المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة طه - روح البيان - جـ ٥

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة طه

بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند

وكر هيچكس را نيايد پسند

كه فردا پشيمان بر آرد خروش

كه آوخ چرا حق نكردم بكوش

بكمراه كفتن نكو ميروى

كناه بزركست وجور قوى

مكو شهد شيرين شكر فايقست

كسى را كه سقمونيا لا يقست

چهـ خوش كفت يكروز دار وفروش

شفا بايدت داروى تلخ نوش

وفى المثنوى

هر كسى كو از صف دين سركشست

ميرود سوى صفى كان واپسست

تو ز كفتار تعالوا كم مكن

كيميائى پس شكرفست اين سخن

گر مسى كردد ز كفتارت نفير

كيميا را هيچ از وى وامگير

اين زمان كريست نفس ساحرش

كفت تو سودش كند در آخرش

قل تعالوا قل تعالوا اى غلام

هين كه ان الله يدعو بالسلام «1»

نسأل الله تعالى ان يوفقنا لاجابة الدعوة انه قريب مجيب تمت سورة مريم وقت الضحى من يوم الاثنين التاسع عشر من ذى القعدة من سنة خمس ومائة والف

‌تفسير سورة طه

مائدة وخمس وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم

طه اختلفوا فيه اكثر مما فى غيره من المقطعات فقال بعضهم هو اسم القرآن او اسم السورة او اسم الله او مفتاح الاسم الطاهر والهادي وقال بعضهم هو اسم من اسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل احمد ويس وغير ذلك كما قال عليه السلام (انا محمد وانا احمد والفاتح والقاسم والحاشر والعاقب والماحي وطه ويس) ويؤيده الخطاب فى عليك فيكون حرف النداء محذوفا اى يا طه والطاء والهاء اشارة الى انه عليه السلام طالب الشفاعة للناس وهادى البشر او انه طاهر من الذنوب وهاد الى معرفة علام الغيوب قال الكاشفى [ياطا طهارت دل اوست از غير حق تعالى وها هدايت او بقرب حق] قال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه طه قسم بطهارة اهل البيت وهدايتهم كما قال تعالى وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً او بطوبى والهاوية اى الجنة والنار وفى زاد المسير الطاء طيبة والهاء مكة والله تعالى اقسم بهذين الحرمين او الطاء طلب الغزاة والهاء هرب الكفار او طلب اهل الجنان وهو ان ارباب النيران وفى التأويلات النجمية يا من طوى به بساط النبوة وايضا يا من طوى به المكونات الى هويتنا انتهى وقال بعضهم انه ليس من الحروف المقطعة بل هو موضوع بإزاء يا رجل بلغة عك او بلسان الحبشة او النبطية او السريانية والمراد به حضرة الرسالة [ودر بعضى تفاسير آمده كه طا بحساب جمل نه است وها پنج ومجموع چهارده باشد وغالب آنست كه ماه را مرتبه بدريت

(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير كردانيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوان هديلى را إلخ

ص: 361

در چهاردهم حاصل شود پس در ضمن اين خطاب مندرجست كه اى ماه شب چهارده ومنادى حضرت رسالتست وبدريت اشارت بكمال مرتبه جامعيت آن حضرت] كما لا يخفى على العرفاء

ماه چون كامل شود أنور بود

وانكه او مرآت نور خور بود

كاه ماه بدري وكه شاه بدر

صدر تو مشروح وكارت شرح صدر

در شب تاريكى وكفر وضلال

از مهت روشن شود نور جلال

جوز الحسن طه بوزن هب على انه امر للرسول عليه السلام بان يطأ الأرض بقدميه معا فانه لما نزل عليه الوحى اجتهد فى العبادة وكان يصلى الليل كله ويقوم على احدى رجليه تخفيفا على الاخرى لطول القيام ويتعب نفسه كل الاتعاب فيكون أصله طا من وطئ يطأ قلبت همزته هاء وفى الحديث (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان يخلق آدم بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لاجواف تحمل هذا وطوبى لامة محمد ينزل هذا عليهم وطوبى لالسن تتكلم بهذا) رواه الطبراني وصاحب الفردوس وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه وطواسين من الواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة) كذا فى بحر العلوم ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الشقاء شائع بمعنى التعب ومن أشقى من رائض المهر اى اتعب ممن يجعل المهر وهو ولد الفرس صالحا للركوب بان تزول عنه الصعوبة وينقاد لصاحبه وفى ذلك العمل مشقة وتعب للرائض ولذلك يضرب به المثل والمعنى لتعب بفرط تأسفك على كفر قريش إذ ما عليك الا البلاغ وقد فعلت فلا عليك ان يؤمنوا به بعد ذلك او بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على ساق إذ ما بعثت الا بالحنيفية السمحة. وبالفارسية [نفرستاديم ما بر تو قرآنرا تا در رنج افتى وشب خواب نكنى وبواسطه قيام در نماز الم ورم بپاى مباركت رسد] . وفى التأويلات النجمية ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فى الدنيا او العقبى بل أنزلناه على قلبك لتسعد بتخلقك بخلقه لتكون على خلق عظيم وليسعد بك اهل السموات واهل الأرضين فتكون الشقاوة ضد السعادة ويجوز ان يكون ردا للمشركين وتكذيبالهم فان أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له انك شقى لانك تركت دين آبائك وان القرآن انزل عليك لتشقى به فاريد رد ذلك بان دين الإسلام وهذا القرآن هو السلم الى نيل كل فوز والسبب فى درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى نصب على انه مفعول له لا نزلنا معطوف على تشقى بحسب المعنى بعد نفيه بطريق الاستدراك المستفاد من الاستثناء المنقطع فان الفعل الواحد لا يتعدى الى علتين الا من حيث البدلية او العطف كأنه قيل ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب فى تبليغه ولكن تذكيرا وموعظة لمن يعلم الله منه ان يخشى بالتذكرة والتخويف وقد جرد التذكرة عن اللام لكونها فعلا لفاعل الفعل المعلل وتخصيصها بهم مع عموم التذكرة والتبليغ لقوله تعالى لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً لانهم المنتفعون بها قال فى الكبير ويدخل تحت قوله لِمَنْ يَخْشى الرسول لانه فى الخشية والتذكرة فوق

ص: 362

الكل تَنْزِيلًا اى نزل القرآن تنزيلا مِمَّنْ متعلقة بتنزيلا خَلَقَ اخرج من العدم الى الوجود الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى تخصيص خلقهما لانهما قوام العالم وأصوله وتقديم الأرض لكونها اقرب الى الحس واظهر عنده من السموات ووصف السموات بالعلى وهو جمع العليا تأنيث الا على للدلالة على عظم قدرة خالقها بعلوها وعطف السموات على الأرض من عطف الجنس على الجنس لان التعريف مصروف الى الجنس لا من عطف الجمع على المفرد حتى يلزم ترك الاولى من رعاية التطابق بين المعطوف والمعطوف عليه الرَّحْمنُ رفع على المدح اى هو الرحمن او مبتدأ واللام فيه للعهد مشارا به الى من خلق خبره ما بعده عَلَى الْعَرْشِ الذي يحمله الملائكة متعلق بقوله اسْتَوى اعلم ان العرش سرير الملك والاستواء الاستقرار والمراد به هاهنا الاستيلاء ومعنى الاستيلاء عليه كناية عن الملك لانه من توابع الملك فذكر اللازم وأريد الملزوم يقال استوى فلان على سرير الملك على قصد الاخبار عنه بانه ملك وان لم يقعد على السرير المعهود أصلا فالمراد بيان تعلق إرادته الشريفة بايجاد الكائنات وتدبير أمرها إذ الباري مقدس الانتقال والحلول وانما خلق العرش العظيم ليعلم المتعبدون الى اين يتوجهون بقلوبهم بالعبادة والدعاء فى السماء كما خلق الكعبة ليعلموا الى اين يتوجهون بأبدانهم فى العبادة فى الأرض [وشيخ اكبر قدس سره در فتوحات فرموده كه استواء خداوند بر عرش در قرآنست ومراد بدين ايمانست تأويل نجوييم كه تأويل درين باب طغيانست بظاهر قبول كنيم وبباطن تسليم كه اين اعتقاد سفيانست اما ميدانم كه نه محتاج مكانست ونه عرش بر دارنده اوست كه اوست بر دارنده مكان ونكه دارنده عرش]

نى مكان ره يافت سويش نه زمان

نى بيان دارد خبر زو نه عيان

اين همه مخلوق حكم داورست

خالق عالم ز عالم برترست

قال بعضهم ليس على الكون من اثر ولا على الأثر من كون قال بعضهم انا نقطع بان الله منزه عن المكان والا لزم قدم المكان وقد دل الدليل على ان لا قديم سوى الله تعالى وانه تعالى لم يرد من الاستواء الاستقرار والجلوس بل مراده به شىء آخر الا انا لا نشتغل بتعيين ذلك المراد خوفا من الخطأ ونفوض تأويل المتشابهات الى الله تعالى كما هو رأى من يقف على إِلَّا اللَّهَ وعليه اكثر السلف كما روى عن مالك واحمد الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والبحث عنها بدعة وما كان مقصود الإمامين الأجلين بذلك الا المنع من الجدال وقد أحسنا حيث حسما بذلك باب الجدال وكذلك فعل الجمهور لان فى فتح باب الجدال ضررا عظيما على اكثر عباد الله وقد روى ان رجلا سأل عمر رضى الله عنه عن آيتين متشابهتين فعلاه بالدرة وقال بعض كبار المحققين من اهل الله تعالى المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون من المجسمة وغيرهم بل باعتبار امره الايجادى وتجليه الحسى الاحدى وانما كان العرش محل هذا الاستواء لان التجليات الذاتية التي هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والأمور البارزة والشئون المتحققة

ص: 363

فى السماء والأرض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالأمر الإلهي والإيجاد الاولى انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع أركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وحركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق سبحانه فى هذه العوالم بتجليه الحسى وامره الايجادى من الأمور الاربعة التي هى من هذه التجليات الحسية والايجادية بمنزلة الشكل المستوي المشتمل على الحد الأصغر والأكبر والأوسط المكرر الكائن به السورة ذات الأركان الاربعة من النتيجة وتلك الأمور اربعة هى الحركة المعنوية الاسمائية والحركة النورية الروحانية والحركة الطبيعية المثالية والحركة الصورية الحسية وتلك الحركة الصورية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الأكبر ولما استوى امر تمام حصول الأركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف الله تعالى التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجب قابليات اصحاب الزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما أشير اليه بقوله تعالى يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ وقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فى العرش كان العرش مستوى الحق سبحانه بالاعتبار المذكور الثاني لا بالاعتبار المزبور الاول وفى الحقيقة بالنظر الى هذا الاعتبار هو مستوى امره الايجادى لا مستوى نفسه وذاته فلا اضطراب ولا خلجان فى الكلام والمقال والحال ثم ان استواء الأمر الإرادي الايجادى على العرش بمنزلة. استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع فكما ان كل واحد من الامرين قلب الآخر وعكسه المستوي السوي فكذلك كل واحد من العرش والشرع قلب الآخر وعكسه السوي المستوي يقول الفقير قواه الله القدير لا شك ان بين زيد والعالم فرقا من حيث ان الاول يدل على الذات المجردة والثاني على المتصفة بصفة العلم فاسناد الاستواء الى عنوان الاسم الرحمن الذي يراد به صفة الرحمة العامة وان كان مشتملا على الذات دون الاسم الله الذي يراد به الذات وان كان مستجمعا لجميع الصفات ينادى بتنزه ذاته تعالى عن الاستواء وان الذي استوى على العرش المحيط بجميع الأجسام هو الرحمة المحيطة بالكل ومن لم يفرق بين استواء الذات واستواء الصفة فقد اخطأ وذلك ان الله تعالى غنى بذاته عن العالمين جميعا متجل بصفاته وأسمائه فى الأرواح والأجسام بحيث لا يرى فى مرائى الأكوان الا صور التجليات الاسمائية والصفاتية ولا يلزم من هذا التجلي ان تحل ذاته فى كون من الأكوان إذ هو الآن على ما كان عليه قبل من التوحد والتجرد والتفرد والتقدس ولذا كان أعلى المراتب الوصول الى عالم الحقيقة المطلقة إطلاقا ذاتيا كما أشار اليه قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وفى الحديث (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) ذكره فى الروضة فهذا يدل على ان الله تعالى ليس فى السماء ولا فى الأرض ولو كان لانقطع الطلب واما قوله عليه السلام (يا رب أنت فى السماء ونحن فى الأرض فما علامة غضبك

من رضاك قال إذا استعملت عليكم خياركم فهو علامة رضاى عنكم وإذا استعملت عليكم شراركم فهو علامة سخطى عليكم) على ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى كتاب المسامرة وقوله

ص: 364

عليه السلام لجارية معاوية بن الحكم السلمى (اين الله) فقالت فى السماء فقال (من انا) فقالت أنت رسول الله فقال (أعتقها فانها مؤمنة) ونحو ذلك من الاخبار الدالة على ثبوت المكان له تعالى فمصروفة عن ظواهرها محمولة على محل ظهور آثار صفاته العليا ولذا خص السماء بالذكر لانها مهبط الأنوار ومحل النوازل والاحكام ومن هذا ظهر ان من قال ان الله فى السماء عالم أراد به المكان كفر وان أراد به الحكاية عما جاء فى ظاهر الاخبار لا يكفر لانها مؤولة والأذهان السليمة والعقول المستقيمة لا تفهم بحسب السليقة من مثل هذه التشبيهات الأعين التنزيه- يروى- ان امام الحرمين رفع الله درجته فى الدارين نزل ببعض الأكابر ضيفا فاجتمع عنده العلماء والأكابر فقام واحد من اهل المجلس فقال ما الدليل على تنزيهه تعالى عن المكان وهو قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال الدليل عليه قول يونس عليه السلام فى بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فتعجب منه الناظرون فالتمس صاحب الضيافة بيانه فقال الامام ان هاهنا فقيرا مديونا بألف درهم أد عنه دينه حتى أبينه فقبل صاحب الضيافة دينه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذهب فى المعراج الى ما شاء الله من العلى قال هناك (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولما ابتلى يونس عليه السلام بالظلمات فى قعر البحر ببطن الحوت قال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فكل منهما خاطب بقوله أنت وهو خطاب الحضور فلو كان هو فى مكان لما صح ذلك فدل ذلك على انه ليس فى مكان فان قلت فليكن فى كل مكان قلت قد أشرت الى انه فى كل مكان بآثار صفاته وأنوار ذاته لا بذاته كما ان الشمس فى كل مكان بنورها وظهورها لا بوجودها وعينها ولو كان فى كل مكان بالمعنى الذي اراده جهلة المتصوفة فيقال فاين كان هو قبل خلق هذه العوالم ألم يكن له وجود متحقق فان قالوا لا فقد كفروا وان قالوا بالحلول والانتقال فكذلك لان الواجب لا يقارن الحادث الا بالتأثير والفيض وظهور كمالاته فيه لكن لا من حيث انه حادث مطلقا بل من حيث ان وجوده مستفاض منه فافهم فان قلت فاذا كان تعالى منزها عن الجهة والمكان فما معنى رفع الأيدي الى السماء وقت الدعاء قلت معناه الاستعطاء من الحزانة لان خزائنه تعالى فى السماء كما قال وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ وقال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ فثبت ان العرش مظهر استواء الصفة الرحمانية وان من يثبت له تعالى مكانا فهو من المجسمة ومنهم جهلة المتصوفة القائلون بانه تعالى فى كل مكان ومن يليهم من العلماء الزائغين عن الحق الخارجين عن طريق العقل والنقل والكشف فمثل مذهبهم وقذره كمثل مذهبهم وقذره فنعوذ بالله تعالى من التلوث بلوث الجهل والزيغ والضلال ونعتصم به عما يعصم من الوهم والخيال والحق حق والأشياء أشياء ولا ينظر الى الحق بعين الأشياء الا من ليس فى وجهه حياء لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ سواء كان ذلك بالجزئية منهما او بالحلول فيهما وَما بَيْنَهُما من الموجودات الكائنة فى الجو دائما كالهواء والسحاب او أكثريا كالطير اى له تعالى وحده دون غيره لا شركة ولا استقلالا كل ما ذكر ملكا وتصرفا واحياء واماتة وإيجادا واعداما وَما تَحْتَ الثَّرى

ص: 365

الثرى التراب الندى اى الرطب والأرض كما فى القاموس ويجوز الحمل على كليهما فى هذا المقام فان ظاهر الأرض تراب جاف وما هو أسفل منه تراب مبتل فان قلت الثرى إذا كان محمولا على السطح الأخير من العالم فما الذي تحته حتى يكون الله تعالى مالكا له قلت هو اما الثور او الحوت او الصخرة او البحر او الهواء على اختلاف الروايات وقال بعضهم أراد الثرى الذي تحت الصخرة التي عليها الثور الذي تحت الأرض ولا يعلم ما تحت الثرى الا الله تعالى كما لا يعلم أحد ما فوق السدرة الا هو اى الذي هو التراب الرطب مقدار خمسمائة عام تحت الأرض ولولا ذلك لا خرقت النار الدنيا وما فيها كما فى انسان العيون قال الكاشفى [زمين بر دوش فرشته ايست وقدمين فرشته بر صخره ايست وصخره بر شاخ كاوى وقوائم كاو بر پشت ماهى از حوض كوثر وماهى ثابت است بر بحر وبحر بر جهنم مبنى بر ريح وريح بر حجابى از ظلمت وآن حجاب بر ثرى وعلم اهل آسمان وزمين تا ثرى بيش نرسد وما تحت الثرى جز حق سبحانه نداند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرضين على ظهر النون والنون على بحر ورأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهى الصخرة المذكورة فى سورة لقمان فى قوله فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى لا يعلمه الا الله تعالى وذلك الثور فاتح فاه فاذا جعل الله البحار بحرا واحدا سالت فى جوفه فاذا وقعت فى جوفه يبست ذكره البغوي وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ اى ان تعلن بذكره تعالى ودعائه فاعلم انه تعالى غنى عن جهرك واعلانك فَإِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى يقال فلان يحسن الى الفقراء لا يراد حال ولا استقبال وانما يراد وجود الإحسان منه فى جميع الازمنة والأوقات ومنه قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى علمهما منه مستمر دائم وذلك ان علمه تعالى منزه عن الزمان كما هو منزه عن المكان باسره فالتغيير على المعلوم لا على العلم عندنا والسر واحد الاسرار وهو ما يكتم ومنه اسرّ الحديث إذا أخفاه وتنكيرا خفى للمبالغة فى الخفاء اى يعلم ما أسررته الى غيرك وشيأ أخفى من ذلك وهو ما اخطرته ببالك من غير ان تتفوّه به أصلا وما أسررته فى نفسك وأخفى منه وهو ما ستسره فيما سيأتى اى ما يلقيه الله فى قلبك من بعد ولا تعلم انك ستحدث به نفسك وهذا اما نهى عن الجهر كقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ واما ارشاد للعباد الى ان الجهر ليس لاسماعه بل لغرض آخر من تصور النفس بالذكر ورسوخه فيها ومنعها من الاشتغال بغيره وقطع الوسوسة عنها وهضمها بالتضرع والجؤار وإيقاظ الغير ونشر البركات الى مدى صوته وتكثير إشهاد ونحو ذلك وجاء انه عليه السلام لما توجه الى خيبر اشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله اكبر لا اله الا الله فقال عليه السلام (اربعوا على أنفسكم) اى ارفقوا بأنفسكم لا تبالغوا فى رفع أصواتكم (انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم) ويحتاج الى الجمع بين هذا امره عليه السلام برفع الأصوات بالتلبية وقد يقال المنهي عنه هنا الرفع الخارج عن العادة الذي ربما آذى بدليل قوله عليه السلام

ص: 366

اربعوا على أنفسكم اى ارفقوا بها كذا فى انسان العيون يقول الفقير انما نهى النبي عليه السلام أصحابه عن رفع الصوت إخفاء لامره عن العدو ولان اكثر أصحابه كانوا ارباب احوال فشأنهم الاعتدال بل الإخفاء الا لضرورة قوية كما فى إزاء العدو او اللصوص تهييبا لهم ولا شك ان أعدى العدو النفس وأشد اللصوص الشيطان ولذا اعتاد الصوفية بجهر الذكر تهييبا لهما وطرد للوسوسة وقد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم كما فى العقد الفريد وفى التأويلات النجمية السر باصطلاح اهل التحقيق لطيفة بين القلب والروح وهو معدن اسرار الروحانية والخفي لطيفة بين الروح والحضرة الالهية وهو مهبط أنوار الربوبية واسرارها ولهذا قال عقيب قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية اشارة الى ان مظهر الوهية صفاته العليا انما هو الخفي الذي هو أخفى من السر أي الطف وأعز وأعلى واشرف واقرب الى الحضرة الا وهو سر وعلم آدم الأسماء كلها وهو حقيقة قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) ثم اعلم ان لطيفة السر التي بين القلب والروح تكون موجودة فى كل انسان عند نشأته الاولى والخفي ينتشئ عند نشأته الاخرى فلذا يمكن ان يكون كل انسان مؤمن او كافر معدن اسرار الروحانية وجملتها المعقولات ولا يمكن الا لمؤمن موحد ان يكون مهبط أنوار الربانية واسرارها وجملتها المشاهدات والمكاشفات وحقائق العلوم اللدنية اللَّهُ خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المنعوت بما ذكر من النعوت الجليلة الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا معبود فى الأرض ولا فى السماء الا هو دل على الهوية بهذا القول فان هو كناية عن غائب موجود والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وفيه معنى حسن وهو التعالي عن درك الحواس حتى استحق اسم الكناية عن الغائب من غير غيبة كما فى بحر العلوم يقول الفقير على هذا المعنى بنى الصوفية ذكرهم بالاسم هو إخفاء وجهرا اجتماعا وانفرادا مع ان مرجعه هو الله فيكون فى حكم الاسم المظهر ولا ينازع فيه الا مكابر وفى الحديث (ان الله خلق ملكا من الملائكة قبل ان خلق السموات والأرض وهو يقول اشهد ان لا اله الا الله مادا بها صوته لا يقطعها ولا يتنفس فيها ولا يتمها فاذا أتمها امر اسرافيل بالنفخ فى الصور وقامت القيامة) كما فى التفسير الكبير فعلم منه ان الركن الأعظم للعالم ودوام وجوده انما هو الذكر فاذا انقطع الذكر انهدم العالم وكل فوت انما هو من أجل ترك الذكر- ذكر- ان صيادا كان يصيد السمكة وكانت ابنته تطرحها فى الماء وتقول انها ما وقعت فى الشبكة الا لغفلتها وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله) أكده بالتكرار ولا شك ان لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء الا الذي يعرف الحق المعرفة التامة وأتم الخلق معرفة بالله فى كل عصر خليفة الله وهو كامل ذلك العصر فكأنه يقول عليه السلام لا تقوم الساعة وفى الأرض انسان كامل وهو المشار اليه بانه العماد المعنوي الماسك فان شئت قلت الممسك لاجله فاذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة كذا فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين قدس سره لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى

ص: 367

بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد فى ذاته تعالى فانه روى ان المشركين حين سمعوا النبي عليه السلام يقول يا الله يا رحمن قالوا ينهانا ان يعبد الهين وقد يدعو الها آخر. والحسنى تأنيث الأحسن يوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كما رب اخرى وآياتنا الكبرى وفضل اسماء الله فى الحسن على سائر الأسماء لدلالتها على معانى التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والافعال التي هى النهاية فى الفضل والحسن قال فى تفسير الكبير يقال ان الله اربعة آلاف اسم ثلاثة آلاف منها لا يعلمها الا الله والأنبياء اما الالف الرابعة فان المؤمنين يعلمونها فثلاثمائة فى التوراة وثلاثمائة فى الإنجيل وثلاثمائة فى الزبور ومائة فى القرآن تسعة وتسعون ظاهرة وواحد مكنون من أحصاها دخل الجنة وليس حسن الأسماء لذواتها لانها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن المسمى حسنا ينطلق بالصورة والخلقة فان ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع الى معنى الإحسان مثلا اسم الستار والغفار والرحيم انما كانت حسنى لانها ذالة على معنى الإحسان- روى- ان حكيما ذهب اليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن أنت حسن ولا يليق بك الفعل القبيح وللقبيح أنت قبيح إذا فعلت القبيح عظم قبحك الهنا اسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة الا الإحسان ويكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا تضم اليه قبح العقاب ووحشة العذاب وفى الحديث (اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه) وذلك لانهم إذا قضوا الحاجات قضوا بوجه طلق وان ردوا ردوا بوجه طلق

كشته از لطف حق بعرصه خاك

حسن صورت دليل سيرت پاك

وقال بعضهم

يدل على معروفه حسن وجهه

وما زال حسن الوجه احدى الشواهد

وفى الحديث (إذا بعثتم الىّ رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم) الهنا حسن وجوهنا قبيح بعصياننا فمن هذا الوجه نستحيى طلب الحوائج وحسن الأسماء والصفات يدلنا عليك فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين قال موسى الهى أي خلق أكرم عليك قال الذي لا يزال لسانه رطبا من ذكرى قال فأى خلقك اعلم قال الذي يلتمس انى اعلم علم غيره قال فأى خلقك اعدل قال الذي يقضى على نفسه كما يقضى على الناس قال فأى خلقك أعظم جرما قال الذي يتهمنى وهو الذي يسألنى ثم لا يرضى بما قضيته له الهنا لانتهمك فانا نعلم ان كل ما أحسنت فهو فضل وكل ما لا تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء اعمالنا: قال الحافظ

در دائره قسمت ما نقطه تسليميم

لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى

وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى يحتمل ان يكون أول ما اخبر الله به من امر موسى فان السورة من أوائل ما نزل فيكون الاستفهام للانكار اى لم يأتك الى الآن خبر موسى وقصته وقد أتاك الآن بطريق الوحى فتنبه له واذكر لقومك ما فيه من امر التوحيد ونحوه ويحتمل انه قد أتاه ذلك سابقا فيكون استفهام تقرير فكأنه قال قد أتاك إِذْ رَأى ناراً ظرف

ص: 368

للحديث- روى- ان موسى عليه السلام تزوج صفوراء وقال السهيلي صفورياء بنت شعيب عليه السلام فاستأذن منه فى الخروج من مدين لزيارة امه وأخيه هارون فى مصر فخرج باهله وأخذ على غير الطريق خوفا من ملوك الشام فلما اتى وادي طوى وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له ولد فى ليلة مظلمة ذات برد وشتاء وثلج وكانت ليلة الجمعة فقدح زنده فصلد اى صوّت ولم يخرج ناوا وقيل كان موسى رجلا غيورا يصحب الناس بالليل ويفارقهم بالنهار غيرة منه لئلا يروا امرأته فلذا اخطأ الرفقة والطريق فبينما هو فى ذلك إذ رأى نارا من بعيد على يسار الطريق من جانب الطور فظن انها من نيران الرعاة فَقالَ لِأَهْلِهِ لامرأته وولده وخادمه فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد والعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن ملك امْكُثُوا اقيموا مكانكم ولا تتبعونى إِنِّي آنَسْتُ ناراً الإيناس الابصار البين الذي لا شبهة فيه ومنه انسان العين لانه يبين به الشيء والانس لظهورهم كما قيل الجن لاستتارهم اى أبصرتها ابصارا بينا لا شبهة فيه فأذهب إليها لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها راجيا ان اجيئكم من النار بِقَبَسٍ بشعلة من النار اى بشئ فيه لهب مقتبس من معظم النار وهى المرادة بالجذوة فى سورة القصص وبالشهاب القبس فى سورة النمل يقال قبست منه نارا فى رأس عود او فتيلة او غيرهما لم يقطع بان يقول انى آتيكم لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به انظر كيف احترز موسى عن شائبة الكذب قبل نبوته فانه حينئذ لم يكن مبعوثا قال اكثر المفسرين ان الذي رآه موسى لم يكن نارا بل كان نور الرب تعالى ذكر بلفظ النار لان موسى حسبه نارا وقال الامام الصحيح انه رأى نارا ليكون صادقا فى خبره إذ الكذب لا يجوز على الأنبياء انتهى قال بعض الكبار لما كانت النار بغية موسى تجلى الله له فى صورة مطلوبه المجازى ليقبل عليه ولا يعرض عنه فانه لو تجلى له فى غير صورة مطلوبه اعرض عنه لاجتماع ما تجلى فيه

كنار موسى يراها عين حاجته

وهو الإله ولكن ليس يدريه

اى ليس يعرف الإله المتجلى فى صورة النور والمتكلم فيها أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً هاديا يدلنى على الطريق لان النار قلما تخلو من اهل لها وناس عندها على انه مصدر سمى به الفاعل مبالغة او حذف منه المضاف اى ذا هداية كقوله فى سورة القصص لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ وكلمة او فى الموضعين لمنع الخلو دون منع الجمع ومعنى الاستعلاء فى على ان اهل النار يكتنفونها عند الاصطلاء قياما وقعودا فيشرفون عليها فَلَمَّا أَتاها اى انتهى الى النار التي آنسها قال ابن عباس رضى الله عنه رأى شجرة خضراء أحاطت بها من اسفنها الى أعلاها نار بيضاء تتقد كاضوء ما يكون ولم ير هناك أحدا فوقف متعجبا من شدة ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة فلا النار تغير خضرتها ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوء النار فسمع تسبيح الملائكة ورأى نورا عظيما تكل الابصار عنه فوضع يديه على عينيه وخاف وبهت فالقيت عليه السكينة والطمأنينة ثم نودى وكانت الشجرة سمرة خضراء او عوسجة او عليقا او شجرة العناب وهى شجرة لا نار فيها بخلاف غيرها من الأشجار قالوا النار اربعة اصناف صنف يأكل ولا يشرب وهى نار الدنيا. وصنف يشرب ولا يأكل وهى نار الشجر الأخضر. وصنف يأكل

ص: 369

ويشرب وهى نار جهنم. وصنف لا يأكل ولا يشرب وهى نار موسى وقالوا ايضا هى اربعة انواع نوع له إحراق بلا نور وهى نار الجحيم. ونوع له نور بلا إحراق وهى نار موسى. ونوع له إحراق ونور وهى نار الدنيا. ونوع ليس له إحراق ولا نور وهى نار الأشجار يقول الفقير النور للمحبة والنار للعشق وعند ما كمل وامتلأ نور محبة موسى وتم واشتعل نار عشقه وشوقه تجلى الله له بصورة ما فى بطنه وذلك لانه لما ولد له ولد القلب الذي هو طفل خليفة الله فى ارض الوجود فى ليلة شاتية هى ليلة الجلال ظهر له نور ذاتى فى صورة نار صفاتية لان الصورة انما هى للصفات واحترق جميع انانيته وحصل له التوجه الوحدانى فعند ذلك نُودِيَ فقيل يا مُوسى إِنِّي أَنَا للتوكيد والتحقيق يعنى [شك مكن ومتيقن شو كه من] رَبُّكَ [پروردگار توام] فَاخْلَعْ [پس بيرون كن وبيكفن از پاى خود] نَعْلَيْكَ امر بذلك لان الحفوة ادخل فى التواضع وحسن الأدب ولذلك كان بشر الحافى ونحوه يسيرون حفاة وكان السلف الصالحون يطوفون بالكعبة حافين

كنجى كه زمين وآسمان طالب اوست

چون در نكرى برهنه پايان دارند

او ليتشرف مشهد الوادي بقدوم قدميه وتتصل بركة الأرض اليه وقيل للحبيب تقدم على بساط العرش بنعليك ليتشرف العرش بغبار تعال قدميك ويصل نور العرش يا سيد الكونين إليك او لانه لا ينبغى لبس النعل بين يدى الملوك إذا دخلوا عليهم وهذا بالنسبة الى المرتبة الموسوية دون الجاه المحمدي كما مر آنفا وذكر فى فضائل ابى حنيفة انه كان إذا قدم على الخليفة للزيارة استدعى منه الخليفة ان لا ينزل عن بغلته بل يطأ بها بساطه. او لانهما كانا غير مدبوغين من جلد الحمار فالخطاب خطاب التأديب كما فى حل الرموز قال الكاشفى [أصح آنست كه نعلين از جلد بقر بود وطاهر] أو لأن النعل فى النوم يعبر بالزوجة فاراد تعالى ان لا يلتفت بخاطره الى الزوجة والولد قال فى الاسرار المحمدية جاء فى غرائب التفسير فى قوله سبحانه فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ يعنى همك بامرأتك وغنمك وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره يعنى الطبيعة والنفس يقول الفقير لا شك ان المرأة صورة الطبيعة والولد صورة النفس لان حبه من هواها غالبا وايضا ان المرأة فى حكم الرجل نفسه لانها جزؤ منه فى الأصل والغنم ونجوه انما هو من المعاش التابع للوجود فكأنه قيل فاخلع فكر النفس وما يتبعها أيا كان وتعال وقال بعضهم المراد بالنعلين الدنيا والآخرة كأنه امره بالاستغراق فى معرفة الله ومشاهدته والوادي المقدس قدس جلال الله وطهارة عزته وقال بعضهم ان اثبات الصانع يكون بمقدمتين فشبهتا بالنعلين إذ بهما يتوصل الى المقصود وينتقل الى معرفة الخالق فبعد الوصول يجب ان لا يلتفت إليهما ليبقى القلب مستغرقا فى نور القدس فكأنه قيل فاخلع فكر الدليل والبرهان فانه لا فائدة فيه بعد المشاهدة والعيان ساكنان حرم از قبله نما آزادند وفى المثنوى

چون شدى بر بامهاى آسمان

سرد باشد جست وجوى نردبان «1»

(1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود

ص: 370

آينه روشن كه شد صاف وجلى

جهل باشد بر نهادن صيقلى

پيش سلطان خوش نشسته در قبول

زشت باشد جستن نامه رسول

ولهذا غسل حضرة الشيخ الشبلي قدس سره جميع كتبه بعد الوصول الى الله تعالى فتدبر إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ المطهر والمتبعد من السوء طُوىً اسم الوادي عطف بيان له قال فى القاموس الوادي مفرج بين جبال او تلال او آكام وطوى واد بالشام وهو بالتنوين منصرف بتأويل المكان وبتركه غير منصرف بتأويل البقعة المعروفة- روى- ان موسى عليه السلام خلعهما والقاهما وراء الوادي وَأَنَا اخْتَرْتُكَ اى اصطفيتك للنبوة والرسالة وقرأ حمزة «وانا اخترناك» فَاسْتَمِعْ [پس كوش فرادار] لِما يُوحى للذى يوحى إليك منى من الأمر والنهى اللام متعلقة بالسمع مزيدة فى المفعول كما فى ردف لكم إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [بدرستى كه منم خداى تعالى] وهو بدل من يوحى دال على تقدم علم الأصول على الفروع فان التوحيد من مسائل الأصول والعبادة الآتية من الفروع لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [نيست خداى بغير من] فاذا كان كذلك فَاعْبُدْنِي فخصنى بالعبادة والتوحيد ولا تشرك بعبادتي أحدا وَأَقِمِ الصَّلاةَ من عطف الخاص على العام لفضله لِذِكْرِي من اضافة المصدر الى مفعوله اى لتذكرنى وتكون ذاكرا لى فان ذكر الله كما ينبغى عبارة عن الاشتغال بعبادته باللسان والجنان والأركان والصلاة جامعة لها او من إضافته الى فاعله اى لاذكرك بالاثابة وفى التأويلات النجمية وأدم المناجاة والمحاضرة معى ببذل الوجود لنيل ذكرى إياك بالتجلى على الدوام لا فناء وجودك المتجدد إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ تعليل لوجوب العبادة واقامة الصلاة. والساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة حقيقة يحدث فيها امر عظيم اى القيامة كائنة لا محالة وانما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقا لحصولها بابرازها فى معرض امر محقق متوجه نحو المخاطبين أَكادُ أُخْفِيها قال فى تفسير الجلالين استرها للتهويل والتعظيم وأكاد صلة انتهى وقال بعضهم كاد وان كان موضوعا للمقاربة الا انه من الله للتحقق والوجوب فالمعنى أريد إخفاء وقتها عن الخلق ليكونوا على الحذر منها كل وقت كما ان عسى فى قوله تعالى قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً للقطع بقربه أي هو قريب وفى الإرشاد لا أظهرها بان أقول هى آتية ولولا ما فى الاخبار بذلك من اللطف وقطع الاعذار لما فعلت وفى التأويلات النجمية أكاد أخفى الساعة وإتيانها وأخفى احوال الجنة ونعيمها واهوال النار وعذاب جحيمها لئلا تكون عبادتى مشوبة بطمع الجنة وخوف النار بل تكون خالصة لوجهى كما قال تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وفى ذلك تهديد عظيم للعباد واظهار عزة وعظمة لنفسه الا انه سبقت رحمتى غضبى فما أخفيت الساعة وإتيانها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى متعلقة بآتية وما بينهما اعتراض وما مصدرية اى بسعيها وعملها خيرا كان او شرا لتمييز المطيع من العاصي وتخصيص السعى بالذكر للايذان بان المراد بالذات من إتيانها هو الاثابة بالعبادة واما العقاب بتركها فمن مقتضيات سوء اختيار العصاة فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها اى لا يمنعنك عن ذكر الساعة ومراقبتها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها

ص: 371

اى بالساعة هذا وان كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عن الساعة لكنه فى الحقيقة نهى له عن الانصداد عنها على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية من أصلها وَاتَّبَعَ هَواهُ مراده المبنى على ميل النفس لا يعضده برهان سماوى ولا دليل عقلى وفى الإرشاد ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية فَتَرْدى من الردى وهو الموت والهلاك اى فتهلك فان الاغفال عنها وعن تحصيل ما ينجى من أحوالها مستتبع للهلاك لا محالة والمراد بهذا النهى الأمر بالاستقامة فى الدين وهو خطاب له والمراد غيره واعلم ان هذه الآيات والآتية بعدها دلت على ان الله تعالى كلم موسى عليه السلام وانه سمع كلام الله تعالى فان قيل بأى شىء علم موسى انه كلام الله قيل لم ينقطع كلامه بالنفس مع الحق كما ينقطع به مع المخلوق بل كلمه تعالى بمدد وحداني غير منقطع وبانه سمع الكلام من الجوانب الستة وبجميع الاجزاء فصار الوجود كله سمعا وكذا المؤمن فى الاخرة وجه محض وعين محض وسمع محض ينظر من كل جهة وبكل جهة وعلى كل جهة وكذا يسمع بكل عضو من كل جهة وإذا شاهد الحق يشهده بكل وجه ليس فى جهة من الجهات لا يحتجب سمعه وبصره بالجهات ويجوز ان يخلق الله تعالى علما ضروريا بذلك كما خلق لنبينا عليه السلام عند ظهور جبريل بغار حراء ثم اعلم ان للكلام مراتب فكلام هو عين المتكلم وكلام هو معنى قائم به كالكلام النفسي وكلام مركب من الحروف ومتعين بها وهو فى عالمى المثال والحس بحسبهما فموسى عليه السلام قد تنزل له الكلام فى مرتبة الأمر الى مرتبة الروح ثم الى مرتبة الحس ومن مشى على المراتب لم يعثر ألا ترى ان نبينا عليه السلام إذا نزل عليه الوحى كان يسمع فى بعض الأحيان مثل صلصلة الجرس فان التجلي الباطني لا يمنع مثل هذا فان قلت لماذا كلم الله موسى حتى صار كليم الله دون سائر الأنبياء قلت لان الجزاء انما هو من جنس العمل وكان قد احترق لسانه عليه السلام عند الامتحان الفرعوني فجازاه الله بمناجاته اسماع كلامه

هر محنتى مقدمه راحتى بود

شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت

رؤى بعضهم فى النوم فقيل ما فعل الله بك فقال رضى الله عنى ورحمنى وقال لى كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب فجوزى من حيث عمل حيث لم يقل له كل يا من قطع الليل تلاوة واشرب يا من ثبت يوم الزحف وقيل لبعضهم وقد رؤى يمشى فى الهواء بم نلت هذه الكرامة فقال تركت هواى لهواه فسخر لى هواه فالعلم والحكمة انما هى فى معرفة المناسبات قضاء عقليا وقضاء الهيا حكيما ومن قال ان الله تعالى يفعل خلاف هذا فليس عنده معرفة بمواقع الحكم وَما تِلْكَ السؤال بما تلك عن ماهية المسمى اى حقيقته التي هوبها هو كقولك ما زيد تعنى ما حقيقة مسمى هذا اللفظ فيجاب بانه انسان لا غير قال الكاشفى [چون موسى نعلين بيرون كرد در وادي مقدس خطاب رسيد كه] وما تلك. اى أي شىء هذه حال كونها مأخوذة بِيَمِينِكَ يا مُوسى فما استفهامية فى حيز الرفع بالخبرية لتلك المشار إليها اى العصا وهو أوفق بالجواب من عكسه والعامل فى الحال

ص: 372

معنى الاشارة ولم يقل بيدك لاحتمال ان يكون فى يساره شىء مثل الخاتم ونحوه فلو أجمل اليه لتحير فى الجواب للاشتباه وسيأتى سر الاستفهام أن شاء الله تعالى قالَ موسى هِيَ عَصايَ نسبها الى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة اليه عليه السلام أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى اعتمد عليها عند الاعياء فى الطريق وحال المشي وحين الوقوف على رأس القطيع فى المرعى وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي الهش [بيفشاندن برك از درخت] يقال هش الورق يهشه ويهشه خبطه بعصا ليتحات اى ضربه ضربا شديدا ليسقط. والمعنى اخبط بها الورق وأسقطه على رؤس غنمى لتأكله. وبالفارسية [وفرو ميريزم برك از درختها] وَلِيَ فِيها مَآرِبُ جمع مأربة بفتح الراء وضمها وهى الحاجة أُخْرى لم يقل آخر لرعاية الفاصلة اى حاجات اخر غير التوكى والهش وهى انه إذا سار القاها على عاتقه وعلق بها قوسه وكنانته وحلابه ومطهرته وحمل عليها زاده وتحدثه. يعنى [در راه با موسى سخن كفتى] وكان لها شعبتان ومحجن فاذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا حاول كسره لواه بالشعبتين وفى أسفلها سنان ويركزها فيخرج الماء وتحمل أي ثمرة أحب وربما يدليها فى البئر وتصير شعبتاها كالدلو فيخرج الماء وإذا قصر الرشاء وصله بها وتضيئ بالليل كالشمع وتحارب عنه. يعنى [با دشمن وى حرب كردى] وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها وتطرد الهوام فى النوم واليقظة ويستظل بها إذا كان قعد يعنى إذا كان فى البرية ركزها والقى كساءه عليها فكان ظلا وكانت اثنى عشر ذراعا بذراعه عليه السلام من عود آس من شجر الجنة استودعها عند شعيب ملك من الملائكة فى صورة انسان وقال الكاشفى [آن عصا از چوب مرد بهشت بود طول او ده كز وسر او دو شاخه ودر زير او سنانى نشانده نامش عليق بود يانيعه از آدم ميراث بشعيب رسيده بود وازو بموسى رسيد] وفى العصا اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام رعاة الخلق والخلق مثل البهائم محتاجون الى الرعي والكلاءة من ذئاب الشياطين واسد النفس فلا بد من العمل بإرشادهم والوقوف بالخدمة عند باب دارهم: قال الحافظ

شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد

كه چند سال بجان خدمت شعيب كند

قال بعض اهل المعرفة لما كانت العصا صورة النفس المطمئنة المفنية للموهومات والمتخيلات لان صورة الحية تستعد للايمان كما ظهر بعض الجن بالمدينة فى صورة الحية ونهوا عن قتلها كما ذكر فى الصحاح لذلك قال موسى عليه السلام هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى استعين بها على مطالبى فى السر وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي اى على رعايا أعضائي وحواسى وعلى ما تحت يدى من القوى الطبيعية والبدنية وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى اى مقاصد لا تحصل إلا بها من الكمالات المكتسبة بالمجاهدات البدنية والرياضات النفسية فاذا جاهدت وارتاضت وانابت الى ربها انقلبت المعصية التي هى السيئة طاعة اى حسنة كما قال تعالى فى صفة التائبين يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فان قيل السؤال للاستعلام وهو محال على العلام فما الفائدة فيه قلنا فائدته ان من أراد ان يظهر من الحقير شيأ نفيسا يعرضه اولا على الحاضرين ويقول ما هذا فيقال فلان

ص: 373

ثم انه يظهر صنعه الفائق فيه فيقول لهم خذوا منه كذا وكذا كما يريك الزراد زبرة من حديد ويقول لك ما هى فتقول زبرة حديد ثم يريك بعد ايام لبوسا مسردا فيقول لك هى تلك الزبرة صيرتها الى ما ترى من عجيب الصنعة وأنيق السرد فالله تعالى لما أراد ان يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة عرضها اولا عليه فقال هل حقيقة ما فى يدك إلا خشبة لا تضر ولا تنفع ثم قلبها ثعبانا عظيما فنبه به على كمال قدرته ونهاية حكمته قال الكاشفى [استفهام متضمن تنبيه است يعنى حاضر شو تا عجايب بينى] وقال فى التأويلات انما امتحن موسى بهذا السؤال تنبيها له ليعلم ان للعصا عند الله اسما آخر وحقيقة اخرى غير ما علمه منها فيحيل علمها الى تعالى فيقول أنت اعلم بها يا رب فلما اتكل على علم نفسه وقال هى عصاى فكأنه قيل له اخطأت فى هذا الجواب خطأين أحدهما فى التسمية بالعصا والثاني فى اضافتها الى نفسك وهو ثعبانى لا عصاك فان قيل هذا سؤال من الله

مع موسى ولم يحصل لمحمد عليه السلام قلنا خاطبه ايضا فى قوله (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)

الا انه ما أفشاه وكان سرا لم يؤهل له أحدا من الخلق وايضا فان دار الكلام بينه وبين موسى فامة محمد يخاطبونه فى كل يوم مرات على ما قاله عليه السلام (المصلى يناجى ربه) وقال بعضهم فهم موسى ان هذا السؤال ليس للاستعلام لانه تعالى منزه عن ذلك بل للتذكر واستحضار حقيقتها وما يعلم من منافعها ولذا زاد فى الجواب وقال الكاشفى [جواب داد وجهت تعداد نعم ربانى بر آن افزود] وقال بعضهم سأل الله عما فى يده للتقرير على انها عصا حتى لا يخاف إذا صارت ثعبانا ويعلم انها معجزة عظيمة ولازالة الوحشة عن موسى ولذا كرر يا موسى يعنى ليحصل زيادة الانبساط والاستئناس وازالة تلك الهيبة والدهشة الحاصرة من استماع ذلك الكلام الذي لم يشبه كلام الخلق مع مشاهدة تلك النار وتلك الشجرة وسمع تسبيح الملائكة ومن ثمة لما زالت بذلك اطنب فى الجواب قال نبينا عليه السلام قلت اى ليلة المعراج اللهم انه لما لحقنى استيحاش سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة ابى بكر رضى الله عنه فقال لى قف فان ربك يصلى فعجبت من هاتين هل سبقنى ابو بكر الى هذا المقام وان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى أقرا يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما فصلاتى رحمة لك ولامتك واما امر صاحبك يا محمد فان أخاك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان انسك بصاحبك ابى بكر خلقنا ملكا على صورته ينادى بلغته ليزول عنك الاستيحاش لما يلحقك من عظيم الهيبة كذا فى انسان العيون وذكر الراغب الاصفهانى فى المحاضرات انه قال الامام الشاذلى قدس سره صاحب الحزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت فى المنام قد نصب تحت خارج الأقصى فى وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل عليهم السلام قد حضروا ليشفعوا فى حسين الحلاج عند محمد عليه السلام فى اساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت

ص: 374

فاذا نبينا صلى الله عليه وسلم جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السلام فوقفت انظر واسمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه السلام وقال له انك قد قلت (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فارنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي قدس سره فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان الجواب ينبغى ان يطابق السؤال والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ وكان الجواب عصاى فاوردت صفات كثيرة فقال فبينما انا متفكر فى جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسنى شخص برجله رفسة مزعجة اى ضربنى فانتبهت فاذا بقيم يشعل قناديل الأقصى قال لا تعجب فان الكل خلقوا من نوره فخررت مغشيا فلما أقاموا الصلاة أفقت وطلبت القم فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال فى قصيدة البردة

وانسب الى ذاته ما شئت من شرف

وانسب الى قدره ما شئت من عظم

وقال آخر

سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا

سلطان باركاه دنا قائد امم

قالَ الله تعالى استئناف بيانى أَلْقِها يا مُوسى اطرحها لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك والإلقاء والنبذ والطرح بمعنى واحد فَأَلْقاها على الأرض قال الكاشفى [موسى كمان برد كه او را نيز چون نعلين مى بايد افكند پس بيفكند آنرا از قفاى خود فى الحال آوازى عظيم بكوش وى رسيد باز نكريست] فَإِذا هِيَ [پس از آنجا آن عصا] حَيَّةٌ [مارى بود] تَسْعى [مى شتافد بهر جانب] والسعى المشي بسرعة وخفة حركة والجملة صفة لحية- روى- انه حين القاها انقلبت حية صفراء فى غلظ العصا ثم انتفخت وعظمت فلذلك شبهت بالجان تارة وهو الخفيف كما قال تعالى كَأَنَّها جَانٌّ اى باعتبار ابتداء حالها وسميت ثعبانا اخرى وهو أعظمها كما قال تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى باعتبار انتهاء حالها وعبر عنها هاهنا بالاسم العام للحالين اى الصغير والكبير والظاهر انها انقلبت من أول الأمر ثعبانا وهو الأليق بالمقام كما يفصح عنه قوله تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وانما شبهت بالجان فى الجلادة وسرعة الحركة قال بعض اهل المعرفة اما انقلاب العصا حيوانا فايماء الى انقلاب المعصية طاعة وحسنة فان العصا من المعصية والمعصية إذا انقلبت صارت طاعة كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وهذا التبديل من مقام المغفرة واما المحو فى قوله عليه السلام (اتبع السيئة الحسنة تمحها) فعبارة عن حقيقة العفو قال المولى الجامى فى قوله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يعنى فى الحكم فان الأعيان أنفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى يقول الفقير على هذا يدور انقلاب العصا حية حين الإلقاء وتحول النحاس فضة عند طرح الإكسير وتمثل جبريل فى الصورة البشرية فاعرفه فأنه باب عظيم من دخله بالعرفان التام أمن من الأوهام: قال الحافظ

ص: 375

دست از مس وجود چومردان ره بشوى

تا كيمياى عشق بيابى وزر شوى

وقال المولى الجامى

چوكسب علم كردى در عمل كوش

كه علم بي عمل زهريست بي نوش

چهـ حاصل ز آنكه دانى كيميا را

مس خود را نكرده زر سارا

قالَ استئناف بيانى خُذْها وَلا تَخَفْ روى انها انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع كل شىء يمر به من صخر وحجر وعيناه تتقدان كالنار ويسمع لانيابه صريف شديد وكان بين لحييه أربعون ذراعا او ثمانون فلما رآه كذلك خاف ونفر لان الخوف والهرب من الحيات ونحوها من طباع البشر فان قيل لم خاف موسى من العصا ولم يخف ابراهيم من النار قلنا لان الخليل كان أشد تمكينا إذ فرق بين بداية الحال ونهايتها وقد أزال الله هذا الخوف من موسى بقوله ولا تخف ولذا تمكن من أخذ العصا كما يأتى فصار اهل تمكين كالخليل عليهما السلام ألا ترى ان نبينا عليه السلام أول ما جاءه جبريل خافه فرجع من الجبل مرتعدا ثم كان من امره ما كان حتى استعد لرؤيته على صورته الاصلية ليلة المعراج كما قال تعالى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى وفى التأويلات النجمية خُذْها وَلا تَخَفْ يعنى كنت تحسب ان لك فيها المنافع والمآرب فى البداية ثم رأيتها وأنت خائف من مضارها فخذها ولا تخف لتعلم ان الله تعالى هو الضار والنافع فيكون خوفك ورجاؤك منه اليه لامن غيره: وفى المثنوى

هر كه ترسيد از حق وتقوى كزيد

ترسد از وى جن وانس وهر كه ديد «1»

سَنُعِيدُها [زود باشد كه كردانيم ويرا] سِيرَتَهَا الْأُولى السيرة فعلة من السير اى نوع منه تجوز بها للطريقة والهيئة وانتصابها على نزع الجار اى سنعيدها بعد الاخذ الى هيئتها الاولى التي هى الهيئة العصوية فوضع يده فى فم الحية فصارت عصا كما كانت ويده فى شعبتيها فى الموضع الذي يضعها فيه إذا توكأ وأراه هذه الآية كيلا يخاف عند فرعون إذا انقلبت حية وفى الحديث (يجاء لصاحب المال الذي لم يؤد زكاته بذلك المال على صورة ثعبان) يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان لكل جسد روحا ولو كان معنويا ولكل عمل وخلق ووصف صورة معتدلة فى الدنيا تتحول صورة محسوسة فى الآخرة كما قال تعالى فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى يظهر لهم صور أعمالهم كما مر فى سورة الانعام ولما كان حب المال من أشد صفات النفس الامارة التي هى فى صورة ثعبان ضار لا جرم يظهر يوم تبلى السرائر على هذا الصورة المزعجة ويصير طوقا لعنق صاحبه فاذا تزكى موسى القلب من حب المال وأحب بذله فى سبيل الله جاء فى صورة حسنة يهواها مناسبة لما عمل به من الخيرات وقس حال البواقي عليه ثم أراه آية اخرى فقال وَاضْمُمْ [ضم كن وببر] يَدَكَ اليمنى إِلى جَناحِكَ [بسوى پهلوى خود در زير بغل] وجناح الإنسان جنبه وعضده الى اصل إبطه كما ان جناحى العسكر ناحيتاه مستعار من جناحى الطائر وقد سميا جناحين لانه يجنحهما اى يمينها عند الطيران. والمعنى واضمم يدك الى جنبك تحت العضد تَخْرُجْ [تا بيرون آيد جواب] بَيْضاءَ [در حالتى كه سفيد وروشن] حال من الضمير فيه

(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را إلخ

ص: 376

مِنْ غَيْرِ سُوءٍ حال من الضمير فى بيضاء اى كائنة من غير عيب وقبح كنى به عن البرص كما كنى بالسوءة عن العورة لما ان الطباع تعافه وتنفر عنه- روى- ان موسى عليه السلام كان أسمر اللون فاذا ادخل يده اليمنى تحت إبطه الأيسر وأخرجها كان عليها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ويسد الأفق ثم إذا ردها الى جنبه صارت الى لونها الاول بلا نور ويريق آيَةً أُخْرى اى معجزة اخرى غير العصا وانتصابها على الحالية من الضمير فى بيضاء لِنُرِيَكَ اى فعلنا ما فعلنا من قلب العصا حية وجعل اليد بيضاء لنريك بهاتين الآيتين مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى اى بعض آياتنا الكبرى فكل من العصا واليد من الآيات الكبرى وهى تسع كما قال تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ وقد سبق بيانها ونظير الآية قوله تعالى فى حق نبينا عليه السلام لَقَدْ رَأى اى محمد ليلة المعراج مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى والفرق بين آيات موسى وآيات نبينا عليهما السلام ان آيات موسى عجائب الأرض فقط وآيات نبينا عجائب السموات والأرض كما لا يخفى هذا هو اللائح فى هذا المقام فاعرفه واعلم ان موسى عليه السلام ادخل يده فى جيبه فاخرجها بيضاء من غير سوء وهذا من كرامات اليد بعد التحقق بحقيقة الجود والكرم والسخاء والإيثار فالجود عطاؤك ابتداء قبل السؤال والكرم عطاؤك ما أنت محتاج اليه وبالعطاء صحت الخلة- روى- ان الله تعالى أرسل الى ابراهيم جبريل عليهما السلام على صورة شخص فقال له يا ابراهيم أراك تعطى الأوداء والأعداء فقال تعلمت الكرم من ربى رأيته لا يضيعهم فانا لا أضيعهم فاوحى الله اليه ان يا ابراهيم أنت خليلى حقا ومن كرامات اليد ما روى ان نبينا عليه السلام نبع الماء من بين أصابعه فى غزوة تبوك حتى شرب منه ورفعه خلق كثير ورمى التراب فى وجوه الأعداء فانهزموا وسبح الحصى فى يده: قال العطار قدس سره

داعى ذرات بود آن پاك ذات

در كفش تسبيح از ان كفتى حصات

وقبض من شاء من الأولياء فى الهواء فيفتح يده عن فضة او ذهب الى أمثال هذا فاذا سمعت هذا عرفت ان كل كمال يظهر فى النوع الإنسان فهو اثر عمل من الأعمال او حال من الأحوال فبين كل شيئين اما مناسبة ظاهرة او باطنة إذا طلبها الحكيم المراقب وجدها نسأل الله تعالى ان يوفقنا لصرف الأعضاء والقوى الى ما خلقت هى لاجله ويفيض علينا فضله بسجله اذْهَبْ يا موسى بطريق الدعوة والتحذير إِلى فِرْعَوْنَ وملئه بهاتين الآيتين العصا واليد لقوله تعالى فى سورة القصص فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ واما قوله تعالى اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي فسيأتى معنى الجمع فيه ان شاء الله تعالى إِنَّهُ طَغى اى جاوز حد العبودية بدعوى الربوبية استقلالا لا اشتراكا كما قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وفيه اشارة الى معيين. أحدهما ان السالك الصادق إذا بلغ مرتبة كماله يقيضه الله لدلالة عباده وتربيتهم. والثاني ان كمال البالغين فى ان يرجعوا الى الخلق ومخالطتهم والصبر على اذاهم ليختبروا بذلك حلمهم وعفوهم فان قيل لم أرسله الله بالعصا قلنا لان العصا من آلات الرعاة وموسى عليه السلام كان راعيا فارسله الله مع آلته وابصا كان فرعون بمنزلة

ص: 377

الحمار فاحتاج الى العصا والضرب: وفى المثنوى

كر ترا عقلست كردم لطفها

ور خرى آورده ام خر را عصا «1»

آنچنان زين آخرت بيرون كنم

كز عصا كوش وسرت پر خون كنم

اندرين آخر خران ومردمان

مى نيابند از جفاى تو أمان

يك عصا آورده ام بهر ادب

هر خرى را كو نباشد مستحب

اژدهائى ميشود در قهر تو

كاژدهائى كشته در فعل وخو

اژدهائى كوهئ تو بي أمان

ليك بنكر اژدهاى آسمان

اين عصا از دوزخ آمد چاشنى

كه هلا بگريز اندر روشنى

ور نه درمانى تو در دندان من

مخلصت نبود ز در بندان من

اين عصائى بود اين دم اژدهاست

تا نكوئى دوزخ يزدان كجاست

هر كجا خواهد خدا دوزخ كند

اوج را بر مرغ دام وفخ كند

هم ز دندانت بر آيد دردها

تا بگوئى دوزخست واژدها

يا كند آب دهانت را عسل

كه بگوئى كه بهشتست وحلل

از بن دندان بروياند شكر

تا بدانى قوت حكم قدر

پس بدندان بي كنهانرا مكز

فكر كن از ضربت نامحترز

قالَ موسى مستعينا بالله لما علم انه حمل ثقيل وتكليف عظيم: يعنى [با خود انديشيد كه من تنها با فرعون ولشكر او چگونه مقاومت توانم كرد پس از خدا تقويت طلبيده آغاز ودعا كرد واز روى نياز كفت] رَبِّ [اى پروردگار من] اشْرَحْ لِي صَدْرِي [كشاده كردان براى من سينه مرا] والمراد بالصدر هنا القلب لا العضو الذي فيه القلب اى وسع قلبى حتى لا يضيق بسفاهة المعاندين ولجاجهم ولا يخاف من شوكتهم وكثرتهم واعلم ان شرح الصدر من نعم الله تعالى على الأنبياء وكمل الأولياء وقد أخذ منه نبينا عليه السلام الحظ الاوفى لانه حصل له بصورته ومعناه إذ شق صدره فى صباوته والقى عنه العلقة التي هى حظ الشيطان ومغمزه وغسل فى طست من الذهب وايضا فى البلوغ الى الأربعين لينشرح لتحمل أثقال الرسالة وفى المعراج ليتسع لاسرار الحق تعالى فجاء حاملا للاوصاف الجليلة التي لا توصف من الحلم والعفو والصبر والكف واللطف والدعاء والنصيحة الى غير ذلك وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي سهل على امر التبليغ باحداث الأسباب ورفع الموانع وَاحْلُلْ وافتح: وبالفارسية [وبگشاى] عُقْدَةً لكنة: وبالفارسية [كرهى را] مِنْ لِسانِي متعلق بالفعل وتنكير عقدة يدل على قلتها فى نفسها قالوا ما الإنسان لولا اللسان الا بهيمة مرسلة او صورة ممثلة والمرء باصغريه قلبه ولسانه يَفْقَهُوا قَوْلِي اى يفهم هو وقومه كلامى عند تبليغ الرسالة فانما يحسن التبليغ من البليغ وكان فى لسانه رتة: وبالفارسية [بستكى زبان] من جمرة أدخلها فاه وذلك ان فرعون حمله يوما فاخذ لحيته ونتفها لما كانت مرصعة بالجواهر فغضب وقال ان هذا عدوى

(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان منازعت كردن أميران عرب يا رسول خدا عليه السلام كه ملك مقاسمه كن إلخ [.....]

ص: 378

المطلوب وامر بقتله فقالت آسية زوجته ايها الملك انه صبى لا يفرق بين الجمر والياقوت فاحضرا بين يدى موسى بان جعل الجمر فى طست والياقوت فى آخر فقصد الى أخذ الجوهر فامال جبرائيل يده الى الجمر فرفعه الى فيه فاحترق لسانه فكانت منه لكنة وعجمة والى هذه القصة أشار العطار قدس سره بقوله

همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم

طفل فرعونيم ما كام ودهان پر اخكرست

ولعل تبيض يده لما كانت آلة لاخذ الجمر واللحية والنتف فان قيل لم احترق لسان موسى ولم يحترق أصابعه حين قبض على الجمر عند امتحان فرعون قلنا ليكون معجزة بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة لانه شاهد احتراقه عنده فيكون دليلا على اعجازه كأنه يقول الكليم أخرجني الله من عندك يا فرعون مغلولا ذا عقدة ثم ردنى إليك فصيحا متكلما وأورثني ذلك ابتلاء من ربى حال كونى صغيرا ان جعلنى كليما مع حضرته حال كونى كبيرا وأورث تناول يدى الى النار آية نيرة بيضاء كشعلة النار فى أعينكم فكل بلاء حسن قال فى الاسئلة المقحمة لما دعا رسى بهذا الدعاء هل انحلت اى كما يدل عليه قوله قال قد أوتيت سؤلك فلماذا قال وأخي هارون هو افصح منى لسانا وقال فرعون فيه ولا يكاد يبين الجواب يجوز ان يكون هارون هو افصح منه مع زوالها وقول فرعون تكلم به على وجه المعاندة والاستصغار كما كما يقول المعاند لخصمه لا تقول شيأ ولا تدرى ما تقول وقالوا لشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وقالوا لهود ما جئتنا ببينة ولنبينا عليه السلام قلوبنا فى اكنة انتهى والى هذا التأويل جنح المولى ابو السعود فى الإرشاد وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً الوزير حباء الملك اى جليسه وخاصتة الذي يحمل ثقله وبعينه برأيه كما فى القاموس فاشتقاقه من الوزير بالكسر الذي هو الثقل لانه يحمل الثقل عن أميره او من الوزر محركة وهو الملجأ والمعتصم لان الأمير يعتصم برأيه ويلجأ اليه فى أموره والمعنى واجعل لى موازرا يعاوننى فى تحمل أعباء ما كلفته مِنْ أَهْلِي من خواصى واقربائى فان الأهل خاصة الشيء ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي واهل الله خاصته كما فى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) كما فى المقاصد الحسنة وهو صفة لوزير او صلة لا جعل هارُونَ مفعول أول لا جعل قدم عليه الثاني وهو وزيرا للعناية به لان مقصوده الأهم طلب الوزير أَخِي بدل من هارون اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي الأزر القوة والظهر اى احكم به قوتى او قوّ به ظهرى وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي واجعله شريكى فى امر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغى فان قيل كيف سأل لاخيه النبوة فانما هى باختيار الله تعالى كما قال (الله اعلم حيث يجعل رسالته) قلت ان فى اجابة الله دليلا على ان سؤاله كان بإذن الله وإلهاما منه ولما كان التعاون فى الدين درجة عظيمة طلب ان لا يحصل الا لاخيه وفيها اشارة الى ان صحبة الأخيار وموازرتهم مرغوب للانبياء فضلا عن غيرهم ولا ينبغى ان يكون المرء مستبدا برأيه مغرورا بقوته وشوكته وينبغى ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ويجوز لنفسه الشريك فى امور المناصب ولا تقدح وزارة هارون فى نبوته وقد كان اكثر أنبياء بنى إسرائيل كذلك اى كان أحدهم موازرا ومعينا للآخر فى تبليغ الرسالة وكان هارون بمصر

ص: 379

حين بعث موسى نبيا بالشام كَيْ غاية للادعية الثلاثة الاخيرة: والمعنى بالفارسية [تا] نُسَبِّحَكَ تسبيحا كَثِيراً اى ننزهك عما لا يليق بك من الافعال والصفات التي من جملتها ما يدعيه فرعون وَنَذْكُرَكَ ذكرا كَثِيراً اى على كل حال ونصفك بما يليق بك من صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال فان التعاون يهيج الرعبات ويؤدى الى تكاثر الخير وتزايره قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان للجليس الصالح والصديق الصديق أثرا عظيما فى المعاونة على كثرة الطاعة والموافقة والموافقة فى اقتحام عقبات السلوك وقطع مفاوزه: قال الحافظ

دريغ ودرد كه تا اين زمان ندانستم

كه كيمياى سعادت رفيق بود رفيق

إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً الباء متعلقة ببصيرا قدمت عليه لرعاية الفواصل اى عالما بأحوالنا وان التعاون يصلحنا وان هارون نعم الوزير والمعين لى فيما أمرتني به فانه اكبر منى سنا وافصح لسانا وكان اكبر من موسى بأربع سنين او بسنة على اختلاف الروايات قالَ الله تعالى قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى مسئولك ومطلوبك فعل بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز والإيتاء عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوقوع تلك المطالب وحصولها له قال داود القيصري قدس سره ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء الأدباء الأمناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم انتهى وذلك كما كان آصف بن برخيا وزيرا لسليمان عليه السلام الذي كانت قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم فظهر عنه ما ظهر من إتيان عرش بلقيس كما حكاه الله تعالى فى القرآن وكان انو شروان يقول لا يستغنى أجود السيوف عن الصيقل ولا أكرم الدواب عن السوط: ولا اعلم الملوك عن الوزير وفى الحديث (إذا أراد الله بملك خيرا قيض له وزيرا صالحا ان نسى ذكره وان نوى خيرا أعانه وان نوى شرا كفه) وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزراء كما قال (ان لى وزيرين فى الأرض أبا بكر وعمر ووزيرين فى السماء جبريل واسرافيل) فكان من فى السماء بمده عليه السلام من جهة الروحانية ومن فى الأرض من جهة الجسمانية قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ فنصر الله سماوى ونصر المؤمنين ارضى وبالكل يحصل الامداد مطلقا وفى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى شرح الأربعين حديثا والمراد من اهل القبور الروحانيون سواء كانوا فى الأجساد الكثيفة او اللطيفة فافهم ثم ان العادل يرث من النبي عليه السلام هذه الوزارة واما الظالم فيجعل له وزير سوء وهو علامة غضب الله وانتقامه: قال الشيخ سعدى قدس سره

بقومي كه نيكى پسندد خداى

دهد خسرو عادل نيك راى

چوخواهد كه ويران كند عالمى

كند ملك در پنجه ظالمى

: وقال الحافظ

زمانه كرنه سر قلب داشتى كارش

بدست آصف صاحب عيار بايستى

ص: 380

ولما كان السلطان ظل الله فى الأرض ظهر مظهر الحقيقة الجامعة الالهية وهو القطب الذي هو مدار العالم فكما ان للقطب وزراء من العلماء الأمناء كذلك لمن هو ظله وزراء من العادلين الأدباء وهذه الوزارة ممتدة الى زمن المهدى ووزراؤه سبعة هم اصحاب الكهف يحبيهم الله فى آخر الزمان يختم بهم رتبة الوزراء المهدية ومنهم الوزراء السبعة للملوك العثمانية وهم الذين يسمعون بوزراء القبلة واعلم ان موسى بطريق الاشارة سلطاننا فى الآفاق وروحنا فى الأنفس وهارون هو الوزير أيا من كان فى الآفاق والعقل فى الأنفس وفرعون هو رئيس اهل الحرب من النصارى وغيرهم والنفوس الامارة بالسوء فاذا قارن الروح بالعقل الكامل المشير المدبر وهو عقل المعاند يغلب على النفس وقواها ويخلص حصن القلب من أيديها كما ان السلطان إذا اصطفى لوزارته رجلا صالحا عادلا يغلب ان شاء الله تعالى على الأعداء ويتصرف فى بلادهم وحصونهم: وفى المثنوى

عقل تو دستور مغلوب هواست

در وجودت رهزن راه خداست

واى آن شه كه وزيرش اين بود

جاى هر دو دوزخ پر كين بود

شاد آن شاهى كه او را دستكير

باشد اندر كار چون آصف وزير

شاه عادل چون قرين او شود

نام او نور على نور اين بود

چون سليمان شاه و چون آصف وزير

نور بر نورست وعنبر بر عبير

شاه فرعون و چوهامانش وزير

هر دو را نبود ز بد بختي كريز «1»

پس بود ظلمات بعضى فوق بعض

نى خرد يار ونه دولت روز عرض

عقل جزؤى را وزير خود مكير

عقل كل را ساز اى سلطان وزير

مر هوا را تو وزير خود مساز

كه بر آرد جان پاكت از نماز

كين هوا پر حرص وحالى بين بود

عقل را انديشه يوم الدين بود

وفى الحديث (من قلد إنسانا عملا وفى رعيته من هو اولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين) : قال الشيخ سعدى قدس سره

كسى را كه با خواجه تست جنك

بدستش چرا مى دهى چوب وسنك

سك آخر كه باشد كه خوانش نهند

بفرماى نا استخوانش نهند

مكافات موذى بمالش مكن

كه بيخش بر آورد بايد زبن

سر كرك بايد هم أول بريد

نه چون كوسفندان مردم دريد

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ من قولهم من عليه منا بمعنى أنعم عليه لا من قولهم عليه منة بمعنى امتن عليه لان المنة تهدم الصنيعة وفى الكبير فان قيل ذكر تلك النعم بلفظ المنة مؤذ والمقام مقام التلطف قلنا عرفه انه لم يستحق شيأ منها بذاته وانما خصه بها بمحض التفضل والمعنى وبالله لقد أنعمنا عليك يا موسى أكرمناك بكرامات من غيران تسألنا مَرَّةً أُخْرى فى وقت ذى مر وذهاب اى وقتا غير هذا الوقت فان اخرى تأنيث اخر بمعنى غير والمرة فى الأصل اسم للمر الواحد الذي هو مصدر قولك مريمر مرا ومرورا اى ذهب ثم اطلق

(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان ما نستن بدر آبى ابن وزير دون در إفساد مروت شاه بوزير فرعون يعنى هامان

ص: 381

على فعلة واحدة من الفعلات متعدية كانت او لازمة ثم شاع فى كل فرد واحد من افراد ماله افراد متحدة فصار علما فى ذلك حتى جعل معيارا لما فى معناه من سائر الأشياء فقيل هذا بناء المرة ويقرب منها الكرة والتارة والدفعة والمراد به هاهنا الوقت الممتد الذي وقع فيه ما سيأتى ذكره من المنن العظيمة الكثيرة إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ظرف لمننا والمراد من هذا الوحى ليس الوحى الواصل الى الأنبياء لان أم موسى ما كانت من الأنبياء فان المرأة لا تصلح للامارة والقضاء فكيف تصلح للنبوة بل الإلهام كما فى قوله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ بان أوقع الله فى قلبها عزيمة جازمة على ما فعلته من اتخاذ التابوت والقذف قال فى الاسئلة المقحمة كيف يجوز لها ان تلقى ولدها فى البحر وتخاطر بروحه بمجرد الإلهام والجواب كانت مضطرة الى ركوب أحد الخطرين فاختارت له خير الشرين انتهى والظاهر ان الله تعالى قدر انها تكون صدف درة وجود موسى فكما ان الصدف يتنور بنور الدرة نور صدر امه ايضا بنور الوحى من تلألؤ أنوار نبوته ورسالته فهذا الإلهام من احوال الخواص من اهل الحال ما يُوحى المراد به ما سيأتى من الأمر بقذفه فى التابوت والبحر أبهم اولا تهويلا له وتفخيما لشأنه عليه السلام ثم فسر ليكون أقر عند النفس أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ان مفسرة بمعنى اى لان الوحى من باب القول اى قلنا لها اقذفيه ومعنى القذف هاهنا الوضع وفى قوله فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ الإلقاء وليس المراد القذف بلا تابوت واليم نيل مصر فى قول جميع المفسرين فان اليم يقع على البحر والنهر العظيم فان قيل ما الحكمة بإلقاء موسى فى اليم دون غيره فيه قلنا له جوابان بلسان الحكمة والمعرفة قيل بلسان الحكمة ان المنجمين حتى إذا القى شىء فى الماء يخفى عليهم امره فاراد الله ان يخفى حال موسى على المنجمين حتى لا يخبروا به فرعون وقيل بلسان الحال ألقيه فى التلف لا نجيه بالتلف من التلف قيل لها بلسان الحال سلميه الىّ صبيا أسلمه إليك نبيا وقيل أنجاه من البحر فى الابتداء كذلك أنجاه من البحر فى الانتهاء بإغراق فرعون بالماء وقال بعض ارباب المعارف التابوت اشارة الى ناسوت موسى عليه السلام اى صورته الانسانية واليم اشارة الى ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم العنصري فلما حصلت النفس فى هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لها هذا القوى آلات يتوصل بها الى ما اراده الله منها فى تدبير هذا التابوت فرمى فى اليم ليحصل له بهذا القوى من فنون العلم تكميل استعداده بذلك الأمر من النفس الكلية التي هى امه المعنوية وأبوه الروح الكلى فكل ولد منها يأخذ استعداده بحسب القابلية فكمل لموسى الاستعداد الأصلي بذلك الإلقاء من توجه النفس الكلية له: وقال المولى الجامى قدس سره

ديدم رخت آفتاب عالم اينست

در طور وجود نور أعظم اينست

افتاد دلم أسير تابوت بدن

در بحر غمت القى فى اليم اينست

فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ لما كان إلقاء البحر إياه بالساحل امرا واجب الوقوع لتعلق الارادة الربانية به جعل البحر كأنه ذو تمييز مطيع امر بذلك واخرج الجواب مخرج الأمر فصورته امر ومعناه خبر والضمائر كلها لموسى والمقذوف فى البحر والملقى بالساحل وان كان التابوت

ص: 382

أصالة لكن لما كان المقصود بالذات ما فيه جعل التابوت تبعا له فى ذلك. والساحل فاعل بمعنى مفعول من السحل لانه يسحل الماء اى يقشره ويسلخه وينزع عنه ما هو بمنزلة القشر على ظاهره يقال قشرت العود نزعت عنه قشره يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ بالجزم جواب للامر بالإلقاء وتكرير عدو للمبالغة اى دعيه حتى يأخذه العدو فانى قادر على تربية الولي فى حجر العدو ووقايته من شره بإلقاء محبة منه عليه فان قيل كيف يجوز ان يكون مثل فرعون له رتبة معاداته تعالى حتى سمى عدو الله قلنا معناه يأخذه مخالف لامرى كالعدو كذا فى الاسئلة المقحمة قالوا ليس المراد بالساحل نفس الشاطىّ بل ما يقابل الوسط وهو مايلى الساحل من البحر بحيث يجرى ماؤه الى نهر فرعون لما روى انها جعلت فى التابوت قطنا ووضعته فيه ثم أحكمته بالقير وهو الزفت لئلا يدخل فيه الماء وألقته فى اليم وكان يدخل منه الى بستان فرعون نهر فدفعه الماء اليه فاتى به الى بركة فى البستان وكان فرعون جالسا ثمة مع آسية بنت مزاحم فامر به فاخرج ففتح فاذا هو صبى أصبح الناس وجها ولما وجده فى اليم عنده الشجر سماه موسى و «مو» هو الماء بالقبطية و «سا» هو الشجر وأحبه حبا شديدا لا يكاد يتمالك الصبر عنه وذلك قوله تعالى وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً عظيمة كائنة مِنِّي قد زرعتها فى القلوب بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك ولذا أحبك عدو الله وآله- روى- انه كان على وجهه مسحة جمال وفى عينيه ملاحة لا يكاد يصبر عنه من راه

ماه زيباست ولى روى تو زيباتر ازوست

چشم نركس چهـ كنم چشم تو رعناتر ازوست

وفى التأويلات النجمية وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً من محبتى ليحبك بمحبتى من أحبني بالتحقيق ويحبك عدوى وعدوك بالتقليد كما ان آسية أحبته بحب الله على التحقيق وفرعون أحبه لما الفى الله عليه محبة بالتقليد ولما كانت محبة فرعون بالتقليد فسدت وبطلت بأدنى حركة رآها من موسى ولما كانت محبة آسية بالتحقيق ثبتت عليها ولم تتغير وهكذا يكون ارادة اهل التقليد تفسد بأدنى حركة لا تكون على وفق طبع المريد المقلد ولا تفسد ارادة المريد المحقق بأكبر حركة تخالف طبعه وهواه وهو مستسلم فى جميع الأحوال

نشان اهل خدا عاشقى وتسليمست

كه در مريد شهر اين نشان نمى بينم

وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي عطف على علة مضمرة لا لقيت اى ليتعطف عليك ولتربى بالنحو والشفقة ويحسن إليك وانا راقبك ومراعيك وحافظك كما يراعى الرجل الشيء بعينه إذا اعتنى به من قولهم صنع اليه معروفا إذا احسن اليه. وعينى حال من الضمير المستتر فى لتصنع لا صلة له جعل العين مجازا عن الرعاية والحراسة بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب فان الناظر الى الشيء يحرسه مما لا يريد فى حقه ويراعيه حسبما يريد فيه. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من أدركته العناية الازلية يكون فى جميع حالاته منظور نظر العناية لا يجرى عليه امر من امور الدنيا والآخرة الا وقد يكون له فيه صلاح وتربية الى ان يبلغه درجة ومقاما قد قدر له إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ مريم ظرفّ لتصنع على ان المراد به وقت وقع فيه مشيها الى بيت فرعون وما ترتب عليه من القول والرجع الى أمها وتربيتها له بالبر والحنو وهو المصداق لقوله (ولتصنع على

ص: 383

عينى) إذ لا شفقة أعظم من شفقة الام قال ابن الشيخ تقييد التربية بزمان مشى أخته صحيح لان التربية انما وقعت زمان المشي ورده الى امه فَتَقُولُ اى لفرعون وآسية حين رأتهما يطلبان له عرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل تديا وصيغة المضارع فى الفعلين لحكاية الحال الماضية اى قالت هَلْ أَدُلُّكُمْ [آيا دلالت كنم شما را] اى حاضران عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ [بر كسى كه تكفل اين طفل كند واو را شير دهد] اى يضمه الى نفسه ويربيه وذلك انما يكون بقبول ثديها- يروى- انه فشا الخبر بمصر ان آل فرعون أخذوا غلاما من النيل لا يرضع ثدى امرأة واضطروا الى تتبع النساء فخرجت مريم لتعرف خبره فجاءتهم منكرة فقالت ما قالت وقالوا من هى قالت أمي قالوا ألها لبن قالت نعم لبن أخي هارون فجاءت بها فقبل ثديها فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ الفاء فصيحة معربة عن محذوف قلبها يعطف

عليه ما بعدها اى فقالوا دلينا عليها فجاءت بامك فرجعناك إليها اى رددناك: وبالفارسية [پس باز كردانيديم ترا بسوى مادر تو وبوعده وفا كرديم] وهو قوله إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وذلك لان إلهامها كان من الهام الخواص الذي بمنزلة الوحى فلا تستبعد عليها هذه المكالمة المعنوية ويجوز ان يكون ذلك من قبيل الاعلام بالمبشرة كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها [تا شايد كه روشن شود چشم مادر بلقاء تو] وقال بعضهم تطيب نفسها بلقائك يقال قرت عينه إذا بردت نقيض سخنت هذا أصله ثم استعير للسرور وهو المراد هاهنا كما فى بحر العلوم وَلا تَحْزَنَ على فقدك: وبالفارسية [واندوهناك نكردد بفراق تو] قال فى الكبير فان قيل وَلا تَحْزَنَ فضل لان السرور يزيل الغم لا محالة قلنا تقر عينها بوصولك إليها ولا تحزن بوصول لبن غيرها الى باطنك انتهى وفى الإرشاد اى لا يطرأ عليها الحزن بفراقك بعد ذلك وإلا فزوال الحزن مقدم على السرور المعبر عنه بقرة العين فان التخلية متقدمة على التحلبة انتهى يقول الفقير الواو لمطلق الجمع وايضا ان الثاني لتأكيد الاول فلا يرد ما قالوا وَقَتَلْتَ نَفْساً هى نفس القبطي الذي استغاثه الاسرائيلى عليه كما يأتى فى سورة القصص فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ اى غم قتله خوفا من عقاب الله بالمغفرة ومن اقتصاص فرعون بالانجاء منه بالمهاجرة الى مدين وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً الفتنة والفتون المحنة وكل ماشق على الإنسان وكل ما يبتلى الله به عباده فتنة ولا يطلق الفتان على الله لانه صفة ذم عرفا واسماء الله توقيفية فان قيل كيف يجوز ذكر الفتن عند ذكر النعم قلنا الفتنة تشديد المحنة ولما أوجب تشديد المحنة كثرة الثواب عده الله فى النعم ألا ترى الى قوله عليه السلام (ما او ذى نبى مثل ما او ذيت) وقد فسره البعض بقوله ما صفى نبى مثل ما صفيت والمعنى ابتليناك ابتلاء وقال بعضهم طحناك بالبلاء طحنا: وبالفارسية [وبيازموديم ترا آزمودنى يعنى ترا در بوته بلاها افكنديم وخالص بيرون آمدى] ومن ابتلائه قتله القبطىّ ومهاجرته من الوطن ومفارقة الأحباب والمشي راجلا وفقد الزاد ونحو ذلك مما وقع قبل وصوله الى مدين بقضية الفاء الآتية وفى التأويلات النجمية منها فتنة صحبتك مع فرعون وتربيتك مع قومه فحفظناك من التدين يدينهم ومنها فتنة قتل نفس بغير الحق وفرارك من فرعون بسبب قتل القبطي فنجوت منها

ص: 384

ومنها ابتليناك بابنتي شعيب واحتياجهما إليك فى سقى غنمهما فلولا حفظناك لملت إليهما ميل البشر للنساء ومنها ابتليناك بخدمة شعيب وصحبته واستجاره فوفقناك للخروج من عهدة حقوقه وعهوده قال بعض الكبار اختبره فى مواطن كثيرة ليتحقق فى نفسه صبره على ما ابتلاه به فاول ما ابتلاه الله به قتل القبطي بما ألهمه الله فى سره وان يعلم بذلك الإلهام ولكن كان فيه علامة ذلك وهو ان لم يجد فى نفسه مبالاة بقتله فعدم مبالاته بقتله مع عدم انتظاره الوحى علامة كونه ملهما به فى السر والا ينبغى ان يعتريه وحشة عظيمة من ذلك الفعل وانما قلنا انه عليه السلام كان ملهما فى قتل القبطي لان باطن النبي معصوم من ان يميل الى امر ولم يكن مأمورا به من عند ربه وان كان فى السر ولكون النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يخبر بان ذلك الأمر مأمور به فى السر أراه الخضر حين قصد تنبيهه على ما ذهل عنه من كونه ملهما بقتل القبطي قتل الغلام فانكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر ما فعلته عن امرى ينبهه على مرتبته قبل ان ينبأ انه كان معصوم الحركة فى قتله فى نفس الأمر وان لم يشعر بذلك وأراه ايضا حرق السفينة الذي ظاهره هلك وباطنه نجاة من يد الغاصب جعل له ذلك فى مقابلة التابوت الذي كان فى اليم مطبقا عليه فان ظاهره هلاك وباطنه نجاة وانما فعلت به امه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون ان يذبحه مع الوحى الذي ألهمها الله من حيث لا تشعر فوجدت فى نفسها انها ترضعه فاذا خافت عليه ألقته فى اليم وغلب على ظنها ان الله ربما رده إليها لحسن ظنها به وقالت حين ألهمت ذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها إذ

لم يكن عندها دليل يفيد العلم بذلك وهذا التوهم والظن علم باعتبار ان متعلقه حق مطابق للواقع متحقق فى نفس الأمر فَلَبِثْتَ سِنِينَ عشر سنين فِي أَهْلِ مَدْيَنَ اى عند شعيب لرعى الأغنام لان شعيبا انكحه بنته صفوراء على ان يخدمه ثمانى سنين فخدمه عشرا قضاء لاكثر الأجلين كما يأتى فى سورة القصص ومدين على ثمانى مراحل من مصر وذكر اللبث دون الوصول إليهم اشارة الى مقاساة شدائد اخرى فى تلك السنين كايجار نفسه ونحوه مما كان من قبيل الفتون. وفى التأويلات النجمية فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ لتستحق بتربية شعيب وملازمته النبوة والرسالة: قال الحافظ

شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد

كه چند سال بجان خدمت شعيب كند

يقول الفقير انظر كيف ان الله تعالى جعل فى الأمر المكروه امرا محبوبا فان قتل القبطي ساق موسى الى خدمته شعيبا الى ان استعد للنبوة وقس على هذا ما عداه وإذا كانت النبوة مما يقدم لها الخدمة مع كونها اختصاصا الهيا فما ظنك بالولاية ثُمَّ جِئْتَ اى الوادي المقدس بعد ضلال الطريق وتفرق الغنم فى الليلة المظلمة ونحوها عَلى قَدَرٍ تقدير قدرته لان أكلمك واستنبئك غير مستقدم وقته المعين ولا مستأخر او على مقدار من السن يوحى فيه الى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة وفى الحديث (ما بعث الله نبيا الا على رأس أربعين سنة) كما فى بحر العلوم وأورده البعض فى الموضوعات لان عيسى عليه السلام نبئ ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين ونبئ يوسف عليه السلام فى البئر وهو ابن ثمانى عشرة وكذا يحيى عليه السلام اوتى

ص: 385

الحكم وهو صبى فاشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ كما فى المقاصد الحسنة يا مُوسى كرره تشريفا له عليه السلام وتنبيها على انتهاء الحكاية التي هى تفصيل المرة الاخرى التي وقعت قبل المرة المحكية وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي تذكير لقوله وانا اخترتك اى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامي فهو تمثيل لما أعطاه تعالى من الكرامة العظمى بتقريب الملك بعض خواصه واصطناعه لنفسه وترشيحه لبعض أموره الجليلة وقال الكاشفى [وترا بركزيديم وخالص ساختيم براى محبت خود يعنى ترا دوست كرفتيم] وفى حواشى ابن شيخ اى اخترتك لتحبنى وتتصرف على إرادتي ومحبتى وتشتغل بما امرتك من اقامة حجتى وتبليغ رسالتى وان تكون فى حركاتك وسكناتك لوجهى لا لنفسك ولا لغيرك. والاصطناع افتعال من الصنع بالضم وهو مصدر قولك صنع اليه معروفا واصطناع فلان اتخاذه صنيعا محسنا اليه بتقريبه وتخصيصه بالتكريم والإجلال عن القفال قال اصطنعتك أصله من قولهم اصطنع فلان فلانا إذا احسن اليه حتى يضاف اليه فيقال هذا صنيع فلان كما يقال هذا جريح فلان وفى القاموس واصطنعتك لنفسى اخترتك لخاصة امر أستكفيكه انتهى وحقيقته جعله عليه السلام مرآة قابلة لانوار صفات الجمال والجلال وفيه اشارة الى ان الخواص انما خلقوا لاجل هذا المعنى الخاص واما غيرهم فبعضهم للدنيا وبعضهم للآخرة فالخواص هم عباد الله حقا وقد تخلصوا من شوب الميل الى الباطل وهو ما سوى الله تعالى: قال لبيد

ألا كل شىء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالصبر تجرع المرارات عند نزول المصيبات والرضى سرور القلب بمر القضايا فالعبد الذي أراد الله اصطفاءه يجعله فى بوتقة البلاء اولا فيخلص جوهره مما سواه فطريق هذا المنزل صعب جدا: قال المولى الجامى

مكوكه قطع بيابان عشق آسانست

كه كوههاى بلا ريك آن بيابانست

اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين الراضين الواصلين اذْهَبْ أَنْتَ يا موسى والذهاب المضي يقال ذهب بالشيء وأذهبه ويستعمل ذلك فى الأعيان والمعاني قال تعالى إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي وقال فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَأَخُوكَ اى وليذهب أخوك هارون حسبما استدعيت عطف عليه لانه كان غائبا عن موسى وقتئذ. والاخوة المشاركة فى الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار الأخ لكل مشارك لغيره فى القبلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة او فى مودة او فى غير ذلك من المناسبات بِآياتِي بمعجزاتى والباء للمصاحبة لا للتعدية إذ المراد ذهابهما الى فرعون ملتبسين بالآيات متمسكين بها فى اجراء احكام الرسالة وإكمال امر الدعوة لا مجرد اذهابهما وايصالهما اليه قال ابن عباس رضى الله عنهما يريد الآيات التسع التي أنزلت عليه وان كان وقوع بعضها بالفعل مترقبا بعد. ويحتمل ان يكون الجمع للتعظيم والمراد العصا واليد. او لما ان اقل الجمع عند الخليل اثنان يعنى ان اطلاق الآيات على الآيتين وارد على الأدنى وَلا تَنِيا لا تفترا: وبالفارسية [وسستى ميكنيد] من ونى ينى ونيا فهو وان مثل وعد يعد وعدا فهو واعد بمعنى فتر يفتر فتورا فِي ذِكْرِي اى فى مداومته

ص: 386

على كل حال لسانا وجنانا فانه آلة لتحصيل كل المقاصد فان امرا من الأمور لا يتمشى لاحد الا بذكرى فالفتور فى الأمور بسبب الفتور فى ذكر الله وهو تذكير لقوله (كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا) قال بعضهم الحكمة فى هذا التكليف ان من ذكر جلال الله تعالى وعظمته استخف غيره فلا يخاف أحدا غيره فيتقوى روحه بذلك الذكر فلا يضعف فى مقصود قال مرجع طريقتنا الجلوتية بالجيم حضرة الهدايى قدس سره التوحيد قبل الوعظ باعث لاصغاء السامعين وموجب للتأثير بعون الله الملك القدير وفى العرائس لا تغيبا عن مشاهدتى باشتغالكما بامرى حتى تكونا فاترين بي عنى وفى الإرشاد فى ذكرى اى بما يليق بي من الصفات الجليلة والافعال الجميلة عند تبليغ رسالتى والدعاء الىّ انتهى يقول الفقير اهل الشهود ليسوا بغائبين عن المشهود ففى الآية اشارة الى ادامة الأوراد وتنبيه للطالبين فى الجد والاجتهاد ونعم ما قيل

يا خاطب الحوراء فى حسنها

شمر فتقوى الله فى مهرها

وكن مجدا لا تكن وانيا

وجاهد النفس على صبرها

قال الخجندي

بكوش تا بكف آرى كليد كنج وجود

كه بي طلب نتوان يافت كوهر مقصود

وقال المولى الجامى

بي طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد

دولت حج دست جز راه بيابان برده را

وقال الحافظ

مقام عيش ميسر نميشود بي رنج

بلى بحكم بلا بسته اند حكم ألست

- روى- انه تعالى لما نادى موسى بالواد المقدس وأرسله الى فرعون وأعطاه سؤله انطلق من ذلك الموضع الى فرعون وشيعته الملائكة يصافحون وخلف اهله فى الموضع الذي تركهم فيه [در تيسير آورده كه كسان موسى شب انتظار بردند ونيامد وروز نيز از وى خبرى نيافتند در ان صحرا متحير بماندند] فلم يزالوا مقيمين فيه حتى مربهم راع من اهل مدين فعرفهم فحملهم الى شعيب فمكثوا عنده حتى بلغهم خبر موسى بعد ما جاوز ببني إسرائيل البحر وغرق فرعون قومه وبعث بهم شعيب الى موسى بمصر ففيه اشارة الى ان المؤمن إذا عرض له الأمر ان امر الدنيا وامر الآخرة يختار امر الآخرة فانه امر الله تعالى ألا ترى ان موسى عليه السلام لم ينظر وراءه حين امر بالذهاب الى فرعون ولم يلتفت الى الأهل والعيال بل ولم يخطر بباله سوى الحكيم الفعال إذ يكفيه ان الله خليفته فى كل امر من أموره وقت غيبته وحضوره ومثله ابراهيم عليه السلام حين ترك إسماعيل وامه هاجر بأرض مكة وهى يومئذ ارض فقر ولا ماء بها ولا نبات امتثالا لامر الله تعالى من غير اعتراض وانقباض وهكذا تكون المسارعة فى هذا الباب وسمعت من شيخى وسندى قدس سره انه نام نومة الضحى يوما فى مدينة فلبه من البلاد الرومية فامر بالهجرة الى مدينة قسطنطينية فلما استيقظ توضأ وصلى فلم يلبث لحظة حتى خرج راجلا وترك الأهل والعيال فى تلك المدينة حتى كان ما كان على ما استوفيناه فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض: قال الحافظ

ص: 387

خرم آن روز كه زين مرحله بر بندم رخت

وز سر كوى تو پرسند رفيقان خبرم

اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ هذا الخطاب اما بطريق التغليب او بعد ملاقاة أحدهما الآخر وتكرير الأمر بالذهاب لترتيب ما بعده عليه. وفرعون اسم أعجمي لقب الوليد بن مصعب صاحب موسى وقد اعتبر غوايته فقيل تفرعن فلان إذا تعاطى فعل فرعون وتخلق بخلقه كما يقال ابلس وتبلس ومنه قيل للطغاة الفراعنة والابالسة إِنَّهُ طَغى الطغيان مجاوزة الحد فى العصيان اى تجاوز حد العبودية بدعوى الربوبية قال فى العرائس امر الله موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب الى فرعون لقطع حجته واظهار كذبه فى دعواه وهذا تهديد لكل مدع لا يكون معه بينة من الله فى دعواه والحكمة فى إرسال الأنبياء الى الأعداء ليعرفوا عجزهم عن هداية الخلق الى الله ومن يعجز عن هداية غيره فايضا يعجز عن هداية نفسه كالطبيب العاجز عن معالجة الغير فانه عاجز عن معالجة نفسه ايضا وليعلموا ان الاختصاص لا يكون بالأسباب ويشكروا الله بما أنعم عليهم بلطفه وربما يصطادون من بين الكفرة من يكون له استعداد بنظر الغيب مثل حبيب النجار والرجل من آل فرعون وامرأة فرعون والسحرة قال ابن عطاء الاشارة الى فرعون وهو المبعوث بالحقيقة الى السحرة فان الله يرسل أنبياءه الى أعدائه ولم يكن لاعدائه عنده من الخطر ما يرسل إليهم أنبياءه بسننه ولكن يبعث الأنبياء إليهم ليخرج أولياءه المؤمنين من أعدائه الكفرة

حافظ از بهر تو آمد سوى إقليم وجود

قدمى نه بوداعش كه روان خواهد شد

وفى التأويلات النجمية اعلم ان فائدة إتيانهما ورسالتهما الى فرعون وتبليغ الرسالة كانت عائدة الى موسى وهارون لنفسهما لا الى فرعون فى علم الله تعالى فالحكمة فى إرسالهما ان يكونا رسولين من ربهما مبلغين منذرين لتحقق رسالتهما وينكرها فرعون ويكفر بهما ليتحقق كفره كما قال لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً اى كلماه باللين والرفق من غير خشونة ولا تعنيف ويسرا ولا تعسرا فانه ما دخل الرفق فى شىء الا وقد زانه وما دخل الخرق فى شىء الا وقد شانه وكان فى موسى حدة وصلابة وخشونة بحيث إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا فعالج حدته وخشونته باللين ليكون حليما وهو معنى قول من قال طبع الحبيب كان على اللين والرحمة فلذا امر بالغلظة كما قال تعالى وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ تحققا بكمال الجلال وطبع الكليم على الشدة والحدة والصلابة فلذا امر بالقول اللين تحققا بكمال الجمال وقد قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) فالخطاب خطاب الأمر بالتخلق جمالا وجلالا فكل واحد منهما أوفق بمقامه وايضا ان فرعون كان من الملوك الجبابرة ومن عادتهم ان يزدادوا عتوا إذا خوشنوا فى الوعظ فاللين عندهم انفع واسلم كما ان الغلظة على العامة أوفق حكمة وأشد دعوة فلو كان فى قول موسى خشونة لم يحتمل طبع فرعون بل هاج غضبه فلعله يقصد موسى بضرب او قتل فائدة اللين عائدة الى موسى وفى الاسئلة المقحمة انما أمرهما بذلك لانه كان ابتداء حال الدعوة وفى ابتداء الحال يجب التمكين والامهال لينظر المدعو فيما يدعى اليه كما قال لنبينا عليه السلام وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل امهلهم لينظروا

ص: 388

ويستدلوا فبعد ان ظهر منهم التمرد والعناد فحينئذ يتوجه العنف والتشديد ويختلف ذلك باختلاف الأحوال انتهى فكل من اللين والخشونة يمدح به طورا ويذم به طورا بحسب اختلاف الواقع وعليه يحمل نحو قوله عليه السلام (لا تكن مرا فتعقى ولا حلوا فتسترط) يقال اعقيت الشيء إذا أذلته من فيك لمرارته واستراطه ابتلاعه ومن أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وذلك لان خير الأمور أوسطها ورعاية مقتضى الحال قاعدة الحكيم: قال الشيخ سعدى قدس سره

چونرمى كنى خصم كردد دلير

وكر خشم كيرى شوند از تو سير

درشتى ونرمى بهم در بهست

چورك زن كه جراح ومرهم نهست

وقيل امر الله موسى باللين مع الكافر مراعاة لحق التربية لانه كان رباه فنبه به على نهاية تعظيم حق الأبوين وفى الاحياء سئل الحسن عن الولد كيف يحتسب على والده فقال يعظه ما لم يغضب فاذا غضب سكت فعلم منه انه ليس للولد الحسبة على الوالد بالتعنيف والضرب وليس كذلك التلميذ مع الأستاذ إذ لا حرمة لعالم غير عامل وقيل امر موسى باللين ليكون حجة على فرعون لئلا يقول اغلظ على القول فى دعوته وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ رحمه الله هذه الآية فبكى وقال الهى هذا رفقك بمن يقول انا الا له فكيف بمن يقول أنت الا له لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ [شايد او پند كيرد] أَوْ يَخْشى [يا بترسد از عذاب خداى] كما قال فى الإرشاد لعله يتذكر بما بلغتماه من ذكرى ويرغب فيما رغبتماه فيه او يخشى عقابى وكلمة او لمنع الخلو انتهى وقال بعضهم الرجاء والطمع راجعان الى مال موسى وهارون والتذكر للمتحقق والخشية للمتوهم والخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه ولذلك خص العلماء بها فى قوله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ اى قولا له ذلك راجيين ان يترك الإصرار على انكار الحق وتكذيبه اما بان يتذكر ويتعظ ويقبل الحق قلبا وقالبا او بان يتوهم انه حق فيخشى بذلك من ان يصر على الإنكار ويبقى مترددا ومتوقفا بين الامرين وذلك خير بالنسبة الى الإنكار والإصرار عليه لانه من اسباب القول ولقد تذكر فرعون وخشى حين لم ينفعاه وذلك حين ألجمه الغرق قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ- روى- ان موسى وعده على قبول الايمان شبابا لا يهرم وملكا لا ينزع منه الا بالموت ويبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح الى حين موته فاذا مات دخل الجنة فاعجبه ذلك وكان هامان غائبا وهو لا يقطع امرا بدونه فلما قدم أخبره بما قال له موسى وقال أردت ان اقبل منه يا هامان فقال له هامان كنت ارى ان لك عقلا ورأيا أنت الآن رب تريد ان تكون مربوبا فابى عن الأيمان. وفائدة إرسالهما اليه مع علمه تعالى بانه لا يؤمن الزام الحجة وقطع المعذرة لان عادة الله التبليغ ثم التعذيب قال بعض ارباب الحقيقة الأمر تكليفى وارادى والارادة كثيرا ما تكون مخالفة للامر التكليفي فالرسل والورثة فى خدمة الحق من حيث امره التكليفي وليسوا فى خدمته من حيث الأمر الإرادي ولو كانوا خادمين للارادة مطلقا لما ردوا على أحد فى فعله القبيح بل يتركونه على ما هو عليه لانه هو المراد ولما كان لعين

ص: 389

العاصي الثابتة فى الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه اليه الأمر التكليفي وليس لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق منه المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما انتهى: قال الحافظ

درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى

چنانكه پرورشم ميدهند مى رويم

قال فى بحر العلوم ان الله قد علم كل شىء على ما هو عليه والعلم تبع للمعلوم وعلمه بان فرعون لا يؤمن باختياره لا يخرجه عن حيز الا مكان ولذلك أمرهما بدعوته والرفق فيها وفى قوله لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى دلالة ظاهرة على ان لقدرة العبد تأثيرا فى أفعاله وفى افعال غيره وانه ليس بمجبور فيها كما زعم الأشعري حيث قال لا تأثير لقدرة العبد فى أفعاله بل هو مجبور والا لم يثبت له التذكر والخشية بقول موسى قالا رَبَّنا قال فى الإرشاد أسند القول إليهما مع ان القائل حقيقة هو موسى بطريق التغليب إيذانا باصالته فى كل قول وفعل وتبعية هارون له فى كل ما يأتى وما يذر- وروى- ان موسى انطلق من الطور الى جانب مصر لا علم له بالطريق وليس له زاد ولا حمولة ولا صحبة ولا شىء الا العصا يظل صاديا ويبيت طاويا يصيب من ثمار الأرض ومن الصيد شيأ قليلا حتى ورد ارض مصر قال الكاشفى [چون بمصر توجه فرمود وحي آمد بهارون كه باستقبال برادر براه مدين دوان شود پس در اثناى طريق ملاقات فرمودند وموسى شرح احوال بتمامى باز كفت هارون كفت اى برادر شوكت وعظمت از آنچهـ ديده زياده شد وبأدنى سببى حكم بقطع وقتل وصلب ميكند موسى انديشناك شد وهر دو برادر باتفاق كفتند اى پروردگار ما] إِنَّنا نَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والاخروية قال تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد بل انما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا من فرط إذا تقدم تقدما بالقصد ومنه الفارط الى الماء اى المتقدم لا صلاح الدلو اى يعجل علينا بالعقوبة ولا يصبر الى إتمام الدعوة واظهار المعجزة فيتعطل المطلوب من الإرسال اليه. وقرئ يفرط من الافراط فى الاذية فان قلت كيف هذا الخوف وقد علما انهما رسولا رب العزة اليه قلت جريا على الخوف الذي هو مجبول فى طينة بنى آدم كما فى التأويلات النجمية يشير الى ان الخوف مركوز فى جبلة الإنسان حتى انه لو بلغ مرتبة النبوة والرسالة فانه لا يخرج الخوف من جبلته كما قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا يعنى ان يقتلنا ولكن الخوف ليس بجهة القتل وانما نخاف فوات عبوديتك بالقيام لاداء الرسالة والتبليغ كما امرتنا او يتمرد بجهله ولا ينقاد لاوامرك ويسبك انتهى أَوْ أَنْ يَطْغى اى يزداد طغيانا الى ان يقول فى شأنك مالا ينبغى لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه حيث لم يقل عليك من حسن الأدب ولما كان طغيانه فى حق الله أعظم من افراطه فى حقهما ختم

ص: 390

الكلام به فان المتمسك بالاعذار يؤخر الأقوى ونحوه ختم الهدهد بقوله وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ يقول الفقير يجوز ان يكون المراد يطغى علينا اى يجاوز الحد فى الاساءة إلينا الا انه حذف الجار والمجرور رعاية للفواصل كما حذف المفعول لذلك فى قوله ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى واظهار ان مع سداد المعنى بدونه للاشعار بتحقق الخوف من كل منهما قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال لهما ربهما عند تضرعهما اليه فقيل قال لا تَخافا ما توهمتما من الامرين يشير الى ان الخوف انما يزول عن جبلة الإنسان بامر التكوين كما قال قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فكانت بتكوين الله إياها بردا وسلاما: وفى المثنوى

لا تخافوا هست نزل خائفان

هست در خور از براى خائفان «1»

هر كه ترسد مر ورا ايمن كنند

مر دل ترسند را ساكن كنند

آنكه خوفش نيست چون كوئى مترس

درس چهـ دهى نيست او محتاج درس

قال ابن الشيخ فى حواشيه ليس المراد منه النهى عن الخوف لانه من حيث كونه امرا طبيعيا لا مدخل للاختيار فيه لا يدخل تحت التكليف ثبوتا وانتفاء بل المراد به التسلي بوعد الحفظ والنصرة كما يدل عليه قوله إِنَّنِي مَعَكُما بكمال الحفظ والنصرة فان الله تعالى منزه عن المعية المكانية أَسْمَعُ وَأَرى اى ما يجرى بينكما وبينه من قول وفعل فافعل فى كل حال ما يليق بها من دفع ضرر وشر وجلب نفع وخير فمن كان الله معه يحفظه من كل جبار عنيد- روى- ان شابا كان يأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ لهلك فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد وقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد وبكى وامر له بالإحسان وبان يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الله الا إكرامه واحترامه: قال الحافظ

هزار دشمن اگر ميكنند قصد هلاك

كرم تو دوستى از دشمنان ندارم باك

وقال الشيخ سعدى قدس سره

محالست چون دوست دارد ترا

كه در دست دشمن كذارد ترا

واعلم ان الله تعالى حاضر مع عباده الحضور اللائق بشأنه ولا يعرف ذلك الا من اكتحلت عين بصيرته بنور الشهود ولكن شهود الوحدة الذاتية أتم وأعلى من شهود المعية ولذلك لا يرضى الكمل الوقوف فى مرتبة المعية بل يطلبون ان يصلوا بالفناء التام الى مقام الوحدة ثم اعلم ان موسى وهارون عليهما السلام التجئا الى حضرة الربوبية بكمال العبودية فتداركهما الله بالحفظ والعون قال الفقيه ابو الحسن وقع القحط ببغداد فاجتمع الناس فرفعوا قصتهم الى على بن عيسى الوزير فقرأها وكتب على ظهرها لست بسماء فاسقيكم ولا بأرض فاكفيكم ارجعوا الى بارئكم قال ابو المعين سألت بعض النصارى عن احسن آية فى الإنجيل فقال خمس كلمات «سلنى أجبك. واشكر لى ازدك. واقبل علىّ اقبل عليك

(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن

ص: 391

واقرب منى اقرب منك. وأطعني فى الدنيا أطعك فى الدنيا والآخرة» : وفى المثنوى

كفت حق كر فاسق واهل صنم

چون مرا خوانى إجابتها كنم «1»

تو دعا را سخت كير ومى شخول

عاقبت برهاندت از دست غول

فَأْتِياهُ امرا بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول اليه بعد ما امرا بالذهاب اليه فلا تكرار والإتيان مجئ بسهولة والمجيء أعم والإتيان قد يقال باعتبار القصد وان لم يكن منه الحصول والمجيء اعتبارا بالحصول فَقُولا من أول الأمر إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ ليعرف الطاغي سؤالكما ويبنى جوابه عليه ورسولا تثنية رسول وهو فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الإرسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ [پس فرست با ما فرزندان يعقوبرا بأرض مقدسه باز رويم كه مسكن آباء ما بوده] كما قال فى بحر العلوم فاطلقهم وخلهم يذهبوا معنا الى فلسطين وكانت مسكنهما وفلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة هى البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها وقال فى الإرشاد المراد بالإرسال إطلاقهم من الاسر والقسر وإخراجهم من تحت يد العادية لا تكليفه ان يذهبوا معهما الى الشام كما ينبئ عنه قوله تعالى وَلا تُعَذِّبْهُمْ اى بايقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فانهم كانوا تحت مملكة القبط يستخدمونهم فى الأعمال الصعبة الفادحة من الحفر ونقل الأحجار وغيرهما من الأمور الشاقة ويقتلون ذكور أولادهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم وتوسيط حكم الإرسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجيء بآية دالة على صحتها لاظهار الاعتناء به لان تخليص المؤمنين من أيدي الكفرة أهم من دعوتهم الى الايمان كما قيل. والعذاب هو الايجاء الشديد وقد عذبه تعذيبا اى اكثر حبسه فى العذاب وأصله من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب فالتعذيب فى الأصل هو حمل الإنسان على ان يعذب اى يجوع ويسهر وقيل أصله من العذب فعذبته أزلت عذب حياته على بناء مرّضته وفدّيته وقيل اصل التعذيب إكثار الضرب بعذبته السوط اى طرفه قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ [بدرستى كه آورده ايم نشانى يعنى معجزه از پروردگار تو] وتوحيد الآية مع تعددها لان المراد اثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة فكأنه قال قد جئناك ببرهان على ما ادعيناه من الرسالة وَالسَّلامُ اللام لتعريف الماهية والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة والمراد هنا اما التحية فالمعنى والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة اى خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى بتصديق آيات الله الهادية الى الحق فاللام على أصلها كما فى سلام عليكم يقال تبعه واتبعه قفا اثره وذلك تارة بالجسم وتارة بالارتسام والامتثال وعلى ذلك قوله فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ واما السلامة فعلى بمعنى اللام كعكسه فى قوله تعالى وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ اى عليهم اللعنة. قال فى التأويلات سلم من استسلم واتبع هدى الله تعالى وهو ما جاء به أنبياؤه عليهم السلام إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا

(1) در اوائل دفتر سوم در بيان ايمن بودن بلعم باعور كه امتحان كردن حضرت عزت الخ

ص: 392

من جهة ربنا واصل الوحى الاشارة السريعة وذلك قد يكون بالكلام الخفي على لسان جبريل وقد يكون بالإلهام وبالمنام والوحى الى موسى بوساطة جبريل والى هارون بوساطته ووساطة موسى أَنَّ الْعَذابَ اى كل العذاب لانه فى مقابله السلام اى كل السلام وهو العذاب الدنيوي والأخروي الدائم لان العذاب المتناهي كلا عذاب فلا يرد انه يلزم قصر العذاب على المكذبين مع ان غيرهم قد يعذبون عَلى مَنْ كَذَّبَ بآياته تعالى وكفر بما جاء به الأنبياء عليهم السلام والكذب يقال فى المقال وفى الفعال وَتَوَلَّى إذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك الولي اى القرب فالمعنى اعرض عن قبولها بمتابعة الهوى وفيه من التلطيف فى الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزيد عليه يقول الفقير ان كلا من تكذيب الرسوم والحقائق سبب العذاب والهوان مطلقا فكفار الشريعة كفار الرسوم والحقائق جميعا فلهم عذاب جسمانى وروحانى وكفار الحقيقة كفار الآيات الحقيقية فلهم هوان معنوى فالنعيم والعزة فى الاطاعة والاتباع والاستسلام كما ان الجحيم والذل فى خلافها- حكى- ان بعض السادات لما رأى عبد الله ابن المبارك فى عزة ورفعة مع جماعة قال انظروا الى حال آل محمد وعزة ابن المبارك فقال ابن المبارك ان سيدنا لما لم يراع سنة جده ذل وابن المبارك لما أطاع النبي عليه السلام وسار سيرته أعطاه الله عزا وشرفا واعلم ان عزة فرعون وشرفه انقلبا ذلا وهو انا بسبب تكذيب موسى واعراضه عن قبول دعوته وهامان وان كان سببا صوريا فى امتناعه عن القبول ونكوله عن الانقياد لكن لم يكن له فى اصل جبلته استعداد لقبول الحق فلا يغرنكم عزة الدنيا مع عدم الاطاعة لانه ينقلب يوما ذلا وخسرانا وكثيرا ما وقع فى الدنيا ورأيناه فاقبل النصيحة مع مداومة مجلس العلم والا فعند ظهور الحق ووجود الاستعداد والقابلة لا يبقى غير الاستسلام وان منعه العالم باسرهم عن ذلك ألا ترى ان النجاشي ملك الحبشة لما علم علما جازما ان الرسول حق اتبعه من غير خوف من أحد من العالمين ومبالاة لكلام أحد فى ذلك فنجا من العذاب نجاة ابدية ثم اعلم انه كما ان للانبياء معجزات فكذا للاولياء كرامات العلمية منها هى التي حق اعتبارها فان الكونية مما يشترك فيه الملتان فالكرامات العلمية آيات الأولياء جاؤا بها من الله من طريق الكشف الصحيح فمن اتبع هداهم بقبول آياتهم الهادية الى عالم الحقيقة فقد سلم من الإنكار مطلقا صوريا او معنويا ونجا من العذاب قطعا صوريا او معنويا وهو عذاب القطيعة والبعد ودخل المكذب فى النار مع الداخلين والعجب ان الأنبياء والأولياء مع كونهم رحمة من الله على عباده إذ لا نعمة فوق الإرشاد وإيصال المريدين الى المراد لم يدر جاههم اكثر الناس ولم يوفق لا تباعهم الا اقل من القليل وبقي البقية كالنسناس ولذا لم يمض قرن من القرون الا والعذاب بالعصاة مقرون فانظر من أنت وما بغيتك فان كنت تطلب النجاة فلا تجدها الا فى الإطاعة وخصوصا فى هذا الزمان المشوب بالجور والعدوان والفسق والعصيان والطالب على أهاليه الابتلاء بانواع البلايا الموبقة وعلى تقدير الاطاعة والاتباع يلزم للمريد ان يخرج من البين ويجعل جل همه

ص: 393

ان يصل الى عالم العين ولا يطمع فى شىء سوى الرضى الوافي والولاء الكافي قال حمدون القصار القائمون بالأوامر على ثلاثة مقامات. واحد يقوم اليه على العادة وقيامه قيام كسل. وآخر يقوم اليه على طلب الثواب وقيامه قيام طمع. وآخر يقوم اليه على المشاهدة فهو القائم بالله لا بنفسه لفنائه عن نفسه وغيره وهذا القسم من القيام بالأمر هو المؤدى الى محبة الله الموصلة الى العزة الباقية وسعادة الدارين فلا بد للعاقل من الاجتهاد: وفى المثنوى

جهد كن تا نور تو رخشان شود

تا سلوك وخدمتت آسان شود

كودكانرا مى برى مكتب بزور

زانكه هستند از فوائد چشم كور

چون شود واقف بمكتب مى رود

جانش از رفتن شكفته مى شود

والله المعين فى كل حين قالَ قال الكاشفى [پس موسى وهارون بحكم حضرت الهى بدرگاه فرعون آمدند وبعد از مدتى كه ملاقات او ميسر شد كفتند ما رسولان پروردگاريم وترا بعبادت او ميخوانيم وآن كلمات كه حق تعالى تلقين كرده بود ادا كردند فرعون كفت] فَمَنْ استفهامية: والمعنى بالفارسية [پس كيست] رَبُّكُما وقال غيره الفاء لترتيب السؤال على ما سبق من كونهما رسولى ربهما اى إذا كنتما رسولى ربكما فاخبرا من ربكما الذي أرسلكما الىّ ولم يقل فمن ربى مع قولهما إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ لغاية عتوه ونهاية طغيانه قال الامام اثبت نفسه ربا فى قوله أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً فذكر ذلك على سبيل التعجب كأنه قال انا ربك فلم تدعوا ربا آخر يا مُوسى خاطبهما ثم أفرد موسى إذ كان يعلم ان موسى هو الأصل فى الباب وهارون وزيره وتابع له قالَ موسى مجيبا له رَبُّنَا مبتدأ خبره قوله الَّذِي من محض رحمته أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ من انواع المخلوقات خَلْقَهُ اى صورته وشكله اللائق به مشتملا على خواصه ومنافعه فالمراد بالخلق المخلوق ومنه يفهم ان ضمير الجمع فى ربنا عام لموسى وهارون وفرعون وغيرهم ولم يقل ربنا الله بل وصفه بأفعاله ليستدل بالفعل على الفاعل ثُمَّ هَدى وجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا كما فى الجمادات واختيار كما فى الحيوانات وهيأه لما خلق له ولما كان الخلق الذي هو عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الأجسام متقدما على الهداية التي هى عبارة عن إيداع القوى المحركة والمدركة فى تلك الأجسام وسط بينهما كلمة التراخي قال بعض الكبار ان للمخلوقات كلها حياة وروحا اما صورية كما فى الانس والجن والملك ومن يتبعهم واما معنوية كما فى الجمادات والنباتات ولذا قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما من مخلوق الا وقد هدى الى معرفته تعالى بقدر عقله وروحه وحياته. وفى التأويلات النجمية أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ استعدادا لما خلق له ثُمَّ هَدى اى يعمره لما خلق له والذي يدل عليه قوله عليه السلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) معناه ان الله تعالى خلق المؤمن مستعدا لقبول فيض الايمان ثم هداه الى قبول دعوة الأنبياء ومتابعتهم وخلق الكافر مستعدأ لقبول فيض القهر والخذلان والتمرد على الأنبياء ومخالفتهم: قال المغربي قدس سره

يكى را بهر طاعت خلق كردند

يكى را بهر عصيان آفريدند «1»

(1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى در مقهوريست

ص: 394

يكى از بهر مالك كشت موجود

يكى را بهر رضوان آفريدند

قالَ فرعون فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ما استفهام. والبال الحال التي يكترث بها ولذا يقال ما بالبيت بكذا اى ما اكترثت به ويعبر به عن الحال الذي ينطوى عليه الإنسان فيقال ما خطر ببالي كذا والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد. والاولى تأنيث الاول وواحد الاول كالكبرى والأكبر والكبر. والمعنى فما بال القرون الماضية وما خبر الأمم الخالية مثل قوم نوح وعاد وثمود وماذا جرى عليهم من الحوادث المفصلة قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا لا يليق بما تقدم قلنا ان موسى كان قد قال له انى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ان يلحقكم ما قد لحقهم ان لم تؤمنوا بي فلهذا سأله فرعون عن حالهم انتهى يقول الفقير هذا وان كان مطابقا لمقتضى الفاء الا ان الجواب لا يساعده مع ان القائل بالخوف ليس هو موسى بل الذي آمن وبعيد ان يحمل الذي آمن على موسى لعدم مساعدة السباق والسياق فارجع الى سورة المؤمن وقال بعضهم لما سمع البرهان خاف ان يزيد فى إيضاحه فيتبين لقومه صدقه فيؤمنوا به فاراد ان يصرفه عنه ويشغله بالحكاية فلم يلتفت موسى اليه ولذا قالَ اى موسى عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي اى ان علم احوال تلك القرون من الغيوب التي لا يعلمها الا الله ولا ملابسة للعلم بأحوالهم بمنصب الرسالة فلا اعلم منها الا ما علمنيه من الأمور المتعلقة بما أرسلت فِي كِتابٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ بتفاصيله لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى الضلال ان تخطئ الشيء فى مكانه فلم تهتد اليه والنسيان ان تغفل عنه بحيث لا يخطر ببالك وهما محالان على العالم بالذات. والمعنى لا يخطئ ابتداء بل يعلم كل المعلومات ولا يغفل عنه بقاء بل هو ثابت ابدا وهو لبيان ان إثباته فى اللوح المحفوظ ليس لحاجته تعالى اليه فى العلم به ابتداء وبقاء وانما كتب احكام الكائنات فى كتاب ليظهرها للملائكة فيزيد استدلالهم بها على تنزه علمه تعالى عن السهو والغفلة

برو علم يك ذره پوشيده نيست

كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست

فبعد الجواب القاطع رجع الى بيان شؤونه تعالى وقال الَّذِي اى هو الذي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً قال الامام الراغب المهد ما يهيأ للصبى والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ قال تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً انتهى قال الكاشفى [خوش كسترانيد كه بر ان مى نشينيد ومسكن ميسازيد] وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا السلوك النفاذ فى الطريق [يعنى اندر راه شدن ورفتن] وسلك لازم ومتعد يقال سلكت الشيء فى الشيء أدخلته والسبل جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك. والمعنى جعل لكم اى لا جلكم لا لغيركم طرقا كثيرة ووسطها بين الجبال والاودية والبراري تسلكونها من قطر الى قطر لتقضوا منها مآربكم وتنتفعوا بمنافعها وَأَنْزَلَ النزول هو الانحطاط من علو يقال نزل عن دابته ونزل فى مكان كذا حط رحله فيه وانزل غيره مِنَ السَّماءِ اى من الفلك او من السحاب فان كل ما علا سحاب ماءً هو جسم سيان قد أحاط حول الأرض والمراد هنا المطر وهو الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض ونكره قصدا الى معنى البعضية اى انزل

ص: 395

من السماء بعض الماء فَأَخْرَجْنا بِهِ يقال خرج خروجا برز من مقره او حاله واكثر ما يقال الإخراج فى الأعيان اى أنبتنا بسببه ذكر الماء وعدل عن لفظ الغيبة الى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على زيادة اختصاص الفعل بذاته وان ذلك منه ولا يقدر عليه غيره تعالى أَزْواجاً أصنافا سميت بذلك لازدواجها واقتران بعضها ببعض لانه يقال لكل ما يقترن بآخر مما ثلاله او مضادا زوج ولكل قرينين من الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج كالخف والنعل مِنْ نَباتٍ هو كل جسم يغتذى وينمو كما قال الراغب النبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر او لم يكن له ساق كالنجم لكن اختص فى التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات ومتى اعتبرت الحقائق فانه يستعمل فى كل نام نباتا كان او حيوانا او إنسانا انتهى ومن بيانية فيكون قوله شَتَّى صفة للنبات لما انه فى الأصل مصدر يستوى فيه الواحد والجمع. وشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق اى نباتات مختلفة الأنواع والطعوم والروائح والاشكال والمنافع بعضها صالح للناس على اختلاف وجوه الصلاح وبعضها للبهائم والأظهر ان من نبات وشتى صفتان لازواجا واخر شتى رعاية للفواصل كُلُوا حال من ضمير فاخرجنا على ارادة القول اى أخرجنا منها اصناف النباتات قائلين كلوا منها اى من الثمار والحبوب ونحوهما وَارْعَوْا الرعي فى الأصل حفظ الحيوان اما بغذائه الحافظ لحياته او بذب العدو عنه اى اسيموا واسرحوا فيها: وبالفارسية [وبچرانيد] أَنْعامَكُمْ وهى الإبل والبقر والضأن والمعز أي اقصدوا بها الانتفاع بالذات وبالواسطة آذنين فى الانتفاع بها مبيحين بان تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها. قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان السماء والماء والنبات والانعام كلها مخلوقة لكم ولولا احتياجكم للتعيش بهذه الأشياء بل بجميع المخلوقات ما خلقتها: قال المغربي قدس سره

غرض تويى ز وجود همه جهان ور نه

لما تكوّن فى الكون كائن لولاك

إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من الشؤون والافعال الالهية من جعل الأرض مهدا وسلك السبل فيها وإنزال الماء وإخراج اصناف النبات لَآياتٍ كثيرة جليلة واضحة الدلالة على الصانع ووحدته وعظيم قدرته وباهر حكمته لِأُولِي النُّهى جمع نهية سمى بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح كما سمى بالعقل والحجر لعقله وحجره عن ذلك لذوى العقول الناهية عن الأباطيل التي من جملتها ما تدعيه الطاغية وتقبله منهم الفئة الباغية وتخصيص اولى النهى مع انها آيات للعالمين باعتبار انهم المنتفعون بها مِنْها اى من الأرض. وفى التأويلات النجمية من قبضة التراب التي امر الله تعالى عزرائيل ان يأخذها من جميع الأرض خَلَقْناكُمْ بوساطة أصلكم آدم والا فمن عدا آدم وحواء مخلوق من النطفة واصل الخلق التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء قال تعالى خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء كما فى هذا المقام وَفِيها نُعِيدُكُمْ عند الموت بالدفن فى الموضع الذي أخذ ترابكم منه وإيثار كلمة فى للدلالة على الاستقرار والعود الرجوع الى الشيء بعد الانصراف

ص: 396

عنه اما انصراف بالذات او بالقول والعزيمة وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى اى عند البعث بتأليف الاجزاء وتسوية الأجساد ورد الأرواح للحساب والجزاء وكون هذا الإخراج تارة اخرى باعتبار ان خلقهم من الأرض إخراج لهم منها وان لم يكن على نهج التارة الثانية. والتارة فى الأصل اسم للتور الواحد وهو الجريان ثم اطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر فى المرة: قال الحكيم فردوسى

بخاكت در آرد خداوند پاك

دكر ره برون آرد از زير خاك

بدان حال كايى بخاك اندرون

بدان كونه از خاك آيى برون

اگر پاك در خاك كيرى مقام

بر آيى از و پاك و پاكيزه نام

عن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل جاء الى النبي عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى امر أمتي يوم القيامة) قال أفى امر اهل الكفر أم فى امر اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون) قيل ليحيى بن معاذ رضى الله عنه ما بال الإنسان يحب الدنيا قال حق له ان يحبها منها خلق وهى امه ومنها عيشه ورزقه فهى حياته وفيها يعاد فهى كفاته وفيها كسب الجنة فهى مبدأ سعادته وهى ممر الصالحين الى الله تعالى فكيف لا يحب طريقا يأخذ بسالكه الى جوار ربه واعلم ان من صفة الأرض الطمأنينة والسكون لفوزها بوجود مطلوبها فكانت أعلى مرتبة فى عين السفل وقامت بالرضى فمقامها رضى وحالها تسليم ودينها اسلام وهكذا الإنسان الكامل فى الدنيا فان الله تعالى قد صاغه من قالب الأرض وهو وان كان ترابى الأصل لكن طرح عليه اكسير الروح الأعظم فاذا طار الروح بقيت سبيكة الجسد على حالها كالذهب الخالص إذ لا تبلى نفوس الكمل قال فى اسئلة الحكم الأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لان الأنبياء خلقوا من الأرض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الأرض دار الخلافة ومزرعة الآخرة واما الأرض الاولى فقال بعضهم انها أفضل لكونها مهبط الوحى ومشاهد الأنبياء وللانتفاع بها ولاستقرار الخلفاء عليها وغيرها من الفضائل انتهى يقول الفقير كان الظاهر ان تفضل السماء لكونها مقر الأرواح العالية ولذا يبقى الجسد هنا بعد الوفاة ويعرج الروح ولكن فضل الأرض لان اسباب العروج انما حصلت بالآلات الجسدانية وهى من الأرض ولذا جعل عليه السلام الصلاة من الدنيا فى قوله (حبيب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وذلك لان صورة الصلاة التي هى الافعال والاذكار تحصل بالأعضاء والجوارح التي هى من الدنيا وعالم الملك وان كان القلب

ص: 397

والتوجه من عالم الملكوت نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المتحققين بحقائق الأرض والمعرضين عن كل طول وعرض وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها اضافة الآيات عهدية وكلها تأكيد لشمول الأنواع اى وبالله لقد بصرنا فرعون على؟؟؟ موسى آياتنا كلها من العصا واليد وغيرهما على مهل من الزمان او عرفناه صحتها وأوضحنا وجه الدلالة فيها فَكَذَّبَ بالآيات كلها من فرط عناده من غير تردد وتأخير وزعم انها سحر وَأَبى عن قبولها لعتوه والإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى استئناف مبين لكيفية تكذيبه وابائه والهمزة لانكار الواقع واستقباحه وادعاء انه امر محال والمجيء اما على حقيقته او بمعنى الإقبال على الأمر والتصدي والسحر خداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما تفعله المشعبذة من صرف الابصار عما تفعله بخفة يد وما يفعله التمام بقول حرف عائق للاسماع. والمعنى أجئتنا من مكانك الذي كنت فيه بعد ما غبت عنا او أقبلت علينا لتخرجنا من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء بما اظهرته من السحر فان ذلك مما لا يصدر عن العاقل لكونه من باب محاولة المحال قال الكاشفى [يعنى دانستيم كه تو ساحرى وميخواهى كه بسحر ما را از مصر بيرون كنى وبنى إسرائيل را متمكن سازى و پادشاهى كنى بر ايشان] وقال بعضهم هذا تعلل وتحير ودليل على انه علم كون موسى محقا حتى خاف منه على ملكه فان ساحرا لا يقدر ان يخرج ملكا مثله من ارضه وفى الإرشاد انما قال لحمل قومه على غاية المقت بإبراز ان مراده ليس مجرد إنجاء بنى إسرائيل من أيديهم بل إخراج القبط من وطنهم وحيازة أموالهم واملاكهم بالكلية حتى لا يتوجه الى اتباعه أحد ويبالغوا فى المدافعة والمخاصمة وسمى ما أظهره عليه من المعجزات الباهرة سحرا ليجسرهم على المقابلة. وفى التأويلات النجمية انما قال هذا لانه كان من اهل البصر لا من اهل البصيرة ولو كان من اهل البصيرة لرأى مجيئه لاخراجه من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البشرية الى نور الروحانية ومن ظلمات الانسانية الى نور الربانية: وفى المثنوى

هر كه از ديدار برخوردار شد

اين جهان در چشم او مردار شد «1»

ملك بر هم زن تو ادهم وار زود

تا بيابى همچواو ملك خلود «2»

فلما رأى ببصر الحس المعجزة سحرا ادعى ان يعارضه بمثل ما اتى به فقال فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللام جواب قسم محذوف كأنه قيل إذا كان كذلك فو الله لنأتينك بسحر مثل سحرك فلا تغلب علينا: وبالفارسية [هر آيينه بياريم براى تو جادويى مانند جادويى تو وبآن با تو معارضه كنيم تا مردمان بدانند كه تو پيغمبر نيستى جادوكرى] فَاجْعَلْ صير بَيْنَنا وَبَيْنَكَ لاظهار السحر مَوْعِداً اى وعدا لقوله لا نُخْلِفُهُ اى ذلك الوعد نَحْنُ وَلا أَنْتَ يقال اخلف وعده ولا يقال اخلف زمانه ولا مكانه وقال بعضهم أراد بالموعد هاهنا موضعا يتواعدون فيه الاجتماع هناك انتهى. والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والخلف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفني اى خالف فى الميعاد مَكاناً سُوىً منصوب بفعل يدل عليه المصدر لابه فانه موصوف وسوى

(1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ

(2)

در أوائل دفتر چهارم در بيان سبب هجرت ابراهيم أدهم إلخ

ص: 398

بالضم والكسر بمعنى العدل والمساواة اى عد مكانا عدلا بيننا وبينك وسطا يستوى طرفاه من حيث المسافة علينا وعليكم لا يكون فيه أحد الطرفين أرجح من الآخر او مكانا مستويا لا يحجب العين ارتفاعه ولا انخفاضه: وبالفارسية [چون وعد برسد حاضر شويم در جايى كه مساوى باشد مسافت قوم ما وتو بآن يا مكان مستوى وهموار كه درو پستى وبلندى نباشد تا مردم نظاره توانند كرد] ففوض اللعين امر الوعد الى موسى للاحتراز عن نسبته الى ضعف القلب كأنه متمكن من تهيئة اسباب المعارضة طال الأمد أم قصر. وفى التأويلات النجمية انما طلب الموعد لان صاحب السحر يحتاج فى تدبير السحر الى طول الزمان وصاحب المعجزة لا يحتاج فى اظهار المعجزة الى الموعد قالَ موسى مَوْعِدُكُمْ [زمان وعد شما] يَوْمُ الزِّينَةِ [روز آرايش قبطيانست] يعنى يوم عيدهم الذي يجتمع فيه الناس من كل مكان ليكون بمشهد خلق عظيم لعلهم يستحيون منهم فلا ينكرون المعجزة بعد ابطال السحر سألوا عن المكان فاجابهم بالزمان فان يوم الزينة يدل على مكان مشتهر باجتماع الناس فيه فى ذلك اليوم اعلم ان الأعياد خمسة. أحدها عيد قوم ابراهيم عليه السلام وفيه جعل ابراهيم الأصنام جذاذا. والثاني عيد قوم فرعون وهو يوم الزينة. والثالث عيد قوم عيسى كما مر فى اواخر المائدة. والربع. والخامس عيدا اهل المدينة فى الجاهلية وذلك يومان فى السنة فابدلهما الله فى الإسلام يومى الفطر والأضحى وهذان اليومان مستمران الى يوم القيامة قال المولى الجامى

قربان شدن بتيغ جفاى تو عيد ماست

جان ميدهيم بهر چنين عيد عمرهاست

وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى عطف على اليوم او الزينة والحشر إخراج الجماعة عن مقارهم وازعاجهم عنه الى الحرب ونحوها ولا يقال الا فى الجماعة. وضحى نصب على الظرف اى وان يجمع الناس فى وقت الضحى ليكون ابعد من الريبة قال فى ضرام السقط أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهيرة ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق وفى بحر العلوم الضحى صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقى شعاعها وقال الامام الراغب الضحى انبساط النهار وامتداده سمى الوقت به وقال الكاشفى [ضحى در چاشتكاه كه روشنترست از باقى روز] فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ اى ترك الولي والقرب وانصرف عن المجلس وأرسل الى المدائن لجمع السحرة فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى ما يكاد به من السحرة وأدواتهم والكيد ضرب من الاحتيال ثُمَّ أَتى اى الموعد ومعه ما جمعه من كيده وفى كلمة التراخي ايماء الى انه لم يسارع اليه بل أتاه بعد تأخير قالَ لَهُمْ مُوسى كأنه قيل فماذا صنع موسى عند إتيان فرعون مع السحرة فقيل قال لهم بطريق النصيحة وَيْلَكُمْ أصله الدعاء بالهلاك بمعنى ألزمكم الله ويلا يعنى عذابا وهلاكا والمراد هنا الزجر والردع والحث والتحريض على ترك الافتراء: وبالفارسية [واى بر شما] لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان تدعو ان الآيات التي ستظهر على يدى سحر او لا تشركوا مع الله أحدا والافتراء التقول والكذب عن عمد

ص: 399

وفى التأويل قال موسى للسحرة (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإتيان السحر فى معرض المعجزة ادعاء بان الله قد أعطانا مثل ما اعطى الأنبياء من المعجزة فَيُسْحِتَكُمْ فيهلككم ويستأصلكم بسببه: وبالفارسية [از بيخ بركند شما را] يقال اسحت الشيء أعدمه واستأصله بِعَذابٍ هائل لا يقادر قدره وَقَدْ خابَ الخيبة فوت المطلب اى [بي بهره ونااميد ماند] مَنِ افْتَرى اى على الله تعالى كائنا من كان باى وجه كان فَتَنازَعُوا اى السحرة حين سمعوا كلامه كأن ذلك غاظهم فتنازعوا أَمْرَهُمْ الذي أريد منهم من مغالبته عليه السلام وتشاوروا وتناظروا بَيْنَهُمْ فى كيفية المعارضة وتجاذبوا اهداب القول فى ذلك قال فى المفردات نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبربها عن المخاصمة والمجادلة وَأَسَرُّوا النَّجْوى وبالغوا فى إخفاء النجوى عن موسى لئلا يقف عليه فيدافعه: وبالفارسية [و پنهان داشتند از كفتن را] والنجوى السر وأصله المصدر وناجيته اى ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله وقيل أصله من النجاة وهو ان تعاونه على ما فيه خلاصه او ان تنجوا بسرك من ان يطلع عليه وكان نجواهم ما نطق به قوله تعالى قالُوا اى بطريق التناجي والاسرار إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية والمشار اليه موسى وهارون يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ اى من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء عليها وهو خبر بعد خبر بِسِحْرِهِما الذي اظهراه من قبل وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى المثلى تأنيث الأمثل وهو الأشرف اى بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب وامثلها بإظهار مذهبهما وإعلاء دينهما يريدون ما كان عليه قوم فرعون لقوله إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ لا طريقة السحر فانهم ما كانوا يعتقدون دينا قال فى بحر العلوم سموا مذهبهم بها لزيادة سرورهم وكمال فرحهم بذلك وانه الذي تطمئن به نفوسهم كما قال تعالى كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال الامام الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب قال تعالى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ومنه استعير لكل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان او مذموما قال تعالى وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى اى الأشبه بالفضيلة فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ الفاء فصيحة واجمعوا من الإجماع يقال اجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه وحقيقته جمع رأيه عليه واجمع المسلمون كذا اجتمعت آراؤهم عليه قال الراغب اكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوصل اليه بالتدبير والفكرة. والمعنى إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما ذكر من الإخراج والاذهاب فازمعوا مكركم وحيلكم فى رفع هذا المزاحم واجعلوه مجمعا عليه بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم وارموا عن قوس واحدة. وقرئ فاجمعوا من الجمع ويعضده قوله تعالى فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى فاجمعوا اداوات سحركم ورتبوها كما ينبغى ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا اى مصطفين فى الموعد ومجتمعين ليكون أشد لهيبتكم وانظم لامركم فجاؤا فى سبعين صفا كل صف الف والصف ان يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل بمعنى الصاف قال فى الإرشاد لعل الموعد كان مكانا متسعا خاطبهم موسى بما ذكر فى قطر من اقطاره وتنازعوا أمرهم فى قطر آخر منه ثم أمروا بان يأتوا وسطه

ص: 400

على الوجه المذكور وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى الفلاح الظفر وادراك البغية والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم وقد يكون طلب العلاء اى الرفعة والآية تحتمل الامرين جميعا اى وقد فاز بالمطلوب من غلب ونال علو المرتبة بين الناس قال فى الإرشاد يريدون بالمطلوب ما وعدهم فرعون من الاجر والتقريب وبمن غلب أنفسهم جميعا او من غلب منهم حثالهم على بذل المجهود فى المغالبة يقول الفقير فيه اشارة الى ان المنهي من العلوم والأسباب كالسحر ونحوه ما يتقرب به الى الدنيا وجمع حطامها لا الى الآخرة والفوز بنعيمها ولا الى الله تعالى ولذا قال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فكل من أراد ان يتوصل بما يفعله مما نهاه الشرع الى درجة من الدرجات الاخروية او مرتبة من المراتب المعنوية فانه يضيع سعيه ولا يفلح ولا يبقى له سوى التعب ثم ان ارباب التقليد يقتفون آثار فرعون وسحرته ويقولون فى حق اهل التحقيق ان هؤلاء يخرجونكم من مناصب شيخوختكم ومراتب قبولكم عند العوام ويصرفون وجوه الناس عنكم ويذهبون باشراف قومكم من الملوك والأمراء وارباب المعارف واهل الدثور والأموال فيسلكون مسالك الحيل ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون اى المشركون بالشرك الخفي: وفى المثنوى

هر كه بر شمع خدا آرد پفو

شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1»

فالذى خلق علويا كالشمس فانه لا يكون سفليا بوجه من وجوه الحيل وكذا التراب خلق سفليا فانه لا يكون سماويا: قال المولى الجامى

پستست قدر سفله اگر خود كلاه جاه

بر اوج سلطنت زند از كردش زمان

سفليست خاك اگر چهـ نه بر مقتضاى طبع

همراه كرد باد كشد سر بر آسمان

نسأل الله ان يجعلنا من اهل السعادة والفلاح قالُوا الى السحرة بعد إجماعهم وإتيانهم الموعد واصطفافهم قال الكاشفى [سحره بقولي سيصد هزار خروار حبل وعصاها ميان تهى كرده و پر از زيبق ساخته بميدان آوردند بطريق ادب وكفتند] يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ الإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه اى تراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح اى تطرح عصاك من يدك على الأرض وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى ما نلقيه من العصى والحبال وان مع ما فى حيزها منصوب بفعل مضمر او مرفوع بخبرية مبتدأ محذوف اى اختر القاءك اولا او القاءنا او الأمر اما القاؤك او القاؤنا وفيه اشارة الى ان السحرة لما اعزوا موسى عليه السلام بالتقديم والتخيير فى الإلقاء أعزهم الله بالايمان الحقيقي حتى رأوا بنور الايمان معجزة موسى فآمنوا به تحقيقا لا تقليدا وهذا حقيقة قوله (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) فلما تقربوا الى الله بإعزاز من أعزه الله أعزهم بالايمان تقربا اليه فكذلك أعزهم موسى بالتقديم فى الإلقاء كما حكى الله عنه بقوله قالَ موسى بَلْ أَلْقُوا اولا ما أنتم ملقون يقول الفقير الظاهر ان الله تعالى الهم السحرة التخيير وعلم موسى اختيار القائهم اولا ليظهر الحق من الباطل لان الحق يدفع الباطل ويمحوه ولو كان موسى أول من ألقى لتفرق الناس من أول الأمر خيفة الثعبان كما تفرقوا بعد ابتلاع العصا عصيهم وحبالهم وذا مخل بالمقصود قال الامام فان قيل كيف أمرهم به وهو سحر وكفر

(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن؟ ازطعانه؟ را إلخ

ص: 401

قلنا لما تعين طريقا الى كشف الشبهة صار جائزا وفى الاسئلة المقحمة هذا ليس بامر وانما هو للاستهانة بذلك وعدم الاكتراث به لما كان يعلم ان ذلك سبب لظهور الحق وزهوق الباطل فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى الفاء فصيحة وإذا لمفاجأة ظرفية والحبال جمع حبل وهو الرسن والعصى جمع عصا والتخيل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك والخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ثم تستعمل فى صورة كل امر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال وانها تسعى نائب فاعل ليحيل والسعى المشي السريع وهو دون العدو. والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقت ان يخيل اليه سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم: وبالفارسية [پس رسنها وعصاهاى ايشان نموده شد بموسى از جادويى وكيد ايشان كه كويى بدرستى كه آن ميرود ومى شتابد] وذلك انهم كانوا لطخوها بالزنبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه انها تتحرك فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والإيجاس وجود ذلك فى النفس والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف وهى مفعول أوجس وموسى فاعله. والمعنى أضمر موسى فى نفسه بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز عن ضررها المعتاد من اللسع ونحوه كما دل عليه قوله فى نفسه لانه من خطرات النفس لا من القلب وفى الحقيقة ان الله تعالى البس السحر لباس القهر فخاف موسى من قهر الله لا من غيره لانه لا يأمن من مكر الله الا القوم الفاسقون يقول الفقير

چون خدا خواهد شود هر برك خار

رشته باريك در چشم عين مار

برك لرزان آب ريزان از الم

چون نمى ترسم ز قهر كردكار

قُلْنا لا تَخَفْ ما توهمت إِنَّكَ اى لانك أَنْتَ الْأَعْلى اى الغالب القاهر لهم ونحن معك فى جميع أحوالك فانك القائم بالمسبب وهم القائمون المعتمدون على الأسباب وايضا معك آياتنا الكبرى وهو لباس حفظنا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان خوف البشرية مركوز فى جبلة الإنسان ولو كان نبيا الى ان ينزع الله الخوف منه انتزاعا ربانيا بقول صمدانى كما قال تعالى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى أعلى درجة من ان تخاف من المخلوقات دون الخالق وفيه معنى آخر ان خوف موسى ما كان من المكونات بل من المكون إذ رأى عصاه ثعبانا تلقف سحر السحرة وقد علم انها صارت مظهر صفة قهارية الحق فخاف من الحق وقهره لا من العصا وثعبانها فلهذا قال تعالى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى لانك أعلى درجة عندنا منها لانها عصاك مصنوعة لنفسك وأنت رسولى وكليمى واصطنعتك لنفسى فان كانت هى مظهر صفة قهرى فانت مظهر صفات لطفى وقهرى كلها وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ اى عصاك والإبهام لتفخيم شأنها والإيذان بانها ليست من جنس العصى المعهودة لانها مستتبعة لآثار غريبة تَلْقَفْ ما صَنَعُوا بالجزم جواب للامر من لقفه كسمعه لقفا بسكون القاف وفتحها إذا ابتلعه والتقمه بسرعة قال فى المفردات لقفت الشيء القفة ولقفته تناولته بالجذب سواء كان تناوله بالفم او باليد

ص: 402

انتهى والتأنيث لكون ما عبارة عن العصا والصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا نسب الى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل. والمعنى تبتلع وتلقم ما صنعوه من الحبال والعصى التي خيل إليك سعيها وخفتها والتعبير عنها بما صنعوا للتحقير والإيذان بالتموية والتزوير اى زوّروه وافتعلوه إِنَّما صَنَعُوا ما موصولة او موصوفة اى ان الذي صنعوه او ان شيأ صنعوه كَيْدُ ساحِرٍ بالرفع على انه خبر لان اى كيد جنس الساحر ومكره وحيلته وتنكيره للتوسل به الى تنكير ما أضيف اليه للتحقير والكيد ضرب من الاحتيال يكون محمودا او مذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ اى لا يدرك بغيته هذا الجنس حَيْثُ أَتى من الأرض وعمل السحر فيها وهو من تمام التعليل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما فى يمينك هو مصنوعى وكيدى وما صنعه السحرة انما هو مصنوعهم وكيدهم ولا يفلح الساحر ومصنوعه وكيده حيث اتى مصنوعى وكيدى لان كيدى متين واعلم ان الفلاح دنيوى وهو الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز واخروى وهو اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ففلاح اهل الدنيا كلا فلاح لان عاقبته خيبة وخسران ألا ترى ان من قال لاستاذه لم اى اعترض عليه لن يفلح ابدا وقد رأينا بعض المعترضين قد اوتى مالا وجاها ورياسة فهو فى تقلبه خائب خاسر وقس عليه سائر المخالفين من اهل المنكرات قال فى نصاب الاحتساب الساحر إذا تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وان أخذ ثم تاب لم تقبل توبته وفى شرح المشارق للشيخ أكمل روى محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد عن ابى حنيفة رحمه الله انه قال فى الساحر يقتل إذا علم انه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله انى اترك السحر وأتوب منه فاذا أقر انه ساحر فقد حل دمه وان شهد عليه شاهدان بالسحر فوصفوا ذلك بصفة يعلم انها سحر قتل ولا يستتاب انتهى وفى شرح رمضان على شرح العقائد ان الساحر يقتل ذكرا او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض وإذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر دون الأنثى انتهى وفى الفروع لا تقتل الساحرة المسلمة ولكن تضرب وتحبس لانها ارتكبت جريمة عظيمة وانما لا تقتل لان النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء مطلقا وفى الأشباه كل كافر تاب فتوبته مقبولة فى الدنيا والآخرة الا جماعة الكافر بسب النبي وبسب الشيخين او أحدهما وبالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته انتهى وفى فتاوى قارئ الهداية الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة

ولا الخالق ويعتقد ان الأموال والحرم مشتركة وقال فى موضع آخر هو الذي لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم قبول توبته انتهى قال فى شرح الطريقة السحر فى اللغة كل ما لطف ودق ومنه السحر للصبح الكاذب وقوله عليه السلام (ان من البيان لسحرا) وبابه منع وفى العرف اراءة الباطل فى صورة الحق وهو عندنا امر ثابت لقوله عليه السلام (السحر حق والعين حق) وفى شرح الأمالي السحر من سحر يسحر سحرا إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا

ص: 403

انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه وفى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة رحمه الله لا حقيقة له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال ابو جعفر الاسترابادى من الشافعية وفى شرح المقاصد السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيها التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة وبانه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين وبانه يخص الازمنة او الامكنة او الشرائط وبانه قد يتصدى المعارضة ويبذل الجهد فى الإتيان بمثله وبان صاحبه ربما يعلن بالفسق ويتصف بالرجس فى الظاهر والباطن والخزي فى الدنيا والآخرة وهو اى السحر عند اهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذا الاصابة بالعين وقال المعتزلة بل هو مجرد اراءة مالا حقيقة له بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وفيه لنا وجهان الاول يدل على الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر فى نفسه وشمول قدرة الله تعالى فانه هو الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب وايضا فيه اجماع الفقهاء وانما احتلفوا فى الحكم واما الثاني فهو قوله تعالى يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ الى قوله فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده فان قيل قوله تعالى فى قصة موسى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى يدل على انه لا حقيقة للسحر وانما هو تمويه وتخييل قلنا يجوز ان يكون سحرهم هو إيقاع ذلك التخييل وقد تحقق ولو سلم فكون اثره فى تلك الصورة هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا ثم ان السحر خمسة انواع فى المشهور منها الطلسم قيل هو مقلوب المسلط وهو جمع الآثار السماوية مع عقاقير الأرض ليظهر منها امر عجيب ومنها النيرنج قيل هو معرب «نيرنك» وهو التمويه والتخييل قالوا ذلك تمزيج قوى جواهر الأرض ليحدث منها امر عجيب ومنها الرقية وهو الافسون معرب «آب سون» وهو النفث فى الماء وسمى به لانهم ينفثون فى الماء ثم يشربونه او يصبون عليه وانما سميت رقية لانها كلمات رقيت من صدر الراقي فبعضها فهويه وبعضها قبطية وبعضها بلا معنى يزعمون انها مسموعة من الجن او فى المنام ومنها الخلقطيرات وهى خطوط عقدت عليها حروف وإشكال اى حلق ودوائر يزعمون ان لها تأثيرات بالخاصية ومنها الشعبذة ويقال لها الشعوذة معرب «شعباذة» اسم رجل ينسب اليه هذا العلم وهى خيالات مبنية على خفة اليد وأخذ البصر فى تقليب الأشياء كالمشى على الإرسال واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك والمذهب ان التأثير الحاصل عقيب الكل هو فعل الله تعالى على وفق اجراء عادته ووجه الحكمة فيه لا يعلمه الا هو سبحانه قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر على الاستخراج خواص الأشياء فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فالقاه فوقع ما وقع

ص: 404

من اللقف فالقى السحرة حال كونهم سُجَّداً ساجدين كأنما ألقاهم ملقى لشدة خرورهم وبالفارسية [حضرت موسى عصا بيفكند فى الحال اژدهايى شد ودهن خود كشاده تمام أدوات جادوانرا فرو برد ومردم از ترس روى بگريز آوردند وموسى او را بگرفت همان عصا شد جادوان دانستند كه آن سحر نيست زيرا كه سحر سحر ديكر را باطل نكند بلكه قدرت خدا ومعجزه موسى است پس در افكنده شدند يعنى تأمل اين معنى ايشانرا در روى افكند در حالتى كه سجده كنندكان بودند مر خدايرا از روى صدق] وانما عبر عن الخرور بالإلقاء ليشاكل تلك الالقاآت- روى- ان رئيسهم قال كنا نغلب الناس وكانت الآلات تبقى علينا فلو كان هذا سحرا فاين ما ألقيناه من الآلات فاستدل بتغير احوال الأجسام على الصانع العالم القادر وبظهور ذلك على يد موسى على صحة رسالته فتابوا وأتوا بنهاية الخضوع وهو السجود قال جار الله ما أعجب أمرهم القوا حبالهم للكفر والجحود ثم القوا رؤسهم للشكر والسجود فما أعظم الفرق بين الالقاءين قالُوا فى سجودهم وهو استئناف بيانى آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى تأخير موسى عند حكاية كلامهم لرعاية الفواصل ولان فرعون ربى موسى فى صغره فلو اقتصر على موسى او قدم ذكره فربما توهم ان المراد فرعون وذكر هارون على الاستتباع ومعنى اضافة الرب إليهما انه هو الذي يدعو ان اليه واجرى على يديهما ما اجرى قال بعض الكبار من كان له استعداد النظر الى عالم الغيب وباشر حظوظ النفس احتجب عنه فاذا انقطع الى الله نظر الله الى قلبه بنعت الإخلاص واليقين وكشف الله له أنوار حضرته وجذبه الى قربه فالسحرة مجذوبون مهتدون بالله الى الله مؤمنون بالبرهان لا بالتقليد وان فرعون ما رأى برهان الربوبية فلم يؤمن قالَ فرعون للسحرة بطريق التوبيخ آمَنْتُمْ لَهُ اى لموسى واللام لتضمين الفعل معنى الاتباع واللام مع الايمان فى كتاب الله لغيره وفى بحر العلوم له اى لربهما على ان اللام بمعنى الباء والدليل القاطع عليه قوله (قال) اى فرعون آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ فى سورة الأعراف وآمنتم بالمد على الاخبار اى فعلتم هذا الفعل توبيخا لهم قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ اى من غير ان آذن لكم فى الايمان له وأمركم به كما فى قوله تعالى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي لا ان الاذن لهم فى ذلك واقع بعده او متوقع والاذن فى الشيء اعلام بإجازته واذنته بكذا وآذنته بمعنى إِنَّهُ يعنى موسى لَكَبِيرُكُمُ اى فى فنكم وأعلمكم به وأستاذكم الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فتواطأتم على ما فعلتم قال الكاشفى [يعنى استاد ومعلم ومهتر جادوانست شما با هم خواهيد كه ملك برابر اندازند] وأراد التلبيس على قومه لئلا يتبعوا السحرة فى الايمان لانه عالم ان موسى ما علمهم السحر يعنى ان هذه شبهة زورها اللعين والقاها على قومه وأراهم ان امر الايمان منوط باذنه فلما كان ايمانهم بغير اذنه لم يكن معتدا به وانهم من تلامذته عليه السلام فلا عبرة بما أظهره كما لا عبرة بما أظهروه وذلك لما اعتراه من الخوف من اقتداء الناس بالسحرة في الايمان بالله ثم اقبل عليهم بالوعيد المؤكد حيث قال فَلَأُقَطِّعَنَّ اى فو الله لاقطعن وصيغة التفعيل للتكثير وكذا فى الفعل الآتي والقطع فصل شىء مدركا بالبصر كالاجسام او مدركا بالبصيرة كالاشياء المعقولة أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ

ص: 405

الخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان دون العكس. والمعنى من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ومن فيه لابتداء الغاية اى ابتداء القطع من مخالفة العضو العضو لامن وفاقه إياه فان المبتدئ من المعروض مبتدئ من العارض ايضا وهى مع مجرورها فى حيز النصب على الحالية اى لاقطعنها مختلفا لانها إذا خالف بعضها بعضا بان هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك يسار فقد اتصفت بالاختلاف وتعيين القطع وكيفيته لكونه أفظع من غيره وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ الصلب الذي هو تعليق الإنسان للقتل قيل هو شد صلبه على خشب اى على اصول النخل فى شاطئ النيل: وبالفارسية [وهر آيينه بر آويزم شما را در تن خرما بن كه درازترين درختانست تا همه كس شما را به بيند وعبرت كيرد] وإيثار كلمة فى للدلالة على ابقائهم عليها زمانا طويلا تشبيها لاستقرارهم عليها باستقرار المظروف فى الظرف المشتمل عليه قالوا فرعون موسى هو أول من استعمل الصلب فان قيل مع قزب عهده بانقلاب العصا حية وقصدها ابتلاع قصره واستغاثته بموسى من شرها كيف يعقل ان يهدّد السحر الى هذه الحد ويستهزئ بموسى قلنا يجوز ان يكون فى أشد الخوف ويظهر الجلادة تمشية لناموسه وترويجا لامره والاستقراء يوقفك على أمثاله وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا اى انا وموسى أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى أدوم وموسى لم يكن فى شىء من التعذيب الا ان فرعون ظن السحرة خافوا من قبل موسى على أنفسهم حين رأوا ابتلاع عصاه لحبالهم وعصيهم فقال ما قال وعلى ما سبق من بحر العلوم فى آمَنْتُمْ لَهُ يكون المراد ب أَيُّنا نفسه ورب موسى وفى التأويلات النجمية وانما قال أَشَدُّ عَذاباً لانه كان بصيرا بعذاب الدنيا وشدته وقد كان أعمى بعذاب الاخرة وشدته قالُوا غير مكترثين بوعيده قال الكاشفى [ساحران چون از جام جذبه حقانى مست شده بودند واز أنوار تواتر ملاطفات ربانى كه بر دل ايشان تافته بود از دست شده خورده يكجرعه از كف ساقى هر چهـ فانيست كرده در باقى دامن از فكر غير افشانده ليس فى الدار غيره خوانده لا جرم در جواب فرعون كفتند] لَنْ نُؤْثِرَكَ لن نختارك بالايمان والاتباع عَلى ما جاءَنا من الله على يد موسى مِنَ الْبَيِّناتِ من المعجزات الظاهرة التي لا شبهة فى حقيتها وكان من استدلالهم انهم قالوا لو كان هذا سحرا فاين حبالنا وعصينا وفيه اشارة الى ان القوم شاهدوا فى رؤية الآيات أنوار الذات والصفات فهان عليهم عظائم البليات ومن آثر الله على الأشياء هان عليه ما يلقى فى ذات الله وقد قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء عنك علمك ان الله هو المبلى وَالَّذِي فَطَرَنا اى خلقنا وسائر المخلوقات عطف على ما جاءنا وتأخيره لان ما فى ضمنه آية عقلية نظرية وما شاهده آية حسية ظاهرة وقال بعضهم هو قسم محذوف الجواب لدلالة المذكور عليه اى وحق الذي فطرنا لا نؤثرك فان القسم لا يجاب بلن الا على شذوذ وفى التفسير الفارسي [وسوكنده ميخوريم بخدايى كه ما را آفريد] وفى التأويلات اى بالذي فطرنا على فطرة الإسلام والتعرض للفاطرية

ص: 406

لا يجابها عدم إيثارهم فرعون عليه تعالى فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ جواب عن تهديده بقوله لاقطن اى فاصنع ما أنت صانعه او احكم فينا ما أنت فيه حاكم من القطع والصلب وفى التأويلات اى فاحكم واجر علينا ما قضى الله لنا فى الأزل من الشهادة إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا اى انما تصنع ما تهواه او تحكم بما تراه فى هذه الحياة الدنيا ومدة حياتنا فحسب فسيزول أمرك وسلطانك عن قريب وما لنا من رغبة فى عذبها ولا رهبة من عذابها [امروز بجور هر چهـ خواهى ميكن فردا بتو نيز هر چهـ خواهند كنند] إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذ بها فى الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتأثر بما اوعدتنا به من القطع والصلب والمغفرة صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس. والخطايا جمع الخطية والفرق بينها وبين السيئة ان السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات والخطية فيما يقصد بالعرض لانها من الخطأ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ عطف على خطايانا اى ويغفر لنا السحر الذي عملناه فى معارضة موسى با كراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية خصوه بالذكر مع اندراجه فى خطاياهم إظهارا لغاية نفرتهم منه ورغبتهم فى مغفرته وَاللَّهُ خَيْرٌ اى فى ذاته وهو ناظر الى قولهم والذي فطرنا وَأَبْقى اى جزاء ثوابا كان او عقابا او خير لنا منك ثوابا ان اطعناه وأدوم عذابا منك ان عصيناه وفى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَيْرٌ فى إيصال الخير ودفع الشر منك وَأَبْقى خيره من خيرك وعذابه من عذابك قال الحسن سبحان الله لقوم كفارهم أشد الكافرين كفرا ثبت فى قلوبهم الايمان طرفة عين فلم يتعاظم عندهم ان قالوا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فى ذات الله والله ان أحدهم اليوم ليصحب القرآن ستين عاما ثم انه ليبيع دينه بثمن حقير: قال الشيخ سعدى قدس سره

زيان ميكند مرد تفسير دان

كه علم ادب ميفروشد بنان

كجا عقل با شرح فتوى دهد

كه اهل خرد دين بدنيا دهد

بدين اى فرومايه دينى مخر

چوخرها بانجيل عيسى مخر

إِنَّهُ اى الشأن وهو تعليل من جهتهم لكونه تعالى خيرا وأبقى مَنْ [كس كه] يَأْتِ [آيد در روز قيامت] رَبَّهُ [نزديك پروردگار او] مُجْرِماً حال كونه متوغلا فى اجرامه منهمكا فيه بان يموت على الكفر والمعاصي ولانه مذكور فى مقابلة المؤمن فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها فينتهى عذابه ويستريح وهذا تحقيق لكون عذابه أبقى وَلا يَحْيى حياة ينتفع بها وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً به تعالى وبما جاء من عنده من المعجزات التي من جملتها ما شاهدناه قَدْ اى وقد عَمِلَ الصَّالِحاتِ الصالحة كالحسنة جارية مجرى الاسم ولذلك لا تذكر غالبا مع الموصوف وهى كل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والنقل فَأُولئِكَ اشارة الى من والجمع باعتبار معناها اى فاولئك المؤمنون العاملون للصالحات لَهُمُ بسبب ايمانهم وأعمالهم الصالحة الدَّرَجاتُ الْعُلى جمع العليا تأنيث الأعلى اى المنازل الرفيعة فى الجنة وفيه اشارة الى الفرق بين اهل الايمان المجرد

ص: 407

وبين الجامع بين الايمان والعمل حيث ان الدرجات العالية للثانى وغيرها لغيره جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من الدرجات العلى تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [پيوسته ميرود از زير منازل آن يا أشجار آن جويها] حال من الجنات خالِدِينَ فِيها حال من الضمير فى لهم والعامل معنى الاستقرار او الاشارة وَذلِكَ اى المذكور من الثواب جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى الجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا والفرق بين الاجر والجزاء ان الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النفع دون الضر والجزاء يقال فيما كان عن عقد وعن غير عقد ويقال فى النافع والضار والمعنى جزاء من تطهر من دنس الكفر والمعاصي بما ذكر من الايمان والأعمال الصالحة وهذا تحقيق لكون ثواب الله تعالى أبقى وفى الحديث (ان اهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدرىّ فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وأنعما) اى هما اهل لهذا قالوا ليس فى القرآن ان فرعون فعل باولئك المؤمنين ما أوعدهم به ولم يثبت فى الاخبار كما فى الاخبار وقال فى التفسير الكبير نقلا عن ابن عباس رضى الله عنهما كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء وفى بحر العلوم أصبحوا كفرة وامسوا أبرارا شهداء: وفى المثنوى

ساحران در عهد فرعون لعين

چون مرى كردند با موسى بكين «1»

ليك موسى را مقدم داشتند

ساحران او را مكرّم داشتند

زانكه كفتندش كه فرمان آن تست

كر تو مى خواهى عصا بفكن نخست

كفت نى أول شما اى ساحران

افكنيد آن مكرها را در ميان

اين قدر تعظيم ايشانرا خريد

واز مرى آن دست و پاهاشان بريد

ساحران چون قدر او نشناختند

دست و پادر جرم آن در باختند

فدلت هذه الاخبار على كونهم شهداء وان فرعون استعمل الصلب فيهم والا لم يكن أول من صلب فعلى العاقل ان يختار الله تعالى ويتزكى عن الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الشنيعة الشيطانية ويتحلى بالأخلاق الروحانية الربانية ويبذل المال والروح لينال أعلى الفتوح جعلنا الله وإياكم من اهل الولاء وممن هان عليه البلاء وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وبالله لقد أوحينا اليه بعد اجراء الآيات التسع فى نحو من عشرين سنة كما فى الإرشاد يقول الفقير يخالفها ما فى بعض الروايات المشهورة من ان موسى عليه السلام دعا ربه فى حق فرعون وقومه فاستجيب له ولكن اثره بعد أربعين سنة على ما قالوا عند قوله تعالى قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما أَنْ مفسرة بمعنى اى او مصدرية اى بان أَسْرِ بِعِبادِي السرى والإسراء سير الليل اى قال سر ببني إسرائيل من مصر ليلا: وبالفارسية [بشب ببر بندگان مرا] امر بذلك لئلا يعوقهم أعوان فرعون فَاضْرِبْ لَهُمْ فاجعل من قولهم ضرب له فى ماله سهما او فاتخذوا عمل من قولهم ضرب اللبن ادا عمله وفى الجلالين فاضرب لهم بعصاك طَرِيقاً الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد قال الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب فِي الْبَحْرِ البحر

(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را كه أول تو عصا بينداز

ص: 408

كل مكان واسع جامع للماء الكثير والمراد هنا بحر القلزم قال فى القاموس هو بلد بين مصر ومكة قرب جبل الطور واليه يضاف بحر القلزم لانه على طرفه او لانه يبتلع من ركبه لان القلزمة الابتلاع يَبَساً صفة لطريقا واليبس المكان الذي كان فيه ماء فذهب قال فى الإرشاد اى يابسا على انه مصدر وصف به الفاعل مبالغة: وبالفارسية [خشك كه درو آب ولاى نبود] لا تَخافُ دَرَكاً حال مقدرة من المأمور اى موسى والدرك محركة اسم من الإدراك كالدرك بالسكون. والمعنى حال كونك آمنا من ان يدرككم العدو وَلا تَخْشى الغرق فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ الفاء فصيحة اى ففعل ما امر به من الاسراء بهم وضرب الطريق وسلوكه فتبعهم فرعون ومعه جنوده حتى لحقوهم وقت اشراق الشمس وهو اضاءتها يقال اتبعهم اى تبعهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم فالفرق بين تبعه واتبعه ان يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه- روى- ان موسى خرج بهم أول الليل وكانوا ستمائه وسبعين الفا فاخبر فرعون بذلك فاتبعهم بعساكره وكانت مقدمته سبعمائة الف فقص اثرهم فلحقهم بحيث تراءى الجمعان فعند ذلك ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق على اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم وبقي الماء قائما بين الطرق فعبر موسى بمن معه من الأسباط سالمين وتبعهم فرعون بجنوده فَغَشِيَهُمْ سترهم وعلاهم مِنَ الْيَمِّ اى بحر القلزم ما غَشِيَهُمْ اى الموج الهائل الذي لا يعلم كنهه الا الله وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ اى سلك بهم مسلكا ادّاهم الى الخيبة والخسران فى الدين والدنيا معا حيث ماتوا على الكفر بالعذاب الهائل الدنيوي المتصل بالعذاب الخالد الأخروي وَما هَدى اى ما ارشدهم قط الى طريق موصل الى مطلب من المطالب الدينية والدنيوية وهو تقرير لاضلاله وتأكيد له إذ رب مضل قد يرشد من يضله الى بعض مطالبه وفيه نوع تهكم فى قوله وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ فان نفى الهداية من شخص مشعر بكونه ممن تتصور منه الهداية فى الجملة وذلك انما يتصور فى حقه بطريق التهكم يقول الفقير موسى مع قومه اشارة الى الروح القدسي مع قواه وفرعون مع قومه اشارة الى النفس الامارة مع قواها والبحر هو بحر الدنيا فموسى الروح يعبره اما بسفينة الشريعة او بنور الكشف الإلهي ويغرق فرعون النفس لانها تابعة لهواها لا شريعة لها ولا كشف فعلم منه ان اتباع اهل الضلال أنفسا وآفاقا يؤدى الى الهلاك الصوري والمعنوي واقتداء اهل الهدى يفضى الى النجاة الابدية

زينهار از قرين بد زنهار

وقنا ربنا عذاب النار

واحسن وجوه الاتباع الايمان والتوحيد لان جميع الأنبياء متفقون على ذلك والمؤمن فى حصن حفظه الله تعالى من الأعداء الظاهرة والباطنة فى الدنيا والآخرة- حكى- عن عبد الله بن الثقفي ان الحجاج احضر انس بن مالك وقال له أريد ان أقتلك شر قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك من دون الله تعالى قال الحجاج ولم ذلك قال لان رسول الله عليه السلام علمنى دعاء وقال (من دعا به فى كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل)

ص: 409

وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه قال معاذ الله ان اعلمه لاحد وأنت حى فقال خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين افواههما ولما حضرته الوفاة قال لخادمه ان لك على حقا اى حق الخدمة فعلمه الدعاء المذكور وقال له قل (بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء) ثم ان هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فيحفظه من النار والعذاب واعلم ان موسى نصح فرعون ولكن لم ينجعه الوعظ فلم يدر قدره ولم يقبل فوصل من طريق الرد والعناد الى الغرق والهلاك نعوذ بالله رب العباد فعلى العاقل ان يستمع الى الناصح: قال الحافظ

امروز قدر پند عزيزان شناختم

يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد

قوله امروز يريد به وقت الشيخوخة وفيه اشارة الى ان وقت الشباب ليس كوقت الكهولة ولذا ترى اكثر الشباب منكبين على سماع الملاهي معرضين عن الناصح الإلهي فمن هداه الله تعالى رجع الى نفسه ودعا لناصحه لانه ينصح حروفه بالفارسية [ميدوزد دريدهاى او] ولا بد للسالك من مرشد ومجاهدة ورياضة فان مجرد وجود المرشد لا ينفعه مادام لم يسترشد ألا ترى ان فرعون عرف حقية موسى وما جاء به لكنه ابى عن سلوك طريقه فلم ينتفع به فالاول الاعتقاد ثم الإقرار ثم الاجتهاد وقد قال بعضهم «ان السفينة لا تجرى على اليبس» والنفس تجر الى الدعة والبطالة وقد قال تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فالعبادة لازمة الى ان يأتى اليقين حال النشاط والكراهة والجهاد ماض الى يوم القيامة: قال المولى الجامى قدس سره

بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج

آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم

نسأل الله تعالى ان يوفقنا لطريق مرضاته ويوصلنا الى جناب حضرته يا بَنِي إِسْرائِيلَ اى قلنا لهم بعد إغراق فرعون وقومه وانجائهم منهم قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فرعون وقومه حيث كانوا يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم ويستخدمونكم فى الأعمال الشاقة والعدو يجئ فى معنى الوحدة والجماعة وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ بالنصب على انه صفة للمضاف اى واعدناكم بوساطة نبيكم إتيان جانبه الايمن نظرا الى السالك من مصر الى الشام والا فليس للجبل يمين ولا يسار اى إتيان موسى للمناجاة وإنزال التوراة عليه ونسبة المواعدة إليهم مع كونها لموسى نظرا الى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ هو شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر يقال له الترنجبين معرب «كرنكبين» وَالسَّلْوى طائر يقال له السمانى كان ينزل عليهم المن وهم فى التيه مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع ويبعث عليهم الجنوب السمانى فيذبح الرجل ما يكفيه والتيه المفازة التي يتاه فيها وذلك حين أمروا بان يدخلوا مدينة الجبارين فابوا ذلك فعاقبهم الله بان يتيهوا فى الأرض أربعين سنة كما مر فى سورة المائدة ومثل ذلك كمثل الوالد المشفق يضرب ولده العاصي ليتأدب وهو لا يقطع عنه إحسانه فقد ابتلوا بالتيه ورزقوا بما لا تعب فيه

اى كريمى كه از خزانه غيب

كبر وترسا وظيفه خوردارى

ص: 410

دوستانرا كجا كنى محروم

تو كه با دشمنان نظر دارى

كُلُوا اى وقلنا لكم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من لذائذه او حلالاته قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وَلا تَطْغَوْا فِيهِ الطغيان تجاوز الحد فى العصيان اى ولا تتجاوزا الحد فيما رزقناكم بالإخلال بشكره وبالسرف والبطر والمنع من المستحق والادخار منه لا كثر من يوم وليلة فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي جواب للنهى اى فيلزمكم عقوبتى وتجب لكم من حل الدين يحل بالكسر إذا وجب أداؤه واما يحل بالضم فهو بمعنى الحلول اى النزول والغضب ثوران دم القلب عند ارادة الانتقام وإذا وصف الله تعالى به فالمراد الانتقام دون غيره: وفى المثنوى

شكر منعم واجب أمد در خرد

ور نه بگشايد در خشم ابد

وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى تردى وهلك واصله ان يسقط من جبل فيهلك ومن بلاغات الزمخشري من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى فى ابعد الهوى وفى التأويلات النجمية ونزلنا عليهم المن من صفاتنا والسلوى سلوى أخلاقنا كلوا من طيبات ما رزقناكم اى اتصفوا بطيبات صفاتنا وتخلقوا بكرائم أخلاقنا التي شرفناكم بها اى لو لم تكن العناية الربانية لما نجا الروح والقلب وصفاتهما من شر فرعون النفس وصفاتها ولولا التأييد الإلهي لما اتصفوا بصفات الله ولا تخلقوا بأخلاقه ثم قال ولا تطغوا فيه اى إذا استغنيتم بصفاتى واخلاقى عن صفاتكم وأخلاقكم فلا تطغوا بان تدعوا العبودية وتدعوا الربوبية وتسموا باسمي بان اتصفتم بصفاتى كما قال بعضهم انا الحق وبعضهم سبحانى وما أشبه هذه الأحوال مما يتولد من طبيعة الانسانية فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى وان طغيان هذه الطائفة بمثل هذه المقالات وان كانت هى من أحوالهم لان الحالات لا تصلح للمقامات وهى موجبة للغضب كما قال تعالى فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى نجعل كل معاملاته فى العبودية هباء منثورا ولهذا الوعيد امر الله عباده فى الاستهداء بقوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اى اهدنا هداية غير من أنعمت عليه بتوفيق الطاعة والعبودية ثم ابتليته بطغيان يحل عليه غضبك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لستور لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي التي من جملتها الطغيان فيما ذكر قال فى المفاتيح شرح المصابيح الفرق بين الغفور والغفار ان الغفور كثير المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس ولعل الغفار ابلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينه وبين الغفار ان المبالغة فيه من جهة الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية وَآمَنَ بما يجب الايمان به وَعَمِلَ صالِحاً مستقيما عند الشرع والعقل وفيه ترغيب لمن وقع منه الطغيان فيما ذكر وحث على التوبة والايمان ثُمَّ اهْتَدى اى استقام على الهدى ولزمه حتى الموت وهو اشارة الى ان من لم يستمر عليه بمعزل من الغفران وثم للتراخى الرتبى قال فى بحر العلوم ثم لتراخى الاستقامة على الخير عن الخير

ص: 411

نفسه وفضلها عليه لانها أعلى منه وأجل لان الشأن كله فيها وهى مزلة أقدام الرجال قال ابن عطاء وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ اى رجع من طريق المخالفة الى طريق الموافقة وصدق موعود الله فيه واتبع السنة ثُمَّ اهْتَدى اقام على ذلك لا يطلب سواه مسلكا وطريقا

راه سنت روا كر خواهى طريق مستقيم

كز سنن راهى بود سوى رضاى ذو المنن

هر مژده در چشم وى همچون سنانى باد تيز

كر سنان زندگى خواهد زمانى بي سنن

وفى التأويلات النجمية اى رجع من الطغيان بعبادة الرحمن وَعَمِلَ صالِحاً بالعبودية للربوبية ثُمَّ اهْتَدى اى تحقق له ان تلك الحضرة منزهة عن دنس الوهم والخيال وان الربوبية قائمة والعبودية دائمة اعلم ان التوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب- روى- ان رجلا قال للدينورى ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفتنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه كلما ضربته يجزع بين يديها فلا يزال كذلك حتى تضمه إليها والتوبة على اقسام. فتوبة العوام من السيئات. وتوبة الخواص من الزلات والغفلات. وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات وشرائط التوبة ثلاثة. الندم بالقلب. والاعتذار باللسان بان يستغفر الله. والإقلاع بالجوارح وهو الكف عن الذنب وفى الحديث (المستغفر باللسان المصر على الذنوب كالمستهزئ بربه) : وقال المولى الجامى قدس سره

دارم جهان جهان كنه اى شرم روى من

چون روى ازين جهان بجهان دكر نهم

ياران دواسبه عازم ملك يقين شدند

تا كى عنان عقل بدست كمان دهم

با خلق لاف توبه ودل بر كنه مصر

كس پى نمى برد كه بدين كونه كمرهم

وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى مبتدأ وخبر اى وقلنا لموسى عند ابتداء موافاته الميقات بموجب المواعدة المذكورة أي شىء حملك على العجلة وأوجب سبقتك منفردا عن قومك وهم النقباء السبعون المختارون للخروج معه الى الطور وذلك انه سبقهم شوقا الى ميعاد الله وأمرهم ان يتبعوه كما فى الجلالين قال فى العرائس ضاق صدر موسى من معاشرة الخلق وتذكر ايام وصال الحق فعلة العجلة الشوق الى لقاء الله تعالى قال الكاشفى [آورده اند كه بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعون از موسى عليه السلام استدعا نمودند كه از براى ما قواعد شريعتى واحكام آن مبين ساز موسى در آن باب با حضرت رب الأرباب مناجات كرد خطاب رسيد كه با جمعى از اشراف بنى إسرائيل بكوه طور آي تا كتابى كه جامع احكام شرع باشد بتو دهم موسى هارون را بجاى خود بگذاشت وبا وجوه قوم كه هفتاد تن بودند متوجه طور شدند قوم را وعده كرد كه چهل روز ديكر مى آيم وكتاب مى آورم و چون بنزديك طور رسيدند قوم را بگذاشت واز غايت اشتياق كه بكلام و پيام الهى داشت زودتر بالاى كوه بر آمد خطاب ربانى رسيد كه وَما أَعْجَلَكَ إلخ وجه چيز شتابان ساخت ترا تا تعجيل كردى و پيش آمدى از كروه خود اى موسى] يقول الفقير هذا سؤال انبساط كقوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ لا سؤال انكار كما ظن اكثر المفسرين من الاجلاء

ص: 412

وغيرهم قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي يجيؤن بعدي: وبالفارسية [كفت موسى كه ايشان كروه مردان اينك مى آيند بر پى من وساعت بساعت برسند] وَعَجِلْتُ بسبقى إياهم إِلَيْكَ [بسوى تو] رَبِّ [اى پروردگار من] لِتَرْضى عنى بمسارعتى الى الامتثال بامرك واعتنائى بالوفاء بعهدك وفى الآيتين اشارة الى معانى مختلفة منها ليعلم ان السائر لا ينبغى ان يتوانى فى السير الى الله ويرى ان رضى الله فى استعجاله فى السير والعجلة ممدوحة فى الدين قال تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ والأصل الطلب: وفى المثنوى

كر كران وكر شتابنده بود

آنكه جوينده است يابنده بود «1»

در طلب زن دائما تو هر دو دست

كه طلب در راه نيكو رهبر است

وقد ورد (ان الأمور مرهونة باوقاتها) ولذا قال

چوصبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى

مخور غم كر شب هجران بپايان دير مى آيد

ومنها ينبغى ان السائر لا يتعوق بعائق فى السير وان كان فى الله ولله كما كان حال موسى فى السير الى الله فما تعوق بقومه واستعجل فى السير وبطلت العوائق وقد صح ان المجنون العامري ترك الناقة فى طريق ليلى لكونها عائقة عن سرعة السير الى جنابها فمشى على الوجه كما قال فى المثنوى

راه نزديك وبماندم سخت دير

سير كشتم زين سوارى سير سير «2»

سرنكون خود را ز اشتر در فكند

كفت سوزيدم ز غم تا چند چند

تنك شد بروى بيابان فراخ

خويشتن افكند اندر سنكلاخ

چون چنان افكند خود را سوى پست

از قضا آن لحظه پايش هم شكست

پاى را بر بست وكفتا كو شوم

در خم چوكان غلطان مى روم

عشق مولى كى كم از ليلى بود

كوى كشتن بهر او اولى بود

كوى شو مى كرد بر پهلوى صدق

غلط غلطان در حم چوكان عشق

ومنها ان قصد السائر الى الله تعالى ونيته ينبغى ان يكون خالصا لله وطلبه لا لغيره كما قال وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ كان قصده الى الله: قال الكمال الخجندي

سالك پاك رو نخوانندش

آنكه از ما سوى منزه نيست

ومنها ان يكون مطلوب السائر من الله رضاه لا رضى نفسه منه كما قال لِتَرْضى كما فى التأويلات النجمية قالَ الله تعالى وهو استئناف بيانى فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ القيناهم فى فتنة من بعد خروجك من بينهم وابتليناهم فى ايمانهم بخلق العجل وهم الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر وكانوا ستمائة الف ما نجا منهم من عبادة العجل الا اثنا عشر الفا قال الله تعالى لموسى أتدرى من اين أتيت قال لا يا رب قال حين قلت لهارون اخلفني فى قومى اين كنت انا حين اعتمدت على هارون وفيه اشارة الى ان طريق الأنبياء ومتبعيهم محفوف بالفتنة والبلاء كما قال عليه السلام (ان البلاء موكل بالأنبياء الأمثل فالامثل) وقد قيل ان البلاء للولاء كاللهب للذهب والى ان فتنة الامة والمريد مقرونة بمفارقة الصحبة من النبي والشيخ

(1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده إلخ

(2)

در اواسط دفتر چهارم در بيان چاليش عقل با نفس همچون تنازع مجنون با ناقه وميل مجنون سوى حره وميل ناله سوى كره إلخ

ص: 413

كما قال تعالى (فانا قد فتنا قومك من بعدك) اى بعد مفارقتك إياهم فان المسافر إذا انقطع عن صحبة الرفقة افتتن بقطاع الطريق والغيلان: قال الحافظ

قطع اين مرحله بي همرهئ خضر مكن

ظلماتست بترس از خطر گمراهى

- روى- انهم أقاموا على ما وصى به موسى عشرين ليلة بعد ذهابه فحسبوها مع أيامها أربعين وقالوا قد اكملنا العدة وليس من موسى عين ولا اثر وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ حيث كان هو المدبر فى الفتنة والداعي الى عبادة العجل قال فى الاسئلة المقحمة أضاف الإضلال الى السامري لانه كان حصل بتقريره ودعوته وأضاف الفتنة الى نفسه لحصولها بفعله وقدرته وإرادته وخلقه وعلى هذا ابدا اضافة الأشياء الى أسبابها ومسبباتها انتهى واخباره تعالى بوقوع هذه الفتنة عند قدومه عليه السلام اما باعتبار تحققها فى علمه ومشيئته تعالى واما بطريق التعبير عن المتوقع بالواقع او لان السامري قد عزم على إيقاع الفتنة على ذهاب موسى وتصدى لترتيب مباديها فكانت الفتنة واقعة عند الاخبار. والسامري رجل من عظماء بنى إسرائيل منسوب الى قبيلة السامرة منهم او علج من اهل كرمان من قوم يعبدون البقر وحين دخل ديار بنى إسرائيل اسلم معهم وفى قلبه حب عبادة البقر فابتلى الله بنى إسرائيل فكشف له عن بصره فرأى اثر فرس الحياة لجبريل ويقال له حيزوم وأخذ من ترابه وألقاه بوحي الشيطان فى الحلي المذابة كما يجيئ قال الكاشفى [أصح آنست كه او از اسرائيليانست ودر وقتى كه فرعون ابناى ايشانرا مى كشت او متولد شده ومادر بعد از تولد او را بكنار نيل در جزيره بيفكند وحق سبحانه جبرائيل را امر فرمود تا او را پرورش دهد ومأكول ومشروب وى مهيا كرداند محافظت نموده ازين وقت كه موسى بطور رفت سامرى نزد هارون آمده كفت قدرى پيرايه كه از قبطيان عاريت كرفته ايم با ماست وما را در آن تصرف كردن روا نيست ومى بينم كه بنى إسرائيل آنرا مى خرند ومى فروشند حكم فرماى تا همه جمع كنند وبسوزند هارون امر فرمود كه تمام پيرايه ها آوردند ودر حفره ريختند ودر آن آتش زنند وسامرى زركرى چالاك بود همين كه ان زر بگداخت وى قالبى ساخته بود وآن زر كداخته در ان ريخته وشكل كوساله بيرون آورد وقدرى از خاك زير سم جبريل كه فرس الحياة مى كفتند در درون وى ريخت فى الحال زنده كشت وكوشت و پوست برو پيداشت وبآواز در آمد وكويند زنده نشد ليك بآن وضع ريخته بود بانكى كرد كه چهار دانك قوم بنى إسرائيل ويرا سجده كردند حق تعالى موسى را خبر داد كه قوم تو بعد از خروج تو كوساله پرست شدند] فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ اى بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذى الحجة وأخذ الألواح المكتوب فيها التوراة وكانت الف سورة كل سورة الف آية يحمل اسفارها سبعون جملا غَضْبانَ [خشمناك پريشان] أَسِفاً [اندوهگين از عمل ايشان] اى شديد الحزن على ما فعلوا او شديد الغضب ومنه قوله عليه السلام فى موت الفجأة (رحمة للمؤمنين واخذة أسيف للكافرين) قال الامام الراغب الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد قال الكاشفى [چون بميان قوم رسيد بانك

ص: 414

وخروش ايشان شنيد كه كردا كرد كوساله دف ميزدند ورقص ميكردند بعتاب آغاز كرد از روى ملامت] قالَ يا قَوْمِ [اى كروه من] أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً بان يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى اى وعدكم وعدا صادقا بحيث لا سبيل لكم الى إنكاره قال فى بحر العلوم وَعْداً حَسَناً اى متناهيا فى الحسن فانه تعالى وعدهم ان يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور ولا وعد احسن من ذلك وأجمل وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا وعد قوما لا بد له من الوفاء بالوعد فيحتمل ان يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم وبلاء لهم كما كان لقوم موسى إذ وعدهم الله بايتاء التوراة ومكالمته موسى وقومه السبعين المختارين فلما وفى به تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه وهى الضلال وعبادة العجل ولكن الوعد لما كان موصوفا بالحسن كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاء حسنا وكان عاقبة أمرهم التوبة والنجاة ورفعة الدرجات أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ الفاء للعطف على مقدر والهمزة لانكار المعطوف ونفيه فقط اى او عدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فاخطأتم بسببه وفى الجلالين مدة مفارقتى إياكم يقال طال عهدى بك اى طال زمانى بسبب مفارقتك أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ يجب كما سبق عَلَيْكُمْ غَضَبٌ عذاب عظيم وانتقام شديد كائن مِنْ رَبِّكُمْ من مالك أمركم على الإطلاق بسبب عبادة ما هو مثل فى الغباوة والبلادة فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي اى وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به الى ان ارجع من الميقات على اضافة المصدر الى مفعوله والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فاخلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فاخلفتموه عمدا قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ اى وعدنا إياك الثبات على ما امرتنا به بِمَلْكِنا اى بقدرتنا واختيارنا لكن غلبنا من كيد السامري وتسويله وذلك ان المرء إذا وقع فى البلية والفتنة لم يملك نفسه ويكون مغلوبا والملك القدرة وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ جمع وزر بالكسر بمعنى الحمل الثقيل اى أحمالا من حلى القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس فَقَذَفْناها اى طرحنا الحلي فى النار رجاء للخلاص من ذنبها فَكَذلِكَ اى مثل ذلك القذف أَلْقَى السَّامِرِيُّ اى ما معه من الحلي وقد كان أراهم انه ايضا يلقى ما كان معه من الحلي فقالوا ما قالوا على زعمهم وانما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من اثر فرس الحياة وكان لا يخالط شيأ الا غيره وهو من الكرامة التي خصها الله بروح القدس فَأَخْرَجَ اى السامري بسبب ذلك التراب لَهُمْ اى للقائلين عِجْلًا من تلك الحلي المذابة وهو ولد البقرة جَسَداً بدل منه او جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لاروح له ولا امتناع فى ظهور الخارق على يد الضال لَهُ خُوارٌ نعت له يقال خار العجل خوارا إذا صاح اى صوت عجله فسجدوا له فَقالُوا اى السامري ومن افتتن به أول ما رأى هذا العجل إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ اى غفل عنه وذهب يطلبه فى الطور وهذا حكاية نتيجة فتنة السامري فعلا وقولا من جهته تعالى قصدا الى زيادة تقريرها ثم ترتيب الإنكار عليها لا من جهة القائلين والا لقيل فاخرج لنا ولا شك ان الله خلقه ابتلاء لعباده ليظهر الثابت

ص: 415

من الزائغ واعجب من خلق الله العجل خلقه إبليس محنة لهم ولغيرهم أَفَلا يَرَوْنَ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى ألا يتفكرون فلا يعلمون ان مخففة من الثقيلة اى انه أَلَّا يَرْجِعُ [باز نمى كرداند كوساله] إِلَيْهِمْ [بسوى ايشان] قَوْلًا كلاما ولا يرد عليهم جوابا: يعنى [هر چند او را مى خوانند جواب نمى دهد] فكيف يتوهمون انه آله فقوله يرجع من الرجع المتعدى بمعنى الاعادة لا من الرجوع اللازم بمعنى العود وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً اى لا يقدر على ان يدفع عنهم ضررا او يجلب لهم نفعا قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الله تعالى إذا أراد ان يقضى قضاء سلب ذوى العقول عقولهم وأعمى أبصارهم بعد ان رأوا الآيات وشاهدوا المعجزات كأنهم لم يروا شيأ فيها فلهذا قال أَفَلا يَرَوْنَ يعنى العجل وعجزه أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا اى شيأ من القول وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الغضب فى الله من لوازم نشأة الإنسان الكامل لانه مرآة الحضرة الالهية وهى مشتملة على الغضب ورد عن النبي عليه السلام انه كان لا يغضب لنفسه وإذا غضب لله لم يقم لغضبه شىء فمن العباد من يغضب الحق لغضبه ويرضى لرضاه بل من نفسى غضبه غضب الحق وعين رضاه هو رضى الحق فمطلق غضبهم فى الحقيقة عبارة عن تعين غضب الحق فيهم من كونهم مجاليه ومجالى أسمائه وصفاته لا كغضب الجمهور قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كاسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه قال وعلى ذلك قال (من أهان لى وليا فقد بارزني فى المحاربة) فعلى العاقل ان يتبع طريق الأنبياء والأولياء ويغضب للحق إذا رأى منكرا

كرت نهى منكر بر آيد ز دست

نشايد چوبى دست و پايان نشست

چودست وزبانرا نماند مجال

بهمت نمايند مردى رجال

ومنها يا من اسباب غضب الله تعالى اخلف بالوعد ونقض العهد فلابد لطالب الرحمة من الاستقامة والثبات

از دم صبح ازل تا آخر شام ابد

دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود

[وفى وصايا الفتوحات حق تعالى بموسى عليه السلام وحي كرد هر كه باميد تو آيد او را بي بهره مكذار وهر كه زينهار خواست او را زينهار ده. موسى در سياحت بود ناكاه كبوترى بر كتف او نشست وبازي در عقب او مى آمد وقصد آن كبوتر داشت بر كتف ديكر فرو آمد آن كبوتر در آستين موسى در آمد وزينهار مى خواست وباز بزبان فصيح بموسى آواز داد كه اى پسر عمران مرا بى بهره مكذار وميان من ورزق من جدايى ميفكن موسى كفت چهـ زود مبتلا شدم ودست كرد تا ازران خود پاره قطع كند براى طعمه باز تا حفظ عهد كرده باشد وبكار هر دو وفا نموده كفتند يا ابن عمران تعجيل مكن كه ما رسولانيم وغرض آن بود كه صحت عهد تو آزمايش كنيم] أيا سامعا ليس السماع ينافع إذا أنت لم تفعل فما أنت سامع إذا كنت فى الدنيا من الخير عاجزا فما أنت فى يوم القيامة صانع

ص: 416

ومنها ان متاع الدنيا سبب الغرور والفساد والهلاك ألا ترى ان فرعون اغتر بدنياه فهلك وان السامري صاغ من الحلي عجلا فافسد ولو لم يستصحبوها حين خرجوا من مصر لنجوا من عبادته والابتلاء بتوبته نسأل الله تعالى ان يهدينا هداية كاملة الى جنابه ولا يردنا عن بابه ولا يبتلينا بأسباب عذابه وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ اى وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الأمر من قبل رجوع موسى إليهم وخطابه إياهم بما ذكر من المقالات يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ اى اوقعتم فى الفتنة بالعجل وأضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة انما الى نفس الفعل بالقياس الى مقابله الذي يدعيه القوم لا الى قيده المذكور بالقياس الى قيد آخر على معنى انما فعل بكم الفتنة لا الإرشاد الى الحق لا على معنى انما فتنتم بالعجل لا بغيره وَإِنَّ رَبَّكُمُ المستحق للعبادة هو الرَّحْمنُ المنعم بجميع النعم لا العجل وانما ذكر الرحمن تنبيها على انهم ان تابوا قبل توبنهم وإذا كان الأمر كذلك فَاتَّبِعُونِي فى الثبات على الدين وَأَطِيعُوا أَمْرِي هذا واتركوا عبادة ما عرفتم شأنه وما احسن هذا الوعظ فانه زجرهم عن الباطل بقوله إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وأزال الشبهات اولا وهو كاماطة الأذى عن الطريق ثم دعاهم الى معرفة الله بقوله وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فانها الأصل ثم الى معرفة النبوة بقوله فَاتَّبِعُونِي) ثم الى الشرائع فقال وَأَطِيعُوا أَمْرِي وفى هذا الوعظ شفقة على نفسه وعلى الخلق اما على نفسه فانه كان مأمورا من عند الله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن عند أخيه بقوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فلو لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لخالف امر الله وامر موسى وانه لا يجوز اوحى الله الى يوشع انى مهلك من قومك أربعين الفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال انهم لم يغضبوا لغضبى وفى الحديث (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) : قال الشيخ سعدى قدس سره

بنى آدم اعضاى يكديكرند

كه در آفرينش ز يك كوهرند

چوعضوى بدرد آورد روزكار

دكر عضوها را نماند قرار

تو كز محنت ديكران بي غمى

نشايد كه نامت نهند آدمي

ثم ان هارون رأى المتهافتين على النار فلم يبال بكثرتهم ولا نفرتهم بل صرح بالحق

بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند

وكر هيچ كس را نيايد پسند

كه فردا پشيمان بر آرد خروش

كه آوخ چرا حق نكردم بكوش

وهاهنا دقيقة وهى ان الرافضة تمسكوا بقوله عليه السلام (أنت منى بمنزلة هارون من موسى) ثم ان هارون ما منعه التقية فى مثل هذا الجمع العظيم بل صعد المنبر وصرح بالحق ودعا الناس الى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره فلو كانت امة محمد على الخطأ لكان يجب ان يفعل مثل ما فعل هارون وان يصعد المنبر من غير تقية وخوف ويقول فاتبعونى وأطيعوا امرى فلما لم يقل كذلك علمنا ان الامة كانوا على الصواب وقد ثبت ان عليا احرق الزنادقة الذين قالوا بآلهيته لما كانوا

ص: 417

على الباطل قالُوا فى جواب هارون لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ لن نزال على العجل وعبادته عاكِفِينَ مقيمين قال الراغب العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم قال فى الكبير رحمته تعالى خلصتهم من آفات فرعون ثم انهم لجهلهم قابلوه بالتقليد فقالوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى اى لا نقبل حجتك وانما نقبل قول موسى وقال فى الإرشاد وجعلوا رجوعه عليه السلام إليهم غاية لعكوفهم على عبادة العجل لكن لا على طريق الوعد بتركها عند رجوعه بل بطريق التعلل والتسويف وقد دسوا تحت ذلك انه عليه السلام لا يرجع بشئ مبين تعويلا على مقابلة السامري- روى- انهم لما قالوه اعتزلهم هارون فى اثنى عشر الفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وفى التأويلات النجمية لم يسمعوا قول هارون لانهم عن السمع الحقيقي لمعزولون فلهذا قالُوا لَنْ نَبْرَحَ إلخ وفيه اشارة الى ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ كامل واصل وصحبه بصدق الارادة ممتثلا لاوامره ونواهيه قابلا لتصرفات الشيخ فى إرشاده يصير بنور ولايته سميعا بصيرا يسمع ويرى من الاسرار والمعاني بنور ولاية الشيخ ما لم يكن يسمع ويرى ثم ان ابتلى بمفارقة صحبة الشيخ قبل أوانه يزول عنه نور الولاية او يحتجب بحجاب ما ويبقى أصم وأعمى كما كان حتى يرجع الى صحبة الشيخ ويتنور بنور ولايته قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال لهارون حين سمع جوابهم له وهل رضى بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظ وقد أخذ بلحيته ورأسه وكان هارون طويل الشعر يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا اخطأوا طريق عبودية الله بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة الى ان شافهوك بالمقالة الشنعاء أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا مزيدة وهو مفعول ثان لمنع وهو عامل فى إذ اى أي شىء منعك حين رؤيتك لضلالهم من ان تتبعنى فى الغضب لله والمقاتلة مع من كفر به وان تأتى عقبى وتلحقنى وتخبرني لأرجع إليهم لئلا يقعوا فى هلاك هذه الفتنة او غير مزيدة على ان منعك مجاز عن دعاك. والمعنى ما دعاك الى ترك اتباعى وعدمه فى شدة الغضب لله ولدينه ونظير لا هذه قوله ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ فى الوجهين قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان موسى لما كان بالميقات مستغرقا فى بحر شواهد الحق ما كان يرى غير الحق ولم يكن محتجبا بحجب الوسائط حتى ان الله تعالى ابتلاه بالوسائط بقوله فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أضاف الفتنة الى نفسه وأحال الإضلال الى السامري اختبارا ليعلم منه انه هل يرى غير الله مع الله فى أفعاله الخير والشر فما التفت الى الوسائط وما رأى الفعل فى مقام الحقيقة على بساط القربة الا منه وقال فى جوابه إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أضاف الفتنة والإضلال اليه تعالى مراعيا حق الحقيقة على قدم الشريعة الى نور الحقيقة قال يا هارون أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي اى بالصلابة فى الدين والمحاماة عليه كما عصى هؤلاء القوم امرى وامر الله فان قوله عليه السلام اخْلُفْنِي متضمن للامر بهما حتما فان الخلافة لا تتحقق الا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا والهمزة للانكار

ص: 418

التوبيخي والفاء عطف على مقدر يقتضيه المقام اى أخالفتني فعصيت امرى الَ يَا بْنَ أُمَ

الام بإزاء الأب وهى الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ولدت من ولدته ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شىء او تربيته او إصلاحه او مبدئه أم واصله يا ابن أمي أبدل الياء الفا فقيل يا ابن اما ثم حذف الالف واكتفى بالفتحة لكثرة الاستعمال وطول اللفظ وثقل التضعيف وقرئ يا ابن أم بالكسر بحذف الياء والاكتفاء بالكسرة وخص الام بالاضافة استعظاما لحقها وترقيقا لقلبه واعتدادا لنسبها واشارة الى انهما من بطن واحد والا فالجمهور على انهما لاب وأم قال بعض الكبار كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة كما قال تعالى وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا ولذا ناداه بامه إذ كانت الرحمة للام أوفر ولذا صيرت على مباشرة التربية وفى التأويلات النجمية لما رأى هارون موسى رجع من تلك الحضرة سكران الشوق ملآن الذوق وفيه نخوة القربة والاصطفاء والمكالمة ما وسعه الا التواضع والخشوع فقال يا ابن أم تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي

اى بشعر رأسى وخاطبه بيا ابن أم لمعنيين أحدهما ليأخذه رأفة صلة الرحم فيسكن غضبه والثاني ليذكره بذكر امه الحالة التي وقعت له فى الميقات حين سأل ربه الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وجاء الملائكة فى حال تلك الصعقة يجرون برأسه ويقولون يا ابن النساء الحيض ما للتراب ورب الأرباب: قال الحافظ

برو اين دام بر مرغ دكر نه

كه عنقا را بلند است آشيانه

وقال

عنقا شكار كس نبود دام باز چين

كآنجا هميشه باد بدستست دام را

- روى- انه أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله من شدة غيظه وغضبه لله وكان حديدا متصلبا فى كل شىء فلم يتمالك حين رآهم يعبدون العجل ففعل ما فعل بمرأى من قومه اى بمكان يراه قومه ويرون ما يفعل بأخيه نِّي خَشِيتُ

لو قاتلت بعضهم ببعض وتفرقوانْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ

برأيك وأراد بالتفريق ما يستتبعه القتال من تفريق لا يرجى بعده الاجتماع وفى الجلالين خشيت ان فارقتهم واتبعتك ان يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضا فتقول أوقعت الفرق فيما بينهم لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

لم تحفظ وصيتي فى حسن الخلافة عليهم يريد به قوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ فان الإصلاح ضم النشر وحفظ جماعات الناس والمداراة بهم الى ان ترجع إليهم وترى فيهم ما ترى فتكون أنت المتدارك للامر بنفسك المتلافى برأيك لاسيما وقد كانوا فى غاية القوة ونحن على القلة والضعف كما يعرف عنه قوله إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي وفى العيون اى لم تنظر فى امرى او لم تنتظر قدومى وفى التأويلات النجمية يعنى منعنى ترقب قولك وإطاعة أمرك عن اتباعك لا عصيان أمرك انتهى وهذا الكلام من هارون اعتذار والعذر تحرى الإنسان ما يمحوبه ذنوبه وذلك ثلاثة اضرب ان يقول لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر دون العكس وكان هارون

ص: 419

حليما رفيقا ولذا كان بنوا إسرائيل أشد حباله وعن على رضى الله عنه احسن الكنوز محبة القلوب قال سقراط من احسن خلقه طابت عيشته ودامت سلامته وتأكدت فى النفوس محبته ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوس منه قال بزرجمهر ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة

ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة

وفى بعضها عزا يسود فاعله

قال ارسطوا باصابة المنطق يعظم القدر وبالتواضع تكثر المحبة وبالحلم تكثر الأنصار وبالرفق تستخدم القلوب وبالوفاء يدوم الإخاء وكان النبي عليه السلام لم يخرج عن حد اللين والرفق ولذا قال فى وصفه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ: وفى المثنوى

بندگان حق رحيم وبردبار

خوى حق دارند در إصلاح كار «1»

مهربان بي رشوتان يارى كران

در مقام سخت ودر روز كران

هين بجو اين قوم را اى مبتلا

هين غنيمت دارشان پيش از بلا

قالَ كأنه قيل فماذا صنع موسى بعد اعتذار القوم واعتذار هارون واستقرار اصل الفتنة على السامري فقيل قال موبخا له هذا شأنهم فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ الخطب لغة الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب وهو من تقاليب الخبط ففيه اشارة الى عظيم خبطه والمعنى ما شأنك وما مطلوبك فيما فعلت وما الذي حملك عليه: وبالفارسية [چيست اين كار عظيم ترا اى سامرى يعنى اين چيست كه كردى] خاطبه بذلك ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه ويفعل به وبما صنعه من العقاب ما يكون نكالا للمفتونين به ولمن خلفهم من الأمم قال بعض الكبار فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ يعنى فيما صنعت من عدولك الى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم فان عيسى عليه السلام يقول لبنى إسرائيل يا بنى إسرائيل قلب كل انسان حيث ما له فاجعلوا أموالكم فى السماء تكن قلوبكم هناك اى تصدقوا وقدموا الى الآخرة التي هى أبقى وأعلى وما سمى المال مالا الا لكونه بالذات تميل القلوب اليه فى نيل المقاصد وتحصيل الحوائج: وفى المثنوى مال دنيا دام مرغان ضعيف ملك عقبى دام مرغان شريف «2» «3» هين مشو كر عارفى مملوك ملك ملك الملك آنكه بجهيد او ز هلك قالَ السامري مجيبا لموسى عليه السلام بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ قال فى القاموس بصربه ككرم وفرح بصرا وبصارة ويكسر صار مبصرا وفى المفردات قلما يقال بصرت فى الحاسة إذا لم تضامه رؤية القلب. والمعنى رأيت ما لم يره القوم وقد كان رأى ان جبريل جاء راكب فرس وكان كلما وضع الفرس يديه او رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات فى الحال فعرف ان له شأنا فاخذ من موطئه حفنة وفى الكبير رآه يوم فلق البحر حين تقدم خيل فرعون راكبا على رمكة ودخل البحر وفى غيره حين ذهب به الى الطور وفى الجلالين قال موسى وما ذلك قال رأيت جبرائيل على فرس الحياة فالقى فى

(1) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا وشفقت دقوقى در خلاص كشتى

(2)

در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل سر إلخ

(3)

وفى اكثر نسخ المثنوى «كين زمان هستيد خود مملوك ملك» إلخ

ص: 420

نفسى ان اقبض من اثرها فما ألقيته على شىء الا صار له روح ولحم ودم فحين رأيت قومك سألوك ان تجعل لهم الها زينت لى نفسى ذلك فذلك قوله تعالى فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ اى من تربة موطئ فرس الملك الذي أرسل إليك والمراد فرس الحياة لجبريل ولم يقل جبريل او روح القدس لانه لم يعرف انه جبريل والقبضة المرة من القبض وهو الاخذ بجميع الكف أطلقت على المقبوض مرة فَنَبَذْتُها النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به اى طرحتها فى الحلي المذابة او فى فم العجل فكان ما كان وفى العرائس قبض السامري من اثر فرسه قبضة لانه سمع من موسى تأثير القدسيين فى أشباح الأكوان فنثرها على العجل الذهبي فجعل الحق لها اكسيرا من نور فعله ولذا حيى وفى التأويلات النجمية (بصرت) يعنى خصص بكرامة فيما رأيت من اثر فرس جبريل وألهمت بان له شانا ما خص به أحد منكم فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها يشير بهذا المعنى الى ان الكرامة لاهل الكرامة كرامة ولاهل الغرامة فتنة واستدراج. والفرق بين الفريقين ان اهل الكرامة يصرفونها فى الحق والحقيقة واهل الغرامة يصرفونها فى الباطل والطبيعة كما ان الله تعالى انطق السامري بنيته الفاسدة الباطلة بقوله وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي اى بشقاوتى ومحنتى والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن واصل التركيب سولت لى نفسى تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل على ان يكون مثلى صفة مصدر محذوف وذلك اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحة لافادة تأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة فصار مصدرا مؤكدا لا صفة اى ذلك التزيين البديع زينت لى نفسى ما فعلته من القبض والنبذ لا تزيينا ادنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه ان ما فعله انما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الامارة بالسوء وغوائها لا بشئ آخر من البرهان العقلي والإلهام الإلهي قال الكاشفى [در لباب آورده كه موسى عليه السلام قصد قتل سامرى كرد از حق سبحانه وتعالى ندا آمد او را مكش كه صفت سخاوت برو غالبست و چون از سخاى او خلق را منفعت بود نفع حيات از وباز نتوان داشت سرّ واما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض اينجا ظاهر ميشود

هر نهالى كه برك دارد وبر

باد زاب حيات تازه وتر

وآنچهـ بي ميوه باشد وسايه

به كه كردد تنور را مايه

فعند ذلك قالَ موسى مكافئا له قال الكاشفى [كفت موسى مر سامرى را كه چون مرا از قتل تو منع كردند] فَاذْهَبْ اى من بين الناس فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ اى ثابت لك مدة حياتك عقوبة ما فعلت أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ قال فى المفردات المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء وان لم يوجد والمس يقال فيما يكون معه ادراك بحاسة اللمس وفى القاموس قوله تعالى لا مِساسَ بالكسر اى لا أمس ولا امسى وكذلك التماس ومنه من قبل ان يتماسا انتهى اى لا يمسنى أحد ولا أمس أحدا خوفا من ان تأخذ كما الحمى- روى- انه

ص: 421

كان إذا ماس أحدا ذكرا او أنثى حم الماس والممسوس جميعا حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات فصار وحيدا طريدا يهيم فى البرية مع الوحش والسباع [ودر بعضى تفاسير هست كه جمعى از أولاد سامرى درين زمان كوساله پرست اند همان حال دارند] يعنى ان قومه باقية فيهم تلك الحالة الى اليوم] يقول الفقير التناسل موقوف على مخالطة الأزواج والأولاد فكيف تقوم هذه الدعوى قال فى الإرشاد لعل السر فى مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسبة التضاد فانه لما انشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته للحمى التي هى من اسباب موت الاحياء وفى التأويلات النجمية يشير الى ان قصدك ونيتك فيما سولت نفسك ان تكون مطاعا متبوعا آلفا مألوفا فجزاؤك فى الدنيا ان تكون طريدا وحيدا ممقتا ممقوتا متشردا متنفرا تقول لمن رآك لا تمسنى ولا امسك فنهلك

چون عاقبت ز صحبت ياران بريدنست

پيوند با كسى نكند آنكه عاقلست

وذلك لان فى الانقطاع بعد الاتصال الما شديدا بخلاف الانقطاع الأصلي ولذا قال من قال

الفت مكير همچوالف هيچ با كسى

تا بسته الم نشوى وقت انقطاع

وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً اى وعدا فى الآخرة بالعقاب على الشرك والإفساد لَنْ تُخْلَفَهُ اى لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه البتة بعد ما عاقبك فى الدنيا والخلف والأخلاف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفنى اى خالف فى الميعاد وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ معبود بزعمك الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً أصله ظللت فحذفت اللام الاولى تخفيفا قال فى المفردات ظلت بحذف احدى اللامين يعبربه عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت. والمعنى صرت مقيما على عبادته. واما بالفارسية [بودى پيوسته بر پرستش او] لَنُحَرِّقَنَّهُ جواب قسم محذوف اى بالنار ويؤيده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ من الإحراق وهو ايقاء نار ذات لهب فى الشيء بخلاف الحرق فانه إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق قال الكاشفى [واين قول كسيست كه كويد آن كاو را كوشت و پوست بود] او بالمبرد: بالفارسية [سوهان] على انه مبالغة فى حرق إذا برد بالمبرد ويعضده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ اى لنبردنه يقال بردت الحديد بالمبرد والبرادة ما سقط منه قال الكاشفى [واين بران قوليست كه او جسدى بود زرين بي حيات] ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً اى لنذرينه فى البحر رمادا او مبرودا بحيث لا يبقى منه عين ولا اثر من نسفت الريح التراب إذا أقلعته وأزالته وذرته. والنسف بالفارسية [بر كندن] للنبات من أصله [وبر بودن] كما فى التهذيب. والذر [وبباد بر دادن وباد چيزى را بر داشتن] قال الكاشفى [پس پراكنده سازيم خاكستر او را در دريا تا بدانند كه او را كه توان سوخت صفت الوهيت برو عين جهل ومحض خلافست] إِنَّما إِلهُكُمُ اى معبود كم المستحق للعبادة اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ فى الوجود لشئ من الأشياء إِلَّا هُوَ وحده من غير ان يشاركه شىء من الأشياء بوجه من الوجوه التي

ص: 422

من جملتها احكام الالوهية قال فى بحر العلوم قوله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ تقرير لاختصاص الالهية ونحوه قولك القبلة الكعبة التي لا قبلة الا هى وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً اى وسع علمه بكل ما كان وما يكون اى علم كل شىء وأحاط به بدل من الصلة كأنه قيل انما إلهكم الذي وسع كل شىء علما لا غيره كائنا ما كان فيدخل فيه العجل دخولا أوليا قال الكاشفى [نه قالب كوساله كه اگر چهـ زنده نيز باشد مثلست در غباوت ونادانى] روى ان موسى أخذ العجل فذبحه ثم حرقه بالنار ثم ذراه فى البحر زيادة عقوبة حيث أبطل سعيه واظهر غباوة المفتتنين به با دست موسوى چهـ زند سحر سامرى قال الحافظ

سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش

سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد

قال فى التأويلات النجمة فى الآية اشارة الى عبدة عجل النفس والهوى بانهم وما يعبدون حصب جهنم منسوفون فى بحر القهر نسفا لا خلاص لهم منه الى الابد وفى قوله إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اشارة الى ان من يعبد الها دونه يحرقه بنار القطيعة وينسفه فى بحر القهر الى ابد الآباد ووَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فعلم استحقاق كل عبد للطف او للقهر يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء والازدواج بين إبليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثاني الهوى فجميع الأديان الباطلة والأخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر فيتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى اعلم انهم قالوا لكل فرعون موسى اى لكل مبطل ومفسد محق ومصلح ألا ترى ان فرعون أفسد الأرض بالكفر والتكذيب والظلم والمعاصي فاصلحها موسى بالايمان والتصديق والعدل والطاعات ثم ان السامري أراد ان يكدر وجه مرآة الدين بما صنعه بيده العادية فجاء موسى فازاله وهكذا الحال الى يوم القيامة والأصل إصلاح القلب وتطهيره عن لوث الأخلاق الرذيلة ومنعه عن العكوف على عبادة الهوى ثم تغيير المنكر عن وجه العالم ان قدر كما فعله الأنبياء وأولوا الأمر ومن يليهم فان الغيرة من الايمان والله غيور وعبده فى غيرته وفى الحديث (ان سعدا لغيور وانا أغير من سعد والله أغير منى ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) : وفى المثنوى

جمله عالم زان غيور آمد كه حق

بر در غيرت برين عالم سبق «1»

غيرت حق بر مثل كندم بودم

كاه خرمن غيرت مردم بود

اصل غيرتها بدانيد از اله

آن خلقان فرع حق بي اشتباه

كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ ذلك اشارة الى اقتصاص حديث موسى والقص تتبع الأثر والقصص الاخبار المتتبعة. ومن مفعول نقص باعتبار مضمونه. والنبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبة ظن ولا يقال للخبر فى الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة وحق الخبر الذي فيه نبأ ان يتعرى عن الكذب كالتواتر وخبر الله تعالى وخبر النبي

(1) در اواسط دفتر يكم در بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ [.....]

ص: 423

عليه السلام والمعنى مثل ذلك القص البديع الذي سمعت نقص عليك يا محمد بعض الحوادث الماضية الجارية على الأمم السالفة لاقصا ناقصا عنه تبصرة لك وتوفيرا لعلمك وتكثيرا لمعجزاتك وتذكيرا للمستبصرين من أمتك وفيه وعد بتنزيل أمثال ما مر من اخبار القرون الخالية: وبالفارسية [همچنانچهـ اين قصه موسى بر تو خوانديم مى خوانيم بر تو اى محمد از خبرها آنچهـ بتحقيق كذشته است يعنى از امور ماضيه وقرون سابقه ترا خبر ميدهيم تا معجزه نبوت تو بود وتنبيه مستبصران امت تو] وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا متعلق بآتينا اى من عندنا ذِكْراً اى كتابا شريفا مطويا على هذه الأقاصيص والاخبار حقيقا بالتفكر والاعتبار وفى الكبير فى تسميته به وجوه. الاول انه كتاب فيه ذكر ما يحتاج اليه فى امر دينهم ودنياهم. والثاني ان يذكر انواع آلاء الله ونعمائه وفيه التذكير والموعظة. والثالث فيه الذكر والشرف لك ولقومك وقد سمى الله كل كتبه ذكرا فقال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قال بعض الكبار اى موعظة تتعظ بها وتتأدب بملازمتها فلا يخفى عليك شىء من أسرارنا وما اودعناه اسرار الذين كانوا قبلك من الأنبياء فتكون الأنبياء مكشوفين لك وأنت فى ستر الحق مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ عن ذلك الذكر العظيم الشأن الجامع لوجوه السعادة والنجاة فلم يعتبر ولم يعمل به لانكاره إياه ومن شرطية او موصولة وأياما كانت فالجملة صفة لذكر فَإِنَّهُ اى المعرض عنه يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً عقوبة ثقيلة على كفره وسائر ذنوبه وتسميتها وزرا تشبيها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره خالِدِينَ فِيهِ اى ماكثين فى الوزر حال من المستكن فى يحمل والجمع بالنظر الى معنى من لما ان الخلود فى النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا اى بئس لهم حملا وزرهم واللام للبيان كأنه لما قيل ساء قيل لمن يقال هذا فاجيب لهم وإعادة يوم القيامة لزيادة التقرير وتهويل الأمر وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعرض عن الذكر الحقيقي الذي به قامت حقيقة الايمان والإيقان والعرفان فانه يحمل يوم القيامة حملا ثقيلا من الكفر والنفاق والشرك والجهل والعمى وقساوة القلب والرين والختم والأخلاق الذميمة والبعد والحسرة والندامة وخسر حقيقة العبودية ودوام الذكر ومراقبة القلب وصدق التوجه لقبول الفيض الإلهي الذي هو حقيقة الذكر الذي اوله ايمان وأوسطه ايقان وآخره عرفان فالذكر الايمانى يورث الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة بترك المعاصي والاشتغال بالطاعات والذكر الايقانى يورث ترك الدنيا وزخارفها حلالها وحرامها وطلب الآخرة ودرجاتها منقطعا إليها والذكر العرفانى يوجب قطع تعلقات الكونين والتبكير الى سعادة الدارين فى بذل الوجود على شواهد المشهود انتهى فاعلى المراتب فى الذكر فناء الذاكر فى المذكور فلا يبقى للنفس هناك اثر- روى- انه كثر الزنى فى بغداد وكثر الفسق فقيل للشبلى لولا ذكرك لا حرقنا البلدة فلما سمعه بعض اهل النفس قال أليس لنا ذكر فقال الشبلي ذكركم بوجود النفس وذكرى بالله واعلم ان التوحيد أفضل العبادات وذكر الله اقرب القربات وقد وقت الله العبادات كلها كالصلاة والصيام والحج ونحوها بالمواقيت الا الذكر فانه امر به على كل حال قياما وقعودا

ص: 424

واضطجاعا وحركة وسكونا وفى كل زمان ليلا ونهارا صيفا وشتاء ولما سئل النبي عليه السلام عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) : قال المغربي قدس سره

اگر چهـ آينه دارى از براى رخش

ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار

بيا بصيقل توحيد ز آينه بردارى

غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار

- حكى- ان موسى عليه السلام قال الهى علمنى شيأ أذكرك به فقال الله تعالى قل لا اله الا الله فقال موسى يا رب كل عبادك يقول ذلك فقال الله تعالى يا موسى لو ان السموات والأرضين وضعت فى كفة ميزان ولا اله الا الله فى اخرى لمالت به تلك الكلمة: قال الفقير

كر تو خواهى شوى ز حق آگاه

دم على لا اله الا الله

أفضل ذكر باشد اين كلمه

يكثر الذكر كل من يهواه

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بدل من يوم القيامة او منصوب بإضمار اذكر اى اذكر لقومك يا محمد يوم ينفخ اسرافيل فى القرن الذي التقمه للنفخ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ اى نخرج المتوغلين فى الاجرام والآثام المنهمكين فيها وهم الكفرة والمشركون من مقابرهم ونجمعهم يوم إذ ينفخ فى الصور وذكره صريحا مع تعين ان الحشر لا يكون الا يومئذ للتهويل زُرْقاً جمع ازرق والزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها الى العرب فان الروم الذين كانوا أعدى عدوهم زرق قال الكاشفى [در خبر است كه زرقه عين وسواد وجه علامت دوزخيانست] وقال الامام فى المفردات قوله تعالى يَوْمَئِذٍ زُرْقاً اى عميا عيونهم لا نور لها لان حدقة الأعمى تزرق يعنى ان العين إذا زال نورها ازرقت يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ استئناف لبيان ما يأتون وما يذرون حينئذ والتخافت اسرار المنطق واخفاؤه اى يقول بعضهم لبعض خفية من غير رفع صوت بسبب امتلاء صدورهم من الخوف والهوان او استيلاء الضعف إِنْ لَبِثْتُمْ لبث بالمكان اقام به ملازما له اى أقمتم ومكثتم فى الدنيا او فى القبر إِلَّا عَشْراً عشر ليال او عشر ساعات استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها لان ايام الراحة قليلة والساعات تمر مر السحاب وفى الجلالين يتسارون فيما بينهم ما لبثتم فى قبوركم إلا عشر ليال يريدون ما بين النفختين وهو أربعون سنة يرفع العذاب فى تلك المدة عن الكفار ويستقصرون تلك المدة إذا عاينوا اهوال القيامة انتهى وهو مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وفى بحر العلوم هو ضعيف جدا نَحْنُ [ما كه خداونديم] أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ [داناتريم بآنچهـ ايشان ميكويند] وهو مدة لبثهم إِذْ يَقُولُ [چون كويد] أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً او فرهم رأيا وأوفاهم عقلا: وبالفارسية [تمامترين ايشان از روى عقل] قال فى المفردات الأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل والأقرب الى الخير وأماثل القوم كناية عن خيارهم وعلى هذا قوله تعالى إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً انتهى إِنْ بمعنى النفي اى ما لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ونسبة هذا القول الى أمثلهم استرجاع منه تعالى له لكن لا لكونه اقرب الى الصدق بل لكونه ادل على شدة الهول وفى التأويلات النجمية يشير الى انه إذا نفخ فى الصور وحشر اهل البلاء واصحاب الجفاء يوم الفزع الأكبر فى النفخة الثانية (يوم يجعل الولدان شيبا. يوم تبدل الأرض

ص: 425

غير الأرض) وقد غضب ربنا ذلك اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله يرون من شدة اهوال ذلك اليوم ما يقلل فى أعينهم شدة ما أصابهم من العذاب طول مكثهم فى القبور فهم يحسبون انهم ما لبثوا فى القبور الا عشرة ايام ثم قال تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ من عظم البلاء وبما يقولون إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً اى أصوبهم رأيا فى نيل شدة البلاء إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً وذلك لانه وجد شدة بلاء ذلك اليوم عشرة أمثال ما وجده انتهى قيل ألا انما الدنيا كظل سحابة أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت فلا تك فرحانا بها حين أقبلت ولا تك جزعانا إذا هى ولت قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة: قال الشيخ سعدى

نكه دار فرصت كه عالم دميست

دمى پيش دانا به از عالميست

مكن عمر ضايع بافسوس وحيف

كه فرصت عزيزست والوقت سيف

قال السلطان ولد

بگذار جهانرا كه جهان آن تو نيست

وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست

كر مال جهان جمع كنى شاد مشو

ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست

فعلى العاقل ان لا يضيع وقته بالصرف الى الدنيا وما فيها من الشهوات فان الوقت نقد نفيس وجوهر لطيف وبازي اشهب لا ينبغى ان يبذل لشئ حقير وان يصاد به طير لا يسمن ولا يغنى من جوع ومن المعلوم ان عيش الدنيا قصير وخطرها يسير وقدرها عند الله صغير إذا كانت لا تعدل عنده جناح بعوضة فمن عظم هذا الجناح كان أصغر منه

بر مرد هشيار دنيا خسست

كه هر مدتى جاى ديكر كسست

قال عيسى عليه السلام من ذا الذي يبنى على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا وقد ثبت ان الدنيا ساعة فاجعلها طاعة واهل الطاعة تكافئ ساعة من ساعاتهم فى الآخرة بألف سنة فى الراحة بخلاف اهل المعصية فان ساعاتهم ايضا تنبسط ولكن فى المحنة وأفضل الطاعات واحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله فاكثروا من قول لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) اى جنة الصورة وجنة المعنى وهى جنة القلب والروح وفيها ازهار الأنوار وثمرات الاسرار وهى أعلى من جنة الصورة إذ كل كمال انما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن أصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة إذا كان لها عرق فانها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق فى بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال (ولهم عند الله مزيد للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ السؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة او الاشارة او استدعاء مال او ما يؤدى الى مال وجوابه على اليد واللسان خليفة لها اما بوعد او برد والسؤال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت وتارة لتعريف المسئول وتنبيهه لا ليخبر ويعلم فاذا كان للتعريف

ص: 426

تعدى الى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن اكثر كما فى هذا المقام وإذا كان لاستدعاء مال فانه يتعدى بنفسه او بمن نحو قوله تعالى وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ والجبال جمع جبل وهو كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة او قنة واعتبر معانيه فاستعير واشتق منه بحسبها فقبل فلان جبل لا يتزحزح تصورا لمعنى الثبات فيه وجبله الله على كذا اشارة الى ماركب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله وتصور منه العظم فقيل للجماعة العظيمة جبل كما قال تعالى وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً اى جماعة تشبيها بالجبل فى العظم والجبال فى الدنيا ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول. والمعنى يسألونك عن ما آل أمرها وقد سأل عنها رجل من ثقيف وقال يا رسول الله ما يصنع بالجبال يوم القيامة فَقُلْ الفاء للمسارعة الى الزام السائلين قال الكاشفى [پس بگويى تأخير در جواب ايشان كه بقدرت] يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً يقال نسفت الريح الشيء أقلعته وأزالته ونسف البناء قلعه من أصله والجبال دكها وذراها كما فى القاموس اى يقلعها من أصلها ويجعلها كالهباء المنثور وفى الإرشاد يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها وتذروها وفى الكبير لعل قوما قالوا انك تدعى ان الدنيا تفنى فوجب ان تبتدئ بالنقصان حتى تنتهى الى البطلان لكنا لا نرى فيها نقصانا ونرى الجبال كما هى وهذه شبهة ذكرها جالينوس فى ان السماوات لا تفنى وجواب هذه الشبهة ان بطلان الشيء قد يكون ذبوليا يتقدمه النقصان وقد يكون دفعة فتبين انه تعالى يزيل تركيبات العالم الجسماني دفعة بقدرته ومشيئته انتهى ومثاله ان الدنيا مع جبالها وشدادها كالشاب القوى البدن ومن الشبان من يموت فجأة من غير تقدم مرض وذبول

ديدى آن قهقهه كبك خرامان حافظ

كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود

قال فى الاسئلة المقحمة قال هنا وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ بالفاء وفى موضع آخر وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ من غير الفاء والجواب لانهم يسألونه هاهنا بعد فتقريره ان سألوك عن الجبال فقل نظيره فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فان كنت فى شك فان آمنوا بمثل ما آمنتم به بخلاف قوله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ لانه هناك كانوا قد سألوه فامر بالجواب كقوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ وغيرها من المواضع انتهى وفى التأويلات النجمية وان سألوك عن احوال الجبال فى ذلك اليوم فقل ينسفها ربى نسفا يقلعها بتجلى صفة القهارية كما جعل الطور دكا فَيَذَرُها يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه اى وذر والمعنى فيترك مقارها ومراكزها حال كونها قاعاً مكانا خاليا وأصله قوع قال فى القاموس القاع ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام انتهى صَفْصَفاً مستويا كأن اجزاءها على صف واحد من كل جهة لا تَرى فِيها اى فى مقار الجبال لا بالبصر ولا بالبصيرة استئناف مبين لكيفية القاع الصفصف والخطاب لكل أحد ممن يتأتى منه الرؤية عِوَجاً بكسر العين اى عوجا ما كأنه لغاية خفائه من قبيل خافى المعاني وذلك لان العوج بالكسر يخص المعاني قال فى

ص: 427

المفردات العوج العطف عن حال الانتصاب والعوج يقال فيما يدرك بالبصر كالخشب المنتصب ونحوه والعوج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة كما يكون فى ارض بسيطة وكالدين والمعاش وَلا أَمْتاً ارتفاعا يسيرا قال الزمخشري الامت النتوء اليسير وفى القاموس الامت المكان المرتفع والتلال الصغار والانخفاض والارتفاع قال فى المناسبات وَلا أَمْتاً اى تفاوتا بارتفاع وانخفاض وفى الجلالين عِوَجاً وَلا أَمْتاً انخفاضا وارتفاعا ومثله ما فى تفسير الفارسي حيث قال [عوجا پستى در مناره ولا امتا ونه بلندى و پشته] يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ نسفت الجبال على اضافة اليوم الى وقت النسف وهو ظرف لقوله يَتَّبِعُونَ اى الناس الدَّاعِيَ الذي يدعوهم الى الموقف والمحشر وهو اسرافيل عليه السلام يدعو الناس عند النفخة الثانية قائما على صخرة بيت المقدس ويقول أيتها العظام البالية والأوصال المنفرقة واللحوم المتمزقة قوموا الى عرض الرحمن فيقبلون من كل أوب الى صوبه اى من كل جانب الى جهته لا عِوَجَ لَهُ لا يعوج له مدعو ولا يعدل عنه بل يستوى اليه من غير انحراف متبعا لصوته لانه ليس فى الأرض ما يحوجهم الى التعويج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ خفضت من شدة الفزع وخفتت لهيبته والخشوع الخضوع وهو التواضع والسكون او هو فى الصوت والبصر والخضوع فى البدن وفى المفردات الخشوع ضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة اكثر ما يستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح والصوت هواء متموج بتصادم جسمين وهو عام والحرف مخصوص بالإنسان وضعا فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً صوتا خفيا ومنه الحروف المهموسة وهمس الاقدام أخفى ما يكون من صوتها وقال الكاشفى [پس نشنوى تو در ان روز مكر آوازى نرم يعنى صوت أقدام ايشان در رفتن محشر] قال الامام الغزالي فى الدرة الفاخرة ينفخ فى الصور اى نفخة اولى فتتطاير الجبال وتتفجر الأنهار بعضها فى بعض فيمتلئ عالم الهواء ماء وتنثر الكواكب وتتغير الأرض والسماء ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ثم يكشف سبحانه عن بيت فى سقر فيخرج لهب من النار فيشتعل فى البحور فتنشف اى تسرب ويدع الأرض حمأة سوداء والسموات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فيمطربه الأرض وهو كمنىّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها الصبى صبى والشيخ شيخ وما بينهما ثم يهب من تحت العرش ريح لطيفة فتبرز الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا امت ثم يحيى الله تعالى اسرافيل فينفخ من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح من ثقب فى الصور بعددها ويحل كل روح فى جسده حتى الوحش والطير فاذاهم بالساهرة اى بوجه الأرض بعد ان كانوا فى بطنها وقيل الساهرة صحراء على شفير جهنم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ارض من قضة بيضاء لم يعص الله عليها منذ خلقها قال فى التأويلات النجمية لا تَرى فِيها عِوَجاً من نقاياها وَلا أَمْتاً من زواياها يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ اى الذي دعاهم فى الدنيا فاجابوا داعيهم لا عِوَجَ لَهُ فى دعائهم يعنى كل داع من الدعاة يكون مجيبا فى جبلته

ص: 428

الانسانية لانه تعالى هو الداعي والمجيب كقوله تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فالله تعالى هو الداعي وهو المجيب بالهداية يجيب بلسان المشيئة فافهم جدا ولهذا السر يوجد فى كل زمان من متبعى كل داع خلق عظيم ولا يوجد فى كل قرن من متبعى داعى الله الا الشواذ من اهل الله ومن اهل داعى الهوى والدنيا والشيطان والملك والنبي والجنة والقربة يوجد فى كل زمان خلق على تفاوت طبقاتهم وقدر مراتبهم وبقوله وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ يشير الى ان داعى الله إذا دعا عبدا بالرحمانية خشعت وانقادت وذلت أصوات جميع الدعاة وانقطعت فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً اى إلا وطأ أقدام المدعو ونقلها الى داعيه انتهى فعلى العاقل ان يتبع داعى الله الحق فان ما سواه باطل: وفى المثنوى

ديد روى جز تو شد غل كلو

كل شىء ما سوى الله باطل «1»

باطلند ومينمايندم رشد

ز انكه باطل باطلان را مى كشد

اشتر كورى مهار تو متين

تو كشش مى بين مهارت را مبين «2»

كر شدى محسوس جذاب ومهار

پس نماندى اين جهان دار الفرار

كبر ديدى كوپى سك مى رود

سخره ديو ستنبه مى شود

در پى او كى شدى مانند حيز

پاى خود را وا كشيدى كبر تيز

كاو كر واقف ز قصابان بدى

كى پى ايشان بدان دكان شدى

يا بخوردى از كف ايشان سپوس

يا بدادى شير شان از چاپلوس

ور بخوردى كى علف هضمش شدى

كر ز مقصود علف واقف بدى

تو بجد كارى كه بگرفتى بدست

عيش اين دم بر تو پوشيده شدست

بر تو كر پيدا شدى زان عيب وشين

زان رميدى جانت بعد المشرقين

حال كاخر زان پشيمان مى شوى

كر بود اين حالت أول كى دوى

يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يقع ما ذكر من الأمور الهائلة لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ من الشفعاء أحدا قال الامام الراغب الشفاعة الانضمام الى آخر ناصرا له وسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى مرتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة فى القيامة إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ فى ان يشفع له والاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا اى ورضى لاجله قول الشافع فى شانه واما من عداه فلا تكاد تنفعه وان فرض صدورها عن الشفعاء المتصدين للشفاعة للناس كقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ فالاستثناء من أعم المفاعيل يَعْلَمُ الله تعالى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ اى ما تقدمهم من الأحوال وَما خَلْفَهُمْ وما بعدهم مما يستقبلون والضمير عائد الى الذين يتبعون الداعي وقال الكاشفى [ميداند خداى تعالى آنچهـ پيش آدميانست از امور آخرت وآنچهـ پس ايشانست از كار دنيا] وفى التأويلات النجمية يعلم اختلاف أحوالهم من بدء خلقهم واختلاف أحوالهم الى الابد وَلا يُحِيطُونَ بِهِ تعالى عِلْماً [يعنى أحاط نمى توانند كرد جميع عالميان بذات خداى تعالى از جهت دانش] لانه تعالى قديم وعلم المخلوقين لا يحيط بالقديم وفيه اشارة

(1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان محمود غزنوى ورفاقت او شب با دزران

(2)

در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاع پيش از انكه إلخ

ص: 429

الى العجز عن كنه معرفته

كجا دريابد او را عقل چالاك

كه بيرونست از سر حد ادراك

تماشا ميكن اسما وصفاتش

كه آگه نيست كس از كنه ذاتش

قال بعض الكبار ما علمه غيره ولا ذكره سواه فهو عالم والذاكر على الحقيقة وذلك ان الحادث فانى الوجود والقديم باقى الوجود والفاني لا يدرك الباقي الا بالباقي وإذا أدركه به فلا يبلغ الى ذره من كمال الازلية لان الإحاطة بوجوده مستحيلة من كل الوجوه صفاتا وذاتا وسرا وحقيقة قال الواسطي كيف يطلب ان يأخذ طريق الإحاطة وهو لا يحيط بنفسه علما ولا بالسماء وهو يرى جوهرها قال الراغب الإحاطة بالشيء هى ان تعلم وجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به إيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس الا لله تعالى قال فى أنوار المشارق يجوز فى طريقة الصوفية ان يطلب ما يقصر العقل عنه ولا يطيقه اى ما لا يدرك بمجرد العقل ولا يجوز ان يطلب ما يحكم العقل باستحالته فلا يرد ما يقال انى يحصل للعقول البشرية ان يسلكوا فى الذات الالهية سبيل الطلب والتفتيش وانى تطيق نور الشمس أبصار الخفافيش قال الشيخ محمد پارسا فى فصل الخطاب لا يجوز ان يظهر فى طور الولاية ما يحكم العقل باستحالته ويجوز ان يظهر فيه ما يقصر العقل عنه ومن لم يفرق بين ما يستحيله العقل وما لا يناله العقل فليس له عقل انتهى قال الشيخ عز الدين كنه ذات الحق تعالى وصفاته محجوب عن نظر العقول ونهاية معرفة العارفين هو ان ينكشف لهم استحالة معرفة حقيقة ذات الله لغير الله وانما اتساع معرفتهم بالله انما يكون فى معرفة أسمائه وصفاته تعالى فبقدر ما تنكشف لهم معلوماته تعالى وعجائب مقدوراته وبديع آياته فى الدنيا والآخرة يكون تفاوتهم فى معرفته سبحانه وبقدر التفاوت فى المعرفة يكون تفاوتهم فى الدرجات الاخروية العالية وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ يقال عنوت فيهم عنوا وعناه صرت أسيرا كعنيت وخضعت كما فى القاموس وانما قيل عنت دون تعنو اشعارا بتحقق العنو وثبوته كما فى بحر العلوم. واللام فى الوجوه للجنس اشارة الى الوجوه كلها صالحة وعاصية او للعهد والمراد بها وجوه العصاة كقوله تعالى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وعبر عن المكلفين بالوجوه لان الخضوع فيها يتبين كما فى الكبير. والمعنى ذلت الوجوه يوم الحشر وخضعت للحى القيوم خضوع العناة اى الأسارى فى يد ملك قهار وفى التأويلات النجمية خضعت وتذللت وجوه المكونات لمكونها الحي الذي به حياة كل حى القيوم الذي به قيام كل شىء احتياجا واضطرارا واستسلاما وفى العرائس افهم يا صاحب العلم انه سبحانه ذكر الوجوه وفى العرف صاحب الوجه من كان وجيها من كل ذى وجاهة فالانبياء والمرسلون والأولياء والمقربون بالحقيقة هم اصحاب الوجوه وكيف أنت بوجوه الحور العين ووجه كل ذى حسن فوجوه الجمهور مع حسنها وجلالها المستفاد من حسن الله وان كانوا جميعا مثل يوسف تلاشت وخرت وخضعت عند كشف نقاب وجهه الكريم وظهور جماله وجلاله القديم: قال المولى جامى

آهنك جمال جاودانى آرم

حسنى كه نه جاودان از ان بيزارم

ص: 430

وعن ابى امامة الباهلي رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (اطلبوا اسم الله الأعظم فى هذه السور الثلاث البقرة وآل عمران وطه) قال الراوي والمشترك بينها اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ منهم ظُلْماً خسر من أشرك بالله ولم يتب: يعنى [بي بهره ماند ونوميد كشت] قال الراغب الخيبة فوق المطلب وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى بعض الصالحات فمن مفعول يعمل باعتبار مضمونه وَهُوَ مُؤْمِنٌ فان الايمان شرط فى صحة الطاعات وقبول الحسنات فَلا يَخافُ ظُلْماً اى منع ثواب مستحق بموجب الوعد وَلا هَضْماً ولا كسرا منه بنقص ومنه هضم الطعام قال الراغب الهضم شدخ ما فيه رخاوة يقال هضمته فانهضم وهضم الدواء الطعام نهكه والهاضوم كل دواء هضم طعاما ونخل طلعها هضيم اى داخل بعضها فى بعض كانما شدخ وقال الكاشفى [پس نترسد در ان روز از ستم وبيداد كه زيادتى سيآتست ونه از كسر وشكست كه نقصان حسناتست يعنى نه از حسنات مؤمن چيزى كم كنند ونه سيآت وى افزايند] فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله ويصل بأعماله الى كل آماله وأفضل الأعمال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال سليمان بن عبد الملك لابى حازم عظنى وأوجز قال نعم يا امير المؤمنين نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك قال بعض الكبار من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا حال غالب الخلق الا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالاوراد الكثيرة والنوافل العديدة الثقيلة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه وانما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول- حكى- عن ابى محمد المرتعش رحمه الله انه قال حججت حجات على قدم التجريد فسألتنى أمي ليلة ان استقى لهاجرة فثقل ذلك علىّ فعلمت ان مطاوعة نفسى فى الحجات كانت بحظ مشوب للنفس إذ لو كانت نفسى فانية لم يصعب عليها ما هو حق فى الشرع ثم ان المرء بمجرد العمل لا يكون الا عابدا واما المعارف الالهية والوصول الى الدرجات العاليات فيحتاج الى مرشد كامل ولذا هاجر الكبار من دار الى دار لتحصيل صحبة المقربين والأبرار: قال الحافظ

من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه

قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم

وَكَذلِكَ اشارة الى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبئة عما سيقع من احوال القيامة وأهوالها اى مثل ذلك الانزال أَنْزَلْناهُ اى القرآن كله وإضماره لكونه حاضرا فى الأذهان قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون ذلك اشارة الى مصدر أنزلنا اى مثل ذلك الانزال البين أنزلناه حال كونه قُرْآناً عَرَبِيًّا يعنى بلغة العرب ليفهموه ويقفوا على اعجازه وخروجه عن حد كلام البشر وفى التأويلات النجمية اى كما أنزلنا الصحائف والكتب الى آدم وغيره من الأنبياء بألسنتهم ولغاتهم المختلفة كذلك أنزلنا إليك قرآنا عربيا بلغة العرب وحقيقة كلامه التي هى الصفة القائمة بذاته منزهة عن الحروف والأصوات المختلفة المخلوقة وانما الأصوات والحروف تتعلق باللغات والالسنة المختلفة

ص: 431

وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ الصرف رد الشيء من حالة الى حالة او إبداله بغيره ومثله التصريف الا فى التكثير واكثر ما يقال فى صرف الشيء من حالة الى حالة ومن امر الى امر وتصريف الرياح هو صرفها من حال الى حال. والوعيد التهديد بالفارسية [بيم نمودن] والمعنى مينا وكررنا فى القرآن بعض الوعيد قال الكاشفى [چون ذكر طوفان ورجفه وصيحه وخسف ومسخ] كما قال فى التأويلات النجمية اى اوعدنا فيه قومك بأصناف العقوبات التي عاقبنا بها الأمم الماضية وكررنا ذلك عليهم قال فى الكبير يدخل تحته بيان الفرائض والمحارم لان الوعيد بهما يتعلق لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى يتقون الكفر والمعاصي بالفعل أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً اى يجدد القرآن لهم ايقاظا واعتبارا بهلاك من قبلهم مؤديا بالآخرة الى الاتقاء واحداث الشيء إيجاده والحدوث كون الشيء بعد ان لم يكن عرضا كان او جوهرا فَتَعالَى اللَّهُ تفاعل من العلو وليست مرتبة شريفة الا والحق تعالى فى أعلى الدرجات منها وارفعها وذلك لانه مؤثر وواجب لذاته وكل ما سواه اثر وممكن ولا مناسبة بين الواجب والممكن قال فى الإرشاد وهو استعظام له تعالى ولشؤونه التي يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد وغير ذلك اى ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله الْمَلِكُ السلطان النافذ امره ونهيه الحقيق بان يرجى وعده ويخشى وعيده الْحَقُّ فى ملكوته وألوهيته الحقيقي بالملك لذاته وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ يؤدى ويتم ويفرغ قال تعالى لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ اى فرغ أجلهم ومدتهم المضروبة وَحْيُهُ القاؤه وقراءته كان عليه السلام إذا القى اليه جبريل الوحى يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اعتنائه بالتلقى والحفظ فنهى عن ذلك إذ ربما يشغله التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها. والمعنى لا تعجل بقراءة القرآن خوف النسيان والانفلات قبل ان يستتم جبريل قراءته ويفرغ من الإبلاغ والتلقين فاذا بلغ فاقرأه وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى سكوته عند قراءة القرآن واستماعه والتدبر فى معانيه وأسراره للتنور بانواره وكشف حقائقه ولهذا قال وَقُلْ اى فى نفسك رَبِّ [اى پروردگار من] زِدْنِي [بيفزاى مرا] عِلْماً اى فهما لادراك حقائقه فانها غير متناهبة وبنورا بانواره وتخلقا بخلقه وقال بعضهم علما بالقرآن فكان كلما نزل عليه شىء من القرآن ازداد به علما وقال محمد بن الفضل علما بنفسي وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لا قوم بمعونتك فى مداواة كل شىء منها بدوائه وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأها قال اللهم زدنى ايمانا ويقينا بك وهو أجل التفاسير وأدقها لانه علق الايمان واليقين به تعالى دون غيره وهو أصعب الأمور كذا سمعت من شيخى وسندى قدس الله سره قيل ما امر الله رسوله بطلب الزيادة فى شىء الا فى العلم قال الكاشفى [در لطائف قشيرى رحمه الله مذكور است كه حضرت موسى عليه السلام زياده علم طلبيد او را حواله بخضر كردند وبي طلب پيغمبر ما را صلى الله عليه وسلم دعاى زيادتى علم بياموخت وحواله بغير خود نكرد تا معلوم شود كه آنكه در مكتب ادب «أدبني

ص: 432

ربى» سبق «وقل رب زدنى علما» خوانده باشد هر آيينه در درسكاه «علمك ما لم تكن تعلم» نكته «فعلمت علم الأولين والآخرين» بكوش هوش مستفيدان حقائق اشيا تواند رسانيد

علمهاى أنبياء واولياء

در دلش رخشنده چون شمس الضحى

عالمى كاموز كارش حق بود

علم او بس كامل مطلق بود

قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت قال ابو بكر الكتاني قال لى الخضر عليه السلام كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وأنت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقال لى أنت الخضر وفى الآية بيان لشرف العلم قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم نور من أنوار الله تعالى يقذفه فى قلب من اراده من عباده وهو معنى قائم بنفس العبد يطلعه على حقائق الأشياء وهو للبصيرة كنور الشمس للبصر مثلا بل أتم وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل الأعمال نريد قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال عليه السلام (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والمعتبر هو العلم النافع ولذلك قال عليه السلام (اللهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن فتصفية القلب عما سوى الله تعالى من أعظم القربات وأفضل الطاعات ولذلك كان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر: قال الحافظ

پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي

كه صفايى ندهد آب تراب آلوده

وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ يقال عهد فلان الى فلان بعهد اى القى العهد اليه وأوصاه بحفظه والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا وعهد الله تارة يكون بما ركزه فى عقولنا وتارة يكون بما أمرنا به بكتابه وبألسنة رسله وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى اصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها وآدم ابو البشر عليه السلام قيل سمى بذلك لكون جسده من أديم الأرض وقيل لسمرة فى لونه يقال رجل آدم نحو أسمر وقيل سمى بذلك لكونه من عناصر مختلفة وقوى مفترقة يقال جعلت فلانا ادمة أهلي اى خلطته بهم وقيل سمى بذلك لما طيب به من الروح المنفوخ فيه وجعل له من العقل والفهم والرؤية التي فضل بها على غيره وذلك من قولهم الادام وهو ما يطيب به الطعام وقيل أعجمي وهو الأظهر والمعنى وبالله لقد أمرناه ووصيناه بان لا يأكل من الشجرة وهى المعهودة ويأتى بيانه بعد هذه الآية مِنْ قَبْلُ من قبل هذا الزمان فَنَسِيَ العهد ولم يهتم به حتى غفل عنه والنسيان بمعنى عدم الذكر او تركه ترك المنسى عنه قال الراغب النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما لضعف قلبه واما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الإنسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد وما عذر فيه نحو ما روى (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) فهو ما لم يكن

ص: 433

سببه منه وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ان كان من الوجود العلمي فله وعزما مفعولاه وقدم الثاني على الاول لكونه ظرفا وان كان من الوجود المقابل للعدم وهو الأنسب لان مصب الفائدة هو المفعول وليس فى الاخبار بكون العزم المعدوم له مزيد مزية فله متعلق به والعزم فى اللغة توطين النفس على الفعل وعقد القلب على إمضاء الأمر. والمعنى لم نعلم او لم نصادف له تصميم رأى وثبات قدم فى الأمور ومحافظة على ما امر به وعزيمة على القيام به إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطان ولما استطاع تغريره وقد كان ذلك منه عليه السلام فى بدء امره من قبل ان يجرب الأمور ويتولى حارها وقارها ويذوق شريها وأريها لا من نقصان عقله فانه أرجح الناس عقلا كما قال عليه السلام (لو وزنت أحلام بنى آدم بحلم آدم لرجح حلمه) وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ومعنى هذا ان آدم مع ذلك اثر فيه وسوسته فكيف فى غيره: قال الحافظ

دام سختست مكر لطف خدا يار شود

ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم

قيل لم يكن النسيان فى ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان فكان مؤاخذا به وانما رفع عنا وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ اى من قبل ان يكون اولا وان لا يتعلق بغيرنا ولا ينقاد لسوانا فلما دخل الجنة ونظر الى نعيمها فَنَسِيَ عهدنا وتعلق بالشجرة وانقاد للشيطان وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً يشير الى ان الله تعالى لما خلق آدم وتجلى فيه بجميع صفاته صارت ظلمات صفات خلقيته مغلوبة مستورة بسطوات تجلى أنوار صفات الربوبية ولم يبق فيه عزم التعلق بما سواه والانقياد لغيره فلما تحركت فيه دواعى البشرية الحيوانية وتداعت الشهوات النفسانية الانسانية واشتغل باستيفاء الحظوظ نسى أداء الحقوق ولهذا سمى الناس ناسا لانه ناس فنشأت له من تلك العاملات ظلمات بعضها فوق بعض وتراكمت حتى صارت غيوم شموس المعارف وأستار أقمار العوارف فنسى عهود الله ومواثيقه وتعلق بالشجرة المنهي عنها قال العلامة يا انيسان عادتك النسيان اذكر الناس ناس وارق القلوب قاس قال ابو الفتح البستي فى الاعتذار من النسيان الى بعض الرؤساء يا اكثر الناس إحسانا الى الناس يا احسن الخلق إعراضا عن الباس نسيت وعدك والنسيان مغتفر فاغفر فاول ناس أول الناس قال على رضى الله عنه عشرة يورثن النسيان. كثرة الهم. والحجامة فى النقرة. والبول فى الماء الراكد. وأكل التفاح الحامض. وأكل الكزبرة. وأكل سؤر الفار. وقراءة الواح القبور. والنظر الى المصلوب. والمشي بين الجملين المقطورين. وإلقاء القملة حية كما فى روضة الخطيب لكن فى قاضى خان لا بأس بطرح القملة حية والأدب ان يقتلها وزاد فى المقاصد الحسنة مضغ العلك اى للرجال إذا لم يكن من علة كالبخر ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها أضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الأسنان ونشد اللثة كالسواك واعلم ان من أشد اسباب النسيان العصيان فنسأل الله العصمة والحفظ وَإِذْ قُلْنا اى واذكر يا محمد وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اى لمن فى الأرض والسماء منهم عموما كما سبق تحقيقه اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية

ص: 434

وتكريم وقال البيضاوي اذكر حاله فى ذلك الوقت ليتبين لك انه نسى ولم يكن من اولى العزيمة والثبات انتهى وفيه اشارة الى استحقاقه لسجودهم لمعان جمة. منها لانه خلق لامر عظيم هو الخلافة فاستحق لسجودهم. ومنها لان الله تعالى جعله مجمع مجرى عالمى الخلق والأمر والملك والملكوت والدنيا والآخرة فما خلق شيأ فى عالم الخلق والدنيا الا وقد جعل فى قالبه أنموذجا منه وما خلق شيأ فى عالم الأمر والآخرة الا وقد أودع فى روحه حقائقه واما الملائكة فقد خلقت من عالم الأمر والملكوت دون عالم الخلق والملك فبهذه النسبة اختص آدم بالكمال وما دونه بالنقصان فاستحق السجود والكمال. ومنها لانه خلق روحه فى احسن تقويم من بين سائر الأرواح من الأرواح الملكية وغيرها وخلقت صورته فى احسن صورة على صورة الرحمن والملائكة وان خلقت فى حسن ملكى روحانى لم يخلقوا فى حسن صورته فله الافضلية فى كلا الحالين فاستحق لسجودهم بالافضلية. ومنها لانه شرف فى تسوية قالبه بتشريف خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وباختصاص لما خلقت بيدي وأكرم فى تعلق روحه بالقالب بكرامة ونفخت فيه من روحى فالزمهم سجود الكرامة بقوله فقعوا له ساجدين واثبت له استحقاق سجودهم بقوله يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي. ومنها لانه اختص بعلم الأسماء كلها وانهم قد احتاجوا فى انباء اسمائهم كما قال يا آدم انبئهم بأسمائهم فوجب عليهم أداء حقوقه بالسجود. ومنها لانه لما خلقه الله تعالى تجلى فيه بجميع صفاته فاسجد الله تعالى ملائكته إياه تعظيما وتكريما وإعزازا وإجلالا فانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فسجدوا الا إبليس ابى ان يسجد وذلك لان الله تعالى لما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة الى ونقدس لك كان هذا الكلام منهم نوع اعتراض على الله وجنس غيبة لآدم واظهار فضيلة لانفسهم عليه فاجابهم الله بقوله انى اعلم ما لا تعلمون اى انى أودعت فيه من علم الأسماء واستعداد الخلافة ما لا تعرفون به فله الفضيلة عليكم فاسجدوا له كفارة لاعتراضكم واستغفارا لغيبته وتواضعا لانفسكم فاقر الملائكة واعترفوا بما جرى عليهم من الخطأ وتابوا واستسلموا لاحكام الله تعالى فسجدوا لآدم واما إبليس فقد أصر على ذنب الاعتراض والغيبة والعجب بنفسه ولم يستسلم لاحكام الله وزاد فى الاعتراض والغيبة والعجب فقال انا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين وابى ان يسجد كذا فى التأويلات فَسَجَدُوا تعظيما لامر ربهم وامتثالا له إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد ولم يطرح اردية الكبر ولم يخفص جناحه: وفى المثنوى

آنكه آدم را بدن ديد او رميد

وانكه نور مؤتمن ديد او حميد «1»

يقال ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي كما فى القاموس كأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل أَبى السجود وامتنع منه قال فى المفردات الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء فَقُلْنا عقيب ذلك اعتناء بنصحه يا آدَمُ إِنَّ هذا الحقير الذي رأيت ما فعل عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حواء والزوج اسم للفرد بشرط ان يكون معه آخر من جنسه ذكرا كان او أنثى ولعداوته وجوه الاول انه كان حسودا فلما رأى

(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را إلخ

ص: 435

نعم الله على آدم حسده فصار عدوا له وفيه اشارة الى ان كل من حسد أحدا يكون عدو اله ويريد هلاكه ويسعى فى إفساد حاله والثاني انه كان شابا عالما وإبليس شيخا جاهلا لانه اثبت فضيلته بفضيلة أصله وانه جهل والشيخ الجاهل يكون ابدا عدو الشاب العالم

زد شيخ شهر طعنه بر اسرار اهل دل

المرء لا يزال عدوا لما جهل

والثالث انه مخلوق من النار وآدم من الماء والتراب وبين أصليهما عداوة فبقيت العداوة فيهما فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ اى لا يكونن سببا لاخراجكما منها فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب والا فالمخرج حقيقة هو الله تعالى وظاهره وان كان نهى إبليس عن الإخراج الا ان المراد نهيهما من ان يكونا بحيث يتسبب الشيطان فى إخراجهما منها بالطريق البرهاني فَتَشْقى جواب للنهى واسناد الشقاء اليه لرعاية الفواصل ولا صالته قال فى المفردات الشقاوة خلاف السعادة وكما ان السعادة ضربان سعادة دنيوية وسعادة اخروية ثم السعادة الدنيوية ثلاثة اضرب سعادة نفسية وبدنية وخارجية كذلك الشقاوة على هذه الأضرب وفى الشقاوة الاخروية قال تعالى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وفى الدنيوية فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى انتهى وقد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت فى كذا كما قال فى القاموس الشقا الشدة والعسر ويمد انتهى. فالمعنى لا تباشر اسباب الخروج فيحصل الشقاء وهو الكد والتعب الدنيوي مثل الحرث والزرع والحصد والطحن والعجن والخبز ونحو ذلك مما لا يخلو الناس عنه فى امر تعيشهم ويؤيده ما بعد الآية قال الكاشفى [فتشقى كه تو در رنج افتى يعنى چون از بهشت بيرون روى بكد يمين وعرق جبين اسباب معاش مهيا بايد كرد] عن سعيد بن جبير اهبط الى آدم ثور احمر فكان يحرث عليه ويمسح الغرق عن جبينه فذلك شقاؤه يقول الفقير الظاهر ان الشيطان بسبب عداوته لا يخلو عن تحريض فعل يكون سببا للخروج فالشقاوة فى الحقيقة متفرعة على مباشرة امر منهى عنه فافهم وفى التأويلات النجمية هى شقاوة البعد عن الحضرة ان لم يرجع الى مقام قربه من جوار الحق بالتوبة والاستغفار وفيه اشارة الى ان العصيان وامتثال الشيطان موجب للاخراج من جنة القلب والهبوط الى ارض البشرية بعد الصعود عنها والعبور عليها إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها لك خبر انّ وان لا تجوع فى محل النصب على الاسمية اى قلنا ان حالك مادمت فى الجنة عدم الجوع إذ النعم كلها حاضرة فيها وَلا تَعْرى من الثياب لان الملبوسات كلها موجودة فى الجنة والعرى الجلد عما يستره وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها اى لا تعطش لان العيون والأنهار جارية على الدوام قال الراغب الظمئ ما بين الشربتين والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك وَلا تَضْحى اى لا يصيبك حر الشمس فى الجنة إذ لا شمس فيها وأهلها فى ظل ممدود يقال ضحى الرجل للشمس بكسر الحاء إذا برز وتعرض لها وان بالفتح مع ما فى حيزها عطف على ان لا تجوع وفصل الظمأ دفعا لتوهم ان نفيهما نعمة واحدة وكذا الحال فى الجمع بين العرى والضحو وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجنة وان كانت باقية وهى جوار الحق لكنها مرتعة من مراتع النفس البهيمية الحيوانية ولها

ص: 436

فيها تمتع من المأكولات والمشروبات والملبوسات والمنكوحات كما كان لها فى المراتع الدنيوية الفانية انتهى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ اى انهى الى آدم وسوسته وابلغ فتعديته بالى باعتبار تضمينه معنى الإنهاء والإبلاغ وإذا قيل وسوس له فمعناه لاجله والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي لاصواتها وهو فعل لازم قال الكاشفى [پس وسوسه كرد بسوى آدم شيطان پس آز انكه ببهشت در آمد وحوارا ديد واز مرك بترسانيد وحوا با آدم باز كفت وآدم از مرك ترسان شده بإبليس كه بصورت پيرى بر ايشان ظاهر شده بود بدو رجوع كرده بود بطريق تضرع از وى علاج مرك طلبيد] قالَ اما بدل من وسوس او استئناف كأنه قيل فماذا قال فى وسوسته فقيل قال يا آدَمُ [علاج اين مرض خوردن ميوه شجره خلد است] هَلْ أَدُلُّكَ [آيا دلالت كنم ترا] عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ اى شجرة من أكل منها خلد ولم يمت أصلا سواء كان على حاله او بان يكون ملكا فاضافها الى الخلد وهو الخلود لانها سببه بزعمه كما قيل لحيزوم فرس الحياة لانها سببها قال الراغب الخلود تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وَمُلْكٍ لا يَبْلى اى لا يزول ولا يختل بوجه من الوجوه: وبالفارسية [كهنه نشود آدم كفت دلالت كن مرا با آن إبليس راهنمون شد آدم وحوارا بشجره منهيه] فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا ظهر ظهورا بينا وكنى عن الفرج بالسوءة لانه يسوء الإنسان انكشافه اى يغمه ويحزنه قال الكاشفى [يعنى لباس جنت از ايشان بريخت وبرهنه شدند] قال ابن عباس انهما عريا عن النور الذي كان الله البسهما إياه حتى بدت فروجهما وقيل كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا فى أطراف الأصابع وقيل كان لباسهما الخلة وعن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ان أباكم آدم كان رجلا طويلا كالنخلة السحوق كثير الشعر موارى العورة فلما واقع الخطيئة بدت سوءته فانطلق فى الجنة هاربا فمر بشجرة فاخذت بناصيته فاجلسته فناداه ربه أفرارا منى يا آدم قال لا يا رب ولكن حياء منك) قال الحصيري بدت لهما ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الأغيار من مكافاة الجناية ما علما ولو بدت للاغيار لقال بدت منهما وَطَفِقا شرعا يقال طفق يفعل كذا اى أخذ وشرع ويستعمل فى الإيجاب دون النفي لا يقال ما طفق يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فى القاموس خصف النعل يخصفها خرزها والورق على بدنه ألزقها واطبقها عليه ورقة ورقة اى يلزقان الورق على سوءاتهما للتستر وهو ورق التين قيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت اصابعمها وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بأكل الشجرة: يعنى [خلاف كرد آدم امر پروردگار خود را در خوردن درخت] يقال عصى عصيانا إذا خرج عن الطاعة وأصله ان يتمنع بعصاه كما فى المفردات فَغَوى ضل عن مطلوبه الذي هو الخلود او عن المأمور به وهو التباعد عن الشجرة فى ضمن ولا تقربا هذه الشجرة او عن الرشد حيث اغتر بقول العدو لان الغى خلاف الرشد واعلم ان

ص: 437

المعصية فعل محرم وقع عن قصد اليه والزلة ليست بمعصية ممن صدرت عنه لانها اسم لفعل حرام غير مقصود فى نفسه للفاعل ولكن وقع عن فعل مباح قصده فاطلاق اسم المعصية على الزلة فى هذه الآية مجاز لان الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر لا من الزلات عندنا وعند بعض الاشعرية لم يعصموا من الصغائر وذكر فى عصمة الأنبياء ليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى قال ابن الشيخ فى حواشيه العصيان ترك الأمر وارتكاب المنهي عنه وهو ان كان عمدا يسمى ذنبا وان كان خطأ يسمى زلة والآية دالة على انه عليه السلام صدرت عنه المعصية والمصنف سماها زلة حيث قال وفى النعي عليه بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم الزلة وزجر بليغ لأولاده عنها انتهى بناء على انه انما ترك الانتهاء عن أكل الشجرة اجتهادا لابان تعمد المعصية ووجه الاجتهاد انه عليه السلام حمل النهى على التنزيه

دون التحريم وحمل قوله تعالى هذِهِ الشَّجَرَةَ على شجرة بعينها دون جنسها ومع ذلك الظاهر ان هذه الواقعة انما كانت قبل نبوته وفى الاسئلة المقحمة فان قيل فاذا كان هذا خطأ فى الاجتهاد ومن اجتهد فاخطأ لا يؤخذ به فكيف آخذ آدم بذلك قلنا لم يكن هذا موضع الاجتهاد إذا كان الوحى يتواتر عليه نزوله فكان تفريطه لو اجتهد فى غير الاجتهاد فان قيل فهل اوحى اليه ليعلم ذلك قلنا انقطع عنه الوحى ليقضى الله تعالى ما اراده كما انقطع عن الرسول عليه السلام ثمانية عشر يوما وقت افك عائشة رضى الله عنها ليقضى الله تعالى ما اراده وفى الكبير فان قيل دل هذا على الكبيرة لان العاصي اسم ذم فلا يليق الا بصاحب الكبيرة ولان الغواية ترادف الضلالة وتضاد الرشد ومثله لا يتناول الا المنهمك فى الفسق وأجيب بان المعصية خلاف الأمر والأمر قد يكون بالمندوب ويقال أمرته بشرب الدواء فعصانى فلم يبعد إطلاقه على آدم لا لانه ترك الواجب بل لانه ترك المندوب وفيه ايضا ليس لاحد ان يقول كان آدم عاصيا غاويا لوجوه. الاول قال العتبى يقال للرجل قطع ثوبا وخاطه قد قطعه وخاطه ولا يقال خائط وخياط الا إذا عاود الفعل فكان معروفا به والزلة لم تصدر من آدم إلا مرة فلا تطلق عليه. والثاني ان الزلة ان وقعت قبل النبوة لم يجز بعد ان شرف الله تعالى بالرسالة إطلاقها عليه وان كانت بعد النبوة فكذلك بعد ان تاب كما لا يقال للمسلم التائب انه كافر أو زان او شارب خمر اعتبارا بما قبل إسلامه وتوبته. والثالث ان قولنا عاص وغاو يوهم عصيانه فى الأكثر وغوايته عن معرفة الله والمراد فى القصة ليس ذلك فلا يطلق دفعا للوهم الفاسد. والرابع يجوز من الله ما لا يجوز من غيره كما يجوز للسيد فى ولده وعبده عند المعصية قول مالا يجوز لغيره قال الحسن والله ما عصى الا بنسيان قال جعفر طالع الجنان ونعيمها فنودى عليه الى يوم القيامة وعصى آدم ولو طالعها بقلبه لنودى عليه بالهجران الى ابد الآباد وفى التأويلات النجمية وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بصرف محبته فى طلب شهوات نفسه فَغَوى بصرف الفناء فى الله فى طلب الخلود وملك البقاء فى الجنة انتهى: وفى المثنوى

چيست توحيد خدا آموختن

خويشتن را پيش واحد سوختن

كر همى خواهى كه بفروزى چوروز

هستئ همچون شب خود را بسوز «1»

(1) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن مرد قزوينى بر شانه كاه إلخ

ص: 438

هستيت در هست آن هستى نواز

همچومس در كيميا اندر كداز

سئل ابن عطاء عن قصة آدم ان الله تعالى نادى عليه بمعصية واحدة وستر على كثير من ذريته فقال ان معصية آدم كانت على بساط القربة فى جوراه ومعصية ذريته فى دار المحنة فزلته اكبر وأعظم من زلتهم ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ اصطفاه وقربه بالحمل على التوبة والتوفيق لها من اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه اى جمعه فَتابَ عَلَيْهِ اى قبل توبته حين تاب هو وزوجته قائلين رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَهَدى اى الى الثبات على التوبة والتمسك بأسباب العصمة وفيه اشارة الى انه لو وكل الى نفسه وغريزته التي جبل عليها ما كانت التوبة من شأنه ولا الرجوع الى الله من برهانه ولكن الله بفضله وكرمه اجتباه وبجذبة العناية رفاه والى حضرة الربوبية هداه وفى الحديث (لو جمع بكاء اهل الدنيا الى بكاء داود لكان بكاؤه اكثر ولو جمع ذلك الى بكاء نوح لكان اكثر) وانما سمى نوحا لنوحه على نفسه (ولو جمع ذلك كله الى بكاء آدم على خطيئته لكان اكثر) : وفى المثنوى

خاك غم را سرمه سازم بهر چشم

تا ز گوهر پر شود دو بحر چشم «1»

أشك كان از بهر او بارند خلق

كوهرست وأشك پندارند خلق

تو كه يوسف نيستى يعقوب باش

همچواو با كريه وآشوب باش «2»

پيش يوسف نازش وخوبى مكن

جز نياز وآه يعقوبى مكن

آخر هر كريه آخر خنده ايست

مرد آخر بين مبارك بنده ايست «3»

قال وهب لما كثر بكاؤه امره الله بان يقول «لا اله الا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوأ وظلمت نفسى فاغفرلى انك خير الغافرين «فقالها ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فارحمنى وأنت خير الراحمين «ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فتب علىّ انك أنت التواب «قال ابن عباس رضى الله عنهما هن الكلمات التي تلقيها آدم من ربه وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله قال بعض الكبار انه من لطفه وكرمه عاقب آدم فى الدنيا بالمجاهدات الكثيرة بما جرى عليه من المعصية ويعاقب الجمهور فى الآخرة بما جرى عليهم من المعصية فى الدنيا وفى هذا حاصية له لان عقوبة الدنيا أهون وقال مثل الشيطان مثل حية تمشى على وجه الأرض الى رأس كنز وخلفها انسان ليقتلها فلما ضربها وجد تحت ضربه كنزا فصار الكنز له وصارت الحية مقتولة وبلغ الى الامرين العظيمين البلوغ الى المأمول والفلاح من العدو فكذا شأن آدم مع الملعون دله على كنز من كنوز الربوبية غرضه العداوة والضلالة فوصل آدم الى

(1) در اواسط دفتر يكم فى معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ

(2)

در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير آيه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن

(3)

لم أجد

ص: 439

الاجتبائية الابدية بعد الاصطفائية الازلية وبلغ الملعون الى اللعنة الازلية الابدية قال ابن عطاء اسم العصيان مذموم الا ان الاجتباء والاصطفاء منعا ان يلحق آدم اسم المذمة قال الواسطي العصيان لا يؤثر فى الاجتبائية وفى الحديث (احتج آدم وموسى) احتجاجا روحانيا او جسمانيا بان احياهما واجتمعا كما ثبت فى حديث الاسراء انه عليه السلام اجتمع مع الأنبياء وصلى بهم (فقال موسى يا آدم أنت أبونا الذي خيبتنا) اى كنت سببا لخيبتنا عن سكون الجنة من أول الأمر (وأخرجتنا من الجنة بخطيئتك التي خرجت بها منها) قال الحافظ

من ملك بودم وفردوس برين جايم بود

آدم آورد درين دير خراب آبادم

(فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه) اى جعلك كليمه (وخط لك التوراة بيده أتلومني) همزة الاستفهام فيه للانكار (على امر قدره الله علىّ) اى كتبه فى اللوح المحفوظ قبل ان يخلقنى بأربعين سنة المراد منه التكثير لا التحديد فان قيل العاصي منا لو قال هذه معصية قدرها الله علىّ لم يسقط عنه اللوم فكيف أنكر آدم بهذا القول على كونه ملوما قلنا أنكر اللوم من العبد بعد عفو الله عن ذنبه ولهذا قال أتلومني ولم يقل أألام على بناء المجهول او نقول اللوم على المعاصي فى دار التكليف كان للزجر وفى غيرها لا يفيد فيسقط (فحج آدم موسى فحج آدم موسى) كرره للتأكيد يعنى غلب بالحجة على موسى لانه أحال ذلك على علم الله ونبه عليه بانه غفل عن القدر السابق الذي هو الأصل وقصر النظر على السبب اللاحق الذي هو الفرع وزاد فى بعض الروايات (قال آدم بكم وجدت الله كتب لك التوراة قبل ان اخلق قال موسى أربعين عاما قال آدم فهل وجدت فيها وعصى رسول الله عليه السلام فحج آدم موسى) قال الحافظ

عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت

كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت

من اگر نيكم وكر بد تو برو خود را باش

هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت

وقال

درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى

چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم

وقال

نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست

آنچهـ سلطان ازل كفت بكن آن كردم

وقال

عيبم مكن ز رندى وبد نامى اى حكيم

كين بود سرنوشت ز ديوان قسمتم

وقال

من ارچهـ عاشقم ورند ومست ونامه سياه

هزار شكر كه ياران شهر بي كنهند

قالَ الله تعالى لآدم وحواء بعد صدور الزلة اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً اى انزلا من الجنة الى الأرض هذا خطاب العتاب واللوم فى الصورة وخطاب التكميل والتشريف فى المعنى يقال هبط هبوطا إذا نزل قال الراغب الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر قال تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وإذا استعمل فى الإنسان الهبوط فعلى سبيل

ص: 440

الاستخفاف بخلاف الانزال فان الانزال ذكره الله فى الأشياء التي نبه على شرفها كانزال القرآن والملائكة والمطر وغير ذلك والهبوط ذكره حيث نبه على البغض نحو وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقال فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اى بعض أولادكم عدو لبعض فى امر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب فيكون نظير قوله تعالى فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ اى جعل أولادهما وجمع الخطاب باعتبار انهما اصل الذرية ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض وفى التأويلات النجمية يشير الى انه جعل فيما بينهم العداوة لئلا يكون لهم حبيب الا هو كما قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ ولما اختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء واهبطه الى الأرض معهم للابتلاء وعده بالاهتداء فقال فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يا ذرية آدم وحواء مِنِّي هُدىً كتاب ورسول والأصل فان يأتينكم وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وما هذه مثل لام القسم فى دخول النون المؤكدة معها وانما جئ بكلمة الشك إيذانا بان إتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول ليس بقطعى الوقوع وانه تعالى ان شاء هدى وان شاء ترك لا يجب عليه شىء ولك ان تقول إتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع ابرز فى معرض الشك وأكد حرف الشرط والفعل بالنون دلالة على رجحان جهة الوقوع والتحقق فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ اى فمن آمن بالكتاب وصدق بالرسول فَلا يَضِلُّ فى الدنيا عن طريق الدين القويم مادام حيا وَلا يَشْقى فى الآخرة بالعقاب: يعنى [برنج نيفتد در آخرت وبعقوبت وعذاب مبتلا نشود] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى الكتاب الذاكر لى والرسول الداعي الىّ والذكر يقع على القرآن وغيره من كتب الله كما سبق فَإِنَّ لَهُ فى الدنيا مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا مصدر وصف به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث. والمعنى معيشة ذات ضنك وذلك لان نظره مقصور على اغراض الدنيا وهو يتهالك على ازديادها وخائف من انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب الآخرة مع انه قد يضيق الله عليه بشؤم الكفر ويوسع ببركة الايمان واعلم ان من عقوبة المعصية ضيق المعيشة والرد الى النفس والأجناس والأكوان من ضيق المعيشة وفى التأويلات النجمية الهدى فى الحقيقة نور يقذفه الله فى قلوب أنبيائه وأوليائه ليهتدوا به اليه وفى الصورة العلماء السادة والمشايخ القادة بعد الأنبياء والمرسلين فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بالتسليم والرضى والاسوة الحسنة فَلا يَضِلُّ عن طريق الحق وَلا يَشْقى بالحرمان وحقيقة الهجران وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى عن ملازمة ذكرى فى اتباع هداى اى إذا جاءه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً اى يعذب قلبه بذل الحجاب وسد الباب فان الذكر مفتاح القلوب والاعراض عنه سد بابها

ذكر حق مفتاح باشد اى سعيد

تا نبكشايى در جان بي كليد

چون ملك ذكر خدا را كن غذا

اين بود دائم معاش أوليا

وَنَحْشُرُهُ اى المعرض قال فى بحر العلوم الحشر يجئ بمعنى البعث والجمع والاول هو المراد هنا يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فاقد البصر كما فى قوله تعالى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا

ص: 441

وفى عرائس البقلى يعنى جاهلا بوجود الحق كما كان جاهلا فى الدنيا كما قال على رضى الله عنه من لم يعرف الله فى الدنيا لا يعرفه فى الآخرة قالَ استئناف بيانى رَبِّ [اى پروردگار من] لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً اى فى الدنيا قالَ كَذلِكَ اى مثل ذلك فعلت أنت ثم فسر بقوله أَتَتْكَ آياتُنا اى آيات الكتاب او دلائل القدرة وعلامات الوحدة واضحة نيرة بحيث لا تخفى على أحد فَنَسِيتَها اى عميت عنها وتركتها ترك المنسى الذي لا يذكر أصلا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك النسيان الذي كنت فعلته فى الدنيا الْيَوْمَ تُنْسى تترك فى العمى والعذاب جزاء وفاقا لكن لا ابدا كما قيل بل الى ما شاء الله ثم يزيله عنه ليرى اهوال القيامة ويشاهد مقعده من النار ويكون ذلك له عذابا فوق العذاب وكذلك البكم والصمم يزيلهما الله عنهم اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك الجزاء الموافق للجناية نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ فى عصيانه والإسراف مجاوزة الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ اى بالقرآن وسائر المعجزات بل كذبها واعرض عنها وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ على الإطلاق او عذاب النار أَشَدُّ مما نعذبهم به فى الدنيا من ضنك العيش ونحوه وَأَبْقى وأدوم لعدم انقطاعه فمن أراد ان ينجو من عذاب الله وينال ثوابه فعليه ان يصبر على شدائد الدنيا فى طاعة الله ويجتنب المعاصي وشهوات الدنيا فان الجنة قد حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما ورد دعا الله جبريل فارسله الى الجنة فقال انظر إليها والى ما اعددت لاهلها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يدخلها أحد ثم أرسله الى النار فقال انظر إليها وما اعددت لاهلها فرجع اليه فقال وعزتك لا يدخلها أحد يسمع بها فحفت بالشهوات فقال عد إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يبقى أحد الا دخلها- روى- ان اهل النار إذا انتهوا الى ابوابها استقبلتهم الزبانية بالاغلال والسلاسل وتسلك السلسلة فى فبه وتخرج من دبره وتغل يده اليسرى الى عنقه وتدخل يده اليمنى فى فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل ويقرن كل آدمي مع شيطان فى سلسلة ويسحب على وجهه تضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه فى رأسه) فعلى العاقل ان يجتنب اسباب العذاب والعمى ويجتهد ان لا يحشر أعمى وأشد العذاب عذاب القطيعة من الله الوهاب

بعد حق باشد عذاب مستهين

از نعيم قرب عشرت سازهين

هر كه نابينا شود از آي هو

ماند در تاريك مردمهاى او

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ الهمزة للانكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر. والهداية بمعنى التبيين والمفعول محذوف والفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والقرون جمع قرن وهو القوم

ص: 442

المقترنون فى زمن واحد. والمعنى اغفلوا فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة إهلاكنا للقرون الاولى او الفاعل الضمير العائد الى الله. والمعنى أفلم يفعل الله لهم الهداية فقوله أهلكنا بيان لتلك الهداية بطريق الالتفات. ومن القرون فى محل النصب على انه وصف لمميزكم اى كم قرنا كائنا من القرون يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ حال من القرون اى وهم فى أمن وتقلب فى ديارهم او من الضمير فى لهم مؤكدا للانكار اى أفلم يهد إهلاكنا للقرون السالفة من اصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين فى مساكنهم مارين بها إذا سافروا الى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع ان ذلك مما يوجب ان يهتدوا الى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل باولئك قال الراغب المشي الانتقال من مكان الى مكان بارادة والسكون ثبوت الشيء بعد تحرك ويستعمل فى الاستيطان نحو سكن فلان مكان كذا اى استوطنه واسم المكان مسكن والجمع مساكن إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى الإهلاك بالعذاب لَآياتٍ كثيرة واضحة الهداية ظاهرة الدلالة على الحق فاذن هو هاد وأي هاد لِأُولِي النُّهى جمع نهية بمعنى العقل اى لذوى العقول الناهية عن القبائح وفيه دلالة على ان مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول: وفى المثنوى

پس سپاس او را كه ما را در جهان

كرد پيدا از پس پيشينيان «1»

تا شنيديم آن سياستهاى حق

بر قرون ماضيه اندر سبق

استخوان و پشم آن كركان عيان

بنگريد و پند كيريد اى مهان

عاقل از سر بنهد اين هستى وباد

چون شنيد انجام فرعونان وعاد

ور نه بنهد ديكران از حال او

عبرتى كيرند از إضلال او

وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ اى ولولا الكلمة المتقدمة وهى العدة بتأخير عذاب هذه الامة اى امة الدعوة الى الآخرة لحكمة تقتضيه يعنى ان الكلمة اخبار الله ملائكته وكتبه فى اللوح المحفوظ ان امة محمد وان كذبوا فسيؤخرون ولا يفعل بهم ما يفعل بغيرهم من الاستئصال لعلمه ان فيهم من يؤمن ولو نزل بهم العذاب لعمهم الهلاك لَكانَ عقاب جناياتهم لِزاماً اى لزاما لهؤلاء الكفرة بحيث لا تتأخر جناياتهم ساعة لزوم ما نزل باولئك الغابرين عند التكذيب مصدر لازم وصف به للمبالغة وَأَجَلٌ مُسَمًّى عطف على كلمة والفصل للاشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي اى ولولا أجل مسمى لا عمارهم او لعذابهم وهو يوم القيامة او يوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا واعلم ان الله تعالى حرضهم على الايمان من طريق العبرة والاستدلال رحمة منه تعالى ليعود نفعه إليهم لا له: كما قال فى المثنوى

چون خلقت الخلق كى يربح على

لطف تو فرمود اى قيوم وحى «2»

لا لان اربح عليهم جود تست

كه شود زو جمله ناقصها درست

وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم

(1) در اواخر دفتر يكم در بيان ادب كردن شير كرك را بجهت بي ادبى او

(2)

در اواخر دفتر پنجم در بيان مجرم دانستن أياز خود را إلخ

ص: 443

وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) فعلى العاقل التمسك بكلمة التوحيد حذرا من وقوع الوعيد وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من ذا الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فينبغى للعاقل المكلف ان يتعظ بمواعظ القرآن الكريم ويتقى القادر الحكيم ويجتهد فى الطاعة والانقياد ولا يكون أسوأ من الجماد مع ان الإنسان اشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات عن جعفر طيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلام الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات نسأل الله تليين القلوب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى إذا كان الأمر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والإنكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الأذى قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وقال تعالى وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وَسَبِّحْ ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما أصاب من الغموم والأحزان أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ المراد صلاة الفجر وفى الخبر (ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس أفضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد إسماعيل) خص إسماعيل بالذكر لشرفه وكونه أبا العرب وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وأمعاء واناء بالفتح والمد فَسَبِّحْ فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما

ص: 444

لاختصاصهما بمزيد الفضل فان القلب فيهما اجمع والنفس الى الاستراحة أميل فتكون العبادة فيهما أشق وَأَطْرافَ النَّهارِ امر بالتطوع اجزاء النهار وفى العيون هو بالنصب عطف على ما قبله من الظروف اى سبح فيها وهى صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار لارادة الاختصاص كما فى قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر عند بعض المفسرين وفى الجلالين قبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار صلاة الظهر فى طرف النصف الثاني ويسمى الواحد باسم الجمع وقال الطبري قبل غروبها وهى العصر ومن آناء الليل هى العشاء الآخرة وأطراف النهار الظهر والمغرب لان الظهر فى آخر الطرف الاول من النهار وفى أول الطرف الثاني فكأنها بين طرفين والمغرب فى آخر الطرف الثاني فكانت اطرافا انتهى. وبهذا احتج الشيخ ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة

وقد مضى ما يناسب هذه الآية فى اواخر سورة هود وسيأتى فى سورة ق ايضا لَعَلَّكَ تَرْضى متعلق بسبح اى سبح فى هذه الأوقات رجاء ان تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ويسربه قلبك وقال الكاشفى [خوشنودى در أصح اقوال بكرامتي ما شد كه خداى تعالى او را عطا دهد وآن شفاعت امتست ونكته وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى تقويت اين قول ميكند]

امت همه جسمند وتويى جان همه

ايشان همه آن تو وتو آن همه

خوشنودئ تو جست خدا در محشر

خوشنود نه مكر بغفران همه

واعلم ان الاشتغال بالتسبيح استنصار من المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق لازالة الألم ولذا كان النبي عليه السلام إذ احزبه امر فزع الى الصلاة وكان آخر ما اوصى به الصلاة وما ملكت ايمانكم والآية جامعة لذكر الصلوات الخمس عن جرير بن عبد الله كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال (انكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامّون فى رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك) الآية قوله لا تضامون بتشديد الميم من الضم اى لا يضم بعضكم بعضا ولا يقول أرنيه بل كل ينفرد برؤيته فالتاء مفتوحة والأصل تتضامون حذفت منه احدى التاءين وروى بتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم فالتاء مضمومة يعنى لا ينالكم ضيم بان يرى بعضكم دون بعض بل تستوون كلكم فى رؤيته تعالى وفى الحديث (ان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولوحبوا) يقال من داوم على الصلوات الخمس فى الجماعة يرفع الله عنه ضيق العيش وعذاب القبر ويعطى كتابه بيمينه ويمر على الصراط كالبرق ويدخل الجنة بغير حساب ومن تهون فى الصلاة فى الجماعة يرفع الله البركة من رزقه وكسبه وينزع سيما الصالحين من وجهه ولا يقبل منه سائر عمله ويكون بغيضا فى قلوب الناس ويقبض روحه عطشان جائعا يشق نزعه ويبتلى فى القبر بشدة مسألة منكر ونكير وظلمة القبر وضيقه وبشدة الحساب وغضب الرب وعقوبة الله فى النار وفى الحديث (أمتي امة مرحومة وانما يدفع الله عنهم البلايا باخلاصهم وصلواتهم ودعائهم وضعفائهم) وعن قتادة ان دانيال النبي عليه السلام نعت امة محمد فقال

ص: 445

يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما اغرقوا ولو صلاها قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح ولو صلاها ثمود ما اخذتهم الصيحة فعلى المؤمن ان لا ينفك عن الصلاة والدعاء والالتجاء الى الله تعالى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اصل المد الجر ومنه المدة للوقت الممتد واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه نحو وأمددناهم بفاكهة ونمد له من العذاب مدا والعين الجارحة بخلاف البصر ولذا قال تعالى فى الحديث القدسي (كنت له سمعا وبصرا) دون اذنا وعينا والمعنى لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل وقال بعضهم مد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه وإعجابا به وتمنيا ان له مثله وفيه دليل على ان النظر الغير الممدود معفو عنه لانه لا يمكن الاحتراز منه وذلك ان يباده الشيء بالنظر ثم يغض الطرف ولما كان النظر الى الزخارف كالمركوز فى الطباع وان من ابصر منها شيأ أحب ان يمد اليه نظره ويملأ عينيه قيل له عليه السلام لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اى لا تفعل ما عليه جبلة البشر قال الكاشفى ابو رافع رضى الله عنه نقل ميكند كه مهمانى نزد پيغمبر آمد ودر خانه چيزى نبود كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود مرا بنزديك يكى از يهود فرستاد وكفت او را بگو كه محمد رسول الله ميكويد كه مهمانى بمنزل ما نزول نموده ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان شرائط ضيافت بتقديم رسد اين مقدار آرد بما بفروش ومعامله كن تا هلال رجب چون وقت برسد بها بفرستم من پيغام به يهودى رسانيدم واو كفت نمى فروشم ومعامله نميكنم مكر آنكه چيزى در كرو من نهيد من با حضرت مراجعت نمودم وصورت حال باز كفتم حضرت فرمود والله انى لامين فى السماء وأمين فى الأرض اگر با من معامله كردى البته حق او را ادا كردمى پس زره خود بمن داد تا نزديك او كرو كردم اين آيت جهت تسليت دل مبارك وى نازل شد وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ وباز مكش نظر چشمهاى خود را يعنى منكر] إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ نفعنا به من زخارف الدنيا ومنه متاع البيت لما ينتفع به واصل المتوع الامتداد والارتفاع يقال منع النهار ومنع النبات ارتفع والمتاع انتفاع ممتد الوقت: والمعنى بالفارسية [بسوى آن چيزى كه برخوردار كردانيديم بدان چيزى] وفى الكبير ألذ ذنابه والامتاع الالذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة ويشم من الريح الطيبة وغير ذلك من الملابس والمناكح أَزْواجاً مِنْهُمْ اى أصنافا من الكفرة كالوثنى والكتابي من اليهود والنصارى وهو مفعول متعنا زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا منصوب بفعل يدل عليه متعنا اى أعطينا زينة الدنيا و؟؟ حتها ونضارتها وحسنها قال الواسطي هذه تسلية للفقراء وتعزية لهم حيث منع خير؟ الخلق؟ عن النظر الى الدنيا على وجه الاستحسان لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ اى لنعاملهم فيما أعطينا معاملة من نبتليهم حتى يستوجبوا العذاب بان نزيد لهم النعمة فيزيدوا كفرا وطغيانا فمن هذه عاقبته فلابد من التنفر عنه فانه عند الامتحان يكرم الرجل او يهان وقد شدد العلماء من اهل التقوى فى وجوب غض البصر عن الظلمة وعدد الفسقة فى ملابسهم ومراكبهم حتى قال الحسن لا تنظروا الى دقدقة هماليج الفسقة

ص: 446

ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرفات وهذا لانهم اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم ومغرلهم على اتخاذها وفى الحديث (ان الدنيا) اى صورتها ومتاعها (حلوة) شيرين (خضرة حسنة فى المنظر تعجب الناظر) وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضرا ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة تفتن الناس بحسنها وطعمها: قال الخجندي جهان وجمله لذاتش بزنبور عسل ماند كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش وفى المثنوى

هر كه از ديدار بر خوردار شد

اين جهان در چشم او مردار شد «1»

وقال الحافظ

أزره مرو بعشوه دينى كه اين عجوز

مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود

وقال

خوش عروسيست جهان از ره صورت ليكن

هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد

(وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم

وانما هى لله تعالى جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعلمون) اى يتصرفون وعن عيسى بن مريم عليه السلام لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم لها عبيدا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الى عينى البصر والبصيرة وهما عين الرأس وعين القلب واختص النبي عليه السلام بهذا الخطاب واعتز بهذا العتاب لمعنيين أحدهما لانه مخصوص من جميع الأنبياء بالرؤية ورؤية الحق لا تقبل الشرك كما ان اللسان بالتوحيد لا يقبل الشرك والقلب بالذكر لا يقبل الشرك او قال اذكر ربك إذا نسيت اى بعد نسيان ما سواه فكذلك الرؤية لا تقبل الشرك وهو مد العينين إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهو الدنيا والآخرة لكن اكتفى بذكر الواحد عن الثاني والأزواج اهل الدنيا والآخرة اى اغسل عينى ظاهرك وباطنك بماء العزة عن وصمة رؤية الدنيا والآخرة لاستحقاق اكتحالهما بنور جلالنا لرؤية جمالنا وانما متعنا اهل الدارين بهما عزة لحضرة جلالنا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ باشتغالهم بتمتعات الدارين عن الوصول الى كمال رؤية جمالنا قيل قرئ عند الشبلي قدس سره أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ فشهق شهقة وقال مساكين لا يدرون عمن شغلوا حين شغلوا وَرِزْقُ رَبِّكَ اى ما ادخر لك فى الآخرة من الثواب او ما أوتيته من يسير الكفاية مع الطاعة والرزق يقال للعطاء دنيويا كان او أخرويا وللنصيب تارة ولما يوصل الى الجوف ويتغذى به تارة خَيْرٌ لك مما منحهم فى الدنيا لانه مع كونه فى نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه وَأَبْقى فانه لا يكاد ينقطع ابدا قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه زهر در لغت شكوفه است حق سبحانه وتعالى دنيا را شكوفه خواند زيرا كه تر وتازكى او دو سه روزه بيش نباشد در اندك فرصتى پژمرده كردد ونيست شود]

(1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ

ص: 447

مال جهان بباغ تنعم شكوفه ايست

كاول بجلوه دل بربايد ز اهل حال

يكهفته نكذرد كه فرو ريزد از درخت

بر خاك ره شود چوخس وخاك پايمال

اهل كمال در دل خود جا چرا دهند

آنرا كه دميدم ز پى است آفت زوال «1»

فعلى العاقل ان يختار الرزق الذي هو الباقي ولا يلتفت الى النعيم الذي هو الفاني ويقنع بما فى يده من القوت الى ان يموت: قال الشيخ سعدى قدس سره

كر آزاده بر زمين خسب وبس

مكن بهر فانى زمين بوس كس

نيرزد عسل جان من زخم نيش

قناعت نكوتر بدوشاب خويش

خداوند زان بنده خرسند نيست

كه راضى بقسم خداوند نيست

مپندار چون سركه خود خورم

كه جور خداوند حلوا برم

قناعت كن اى نفس بر اندكى

كه سلطان ودرويش بينى يكى

كند مرد را نفس اماره خوار

اگر هوشمندى عزيزش مدار

ثم ان الرزق المعتبر غاية الاعتبار ما صار غذاء للروح القدسي من العلم والحكمة والفيض الأزلي والتجلي: وفى المثنوى

فهم نان كردى نه حكمت اى رهى

ز انكه حق كفت كلوا من رزقه

رزق حق حكمت به بود در مرتبت

كان كلو كيرت نباشت عاقبت

اين دهان بستى دهانى باز شد

كه خورنده لقمهاى راز شد

كر ز شير ديو تن را وابرى

در فطام او بسى نعمت خورى

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ يعنى كما امرناك بالصلاة فأمر أنت اهل بيتك فان الفقير ينبغى ان يستعين بها على فقره ولا يهتم بامره المعيشة ولا يلتفت الى جانب اهل الغنى وَاصْطَبِرْ عَلَيْها وداوم أنت وهم عليها غير مشتغل بامر المعاش فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الى فاطمة وعلى كل صباح ويقول (الصلاة) كان يفعل ذلك أشهرا قال فى عرائس البقلى الاصطبار مقام المجاهدة والصبر مقام المشاهدة قال ابن عطاء أشد انواع الصبر الاصطبار وهو السكون تحت موارد البلاء بالسر والقلب والصبر بالنفس لا غير لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً اى لا نكلفك ان ترزق نفسك ولا أهلك انما نسألك العبادة نَحْنُ نَرْزُقُكَ وإياهم ففرغ بالك لامر الآخرة فان من كان فى عمل الله كان الله فى عمله وَالْعاقِبَةُ الحميدة وهى الجنة فان إطلاقها يختص بالثواب: وبالفارسة [وسر انجام پسنديده] لِلتَّقْوى اى لاهل التقوى يعنى لك ولمن صدقك لا لاهل الدنيا إذ هي مع الآخرة لا تجتمعان فهو على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه تنبيها على ان ملاك الأمر هو التقوى وهو ذم النفس والجوارح عن جميع ما يقبحه العلم- روى- انه عليه السلام كان إذا أصاب اهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية قال وهب بن منبه ان الحوائج لم تطلب من الله تعالى بمثل الصلاة وكانت الكرب العظام تكشف عن الأولين بالصلاة وقلما نزلت بأحد منهم كرب إلا وكان مفزعه الى الصلاة وقال الله تعالى فى قصة يونس فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال ابن عباس

(1) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي بر مريم إلخ

ص: 448

رضى الله عنهما يعنى من المصلين للبث فى بطنه الى يوم يبعثون يعنى لبقى فى بطن الحوت الى يوم القيامة وعن الشافعي رحمه الله أخذا من هذه الآية لم ار انفع للوباء من التسبيح قال يحيى بن معاذ رحمه الله للعابدين اردية يكسونها من عند الله سداها الصلاة ولحمتها الصوم وصلاة الجسد الفرائض والنوافل وصلاة النفس عروجها من حضيض البشرية الى ذروة الروحانية وخروجها عن أوصافها لدخولها الجنة المشرفة بالاضافة الى الحضرة بقوله فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي وصلاة القلب دوام المراقبة ولزوم المحاضرة كقوله الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وصلاة السر عدم الالتفات الى ما سوى الله تعالى مستغرقا فى بحر المشاهدة كما قال عليه السلام (اعبد الله كأنك تراه) وصلاة الروح فناؤه فى الله وبقاؤه بالله كما قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لانه الفاني عن نفسه الباقي بربه فمن صلى هذه الصلاة أغناه الله عما عند الناس ورزقه مما عنده كما قال تعالى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى ومن هنا كان يقول صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى

نيست غير نور آدم را خورش

جانرا جز آن نباشد پرورش

چون خورى يكبار از ان ماكول نور

خاك ريزى بر سر نان تنور

وَقالُوا يعنى كفار قريش لَوْلا هلا يَأْتِينا [چرا نمى آرد محمد براى ما] بِآيَةٍ مما اقترحنا نحن ومن نعتدبه مِنْ رَبِّهِ كموسى وعيسى ليكون علامة لنبوته بلغوا من العناد الى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات من قبيل الآيات حتى اجترءوا على التفوه بهذه الكلمة العظيمة أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى الهمزة لانكار الوقوع والواو للعطف على مقدر والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت او حسية والمراد هنا القرآن الذي فيه بيان للناس وما عبارة عن العقائد الحقية واصول الاحكام التي اجتمعت عليها كافة الرسل. والصحف جمع صحيفة وهى التي يكتب فيها وحروف التهجي صحيفة على حدة مما انزل على آدم والمراد بها التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب السماوية. والمعنى ألم يأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما فى الصحف الاولى اى قد أتاهم آية هى أم الآيات وأعظمها فى باب الاعجاز وهو القرآن الذي فيه بيان ما فى الكتب الالهية وهو شاهد بحقية ما فيها وبصحة ما ينطق به من انباء الأمم من حيث انه غنى باعجازه عما يشهد بحقيته حقيق بإثبات حقية غيره فاشتماله على زبدة ما فيها مع ان الآتي به أمي لم يرها ولم يتعلم ممن علمها اعجاز بين ثم بين انه لا عذر لهم فى ترك الشرائع وسلوك طريق الضلالة بوجه ما فقال وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ فى الدنيا بِعَذابٍ مستأصل مِنْ قَبْلِهِ متعلق باهلكنا اى من قبل إتيان البينة وأصله ولو أهلكناهم أهلكناهم لان لو انما تدخل على الفعل فحذف الفعل الاول احترازا عن العبث لوجود المفسر ثم أبدل من الضمير المتصل وهو الفاعل ضمير منفصل وهو انا لتعذر الاتصال لسقوط ما يتصل به فانا فاعل الفعل المحذوف لا مبتدأ ولا تأكيد إذ لم يعهد حذف المؤكد والعامل مع بقاء التأكيد لَقالُوا يوم القيامة احتجاجا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ [چرا نفرستادى] إِلَيْنا فى الدنيا رَسُولًا مع كتاب فَنَتَّبِعَ آياتِكَ التي أنزلت

ص: 449

معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بذل الضلالة وعذاب القتل والسبي فى الدنيا كما وقع يوم بدر والذل الهوان وضد الصعوبة وقال الراغب الذل ما كان من قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وقوله تعالى وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ اى كن كالمقهور لهما وَنَخْزى بعذاب الآخرة ودخول النار اليوم: وبالفارسية [ورسوا كنيم در قيامت بدخول در آتش] قال الراغب خزى الرجل لحقه انكسارا ما من نفسه واما من غيره فالذى يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية والذي يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف ومصدره الخزي. والمعنى ولكنا لم نهلكهم قبل إتيانها فانقطعت معذرتهم فعند ذلك اعترفوا وقالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شىء قال فى الاسئلة المقحمة هذا يدل على انه يجب على الله ان يفعل ما هو الأصلح لعباده المكلفين إذ لو لم يفعل لقامت لهم عليه الحجة بان قالوا هلا فعلت بنا ذلك حتى نؤمن والجواب لو كان يجب عليه ما هو الأصلح لهم لما خلقهم فليس فى خلقه إياهم وإرسال الرسل إليهم رعاية الأصلح لهم مع علمه بانهم لا يؤمنون به ولكنه أرسل الرسل وأكد الحجة وسلب التوفيق ولله تعالى ما يشاء بحق المالكية قُلْ لاولئك الكفرة المتمردين كُلٌّ اى كل واحد منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ انتظار الأمر او زواله منتظرا لما يؤول اليه أمرنا وأمركم قال الكاشفى [يعنى شما نكبت ما را چشم ميداريد وما عقوبت شما را] قال فى الكبير كل منا ومنكم منتظر عاقبة امره اما قبل الموت يسبب الجهاد وظهور الدولة والقوة او بعد الموت بالثواب والعقاب وبما يظهر على المحق من انواع كرامة الله وعلى المبطل من انواع اهانته- وروى- ان المشركين قالوا نتربص بمحمد حوادث الدهر فاذا مات تخلصنا فقال تعالى فَتَرَبَّصُوا أنتم فَسَتَعْلَمُونَ عن قريب إذا جاء امر الله مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم. والاصحاب جمع صاحب بمعنى الملازم. والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد وَمَنِ اهْتَدى من الضلال اى أنحن أم أنتم كما قال بعضهم سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار وفيه تهديد شديد لهم قال الكاشفى [مراد حضرت پيغمبرست كه هم راه يافته وهم راه نماينده است]

راه دان وراه بين وراه بر

در حقيقت نيست جز خير البشر

وفى الآية اشارة الى المهتدين بالوصول اليه بقطع المنازل والانفصال عما سواه والمنقطعين عنه باتصال غيره كما قال الخجندي وصل ميسر نشود جز بقطع قطع نخست از همه ببريدنست واعلم ان الله تعالى قطع المعذرة بالامهال والإرشاد فلله الحجة البالغة وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (يحتج على الله ثلاثة الهالك فى الفترة يقول لم يأتنى رسول وتلا لولا أرسلت إلينا رسولا والمغلوب على عقله يقول لم تجعل لى عقلا انتفع به ويقول الصغير

ص: 450