الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحقيقة العفو والصبر والحلم والانشراح فى المنشط والمكره وترك الحزن والغم على الفائت والآتي. وبالتقوى على مراتبها وبالإحسان بانواعه فقد جعل لنفسه علامة الولاية والمغية والايمان الكامل وحسن الخاتمة وخير العاقبة اللهم احفظنا من الميل الى السوي والغير واختم عواقبنا بالخير يا رب تمت سورة النحل بما تحتويه من شواهد العقل والنقل فى يوم السبت التاسع عشر من شعبان المبارك المنتظم فى سلك شهور سنة اربع ومائة والف الجزء الخامس عشر من الاجزاء الثلاثين
تفسير سورة الاسراء
وهى مائة واحدى عشرة آية مكية قال فى الكواشي إلا من وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ الى نَصِيراً او فيها من المدني من قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ. وإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ. وإِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ. وإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ. ولَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ والتي تليها انتهى بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحانَ اسم بمعنى التسبيح الذي هو التنزيه ومتضمن معنى التعجب وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره اسبح الله عن صفات المخلوقين سبحانا بمعنى تسبيحا ثم نزل منزلة الفعل فناب منابه كقولهم معاذ الله وغفرانك وغير ذلك. وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكره بعده وهو لا ينافى التعجب قال فى التأويلات النجمية كلمة سبحان للتعجب بها يشير الى اعجب امر من أموره تعالى جرى بينه وبين حبيبه وفى الاسئلة الحكم اما اقتران الاسراء بالتسبيح ليتقى بذلك ذو العقل وصاحب الوهم ومن يحكم عليه خياله من اهل التشبيه والتجسيم مما يخيله فى حق الخالق من الجهة والجسد والحد والمكان. وانما تعجب بعروجه دون نزوله عليه السلام لانه لما عرج كان مقصده الحق تعالى ولما نزل كان مقصد. الخلق والمقصود من التعجب التعجب بعروجه. وايضا ان عروجه اعجب من نزوله لان عروج الكثيف الى العلو من العجائب الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ قال الكاشفى [پاكى وبي عيبى آنرا كه بجهت كرامت ببرد بنده خود را كه محمد است صلى الله عليه وسلم] الاسراء السير بالليل خاصة كالسرى يقال اسرى وسرى اى سار ليلا ومنه السرية لواحدة السرايا لانها تسرى فى خفية واسرى به اى سيره ليلا قال النضر سقط السؤال والاعتراضات على المعراج بقوله اسرى دون سار ونظيره قوله عليه السلام (حببّ الى من دنياكم ثلاث) حيث لم يقل أحببت. وانما قال بعبده دون بنبيه لئلا يتوهم فيه نبوة والوهة كما توهموا فى عيسى
ابن مريم عليهما السلام بانسلاخه عن الأكوان وعروجه بجسم الى الملأ الأعلى مناقضا للعادات البشرية وأطوارها. وادخل الباء للمناسبة بين العبودية التي هى الذلة والتواضع وبين الباء التي هى حرف الخفض والكسر فان كل ذليل منكسر وفيه اشارة الى شرف مقام العبودية حتى قال الامام فى تفسيره ان العبودية أفضل من الرسالة لان بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق فهى مقام الجمع وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق فهى مقام الفرق والعبودية ان يكل أموره الى سيده فيكون هو المتكفل بإصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما قال الشيخ الأكبر قدس سره ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقي بروحه رؤيا رآها اى قبل النبوة وبعدها وكان الاسراء الذي حصل له قبل ان يوحى اليه توطئة له وتيسيرا عليه كما كان بدأ نبوته الرؤيا الصادقة والذي يدل على انه عليه السلام عرج مرة بروحه وجسده معا قوله اسرى بعبده فان العبد اسم للروح والجسد جميعا وايضا ان البراق الذي هو من جنس الدواب انما يحمل الأجساد وايضا لو كان بالروح حال النوم او حال الفناء او الانسلاخ لما استبعده المنكرون إذ المتهيئون من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك ويتعارفونه بينهم قال الكاشفى [آنانكه درين قصه ثقل جسد را مانع دانند از صعود ارباب بدعت اند ومنكر قدرت]
آنكه سرشت تنش از جان بود
…
سير وعروجش بتن آسان بود
وقد ذكروا ان جبريل عليه السلام أخذ طينة النبي صلى الله عليه وسلم فعجنها بمياه الجنة وغسلها من كل كثافة وكدورة فكأن جسده الطاهر كان من العالم العلوي كروحه الشريف فان قلت ففيم اسرى به قلت قال صلى الله عليه وسلم (اسرى بي فى قفص من لؤلؤ فراشه من ذهب) كما فى بحر العلوم لَيْلًا نصب على الظرف وهو تأكيد إذا الاسراء فى لسان العرب لا يكون الا ليلا حتى لا يتخيل انه كان نهارا ولا يظن انه حصل بروحه او لافادة تقليل مدة الاسراء فى جزء من الليل لما فى التنكير من الدلالة على البعضية من حيث الافراد فان قولك سرت ليلا كما يفيد بعضية زمان سيرك من الليالى يفيد بعضيته من فرد واحد منها بخلاف ما إذا قلت سرت الليل فانه يفيد استيعاب السير له جميعا فيكون معيارا للسير لا ظرفاله وهى ليلة سبع وعشرين من رجب ليلة الاثنين وعليه عمل الناس قالوا انه عليه السلام ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين واسرى به ليلة الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ومات يوم الاثنين ولعل سره ان يوم الاثنين اشارة الى التعين الثاني الذي هو مبدأ الفياضية ونظيره الباء كما ان الباء من الحروف الهجائية
له التعين الثاني فكذا يوم الاثنين فكان الالف ويوم الأحد بمنزلة تعين الذات والباء ويوم الاثنين اى تعينهما بمنزلة تعين الصفات فافهم وفى وصف هذه الليلة: قال المولى الجامى قدس سره
ز قدر او مثالى ليلة القدر
…
ز نور او براتى ليلة البدر
سواد طره اش خجلت ده حور
…
بياض غره اش نور على نور
نسيمش جعد سنبل شانه كرده
…
هوايش أشك شبنم دانه كرده
بمسمار ثوابت چرخ سيار
…
به بسته در جهان درهاى ادبار
طرب را چون سخن خندان از ولب
…
كريزان روز محنت زو شباشب
فان قلت فلم جعل المعراج ليلا ولم يجعل نهارا حتى لا يكون إشكال وطعن قلت ليظهر تصديق من صدق وتكذيب من كذب. وايضا ان الليل محل الخلوة بالحبيب فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق والليل مظهر البطون والنهار مظهر الظهور والليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وكان الاسراء قبل الهجرة بسنة: يعنى [در سال دوازدهم از مبعث بوده] مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أصح الروايات على ان الاسراء كان من بيت أم هانئ بنت ابى طالب وكان بيتها من الحرم والحرم كله مسجد. قالوا حدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على سبعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال والمواقيت الخمسة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وعينها للاحرام فناء للحرام وهو فناء للمسجد الحرام وهو فناء للبيت شرفه الله تعالى فابيت اشارة الى الذات الالهية والمسجد الحرام الى الصفات والحرم الى الافعال وخارج المواقيت الى الآثار ومن قصد مكة سواء كان للزيارة او غيرها لا يحل له التجاوز من هذه الافنية غير محرم تعظيما لها وقس عليه دخول المساجد وحضور المشايخ اصحاب القلوب للصلاة والزيارة فانه لا بد من ادب الظاهر والباطن فى كل منهما- ذكروا- ان الحجر الأسود اخرج من الجنة وله ضوء فكل موضع بلغ ضوءه كان حرما وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما اهبط آدم الى الأرض خر ساجدا معتذرا فارسل الله تعالى جبريل بعد أربعين سنة يعلمه بقبول توبته فشكا الى الله تعالى ما فاته من الطواف بالعرش فاهبط الله له البيت المعمور وكان ياقوتة حمراء فاضاء ما بين المشرق والمغرب فنفرت من ذلك النور الجن والشياطين وفزعوا وتفرقوا فى الجو ينظرونه فلما رأوه اى النور من جانب مكة اقبلوا يريدون الاقتراب اليه فارسل الله تعالى ملائكته فقاموا حوالى الحرم فى مكان الاعلام اليوم ومنعوهم فمن ثمة تسمى الحرم بالحرم إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اى بيت المقدس وسمى بالأقصى اى الأبعد لانه لم يكن حينئذ ورآه مسجد فهو ابعد المساجد من مكة وكان بينهما اكثر من مسيرة شهر قال بعض العارفين أشار بالمسجد الحرام الى مقام القلب المحرم ان يطوف به مشركوا القوى البدنية الحيوانية وترتكب فيه فواحشها وخطاياها وتحجه غير القوى الحيوانية من الصفات البهيمية والسبعية. وأشار بالمسجد الأقصى الى مقام الروح الا بعد من العالم الجسماني لشهود تجليات الذات قال فى هدية المهديين معراج النبي عليه السلام الى المسجد الأقصى ثابت بالكتاب وهو فى اليقظة وبالجسد بإجماع القرن الثاني ثم الى السماء بالخبر المشهور ثم الى الجنة او العرش او الى طواف العالم بخبر الواحد انتهى قال الكاشفى [رفتن آن حضرت از مكه ببيت المقدس بنص قرآن ثابتست ومنكر آن كافر وعروج بر آسمانها ووصول بمرتبه قربت بأحاديث صححه مشهوره كه قريبست بحد تواتر ثابت كشت وهر كه انكار آن كند ضال ومبتدع باشد]
شاهد معراج نبى وافرست
…
وآنكه مقر نيست بدين كافرست
دستكه سلطنت اين وصال
…
نيست به پامزدى خيل خيال
عقل چهـ داند چهـ مقامست اين
…
عشق شناست كه چهـ دامست اين
الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [آن مسجدى كه بركت كرديم بر كرد او] ببركات الدين والدنيا لانه مهبط الوحى والملائكة ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالأنهار والأشجار المثمرة فدمشق والأردن فلسطين من المدائن التي حوله لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التي ما شرف بإراءتها أحدا من الأولين والآخرين إلا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه تبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو أعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما أراه الله تعالى فى تلك الليلة انما هو بعض آياته العظمى واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم وسقط الاعتراض بان الله تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم أفضل وحاصل الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى الله تعالى أعظم واشرف من ملكوت السموات والأرض كلها كما قال تعالى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدة بيت المقدس وتمثل الأنبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى. فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصرير الأقلام وشهود الألواح وما غشى الله سدرة المنتهى من الأنوار وانتهاء الأرواح والعلوم والأعمال إليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الأنفس كما قال سبحانه سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ وقوله أَوْ أَدْنى من آيات الأنفس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وأيده ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوه منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما نقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التي غابت عنه كانه تعالى قال ما أسريت به الا لرؤية الآيات لا الىّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذي وسعني قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه أينما كان نزولا وعروجا واستواء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لا قواله صلى الله عليه وسلم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب الْبَصِيرُ بأفعاله بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة بأقواله وأفعاله حاصلة من غير حاجة
الى التقريب وفى التأويلات وفى قوله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اشارة الى ان النبي صلى الله عليه وسلم هو السميع الذي قال الله (كنت له سمعا فبى يسمع وبي يبصر) فتحقيقه لنريه من آياتنا المخصوصة بجمالنا وجلالنا انه هو السميع بسمعنا البصير ببصرنا فانه لا يسمع كلامنا الا بسمعنا ولا يبصر جمالنا الا ببصرنا
چودر مكتب بي نشانى رسيد
…
چكويم كه آنجا چهـ ديد وشنيد
ورق در نوشتند وكم شد سبق
…
شنيدن بحق بود وديدن بحق
(وتفصيل القصة) انه عليه السلام بات ليلة الاثنين ليلة السابع والعشرين من رجب كما سبق فى بيت أم هانى بنت ابى طالب واسمها على الأشهر فاختة أسلمت يوم الفتح وهرب زوجها جبيرة الى نجران ومات بها على كفره واضطجع عليه السلام هناك بعد ان صلى الركعتين اللتين كان يصليهما وقت العشاء ونام ففرج عن سقف بيتها ونزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام ومع كل واحد منهم سبعون الف ملك وأيقظه جبريل بجناحه كما قال المولى الجامى
در ين شب آن چراغ چشم بينش
…
سزاى آفرين از آفرينش
چودولت شد ز بد خواهان نهانى
…
سوى دولت سراى ام هانى
به پهلو تكيه بر مهد زمين كرد
…
زمين را مهد جان نازنين كرد
دلش بيدار چشمش در شكر خواب
…
نديده چشم بخت اين خواب در خواب
در آمد ناكهان ناموس اكبر
…
سبك روتر ازين طاوس اخضر
برو ماليد پر كاى خواجه برخيز
…
كه امشب خوابت آمد دولت انگيز
برون بر يكزمان زين خوابكه رخت
…
تو بخت عالمى بيخواب به بخت
قال عليه السلام (فقمت الى جبريل فقلت أخي جبريل مالك فقال يا محمد ان ربى تعالى بعثني إليك أمرني ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا يكرم بها أحد بعدك فانك تريد ان تكلم ربك وتنظر اليه وترى فى هذه الليلة من عجائب ربك وعظمته وقدرته) قال عليه السلام (فتوضأت وصليت ركعتين) وشق جبريل صدره الشريف من الموضع المنخفض بين الترقوتين الى أسفل بطنه اى أشار الى ذلك فانشق فلم يكن الشق بآلة ولم يسل دم ولم يجد له عليه السلام الما لانه من خرق العادة وظهور المعجزات فجاء بطست من ماء زمزم واستخرج قلبه عليه السلام فغسل ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من أذى وفيه اشارة الى فضل زمزم على المياه كلها جنانية او غيرها ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ ايمانا وحكمة فافرغ فيه لان المعاني تمثل بالأجسام كالعلم بصورة اللبن ووضعت فيه السكنة ثم أعاد القلب الى مكانه والتأم صدره الشريف فكانوا يرون اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مروريد جبريل ووقع له عليه السلام شق الصدر ثلاث مرات- والمرة الاولى- حين كان فى بنى سعد وهو ابن خمس سنين على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما واخرج فى هذه المرة الفلقة السوداء من القلب التي هى حظ الشيطان ومحل غمزه اى محل ما يلقيه من الأمور التي لا تنبغى فلم يكن
للشيطان فى قلب النبي عليه السلام حظ وكذا لم يكن لقلبه الطاهر ميل الى لعب الصبيان ونحوه وهو مما اختص به دون الأنبياء عليهم السلام إذ لم يكن لهم شرح الصدر على هذا الأسلوب وللورثة الكمل حظ من هذا المعنى فانه يخرج من بعضهم الدم الأسود بالقيء فى حال اليقظة ومن بعضهم حال الفناء والانسلاخ والاول أتم لانه يزول القلب بالكلية فينشط للعبادات كالعادات وجاء جبريل فى هذه المرة بخاتم من نور يحار الناظرون دونه فختم به قلبه عليه السلام لحفظ ما فيه وختم ايضا بين كتفيه بخاتم النبوة اى الذي هو علامة على النبوة وكان حوله خيلان فيها شعرات سود مائلة الى الحضرة وكان كالتفاحة او كبيض الحمامة او كزر الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة كالقطاة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر وزرها بيضتها قال الترمذي والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرها الذي يدخل فى عروتها كما فى حياة الحيوان مكتوب عليه «لا اله الا الله محمد رسول الله» او «محمد نبى أمين» او غير ذلك والتوفيق بين الروايات بتنوع الحظوظ بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين قال الامام الدميري ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق هيكل الإنسان فى صورة بلور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله تعالى فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الإلهي كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه اشارة الى عصمته من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الإلهي أيده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك- والمرة الثانية- عند مجيئ الوحى فى بلوغه سن أربعين ليحصل له التحمل لا عباء الرسالة- والمرة الثالثة- ليلة الاسراء وهو ابن ثنتين وخمسين ليتسع قلبه لحفظ الاسرار الالهية والكلمات الربانية وجاء جبريل هذه الليلة بدابة بيضاء ومن ثمة قيل لها البراق بضم الموحدة لشدة بريقها او لسرعتها فهى كالبرق الذي يلمع فى الغيم كما قال المولى الجامى قدس سره
پسيج راه عرشت كردم اينك
…
يراقى برق سير آوردم اينك
جهنده بر زمين خوش بادپايى
…
پرنده در هوا فرخ همايى
چوعقل كل سوى أفلاك كردى
…
چوفكر هندسه كيتى نوردى
نه دست كس عنان او بسوده
…
نه از پايى ركابش كشته سوده
وهى دابة فوق الحمار دون البغل قال صاحب المنتقى الحكمة فى كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس التنبيه على ان الركوب فى سلم وأمن لا فى خوف وحرب او لاظهار الآية فى الاسراع العجيب فى دابة لا يوصف شكلها بالاسراع فانه كان يضع خطوه عند أقصى طرفه ويؤخذ من هذا انه أخذ من الأرض الى السماء فى خطوة لان بصر من فى الأرض يقع على السماء
والى السموات السبع فى سبع خطوات لان بصر من يكون فى السماء يقع على السماء التي فوقها وبه يرد على من استبعد من المتكلمين إحصار عرش بلقيس فى لحظة واحدة وقال فى ربيع الأبرار خد البراق كخد الإنسان وقوائمها كقوائم البعير وعرفها كعرف الفرس وعليها سرج من لؤلؤة بيضاء وركابان من زبرجد اخضر وعليها لجام من ياقوت احمر يتلألأ نورا قال فى انسان العيون لا ذكر ولا أنثى ومن لا يوصف بوصف المذكر والمؤنث فهو حقيقة ثالثة ويكون خارجا من قوله تعالى وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ كما خرجت الملائكة من ذلك فانهم ليسوا ذكورا ولا إناثا قال عليه السلام (فما رأيت دابة احسن منها وانى لمشتاق إليها من حسنها فقلت يا جبريل ما هذه الدابة فقال هذا البراق فاركب عليه حتى تمضى الى دعوة ربك فاخذ جبريل بلجامها وميكائيل بركابها واسرافيل من خلفها فقصدت الى ان اركبها فجمحت الدابة وأبت فوضع جبريل يده على وركها وقال لها أما تستحيين مما فعلت فو الله ما ركبك أحد أكرم على الله من محمد فرشحت عرقا من الحياء) قال ابن دحية لم يركب البراق أحد قبله عليه السلام ووافقه الامام النووي فقول جبريل ما ركبك لا ينافيه لان السالبة تصدق بنفي الموضوع فقالت يا جبريل لم استصعب منه الا ليضمن ان يشفع لى يوم القيامة لانه أكرم الخلائق على الله فضمن لها ذلك. قالوا الورد الأبيض خلق من عرق جبريل والأصفر من عرق البراق وعن انس رضى الله عنه رفعه (لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر من نباتها فلما رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد احمر ألا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر) قال ابو الفرج النهرواني هذا الخبر يسير من كثير مما أكرم الله تعالى به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة يقول الفقير هذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا ورد احمر وابيض واصفر إذ ذلك من باب الكرامة ونظير ذلك ان حواء عليها السلام حين أهبطت الى الأرض بكت فما وقع من قطرات دموعها فى البحر صار لؤلؤا وهذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا در فى البحر وقس عليه الملح فان ابراهيم عليه السلام اتى بكف من كافور الجنة فذراه فحيثما وقع ذرة منه فى أطراف العالم انقلب مملحة وكان قبل هذا ملح لكن لا بهذه المثابة قال عليه السلام (فركبتها)
از ان دولت سرا چون خواجه دين
…
خرامان شد بعزم خانه زين
شد از سبوحيان كردون صداده
…
كه سبحان الذي اسرى بعبده
واختلفوا هل ركبها جبريل معه قال صاحب المنتقى الظاهر عندى انه لم يركب لانه عليه السلام مخصوص بشرف الاسراء فانطلق البراق يهوى به يضع حافره حيث أدرك طرفه حتى بلغ أرضا فقال له جبريل انزل فصل هاهنا ففعل ثم ركب فقال له جبريل أتدري اين صليت قال (لا) قال صليت بمدين وهى قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى سميت باسم مدين بن موسى لما نزلها فانطلق البراق يهوى به فقال له جبريل انزل فصل ففعل ثم ركب فقال له أتدري أين صليت قال (لا) قال صليت ببيت لحم وهى قرية تلقاء بيت المقدس حيث ولد عيسى عليه السلام وبينا هو صلى الله عليه وسلم على البراق إذ رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار
كلما التفت رآه فقال له جبريل ألا أعلمك كلمات تقولهن إذا أنت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال عليه السلام (بلى) فقال جبريل قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ فى الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار الا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام (ذلك) فانكب لفيه وطفئت شعلته ورآى صلى الله عليه وسلم حال المجاهدين فى سبيل الله اى كشف له عن حالهم فى دار الجزاء بضرب مثال. فرأى قوما يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال (يا جبرائيل ما هذا) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم ونادى مناد عن يمينه يا محمد أنظرني اسألك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى اليهود أما انك لو أجبته لتهودت أمتك اى لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الامة ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى النصارى أما انك لو أجبته لتنصرت أمتك اى لتمسكوا بالإنجيل وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثال فرأى امرأة حاسرة عن ذراعيها لان ذلك شأن المقتنص لغيره وعليها من كل زينة خلقها الله تعالى ومعلوم ان النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب اليه فكيف بوجود سائر انواع الزينة: قال الحافظ
خوش عروسيست جهان از سر صورت ليكن
…
هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد
: وقال
از ره مرو بعشوه دنيى كه اين عجوز
…
مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود
فقالت يا محمد أنظرني اسألك فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال تلك الدنيا أما انك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ورأى صلى الله عليه وسلم على جانب الطريق عجوزا فقالت يا محمد أنظرني فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال انه لم يبق شىء من عمر الدنيا الا ما بقي من عمر تلك العجوز وفى كلام بعضهم قد يقال لها شابة وعجوز بمعنى يتعلق بذاتها وبمعنى يتعلق بغيرها. الاول وهوانها من أول وجود هذا النوع الإنساني الى ايام ابراهيم عليه السلام تسمى الدنيا شابة وفيما بعد ذلك الى بعثة نبينا عليه السلام كهلة ومن بعد ذلك الى يوم القيامة تسمى عجوزا وهذا بالنسبة الى القرن الإنساني والا فقد خلق آدم عليه السلام والدنيا عجوز ذهب شبابها ونضارتها كما ورد فى بعض الاخبار فان قلت الشباب ومقابله انما يكون فى الحيوان قلت الغرض من ذلك التمثيل وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الامانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فاتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ويريدان يتحمل عليها قيل «اتقوا الواوات» اى اتقوا مدلولات الكلمات التي أولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة فى دار الجزاء فاتى على قوم ترضخ رؤسهم كلما رضخت عادت كما كانت فقال
(يا جبريل من هؤلاء) قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة المكتوبة اى المفروضة عليهم وكشف له عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه فاتى على قوم على
إقبالهم رقاع وعلى ادبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل انه لا يعرف شجره فى الدنيا وانما هو شجر فى النار وهى المذكورة فى قوله تعالى إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ويأكلون رضف جهنم اى حجارتها المحماة التي تكون بها فقال (من هؤلاء يا جبريل) قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم المفروضة عليهم وكشف له عن حال الزناة بضرب مثل فاتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج فى قدور ولحم نيئ ايضا فى قدور خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتى رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح «وكشف له عن حال من يقطع الطريق بضرب مثال فاتى عليه السلام على خشبة لا يمر بها ثوب ولا شىء إلا خرقته فقال (ما هذه يا جبريل) قال هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه وتلا وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وفيه اشارة الى الزناة المعنوية وقطاع الطريق عن اهل الطلب وهم الدجاجلة والائمة المضلة فى صورة السادة القادة الاجلة فانهم يفسدون أرحام الاستعدادات والاعتقادات بما يلقون فيها من نطف خلاف الحق ويصرفون المقلدين عن طريق التحقيق ويقطعون عليهم خير الطريق فاولئك يحشرون مع الزناة والقطاع وكشف له عن حال من يأكل الربا اى حالته التي يكون عليها فى دار الجزاء فرأى رجلا يسبح فى النهر من دم يلقم الحجارة فقال (من هذا) فقال آكل الربا وكشف له عن حال من يعظ ولا يتعظ فاتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء خطباء الفتنة خطباء أمتك يقولون ما لا تفعلون.
از من بكوى عالم تفسير كوى را
…
كر در عمل نكوشى تو نادان مفسرى
بار درخت علم ندانم بجز عمل
…
با علم اگر عمل نكنى شاخ بي برى
وكشف له عن حال المغتابين للناس فمر على قوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى اعراضهم وكشف له عن حال من يتكلم بالفحش بضرب مثال فأتى على حجر يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث يخرج فلا يستطيع فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا الرجل من أمتك يتكلم الكلمة العظيمة ثم يندم عليها أفلا يستطيع ان يردها وكشف له عن حال من احوال الجنة فأتى على واد فوجده طيبا باردا ريحه ريح المسك وسمع صوتا فقال (يا جبريل ما هذا) قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتنى ما وعدتني وكشف له عن حال من احوال النار فأنى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبيثة فقال (ما هذا يا جبريل) قال صوت جهنم تقول يا رب ائتنى ما وعدتني: وفى المثنوى
ذره ذره كاندرين ارض وسماست
…
جنس خود را هر يكى چون كهرباست «1»
معده نانرا مى كشد تا مستقر
…
مى كشد مر آب را تف جگر
چشم جذاب بتان ز اين كويهاست
…
مغز جويان از كلستان بويهاست
ومر عليه السلام على شخص متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد قال جبريل سر يا محمد قال عليه السلام (من هذا) قال عدو الله إبليس أراد ان تميل اليه
آدمي را دشمن پنهان بسيست
…
آدمىء با حذر عاقل كسيست «2»
ومر عليه السلام على موسى وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر وهو يقول برفع صوته أكرمته وفضلته فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا موسى بن عمران عليه السلام قال (ومن يعاتب) قال له يعاتب ربه فيك. والعتاب مخاطبة فيها إدلال والظاهر انه عليه السلام نزل عند قبره فصلى ركعتين ومر عليه السلام على شجرة تحتها شيخ وعياله فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا أبوك ابراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه السلام فقال من هذا الذي معك يا جبريل قال هذا ابنك محمد صلى الله عليه وسلم قال مرحبا بالنبي العربي الأمي ودعاله بالبركة وكان قبر ابراهيم تحت تلك الشجرة فنزل عليه السلام وصلى هناك ركعتين ثم ركب وسار حتى اتى الوادي الذي فى بيت المقدس فاذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي وهى النمارق اى الوسائد فقيل يا رسول الله كيف وجدتها قال (مثل الحممة) اى الفحمة ومضى عليه السلام حتى انتهى الى ايليا من ارض الشام وهو بالكسر مدينة القدس واستقبله من الملائكة جم غفير لا يحصى عددهم فدخلها من الباب اليماني الذي فيه مثال الشمس والقمر ثم انتهى الى بيت المقدس وكان بباب المسجد حجر فادخل جبريل يده فيه فخرقه فكان كهيئة الحلقة وربط به البراق. وفى حديث ابى سفيان رضى الله عنه قبل إسلامه انه قال لقيصر يحط من قدره صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك ايها الملك عنه خبرا تعلم منه انه يكذب فقال وما هو قال انه يزعم انه خرج من ارضنا ارض الحرم فجاء مسجدكم هذا ورجع إلينا فى ليلة واحدة فقال بطريق انا اعرف تلك الليلة فقال له قيصر ما أعلمك بها قال انى كنت لا أبيت ليلة حتى اغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير واحد وهو الباب الفلاني غلبنى فاستعنت عليه بعمالى ومن يحضرنى فلم يفد فقالوا ان البناء نزل عليه فاتركوه الى غد حتى يأتى بعض النجارين فيصلحه فتركته مفتوحا فلما أصبحت غدوت فاذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب وإذا فيه اثر مربط الدابة ولم أجد بالباب ما يمنعه من الاغلاق فعلمت انه انما امتنع لاجل ما كنت أجده فى العلم القديم ان نبيا يصعد من بيت المقدس الى السماء وعند ذلك قلت لاصحابى ما حبس هذا الباب الليلة الا لهذا الأمر ولا يخفى ان عدم انغلاق الباب انما كان ليكون آية والا فجبريل لا يمنعه باب مغلق ولا غيره وكذا خرق المربط وربط البراق والا فالبراق لا يحتاج الى الربط كسائر الدواب الدنيوية فان الله تعالى قد سخره لحبيبه عليه السلام ولما استوى عليه السلام على الحجر المذكور قال جبريل يا محمد هل سألت ربك ان يريك الحور العين قال (نعم) قال جبريل فانطلق الى أولئك النسوة فسلم عليهن فسلم عليه السلام عليهن فرددن
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان عمود غزقوى ورفاقت او شب با دزدان
(2)
در أوائل دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وميان فضيلت ومنافع دانش
عليه السلام فقال من أنتن قلن خيرات حسان نساء قوم ابرار تقوا فلم يدرنوا وأقاموا فلم يظعنوا وخلدوا فلم يموتوا ثم دخل عليه السلام المسجد ونزلت الملائكة واحيى الله له آدم ومن دونه من الأنبياء من سمى الله ومن لم يسم حتى لم يشذ منهم أحد فرآهم فى صورة مثالية كهيئتهم الجسدانية الا عيسى وإدريس والخضر والياس فانه رآهم بأجسادهم الدنيوية لكونهم من زمرة الاحياء كما هو الظاهر فسلموا عليه وهنأوه بما أعطاه الله تعالى من الكرامة وقالوا الحمد لله الذي جعلك خاتم الأنبياء فنعم النبي أنت ونعم الأخ أنت وأمتك خير الأمم ثم قال جبريل تقدم يا محمد وصل بإخوانك من الأنبياء ركعتين فصلى بهم ركعتين وكان خلف ظهره ابراهيم وعن يمينه إسماعيل وعن يساره إسحاق عليهم السلام وكانوا سبعة صفوف ثلاثة صفوف من الأنبياء المرسلين واربعة من سائر الأنبياء قال فى انسان العيون والذي يظهر والله اعلم ان هذه الصلاة كانت من النفل المطلق ولا يضر وقوع الجماعة فيها انتهى وفى منية المفتى ايضا امامة النبي عليه السلام ليلة المعراج لارواح الأنبياء وكانت فى النافلة انتهى قال عليه السلام (لما وصلت الى بيت المقدس وصليت فيه ركعتين) اى اماما بالأنبياء والملائكة (أخذني العطش أشد ما أخذني فأتيت باناءين فى أحدهما لبن وفى الآخر خمر فاخذت الذي فيه اللبن وكان ذلك بتوفيق ربى فشربته الا قليلا منه وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة يا محمد) لان فطرته هى الملائمة للعلم والحلم والحكمة (اما انك لو شربت الخمر لغوت أمتك كلها ولو شربت اللبن كله لما ضل أحد من أمتك بعدك فقلت يا جبريل اردد علىّ اللبن حتى اشربه كله فقال جبريل قضى الأمر ليقضى الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وان الله لسميع عليم) قال بعضهم انه لم يختلف أحد أنه عرج به صلى الله عليه وسلم من عند الهبة التي يقال لها قبة المعراج عن يقين الصخرة وقد جاء (صخرة بيت المقدس من صخور الجنة) وفيها اثر قدم النبي عليه السلام قال ابى بن كعب ما من ماء عذب الا وينبع من تحت صخرة بيت المقدس ثم يتفرق فى الأرض وهذه الصخرة من عجائب الله فانها صخرة شعثاء فى وسط المسجد الأقصى قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها الا الذي يمسك السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ومن تحتها المغارة التي انفصلت من كل جهة فهى معلقة بين السماء والأرض قال الامام ابو بكر بن العربي فى شرح الموطأ امتنعت لهيبتها ان ادخل من تحتها لانى كنت أخاف ان تسقط علىّ بالذنوب ثم بعد مدة دخلتها فرأيت العجب العجاب تمشى فى جوانبها من كل جهة فتراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شىء ولا بعض شىء وبعض الجهات أشد انفصالا من بعض قال بعضهم بيت المقدس اقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا وباب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس اى ولهذا اسرى به عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ليحصل العروج مستويا من غير تعويج يقول الفقير رقاه الله القدير الى معرفة سر المعراج المنير لعل وجه الاسراء الى بيت المقدس هو التبرك بقدمه الشريفة لكون مدينة القدس ومسجدها متعبد كثير من الأنبياء ومدفنهم لا لانه يحصل العروج مستويا فان ذلك من باب قياس الغائب على الشاهد وتقدير الملكوت بالملك إذ الأرواح الطيبة وألطفها
النبي عليه السلام بجسمه وروحه لا حائل لهم واعتبار الاستواء والتعويج من باب التكلف الذي لا يناسب حال المعراج وقد ثبت ان عيسى عليه السلام سينزل الى المنارة البيضاء الدمشقية ولم يعهد انها حيال باب السماء فالجواب العقلي لا يتمشى هاهنا قال فى ربيع الأبرار (ثم قال لى جبريل قم يا محمد فقمت فاذا بسلم من ذهب قوائمه من فضة مركب من اللؤلؤ والياقوت يتلألأ نوره وإذا أسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه فى السماء فقيل لى يا محمد اصعد فصعدت) وفى انسان العيون عرج الى السماء من الصخرة على المعراج لا على البراق. والمعراج بكسر الميم وفتحها الذي تعرج أرواح بنى آدم فيه وهو سلم له مرقاة من ذهب وهذا المعراج لم تر الخلائق احسن منه أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا
الى السماء اى بعد خروج روحه فان ذلك عجبه بالمعراج الذي نصب لروحه لتعرج عليه وذلك شامل للمؤمن والكافر الا ان المؤمن يفتح لروحه باب السماء دون الكافر فترد بعد عروجها تحسرا وندامة وتبكيتا له وذلك المعراج اتى به من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ اى جعل فيه اللؤلؤ بعضه على بعض عن يمينه ملائكة ويساره ملائكة فصعد صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل وفى كلام بعض المشايخ ان المراد بالمعراج صورة الجذب والانجذاب وتمثيل الصعود والا فالآلة لا تتمشى هناك إذ لا يقاس السير الملكوتي على السير الملكي والظاهر ان عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى الصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب السير والاسراء فانه لو لم يكن جسده تابعا لروحه لتعذر العروج فلصورته صورة ولمعناه معنى وكل منهما خلاف ما تتصوره الأوهام وهو اللائح بالبال والحمد الله الملك المتعال واعلم ان المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى بالمواليد الثلاثة آباؤها الا ثيريات اى الاجرام الاثيرية التي هى الافلاك بما فيها من الاجرام النيرة وأمهاتها العنصريات والعناصر اربعة الأرض والماء والهواء والنار فالارض ثقيل على الإطلاق والماء ثقيل بالاضافة الى الهواء والنار وهو ميحط بأكثر الأرض والهواء خفيف مضاف الى الثقلين يطلب العلو وهو محيط بكرة الأرض والماء والنار خفيف على اطلاق يحيط بكرة الهواء والنبي صلى الله عليه وسلم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية والحركة القسرية غير منكورة عندنا وعند المحيلين لهذا الاسراء الجسماني فانا نأخذ الحجر وطبعه النزول فنرمى به فى الهواء فصعوده فى الهواء بخلاف طبعه وبطبعه اما قولنا بخلاف طبعه فان طبعه يقتضى الحركة نحو المركز فصعوده فى الهواء عرضى بالحركة القسرية وهى الرمي به علوا واما قولنا وبطبعه فانه على طبيعة يقبل بها الحركة القسرية ولو لم يكن ذلك فى طبعه لما انفعل لها ولا قبلها وكذلك اختراقه عليه السلام الفلك الاثيرى وهو نار والجسم الإنساني مهيأ مستعد لقبول الاحتراق ثم ان المانع من الاحتراق امور يسلمها الخصم فتلك الأمور كانت الحجب التي خلقها الله سبحانه فى جسم المسرى به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الأجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار او امر آخر وهو ان الطريق الذي اخترقه ليس النار فيه الا محمولة فى جسم لطيف ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل به ضدها كنار ابراهيم عليه السلام قال عليه السلام (انتهيت الى بحر اخضر عظيم أعظم
ما يكون من البحار فقلت يا جبرائيل ما هذا البحر فقال يا محمد هذا بحر فى الهواء لا شىء من فوقه يتعلق به ولا شىء من تحته يقر فيه ولا يدرى قعره وعظمته الا الله تعالى ولولا ان هذا البحر كان حائلا لاحترق ما فى الدنيا من حر الشمس) ثم قال (ثم انتهيت الى السماء الدنيا واسمها رفيع فأخذ جبريل بعضدي وضرب بابها به وقال افتح الباب) وانما استفتح لكون انسان معه ولو انفرد لما طلب الفتح ولكون مجيئه على خلاف ما كانوا يعرفونه قبل (قال الحارس من أنت قال جبريل قال ومن معك فانه رأى شخصا معه لم يعرفه قال محمد قال أو قد بعث محمد قال نعم) وذلك لجواز ان يعرف ولادته عليه السلام ويخفى عليه بعثته قال (الحمد لله فتح لنا الباب ودخلنا فلما نظر الىّ قال مرحبا بك يا محمد ولنعم المجيء مجيئك فقلت يا جبريل من هذا قال هذا إسماعيل خازن السماء الدنيا وهو ينتظر قدومك فاذن وسلم عليه فدنوت وسلمت فرد عليه السلام وهنأنى فلما صرت اليه قال ابشر يا محمد فان الخير كله فيك وفى أمتك فحمد الله على ذلك) وهذا الملك لم يهبط الى الأرض قط الا مع ملك الموت لما نزل لقبض روحه الشريفة (تحت يده سبعون الف ملك تحت يد كل ملك سبعون الف ملك قال وإذا جنوده قائمون صفوفا ولهم زجل بالتسبيح يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح قدوسا قدوسا لرب الأرباب سبحان العظيم الأعظم وكان قراءتهم سورة الملك فرأيت فيها كهيئة عثمان بن عفان فقلت بم بلغت الى هنا قال بصلاة الليل)
هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ
…
از يمن دعاى شب وورد سحرى بود
قال
(ثم انتهيت الى آدم فاذا هو كهيئة يوم خلقه الله تعالى) اى على غاية من الحسن والجمال (وكان تسبيحه سبحان الجليل الاجل سبحان الواسع الغنى سبحان الله العظيم وبحمده فاذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها فى عليين وتعرض عليه أرواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها فى سجين) فان قلت أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء فكيف تعرض عليه وهو فى السماء. قلت المراد بعض أرواح ذريته الكفار يقع نظره عليها وهى دون السماء لانها شفافة فان قلت ما ذكر يقتضى ان يكون أرواح المؤمنين كلهم فى عليين فى السماء السابعة وقد ثبت ان أرواح العصاة محبوسة بين السماء والأرض قلت التحقيق ان مبدأ مراتب السعداء من السماء الدنيا على درجات متفاوتة الى عليين ومبدأ مراتب الأشقياء من مقعر سماء الدنيا الى منازل مختلفة الى سجين تحت السابعة وهو مسكن إبليس وذريته فمراتب أرواح الكفار انزل من مراتب أرواح عصاة المؤمنين تلتحق بعد التهذيب الى مقارها العلوية قال عليه السلام (فتقدمت اليه وسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) اى لقيت رحبا وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته فى السرعة فان القمر يسير فى الشهر ما يسير الشمس فى السنة من المنازل فناسب فى سرعة حركاته حركات الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة اى رؤيته عليه السلام لآدم فى السماء الدنيا دون غيره من الأنبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية او فعلية او حالية فلا تنافى ان يشارك
آدم فى هذه السماء غيره من بعض الأنبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجئ قال فى تفسير المناسبات فى سورة النجم فاول ما رأى صلى الله عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام آدم عليه السلام الذي كان فى أمن الله وجواره فاخرجه إبليس عدوه منهما وهذه القصة تشبهها الحالة الاولى من احوال النبي عليه السلام حين أخرجه اعداؤه من حرم الله وجوار بيته فأشبهت قصته فى هذا قصة آدم مع ان آدم يعرض عليه ذريته البر والفاجر منهم فكان فى السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لان أرواح اهل الشقاء لا تلج فى السماء ولا تفتح لهم ابوابها انتهى قال عليه السلام (ورأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل) اى كشفاه الإبل (وفى أيديهم قطع من نار كالافهار) اى الحجارة (التي كل واحد منها ملئ الكف يقذفونها فى أفواههم تخرج من ادبارهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال أكلة اموال اليتامى ظلما) وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض ولعل المراد بالرجال الاشخاص او خصوا بذلك لانهم اولياء للايتام غالبا (ثم رأيت رجالا لهم بطون أمثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالابل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون ان يتحولوا من مكانهم ذلك) اى فتطأهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقتضى لشدة وطئهم لهم والمهيومة التي أصابها الهيام وهوداء يأخذ الإبل فتهيم فى الأرض ولا ترعى او العطاش والهيام شدة العطش. وفى رواية (كلما نهض أحدهم خر) اى سقط (قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا) وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم فى الأرض لا بهذا الوصف بل ان الواحد منهم يسبح فى نهر من دم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم اى فيخرجون من ذلك النهر ويلقون فى طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائما (ثم رأيت اخونة عليها لحم طيب ليس عليها أحد واخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام) اى من الأموال أعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض (ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي ادخلن على الرجال ما ليس من أولادهن اى بسبب زناهن) وفى رواية (انه عليه السلام رأى فى هذه السماء النيل والفرات) وذلك لان منبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران فى الجنة ويجاوزانها الى السماء الدنيا فينصبان الى الأرض من طرف العالم فيجريان. وفى زيادة الجامع الصغير (ان النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسيح لوجدتم فيه من ورقها) قال صلى الله عليه وسلم (ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد
بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا با بنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام اى شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما (ومعهما نفر من قومهما فرحبابى ودعوا لى بخير) وكونهما ابن الخالة اى ان أم كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل فى آل عمران قال فى تفسير المناسبات ثم رأى فى الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود اما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله واما يحيى فقتلوه: قال فى المثنوى
چون سفيهانر است اين كار وكيا
…
لازم آمد يقتلون الأنبياء
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيسى منهم ثم سموه فى الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابني الخالة عيسى ويحيى. قوله تعاده يقال عادته اللسعة إذا أتته لعداد بالكسر اى لوقت وفى الحديث (ما زالت أكلة خيبر تعادنى فهذا أوان قطعت أبهري) وهو عرق فى الظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه وذلك ان يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فاكل منها وأكل القوم فقال عليه السلام (ارفعوا ايديكم فانها أخبرتني انها مسمومة) فمات بشر بن البراء منه فجيئ بها الى رسول الله فسألها عن ذلك فقالت أردت ان أقتلك فقال عليه السلام (ما كان الله ليسلط على ذلك) اى على قتلى قال الشيخ افتاده قدس سره وانما لم يؤثر السم فيه عليه السلام الى الاحتضار لان إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان من مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه الى الاحتضار فلما احتضر تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه (ثم عرج بنا الى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه وإذا هو اعطى شطر الحسن) اى نصف الحسن الذي أعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفى كلام بعضهم اعطى شطر الحسن الذي أوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام أملح وان كان يوسف ابيض: قال المولى الجامى
دبير صنع نوشت است كرد عارض تو
…
بمشك ناب كه الحسن والملاحة لك
وذلك ان الحسن والملاحة من عالم الصفات ولم يحصل لغيره عليه السلام ما حصل له من تجليات الصفات على الكمال صورة ومعنى إذ هو أفضل من الكل فالتجلى له أكمل وهو اللائح بالبال قال عليه السلام (فرحب بي ودعالى بخير قال فى تفسير المناسبات اما لقاؤه ليوسف عليه السلام فى السماء فانه يوذن بحالة ثالثة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر بإخوته بعد ما أخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال (لا تثريب عليكم اليوم) الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من أقاربه الذين أخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنهم من أطلقه ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم (أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم)(ثم عرج بنا الى السماء الرابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال قد بعث اليه ففتح لنا فاذا انا بإدريس عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) قال الله تعالى فى حقه وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا اى السماء الرابعة حال حياته على أحد الوجوه وكونه فى الجنة كما فى بعض الروايات لا ينافى وجوده فى السماء المذكورة تلك الليلة. قيل رفع الى السماء من مصر بعد ان خرج منها ودار الأرض كلها وعاد إليها ودعا الخلائق الى الله تعالى باثنتين وسبعين لغة خاطب كل قوم بلغتهم
وعلمهم العلوم وهو أول من استخرج علم النجوم اى علم الحوادث التي تكون فى الأرض باقتران الكواكب وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذي يخطئ لعدم استيفائه النظر قال فى المناسبات ثم لقاؤه لادريس عليه السلام فى السماء الرابعة وهو المكان الذي سماه الله مكانا عليا وإدريس أول من آتاه الله الخط
بالقلم فكان ذلك موذنا بحالة رابعة وهو شأنه صلى الله عليه وسلم حتى أخاف الملوك وكتب إليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاء كتاب النبي عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هر قل لقد امر امر ابن أبى كبشه حين أصبح يخافه ملك ابن ابى الأصفر وكتب بالقلم الى جميع ملوك الأرض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى وملك عمان ومنهم من هادن واهدى اليه وأتحفه المقوقس ومنهم من تعصى عليه فاظفره الله به وهذا مقام علىّ وخط بالقلم على نحو ما اوتى إدريس عليه السلام (ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصف لحيته سوداء تكاد تضرب الى سرته من طولها وحوله قوم من بنى إسرائيل وهو يقص عليهم فرحب بي ودعالى بخير) وكان هارون محببا فى قومه لانه كان ألين إليهم من موسى لان موسى كان فيه بعض الشدة عليهم ومن ثمة كان له منهم بعض الأذى قال فى المناسبات لقاؤه عليه السلام فى السماء الخامسة لهارون المحب فى قومه يوذن بحب قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه قال وهب بن منبه وجدت فى أحد وسبعين كتابا ان الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا الى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلى الله عليه وسلم الا كحبة بين رمال الدنيا. ومما يتفرع على العقل اقناء الفضائل واجتناب الرذائل وإصابة الرأى وجودة الفطنة وحسن السياسة والتدبير وقد بلغ من ذلك صلى الله عليه وسلم الغاية التي لم يبلغها بشر سواه ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره صلى الله عليه وسلم للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه واختاروه على أنفسهم وقاتلوا دونه أهلهم وآباءهم وأبناءهم وهجروا فى رضاه أوطانهم (ثم عرج بنا الى السماء السادسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بموسى عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) وكان موسى رجلا آدم طوالا كثير الشعر مع صلابته لو كان عليه قميصان لنفذ الشعر منهما وكان إذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه صار يضربه حتى ضربه ست ضربات او سبعا مع انه لا ادراك له ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة إذا جمحت فصاحبها يؤدبها بالضرب يقول الفقير انما فر الحجر لان للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى وربما يظهر اثرها فى الظاهر فتصير فى حكم الاحياء من ذوى الروح واليه الاشارة بهذه الأبيات المثنوية
باد را بي چشم اگر بينش نداد
…
فرق چون مى كرد اندر قوم عاد «1»
كر نبودى نيل را آن نور ديد
…
از چهـ قبطى را ز سبطى مى كزيد
(1) در اواخر چهارم در بيان آنكه هر؟؟؟ مدرك را ز آدمي نيز مدركاتى ديگر است إلخ
كر نه كوه وسنك با ديدار شد
…
پس چرا داود را او يار شد
اين زمين را كر نبودى چشم وجان
…
از چهـ قارون را فرا خوردى چنان
قال عليه السلام (فلما جاوزت اى عن موسى بكى فقيل له ما يبكيك قال ابكى لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي) اى بل ومن سائر الأمم لان اهل الجنة من الأمم مائة وعشرون صفا هذه الامة منها ثمانون صفا وسائر الأمم أربعون قال ابن الملك انما بكى موسى إشفاقا على أمته حيث قصر عددها عن عدد امة محمد لا حسدا عليه لانه لا يليق به واما قوله ان غلاما بعث بعدي فلم يكن على سبيل التحقير بل على معنى تعظيم المنة لله تعالى لان محمدا مع كونه غير طويل العمر فى عبادة ربه خصه بهذه الفضيلة يقول الفقير بكاء موسى عليه السلام هو المناسب لمقامه لانه كان له غيرة غالبة ولذا لما مر عليه السلام عليه وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر سمع منه وهو يقول برفع صوته أكرمته فضلته يخاطب ربه ويعاتبه إدلالا وهو لا يستلزم الحسد والتحقير لان كمل افراد الامة مطهرون عن مثل هذا فكيف الأنبياء خصوصا أولوا العزم منهم ومن البين ان اهل الجنة يرضون بما أوتوا من الدرجات على حسب استعداداتهم فلا يتمنى بعضهم مقام بعض لكونه خارجا عن الحكمة فكذا الأنبياء والأولياء فى مقاماتهم المعنوية والا لما استراحوا وهو مخل برتبتهم قال فى المناسبات ولقاؤه فى السماء السادسة لموسى عليه السلام يوذن بحالة تشبه حالة موسى عليه السلام حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان اتى به أسيرا وافتتح مكة ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه (ثم عرج بنا الى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بإبراهيم عليه السلام قال هذا أبوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) قال الامام التور بشتى امر النبي عليه السلام بالتسليم على الأنبياء وان كان أفضل لانه كان عابرا عليهم وكان فى حكم القائم وهم فى حكم القعود والقائم يسلم على القاعد والمرئي كان أرواح الأنبياء مشكلة بصورهم التي كانوا عليها الا عيسى فانه مرئى بشخصه قال عليه السلام (وإذا ابراهيم رجل اشمط جالس عند باب الجنة) اى فى جهتها والا فالجنة فوق السماء السابعة (على كرسى مسندا ظهره الى البيت المعمور) وهو من عقيق محاذ للكعبة بحيث لو سقط سقط عليها (يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون كالانفاس الانسانية يدخلون من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر) فالدخول من باب مطالع الكواكب والخروج من باب مغاربها قال عليه السلام (وإذا انا بامتى شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمدة فدخلت البيت المعمور ودخل معى الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمدة فصليت انا ومن معى فى البيت المعمور) اى ركعتين والظاهر انه ليس المراد بالشطر النصف
حتى يكون العصاة من أمته بقدر الطائعين منهم يقول الفقير المراد بالشطرين الفرقتان والفرقة التي عليهم ثياب بيض طائفة بالنسبة الى الذين عليهم ثياب رمدة لان الحكمة الالهية اقتضت كون اهل العصيان والنفس اكثر من اهل الطاعة والتزكية إذ المقصود ظهور الإنسان الكامل وهو حاصل مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فيكون اهل الطاعة كالشطر بالنسبة الى اهل العصيان نسأل الله تعالى ان يدخلنا بيت القلب مع الداخلين ويزيل أوساخ وجوداتنا بحرمة النبي الامين قال السهيلي قد ثبت فى الصحيح ان أطفال المؤمنين والكافرين فى كفالة سيدنا ابراهيم عليه السلام وان رسول الله قال لجبريل حين رآهم مع ابراهيم (من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء أولاد المؤمنين الذين يموتون صغارا) قال له (وأولاد الكافرين) قال وأولاد الكافرين وقد روى فى أطفال الكافرين ايضا (انهم خدم لاهل الجنة) وجاء ان ابراهيم عليه السلام قال لرسول الله «اقرئ أمتك منى السلام وأخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر
» كما قال المولى الجامى
ياد كن آنكه در شب اسرا
…
با حبيب خدا خليل خدا
كفت كو وى از من اى رسول كرام
…
امت خويش را ز بعد سلام
كه بود پاك وخوش زمين بهشت
…
ليك آنجا كسى درخت نكشت
خاك او پاك وطيب افتاده
…
ليك هست از درختها ساده
غرس اشجار آن بسعى جميل
…
بسمله حمد له است پس تهليل
هست تكبير نيز از آن أشجار
…
خوش كسى كش جزين نيايد كار
باغ جنات تحتها الأنهار
…
سبز وخرم شود از ان أشجار
قال عليه السلام (واستقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة) واللعس لون الشفة إذا كان تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح يقول الفقير زيد هذا هو الذي تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت زينب تحت نكاحه فطلقها ليتزوجها رسول الله فلما آثر النبي عليه السلام بها أبدل الله مكانها زوجا له من الحور مليحة جدا وجازاه بها فان لكل فناء وترك مشروع اثرا معنويا فما انتقص شىء فى الظاهر الا وقد انتقل فى الباطن والآخرة باطن بالنسبة الى الدنيا فمن ترك حظه فيها وجده فى الآخرة أعلى منه وأوفر. ورأى عليه السلام فى السماء السابعة فوجا من الملائكة نصف أبدانهم من النار ونصفها من الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهم يقولون اللهم كما الفت بين النار والثلج فالف بين قلوب عبادك المؤمنين حمله بعض الأكابر على معنى ان نصف اجزائه ثلج ونصف اجزائه نار فامتزجا وحصل بينهما مزاج واحد والظاهر ان الاول ادل على القدرة فان اجتماع الاضداد بالمعنى الذي ذكره موجود فى اكثر المركبات قال فى المناسبات ثم لقاؤه فى السماء السابعة ابراهيم عليه السلام لحكمتين إحداهما انه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة
أي بإزائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذي بنى الكعبة واذن فى الناس بالحج والحكمة الثانية ان آخر احوال النبي عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عند اهل التأويل توذن بالحج لانه الداعي اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة قال صلى الله عليه وسلم (ثم ذهب بي) اى جبريل (الى سدرة المنتهى) وهى شجرة فوق السماء السابعة فى أقصى الجنة إليها ينتهى الملائكة باعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام العرشية والأنوار الرحمانية (وإذا أوراقها كآذان الفيلة) جمع الفيل اى فى الشكل وهو الاستدارة لا فى السعة إذا الواحدة منها تظل الخلق كما فى بعض الروايات (وثمرها كالقلال) جمع قلة وهى الجرة العظيمة وهذه الشجرة هى الحد البرزخى بين الدارين فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار ولا فنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب لها الأرواح وتظهر عليها الأحوال وأم فيها رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء ويخرج من اصل تلك الشجرة اربعة انهار تهران باطنان اى يبطنان ويبغيان فى الجنة بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة وهما الكوثر ونهر الرحمة ونهران ظاهران اى يستمران ظاهرين بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة وهما النيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذي يقال له البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته ومر الفرات فى بعض السنين فوجد فيه رمان مثل البعير فيقال انه رمان الجنة يقول الفقير لعله من البساتين التي يقال لها جنان الأرض إذ سقوط الثمار من أماكنها من الفساد غالبا وليس لثمار الجنة ذلك اللهم الا ان يقال وجود ذلك الرمان فى الفرات على تقدير ان يكون من رمان الجنة انما هو ليكون آية لذوى الاستبصار ودخل عليه السلام الجنة فاذا فيها جنابذ اى قباب الدرّ وإذا ترا بها المسك ورمانها كالدلاء وطيرها كالبخت وانتهى الى الكوثر فاذا فيه آنية الذهب والفضة فشرب منه فاذا هو احلى من العسل وأشد رائحة من المسك وفى الحديث (ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة الا وهى فى الجنة حتى الحنظل والذي نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل الى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها) وهذا القسم يرشد الى ان ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل وانها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة وغشى السدرة ما غشى من نور الحضرة الالهية فصار لها من الحسن غير تلك الحالة التي كانت عليها فما أحد من خلق يستطيع ان ينعتها من حسنها لان رؤية الحسن تدهش الرائي ورأى عليه السلام جبرائيل
عند تلك السدرة على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق اى ما بين المشرق والمغرب يتاثر من أجنحته الدر والياقوت- ويروى- ان جبريل لما وصل الى السدرة التي هى مقامه تأخر فلم يتجاوز فقال عليه السلام (أفي مثل هذا المقام يترك الخليل خليله) فقال لو تجاوزت لاحرقت بالنور. وفى رواية لو دنوت انملة لاحرقت: قال الشيخ سعدى قدس سره
چنان كرم در تيه قربت براند
…
كه در سدره جبريل از وباز ماند
بدو كفت سالار بيت الحرام
…
كه اى حامل وحي برتر خرام
چودر دوستى مخلصم يافتى
…
عنانم ز صحبت چرا تافتى
بگفتا فرا تر مجالم نماند
…
بماندم كه نيروى بالم نماند
اگر يك سر موى برتر پرم
…
فروغ تجلى بسوزد پرم
فقال عليه السلام (يا جبريل هل لك من حاجة الى ربك قال يا محمد سل الله لى ان ابسط جناحى على الصراط لامتك حتى يجوزوا عليه) قال عليه السلام (ثم زج بي فى النور فخرق بي سبعون الف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام وانقطع عنى حس كل ملك فلحقنى عند ذلك استيحاش فعند ذلك نادى مناد بلغة ابى بكر قف فان ربك يصلى) اى يقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى وجاء نداء من العلى الأعلى (ادن يا خير البرية ادن يا احمد ادن يا محمد فادنانى ربى حتى كنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى) - وروى- انه عليه السلام عرج من السماء السابعة الى السدرة على جناح جبريل ثم منها على الرفرف وهو بساط عظيم قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني هو نظير المحفة عندنا ونادى جبريل من خلفه يا محمد ان الله يثنى عليك فاسمع وأطع ولا يهولنك كلامه فبدأ عليه السلام بالثناء وهو قوله (التحيات لله والصلوات والطيبات) اى العبادات القولية والبدنية والمالية فقال تعالى (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فعمم عليه السلام سلام الحق فقال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقال جبريل (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) وتابعه جميع الملائكة قال بعض الكبار اخترق الافلاك من غير ان تسكن عن تحريكها كاختراق الماء والهواء الى ان وصل سدرة المنتهى فقعد على الرفرف فاخترق عوالم الأنوار الى ان جاز موضع القدمين الى العرش اى المستوي المفهوم من قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كل ذلك بجسمه فعاين محل الاستواء فلما فارق عالم التركيب والتدبير لم يبق له أنيس من جنسه فاستوحش من حيث مركبه فنودى بصوت ابى بكر (قف يا محمد ان ربك يصلى) فسكن وتلا عليه عند ذلك هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ هذا لسان الأحباب وخطاب الأخلاء والاصحاب وهذا أول الأبواب المعنوية من هنا تقع فى بحر الإشارات والمعاني وهو الاسراء البسيط فتقع المشاهدة بالبصر لا بالجارحة لا عيان الأرواح المهيمة التي لا مدخل لها فى عالم الأجسام فترك الرفرف ومشاهدة الجسم وانسلخ من الرسم والاسم وسافر برفرف همته فحطت العين بساحل بحر العمى حيث لا حيث ولا اين فادركت ما أدركت من خلف حجاب العزة الاحمى الذي لا يرتفع ابدا ثم عادت بلا مسافة الى شهود عينها ثم الى تركيب كونها المتروك بالمستوى مع الرفرف فقوله ثُمَّ دَنا اشارة الى العروج والوصول وقوله فَتَدَلَّى الى النزول والرجوع وقوله فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى مرتبة الذات الواحدية اى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ الصَّمَدُ وقوله تعالى أَوْ أَدْنى اشارة الى مرتبة الذات الاحدية اى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ أَحَدٌ وكان المعراج فى صورة الصعود والهبوط لانه
وقع بالجسم والروح معا والا فالملك والملكوت مندرج في الوجود الإنساني وكل تجل يحصل له انما هو من الداخل لا من الخارج قال صلى الله عليه وسلم (سألنى ربى فلم أستطع ان أجيبه فوضع يده بين كتفى بلا تكييف ولا تحديد) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة (فوجدت بردها فاورثنى علم الأولين والآخرين وعلمنى علوما شتى فعلم أخذ على كتمانه إذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم أمرني بتبليغه الى العام والخاص من أمتي) وهى الانس والجن وهذا التفصيل يدل على ان العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة كما يدل عليه الفاء وهى زائدة على علوم الأولين والآخرين فالعلم الاول من باب الحقيقة الصرفة والثاني من باب المعرفة والثالث من باب الشريعة ومن جملة ما اوحى فى هذا الموطن من القرآن خواتيم سورة البقرة وبعض سورة والضحى وبعض الم نشرح لك وقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ والوحى بلا واسطة يقتضى الخطاب فسمع عليه السلام كلام الحق من غير كيفية كما سمعه موسى عليه السلام من كل جانب ورآه
كلام سرمدى بي نقل بشنيد
…
خداوند جهانرا بى جهت ديد
بديد آنچهـ ز حد ديدن برون بود
…
مپرس اما ز كيفيت كه چون بود
قال الامام النووي الراجع عند اكثر العلماء انه رأى ربه بعيني رأسه يقول الفقير يعنى بسره وروحه فى صورة الجسم بان كان كل جزء منه سمعا واتحد البصر بالبصيرة فهى رؤية بهما معا من غير تكييف فافهم فانه جملة ما يتفصل فان قلت ما الفرق بين الأنبياء وبين نبينا عليه السلام فى باب الرؤية فانهم يرونه ويشاهدونه حال الانسلاخ الكلى قلت ما حصل لنبينا عليه السلام فوق الانسلاخ إذ الرؤية فى صورة الانسلاخ انما هى بالبصيرة فقط واما رؤيته تعالى فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة قال بعضهم وقياس عدم رؤية الملائكة عدم رؤية الجن له تعالى ورد ذلك يقول الفقير لعل وجه الاختلاف عند الحقيقة ان الملائكة والجن على جناح واحد وهو الجمال والانس على جناحين وهما الجمال والجلال المقول لهما الكمال فلا يرونه تعالى من مرتبة مؤمنى الانس وانما يشاهدونه تعالى من مرتبة أنفسهم فافهم واما انه ليس لهم مشاهدة أصلا فلا مساعدة له بوجه من الوجوه واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى فى المنام وصحتها اى وقوعها لان ذلك المرئي انما هو صفة من صفات الله تعالى- روى- عن ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال رأيت ربى فى المنام فقلت له كيف الطريق إليك فقال اترك نفسك ثم تعال- وروى- ان حمزة القارئ قرأ عليه القرآن من اوله الى آخره فى المنام حتى إذا بلغ الى قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ قال الله تعالى قل يا حمزة وأنت القاهر يقول الفقير سمعت من شيخى وسندى قدس سره ان شيخه عبد الله الشهير بذاكر زاده روح الله روحه أراد ان يستخلفه فامتنع عليه فرأى فى تلك الليلة فى المنام ان الله تعالى أعطاه المصحف وقال له خذ هذا وادع عبادى الىّ وكان من آثار هذا المنام ان الله تعالى وفقه لاحياء العلم والدعوة الى الله فى المراتب الأربع وزاد خلفاؤه على المائة والخمسين كلهم من اهل التفسير ولم يتيسر هذا المقام لغيره من مشايخ العصر قال عليه السلام
(فرض الله علىّ خمسين صلاة فى كل يوم وليلة) قيل كانت كل صلاة منها ركعتين ألا يرى انه من قال لله على صلاة يلزمه ركعتان ويخالفه ما قالوا انه عليه السلام كان يصلى كل يوم وليلة ما يبلغ الى خمسين صلاة وفق ما فرض ليلة المعراج فالظاهر ان هذه الخمسين باعتبار الركعات لانه هو المضبوط عنه عليه السلام يعنى كان يصلى فى اليوم والليلة من الفرائض والنوافل خمسين ركعة وصرح بعضهم بان المراد الخمسون وقتا فالظاهر ان كل وقت كان مشتملا على ركعتين لان الصلاة فى الأصل كانت ركعتين ركعتين ثم زيدت فى الحضر وأقرت فى السفر قال عليه السلام (فنزلت الى ابراهيم فلم يقل شيأ ثم أتيت موسى) اى فى الفلك السادس (فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك وانى والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة) يعنى مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت فيهم من الطاعة قال عليه السلام (فرجعت الى ربى) يعنى رجعت الى الموضع الذي ناجيت ربى فيه وهو سدرة المنتهى (فخررت ساجدا فقلت اى ربى خفف عن أمتي فحط عنى خمسا فرجعت الى موسى وأخبرته قال ان أمتك لا تطيق ذلك قال فلم ازل ارجع بين ربى وموسى ويحط خمسا خمسا حتى قال موسى بم أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال ارجع فاسأله التخفيف فقلت قد راجعت ربى حتى استحييت ولكن ارضى واسلم) يعنى فلا ارجع فان رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكن ارضى بما قضى الله واسلم امرى وأمرهم الى الله (فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتى) يعنى قال الله تعالى يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة كما قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والصلاة انما تحصل بتوجه القلب والعمل الواحد فى مرتبة القلب يقابل العشرة وقال (من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب شىء فان عملها كتبت سيئة واحدة) وعن ابن عمر رضى الله عنهما
كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات وغسل البول من الثوب سبع مرات ولم يزل صلى الله عليه وسلم يسأل ربه حتى جعلت الصلاة خمسا وغسل الجنابة مرة واحدة وغسل البول من الثوب مرة وفى الحديث (أكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت أحدا من الأنبياء أحوط على أمتي منه) وجاء (كان موسى أشدهم على حين مررت به وخيرهم علىّ حين رجعت فنعم الشفيع كان لكم موسى) وذلك فانه كما تقدم لما جاوزه النبي عند الصعود بكى فنودى ما يبكيك فقال رب هذا غلام اى لانه صلى الله عليه وسلم كان حديث السن بالنسبة الى موسى بعثته بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي فان قلت هذا وقوع النسخ قبل البلاغ وقد اتفق اهل السنة والمعتزلة على منعه قلت وقع بعد البلاغ بالنسبة الى النبي عليه السلام لانه كلف بذلك ثم نسخ فاذا نسخ فى حقه نسخ فى حق أمته لان الأصل ان ما ثبت فى حق كل نبى ثبت فى حق أمته الا ان يقوم الدليل على الخصوصية وعن انس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت ليلة اسرى بي الى السماء تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل دنياكم هذه سبعين مرة مملوءة من الملائكة يسبحون الله ويقدسونه ويقولون فى تسبيحهم اللهم اغفر لمن شهد الجمعة) اى صلاتها
(اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة) اى لصلاتها (ورأيت ليلة اسرى بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر امثلها والقرض بثمانية عشر فقلت لجبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لان السائل يسأل وعنده شىء والمستقرض لا يستقرض الا من حاجة) وبيان كون درهم القرض بثمانية عشر درهما ان درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما جاء فى بعض الروايات ودرهم الصدقة بعشرة تصير الجملة عشرين ودرهم القرض يرجع للمقرض بدله بدرهمين من عشرين يتخلف ثمانية عشر (ورأيت رضوان خازن الجنة فلما رآنى فرح بي ورحب بي وأدخلني الجنة وأراني فيها من العجائب ما وعد الله فيها لاوليائه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ورأيت فيها درجات أصحابي ورأيت فيها الأنهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وأزواجهم وسمعت آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال أرواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة وسمعت التسبيح فقال هؤلاء الأنبياء ورأيت قصور الصالحين وعرضت علىّ النار وان كانت فى الأرض السابعة فاذا على بابها مكتوب وان جهنم لموعدهم أجمعين) قال عليه السلام (وأبصرت ملكا لم يضحك فى وجهى فقلت يا أخي جبريل من هذا قال مالك خازن النار لم يضحك منذ خلقه الله ولو ضحك الى أحد لضحك إليك فقال له جبريل يا مالك هذا محمد فسلم عليه فسلم علىّ وهنأنى بما صرت اليه من الكرامة والشرف) وانما بدأ خازن النار بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم ليزيل ما استشعر من الخوف منه ويشير الى انه ومن اتبعه من الصالحين سالمون من النار ناجون قال عليه السلام (فسألته ان يعرض علىّ النار بدركاتها فعرضها علىّ بما فيها وإذا فيها غضب الله) اى نقمته (لو طرحت فيها الحجارة والحديد لاكلتها وإذا قوم يأكلون الجيف فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ورأيت قوما تنزع ألسنتهم من أقفيتهم فقلت من هم فقال هم الذين يحلفون بالله كاذبين ورأيت جماعة من النساء علقن بشعورهن فقلت من هن قال هن اللاتي لا يستترن من غير محارمهن ورأيت جماعة منهن لباسهن من القطران فقلت من هن قال نائحات) جمع نائحة وهى الباكية على الميت مع عدا خلاقه ومحاسنه ودل حديث المعراج على ان الجنة والنار مخلوقتان الآن لان الإنسان إذا علم ثوابا مخلوقا اجتهد فى العبادة ليحصل ذلك الثواب وإذا علم عقابا مخلوقا اجتهد فى اجتناب المعاصي لئلا يصيبه ذلك العقاب وقد صح ان الجنان قيعان وعمارتها بالأعمال كما دل عليه حديث الغراس فيما سبق واعلم انه عليه السلام اسرى به من مكة الى بيت المقدس على البراق ومن بيت المقدس الى السماء الدنيا على المعراج ومنها الى السماء السابعة على جناح الملائكة ومنها الى السدرة على جناح جبريل
ومنها الى العرش على الرفرف والظاهر ان النزول كان على هذا الترتيب وقال بعض الأكابر من اهل الله انه اسرى به الى السدرة على البراق وأيا ما كان فلما نزل الى السماء الدنيا نظر الى أسفل منه فاذا هو بهرج ودخان وأصوات فقال ما هذه يا جبريل قال هذه الشياطين يحومون على أعين بنى آدم حتى لا ينظروا الى العلامات ولا يتفكروا فى ملكوت السموات ولولا ذلك لرأوا العجائب اى أدركوها ونزل عليه السلام الى بيت
المقدس وتوجه الى مكة وهو على البراق حتى وصل الى بيته الأشرف بالحرم المكي الاحمى بحجر الكعبة العظيمة او الى بيت أم هانى كما يدل عليه ما يجيئ من تقرير القصة وكان زمان ذهابه ومجيئه ثلاث ساعات او اربع ساعات وفى كلام السبكى ان ذلك كان قدر لحظة ولا بدع لان الله تعالى قد يطيل الزمن القصير كما يطوى الطويل لمن يشاء- روى- فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من أكابر اصحاب الشيخ ابى مدين قدس الله سرهما ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين الف ختمة يقول الفقير قال شيخى وسندى قدس سره فى الكلام عليه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتي عشرة ساعة خمس وثلاثون الف ختمة لانه اما ان ينبسط الى ثلاث وأربعين سنة وتسعة أشهر واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة أشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة إليها ولياليها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه باقل من ذلك باعتبار سرعة القاري هذا فانه صدق وقد كوشف لى هذا وقد صدقته وقبلته وهذا سر عظيم انتهى كلام الشيخ وقد ثبت فى الهندسة ان ما بين طرفى قرص الشمس اى عظمه وسعته ضعف ما بين طرفى كرة الأرض مائة ونيفا وستين مرة ثم ان طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى فى اقل من ثانية وهى جزء من ستين جزأ من الدقيقة والدقيقة جزء من ستين جزأ من الدرجة وهى جزء من خمسة عشر جزأ من الساعة فاذا كانت هذه السرعة ممكنة للجماد فكيف لا يمكن لأفضل العباد إذا أراد رب البلاد والله تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر ان يخلق مثل هذه الحركة فى جسد النبي عليه السلام او فيما يحمله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره قد ذهب عليه السلام وجاء ولم يتم ماء ابريقه انصبابا ومن كان مؤمنا لا ينكر المعراج ولكن وقوع السير المذكور فى مقدار ذلك الزمن اليسير يشكل عند العقل بحسب الظاهر واما عند التحقيق فلا إشكال ألا يرى ان فى الوجود الإنساني شيأ لطيفا اعنى القلب يسير من المشرق الى المغرب بل جميع العوالم فى آن واحد وهو بديهي لا ينكره من له ادنى تمييز حتى البله والصبيان أفلا يجوز ان تحصل تلك اللطافة لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بقدرة الله تعالى فوقع ما وقع منه فى الزمن اليسير
راه ز اندازه برون رفته
…
پى نتوان برد كه چون رفته
عقل در ين واقعه حاشا كند
…
عقل نه حاشا كه تمنا كند
- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من ليلته قص القصة على أم هانئ وقال (انى أريد ان أخرج الى قريش فاخبرهم بذلك) فقالت أنشدك الله اى بفتح الهمزة اى اسألك بالله ابن عم اى يا ابن عمى ان لا تحدث اى لا تحدث بهذا قريشا فيكذبك من صدقك فلما كان الغداة تعلقت بردائه فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدها وانتهى الى نفر من قريش فى الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود وأولئك النفر مطعم بن عدى وابو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة فقال (انى صليت العشاء) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت (فى هذا المسجد وصليت به الغداة) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت والا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة
التي هى الصبح لم تكن فرضت كما تقدم (وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس) وأخبرهم عما رأى فى السماء من العجائب وانه لقى الأنبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى وجاء انه لما دخل المسجد الحرام وعرف ان الناس يكذبونه وما أحب ان يكتم ما هو دليل على قدرة الله تعالى وما هو دليل على علو مقامه الباعث على اتباعه قعد حزينا فمر به عدو الله ابو جهل فجاء حتى جلس اليه عليه السلام فقال كالمستهزئ هل كان من شىء قال (نعم أسرى بي الليلة) قال الى اين قال (الى بيت المقدس) قال ثم أصبحت بين ظهرانينا قال (نعم) قال أرأيت ان دعوت قومك تحدثهم ما حدثتنى قال (نعم) قال يا معشر كعب بن لوى فانفضت اليه المجالس وجاؤا حتى جلسوا إليهما فقال حدث قومك بما حدثتنى به فقال (انى اسرى بي) قالوا الى اين قال (الى بيت المقدس فنشر لى الأنبياء وصليت بهم وكلمتهم) فقال ابو جهل كالمستهزئ صفهم لنا فقال عليه السلام (اما عيسى ففوق الربعة دون الطويل) اى لا طويل ولا قصير (عريض الصدر جاعد الشعر) اى فى شعره (تثنى وتكسر تعلوه صهبة) اى يعلو شعره شقرة (ظاهر الدم) اى يعلوه حمرة (كأنما خرج من ديماس) اى حمام وأصله الكنّ الذي يخرج منه الإنسان وهو عريان وأصله الظلمة يقال ليل دامس والحمام لفظ عربى. وأول واضع له الجن وضعته لسليمان عليه السلام وقيل الواضع بقراط الحكيم وقيل شخص سابق على بقراط استفاده من رجل كان به تعقيد الغصب فوقع فى ماء حار فى جب فسكن فصار يستعمله حتى برئ وفى الحديث (اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر) ولم يدخل عليه السلام الحمام ولم يكن ذلك فى بلاد الحجاز وانما كان فى ارض العجم والشام (واما موسى فضحم آدم) اى أسمر ومن ثمة كان خروج يده بيضاء مخالفا لونها لسائرلون جسده آية (طويل كأنه من رجال شنوءة) وهى طائفة من اليمن اى ينسبون الى سنوءة وهو عبد المطلب بن كعب، من أولاد الأزد معروفون بالطول (كثير الشعر غائر العينين متراكم الأسنان متقلص الشفتين خارج اللثة) وهو اللحم الذي خارج الأسنان عابس (واما ابراهيم فو الله انه لأشبه الناس بي خلقا وخلقا فضجوا) اى صاح قريش وعظموا ذلك وصار بعضهم يصفق وبعضهم يضع يده على رأسه متعجبا ومنكرا قالوا نحن نضرب أكباد الإبل الى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا أتزعم انك أتيته فى ليلة واحدة واللات والعزى لا تصدقك وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال الى ابى بكر رضى الله عنه اى اسرع او مشى فقال ان كان قد قال ذلك فلقد صدق قالوا أتصدقه على ذلك قال انى أصدقه على ابعد من ذلك اى ان ذهب الى بيت المقدس فى ليلة واحدة أصدقه فانى أصدقه فى خبر السماء فى غدوة وهى ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس وروحة وهى اسم للوقت من الزوال الى الليل والمراد هنا انه ليخبرنى ان الخبر ليأتيه من السماء الى الأرض فى ساعة من ليل او نهار فاصدقه فهذا اى مجئ الخبر له من السماء بواسطة الملك ابعد مما تتعجبون منه فسمى الصديق وهو الكثير الصدق فهو للمبالغة وتسمية ابى بكر بسبب هذا الجواب الصدق بهذا الاسم للمبالغة فى كيفية الصدق فانه صدق كامل فى مثل هذا المقام الذي كذب فيه اكثر الناس
وكان على رضى الله عنه يحلف بالله ان الله انزل اسم ابى بكر من السماء الصديق اى فهى تسمية الله بالذات لا تسمية الخلق وكان فيهم من يعرف بيت المقدس
فاستنعتوه المسجد اى قالوا يا محمد صف لنا بيت المقدس كم له من باب أرادوا بذلك اظهار كذبه عليه السلام لانهم عرفوا انه عليه السلام لم يره قال (فكربت كربا شديدا لم اكرب مثله قط لانهم سألونى عن أشياء لم أثبتها وكنت دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فقمت فى الحجر فجلى الله لى بيت المقدس) اى كشفه لى اى بوجود صورته ومثاله فى جناح جبريل او برفع الحجاب بينه وبين بيت المقدس حتى رآه عليه السلام وهو فى مكانه إذ كان يصل بصره الى حيث يصل اليه قلبه او باعدامه هناك وإيجاده فى مكة طرفة عين بحيث يتصل بعدمه وجوده على ما هو شأن الخلق الجديد ومنه زيارة الكعبة لبعض الأولياء كما قال فى المثنوى
هر نفس تو ميشود دنيا وما
…
بي خبر از نو شدن اندر بقا «1»
عمر همچون جوى نونو مى رسد
…
مستمرى مى نمايد در جسد
آن زتيزى مستمر شكل آمده است
…
چون شرر كش تيز جنبانى بدست
شاخ آتش را بجنبانى بساز
…
در نظر آتش نمايد بس دراز
اين درازى مدت از تيزى صنع
…
مى نمايد سرعت انگيزى صنع
قال (فطفقت) اى جعلت أخبرهم عن آياته اى علاماته وانا انظر اليه قال فى المواهب ولم يسألوه عما رأى فى السماء لانه لا عهد لهم بذلك فقالوا اما لنعت فقد أصاب فقالوا ما آية ذلك يا محمد اى ما العلامة الدالة على هذا الذي أخبرت به فانا لم نسمع بمثل هذا قط اى هل رأيت فى مسراك وطريقك ما نستدل بوجوده على صدقك اى لان وصفك لبيت المقدس يحتمل ان تكون حفظته عمن ذهب اليه فقال عليه السلام (آية ذلك انى مررت بعير بنى فلان بوادي كذا) اى فى الروحاء وهو محل قريب من المدينة اى بينه وبين المدينة ليلتان (قد أضلوا ناقة لهم) اى وانا متوجه وذاهب (وانتهيت الى رحالهم وإذا قدح ماء فشربت منه) فاسألوهم عن ذلك وشرب الماء للغير جائز لانه كان عند العرب كاللبن مما يباح لكل مجتاز من أبناء السبيل قالوا فاخبرنا عن عيرنا قال (مررت بها فى التنعيم) وهو محل قريب من مكة اى وانا راجع الى مكة فاخبرهم بعدد جمالها وأحوالها (وانها تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق) وهو ما بياضه الى سواد (عليه غرارتان إحداهما سوداء والاخرى برقاء) اى فيها بياض وسواداى حوالق مخطط ببياض فابتدر القوم الثنية اى الجبل فقال قائل منهم هذه والله الشمس قد أشرفت فقال آخر هذه والله العير قد أقبلت يتقدمها جمل أورق كما قال محمد عليه الغرارتان فتاب المرتدون وأصر المشركون وقالوا انه ساحر وجاء فى بعض الروايات ان الشمس حبست له عليه السلام عن الطلوع حتى قدمت تلك العير وحبس الشمس وقوفها عن السير اى عن الحركة بالكلية وقيل بطؤ حركتها وقيل ردها الى ورائها فان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت أوردت لا ختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات وقد وقع حبس الشمس لبعض الأنبياء كداود وسليمان ويوشع وموسى عليهم السلام واما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله عليه وسلم فى خيبر فعن اسماء بنت عميش رضى الله تعالى عنها قالت كان عليه السلام يوحى اليه ورأسه الشريفة فى حجر على
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان مكر حزگوش وتأخير از در رفتن
رضى الله عنه ولم يسر عنه حتى غربت الشمس وعلى لم يصل العصر فقال له رسول الله (أصليت العصر) قال لا فقال عليه السلام (اللهم انه كان فى طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس) قالت اسماء فرأيتها طلعت بعد ما غربت وهو من أجل اعلام النبوة فليحفظ وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد كان يعظ بعد العصر ثم أخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس فظن وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار إليهم ان لا يتحركوا ثم أدار وجهه الى ناحية المغرب وقال لا تغربى يا شمس حتى ينتهى مدحى لآل المصطفى ولنجله ان كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لولده ولنسله فطلعت الشمس فلا يحصى مارمى عليه من الحلي والثياب وهو من الاتفاقات الغريبة كما حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر شقيقك غيب فى لحده وتطلع يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف لباس الحداد على فقده فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب: قال الكمال الخجندي
بچشم اهل نظركم بود ز پروانه
…
دلى كه سوخته آتش محبت نيست
اللهم اجعلنا من اهل المحبة والوداد آمين وحين زالت الشمس من اليوم الذي يلى ليلة المعراج نزل جبريل وأم بالنبي عليه السلام ليعلمه اوقات الصلوات وهيئتها واعداد ركعاتها ثم صبح بأصحابه (الصلاة جامعة) لان الاقامة المعروفة للصلاة لم تشرع الا بالمدينة فاجتمعوا فصلى النبي عليه السلام بالناس فسميت تلك الصلاة صلاة الظهر لانها فعلت عند قيام الظهيرة اى شدة الحر او عند نهاية ارتفاع الشمس فصلاته عليه السلام بالناس كانت بعد صلاته مع جبريل وامه جبريل يومين يوما فى أول الوقت ويوما فى آخره وكان ذلك عند باب الكعبة مستقبلا لصخرة الله ثم التفت جبريل وقال يا محمد هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين وانما لم تقع البداءة بالصبح مع انها أول صلاة بعد ليلة الاسراء لان الإتيان بها يتوقف على بيان الإتيان بالكيفية اى على بيان علم كيفيتها المعلق عليه الوجوب كأنه قيل أوجبت حيث ما تبين كيفيته فى وقته والصبح لم تبين كيفيتها فى وقتها فلم تجب فان قيل قول جبريل هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك يقتضى ان هذه الصلوات كانت مشروعة لكل واحد من الأنبياء قبله وليس كذلك لانها من خصائص هذه الامة قلنا معناه ان وقتك هذا المحدود الطرفين مثل وقت الأنبياء قبلك فانه كان محدود الطرفين او ان بعضهم صلى الفجر وبعضهم ما يليها وهو لا ينافى كون المجموع على هذه الكيفية من خصائص هذه الامة- روى- ان أول من صلى الفجر آدم عليه السلام حين اهبط الى الأرض من الجنة واظلمت عليه الدنيا وجنّ الليل ولم يكن يرى قبل ذلك فخاف خوفا شديدا فلما انشق
الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى لحصول النجاة من ظلمة الليل ولرجوع النهار او لما تيب عليه كان ذلك عند الفجر فصلى ركعتين شكرا لحصول التوبة وزوال المخالفة وطلوع النور التوفيق وغروب ظلمة المخالفة. وأول من صلى بعد الزوال ابراهيم عليه السلام حين فدى ابنه عند الظهر صلى أربعا شكرا لذهاب غم الولد ولنزول الفداء ولرضى الله حين نودى قد صدقت الرؤيا ولصبر ولده على أذى الذبح ومشقته. وأول من صلى العصر يونس عليه السلام حين أنجاه من ظلمات اربع الزلة والليل والماء وبطن الحوت. وأول من صلى المغرب عيسى عليه السلام فالركعة الاولى لنفى الالوهية عن نفسه والثانية لنفيها عن والدته والثالثة لاثباتها لله تعالى وقيل غفر لداود عليه السلام عند الغروب فقام يصلى اربع ركعات فجهد اى تعب فجلس فى الثالثة اى سلم فيها فصارت المغرب ثلاثا. وأول من صلى العشاء موسى عليه السلام حين خرج من مدين وضل الطريق وكان فى غم المرأة وغم أخيه هارون وغم فرعون عدوه وغم أولاده فلما أنجاه الله من ذلك كله صلى أربعا. وأول من صلى الوتر نبينا عليه الصلاة والسلام قال فى تفسير التيسير أم رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس
وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء انتهى قال فى التقدمة شرح المقدمة قيل لما قام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه ثم كبر وقنت واستغاث بالله من النار وأهلها وأتمها على ثلاث ركعات فصارت وترا قيل فرضت الصلوات الخمس فى المعراج ركعتين ركعتين حتى المغرب ثم زيد فى صلاة الحضر فاكملها أربعا فى الظهر اى فى غير يوم الجمعة وأربعا فى العصر وثلاثا فى المغرب وأربعا فى العشاء وأقرت صلاة الصبح على ركعتين فعن عائشة رضى الله عنها فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتان اى فى الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما اقام رسول الله اى بعد شهر وقيل وعشرة ايام من الهجرة زيد فى صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر اى لم يزد عليها شىء لطول القراءة فيها وتركت صلاة المغرب فلم يزد عليها الا ركعة فصارت ثلاثا وقيل فرضت الخمس فى المعراج أربعا الا المغرب ففرضت ثلاثا والا الصبح ففرضت ركعتين ولا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الأربع فى السفر اى فى السنة الرابعة من الهجرة وهو المناسب لقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ قال بعضهم والحكمة فى جعل الصلاة فى اليوم والليلة خمسا ان الحواس لما كانت خمسا والمعاصي تقع بوساطتها كانت كذلك لتكون ماحية لما يقع فى اليوم والليلة من المعاصي اى بسبب تلك الحواس وقد أشار الى ذلك النبي عليه السلام بقوله (أرأيتم لو كان بباب أحدكم نهر يغتسل منه فى اليوم والليلة خمس مرات أكان ذلك يبقى من درنه شيأ) قالوا لا يا رسول الله قال (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) وقال بعضهم جعلها خمس صلوات إظهارا لسر التضعيف قال تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فالخمس عشر مرات خمسون وهى العدد الذي فرض ليلة المعراج قبل التخفيف وقيل لان الكعبة بنيت من خمسة جبال طور سينا وطور زيتا والجودي
وحرا وابو قبيس ولهذا السر جعل الطواف حول البيت الحرام بمنزلة الصلاة ولكن الصلاة أفضل من الطواف الا فى حق الحاج فانه مختص بالمحل الشريف والصلاة بخلافه وقيل جعلها خمسا شكرا للعناصر الاربعة وجمعيتها فى نشأة الإنسان وقد جعل الله الصلاة على اربعة اركان القيام والركوع والعقود والسجود لتكون شكرا لهذه العناصر الاربعة أو لأن الخلق اربعة اصناف قائم مثل الأشجار وراكع مثل الانعام وقاعد مثل الأحجار وساجد مثل الهوام فاراد ان يوافق الجميع فى أحوالهم فيشا كل كل واحد من الخلق وجعل الله فى أوضاع الصلاة جمعية العالم كلها وجعلت الصلاة مثنى وثلاث ورباع لتوافق اجنحة الملائكة فانها جعلت اجنحة للشخص بها يطير الى الله تعالى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره صلاة الصبح فى مقابلة الجسم والروح والأربع فى المراتب الأربع اى الطبيعة والنفس والقلب والروح وصلاة المغرب كانت لعيسى ولذلك صارت ثلاثا لانه ليس له حظ الطبيعة وقال حضرة شيخى وسندى قدس الله سره فى كتاب اللائحات البرقيات عند قوله تعالى وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ان الليل اشارة الى مرتبة اللاتعين وهى مرتبة الجلال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لكمال الإطلاق الذاتي الحقيقي الوجودي والنهار اشارة الى مرتبة التعين وهى مرتبة الجمال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لذلك الكمال المذكور نعته ثم صلاة الفجر من الصلوات الخمس المشتمل عليها الليل والنهار بركعتيها اشارة الى الاثنينية والتمايز بين المرتبتين المذكورتين والركعة الاولى اشارة الى مرتبة الجلال والركعة الثانية اشارة الى مرتبة الجمال واحدية مجموع الركعتين واجتماع الركعتين والتقاؤهما فى ذلك المجموع اشارة الى كمال واجتماع الجلال والجمال والتقائهما فى ذلك الكمال ثم صلاة المغرب منها عكس صلاة الفجر ليظهر فيها ما بطن فيها من الاحدية الجامعة والركعة الاولى اشارة الى الجلال والثانية الى الجمال والثالثة الى الكمال الجامع ومرتبة اللاتعين مرتبة القوة ومرتبة التعين مرتبة الفعل ولولا القوة لما تحقق الفعل والقوة إجمال والفعل تفصيل فلولا خزينة القوة لما ظهر كرم الفعل وجود الفضل ثم صلاة العشاء منها بركعاتها الأربع اشارة الى التعينات الاربعة الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية فى
مرتبة اللاتعين والجلال بالقوة وصلاة الظهر منها بركعاتها الأربع اشارة الى تلك التعينات الاربعة فى مرتبة الجمال الإلهي بالفعل وصلاة العصر منها بركعاتها الأربع اشارة إليها فى مرتبة الجمال الكونى بالفعل ثم الفرائض اشارة الى الوجود الحقانى الإلهي المنبسط على الأكوان مطلقا والواجبات اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الاخصية والسنن اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الخاصية والمستحبات اشارة الى الوجودات الخلقية العامية ثم ساق حضرة الشيخ روح الله روحه فى ذلك الكتاب كلاما طويلا من طلبه وجده وسئل ابن عباس رضى الله عنهما هل تجد الصلوات الخمس فى كتاب الله تعالى فقال نعم وتلا قوله فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ وأراد بحين تمسون المغرب والعشاء وبحين تصبحون الفجر وبعشيا العصر وبحين
تظهرون الظهر واطلاق التسبيح بمعنى الصلاة جاء فى قوله تعالى فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال القرطبي اى من المصلين وفى الكشاف عن ابن عباس رضى الله عنهما كل تسبيح فى القرآن فهو صلاة والعمدة فى الصلاة الطهارة الباطنة وحضور القلب: وفى المثنوى
روى ناشسته نبيند روى خور
…
لا صلاة كفت الا بالطهور
وهو بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه (مفتاح الصلاة الطهور) واسم لما يتطهر به كما فى المغرب قال الحافظ
طهارت ار نه بخون جكر كند عاشق
…
بقول مفتى عشقش درست نيست نماز «1»
وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة جملة واحدة بعد ما اسريناه الى الطور وَجَعَلْناهُ اى ذلك الكتاب هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ هاديا لاولاد يعقوب يهتدون الى الحق والصواب بما فيه من الاحكام والخطاب أَلَّا تَتَّخِذُوا ان مفسرة لما يتضمنه الكتاب من الأمر والنهى بمعنى اى كما فى قوله كتبت اليه ان افعل كذا قال الكاشفى [وگفتيم مر ايشانرا كه آيا فرا ميگيريد] مِنْ دُونِي [بجز از من] وَكِيلًا [پروردگارى كه مهم خود بدو گذاريد] قوله من دونى بمعنى غيرى أحد مفعولى لا تتخذوا ومن مزيدة ذُرِّيَّةَ اى يا ذرية مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ فى السفينة او نصب على الاختصاص بتقدير اعنى يقال ذرأ خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس. والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير انعامه عليهم فى ضمن إنجاء آبائهم من الغرق فى سفينة نوح قال فى الكواشي هذا منة على جميع الناس لانهم كلهم من ذرية من أنجى فى السفينة من الغرق. والمعنى كانوا مؤمنين فكونوا مثلهم واقتفوا بآثار آبائكم قال الكاشفى [مراد سامست كه ابراهيم عليه السلام جد بنى إسرائيل است از نسل او بود يعنى نعمت نجات از طوفان كه به پدر شما ارزانى داشتيم ياد كنيد وشكر گوييد] إِنَّهُ اى نوحا عليه السلام كانَ عَبْداً شَكُوراً كثير الشكر فى مجامع حالاته وكان إذا أكل قال الحمد لله الذي أطعمني ولوشاء اجاعنى وإذا شرب قال الحمد لله الذي سقانى ولوشاء أظمأني وإذا اكتسى قال الحمد لله الذي كسانى ولوشاء جردنى وإذا تغوط قال الحمد لله الذي اخرج عنى أذاه فى عافية ولوشاء حبسه- وروى- انه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به فان وجده محتاجا آثره به وفيه إيذان بان إنجاء من معه كان ببركة شكره عليه السلام وحث الذرية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذي هو أعظم مراتب الكفران وفى التأويلات النجمية إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً اى كان نوح عبدا شكورا يرى الضراء نعمة منا كما يرى السراء نعمة منا فيشكرنا فى الحالتين جميعا فلما بالغ فى الشكر سمى شكورا فالله تعالى بالغ فى ازدياد النعمة جزاء لمبالغته فى الشكر حتى أنعم على ذرية من حملهم مع نوح وهم بنوا إسرائيل بايتاء التوراة الهادية الى التوحيد المنجية من الشرك وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ يقال قضى اليه أنهاه وأبلغه اى أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما وبينا فِي الْكِتابِ فى التوراة فان الانزال والوحى الى موسى إنزال ووحي إليهم لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ والله لتفسدن فى ارض الشام وبيت المقدس مَرَّتَيْنِ مصدر والعامل فيه من غير لفظه اى إفسادا بعد إفساد
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان مخصوص بودن يعقوب عليه السلام بچشيدن جام حق تعالى از روى يوسف عليه السلام
إفسادتين. اولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعيا وحبس ارميا حين انذرهم سخط الله وارميا بتشديد اليا. مع ضم الهمزة على رواية الزمخشري وبضم الهمزة وكسرها مخففا على رواية غيره وفى القاموس ارميا بالكسر نبى. والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ولتستكبرن عن طاعة الله تعالى [يعنى سركش خواهيد شد از طاعت من] والعلو العتو على الله والجراة قال الكاشفى [درين قصه اختلاف بسيارست وهر مفسرى نقلى كه بدو رسيده إيراد نموده وقول أصح وأشهر در مختار القصص وسير وغير آن از كتبى كه در اخبار أنبياء عليهم السلام نوشته اند چنانست كه چون سلطنت بنى إسرائيل در ولايت شام بصديقه رسيده از أولاد سلما واو مردى ضعيف حال واعرج بود ملوك أطراف طمع در ولايت ايليه بسته متوجه آن صوب شدند أول سنجاريب ملك موصل بيامد ومتعاقب او سلما پادشاه آذربايجان رسيد وهر دو تلاش شهر بيت المقدس نموده با يكديگر محاربه آغاز كردند آتش قتال ميان ايشان اشتعال پذيرفت ودرياى مبارزت از صرصر مخاصمت بموج درآمد
سپهداران سپهـ درهم فكندند
…
صلاى مرگ در عالم فكندند
ز پيكان عالمى را ژاله بگرفت
…
ز خون روى زمين را لاله بگرفت
عاقبت سطوت هيبت الهى ظهور نموده هر دو لشگر از يكديگر منهزم گشتند وغنايم ايشان بدست بنى إسرائيل افتاد ديگر باره پادشاه روم وملك صقاليه وسلطان أندلس هر يك با لشگر جرار كرار همه تيغ زن ونيزه گذار بر در بيت المقدس جمع شدند. و چون رتبه سلطنت شركت بر نتابد ايشان نيز آغاز نزاع كرده بلشكر آرايى ونبرد آزمايى قيام واهتمام نمودند
در افتادند همچون شير غران
…
بكرز ونيزه وشمشير بران
بنى إسرائيل دعاى «اللهم اشتغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين» آغاز كردند ونكباى نكبت غبار ادبار بر ديده آن خاكساران پاشيد هزيمت را غنيمت دانسته دلها بر فرار قرار داده از يكديگر گريزان شدند
نه جاى قرار ونه جاى ستيز
…
نهادند ناكام رو در گريز
اموال ايشان نيز به دست بنى اسرائيليان افتاد و چون غنيمت پنج لشكر عظيم در حوزه تصرف در آوردند بحكم إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى سر تجبر از گريبان عصيان برآورده ودست تغلب از آستين طغيان بيرون كرده حكم توراترا بر طرف نهادند هر چند ارميا پيغمبر ايشانرا پند داد وگفت از آنچهـ در تورات مقرر شده واين فساد أول است مكنيد وخود را در معرض سخط الهى مياريد نشنيدند حق سبحانه وتعالى بخت نصر مجوسى را كه كاتب سنجاريب بود وبعد از فوت او بحكم وصيت ملك بوى رسيد بر ايشان گماشت تا بيامد وبا ايشان حرب كرده غالب شد ومسجد را خراب كرد تورات را بسوخت وهفتاد هزار كسى را بنى إسرائيل بنده كرفت واين عقوبت أول بود بعد از آن كورش همدانى كه زنى از بنى إسرائيل خواسته بود از اين حال خبر يافت مال بسيار بر گرفت وسى هزار بنا وسائر عمله با خود آورد وسى سال بعمارت ولايت ايليه اشتغال
نمود تا بحال أول باز آمد وديگرباره بنى إسرائيل خوش وقت شدند واموال وأولاد ايشان روى باز وياد نهادند باز سوداى اين مخالفت از نهاد ايشان سر بر زد ويحيئ معصوم را بقتل رسانيدند وقصد هلاك عيسى عليه السلام كردند عقوبت دوم در رسيد وطرطوس رومى بر ايشان غلبه كرد ديگرباره مسجد خراب كرد واندوختهاى ايشانرا بغارت بردند] كما قال تعالى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ أُولاهُما اى اولى كرتى إفساد اى حان وقت حلول العقاب الموعود بَعَثْنا عَلَيْكُمْ لمؤاخذتكم بجناياتكم عِباداً لَنا اكثر ما يقال عباد الله وعبيد الناس قال الكاشفى [اضافت خلق است نه اضافت مدح چهـ مراد بخت نصر است بقول أصلح] يقول الفقير المراد من الاضافة بيان كونهم مظاهر الاسم المذل المنتقم القهار كما يفيده مقام العظمة لا التشريف فان الكافر ليس من اهله أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ كقولهم ظل ظليل لان البأس يتضمن الشدة اى ذوى قوة وبطش فى الحروب [دمياطى گفت كه مهيب باشد آوازهاى ايشان چون رعد] وهم بخت نصر من مجوس بابل وهو بضم الباء أصله بوخت بمعنى ابن ونصر بفتح النون والصاد المشددة والراء المهملة اسم ضم وجد عنده بخت نصر ولم يعرف له اب ينسب اليه وقال بعضهم كان بخت نصر عاملا على العراق لملك الأقاليم فى ذلك الحين لهراست بن كى أجواد كان لهراست مشتغلا بقتال الترك فوجه بخت نصر الى بنى إسرائيل فى المرة الاولى فَجاسُوا من الجلوس وهو التردد خلال الدور والبيوت فى الغارة اى ترددوا لطلبكم بالفساد خِلالَ الدِّيارِ قال فى القاموس الخلل منفرج ما بين الشيئين ومن السحاب مخارج الماء كخلاله وخلال الدار ايضا ما حوالى جدرها وما بين بيوتها انتهى قالوا يجوز ان يكون مفردا بمعنى الوسط او جمع خلل بمعنى الاوساط مثل جبل وجبال. والديار جمع دار وهو المحل يجمع البناء والعرصة. والمعنى مشوا فى وسط المنازل او فى أوساطها للقتل والاسر والغارة فقتلوا علماءهم وكبارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين الفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به السنة الالهية وَكانَ وعد عقابهم وَعْداً مَفْعُولًا وعدا لا بد ان يفعل ثُمَّ رَدَدْنا أعدنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ اى الدولة والغلبة على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم ورجعتم من الإفساد والعلو تلخيصه بعد ظفرهم بكم اظفرناكم بهم. والكرة فى الأصل المرة وعليهم متعلق بها لانه يقال كر عليه اى عطف- حكى- ان كورش الهمذاني غزا اهل بابل فظهر عليهم وسكن الدار فتزوج امرأة من بنى إسرائيل فطلبت من زوجها ان يرد قومها الى ارضهم فردهم الى ارضهم بيت المقدس فالكرة هى قتل بخت نصر واستنقاذ بنى إسرائيل أساراهم ورجوع الملك إليهم فمكثوا فيها فرجعوا الى احسن ما كانوا عليه ثم عادوا فعصوا الثانية وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ يقال أمد الجيش إذا قواه وكثره عددا اى قويناكم باموال كثيرة بعد ما نهبت أموالكم وَبَنِينَ بعد ما سبيت أولادكم وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً عددا مما كنتم او من عدوكم وهو من ينفر مع الرجل من قومه إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها اى احسان الأعمال واساءتها كلاهما مختص بكم لا يتعدى
ثوابها ووبالها الى غيركم فاللام على أصلها وهو الاختصاص قال سعدى المفتى الاولى ان تكون للاستحقاق كما فى قوله لهم عذاب فى الدنيا قال فى تفسير النيسابورى قال اهل الاشارة انه أعاد الإحسان ولم يذكر الاساءة إلا مرة ففيه دليل على ان جانب الرحمة أغلب ويجوز ان يترك تكريره استهجانا فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ الْآخِرَةِ اى حان وقت ما وعد من عقوبة المرة الآخرة من الافسادين [دويست ودو سال] لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ يقال ساءه مساءة فعل به ما يكره وهو متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أي بعثناهم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة بادية فى وجوهكم فاريد بالوجوه الحقيقية وآثار الاعراض النفسانية فى القلب تظهر فى الوجه وفى الكواشي وخصت الوجوه بالمساءة والمراد أهلها لان أول ما يظهر من الحزن عليها وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ الأقصى ويخربوه كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وخربوه وَلِيُتَبِّرُوا اى ليهلكوا ما عَلَوْا كل شىء علبوه واستولوا عليه او بمعنى مدة علوهم تَتْبِيراً إهلاكا فظيعا لا يوصف والمراد بهم طرطوس الرومي وجنوده كما سبق وقال بعضهم سلط الله عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه هردوس قال لواحد من عظماء جنوده كنت حلفت بإلهي إذا ظفرت باهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى يسيل دماؤهم وسط عسكرى فامره ان يقتلهم فدخل بيت المقدس فقام فى البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتمونى فقتل على ذلك الدم سبعين الفا من رؤسائهم وغلمانهم وأزواجهم فلم يهدأ الدم ثم قال ان لم تصدقونى ما تركت منكم أحدا فقالوا انه دم نبى كان ينهانا ويخبرنا بأمركم فلم تصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الآن صدقتمونى لمثل هذا ينتقم ربكم منكم وكان قتل يحيى ملك من بنى إسرائيل يقال له لا خت حمله على قتله امرأة اسمها اربيل وكانت قتلت سبعة من الأنبياء وقتل يحيى كان بعد رفع عيسى فلما رأى انهم صدقوا خر ساجدا ثم قال يا يحيى قد علم ربى وربك ما أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ بإذن الله قبل ان لا أبقى أحدا منهم فهدأ فرفع عنهم القتل وقال آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل وأيقنت انه لا رب غيره وقال لبنى إسرائيل ان هر دوس أمرني ان اقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ولست أستطيع ان أعصيه قالوا افعل ما أمرت فامرهم ان يحفروا خندقا ويذبحوا دوابهم حتى سال الدم فى العسكر فلما رأى هر دوس ذلك أرسل اليه ان ارفع عنهم القتل فسلب عنهم الملك والرياسة وضرب عليهم الذلة والمسكنة ثم انصرف الى بابل وهى الواقعة الاخيرة النازلة على بنى إسرائيل وبقي بيت المقدس خرابا الى عهد خلافة عمر رضى الله عنه فعمره المسلمون بامره قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى در تورات بعد از وعده اين دو عقوبت با ايشان گفته بود] عَسى رَبُّكُمْ [شايد كه پروردگار شما يا بنى إسرائيل] أَنْ يَرْحَمَكُمْ [آنكه رحمت كند بر شما وباز شما را منعم] اى بعد المرة الثانية ان تبتم توبة اخرى وانزجرتم عن المعاصي فتابوا فرحمهم وَإِنْ عُدْتُمْ مرة ثالثة الى المعاصي قال سعدى المفتى الاولى كما فى الكشاف مرة ثانية إذ العود مرتان والاول بدء لا عود الا
ان يقال أول المرات كونهم تحت أيدي القبط عُدْنا الى عقوبتكم ولقد عادوا فاعاد الله عليهم النقمة بان سلط عليهم الاكاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الاناوة ونحو ذلك او عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وقصد قتله فعاد الله بتسليطه عليهم فقتل قريظة واجلى بنى النضير وقدر الجزية على الباقين فهم يعطونها عن يدوهم صاغرون وهم فى عذاب من المؤمنين الى يوم القيامة وفى التأويلات النجمية وَإِنْ عُدْتُمْ الى الجهل عُدْنا الى العدل بل الى الفضل: وفى المثنوى
چونكه بد كردى بترس ايمن مباش
…
زانكه تخمست وبروياند خداش
چند كاهى او بپوشاند كه تا
…
آيد آخر زان پشيمان تو را «1»
بارها پوشد پى اظهار فضل
…
باز كيرد از پى اظهار عدل
تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود
…
آن مبشر كردد اين منذر شود
وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً اى محبسا ومقرا يحصرون فيه لا يستطيعون الخروج منها ابد الآباد فهو فعيل بمعنى فاعل اى حاصرة لهم ومحيطة بهم وتذكيره اما لكونه بمعنى النسبة كلابن وتامر او لحمله على فعيل بمعنى مفعول او بالنظر الى لفظ جهنم إذ ليس فيه علامة التأنيث وعن الحسن حصيرا اى بساطا كما يبسط الحصير المرمول والحصير المنسوج وانما سمى الحصير لانه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض واعلم ان جهنم عصمنى الله وإياك منها من أعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة يسجن فيه المعطلة اى نفاة الصانع والمشركون والكافرون والمنافقون واهل الكبائر من المؤمنين ثم يخرج بالشفاعة وبالامتنان الإلهي من جاء النص الإلهي فيه وأوجدها الله تعالى بطالع الثور ولذلك خلقها الله تعالى فى صورة الجاموس وجميع ما يخلق فيها من الآلام التي يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الإلهي ولا يكون ذلك عند دخول الخلق فيها من الجن والانس متى دخولها واما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم فيها فى نفسها ولا فى نفس ملائكتها بل هى ومن فيها من زبانيتها فى رحمة الله لمنغمسون ملتذون يسبحون الله لا يفترون فعلى العاقل ان يتباعد عن الأسباب المقربة الى النار ويستعيذ بالله من حرها وبردها آناء الليل وأطراف النهار ويرجو رحمة الله تعالى وهى فى التسليم والتلقي من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة عصمنا الله وإياكم من المخالفة والعصيان وشرفنا بالموافقة والطاعة كل حين وآن وجعلنا من المخلصين فى بابه المقبلين على جنابه المحترزين عن عذابه وعقابه إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ الذي آتيناك يا محمد يَهْدِي الناس كافة لا فرقة مخصوصة منهم كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى لِلَّتِي للطريقة التي هِيَ أَقْوَمُ اى أقوم الطرائق وأسدها وأصوبها اعنى ملة الإسلام والتوحيد والمراد بهدايته لها كونه بحيث يهتدى إليها من يتمسك به لا تحصيل الاهتداء بالفعل فانه مخصوص بالمؤمنين وَيُبَشِّرُ [مژده ميدهيد] الْمُؤْمِنِينَ بما فى تضاعيفه من الاحكام والشرائع الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ التي شرحت فيه أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم بمقابلة تلك الأعمال أَجْراً كَبِيراً بحسب الذات وبحسب التضعيف عشر مرات فصاعدا قال الكاشفى [مزدى بزرگ يعنى بهشت]
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آنكه حق تعالى بنده را بگناه أول رسوا نكند
وذلك لانه يستصغر عند الجنة ونعيمها الدنيا وما فيها وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء أَعْتَدْنا لَهُمْ [آماده كرديم براى ايشان] اى فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عَذاباً أَلِيماً وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر بإضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه
يا وصال يار يا مرك عدو
…
بازي چرخ زين دو يك كارى كند
واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادي وهو كتاب الله الصامت والنبي عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والإرشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيأ من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا. قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا أردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الأولين والآخرين- روى- انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شىء يقوى قوله عليه السلام (يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين) فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال يا رسول الله قال الله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب الله تعالى فقال عليه السلام (اطلبه فى سورة يوسف) فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن إذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القارئ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبي عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال (لم يفقه) اى لم يكن فقيها فى الدين (من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور الدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث (من شهد خاتمه القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله) ففى الافتتاح عند الاختتام إحراز لهاتين الفضيلتين وإذلال للشيطان قال فى شرح الجزري ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاوتهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبي عليه السلام عند ختم القرآن (اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين) وكان ابو القاسم
الشاطبي رحمه الله يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن «اللهم انا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته أحدا من خلقك او أنزلته فى شىء من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا إليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين» قال فى القنية لا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى انتهى وجه الاولوية ان الغرض الأهم من القراءة انما هو تصحيح مبانيها لظهور معانيها ليعمل بما فيها وفى القراءة بصوت واحد يتشوش الخواطر مع ان بعض القارئين بالجمعية يأتى ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويقع حذف الحرف والزيادة وتحريك الساكن وتسكين المحرك ومد القصر وقصر المد مراعاة للاصوات فيأثمون
عشقت رسد بفرياد گر خود بسان حافظ
…
قرآن ز بر بخوانى در چارده روايت
نسأل الله تعالى ان يوصلنا الى حقائق القرآن وأسراره ويطلعنا على الحكم والمصالح فى قصصه واخباره ويجعلنا من اهل التحقيق انه ولى التوفيق وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ ويدعو الله عند غضبه بالشر واللعن والهلاك على نفسه واهله وخدمه وماله. والمراد بالإنسان الجنس أسند اليه حال بعض افراده او حكى عنه حاله فى بعض احيانه وحذفت واو يدع ويمح وسندع لفظا كياء سوف يؤت الله ويناد المناد وما تغن النذر وصلا لاجتماع الساكنين ووقفا وهى مرادة معنى حملا للوقف على الوصل ولو وقف عليها اضطرار الوقف بلا واو فى ثلاثتها اتباعا للامام كما فى الكواشي دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ مثل دعائه لهم بالخير والرزق والعافية والرحمة ويستجاب له فلو استجيب له إذا دعاء باللعن كما يجاب له بالخير لهلك او يدعوه بما يحسبه خيرا وهو شر فى نفسه فينبغى ان يدعو بما هو خير عند الله تعالى لا بما يشتهيه وَكانَ الْإِنْسانُ بحسب جبلته عَجُولًا يسارع الى طلب ما يخطر بباله ولا ينظر عاقبته ولا يتأنى الى ان يزول عنه ما يعتريه قال الكاشفى [تعجيل دارد در انقلاب از حالى بحالي نه در سرا تحمل دارد ونه در ضرا نه در گرما شكيباست ونه در سرما] واعلم ان الدعاء اما بلسان الحقيقة واما باعتبار السيئة المفضية الى الشر الموجبة له فالانسان عجول قولا وفعلا يتمادى فى الأعمال الموجبة للشر والعذاب وفى الحديث (المؤمن وقاف والمنافق وثاب) قال آدم عليه السلام لأولاده كل عمل تريدون ان تعملوا فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني قال أعرابي إياكم والعجلة ان العرب تكنيها أم الندامات: وفى المثنوى
پيش سگ چون لقمه نان افكنى
…
بو كند وآنگه خورد اى مقتنى «1»
او ببينى بو كند ما با خرد
…
هم ببوئيمش بعقل منتقد
قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرى
التوبة إذا أذنب ثم شرع فى بيان بعض الهداية التكوينية التي اخبر بها القرآن الهادي فقال وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ قدم الليل لان فيه تظهر غرر الشهور اى جعلنا هما بسبب تعاقبهما واختلافهما فى الطول والقصر آيَتَيْنِ دالتين على وجود الصانع القدير ووحدته إذ لا بد لكل متغير من متغير وانما قال وجعلنا الليل والنهار آيتين وقال فى موضع آخر وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً لان الليل والنهار ضدان بخلاف عيسى ومريم وقيل لان عيسى ومريم كانا فى وقت واحد والشمس والقمر آيتان لانهما فى وقتين ولا سبيل الى رؤيتهما معا فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ الفاء تفسيرية والاضافة بيانية كما فى اضافة العدد الى المعدود اى فمحونا الآية التي هى الليل. والمحو فى الأصل ازالة الشيء الثابت والمراد هنا إبداعها ممحوة الضوء مطموسة كما فى قولهم سبحانه من صغر البعوض وكبر الفيل اى انشأهما كذلك بقرينة ان محو الليل فى مقابلة جعل النهار مضيئا وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ اى الآية التي هى النهار مُبْصِرَةً مضيئة تبصر فيها الأشياء وصفها بحال أهلها ويجوز ان تكون الاضافة فى المحلين حقيقية فالمراد بآية الليل والنهار والقمر والشمس- روى- ان الله تعالى خلق كلا من نور القمر والشمس سبعين جزأ ثم امر جبرئيل فمسح بجناحه ثلاث مرات فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس ليتميز الليل من النهار إذ كان فى الزمن الاول لا يعرف الليل والنهار فالسواد الذي فى القمر اثر المحو وهذا السواد فى القمر بمنزلة الحال على الوجه الجميل ولما كان زمان الدولة العربية الاحمدية قمريا ظهر عليه اثر السيادة على النجوم وهو السواد لانه سيد الألوان كما ظهر على الحجر المكرم الذي خرج ابيض من الجنة اثر السيادة بمبايعة الأنبياء والأولياء عليهم السلام وجعل الله شهورنا قمرية لا شمسية تنبيها من الله للعارفين ان آياتهم ممحوّة من ظواهرهم مصروفة الى بواطنهم فاختصوا من بين جميع الأمم الماضية بالتجليات الخاصة وقيل فيهم كتب فى قلوبهم الايمان مقابلة قوله فانسلخ منها قال تعالى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى فى علو المرتبة والشرف قال حضرت شيخ وسندى قدس سره فى كتاب البرقيات بعد تفصيل بديع ثم لآية الليل مرتبة الفرعية والتبعية ولآية النهار مرتبة الاصلية والاستقلالية لان نور القمر مستفاد من نور الشمس ثم سر محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة هو نفى الاستواء واثبات الامتياز حتى يتعين حد المستفيد وطوره بان يكون انزل بحسب الضعف والنقصان وحد المفيد وطوره بان يكون ارفع بحسب القوة والكمال ويرتبط كل منهما بالآخر من غير تعد وتجاوز عن حده وطوره بل عرف كل قدره ولزوم مقامه حتى يطرد النظام والانتظام ويستمر القيام والدوام من غير خلل واختلال ثم هذا السر اشارة الى سرأن لمظاهر الجلال مرتبة التبعية والفرعية ولمظاهر الجمال مرتبة الاستقلالية والاصلية لان الامداد الواصل الى مظاهر الجلال لقيامهم ودوامهم وبقائهم مستقاد من مظاهر الجمال ولذا قيل لولا الصلحاء لهلك الطلحاء وحكمة محو أفكار مظاهر الجلال عن الاصابة الى الاخطاء وجعل أفكار مظاهر الجمال مبصرة مصيبة هو نفى المساواة واثبات المباينة بينهما حتى يتحقق رتبة الأصل
بالقوة والغلبة والعزة ورتبة الفرع بالضعف والعجز والذلة ويقوم النظام ويدوم الانتظام من غير ان يظهر التجاوز والتعدي من طرف مرتبة التبعية الى رتبة الاستقلالية عند المقابلة والمقاومة بل يطرد الارتفاع والاعتلاء والاستيلاء على الوجه الأوفق والحد الاحق فى طرف الاصالة ويستمر الأمر فى نفسه الى ما شاء الله خالق البرية ثم مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفى مراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر وغير ذلك من الإشارات القرآنية لِتَبْتَغُوا متعلق بقوله وجعلنا آية النهار اى لتطلبوا لانفسكم فى بياض النهار فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ اى رزقا وسماه فضلا لان إعطاء الرزق لا يجب على الله وانما يفيضه بحكم الربوبية وفى التعبير عن الكسب بالابتغاء دلالة على ان ليس للعبد
فى تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب وَلِتَعْلَمُوا متعلق بكلا الفعلين اى لتعلموا باختلاف الجديدين او ميزهما ذاتا من حيث الاظلام والاضاءة مع تعاقبهما وسائر أحوالهما عَدَدَ السِّنِينَ التي يتعلق بها غرض علمى لاقامة مصالحكم الدينية والدنيوية وَالْحِسابَ اى الحساب المتعلق بما فى ضمنها من الأوقات اى الأشهر والليالى والأيام وغير ذلك ممانيط به شىء من المصالح المذكورة ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات ولتعطلت امور كثيرة. والحساب إحصاء ما له كمية منفصلة بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة فيها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل والعد احصاؤه بمجرد تكرير أمثاله من غير ان يتحصل منه شىء كذلك فالسنة تحصل بعدة شهور والشهر بعدة ايام واليوم بعدة ساعات. والسنين جمع سنة وهى شمسية وقمرية فالسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قالوا ان اقرأ لعنين انه لم يصل اجله الحاكم سنة قمرية فى الصحيح وبحسب فدية الصلاة بالسنة الشمسية أخذا بالاحتياط من غير اعتبار ربع اليوم ففدية كل فرض من الحنطة خمسمائة درهم وعشرون درهما وللوتر كذلك فيكون فدية كل صلاة يوم وليلة من الحنطة ثلاثة آلاف درهم ومائة وعشرين درهما وفدية كل سنة شمسية مائة واثنان وأربعون كيلا بكيل القسطنطينية وسبع اوقية ويكون قيمة هذا المقدار من الخطة محسوبة بالحساب الجاري بين الناس فى كل عهد وزمان وَكُلَّ شَيْءٍ تفتقرون اليه فى المعاش والمعاد وهو منصوب بفعل يفسره قوله تعالى فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا اى بيناه فى القرآن بيانا بليغا لا التباس معه فازحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا فليتبع العاقل ما أدركه اى لحقه علمه وليفوض ما جهله منه الى العلم وفيه اشارة الى ان العالم إذا تدبر فى القرآن وقف على جميع المهمات وكان الصحابة رضى الله عنهم يكرهون ان يمضى يوم ولم ينظروا فى مصحف لان النظر اليه عبادة وفيه ايضا وقوف على المرام فان التدبر يؤدى الى ظهور خفايا الكلام- حكى-
ان الامام محمد بن الحسن صاحب ابى حنيفة دخل على ابى حنيفة لتعلم الفقه قال استظهرت القرآن يا بنى قال لا قال استظهر اوّلا فغاب سبعة ايام ثم رجع الى ابى حنيفة فقال ألم اقل لك استظهر قال استظهرت قال الشافعي رضى الله عنه بت عنده ليلة فصيلت الى الصبح واضطجع هو الى الصبح فاستنكرت ذلك منه فقام وصلى ركعتى الفجر من غير توضى فقلت له فى ذلك فقال أظننت انى نمت كلا استخرجت من كتاب الله نيفا والف مسألة فانت عملت لنفسك وانا عملت للامة او انما اضطجعت لان صفاء خاطرى فى تلك الحالة. وهذه الصورة سرّ ما قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحى إليهم ان الوارد الإلهي الذي هو صفة القيومية إذا جاءهم اشتغل روح الإنسان عن تدبيره فلم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامه ولا قعوده فرجع الى أصله وهو لصوقه بالأرض ثم ان فى القرآن تفصيلا لأهل العبارة واهل الاشارة: وفى المثنوى
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين
…
ديو آدم را نبيند غير طين «1»
ظاهر قرآن چوشخص آدميست
…
كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
وَكُلَّ إِنسانٍ مكلف مؤمنا كان او كافرا ذكرا او أنثى عالما او اميا سلطانا او رعية حرا او عبدا أَلْزَمْناهُ الإلزام [لازم كردن] طائِرَهُ اى عمله الصادر عنه باختياره حسبما قدر له كانه طار اليه من عش الغيب ووكر القدر فِي عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط اى ألزمناه عمله بحيث لا يفارقه ابدا بل يلزمه لزوم القلادة والغل للعنق لا ينفك عنه بحال
كه هر نيك وبدى كان از من آيد
…
مرا ناكام غل در كردن آيد
قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص العنق بإلزامه الطائر الجواب لان العنق موضع السمات والقلائد مما يزين او يشين فينسبون الأشياء اللازمة الى الأعناق يقال هذا فى عنقى وفى عنقك انتهى وفى حياة الحيوان انهم قالوا تقلدها طوق الحمامة الهاء كناية عن الخصلة القبيحة اى تقلد طوق الحمامة لانه لا يزايلها ولا يفارقها كما لا يفارق الطوق الحمامة ومثل قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ان عمله لازم له لزوم القلادة والغل لا ينفك عنه انتهى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ما طار لكل انسان فى الأزل وقدر بالحكمة الازلية والارادة القديمة من السعادة والشقاوة وما يجرى عليه من الاحكام المقدرة والأحوال التي جرى بها القلم من الخلق والخلق والرزق والاجل ومن صغائر الأعمال وكبائرها المكتوبة له وهو بعد فى العدم وطائره ينتظر وجوده فلما اخرج كل انسان رأسه من العدم الى الوجود وقع طائره فى عنقه ملازما له فى حياته ومماته حتى يخرج من قبره يوم القيامة وهو فى عنقه وهو قوله وَنُخْرِجُ لَهُ اى لكل انسان يَوْمَ الْقِيامَةِ والبعث للحساب كِتاباً مسطورا فيه عمله نقيرا وقطميرا وهو مفعول نخرج يَلْقاهُ الإنسان اى يجده ويراه مَنْشُوراً مفتوحا بعد ما كان مطويا صفتان لكتابا او الاول صفة والثاني حال قال الحسن بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان فهما عن يمينك وعن شمالك. فاما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك. واما الذي عن شمالك فيحفظ سيأتك حتى
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ
إذا مت طويت صحيفتك وجعلت معك فى قبرك حتى تخرج لك يوم القيامة. يعنى [چون آدمي در سكرات افتد نامه عمل او در پيچند و چون مبعوث كردند باز گشاده بدست وى دهند] اقْرَأْ كِتابَكَ على ارادة القول اى يقال اقرأ كتابك عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً اى كفى نفسك والباء زائدة واليوم ظرف لكفى وحسيبا تمييز وعلى صلته لانه بمعنى الحاسب وتذكيره مبنى على تأويل النفس بالشخص. يعنى [خود به بين كه چهـ كرده ومستحق چهـ نوع پاداشتى] وفوض تعالى حساب العبد اليه لئلا ينسب الى الظلم ولتجب الحجة عليه باعترافه قال الحسن أنصف من أنصفك أنصف من جعلك حسيب نفسك [عمر رضى الله عنه گفته كه حاسبوا قبل ان تحاسبوا امروز دفتر اعمال خود در پيش نه ودر نگر كه از نيك وبد چهـ كرده و چون فرصت دارى در تدارك احوال خود كوش كه فردا مجال تلافى نخواهد بود. در كشف الاسرار آورده كه پدرى پسر خويش را گفت امروز هر چهـ با مردم گويى وهر چهـ از ايشان شنوى وهر عملى كه كنى با من بگوى وحركات وسكنات خويش بر من عرض كن آن پسر تا نماز شام تمام كردار يكروزه را باز گفت پدر روزى ديگر از پسر همين حال درخواست پسر گفت اى پدر زينهار هر چهـ خواهى از رنج وكلفت بكشم اين صورت بگذار كه طاقت ندارم پدر گفت من ترا در اين كار مى بندم تا بيدار وهشيار باشى واز موقف حساب غافل نشوى كه ترا طاقت يكروزه حساب دادن با پدر نيست حساب همه عمر با حق تعالى چون خواهى داد]
تو نمى دانى حساب روز وشام
…
پس حساب عمر چون گويى تمام
زين عملهاى نه بر نهج صواب
…
نيست جز شرمندگى وقت حساب
مَنِ اهْتَدى [هر كه راه يابد وبراه راست رود] اى بهداية القرآن وعمل بما فى تضاعيفه من الاحكام وانتهى عما نهاه فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فانما تعود منفعة اهتدائه الى نفسه لا تتخطاه الى غيره ممن لم يهتد وَمَنْ ضَلَّ عن الطريقة التي يهديه إليها فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فانما وبال إضلاله عليها لا على من عداه ممن لم يباشره حتى يمكن مفارقة العمل من صاحبه وقال البيضاوي لا ينجى اهتداؤه غيره ولا يردى ضلاله سواه اى فى الآخرة والا ففى حكم الدنيا يتعدى نفع الاهتداء وضرر الضلال الى الغير كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى قال فى القاموس الوزر بالكسر الإثم والثقل والحمل الثقيل انتهى اى لا تحمل نفس حاملة للوزر اى الإثم وزر نفس اخرى حتى يمكن تخلص النفس الثانية من وزرها ويختل ما بين العامل وعمله من التلازم بل انما تحمل كل منهما وزرها فلا يؤاخذ أحد بذنب غيره وهذا تحقيق لمعنى قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ واما ما يدل عليه قوله تعالى مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وقوله تعالى لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ من حمل الغير وزر الغير وانتفاعه بحسنته وتضرره
بسيئته فهو فى الحقيقة انتفاع بحسنة نفسه وتضرر بسيئته فان جزاء الحسنة والسيئة اللتين يعملهما العامل لازم له وانما الذي يصل الى من يشفع جزاء شفاعته لا جزاء اصل الحسنة والسيئة وكذلك جزاء الضلال مقصور على الضالين وما يحمله المضلون انما هو جزاء الإضلال لا جزاء الضلال وقوله وَلا تَزِرُ إلخ تأكيد للجملة الثانية وانما خص بها قطعا للاطماع الفارغة حيث كانوا يزعمون انهم لم يكونوا على الحق فالتبعة على أسلافهم الذين قلدوهم والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة ويتفرع عليه من العقوبة وقال الكاشفى [وليد بن مغيره كافرانرا ميگفت متابعت من كنيد ومن گناهان شما را بردارم حق سبحانه وتعالى ميفرمايد كه هر نفسى بار خود خواهد برداشت نه بار ديگرى] هذا وقد قال بعضهم المراد بالكتاب نفسه المنتقشة بآثار اعماله فان كل عمل يصدر من الإنسان خيرا او شرا يحدث منه فى جوهر روحه اثر مخصوص الا ان ذلك الأثر يخفى مادام الروح متعلقا بالبدن مشتغلا بواردات الحواس والقوى فاذا انقطعت علاقته عن البدن قامت قيامته لان النفس كانت ساكنة مستقرة فى الجسد وعند ذلك قامت وتوجهت نحو الصعود الى العالم العلوي فيزول الغطاء وينكشف الأحوال ويظهر على لوح النفس نقش كل شىء عمله فى مدة عمره وهذا معنى الكتابة والقراءة بحسب العقل وانه لا ينافى ما ورد فى النقل بل يؤيد هذا المعنى ما روى عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا ثم المراد بالقيامة على هذا التفصيل هى القيامة الصغرى لكن هذا الكلام أشبه بقواعد الفلسفة كما فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لا يخفى ان الآخرة جامعة للصورة والمعنى فللانسان صحيفتان صحيفة عمله التي هى الكتاب وصحيفة نفسه فكل منهما ناطق عن عمله وحاله كما قال فى التأويلات النجمية يجوز ان يكون هذا الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها نسخة نسخها الكرام الكاتبون بقلم اعماله فى صحيفة أنفاسه من الكتاب الطائر الذي فى عنقه ولهذا يقال له اقْرَأْ كِتابَكَ اى كتابتك التي كتبتها كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً فان نفسك مرقومة بقلم أعمالك اما بر قوم السعادة او بر قوم الشقاوة من اهتدى الى الأعمال الصالحة فانما يهتدى لنفسه فيرقمها بر قوم السعادة ومن ضل عنها بالأعمال الفاسدة فانما يضل عليها فيرقمها بر قوم الشقاوة وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى اى لا يرقم راقم بقلم أوزاره نفس غيره وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ اى وما صح وما استقام منا بل استحال فى عادتنا المبنية على الحكم البالغة ان نعذب أحدا من اهل الضلال والأوزار اكتفاء بقضية العقل حَتَّى نَبْعَثَ إليهم رَسُولًا يهديهم الى الحق ويردعهم عن الضلال ويقيم الحجج ويمهد الشرائع قطعا للمعذرة وإلزاما للحجة وفيه دلالة على ان البعثة واجبة لا بمعنى الوجوب على الله بل بمعنى ان قضية الحكمة تقتضى ذلك لما فيه من المصالح والحكم
والمراد بالعذاب المنفي هو العذاب الدنيوي وهو من مقدمات العذاب الأخروي فجوزوا على الكفر والمعاندة بالعذاب فى الدارين وما بينهما ايضا وهو البرزخ والبعث غاية لعدم صحة وقوعه فى وقته المقدر له لا لعدم وقوعه مطلقا كيف لا والأخروي لا يمكن وقوعه عقيب البعث والدنيوي ايضا لا يحصل الا بعد تحقق ما يوجبه من الفسق
والعصيان وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً
اى وإذا دنا وقت تعلق ارادتنا باهلاك. قرية بان تعذب أهلها أَمَرْنا
بالطاعة على لسان الرسول المبعوث الى أهلها مُتْرَفِيها
متنعميها وكبارها وملوكها. والمترف كمكرم من أبطرته النعمة وسعة العيش والترفة بالضم النعمة والطعام الطيب وخصهم بالذكر مع توجه الأمر الى الكل لانهم الأصول فى الخطاب والباقي اتباع لهم فَفَسَقُوا فِيها
اى خرجوا عن الطاعة وتمردوا فى تلك القرية فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
اى ثبت وتحقق موجبه بحلول العذاب اثر ما ظهر فسقهم وطغيانهم قال الكاشفى [پس واجب شود بر اهل آن ده كلمه عذاب كه سبقت گرفته در حكم ازلى مستوجب عقوبت شدند] فَدَمَّرْناها
بتدمير أهلها وتخريب ديارها. والتدمير الإهلاك مع طمس الأثر وهدم البناء تَدْمِيراً
وقيل الأمر مجاز من الحمل على الفسق والتسبب له بان صب عليهم ما ابطرهم وافضى بهم الى الفسوق وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ كم مفعول أهلكنا ومن القرون تبين لابهام كم وتمييز له كما يميز العدد بالجنس اى وكثيرا من القرون أهلكنا والقرن مدة من الزمان يخترم فيها المرء والأصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة والقرن كل امة هلكت فلم يبق منها أحد وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مِنْ بَعْدِ نُوحٍ من بعد زمنه كعاد وثمود ومن بعدهم ولم يقل من بعد آدم لان نوحا أول نبى بالغ قومه فى تكذيبه وقومه أول من حلت بهم العقوبة العظمى وهو الاستئصال بالطوفان وَكَفى بِرَبِّكَ اى كفى ربك بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً يحيط بظواهرها وبواطنها فيعاقب عليها وتقديم الخبير مع انه مضاف الى الغيب والأمور الباطنة والبصير مضاف الى الأمور الظاهرة كالشهيد لتقدم متعلقه من الاعتقادات والنيات التي هى مبادى الأعمال الظاهرة وفيه اشارة الى ان البعث والأمر وما يتلوهما من فسقهم ليس لتحصيل العلم بما صدر عنهم من الذنوب فان ذلك حاصل قبل ذلك وانما هو لقطع الاعذار والزام الحجة من كل وجه وفى الآية تهديد لهذه الامة لا سيما مشركى مكة لكى يطيعوا الله ورسوله ولا يعصوه فيصيبهم مثل ما أصابهم- روى- عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب ولذلك قيل العاقل من وعظ بغيره
مرد در كارها چوكرد نظر
…
بهره اعتبار از آن برداشت
هر چهـ آن سودمند بود گرفت
…
هر چهـ ناسودمند بود گذاشت
وفى التأويلات النجمية وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا بشير الى ان الأعمال الصالحة والفاسدة التي ترقم النفوس يرقوم السعادة والشقاوة لا يكون لها اثر الا بقبول دعوة الأنبياء او يردها فان السعادة والشقاوة مودعة فى أوامر الشريعة ونواهيها وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً
اى من قرى النفوس أَمَرْنا مُتْرَفِيها
وهى النفوس الامارة بالسوء فَفَسَقُوا فِيها
اى فخرجوا عن قيد الشريعة ومتابعة الأنبياء بمتابعة الهوى واستيفاء شهوات النفس فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
اى فوجيت لها الشقاوة بمخالفة الشريعة فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً
بابطال استعداد قبول السعادة إذ صارت النفس مرقومة بر قوم الشقاوة الابدية وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ اى أبطلنا حسن استعدادهم لقبول السعادة برد دعوة الأنبياء عليهم السلام وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ إذ لم يقبلوا دعوة الأنبياء خَبِيراً بَصِيراً فانه المقدر فى الأزل المدبر الى الابد اسباب سعادة عباده واسباب شقاوتهم انتهى مَنْ كانَ [هر كه باشد از روى خساست همت] يُرِيدُ بأعماله الْعاجِلَةَ الدار الدنيا فقط اى ما فيها من فنون مطالبها وهم الكفرة والفسقة واهل الرياء والنفاق والمهاجر للدنيا والمجاهد لمحض الغنيمة والذكر عَجَّلْنا لَهُ فِيها اى فى تلك العاجلة ما نَشاءُ تعجيله له من نعيمها لا كل ما يريد فان الحكمة لا تقتضى وصول كل واحد الى جميع ما يهواه لِمَنْ نُرِيدُ تعجيل ما نشاء له فانها لا تقتضى وصول كل طالب الى مرامه فان الله تعالى يبتلى بعض العباد بالطلب من غير حصول المطلوب وبعضهم يبتلى به بحصول المطلوب المشروط به اما مقارنا لطلبه واما بعده لان وقت الطلب قد يفارق وقت حصول المطلوب فيحصل الطلب فى وقت والمطلوب فى وقت وبعضهم لا يبتلى بالطلب بل يصل اليه الفيض بلا طلب فالاول طلب ولا شىء. والثاني طلب وشىء. والثالث شىء ولا طلب قوله لِمَنْ نُرِيدُ بدل من الضمير فى له با عادة الجار بدل البعض فانه راجع الى الموصول المنبئ عن الكثرة ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ مكان ما عجلنا له جَهَنَّمَ وما فيها من اصناف العذاب يَصْلاها يدخلها وهو حال من الضمير المجرور مَذْمُوماً ملوما لان الذم اللوم وهو خلاف المدح والحمد يقال ذممته وهو ذميم غير حميد كما فى بحر العلوم مَدْحُوراً مطرودا من رحمة الله تعالى فان الدحر الطرد والابعاد وَمَنْ [هر كه از روى علو همت] أَرادَ بالأعمال الْآخِرَةَ الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم وَسَعى لَها سَعْيَها اى السعى اللائق بها وهو الإتيان بما امر والانتهاء عما نهى لا التقرب بما يخترعون بآرائهم وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص فانها للاختصاص وَهُوَ مُؤْمِنٌ اى والحال انه مؤمن ايمانا صحيحا لا شرك معه ولا تكذيب فانه العمدة فَأُولئِكَ الجامعون الشرائط الثلاثة من ارادة الآخرة والسعى الجميل لها والايمان كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً مقبولا عند الله تعالى بحسن القبول مثابا عليه فان شكر الله الثواب على الطاعة وفى تعليق المشكورية بالسعي دون قرينيه اشعار بأنه العمدة فيها اعلم ان الله تعالى خلق الإنسان مركبا من الدنيا والآخرة ولكل جزء منهما ميل وارادة الى كله ليتغذى منه ويتقوى ويتكمل به ففى جزئه الدنيوي وهو النفس طريق الى دركات النيران وفى جزئه الأخروي وهو الروح طريق الى درجات الجنان وخلق القلب من هذين الجزءين وله طريق الى ما بين إصبعي الرحمن إصبع اللطف وإصبع القهر فمن يرد الله به ان يكون مظهر قهره أزاغ قلبه وحول وجهه الى الدنيا فيريد العاجلة ويربى بها نفسه الى ان تبلغه الى دركات جهنم البعد ويصلى نار القطيعة ومن يرد الله به ان يكون مظهر لطفه اقام قلبه وحول وجهه الى عالم العلو
فيريد الآخرة ويسعى لها سعيها وهو الطلب بالصدق وهو مؤمن بان من طلبه وجده فاولئك كان سعيهم فى الوجود مشكورا من الموجد فى الأزل كُلًّا منصوب بنمد اى كل واحد من مريدى الدنيا ومريدى الآخرة نُمِدُّ اى نزيد مرة اخرى بحيث يكون الآنف مددا للسالف لا نقطعه وما به الامداد هو ما عجل لاحدهما من العطايا العاجلة وما أعد للآخر من العطايا الآجلة المشار إليها بمشكورية السعى هؤُلاءِ بدل من كلا وَهَؤُلاءِ عطف عليه اى نمد هؤلاء المعجل لهم وهؤلاء المشكور سعيهم مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ اى من معطاه الواسع الذي لا تناهى له لان العطاء اسم ما يعطى وهو متعلق بنمد ومغن عن ذكر ما به الامداد ومنه على ان الامداد المذكور ليس بطريق الاستيجاب بالسعي والعمل بل بمحض التفضل وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ اى دنيويا وأخرويا مَحْظُوراً ممنوعا عمن يريده من البر والفاجر بل هو فائض على البر فى الدنيا والآخرة وعلى الفاجر فى الدنيا فقط وان وجد منه ما يقتضى الحظر وهو الفجور والكفر: قال الشيخ سعدى
أديم زمين سفره عام اوست
…
برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
پس پرده بيند عملهاى بد
…
هم او پرده پوشد بآلاى خود
وگر بر جفا پيشه بشتافتى
…
كى از دست قهرش أمان يافتى
انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ كيف فى محل النصب بفضلنا على الحالية لا بانظر لان الاستفهام يحجب ان يتقدم عليه عامله لاقتضائه صدر الكلام اى انظر يا محمد بنظر الاعتبار كيف فضلنا بعض الآدميين على بعض فيما أمددناهم من العطايا الدنيوية فمن وضيع ورفيع ومالك ومملوك وموسر وصعلوك تعرف بذلك مراتب العطايا الاخروية ودرجات تفاضل أهلها على طريقة الاستشهاد بحال الأدنى على حال الأعلى كما افصح عنه قوله تعالى وَلَلْآخِرَةُ اى هى وما فيها أَكْبَرُ من الدنيا دَرَجاتٍ نصب على التمييز وهى جمع درجة بمعنى المرتبة والطبقة وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا وذلك لان التفاوت فى الآخرة بالجنة ودرجاتها العالية لان ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض وفى التأويلات النجمية انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ من اهل الدنيا فى النعمة والدولة وموافاة المراد ليتحقق لك انها من امدادنا يا هم وَلَلْآخِرَةُ اى اهل الآخرة أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا من اهل الدنيا لان مراتب الدرجات الاخروية وفضائل أهلها باقية غير متناهية ونعمة الدنيا وفضائل أهلها فانية متناهية: قال الحافظ
فى الجملة اعتماد مكن بر ثبات دهر
…
كين كار خانه ايست كه تغيير ميكنند
فعلى العاقل تحصيل الدرجات الاخروية الباقية. وفى الحديث (اكثر اهل الجنة البله وعليون لذوى الألباب) أراد بذوي الألباب العلماء ألا يرى الى قوله عليه السلام (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم) وفى رواية (كفضل القمر على سائر الكواكب) وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله تعالى وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ
يرفع العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فبهذه الشواهد يتضح ان تفاوت درجات اهل الجنة بحسب تفاوت معارفهم الالهية وعلومهم الحقيقة كما قال عليه السلام (ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر إليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج
والخدم من النور أعدها الله للعاقلين فاذا ميز الله اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم قيتفاوتون فى الدرجات كما بين المشارق والمغارب بألف ضعف) وعنه عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا اصحاب الهموم) يعنى فى طلب الخير والمعيشة وقال عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا ثلاثة اقسام عادل وذو رحم واصل وذو عيال صبور) فقال على رضى الله عنه ما صبر ذى العيال قال (لا يمن على اهله ما ينفق عليهم) - روى- ان عدة من الناس اجتمعوا بباب عمر رضى الله عنه فخرج الاذن لبلال وصهيب فشق على ابى سفيان فقال لسهيل بن عمرو انما أبينا من قبلنا فانهم دعوا ودعينا يعنى الى الإسلام فاسرعوا وابطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت فى الآخرة ولئن حسدتموهم على باب عمر فما أعد الله لهم فى الجنة اكثر وقرئ واكثر تفضيلا وفى قول بعضهم ايها المباهي بالرفع منك فى مجالس الدنيا أما ترغب فى المباهاة بالرفع فى مجالس الآخرة وهى اكبر وأفضل وعنه عليه السلام (بين المجاهد والقاعد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة) اى عدوه وعنه عليه السلام (تعلموا العلم فالله تعالى يبعث يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر الخلق على درجاتهم) كما فى بحر العلوم وفى المثنوى
علم را دو پر كمانرا يك پر است
…
ناقص آمد ظن به پرواز ابتر است
مرغ يك پر زود افتد سر نگون
…
باز بر پرد دو كامى يا فزون
افت وخيزان ميپرد مرغ كمان
…
با يكى پر بر اميد آشيان
چون ز ظن وارست وعلمش رو نمود
…
شد دو پر آن مرغ يك پر برگشود
بعد از آن يمشى سويا مستقيم
…
نى على وجه مكبا او سقيم
اللهم اجعلنا من اهل اليقين والتمكين لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد أمته فان بعضهم قالوا الأصل فى الأوامر هو وفى النواهي أمته فَتَقْعُدَ بالنصب جوابا للنهى والقعود بمعنى الصيرورة او عبارة عن المكث اى فتمكث فى الناس كما تقول لمن سأل عن حال شخص قاعد فى أسوأ حال ومعناه ماكث سواء كان قائما او جالسا وقد يراد القعود حقيقة لان من شأن المذموم المخذول ان يقعد حائرا يتفكر او عبر بغالب حاله وهو القعود مَذْمُوماً مَخْذُولًا خبر ان او حالان اى جامعا على نفسك الذم من الملائكة والمؤمنين والخذلان من الله تعالى فان الشريك عاجز عن النصرة. وفيه اشعار بان الموحد جامع بين المدح والنصرة واشارة الى ان طالب الحق لا يطلب مع الله غيره من الدارين ونعمهما وَقَضى رَبُّكَ اى امر كل مكلف امرا مقطوعا به فضمن قضى معنى امر وجعل المضمن أصلا والمضمن فيه قيدا له لان المقضى يجب وقوعه ولم يقع من بعض المخاطبين التوحيد وفى التأويلات النجمية وانما قال ربك أراد به النبي لانه مخصوص بالتربية أصالة والامة تبع له فى هذا الشأن وقوله وَقَضى رَبُّكَ اى حكم وقدر فى الأزل أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا على ان ان مصدرية ولا نافية إِلَّا إِيَّاهُ لان العبادة غاية التعظيم فلا تحق الا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى بان تحسنوا بهما إحسانا لانهما السبب
الظاهري للوجود والتعيش والله تعالى هو السبب الحقيقي فاخبر بتعظيم السبب الحقيقي ثم اتبعه بتعظيم السبب الظاهري يعنى الله تعالى قرن احسان الوالدين بتوحيده لمناسبتهما لحضرة الالوهية والربوبية فى سببيتهما لوجودك وتربيتهما إياك عاجزا صغيرا وهما أول مظهر ظهر فيهما آثار صفات الله تعالى من الإيجاد والربوبية والرحمة والرأفة بالنسبة إليك ومع ذلك فهما محتاجان الى قضاء حقوقهما والله غنى عن ذلك. فاهم الواجبات بعد التوحيد إحسانهما وفى الحديث (بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد فى سبيل الله) ذكره الامام إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما [اگر برسد نزديك تو بزرگ سالى وكبر سن يكى از ايشان يا هر دو ايشان يعنى بزنيد تا پير شوند ومحتاج خدمت تو كردند] قوله اما مركبة من ان الشرطية وما المزيدة لتأكيدها ولذلك حل الفعل نون التأكيد ومعنى عندك فى كنفك وكفالتك وأحدهما فاعل للفعل وتوحيد ضمير الخطاب فى عندك وفيما بعده مع ان ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المراد فان المقصود نهى كل أحد عن تأفيف والديه ونهرهما ولو قوبل الجمع بالجمع او بالتثنية لم يحصل هذا المراد قال فى الاسئلة المقحمة ان قلت كيف خص الله حال الكبر بالإحسان الى الوالدين وهو واجب فى حقهما على العموم والجواب ان هذا وقت الحاجة فى الغالب وعند عدم الحاجة اجابتهما ندب وفى حالة الحاجة فرض انتهى فَلا تَقُلْ لَهُما اى لواحد منهما حالتى الانفراد والاجتماع أُفٍّ هو صوت يدل على تضجر واسم للفعل الذي هو الضجر وقرئ بحركات الفاء فالتنوين على قصد التنكير كصه ومه وايه وغاق وتركه على قصد التعريف والكسر على اصل البناء ان بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وهما الفا آن والفتح على التخفيف والضم للاتباع كمنذ وهو بالشاذ. والمعنى لا تتضجر بما تستقذر منهما وتستثقل من مؤونتهما وهو عام لكل أذى لكن خص بعضه بالذكر اعتناء بشأنه فقيل وَلا تَنْهَرْهُما اى لا تزجرهما بإغلاظ إذا كرهت منهما شيأ وَقُلْ لَهُما بدل التأليف قَوْلًا كَرِيماً ذا كرم وهو القول الجميل الذي يقتضيه حسن الآدب ويستدعيه النزول على المروءة مثل ان تقول يا أبتاه ويا أماه كدأب ابراهيم عليه السلام إذ قال لابيه يا أبت مع مابه من الكفر ولا يدعوهما باسمائهما فانه من الجفاء وسوء الأدب وديدن الدعاء الا ان يكون فى غير وجههما كما قالوا ولا يرفع صوته فوق صوتهما ولا يجهر لهما بالكلام بل يكلمهما بالهمس والخضوع الا لضرورة الصمم والافهام ولا يسب والدي رجل فيسب ذلك الرجل والديه ولا ينظر إليهما بالغضب وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ جناح الذل استعارة بالكناية جعل الذل والتواضع بمنزلة طائر فاثبت له الجناح تخبيلا اى تواضع لهما ولين جانبك وذلك ان الطائر إذا قصد ان ينحط خفض جناحه وكسره وإذا قصد ان يطير رفعه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا فى التواضع ولين الجانب قال القاضي وامره بخفضه مبالغة فى إيجاب الذل وترشيحا للاستعارة قال ابن عباس رضى الله عنهما كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف للسيد الفظ الغليظ اى فى التواضع والتملق مِنَ الرَّحْمَةِ من ابتدائية او تعليلية اى من فرط رحمتك عليهما
لا فتقارهما اليوم الى من كان أفقر خلق الله إليهما قالوا ينظر إليهما بنظر المحبة والشفقة والترحم وفى الحديث (ما من ولد ينظر الى الوالد والى والدته نظر مرحمة الا كان له بها حجة وعمرة) قيل وان نظر فى اليوم الف مرة قال (وان نظر فى اليوم مائة الف) كما فى خالصة الحقائق ويقبل رجل امه تواضعا- حكى- ان رجلا جاء الى الأستاذ ابى اسحق فقال رأيت البارحة فى المنام ان لحيتك مرصعة بالجواهر واليواقيت فقال صدقت فانى البارحة مسحت لحيتى تحت قدم والدتي قبل ان نمت فهذا من ذاك ويباشر خدمتهما بيده ولا يفوضها الى غيره لانه ليس بعار للرجل ان يخدم معلمه وأبويه وسلطانه وضيفه ولا يؤمه للصلاة وان كان افقه منه اى اعلم بالفقه من الأب ولا يمشى امامهما الا ان يكون لا ماطة الأذى عن الطريق ولا يتصدر عليهما فى المجلس ولا يسبق عليهما فى شىء اى فى الاكل
والشرب والجلوس والكلام وغير ذلك قال الفقهاء لا يذهب بابيه الى البيعة وإذا بعث اليه منها ليحمله فعل ولا يناوله الخمر ويأخذ الإناء منه إذا شربها. وعن ابى يوسف إذا امره ان يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير أوقد كما فى بحر العلوم ولا ينسب الى غير والديه استنكافا منهما فانه يستوجب اللعنة قال عليه السلام (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) اى نافلة وفريضة كما فى الاسرار المحمدية قال فى القاموس الصرف فى الحديث التوبة والعدل الفدية او هو النافلة والعدل الفريضة او بالعكس او هو الوزن والعدل الكيل او هو الاكتساب والعدل الفدية وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما وادع الله ان يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية وان كانا كافرين لان من الرحمة ان يهديهما الى الإسلام قال الكاشفى [حقيقت دعا رحمت از ولد در حق والدين آنست كه اگر مؤمن اند ايشانرا ببهشت رسان واگر كافراند راه نماى بإسلام وايمان] قال ابن عباس مازال ابراهيم عليه السلام يستغفر لابيه حتى مات فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه يعنى ترك الدعاء ولم يستغفر له بعد ما مات على الكفر كذا فى تفسير ابى الليث وفى الحديث (إذا ترك العبد الدعاء للوالدين ينقطع عنه الرزق فى الدنيا) سئل ابن عيينة عن الصدقة عن الميت فقال كل ذلك واصل اليه ولا شىء انفع له من الاستغفار ولو كان شىء أفضل منه لا مرت به فى الأبوين ويعضده قوله عليه السلام (ان الله ليرفع درجة العبد فى الجنة فيقول يا رب أنى لى هذا فيقول باستغفار ولدك وفى الحديث (من زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كان بارا: قال الشيخ سعدى قدس سره
سالها بر تو بگذرد كه گذر
…
نكنى سوى تربت پدرت
تو بجاى پدر چهـ كردى خير
…
تا همان چشم دارى از پسرت
كَما رَبَّيانِي صَغِيراً الكاف فى محل النصب على انه نعت مصدر محذوف اى رحمة مثل رحمتهما علىّ وتربيتهما وإرشادهما لى فى حال صغرى وفاء بوعدك للراحمين- روى- ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان أبوي بلغا من الكبر أنى الى منهما ما وليا منى فى الصغر فهل قضيتهما حقهما قال (لا فانهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك
وأنت تريد موتهما) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ بما فى ضمائركم من قصد البر والتقوى وكأنه تهديد على ان يضمر لهما كراهة واستثقالا إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ قاصدين الصلاح والبر دون العقوق والفساد فَإِنَّهُ تعالى كانَ لِلْأَوَّابِينَ اى الرجاعين اليه تعالى مهما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر غَفُوراً لما وقع منهم من نوع تقصير او اذية فعلية او قولية قال الامام العزالي رحمة الله اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجب فى الحرام المحض لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم اى واجب قيل إذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الإعطاء بالأم كما فى منبع الآداب قال الفقهاء تقدم الام على الأب فى النفقة إذا لم يكن عند الولد الا كفاية أحدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة او ساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى فتح القريب
جنت سراى مادرانست
…
زير قدمات مادرانست
روزى بكن اى خداى ما را
…
چيزى كه رضاى مادر آنست
- وشكا- رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه وانه يأخذ ماله فدعا به فاذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال انه كان ضعيفا وانا قوى وفقيرا وانا غنى فكنت لا امنعه شيأ من مالى واليوم انا ضعيف وهو قوى وانا فقير وهو غنى ويبخل علىّ بماله فبكى عليه السلام فقال (ما من حجر ولا مدر يسمع هذا الا بكى) ثم قال للولد (أنت ومالك لا بيك) وفى الحديث (رغم انفه) فقيل من يا رسول الله (قال من أدرك والداه عند العكبر أحدهما او كلاهما ثم لم يدخل الجنة) يعنى بسبب برهما وإحسانهما: وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لولا انى أخاف تغير الأحوال عليكم بعدي لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة. أولهم امرأة وهبت صداقها من زوجها لاجل الله تعالى وزوجها راض.
والثاني ذو عيال كثير يجهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال. والثالث التائب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدي. والرابع البار بوالديه) ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر- وحكى- عن بعض العرفاء انه قال ان لى ابنا منذ ثلاثين سنة ما أمرته بامر مخافة ان يعصينى فيحق عليه العذاب يقول الفقير فسد الزمان وتغير الاخوان ولنبك على أنفسنا من سوء الأخلاق وقد كانت الصحابة رضى الله عنهم وهم هم يبكون دما من اخلاق النفس فما لنا لا نبكى ونحن منغمسون فى بحر الخطايا والذنوب متورطون فى بئر القبائح والعيون لا انصاف لنا فى حق أنفسنا ولا فى حق الغير ونعم ما قال الحافظ حكاية لهذا التغير الناشئ من النفس الامارة بالسوء
هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد
…
هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم
دخترانرا همه جنك است وجدل با مادر
…
پسران را همه بدخواه پدر مى بينم
جاهلان را همه شربت ز كلابست وعسل
…
قوت دانا همه از قوت جكر مى بينم
اسب تازى شده مجروح بزير پالان
…
طوق زرين همه بر كردن خر مى بينم
وَآتِ يا أفضل المخلوق ويدخل فيه كل واحد من أمته ذَا الْقُرْبى اى القرابة وهم المحارم مطلقا عند ابى حنيفة رحمه الله سواء كانت قرابتهم ولا دية كالولد والوالدين او غير ولا دية كالاخوة والأخوات حَقَّهُ وهى النفقة اى إذا كانوا فقراء اعلم انه لا يجب على الفقير إلا نفقة أولاده الصغار الفقراء ونفقة زوجته غنية او فقيرة مسلمة او كافرة واما الغنى وهو صاحب النصاب الفاضل عن الحوائج الاصلية ذكرا كان او أنثى فيجب عليه نفقة الأبوين ومن فى حكمهما من الأجداد والجدات إذا كانوا فقراء سواء كانوا مسلمين او كافرين وهذا إذا كانوا ذمة فان كانوا حربا لا يجب وان كانوا مستأمنين. ويجب نفقة كل ذى رحم محرم مما سوى الوالدين ان كان فقيرا صغيرا او أنثى او زمنا او أعمى ولا يحسن الكسب لخرقه فان كان قادرا عليه لا يجب اتفاقا او لكونه من الشرفاء والعظماء. وتجب نفقة الأبوين مع القدرة على الكسب ترجيحا لهما على سائر المحارم وطالب العلم إذا لم يقدر على الكسب لا تسقط نفقته على الأب كالزمن فان نفقة البنت بالغة والابن زمنا بالغا على الأب وإذا كان للفقير اب غنى وابن غنى فالنفقة على الأبوين ولا نفقة مع اختلاف الدين الا بالزوجية كما سبق والولاد فنفقة الأصول الفقراء مسلمين اولا على الفروع الأغنياء ونفقة الفروع الفقراء مسلمين اولا على الأصول الأغنياء فلا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني لعدم الولاء بينهما ويعتبر فى نفقة قرابة الولاد اصولا وفروعا الأقرب فالاقرب وفى نفقة ذى الرحم يعتبر كونه أهلا للارث ولا يجب النفقة لرحم ليس بمحرم اتفاقا كابناء العم بل حقهم صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والموافقة والتفصيل فى باب النفقة فى الفروع فارجع اليه وفى الحديث (البر والصلة يطيلان الأعمار ويعمران الديار ويكثران الأموال) وان كان القوم فجارا وان البر والصلة ليخففان الحساب يوم القيامة وفى الآية اشارة الى النفس فانها من ذوى قربى القلب ولها حق كما قال عليه الصلاة والسلام (ان لنفسك عليك حقا) المعنى لا تبالغ فى رياضة النفس وجهادها لئلا تسأم وتمل وتضعف عن حمل أعباء الشريعة وحقها رعايتها عن السرف فى المأكول والملبوس والإناث والمسكن وحفظها عن طرفى الافراط والتفريط كما فى التأويلات النجمية وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ اى وآتهما حقهما مما كان مفترضا بمكة بمنزلة الزكاة. المسكين من لا شىء له والفقير من له شىء دون نصاب وقيل بالعكس. وابن السبيل اى الملازم لها هو من له مال لا معه وهو المسافر المنقطع عن ماله وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً بصرف المال الى من سواهم ممن لا يستحقه فان التبذير تفريق فى غير موضعه واما الإسراف الذي هو تجاوز الحد فى صرفه فقد نهى عنه بقوله وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ سعدى
نه هر كس سزاوار باشد بمال
…
يكى مال خواهد يكى كوشمال
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ اى أعوانهم فى إهلاك أنفسهم ونظراءهم فى كفران النعمة والعصيان كما قال وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً مبالغا فى الكفر به لا يشكر نعمه بامتثال
أوامره ونواهيه وكان قريش ينحرون الإبل ويبذرون أموالهم فى السمعة وسائر ما لا خير فيه من المناهي والملاهي [مجاهد فرموده كه اگر برابر كوه زر در وجوه خير صرف كنند إسراف نباشد اگر جوى يا حبه در باطل خرج نمايند إسراف باشد] وقد أنفق بعضهم نفقة فى خير فاكثر فقال له صاحبه لا خير فى السرف فقال لا سرف فى الخير: سعدى
كنون بر كف دست نه هر چهـ هست
…
كه فردا بدندان كزى پشت دست
وَإِمَّا [واگر] تُعْرِضَنَّ [اعراض كنى] عَنْهُمُ اى ان اعتراك امر اضطرك الى ان تعرض عن أولئك المستحقين من ذوى القربى وغيرهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ اى لفقد رزق من ربك اقامة للمسبب مقام السبب فان الفقد سبب للابتغاء تَرْجُوها من الله تعالى لتعطيهم والجملة صفة رحمة وكان عليه السلام إذا سئل شيأ وليس عنده سكت حياء وامر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته فقيل فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً سهلا لينا وعدهم بوعد فيه يسر وراحة لهم وقيل القول الميسور الدعا لهم بالميسور الى اليسر فهو مصدر على مفعول اى قل لهم أغناكم الله من فضله رزقنا الله وإياكم- روى- ان عيسى عليه السلام قال من رد سائلا خائبا عن بابه لم تعبر الملائكة بيته سبعة ايام ومن مات فقيرا راضيا من الله بفقره لا يدخل الجنة أحد اغنى منه كذا فى الخالصة وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [يدبسته بركردن خود واين كنايتست از إمساك] وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [ومكشاى دست خود را همه كشادن يعنى إسراف مكن] قال اهل التفسير هما تمثيلان لمنع الشحيح وإعطاء المسرف زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد الذي هو بين التقتير والإسراف وهو الكرم والجود. والمعنى ولا تمسك يدك عن النفقة فى الحق كل الإمساك بحيث لا تقدر على مدها كمن يده مغلولة الى عنقه فلا يقدر على إعطاء شىء ولا تجد كل الجود فتعطى جميع ما عندك ولا يبقى شىء منه كمن يبسط كفه كل البسط فلا يبقى شىء فيها فَتَقْعُدَ جواب للنهيين اى فتصير مَلُوماً عند الله وعند الناس فى الدارين وهو راجع لقوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَحْسُوراً نادما او منقطعا بك لا شىء عندك وهو راجع الى قوله وَلا تَبْسُطْها
مبند از سر إمساك دست در كردن
…
كه خصلتيست نكوهيده پيش اهل بها
مكن بجانب إسراف نيز چندان ميل
…
كه هر چهـ هست بيكدم كنى ز دست رها
چودر ميانه اين هر دو راه چندانى
…
تفاوتست كه از آفتاب تابسها
پس اختيار وسط راست در جميع امور
…
بدان دليل كه خير الأمور أوسطها
وفى الكواشي الصحيح ان هذا خطاب للنبى والمراد غيره لانه افسح الناس صدرا وكان لا يدخر شيأ لغد انتهى وسيأتى تحقيق المقام قال الكاشفى [در اسباب نزول آمده كه مسلمه با يهوديه كرو بستند ومضمون رهن آنكه حضرت رسالت پناه عليه السلام از موسى كليم عليه السلام سخى ترست وسخاوت موسى آن بود كه سائل را رد نميكرد بچيزى كه از وفاضل بوده يا بسخن خوش او را خوشنود ميساخت القصة از جهت آزمايش شخصى دختر خود را بجانب نبو آب فرستاد دخترك آمد وكفت كه يا رسول الله مادر من از شما پيراهن ميطلبد حضرت فرمود: زمان تا زمان برسد تو ساعتى ديگر بإزائي دخترك بعد از زمانى باز آمد كه مادر من آن پيراهنى ميطلبد كه در بر
شماست حضرت بحجره در آمد و پيراهن بيرون كرده بوى داد وخود برهنه بنشست بلال قامت صلاة كشيد وياران منتظر خروج آن حضرت بودند وآن حضرت بسبب برهنكى بيرون نمى آمد آيت آمد كه ولا تجعل إلخ] قال فى برهان القرآن فدخل وقت الصلاة ولم يخرج للصلاة حياء فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة فلاموه على ذلك فانزل الله فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً مكشوفا هذا هو الأظهر من تفسيره انتهى يقول الفقير وذلك لان أصحابه لاموه فصار ملوما وبقي عريانا فصار محسورا اى مكشوفا لان الحسر الكشف فعلى هذا كان الأنسب ان يراد القعود حقيقة ولم يرض فى الإرشاد بهذه الرواية بناء على ان السورة مكية والقصة مدنية والعلم عند الله تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسعه على بعض ويضيقه على بعض آخرين بمشيئته التابعة للحكمة وبالفارسية [بدرستى كه پروردگار تو كشاده مى كرداند روزى را براى هر كه خواهد وتنك مى سازد براى هر كه أرادت او اقتضا كند واين بسط وقبض از محض حكمت است وكس زهره اعتراض ندارد] وفى التأويلات النجمية يشير به الى الخروج عن أوطان البشرية والطبيعية الانسانية الى فضاء العبودية بقدمي التوكل على الله وتفويض الأمور اليه فان كان يبسط للنفس فى بعض الأوقات ببعض المرادات ليفرش لها بساط البسط ويقدر عليها فى بعض الأوقات متمناها ليضبط أحوالها بمجامع القبض فالامور موكولة الى حكمه البالغة وأحكامه الازلية إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً اى يعلم سرهم وعلنهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم قال الله تعالى (وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الغنى لو أفقرته لا فسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الفقر لو أغنيته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الصحة لو أسقمته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا السقم لو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى عليم خبير) رواه انس رضى الله عنه كما فى بحر العلوم فيغنى الله ويفقر ويبسط ويقبض ولو أغناهم جميعا لطغوا ولو أفقرهم لنسوا فهلكوا وفى الحديث (بادروا بالأعمال خمسا غنى مطغيا وفقرا منسيا وهر ما مفندا ومرضا مفسدا وموتا مجهزا) فاذا كان الغنى لبعض مطغيا صرفه الله تعالى عمن علم ذلك منه وأفقره لان الفقر علم منه انه لا ينسيه بل يشغل لسانه بذكره وحمده وقلبه بالتوكل عليه والالتجاء اليه وإذا كان الفقر لبعضهم منسيا صرفه عمن علم ذلك منه: وفى المثنوى
فقر ازين رو فخر آمد جاودان
…
كه بتقوى ماند دست نارسان
زان غنا وزان غنى مردود شد
…
كه ز قدرت صبرها بدرود شد
آدمي را عجز وفقر آمد أمان
…
از بلاي نفس پر حرص وغمان «1»
فعلى العاقل التسليم لامر الله تعالى والرضى بقضائه والصبر فى موارد القبض والشكر فى مواقع البسط والانفاق مهما أمكن قال فى اسرار المحمدية كان اويس القرني رحمه الله إذا أصبح او امسى تصدق بما فى بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به وكان الخلاج رحمه الله يقول مخبرا عن حاله إذا قعد الرجل عشرين يوما جائعا ثم فتح له طعام فعرف ان فى البلد من هو أحوج الى ذلك منه فاكله ولم يؤثر به ذلك المحتاج فقد سقط عن رتبته وهذا مقام عال بالنسبة الى حال اويس ظاهرا
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان استدعا نمودن شخصى از موسى زبان بهايم را
ولكن قال الشيخ الكامل محمد بن على العربي قدس سره اعلم ان قول اويس ينبه على مقامه الأعلى وقطيته المثلى لان ذلك القول معرب عن حال امام الوقت فيعطى ما ملك ويتضرع هذا التضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم والمكمل من سبقت رحمته غضبه كما اخبر الله سبحانه عن أكمل الخلفاء وسيد الاقطاب بقوله وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ولكن العارف إذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه ونفس غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب ونفس غيره بالإيثار والرحمة والشفقة. واما إذا كان صاحب مقام وتمكين وقوة بان عرف الفرق بين الحال والمقام صارت نفسه عنه اجنبية وارتفع هو علويا وبقيت مع أبناء جنسها سفلية فلزمه العطف عليها كما لزمه العطف على غيرها لان ادب العارف من ذى الولاية انه إذا خرج بصدقة ولقى أول مسكين يليق لدفع الصدقة اليه يدفعها اليه البتة فاذا تركه الى مسكين آخر ولم يدفع للاول فقد انتقل من ربه الى هوى نفسه فانها مثل الرسالة لا يخص بالدعوة شخصا دون شخص فاول من يلقاه يقوله قل لا اله الا الله فالولى الكامل خليفة الرسول فاذا وهب الباري للولى رزقا يعلم انه مرسل به الى عالم النفوس الحيوانية فينزل من سماء عقله الى ارض النفوس ليؤدى إليهم ذلك القدر الذي وجه به فاول نفس تستقبله نفسه لا نفس غيره لان نفوس الغير ليست متعلقة به فلا تعرفه. واما نفسه فمتعلقة به ملازمة بابه فلا يفتحه الا عليها فتطلب امانتها فيقدمها على غيرها بالإعطاء لانها أول سائل والى هذا السر أشار الشارع صلى الله عليه وسلم بقوله (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) والأقربون اولى بالمعروف لتعلقهم بك ولزومهم بابك ولا تعلق للغير بك ولا له ملازمة نفسك وأهلك فلما تأخروا أخروا كسائر اسرار الله تعالى متى خرج من عند الحق على باب الرحمة فأى قلب وجد سائلا متعرضا دفع اليه حظه من الاسرار والحكم على قدر ما يراقبه من التعطش والجوع والذلة والافتقار وهم خاصة الله وعلى هذا المقام حرض الشارع بقوله (تعرضوا لنفحات الله سبحانه) وهذا سر الحديث ومراد الشرع فمن تأخر اخر ومن نسى نسى فانظر الآن كم بين المنزلتين والمقامين ثم انظر ايضا الى هذا المقام على علوه وسموه كيف اشترك فى الظاهر مع احوال العامة فانهم أول ما يجودون فعلى نفوسهم ثم الى غيرها وانما تصرفهم تحت حكم هذه الحقيقة وهم لا يشعرون وبعماهم عن هذه الاسرار ونزولهم الى حضيض البهائم بحيث لا يعرفون مواقع اسرار العالم مع الله حرصوا على الإيثار ومدحوا به وهو مقام الحلاج الذي ذكر عنه وظننت انه غاية فى الترقي والعلو وهكذا فلتعزل الحقائق وتحاك حلل الدقائق أهم كلام الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر والمسك الأذفر قدس سره الأطهر وَلا تَقْتُلُوا يا معشر العرب أَوْلادَكُمْ [فرزندان شما] خَشْيَةَ إِمْلاقٍ مخافة الفقر ولا لغير مخافته الا ان الحال اقتضت ذلك يقال املق افتقر وقتلهم أولادهم وادهم بناتهم مخافة الفقر اى دفنها حية فنهاهم الله تعالى عنه وضمن لهم أرزاقهم فقال نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ لا غيرنا [پس غم روزى ايشان مخوريد كه هر كرا او جان دهد نان دهد] : سعدى
خداوند كارى كه عبدى خريد
…
بدارد فكيف آنكه عبد آفريد
ترا نيست اين تكيه بر كردكار
…
كه مملوك را بر خداوندكار
قال هرم لاويس القرني رحمه الله اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال الهرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً ذنبا عظيما لما فيه من هدم بنيان الله وقطع النسل. والخطء كالاثم وزنا ومعنى من خطئ وقرئ خطا بفتحتين بالقصر والمد اعلم ان من أول هذه الآية الى قوله تعالى مَلُوماً مَدْحُوراً عشر آيات وهو اشارة الى تبديل عشر خصال مذمومة بعشر خصال محمودة اما المذمومات فاولها البخل وثانيها الأمل وهما فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ فان البخل وطول الأمل حملهم على قتل أولادهم فدلهم على تبديلهما بالسخاء والتوكل بقوله نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ- يحكى- ان يحيى بن زكريا عليهما السلام لقى إبليس فى صورته فقال له يا إبليس أخبرني بأحب الناس إليك وابغض الناس إليك فقال أحب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك قالوا ولا ينبغى ان يلجئ اهل بيته على الزهد بل يدعوهم اليه فان أجابوا والا تركهم ووسع عليهم فى دنياهم من غير خروج عن حد الاعتدال وفعل بنفسه ما شاء وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى بالقصر وإتيان المقدمات من القبلة والغمزة والنظر بالشهوة فضلا عن ان تباشروه. وقرئ بالمد لغتان او مصدر زانى زناء كقاتل قتالا كما فى الكواشي إِنَّهُ اى الزنى كانَ فاحِشَةً فعلة ظاهرة القبح متجاوزة الحد وهو كالقتل فان فيه تضييع الأنساب فان من لم يثبت نسبه ميت حكما وَساءَ سَبِيلًا اى بئس طريق الزنى لانه يجر صاحبه الى النار وهو طريق ايضا الى قطع الأنساب وتهيج الفتن وفى الحديث (إذا زنى العبد خرج منه الايمان فكان على رأسه كالظلة فاذا انقطع رجع اليه الايمان) - وروى- عن بعض الصحابة رضى الله عنه انه قال إياكم والزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. فاما التي فى الدنيا فنقصان الرزق يعنى تذهب البركة من الرزق ويصير محروما من الخير ونقصان العمر والبعض فى قلوب الناس فانه يذهب بالبهاء.
واما الثلاث التي فى الآخرة فغضب الرب وشدة الحساب والدخول فى النار وفى الخبر (العينان تزنيان واليدان تزنيان) : وفى المثنوى
مرغ زان دانه نظر خوش ميكند
…
دانه هم از دور راهش مى زند «1»
اين نظر از دور چون تيرست وسم
…
عشقت افزون مى شود صبر تو كم
واعلم ان غلبة الشهوة تورث الزنى فالشهوة هى الثالثة من العشر المذمومة فتبدلها الله تعالى بالعفة حين نهاهم عن الزنية- حكى- انه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكى لانه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال كنت من احسن الناس وجها وكان لى حياء فقيل لابى لو أجلسته فى السوق لا نبسط مع الناس فاجلسنى فى حانوت بزاز فجاءت عجوز فطلبت متاعا فاخرجت لها ما طلبت فقالت لو توجهت معى لثمنه فمضيت معها حتى أدخلتني فى قصر عظيم
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل
فيه قبة عظيمة عليها سرير فاذا فيه جارية على فرش مذهبة فجذبتنى الى صدرها فقلت الله فقالت لا بأس فقلت انى حاقب ودخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهى وبدني فقيل انه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلا قال لى اين أنت من يوسف بن يعقوب ثم قال أتعرفني قلت لا قال انا جبريل ثم مسح يده على وجهى وبدني فمن ذلك الوقت يفوح المسك على من رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة العفة والتقوى ولقى إبليس موسى عليه السلام فقال يا موسى اذكرني حين تغضب فان وجهى فى قلبك وعينى فى عينك واجرى منك مجرى الدم واذكرني حين تلقى الزحف فانى آتى ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره ولده وزوجته واهله حتى يولى وإياك ان تجالس امرأة ليست بذات محرم فانى رسولها إليك ورسولك إليها كما فى آكام المرجان وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قتلها بان عصمها بالإسلام او بالعهد فدخل فيه الذمي والمعاهد إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ اى لا تقتلوها بسبب من الأسباب الا بسبب الحق اى بإحدى ثلاث كفر بعد ايمان وزنى بعد إحصان وقتل نفس معصومة عمدا وَمَنْ [هر كه] قُتِلَ مَظْلُوماً غير مرتكب واحدة من هذه الثلاث فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ لمن يلى امره بعد وفاته من الوارث او السلطان عند عدمه إذ هو ولى من لاولى له سُلْطاناً تسلطا واستيلاء على القاتل ان شاء قتل وان شاء أخذ الدية فَلا يُسْرِفْ اى الولي فِي الْقَتْلِ اى فى امر القتل بان يجاوز الحد المشروع بان يزيد عليه المثلة او بان يقتل غير القاتل من أقاربه وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن القتل بواء اى سواء يقال فلان بواء لدم فلان اى سواء قال الكاشفى [در جاهليت چون كسى كشته شدى وارث قاتل او را نكشتى بلكه قصد مهتر قبيله قاتل كردى] او بان يقتل الاثنين مكان الواحد كعادة الجاهلية كان إذا قتل منهم شريف لا يرضون بالقاتل بل بان يقتلوا معه جماعة من أقاربه او بان يقتل القاتل فى مادة الدية إِنَّهُ اى الولي كانَ مَنْصُوراً ينصره الشرع والسلطان يعنى ان الله ينصره بان أوجب له القصاص او الدية وامر الحكام بإعانته فى الاستيفاء او الهاء للمقتول ونصره قتل قاتله وحصول الاجر له فان قلت ما توبة القاتل عمدا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (توبة القاتل عمدا فى ثلاث اما ان يقتل واما ان يعفى عنه واما ان يؤخذ منه الدية فأى هذه الخصال فعل به فهى توبته) رواه انس رضى الله عنه وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فضلا عن ان تتصرفوا فيه إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الا بالخصلة والطريقة التي هى احسن الخصال والطرائق وهى حفظه واستتماره. يعنى [معامله كنيد كه اصل مايه براى وى بماند وربح او بوصله معاش او نشيند] حَتَّى غاية لجواز التصرف على الوجه الأحسن المدلول عليه بالاستثناء يَبْلُغَ أَشُدَّهُ قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كانك ولا نظير لهما كما فى القاموس وقال فى بحر العلوم بلوغ الأشد بالإدراك وقيل ان يؤنس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة انتهى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ سواء جرى بينكم وبين ربكم او بينكم وبين غيركم من الناس والإيفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل الا بالباء فرقا بينه وبين الإيفاء
الحسى كايفاء الكيل والوزن إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا مطلوبا يطلب من المعاهد ان لا يضيعه ويفى به فمسئولا من سألته الشيء او كان مسئولا عنه على ان يكون من سألته عن الشيء فيكون من باب الحذف والإيصال فان جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا فى اسم المفعول كقوله تعالى وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه وفى الكواشي او يسأل حقيقة توبيخا لنا كثيه كسؤال الموؤدة لم قتلت توبيخا لقاتلها فيكون تمثيلا اى جعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه السؤال اليه كما تجعل الحسنات أجساما نورانية والسيئات أجساما ظلمانية فتوزن كما فى حواشى سعدى المفتى وَأَوْفُوا الْكَيْلَ اى اتموه ولا تخسروه إِذا كِلْتُمْ وقت كيلكم للمشترين وتقييد الأمر بذلك لان التطفيف هناك واما وقت الا كتيال على الناس فلا حاجة الى الأمر بالتعديل قال تعالى إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ وهو القرسطون اى القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم او هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيرا كان او كبيرا قال بعضهم هو معرب رومى ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن لانتظام المعربات فى سلك الكلم العربية وقال فى بحر العلوم والجمهور على انه عربى مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الأصح فان كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس والا فهو رباعى على وزن فعلال الْمُسْتَقِيمِ اى العدل السوي ولعل الاكتفاء باستقامته عن الأمر بايفاء الوزن لما انه عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فان كثيرا ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما ان الاكتفاء بايفاء الكيل عن الأمر بتعديله لما ان ايفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد امر بتقويمه ايضا فى قوله تعالى أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ذلِكَ اى إيفاء الكيل والوزن السوي خَيْرٌ لكم فى الدنيا إذ هو امانة توجب الرغبة فى معاملته والذكر الجميل وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا عاقبة تفعيل من آل إذا رجع والمراد ما يؤول اليه اعلم ان رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهى فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فان استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحكم فى قوله وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً وفى الحديث (قرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذي قتل مظلوما رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله وأوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا لم قتلنى فبم حال بينى وبين صلواتى فيقول الله تعست ويذهب به الى النار) قال انو شروان اربع قبائح وهى فى اربعة أقبح البخل فى الملوك والكذب فى القضاة والحدة فى العلماء اى شدة الغضب والوقاحة فى النساء وهى قلة الحياء قيل الحلم حجاب الآفات وخامسها الإسراف فان الافراط فى كل شىء يورث الإسراف فبدله بالقوام فى قوله فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ فقال (ما هذا السرف يا سعد) قال أفي الوضوء سرف (قال نعم وان كنت على نهر جار) وسادسها الحرص وهو فى قوله وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فان التصرف فى مال اليتيم من الحرص فبدله بالقناعة فى قوله إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل لحكيم ما بال الشيخ احرص على الدنيا من الشاب قال لانه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب: قال الصائب
ريشه نخل كهن سال از جوان افزونترست
…
بيشتر دلبستكى باشد بدنيا پير را
وعن الثوري رحمه الله من باع الحرص بالقناعة فقد ظفر بالغنى وسابعها نقض العهد فبدله بالوفاء به بقوله وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا [سلمى آورده كه خدايرا عهد هست بر جوارح آدمي بملازمت آداب وبر نفس او بأداء فرائض وبر دل او بخوف وخشيت وبر جان او بآنكه از مقام قرب دور نشود وبر سر او بآنكه مشاهده ما سوى نكند واز هر عهدى خواهند پرسيد] تا كسى از عهده آن عهد چون آيد برون ولا شك ان اخوان الزمان ليس وفاء لا بحقوق الله تعالى ولا بحقوق الناس: حافظ
وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى
…
بهره ز طالب سيمرغ وكيميا ميباش
وثامنها الخيانة فبدلها بالامانة بقوله وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ الآية واختضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر وعن ابن عباس رضى الله عنهما اتى رسول الله التجار فقال (يا معشر التجار ان الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وادي الامانة) وفى نوابغ الكلم الامين آمن والخائن حائن وهو من الحين بمعنى الهلاك ولله در القائل
أمين مجوى ومكو با كسى امانت عشق
…
درين زمانه مكر جبرائيل أمين باشد
وَلا تَقْفُ اى لا تتبع من قفا اثره يقفونبعه ومنه سميت القافية قافية ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصله الى مقصده قال الزمخشري وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى. يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية إِنَّ السَّمْعَ [بدرستى كه كوش] وَالْبَصَرَ [و چشم] وَالْفُؤادَ [ودل] كُلُّ أُولئِكَ اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن أحوالها شاهدة على أصحابها كانَ عَنْهُ عن نفسه وعما فعل به صاحبه مَسْؤُلًا [پرسيده شده يعنى از ايشان خواهند پرسيد كه صاحب شما با شما چهـ معامله كرده از سمع سؤال كنند چهـ شنيدى واز چشم پرسند كه چهـ ديدى و چرا ديدى واز دل پرسند كه چهـ دانستى و چرا دانستى] قال فى بحر العلوم اعلم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل ما لا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من أعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق
مثلا واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام (عفى عن أمتي ما حدثت بها نفوسها) قال فى الأشباه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او يعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذي يقع فى النفس من قصد المعصية على خمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شىء أورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح وإذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالأولى وقال بعض الكبار جميع الخواطر
معفوة الا بمكة المكرمة ولهذا اختار عبد الله بن عباس رضى الله عنهما السكنى بالطائف احتياطا لنفسه ثم هذه الثلاث لو كانت فى الحسنات لم يكتب له بها اجر لعدم القصد واما الهم فقد بين فى الحديث الصحيح (ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب عليه سيئة وينتظرفان تركها لله تعالى كتب حسنة وان فعلها كتب سيئة واحدة) والأصح فى معناه انه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع واما العزم فالمحققون على انه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع وفى البزازية من كتاب الكراهية هم بمعصية لا يأثم ان لم بصمم عزمه عليه وان عزم يأثم اثم العزم لا اثم العمل بالجوارح الا ان يكون امرا يتم بمجرد العزم كالكفر واعلم ان قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اشاره الى تاسع الخصال العشر وهو الظلم وهو وضع الشيء فى غير موضعه باستعمال الجوارح والأعضاء على خلاف ما امر به فبدله بالعدل بقوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فظلم السمع استعماله فى استماع الغيبة واللغو والرفث والبهتان والقذف والملاهي والفواحش وعدله استعماله فى استماع القرآن والاخبار والعلوم والحكم والمواعظ والنصيحة والمعروف وقول الحق
كذركاه قرآن و پندست كوش
…
به بهتان وباطل شنيدن مكوش
وظلم البصر النظر الى المحرمات والشهوات والى من فوقه فى دنياه والى من دونه فى دينه والى متاع الدنيا وزينتها وزخارفها وعدله النظر فى القرآن والعلوم والى وجه العلماء والصلحاء والى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها والى الأشياء بنظر الاعتبار والى من دونه فى دنياه والى من فوقه فى دينه
دو چشم از پى صنع بارى نكوست
…
نه عيب برادر فرو كير ودوست
وقد ثبت عن على رضى الله عنه انه ما نظر الى عورته وسوأته منذ ما تعلق نظره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على ان الابصار الناظرة لوجهه عليه السلام لا يليق لها ان تنظر الى السوأة فاعتبر وتأدب. ونظيره ما قال عثمان رضى الله عنه ما كذبت منذ أسلمت وما مسست فرجى باليمين منذ بايعت النبي عليه السلام ولا أكلت الكراث ونحوه منذ قرأت القرآن وظلم الفؤاد قبول الحقد والحسد والعداوة وحب الدنيا والتعلق بما سوى الله تعالى وعدله تصفيته
عن هذه الأوصاف الذميمة وتحليته بتبديل هذه الصفات والتخلق بأخلاق الله تعالى
پياپى بيفشان از آيينه كرد
…
كه صيقل نكيرد چو ژنكار خورد
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ التقييد لزيادة التقرير مَرَحاً ذا مرح فهو مصدر وقع موقع الحال بمعنى التكبر والتبختر قال الكاشفى [مرحا رفتن خداوند تكبر يعنى مخرام چنانكه متكبران خرامند] والمراد النهى عن المشي بالتكبر والتعظم إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فيها خرقا ونقبا بشدة وطأتك وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك فالمراد به هو الطول المتكلف الذي يتكلفه المختال وهو تهكم بالمتكبر وتعليل للنهى بان التكبر حماقة مجردة ولن ينال الإنسان بكبره وتعظمه شيأ من الفائدة وهو اى الكبر عاشر الخصال العشر فان المشية بالخيلاء من الكبر فبدله بالتواضع بقوله إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الآية
ز خاك آفريدت خداوند پاك
…
پس اى بنده افتادگى كن چوخاك
وفى الحديث (من تعظم فى نفسه واختال فى مشيته لقى الله وهو عليه غضبان)
وجود تو شهريست پر نيك وبد
…
تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان كردن فراز
…
درين شهر كبرست وسودا وآز
چوسلطان عنايت كند با بدان
…
كجا ماند آسايش بخردان
وعن ابى هريرة انه قال ما رأيت شيأ احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الشمس تجرى فى وجهه وما رأيت أحدا اسرع فى مشيه من رسول الله كأنما الأرض تطوى له انا نجهد أنفسنا وانه لغير مكترث كُلُّ ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من الخصال الخمس والعشرين من قوله تعالى لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فهو نهى عن اعتقاد ان مع الله الها آخر وهو أولاها والثانية والثالثة قوله وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فهو امر بعبادة الله ونهى عن عبادة غيره والبواقي ظاهرة بعد الا وامر والنواهي كانَ سَيِّئُهُ يعنى المنهي عنه وهو اربع عشرة خصلة فان المأمور به حسن وهو احدى عشرة ثلاث مستترة وثمان ظاهرة كما فى بحر العلوم عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً المراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على ان الحوادث كلها واقعة بإرادته تعالى. فاندفع تمسك المعتزلة بالآية على مذهبهم فى ان القبائح لا تتعلق بها الارادة والا لاجتمع الضدان الارادة والكراهة ووصف ذك بمتعلق الكراهة مع ان البعض من الكبائر للايذان بان مجرد الكراهة عنده تعالى كافية فى جوب الانتهاء عن ذلك ولذا كان المكروه عند اهل التقوى كالحرام فى لزوم الاحتراز ومن لم يعرفه تعدى الى دائرة الإباحية فتدبر وتحفظ وتأدب ذلِكَ اى الذي تقدم من التكاليف المفصلة مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ اى بعض منه او من جنسه حال كونه مِنَ الْحِكْمَةِ التي هى علم الشرائع ومعرفة الحق لذاته وهو مقصود الحكمة النظرية وعمدتها والخير للعمل به وهى الحكمة العلمية او من الاحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول والمراد غيرة ممن يتصور منه صدور المنهي عنه وتكريره للتنبيه بان التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه فان من لا قصد له بطل عمله ومن قصد بفعله او تركه
غيره ضاع سعيه وانه رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه وان بدّ فيها أساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء وما اغنت عن الفلاسفة اسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم وقدرتب عليه ما هو عائدة الإشراك فى الدنيا حيث قيل فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا ورتب عليه هاهنا نتيجته فى العقبى فقيل فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً تلوم نفسك وتذمك وتلومك الناس والملائكة مَدْحُوراً مطرودا مبعدا من رحمة الله ومن كل خير وهو تمثيل فانه تعالى شبه من أشرك بالله استحقارا له بخشبة يأخذها آخذ فى كفه فيطرحها فى التنور فالتوحيد اصل الحسنات والشرك اصل السيئات قال اهل التحقيق ان كلمة لا اله الا الله إذا قالها الكافر تنفى ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد وإذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان من قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفه المرة الاولى ومقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد قال تعالى وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً
اى برادر بي نهايت در كهيست
…
هر كجا كه ميرسى بالله مأيست
قال يحيى بن معاذ رحمه الله ما طابت الدنيا الا بذكرك ولا الآخرة الا بعفوك ولا الجنة الا بلقائك وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالم او متعلم) والتوحيد اثبات الوحدة فاهله على الكمال من يفر من الكثرة الى الوحدة قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله سمعت وصف ولىّ فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا أريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك حققنا الله وإياكم بحقائق هذا المقام وشرفنا بالفرار كل لحظة الى جنابه العلام ومعنى الفرار إيثاره تعالى على ما سواه لان علو الهمة انما يظهر فيه- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حاله فى الحب فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت: قال الحافظ
كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست
…
أسير عشق تو از هر دو كون آزادست «1»
يعنى ان العاشق الصادق لا يختار الا المعشوق ويصير حرا عن هوى غيره على كل حال أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً خطاب للقائلين بان الملائكة بنات الله وكان المشركون يستنكفون من البنات فيختارون لانفسهم الذكور ومع ذلك ينسبون اليه تعالى الإناث فانكر الله ذلك منهم. والاصفاء بالشيء جعله خالصا والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور وعبر عن البنات بالإناث إظهارا لجهة خساستهن لان الأنوثة اخس أوصاف الحيوان. والمعنى أفضلكم على جنابه فخصكم بأفضل الأولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته أخسها وأدناها كما فى قوله تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى اى هذا خلاف الحكمة وما عليه عقولكم وعادتكم فان العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب ويكون
(1) فلم أجد فى المتنوى فليراجع
ارداها وأدونها للسادات قال الكاشفى [آيا بركزيد شما را پروردگار شما به پسران وفرا كرفت براى خود را از ملائكه دختران اين خلاف آنست كه عادت شما بر ان جارى شده كه از دختران ننك ميداريد وبه پسران مى نازيد] إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ باضافة الولد اليه تعالى قَوْلًا عَظِيماً لا يجترئ عليه أحد حيث تجعلونه من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال ثم تضيفون اليه ما تكرهون من اخس الأولاد وتفضلون عليه أنفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة الذين هم من اشرف الخلق بالانوثة التي هى اخس أوصاف الحيوان قال فى التأويلات النجمية قوله تعالى أَفَأَصْفاكُمْ الآية يشير الى كمال ظلومية الإنسان وكمال جهوليته اما كمال ظلوميته فانهم ظنوا بالله سبحانه انه من جنس الحيوانات التي من خاصيتها التوالد واما كمال جهوليته فانهم لم يعلموا ان الحاجة الى التوالد لبقاء الجنس فان الله تعالى باق أبدى لا يحتاج الى التوالد لبقاء الجنس ولم يعلموا ان الله منزه عن الجنس وليست الملائكة من جنسه فانه خالق ازلى أبدى واما الملائكة فهم المخلوقون ومن كمال الظلومية والجهولية انهم حسبوا ان الله تعالى انما اصفاهم بالبنين واختار لنفسه البنات لجهله بشرف البنين على البنات فلهذا قال تعالى إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً اى قولا ينبئ عن عظيم امر ظلوميتكم وجهوليتكم وَلَقَدْ صَرَّفْنا هذا المعنى وكررناه وبيناه قال الكاشفى [وبدرستى كردانيديم ومكرر ساختيم بر آيت خود را از ولد فِي هذَا الْقُرْآنِ على وجوه من التصريف فى مواضع منه لِيَذَّكَّرُوا اى ليذكروا ما فيه ويقفوا على بطلان ما يقولونه وَما يَزِيدُهُمْ اى والحال انه ما يزيدهم ذلك التصريف البالغ إِلَّا نُفُوراً عن الحق وإعراضا عنه قال الكاشفى [مكر رميدن از حق ودور شدن] قُلْ فى اظهار بطلان ذلك من جهة اخرى لَوْ كانَ مَعَهُ تعالى آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ اى المشركون قاطبة والكاف فى محل النصب على انها وقعت صفة لمصدر محذوف اى كونا مشابها لما يقولون والمراد بالمشابهة الموافقة والمطابقة إِذاً [آنگاه] لَابْتَغَوْا اى طلبت تلك الآلهة إِلى ذِي الْعَرْشِ [بسوى خداوند عرش] اى الى من له الملك والربوبية على الإطلاق سَبِيلًا بالمغالبة والممانعة اى ليغالبوه ويقهروه ويدفعوا عن أنفسهم العيب والعجز كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض يشير الى ان الآلهة لا يخلو أمرهم من انهم كانوا اكبر منه او كانوا أمثاله او كانوا أدون منه فان كانوا اكبر منه طلبوا طريقا الى إزعاج صاحب العرش ونزع الملك قهر او غلبة ليكون لهم الملك لا له كما هو المعتاد من الملوك فالآية اشارة الى برهان التمانع على تصويرها قياسا استثنائيا استثنى فيه نقيض التالي وان كانوا أمثاله لم يرضوا بان يكون الملك واحدا مثلهم وهم جماعة معزولون عن الملك فايضا نازعوه فى الملك وان كانوا أدون منه فالناقص لا يصلح للالهية إذا لا ابتغوا الى ذى العرش الكامل فى الالهية سبيلا للخدمة والعبودية والقربة فالآية اشارة الى قياس اقترانى تصويره لو فرض معه آلهة لتقربوا اليه بالطاعة وكل من تقربوا اليه بها لا يكونون آلهة فما فرض آلهة لا يكون آلهة فلو مستعمل لمجرد الشرط لا للامتناع والمراد بالآلهة ما هو من اولى العلم كعيسى وعزير والملائكة كذا فى التأويلات النجمية مع مزج من حواشى سعدى
المفتى سُبْحانَهُ اى تنزه بذاته تنزها حقيقيا به وَتَعالى متباعدا عَمَّا يَقُولُونَ من ان معه آلهة وان له بنات قال فى بحر العلوم هو تنزيه وتعجيب من قولهم اى ما ابعد من له الملك والربوبية وما أعلاه غما يقولون عُلُوًّا واقع موقع تعاليا كقوله تعالى وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى إنباتا كَبِيراً لا غاية وراءه كيف لا وانه سبحانه فى أقصى غايات الوجود وهو الوجوب الذاتي وما يقولون من ان له تعالى شركاء وأولادا فى ابعد مراتب العدم اعنى الامتناع واعلم ان الله تعالى أحد فى ذاته وواحد فى صفاته والشرك انما يجيئ من التوهم فكما ان للمشركين آلهة بحسب توهمهم فكذا لضعفاء المؤمنين بحسب جهلهم وغفلتهم كما قال الدينوري فى قوله تعالى وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ منهم من صنمه نفسه قال تعالى أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ومنهم من صنمه زوجته فى المحبة والاطاعة ومنهم من صنمه تجارته بان اتكل عليها حتى ترك طاعة الله لاجلها- حكى- ان مالك بن دينار رحمه الله كان إذا قرأ فى الصلاة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ غشى عليه فسئل فقال نقول إياك نعبد ونعبد أنفسنا اى باطاعة الهوى ونقول إياك نستعين ونرجع الى أبواب غيره
اى تو بنده اين جهان محبوس جان
…
چند كويى خويش را خواجه جهان «1»
خدمت ديگر كنى هر صبح وشام
…
وانكهى كويى كه من حق را غلام «2»
بنده حق در درش باشد مقيم
…
با خلوص واعتقاد مستقيم
فعلى العاقل ان يكرر ذكر التوحيد ويجدد العهد الذي بينه وبين ذى العرش المجيد فانه سبب المغفرة والترقي الى درجات الأبرار والمقربين كما لا يخفى على ارباب اليقين وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما خلق الله العرش وهو أعظم مخلوق اضطرب اربعة وعشرين الف عام فاظهر الله اربعة وعشرين حرفا وهو قول (لا اله الا الله محمد رسول الله) فسكن اربعة وعشرين الف عام حتى خلق الله أول خلق وامره بالتوحيد فقال لا اله الا الله محمد رسول الله فاضطرب العرش فقال الله اسكن فقال كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فقال تعالى اسكن فانى آليت على نفسى قبل ان خلقتك بألفي عام ان لا أجريها على لسان عبد إلا غفرت له نسأل الله العفو والغفران تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الإمكان والحدوث وتسبيح السموات والأرض بلسان الحال الدال على وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والانس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على ان المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فانه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والإمكان الدال على تنزيه الله تعالى عن لوازم الإمكان وتوابع الحدوث وَإِنْ نافية اى ما مِنْ شَيْءٍ من الأشياء حيوانا كان او نباتا يدل على الصانع وقدرته وحكمته فانها تنطق بذلك قال الكاشفى [تنزيه ميكند او را از سمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال] إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه اى لا تفهمون ايها المشركون لا خلالكم بالنظر الصحيح الذي به يفهم التسبيح وهم وان كانوا
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازى او از كل إلخ
(2)
لم أجد فى المثنوى
إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا الله الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق إِنَّهُ كانَ حَلِيماً ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع أنتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الإشراك. والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق غَفُوراً لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشري والبيضاوي وابو السعود ومن يليهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحدة وسمع واحد وقال الشيخ على السمرقندي قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الأصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انى لا عرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان ابعث انى لا عرفه الآن) وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ كان داود إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح وقال مجاهد كل الأشياء تسبح الله حيا كان او جمادا وتسبيحها «سبحان الله وبحمده» وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخربزة تسبح ما لم ترفع من موضعها والورق مادام على الشجر والماء مادام جاريا والثوب مادام جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير إذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث (ما اصطيد حوت فى البحر ولا طائر يطير الا بما يضيع من تسبيح الله) كما فى تفسير المدارك وقال النخعي كل شىء من جماد وحىّ يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف وقال عكرمة الشجرة تسبح والاسطوانة لا تسبح والشجر او النبات إذا قطع يسبح مادام رطبا قال فى الكواشي وهذا ممكن عقلا وقدرة وذكر فى جنائز الخلاصة يكره قطع الحطب والحشيش الرطب من القبر من غير حاجة اى لانه يسبح وفى الملتقط مقبرة قديمة لم يبق من آثارها شىء ليس للناس ان ينتفعوا بها ولا بالبناء فيها ولا بإرسال الدابة فى حشيشها قال فى فتح القريب المجيب إذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذي هو اشرف الاذكار اولى بحصول البركة ولا سيما إذا كان من رجل صالح ولهذا استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر. وهل يغرس الريحان او الجريد على باب منزل القبر او على قافية اللحد. الجواب انه ورد فى الحديث مطلقا فيحصل المقصود بأى موضع غرس فى القبر. وكان عليه السلام يخطب مستندا الى جذع فصنع رجل منبرا ثلاث درجات وأراد النبي عليه السلام ان يقوم على المنبر فحنّ الجذع فرجع النبي عليه السلام اليه ووضع يده عليه وقال (اختر ان اغرسك فى المكان الذي كنت وتكون كما كنت وان شئت اغرسك فى الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل اولياء الله من ثمرك) فاختار الجنة والدار الآخرة على الدنيا فلما قبض النبي عليه السلام رفع الى مكان ففنى وأكلته الارضة وقيل دفن كما قال فى المثنوى
استن حنانه از هجر رسول
…
ناله مى زد همچوارباب عقول «1»
كفت پيغمبر چهـ خواهى اى ستون
…
كفت جانم از فراقت كشت خون
مسندت من بودم از من تاختى
…
بر سر منبر تو مسند ساختى
گفت خواهيكه ترا نخلى كنند
…
شرقى وغربى ز تو ميوه چنند
يا در آن عالم ترا سروى كند
…
تا تر وتازه بمانى بي كزند
گفت آن خواهم كه دائم شد بقاش
…
بشنو اى غافل كم از چوبى مباش
آن ستون را دفن كرد اندر زمين
…
تا چومردم حشر كردد يوم دين
آنكه او را نبود از اسرار داد
…
كى كند تصديق او ناله جماد
وعن ابى ذر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس فى مكان معه ابو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فتناول النبي عليه السلام سبع حصيات فوضعهن فى كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن فى يد ابى بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فى يد عمر ثم فى يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل وذكر عبد الله القرطبي ان داود عليه السلام قال لا سبحن الله تعالى هذه الليلة تسبيحا ما سبحه به أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية قى داره أتفخر على الله بتسبيحك وان لى سبعين سنة ماجف لسانى من ذكر الله وان لى عشر ليال ما طعمت ولا شربت اشتغالا بكلمتين فقال وما هما قالت «يا مسيحا بكل لسان ويا مذكورا بكل مكان» فقال داود لنفسه وما عسى ان أقول ابلغ من هذا وذكر الشيخ ابو عمرو فى سبب توبته انى كنت ليلة على ظهرى متوجها الى السماء فرأيت خمس حمامات. إحداهن تقول سبحان من عنده خزائن كل شىء وما ينزله الا بقدر معلوم. والثانية تقول سبحان من اعطى كل شىء خلقه ثم هدى. والثالثة تقول سبحان من بعث الأنبياء حجة على خلقه وفضل عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم. والرابعة تقول كل ما فى الدنيا باطل الا ما كان لله ولرسوله. والخامسة تقول يا اهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عنى فلما جئت الىّ وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما أصبحت سلكت طريقا بنية ان اسلم نفسى الى مرشد فلقيت شيخا ذاهيبة ووقار فبعد التسليم أقسمت بالله ان يخبرنى من هو فقال انا الخضر وقد كنت عند الشيخ عبد القادر وهو سيد العارفين فى الوقت فقال لى يا أبا العباس ان رجلا أصابه جذبة الهية ونودى من فوق السماء مرحبا بك عبدى وعاهد الله على أن يسلم نفسه الى شيخ فائتنى به ثم قال لى الخضر فعليك بملازمته ثم وجدت نفسى ببغداد فلقيت الشيخ عبد القادر فقال لى مرحبا بمن جذبه مولاه بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير وبالجملة فالتسبيح غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن من الكائنات لا ينكره الا منكر خوارق العادات [در فتوحات مذكور است كه اگر مراد ازين تسبيح آنست كه ايشان بلسان الحال كويند پس در إيراد ولكن لا تفقهون تسبيحهم فائده نباشد] يعنى ان قوله ولكن إلخ يحقق ان المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان ناليدن ستون حنانه از فراق پيغمبر عليه السلام إلخ [.....]
على وحدانيته فالخطاب عند اهل الحقيقة فى قوله لا تفقهون عام للمسلمين والمشركين اى لا تسمعون فلا تفقهون تسبيحهم لانه ليس المقصود سماع اللفظ مجردا بل التدبر فيه ليدرك ما ادى اللافظ فيسبح كما سبحه قال فى الكواشي (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) لانه ليس بلغتكم ويجوز ان يفهم تعالى بعض عباده تسبيح بعض الجمادات والعجماوات كداود وسليمان عليهما السلام يقول الفقير هذا التعليل غير مناسب لعموم الآية لان لغات ما له أصوات مختلفة لا تفقه وان كانت مسموعة ومن الأشياء ما ليس له صوت مسموع وقد اثبت له ايضا تسبيح فافقه [سلمى از ابو عثمان مغربى قدس سرهما نقل ميكند كه تمام مكونات باختلاف لغات تسبيح الهى ميكويند اما آنرا نشنود وفهم نكند مكر عالم ربانى كه كوش دل او كشاده بود] ونعم ما قال
بذكرش هر چهـ بينى در خروشست
…
دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بر كلش تسبيح خوانست
…
كه هر خارى بتسبيحش زبانست
وفى الخصائص الصغرى وخص عليه السلام بتسليم الحجر وبكلام الشجر وبشهادتها له صلى الله عليه وسلم بالنبوة وإجابتها دعوته قال السهيلي يحتمل ان يكون نطق الحجر كلاما مقرونا بحياة وعلم ويحتمل ان يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والأمر عندنا كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ولا يشهد الا من علم وقد أخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق سبحانه قد كشف لنا عن حياتها عينا وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله تعالى ولولا ما عنده من العظمة لما تد كدك [ودر باب ثانى عشر از سفر ثانى فتوحات فرموده كه ما بكوش خود شنيديم كه سنكى بزبان قال ذكر ملك متعال گفت وبا ما خطاب كرد چون مخاطبه عارفان وسخنان آرا نموده كه هر آدمي آنرا در نيابد] وقال فى كتاب الطريقة له إذا رأيت هؤلاء العوالم مشتغلين بالذكر الذي أنت عليه فكشفك خيالى غير صحيح وانما ذلك خيالك أقيم لك فى الموجودات وإذا شهدت فى هؤلاء تنوعات الاذكار فهو الكشف الصحيح قال بعض الكبار كل معلوم حى لانه يعطى العلم للعالم فكما ان نور الشمس ينور كل من يراه فكذلك الحي لذاته يحيى به كل من يراه فكل شىء به حى فالاشجار والجمادات لهن حياة عند ارباب الكشف وكلام يسمعه من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره ان السالك يسمع حركات الافلاك فى أثناء سلوكه وذلك بقوة رياضية وقال خليفته حضرة الهدائى قدس سره خرجت للوضوء وقت التهجد فسمعت الماء الجاري يقول بهذا الوزن يا دائم يا دائم يا دائم يا دائم ونظائره كثيرة لا تحصى يقول الفقير دعا حضرة شيخى
وسندى روح الله روحه بعض الصوفية للافطار وكان وقتئذ لا يفطر الا على الماء والخبر. ثم لا يأكل الاعشية الغد فقال هذا الخبز له روح حقانى فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى اى غير روحه الذي فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو أنطقه لنطق فنطقه بانطاق الله تعالى انما هو لان له روحا حقانيا وقد جاء ان كل شىء يسبح بحمده وما هو الا بكون المسبح ذا روح ولو كان حجرا او شجرا او غير ذلك: وفى المثنوى
چون شما سوى جمادى مى رويد
…
محرم جان جمادان چون شويد
از جمادى عالم جانها رويد
…
غلغل اجزاى عالم بشنويد
فاش تسبيح جمادات آيدت
…
وسوسه تأويلها نربايدت
چون ندارد جان تو قنديلها
…
بهر بينش كرده تأويلها
كه غرض تأويل ظاهر كى بود
…
دعوى ديدن حيال وغى بود «1»
بلكه هر بيننده را ديدار آن
…
وقت عبرت ميكند تسبيح خوان
پس چواز تسبيح يادت مى دهد
…
آن دلالت همچوكفتن مى بود
اين بود تأويل اهل اعتزال
…
واى آنكس كو ندارد نور حال
چون ز حس بيرون نيامد آدمي
…
باشد از تصوير غيبى أعجمي
وفى التأويلات النجمية تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ اى ينزهه عما يقولون من كل نقيصة ذرات المكونات واجزاء المخلوقات فمن له روح فبلسانه ولغته وهذا مما يفقه العقلاء واما الجمادات فبلسان الملكوتي كما قال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ اى يحمده على نعمة الإيجاد والتربية وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ لانه ليس من جنس تسبيحكم واعلم ان الله اثبت لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوتا بقوله فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ والملكوت باطن الكون وهو الآخرة والآخرة حيوان لا جماد لقوله تعالى وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ فثبت بهذا الدليل ان لكل ذرة من ذرات الموجودات لسانا ملكوتيا ناطقا بالتسبيح والحمد تنزيها لصانعه وبارئه وحمد اله على ما أولاه من نعمه وبهذا اللسان نطق الحصى فى يد النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا تنطق الأرض يوم القيامة كما قال يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها وبهذا اللسان تشهد اجزاء الإنسان وأبعاضه يوم القيامة ويقولون أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وبهذا اللسان نطق السموات والأرض حين قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فافهم جدا واغتنم إِنَّهُ كانَ حَلِيماً فى الأزل إذا خرج من العدم من يتولد منه ان يتخذ مع الله آلهة اخرى غَفُوراً لمن تاب عن مثل هذه المقالات انتهى وقال القاشاني اعلم ان لكل شىء خاصية لا يشاركه فيها غيره وكما لا يخصه دون ما عداه يشتاقه ويطلبه إذا لم يكن حاصلا ويحفظه ويحبه إذا حصل فهو بإظهار خاصيته وتوحده فى تلك الخاصية ينزهه تعالى عن الشريك فكانه يقول بلسان الحال أوحده على ما وحدنى والا لم يكن متفردا بها متوحدا فيها وبطلب كماله ينزهه عن صفات النقص كأنه يقول يا كامل كملنى وبإظهار كماله يحمده ويقول احمده على ما كملنى حتى
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت مار كبرى كه اژدهاى افسرده إلخ
ان الحيوان فى طلب الرزق يقول يا رزاق ارزقني وبوجود الرزق يقول احمده على ما رزقنى وباشفاقه على ولده يقول ارأفنى الرؤوف وارحمني الرحيم فالسموات السبع تسبحه وتنزهه عن العجز والفناء وتحمده بالديمومية والعلو والتأثير والقدرة والبقاء والملك والربوبية وبان كل يوم هو فى شأن والأرض بالدوام والثبات والخلاقية والرزاقية وقبول الطاعة وأمثال ذلك والملائكة بالحياة والعلم والقدرة والمجردات منهم بالتنزه عن التعلق بالمادة والوجوب مع جميع ما ذكر منهم مع كونهم مسبحين إياه مقدسين له حامدين فان كل ما يحمده بصفة كمالية ينزهه ويسبحه بمقابلها وكل مسبح عن نقصان يحمده بكمال يقابله فهم يسبحونه فى عين التحميد ويحمدونه فى عين التسبيح ولكون لا تفقهون تسبيحهم لقلة النظر والفكر فى ملكوت الأشياء وعدم الإصغاء إليهم للغفلة وانما يفقه من كان له قلب منور بنور التوحيد او القى السمع وهو شهيد فان القلب من عالم الملكوت فاذا تنور بنور التوحيد يفقه تسبيح الأشياء لانه فى عالمه انه كان حليما لا يعاجلكم بعقوبة ترك التسبيح فى طلب كمالاتكم واظهار خواصكم التي منها فهم تسبيح الأشياء وتوحيده كما وحدوه غفورا يغفر غفلاتكم واهمالكم انتهى كلامه مع بعض تغييرات وزيادة والله الهادي الى طريق حقيقة التسبيح والتوحيد لكل سالك مريد وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [و چون مى خوانى قرآنرا] جَعَلْنا بَيْنَكَ [مى سازيم ومى آريم ميان تو] وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وهم كفار قريش وكانوا منكرى البعث حِجاباً يحجبهم من ان يدركوك على ما أنت عليه من النبوة ويفهموا قدرك الجليل ولذلك اجترءوا على أن يقولوا ان تتبعون الا رجلا مسحورا مَسْتُوراً عن الحس بمعنى غير حسى مشاهد فمستور على موضوعه او ذا ستر فصيغة مفعول للنسبة كقولهم سيل مفعم اى ذو افعام من افعمت الإناء اى ملأته هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله فى هذه الآية وقال فى الكواشي كان المشركون يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم مصليا وجاءت أم لهب بحجر لترضخحه فزل انتهى فيكون معنى قوله وإذا قرأت القرآن وإذا صليت عبر عن الصلاة بالقرآن لاشتمالها عليه كما عبر عن الخطبة به على بعض الأقوال فى قوله تعالى وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا الآية فيلزم ان تحمل الآية على خصوص المادة فهم إذا لم يروا الحجاب فلا يرون المحتجب به فيسلم من اذاهم ولم يكن كذلك دائما كما يدل عليه القواطع وقال سعدى المفتى لعل الاولى ان يحمل على ما روى انها نزلت فى ابى سفيان والنضير وابى جهل وأم جميل امرأة ابى لهب كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن فحجب الله أبصارهم إذا قرأ وكانوا يمرون به ولا يرونه انتهى وهو ذهول عما بعد الآية من قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ كما يأتى مع ما فيه من الرواية وهو اللائح بالضمير فى هذا المقام الخطير وفى الاية اشارة الى ان من قرأ القرآن حق قراءته ارتقى الى أعلى مراتب القرب كما جاء فى الأثر (ان عدد آي القرآن على عدد درج الجنة فمن استوفى جميع آي القرآن استولى على أقصى درج الجنة) واستيفاء جميع آي القرآن فى الحقيقة هو التخلق بأخلاق القرآن فالقرآن من اخلاق الله وصفاته والمتخلق بأخلاقه
يكون متخلقا بأخلاق الله وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذي جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امنه
هركة او بيرون شد از حصن خدا
…
جان او آخر شد از جسمش جدا
مرد حق بين كى كند تكيه بغير
…
هر قضا چون از خدا آيد بسير
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفوا انه من عند الله تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينها وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم يقول الفقير ذلك التجافي والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضية للفقه والإدراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الأمر وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج أسماعهم للحق ونبوها عن الإصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق إدراكه وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ اى واحدا غير مشفوع به آلهتهم اى إذا قلت لا اله الا الله وهو مصدر وقع موقع الحال أصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذي هو الحال وأقيم المصدر مقامه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ [باز كردند كافران بر پشتهاى خود] اى هربوا ونفروا نُفُوراً هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور [برميدن] كما فى التهذيب نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ ملتبسين بِهِ من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما نقول يستمعون بالهزء اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله- ويروى- انه كان يقوم عن يمينه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالأخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لان العلم يستفاد هناك من أحد وكذا قوله تعالى وَإِذْ هُمْ نَجْوى لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم. والمعنى نحن اعلم بالذي يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذي يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بدل من إذ هم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد وفيه دليل على ان ما يتناجون به
غير ما يستمعون به اى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون ان وجد منكم الاتباع فرضا إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً اى سحر فجنّ فمن ظلمهم وضعوا اسم المسحور موضع المبعوث انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون قال الكاشفى [بزدند براى تو مثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر] فَضَلُّوا فى جميع ذلك عن منهاج المحاجة فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى طعن يمكن ان يقبله أحد فيتهافتون ويخطون كالمتحير فى امر لا يدرى ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب فى بطلانه أحد او فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلا اليه لانهم بالغوا فى الضلالة والإنكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الأساطير والسحر والشعر ولو استمعوا بالله لاستمعوا كلام الله وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض فى قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الأحد بالوحدانية والوحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج. ومن هذا القبيل إكباب اهل الهوى فى كل عصر على استماع القصص والأساطير معرضين عن كلام الله الملك العلى الكبير بل وأكثرهم لا يريد الا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدي الى اعراض الناس والاتباع الى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح فى شان اهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال. يا عبدى أما تستحيى منى إذا يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أو كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل فى حديثه او مأت اليه ان كف وها انا اذن مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك كذا فى الاحياء
هر كه تعظيم حق كند دائم
…
شود از دل بامر او قائم
وَقالُوا اى الكفرة المنكرون للبعث من اهل مكة نسوا بداية خلقهم انهم خلقوا من تراب بل انهم خلقوا من لا شىء كقوله تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً فقالوا على سبيل الإنكار والاستبعاد أَإِذا كُنَّا [آيا آن هنگام كه شويم ما بعد از مرك بمرور زمان] عِظاماً [استخوانها] وَرُفاتاً هو ما بولغ فى دقه وتفتيته أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا برانگيخته شدكان شويم] خَلْقاً جَدِيداً نصب على المصدر من غير لفظه او على الحالية على ان الخلق بمعنى المخلوق. قوله إذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لانفسه لان ما بعد ان والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث او تعاد وهو المرجع للانكار اى حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم من التنافي وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافية له قُلْ جوابا لهم كُونُوا حِجارَةً
[سنك] أَوْ حَدِيداً [يا آهن] أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ يعظم عندكم من قبول الحياة لكونه ابعد شىء منها فانكم مبعوثون ومعادون لا محالة اى فان قدرته تعالى لا تقصر عن احيائكم لاشتراك الأجسام فى قبول الاعراض فكيف إذا كنتم عظاما مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء اقبل لما عهد فيه مما لم يعهد والأمر وارد على التمثيل يعنى فى المثل [كرديد بتن خود سنك يا آهن] كما فى تفسير الكاشفى وقال فى الكواشي هو امر تعجيز وتوبيخ لا امر الزام وقال فى بحر العلوم ليس الأمر هاهنا على حقيقته بل على المجاز لان المقصود اهانتهم وقلة المبالاة بهم لا طلب كونهم حجارة او حديدا لعدم قدرتهم على ذلك وما يكبر فى صدورهم السموات والجبال والجمهور على انه الموت إذ ليس فى النفس شىء اكبر من الموت اى لو كنتم الموت بعينه لأميتكم ولأبعثكم فَسَيَقُولُونَ [پس زود باشد كه كويند] مَنْ [كيست كه] يُعِيدُنا يبعثنا بعد الموت. يعنى [زنده سازد ما را پس از مرك] وقد نسوا مبدئهم فلزمهم نسيان معيدهم قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ اى يعيدكم القادر العظيم الذي اخترعكم وانشأكم أَوَّلَ مَرَّةٍ من غير مثال وكنتم ترابا ماشم رائحة الحياة فهو المبدئ والمعيد يعنى [پس آنكه خاك را تواند جان داد در بدايت هم خاك را زنده تواند ساخت در نهايت] فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ انغض حرك اى سيحرّ كونها نحرك تعجبا وإنكارا وَيَقُولُونَ استهزاء مَتى هُوَ اى ما ذكرت من الاعادة فهو سؤال عن وقت البعث بعد تعيين الباعث قُلِ لهم عَسى أَنْ يَكُونَ ذلك قَرِيباً فان كل آت قريب أو لأنه مضى اكثر الزمان وبقي اقله قال فى بحر العلوم اى هو قريب لان عسى فى الأصل للطمع والإشفاق من الله تعالى واجب يعنى انه قرب وقته فقد قرب ما يكون فيه من الحساب والعقاب يَوْمَ يَدْعُوكُمْ من الأجداث كما دعاكم من العدم فَتَسْتَجِيبُونَ منها استجابة الاحياء اى اذكروا يوم يبعثكم فتنبعثون وقد استعير لهما الدعاء والاجابة إيذانا بكمال سهولة التأتى وقال ابو حيان والظاهر ان الدعاء حقيقة اى يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الاخيرة كما قال يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ومعنى فتستجيبون توافقون الداعي فيما دعاكم اليه كما قال الكاشفى [بخواند شما را اسرافيل در نفخه اخيره بجهت قيام از قبور پس شما اجابت كنيد اسرافيل را] وقال بعضهم المقصود منها الإحضار للمحاسبة والجزاء يقول الفقير لا يخفى ان الدعوة متعددة فدعاء البعث والنشر ودعاء الحشر كما قال تعالى مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ اى مسرعين ودعاء الكتاب كما قال تعالى وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ والمراد فى هذا المقام هو الدعوة الاولى لان الكلام فى البعث بِحَمْدِهِ حال من فاعل تستجيبون اى حامدين لله تعالى على قدرته على البعث كما قال سعيد ابن جبير انهم ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك فيقدسونه ويحمدونه حين لا ينفعهم ذلك وفى الكواشي بحمده اى بإرادته وامره كما قال الكاشفى [در تفسير بصائر حمد را بمعنى امر داشت چنانچهـ در آيت فسبح بحمد ربك اى صل بامره پس معنى آيت چنين بود كه خداى شما را بخواند بامر او واجابت كنيد او را] وَتَظُنُّونَ
عند ما ترون من الأمور الهائلة إِنْ لَبِثْتُمْ اى ما لبثتم فى القبور او فى الدنيا إِلَّا قَلِيلًا بالنسبة الى لبثكم بعد الاحياء الى الابد فان قيل كل أحد يستقصر مدة حياته فى الدنيا ولو عمر أطول الأعمار قلنا ذلك الاستقصار مع العلم بمدة العمر لطويل أمله وفى القيامة يذهل عن تلك المدة لشدة الهول قال الكاشفى [يعنى زندكى خود را در دنيا اندك شمريد نسبت بآن پس بايد كه خردمند آگاه نيز حيات دنيا را در جنب زندكئ عقبى اندك شمرد واين اندك فانى را در كار آن بسيار باقى صرف كند تا در ان روز بعذاب حسرت وندامت در نماند] قال الشيخ سعدى قدس سره
بدنيا توانى كه عقبى خرى
…
بخر جان من ور نه حسرت خورى
كسى كوى دولت ز دنيا ببرد
…
كه با خود نصيبى بعقبى ببرد
فلا بد من الاستعداد ليوم القيامة بالأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي فانه عما قريب يصير العلم عينا واعلم انك إذا مت فقد قامت قيامتك لان الإنسان إذا مات فقد عاين امر القيامة لانه يرى الجنة والنار والملائكة ولا يقدر على عمل من الأعمال فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عمله بالموت فيقوم يوم القيامة على ما مات عليه فطوبى لمن كان خاتمته بخير قال ابو بكر الواسطي رحمه الله الدولة ثلاث. دولة فى الحياة وهى ان يعيش فى طاعة الله تعالى. ودولة عند الموت وهى ان تخرج روحه بشهادة ان لا اله الا الله. ودولة يوم القيامة وهو ان يأتيه البشير بالجنة حين يخرج من قبره ولا ريب فى ان العاصي ومنكر البعث يأتيه النذير بالنار فلا بد من الطاعة والإقرار فان الله تعالى يحيى الأرض بعد موتها وهو دليل على النشور: وفى المثنوى
خاك را ونطفه را ومضغه را
…
پيش چشم ما همى دارد خدا
كز كجا آوردمت اى بد نيت
…
كه از ان آيد همى خفريقيت
تو بدان عاشق بدى در دور آن
…
منكر اين فضل بودى آن زمان
اين كرم چون دفع آن انكار تست
…
كه ميان خاك مى كردى نخست
حجت انكار شد انشار تو
…
از دوا بدتر تر شد اين بيمار تو
خاك را تصوير اين كار از كجا
…
نطفه را خصمى وانكار از كجا
چون در ان دم بي دل وبي سر بدى
…
فكرت وانكار را منكر بدى
از جمادى چونكه انكارت برست
…
هم ازين انكار حشرت شد درست
پس مثال تو چوآن حلقه ز نيست
…
كز درونش خواجه كويد خواجه نيست «1»
حلقه زن زين نيست در يابد كه هست
…
پس ز حلقه بر ندارد هيچ دست
پس هم انكارت مبين ميكند
…
كز جماد او حشر صدفن ميكند
وَقُلْ يا محمد لِعِبادِي اى المؤمنين يَقُولُوا اى للمشركين عند محاورتهم معهم بنى على حذف النون لما كان بمعنى الأمر كما بنى الاسم المتمكن فى النداء فى قولك يا زيد على الضمة لما أشبه قبل وبعد الَّتِي اى الكلمة التي هِيَ أَحْسَنُ ولا يخاشنوهم كقوله تعالى وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة
(1) در أوائل چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ
الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الأحسن والفعل الأحسن والخلق الأحسن. اما القول الأحسن فهو الدعاء الى الله بلا اله الا الله مخلصا. واما الفعل الأحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة. واما الخلق الأحسن فهو مع الله بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن إليهم بلا طمع فى الإحسان والشكر منهم ويتجاوز عن إساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ يقال نزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تفضى الى العناد وازدياد الفساد وفى التأويلات إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى الله عنهم بحيث ان حالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ قدما لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم أصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم إذا خرج أباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور رَبُّكُمْ ايها المشركون أَعْلَمُ بِكُمْ منا إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بالتوفيق للايمان أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بالاماتة على الكفر فهو تفسير للتى هى احسن وما بينهما اعتراض اى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاء كلها ولا تصرحوا بانهم من اهل النار فانه مما يهيجهم على الشر مع ان العاقبة مما لا يعلمه الا الله فعسى يهديهم الى الايمان هذا ما ذهب اليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوي وابو السعود رحمهما الله وقال الجمهور المراد بالتي هى احسن هى المحاورة الحسنة بحسب المعنى والرحمة الانجاء من كفار مكة واذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب فى ربكم للمؤمنين وفى التأويلات هو اعلم بمن جعله منكم مظهر صفة لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من إضلال الشيطان واغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه بإضلاله واغوائه وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا موكولا إليك يا محمد أمورهم ومفوضا تجبرهم على الايمان كما قال لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وإِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام (ان الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني باقامة الفرائض) : حافظ
آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست
…
با دوستان تلطف با دشمنان مدارا
كما قال بعضهم فى عيش الإنسان الكامل [با خدا بصدق. وبا خلق بانصاف. وبا نفس بقهر. وبا زير دستان بشفقت. وبا بزركان بحرمت. وبا دوستان بنصيحت. وبا دشمنان بمدارا. وبا علما بتواضع وبا درويشان بسخا. وبا جاهلان بخاموشى وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والباطنة التي بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يستحقه وهو رد لاستبعاد قريش ان يكون يتيم ابى طالب نبيا وان يكون العراة الجوع أصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون ان يكون ذلك فى بعض الا كابر والصناديد وذكر من فى السموات لابطال قولهم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ وذكر من فى الأرض لرد قولهم لَوْلا
نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
اى من احدى القريتين مكة والطائف كالوليد بن المغيرة المخزومي وعروة بن مسعود الثقفي وقيل غيرهما وفى التأويلات هو اعلم بمن جعل منهم مظهر صفة لطفه ومن جعل منهم مظهر صفة قهره فى السموات كالملائكة وإبليس والأرض كالمؤمنين والكافرين وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ قال البيضاوي وتبعه ابو السعود اى بالفضائل النفسانية والتبري من العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال والاتباع حتى داود فانه شرفه بما اوحى اليه من الكتاب لا بما اوتى من الملك انتهى يقول الفقير هذا صريح فى انهم متفاضلون فى معنى التبري من العلائق الجسمانية وهو خطأ فان تفاضلهم فى ذلك انما هو على من عداهم من افراد الامة لا على إخوانهم الأنبياء وتحقيقه انه ليس فيهم العلائق الروحانية لمنافاتها الوصول الى الله تعالى والاخذ من عالم القدس ولذا قالوا باب العلم بالله لا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك
والملكوت واما العلائق الجسمانية كالملك وكثرة الأزواج والأولاد ونحو ذلك فهى وعدمها سواء بالنسبة إليهم فعيسى ويحيى عليهما السلام مع ماهما عليه من الزهد والتجرد لا فضيلة لهما فى ذلك على داود وسليمان عليهما السلام مع ماهما عليه من الملك وكثرة الأزواج واسناد العلاقة إليهم ولو صورة ليس من الأدب فالوجه ان التفضيل انما هو بالكتاب والرسالة والخلة والتكليم والمعراج والرؤية والشفاعة ونحو ذلك كما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ الاية والقرآن يفسر بعضه بعضا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فضل سليمان عليه السلام بالظهور بمجموع الملك وعيسى بالكلام فى المهد والتأييد بروح القدس واحياء الموتى وخلق الطين طيرا بالاذن ونحو ذلك وموسى بالتكليم واليد والعصا وفرق البحر وانفجار الحجر ونحوها وفضل صالح بخروج ناقة من الحجر ونحوها وهود بالريح العقيم وابراهيم بالنجاة من النار ونحو ذلك ويوسف بالجمال وتأويل الرؤيا ولما تفاضل استعدادهم لتمام التجلي من حيث النبوة تفاضلوا ايضا فانه ليس فى الوجود الا متغذ مرزوق وقد فضل الله بعض المرزوقين على بعض والرزق حسى للجسوم وعقلى للارواح كالعلوم فاما من حيث ولايتهم الذاتية واستنادهم الى الله تعالى فهم نفس واحدة فلا فاضل ولا مفضول ولذا قال عليه السلام (لا تفضلونى بين الأنبياء) وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً تفضيلا له كان زبور داود مائة وخمسين سورة ليس فيها حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود بل تمجيد وتحميد ودعاء نكر زبورا هنا وعرفه فى الأنبياء حيث قال وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ لانهما واحد كعباس والعباس وفى التأويلات النجمية قوله وَلَقَدْ فَضَّلْنا الآية يشير الى ان الحكمة الازلية اقتضت ارتفاع درجات المقبولين واتضاع دركات المردودين فانهما مظاهر صفة اللطف والقهر ولكل واحد من اللطف والقهر نصيب منه حكمة بالغة فى اظهار كمالات اللطف والقهر من الأزل الى الابد وفضلنا الأنبياء بعضهم على بعض بارتفاع المكان فى القربة وقبول از نظر العناية على حسب سرايته فى الامة وخيريتها ألا ترى انه عليه السلام لما كان أفضل الأنبياء كانت أمته خير الأمم وكتابه أفضل الكتب ففى قوله وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً اشارة الى ان فضل النبي صلى الله عليه وسلم
على داود بقدر فضل القرآن على الزبور انتهى وقد نعت الله نبينا عليه السلام وأمته المرحومة فى جميع الكتب المتقدمة
اى وصف تو در كتاب موسى
…
وى نعت تو در زبور داود
مقصود تويى ز آفرينش
…
باقى بطفيل تست موجود
وفضله الله بكثرة الاتباع ايضا كما قال عليه السلام (اهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها أمتي) وفى جامع الأصول عن الزهري عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جلس ناس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذاكرون وهم ينتظرون خروجه فخرج حتى دنا منهم فسمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا ان الله تعالى اتخذ من خلقه خليلا اتخذ ابراهيم خليلا وقال آخر ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما وقال آخر ماذا بأعجب من جعل عيسى كلمة الله وروحه فقال آخر ماذا بأعجب من آدم اصطفاه الله عليهم فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال (قد سمعت كلامكم وأعجبكم ان ابراهيم خليل الله وهو كذلك وان موسى نجى الله وهو كذلك وان عيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وان آدم اصطفاه الله وهو كذلك ألا وانا حبيب الله ولا فخر وانا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وانا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر وانا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله فادخلها ومعى فقراء المهاجرين ولا فخر) وفى الحديث (ان الله اختارني على الأنبياء واختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا) رضى الله عنهم كما فى بحر العلوم: قال المولى الجامى قدس سره
خدا بر سروران سرداريش داد
…
ز خيل انبيا سالاريش داد
پى ديوار ايمان بود كارش
…
شد او را چار ركن از چار يارش
فكما ان البيت يقوم بالأركان الاربعة فكذا الدين يقوم بالخلفاء الاربعة ولذلك قال عليه السلام (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) لانهم اصول بالنسبة الى من عداهم من المؤمنين قُلِ ادْعُوا [بخوانيد اى مشركان مكه] الَّذِينَ زَعَمْتُمْ انهم آلهة مِنْ دُونِهِ اى متجاوزين الله تعالى كالملائكة والمسيح وامه وعزير فَلا يَمْلِكُونَ فلا يستطيعون كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ازالة نحو المرض والفقر والقحط وَلا تَحْوِيلًا ولا تحويله ونقله منكم الى غيركم من القبائل أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ أولئك مبتدأ صفته الذين وخبره يبتغون اى أولئك الآلهة الذين يدعونهم المشركون من المذكورين يَبْتَغُونَ يطلبون لانفسهم إِلى رَبِّهِمُ ومالك أمورهم الْوَسِيلَةَ اى القربة بالطاعة والعبادة قال الكاشفى [وسيلتى ودست آويزى يعنى تقرب ميكنند بطاعت وعبادت او بحضرت او جل جلاله] أَيُّهُمْ أَقْرَبُ بدل من واو يبتغون واى موصولة اى يبتغى من هو اقرب الى الله منهم الوسيلة فكيف بمن دونه من غير الأقرب [يعنى آنها كه مقربان در كاهند از ملائكه وغير ايشان توسل ميكنند بحق سبحانه پس غير مقرب خود بطريق اولى كه وجه توجه بدان حضرت آورد] قال فى الكواشي او أيهم استفهام مبتدأ خبره اقرب والجملة
نصب بيدعون. والمعنى يطلبون القرب اليه تعالى لينظروا اى معبوديهم اقرب اليه فيتوسلوا به تلخيصه آلهتهم ايضا يطلبون القرب اليه تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ بالوسيلة وَيَخافُونَ عَذابَهُ بتركها كدأب سائر العباد فاين هم من كشف الضر فضلا عن الالهية إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً حقيقا بان يحذره كل أحد حتى الرسل والملائكة وان لم يحذره العصاة لكمال غفلتهم بل يتعرضون له وتخصيصه بالتعليل لما ان المقام مقام التحذير من العذاب فعلى العاقل ان يترك الاعتذار ويحذر من بطش القهار عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما انه قال لعمر رضى الله عنه حين طعن يعنى [نيزه زده] يا امير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس وتوفى رسول الله وهو عنك راض ولم يختلف عليك اثنان وقتلت شهيدا قال عمر رضى الله عنه المغرور من غررتموه والله لو ان لى ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع اى القيامة وما بعد الموت لان المرء يطلع فيه على عمله ويلقى أمورا هائلة قال بعض الحكماء الحزن يمنع الطعام والخوف يمنع الذنوب والرجاء يقوى على الطاعات وذكر الموت يزهد عن الفضول والخوف والرجاء انما يكونان من الله تعالى لان المعبود مفيض الخير والجود. واما الأنبياء وورثتهم الكمل فوسائط بين الله تعالى وبين الخلق ولا بد من طاعتهم من حيث نبوتهم ووراثتهم ومن التقرب إليهم لتحصيل الزلفى: وفى المثنوى
از انس فرزند مالك آمده است
…
كه بمهمانى او شخصى شده است «1»
او حكايت كرد كز بعد طعام
…
ديد انس دستار خوانرا زرد فام
چركن وآلوده گفت اى خادمه
…
اندر افكن در تنورش يكدمه
در تنور پر ز آتش در فكند
…
آن زمان دستار خوانرا هوشمند
جمله مهمانان در ان حيران شدند
…
انتظار دور كندورى بدند
بعد يكساعت در آورد از تنور
…
پاك واسپيد واز ان او ساخ دور
قوم گفتند اى صحابئ عزيز
…
چون نه سوزيد ومنقى كشت نيز
گفت زانكه مصطفى دست ودهان
…
پس بماليد اندرين دستار خوان
اى دل ترسنده از نار وعذاب
…
با چنان دست ولى كن اقتراب
چون جمادى را چنين تشريف داد
…
جان عاشق را چها خواهد كشاد
مر كلوخ كعبه را چون قبله كرد
…
خاك مردان باش اى جان در نبرد
وَإِنْ نافية مِنْ استغراقية قَرْيَةٍ [ديهى وشهرى] قال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بها القرية الكافرة اى ما من قرية الكفار إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها اى مخربوها البتة بالخسف بها او باهلاك أهلها بالكلية لما ارتكبوا من عظائم المعاصي الموجبة لذلك قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ لان الهلاك يومئذ غير مختص بالقرى الكافرة ولا هو بطريق العقوبة وانما هو لانقضاء عمر الدنيا أَوْ مُعَذِّبُوها اى معذبوا أهلها على الاسناد المجازى عَذاباً شَدِيداً بالقتل والقحط والزلازل ونحوها من البلايا الدنيوية والعقوبات الاخروية لان التعذيب
(1) در اواخر دفتر سوم در حكايت منديل در تنور انداختن انس بن مالك وناسوختن
مطلق عما قيد به الإهلاك من قبلية يوم القيامة وكثير من القرى العاصية قد أخرت عقوباتها الى يوم القيامة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله يقول الفقير لا يخفى ان هذا التعميم لا يناسب سوق الآية وقيد القبلية معتبر فى الشق الثاني ايضا وهو لا ينافى العذاب الشديد الواقع بعد يوم القيامة حسبما افصح عنه القاطع فالوجه حمل الإهلاك على الاستئصال والتعذيب على انواع البلية التي هى أشد من الموت وعمم فى بحر العلوم القرية يدل عليه إيراده قوله عليه السلام (ان أمتي امة مرحومة انما جعل عذابها فى القتل والزلازل والفتن) وقوله عليه السلام (ان حظ أمتي من النار بلاها تحت الأرض) وقد قيل الهلاك للقرى الصالحة والعذاب للطالحة قالوا خراب مكة من الحبشة وخراب المدينة من الجوع وخراب البصرة من الغرق وخراب ايلة من العراق وخراب الجزيرة من الجبل وخراب الشام من الروم وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب الاسكندرية من البربر وخراب الأندلس من الروم وخراب فارس من الزلازل وخراب أصفهان من الدجال وخراب نهاوند من الجبل وخراب خراسان من حوافر الخيل وخراب الري من الديلم وخراب الديلم من الأرمن وخراب الأرمن من الخزر وخراب الخزر من الترك وخراب الترك من الصواعق وخراب السند من الهند وخراب الهند من اهل السد يأجوج ومأجوج- وروى- عن وهب بن منبه ان الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب ارمينية وارمينية آمنة حتى تخرب مصر ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة وإذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينية على يدى رجل من بنى هاشم كانَ ذلِكَ الذي ذكر من الإهلاك والتعذيب فِي الْكِتابِ اى اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبا لم يغادر منه شىء الا بين فيه كيفياته وأسبابه الموجبة له ووقته المضروب له وفى الحديث (أول شىء خلق الله القلم من نور فاخذه بيمينه وكلتا يديه يمين والقلم مسيرة خمسمائة عام واللوح مثله فقال للقلم اجر فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة برها وفاجرها رطبها ويابسها فصدقوا بما بلغكم عن الله من قدرته) وفى الحديث (أول ما خلق الله القلم بيده ثم خلق النون وهو الدواة ثم قال اكتب فقال وما اكتب قال ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ختم على فم القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة) رواه ابن عباس رضى الله عنهما وفى التأويلات النجمية وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ اى قرية قالب الإنسان إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها بموت قلبه وروحه قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ اى قبل موت القالب فان من مات فقد قامت قيامته أَوْ مُعَذِّبُوها بصب البلاء والمحن والأمراض والعلل والمصائب والنقص فى الأموال والأنفس وانواع الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى بالاختيار والاضطرار عَذاباً شَدِيداً فان الفطام من المألوفات شديد كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً من الأزل عزة وعظمة وكبرياء وجبروتا فلا يصل السائر الصادق المحب الى سرادقات جلاله شوقا الى جماله الا بعد العبور على العقبة الكؤود فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فلما كان حال البلوغ الى بيته قوله لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فكيف يكون حال اهل الوصول اليه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) فلما لم يصل أحد الى مقامه الذي وصل ما أوذي أحد فى السير الى الله والسير فى الله
والسير بالله مثل ما أوذي صلى الله عليه وسلم وإيذاء السائرين بإذابة وجودهم فى السير ففى السير الى الله ذوبان الافعال وفى السير فى الله ذوبان الصفات وفى السير بالله ذوبان الذات فافهم جدا: سعدى
جفا نبرده چهـ دانى تو قدر يار
…
تحصيل كام دل بتكاپوى خوش ترست
حافظ
ممكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب
…
براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيت
وقال
خام را طاقت پروانه پر سوخته نيست
…
نازكان را نرسد شيوه جان افشانى
اللهم اجعلنا من اهل الصبر على البلاء وارزقنا من غنائم اهل الولاء وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ الباء مزيدة اى وما صرفنا عن إرسال الآيات التي اقترحها قريش من احياء الموتى وقلب الصفا ذهبا ورفع جبال مكة لتنبسط الأرض وتصلح للزراعة واجراء الأنهار لتحصل الحدائق ونحو ذلك إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى وما منعنا عن إرسالها شىء من الأشياء الا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم فى الطبع كعاد وثمود وانها لو أرسلت لكذبوا تكذيب أولئك واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا ان لا نستأصلهم لان فيهم من يؤمن أو يلد من يؤمن ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ وهو عطف على ما يفصح عنه النظم الكريم كأنه قيل وما منعنا ان نرسل بالآيات الا ان كذب بها الأولون حيث آتيناهم ما اقترحوا من الآيات الباهرة فكذبوها وآتينا ثمود الناقة بسؤالهم مُبْصِرَةً بينة ذات أبصار على ان يكون للنسبة فالتاء للبالغة او أسند إليها حال من يشاهدها مجازا فَظَلَمُوا بِها فكفروا بها ظالمين اى لم يكتفوا بمجرد الكفر بها بل فعلوا بها ما فعلوا من العقر وظلموا أنفسهم وعرضوها للهلاك بسبب عقرها ولعل تخصيصها بالذكر لما ان ثمود عرب مثلهم وان لهم من العلم بحالهم ما لا مزيد عليه حيث يشاهدون آثار هلاكهم ورودا وصدورا وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ المقترحة إِلَّا تَخْوِيفاً من نزول العذاب المستأصل كالطليعة له فان لم يخافوا انزل او بغير المقترحة كالمعجزات وآثار القرآن الا تخويفا بعذاب الآخرة فان امر من بعثت إليهم مؤخر الى يوم القيامة كرامة لك قيل ان الرسول عليه السلام هو الامان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فاذا اماتوها أماتهم الله وأهلكهم إذ لهذه الامة نصيب من عذاب الدنيا بقدر حالهم وذلك فى اواخر الزمان كما سبق فى المجلس السابق. ومنه الزلازل والمخاوف والطاعون فانه زجر لاهل الفسق وتسلط الظلمة فانه عذاب أي عذاب فينبغى للمؤمن ان يسارع الى طريق التقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث (من احيى سنتى فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة) وفى الحديث (من حفظ سنتى أكرمه الله بأربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين) كما ان الرسول عليه السلام أمان ما عاش فكذا وارثه الأكمل فان اعتقاده واتباع طريقته كالايمان بالرسول واتباع
شريعته إذ هو نائب عنه وخليفة له فالاقتران باهل الصلاح والتقوى مما يرفع الله به العذاب وقد ورد فى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى الأربعين حديثا والمراد باهل القبور من مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار: قال الحافظ
مدد از خاطر رندان طلب اى دل ور نى
…
كار صعبست مبادا كه خطايى بكنيم
واعلم ان المؤمن الصادق فى إيمانه لا يعذبه الله فى الآخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة ومادام هو بين الامة لا يعذبهم الله وتقول لهم جهنم جزيا مؤمن فان نورك قد اطفأ نارى فان دخل المجرمون النار فذلك بجهة الخلوص لا الخلود وَإِذْ قُلْنا لَكَ واذكر إذ أوحينا إليك إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ اى علما وقدرة فهم فى قبضته فامض لامرك ولا تخف أحدا قال بعض الكبار احاطة الله سبحانه عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ المراد بالرؤيا ما عاينه عليه السلام ليلة المعراج من عجائب الأرض والسماء والتعبير عن ذلك بالرؤيا اما لانه لا فرق بينه وبين الرؤية كما فى الكواشي الرؤيا تكون نوما ويقظة كالرؤية او لانها وقعت بالليل وتقضت بالسرعة كأنها منام او لان الكفرة قالوا لعلها رؤيا فتسميتها رؤيا على قول المكذبين قال فى الحواشي السعدية قد يقال تسميتها رؤيا على وجه التشبيه والاستعارة لما فيها من الخوارق التي هى بالمنام أليق فى مجارى العادات انتهى. اى وما جعلنا الرؤيا التي اريناكها ليلة الاسراء عيانا مع كونها آية عظيمة حقيقة بان لا يتلعثم فى تصديقها أحد ممن له ادنى بصيرة الا فتنة افتتن بها الناس حتى ارتد بعضهم وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ عطف على الرؤيا والمراد بلعنها فيه لعن طاعمها على الاسناد المجازى او ابعادها عن الرحمة فان تلك الشجرة التي هى الزقوم تنبت فى اصل الجحيم فى ابعد مكان من الرحمة اى وما جعلناها الا فتنة لهم حيث أنكروا ذلك وقالوا ان محمدا يزعم الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر ولقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيدا حيث كابروا قضية عقولهم فانهم يرون النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد المحماة فلا يضرها ويشاهدون المناديل المتخذة من وبر السمندل تلقى فى النار ولا تؤثر فيها قال الكاشفى [وعجب از ايشان بود كه از درخت سبز آتش ميكرفتند كما قال تعالى جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً وهيچ فكر نمى كردند كه آتش در درخت وديعت نهد چهـ عجب كه درخت در آتش بروياند] وهو المرخ والعفار يوجدان فى اغلب بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء
فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وَنُخَوِّفُهُمْ بذلك وبنظائره من الآيات فان الكل للتخويف فَما يَزِيدُهُمْ التخويف إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً عتوا متجاوزا عن الحد فلو انا أرسلنا بما اقترحوه من الآيات لفعلوا بها ما فعلوا بنظائرها وفعل بهم ما فعل بأشياعهم وقد قضينا بتأخير العقوبة العامة لهذه الامة الى الطامة الكبرى واوحى الله الى عيسى عليه السلام كم من وجه مليح صبيح ولسان فصيح وبدن صحيح غدا بين طباق النيران يصيح فلابد من الحوف فان العارفين يخلفون فما ظنك بغيرهم قال المزني دخلت على الشافعي رحمه الله فى مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف أصبحت يا أستاذي قال أصبحت عن الدنيا راحلا ولا خوانى مفارقا ولعملى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا فما أدرى أروحي الى جنة أم الى نار ثم انا أقول
ولم أدر أي الحالتين تنوبنى
…
وانك لا تدرى متى أنت ميت
: وفى المثنوى
لا تخافوا هست نزل خائفان
…
هست در خور از براى خائفان «1»
هر كه ترسد مرو را ايمن كنند
…
مر دل ترسنده را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست چون كويى مترس
…
درس چهـ دهى نيست او محتاج درس
واعلم ان رؤية الآيات واستماعها تزيد المؤمنين ايمانا وتقويهم فى باب اليقين لان التربة الطيبة لا تغير الماء الزلال ولا تخرجه عن طبعه والخبيثة لا يحصل لها به نماء إذ لا يستعد ولا يستحق الا العقم نسأل الله تعالى ان يفيض علينا سجال العلوم ويزيدنا فى الفهوم وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى واذكر وقت قولنا للملائكة ما عدا الأرواح العالية وهم الملائكة المهيمة الذين لا شعور لهم بخلق آدم عليه السلام ولا بغيره لا ستغراقهم فى شهود الحق تعالى اسْجُدُوا لِآدَمَ تحية وتكريما لما له من الفضائل المستوجبة لذلك قال فى التأويلات النجمية ان الله خلق آدم فتجلى فيه فكانت السجدة في الحقيقة للحق تعالى وكان آدم بمثابة الكعبة قبلة للسجود فَسَجَدُوا له من غير تلعثم أداء لحقه عليه السلام وامتثالا للامر فدل ائتمارهم باوامر الحق والانتهاء عن نواهيه على السعادة الازلية إِلَّا إِبْلِيسَ فانه ابى واستكبر فدل المخالفة والاستكبار والإباء على الشقاوة الازلية إذ الابد مرآة الأزل يظهر فيها صورة الحال سعادة وشقاوة قال فى بحر العلوم استثنى إبليس من الملائكة وهو جنى لانه قد امر بالسجود معهم فغلبوا عليه تغليب الرجال على المرآة فى قولك خرجوا الا فلانة ثم استثنى الواحد منهم استثناء متصلا قالَ اعتراضا وعجبا وتكبرا وإنكارا عند ما وبخه تعالى بقوله يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ أَأَسْجُدُ وانا مخلوق من النصر العالي وهو النار قال الكاشفى [آيا سجده كنم يعنى نكنم] ولم يصح منى واستحال ان اسجد لان الاستفهام المعنى به الإنكار يكون بمعنى النفي لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً نصب على نزع الخافض اى من طين مثل واختار موسى قومه اى من قومه فاستحق اللعن والطرد والبعد قالَ إبليس بعد ما لعن وطرد وابعد إظهارا للعداوة واقداما على الحسد كما قال فى الإرشاد وقال إبليس لكن لا عقيب كلامه
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را در زير خرما بن
المحكي بل بعد الانظار المترتب على الاستنظار المتفرع على الأمر بخروجه من بين الملأ الأعلى باللعن المؤيد وانما لم يصرح اكتفاء بما ذكر فى موضع آخر فان توسيط قال بين كلامى اللعين للايذان بعدم اتصال الثاني بالأول وعدم ابتنائه عليه بل على غيره أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الكاف حرف خطاب اى ليس باسم حتى يكون فى محل النصب على انه مفعول رأيت بل هو حرف أكد به ضمير الفاعل المخاطب لتأكيد الاسناد فلا محل له من الاعراب وهذا مفعول أول والموصول صفته والثاني محذوف لدلالة الصفة عليه وأ رأيت هاهنا بمعنى أخبرني بان يجعل العلم الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وبان يجعل الاستفهام مجازا عن الأمر بجامع الطلب. والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علىّ بان أمرتني بالسجود له لم كرمته علىّ وفضلته بالخلافة والسجود وانا خير منه لانه خلق من طين وخلقت من نار: وفى المثنوى
آنكه آدم را بدن ديد او رميد
…
وآنكه نور مؤتمن ديد او خميد «1»
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين
…
ديو آدم را نه بيند جز كه طين «2»
لَئِنْ أَخَّرْتَنِ حيا يعنى [مرك مرا تأخير كنى چنانكه موعودست] إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعنى على صفة الإغواء والإضلال وهو كلام مبتدأ واللام موطئة وجوابه قوله لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ اى لا ستولين على أولاده ونسله استيلاء قويا بالإغواء كما قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ يقال احتنكه استولى عليه كما فى القاموس قال فى الإرشاد من قولهم حنكت الدابة واحتنكتها إذا جعلت فى حنكها الأسفل حبلا تقودها به او لاستأصلنهم بالإغواء. يعنى [هر آينه از بيخ بر كنم فرزندان او را باغوا و چنان كنم كه بعذاب تو مستأصل شوند] من قولهم احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلا قال فى الاسئلة المقحمة علم إبليس ان فيهم شهوات مركبة فهى سبب ميلهم عن الحق الى الباطل قياسا على أبيهم حين مال الى أكل الشجرة بشهوته انتهى وقيل غير ذلك إِلَّا قَلِيلًا منهم وهم المخلصون الذين عصمهم الله تعالى قالَ الله تعالى اذْهَبْ على طريقتك السوء بالإغواء والإضلال وفى بحر العلوم ليس من الذهاب الذي هو نقيض المجيء بل معناه امض لما قصدته او طرد له وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه او هو على وجه الاهانة والتهديد تقول لمن لا يقبل منك اذهب وكن على ما اخترت لنفسك قال الكاشفى [امر اهانت است وابعاد يعنى او را براند از دركاه قرب وگفت در پى مهم خود برو] فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ على الضلالة قال الكاشفى [هر كه متابعت كند ترا وفرمان تو برد] فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ اى جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب رعاية لحق المتبوعية جَزاءً مَوْفُوراً من وفر الشيء كمل اى تجزون جزاء مكملا فنصبه على المصدر بإضمار فعله قال الكاشفى [جزايى تمام يعنى عذابى بر دوام] وَاسْتَفْزِزْ اى استخف وحرك ومنه استفزه الغضب استخفه والاستفزاز [سبك كردن] وفى بحر العلوم واستزل وحرك يعنى [از جاى بجنبان وبلغزان] مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ من قدرت ان تستفزه من ذريته وقال الكاشفى [هر كه را توانى لغزانيد از ايشان] بِصَوْتِكَ بوسوستك ودعائك الى الشر والمعصية
(1) در اواخر دفتر سوم در حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد رو إلخ
(2)
در اواخر دفتر سوم در تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ
وكل داع الى معصية الله فهو من حزب إبليس وجنده [وامام زاهدى از ابن عباس نقل ميكند كه هر آوازى كه نه در رضاى خداى تعالى از دهان بيرون آيد آواز شيطانست] وقال مجاهد بالغناء والمزامير فالمغنون والزامرون من جند إبليس وقد ورد فى الخبر الوعيد على الزام وفى الحديث (بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير) المزامير جمع مزمار وهو آلة معروفة يضرب بها ولعل المراد آلات الغناء كلها تغليبا والكسر ليس على حقيقته بل مبالغة عن النهى لقرينة فان قلت الحديث المذكور صريح فى قبح المزمار والظاهر من قوله عليه السلام حين سمع صوت الأشعري وهو يقرأ (لقد اوتى هذا من مزامير آل داود) خلافه قلت ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود عليه السلام وحلاوة نغمته كأن فى حلقه مزامير يرمزبها والآل مقحم ومعناه الشخص كذا فى شرح الأربعين حديثا لابن كمال وفى التأويلات النجمية واستنزل بتمويهات الفلاسفة وتشبيهات اهل الأهواء والبدع وخرافات الدهرية وطامات الإباحية وما يناسبها من مقالات اهل الطبيعة مخالفا للشريعة وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [وبرانگيزان بر ايشان بسواران و پيادگان يعنى ديوانى كه معاون تواند در وسوسه واغوا همه را جمع كن در تسلط بر ايشان] وفى الكواشي جلب واجلب واحد بمعنى الحث والصياح اى صح عليهم باعوانك وأنصارك من راكب وراجل من اهل الفساد والخيل الخيالة بتشديد الياء وهى اصحاب الخيول ومنه قوله عليه السلام (يا خيل الله اركبي) والرجل بالسكون بمعنى الراجل وهو من لم يكن له ظهر يركبه قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ان خيلا ورجلا من الجن والانس فما كان من راكب يقاتل فى معصية الله فهو من خيل إبليس وما كان من راجل يقاتل فى معصية الله فهو من رجل إبليس ويجوز ان يكون استفزازه بصوته واجلابه بخيله ورجله تمثيلا لتسلطه على من يغويه فكأنه مغوارا وقع على قوم فصوت بهم صوتا يزعجهم من أماكنهم ويقلعهم عن مراكزهم واجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم وَشارِكْهُمْ [شركت ده بايشان] فِي الْأَمْوالِ بحملهم على كسبها او جمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغى من الربا والإسراف ومنع الزكاة وغير ذلك وَالْأَوْلادِ بالحث على التوصل إليهم بالأسباب المحرمة والوأد والإشراك كتسسينهم بعبد العزى وعبد الحارث وعبد الشمس وعبد الدار وغير ذلك. والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة والحرف الذميمة والافعال القبيحة وقال فى التأويلات النجمية بتضييع زمانهم وإفساد استعدادهم فى طلب الدنيا ورياستها متغافلين عن تهذيب نفوسهم وتزكيتها وتأديبها وتوقيها عن الصفات المذمومة وتحليتها بالصفات المحمودة وتعليمهم الفرائض والسنن والعلوم الدينية وتحريضهم على طلب الآخرة والدرجات العلى والنجاة من النار والدركات السفلى انتهى وعن جعفر بن محمد ان الشيطان يقعد على ذكر الرجل فاذا لم يقل باسم الله أصاب معه امرأته وانزل فى فرجها كما ينزل الرجل وقد جعل الله له فى كثير من الأشياء نصيبا وفى الحديث (ان إبليس لما انزل الى الأرض قال يا رب أنزلتني الأرض وجعلتنى رجيما فاجعل لى بيتا قال الحمام قال فاجعل لى مجلسا قال الأسواق ومجامع الطرق قال فاجعل لى طعاما
قال ما لم يذكر اسم الله عليه قال اجعل لى شرابا قال كل مسكر قال اجعل لى مؤذنا قال المزامير قال اجعل لى قرآنا قال الشعر قال اجعل لى كتابا قال الوشم قال اجعل لى حديثا قال الكذب قال اجعل لى رسلا قال الكهنة قال اجعل لى مصائد قال النساء) كما فى بحر العلوم للسمرقندى وَعِدْهُمْ المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة بتطويل الأمل واخبارهم ان لا جنة ولا نار ونحو ذلك وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ اللام يحتمل العهد والجنس قال عليه السلام (ما منكم من أحد الا وله شيطان) إِلَّا غُرُوراً يعنى [خطا را در صورت ثواب مى آرايد] وهو تزيين الخطأ بما يوهم انه صواب قال فى بحر العلوم هذة الأوامر واردة على طريق التهديد كقوله للعصاة اعملوا ما شئتم وقيل على سبيل الخذلان والتخلية إِنَّ عِبادِي الاضافة للتشريف وهم المخلصون وفيه ان من تبعه ليس منهم [امام قشيرى فرموده كه بنده حق آنست كه در بند غير نباشد. وشيخ عطار فرمايد]
چوتو در بند صد چيزى خدا را بنده چون باشى
…
كه تو در بند هر چيزى كه باشى بنده آنى
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ اى تسلط وقدرة على اغوائهم كما قال إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم يتوكلون عليه ويستمدونه يا إبليس الخلاص من اغوائك قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان عباد الله هم الأحرار عن رق الكونين وتعلقات الكونين فلا يستعبدهم الشيطان ولا يقدر على ان تعلق بهم فيضلهم عن طريق الحق ويغويهم بما سواه عنه وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم فى ترتيب اسباب سعادتهم وتفويت اسباب شقاوتهم والحراسة من الشيطان والهداية الى الرحمن يقول الفقير لا يلزم من نفى التسلط ان لا يقسط هم الشيطان أصلا فان ذلك يرده قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فانه كلمة إذا تدل على التحقيق والوقوع ولكنهم محفوظ من الاتباع لكونهم مؤيدين من عند الله تعالى- حكى- انه جاء يهودى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد نحن نعبد بحضور القلب بلا وسواس الشيطان ونسمع من أصحابك انهم يصلون بالوساس فقال عليه السلام لأبى بكر رضى الله عنه (أجبه) فقال يا يهودى بيتان بيت مملوء بالذهب والفضة والدر والياقوت والاقمشة النفيسة وبيت خراب خال ليس فيه شىء من المذكورات أيقصد اللص الى البيت المعمور المملوء من الاقمشة النفيسة أم يقصد الى البيت الخراب فقال اليهودي يقصد الى البيت المعمور المملوء بذلك فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه قلوبنا مملوءة بالتوحيد والمعرفة والايمان واليقين والتقوى والإحسان وغيرها من الفضائل وقلوبكم خالية عن هذه فلا يقصد الخناس إليها فاسلم اليهودي فظهر ان الشيطان قاصد ولكنه غير واصل الى مراده فان الله يحفظ أولياءه رَبُّكُمُ [پروردگار شما] وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي القادر الحكيم الذي يُزْجِي الإزجاء [راندن] يقال زجاه وأزجاه ساقه اى يسوق ويجرى بقدرته الكاملة لَكُمُ لمنافعكم الْفُلْكَ اى السفن فِي الْبَحْرِ [در دريا] قال فى القاموس البحر الماء الكثير لِتَبْتَغُوا لتطلبوا مِنْ فَضْلِهِ من رزق هو فضل من قبله إِنَّهُ كانَ بِكُمْ ازلا وابدا رَحِيماً
حيث هيألكم ما تحتاجون اليه وسهل عليكم ما يعسر من أسبابه فالمراد الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة الى الجليلة والحقيرة وَإِذا مَسَّكُمُ [و چون برسد شما را] الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ خوف الغرق فيه ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ اى ذهب عن خواطركم كل من تدعون فى حوادثكم وتستغيثون إِلَّا إِيَّاهُ تعالى وحده من غير ان يخطر ببالكم أحد منهم وتدعوه لكشفه استقلالا او اشتراكا ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى ضل كل من تدعونه وتعبدونه من الآلهة كالمسيح والملائكة وغيرهم من عونكم وغوثكم ولكن الله هو الذي ترجونه لصرف النوازل عنكم فَلَمَّا [پس آن هنكام كه] نَجَّاكُمْ من الغرق وأوصلكم إِلَى الْبَرِّ [بسوى بيابان] أَعْرَضْتُمْ عن التوحيد وعدتم الى عبادة الأوثان ونسيتم النعمة وكفرتم بها وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً بليغ الكفران ولم يقل وكنتم كفورا ليسجل على ان هذا الجنس موسوم بكفران النعمة أَفَأَمِنْتُمْ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم من أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ الذي هو مأمنكم كقارون وبكم فى موضع الحال وجانب البر مفعول به اى يقلبه الله وأنتم عليه ويجوز ان تكون الباء للسببية اى يلقبه بسبب كونكم فيه قال سعدى المفتى اى يقلب جانب البر الذي أنتم فيه فيحصل بخسفه إهلاككم والا فلا يلزم من خسف جانب البر بسببهم إهلاكهم وقال الكاشفى [آيا ايمن شديد كه از دريا بصحرا آمديد يعنى ايمن مباشيد از آنكه فرو برد شما را بكرانه از زمين يعنى آنكه قادر است كه شما را در آب فرو برد توانست بر آنكه در خاك نهان كند] قال فى القاموس خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض وخسف الله بفلان الأرض غيبه فيها لازم ومتعد وفى التهذيب الخسف بزمين فرو بردن قال الله تعالى فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ من فوقكم حاصِباً ريحا ترمى الحصباء وهى الحصى الصغار يرجمكم بها فيكون أشد عليكم من الغرق فى البحر وقيل اى يمطر عليكم حصباء كما أرسلها على قوم لوط واصحاب الفيل ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا يحفظكم من ذلك ويصرفه عنكم فانه لا رادّ لامره الغالب أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ فى البحر بعد خروجكم الى البر وسلامتكم تارَةً مرة أُخْرى بخلق دواعى تلجئكم الى ان ترجعوا فتركبوه فاسناد الاعادة اليه تعالى مع ان العود اليه باختيارهم باعتبار خلق تلك الدواعي الملجئة وفيه ايماء الى كمال شدة هول ما لا قوه فى التارة الاولى بحيث لولا الاعادة لما عادوا واوثرت كلمة فى على كلمة الى المنبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ وأنتم فى البحر قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ وهى التي لا تمر بشئ الا قصفته اى كسرته وجعلته كالرميم وذكر قاصفا لانه ليس بإزائه ذكر فجرى مجرى حائض كما فى الكواشي فَيُغْرِقَكُمْ بعد كسر فلككم كما ينبئ عنه عنوان القصف بِما كَفَرْتُمْ بسبب اشراككم وكفرانكم لنعمة الانجاء ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ [بآن غرق كردن] تَبِيعاً مطالبا يتبعنا بانتصار او صرف قال فى القاموس التبيع كامير التابع ومنه قوله تعالى ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً اى ثائرا ولا طالبا انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الشريعة
كالفلك فى بحر الحقيقة إذ لو لم يكن هذا الفلك ما تيسر لاحد العبور على بحر الحقيقة والمقصود منه جذبة العناية إذ هى ليست بمكتسبة للخلق بل من قبيل الفضل فعلى من يريد النيل الى هذه الجذبة ان يسير بقدمي العلم والعمل: قال فى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود
…
كاو باحكام شريعت مى رود
ومنها ان الاعراض عن الحق بالكفران يؤدى الى الخسران قال الجنيد لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله تعالى بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين
درين ره دائما ثابت قدم باش
…
برو از رهزن غم بي الم باش
ز بازار توجه رو مكردان
…
همه سودى كه خواهى اندرين دان
ومنها ان جميع الجوانب والجهات متساوية بالنسبة الى قدرته تعالى وقهره سلطانه لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه فعلى العبد ان يستوى خوفه من الله فى جميع الجوانب حيث كان فان الله كان متحليا بجماله وجلاله فى جميع الاينيات ولذا كان اهل اليقظة والحضور لا يفرقون بين اين واين وبين حال وحال لمشاهدتهم احاطة الله تعالى فان الله تعالى لو شاء لاهلك من حيث لا يخطر بالبال ألا ترى انه أهلك النمرود بالبعوض فكان البعوض بالنسبة الى قدرته كالاسد ونحوه فى الا هلاك وربما رأيت من غص بلقمة فمات فانظر فى ان تلك اللقمة مع انها من اسباب الحياة كانت من مبادى الممات فاماته الله من حيث يدرى حياته فيه ولو أمعنت النظر لوجدت شؤون الله تعالى فى هذا العالم عجيبة
هر كرا خواهد خدا آرد بچنك
…
نيست كس را قوت بازوى جنك
قال الله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ التكريم والا كرام بمعنى والاسم منه الكرامة والمعنى [بالفارسية وهر آيينه كرامى كرديم فرزندان آدم را] قال المولى ابو السعود بنى آدم قاطبة تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم وفى التأويلات النجمية خصصناهم بكرامة تخرجهم من حيز الاشتراك وهى على ضربين جسدانية وروحانية فالكرامة الجسدانية عامة يستوى فيها المؤمن والكافر وهى تخمير طينته بيده أربعين صباحا وتصويره فى الرحم بنفسه وانه تعالى صوره فاحسن صورته وسواه فعدله فى أي صورة ما شاء ركبه ومشاه سويا على صراط مستقيم مستقيم القامة أخذا بيديه آكلا بأصابعه مزينا باللحى والذوائب صانعا بانواع الحرف والكرامة الروحانية على ضربين خاصة وعامة فالعامة ايضا يستوى فيها المؤمن والكافر وهى ان كرمه بنفخه فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وكلمه قبل ان خلقه بقوله ألست بربكم فاسمعه خطابه وأنطقه بجوابه بقوله قالوا بلى وعاهده على العبودية واولده على الفطرة وأرسل اليه الرسل وانزل عليه الكتب ودعاه الى الحضرة ووعده الجنة وخوفه النار واظهر له الآيات والدلالات والمعجزات والكرامة الروحانية الخاصة ما كرم به أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين من النبوة والرسالة والولاية والايمان والإسلام والهداية الى الصراط المستقيم
وهو صراط الله والسير الى الله وفى الله وبالله عند العبور على المقامات والترقي عن الناسوتية بجذبات اللاهوتية والتخلق بأخلاق الالهية عند فناء الانانية وبقاء الهوية [امام قشيرى قدس سره فرموده كه مراد از بنى آدم مؤمنانند چهـ كافرانرا بنص وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ از تكريم هيچ نصيبى نيست وتكريم مؤمنان بدانست كه ظاهر ايشانرا بتوفيق مجاهدات بياراست وباطن ايشانرا بتحقيق مشاهدات منور ساخت] كما قال فى بحر العلوم الظاهر عندنا تكريمهم بالايمان والعمل الصالح بدليل قوله عليه السلام (ان المؤمن يعرف فى السماء كما يعرف الرجل اهله وولده وانه أكرم على الله من ملك مقرب) انتهى [محمد ابن كعب رضى الله عنه گفت كه كرامت آدميان بدانست كه حضرت محمد صلى الله عليه وسلم از ايشانست]
اى شرف دوده آدم بتو
…
روشنى ديده عالم بتو
كيست درين خانه كه خيل تو نيست
…
كيست برين خوان كه طفيل تو نيست
از تو صلايى بالست آمده
…
نيست بمهمانى هست آمده
وَحَمَلْناهُمْ [وبرداشتيم ايشانرا وسوار كرديم] فِي الْبَرِّ [در بيابان بر جهار پايان] وَالْبَحْرِ [ودر دريا بكشتيها] من حملته إذا جعلت له ما يركبه وليس من المخلوقات شىء كذلك وفى التأويلات النجمية الى عبرناهم عن بر الجسمانية وبحر الروحانية الى ساحل الربانية [ودر حقائق سلمى آمده كه كرامى ساختيم آدميان را بمعرفت وتوحيد وبرداشتيم ايشانرا در بر نفس وبحر قلب وگفته اند بر آنست كه ظهور دارد از صفات وبحر آنچهـ مستور است از حقائق ذات] وَرَزَقْناهُمْ [وروزى داديم ايشانرا] مِنَ الطَّيِّباتِ من فنون النعم المستلذة مما يحصل بصنعهم وبعير صنعهم كالسمن والزبد والتمر والعسل وسائر الحلاوى وفى التأويلات النجمية وهى المواهب التي طيبها من الحدوث فيطعم بها من يبيت عنده ويسقيه بها وهى طعام المشاهدات وشراب المكاشفات التي لم يذق منها الملائكة المقربون اطعم بها اخس عباده فى أواني المعرفة وسقاهم بها فى كأسات المحبة افردهم بها عن العالمين ولهذا اسجد لهم الملائكة المقربين: قال المولى الجامى قدس سره
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت
…
چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
: وقال الحافظ
فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان
…
بخواه جام وكلابى بخاك آدم ريز
وَفَضَّلْناهُمْ [وافزونى داديم ايشانرا] اى فى العلوم والإدراكات بما ركبنا فيهم من القوى المدركة التي يتميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا وهم ماعدا الملائكة عليهم السلام تَفْضِيلًا عظيما فحق عليهم ان يشكروا نعم الله ولا يكفروها ويستعملوا قواهم فى تحصيل العقائد الحقة ويرفضوا ما هم عليه من الشرك الذي لا يقبله أحد ممن له ادنى تمييز فضلا عمن فضل على من عدا الملأ الا على الذين هم العقول المحضة وانما استثنى جنس الملائكة من هذا التفضيل لان علومهم دائمه عارية عن الخطأ والخلل وليس فيه دلالة
على الافضلية بالمعنى المتنازع فيه فان المراد هاهنا بيان التفضيل فى امر مشترك بين جميع افراد البشر صالحها وطالحها ولا يمكن ان يكون ذلك هو الفضل فى عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى كما فى الإرشاد وقال فى بحر العلوم فيه دلالة على ان بنى آدم فضلوا على كثير وفضل عليهم قليل وهو أبوهم آدم وأمهم حواء عليهما السلام لما فيهما من فضل الاصالة على من تفرع منهما من سائر الناس لا الملائكة المقربون كما زعم الكلبي وابو بكر الباقلاني وحثالة المعتزلة والا يلزم التعارض بين الآيات وذلك ان الله امر الملائكة كلهم بالسجود لآدم على وجه التعظيم والتكريم ومقتضى الحكمة الأمر للادنى بالسجود للاعلى دون العكس وايضا قال وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فيفهم منه كل أحد من اهل اللسان قصده تعالى الى تفضيل آدم على الملائكة وبيان زيادة علمه واستحقاقه التعظيم والتكريم وقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ والملائكة من جملة العالم فمحال ان تدل الآية التي نحن بصددها على ما زعموا من تفضيل الملك على البشر كلهم وايضا مما يدل على بطلان ما زعموا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله فضل المرسلين على الملائكة المقربين لما بلغت السماء السابعة لقينى ملك من نور على سرير فسلمت عليه فرد على السلام فاوحى الله اليه سلم عليك صفيى ونبيى فلم تقم اليه وعزتى وجلالى لتقومن فلا تقعدن الى يوم القيامة) انتهى وفى الاسئلة المقحمة المشهور من مذهب اهل الحق ان الأنبياء أفضل من الملائكة انتهى قال الكاشفى [علما را در تفضيل بشر مباحث دور ودراز است آنكه جمهور اهل سنت بر آنند كه بنى آدم فاضل ترند از رسل ملائكه ورسل ملائكه افضلند از اولياى بنى آدم واولياى بنى آدم شريفترند از اولياى ملائكة وصلحاى اهل ايمانرا أفضل است بر عوام ملائكه وعوام ملائكه بهترند از فساق مؤمنان] وفى التأويلات النجمية وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا يعنى على الملائكة لانهم الخلق الكثير ممن خلق الله تعالى وفضل الإنسان الكامل على الملك بانه خلق فى احسن تقويم وهو حسن استعداده فى قبول فيض نور الله بلا واسطة وقد تفرد به الإنسان عن سائر المخلوقات كما قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ الى قوله وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ
والامانة هى نور الله كما صرح به فى قوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الى ان قال نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ فافهم جدا واغتنم فان هذا البيان أعز من الكبريت الأحمر واغرب من عنقاء مغرب انتهى قال الكاشفى [وعلى الجملة اين آيت دليل فضيلت وجامعيت انسانست كه از همه مخلوقات مرآت صافى جهت انعكاسى صفات الهى همه اوست وبس چنانچهـ از مضمون اين أبيات حقائق سمات فهم توان فرمود]
آمد آيينه جمله كون ولى
…
همچوآيينه نكرده جلى
به نمودند درو بوجه كمال
…
صورت ذو الجلال والإفضال
زانكه بود اين تفرق عددى
…
مانع از سر جامع واحدي
كشت آدم جلاى اين مرآت
…
شد عيان ذات او بجمله صفات
مظهرى كشت كلى وجامع
…
سر ذات از صفات از لامع
شد تفاصيل كون را مجمل
…
بر مثال تعين أول
بوى اين دائره مكمل شد
…
آخر اين نقطه عين أول شد
يَوْمَ نَدْعُوا نصب بإضمار اذكر على انه مفعول به كُلَّ أُناسٍ [هر كروهى را از بنى آدم] والأناس جمع الناس كما فى القاموس بِإِمامِهِمْ اى بمن ائتموا به من نبى فيقال يا امة موسى ويا امة عيسى ونحو ذلك او مقدم فى الدين فيقال يا حنفى ويا شافعى ونحوهما او كتاب فيقال يا اهل القرآن ويا اهل الإنجيل وغيرهما او دين فيقال يا مسلم ويا يهودى ويا نصرانى ويا مجوسى وغير ذلك وفى التأويلات النجمية يشير الى ما يتبعه كل قوم وهو امامهم. فقوم يتبعون الدنيا وزينتها وشهواتها فيدعون يا اهل الدنيا. وقوم يتبعون الآخرة ونعيمها ودرجاتها فيدعون يا اهل الآخرة. وقوم يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم محبة لله وطلبا لقربته ومعرفته فيدعون يا اهل الله وقيل الامام جمع أم كخف وخفاف والحكمة فى دعوتهم وأمهاتهم إجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضى الله عنهما إذ فى نسبتهما الى أمهما اظهار انتسابهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا بخلاف نسبتهما الى أبيهما والستر على أولاد الزنى وينصره ما روى عن عائشة رضى الله عنها وابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه الصلاة والسلام قال (ان الله يدعو الناس يوم القيامة بامهاتهم سترا منه على عباده) كما فى بحر العلوم ويؤيده ايضا حديث التلقين حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوى قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول أرشدك الله رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول انطلق لا نقعد عند من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما) فقال رجل يا رسول الله فان لم يعرف اسم امه قال (فلينسبه الى حواء) ذكره الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة وصححه بأسانيده وكذا الامام القرطبي فى تذكرته وفهم منه شيآن الاول استحباب القيام وقت التلقين والثاني ان المرء يدعى باسمه واسم امه لا باسم أبيه ولكن جاء فى أحاديث المقاصد والمصابيح انه عليه السلام قال (انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء آبائكم) ولعله لا يخالف ما سبق فانه ورد ترغيبا فى تحسين الأسماء وتغيير القبيح منها إذ كانوا يسمون بالأسماء القبيحة على عادة الجاهلية مثل المضطجع واصرم وعاصية ونحوها وكان عليه السلام يغير القبيح الى الحسن فغير اصرم وهو من الصرم بمعنى القطع الى زرعة وهو بالضم والسكون قطعة من الزرع كأنه قال لست مقطوعا بل أنت فنيت متصل بالأصل وغير المضطجع الى المنبعث وعاصية الى جميلة فَمَنْ [هر كه را] أُوتِيَ [داده شود] يومئذ من أولئك المدعوين كِتابَهُ صحفة اعماله بِيَمِينِهِ وهم السعداء وفى إيتاء الكتاب من جانب اليمين تشريف لصاحبه وتبشير فَأُولئِكَ الجمع باعتبار معنى من
يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الأشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم إذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شىء من الحسنات ينتفعون به وَلا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة فى كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فَتِيلًا اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين إصبعين من الوسخ او القشرة التي فى شق النواة او ادنى شىء فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة وَمَنْ [وهر كه] اى من المدعوين المذكورين كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى أعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [دلش راه صواب نه بيند] فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصي الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين وَأَضَلُّ سَبِيلًا من الأعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الأسباب والآلات وفقدان المهلة قال فى التأويلات النجمية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو اهل السعادة من اصحاب اليمين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل الله تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ لانهم اصحاب البصيرة والقراءة والدراية وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا فى جزاء أعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة أعمى فى الدنيا لقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ الآية فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لانه يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته أعمى هاهنا يكون ثمة فى صورته أعمى للمبالغة لان عمى السريرة هاهنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الأمر من التدارك فيكون أعمى عن رؤية الحق وَأَضَلُّ سَبِيلًا فى الوصول اليه لفساد الاستعداد وإعواز التدارك انتهى يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقي والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصوري قلت ان السالك الصادق فى طلبه إذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطراري قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختياري فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى أشار الى ان الله تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الأرواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان الله تعالى يوكل ملكا لبعض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات أثناء التعلم. واما غير السالك فلا يجد الترقي بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق إذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها
واما قوله عليه السلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله) فهو يدل على ان الاعياء التي يتوقف حصولها على الأعمال لا تحصل وما لا يتوقف عليها بل يحصل يفضل الله ورحمته فقد يحصل وذلك من مراتب الترقي كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى قدس سره فقوله تعالى لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ليس معناه ان ما يحصل للانسان مقصور على سعيه بل معناه ليس للانسان الا ما يمكن ان يكون بسعيه فما يمكن ان يكون بسعيه فهو بسعيه والباقي فضل من الله تعالى كالسعى فى مرتبة الملك. واما الملكوت فلا يمكن الا بمحض فضل الله فلا مدخل فيه للسعى كما فى الواقعات المحمودية فعلى العاقل ان يسعى فى تحصيل البصيرة قبل ان يخرج من الدنيا ويكون من الذين يشاهدون الله تعالى فى كل مرآة من المرايا: وفى المثنوى
اين جهان پر آفتاب ونور ماه
…
او بهشته سر فرو برده بچاه «1»
كه اگر حقست كو آن روشنى
…
سر بر آر از چاه بنكر اى دنى
جمله عالم شرق وغرب آن نور يافت
…
تا تو در چاهى نخواهد بر تو تافت
چهـ رها كن رو بايوان وكروم
…
كم ستيز اينجا بدان كاللج شوم
اى بسا بيدار چشم وخفته دل
…
خود چهـ بيند چشم اهل آب وكل «2»
وانكه دل بيدار ودارد چشم سر
…
كر بخسبد بر كشايد صد بصر
كر تو اهل دل نه بيدار باش
…
طالب دل باش ودر پيكار باش
ور دلت بيدار شد مى خسب خوش
…
نيست غائب ناظرت از هفت وشش
گفت پيغمبر كه خسبد چشم من
…
ليك كى خسبد دلم اندر وسن
شاه بيدارست حارس خفته كير
…
جان فداى خفتكان دل بصير
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ذكروا فى سبب نزول هذه الآية وجوها والأسلم ما فى تفسير الكواشي من ان المشركين طلبوا من النبي عليه السلام ان يجعل آية رحمة مكان آية عذاب وبالعكس ويمس آلهتهم عند استلام الحجر ويطرد الضعفاء والمساكين عنه ونحو ذلك وأطمعوه فى إسلامهم قالوا فمال الى بعض ذلك فنزل وان هى المخففة من المشددة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن قاربوا ان يوقعوك فى الفتنة بالاستزلال ويخدعوك قال الكاشفى [بگردانند ترا] عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من الأمر والنهى والوعد والوعيد لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا اى لتختلق علينا غَيْرَهُ اى غير الذي أوحينا إليك كما تقدم وَإِذاً اى ولو اتبعت أهواءهم وفعلت ما طلبوا منك لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا اى صديقا ووليا وكنت لهم وليا وخرجت من ولايتي وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ اى ولولا تثبيتنا إياك على الحق وعصمتنا لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا من الركون الذي هو ادنى ميل فنصبه على المصدرية اى لقاربت ان تميل الى اتباع مرادهم شيأ يسيرا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك العصمة فمنعتك من ان تقرب من ادنى مراتب الركون إليهم فضلا عن نفس الركون وهو صريح فى انه عليه السلام ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها ودليل على
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ
(2)
در أوائل دفتر سوم در بيان بقيه حكايت موسى على نبينا وعليه السلام
ان العصمة بتوفيق الله وعنايته قال بعض الكبار انما سماه قليلا لان روحانية النبي عليه السلام كانت فى اصل الخلقة غالبة على بشريته إذ لم يكن حينئذ لروحه شىء يحجب عن الله فالمعنى لولا التثبيت وقوة النبوة ونور الهداية واثر نظر العناية لقد كدت تركن الى اهل الأهواء هوى النفسانية لمنافع الانسانية قدرا يسيرا لغلبة نور الروحانية وخمود نور البشرية إِذاً لو قاربت ان تركن إليهم ادنى ركنة لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ اى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به فى الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لان خطأ الخطير اخطر وكان اصل الكلام عذابا ضعفا فى الحياة وعذابا ضعفا فى الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف وأقيمت مقامه الصفة وهو الضعف ثم أضيفت اضافة موصوفها فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل لا ذقناك اليم الحياة واليم الممات ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يدفع عنك العذاب [امام ثعلبى آورده كه بعد از نزول اين آيت بحضرت فرمود: اللهم لا تكلنى الى نفسى ولو طرفة عين:]
الهى بر ره خود دار ما را
…
دمى با نفس ما مگذار ما را
وَإِنْ كادُوا اى وان الشأن قارب اهل مكة لَيَسْتَفِزُّونَكَ يقال استفزه أزعجه اى ليزعجونك. بعداوتهم ومكرهم وينزعونك بسرعة وفسر بعضهم الاستفزاز بالاستزلال بالفارسية [بلغزانيد] مِنَ الْأَرْضِ اى الأرض التي أنت فيها وهى ارض مكة لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ان قلت أليس أخرجوه بشهادة قوله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ وقوله عليه السلام حين خرج من مكة متوجها الى المدينة (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قلت لم يتحقق الإخراج بعد نزول هذه الآية ثم وقع بعده حيث هاجر عليه السلام بإذن الله تعالى وكانوا قد ضيقوه قبل الهجرة ليخرج كما قال الكاشفى [اهل مكه در إخراج آن حضرت عليه الصلاة والسلام مشاورت كردند ورأى ايشان بران قرار گرفت كه در دشمنى بحد افراط نمايند كه آن حضرت بضرورت بيرون بايد رفت اين آيت نازل شد] وَإِذاً اى ولئن أخرجت لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ اى بعد اخراجك إِلَّا قَلِيلًا اى الا زمانا قليلا وقد كان كذلك فانهم اهلكوا ببدر بعد هجرته عليه السلام سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن الله سنة وهى ان يهلك كل امة أخرجت رسولهم من بين أظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم تَحْوِيلًا اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الأنبياء والمرسلين ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص إبريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان
تصاب فى بدنك خير من ان تصاب فى قلبك ولعدو ترجع به الى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق الى حقيقة التوحيد ويقطع اسباب العلاقات فهو لذة فى صورة الم: قال الحافظ
بدرد وصاف ترا حكم نيست دم در كش
…
كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست
واعلم ان النبي عليه السلام لم يتحرك لا فى ظاهره ولا فى باطنه الا بتحريك الله تعالى فالقاء اهل الفتنة لا يؤثر فى باطنه المنور بفكر ما وميل لكن الله تعالى أشار الى لزوم التحفظ والاحتياط فى جميع الأمور فان للانسان اعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى إلا خيرا وهو زوال الابتلاء وهلاك الأعداء كما قال تعالى وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا وفى الحديث القدسي (من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وآذى واحدا من أوليائي وهم المتقون حقيقة التقوى فقد بارزني بالمحاربة لان الولي ينصر الله فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد برز لمحاربة الله وظهر أَقِمِ الصَّلاةَ ادمها لِدُلُوكِ الشَّمْسِ اى وقت زوالها او غروبها يقال دلكت الشمس دلوكا غربت او اصفرت ومالت او زالت عن كبد السماء كما فى القاموس إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ الى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الاخيرة والغاسق الليل إذا غاب الشفق والمراد اقامة كل صلاة فى وقتها المعين لا إقامتها فيما بين الوقتين على الاستمرار وَقُرْآنَ الْفَجْرِ اى صلاة الفجر بالنصب عطفا على مفعول أقم او على الإغراء اى الزم وسميت قرآنا لانه ركنها كما تسمى ركوعا وسجودا فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده ويحضره ملائكة الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويسعد هؤلاء فهو فى آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار. يعنى [فرشتكان شب او را مشاهده ميكنند ودر آخر ديوان اعمال شب ثبت مى نمايند وملائكه روز او را مى بينند وافتتاح اعمال روز ثبت ميكنند] وفى وقت الصباح ايضا شواهد القدرة من تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه وَمِنَ اللَّيْلِ نصب على الظرفية اى قم بعض الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ اى ازل والق الهجود وهو النوم فان صيغة التفعل تجيئ للازالة نحو تأثم اى جانب الإثم وازاله ويكون التهجد نوما من الاضداد والضمير المجرور للقرآن من حيث هو لا بقيد إضافته الى الفجر او للبعض المفهوم من قوله ومن الليل اى تهجد فى ذلك البعض على ان الباء بمعنى فى نافِلَةً لَكَ النفل فى الأصل بمعنى الزيادة اى فريضة زائدة على الصلوات الخمس المفروضة خاصة بك دون الامة كما روت عائشة رضى الله عنهما (ثلاث على فريضة وهى سنة لكم الوتر والسواك وقيام الليل) او تطوعا لزيادة الدرجات بخلاف تطوع الامة فانه لتكفير الذنوب وتدارك الخلل الواقع فى فرائضهم كما قال قتادة ومجاهد ان الوجوب قد نسخ فى حقه عليه السلام كما نسخ فى حق الامة فصارت الأمور المذكورة نافلة لان الله تعالى قال نافِلَةً لَكَ ولم يقل عليك وانتصاب نافلة على المصدرية بتقدير تنفل عَسى فى اللغة للطمع والطمع والإشفاق من الله كالواجب قال الكاشفى
[شايد والبته چنين بود] أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ من القبر فيقيمك مَقاماً مَحْمُوداً عندك وعند جميع الناس وهو مقام الشفاعة العامة لاهل المحشر يغبطه به الأولون والآخرون لان كل من قصد من الأنبياء للشفاعة يحيد عنها ويحيل على غيره حتى يأتوا محمدا للشفاعة فيقول أنالها ثم يشفع فيشفع فيمن كان من أهلها [صاحب فتوحات آورده كه مقام محمود مقاميست مرجع جميع مقامات ومنظر تمام اسماء الهية وآن خاصه حضرت محمد است وباب شفاعت درين مقام كشاده ميشود
اى ذات تو در دو كون مقصود وجود
…
نام تو محمد ومقامت محمود
والآية رد على المعتزلة المنكرين للشفاعة زعما انها تبليغ غير المستحق للثواب الى درجة المستحقين للثواب وذلك ظلم ولم يعلموا ان المستحق للثواب والعقاب من جعله الله لذلك مستحقا بفضله وعدله ولا واجب لاحد على الله بل هو يتصرف فى عباده على حكم مراده فان قالت المعتزلة رويتم عن النبي عليه السلام (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المستحق للشفاعة انما هو من قتل النفس وزنى وشرب الخمر فان اصحاب الكبائر هؤلاء وهذا إغراء
ظاهر لخلق الله على مخالفة أوامره فالجواب انه ليس فيه إغراء وانما فيه ان صاحب الكبائر مع قربه من عذاب الله واستحقاقه عقوبته تستدركه شفاعتى وتنجيه عنايتى وينقذه ارحم الراحمين بحرمتي ومكانتى ففيه مدح الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بما له عند الله تعالى من الدرجة الرفيعة والوسيلة فاذا كان حكم صاحب الكبائر هذا فكيف ظنك بصاحب الصغيرة ودعواهم بان يكون ظلما قلت أليس خلقه الله وخلق له القدرة على ارتكاب الكبائر ومكنه منها ولم يكن ذلك إغراء منه على ارتكاب الكبائر كذلك فى حق الرسول صلى الله عليه وسلم كذا فى الاسئلة المقحمة: وفى المثنوى
گفت پيغمبر كه روز رستخيز
…
كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «1»
من شفيع عاصيان باشم بجان
…
تا رهانم شان ز إشكنجه كران
عاصيان واهل كبائر را بجهد
…
وارهانم از عتاب ونقض عهد
صالحان امتم خود فارغند
…
از شفاعتهاى من روز كزند
بلكه ايشانرا شفاعتها بود
…
گفت شان چون حكم نافذ مى رود
ثم الآية ترغيب لصلاة التهجد وهى ثمان ركعات قالت عائشة رضى الله عنها ما كان يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ولا فى غيره على احدى عشرة ركعة يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا وقال الشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره فى ترويح القلوب إذا دخل الثلث الأخير من الليل يقوم ويتوضأ ويصلى التهجد ثنتى عشرة ركعة يقرأ فيها بما شاء وأراد من حزبه وكان عليه الصلاة والسلام يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس لا يجلس الا فى آخرهن انتهى وفى الحديث (اشراف أمتي حملة القرآن واصحاب الليل)
دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست
…
سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست
خروسان در سحر كوينده قم يا ايها الغافل
…
تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيارست
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش
وعن ابن عباس رضى الله عنهما
إذا كثر الطعام فحذرونى
…
فان القلب يفسده الطعام
إذا كثر المنام فنبهونى
…
فان العمر ينقصه المنام
إذا كثر الكلام فسكتونى
…
فان الدين يهدمه الكلام
إذا كثر المشيب فحرّ كونى
…
فان الشيب يتبعه الحمام
وفى الخبر (إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعد وذكر الله انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة اخرى وان صلى ركعتين انحلت العقد كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا أصبح كسلان خبيث النفس) وليل القائم يتنور بنور عبادته كوجهه- يحكى- عن شاب عابد انه قال نمت عن وردى ليلة فرأيت كأنّ محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك وكان بعض الصالحين يقوم الليل كله ويصلى صلاة الصبح بوضوء العشاء كأبى حنيفة رحمه الله ونحوه قال بعضهم لان أرى فى بيتي شيطانا أحب الى من ان ارى وسادة فانها تدعو الى النوم وقال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين بالأسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم الى قلوب الغافلين وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي القبر مُدْخَلَ صِدْقٍ اى ادخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات وَأَخْرِجْنِي منه عند البعث مُخْرَجَ صِدْقٍ اى إخراجا مرضيا ملقى بالكرامة آمنا من السخط يدل على هذا المعنى ذكره اثر البعث. فالمدخل والمخرج مصدران بمعنى الإدخال والإخراج والاضافة الى الصدق لاجل المبالغة نحو حاتم الجود اى ادخالا يستأهل ان يسمى ادخالا ولا يرى فيه ما يكره لانه فى مقابلة مدخل سوء ومخرج سوء وقيل المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة فيكون نزولها حين امر بالهجرة ويدل عليه قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ وقيل إدخاله فى كل ما يلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه ورجح الأكثرون هذا الوجه فالمعنى حيثما أدخلتني وأخرجتني فليكن بالصدق منى ولا تجعلنى ذا وجهين فان ذا الوجهين لا يجوز ان يكون أمينا وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ من خزائن نصرك ورحمتك سُلْطاناً برهانا وقهرا نَصِيراً ينصرنى من اعداء الدين او ملكا وعزا ناصرا للاسلام مظهرا له على الكفر فاجيبت دعوته بقوله والله يعصمك من الناس فان حزب الله هم الغالبون ليظهره على الدين كله ليستخلفنهم فى الأرض ووعده لينزعن ملك فارس والروم فيجعل له وعنه عليه السلام انه استعمل عتاب بن أسيد على اهل مكة وقال (انطلق فقد استعملتك على اهل الله) وكان شديدا على المريب لينا على المؤمن وقال لا والله لا اعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة فى جماعة الا ضربت عنقه فانه لا يتخلف عن الصلاة الا منافق فقال اهل مكة يا رسول الله لقد استعملت على اهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافيا فقال عليه السلام (انى رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب ابن أسيد اتى باب الجنة فاخذ بحلقة الباب فقلقها قلقا شديدا حتى فتح له فدخلها) فاعز الله الإسلام لنصرته المسلمين على
من يريد ظلمهم فذلك السلطان النصير وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ الإسلام والقرآن وَزَهَقَ الْباطِلُ من زهق روحه إذا خرج اى ذهب وهلك الشرك والشيطان ديو بگريزد از ان قوم كه قرآن خوانند امام قشيرى قدس سره [فرموده حق آنست كه براى خداى بود وباطل آنكه بغير او باشد صاحب تأويلات بر آنست كه حق وجود ثابت واجبست عز شانه كه ازلى وابديست وباطل وجود بشرئ إمكاني كه قابل زوال وفناست و چون اشعه لمعات وجود حقانى ظاهر كردد وجود موهوم ممكن در جنب آن متلاشى ومضمحل شود]
همه هر چهـ هستند از ان كمترند
…
كه با هستيش نام هستى برند
چوسلطان عزت علم بر كشد
…
جهان سر بجيب عدم در كشد
إِنَّ الْباطِلَ كائنا ما كان كانَ زَهُوقاً اى شانه ان يكون مضمحلا غير ثابت عن ابن مسعود رضى الله عنه انه عليه السلام دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل ينكت بمخصرة كانت بيده فى عين واحد واحد ويقول (جاء الحق وزهق الباطل) فينكب لوجهه حتى القى جميعا وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من صفر فقال (يا على ارم به) فصعد فرمى به فكسره وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ لما فى الصدور من أدواء الريب وأسقام الأوهام وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ به فانهم ينتفعون به ومن بيانية قدمت على المبين اعتناء فان كل القرآن فى تقويم دين المؤمنين واستصلاح نفوسهم كالدواء الشافي للمرضى وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً اى لا يزيد القرآن الكافرين المكذبين به الواضعين للاشياء فى غير مواضعها مع كونه فى نفسه شفاء من الأسقام الا هلاكا بكفرهم وتكذيبهم وفيه ايماء الى ان ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم فى أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك وفيه تعجيب من امره حيث يكون مدارا للشفاء والهلاك كبعض المطر يكون درا وسما باستعداد المحل وعدم استعداده: قال الحافظ
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض
…
ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود
واعلم ان القرآن شفاء للمرض الجسماني ايضا روى انه مرض للاستاذ ابى القاسم القشيري قدس سره ولد مرضا شديدا بحيث ايس منافشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه فى المنام فشكا اليه فقال الحق تعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها فى اناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفى الولد وآيات الشفاء فى القرآن ست وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ: شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ:
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ قال تاج الدين السبكى رحمه الله فى طبقاته ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها فى الإناء طلبا للعافية وقوله عليه السلام (من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله يشمل الاستشفاء به للمرض الجسماني والروحاني قال الشيخ التميمي رحمه الله فى خواص القرآن إذا كتبت الفاتحة
فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل المريض وجهه عوفى بإذن الله فاذا شرب من هذا الماء من يجد فى قلبه تقلبا او شكا او رجيفا او خفقانا يسكن بإذن الله وزال عنه ألمه وإذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء ورد وشرب ذلك الماء البليد الذي لا يحفظ يشربه سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع فعلى العاقل ان يتمسك بالقرآن ويداوى به مرضه وقد ورد (القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فذنوبكم واما دواؤكم فالاستغفار) فلابد من معرفة المرض اولا فانه مادام لم يعرف نوعه لا تتيسر المعالجة واهل القرآن هم الذين يعرفون ذلك فالسلوك بالوسيلة اولى وَإِذا أَنْعَمْنا [و چون انعام كنيم ما] عَلَى الْإِنْسانِ بالصحة والسعة أَعْرَضَ [روى بگرداند از شكرها] وَنَأى بِجانِبِهِ [وبنفس خود دور شود وكرانه كيرد يعنى تكبر وتعظم نمايد واز طريق حق بر طرف كردد] فهو كناية عن الاستكبار والتعظم لان نأى الجانب وتحويل الوجه من ديدن المستكبرين يقال نأيته وعنه بعدت وكذاناء وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ من فقر او مرض او نازلة من النوازل وفى اسناد المساس الى الشر بعد اسناد الانعام الى ضمير الجلالة إيذان بان الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك كانَ يَؤُساً شديد اليأس من روح الله وفضله وهذا وصف للجنس باعتبار بعض افراده ممن هو على هذه الصفة ولا ينافيه قوله تعالى وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ ونظائره فان ذلك شأن بعض منهم قُلْ كُلٌّ من المؤمنين والكافرين يَعْمَلُ عمله عَلى شاكِلَتِهِ طريقته التي تشاكل حاله فى الهدى والضلالة: يعنى [هر كس آن كند كه از وسزد] هر كسى آن كند كز وشايد من قولهم طريق ذو شواكل وهى الطرق التي تشعب منه قال فى القاموس الشاكلة الشكل والناحية والنية والطريقة والمذهب فَرَبُّكُمْ الذي برأكم على هذه الطبائع المختلفة أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا اسدّ طريقا وأبين منها جا اى يعلم المهتدى والضال فيجازى كلا بعمله وفى الآية اشارة الى ان الأعمال دلائل الأحوال: وفى المثنوى
در زمين كر نيشكر ور خود نيست
…
ترجمان هر زمين نبت ويست
فمن وجد نفسه فى خير وطاعة وشكر فليحمد الله تعالى كثيرا ومن وجدها فى شر وفسق وكفران ويأس فليرجع قبل ان يخرج الأمر من يده- روى- ان ملكا صاحب زينة واسع المملكة كثير الخزينة اتخذ ضيافة وجمع أمراءه واحضر ألوان الاطعمة والاشربة فلما أرادوا التناول إذا طرق رجل حلقة الباب بحيث تزلزل السرير فقال له الغلمان ما هذا الحرص وسوء الأدب ايها الفقير اصبر حتى نأكل ونطعمك فقال مالى حاجة الى طعامكم وانما أريد الملك فقالوا مالك وللملك فطرق ثانيا أشد من الاول فقصدوا اليه بالسلاح فصاح صيحة وقال مكانكم انا ملك الموت جئت اقبض روح ملك دار الفناء فبطلت حواسهم وقواهم عن الحركة فاستمهل الملك فابى فتأسف وقال لعن الله المال فانه غرنى فاليوم خرجت صفر اليد وبقي نفعه للاعداء وحسابه وعذابه علىّ فانطق الله المال فقال لا تلعننى بل العن نفسك فانى كنت مسحرا لك وكنت مختارا فالآن لم تترك الظلم لا عتيادك حتى تسب البريء والمذنب أنت
ففى هذه الحكاية امور. الاول ان الله تعالى أنعم على هذا الملك بالملك بالملك والمال والجاه والجلال فاعرض عن شكرها ولم يقيدها به: سعدى
خردمند طبعان منت شناس
…
بدوزند نعمت بميخ سپاس
. والثاني انه مسه الموت فكان يؤسا من فضل الله حيث اشتغل باللعن والسب بدل التوبة والتوجه الى الله تعالى والله تعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر: سعدى
طريقى بدست آر وصلحى بجوى
…
شفيعى برانگيز وعذرى بكوى
كه يكلحظه صورت نبندد أمان
…
چون پيمانه پر شد بدور زمان
. والثالث انه عمل على شاكلته فجوزى الشر إذ لم يكن له استعداد لغيره وَيَسْئَلُونَكَ [آورده اند كه كفار عرب نضر بن حارث وابى بن خلف وعقبة بن ابى معيط را بمدينه فرستادند تا از يهود يثرب استفسار حال حضرت پيغمبر عليه السلام نمايند چون با ايشان ملاقات كرده احوال باز كفتند يهود متعجب شد كفتند اى صناديد عرب ما دانسته ايم كه زمان ظهور پيغمبرى نزديكست واز سخنان شما رائحة احوال آن نبى استشمام ميتوان كرد شما بجهت آزمايش از و پرسيد كه طواف مشرق ومغرب كه كرده واحوال جوانان كه در زمان پيشين كم شدند چكونه است وروح چيست اگر هر سه سؤال را جواب دهد يا هيچ كدام را جواب ندهد بدانيد كه او پيغمبر نيست واگر دو را جواب دهد واز روح هيچ نكويد پيغمبر است ايشان بمكة آمده مجلس ساختند واز ان حضرت سؤال كردند آن دو سؤال را جواب داد ودر قصه روح اين آيت نازل شد] وَيَسْئَلُونَكَ اى اليهود عَنِ الرُّوحِ الذي هو روح البدن الإنساني ومبدأ حياته سألوه عن حقيقته فاجيبوا بقوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي اى من جنس ما استأثر الله بعلمه من الاسرار الخفية التي لا يكاد يحوم حولها عقول البشر فالامر واحد الأمور بمعنى الشأن والاضافة للاختصاص العلمي لا الا يجادى لاشتراك الكل فيه كذا فى الإرشاد وقال البيضاوي من الإبداعيات الكائنة بكن من غير مادة وتولد من اصل كاعضاء جسده انتهى اعلم ان ما تعلق به الإيجاد ودخل تحت الوجود فاما ان يكون حصوله ووجوده لا من مادة ولا فى مدة فهو المبدعات كالمجردات فهى موجودة من كل وجه بالفعل وليس لها حالة منتظرة الوجود وهى مظاهر للاسماء التي بحركة بعضها يتقدر الزمان واما من مادة وفى مدة فهى المسميات بالمحدثات وهى العناصر والمركبات منها واما فى مدة لا من مادة فقيل لا وجود لهذا القسم لان كل ما يتحصل فى مدة لا بد وان يكون من مادة الا على قول من ذهب بحدوث النفس الناطقة عند حدوث البدن وهذه الاقسام الباقية مظاهر الأسماء المتغيرة الاحكام على الوجه الذي اطلع عليه اهل الله ذكره دواود القيصري قدس سره قال حضرت شيخى وسندى روح الله روحه الظاهر فى شرح تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الخلق عالم العين والكون والحدوث روحا وجسما والأمر عالم العلم والا له والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الأمر إذ هو أصله ومبدأه قل الروح من امر ربى انتهى وسيجيئ غير هذا وَما أُوتِيتُمْ ايها المؤمنون والكافرون كما فى تفسير الكواشي مِنَ الْعِلْمِ
إِلَّا قَلِيلًا
لا يمكن تعلقه بامثال ذلك اى الا علما قليلا تستفيدونه من طرق الحواس فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما ولعل اكثر الأشياء لا يدركه الحس ولا شيأ من احوال المعرفة لذاته وهو اشارة الى ان الروح مما لم يمكن معرفة ذاته الا بعوارض تميزه عما يلتبس به قال فى بحر العلوم الخطاب فى وَما أُوتِيتُمْ عام ويؤيده ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك قالوا أنحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه فقال (بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم الا قليلا) فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وساعة تقول هذا فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ وما قالوه باطل مردود فان علم الحادث فى جنب علم القديم قليل إذ علم العباد متناه وعلم الله لا نهاية له والمتناهي بالنسبة الى غير المتناهي كقطرة بالاضافة الى بحر عظيم لا غاية له قال بعض الكبار علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المثابة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة فالعلم الذي أوتيه العباد وان كان كثيرا فى نفسه لكنه قليل بالنسبة الى علم الحق تعالى [شيخ ابو مدين مغربى قدس سره فرمود كه اين اندكى كه خداى تعالى داده است از علم نه از ان
ماست بلكه عاريتست نزديك ما وبسيارى آن برسيده ايم پس على الدوام جاهلانيم وجاهل را دعوى دانش نرسد] قال المولى الجامى
سبحانك لا علم لنا الا ما
…
علمت وألهمت لنا إلهاما
قال فى الكواشي اختلفوا فى الروح وماهيته ولم يأت أحد منهم على دعواه بدليل قطعى غير انه شىء بمفارقته يموت الإنسان وبملازمته له يبقى انتهى يقول الفقير الروح سلطانى وحيوانى والاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى أعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى فى الدم فهو أقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني وهو مبدأ الافعال والحركات فان الحياة امر مغيب مستور فى الحي لا يعلم الا بآثاره كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الإنسان ما صدر من الآثار المختلفة لانه بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال الانسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى باطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن فاذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام (اولياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار) لان الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام وللروح خمسة احوال. حالة العدم قال الله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ الآية. وحالة الوجود فى عالم الأرواح قال الله تعالى (خلقت الأرواح
قبل الأجساد بألفي سنة) . وحالة التعلق قال وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي. وحالة المفارقة قال كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ. وحالة الاعادة قال سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى. اما فائدة حالة العدم فلحصول المعرفة بحدوث نفسه وقدم صانعه. واما فائدة حالة الوجود فى عالم الأرواح فلمعرفة الله بالصفات الذاتية من القادرية والحياتية والعالمية والموجودية والسميعية والبصيرية والمتكلمية والمريدية. واما فائدة تعلقه بالجسد فلا كتساب كمال المعرفة فى عالم الغيب والشهادة من الجزئيات والكليات. واما فائدة نفخ الروح فى البدن فلحصول المعرفة بالصفات الفعلية من الرزاقية والتوابية والغفارية والرحمانية والرحيمية والمنعمية والمحسنية والوهابية. واما فائدة حالة المفارقة فلدفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام ولشرب الذوق فى مقام العندية. واما فائدة حالة الاعادة فلحصول التنعمات الاخروية وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق العوالم الكثيرة ففى بعض الروايات خلق ثلاثمائة وستين الف عالم ولكنه جعلها محصورة فى عالمين اثنين وهما الخلق والأمر كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فعبر عن عالم الدنيا وما يدرك بالحواس الخمس الظاهرة وهى السمع والبصر والشم والذوق واللمس بالخلق وعبر عن عالم الآخرة وهو ما يدرك بالحواس الخمس الباطنة وهى العقل والقلب والسر والروح والخفي بالأمر فعالم الأمر هو الاوليات العظائم التي خلقها الله تعالى للبقاء من الروح والعقل والقلم واللوح والعرش والكرسي والجنة والنار ويسمى عالم الأمر امرا لانه أوجده بامر كن من لا شىء بلا واسطة شىء كقوله خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ولما كان امره قديما فما كوّن بالأمر القديم وان كان حادثا كان باقيا وسمى عالم الخلق خلقا لانه أوجده بالوسائط من شىء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فلما ان الوسائط كانت مخلوقة من شىء مخلوق سماه خلقا خلقه الله للفناء فتبين ان قوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي انما هو لتعريف الروح معناه انه من عالم الأمر والبقاء لامن عالم الخلق والفناء وانه ليس للاستبهام كما ظن جماعة ان الله تعالى أبهم علم الروح على الخلق واستأثره لنفسه حتى قالوا ان النبي عليه السلام لم يكن عالما به جل منصب حبيب الله عن ان يكون جاهلا بالروح مع انه عالم بالله وقد من الله عليه بقوله وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
احسبوا
ان علم الروح مما لم يكن يعلمه الم يخبر ان الله علمه ما لم يكن يعلم فاما سكوته عن جواب سؤال الروح وتوقفه انتظارا للوحى حين سألته اليهود فقد كان لغموض يرى فى معنى الجواب ودقة لا تفهمها اليهود لبلادة طباعهم وقساوة قلوبهم وفساد عقائدهم فانه وما يعقلها الا العالمون وهم ارباب السلوك والسائرون الى الله فانهم لما عبروا عن النفس وصفاتها ووصلوا الى حريم القلب عرفوا النفس بنور القلب ولما عبروا بالسر عن القلب وصفاته ووصلوا الى مقام السر عرفوا بعلم السر القلب وإذا عبروا عن السر ووصلوا الى عالم الروح عرفوا بنور الروح السر وإذا عبروا عن عالم الروح ووصلوا الى منزل الخفي عرفوا بشواهد الحق الروح وإذا عبروا عن منزل الخفي ووصلوا الى ساحل بحر الحقيقة عرفوا بانوار صفات مشاهدات الجميل الخفي وإذا فنوا بسطوات تجلى صفات الجلال عن انانية الوجود ووصلوا الى لجة
بحر الحقيقة كوشفوا بهوية الحق تعالى وإذا استغرقوا فى بحر الهوية وابقوا ببقاء الالوهية عرفوا الله بالله فاذا كان هذا حال الولي فكيف حال من يقول علمت ما كان وما سيكون واعلم ان الروح الإنساني وهو أول شىء تعلقت به القدرة جوهرة نورانية ولطيفة ربانية من عالم الأمر وعالم الأمر هو الملكوت الذي خلق من لا شىء وعالم الخلق هو الملك الذي خلق من شىء كقوله تعالى أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما خلق الله من شىء والعالم عالمان يعبر عنهما بالدنيا والآخرة والملك والملكوت والشهادة والغيب والصورة والمعنى والخلق والأمر والظاهر والباطن والأجسام والأرواح ويراد بهما ظاهر الكون وباطنه فثبت بالآية ان الملكوت الذي هو باطن الكون خلق من لا شىء إذ ما عداه من الملك خلق من شىء واما قوله صلى الله عليه وسلم (أول ما خلق الله جوهرة. وأول ما خلق الله روحى. وأول ما خلق الله العقل. وأول ما خلق الله القلم) وقول بعض الكبراء من الائمة ان أول المخلوقات على الإطلاق ملك كروبى يسمى العقل وهو صاحب القلم وتسميته قلما كتسمية صاحب السيف سيفا كما قيل لخالد بن وليد رضى الله عنه سيف الله وهو أول لقب فى الإسلام وقول الله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا وقد جاء فى الخبر (ان الروح ملك يقوم صفا) فلا يبعد ان يكون هذا الملك العظيم الذي هو أول المخلوقات هو الروح النبوي فان المخلوق الاول مسمى واحد وله اسماء مختلفة فبحسب كل صفة فيه سمى باسم آخر ولا ريب ان اصل الكون كان النبي عليه السلام لقوله (لولاك لما خلقت الكون) فهو اولى ان يكون أصلا وما سواه اولى ان يكون تبعا له لانه كان بالروح بذر شجرة الموجودات فلما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة كان بالجسم والروح ثمرة شجرة الموجودات وهى سدرة المنتهى فكما ان الثمرة تخرج من فرع الشجرة كان خروجه الى قاب قوسين او ادنى ولهذا قال (نحن الآخرون السابقون) يعنى الآخرون بالخروج كالثمرة والسابقون بالخلق كالبذر فيلزم من ذلك ان يكون روحه صلى الله عليه وسلم أول شىء تعلقت به القدرة وان يكون هو المسمى بالأسماء المختلفة فباعتبار انه كان درة صدف الموجودات سمى درة وجوهرة كما جاء فى الخبر (أول ما خلق الله جوهرة) وفى رواية (درة فنظر إليها فذابت فخلق منها كذا وكذا) وباعتبار نورانيته سمى نورا وباعتبار وفور عقله سمى عقلا وباعتبار غلبات الصفات الملكية عليه سمى ملكا وباعتبار انه صاحب القلم سمى قلما وكيف يظن به عليه السلام انه لم يكن عارفا بالروح والروح هو نفسه وقد قال (من عرف نفسه فقد عرف ربه) والأرواح كلها خلقت من روح النبي صلى الله عليه وسلم وان روحها اصل الأرواح ولهذا سمى اميا اى انه أم الأرواح فكما كان آدم عليه السلام أبا البشر كان النبي عليه السلام أبا الأرواح وأمها كما كان آدم أبا وحوا أمها وذلك ان الله تعالى لما خلق روح النبي عليه السلام كان الله ولم يكن معه شىء الا روحه وما كان شىء آخر حتى ينسب روحه اليه او يضاف اليه غير الله فلما كان روحه أول باكورة أثمرها
الله تعالى بايجاده من شجرة الوجود وأول شىء تعلقت به القدرة شرفه بتشريف إضافته الى نفسه تعالى فسماه روحى كما سمى أول بيت من بيوت
الله وضع للناس وشرفه بالاضافة الى نفسه فقال له بيتي ثم حين أراد ان يخلق آدم سواه ونفخ فيه من روحه اى من الروح المضاف الى نفسه وهو روح النبي صلى الله عليه وسلم كما قال فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فكان روح آدم من روح النبي عليه السلام بهذا الدليل وكذلك أرواح أولاده لقوله تعالى ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وقال فى عيسى ابن مريم عليه السلام فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا فكانت النفخة لجبريل وروحها من روح النبي عليه السلام المضاف الى الحضرة وهذا أحد اسرار قوله (آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة) ثم قوله تعالى وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا راجع الى اليهود الذين سألوا النبي عليه السلام عن الروح يعنى انكم سألتمونى وقد أجبتكم انه من امر ربى ولكنكم ما تفقهون كلامى لانى أخبركم عن عالم الآخرة وعن الغيب وأنتم اهل الدنيا والحس وعلمها قليل بالنسبة الى الآخرة وعلمها فانكم عن علمها غافلون كقوله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ انتهى ما فى التأويلات باختصار وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اللام الاولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد جوابى القسم والشرط والمعنى والله ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور فلم نترك منه اثر او بقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب وهذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما ليس بمحال ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ بالقرآن اى بعد ذهابه كما قال الكاشفى [پس نيابى تو براى خود بآن يعنى نيابى بعد از بردن آن] عَلَيْنا وَكِيلًا [وكيلى كه آنرا استرداد بر ما كند وبسينها ومصحفها باز آرد] وعلينا متعلق بوكيلا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الا ان يرحمك ربك فيرد عليك كأن رحمته تتوكل عليك بالرد فالاستثناء متصل وقال الكاشفى [ليكن رحمتست از پروردگار تو كه آنرا باقى ميكذارد ومحو نمى كند] فالاستثناء منقطع وفى الكواشي إلا رحمة مفعول له اى حفظناه عليك للرحمة ثم قال وهذا خطاب له عليه السلام والمراد غيره إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً با رسالك وإنزال الكتاب عليك وابقائه فى حفظك قال الكاشفى [بدرستى كه فضل اوست بر تو بزرك كه تراسيد ولد آدم ساخته وختم پيغمبران كردانيد ولواء حمد ومقام محمود بتو داد وقرآن بتو فرستاده در ميان امت تو باقى ميكذارد ومحو نمى سازد] قُلْ للذين لا يعرفون جلالة قدر التنزيل بل يزعمون انه من كلام البشر لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ اى اتفقوا عَلى أَنْ يَأْتُوا [بيارند] بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ فى البلاغة وكمال المعنى وحسن النظم والاخبار عن الغيب وفهم العرب العرباء وارباب البيان واهل التحقيق وتخصيص الثقلين بالذكر لان التحدي معهما لا مع الملائكة إذ المنكر لكونه من عند الله منهما لا من غيرهما والا فلا يقدر على إتيان مثله الا الله تعالى وحده وفى عين الحياة لفظ الجن يتناول الملائكة وكل من لم يدركه حس البصر لانهم مستورون عن البصر يقال جن بترسه إذا ستربه ولذا قيل للترس المجن وفى بحر العلوم ذكر الانس والجن دون الملائكة اشارة الى ان من شأن الثقلين
ان يجتمعوا على المحال بخلاف الملائكة إذ ليس من شأنهم ذلك لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ بكلام مماثل له فى صفاته البديعة وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان جوابا له بغير جزم لكون الشرط ماضيا قال فى التأويلات النجمية وانما قال لا يأتون بمثله لانه ليس لكلام الله تعالى مثل إذ كلامه صفته وكما انه ليس لذاته مثل فكذلك ليس لصفاته مثل لانها قديمة قائمة بذاته تبارك وتعالى وصفات المخلوقات مخلوقة قابلة للتغيير والفناء وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً مظاهرا ومعاونا فى الإتيان بمثله اى لم يكن بعضهم ظهيرا لبعض ولو كان إلخ وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى بالله قد رددنا وكررنا بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ المنعوت بالنعوت الفاضلة مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل معنى بديع هو كالمثل فى الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً جحودا وإنكارا للحق وانما جاز الاستثناء من الموجب مع انه لا يصح ضربت الا زيدا لانه متأول بالنفي مثل لم يرد ولم يرض وما قبل وما اختار وفى الآية فوائد منها ان القرآن العظيم أجل النعم وأعظمها فوجب على كل عالم وحافظ ان يقوم بشكره ويحافظ على أداء حقوقه قبل ان يخرج الأمر من يده وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان أول ما تفقدون من دينكم الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما وما فيكم منه شىء فقال رجل كيف ذلك وقد أثبتناه فى قلوبنا وأثبتناه فى مصاحفنا نعلم أبناءنا ويعلم أبناؤنا أبناءهم فقال يسرى عليه ليلا فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما فى القلوب وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوى حول العرش كدوى النحل فيقول الرب تعالى مالك فيقول يا رب اتلى ولا يعمل بي اتلى ولا يعمل بي وفى الحديث (ثلاثة هم الغرباء فى الدنيا القرآن فى جوف الظالم والرجل الصالح فى قوم سوء والمصحف فى بيت لا يقرأ منه: قال الشيخ سعدى
علم چندانكه بيشتر خوانى
…
چون عمل نيست نادانى «1»
نه محقق بود نه دانشمند
…
چارپايى برو كتاب چند
آن تهى مغز را چهـ علم وخبر
…
كه برو هيزمست ويا دفتر
وقال
عالم اندر ميان جاهل را
…
مثلى كفته اند صديقان
شاهدى در ميان كورانست
…
مصحفى در ميان زنديقان
ومنها انه ليس فى استعداد الإنسان ولا فى مخلوق غيره ان يأتى بكلام جامع مثل كلام الله تعالى له عبارة فى غاية الجزالة والفصاحة واشارة فى غاية الدقة والحذاقة ولطائف فى غاية اللطف والنظافة وحقائق فى غاية الحقية والنزاهة قال جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنهما عبارة القرآن للعوام والاشارة للخواص واللطائف للاولياء والحقائق للانبياء: وفى المثنوى
خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى
…
بهر محجوبان مثال معنوى
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان ذكر بد انديشيدن ناصر فهمان وطاعنان
كه ز قرآن كر نه بيند غير قال
…
اين عجب نبود ز اصحاب ضلال
كز شعاع آفتاب پر ز نور
…
غير كرمى مى نيابد چشم كور
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين
…
ديو آدم را نبيند جز كه طين «1»
ظاهر قرآن چوشخص آدميست
…
كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
اعلم ان القرآن غير مخلوق لانه صفة الله تعالى وصفاته بأسرها ازلية غير مخلوقة قال ابو حنيفة رحمه الله فمن قال انها مخلوقة او وقف فيها او شك فيها فهو كافر بالله وما ذكر من الوجوه الدالة على حدوث اللفظ فهو غير المتنازع فيه عند الاشعرية والمنصورية ايضا كمن قال بان كلامه تعالى حرف وصوت يقومان بذاته ومع ذلك قديم واعجب من هذا قولهم الجلد والعلاقة قديمان ايضا وفى الفتوحات المكية قدس الله سر مصدرها ان المفهوم من كون القرآن حروفا أمران الأمر الواحد يسمى قولا وكلاما ولفظا والأمر الآخر يسمى كتابة ورقما وخطا والقرآن يخط فله حروف الرقم وينطق به فله حروف اللفظ فهل يرجع كونه حروفا منطوقا بها لكلام الله الذي هو صفته او للمترجم عنه فاعلم انه قد أخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم انه سبحانه يتجلى فى يوم القيامة بصور مختلفة فيعرف وينكر فمن كان حقيقته تقبل التجلي لا يبعد ان يكون الكلام بالحروف المتلفظ بها المسماة كلاما لبعض تلك الصور كما يليق بجلاله وكما تقول تجلى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك تقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وقال رضى الله عنه بعد كلام طويل فاذا تحققت ما قررناه يثبت ان كلام الله هو هذا المتلو المسموع المتلفظ به المسمى قرآنا وتوراة وزبورا وانجيلا انتهى قال بعضهم كلام الله عين المتكلم فى رتبة ومعنى قائم به فى اخرى كالكلام النفسي وانه مركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس يحسبهما ومنها ان اكثر الناس لا يعرفون قدر النعم الالهية ولا يتنبهون للتنبيهات الربانية فواحد من الالف للجنة وبعث الباقي الى النار وهم الجهلاء الذين اعرضوا عن الحق وتعلمه: وفى المثنوى
پند كفتن با جهول خوابناك
…
تخم افكندن بود در شوره خاك «2»
چاك حمق وجهل نپذيرد رفو
…
تخم حكمت كم دهش اى پند كو
وَقالُوا قال الامام الواحدي فى اسباب النزول روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان عتبة وشيبة وأبا سفيان والنضر بن الحارث وأبا البختري والوليد بن المغيرة وأبا جهل وعبد الله بن ابى امية وامية بن خلف ورؤساء قريش اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا اليه ان اشرف قومك اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم سريعا وهو يظن انه بدا لهم فى امره بداء وكان عليهم حريصا يخب رشدهم ويعز عليه عتبهم حتى جلس إليهم فقالوا يا محمد انا والله لا نعلم رجلا من العرب ادخل على قومه ما ادخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الالهة وفرقت الجماعة وما بقي امر قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا تطلب به ما لا جعلنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالا وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الرّى الذي
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا الحديث
(2)
در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه آن مرغ كه وصيت كرد كه بر گذشته إلخ
يأتيك قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرّى بذلنا أموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه او نعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وانزل على كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه على اصبر لامر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم) قالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا فقد علمت انه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا اقل مالا ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك فليسر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا او يبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كانهار الشام والعراق وليبعث لنا ما مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فان صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وانه بعثك رسولا كما تقول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه اصبر لامر الله) قالوا فان لم تفعل هذا فسل ربك ان يبعث ملكا يصدقك وسله ان يجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما سواك فانك تقوم فى الأسواق وتلتمس المعاش فقال عليه السلام (ما انا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا) قالوا سله ان يسقط علينا السماء كما زعمت ان ربك ان شاء فعل فقال عليه السلام (ذلك الى الله تعالى ان شاء فعل) وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا وقام عبد الله بن ابى امية بن المغيرة المخزومي وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي عليه السلام ثم اسلم بعد وحسن إسلامه فقال لا او من بك ابدا حتى تتخذ الى السماء سلما وترقى فيه وانا انظر حتى تأتينا وتأتى بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك انك كما تقول فانصرف رسول الله عليه السلام الى اهله حزينا لما فاته من متابعة قومه لما رأى من مباعدتهم عنه فانزل الله تعالى وَقالُوا اى مشركوا مكة ورؤساؤهم لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نعترف لك يا محمد بنبوتك ورسالتك حَتَّى تَفْجُرَ لَنا [تا وقتى كه روان سازى براى ماء] مِنَ الْأَرْضِ ارض مكة يَنْبُوعاً [چشمه پر آب كه هركز كم نكردد] فالينبوع العين الكثيرة الماء ينبع ماؤها ولا يغور ولا ينقطع أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ بستان يستر أشجاره ما تحتها من العرصة مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ [از درختان خرما وانگور يعنى مشتمل بر ان درختان] وهما اسم جمع لنخلة وعنبة فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ اى تجريها بقوة خِلالَها [در ميان آن بستانها] قال فى القاموس خلال الدار ما حوالى جدورها وما بين بيوتها وخلال السحاب مخارج الماء تَفْجِيراً كثيرا والمراد اما اجراء الأنهار خلالها عند سقيها او ادامة إجرائها كما ينبئ عنه الفاء لا ابتداؤه أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً جمع كسفة كقطع وقطعة لفظا ومعنى حال من السماء والكاف فى كما فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف اى اسقاطا مماثلا لما زعمت يعنون بذلك قوله تعالى أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أَوْ تَأْتِيَ [يا بيارى]
بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا مقابلا كالعشير والمعاشر كما قال الكاشفى [در مقابله يعنى عيان نمايى انتهى] او كفيلا يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها اى والملائكة قبيلا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ من ذهب وأصله الزينة قال الكاشفى [خانه از زركه در آنجا بنشينى واز درويشى با زرهى] أَوْ تَرْقى تصعد فِي السَّماءِ فى معارجها فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة كرضى رقيا اى صعد وعلا صعودا وعلوا وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ اى لاجل رقيك فيها وحده اى صعودك فاللام للتعليل او لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة حَتَّى تُنَزِّلَ منها عَلَيْنا كِتاباً فيه تصديقك نَقْرَؤُهُ نحن من غير ان يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الاقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات قُلْ تعجبا من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيها لساحة السبحان سُبْحانَ رَبِّي [پاكست پروردگار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك او شود در قدرت] هَلْ كُنْتُ [آيا هستم من] إِلَّا بَشَراً لا ملكا حتى يتصور منى الترقي فى السماء ونحوه رَسُولًا مأمورا من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير ان يكون لى خيرة فى الأمر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم الا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلاثم حال قومهم ولم تكن الآيات إليهم ولا لهم ان يتحكموا على الله بشئ منها وقوله بشرا خبر كنت ورسولا صفته وفيه اشارة الى انهم ارباب الحس الحيواني يطلبون الاعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة واعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الأرواح وتفجير ينابيع الحكمة من ارض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات وأعناب المكاشفات فى جنات المواصلات فعلى السالك الصادق ان يطلب الوصول الى عالم المعنى فانه هو المطلب الا على وان يصل اليه الا بقدمي العلم والعمل والرجوع الى حالة التراب بالتواضع قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال عيسى كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الأرض يشير الى التواضع ورفع الكبر والى هذا الاشارة بقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام انما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة ابدا فان واحدا لا يصير سلطانا ورعية معا والى هذا يشير المولى الجامى بقوله
با لباس فقر بايد خلعت شاهى درست
…
زشت باشد جامه نيمى اطلس ونيمى پلاس
فانظر فى هذه الآيات الى سوء ادب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم والى كمال الأدب المحمدي والفناء الأحمدي وترك الاعتراض- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك فقد كسرت اناءك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعنى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء فالطالب لا يصل الى مقصوده الا بعد إفناء وجوده
خمير مايه هر نيك وبد تويى جامى
…
خلاص از همه مى بايدت ز خود بگريز
فالعاقل يسعى فى إفناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب عن الأدناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس وقال الامام الغزالي رحمه الله لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وأنسه بذكر الله تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون الا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة لا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات وَما مَنَعَ النَّاسَ اى قريشا من أَنْ يُؤْمِنُوا بالقرآن وبالنبوة إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وقت مجيئ الوحى ظرف لمنع او يؤمنوا إِلَّا أَنْ قالُوا الا قولهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً حال من رَسُولًا منكرين ان يكون رسول الله من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول قُلْ جوابا لشبهتهم لَوْ كانَ لو وجد واستقر فِي الْأَرْضِ بدل البشر مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ على أقدامهم كما يمشى الناس ولا يطيرون بأجنحتهم الى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فيها قارين لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً حال من رَسُولًا ليبين لهم ما يحتاجون اليه من امور الدنيا والدين لان الجنس الى الجنس يميل ولما كان سكان الأرض بشرا وجب ان يكون رسولهم بشرا ليمكن الافادة والاستفادة وهم جهلوا ان التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر
او بشر فرمود وخود را مثلكم
…
تا بجنس آيند وكم كردند وكم
ز انكه جنسيت عجائب جاذبيست
…
جاذب جنسست هر جا طالبيست
قُلْ كَفى بِاللَّهِ وحده شَهِيداً على انى بلغت ما أرسلت به إليكم وانكم كذبتم وعاندتم بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ من الرسل والمرسل إليهم خَبِيراً بَصِيراً
محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وفيه تسلية له عليه السلام وتهديد للكافرين وفى الآية اشارة الى ان الجهلاء يستبعدون إرسال الإنسان الكامل من أبناء جنسهم ويحسبون ان الملائكة أعلى درجة منه مع ما جعله الله مسجودا للملائكة وأودع فيه من سر الخلافة ولو كان الملك مستأهلا للخلافة فى الأرض لكان الله نزل رسولا من الملائكة وهو شاهد بانه مستعد للرسالة والخلافة والملك وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ ابتداء كلام ليس بداخل تحت الأمر اى يخلق فيه الاهتداء الى الحق قال الكاشفى [وهر كراراه نمايد خداى تعالى يعنى حكم كند بهدايت او وتوفيق] فَهُوَ الْمُهْتَدِ لا غير وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلال بسوء اختياره قال الكاشفى [وهر كرا كمراه سازد يعنى حكم فرمايد بضلالت او وفرو كذارد او را] فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أشار بالتوحيد فى جانب الهداية الى وحدة طريق الحق وقلة سالكيه وبالجمع فى جانب الضلال الى تعدد سبل الباطل وكثرة اهله أَوْلِياءَ كائنين مِنْ دُونِهِ تعالى فهو فى موقع الصفة ويجوز ان يكون حالا كما فى بحر العلوم اى أنصارا يهدونهم الى طريق الحق ويدفعون عنهم الضلالة وفى الحديث (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء) : قال الحافظ
مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست
…
كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ كائنين عَلى وُجُوهِهِمْ سحبا او مشيا فان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على ان يمشيهم على وجوهم عُمْياً حال من ضمير وجوههم وهو جمع أعمى وَبُكْماً جمع ابكم وهو الأخرس وَصُمًّا جمع أصم من الصمم محركة وهو انسداد الاذن وثقل السمع ان قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقوله وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ وقوله دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً قلت قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا يرون ما يسرّهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ولا يستمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعون وقال مقاتل هذا إذا قيل لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم صما بكما عميا نعوذ بالله من سخطه وفى التأويلات النجمية وَنَحْشُرُهُمْ إلخ لانهم كانوا يعيشون فى الدنيا مكبين عَلى وُجُوهِهِمْ فى طلب السفليات فى الدنيا وزخارفها وشهواتها عُمْياً عن رؤية الحق وَبُكْماً من قول الحق وَصُمًّا عن استماع الحق وذلك لعدم إصابة النور المرشوش على الأرواح وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى الآية وقال صلى الله عليه وسلم (يموت الإنسان على ما عاش ويحشر على ما مات عليه) مَأْواهُمْ منزلهم ومسكنهم والمأوى كل مكان يأوى اليه شىء ليلا كان او نهارا جَهَنَّمُ خبر مأواهم والجملة استئناف كُلَّما خَبَتْ يقال خبت النار والحرب والحدة خبوا وخبوّا سكنت وطفئت كما فى القاموس زِدْناهُمْ سَعِيراً [بيفزاييم براى ايشان آتش سوزان يا برافروزيم آتش را] اى كلما سكن لهبها بان أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار زدناهم توقدا بان بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومسعرة فان قلت قوله تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها يدل على ان النار لا تتجاوز فى تعذيبهم عن حد الإنضاج الى حد الإحراق والافناء قلت النضج مجاز عن مطلق تأثير النار ثم ما ذكر من التجديد بعد الافناء عقوبة لهم على انكارهم الاعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد اخرى ليروها بعد اخرى فيروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله ذلِكَ مبتدأ خبر قوله جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ بسبب انهم كَفَرُوا بِآياتِنا العقلية والنقلية الدالة على صحة الاعادة دلالة واضحة وفى التأويلات كانوا فى جهنم الحرص والشهوات كلما سكنت نار شهوة باستيفاء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة اخرى ولو
كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما أكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها وما اعرضوا عن الآيات البينات التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام: وفى المثنوى
كوزه چشم حريصان پر نشد
…
تا صدف قانع نشد پر در نشد
وَقالُوا منكرين أشد الإنكار أَإِذا كُنَّا عِظاماً [آيا آن وقت كه كرديم استخوان] وَرُفاتاً الرفات الحطام وهو الفتات المكسر وقال مجاهد رفاتا اى ترابا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً اما مصدر مؤكد من غير لفظه اى لمبعوثون بعثا جديدا واما حال اى مخلوقين مستأنفين وقد سبق تفسير هذه الآية فى هذه السورة أَوَلَمْ يَرَوْا اى ألم يتفكروا ولم يعلموا
أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ من غير مادة مع عظمهم قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ فى الصغر على ان المثل مقحم والمراد بالخلق الاعادة قال الكاشفى [مثل تعبير از نفس شىء كنند چنانكه مثلك لا يفعل كذا اى أنت] وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ عطف على أو لم يروا فانه فى قوة قد رأوا والمعنى قد علموا ان من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الانس وجعل لهم ولبعثهم أجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة قال الكاشفى [بدرستى كه خداى تعالى مقرر كرده است براى فناى ايشان مدتى كه هيچ شك نيست در ان وآن زمان مركست يا بجهت اعاده ايشان اجلى نهاده كه قيامتست] فَأَبَى الظَّالِمُونَ فامتنعوا من الانقياد للحق ولم يرضوا إِلَّا كُفُوراً جحودا به قُلْ [بگو كافرانرا] لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي خزائن رزقه التي أفاضها على كافة الموجودات وأنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور لا مبتدأ لانها لا تدخل الا على الفعل والأصل لو تملكون أنتم تملكون إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ لبخلتم من قولك للبخيل ممسك فلا يقدر له مفعول خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ مخافة عاقبته وهو النفاد وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً يقال قتر ضيق. والمعنى كان ضيقا مبالغا فى البخل لان مبنى امره على الحاجة والضنة بما يحتاج اليه وملاحظة العوض فيما يبذل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحى من الأنصار (من سيدكم يا بنى سلمة) قالوا الجد بن قيس على بخل فيه فقال عليه السلام (واى داء أدوى من البخل بل سيدكم عمر بن الجموح) فالبخل والحرص من الصفات المذمومة فلابد من تطهير النفس عنهما وتحليتها بالسخاء والقناعة وترك طول الأمل فان الشيطان يستعبد البخيل ولو كان مطيعا وينأى عن السخي ولو كان فاسقا وجنس الإنسان وان كان قتورا مخلوقا على القبض واليبوسة كالتراب الا ان من افراده خواص متخلقين بصفات الله تعالى ومتحققين باسرار ذاته قال حسان بن ثابت رضى الله عنه فى مدح النبي صلى الله عليه وسلم
له راحة لو ان معشار جودها
…
على البر كان البر اندى من البحر
الراحة الكف والمعشار بمعنى العشر- روى- ان زين العابدين رضى الله عنه لقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال ماستر من أمرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وهى كساء اسود معلم وامر بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسل ولا يتوهم مغرور انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الأموال انما كانوا اهل سخاء ومروءة كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل
وهم ينفقون المال فى أول الغنى
…
ويستأنفون الصبر فى آخر الفقر
إذا نزل الحي الغريب تقارعوا
…
عليه فلم تدر المقل من المثرى
: قال الشيخ سعدى قدس سره
اگر كنج قارون بچنك آورى
…
نماند مكر آنكه بخشى برى
بخيل توانكر بدينار وسيم
…
طلسمست بالاى كنجى مقيم
از ان سالها مى بماند زرش
…
كه لرزد طلسمى چنين بر سرش
بسنك أجل ناكهان بشكنند
…
بآسودگى كنج قسمت كنند
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ معجزات بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على نبوته وصحة ما جاء به من عند الله وهى العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والسنون ونقص الثمرات فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى فقلنا له إِذْ جاءَهُمْ سلهم يا موسى من فرعون وقل له أرسل معى بنى إسرائيل اى أولاد يعقوب وقال الكاشفى [پس بپرس اى محمد ز بنى إسرائيل يعنى از علماى ايشان همين آيات را تا صدق قول تو بر مشركان ظاهر كردد] اى ليظهر صدقك حين اختبروك عندهم على وفق ما أخبرتهم إذ جاءهم [چون آمد موسى بر ايشان كه چهـ كذشت ميان وى وفرعون] وفى التأويلات النجمية إذ جاءهم موسى بهذه الآيات هل رأوها واستدلوا بها وآمنوا كاهل الحق ممن جعلهم الله ائمة يهدون بامره وكانوا بآياته يوقنون فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ قال فى الإرشاد الفاء فصيحة اى فاظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً سحرت فتخبط عقلك ولذا تتكلم بمثل هذه الكلمات الغير المعقولة وهذا يشبه قوله إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ويجوز ان يكون المسحور للنسبة بمعنى ذى السحر كما قال فى التأويلات النجمية لما كان فرعون من اهل الظن لا من اهل اليقين رآه بنظر الظن الكاذب ساحرا ورأى الآيات سحرا قالَ موسى لَقَدْ عَلِمْتَ [بدرستى كه تو دانسته اى فرعون بدل خود اگر چهـ بزبان تلفظ نكنى] وفى التأويلات النجمية لو نظرت بنظر العقل لعلمت انه ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ يعنى الآيات التي أظهرها إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومدبرهما بَصائِرَ حال من الآيات اى بينات مكشوفات تبصرك صدقى ولكنك تعاند وتكابر. وبالفارسية [آيتهاى روشن كه هر يك دليلست بر نبوت من] وفى التأويلات النجمية اى ترى بنور البصيرة والعقل انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم ليس جالبا للسعادة الا من حيث طرده الجهل فلا تحجب بعلمك فان فرعون علم نبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه وحرموا التوفيق للايمان فاشقاهم زمانا ذلك الاستيقان قال تعالى وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا قال الكمال الخجندي
در علم محققان جدل نيست
…
از علم مراد جز عمل نيست
وقال الحافظ
نه من زبى عملى در جهان ملولم وبس
…
ملالت علما هم ز علم بي عملست
وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً مصروفا عن الخير مطبوعا على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا اى ما صرفك او هالكا فان الثبور الهلاك وفى التأويلات النجمية اى بلا بصيرة وعقل والظن ظنان ظن كاذب وظن صادق وكان ظن فرعون كاذبا وظن موسى صادقا فَأَرادَ اى فرعون من نتائج ظنه الكاذب أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ الاستفزاز الإزعاج. والمعنى بالفارسية
[بر انگيزد ودور كند موسى وقوم او] مِنَ الْأَرْضِ اى ارض مصر او من وجه الأرض بالقتل والاستئصال فَأَغْرَقْناهُ اى فرعون وَمَنْ مَعَهُ من القبط جَمِيعاً ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق قال فى الإرشاد فعكسنا عليه مكره واستفززناه وقومه بالاغراق وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد إغراق فرعون لِبَنِي إِسْرائِيلَ أولاد يعقوب اسْكُنُوا الْأَرْضَ التي أراد ان يستفزكم منها وهى ارض مصر ان صح انهم دخلوها بعده او الأرض مطلقا فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعنى قيامة الساعة جِئْنا بِكُمْ [بياريم شما وايشانرا بحشر كاه] لَفِيفاً [جماعتى آميخته با هم پس حكم كنيم ميان شما] تمييز سعداء وأشقياء واللفيف الجماعات من قبائل شتى قد لف بعضها ببعض قال فى القاموس جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً مجتمعين مختلطين من كل قبيلة انتهى وفى التأويلات النجمية اى يلتف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجون بهم من العذاب فيخاطبون بقوله تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ولا ينفعهم التلفف بل يقال لهم فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ انتهى يقول الفقير وذلك لان التلفف الصوري والارتباط الظاهري لا ينفع الكفار والمنافقين إذ لم يجمع بينهم وبين المؤمنين الاعتقاد الخالص والعمل الصالح فكانوا كمن انكسرت سفينتهم فتعلق من لا يحسن السباحة بالسباح فتعلقه هذا لا ينفعه إذ البحر عميق والساحل بعيد فكم من سباح لا ينجو فكيف غيره: سعدى
در آبى كه پيدا نباشد كنار
…
غرور شناور نيايد بكار
وفى الحديث (من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه) يعنى من آخره فى الآخرة عمله السيئ او تفريطه فى العمل الصالح لم ينفعه شرف النسب من جهة الدنيا ولم ينجبر به نقيصته فان نسبه ينقطع هناك ألا ترى ان الغصن اليابس يقطع من الشجرة ليبوسته ورطوبة الباقي وغضارته إذ لا مناسبة بينه وبين الاغصان الغضة الطرية فهو وان كان غصن تلك الشجرة متعلقا بها منسوبا إليها لكنه ليبوسته حرى بالقطع وانما النسب المفيد هو نسبة التقوى ولذا قال عليه السلام (كل تقى نقى آلى) وكل من لم يكن متصفا بالتقوى والنقاوة فليس من آله كابى لهب ونحوه وليس له طريق ينتهى الى الله تعالى فيا حسرة قوم ظنوا الوصول مع تضييع الأصول وبذل النقد فى الفضول وعرضت على بعض الا كابر عطية من الله تعالى بلا واسطة فقال لا اقبلها الا على يد محمد صلى الله عليه وسلم يعنى على الصراط السوي فجاءته من تم فقد ضوعفت فهذا شاهد بان صحة الاتصال بالله انما هى بصحة الاتصال بواسطة وهو الرسول الله- صلى الله عليه وسلم وان الرسول وشريعته محك فتضرب المواهب والعطايا عليه فان جاءت موافقة لما امره قبلت والا ردت إذ يحتمل ان يكون ذلك من قبل الشيطان والنفس جاء ملبوسا يلباس الحق مزخرفا فلابد من التمييز وهو من أصعب الأمور فعليك ايها الأخ فى الله بالثبات والوقار ولا يستفزك العدو حتى لا تقع فى ورطة البور: قال الحافظ
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست
…
هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
والله المنجى والموفق وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ اى وما أنزلنا القرآن الا ملتبسا بالحق
المقتضى لا نزاله وما نزل الا ملتبسا بالحق الذي اشتمل عليه فالمراد بالحق فى كل من الموضعين معنى يغاير الآخر فلا يرد ان الثاني تأكيد للاول قال الكاشفى [در تبيان آمده كه با بمعنى على است ومراد از حق محمد صلى الله عليه وسلم يعنى وعلى محمد نزل. در مدارك آورده احمد ابن ابى كجوارى كفت محمد بن سماك بيمار شد قاروره او بطبيب ترسا مى برديم مردى نيكو روى وخوشبوى وجامه پاكيزه پوشيده بما رسيد وصورت حال پرسيد بوى كفتيم فرمود كه سبحان الله در مهم دوست خداى تعالى از دشمن خداى استعانت مى كنيد باز كرديد وباين سماك بگوييد كه دست خود بر موضع وجع إ وبكوى وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ واز چشم ما غائب شد باز كشتيم وقصه بعرض شيخ رسانيديم دست بر ان موضع نهاد واين كلمات بكفت فى الحال شفا يافت وكفته اند آن كس خضر عليه السلام بود اثر حكمت اين كار طبيبان الهيست] وفى التأويلات النجمية إنزال القرآن كان بالحق لا بالباطل وذلك لانه تعالى لما خلق الأرواح المقدسة فى احسن تقويم ثم بالنفخة رده الى أسفل سافلين وهو القالب الإنساني احتاجت الأرواح فى الرجوع الى أعلى عليين قرب الحق وجواره الى حبل تعتصم به فى الرجوع فانزل الله القرآن وهو حبله المتين وقال وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وبالحق نزل ليضل به اهل الشقاوة وبالرد والجحود والامتناع عن الاعتصام به ويبقى فى الأسفل حكمة بالغة منه ويهدى به اهل السعادة بالقبول والايمان والاعتصام به والتخلق بخلقه الى ان يصل به الى كمال قربه فيعتصم به كما قال وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً للمطيع بالثواب وَنَذِيراً للعاصى من العقاب فلا عليك الا التبشير والانذار وفى التأويلات النجمية مُبَشِّراً لاهل السعادة بسعادة الوصول والعرفان عند التمسك بالقرآن وَنَذِيراً لاهل الشقاوة بشقاوة البعد والحرمان والخلود فى النيران عند الانفصام عن حبل القرآن وترك الاعتصام به [سلمى قدس سره فرموده كه مژده دهنده آنرا كه از ما روى بگرداند وبيم كننده آنرا كه روى بما آورد يعنى بد كارانرا بشارت دهد بست رحمت وكمال عفوما تا روى بدرگاه ما آرند
حافظا رحمت او بهر كنهكارانست
…
نااميدى مكن اى دوست كه فاسق باشى
نيكانرا إنذار كند از اثر هيبت وجلال تا بر اعمال خود اعتماد ننمايند
زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه
…
زنده از ره نياز بدار السلام رفت
وَقُرْآناً منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى فَرَقْناهُ نزلناه مفرقا. وبالفارسية [و پراكنده فرستاديم قرآنرا يعنى آيت آيت وسوره سوره] لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ اى مهل وتأن فانه أيسر للحفظ وأعون على الفهم وَنَزَّلْناهُ فى ثلاث وعشرين سنة تَنْزِيلًا على قانون الحكمة وحسب الحوادث وجوابات السائلين قُلْ للذين كفروا آمِنُوا بِهِ اى بالقرآن أَوْ لا تُؤْمِنُوا فان ايمانكم به لا يزيده كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا حاجت مشاطه نيست روى دلارام را والأمر للتهديد كما فى تفسير الكاشفى إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ اى العلماء الذين
قرأوا الكتب السالفة من قبل تنزيله وعرفوا حقيقة الوحى وامارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل نحو عبد الله بن سلام واتباعه من اليهود والنجاشي وأصحابه من النصارى إِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ [بيفتند بر زنخهاى خود] اى يسقطون على وجوههم فاللام بمعنى على والأذقان الوجوه على سبيل التعبير عن الكل بالجزء مجازا سُجَّداً اى حال كونهم ساجدين تعظيما لامر الله وهو تعليل لما يفهم من قوله آمنوا به اولا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك اى ان لم تؤمنوا فقد آمن به احسن ايمان من هو خير منكم قال البيضاوي ذكر الذقن لانه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به قال سعدى المفتى فى حواشيه فيه بحث فانه ظاهران أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد جبهته وانفه الا ان يقال ان طريق سجدتهم غير ما عرفناه انتهى يقول الفقير معنى اللقاء هنا كون الذقن اقرب شىء الى الأرض من الانف والجبهة حال السجدة إذا لا قرب الى الأرض بالنسبة الى حال الخرور الركبة ثم اليدان ثم الرأس واقرب اجزاء الرأس الذقن والأقرب. الى السماء بالاضافة الى حال الرفع الرأس واقرب اجزاء الرأس الجبهة فافهم وَيَقُولُونَ فى سجودهم سُبْحانَ رَبِّنا [پاكست پروردگار ما] عما يفعل الكفرة من التكذيب او عن خلفه وعده الذي فى الكتب السالفة ببعث محمد وإنزال القرآن عليه إِنْ اى ان الشأن كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا كائنا لا محالة واقعا البتة لان الخلف نقص وهو محال على الله تعالى يقول الفقير الظاهر ان المراد بالوعد وعد الآخرة كما يدل عليه سياق الآية من قصة موسى وفرعون وما قبلها من قصة قريش فى انكار البعث والله اعلم وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ اى حال كونهم باكين من خشية الله تعالى كرر الخرور للاذقان لاختلاف السبب فان الاول لتعظيم امر الله والثاني لما اثر فيهم من مواعظ القرآن وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (تضرعوا وابكوا فان السموات والأرض والشمس القمر والنجوم يبكون من خشية الله) وَيَزِيدُهُمْ اى القرآن بسماعهم خُشُوعاً كما يزيدهم علما ويقينا بالله والخشوع [فروتنى] وتضرع واعلم ان التواضع والسجود من شأن الأرواح والبكاء والخشوع من شأن الأجساد وانما أرسلت الأرواح الى الأجساد لتحصيل هذه المنافع فى العبودية قال الكاشفى [اين سجده چهارم است از سجدات قرآن وحضرت شيخ قدس سره اين را سجود العلماء خوانده وفرموده كه بحقيقت اين سجود متجليست زيرا كه خشوع از وقوع تجلى باشد بر ظاهر يا بر هر دو و چون خبر داد كه خشوع ايشان زياده ميشود وخشوع نمى باشد الا از تجلى الهى پس زيادتئ خشوع دليل زيادتئ تجلى باشد وبر آن تقدير اين سجود تجلى بود وساجد بايد كه ببركت اين سجده از فيض تجلى بهره مند وخضوع او بيفزايد] ما تجلى الله لشئ الا خضع له
لمعه نور تجلى از قدم
…
بر حدوث افتد فرو ريزد ز هم
پس خضوع اينجا زوال هستى است
…
وز بلندى موجب اين پستى است
فعليك ببذل الوجود وافنائه فانه تعالى انما يتجلى لاهل الفناء نعم ان الفناء من التجلي كما دل عليه الخبر المذكور: وفى المثنوى
چون تجلى كرد أوصاف قديم
…
پس بسوزد وصف محدث را كليم «1»
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ- روى- ان اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك لتقل ذكر الرحمن وقد اكثر الله فى التوراة فنزلت. والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء والمراد بالله والرحمن الاسم لا المسمى واو للتخيير والمراد انهما سيان فى حسن الا طلاق والإفضاء الى المقصود. والمعنى سموا بهذا الاسم او بهذا واذكروا اما هذا واما هذا أَيًّا ما تَدْعُوا [هر كدام را بخوانيد وبدان حق را خوانده باشيد] والتنوين عوض عن المضاف اليه وما صلة لتأكيد ما فى أي من الإبهام اى أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فَلَهُ اى للمسمى لان التسمية لمسمى هذين الاسمين وهو ذاته تعالى لا للاسم الْأَسْماءُ الْحُسْنى وحسن جميع أسمائه يستدعى حسن ذينك الاسمين. والحسنى تأنيث الأحسن لان حكم الأسماء حكم المؤنث نحو الجماعة الحسنى وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والجمال قال فى بحر العلوم معنى كونها احسن الأسماء انها مستقلة بمعاني التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والالهية والافعال التي هى النهاية فى الحسن وقال بعضهم نزلت هذه الآية حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا الله يا رحمن فقالوا انه ينهانا ان نعبد الهين وهو يدعو الها آخر فالمراد هو التسوية بين اللفظين بانهما مطلقان على ذات واحدة وان اختلف معناهما واعتبار اطلاقهما والتوحيد انما هو للذات الذي هو المعبود واو للاباحة لان الإباحة يجوز فيها الجمع بين الفعلين دون التخيير والله اعلم قال المولى الفنارى رحمه الله ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة مسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا انتهى وقال الامام السهيلي رحمه الله فى كتاب التعريف والاعلام كان مسيلمة قديما يتكذب ويتسمى بالرحمن وقد قيل انه تسمى بالرحمن قبل مولد عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر عمرا طويلا الى ان قتل باليمامة قتله وحشي فى خلافة ابى بكر رضى الله عنه انتهى- وروى- ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته لان هذا الاسم الجليل لا يليق الا لجناب الحق تعالى ولهذا لم يشاركه فيه أحد كما قال تعالى هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا اى مشاركا له فى هذا الاسم وقال فرعون مصر للقبط أنا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله تعالى قال حضرة الهدائى قدس سره استمداد جميع الأسماء من الاسم الرحمن الذي هو مقام خاتم النبوة والشافعة العامة واليه ينتهى كل الأسماء واستمداده من اسم الذات فينبغى للسالك ان لا يقصر بالعبادة فى مراتب بعض الأسماء حتى يصل الى المسمى ويجمع جميع الأسماء ويكون فوق الكل: وفى المثنوى
دست شد بالاى دست اين تا كجا
…
تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بى غور وكران
…
جمله درياها چوسيلى پيش ان
وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بقراءة صلاتك فى المسجد الحرام بحيث تسمع المشركين فان
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ
ذلك يحملهم على سب القرآن ومن أنزله ومن جاءبه واللغو فيه ففيه حذف المضاف لان الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير والصلاة افعال واذكارا وهو من تسمية الجزء بالكل مجازا وَلا تُخافِتْ بِها اى بقراءتها بحيث لا تسمع من خلفك من المؤمنين قال الكاشفى [وآواز فرو مدار بآن] وَابْتَغِ اطلب بَيْنَ ذلِكَ اى بين الجهر والمخافتة على الوجه المذكور سَبِيلًا امرا وسطا فان خير الأمور أوساطها والتعبير عن ذلك بالسبيل باعتبار انه امر يتوجه اليه المتوجهون ويؤمه المقتدون فيوصلهم الى المطلوب- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه كان يخفت ويقول اناجى ربى وقد علم حاجتى وعمر رضى الله عنه يجهر بها ويقول اطرد الشيطان واوقظ الوسنان فلما نزلت امر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان يرفع قليلا وعمر ان يخفض قليلا وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لان الولادة من صفات الأجسام لا غير وهو رد لليهود والنصارى وبنى مدلج حيث قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فى ملك العالم اى الالوهية فان الكل عبيده والعبد لا يصلح ان يكون شريكا لسيده فى ملكه وهو رد للثنوية القائلين بتعدد الآلهة: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى
…
بندگانش را جز او سالارنى
نيست خلقش را دكر كس مالكى
…
شركتش دعوى كند جز هالكى
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ لم يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته فانه محال انه يذل فيحتاج الى أحد يتعزز به ويدفع عنه المذلة إذ له العزة كلها فليس له مذلة دلالة ولا له احتياج الى ولى يدفع الذل عنه وهو رد للمجوس والصابئين فى قولهم لولا اولياء الله لذل الله تعالى عن ذلك وفى الاسئلة المقحمة كيف جعل عدم الولد علة استحقاق الحمد الجواب ان هذا ليس بتعليل لوجوب الحمد انما هو بيان من يقع له الحمد كما تقول الحمد لله الاول الآخر الحمد لله رب العالمين انتهى وفى الكشاف كيف رتب الحمد على نفى الولد والشريك والذل اى مع انه لم يكن من الجميل الاختياري قلت ان من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة فهو الذي يستحق جنس الحمد وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً عظمه تعظيما او قل الله اكبر من الاتخاذ والشريك والولي وقال الكاشفى [يعنى حق را بزركتر دان از وصف واصفان ومعرفت عارفان
فكرها عاجزست ز اوصافش
…
عقلها هرزه ميزند لافش «1»
عقل عقلست جان جانست او
…
آن كزو برترست آنست او
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية وكان يسميها آية العزة قال فى التأويلات النجمية قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ يشير الى ان الله اسم الذات والرحمن اسم الصفة أَيًّا ما تَدْعُوا اى بأى اسم من اسم الذات والصفات تدعونه فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى اى كل اسم من أسمائه حسن فادعوه حسنا وهو ان تدعوه بالإخلاص وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بدعائك وعبادتك رياء وسمعة وَلا تُخافِتْ بِها اى ولا تخفها بالكلية عن نظر لئلا يحرموا
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ [.....]