهى رهيد
فعل وقول آمد كواهان ضمير
…
هر دو پيدايى كند سر ستير «2»
جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت
…
كى تواند صيد دولت زو كريخت «3»
پس پيمبر كفت بهر اين طريق
…
با وفاتر از عمل نبود رفيق «4»
گر بود نيكى ابد يارت شود
…
ور بود بد در لحد مارت شود
وَلا تَكُونُوا ايها المؤمنون فى نقض العهد كَالَّتِي كالمرأة التي نَقَضَتْ النقض فى البناء والحبل وغيره ضد الإبرام كما فى القاموس. وبالفارسية [شكستن پيمان و پشم باز كردن يا ريسمان] غَزْلَها الغزل [ريسمان رستن] وهو هاهنا مصدر بمعنى المغزول اى ما غزلته من صوف وغيره مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ متعلق بنقضت اى من بعد إبرام ذلك الغزل وأحكامه فجعلته أَنْكاثاً حال من غزلها جمع نكث بمعنى المنكوث وهو كل ما ينكث فتله اى يحل
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان نواختن مصطفى عليه السلام مهمان را ومسلمان شدن إلخ.
(2)
لم نجد بعينه.
(3)
در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.
(4)
در أوائل دفتر پنجم در بيان معنى حديث شريف لا بد من قرين يدفن معك إلخ.
غزلا كان او حبلا. والمعنى طاقات نكشت فتلها والمراد تقبيح حال النقض بتشبيه حال الناقض بمثل هذه المرأة المعتوهة من غير تعيين إذ لا يلزم فى التشبيه ان يكون للمشبه به وجود فى الخارج وقال الكلبي ومقاتل هى ربطة بنت سعد بن تيم القرشية المكية وكانت خرقاء موسوسة اتخذت مغزلا قدر ذراع وستارة مثل إصبع وهى بالكسر الحديدة فى رأس المغزل وفلكة عظيمة على قدرها فكانت تغزل هى وجواريها من الغداة الى نصف النهار تأمرهن بنقض جميع ما غزلن قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى تشبيه ميفرمايد شكستن عهد را به پاره كردن رسن وميفرمايد كه چنانچهـ آن زن حمقا رسن تاب داده خود را ضايع ميكند مردم عاقل بايد كه هر رشته خود بسر انكشت نقض پاره نكند تا بحكم وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ جزاء وفا بيايد
كرت هوا است كه دلدار نكسلد پيمان
…
نكاه دار سر رشته تا نكهدارد
تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ حال من الضمير فى لا تكونوا اى مشابهين بامرأة شأنها هذا حال كونكم متخذين ايمانكم مفسدة ودخلا بينكم واصل الدخل ما يدخل فى الشيء ولم يكن منه أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ اى بسبب ان تكون جماعة قريش هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أزيد عدد وأوفر مالا من جماعة المؤمنين وهذا نهى لمن يحالف قوما فان وجد أيسر منهم واكثر ترك من حالف وذهب اليه. ومحل هى اربى من امة نصب خبر كان وفى المدارك هى اربى مبتدأ وخبر فى موضع الرفع صفة لامة وامة فاعل يكون وهى تامة إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ اى بان تكون امة هى اربى من امة اى يعاملكم بذلك معاملة من يختبركم لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وبيعة رسوله أم تغترون بكثرة قريش وشوكتهم وقلة المؤمنين وضعفهم بحسب ظاهر الحال والظبى وان كان واحدا فهو خير من قطيع الخنزير والسواد الأعظم هو الواحد على الحق ويقال سمى الدجال دجالا لانه يغطى الأرض بكثرة جموعه ولا يلزم منه كونه على الحق وأفضل من فى الأرض يومئذ لان الله تعالى لا ينظر الى الصور والأموال بل الى القلوب والأعمال فاذا كانت للناس قلوب واعمال صالحة يكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لهم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا: قال الشيخ سعدى قدس سره
ره راست بايد نه بالاى راست
…
كه كافر هم از روى صورت چوماست
وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فى الدنيا إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب وهو إنذار وتخويف من مخالفة ملة الإسلام ودين الحق فانها مؤدية الى العذاب الابدى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مشيئة قسر والجاء لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً متفقة على الإسلام وَلكِنْ لا يشاء ذلك لكونه مزاحما لقضية الحكمة بل يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الضلال حسبما يصرف اختياره الجزئى اليه وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته حسبما يصرف اختياره الى تحصيلها فالاضلال والهداية مبنيان على الاختيار. وفيه سر عظيم لا يعرفه الا الأخيار وَبالله لَتُسْئَلُنَّ جميعا يوم القيامة سؤال تبكيت ومجازاة لا سؤال تفهم عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الوفاء والنقض ونحوهما فتجزون به واعلم ان العهود مواطنها لكثيرة ومن العهود
الحقة ما يجرى بين المريدين الصادقين والشيوخ الكاملين من البيعة وهى لازمة حتى يلقوا الله تعالى وفى الآية اشارة الى المريد الذي تعلق بذيل ارادة صاحب ولاية من المشايخ وعاهده على صدق الطلب والثبات عليه عند مقاساة شدائد المجاهدات والتصبر على مخالفات النفس والهوى وملازمات الصحبة والانقياد للخدمة والتحمل على الاخوان وحفظ الأدب معهم ففى أثناء تحمل هذه المشاق تسأم نفسه وتضعف عن حمل هذه الأثقال فينقض عهده ويفسخ عزمه ويرجع قهقرى ثم يتخذ ما كان اسباب طلب الله من الارادة والمجاهدة ولبس الخرقة وملازمة الصحبة والخدمة والفتوحات التي فتح الله له فى أثناء الطلب والسير آلات طلب الدنيا وأدوات تحصيل شهوات نفسه بالتصنع والمرأة والسمعة ابتلاء من الله إظهارا للعزة إذا عظمت النفس وشهواتها فى نظر النفس وأعرضت عن الله فى طلبها فمثل هذا حسبه جهنم البعد والقطيعة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره هنا رجل ابن ابن المولى جلال يقال له ديوانه چلبى يأكل ويشرب ويشتغل بالشهوات ويزعم ان له نظرا الى الحقيقة من المظاهر حفظنا الله تعالى من الإلحاد ففى حالة الاحتضار استغفر وقال يا حسرتا لم أعرف الطريق ويرجى ان يعفى لسبق ندامته وكان له كشوف سفلية وقطع بخطوة واحدة سبعين خطوة واكثر ولكن الكشوف السفلية مثلها مما كان فى مرتبة الطبيعة غير مقبولة بل هى من الشيطان وعوام الناس يعدون اصحاب أمثال هذه الكشوف الشيطانية الاقطاب بل الغوث الأعظم لكونهم على الجهل الجمادى لا يميزون بين الخير والشر ولصعوبة هذا الأمر قال المولى الجامى قدس سره فى بعض رباعياته.
در مسجد وخانقه بسى كرديدم
…
بس شيخ ومريد را كه پابوسيدم
نه يكساعت از هستى خود رستم
…
نه آنكه ز خويش رسته باشد ديدم
اللهم اعصمنا من الدعوى واجعلنا من اهل التقوى وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ مكرا وغدرا فَتَزِلَّ [بلغزد] نصب فى جواب النهى قَدَمٌ اى أقدامكم ايها المؤمنون عن محجة الحق بَعْدَ ثُبُوتِها عليها ورسوخها فيها بالايمان وافراد القدم وتنكيرها للايذان بان زلل قدم واحدة اىّ قدم كانت عزت او هانت محذور عظيم فكيف باقدام كثيرة وَتَذُوقُوا السُّوءَ أي العذاب الدنيوي بِما صَدَدْتُمْ بصدودكم وخروجكم او بصدكم ومنعكم غيركم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي ينتظم الوفاء بالعهود والايمان فان من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنة لغيره وَلَكُمْ فى الآخرة عَذابٌ عَظِيمٌ شديد وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ اى لا تأخذوا بمقابلة عهده تعالى وبيعة رسوله ثَمَناً قَلِيلًا اى لا تستبدلوا بها عوضا يسيرا وهو ما كانت قريش يعدون ضعفة المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد من حطام الدنيا إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ من النصر والتغنيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مما يعدونكم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى ان كنتم من اهل العلم والتمييز ما عِنْدَكُمْ من اعراض الدنيا وان كثرت يَنْفَدُ يفنى وينقضى وَما عِنْدَ اللَّهِ من انواع رحمة المخزونة باقٍ لا نفاد له وهو حجة على الجهمية لأنهم يقولون بان نعيم الجنة يتناهى وينقطع وَلَنَجْزِيَنَّ
اى والله لنعطين الَّذِينَ صَبَرُوا على اذية المشركين ومشاق الإسلام التي من جملتها الوفاء بالعهود والفقر أَجْرَهُمْ الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة وهو مفعول ثان لنجزين بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لنجزينهم بما كانوا يعملونه من الصبر المذكور وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما فى قوله تعالى وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ فقد علم من الآيات ان للوفاء بالعهد والثبات على الايمان والصبر على المشاق ثمرات دنيويه واخروية. فعلى العاقل ان لا ينقض المعاهدة التي بينه وبين الله وكذا بين العلماء العاملين والصلحاء الكاملين وعن بعض اهل العلم كنت بالمصيصة فاذا برجلين يتكلمان فى الخلوة مع الله تعالى فلما أرادا ان ينصرفا قال أحدهما للآخر تعال نجعل لهذا العلم ثمرة ولا يكون حجة علينا فقال له اعزم على ما شئت فقال ان لا آكل ما لمخلوق فيه صنع قال فتبعتهما وقلت انا معكما فقالا على الشرط قلت على أي شرط شرطتما فصعدا جبل لكام ودلانى على كهف وقالا تعبد فيه فدخلت فيه وجعل كل واحد يأتينى بما قسم الله تعالى وبقيت مدة ثم قلت الى متى أقيم هاهنا انا أسير الى طرطوس وآكل من الحلال واعلم الناس العلم واقرئ القرآن فخرجت ودخلت طرطوس وأقمت بها سنة فاذا انا برجل منهما قد وقف علىّ وقال يا فلان خنت فى عهدك ونقضت الميثاق ألا انك لو صبرت كما صبرنا لوهب لك ما وهب لنا قلت ما الذي وهب لكما قال ثلاثة أشياء طى الأرض من المشرق الى المغرب بقدم واحد والمشي على الماء والحجبة إذا شئنا ثم احتجب عنى ففى هذه الحكاية ما يغنى العاقل عن التصريح فانظر الى ذلك العالم كيف اختار ما عند الناس فحرم مما عند الله من الكرامات والكمالات وذلك ان نقض العهد بسبب عرض دنيوى فى صورة امر دينى فان التعليم واقرأ الناس وان كان من الأمور الاخروية الا انه لا بد لطالب الحق حين تخليه وانقطاعه من التجرد عن كل اسم ورسم وصورة: فان قيل منصب تعليم نوع شهوتيست وما يعقل هذا المقام الا العالمون وفى المثنوى
كر نبودى امتحان هر بدى
…
هر مخنث دروغا رستم بدى
خود مخنث را زره پوشيده گير
…
چون به بيند زحم كردد چون أسير
ونعم ما قيل وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زل عند الامتحان فقد افتضح وذاق وجع القطيعة والفراق وماله من خلاق ومن ثبت وصبر وافتكر العاقبة ظفر بالمراد وجوزى جزاء لا يعلمه الا رب العباد فانه أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مَنْ [هر كه] عَمِلَ [بكند] صالِحاً اى عملا صالحا اى عمل كان وهو ما كان لوجه الله تعالى ورضاه ليس فيه هوى ولا رياء والفرق بينهما ان الهوى بالنسبة الى النفس والرياء بالنسبة الى الخلق مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى اى حال كون ذلك العامل من رجل او امرأة بينه بالنوعين ليعمهما الوعد الآتي ولا يتوهم التخصيص بالذكور بناء على كثرة استعمال لفظ من فيهم وان الإناث لا يدخلن فى اكثر الاحكام والمحاورات آلا بطريق التغليب او التبعية وَهُوَ اى والحال ان ذلك العامل
مُؤْمِنٌ قيده به إذ لا اعتداد باعمال الكفرة فى استحقاق الثواب وانما المتوقع عليها تخفيف العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى يأمر بالكافر السخي الى جهنم فيقول لمالك خازن جهنم عذبه وخفف عنه العذاب على قدر سخائه الذي كان فى دار الدنيا) كما فى تفسير السمرقندي ويؤيده ما قيل انه لما عرج النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال جبرائيل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فى الدنيا يعيش عيشا طيبا لانه ان كان موسرا فظاهر وان كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة والرضى بالقسمة وتوقع الاجر العظيم فى الآخرة كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله بخلاف الفاجر فانه ان كان معسرا فظاهر وان كان موسرا فلا يدعه الحرص وخوف الفوت ان يتهنأ بعيشه وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ولنعطينهم فى الآخرة أجرهم الخاص بهم بما كانوا يعملون من الصالحات وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما سبق فى حق الصابرين وفى التأويلات النجمية يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس فالعمل الصالح من النفس استعمال الشريعة بتقوى الله وصدقه على وفق الطريقة تزكية عن صفاتها الذميمة وافعالها الطبيعية والعمل الصالح من القلب حسن توجهه الى الله بالكلية لطلب الله والاعراض عما سواه تصفية للتحلية بصفات الله والتخلق بأخلاقه وبقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً يشير الى احياء كل واحد منهما بالحياة الطيبة على قدر صلاحية عمله وحسن استعداد فى قبولها فاحياء النفس بالحياة الطيبة ان تصير مزكاة عن صقاتها متحلية بأخلاق القلب الروحاني مطمئنة بذكر الله راجعة الى ربها راضية مرضية واحياء القلب بالحياة الطيبة ان يصير متخلقا بأخلاق الله ويكون فانيا عن انانيته بهويته حيا بحياته طيبا عن دنس الاثنينية ولوث الحدوث فان الله طيب عن هذه الأوصاف فلا يقبل إلا طيبا ثم اعلم ان صلاحية اعمال العباد انما تكون على قدر صدقهم فى المعاملات وحسن استعدادهم فى قبول الفيض الإلهي فيكون طيب حياتهم بإحياء الله إياهم بحسب ذلك ولنجزينهم فى الآخرة اجر كل طائفة منهم باوفر ما كانوا يظنون ان يجازيهم الله على أعمالهم بيانه قوله وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وعن بعض اصحاب الامام احمد بن حنبل رحمه الله قال لما مات احمد رأيته فى المنام وهو يمشى ويتبختر فى مشيه فقلت له يا أخي أي مشية هذه قال مشية الخدام فى دار السلام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لى وألبسني تعلين من ذهب وقال هذا جزاء قولك القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وقال يا احمد قم حيث شئت فدخلت الجنة فاذا سفيان الثوري رحمه الله له جناحان أخضران يطير بهما من نخلة الى نخلة وهو يقرأ هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فقلت له أي شىء خبر عبد الواحد الوراق رحمه الله قال تركته فى بحر من النور يراد به الملك الغفور فقلت ما فعل بشر بن الحارث رحمه الله فقال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدى الجليل والجليل سبحانه مقبل عليه وهو يقول كل يا من لم
يأكل واشرب
يا من لم يشرب وتنعم يا من لم يتنعم وقال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا إسحاق ابراهيم بن على ابن يوسف الشيرازي رحمه الله فى المنام بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم فعلم من هذا المذكور ان من عمل صالحا لا بد ان يصل اليه جزاء عمله وان الجزاء من جنس العمل وانه يختلف بحسب اختلاف حال العامل فعلى العاقل المبادرة الى الأعمال الصالحة والصبر على مشاق الطاعات الى ان يجيئ وعد الله تعالى قال الحافظ
صبر كن حافظ بسختى روز وشب
…
عاقبت روزى بيابى كام را
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ اى أردت قراءته عبر عن الارادة بالقراءة على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب إيذانا بان المراد هى الارادة المتصلة بالقراءة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى فاسأله تعالى ان يعيذك ويحفظك مِنَ الشَّيْطانِ البعيد عن الخير الرَّجِيمِ المرجوم بالطرد واللعن اى من وساوسه وخطراته كيلا يوسوسك عند القرآن فان ناصية كل مخلوق بيده او قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو المختار من الروايات الأربع عشرة الواردة فى ألفاظ الاستعاذة كما فى تفسير خواجه پارسا قدس سره إِنَّهُ اى الشيطان او الشان لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ تسلط وولاية عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ على اولياء الله المؤمنين به والمتوكلين عليه فان وسوسته لا توثر فيهم لما امر القارئ بان يسأل الله تعالى ان يعيذه من وساوسه وتوهم منه ان له تسلطا وولاية على إغواء بنى آدم كلهم بين الله تعالى ان لا تسلط له على المؤمنين المتوكلين فقوله انه إلخ فى معرض التعليل للامر باللاستعاذة واشارة الى ان مجرد القول لا ينفع بل لا بد لمن أراد ان لا يكون للشيطان سبيل عليه ان يجمع بين الايمان والتوكل إِنَّما سُلْطانُهُ اى تسلطه وغلبته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والإلجاء فانه منتف عن الفريقين لقوله تعالى حكاية عنه وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي وقد افصح عنه قوله تعالى عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ اى يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فان المقسور بمعزل عن ذلك كذا فى الإرشاد وهو جواب عما قال السمرقندي فى تفسيره من ان فى بناء الكلام على الحصر والاختصاص ردا للشيطان فى قوله للكفرة فى جهنم وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ وتكذيباله انتهى وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ سبحانه وتعالى مُشْرِكُونَ مثبتون الشريك فى الالوهية او بسبب الشيطان إذ هو الذي حملهم على الإشراك بالله قال فى التأويلات النجمية الخطاب فى هذه الآية مع الامة وان خص النبي صلى الله عليه وسلم لان الشيطان كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وهو أحد تابعيه فكيف يقدر على ان يدور اليه سيما اسلم شيطانه على يده صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله (انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) يعنى سلطان نور الايمان والتوكل غالب على سلطان وسوسة الشيطان فاذا كان هذا حال الامة مع الشيطان فكيف يكون حال النبوة معه فثبت ان المراد بالخطاب الامة وانما خص النبي صلى الله عليه وسلم به لتعتبر الامة وتتنبه ان مثل النبي صلى الله عليه وسلم مهما
يكن مأمورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فتكون الامة بها اولى وأحق قال بعضهم هل المراد كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضره شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله عليه وسلم فان قريته لما اسلم تعين ان يكون الاستعاذة من إبليس او أكابر جنوده وتخصيص الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن من الشيطان الرجيم لمعان وفوائد أولها كى يتذكر القارئ واقعة الشيطان وبتفكر فى امره انه انما صار شيطانا رجيما بعد ان كان ملكا كريما لانه فسق عن امر ربه وخالفه وابى ان يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين اى فصار من الكافرين فيتنبه بذلك عند قراءة القرآن ويصفى نيته قبل القراءة على ان يأتمر بما امره الله فى القرآن وينتهى عما نهاه عنه احترازا عن المخالفة
فان فيها الطرد واللعن والرجم والفسق والكفر وانها مظنة للخلود فى النار وثانيها لان العبد لا يخلو من حديث النفس وهواجسها ومن إلقاء الشيطان ووساوسه وقلبه لا بد يتشوش بذلك فلا يجد حلاوة كلام الله فامر بالاستعاذة وتزكيته للنفس عن هواجسها وتصفيته للقلب عن وساوس الشيطان ليتجلى بنور القرآن فان التجلية تكون بعد التزكية والتصفية وثالثها لان فى كل كلمة من كلمات القرآن لله تعالى إشارات ومعانى وحقائق لا يفهمها الا قلب مطهر عن تلوثات الهواجس والوساوس معطر بطيب أنفاس الحق وذلك مودع فى الاستعاذة بالله فامر بها لحصول الفهم- وروى- جبير بن مطعم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فقال (الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه) قال ابن مسعود رضى الله عنه نفخه الكبر ونفثه الشعر وهمزه الموتة يعنى الجنون وفى قوله إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ الآية اشارة الى ان تصرف الشيطان وقدرته بالإغواء والإضلال على الإنسان انما ينقطع بقدر نور الايمان وقوة التوكل فمهما يكمل الايمان والتوكل يكون المؤمن زاهدا عن الدنيا راغبا فى الآخرة متبتلا الى الله تعالى فلا يبقى للشيطان عليه سلطان فى إضلاله واغوائه ولكن يأول امره الى الوسوسة وفيها صلاح المؤمن فان إبريز اخلاص قلبه عن غش صفات نفسه لا يتخلص الا بنار وسوسة الشيطان لانه يطلع على بقايا صفات نفسه بما تكون الوسوسة من جنسه فيزيد فى الرياضة ومجاهدة النفس وملازمة الذكر فبها تنقص وتنمحى بقية صفات النفس ويزداد نور الايمان وقوة التوكل وقربة الحق وقبوله وفى بعض الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان إبليس قال يا رب قلت فى كتابك ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فمن هم فقال تعالى من كان نور وجهه من عرشى وطينه من طين ابراهيم ومحمد عليهما السلام وقلبه خزينتى قال إبليس فمن هم فقال تعالى من كان نادما على ذنبه وخائفا من خاتمته فنور وجهه من نور عرشى ومن كان يطعم الطعام ويرحم العباد فطينه من طينهما ومن كان راضيا بحكمي مسارعا الى ابتغاء مرضاتى فقلبه خزينتى) وفى الخبر (إذا لعن المؤمن
شيطانا يقول لعنت لعينا وإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول قصم ظهرى لانه يحيل الى القادر) وفى الخبر (من استعاذ بالله فى اليوم عشر مرات من الشيطان وكل الله به ملكا يرد عنه الشياطين) : قال الحافظ
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست
…
هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
واعلم ان الاستعاذة واجبة على كل من شرع فى قراءة القرآن سواء بدأ من أوائل السور او من اجزائها مطلقا وان أراد به افتتاح الكتب او الدرس كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ كذا فى أنوار المشارق. والوجوب مذهب الجمهور كما فى الإرشاد وقال الفنارى فى تفسير الفاتحة والاستعاذة غير واجبة عند الجمهور والأمر فى فاستعذ للندب انتهى وقال الكاشفى فى تفسيره [وامر باستعاذه قبل از قراءت بقول جمهور امر استحبابست وباختيار جمعى از كبرا بر سبيل إيجاب. در تفسير قرطبى قولى هست كه استعاذه بر حضرت رسول صلى الله عليه وسلم تنها فرض بوده بوقت قراءت واقتداء امت برو بر سبيل سنت است] انتهى والتعوذ فى الصلاة ينبغى ان يكون واجبا لظاهر الأمر الا ان السلف اجمعوا على سنته كما فى الكافي قال القرطبي ابو حنيفة والشافعي رحمهما الله يتعوذان فى الركعة الاولى فى الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها قراءة واحدة كما فى حواشى سعدى المفتى. والغرض نفى الوسوسة فى التلاوة فشرع لافتتاح القراءة قال جعفر الصادق رضى الله عنه ان التعوذ تطهير الفم عن الكذب والغيبة والبهتان تعظيما لقراءة القرآن
زبان آمد از بهر شكر وسپاس
…
بغيبت نكرداندش حق شناس
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ قال سلطان المفسرين ترجمان القرآن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية فيها شدة أخذ الناس بها وعملوا ما شاء الله ان يعملوا فيشق ذلك عليهم فينسخ الله هذه الشدة ويأتيهم بما هو ألين منها وأهون عليهم رحمة من الله تعالى فيقول لهم كفار قريش ان محمدا يسخر بأصحابه يأمرهم اليوم بامر وينهاهم عنه غدا ويأتيهم بما هو أهون عليهم وما هو الا مفتر يقوله من تلقاء نفسه. والمعنى إذا أنزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلا منها بان نسخناها وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ جملة معترضة بين الشرط وجوابه وهو قالوا لتوبيخ الكفرة على قولهم والتنبيه على فساد سندهم اى اعلم بما ينزل اولا وآخرا من الاحكام والشرائع التي هى مصالح ورب شىء يكون مصلحة فى وقت يكون مفسدة فى وقت آخر فينسخه ويثبت مكانه ما يكون مصلحة لخلقه قالُوا اى الكفرة إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ على الله متقول من عند نفسك بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان الله امر بأشياء نظرا لصلاح عباده وأقلهم يعلم الحكمة فى النسخ ولكن ينكر عنادا قُلْ
ردا عليهم نَزَّلَهُ اى القرآن المدلول عليه بالآية رُوحُ الْقُدُسِ اى الروح المقدس المطهر من الأدناس البشرية وهو جبريل عليه السلام واضافة الروح الى القدس وهو الطهر كاضافة حاتم الى الجود حيث قيل حاتم الجود للمبالغة فى ذلك الوصف كأنه طبع منه فالمراد الروح
المقدس وحاتم الجواد وفى صيغة التفعيل فى الموضعين اشعار بان التدريج فى الانزال مما يقتضيه الحكمة البالغة مِنْ رَبِّكَ من سيدك ومتولى أمرك بِالْحَقِّ فى موقع الحال اى نزله ملتبسا بالحق الثابت الموافق للحكمة المقتضية له بحيث لا يفارقها إنشاء ونسخا وفيه دلالة على ان النسخ حق لِيُثَبِّتَ الله تعالى او جبريل مجازا الَّذِينَ آمَنُوا على الايمان بانه كلامه فانهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية المصالح اللائقة بالحال رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم على ان الله حكيم فلا يفعل الا ما هو حكمة وصواب وَهُدىً من الضلالة وَبُشْرى بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ المنقادين لحكمه تعالى وهما معطوفان على محل ليثبت والتقدير تثبيتا لهم وهداية وبشارة. وفيه تعريض بحصول أضداد الأمور المذكورة لمن سواهم من الكفار قال فى التأويلات النجمية ان الله تعالى هو الطبيب والقرآن هو الدواء يعالج به من مرض القلوب كقوله تعالى وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ كما ان الطبيب يداوى المريض كل وقت بنوع من الادوية على حسب المزاج والعلة لازالتها ويبدل الاشربة والمعاجين بنوع آخر وهو اعلم بالمعالجة من غيره وكذلك الله عز وجل يعالج قلوب العباد بتبديل آية وإنزال آية مكانها والله اعلم بما ينزل ويعالج به العبد فالذين لا يعلمون قوانين الأمراض والمعالجات يحملون ذلك على الافتراء وفى التنزيل والتبديل تثبيت الايمان فى قلوب المؤمنين بازالة امراض الشكوك عن قلوبهم فان القرآن شفاء وهدى لصحة الدين وسلامة القلوب وبشارة للمسلمين الذين استسلموا للطبيب والمعالجة لصحة دينهم وكان الصحابة رضى الله عنهم يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون فى العمل بها فان المقصود من القرآن العمل به- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال علمنى مما غلمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حتى بلغ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فقال الرجل حسبى فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال (دعوه فقد فقه الرجل) : قال الشيخ سعدى قدس سره
علم چندانكه بيشتر خوانى
…
چون عمل در تو نيست نادانى
نه محقق بود نه دانشمند
…
چارپايى برو كتابى چند
آن تهى مغز را چهـ علم وخبر
…
كه برو هيزم است ويا دفتر
وقال [عالم ناپرهيزكار كوريست شعله دار. بي فائده هر كه عمر دريافت چيزى نخريد وزر بينداخت] اى أضاع المال ولم يكن على شىء نسأل الله التوفيق للتقوى والعمل بالقرآن فى كل مكان وزمان وَلَقَدْ نَعْلَمُ ادخل قد توكيدا لعلمه بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد إذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق أَنَّهُمْ اى كفار مكة يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ اى القرآن بَشَرٌ قال الامام الواحدي فى اسباب النزول عن عبيد بن مسلمة قال كان لنا غلامان نصرانيان من اهل عين التمر اسم أحدهما يسار
والآخر جبر وكانا صيقلين [يعنى شمشيرها را صيقل زدندى] فكانا يقرآن كتابا لهم بلسانهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما ويسمع قراءتهما فكان المشركون يقولون يتعلم منهما فانزل الله تعالى هذه الآية وأكذبهم فالمراد بالبشر ذانك الغلامان لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ مبتدأ وخبر وكذا ما بعده لابطال طعنهم. والإلحاد الامالة من ألحد القبر إذا مال حفره عن الاستقامة فحفر فى شق منه ثم استعير لكل امالة عن الاستقامة فقالوا ألحد فلان فى قوله وألحد فى دينه ومنه الملحد لانه امال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين الى دين والأعجمي هو الذي لا يفصح وان كان عربيا والعجمي المنسوب الى العجم وان كان فصيحا. والمعنى لغة الرجل الذي يميلون اليه القول عن الاستقامة ويشيرون اليه انه يعلم محمدا أعجمية غير بينة وَهذا القرآن الكريم لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة فكيف يصدر عن أعجم. يعنى ان القرآن معجز بنظمه كما انه معجز بمعناه لاشتماله على الاخبار عن الغيب فان زعمتم ان بشرا يعلمه معناه فكيف يعلمه هذا النظم الذي أعجز جميع اهل الدنيا وفى التأويلات النجمية الأعجمي هو الذي لا يفهم من كلام الله تعالى ما أودع الله فيه من الاسرار والإشارات والمعاني والحقائق فانه لا يحصل ذلك الا لمن رزقه الله فهما يفهم به واللسان العربي هو الذي يسره الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وبين له معانيه وحقائقه كما قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ وقال فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
فالعربى المبين هو الذي أعطاه الله قلبا فيهما ولسانا مبينا فافهم جدا إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى لا يصدقون انها من عند الله بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء واخرى أساطير معلمة من البشر لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ الى سبيل النجاة هداية موصلة الى المطلوب لما علم انهم لا يستحقون ذلك لسوء حالهم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك بجهت كفر ايشان بقرآن ونسبت افتراء بحضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم وحال آنكه مفترى ايشانند] إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ التصريح بالكذب للمبالغة فى بيان قبحه والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وفاعل يفترى هو قوله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ رد لقولهم انما أنت مفتر يعنى انما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لانه لا يترقب عقابا عليه ليرتدع عنه واما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن ان يصدر عنه افتراء البتة قال فى التأويلات النجمية وجه الاستدلال ان الافتراء من صفات النفس الامارة بالسوء وهى نفس الكافر الذي لا يؤمن بآيات الله فان نفس المؤمن مأمورة لوامة ملهمة من عند الله مطمئنة بذكر الله ناظرة بنور الله مؤمنة بآيات الله لان الآيات لا ترى الا بنور الله كما قال صلى الله عليه وسلم (المؤمن ينظر بنور الله) فاذا كان من شأن المؤمن ان لا يفترى الكذب إذ هو ينظر بنور الله فكيف يكون من شأن رسول الله ان يفترى الكذب وهو نور من الله ينظر بالله وَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من عدم الايمان بآيات الله هُمُ الْكاذِبُونَ على الحقيقة لا على الزعم بخلاف رسول الله صلى الله
عليه وسلم فان حاله على العكس او الكاملون فى الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيب آياته والطعن فيها بامثال هاتيك الأباطيل. فاللام للجنس والحقيقة ويدعى قصر الجنس فى المشار إليهم مبالغة فى كمالهم فى الكذب وعدم الاعتداد بكذب غيرهم قال فى الإرشاد الضر فى ذلك ان الكذب الساذج الذي هو عبارة عن الاخبار بعدم وقوع ما هو واقع فى نفس الأمر بخلق الله تعالى او بوقوع ما لم يقع كذلك مدافعة لله تعالى فى فعله فقط والتكذيب مدافعة له سبحانه فى فعله وقوله المنبئ عنه معا انتهى قيل للنبى صلى الله عليه وسلم المؤمن يزنى قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يسرق قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يكذب قال (لا) ويكفى فى قبح الكذب ان الشيطان استثنى العباد المخلصين من اهل الإغواء ولم يكذب فانه يعلم ان وسوسته لا تؤثر فيهم قال ارستطاليس فضل الناطق على الأخرس بالنطق وزين النطق الصدق والأخرس والصامت خير من الكاذب
بهائم خموشند وكويا بشر
…
پراكنده كوى از بهائم بتر
وقد قالوا النجاة فى الصدق كما ان الهلاك فى الكذب- خطب الحجاج- يوما فاطال فقام رجل وقال الصلاة الصلاة الوقت يمضى ولا ينتظرك يا امير الحبشة فقال قومه انه مجنون قال ان أقر بجنته فقيل له فقال معاذ الله ان أقول ابتلاني وقد عافانى فبلغه فعفا عنه لصدقه فصار الصدق سببا للنجاة اللهم اجعلنا من الصادقين مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اى تلفظ بكلمة الكفر مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ به تعالى كابن حنظل وطعمة ومقيس وأمثالهم ومن موصولة ومحلها الرفع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة الخبر الآتي عليه وهو قوله (فعليهم غضب) وقدره الكاشفى بقوله [در معرض غضب ربانى باشد] لكنه جعل من شرطية كما يدل عليه تعبيره بقوله [هر كه كافر شود بخداى تعالى از پس ايمان خويش ومرتد كردد] ويجوز ان يكون الخبر الآتي خبرا لهما معا إِلَّا مَنْ [مكر كسى كه] أُكْرِهَ اجبر على ذلك التلفظ بامر يخاف على نفسه او على عضو من أعضائه وهو استثناء متصل من حكم الغضب والعذاب لان الكفر لغة يعم القول والعقد كالايمان اى لا من كفر بإكراه وقيل منقطع لان الكفر اعتقاد والإكراه على القول دون الاعتقاد. والمعنى لكن المكره على الكفر باللسان وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [آرميده باشد] بالايمان حال من المستثنى اى والحال ان قلبه مطمئن بالايمان لم تتغير عقيدته وفيه دليل على ان الايمان المنجى المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب وَلكِنْ مَنْ لم يكن كذلك بل شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً اى اعتقده وطاب به نفسا. وبالفارسية [وليكن هر كس كه بگشايد بكفر سينه را] فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم مِنَ اللَّهِ فى الحديث (ان غضب الله هو النار) وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ العذاب والعقاب الايجاع الشديد وتقديم الظرف فيهما للاختصاص والدلالة على انهم أحقاء بغضب الله وعذابه العظيم لاختصاصهم بعظم الجرم وهو الارتداد قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت الآية فى عمار رضى الله عنه وذلك ان كفار قريش أخذوه وأبويه ياسر وسمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما فعذبوهم ليرتدوا فابى أبواه فربطوا سمية بين بعيرين ووجئ اى ضرب بحربة فى قلبها وقالوا انما أسلمت من أجل الرجال والتعشق بهم
فقتلوها وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين فى الإسلام واما عمار فكان ضعيف البدن فلم يطق لعذابهم فاعطاهم بلسانه ما أكرهوه عليه وهو سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الأصنام بخير فقالوا يا رسول الله ان عمارا كفر فقال عليه الصلاة والسلام (كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه) فأتى عمار رسول الله وهو يبكى فجعل رسول الله يمسح عينيه وقال (مالك ان عادوا لك فعدلهم بما قلت) وهو دليل على جواز التكلم بكلمة الكفر عند الإكراه الملجئ وان كان الأفضل ان يجتنب عنه ويصبر على الأذى والقتل كما فعله أبواه كما روى ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لاحدهما ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فىّ قال فانت ايضا فخلاه وقال للآخر ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فى قال انا أصم فاعاد ثلاثا فاعادجوا به فقتله فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اما الاول فقد أخذ برخصة الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له وفى الحديث (أفضل الجهاد كلمة العدل عند سلطان جائر) وانما كان أفضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين خوف ورجاء ولا يدرى هل يغلب او يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو إذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك أفضل انواع الجهاد من أجل غلبة الخوف كذا فى أبكار الافكار فى مشكل الاخبار ذلِكَ الكفر بعد الايمان بِأَنَّهُمُ اى بسبب انهم اسْتَحَبُّوا [دوست داشتند وبرگزيدند] فتعدية الاستحباب بعلى لتضمنه معنى الإيثار الْحَياةَ الدُّنْيا [زندكانى دنيا را] عَلَى الْآخِرَةِ [بر نعيم آخرت] وَأَنَّ اللَّهَ [وديكر بجهت آنست كه خداى تعالى] لا يَهْدِي الى الايمان والى ما يوجب الثبات عليه هداية قسر والجاء الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فى علمه المحيط فلا يعصمهم من الزيغ وما يؤدى اليه من الغضب والعذاب العظيم ولولا أحد الامرين اما إيثار الحياة الدنيا على الآخرة واما عدم هداية الله سبحانه للكافرين هداية قسر بان آثروا الآخرة على الحياة الدنيا او بان هداهم الله تعالى هداية قسر لما كان ذلك لكن الثاني مخالف للحكمة والاول مما لا يدخل تحت الوقوع واليه أشير بقوله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من القبائح الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ [مهر نهاد خداى تعالى] عَلى قُلُوبِهِمْ [بر دلهاى ايشان تا قول حق در نيافتند] وَسَمْعِهِمْ [وبر كوشهاى ايشان تا سخن حق نشنوند] وَأَبْصارِهِمْ [وبر ديدهاى ايشان تا آثار قدرت حق نديدند] وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ اى الكاملون فى الغفلة أعظم من الغفلة عن تدبر العواقب لا جَرَمَ أَنَّهُمْ [حقا كه در ان هيچ شك نيست كه ايشان] فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ إذا ضيعوا أعمارهم وصرفوها الى العذاب المخلد. وبالفارسية [در ان سراى ديكر ايشانند زيان زدكان چهـ سرمايه عمر ضايع كرده در بازار دينى سودى بدست نياوردند ومفلس وار در شهر قيامت جز دست تهى ودل پر حسرت وندامت نخواهد بود] : قال الشيخ سعدى
قيامت كه بازار مينو نهند
…
منازل باعمال نيكو دهند
بضاعت بچندان آنكه آرى برى
…
اگر مفلسى شرمسارى برى
كه بازار چندانكه آكنده تر
…
تهى دست را دل پراكنده تر
كسى را كه حسن عمل بيشتر
…
بدرگاه حق منزلت پيشتر
قال فى التأويلات النجمية يعنى اهل الغفلة فى الدنيا هم اهل الخسارة فى الآخرة وفيه اشارة اخرى وهى ان التغافل بالأعضاء عن العبودية تورث خسران القلوب عن مواهب الربوبية انتهى قال بعض الأكابر ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها قال وهب بن منبه خلق ابن آدم ذا غفلة ولولا ذلك ما هنئ عيشه: وفى المثنوى
استن اين عالم اى جان غفلتست
…
هوشيارى اين جهانرا آفتست
هوشيارى زان جهانست و چون آن
…
غالب آمد پست كردد اين جهان
هوشيارى آفتاب وحرص يخ
…
هوشيارى آب واين عالم وسخ «1»
اللهم اجعلنا من اهل اليقظة والانتباه ولا تجعلنا ممن اتخذ الهه هواه وشرفنا بمقامات المكاشفين العارفين وأوصلنا الى حقيقة اليقين والتحقيق والتمكين انك أنت النصير والمعين ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ قال قتادة ذكر لنا انه لما انزل الله تعالى ان اهل مكة لا يقبل منهم الإسلام حتى يهاجروا كتب بها اهل المدينة الى أصحابهم من اهل مكة فلما جاءهم ذلك خرجوا فلحقهم المشركون فردوهم فنزل الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فكتبوا بها إليهم فتبايعوا بينهم على ان يخرجوا فان لحقهم المشركون من اهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا او يلحقوا بالله فادركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فانزل الله تعالى هذه الآية كذا فى اسباب النزول للواحدى. وثم للدلالة على تباعد رتبة حالهم عن رتبة حالهم التي يفيدها الاستثناء من مجرد الخروج عن حكم الغضب والعذاب بطريق الاشارة لا عن رتبة حال الكفرة كذا فى الإرشاد لِلَّذِينَ هاجَرُوا الى دار الإسلام وهم عمار وصهيب وخباب وسالم وبلال ونحوهم. واللام متعلقة بالخبر وهو الغفور على نية التأخير وان الثانية تأكيد للاولى لطول الكلام مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا اى عذبوا على الارتداد واكرهوا على تلفظ كلمة الكفر فتلفظوا بما يرضيهم اى الكفرة مع اطمئنان قلوبهم ثُمَّ جاهَدُوا فى سبيل الله وَصَبَرُوا على مشاق الجهاد إِنَّ رَبَّكَ من بعدها من بعد المهاجرة والجهاد والصبر لَغَفُورٌ بما فعلوا من قبل اى لستور عليهم محاء لما صدر منهم رَحِيمٌ منعم عليهم من بعد بالجنة جزاء على تلك الافعال الحميدة والخصال المرضية واعلم ان المهاجرة مفاعلة من الهجرة وهى الانتقال من ارض الى ارض والمجاهدة مفاعلة من الجهد وهو استفراغ الوسع وبذل المجهود قال فى التعريفات المجاهدة فى اللغة المحاربة وفى الشرع محاربة النفس الامارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها مما هو مطلوب فى الشرع انتهى وكل من المهاجرة الصورية والمعنوية وكذا المجاهدة مقبولة مرضية إذ من كان فى ارض لا يقيم فيها شعائر دينه وأهلها ظالمون فهاجر منها لدينه ولو شبرا وجبت له الجنة ومن فارق موطن النفس والمألوفات وحارب الأعداء الباطنة وجبت له القربة ومرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وعن عمر بن الفارض
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن عائشه كه يا رسول الله سر باران امروز چهـ بود
قدس سره انه حضر جنازة رجل من اولياء الله تعالى قال فلما صلينا عليه امتلأ الجو بطيور خضر فجاء طير كبير فابتلعه ثم طار فتعجبت فقال لى رجل كان قد نزل من السماء وحضر الصلاة لا تتعجب فان أرواح الشهداء فى حواصل الطيور خضر ترعى فى الجنة أولئك شهداء السيوف واما شهداء المحبة فاجسادهم أرواح إذ آثار الأرواح اللطيفة تسرى الى الأجساد فتحصل اللطافة لها ايضا ولذا لا تبلى أجساد الكمل ولا بد لمن أراد ان يصل الى هذه الرتبة ويحيى حياة ابدية من ان يميت نفسه الامارة ويزكيها عن سفساف الأخلاق ورذائل الأوصاف كالكبر والعجب والرياء والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه يقال ان الدركات السبع للنار بمقابلة هذه الصفات السبع للنفس فالخلاص من هذه الصفات سبب الخلاص من تلك الدركات: قال الشيخ سعدى قدس سره
ترا شهوت وكبر وحرص وحسد
…
چوخون در ركند و چوجان در جسد
كر اين دشمنان تقويت يافتند
…
سر از حكم ورأى تو بر تافتند
تو بر كره توسنى در كمر
…
نكر تا نپيچد ز حكم تو سر
اگر پالهنك از كفت در كسيخت
…
تن خويشتن كشت وخون تو ريخت
ثم ان الله تعالى غفور من حيث الافعال يتجلى لاهل التزكية من مرتبة توحيد الافعال وغفور من حيث الصفات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الصفات وغفور من حيث الذات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الذات فيستر أفعالهم وصفاتهم وذواتهم وينعم عليهم بآثار أفعاله وأنوار صفاته واسرار ذاته فيتخلّصون من الفاني ويصلون الى الباقي ويجدون ثمرات المجاهدات وهى المشاهدات ونتائج المفارقات وهى المواصلات وعواقب المعاقبات وهى التنعم فى الجنات العاليات والاستراحة الدائمة فى مقامات القربات اللهم أعنا على سلوك سبيل الهجرة والصبر والجهاد واحفظنا من فتنة اهل البغي والفساد انك أنت الأهل للاعانة والامداد يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ منصوب با ذكر والمراد يوم القيامة تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها أضاف النفس الى النفس لانه يقال لعين الشيء نفسه ولنقيضه غيره والنفس جملة الشيء ايضا فالنفس الاولى بمعنى الجملة والثانية بمعنى العين والذات. والمعنى اذكر يا محمد ويأكل من يصلح للخطاب يوم يأتى كل انسان يجادل ويخاصم عن ذاته يسعى فى خلاصه بالاعتذار كقولهم هؤلاء أضلونا وما كنا مشركين لا يهمه شان غيره فيقول نفسى نفسى وذلك حين زفرت جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه حتى خليل الرحمن عليه السلام وقال رب نفسى اى أريد نجاة نفسى قال احمد الدورقي مات رجل من جيراننا شاب فرأيته فى الليل وقد شاب فقلت ما قصتك قال دفن بشر المريسي فى مقبرتنا فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من فى المقبرة وبشر أخذ الفقه عن ابى يوسف القاضي الا انه اشتغل بالكلام وقال بخلق القرآن وأضل خلقا كثيرا ببغداد فى زمن المأمون وقطعه عبد العزيز الكتاني وبالجملة كان بشر من جملة شياطين الانس حتى نصبه الشيطان خليفة لمن فى بغداد إذ فعل بالخلق ما فعله الشيطان من الإضلال: قال الحافظ
دام سختست مكر لطف خدايا شود
…
ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم
وقال
سزدم چوابر بهمن كه درين چمن بكريم
…
طرب آشيان بلبل بنكر كه زاغ دارد
قال فى التأويلات النجمية كُلُّ نَفْسٍ على قدر بقاء وجودها تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها اما دفعا لمضارها او جذبا لمنافعها حتى الأنبياء عليهم السلام يقولون نفسى نفسى الا محمدا صلى الله عليه وسلم فانه فان عن نفسه باق بربه فانه يقول أمتي أمتي لانه المغفور من ذنب وجوده المتقدم فى الدنيا والمتأخر فى الآخرة بما فتح له ليلة المعراج إذ واجهه بخطاب السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ففنى عن وجوده بالسلام وبقي بوجوده بالرحمة وكان رحمة مهداة أرسل ببركاته الى الناس كافة ولكنه رفع المنزلة من تلك الضيافة خاصة لخواص متابعيه كما قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يعنى الذين صلحوا لبذل الوجود فى طلب المقصود ونيل الجود فما بقي لهم مجادلة عن نفوسهم مع الخلق والخالق كما قال بعضهم كل الناس يقولون غدا نفسى نفسى وانا أقول ربى ربى وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ برة او فاجرة اى تعطى وافيا كاملا وبالفارسية [تمام داده شود هر نفس را] ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب اشعارا بكمال الاتصال بين الاجزية والأعمال وإيثار الإظهار على الإضمار للايذان باختلاف وقتى المجادلة والتوفية وان كانتا فى يوم واحد وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ لا ينقصون أجورهم ولا يعاقبون بغير موجب ولا يزاد فى عقابهم على ذنوبهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد يقول الروح يا رب لم يكن لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها ويقول الجسد خلقتنى كالخشب ليست لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لسانى وأبصرت عينى ومشت رجلى قال فيضرب لهما مثلا مثل أعمى ومقعد دخلا حائطا وفيه ثمار فالاعمى لا يبصر الثمار والمقعد لا ينالها فحمل الأعمى المقعد فاصابا من الثمر فعليهما العذاب كذا فى تفسير السمرقندي وفيه اشارة الى ان كل نفس عملت سوأ توفى العذاب بنار الجحيم ونار القطعية وكل نفس عملت خيرا توفى الثواب من نعيم الجنان ولقاء الرحمن فلا يعذب اهل النعيم ولا يثاب اهل الجحيم كذا فى التأويلات النجمية وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً اى قصة اهل قرية كانت فى قرى الأولين وهى ايلة كما فى الكواشي وهى بلد بين ينبع ومصر وضرب المثل صنعه واعتماله ولذا قال الكاشفى فى تفسيره [و پيدا كرد خدا مثلى] ولا يعتدى الا الى مفعول واحد وانما عدى الى اثنين لتضمينه معنى الجعل وتأخير قرية مع كونها مفعولا اولا لئلا يحول المفعول الثاني بينها وبين صفتها وما يترتب عليها إذ التأخير عن الكل مخل بتجاذب أطراف النظم وتجاوبها. والمعنى جعل أهلها مثلا لاهل مكة خاصة أو لكل قوم أنعم الله عليهم فابطرتهم النعمة ففعلوا ما فعلوا فبدل الله بنعمتهم نقمة ودخل فيهم اهل مكة دخولا أوليا كانَتْ آمِنَةً ذات أمن من كل مخوف قال الكاشفى [ايمن از نزول قياصره وقصه جبابره] مُطْمَئِنَّةً [آرميده واهل آن آسوده] قال فى الكواشي لا ينتقلون عنها الى غيرها لحسنها يَأْتِيها رِزْقُها أقوات أهلها صفة ثانية لقرية وتغير سبكها عن الصفة الاولى لما ان إتيان رزقها متجدد وكونها
آمنة مطمئنة ثابت مستمر رَغَداً واسعا مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها من البر والبحر فَكَفَرَتْ اى كفر أهلها بِأَنْعُمِ اللَّهِ اى بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وادرع والمراد بها نعمة الرزق والامن المستمر وإيثار جمع القلة للايذان بان كفران نعمة قليلة حيث أوجب هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة- روى- ان اهل ايلة كانوا يستنجون بالخبز كما فى الكواشي يقول الفقير الخبز هو الأصل بين النعم الإلهية ولذا امر آدم عليه السلام الذي هو اصل البشر بالحراثة فمن كفر به فقد كفر بجميع النعم وتعرض لزوالها وكذا الاعتقاد الصحيح الذي عليه اهل السنة والجماعة هو الأساس المبنى عليه قبول الأعمال الصالحة فمن أفسد اعتقاده فقد أفسد دينه وتعرض لسخط الله تعالى
بآب زمزم اگر شست خرقه زاهد شهر
…
چهـ سود از ان چوندارد طهارت ازلى
والمقصود طهارة الوجود والقلب عن لوث الانية والتعلق بغير الله تعالى فَأَذاقَهَا اللَّهُ اى أذاق أهلها. وبالفارسية [پس بچشانيد خداى تعالى اهل آنرا] واصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء والاختبار كما فى تفسير ابى الليث لِباسَ الْجُوعِ حتى أكلوا ما تغوطوه لان الجزاء من جنس العمل قال فى الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة كيف سمى الجوع لباسا قيل لانه يظهر من الهزال وشحوب اللون وضيق الحال ما هو كاللباس وَالْخَوْفِ قال فى الإرشاد شبه اثر الجوع والخوف وضرهما المحيط بهم باللباس الغاشى للابس فاستعير له اسمه وأوقع عليه الاذاقة المستعارة لمطلق الإيصال المنبئة عن شدة الاصابة بما فيها من اجتماع ادراك الملامسة والذائقة على نهج التجريد فانها لشيوع استعمالها فى ذلك وكثرة جريانها على الالسنة جرت مجرى الحقيقة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ فيما قبل من الكفران ثم بين ان ما فعلوه من كفران النعم لم يكن مزاحمة منهم لقضية العقل فقط بل كان ذلك معارضة لحجة الله على الخلق ايضا فقال وَلَقَدْ جاءَهُمْ اى اهل تلك القرية رَسُولٌ مِنْهُمْ اى من جنسهم يعرفونه بأصله ونسبه فاخبرهم بوجوب الشكر على النعمة وانذرهم سوء عاقبة الكفران فَكَذَّبُوهُ فى رسالته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ المستأصل غب ما ذاقوا نبذة من ذلك وَهُمْ ظالِمُونَ حال كونهم ظالمين بالكفران والتكذيب حيث جعلوا الاول موضع الشكر والثاني موضع التصديق وترتيب العذاب على التكذيب جرى على سنة الله تعالى كما قال وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا قال ابن عباس رضى الله عنهما هذا المثل لاهل مكة فانهم كانوا فى حرم آمن ويتخطف الناس من حولهم وما يمر ببالهم طيف من الخوف وكانت تجبى اليه ثمرات كل شىء ولقد جاءهم رسول منهم فكفروا بانعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصابهم بدعائه صلى الله عليه وسلم بقوله (اللهم اعنى عليهم بسبع كسبع يوسف) ما أصابهم من القحط والجدب حتى أكلوا الجيف والكلاب الميتة والجلود والعظام المحرقة والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع قد ضاقت عليهم الأرض بما رجت من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة حيث كانوا يغيرون على مواشيهم وعيرهم وقوافلهم
فوقعوا فى خوف عظيم من اهل الإسلام حتى تركوا سفر الشام والتردد اليه ثم أخذهم يوم بدر ما أخذهم من العذاب وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة بالسوء إذا كفرت فى قرية شخص الإنسان بنعم الطاعات والتوفيق واتبعت هواها وتمتعت بشهواتها ابتليت بانقطاع مبرة الحق وأكل جيفة الدنيا وميتة المستلذات وخوف العذاب بسوء صنيعها فلا بد للسالك ان يقتفى اثر رسول الخاطر الروحاني المؤيد بالإلهام الرباني ويترك الاقتداء بالنفس والشيطان فانهما يجران الى الأخلاق الذميمة المستتبعة للآثار القبيحة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم لا تمام الأخلاق الحميدة على وفق الشريعة كما قال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) والمكارم جمع مكرمة كالمصالح جمع مصلحة وإضافته الى الأخلاق من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف اى بعثت لاتمم الأخلاق الكريمة والشيم الحسنة وذلك ان الأنبياء عليهم السلام كل واحد منهم مبعوث بسر وحكمة الهية راجعة الى تكميل البشر وتحسين اخلاقهم ونبينا عليه السلام مبعوث لتتميم تلك الأخلاق الكريمة وتكميلها على وجه التفصيل ولهذا جاء بشرع جامع لجميع جهات الحسن وهذا سر قوله (لا بنى بعدي) فمن ادعى نبيا بعده جهل بقدره وقدر علماء أمته كما لا يخفى فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى وإذ قد استبان لكم يا اهل مكة حال من كفر بانعم الله وكذب رسوله وما حل بهم بسبب ذلك من اللتيا والتي اولا وآخرا فانتهوا عما أنتم عليه من كفران النعم وتكذيب الرسول كيلا يحل بكم مثل ما أحل بهم واعرفوا حق نعم الله وأطيعوا رسوله فى امره ونهيه وكلوا من رزق الله من الحرث والانعام وغيرهما حال كونه حَلالًا طَيِّباً اى لذيذا تستطيبه النفوس وذروا ما تفترون من تحريم البحائر وتحوها فحلالا حال من ما رزقكم الله ويجوز ان يكون مفعول كلوا وفيه اشارة الى ان أنوار الشريعة واسرار الحقيقة رزق معنوى للعاسق الصادق وما قبلته الشريعة والحقيقة فهو حلال طيب وما ردته فهو حرام خبيث ولذا قيل
علم دين فقهست وتفسير وحديث
…
هر كه خواند غير ازين كردد خبيث
اى العلم المقبول النافع هذه العلوم وما شهدت هى له بالقبول من الظواهر والبواطن وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ واعرفوا حقها ولا تقابلوها بالكفران والفناء فى المعنى داخلة على الأمر بالشكر وانما دخلت على الأمر بالأكل لكون الاكل ذريعة الى الشكر فكأنه قيل فاشكروا نعمة الله غب أكلها حلالا طيبا إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى تطيعون وتريدون رضاه ان تستحلوا ما أحل الله وتحرموا ما حرم الله إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى أكلها وهى ما لم تلحقه الذكاة. وبالفارسية [مردار] فاللحم القديد المجلوب الى الروم من افلاق حرام لانهم انما يضربون رأس البقر بالمقمعة ولا يذكون وَالدَّمَ المسفوح اى المصبوب من العروق واما المختلط باللحم فمعفو والاولى غسله وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ اى رفع الصوت للصنم به وذلك قول اهل الجاهلية باللات والعزى اى انما حرم هذه الأشياء دون ما تزعمون حرمته من البحائر والسوائب ونحوهما وتنحصر المحرمات فيها الا ما ضمنه إليها دليل كالسباع والحمر الاهلية- روى- انه عليه السلام نهى عن أكل ذى مخلب من
الطيور وكل ذى ناب من السباع- وروى- خالد بن الوليد رضى الله عنه انه عليه السلام نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير وفيه حجة لابى حنيفة على صاحبيه فى تحليلهما أكل لحوم الخيل وما روياه عن جابر رضى الله عنه انه قال نهى النبي عليه السلام عن لحوم الحمر الاهلية واذن فى لحم الخيل معارض لحديث خالد والترجيح للمحرم كذا فى حواشى الفاضل سنان چلبى والاشارة ان الميتة جيفة الدنيا والحيوان هى الدار الآخرة ولو لم يكن للآخرة حباة لكانت جيفة [جيفه را براى مرد كيش جيفه كويند نى براى بوى زشت وصورت قبيحه] فاعرف: وفى المثنوى
آن جهان چون ذره ذره زنده اند
…
نكته دانند وسخن كوينده اند
در جهان مرده شان آرام نيست
…
كين علف جز لائق انعام نيست «1»
هر كرا كلشن بود بزم وطن
…
كى خورد او باده اندر كولخن
جاى روح پاك عليين بود
…
كرم باشد كش وطن سركين بود
وان الدم شهوات الدنيا. ولحم الخنزير الغيبة والحسد والظلم. وما اهل لغير الله به مباشرة كل عمل مباح لالله وللتقرب اليه بل لهوى النفس وطلب حظوظها كما فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الاضطرار الاحتياج الى الشيء واضطره اليه أحوجه والجأه فاضطر بضم الطاء والضرورة الحاجة قال الكاشفى [پس هر كه بيچاره شود ومحتاج كردد بخوردن يكى از محرمات] فتناول شيأ من ذلك حال كونه غَيْرَ باغٍ اى على مضطر آخر بالاستئثار عليه فان هلاك الآخر ليس باولى من هلاكه فهو حال من فعل مقدر كما أشير اليه. والباغي من البغي يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وَلا عادٍ اى متجاوز قدر الضرورة وسد الجوع يقال عدا الأمر وعنه جاوزه فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
اى لا يؤاخذه بذلك فاقيم سببه مقامه قال فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الى نوع منها مثل طلب القوت بالكسب الحلال او التأهل للتوالد والتناسل او الاختلاط مع الخلق للمناصحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وغير ذلك من أبواب البر غير معرض عن طلب الحق ولا مجاوز عن حد الطريقة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما اضطروا اليه رَحِيمٌ على الطالبين بان يبلغهم مقاصدهم واعلم ان مواضع الضرورة مستثناة ولذا قال فى التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم لنتداوى إذا أخبره طبيب مسلم ان شفاءه فيه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه. وأجاز بعضهم استشارة اهل الكفر فى الطب إذا كانوا من اهله كما فى انسان العيون. والاولى التجنب عنه لان المؤمن ولى الله والكافر عدو الله ولا خير لولى من عدو الله فلا بد للمريض من المراجعة الى المجانس واهل الوقوف والتجربة: قال الصائب
ز بي دردان علاج درد خود جستن بآن ماند
…
كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها
وفى الاشتباه يرخص للمريض التداوى بالنجاسات وبالخمر على أحد القولين واختار قاضيخان عدمه واساغة اللقيمة بها إذا غص اتفاقا واباحة النظر للطبيب حتى للعورة والسوءتين انتهى قال الفقيه ابو الليث رحمه الله يستجب للرجل ان يعرف من الطب مقدار ما يمتنع به عما يضر ببدنه انتهى- وروى- عن على كرم الله وجهه انه قال لحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان معنى آية وان الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون إلخ
دواء وقد صح عن النبي عليه السلام انه ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر كما قال (عليكم بألبان البقر وسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي وَلا تَقُولُوا يا أهل مكة لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ما موصولة واللام صلة لا تقولوا مثل ما فى قوله تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ اى لا تقولوا فى شأن ما تصف ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة فى قولكم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتيب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده الى وحي او قياس مبنى عليه الْكَذِبَ ينتصب بلا تقولوا على انه مفعول به وقوله تعالى هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ بدل منه فالمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة فقدم عليه كونه كذبا وأبدل منه هذا حلال وهذا حرام مبالغة واللام صلة مثل ما يقال لا تقل للنبيذ انه حرام اى فى شأنه وذلك لاختصاص القول بانه فى شأنه وفيه ايماء الى ان ذلك مجرد وصف باللسان لا حكم عليه عقد كذا فى حواشى سعدى المفتى ويقال فى الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولا بغير حجة وبيان كما فى تفسير ابى الليث لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فان مدار الحل والحرمة ليس الا امر الله فالحكم بالحل والحرمة اسناد للتحليل والتحريم الى الله من غير ان يكون ذلك منه. واللام لام العاقبة لا الغرض لان الافتراء لم يكن غرضا لهم وفى الآية اشارة الى ما تقولت النفوس بالحسبان والغرور انا قد بلغنا الى مقام يكون علينا بعض المحرمات الشرعية حلالا وبعض المحللات حراما فيفترون على الله الكذب انه أعطانا هذا المقام كما هو من عادة اهل الإباحة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى امر من الأمور لا يُفْلِحُونَ لا يفوزون بمطالبهم التي ارتكبوا الافتراء للفوز بها مَتاعٌ قَلِيلٌ خبر مبتدأ محذوف اى منفعتهم فيما هم عليه من افعال الجاهلية منفعة قليلة تنقطع عن قريب وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ لا يكتنه كنههم وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا يعنى على اليهود خاصة دون غيرهم من الأولين والآخرين حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ اى بقوله حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما الآية مِنْ قَبْلُ اى من قبل نزول الآية فهو متعلق بقصصنا او من قبل التحريم على هذه الامة فهو متعلق بحرمنا وهو تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بابطال ما يخالفه من قرية اليهود وتكذيبهم فى ذلك فانهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه وانما كانت محرمة على نوح وابراهيم ومن بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك التحريم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه حسبما نعى عليهم فى قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الآية ولقد القمهم الحجر قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ
فائتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين- روى- انه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك بهتوا ولم يجرأوا ان يخرجوا التوراة كيف وقد بين فيها ان تحريم ما حرم عليهم من الطيبات لظلمهم وبغيهم عقوبة وتشديدا أوضح بيان وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم فى التحريم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ [بسبب غفلت ونادانى وعدم تفكر در عواقب امور] وعن ابن عباس رضى الله عنهما كل من يعمل سوأ فهو جاهل وان كان يعمل ان ركوبه سيئة. والسوء يحتمل الافتراء على الله وغيره. واللام متعلقة بالخير وهو لغفور وان الثانية تكرير على سبيل التأكيد لطول الكلام ووقوع الفصل كما مر فى قوله تعالى ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا الآية ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما عملوا السوء والتصريح به مع دلالة ثم عليه للتأكيد والمبالغة وَأَصْلَحُوا أعمالهم او دخلوا فى الصلاح إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد التوبة كقوله اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى فى ان الضمير عائد الى مصدر الفعل قال سعدى المفتى لم يذكر الإصلاح لانه تكميل التوبة فانها الندم على المعصية من حيث انها معصية مع عزم ان لا يعود فعدم العود والإصلاح تحقيق لذلك العزم لَغَفُورٌ لذلك السوء اى ستور له محاء رَحِيمٌ يثبت على طاعته تركا وفعلا وتكرير قوله تعالى ان ربك لتأكيد الوعد واظهار كمال العناية بانجازه فعلى العاقل ان يرجع عن الاعراض عن الله ويقبل عليه بصدق الطلب واخلاص العمل والتوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب وفى المثنوى
كر سيه كردى تو نامه عمر خويش
…
توبه كن ز انها كه كردستى تو پيش «1»
عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است
…
آب توبه اش ده اگر او بي نم است
بيخ عمرت را بده آب حيات
…
تا درخت عمر كردد بإثبات
جمله ماضيها ازين نيكو شوند
…
زهر پارينه از اين كردد چوقند
واعلم ان توبة العوام من السيئات وتوبة الخواص من الزلات والغفلات وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات لا تركها والعبد إذا رجع عن السيئة وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأفضل الأعمال خلاف هوى النفس والذكر بلا اله الا الله وفى الحديث (ان الله عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت فى الأرض السفلى فاذا قال العبد لا اله الا الله محمد رسول الله عن نية صادقة اهتز العرش فتحرك الحوت والعمود فيقول الله تعالى أسكن يا عرشى فيقول العرش كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فيقول الله تعالى اشهدوا يا سكان سمواتى انى قد غفرت لقائلها الذنوب صغيرها وكبيرها سرها وعلانيتها فبذكر الله تعالى يتخلص العبد من الذنوب وبه تحصل تزكية النفس وتصفية القلوب إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً على حدة لحياذته من الفضائل البشرية ما لا يكاد يوجد الا متفرقا فى امة جمة كما قيل
ليس على الله بمستنكر
…
ان يجمع العالم فى واحد
جانا تو يكانه ولى ذات تو هست
…
مجموعه آثار كمالات همه
(1) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زنى بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك
وفى الحديث (حسين سبط من الأسباط) كما فى المصابيح بمعنى انه من الأمم يقوم وحده مقامها او بمعنى انه يتشعب منه الفروع الكثيرة إذا السادات من نسل زين العابدين بن الحسين رضى الله عنهما. فلا دلالة فى الحديث على نبوة الحسين كما ادعاه بعض المفترين فى زماننا هذا نعوذ بالله ومن قال بعد نبينا نبى يكفر كما فى بحر الكلام. ويقال امة بمعنى مأموم اى يؤمه الناس ويقصدونه ليأخذوا منه الخير ومعلم الخير امام فى الدين وهو عليه السلام رئيس اهل التوحيد وقدوة اصحاب التحقيق جادل اهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة وأبطل مذاهبهم بالبراهين القاطعة قانِتاً لِلَّهِ مطيعا له قائما بامره حَنِيفاً مائلا عن كل دين باطل الى الدين الحق وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا. وفيه رد على كفار قريش فى قولهم نحن على ملة أبينا ابراهيم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ جمع نعمة صفة ثالثة لامة- روى- انه كان لا يأكل الا مع ضيف ولم يجد ذات يوم ضيفا فاخر غداءه فجاءه فوج من الملائكة فى زى البشر فقدم لهم الطعام فخيلوا اليه ان بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على ان عافانى وابتلاكم ويقال انه أراد الضيافة لامة محمد ثم دعا الله لاجلها وقال انى عاجز وأنت قادر على كل شىء فجاء جبريل فاتى بكف من كافور الجنة فاخذ ابراهيم فصعد الى جبل ابى قبيس ونثره فاوصله الله الى جميع أقطار الدنيا فحيثما سقطت ذرة من ذراته كان معدن الملح فصار الملح ضيافة ابراهيم عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره
خور و پوش بخشاى وراحت رسان
…
نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان
غم شادمانى نماند وليك
…
جزاى عمل ماند ونام نيك
اجْتَباهُ اختاره للنبوة وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه وهو ملة الإسلام المشتمل على التسليم وقد اوتى تسليما أي تسليم وآتيناه فى الدنيا حسنة حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة والأولاد الأبرار والعمر الطويل فى السعة والطاعة وان حضرة الرسالة صلى الله عليه وسلم من نسله وان الصلاة عليه مقرونة بصلاة النبي عليه السلام كما يقول المصلى من هذه الامة كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصحاب الدرجات العالية فى الجنة وهم الأنبياء عليهم السلام فالمراد الكاملون فى الصلاح والواصلون الى غاية الكمال ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مع علو طبقتك وسمو رتبتك وما فى ثم من التراخي فى الرتبة للتنبيه على ان أجل ما اوتى ابراهيم اتباع الرسول ملته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الملة اسم لما شرعه الله لعباده على لسان الأنبياء من أمللت الكتاب إذا مليته وهى الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له والمراد بملته الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم حَنِيفاً حال من المضاف اليه لما ان المضاف لشدة اتصاله به جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قيل رأيت وجه هند قائمة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين وهو تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل قال العلماء المأمور به الاتباع فى الأصول دون الفروع المتبدلة بتبدل الاعصار واتباعه له بسبب كونه مبعوثا بعده والا فهو أكرم الأولين والآخرين على الله
تو اصل وباقى طفيل تواند
…
تو شاهى ومجموع خيل تواند
وكان صلى الله عليه وسلم على دين قومه قبل النبوة اى على ما بقي فيهم من ارث ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى حجهم ومناكسهم وبيوعهم وأساليبهم واما التوحيد فانهم كانوا قد بدلوه والنبي عليه السلام لم يكن الا عليه قال فى التأويلات النجمية لما سلك النبي صلى الله عليه وسلم طريق متابعته واسلم وجهه لله ليذهب الى الله كما ذهب ابراهيم وقال انى ذاهب الى ربى نودى فى سره ان ابراهيم كان خليلنا وأنت حبيبنا فالفرق بينكما ان الخليل لو كان ذاهبا يمشى بنفسه فالحبيب يكون راكبا اسرى به فلما بلغ سدرة المنتهى وجد مقام الجليل عندها فقيل له ان السدرة مقام الخليل لو رضيت بها لنزينها لك إذ يغشى السدرة ما يغشى ولعلو همته الحبيبية ما زاغ البصر بالنظر إليها وما طغى باتخاذ المنزل عندها ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وهو مقام الحبيب فبقى مع بلا هو فى خلوة لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب وهو جبريل ولا نبى مرسل وهو هويته عليه السلام لما جاوز حد المتابعة صار متبوعا فان كان صلى الله عليه وسلم فى الدنيا محتاجا الى متابعة الخليل فالخليل يكون فى الآخرة محتاجا الى شفاعته كما قال (الناس محتاجون الى شفاعتى يوم القيامة حتى ابراهيم) انتهى ما فى التأويلات ثم الآية تدل على شرف المتابعة فان الحبيب مع شرفه العظيم إذا كان مأمورا بالمتابعة فما ظنك بغيره من افراد الامة ففى المتابعة وصحبة الأخيار والصلحاء شرف وسعادة عظمى ألا يرى ان عشرة من الحيوانات من اهل الجنة بشرف القرين كناقة صالح وكبش إسماعيل ونملة سليمان وكلب اصحاب الكهف ولله در من قال
سك اصحاب كهف روزى چند
…
پى مردم كرفت ومردم شد
وعن النبي عليه السلام (ان رجلا يبقى متحيرا من الإفلاس فيقول الله يا عبدى أتعرف العبد الفلاني او العارف الفلاني فيقول نعم فيقول الله فاذهب فانى قد وهبتك له) وعن الشيخ بهاء الدين ان خادم الشيخ ابى يزيد البسطامي قدس سره كان رجلا مغربيا فجرى الحديث عنده فى سؤال منكر ونكير فقال المغربي والله ان يسألانى لا قولن لهما فقالوا له ومن يعلم ذلك فقال اقعدوا على قبرى حتى تسمعونى فلما انتقل المغربي جلسوا على قبره فسمعوا المسألة وسمعوه يقول أتسألونني وقد حملت فروة ابى يزيد على عنقى فمضوا وتركوه إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ اى فرض تعظيم يوم السبب والتخلي فيه للعبادة وترك الصد فيه فتعدية جعل بعلى لتضمينه معنى فرض والسبت يوم من ايام الأسبوع بمعنى القطع والراحة فسمى به لانقطاع الأيام عنده إذ هو آخر ايام الأسبوع وفيه فرغ الله من خلق السموات والأرض أو لأن اليهود يستريحون فيه من الاشغال الدنيوية ويقال اسبتت اليهود إذا عظمت سبتها وكان اليهود يدعون ان السبت من شعائر الإسلام وان ابراهيم كان محافظا عليه اى ليس السبت من شعائر ابراهيم وشعائر ملته التي أمرت يا محمد باتباعها حتى يكون بينه صلى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين علاقة فى الجملة وانما شرع ذلك لبنى إسرائيل بعد مدة طويلة قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه آن روز حضرت موسى عليه السلام يكى را ديد كه متاعى را برداشته بجايى ميبرد بفرمود تا كردنش بزدند وتنش را در محلى
بيفكندند كه مرغان مردارخوار چهل روز اجزا واحشاى او مى خوردند] وذلك لهتك حرمة شريعته بمثل ذلك العمل
كرا شرع فتوى دهد بر هلاك
…
الا تا ندارى ز كشتنش باك
عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ منشأ الاختلاف هو الطرف المخالف للحق وذلك ان موسى عليه السلام امر اليهود ان يجعلوا فى الأسبوع يوما واحدا للعبادة وان يكون ذلك يوم الجمعة فابوا عليه وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت الا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فاذن الله لهم فى السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه فاطاع امر الله تعالى الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون واما غيرهم فلم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله قردة دون أولئك المطيعين يقول الفقير اما الفرقة الموافقة فنجوا لانقيادهم لامر الله تعالى وفناء باطنهم عن الارادة التي لم تنبعث من الله تعالى واما الفرقة المخالفة فهلكوا لمخالفتهم لامر الله تعالى
وبقائهم بنفوسهم الامارة ولا شك ان من اجبر وفق ومن تحرك بإرادته وكل الى نفسه وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اى بين الفريقين المختلفين فيه يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يفصل ما بينهما من الاختلاف فيجازى الموافق بالثواب والمخالف بالعقاب وفيه ايماء الى ان ما وقع فى الدنيا من مسخ أحد الفريقين وإنجاء الآخر بالنسبة الى ما سيقع فى الآخرة شىء لا يعتد به وفى الحديث (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة أوتينا من بعدهم) يعنى يوم الجمعة فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فلنا اليوم وللبهود غدا وللنصارى بعد غد وفى الآية اشارة الى ان الاختلاف فيما ارشد الله به الناس الى الصراط المستقيم من الأوامر والنواهي لاستحلال بعضها وتحريم بعضها ابتداعا منهم على وفق الطبع والهوى وان كان التشديد فيه على أنفسهم يكون وبالا عليهم وضلالا عن الصراط المستقيم. فالواجب على العباد فى العبادات والطاعات والمجاهدات وطلب الحق الاتباع وترك الابتداع كما قال صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة فضلالة) وجاء رجل للشيخ ابى محمد عبد السلام بن يشيش قدس سره فقال يا سيدى وظف علىّ وظائف واورادا فغضب الشيخ وقال أرسول انا فاوجب الواجبات الفرائض معلومة والمعاصي مشهورة فكن للفرائض حافظا وللمعاصى رافضا واحفظ قلبك من ارادة الدنيا واقنع من ذلك كله بما قسم لك فاذا خرج لك مخرج الرضى فكن لله فيه شاكرا وإذا خرج لك مخرج السخط فكن عليه صابرا وفى قوله تعالى وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ الآية اشارة الى ان الله تعالى يحكم بعدله بين اهل السنة واهل البدع فيقول هؤلاء فى الجنة بفضلي ولا أبالي وهؤلاء فى النار بعدي ولا أبالي واهل البدعة ثنتان وسبعون فرقة من اهل الظواهر واحدي عشرة فرقة من اهل البواطن كلهم على خلاف الحق من حيث الاعتقاد وكلهم فى النار والفرقة الناجية من المتصوفة وغيرهم هم الموافقون للكتاب والسنة عقدا وعملا نسأل الله تعالى ان يحفظنا من الزيغ والضلال ولا بد من أخ ناصح فى الدين كامل فى طريق اليقين مرشد الى الحق المتين قال الحافظ قدس سره
قطع اين مرحله بي همرهى خضر مكن
…
ظلماتست بترس از خطر كمراهى
ادْعُ الناس يا أفضل الرسل من سبيل الشيطان إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ وهو الإسلام الموصل
الى الجنة والزلفى
…
قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
نور او چون اصل موجودات بود
…
ذات او چون معطئ هر ذات بود
واجب آمد دعوت هر دو جهانش
…
دعوت ذرات پيدا ونهانش
واعلم ان كل عين من الأعيان الموجودة مستند الى اسم من الأسماء الالهية واصل من طريق ذلك الاسم الى الله الذي له احدية جميع الأسماء لا يقال فما فائدة الدعوة حينئذ لانا نقول الدعوة من المضل الى الهادي ومن الجائر الى العدل بِالْحِكْمَةِ بالحجة القطعية المفيدة للعقائد الحقة المزيحة لشبهة من دعى إليها فهى لدعوة خواص الامة الطالبين للحقائق وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اى الدلائل الاقناعية والحكايات النافعة فهى لدعوة عوامهم. يقال وعظه يعظه وعظا وعظة وموعظة ذكره ما يلين قلبه من الثواب والعقاب فاتعظ كما فى القاموس وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اى ناظر معانديهم بالطريقة التي هى احسن طرق المناظرة والمجادلة من الرفق واللين واختيار الوجه الأيسر واستعمال المقدمات المشهورة تسكينا لشغبهم واطفاء للهبهم كما فعله الخليل عليه السلام. والآية دليل على ان المناظرة والمجادلة فى العلم جائزة إذا قصد بها اظهار الحق قال الشيخ السمرقندي فى تفسيره فى هذه الآية تنبيه على المدعو الى الحق فرق ثلاث. فان المدعو الى الله بالحكمة قوم وهم الخواص. وبالموعظة قوم وهم العوام. وبالمجادلة قوم وهم اهل الجدال وهم طائفة ذووا كياسة تميزوا بها عن العوام ولكنها ناقصة مدنسة بصفات رديئة من خبث وعناد وتعصب ولجاج وتقليد ضال تمنعهم عن ادراك الحق وتهلكهم فان الكياسة الناقصة شر من البلاهة بكثير الم تسمع ان اكثر اهل الجنة البله فليستعمل كل منها مع يناسبها فانه لو استعمل الحكمة للعوام لم يفد شيأ حيث لم يفهموها لسوء بلادتهم وعدم فطنتهم نكته كفتن پيش كژ فهمان ز حكمت بي كمان جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خر است وفى المثنوى
كى توان با شيعه كفتن از عمر
…
كى توان بربط زدن در پيش كر «1»
وان استعمل الجدال مع اهل الحكمة تنفروا منه تنفر الرجل من الإرضاع بلبن الطفل وفى التأويلات النجمية قوله ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اشارة الى ان دعاء العوام الى سبيل ربك وهو الجنة بالحكمة وهو الخوف والرجاء لانهم يدعون ربهم خوفا من النار وطمعا فى الجنة والموعظة الحسنة هى الرفق والمداراة ولين الكلام والتعريض دون التصريح وفى الخلا دون الملا فان النصح على الملا تقريع
كر نصيحت كنى بخلوت كن
…
كه جز اين شيوه نصيحت نيست
هر نصيحت كه برملا باشد
…
آن نصيحت بجز فضيحت نيست
ودعاء الخواص الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وهى ان تحبب الله إليهم وتوفر دواعيهم فى الطلب وترشدهم وتهديهم الى صراط الله وتسلكهم فيه وتكون لهم دليلا وسراجا منيرا الى ان يصلوا فى متابعتك وتزكيتك إياهم الى مراتب المقربين وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لكل
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد إلخ [.....]
طائفة منها فجادل اهل النفاق واغلظ عليهم وجادل اهل الوفاق باللطف والرحمة واخفض جناحك للمؤمنين واعف عنهم واستغفر لهم وقال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى كتابه المسمى باللائحات البرقيات بالحكمة اى بالبصيرة على رعاية المناسبة فى مقتضيات الأحوال والمقامات بالتليين والتخفيف والتعريض فى مقاماتها والتغليظ والتشديد والتصريح فى مقاماتها ونحو ذلك من المناسبات الحكمية الجالبة للمصالح والسالبة للمفاسد والموعظة الحسنة اى المتضمنة للحسنات والمشتملة على الترغيبات والمتناولة للترهيبات والجالبة للقلوب الى الحبوبات والسالبة للنفوس عن المقبوحات وغير ذلك مما يختص ويليق بالموعظة الحسنة التي هى الموعظة بالحق والعلم الكامل والعقل والتام لا الموعظة بالنفس والجهل والحمق قان تلك الموعظة انما هى بالبصيرة الشاملة الصحيحة وهذه الموعظة انما هى بالغفلة العامة الفاسدة وفى الحقيقة الموعظة الحسنة هى الموعظة الجامعة لجوامع الكلم وجادلهم بالتي اى بالمجادلة التي هى احسن وهى المجادلة الحقانية التي تكون بالرفق واللين والصفح والعفو والسمح والكلام بقدر العقول والنظر الى عواقب الأمور والصبر والتأنى والتحمل والحلم وغير ذلك من خواص المجادلة التي هى احسن مثل كون المراد منها اظهار الحق وبيان الصدق لمن خالف الحق والصدق بكمال الاعراض عن جميع الأغراض والاعراض وتمام الترحم للمخالفين المعاندين الضالين عن سبيل الحق والصدق والجاهلين الغافلين السائرين الى سبيل الباطل والكذب وما سوى ذلك من الخواص واللوازم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [بآنكس كه كمراه شد از راه حق كه اسلامست] واعرض عن قبول الحق بعد ما عاين من الحكم والمواعظ والعبر وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بذلك اى ما عليك الا ما ذكر من الدعوة والتبليغ والمجادلة بالأحسن واما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فلا عليك بل الله اعلم بالضالين والمهتدين فيجازى كلا منهم بما يستحقه فكأنه قيل ان ربك اعلم بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل وكأنك تضرب منه فى حديد بارد: قال الشيخ سعدى قدس سره
توان پاك كردن زژنك آينه
…
وليكن نيايد ز سنك آينه
وقال الحافظ
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض
…
ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود
واعلم ان الناس ثلاثة اصناف. صنف مقطوع بحسن خاتمتهم مطلقا كالانبياء عليهم السلام والعشرة المبشرة. وصنف مقطوع بسوء عاقبتهم كأبى جهل وقارون وهامان وفرعون وغيرهم ممن قطع بسوء خاتمتهم مطلقا. وصنف مشكوك فى حسن خاتمتهم وسوء خاتمتهم مطلقا كعامة المؤمنين الأبرار وكافة الكافرين الفجار فان الأبرار كانوا ممدوحين فى ظاهر الشريعة من جهة العقائد والأعمال فى الحال والفجار كانوا مذمومين فى ظاهر الشريعة من تلك الجهة فى الحال لكن أمرهم فى المآل مفوض الى الله تعالى والله يعلم المفسد من المصلح ويميز بينهما فى الآخرة والعاقبة فكم من ولى فى الظاهر يعود عدو الله ووليا للشيطان نعوذ بالله
لكون ضلاله ذاتيا قد تداخله الاهتداء العارضى فاستترت ظلمته بصورة نور الاهتداء كاستتار ظلمة الليل بنور النهار عند ابلاج الليل فى النهار وكم من عدو فى الظاهر يعود وليا لله وعدوا للشيطان لكون اهتدائه اصليا قد تداخله الضلال العارضى فاستتر نوره بظلمة الضلال العارضى كاستتار نور النهار بظلمة الليل عند إيلاج النهار فى الليل فكما لا ينفع الاول الاهتداء العارضى ويكون غايته الى الهلاك كذلك لا يضر هذا الثاني الضلال العارضى ويكون خاتمته الى النجاة وعن ابى إسحاق رحمه الله تعالى قال كان رجل يكثر الجلوس إلينا ونصف وجهه مغطى فقلت له انك تكثر الجلوس إلينا ونصف وجهك مغطى اطلعنى على هذا قال وتعطينى الامان قلت نعم قال كنت نباشا فدفنت امرأة فاتيت قبرها فنبشت حتى وصلت الى اللبن فرفعت اللبن ثم ضربت بيدي الى الرداء ثم ضربت بيدي الى اللفافة فمددتها فجعلت تمدها هى فقلت أتراها تغلبنى فجثيت على ركبتى فجردت اللفافة فرفعت يدها فلطمتنى وكشف وجهه فاذا أثر خمس أصابع فى وجهه فقلت له ثم مه قال ثم رددت عليها لفافتها وإزارها ثم ردت التراب وجعلت على نفسى ان لا انبش ما عشت قال فكتبت بذلك الىّ الأوزاعي فكتب الىّ الأوزاعي ويحك اسأله عمن مات من اهل التوحيد ووجهه الى القبلة فسألته عن ذلك فقال أكثرهم حول وجهه عن القبلة فكتبت بذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ انا لله وانا اليه راجعون ثلاث مرات اما من حول وجهه عن القبلة فانه مات على غير السنة اى على غير ملة الإسلام وذلك لان ترك العمل بالكتاب والسنة والإصرار على المعاصي يجر كثير من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ بالله: قال الشيخ سعدى قدس سره
عروسى بود نوبت ما تمت
…
كرت نيك روزى بودى خاتمت
نسأل الله سبحانه ان يحفظ نور أيماننا وشمع اعتقادنا من صرصر الزوال ويثبت أقدامنا بالقول الثابت فى جميع الأوقات وعلى كل حال وَإِنْ عاقَبْتُمْ اى أردتم المعاقبة على طريقة قول الطبيب للمحمى ان أكلت فكل قليلا فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ اى بمثل ما فعل بكم وقد عبر عنه بالعقاب على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب نحو كما تدين تدان اى كما تفعل تجازى سمى الفعل المجازى عليه باسم الجزاء على الطريقة المذكورة او على نهج المشاكلة والمزاوجة يعنى تسمية الأذى الابتدائى معاقبة من باب المشاكلة والا فانها فى وضعها الأصل تستدعى ان تكون عقيب فعل نعم العرف جار على إطلاقها على ما يعذب به أحد وان لم يكن جزاء فعل كما فى حواشى سعدى المفتى قال القرطبي أطبق جمهور اهل التفسير ان هذا الآية مدنية نزلت فى شأن سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ان المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد بقروا بطونهم وجدعوا أنوفهم وآذانهم وقطعوا مذاكيرهم ما بقي أحد غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب لان أباه عامر الراهب كان مع ابى سفيان فتركوه لذلك ولما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله عليه الصلاة والسلام فرأى منظرا ساءه رأى حمزة قد شق بطنه واصطلم انفه وجدعت أذناه ولم ير شيأ كان أوجع لقلبه منه فقال (رحمة الله عليك كنت وصولا
للرحم فعالا للخير لولا ان تحزن النساء او يكون سنة بعدي لتركتك حتى يبعثك الله من بطون السباع والطير اما والله لئن اظفرنى الله بهم لا مثلن بسبعين مكانك) وقال المؤمنين ان أظهرنا الله عليهم لنزيدن على صنعهم ولنمثلن مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ولنفعلن ثم دعا عليه السلام ببردته فغطى بها وجه حمزة فخرجت رجلاه فجعل على رجليه شيأ من الاذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة وكان القتلى سبعين وفى التبيان صلى النبي عليه السلام على عمه حمزة سبعين تكبيرة او صلاة انتهى- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه صلى على فاطمة رضى الله عنها وكبر أربعا وهذا أحد ما استدل به فقهاء الحنفية على تكبيرات الجنازة اربع كما فى أنوار المشارق قال فى اسباب النزول ما حاصله ان حمزة رضى الله عنه قتله وحشي الحبشي وكان غلاما لجبير بن مطعم بن عدى بن نوفل وكان عمه طعيمة بن عدى قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش الى أحد قال له جبير ان قتلت حمزة عم محمد لعمى طعيمة فانت عتيق فأخذ الوحشي حربته فقذفه بها وكانت لا تخطئ حربة الحبشة حين قذفوا فكان ما كان ثم اسلم الوحشي وقال له صلى الله عليه وسلم (هل تستطيع ان تغيب عنى وجهك) وذلك انه عليه السلام كرهه لقتله حمزة فخرج فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج الناس الى مسيلمة الكذاب قال الوحشي لا خرجن الى مسيلمة لعلى اقتله فاكافئ به حمزة فخرج مع الناس فوفقه الله لقتله. ثم ان القتلى لما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية فكفر عليه السلام عن يمينه وكفه عما اراده والأمر وان دل على اباحة المماثلة فى المثلة من غير تجاوز لكن فى تقييده بقوله وَإِنْ عاقَبْتُمْ حث على العفو تعريضا قال فى البحر العلوم لا خلاف فى تحرير المثلة وقد وردت الاخبار بالنهى عنها حتى الكلب العقور وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ اى عن المعاقبة بالمثل وعفوتم وهو تصريح بما علم تعريضا لَهُوَ اى لصبركم هذا خَيْرٌ لكم من الانتصار بالمعاقبة اى العفو خير للعافين من الانتقام وانما قيل لِلصَّابِرِينَ مدحا لهم وثناء عليهم بالصبر وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم (بل نصبر يا رب) قال فى الخلاصة رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بلى أنت الأحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الأمر الى القاضي ليؤديه يجوز ومع هذا لواجاب لا بأس به. وفى مجمع الفتاوى لو قال لغيره يا خبيث فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال الله تعالى وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ والعفو أفضل قال الله تعالى فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى ان يجيبه بمثله تحرزا عن إيجاب الحد على نفسه. وفى تنوير الابصار للامام التمر تاشى ضرب غيره بغير حق وضرب المضروب يعزران ويبدأ باقامة التعزير بالبادى انتهى. ثم امر به صلى الله عليه وسلم صريحا لانه اولى الناس بعزائم الأمور لزيادة علمه بشؤونه تعالى ووفور وثوقه به فقيل وَاصْبِرْ على ما أصابك من جهتهم من فنون الآلام والاذية وعاينت من اعراضهم عن الحق بالكلية وصبره عليه السلام مستتبع لاقتداء الامة كقول من قال لابن عباس رضى الله عنهما عند التعزية اصبر نكن بك صابرين فانما صبر الرعية عند صبر الرأس
وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ بتوفيق الله واعانته لك على الصبر لان الصبر من صفات الله ولا يقدر أحد ان يتصف بصفاته اى إلا به بان يتحلى بتلك الصفة قال جعفر الصادق رضى الله عنه امر الله أنبياءه بالصبر وجعل الحظ الا على منه للنبى صلى الله عليه وسلم حيث جعل صبره بالله لا بنفسه وقال (وما صبرك الا بالله) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكافرين بوقوع اليأس من ايمانهم بك ومتابعتهم لك نحو فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون تخفيفا لكثرة استعماله بخلاف لم يصن ولم يخن ونحوهما ومعنى كثرة الاستعمال انهم يعبرون بكان ويكون عن كل الافعال فيقولون كان زيد يقول وكان زيد يجلس فان وصلت بساكن ردت النون وتحركت نحو وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ ولَمْ يَكُنِ الَّذِينَ الآية فِي ضَيْقٍ اى لا تكن فى ضيق صدر من مكرهم فهو من الكلام المقلوب الذي يسجع عليه عند أمن الالتباس لان الضيق وصف فهو يكون فى الإنسان ولا يكون الإنسان فيه. وفيه لطيفة اخرى وهى ان الضيق إذا عظم وقوى صار كالشئ المحيط به من جميع الجوانب مِمَّا يَمْكُرُونَ اى من مكرهم بك فيما يستقبل فاول نهى عن التأثم بمطلوب من قبلهم فات والثاني عن التأثم بمحذور من جهتهم آت إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا اجتنبوا المعاصي ومعنى المعية الولاية والفضل وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فى أعمالهم ويقال مع الذين اتقوا مكافاة المسيئ والذين هم محسنون الى من يعادى إليهم فالاحسان على الوجه الاول بمعنى جعل الشيء جميلا حسنا وعلى الثاني ضد الاساءة وفى الحديث (ان للمحسن ثلاث علامات يبادر فى طاعة الله ويجتنب محارم الله ويحسن الى من أساء اليه)
ز احسان خاطر مردم شود شاد
…
بتقوى خانه دين كردد آباد
بسوى اين صفتها كر شتابى
…
رضاى خلق وخالق هر دو يابى
قال ممشاد الدينوري رأيت ملكا من الملائكة يقول لى كل من كان مع الله فهو هالك الا رجل واحد قلت من هو قال من كان الله معه وهو قوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وذلك لان المقصود كينونة المحبوب مع الحب إذ هو يشعر بالرضى والإقبال واما كينونة المحب مع المحبوب فقد تحصل مع سخط المحبوب وإدباره وعن هرم بن حيان انه قيل له حين احتضر أوص فقال انما الوصية من المال ولا مال لى أوصيكم بخواتيم سورة النحل اى من ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ الى آخرها يقول الفقير سامحه الله القدير جمع شيخى وسندى روح الله روحه أصحابه قبل وفاته بيوم فقال اعلموا ايها الاصحاب انه لا مال لى حتى اوصى به ولكنى على مذهب اهل السنة والجماعة شريعة وطريقة ومعرفة وحقيقة فاعرفونى هكذا واشهدوا لى بهذا فى الدنيا والآخرة فهذا وصيتي وأشار حضرة الشيخ بهذا الى انه لا زيغ ولا الحاد فى اعتقاده وفى طريقه أصلا فانهم قالوا ان اهل التصوف تفرقت على اثنتي عشرة فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقي بدعيون. ويعلم السنى بشاهدين. أحدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة واليقظة والعلم لا على العمى والغفلة والجهل فمن عمل بخواتيم هذه السورة واتصف