الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكتبه من قوام الليل وقال ابن عباس رضى الله
عنهما إذا أردت ان تقوم أية ساعة شئت من الليل فاقرأ إذا اخذت مضجعك قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً الآية فان الله يوقظك متى شئت من الليل وتكلموا فى القراءة فى الفراش مضطجعا قال فى الفتاوى الحمدية لا بأس للمصطجع بقراءة القرآن انتهى. والاولى ان لا يقرأ وهو اقرب الى التعظيم كما فى شرح الشرعة ليحيى الفقيه وعن ظهير الدين المرغينانى لا بأس للمضطجع بالقراءة مضطعجا إذا اخرج رأسه من اللحاف لانه يكون كاللبس والا فلا نقله قاضى خان وفى المحيط لا بأس بالقراءة إذا وضع جنبيه على الأرض لكن يضم رجليه الى نفسه انتهى نسأل الله تعالى ان يوقظنا من الغفلة قبل انقضاء الأعمار ويؤنسنا بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار تمت سورة الكهف والحمد لله تعالى يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر رمضان من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة مريم
ثمان او تسع وتسعون آية وهي مكية الا آية السجدة بسم الله الرحمن الرحيم
كهيعص اسم للسورة ومحله الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هذا كهيعص اى مسمى به وانما صحت الاشارة اليه مع عدم جريان ذكره لانه باعتبار كونه على جناح الذكر صار فى حكم الحاضر المشاهد كما يقال هذا ما اشترى فلان كذا فى الإرشاد وقال فى تفسير الشيخ قسم اقسم بالله تعالى او هى اسم من أسمائه الحسنى ويدل عليه ما قرأوا فى بعض الادعية من قولهم يا كهيعص يا حمعسق او انه مركب من حروف يشير كل منها الى صفة من صفاته العظمى. فالكاف من كريم وكبير. والهاء من هاد. والياء من رحيم. والعين من عليم وعظيم. والصاد من الصادق او معناه هو تعالى كاف لخلقه هاد لعباده يده فوق أيديهم عالم ببريته صادق فى وعده قال الكاشفى [در مواهب صوفيان از مواهب الهى كه بر حضرت شيخ ركن الدين علاء الدوله سمنانى قدس سره فرود آمده مذكور است كه حضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم سه صورتست يكى بشرى كقوله تعالى إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ دوم ملكى چنانكه فرموده است (لست كاحد أبيت عند ربى) ؟؟ سيوم؟؟ حقى كما قال (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) وازين روشنتر (من رآنى فقد رأى الحق) وحق سبحانه را با او در هر صورتى سخن بعبارتى ديكر واقع شده است در صورت بشرى كلمات مركبه چون قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ودر صورت ملكى حروف مفرده مانند كهيعص وأخواته ودر صورت حقى كلامى مبهم كه فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
در تنكناى حرف نكنجد بيان ذوق
…
زان سوى حرف ونقطه حكايات ديكرست
وفى التأويلات النجمية فى سورة البقرة يحتمل ان يكون الم وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات والمعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهم وقد واضعها الله تعالى مع نبيه عليه السلام فى وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على
لسان جبريل باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى كهيعص فلما قال كاف قال النبي عليه السلام (علمت) فقال ها فقال (علمت) فقال يا فقال (علمت) فقال عين فقال (علمت) فقال صاد فقال (علمت) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم وفى اسئلة الحكم علوم القرآن ثلاثة علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم اسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وتفاصيل علوم غيوبه التي لا يعلمها الا هو وهذا لا يجوز لاحد الكلام فيه بوجه من الوجوه اجماعا. العلم الثاني ما اطلع عليه نبيه من اسرار الكتاب واختصه به وهذا لا يجوز الكلام فيه الا له عليه السلام او لمن اذن له وأوائل السور من هذا القسم وقيل من القسم الاول. العلم الثالث علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجليلة والخفية وامره بتعليمها ذِكْرُ اى هذا المتلو ذكر رَحْمَتِ رَبِّكَ ذكر مضاف الى مفعوله عَبْدَهُ مفعول رحمة زَكَرِيَّا بدل منه وهو زكريا يمد ويقصر ابن آزر قال الكاشفى [واو از أولاد رجعيم بن سليمان بن داود عليهم السلام بوده پيغمبر عاليشان ومهتر أحبار بيت المقدس وصاحب قربان] قال الامام زكريا من ولد هارون أخي موسى وهما من ولد لاوى بن يعقوب بن إسحاق إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ظرف لرحمة ربك. والمعنى بالفارسية [چون ندا كرد وبخواند پروردگار خود را در محراب بيت المقدس بعد از تقريب قربان وخواندن پنهان] ولقد راعى عليه السلام حسن الأدب فى دعائه فانه مع كونه بالنسبة اليه تعالى كالجهر ادخل فى الإخلاص وابعد من الرياء واقرب الى الخلاص من غائلة مواليه الذين كان يخافهم فانه إذا أخفى لم يطلعوا عليه ومن لوم الناس على طلب الولد لتوقفه على مبادى لا يليق به تعاطيها وقت الكبر والشيخوخة وكان سنه وقتئذ تسعا وتسعين على ما اختاره الكاشفى فان قلت شرط النداء الجهر فكيف يكون خفيا قلت دعا فى الصلاة فاخفاه يقول الفقير النداء وان كان بمعنى الصوت لكن الصوت قد يتصف بالضعف ويقال صوت خفى وهو الهمس فكذا النداء وقد صح عن الفقهاء ان بعض المخافتة يعد من ادنى مراتب الجهر وتفصيله فى تفسير الفاتحة للفنارى ولى فيه وجه خفى لاح عند المطالعة وهو ان النداء الخفي عند الخواص كالذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة فضلا عن الناس لا يخفض به الصوت والوجه فى عبارة النداء الاشارة الى شدة الإقبال والتوجه فى الأمر المتوجه اليه كما هو شان الأنبياء ومن له بهم أسوة حسنة من كمل الأولياء قالَ استئناف وقع بيانا للنداء رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي الوهن الضعف وانما أسنده الى العظم وهو بالفارسية [استخوان] لانه عماد بيت البدن فاذا أصابه الضعف مع صلابته وقلة تأثره من العلل أصاب سائر الاجزاء قال قتادة اشتكى سقوط الأضراس كما فى البغوي وافراده للقصد الى جنس المنبئ عن شمول الوهن لكل فرد من افراده ولو جمع لخرج بعض العظام عن الوهن. ومنى متعلق بمحذوف وهو حال من العظم وهو تفصيل بعد الإجمال لزيادة التقرير لان العظم من حيث انه يصدق على عظمه يفيد نسبته اليه اجمالا
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ منى حذف اكتفاء بما سبق شَيْباً شبه الشيب فى بياضه وانارته بشواظ النار وانتشاره فى الشعر ومنبته مبالغة واشعارا لشمول الشيب جملة الرأس حتى لم يبق من السواد شىء وجعل الشيب تمييزا إيضاحا للمقصود والأصل اشتعل شيب رأسى فوزانه بالنسبة الى الأصل وزان اشتعل بيته نارا بالنسبة الى اشتعل النار فى بيته: قال الشيخ سعدى
چوشيبت در آمد بروى شباب
…
شبت روز شد ديده بر كن ز خواب
من آن روز از خود بريدم اميد
…
كه افتادم اندر سياهى سفيد
چودوران عمر از چهل در كذشت
…
مزن دست و پاكآب از سر كذشت
دريغا كه بگذشت عمر عزيز
…
بخواهد كذشت اين دمى چند نيز
وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ولم أكن بدعائى إياك خائبا فى وقت من اوقات هذا العمر الطويل بل كلما دعوتك استجبت لى وهذا توسل منه بما سلف من الاستجابة عند كل دعوة اثر تمهيد ما يستدعى الرحمة ويستجلب الرأفة من كبر السن وضعف الحال فانه تعالى بعد ما عوّد عبده بالاجابة دهرا طويلا لا يخيبه ابدا لا سيما عند اضطرار وشدة افتقار- روى- ان محتاجا قال لبعضهم انا الذي أحسنت الى وقت كذا فقال مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته ووجهه ان الرد بعد القبول يحبط الانعام الاول والمنعم لا يسعى فيه وكأنه يقول مارددتنى حين ما كنت قوى القلب والبدن غير متعود بلطفك فلورددتنى الآن بعد ما عودتنى القبول مع نهاية ضعفى لتضاعف الم قلبى وهلكته يقال سعد بحاجته إذا ظفر بها وشقى بها إذا خاب كذا فى تفسير الامام ثم بين ان ما يريده منتفع به فى الدين فقال وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي اى بعد موتى فلا بد لى من الخلف وهو متعلق بمحذوف ينساق اليه الذهن اى جور الموالي لا بخفت لفساد المعنى والجملة عطف على قوله انى وهن مترتب مضمونه على مضمونها فان ضعف القوى وكبر السن من مبادى خوفه من يلى امره بعد موته ومواليه بنوا عمه وكانوا شرار بنى إسرائيل فخاف ان لا يحسنوا خلافته فى أمته ويبدلوا عليهم دينهم قال فى القاموس المولى المالك والعبد والمعتق والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر انتهى وَكانَتِ امْرَأَتِي هى ايشاع بنت فاقوذ بن فيل وهى اخت جنة بنت فاقوذ قال الطبري وحنة هى أم مريم وقال القتيبي امرأة زكريا هى ايشاع بنت عمران فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى على الحقيقة وعلى القول الآخر يكون ابن خالة امه وفى حديث الاسراء (فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى) وهذا شاهد للقول الاول قاله الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام عاقِراً اى لا تلد من حين شبابها فان العاقر من الرجال والنساء من لا يولد له ولد وكان سنها حينئذ ثمانى وتسعين على ما اختاره الكاشفى فَهَبْ [پس ببخش] لِي مِنْ لَدُنْكَ كلا الجارين متعلق بهب لاختلاف معنييهما فاللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازا ولدن فى الأصل ظرف بمعنى أول غاية زمان او مكان او غيرهما من الذوات اى أعطني
من محض فضلك الواسع وقدرتك بطريق الاختراع لا بواسطة الأسباب العادية فانى وامرأتى لا نصلح للولادة وَلِيًّا ولدا من صلبى يلى امر الدين بعدي كما قال يَرِثُنِي صفة لوليا اى يرثنى من حيث العلم والدين والنبوة فان الأنبياء لا يورثون المال كما قال عليه السلام (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) فان قلت وقد وصف الولي بالوراثة ولم يستجب له فى ذلك فان يحيى خرج من الدنيا قبل زكريا على ما هو المشهور قلت الأنبياء وان كانوا مستجابى الدعوة لكنهم ليسوا كذلك فى جميع الدعوات حسبما تقتضيه المشيئة الالهية المبنية على الحكم البالغة ألا يرى الى دعوة ابراهيم عليه السلام فى حق أبيه والى دعوة النبي عليه السلام حيث قال (وسألته ان لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعتها) وقد كان من قضائه تعالى ان يهبه يحيى نبيا مرضيا ولا يرثه فاستجيب دعاؤه فى الاول دون الثاني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ابن إسحاق ابن ابراهيم الملك يقال ورثه وورث منه لغتان. وآل الرجل خاصة الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وقال الكلبي ومقاتل هو يعقوب بن ماثان أخو عمران ابن ماثان من نسل سليمان عليه السلام ابو مريم وكان آل يعقوب أخوال يحيى بن زكريا قال الكلبي كان بنوا ماثان رؤس بنى إسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذ فاراد ان يرث ولده حبورته ويرث من بنى ماثان ملكهم وَاجْعَلْهُ اى الولد الموهوب رَبِّ رَضِيًّا مرضيا عندك قولا وفعلا وتوسيط رب بين مفعولى الجعل كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الاجابة بالمبالغة فى التضرع ولذلك قيل إذا أراد العبد ان يستجاب له دعاؤه فليدع الله بما يناسبه من أسمائه وصفاته واعلم ان الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته كلا او بعضا كما وقع لزكريا
هم ز أول تو دهى ميل دعا
…
تو دهى آخر دعاها را جزا «1»
ترس وعشق تو كمند لطف ماست
…
زير هر يا رب تو لبيكهاست «2»
وفى الحديث (من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة) وذلك لان فى الدعاء اظهار الذلة والافتقار وليس شىء أحب الى الله من هذا الإظهار ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادات ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار ولذا قال عند دخوله عالم الحقيقة
چارچيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست
…
نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام
وعن بعض اهل المعرفة نعم السلاح الدعاء ونعم المطية الوفاء ونعم الشفيع البكاء كما فى خالصة الحقائق ثم ان الدعاء اما للدين او للدنيا والاول مطمح نظر الكمل ألا ترى ان زكريا طلب من الله ان يكون من ذريته من يرث العلم الذي هو خير من ميراث المال لان نظام العالم فى العلم والعمل والصلاح والتقوى والعدل والانصاف وفيه اشارة الى انه لا بد للكامل من مرآة يظهر فيها كمالاته ألا ترى ان الله تعالى خلق العوالم وبث فيها أسماءه الحسنى وجعل الإنسان الكامل فى كل عصر مجلى أنواره ومظهر أسراره فمن أراد الوصول الى الله تعالى فليصل الى الإنسان الكامل فعليك بطلب خير الاول ليحيى به ذكرك الى يوم التناد ومن الله رب العباد الفيض والامداد والتوفيق
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در خواستن قبطى دعاى خير وهدايت إلخ
(2)
در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله كفتن نيازمند عين لبيك كفتن خواست
لاسباب الوصول الى المراد يا زَكَرِيَّا على ارادة القول اى قال تعالى على لسان الملك يا زكريا كما قال فى سورة آل عمران فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى إِنَّا نُبَشِّرُكَ [ما بشارت ميدهيم ترا] والبشارة بكسر الباء الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [همنام] اى شريكا له فى الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى وهو شاهد بان التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى وإياها كانت العرب تعنى لكونها أنبه وانوه وانزه عن النبز [در زاد المسير فرموده كه وجه فضيلت نه از ان رويست كه پيش از وكسى مسمى بدين اسم نبوده چهـ بسيار آدمي بدين وجه يافت شود كه پيش از ومسمى نبوده باشد پس فضيلت آنست كه حق سبحانه وتعالى بخود تولى تسميه او نموده به پدر ومادر حواله نكرد] كما ان زينب أم المؤمنين رضى الله عنها زوجها الله بالذات حبيبه عليه السلام حيث قال فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ولذا كانت تفتخر بهذا على سائر الأزواج المطهرة [وامام ثعلبى آورده كه ذكر قبل از ان فرمود كه بعد ازو كسى ظهور خواهد كرد كه او را بچندين اسم خاص اختصاص دهد واسم سامى او را از نام همايون فرجام خود مشتق سازد] كما قال حسان رضى الله عنه
وشق له من اسمه ليجله
…
فذو العرش محمود وهذا محمد
اى خواجه كه عاقبت كار امتست
…
محمود از ان شدست كه نامت محمد است
والا ظهر ان يحيى اسم أعجمي وان كان عربيا فهو منقول عن الفعل كيعمر ويعيش قيل سمى به لانه حيى به رحم امه او حيى دين الله بدعوته او حيى بالعلم والحكمة التي أوتيها. وفيه اشارة الى ان من لم يحيه الله بنوره وعلمه فهو ميت او حيى به ذكر زكريا كما ان آدم حيى ذكره بشيث ونوحا حيى ذكره بسام وكذا الأنبياء الباقون ولكن ما جمع الله لاحد من الأنبياء فى ولده قبل ولادة يحيى بين الاسم العلم الواقع منه تعالى وبين الصفة الحاصلة فى ذلك النبي الا لزكريا عناية منه اليه وهذه العناية انما تعلقت به إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا فقدم الحق تعالى حيث كنى عنه بكاف الخطاب على ذكر ولده حين عبر عنه بالولى فاكرمه الله بان وهبه ولياطلبه وسماه بما يدل على صفة زكريا وهو حياة ذكره كذا قال الشيخ الأكبر قدس سره قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان اسمه فى الكتاب الاولى حيا وكان اسم سارة زوجة ابراهيم يسارة وتفسيرها بالعربية لا تلد فلما بشرت بإسحاق قيل لها سارة سماها بذلك جبريل فقالت يا ابراهيم لم نقص من اسمى حرف فقال ذلك ابراهيم لجبرائيل عليه السلام فقال ان ذلك الحرف قد زيد فى اسم ابن لها من أفضل الأنبياء واسمه حيا وسمى يحيى ذكره النقاش قالَ استئناف مبنى على السؤال كأنه فماذا قال زكريا حينئذ فقيل قال رَبِّ ناداه تعالى بالذات مع وصول خطابه تعالى اليه بتوسط الملك للمبالغة فى التضرع والمناجاة والجد فى التبتل اليه تعالى والاحتراز عما عسى يوهم خطابه للملك من توهم ان علمه بما صدر عنه متوقف على توسطه كما ان علم البشر بما يصدر عنه سبحانه متوقف على ذلك فى عامة الأوقات أَنَّى [چكونه] يَكُونُ لِي غُلامٌ اى كيف او من اين يحدث لى غلام وَالحال انه قد كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً
لم تلد فى شبابها وشبابى فكيف وهى عجوز الآن وَقَدْ بَلَغْتُ انا مِنَ الْكِبَرِ من أجل كبر السن عِتِيًّا يبوسة وجفافا كالعود اليابس من قولهم عتا العود إذا يبس وعتا الشيخ إذا كبر وهرم وولى ويقال لكل شىء انتهى قد عتا وانما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافا بان المؤثر فيه كمال قدرته وان الوسائط عند التحقيق ملغاة فانى استعجاب واستبعاد من حيث العبادة لا من حيث القدرة قال الامام فان قيل لم تعجب زكريا بقوله أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ مع انه طلبه قلنا تعجب من ان يجعلهما شابين ثم يرزقها الولد او يتركهما شيخين ويلدان مع الشيخوخة يدل عليه قوله تعالى رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ اى أعدنا له قوة الولادة انتهى وفى الاسئلة المقحمة أراد من التي يكون منه هذا الولد أمن هذه المرة وهى عاقر أم من امرأة اخرى أتزوج بها او مملوكة قالَ الملك المبلغ للبشارة كَذلِكَ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [همچنين است كه تو كفتى از پيرى وضعف اما] قالَ رَبُّكَ هُوَ [اين كار كه آفريدن فرزند است درين سن ازين دو شخص] مع بعده فى نفسه عَلَيَّ [بر قدت من خاصة] هَيِّنٌ [آسانست] أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع وافتق رحم امرأتك بالولد كما فى تفسير الجلالين والكاشفى وقال فى الإرشاد الكاف فى كذلك مقحمة كما فى مثلك لا يبخل فمحلها النصب على انه مصدر تشبيهى لقال الثاني وذلك اشارة الى مصدره الذي هو عبارة عن الوعد السابق لا الى قول آخر شبه هذا به وقوله هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ جملة مقررة للوعد المذكور دالة على إنجازه داخلة فى حيز قال الاول كأنه قيل قال الله مثل ذلك القول البديع قلت اى مثل ذلك الوعد الخارق للعادة وعدت هو علىّ خاصة هين وان كان فى العادة مستحيلا ويجوز ان يكون محل الكاف فى كذلك الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وذلك اشارة الى ما تقدم من وعد تعالى اى قال عز وعلا امر كما وعدت وهو واقع لا محالة وقوله قالَ رَبُّكَ استئناف مقرر لمضمونه وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ من قبل يحيى فى تضاعيف خلق آدم وَلَمْ تَكُ إذ ذاك شَيْئاً أصلا بل عدما صرفا فخلق يحيى من البشرين أهون من خلقك مفردا والمراد خلق آدم لانه أنموذج مشتمل على جميع الذرية قال الامام وجه الاستدلال بقوله تعالى وَقَدْ خَلَقْتُكَ إلخ ان خلقه من العدم الصرف خلق للذات والصفات وخلق الولد من شيخين لا يحتاج الا الى تبديل الصفات والقادر على خلق للذات والصفات اولى ان يقدر على تبديل الصفات انتهى قال فى بحر العلوم ولفظ الشيء عندنا يختص بالموجود وبالعكس ونفى كون الشيء تقرير لعدمه فالآية دليل على ان المعدوم ليس بشئ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً الجعل ابداعى وقيل بمعنى التصيير اى علامة على وقوع الحبل لا تلقى تلك النعمة الجليلة بالشكر من حين حدوثها وهذا السؤال ينبغى ان يكون بعد ما مضى بعد البشارة برهة من الزمان لما روى ان يحيى كان اكبر من عيسى بستة أشهر او بثلاث سنين ولا ريب فى ان دعا زكرياء كان فى صغر مريم لقوله تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ وهى انما ولدت عيسى وهى بنت عشر سنين او ثلاث عشرة سنة كذا فى الإرشاد والاسئلة المقحمة قالَ الله تعالى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى ان لا تقدر على ان تكلمهم بكلام الناس
مع القدرة على الذكر والتسبيح كما هو المفهوم من تخصيص الناس ثَلاثَ لَيالٍ مع ايامهن للتصريح بها فى سورة آل عمران سَوِيًّا حال من فاعل تكلم مفيد لكون انتفاء التكلم بطريق الاضطرار دون الاختيار اى تمنع الكلام فلا تطيق به حال كونك سوى الخلق سليم الجوارح ما بك شائبة بكم ولا خرس قالوا رجع تلك الليلة الى امرأته فقربها ووقع الولد فى رحمها فلما أصبح امتنع عليه الكلام الناس فَخَرَجَ صبيحة حمل امرأته عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا إذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى اومأ إليهم لقوله تعالى إِلَّا رَمْزاً أَنْ سَبِّحُوا ان اما مفسرة لا وحي او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا بُكْرَةً هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى وَعَشِيًّا هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الإرشاد يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شىء قدير وقد ورد فى الاذكار (لكل اعجوبة سبحان الله) وفى التأويلات النجمية فى قوله يا زَكَرِيَّا الى بُكْرَةً وَعَشِيًّا اشارة الى بشارات منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاجا الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبي عليه السلام وفى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى أحد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وفى قوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الو الدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشيء من الشيء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ومن القدرة انه تعالى يخلق الشيء من لا شىء فقال أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ اى أمن السنة أم من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله قالَ كَذلِكَ اى الأمر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت أرد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شىء بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيأ اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شىء بامر كن ولهذا قال تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وهو أول مقدور تعلقت القدرة به: وفى المثنوى
آب از جوشش همى كردد هوا
…
وان هوا كردد ز سردى آبها «1»
بلكه بي اسباب بيرون زين حكم
…
آب رويانيد تكوين از عدم
تو ز طفلى چون سببها ديده
…
در سبب از جهل بر چفسيده
يا يَحْيى على ارادة القول اى ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى قال الكاشفى [القصة سه
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان قصه فرياد رسيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاروان عرب إلخ
روز بدين منوال كذشت پس بحال خود آمد ويحيى عليه السلام بعد از مضى مدت حمل متولد شد ودر كودكى پلاس پوشيده با أحبار در عبادت بطريق رياضت موافقت مى نمود تا وقتى كه وحي بدو فرود آمد واز حق سبحانه وتعالى خطاب رسيد كه يا يحيى] خُذِ الْكِتابَ اى التوراة بِقُوَّةٍ بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد قال فى الجلالين اى أعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها قال المولى الجامى فى شرح الفصوص لولا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق فى زكريا وزوجته تعدت منهما الى يحيى ولذلك قال له الحق يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ قال فى الاسئلة المقحمة أي دليل فيها على المعتزلة الجواب انه دليل على ان الاسم والمسمى واحد لانه تعالى قال اسْمُهُ يَحْيى ثم نادى الشخص فقال يا يَحْيى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ حال كونه صَبِيًّا قال ابن عباس الحكم النبوة استنبأه الله تعالى وهو ابن ثلاث سنين او سبع وانما سميت النبوة حكما لان الله تعالى احكم عقله فى صباه واوحى اليه وقيل الحكم الحكمة وفهم التوراة والفقه فى الدين فهو بمعنى المنع ومنه الحاكم لانه يمنع الظالم من الظلم والحكمة ما يمنع الشخص من السفه- روى- انه دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما للعب خلقنا قال الكاشفى [درين سخن پندى عظيم است بيخبران بازيچهـ كاه غفلت را كه عمر عزيز ببازى ميكذرانند وبدام فريب إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ مقيد شده اند]
عمر ببازيچهـ بسر ميبرى
…
پاى باندازه بدر ميبرى
به كه ز بازى جهان پاكشى
…
طفل نه چند ببازى خوشى
يقول الفقير مثل يحيى عليه السلام فى هذه الامة المرحومة الشيخ العارف المحقق سهل بن عبد الله التستري قدس سره فانه تم له امر السلوك من ثلاث سنين الى سبع سنين كما سمعت من شيخى وسندى روح الله روحه يعنى وقع له الانكشاف والإلهام وظهر له الحال التام وهو ابن ثلاث سنين فكان ما كان الى سبع فسبحان القادر وهذا من لطافة الحجاب واما من كان كثيف الحجاب فيحتاج فى إزالته الى مجاهدات شاقة فى مدة طويلة واعلم ان روح الكامل سريع التعلق ببدنه يعنى ان مادة النطفة تصل سريعا الى الأبوين فيحصل العلوق والولادة على احسن وصف وفى اعدل زمان فيجيئ الولد غالبا عليه احكام الوجوب اللهم أعنا على ازالة الحجب الظلمانية والنورانية واجعلنا مكاشفين للانوار الربانية وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا عطف على الحكم وتنوينه للتفخيم وهو التحنن والاشتياق يقال حنّ اى ارتاح واشتاق ثم استعمل فى العطف والرأفة اى وآتيناه رحمه عظيمة عليه كائنة من جنابنا او رحمة فى قلبه وشفقة على أبويه وغيرهما وَزَكاةً اى طهارة من الذنوب قال الامام لم تدعه شفقته الى الإخلال بواجب لان الرأفة ربما أورثت ترك الواجب ألا ترى الى قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فالمعنى جمعنا له التعطف عليهم مع الطهارة عن الإخلال بالواجبات انتهى او صدقة اى تصدق الله به على أبويه او وفقناه للتصدق على الناس وَكانَ تَقِيًّا مطيعا متجنبا عن المعاصي لم يعمل خطيئة ولم يهم بها قط وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ
عطف على تقيا اى بارّا بها لطيفا بهما محسنا إليهما وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
متكبرا عاقا لهما او عاصيا لربه قال فى بحر العلوم الجبار المتكبر وقيل هو الذي يضرب ويقتل على الغضب لا ينظر فى العواقب وقيل هو المتعظم الذي لا يتواضع لامر الله وَسَلامٌ
سلامة من الله تعالى وأمان عَلَيْهِ
على يحيى أصله وسلمنا عليه فى هذه الأحوال وهى أوحش المواطن لكن نقل الى الجملة الاسمية للدلالة على ثبات السلام واستقراره فان وحشتها لا تكاد نزول الا بثبات السلام فيها ودوامه يَوْمَ وُلِدَ
من رحم امه من طعن الشيطان كما يطعن سائر بنى آدم وَيَوْمَ يَمُوتُ
بالموت الطبيعي من هول الموت وما بعده من عذاب القبر وَيَوْمَ يُبْعَثُ
حال كونه حَيًّا
من هول القيامة وعذاب النار وفيه اشارة الى الولادة من أم الطبيعة والموت بالفناء عن مقتضيات الطبيعة فى الله والبعث بالبقاء بعد الفناء وقال ابن ابى عيينة أوحش ما يكون الإنسان فى هذه الأحوال يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلام فى هذه المواطن واعلم ان زكريا اشارة الى الروح الإنساني وامرأته الى الجثة الجسدانية التي هى زوج الروح ويحيى الى القلب وقد استبعد الروح بسبب طول زمان التعلق بالقالب ان يتولد له قلب قابل لفيض الا لوهية بلا واسطة كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن) وهو الفيض الأزلي لم يؤت لواحد من الحيوانات والملائكة كما قال المولى الجامى
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت
…
چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
ثم انه لما بشر بولادة القلب الموصوف بما ذكر طلب آية يهتدى بها الى كيفية حمل القالب العاقر بالقلب الحي الذي حيى بنور الله تعالى قال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى لا تخاطب غير الله ولا تلتفت الى ما سوى الله ثلاث ليال وبها يشير الى مراتب ما سوى الله وهى ثلاث الجمادات والحيوانات والروحانيات فاذا تقرب الى الله تعالى بعدم الالتفات الى ما سواه يتقرب اليه بموهبة الغلام الذي هو القلب الحي بنوره فخرج زكريا الروح من محراب هواه وتبعه على قوم صفات نفسه وقلبه وانانيته فقال كونوا متوجهين الى الله معرضين عما سواه آناء الليل وأطراف النهار بل بكرة الأزل وعشىّ الابد فلما ولد له يحيى القلب قيل له يا يحيى خذ كتاب الفيض الإلهي بقوّة ربانية لا بقوّة انسانية لانه خلق الإنسان ضعيفا وهو عن القوة بمعزل وان الله هو الرزاق ذو القوّة المتين فجاء صاحب علم وحكمة ورحمة وطهارة من الميل الى ما سوى الله واتقاء وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
كالنفس الامارة بالسوء اما بره بوالد الروح فتنويره بنور الفيض الإلهي إذ هو محل قبول الفيض لان الفيض الإلهي وان كان نصيب الروح اولا ولكن لا يمسكه للطافة الروح بل يعبر عنه الفيض ويقبله القلب ويمسكه لان فيه صفاء وكثافة فبالصفاء يقبل الفيض وبالكثافة يمسكه كمالا هى ان الشمس فيضها يقبل الهواء لصفائه ولكن لا يمسكه للطافة الهواء فاما المرة فتقبل فيضها بصفائها وتمسكه لكثافتها وهذا أحد اسرار حمل الامانة التي حملها الإنسان ولم تحملها الملائكة واما برّه بوالدة القالب فباستعمالها على وفق او امر الشرع ونواهيه لينجيها من عذاب القبر ويدخلها الجنة كذا فى التأويلات النجمية باختصار قال بعض الأولياء كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق
من أنت قال انا أخوك الخضر فقلت له أريد ان اسألك قال سل قلت بأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي فعلى العاقل ان يكون بارا بوالديه مطلقا انفسيين او افاقيين فان البر يهدى الى الجنة ودار الكرامة ويبشر فى شدائد الأحوال بالأمن والامان وانواع السلامة وَاذْكُرْ
يا محمد للناس فِي الْكِتابِ
اى القرآن او السورة الكريمة فانها بعض من الكتاب فصح إطلاقه عليها مَرْيَمَ
على حذف المضاف اى خبر بنت عمران وقصتها فان الذكر لا يتعلق بالأعيان ومريم بمعنى العابدة قال بعض العلماء فى حكمة ذكر مريم باسمها دون غيرها من النساء ان الملوك والاشراف لا يذكرون حرائرهم فى ملأ ولا يبتذلون اسماءهن بل يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحو ذلك فاذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا اسماءهن عن الذكر والتصريح بها فلما قالت النصارى فى حق مريم ما قالت وفى ابنها صرح الله تعالى باسمها ولم يكن عنها تأكيدا للاموّة والعبودية التي هى صفة لها واجراء للكلام على عادة العرب فى ذكر امائها ومع هذا فان عيسى عليه السلام لا اب له واعتقاد هذا واجب فاذا تكرر ذكره منسوبا الى الام استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفى الأب عنه وتنزيه الام الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله تعالى كذا فى التعريف والاعلام للامام السهيلي وقال فى اسئلة الحكم سميت مريم فى القرآن باسمها لانها اقامت نفسها فى الطاعة كالرجل الكامل فذكرت باسمها كما يذكر الرجال من موسى وعيسى ونحوهما عليهم السلام وخوطبت كما خوطب الأنبياء كما قال تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ولذا قيل بنبوتها إِذِ انْتَبَذَتْ
ظرف لذلك المضاف من النبذ وهو الطرح والانتباذ افتعال منه مِنْ أَهْلِها
من قومها متعلق بانتبذت مَكاناً شَرْقِيًّا
مفعول له باعتبار ما فى ضمنه من معنى الإتيان قال الحسن ومن ثمة اتخذ النصارى المشرق قبلة كما اتخذ اليهود المغرب قبلة لان الميقات وإيتاء التوراة واقعا فى جانب الجبل الغربي كما قال تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ والمعنى حين اعتزلت وانفردت وتباعدت من قومها وأتت مكانا شرقيا من دار خالتها ايشاع زوجة زكريا فان موضعها كان المسجد فاذا حاضت تحولت الى بيت خالتها وإذا طهرت عادت الى المسجد فاحتاجت يوما الى الاغتسال وكان الوقت وقت الشتاء فجاءت الى ناحية شرقية من الدار وموضع مقابل للشمس فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ
اى أرخت من ادنى مكان أهلها قال الكاشفى [از پيش ايشان يعنى از سوى ايشان] حِجاباً
سترا تتستربه قال الكاشفى [پرده كه مانع باشد از ديدن] فبينما هى فى مغتسلها وقد تطهرت ولبست ثوبها أتاها الملك فى صورة آدمي شاب امرد وضيئ الوجه جعد الشعر وذلك قوله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
اى جبريل فانه كان روحانيا فاطلق عليه الروح للطافته مثله ولان الدين يحيى به وقال بعض الكبار جبرائيل هو الروح حقيقة باعتبار حقيقته المجردة مجازا باعتبار صورته المثالية ومن خصائص الأرواح المجردة التي من صفاتها الذاتية الحياة ومن شأنها التمثل بالصور المثالية لانها لا تمس شيأ فى حال تمثلها الا حيى ذلك الشيء وسرت منها الحياة فيه ولذا قبض
السامري قبضة تراب من اثر براق جبرائيل فنبذها فى صورة العجل المتخذة من حلى القوم فخار العجل بسراية الحياة فيه وقيل سماه روحا مجازا محبة له وتقريبا كقولك أنت روحى لمن تحب فَتَمَثَّلَ لَها
[پس متمثل شد جبريل براى مريم] يعنى فتشبه لاجلها فانتصاب قوله بَشَراً
على انه مفعول به سَوِيًّا
تام الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيأ وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقى إليها من كلماته تعالى إذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع استماع كلامه ولانه جاء للنفخ المنتج للبشر فتمثل بشرا ولو جاء على صورة الملك لجاء عيسى على صورة الروحانيين كمالا يخفى وفيه اشارة الى ان القربان بعد الطهر التام اطهر والولد اذن أنجب فافهم وفى التأويلات الروح هو نور كلمة الله التي يعبر عنها بقوله كن وانما سمى نور كلمته روحا لانه به يحيى القلوب الميتة كما قال أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الآية فتارة يعبر عن الروح بالنور وتارة يعبر عن النور بالروح كقوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية فارسل الله الى مريم نور كلمة كن فتمثل لها بشرا سويا كما تمثل نور التوحيد بحروف لا اله الا الله والذي يدل على ان عيسى من نور الكلمة قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ اى نور من لقائه فلما تمثلت الكلمة بالبشر أنكرتها مريم ولم تعرفها فاستعاذت بالله منه قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ
يا شاب ذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة فى العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هى العصمة مما دهمها قال فى الكشاف دل على عفافها وورعها انها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
تتقى الله وتبالي بالاستعاذة به وجواب الشرك محذوف ثقه بدلالة السياق عليه اى فانى عائذة به وقال الكاشفى [يعنى تومتقى ومتورعى من از تو پرهيز ميكنم و پناه بحق ميبرم فكيف كه چنين نباشى] قال الشيخ قى تفسيره وانما قالت ذلك لان التقى يتعظ بالله ويخاف والفاسق يخوف بالسلطان والمنافق يخوف بالناس كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان كنت تقيا من اهل الدين تعرف الرحمن فلا تقربنى بعوذى به وان كنت شقيا لا تعرف الرحمن فاتعوذ منك بالخلق فاجابها قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
يريد انى لست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر وانما انا رسول ربك الذي استعذت به لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً
اى لاكون سببا فى هبته بالنفخ فى الدرع زَكِيًّا
طاهرا من الذنوب ولوث الظلمة النفسانية الانسانية قالَتْ استبعادا ظاهرا اى متعجبة من حيث العادة لا مستبعدة من حيث القدرة أَنَّى يَكُونُ لِي [چكونه بود مرا] غُلامٌ كما وصف وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ اى والحال انه لم يباشرنى بالنكاح رجل فان المس كناية عن الوطئ الحلال اما الزنى فانما يقال خبث بها او فجر او زنى وانما قيل بشر مبالغة فى بيان تنزهها عن مبادى الولادة وَالحال انه لَمْ أَكُ بَغِيًّا فعول بمعنى الفاعل أصله بغويا قال الشيخ فى تفسيره ولم يقل بغية لانه وصف غالب على المؤنث كحائض اى فاجرة تبغى الرجال. وبالفارسية [زناكار وجوينده فجور] يريد نفى الوطئ مطلقا وان الولد اما من النكاح الحلال او الحرام اما الحلال فلانها لم يمسها بشر واما الحرام فلانها لم تك بغيا فاذا انتفى السببان جميعا انتفى الولد وفى التأويلات
النجمية وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قبل هذا وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ليمسسنى بشر بعد هذا بالزنى او بالنكاح لانى محررة محرم على الزوج قالَ كَذلِكِ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [يعنى چنين است كه تو ميكويى هيچ كس بنكاح وسفاح ترا مس نكرده است] فاما قالَ رَبُّكِ الذي أرسلني إليك هُوَ اى ما ذكرت من هبة الغلام من غير ان يمسك بشر أصلا عَلَيَّ خاصة هَيِّنٌ يسير وان كان مستحيلا عادة لما انى لا احتاج الى الأسباب والوسائط وفى التأويلات النجمية قالَ كَذلِكِ الذي تقولين ولكن قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ان اخلق ولدا من غير ماء منّى والد فانى أخلقه من نور كلمة كن كما قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَلِنَجْعَلَهُ اى ونفعل ذلك لنجعل وهب الغلام آيَةً لِلنَّاسِ وبرهانا يستدلون بها على كمال قدرتنا فالواو اعتراضية او لنبين به عظم قدرتنا ولنجعله إلخ وفى التأويلات النجمية آيَةً اى دلالة على قدرتى بانى قادر على ان اخلق ولدا من غير اب كما انى خلقت آدم من غيراب وأم وخلقت حواء من غير أم وَرَحْمَةً عظيمة كائنة مِنَّا عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بإرشاده وبين قوله وَرَحْمَةً مِنَّا وقوله يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ فرق عظيم وهو انه تعالى إذا ادخل عبدا فى رحمته يرحمه ويدخله الحنة ومن جعله رحمة منه يجعله متصفا بصفته وكذا بين قوله رَحْمَةً مِنَّا وقوله فى حق نبينا عليه السلام وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية وَكانَ خلقه بلا فحل أَمْراً مَقْضِيًّا قضيت به فى سابق علمى وحكمت بوقوعه لا محالة فيمتنع خلافه فلا فائدة فى الحزن وهو معنى قوله (من عرف سر الله فى القدر هانت عليه المصائب) يقول الفقير وذلك ان العلم تابع للمعلوم فكل ما يقتضيه من الأحوال فالله تعالى يظهره بحكمته وخلق عيسى عليه السلام على الصفة المذكورة كان فى الأزل بمقتضى الحكمة القديمة مقدرا فجميع الأعيان وما يتبعها من الأحوال المختلفة داخلة تحت الحكمة فمن كوشف عن سر هذا المقام هانت عليه المصائب والآلام إذ كل ما نبت فى مزرعة الوجود الخارجي فهو من بذر الحكم الأزلي على حسب تفاوت الاستعدادات كتفاوت المزارع فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه: قال الحافظ
نمى كنم كله ليكن ابر رحمت دوست
…
بكشت زار جكر تشنكان ندادنمى
اى لا اشتكى من هذا المعنى فانه من مقتضى ذاتى: وقال
درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى
…
چنانكه پرورشم ميدهند وميرويم
اى لا تثريب علىّ فى هذا المعنى فانه من قضاء الله تعالى قال الامام ابو القاسم القشيري قدس سره سمعت أستاذ أبا على الدقاق يقول فى آخر همره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله هو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت شاكر حامد انتهى فقصة مريم من جملة احكام الله تعالى ولذا عرفت الحال لانها كانت صديقة وصبرت على
أذى القوم وشماتتهم وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالواجب على العبد الحمد على البلية لما تضمنته من النعمة فان فقد فالصبر وكلاهما من طريق العبودية وإذا وقف مع الجزع المستفاد من وجود الشفقة على نفسه فهو من غلبة الهوى قال احمد بن حضرويه قدس سره الطريق واضح والدليل لائح والداعي قد اسمع فما التحير بعد هذا الا من العمى وفى الحديث خطابا لابن عباس رضى الله عنهما (ان استطعت ان تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل والا ففى الصبر على ما تكره خير كثير) قال فى شرح الحكم العطائية ثم إذا تأملت ظهر لك ان التحقق بالمعرفة منطو فى وجود البلايا إذ ليست المعرفة الا بتحقق أوصافه تعالى حتى يفنى فى أوصافه كل شىء من وجودك فلا يبقى لك عز مع عزه ولا غنى مع غناه ولا قدرة مع قدرته ولا قوة مع قوته وهذا يتحقق لك بوجود البلية إذ هى مشعرة بقهر الربوبية فافهم هذا وفقنا الله وإياكم للتحقق بحقيقة الحال والتمكن فى مقام الصبر والحمد على جميع الأحوال: وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد
…
كميايى همچوصبر آدم نديد «1»
وذلك لان بالبلاء تحترق الأوصاف الرديئة الخلقية وبالصبر يحصل الأخلاق الالهية والصفات الحقية فَحَمَلَتْهُ قال ابن عباس رضى الله عنهما فاطمأنت مريم الى قول جبريل فدنا منها فنفخ فى جيب درعها فوصلت النفخة الى بطنها فحملت عيسى عقيب النفخ يقول الفقير وصول النفخ الى الجوف لا يحتاج الى منفذ من المنافذ كالفم ونحوه ألا ترى ان الروح حين دخل جسد آدم دخل من اليافوخ وهو وسط الرأس إذا اشتد وقبل اشتداده كما فى رأس الطفل يقال له الفادية بالفاء ثم نزل الى العينين ثم الى الفم ثم الى سائر الأعضاء واعلم ان لعيسى عليه السلام جهة جسمانية وجهة روحانية واحدية جمع للجهتين فاذا نظر الى جهة الجسمانية يظن انه تكون من ماء مريم وإذا نظر الى جهة الروحانية وآثارها من احياء الموتى وخلق الطير من الطين يحكم انه من نفخ جبريل وإذا نظر الى احدية جمعها يقال انه تكون منهما فالتحقيق ان الملك لما تمثل لها بشرا سويا نزل الماء منها الى الرحم لشدة اللذة بالنظر اليه فتكون عيسى من ذلك الماء المتولد عن النفخ الموجب للذة منها فهو من ماء امه فقط خلافا للطبيعيين فانهم ينكرون وجود الولد من ماء أحد الزوجين دون الآخر فان قلت قد ثبت ان ماء الرجل يكون منه العظم والعصب وماء المرأة يكون منه اللحم والدم فكيف جاء عيسى مركبا من هذه الاجزاء قلت خروجه على الصورة البشرية كامل الاجزاء انما هو من أجل امه لان ماءها محقق ومن أجل تمثل جبريل فى صورة البشر فانه انما مثل فى صورة البشر حتى لا يقع التكوين فى هذا النوع الإنساني الا على الحكم المعتاد الذي جرت به العادة غالبا وهو تولده من شخصين إنسانين وقد توهمت فى النفخ الماء فحصل الماء المتوهم ايضا ووجود بعض الأشياء قد يترتب على توهمه كترتب السقوط عن الجذع على توهمه ولاجل تكونه من نفخ جبريل طالت إقامته فى صورة البشر لان للارواح صفة البقاء- روى- ان مولد عيسى عليه السلام كان قبل مولد نبينا عليه السلام بخسمائة وخمس وخمسين سنة وقد بقي بعد
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام إلخ
وسينزل ويدعو الناس الى دين نبينا عليه السلام قال بعض الكبار لو لم يتمثل جبريل عند النفخ بالصورة البشرية لظهور عيسى على صورة الروحانيين ولو نفخ فيها وقت الاستعاذة على الحالة التي كانت عليها من تحرّج صدرها وضجرها لتخيلها انه بشر يريد مواقعتها على وجه لا يجوز فى الشرائع لخرج عيسى بحيث لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه اى رداءته لسراية حال امه فيه لان الولد انما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين من المعاني النفسانية والصور الجسمانية نقل فى الاخبار ان امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية فلما سئلت عنها أخبرت انها رأت حية عند المواقعة وان امرأة ولدت ولدا له أعين اربع ورجلاء كرجل الدب وكانت قبطية جامعها زوجها وهى ناظرة الى دبين كانا عند زوجها فلما قال لها جبريل (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ)
جئت من عنده (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)
انبسطت عن ذلك القبض لما عرفت انه مرسل إليها من عند ربها وانشرح صدرها لما تذكرت بشارة ربها إياها بعيسى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فنفخ فيها فى حين الانبساط والانشراح فخرج عيسى منبسطا منشرح الصدر لسراية حال امه فيه. ولذا قالوا يتفكر عند الجماع الأقوياء ويمثل بين عينيه صورة رجل على احسن خلقة وأقوم جثة وأفضل خلق وأكمل حال قالوا حملته وسنها وقتئذ ثلاث عشرة سنة وقد حاضت حيضتين قبل ان تحمل. واختلف فى مدة حملها كما اختلف فى مدة حمل آمنة والدة النبي عليه السلام ففى رواية عن ابن عباس كانت مدة الحمل والولادة ساعة واحدة وجعله بعضهم أصح لان عيسى كان مبدعا ولم يكن من نطفة يدور فى أدوار الخلقة ويؤيده عطف قوله (فَانْتَبَذَتْ بِهِ) بالفاء التعقيبية يقول الفقير القول بان مثل هذه الفاء قد يدل على ترتيب الحكم وعدم تكونه من نطفة ظاهر البطلان لانه من ماء محقق وماء متوهم كما سبق وكونه من المبدعات بلا سبب ظاهر لا يستلزم ان يكون جميع أحواله بطريق خرق العادة وفى رواية اخرى عنه كانت تسعة أشهر كحمل اكثر النساء إذ لو كان اقل لذكر هاهنا فى جملة مدائحا وقيل ثمانية ولم يعش مولود وضع لثمانية الا عيسى وكان ذلك آية اخرى قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون معلولا لا ينتفع بنفسه وذلك لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت فَانْتَبَذَتْ بِهِ الباء للملابسة والجار والمجرور فى حيز النصب على الحالية اى فاعتزلت ملتبسة به اى وهو فى بطنها كقوله تنبت بالدهن اى تنبت ودهنها فيها مَكاناً قَصِيًّا مفعول انتبذت على تضمين معنى الإتيان كما سبق اى أتت مكانا بعيدا من أهلها قال الكاشفى
[مكانى دور ز شهر ايليا كويند بكوهى رفت در جانب شرقى از شهر يا بوادي بيت لحم كه شش ميل دور بود از ايليا] وعن انس رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث الاسراء (فقال لى جبريل انزل فصلى فصليت فقال أتدري اين صليت صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ابن مريم) وهو حديث صحيح او حسن رواه النسائي والبيهقي فى دلائل النبوة او أقصى الدار وهو الأنسب لقصر مدة الحمل كما فى الإرشاد وقال فى قصص الأنبياء لما دنت ولادة مريم خرجت فى جوف الليل من منزل زكريا الى خارج بيت المقدس وأحبت ان لا يعلم بها زكريا ولا غيره فَأَجاءَهَا تعدية جاء بالهمزة اى جاء بها واضطرها الْمَخاضُ وجع الولادة. وبالفارسية [درد زادن] يقال مخضت المرأة إذا تحرك الولد فى بطنها للخروج إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة إذ لم تكن لها قابلة تعينها وقال فى القصص رأت نخلة يابسة فى جوف الليل فجلست عند أصلها وفى التأويلات النجمية فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لاظهار المعجزة فى الجذع انتهى والجذع ما بين العرق والغصن اى أسفلها مادون الرأس الذي عليه الثمر وكانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا خضرة وكان الوقت شتاء ولعله تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياته ما يسكن روعتها فان النخلة اليابسة التي لا رأس لها قد أثمرت فى الشتاء وهى اقل شىء صبرا على البرد وثمرها انما هو من جمارها بعد اللقاح والجمار رأس النخلة وهو شىء ابيض لين وليطعمها الرطب الذي هو خرست النفساء الموافقة لها والخرسة بالتاء طعام النفساء وبدونها طعام الولادة قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ [كفت كاشكى من مردمى] وهو بكسر الميم من مات يمات كخفت وقرئ بصمها من مات يموت قَبْلَ هذا اليوم او هذا الأمر كما فى الجلالين وانما قالته مع انها كانت تعلم ما جرى بينهما وبين جبريل من الوعد الكريم استحياء من الناس على حكم العادة البشرية لا كراهة لحكم الله وخوفا من ملامتهم وحذرا من وقوع الناس فى المعصية بما تكلموا فيها او جريا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم كما روى عن عمر رضى الله عنه انه أخذ تبنة من الأرض فقال يا ليتنى هذه التبنة ولم أكن شيأ وعن بلال له قال ليت بلالا لم تلده امه
فقولى تارة يا رب زدنى
…
واخرى ليت أمي لم تلدنى
وفى التأويلات النجمية قَبْلَ هذا اى قبل هذا الحمل فانه بسبب حملى وولدي يدخل الله النار خلقا عظيما لان بعضهم يتهمنى بالزنى وبعضهم يتهم ولدي بابن الله وَكُنْتُ [وبودمى] نَسْياً شيأ حقيرا شانه ان ينسى ولا يعتد به أصلا مَنْسِيًّا لا يخطر ببال أحد من الناس وهو نعت للمبالغة وفى التأويلات نَسْياً مَنْسِيًّا فى العدم لا يذكرنى الله بالإيجاد وقال الكاشفى [يعنى هيچكس مرا ندانستى واز من حساب نداشتى وحال آنكه همه اخبار بيت المقدس مرا مى شناسند كه دختر امام ايشانم در كفالت زكريا بوده ام وهنوز بكارت من زائل نشده وشوهرى نكرده ام واكنون فرزند مى زايم واز خجالت آن حال نمى دانم چهـ كنم]
هر چند بر وى كار در مينكرم
…
محنت زده چوخود نمى بينم من
فَناداها اى جبرائيل حين سمع جزعها لان عيسى لم يتكلم حتى أتت به قومها
مِنْ تَحْتِها من مكان أسفل منها تحت الاكمة وقال فى القصص من تحت النخلة وفى الاسئلة المقحمة قرئ بفتح الميم يعنى به عيسى لما خرج من البطن ناداها أَلَّا تَحْزَنِي ان مفسرة بمعنى اى لا تحزنى بولادة عيسى وبمكان القحط [وتمناى مرك مكن] او مصدرية على حذف الباء تقديره بان لا تحزنى. والجزن غم يلحق لوقوعه من فوات نافع او حصول ضار قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ اى فى مكان أسفل منك سَرِيًّا نهرا صغيرا على ما فسره النبي عليه السلام قال ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولا وقال بعض ارباب الحقيقة انبأ عيسى عن نبوته فى المهد بقوله آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وفى بطن امه بقوله أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا اى سيدا على القوم بالنبوة انتهى فيكون من السرو وهو السؤدد وَهُزِّي هز الشيء تحريكه الى الجهات المتقابلة تحريكا عنيفا متداركا والمراد هاهنا ما كان منه بطريق الجذب والدفع لقوله إِلَيْكِ اى الى جهتك بِجِذْعِ النَّخْلَةِ الباء صلة للتأكيد كما فى قوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قال الفراء تقول العرب هزه وهزبه تُساقِطْ اى تسقط النخلة عَلَيْكِ اسقاطا متواترا حسب تواتر الهز رُطَباً [خرماى تازه] جَنِيًّا وهو ما قطع قبل يبسه فعيل بمعنى مفعول اى رطبا مجنيا اى صالحا للاجتناء قد بلغ الغاية قال فى الاسئلة المقحمة كيف أمرها بهز النخلة هاهنا وقبل ذلك كان زكريا يجد رزقها فى المحراب فالجواب انها فى حالة الطفولية كانت بلا علاقة أوجبت العناء والمشقة وقال فى اسئلة الحكم ما الحكمة فى أمرها بالهز قيل لانها تعجبت من ولد بغير أب فاراها الرطب من نخل يابس آية منه تعالى كيلا تتعجب منه. واما سر كون الآية فى النخلة فلانها خلقت من طينة آدم وفيها نسبة معنوية لحقيقة الانسانية دون غيرها لعدم حصولها بغير زوج ذكر يسمى بالتأبير وقال لم اجرى الله النهر بغير سعى مريم ولم يعطها الرطب الا بسعيها قيل لان الرطب غذاء وشهوة والماء سبب للطهارة والخدمة وقيل ثمرة الرطب صورة العمل الكسبي والماء صورة سر الفيض الإلهي فاجرى كل شىء فى منزله ومقامه لان كل كرامة صورة عمل السالك إذا تحقق وتخلق به وقيل جرت عادة الله تعالى فى الرطب بأسباب التعمل كالغرس والسقي والتأبير والماء ليس له سبب ارضى بل هو وهبى سماوى ولذا اجرى النهر لمريم بغير سبب فَكُلِي من ذلك الرطب وَاشْرَبِي من ماء السرى وكان ذلك إرهاصا لعيسى او كرامة لامه وليس بمعجزة لفقد شرطها وهو التحدي كما فى بحر العلوم قال الامام فى تفسيره قدم الاكل لان حاجتها اليه أشد من حاجتها الى الماء لكثرة ما سال منها من الدماء فان قيل مضرة الخوف أشد لانه الم الروح والجوع والعطش الم البدن ونقل انه اجيع شاة ثم قدم إليها العلف وربط عندها ذئب فلم تأكل ثم ابعد الذئب وكسر رجلها فتناولت فدل على ان الم الخوف أشد فلم اخر الله سبحانه دفع ضرره قلنا كان الخوف قليلا لبشارة جبريل فلم يحتج الى التذكير مرة اخرى انتهى. قالوا التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك وهو بالفارسية [كام كودك بماليدن] يقال حنك الصبى مضغ تمرا او غيره فدلكه بحنكه وقالوا كان من
العجوة وهى بالحجاز أم التمر كما فى القاموس وفى الحديث (إذا ولدت امرأة فليكن أول ما تأكل الرطب فان لم يكن رطب فتمر فأنه لو كان شىء أفضل منه لا طعمه الله تعالى مريم بنت عمران حين ولدت عيسى) قال الربيع بن خيثم ما للنفساء عندى خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وَقَرِّي عَيْناً وطيبى نفسا وارفضى عنها ما أحزنك وأهمك فان الله تعالى قد نزه ساحتك بالخوارق من جرى النهر واخضرار النخلة اليابسة وأثمارها قبل وقتها لانهم إذا رأوا ذلك لم يستبعدوا ولادة ولد بلا فحل واشتقاقه من القرار فان العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت اليه من النظر الى غيره يقال أقر الله عينيك اى صادف فؤادك ما يرضيك فيقر عينك من النظر الى غيره قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة ويضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها أو رأت ما كانت متشوفة اليه انتهى او من القر بالضم وهو البرد فان
دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ولذلك يقال قرة العين وسخنة العين للمحبوب والمكروه وقال الكاشفى [وقرى عينا وروشن ساز چشم را بفرزند يا خود بسبز شدن درخت وبر دادن او كه مناسبت با حال تو دارد چهـ آنكه قادر است بر اظهار خرما از درخت يابس قدرت دارد بر إيجاد ولد از مادر بي پدر وحق سبحانه ملائكه فرستاد تا بكرد مريم در آمدند و چون عيسى عليه السلام متولد شد او را فرا كرفته بشستند ودر حرير بهشت پيچيده در كنار مريم نهادند] قالوا ما من مولود يستهل غيره [وندا رسيد] فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً اى فان ترى آدميا كائنا من كان وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وهى بمنزلة لام القسم فى انها إذا دخلت على الفعل دخلت معها النون المؤكدة فَقُولِي له ان استنطقك اى سألك على ولدك [يعنى پرسند اين فرزند از كجاست] ولامك عليه إِنِّي نَذَرْتُ أوجبت على نفسى لِلرَّحْمنِ صَوْماً اى صمتا او صياما وكان صيام المجتهدين من بنى إسرائيل بالإمساك عن الطعام والكلام حتى يمسى وقد نسخ فى هذه الامة لانه عليه السلام نهى عن صوم الصمت قال فى أبكار الاذكار السكوت فى وقته صفة الرجال كما ان النطق فى موضعه شرف الخصال
اگر چهـ پيش خرمند خامشى ادبست
…
بوقت مصلحت آن به كه در سخن كوشى
دو چيز طيره عقلست دم فرو بستن
…
بوقت كفتن وكفتن بوقت خاموشى
واما إيثار اصحاب المجاهدة السكوت فلعلمهم بما فى الكلام من حظ النفس واظهار صفات المدح والميل الى حسن النطق فاما صمت الجاهلية فمنهى عنه كما ورد لايتم بعد الاحتلام ولا صمات يوم الى الليل فكان اهل الجاهلية من نسكهم اعتكاف يوم وليلة بالصمات فنهوا فى الإسلام عن ذلك وأمروا بالحديث بالخير والذكر يقول الفقيران المنهي عنه هو السكوت مطلقا. واما السكوت عن كلام الناس مع ملازمة الذكر فمقبول بل مأمور به ولذا جعل دوام السكوت أحد الشرائط الثمان فصحة الانقطاع وفائدة السلوك انما تحصل به وباخواته فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا [پس سخن نخواهم كفت امروز با هيچ آدمي بلكه با ملائكه وبا حق سخن ميكويم ومناجات ميكنم] أمرت بان تخبر بنذرها بالاشارة فالمعنى قولى ذلك بالاشارة لا باللفظ قال الفراء العرب تسمى كل وصل الى الإنسان كلاما بأى طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر
فاذا أكد لم يكن الا حقيقة الكلام وانما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم والاكتفاء بكلام عيسى انه قاطع لطعن الطاعن والرائب فى براءة ساحتها وذلك ان الله تعالى أراد ان يظهر براءتها من جهة عيسى فتكلم ببراءة امه وهو فى المهد وفيه ان السكوت عن السفيه واجب ومن أذل الناس سفيه لم يجد مسافها: قال الصائب
در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ
…
داد جواب مردم نادان چهـ لازمست
وقال
با كران جانان مكو حرف كران تا نشنوى
…
كوه در رد صدا بي اختيار افتاده است
ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض سورة السفيه تكسرها الحلماء والنار المضطرمة يطفئها الماء يعنى ان سورة السفيه كالنار المضطرمة ولا يطفأها الا الحلم كما لا يطفئ النار الا الماء والنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله وفى الآية اشارة الى الصوم عن الالتفات لغير الله تعالى كما قال بعض الكبار الدنيا يوم ولنا فيه صوم ولا يكون إفطاره الا على مشاهدة الجمال فعلى السالك ان ينقطع عن عالم الناسوت ويقطع لسانه عن غير ذكر اللاهوت حتى يحصل قطع الطريق والوصول الى منزل التحقيق وكما ان مريم هزت النخلة فاسقطت عليها رطبا جنيا فكذا مريم القلب إذا هزت بنخلة الذكر وهى كلمة «لا اله الا الله» تسقط عليها من المشاهدات الربانية والمكاشفات الإلهية ما به يحصل التمتعات التي هى مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اللهم اجعلنا من الذين كوشفوا عن وجه حقيقة الحال ووصلوا الى تجليات الجمال والجلال فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها والباء بمعنى مع اى جاءتهم مع ولدها راجعة إليهم عند ما طهرت من نفاسها وجعلها الكاشفى للتعدية حيث قال [پس آورد مريم عيسى را] وعن ابن عباس رضى الله عنهما انها خرجت من عندهم حين شرقت الشمس وجاءتهم عند الظهر ومعها صبى تَحْمِلُهُ فى موقع الحال اى حاملة له- روى- ان زكريا افتقد مريم فلم يجدها فى محرابها فاغتم غما شديدا وقال لابن خالها يوسف اخرج فى طلبها فخرج يقص اثرها حتى لقيها تحت النخلة فلما رجعت الى قومها وهم اهل بيت صالحون وزكريا جالس معهم بكوا وحزنوا ثم قالُوا موبخين لها يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً على حذف الباء من شيأ ومآله فعلت شيأ فَرِيًّا اى عظيما بديعا منكرا مقطوعا بكذبه من فرى الجلد إذا قطعه. والفرية بالكسر الكذب والفري الأمر المختلق المصنوع او العظيم وهو يفرى الفري يأتى بالعجب فى عمله. وفى الاخترى انه من الاضداد يجئ بمعنى الأمر الصالح والسيئ قال الكاشفى [چيزى شكفت يا زشت كه در ميان اهل بيت مثل اين واقع نبوده] يا أُخْتَ هارُونَ روى عن النبي عليه السلام انهم انما عنوا به هارون النبي السلام وكانت من أعقاب من كان معه فى مرتبة الاخوة وذلك بان تكون من اخت هارون او أخيه وكان بينها وبينه الف وثمانمائة سنة وقيل كان هارون أخاها من أبيها وكان رجلا صالحا وقيل هو أخو موسى نسبت اليه بالاخوة لانها من ولده كما يقال يا أخا العرب اى يا واحدا منهم
ما كانَ أَبُوكِ عمران امْرَأَ سَوْءٍ المرء مع الف الوصل الإنسان او الرجل ولا يجمع من لفظه كما فى القاموس. وسوء بفتح السين وباضافة امرأ اليه وهى اكثر استعمالا من الصفة والمعنى ما كان عمران زانيا قاله ابن عباس رضى الله عنهما قال الكاشفى [نبود پدر تو عمران مردى بد بلكه مردى كه مسجد أقصى را اشرف أحبار بود] وَما كانَتْ أُمُّكِ حنة بنت؟؟ ناقوذ؟؟ بَغِيًّا زانية فمن اين لك هذا الولد من غير زوج وهو تقرير لكون ما جاءت به فريا منكرا وتنبيه على ان ارتكاب الفواحش من أولاد الصالحين افحش واعلم ان المعتاد من اهل الزمان إذا اظهر الله فى كل زمان نبيا او وليا يخصه بمعجزة او كرامة ان ينكر عليه أكثرهم وينسبوه الى الجنون والضلالة والافتراء والكذب والسحر وأمثالها واما الأقلون فيعرفون ان من سافر عن منزل الجمهور فانه يرجع عن سفره ومعه من العلوم الغريبة والأحوال العجيبة ما لم يألف بها العقول ولم يشاهدها الانظار فلا يرجعون بالرد عليه بل بالاعتقاد: وفى المثنوى
مغز را خالى كن از انكار يار
…
تا كه ريحان يابد از كلزار يار «1»
تا بيابى بوى خلد از يار من
…
چون محمد بوى رحمان از يمن
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ اى الى عيسى ان كلموه ليجيبكم ويكون كلامه حجة لى والظاهر انها حينئذ بينت نذرها وانها بمعزل عن محاورة الانس قالُوا منكرين لجوابها كَيْفَ نُكَلِّمُ نحدث مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ [در كهواره يعنى در خور كهواره] صَبِيًّا ولم نعهد فيما سلف صبيا رضيعا فى الحجر يكلمه عاقل لانه لا قدرة له على فهم الخطاب ورد الجواب وكان لا يقاع مضمون الجملة فى زمان ماض مبهم صالح لقريبه وبعيده وهو هاهنا لقريبه خاصة بدليل انه مسوق للتعجب او زائدة والظرف صلة من وصبيا حال من المستكن فيه او تامة او دائمة كما فى قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً يقول الفقير الظاهر ان كان لتحقيق صباوته فان الماضي دال على التحقق قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك فقيل قال عيسى بلسان فصيح إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أقر على نفسه بالعبودية أول ما تكلم ردا على من يزعم ربوبيته من النصارى وازالة للتهمة عن الله مع إفادة ازالة تهمة الزنى عن امه لانه تعالى لا يخص الفاجرة بولد مثله قال الجنيد لست بعبد سوء ولا عبد طمع ولا عبد شهوة وفيه اشارة الى ان أفضل اسماء البشرية العبودية يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال عبد الله فوق عبد الرحمن وهو فوق عبد الرحيم وهو فوق عبد الكريم ولذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وكذا عبد الحي وعبد الحق أعلى الأسماء وامثلها لان بعض الأسماء الالهية يدل على الذات وبعضها على الصفات وبعضها على الافعال والاولى ارفع من الثانية وهى من الثالثة قيل كان المستنطق لعيسى زكريا وقد أكرم الله تعالى اربعة من الصبيان باربعة أشياء يوسف بالوحى فى الجب وعيسى بالنطق فى المهد وسليمان بالفهم ويحيى بالحكمة فى الصباوة واما الفضيلة العظمى والآية الكبرى ان الله تعالى أكرم سيد المرسلين عليه وعليهم السلام فى الصباوة بالسجدة عند الولادة بانه رسول الله وشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرم بالنبوة فى عالم الأرواح قبل الولادة والصباوة وكفى بذلك اختصاصا وتفضيلا
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان اين تفسير حديث كه اهل بيتي كمثل سفينه نوح إلخ
شمسه نه مسند وهفت اختران
…
ختم رسل خواجه پيغمبران
آتانِيَ الْكِتابَ الإنجيل وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مع ذلك مُبارَكاً نفاعا معلما للخير اخبر عما يكون لا محالة بصيغة الماضي والجمهور على ان عيسى آتاه الله الإنجيل والنبوة فى الطفولية وكان يعقل عقل الرجال كما فى بحر العلوم يقول الفقير المشهور انه اوحى الله اليه بعد الثلاثين فتكون رسالته متأخرة عن نبوته أَيْنَ ما كُنْتُ حيثما كنت فانه لا يتقيد باين دون اين وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ اى أمرني بها امرا مؤكدا وَالزَّكاةِ اى زكاة المال ملكية يقول الفقير الظاهر ان ايصاءه بها لا يستلزم غناه بل هى بالنسبة الى اغنياء أمته وعموم الخطابات الالهية منسوب الى الأنبياء تهييجا للامة على الائتمار والانتهاء ما دُمْتُ حَيًّا فى الدنيا قال فى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان العبد مادام حيا لا يسقط عنه التكاليف والعبادات الظاهرة فالقول بسقوطها كما نقل عن بعض الإباحيين كفر وضلال وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه مادام العبد حيا لا بد من مراقبة السر واقامة العبودية وتزكية النفس يقول الفقير اقامة التكاليف عبودية وهى اما للتزكية كالمبتدئين واما للشكر كالمنتهين وكلا الامرين لا يسقط مادام العبد حيا بالغا فاذا تغير حاله بالجنون ونحوه فقد عذر وَبَرًّا [مهربان] بِوالِدَتِي عطف على مباركا اى جعلنى بارا بها محسنا لطيفا وهو اشارة الى انه بلا فحل وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً متكبرا. وبالفارسية [كردنكشى متعظم كه خلق را تكبر كنم وانسان را برنجانم] شَقِيًّا عاصيا لربه وَالسَّلامُ عَلَيَّ [سلام خداى بر منست] يَوْمَ وُلِدْتُ بلا والد طبيعى اى من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من شدائد الموت وما بعده وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا حال اى من هول القيامة وعذاب النار كما هو على يحيى يعنى السلامة من الله وجهت الىّ كما وجهت الى يحيى فى هذه الأحوال الثلاثة العظام على ان التعريف للعهد والأظهر على انه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه فان اثبات جنس السلام لنفسه تعريض لاثبات ضده لاضداده كما فى قوله تعالى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فانه تعريض بان العذاب على من كذب وتولى فلما كلمهم عيسى بهذا الكلام أيقنوا ببراءة امه وانها من اهل العصمة والبعد من الريبة ولم يتكلم بعد حتى بلغ سن الكلام قال فى الاسئلة المقحمة قوله يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يدل على ان لا حياة فى القبر لانه ذكر حياة واحدة والجواب انه أراد بها الدائمة الباقية بخلاف حياة القبر انتهى يقول الفقير لا شك ان حياة البرزخ على النصف من حياة يوم البعث فان الاولى حياة الروح فقط والثانية حياة الروح والجسد معا وهى المرادة هاهنا ولا انقطاع لحياة الأرواح مذخلقت من الابديات فاقهم ثم انه نكر فى سلام يحيى وعرف فى سلام عيسى لان الاول من الله والقليل منه كثير قال. بعضهم قليلك لا يقال له قليل ولهذا قرأ الحسن اهدنا صراطا مستقيما اى نحن راضون بالقليل كذا فى برهان القرآن قال شيخى وسندى فى كتاب البرقيات له قدس سره انما اتى بطريق الغيبة فى حق يحيى عليه السلام وبطريق الحكاية فى حق عيسى عليه السلام لان كلا منهما اهل الحقيقة والفناء والكمال الجامع بين الجلال والجمال واهل الشريعة والبقاء والجلال والجمال مندرجون
تحت حيطة الكمال الا ان الميل الاستعدادي الأزلي الى جانب الحقيقة والفناء وكمال الجلال غالب فى جمعية يحيى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ليست اختيارية بل اضطرارية ازلية حاصلة باستيلاء سلطنة الحقيقة والفناء وكمال الحلال على قلبه وهذا الميل الى جانب الشريعة والبقاء جمال غالب فى جمعية عيسى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ايضا ليست اختيارية بل اضطرارية حاصلة باستيلاء دولة الشريعة والبقاء وجمال الكمال على قلبه ومقتضى الغلبة اليحياوية السكوت وترك النطق ولذا كان المتكلم فى بيان أحواله هو الله تعالى واتى بطريق الغيبة لانفسه وهو من قبيل من عرف كل لسانه لغلبة الفناء على البقاء وكل من كل لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب يحيى ومقتضى الغلبة العيسوية النطق وترك السكوت ولذا كان المتكلم فى بيان احوال نفسه واتى بطريق الحكاية دون الله تعالى وهو من قبيل من عرف الله طال لسانه لغلبة البقاء على الفناء وكل من طال
لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب عيسى عليه السلام وحال كل منهما بقضاء الله ورضاه وهما مشتركان فى الجمعية الكبرى مجتمعان فى ميل الاهلية العظمى ومنفردان فى غلبة العليا بان تكون غلبة ميل يحيى عليه السلام الى الفناء وغلبة ميل عيسى عليه السلام الى البقاء ولو اجتمعا فى تلك الغلبة ايضا لما امتاز حال أحدهما عن الآخرة بل يكون عبثا نوعا تعالى الله عن العبث ولذا لم يتجل لاحد بعين ما يتجلى به لغيره بل انما يتجلى لكل متجل له بوجه آخر ولهذه الحكمة كان الجلال غالبا فى قلب يحيى والجمال غالبا فى قلب عيسى عليه السلام حتى يكون التجلي لكل منهما بوجه آخر مع احدية أصله ويوجد بينهما فرق بعد الجمع وكل من ورث هذا المقام بعدهما الى يوم القيامة من اولياء الله الكرام يقول الله له بطريق الفيض والإلهام السلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهو من قبيل مبشراتهم الدنيوية التي أشير إليها بقوله تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
الا انهم يكتمون أمثاله لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة لهم بعلم غيرهم واما الأنبياء عليهم السلام فهم يخبرون بسلامتهم لكونهم شارعين فلا بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل انتهى قال فى اسئلة الحكم اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقامهما حيث قال (ان عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى كأنك قد امنت مكر الله وقال عيسى ليحيى كأنك قد أيست من فضل الله ورحمت فاوحى الله تعالى إليهما ان احبكما الىّ احسنكما ظنابى) وكان عاقبة امره فى مقام الجلال ان قتل فلم يزل فائرا دمه حتى قتل من اجله سبعون الفا قصاصا منه فسكن فورانه وكان عاقبة امر عيسى فى مقام البسط والجمال ان رفع الى السماء اى الى الملأ الأعلى من مظاهر الجمال فكلاهما فى مقامهما فائزان كاملان انتهى وفى التأويلات النجمية قوله (وَيَوْمَ أَمُوتُ) فيه اشارة الى ان عيسى المعنى المتولد من نفخ الحق فى القلب قابل الموت بسم غلبات صفات النفس والمعاملات المنتجة منها لئلا يغتر الواصل بانه إذا حى بحياة لا يموت المعنى الذي فى قلبه يقول الفقير
اى بسازنده بمرده مغرور
…
شده از دائره زندگى دور
كشت بروى متغير حالش
…
زهر شد جمله فيض بالش
ماند دوعين قفا صورت او
…
كر چهـ در صورت ظاهر شده رو
در پى نفس بدش هر كه دويد
…
تا نبندار كه سر منزل ديد
قال فى التكملة ولد عيسى عليه السلام فى ايام ملوك الطوائف لمعنى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على ارض بابل وقيل لاكثر من ذلك وكان حمل مريم به وهى ابنة ثلاث عشرة سنة ونبئ عيسى وهو ابن ثلاثين سنة ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت مريم بعده ست سنين وخرجت به امه من الشام الى مصر وهو صغير خوفا عليه من هيردوس الملك وذلك ان ملك فارس علم بمولده لطلوع نجمه فوجه له هدايا من الذهب والمر واللبان فاتت رسله بالهدايا حتى دخلت على هيردوس فسألوه عنه فلم يعلم به فاخبروه بخبره وبانه يكون نبيا واخبروه بالهدايا فقال لهم لم اهديتم الذهب قالوا لانه سيد المتاع وهو سيد اهل زمانه قال لهم ولم اهديتم المر قالوا لانه يجبر الجرح والكسر وهو يشفى السقام والعلل قال ولم اهديتم اللبان قالوا لانه يصعد دخانه الى السماء وكذلك هو يرفع الى السماء فخافه هيردوس وقال لهم إذا عرفتم مكانه فعرفونى به فانى راغب فيما رغبتم فيه فلما وجدوه دفعوا الهدايا لمريم وأرادوا الرجوع الى هيردوس فبعث الله لهم ملكا وقال لهم انه يريد قتله فرجعوا ولم يلقوا هيردوس وامر الله مريم ان ينتقل به الى مصر ومعها يوسف بن يعقوب النجار فسكنت به فى مصر حتى كان ابن اثنتي عشرة سنة ومات هيردوس فرجعت الى الشام انتهى- روى- ان مريم سلمت عيسى الى معلمه فعلمه ابجد فقال عيسى أتدري ما «ابجد» قال لا فقال اما الالف فآلاء الله والباء بهاء الله والجيم جلال الله والدال دين الله فقال المعلم أحسنت فما «هوز» فقال الهاء هو الله الذي لا اله الا هو والواو ويل للمكذبين والزاى زبانية جهنم أعدت للكافرين فقال المعلم أحسنت فما «حطى» قال الحاء حطة الخطايا عن المذنبين والطاء شجرة طوبى والياء يد الله على خلقه فقال أحسنت فما «كلمن» قال الكاف كلام الله واللام لقاء اهل الجنة بعضهم بعضا والميم ملك الله والنون نور الله فقال أحسنت فما «سعفص» قال السين سناء الله والعين علم الله والفاء فعله فى خلقه والصاد صدقه فى أقواله فقال أحسنت فما «قرشت» قال القاف قدرة الله والراء ربوبيته والشين مشيئته والتاء تعالى الله عما يشركون فقال له المعلم أحسنت ثم قال لمريم خذى ولدك وانصرفي فانه علمنى ما لم أكن أعرفه كذا فى قصص الأنبياء قيل هذه الكلمات وهى ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت وثخذ وضظغ اسماء ثمانية ملوك فيما تقدم. وقيل هى اسماء ثمانية من الفلاسفة. وقيل هذه الكلمات وضعها اليونانيون لضبط الاعداد وتمييز مراتبها كذا فى شرح التقويم وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد أول من وضع الخط العربي واقامه وصنع حرفه واقسامه ستة اشخاص من طسم كانوا نزولا عند عدنان بن داود وكانت اسماؤهم ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت ووضعوا الكتابة والخط على اسمائهم فلما وجدوا فى الألفاظ حروفا ليست فى
اسمائهم ألحقوها بها وسموها الروادف وهى الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين على حسب ما يلحق حروف الجمل هذا تلخيص ما قيل فى ذلك وقيل غيره انتهى ذلِكَ الذي فصلت نعوته الجليلة عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفا باضداد ما يصفونه ثم عكس على الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قول الثابت والصدق وهو بالنصب على انه مصدر مؤكد لقال انى عبد الله إلخ وقوله ذلك عيسى ابن مريم اعتراض الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ اى يشكون فان المرية الشك فيقولون هو ابن الله ما كانَ لِلَّهِ ما صح وما استقام له تعالى أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ اى ولدا وجاء بمن لتأكيد النفي العام وفى التأويلات النجمية اى جزأ فان الولد جزؤ الوالد كما قال عليه السلام (فاطمة بضعة منى سُبْحانَهُ اى تنزه وتعالى تنزيها عن بهتان النصارى لانه ليس للقديم جنس إذ لا جنس له ولذلك قالوا لا فضل له إِذا قَضى أَمْراً اى أراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قال لعيسى كن فكان من غيراب والقول هاهنا مجاز عن سرعة الإيجاد. والمعنى انه تعالى إذا أراد تكوين الأشياء لم تمتنع عليه ووجدت كما أرادها على الفور من غير تأخير فى ذلك كالمأمور المطيع الذي إذا ورد عليه امر الآمر المطاع كان المأمور به مفعولا لا حبس ولا إبطاء وهو المجاز الذي يسمى التمثيل وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ من تمام كلام عيسى عطف على قوله (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) داخل تحت القول هذا الذي ذكرته من التوحيد صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بمعنى الجماعة مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين الناس المخاطبين بقوله (رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) وهم القوم المبعوث إليهم فقالت النسطورية هو ابن الله واليعقوبية هو الله هبط الى الأرض ثم صعد الى السماء وقالت الملكانية هو عبد الله ونبيه وفى التأويلات النجمية اى تحزبوا ثلاث فرق فرقة يعبدون الله بالسير على قدمى الشريعة والطريقة بالعبور على المقامات والوصول الى القربات وهم الأولياء والصديقون وهم اهل الله خاصة وفرقة يعبدون الله على صورة الشريعة وأعمالها وهم المؤمنون المسلمون وهم اهل الجنة وفرقة يعبدون الهوى على وفق الطبيعة ويزعمون انهم يعبدون الله كما ان الكفار يعبدون الأصنام ويقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فهؤلاء ينكرون على اهل الحق وهم اهل البدع والأهواء والسمعة والنفاق وهم اهل النار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وهم المختلفون. والويل الهلاك وهو نكرة وقعت مبتدأ وخبره ما بعده ونظيره سلام عليك فان أصله منصوب نائب مناب فعله لكنه عدل به الى الرفع على الابتداء للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى من شهود يوم عظيم الهول والحساب والجزاء وهو يوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [چهـ شنو باشد كافران و چهـ بينا] وهو تعجب من حدة سمعهم وأبصارهم يومئذ ومعناه ان استماعهم وأبصارهم للهدى يَوْمَ يَأْتُونَنا للحساب والجزاء يوم القيامة جدير بان يتعجب منه بعد ان كانوا فى الدنيا صما وعميا والتعجب استعظام الشيء مع الجهل بسببه ثم استعمل لمجرد الاستعظام لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ اى فى الدنيا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فى خطأ ظاهر
لا يدرك غايته حيث اغفلوا الاستماع والنظر بالكلية حين ينفعهم
عمر مكن ضايع بافسوس وحيف
…
كه فرصت عزيزست والوقت سيف
كه فردا پشيمان بر آرى خروش
…
كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى الظالمين يَوْمَ الْحَسْرَةِ اى من يوم يتحسر فيه ويتحزن الناس ويندمون قاطبة اما المسيئ فعلى إساءته واما المحسن فعلى قلة إحسانه إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ بدل من يوم الحسرة الى فرغ من الحساب وتصادر الفريقان الى الجنة والنار- وروى- ان النبي عليه السلام سئل عن ذلك فقال (حين يجاء بالموت على الصورة الكبش الا ملح فيذبح والفريقان ينظرون فينادى المنادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرح واهل النار غما الى غم) وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ اى عما يفعل بهم فى الآخرة وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر فى قوله تعالى (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) اى مستقرون فى ذلك وهم فى تينك الحالتين وما بينهما اعتراض إِنَّا نَحْنُ تأكيد لانا نَرِثُ نملك الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها ذكر من تغليبا للعقلاء اى لا يبقى لاحد غيرنا عليهم ملك ولا ملك وقد سبق فى سورة الحجر ما يتعلق بهذه الآية وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ اى يردون للجزاء لا الى غيرنا استقلالا او اشتراكا اعلم ان الرجوع على نوعين رجوع بالقهر وهو رجوع العوام لان نفوسهم باقية مطمئنة بالدنيا فلا يخرجون مماهم عليه الا بالكراهة ورجوع باللطف وهو رجوع الخواص لان نفوسهم فانية غير مطمئنة بالدنيا والعقبى بل بالمولى الا على فيخرجون من الدنيا والموت ولقاء الله تعالى أحب إليهم من كل شىء. فعلى السالك ان يجتهد فى تحصيل الفناء والبقاء وتكميل الشوق الى اللقاء ويرجع الى الله تعالى قبل ان يرجع فان سرّ لمن الملك اليوم دائر على هذا
صرصر قهر وى از ممكن وحدت بوزيد
…
حس وخاشاك تعين همه بر باد ببرد
هر چهـ در عرصه إمكان بوجود آمده بود
…
سيل عزت همه را تا عدم آباد ببرد
ولله عباد خوطبوا فصار كلهم اذنا وشهدوا فصار كلهم عينا وجدوا فى الرحيل حتى حطوا الرحل عند الملك الجليل
نظرت فى الراحة الكبرى فلم ارها
…
تنال الا على جنس من التعب
والجد منها بعيد فى تطلبها
…
فكيف تدرك بالتقصير واللعب
قال الشيخ ابو الحسن المزين رحمه الله دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا فخطر ببالي انه ما دخل بهذه البادية فى هذه السنة أحد أشد تجريدا منى فجذبنى انسان من ورائي وقال يا حجام كم تحدث نفسك بالأباطيل فظهر ان الترك والتجرد والرجوع فى الحق على مراتب ولكل سالك خطوة فلا يغتر أحد بحاله ولا يخطر العجب بباله وعن ابراهيم الخواص قدس سره قال دخلت البادية فاصابتنى شدة فكابدتها وصابرتها فلما دخلت مكة داخلنى شىء من الاعجاب فنادتنى عجوز من الطواف يا ابراهيم كنت معك فى البادية فلم أكلمك لانى لم أرد ان اشغل سرك عنه اخرج هذا الوسواس عنك فظهر ان التوفيق للرجوع الى الله
انما هو من الله وكل كمال فبحوله وقوته ونصرته ومعونته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ اى اتل يا محمد على قومك فى السورة او القرآن قصة ابراهيم وبلغها إياهم كقوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ) وذلك ان اهل الملل كانوا يعترفون بفضله ومشركوا العرب يفتخرون بكونهم من ابنائه فامر الله تعالى حبيبه عليه السلام ان يخبرهم بتوحيده ليقلعوا عن الشرك إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى كل ما يأتى وما يذر مبالغا فيه قائما فى جميع الأوقات نَبِيًّا خبر آخر لكان مقيد للاول يخصص له اى كان جامعا بين الصديقية والنبوة وذلك ان الصديقية تلو النبوة ومن شرطها ان لا يكون نبيا الا وهو صديق وليس من شرط الصديق ان يكون نبيا. ولارباب الصدق مراتب صادق وصدوق وصديق فالصادق من صدق فى قيامه مع الله بالله وفى الله وهو الفاني عن نفسه والباقي بربه. والفرق بين الرسول والنبي ان الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان إِذْ قالَ
بدل من ابراهيم بدل الاشتمال لان الأحيان مشتملة على ما فيها اى اذكر وقت قوله لِأَبِيهِ
آزر متلطفا فى الدعوة مسهلا له يا أَبَتِ
اى يا ابى فان التاء عوض عن ياء الاضافة ولذلك لا يجتمعان اى لا يقال يا ابتى ولا يقال يا ابتا لكون الالف بدلا من الياء لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ
ثناءك وتضرعك له به عند عبادتك له وما عبارة عن الصور والتماثيل ولام الاضافة التي دخلت على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر فى قولك بم وعلام وفيم والام ومم وعم حذفت الالف لان ما والحرف كشئ واحد وقل استعمال الأصل وَلا يُبْصِرُ
خضوعك وخشوعك بين يديه وَلا يُغْنِي عَنْكَ
اى لا يفدر على ان ينفعك شَيْئاً
لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وهو مصدر اى شيأ من الإغناء وهو القليل منه او مفعول به اى ولا يدفع عنك شيأ من عذاب الله تعالى يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي بطريق الوحى مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي ولا تستنكف عن التعلم منى أَهْدِكَ [ما بنماييم ترا] صِراطاً سَوِيًّا اى مستقيما موصلا الى أعلى المراتب منجيا من الضلال لم يشافهه بالجهل المفرط وان كان فى أقصاه ولم يصف نفسه بالعلم الفائق وان كان كذلك بل جعل نفسه فى صورة رفيق له فى مسير يكون اعرف وذلك من باب الرفق واللطف يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ فان عبادتك للاصنام عبادة له إذ هو الذي يزينها لك ويغريك عليها إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا ومن جملة عصيانه اباؤه عن السجدة ومعلوم ان طاعة العاصي تورث النقم وزوال النعم والتعرض لعنوان الرحمانية لاظهار كمال شناعة عصيانه يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ ان مت على ما أنت عليه من متابعة الشيطان وعصيان الرحمن أَنْ اى من ان يَمَسَّكَ يصيبك. وبالفارسية [برسيد بتو] عَذابٌ كائن مِنَ الرَّحْمنِ وذلك الخوف للمجاملة فَتَكُونَ [پس باشى] لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا اى قرينا له فى اللعن المخلد او قريبا تليه ويليك من الولي وهو القرب قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال أبوه عند ما سمع منه هذه النصائح الواجبة القبول فقيل قال مصرا على عناده أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ اى أمعرض ومنصرف أنت عنها بتوجيه الإنكار الى نفس الرغبة مع ضرب من التعجب كأن الرغبة عنها مما لا يصدر عن
العاقل فضلا عن ترغيب الغير عنها قدم الخبر على المبتدأ للاهتمام والاولى كونه مبتدأ وأنت فاعله سد مسد الخبر لئلا يلزم الفصل بين الصفة وما يتعلق بها وهو عن كذا فى تفسير الشيخ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ والله لئن لم ترجع عما كنت عليه من النهى عن عبادتها لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة حتى تموت او تبعد عنى وقيل باللسان يعنى الشتم والذم ومنه الرجيم المرمى باللعن واصل الرجم الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة وَاهْجُرْنِي عطف على ما دل عليه لارجمنك اى فاحذرنى واتركني مَلِيًّا اى زمانا طويلا سالما منى ولا تكلمنى من الملاوة وهو الدهر قالَ ابراهيم وهو استئناف بيانى سَلامٌ عَلَيْكَ [سلام بر تو يعنى ميروم ووداع ميكنم] فهو سلام مفارقة لا سلام لطف واحسان لانه ليس بدعاء له كقوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) على طريقة مقابلة السيئة بالحسنة ودل على جواز متاركة المنصوح إذا اظهر اللجاج. والمعنى سلمت منى لا اصيبك بمكروه بعد ولا أشافهك بما يؤذيك ولكن سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي السين للاستقبال او لمجرد التأكيد اى استدعيه ان يغفر لك بان يوفقك للتوبة ويهديك الى الايمان كما يلوح به تعليل قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) بقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) والاستغفار بهذا المعنى للكافر قبل تبيين انه يموت على الكفر مما لا ريب فى جوازه وانما المحظور استدعاؤه له مع بقائه على الكفر فانه مما لا مساغ له عقلا ولا نقلا واما الاستغفار له بعد موته على الكفر فلا يأباه قضية العقل وانما الذي يمنعه السمع ألا يرى الى انه عليه السلام قال لعمه ابى طالب (لا أزال استغفر لك ما لم أنه عنه) فنزل قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية ولا اشتباه فى ان هذا الوعد من ابراهيم وكذا قوله (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وما ترتب عليهما من قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) انما كان قبل انقطاع رجائه عن إيمانه لعدم تبين امره (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا اى بليغا فى البر والألطاف يقال حفيت به بالغت وتحفيت فى إكرامه بالغت وَأَعْتَزِلُكُمْ اى أتباعد عنك وعن قومك بالمهاجرة بديني حيث لم يؤثر فيكم نصائحى وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى تعبدون وَأَدْعُوا رَبِّي اى اعبده وحده عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا اى بدعائى إياه خائبا ضائع السعى وفيه تعريض لشقائهم فى عبادتهم آلهتهم
حاجت ز كسى خواه كه محتاجانرا
…
بي بهره نكرداند از انعام عميم
وفى تصدير الكلام بعسى اظهار التواضع ومراعاة حسن الأدب فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بالمهاجرة الى الشام قال فى تفسير الشيخ فارخل من كوئى الى الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ابن إسحاق بدل من فارقه من أقربائه الكفرة لا عقيب المجاوزة والمهاجرة فان المشهور ان الموهوب حينئذ إسماعيل لقوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) اثر دعائه بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ولعل تخصيصهما بالذكر لانهما شجرة الأنبياء او لانه أراد ان يذكر إسماعيل بفضل على انفراده وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا اى كل واحد منهم جعلناه نبيا لا بعضهم دون بعض فكلا مفعول أول لجعلنا قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة الى من عداهم بل بالنسبة الى بعضهم وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا كل خير دينى ودنيوى
مما لا يوهب لاحد من العالمين وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ثناء حسنا رفيعا فان لسان الصدق هو الثناء الحسن على ان يكون المراد باللسان ما يوجد به من الكلام ولسان العرب وإضافته من اضافة الموصوف الى الصفة اى يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم استجابة لدعوته بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ اعلم ان فى الآيات إشارات منها الرفق وحسن الخلق فان الهادي الى الحق يجب ان يكون رفيقا فان العنف يوجب اعراض المستمع وفى الحديث (اوحى الله الى ابراهيم ان يا خليل حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار فان كلمتى سبقت لمن حسن خلقه بان اظله تحت عرشى واسكنه حظيرة القدس وادنيه من جوارى) : قال الصائب
كذشت عمرو نكردى كلام خود را نرم
…
ترا چهـ حاصل ازين آسياى دندانست
ومنها المتابعة قال ابو القاسم الطريق الى الحق المتابعة من علت مرتبته اتبع الكتاب ومن نزل عنهم اتبع الرسول عليه السلام ومن نزل عنهم اتبع الصحابة رضى الله عنهم ومن نزل عنهم اتبع اولياء الله والعلماء بالله واسلم الطرق الى الله طريق الاتباع لان سهل بن عبد الله قال أشد ما على النفس الاقتداء فانه ليس للنفس فيه نفس ولا راحة ومنها العزلة قال ابو القاسم من أراد السلامة فى الدنيا والآخرة ظاهرا وباطنا فليعتزل قرناء السوء واخدان السوء ولا يمكنه ذلك الا بالالتجاء والتضرع الى ربه فى ذلك ليوفقه لمفارقتهم فان المرأ مع من أحب قال بعض الكبار العزلة سبب لصمت اللسان فمن اعتزل عن الناس لم يجد من يحادثه فاداه ذلك الى صمت اللسان وهى على قسمين عزلة المريدين بالأجسام عن الأغيار وعزلة المحققين بالقلوب عن الأكوان فليست قلوبهم محالا لغير علم الله الذي هو شاهده الحاصل فيها من المشاهدة ونية اهل العزلة اما اتقاء شر الناس واما اتقاء شره المتعدى إليهم وهو ارفع من الاول إذ سوء الظن بالنفس اولى من سوء الظن بالغير واما إيثار صحبة المولى على صحبة السوي فاعلى المعتزلين من اعتزل عن نفسه إيثار الصحبة ربه فمن آثر العزلة على المخالطة فقد آثر ربه على غيره ولم يعرف أحد ما يعطيه الله من المواهب والاسرار والعزلة تعطى صمت اللسان لا صمت القلب إذ قد يتحدث المرء فى نفسه بغير الله ومع غير الله فلهذا حعل الصمت ركنا برأسه من اركان الطريق وحال العزلة التنزيه عن الأوصاف سالكا كاد المعتزل يكون صاحب يقين مع الله تعالى حتى لا يكون له خاطر متعلق بخارج بيت عزلته والهجرة سبب للعزلة عن الأشرار من هاجر فى طلب رضى الله أكرمه الله فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الرضى بالهجرة والخلوة والعزلة ونحوها: قال الصائب
در مشرب من خلوت اگر خلوت كور است
…
بسيار به از صحبت ابناى زمانست
ومنها ان من فارق محبوبه ابتغاء لمرضاة الله تعالى فان الله تعالى يجعل له بدلا خيرا من ذلك وأحب فيأنس به ويتوحش عما الف به فيما مضى فيحصل الحل والعقد على مراد الله اللهم اجعلنا من المنقطعين إليك والمستوحشين عما سواك والسالكين الى سبيل الفناء والطالبين لرضاك وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى قدم ذكره على إسماعيل لئلا ينفصل عن ذكر يعقوب
إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً أخلصه الله من الأدناس والنقائص ومما سواه وهو معنى الفتح الموافق للصديق فان اهل الاشارة قالوا ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية قال فى التأويلات النجمية اعلم ان الإخلاص فى العبودية مقام الأولياء فلا يكون ولى الا وهو مخلص ولا يكون كل مخلص نبيا ولا يكون رسولا الا وهو نبى ولا يكون كل نبى رسولا والمخلص بكسر اللام من أخلص نفسه فى العبودية بالتزكية عن الأوصاف النفسانية الحيوانية والمخلص بفتح اللام من أخلصه الله بعد التزكية بالتحلية بالصفات الروحانية الربانية كما قال النبي عليه السلام (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وقال تعالى (الإخلاص سرّ بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل انا الذي أتولى تحلية قلوب المخلصين بتجلى صفات جمالى وجلالى لهم) وفى الحقيقة لا تكون العبودية مقبولة الا من المخلصين لقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولاخلاص المخلصين مراتب أدناها ان تكون العبودية لله خالصة لا يكون لغير الله فيها شركة وأوسطها ان يكون العبد مخلصا فى بذل الوجود لله الى الله وأعلى درجة المخلصين ان يخلصهم من حبس وجودهم بان يفنيهم عنهم ويبقيهم بوجوده وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا أرسله الله الى الخلق فانبأهم عنه ولذلك قدم رسولا مع كونه أخص وأعلى يقول الفقير تأخير نبيا لاجل الفواصل وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ الطور جبل بين مصر ومدين والايمن فى الأصل خلاف الا يسراى جانب اليمن وهو صفة للجانب اى ناديناه من ناحيته اليمنى وهى التي تلى يمين موسى ازلا يمين للجبل ولا شمال او من جانبه الميمون من اليمن ومعنى ندائه منه انه تمثل له الكلام من تلك الجهة وقال فى الجلالين اقبل من مدين يريد مصر فنودى من الشجرة وكانت فى جانب الجبل على يمين موسى وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا تقريب تشريف مثل حاله بحال من قربه الملك لمناجاته واصطفاه لمصاحبته حيث كلمه بغير واسطة ملك ونجيا اى مناجيا حال من أحد الضميرين فى ناديناه والمناجاة [راز كفتن] كما فى التهذيب يقال ناجاه مناجاة ساره كما فى القاموس وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا اى من أجل رحمتنا ورأفتنا به أَخاهُ هارُونَ أخاه مفعول وهبنا وهارون عطف بيان لاخاه نَبِيًّا حال منه ليكون معه وزيرا معينا كما سأل ذلك ربه فقال وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي فالهبة على ظاهرها كما فى قوله وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فان هارون كان أسن من موسى فوجب الحمل على المعاضدة والموازرة [صاحب كشف الاسرار كويد حضرت موسى عليه السلام را هم روش بود وهم كشش اشارت بروش او وَلَمَّا جاءَ مُوسى عبارت از كشش او وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا سالك تا در روش است خطر دارد و چون كشش در رسيد خطر را باو كار نيست يعنى در سلوك شوب تفرقه هست وجذبه محض جمعيت است
با خود روى بيحاصلى چون او كشيدت وأصلي
…
رفتن كجا بردن كجا اين سر ربا نيست اين
قال المولى الجامى
سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند
…
سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند
وفى التأويلات النجمية قوله (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) يشير الى ان النبوة ليست بكسبية بل هى من مواهب الحق تعالى يهب لمن يشاء النبوة ويهب لمن يشاء الرسالة من رحمته وفضله لا من كسبهم واجتهادهم على ان توفيق الكسب والاجتهاد ايضا من مواهب الحق تعالى وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام أشد اختصاصا بالقربة والقبول عند الله تعالى حتى يهب أخاه هرون النبوة والرسالة بشفاعته والعجب ان الله تعالى يهب النبوة والرسالة بشفاعة موسى عليه السلام وانه يهب الانبيا والرسل محمد صلى الله عليه وسلم لقوله (الناس يحتاجون الى شفاعتى حتى ابراهيم عليه السلام اللهم اجعلنا من المستسعدين بشفاعته واحشرنا تحت لوائه ورايته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه لابراز كمال الاعتناء بامره بايراده مستقلا اى واتل على قومك يا محمد فى القرآن قصة جدك إسماعيل وبلغها إليهم إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ فيما بينه وبين الله وكذا بين الناس قال فى التأويلات النجمية فيما وعد الله بأداء العبودية انتهى والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وإيراده بهذا الوصف لكمال شهرته به واتصاله بأشياء فى هذا الباب لم تعهد من غيره عن ابن عباس رضى الله عنهما ان إسماعيل عليه السلام وعد صاحبا له ان ينتظره فى مكان فانتظره سنة
نيست بر مردم صاحب نظر
…
صورتى از صدق ووفا خوبتر
وناهبك انه وعد الصبر على الذبح فوفى حيث قال (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) وفيه حث على صدق الوعد والوفاء به والأصل فيه نيته لقوله عليه السلام (إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته ان يفى فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا اثم عليه) واعلم ان الله تعالى اثنى على إسماعيل بكونه صادق الوعد اشارة الى ان الثناء انما يتحقق بصدق الوعد وإتيان الواعد بالموعود لا بصدق الوعيد وإتيان المتوعد بما توعد به إذ لا يثنى عقلا وعرفا على من يصدر منه الآفات والمضرات بل على من يصدر منه الخيرات والمبرات ومن هذا ذهب بعض العلماء الى ان الخلف فى الوعيد جائز على الله تعالى دون الوعد صرحه الامام الواحدي فى الوسيط فى قوله تعالى فى سورة النساء (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) الآية وفى الحديث (من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار) والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا ان يعد أحد شرا ثم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا كما قيل
وانى إذا أوعدته او وعدته
…
لمخلف إيعادي ومنجز موعدى
وقيل
إذا وعد السرّاء نجر وعده
…
وان أوعد الضراء فالعقل مانعه
واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على ما ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم كذا فى شرح العضد للجلال الدواني وَكانَ رَسُولًا أرسله الله تعالى
الى جزهم والى العماليق والى قبائل اليمن فى زمن أبيه ابراهيم عليهما السلام قال فى القاموس جرهم كقنفذ حى من اليمن تزوج فيهم إسماعيل نَبِيًّا يخبر عن الله وكان على شريعة أبيه ابراهيم ولم يكن له كتاب انزل اليه بإجماع العلماء وكذا لوط وإسحاق ويعقوب وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ الخاص وهو من اتصل به بجهة الزوجية والولاد والعام وهو من اتصل به بجهة الدعوة وهم قومه ويجوز ان يرجح الاول لان الأهم ان يقبل الرجل بالتكميل على نفسه ومن هو اقرب الناس اليه قال تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ.
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) فانهم إذا صلحوا صلح الكل وتزيى بزيهم فى الخير والصلاح بِالصَّلاةِ التي هى اشرف العبادات البدنية وَالزَّكاةِ التي هى أفضل العبادات المالية وفيه اشارة الى ان من حق الصالح ان ينصح للاقارب والأجانب ويحظيهم بالفوائد الدينية
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت
…
روزى تفقدى كن درويش بي نوا را
وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا فى الأقوال والافعال والأحوال وفى الجلالين مرضيا لانه قد قام بطاعته انتهى
اى مرد اكرت رضاء دلبر بايد
…
آن بايد كرد هر چهـ او فرمايد
كر كويد خون كرى مكو از چهـ سبب
…
ور كويد جان بده مكو كه نايد
وعن بعض الصالحين انه قال نزل عندى أضياف وعلمت انهم من ابدال فقلت لهم او صونى بوصية بالغة حتى أخاف الله قالوا نوصيك بستة أشياء. أولها من كثر نومه فلا يطمع فى رقة قلبه. ومن كثرا كله فلا يطمع فى قيام الليل. ومن اختار صحبة ظالم فلا يطمع فى استقامة دينه. ومن كان الكذب والغيبة عادته فلا يطمع فى ان يخرج من الدنيا مع الايمان. ومن كثر اختلاطه بالناس فلا يطمع فى حلاوة العبادة. ومن طلب رضى الناس فلا يطمع فى رضى الله تعالى واعلم ان المرضى المطلق هو الإنسان الكامل الجامع لجميع الكمالات المحيط بحقائق جميع الأشياء والصفات واما من دونه فمرضى بوجه دون وجه وعلى حال دون حال نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الرضى واليقين والسكون والتمكين آمين وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ هو جد ابى نوح فان نوحا بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام ابن يرد بن مهلاييل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم ولد وآدم حى قبل ان يموت بمائة سنة كذا فى روضة الخطيب وقال الكاشفى [در جامع الأصول آورده كه إدريس بصد سال بعد از وفات آدم متولد شده] هو أول من وضع الميزان والمكيال وأول من اتخذ السلاح وجاهد فى سبيل الله وسبى واسترق بنى قابيل وأول من خط بالقلم ونظر فى علم الحساب والنجوم وأول منى خاط الثياب وكانوا يلبسون الجلود وأول من لبس ثوب القطن واشتقاقه من الدرس يمنعه منع صرفه نعم لا يبعد ان يكون فى تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة دراسته إذ روى انه تعالى انزل عليه ثلاثين صحيفة إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى جميع أحواله نَبِيًّا خبر آخر لكان مخصص للاول إذ ليس كل صديق نبيا قال عباس ابن عطاء ادنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وادنى مراتب النبيين أعلى مرتب الصديقين
وأدنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا وهو السماء الرابعة فان النبي عليه السلام رأى آدم ليلة المعراج فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى الثانية ويوسف فى الثالثة وإدريس فى الرابعة وهارون فى الخامسة وموسى فى السادسة وابراهيم فى السابعة واختلف القائلون بانه فى السماء أهو حى فيها أم ميت فالجمهور على انه حى وهو الصحيح وقالوا اربعة من الأنبياء فى الاحياء اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس واثنان فى السماء إدريس وعيسى كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [در رفع إدريس اخبار متنوعه هست ابن عباس فرمود كه روزى إدريس را حرارت آفتاب غلبه كرد مناجات كرد كه الهى با وجود اين مقدار بعد كه ميان من وآفتاب هست از حرارت او باحتراق نزديك شدم آيا آن فرشته كه حامل اوست چهـ حال داشته باشد خدايا بار آفتاب وشدت برو سبك كردان واو را از تاب حرارت آفتاب در سايه عنايت خود محفوظ دار
از تاب آفتاب حوادث چهـ غم خورد
…
آنرا كه سائبان عنايت پناه اوست
حق سبحانه وتعالى دعاى او مستجاب فرمود روز ديكر آن فرشته كه حامل آفتابست خود را سبكبار يافت وتأثيرى از حرارت او فهم نكرد سبب آنرا از حضرت عزت استدعا نمود خطاب رسيد كه بنده من إدريس در حق تو دعا كرده ومن اجابت كردم آن فرشته اجازت خواست كه بزيارت إدريس آيد اجازت يافت وبر زمين آمد وبالتماس إدريس او را به پر با فر خود نشانيده بآسمان برد ونزديك مطلع آفتاب رسانيده وباستدعاى إدريس كميت عمر وكيفيت أجل وى از ملك الموت پرسيد وعزرائيل در ديوان أعمار نكاه كرده فرمود كه حكم الهى درباره اين كس كه تو ميكويى آنست كه حالى نزديك مطلع آفتاب متوفى شود و چون آن فرشته باز آمد إدريس را يافت نقد جان بخازن أجل سپرده طوطى روحش بشكرستان قدس پرواز كرده. وروايتى ديكر آنست كه ملك الموت از كثرت طاعت إدريس مشتاق ديدارش شد وبإذن حق تعالى بر زمين آمده ويرا در يافت وبامر الهى بالتماس إدريس جانش برداشت وباز حق سبحانه جانش داد وعزرائيل او را بآسمان برد ودوزخ بدو نمود واز آنجا ببهشت رفت وديكر بيرون نيامد] فالآية دلت على رفعته وعلى علو مكانه وهو فلك الشمس اما رفعته فبتبعية مكانه واما علو مكانه فبوجهين أحدهما باعتبار ما تحته من الكرات الفلكية والعنصرية وثانيهما باعتبار المرتبة بالنسبة الى جميع الافلاك وذلك ان فلك الشمس تحته سبعة أفلاك فلك الزهرة وفلك عطارد وفلك القمر وكرة الأثير اى النار وكرة الهواء وكرة الماء وكرة التراب وفوقه سبعة أفلاك ايضا فلك المريخ وفلك المشترى وفلك زحل وفلك الثوابت والفلك الأطلس وفلك الكرسي وفلك العرش فاعلى الامكنة بالمكانة والمرتبة فلك الشمس الذي هو قطب الافلاك إذا لفيض انما يصل من روحانيته الى سائر الافلاك كما ان من كوكبه يتنور الافلاك جميعا وذلك كما يقال على القلب يدور البدن اى منه يصل الفيض الى سائر البدن وفى فلك الشمس مقام روحانية إدريس كما يشعر به حديث المعراج وفى التأويلات النجمية المكان العلى فوق المكونات عند المكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى وقد اعطى الله تعالى للمحمديين علو المكانة لكن العبد لا يتصور
ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه: وفى المثنوى
دست بر بالاى دست اين تا كجا
…
تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بي غور وكران
…
جمله درياها چوسيلى پيش آن «1»
حيلها و چارها كر اژدهاست
…
پيش الا الله انها جمله لاست
فعلى العامة ان لا يلتفتوا الى العلو الإضافي الحاصل من بعض الرياسات كالقضاء والتدريس والامامة والامارة ونحوها وعلى الخاصة ان لا ينظروا الى العلو الاعتباري الحاصل من بعض المقامات كالافعال والصفات فان الكمال الحقيقي هو الترقي من كل اضافة فانية وعلاقة زائلة والتجرد من ملابس كل كون حادث صورة ومعنى ألا ترى الى حال اصحاب الصفة رضى الله عنهم نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا من المفتخرين بغيره أُولئِكَ اشارة الى المذكورين فى هذه السورة من زكريا الى إدريس وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بانواع النعم الدينية والدنيوية واصناف المواهب الصورية والمعنوية وقد أشير الى بعض ما يخص كلامنهم مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول ونظيره فى سورة الفتح (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بدل منه باعادة الجار يقال ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ اى ومن ذرية من حملنا معه فى سفينته خصوصا وهم من عدا إدريس فان ابراهيم كان من ذرية سام بن نوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم الباقون وَإِسْرائِيلَ عطف على ابراهيم اى ومن ذرية إسرائيل اى يعقوب وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وفيه دليل على ان أولاد البنات من الذرية لان عيسى من مريم وهى من نسل يعقوب وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا اى ومن جملة من هديناهم الى الحق واصطفيناهم للنبوة والكرامة قالوا من فيه للتبيين ان عطف على من النبيين وللتبعيض ان عطف على ومن ذرية آدم إِذا تُتْلى تقرأ عَلَيْهِمْ على هؤلاء الأنبياء آياتُ الرَّحْمنِ اى آيات الترغيب والترهيب فى كتبهم المنزلة خَرُّوا سقطوا على الأرض حال كونهم سُجَّداً ساجدين جمع ساجد وَبُكِيًّا باكين جمع باك وأصله بكويا والمعنى ان الأنبياء قبلكم مع ما لهم من علو الرتبة فى شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله تعالى كانوا يسجدون ويبكون لسماع آيات الله فكونوا مثلهم وفى الحديث (اتلوا القرآن وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا) يقال تباكى فلان إذا تكلف البكاء اى ان لم تبك أعينكم فلتبك قلوبكم يعنى تحزنوا عند سماع القرآن فان القرآن نزل بحزن على المحزونين قال الكاشفي [كلام دوست مهيج شوقست چون آتش شوق بر كانون دل بر افروخته كردد از ديده
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان بار وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ
خون ريختن كيرد
اى دريغا أشك من دريا بدى
…
تا نثار دلبر زيبا بدى
أشك كان از بهر آن بارند خلق
…
كوهرست وأشك پندارند خلق
قال فى التأويلات النجمية (خَرُّوا) بقلوبهم على عتبة العبودية (سُجَّداً) بالتسليم للاحكام الازلية (وَبُكِيًّا) بكاء السمع بذوبان الوجود على نار الشوق والمحبة انتهى قالوا ينبغى ان يدعو الساجد فى سجدته بما يليق بآياتها فههنا يقول «اللهم اجعلنى من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك» وفى آية الاسراء «اللهم اجعلنى من الباكين إليك الخاشعين لك» وفى آية تنزيل السجدة يقول «اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك ان أكون من المستكبرين عن أمرك» قال الكاشفى [اين سجده پنجمست از سجدات كلام الله حضرت شيخ قدس سره اين سجده را كه بجهت تلاوت آيات رحمانى مى بايد سجود انعام عام كفته وكريه كه متفرع بر اوست انرا كريه فرح وسرور ميداند چهـ رحمت رحمانيست مقتضى لطف ورأفت است وموجب بهجت ومسرت پس نتيجه او طربست نه اندوه وتعب] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ولعقب الشر خلف بالسكون اى فعقب الأنبياء المذكورين وجاء بعدهم عقب سوء من أولادهم وفى الجلالين بقي من بعد هؤلاء قوم سوء يعنى اليهود والنصارى والمجوس انتهى وفى الحديث (ما من نبى بعثه الله فى امة الا كان له من أمته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويعتقدون بامره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل) ذكره مسلم أَضاعُوا الصَّلاةَ تركوها أو أخروها عن وقتها او ضيعوا ثوابها بعد الأداء بالنميمة والغيبة والكذب ونحوها او شرعوا فيها بلا نية وقاموا لها بلا خضوع وخشوع وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ من شرب الخمر واستحلال نكاح الاخت من الأب والانهماك فى فنون المعاصي وعن على رضى الله عنه هم من نبى المشيد وركب المنظور ولبس المشهور وفى الحديث (اوحى الله الى داود مثل الدنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب ان تكون كلبا مثلهم فتجر معهم يا داود طيب الطعام ولين اللباس والصيت فى الناس والجنة فى الآخرة لا يحتمعان ابدا) واعلم ان تيسير اسباب الشهوات ليس من امارة الخير وعلامة النجاة فى الآخرة ومن ثمة امتنع عمر رضى الله عنه من شرب ماء بارد بعسل وقال اعزلوا عنى حسابها وقال وهب بن منبه التقى ملكان فى السماء الرابعة فقال أحدهما للآخر من اين فقال أمرت بسوق حوت من البحر اشتهاه فلان اليهودي وقال الآخر أمرت باهراق زيت اشتهاء فلان العابد والشهوة فى الأصل التمني ومعناها بالفارسية [آرزو خواستن] والمراد بها فى الآية المشتهيات المذمومة. والفرق بين الهوى والشهوة ان الهوى هو المذموم من جملة الشهوات والشهوة قد تكون محمودة وهى من فعل الله تعالى وهى ما يدعو الإنسان الى الصلاح وقد تكون
مذمومة وهى من فعل النفس الامارة بالسوء وهى استجابتها لما فيه لذاتها البدنية ولا عبادة لله أعظم واشرف من مخالفة الهوى والشهوات وترك اللذات: قال الشيخ سعدى
مبر طاعت نفس شهوت پرست
…
كه هر ساعتش قبله ديكرست
مرو در پى هر چهـ دل خواهدت
…
كه تمكين تن نور جان كاهدت
كند مرد را نفس اماره خوار
…
اگر هوشمندى عزيزش مدار
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا اى شرا فان كل شر عند العرب غى فكل خير رشاد وعن الضحاك جزاء غى كقوله تعالى (يَلْقَ أَثاماً) اى جزاء اثام وقيل غى واد من جهنم يستعيذ من حره أوديتها أعد للزانى وشارب الخمر وآكل الربا وشاهد الزور ولاهل العقوق وتارك الصلاة إِلَّا مَنْ تابَ رجع من الشرك والمعاصي وَآمَنَ اختيار الايمان مكان الكفر وَعَمِلَ صالِحاً بعد التوبة والندم فَأُولئِكَ المنعوتون بالتوبة والايمان والعمل الصالح يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بموجب الوعد المحتوم وَلا يُظْلَمُونَ لا ينقصون من جزاء أعمالهم شَيْئاً ولا يمنعونه فالظلم بمعنى النقص والمنع وشيأ مفعوله ويجوز ان يكون شيأ فى موضع المصدر اى ولا يظلمون البتة شيأ من الظلم جَنَّاتِ عَدْنٍ بدل من الجنة بدل البعض لان الجنة تشتمل على جنات عدن وما بينهما اعتراض وجنات عدن علم لجنة مخصوصة كشهر رمضان وقد يحذف المضاف حيث يقال جاء رمضان وقيل جنات عدن علم لدار الثواب جميعها والعدن الاقامة وهو الأنسب بمثل هذا المقام فان جنة عدن المخصوصة وجنة الفردوس لا يدخلهما العوام بالاصالة لانهما مقام المقربين الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ اى وعدها إياهم ملتبسة بِالْغَيْبِ اى وهى غائبة عنهم غير حاضرة او غائبين عنها لا يرونها وانما آمنوا بها بمجرد الاخبار والتعرض لعنوان الرحمة للابذان بان وعدها وإنجازه لكمال سعة رحمته تعالى وفى الاضافة اشارة الى ان المراد من يعبده مخلصا له فى العبودية لا يعبد الدنيا والنفس والهوى إذ كمال التشريف بالاضافة انما يحصل بهذا المعنى فله جنة عدن المخصوصة إِنَّهُ اى الله تعالى كانَ وَعْدُهُ اى موعوده الذي هو الجنة مَأْتِيًّا اى يأتيه من وعد له لا محالة بغير خلف فالمأتى بمعنى المفعول من الإتيان او بمعنى الفاعل اى جائيا البتة لا يَسْمَعُونَ فِيها فى تلك الجنات لَغْواً اى فضول كلام لا طائل تحته وهو كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها وفيه تنبيه على ان اللغو مما ينبغى ان يجتنب عنه فى هذه الدار ما أمكن إِلَّا سَلاماً استثناء منقطع اى لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم او تسليم بعضهم على بعض وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً [بامداد] وَعَشِيًّا [شبانكاه] والمراد دوام الرزق كما يقال انا عند فلان صباحا ومساء يراد الدوام منه وقيل يؤتى طعامهم على مقدار البكرة والعشى إذ لا نهار ثمة ولا ليل بل هم فى نور ابدا وانما وصف الله الجنة بذلك لان العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشى قال الامام فى تفسيره فان قيل المقصود من الآيات وصف الجنة بأمور مستعظمة وليس وصول الرزق بكرة وعشيا منها قلنا قال الحسن أراد ان يرغب كل قوم بما احبوه فى الدنيا فلذلك ذكر أساور الذهب والفضة ولبس
الحرير الذي كان عادة العجم والأرائك التي كانت عادة اشراف اليمن ولا شىء أحب الى العرب من الغداء والعشاء قال فى التأويلات النجمية وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها من رؤية الله تعالى بُكْرَةً وَعَشِيًّا كما جاء فى الخبر (وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشيا) انتهى تِلْكَ اشارة الى الجنة المذكورة المتقدمة يريد تلك التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها الْجَنَّةُ قال فى الإرشاد مبتدأ وخبر جيى به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها ويجوز ان يكون الجنة صفة للمبتدأ الذي هو اسم الاشارة وخبره قوله الَّتِي نُورِثُ اى نورثها ونعطيها بغير اختيار الوارث مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا مجتنبا عن الشرك والمعاصي مطيعا لله اى نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال نورث والميراث ما انتقل من شخص الى شخص والجواب ان هذا على وجه التشبيه أراد ان الأعمال سبب لها كالنسب ملك بلا كسب ولا تكلف وكذا الجنة عطاء من الله ورحمة منه خلافا للقدرية انتهى والوراثة أقوى ما يستعمل فى التملك والاستحقاق من حيث انها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا ابطال ولا إسقاط قال فى الأشباه لو قال الوراث تركت حقى بطل حقه انتهى وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لاهل النار لو آمنوا وأطاعوا زيادة فى كرامتهم قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اعلم ان الجنات ثلاث الاولى جنة اختصاص الهى وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن أهلها اهل التوحيد العلمي ومن أهلها اهل الفترات ومن لم تصل إليهم دعوة رسول والجنة الثانية جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا من المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها والجنة الثالثة جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحال دون المفضول او لم يكن فما من عمل الا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال (يا بلال بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال رسول الله عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه الا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الطاعة وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ قال مجاهد ابطأ الملك على رسول الله عليه السلام ثم أتاه فقال له عليه السلام (ما حبسك يا جبرائيل) قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ
وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ كما فى اسباب النزول وسفينة الأبرار وفى الحديث (نقوا براجمكم) وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها الوسخ واحدها برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة والجمع رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الإصبع فلكل إصبع برجمتان وثلاث رواجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فامر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة ذكره القرطبي وقال بعض المفسرين هو حكاية لقول جبريل حين استبطأه رسول الله لما سئل عن اصحاب الكهف وذى القرنين والروح فلم يدر كيف يجيب ورجا ان يوحى اليه فيه فابطأ عليه أربعين يوما او خمسة عشر فشق عليه ذلك مشقة شديدة وقال المشركون ودعه ربه وقلاه فلما نزل ببيان ذلك قال له (ابطأت علىّ حتى ساء ظنى واشتقت إليك) فقال جبريل انى كنت أشوق ولكنى عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فانزل الله هذه الآية وسورة والضحى. والتنزل النزول على مهل لانه مطاوع للتنزيل والمعنى قال الله لجبريل قل لمحمد وما نتنزل وقتا غب وقت الا بامر الله على ما تقتضيه حكمته لَهُ اى لله بالاختصاص ما بَيْنَ أَيْدِينا من الأمور الاخروية الآتية وَما خَلْفَنا من الأمور الدنيوية الماضية وَما بَيْنَ ذلِكَ ما بين ما كان وما سيكون اى من هذا الوقت الى قيام الساعة وفى التأويلات النجمية لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا من التقدير الأزلي وَما خَلْفَنا من التدبير الابدى وَما بَيْنَ ذلِكَ من ازل الى الابد انتهى ونظيره قوله تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [فراموشكار يعنى از حال تو آگاهست هر كاه كه خواهد ما را بتو فرستد] قال اهل التفسير فعيل بمعنى فاعل من النسيان بمعنى الترك اى تاركا لك كما زعمت الكفرة وان تأخر عنك الوحى لمصلحة او بمعنى نقيض الذكر الذي هو الغفلة اى غافلا عنك رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر مبتدأ محذوف اى هو مالكهما وَما بَيْنَهُما من الخلق فكيف يجوز النسيان على الرب فَاعْبُدْهُ اى إذا كان هو الرب فاثبت على عبادته يا محمد والعبادة قيام العبد بما تعبد به وتكلف من امتثال الأوامر والنواهي وفى التأويلات النجمية فَاعْبُدْهُ بجسدك ونفسك وقلبك وسرك وروحك فعبادة جسدك إياه بأركان الشريعة وهى الائتمار بما أمرك الله به والانتهاء عما نهاك الله عنه وعبادة نفسك بآداب الطريقة وهى ترك موافقة هواها ولزوم مخالفة هواها وعبادة القلب الاعراض عن الدنيا وما فيها والإقبال على الآخرة ومكارمها وعبادة السر خلوه عن تعلقات الكونين اتصالا بالله تعالى ومحبة وعبادة الروح ببذل الوجود لنيل الشهود وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ اى اصبر لمشاقها ولا تحزن بإبطاء الوحى واستهزاء الكفرة وشماتتهم بك فانه يراقبك ويراعيك ويلطف بك فى الدنيا والآخرة. وتعديه الاصطبار باللام لا بحرف الاستعلاء كما فى قوله وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز اصطبر لقرنك اى اثبت له فيما يورد عليك من شدائده وحملاته هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا السمى الشريك فى الاسم والمثل والشبيه اى مثلا يستحق ان يسمى الها وانما قيل للمثل سمى لان كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والنظير وكل واحد منهما سمى لصاحبه او أحدا يسمى الله غيره فان المشركين
مع غلوهم فى المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلا والمراد بانكار العلم ونفيه انكار المعلوم ونفيه اى لا يكون ولم يكن ذلك قال الكاشفى [يكى از آثار سطوت الهى آن بود كه هيچ كس از اهل شرك معبود خود را الله نكفته اند عزت احديت وغيرت الوهيت اين اسم سامى را از تصرف كفار وتسميه ايشان در حصن حصين أمان محفوظ داشت وزبان اهل ايمانرا در نعمت ومحنت وسرا وضرا بتكرر آن نام نامى جارى ساخت]
الله الله چهـ طرفه نامست اين
…
حرز دل ورد جان تمامست اين
بس بود نزد صاحب معنى
…
حسبى الله كواه اين دعوى
روى ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته وقال فرعون مصر للقبط انا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يسمى أحد الرحمن وغيره قال المولى الفنارى فى ترتيب اسماء البسملة ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة لمسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا ولا اختصاص للرحيم قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلغنا انك انما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن وانا والله لن نؤمن بالرحمن ابدا وقدعنوا بالرحمن مسيلمة الكذاب وقيل عنوا كاهنا كان لليهود باليمامة وقدرد الله عليهم بان الرحمن المعلم له هو الله تعالى بقوله قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ اى توبتى ورجوعى كما فى انسان العيون وتكره التسمية بالأسماء التي لا تليق الا بالله تعالى كالرحمن والرحيم والا له والخالق والقدوس ونحوها قال الله تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ قال بعض المفسرين قل سموهم باسمائى ثم انظروا هل تليق بهم اى لا تليق بهم وغير رسول الله عليه السلام اسم العزيز لان العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة كما فى أبكار الافكار وَيَقُولُ الْإِنْسانُ بطريق الإنكار والاستبعاد للبعث وهو ابى بن خلف حين فت عظما باليا فقال يزعم محمد انا نبعث بعد ما نموت ونصير الى هذه الحال أَإِذا ما مِتُّ وكنت رميما لَسَوْفَ أُخْرَجُ من القبر حال كونى حَيًّا وبالفارسية [آيا چون بميرم من هر آينه زود بيرون شوم از خاك زنده يعنى چكونه تواند بود كه مرده زنده شود واز خاك بيرون آيد] تقديم الظرف وايلاؤه حرف الإنكار لما ان المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة وانتصابه بفعل دل عليه اخرج وهو البعث لا به فان ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها لصدارتها وهى فى الأصل للحال وهاهنا للتأكيد المجرد اى لتأكيد معنى همزة الإنكار فى أإذا ولذا جاز اقترانها بسوف الذي هو حرف الاستقبال وفى التكملة اللام فى قوله تعالى لَسَوْفَ ليست للتأكيد فانه منكر فكيف يحقق ما ينكر وانما كلامه حكاية لكلام النبي عليه السلام كأنه صلى الله عليه وسلم قال ان الإنسان إذا مات لسوف يخرج حيا فانكر الكافر ذلك وحكى قوله فنزلت الآية على ذلك حكاه الجرجاني فى كتاب نظم القرآن قال فى بحر العلوم لما كانت هذه اللام لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ولام الابتداء لا تدخل الا على الجملة من المبتدأ والخبر وجب تقدير مبتدأ وخبر وان يكون أصله لانا سوف اخرج حيا وما فى أئذا ما للتوكيد ايضا وتكرير التوكيد انكار
على انكار أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ الهمزة للانكار التوبيخي والواو لعطف الجملة المنفية على مقدر يدل عليه يقول. والذكر فى الأصل هو العلم بما قد علم من قبل ثم تخلله سهو وهم ما كانوا عالمين فالمراد به هنا التذكر والتفكر والمعنى أيقول ذلك ولا يتفكر أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ اى من قبل الحالة التي هو فيها وهى حالة بقائه وَلَمْ يَكُ أصله لم يكن حذفت النون تخفيفا لكثرة الاستعمال او تشبيها بحروف العلة فى امتداد الصوت وقال الرضى النون مشابه للواو فى الغنة شَيْئاً بل كان عدما صرفا فيعلم ان من قدر على الابتداء من غير مادة قدر على الاعادة بجمع المواد بعد تفريقها وفى هذا دليل على صحة القياس حيث أنكر عليه وجهله فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى فيستدل به على البعث والاعادة قيل لو اجتمع الخلق على إيراد حجة فى البعث على هذا الاختصار ما قدروا فَوَ رَبِّكَ الواو للقسم. والمعنى بالفارسية [پس بحق پروردگار تو كه بوقت قيامت] لَنَحْشُرَنَّهُمْ لنجمعن القائلين بالسوق الى المحشر بعد ما اخرجناهم من الأرض احياء وَالشَّياطِينَ معهم وهم الذين أغووهم إذ كل كافر سيحشر مع شيطانه فى سلسلة ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ حال كونهم جِثِيًّا جمع جاث من جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا فيهما جلس على ركبتيه كما فى القاموس اى جالسين على الركب لما يعرضهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما جثيا جماعات جمع جثوة وهى الجماعة واختاره فى تفسير الجلالين ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ لنخرجن قاله البغوي والنزع الجذب مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ امة وفرقة شاعت اى نبعث غاويا من الغواة أَيُّهُمْ موصول حذف صدر صلته منصوب بننزعن الذين هم او استفهام مبتدأ خبره أشد فرفعه على الحكاية اى لننزعن الذين يقال لهم أيهم أَشَدُّ [سختتر وبسيارتر] عَلَى الرَّحْمنِ [بر خداى تعالى] عِتِيًّا [از جهت سركشى وجرأت يعنى أول از هر أمتي آنرا كه نافرمان تر بوده جدا كنيم] يقال عتا على فلان إذا تجاوز الحد فى الظلم والمقصود انه يميز من كل طائفة منهم الاعصى فالاعصى فاذا اجتمعوا يطرح فى النار على الترتيب قال فى الكبير يحضرهم اولا ثم يخص أشدهم تمردا بعذاب أعظم إذ عذاب الضال المضل يجب ان يكون فوق عذاب من يضل تبعا وليس عذاب من يورد الشبهة كعذاب من يقتدى به غافلا قال الله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ انتهى يقول الفقير فى الآية تهديد عظيم لابى المذكور وانه أول منزوع من مشركى العرب لكونه أشد على الرحمن عتيا من جهة مقالته المذكورة واعلم ان أول الأمر البعث ثم الحشر ثم الإحضار ثم النزع ثم الإدخال فى النار وهو قوله تعالى ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى [سزاوارترند] بِها [بآتش دوزخ] صِلِيًّا دخولا يعنى [ميدانيم كه كيست سزاى انكه او را نخست در آتش افكنند] وهم المنتزعون يقال صلى يصلى كلقى يلقى ومضى يمضى إذا دخل النار وَإِنْ مِنْكُمْ اى وما منكم ايها الناس إِلَّا وارِدُها اى واصل جهنم وداخلها كانَ اى ورودهم إياها عَلى رَبِّكَ حَتْماً مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم خلق الله وضرب الأمير اى امرا محتوما أوجبه الله على ذاته
مَقْضِيًّا حتى انه لا بد من وقوعه البتة ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [پس نجات دهيم آنان را كه پرهيز كردند از شرك يعنى بيرون آريم از دوزخ] أحال الورود الى الوارد وأحال النجاة الى نفسه تعالى ففيه اشارة الى ان كل وارد يرد بقدم الطبيعة فى هاوية الهوى ان شاء وان ابى ولو خلى الى طبيعته لا ينجو منها ابدا ولكن ما نجا من نجا الا بانجاء الله تعالى إياه وَنَذَرُ نترك الظَّالِمِينَ لانفسهم بالكفر والمعاصي فِيها فى جهنم جِثِيًّا [بزانو در آمد كان] وهو اشارة الى هو انهم وتقاعدهم عن الحركة الى الجنة مع الناجين وفى تفسير الجلالين جثيا اى جميعا انتهى اعلم ان الوعيدية وهم المعتزلة قالوا ان من دخلها لا يخرج منها وقالت المرجئة لا يدخلها مؤمن قط وقالوا ان الورود هاهنا هو الحضور لا الدخول فاما اهل السنة فقالوا يجوز ان يعاقب الله العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها وقالوا معنى الورود الدخول كقوله تعالى فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وقال تعالى حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ وبدليل قوله تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا والنجاة انما تكون بعد الدخول فيها كقوله تعالى وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ فان قلت كيف يدخلونها والله تعالى يقول أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها قلت المراد به الابعاد عن عذابها قال فى الاسئلة المقحمة يجوز ان يدخلوها ولا يسمعوا حسيسها لان الله تعالى يجعلها عليهم بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام فالمؤمنون يمرون بجهنم وهى برد وسلام والكافرون وهى نار كما ان الكوز الواحد كان يشربه القبطي فيصير دما والاسرائيلى فيكون ماء عذبا
مؤمن فسون چهـ داند بر آتشش بخواند
…
سوزش درو نماند گردد چونور روشن «1»
وفى الحديث (جز يا مؤمن فان نورك قد اطفأ لهبى) : وفى المثنوى
گويدش بگذر سبك اى محتشم
…
ور نه آتشهاى تو مرد آتشم
فان قلت إذا لم يكن فى دخول المؤمنين عذاب فما الفائدة فيه قلت وجوه الاول ان يزيدهم سرورا إذا علموا الخلاص منه والثاني يزيد غم اهل النار لظهور فضيحتهم عند المؤمنين والأولياء الذين كانوا يخوفونهم بالنار والثالث يرون أعداءهم المؤمنين قد تخلصوا منها وهم يبقون فيها والرابع ان المؤمنين إذا كانوا معهم فيها بكتوهم فيزداد غمهم والخامس ان مشاهدة عذابهم توجب مزيد التذاذهم بنعيم الجنة يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان جهنم صورة النفس الامارة ففى الدنيا يرد كل من الأنبياء والأولياء والمؤمنين والكافرين هاوية الهوى بقدم الطبيعة لكن الأنبياء لكون نفوسهم من المطمئنة يجدونها حامدة واما الأولياء فيردون عليها وهى ملتهبة ثم يجهدون الى ان يطفئوها بنور الهدى ويلتحق بهم بعض المؤمنين وهم المعفو عنهم ولا يمر هؤلاء الطوائف الجليلة بالنار فى الآخرة فلا يحترقون بها أصلا واما الكفار فلما كان كفرهم كبريت الهوى فى الدنيا فلا جرم يدخلون النار فى الآخرة وهى ملتهبة فيبقون هناك محترقين مخلدين ويلتحق بهم بعض العصاة وهم المعذبون لكنهم يخرجون منها بسبب نور تقواهم عن الشرك وقال ابن مسعود والحسن وقتادة ورودها الجواز على الصراط الممدود عليها وذلك لانه لا طريق الى الجنة سوى
(1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى
الصراط فالمرور فى حكم الورود وفى الحديث (لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار الا تحلة القسم) وهى قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها والنحلة مصدر حللت اليمين اى ابررتها وتحلة القسم ما يفعله الحالف مما اقسم عليه مقدار ما يكون بارا فى قسمه فهو مثل فى القليل المفرط القلة وقال مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده فى الدنيا لقوله عليه السلام (الحمى من فيح جهنم فابردوها) بالماء وفى الحديث (الحمى حظ كل مؤمن من النار) وقد جاء (ان حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوما كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه) وعن جابر رضى الله عنه استأذنت الحمى على رسول الله عليه السلام فقال (من هذه) قالت أم ملدم فامر بها عليه السلام الى اهل قبا فلقوا منها مالا يعلمه الا الله فشكوا اليه عليه السلام فقال (ان شئتم دعوت الله ليكشفها عنكم وان شئتم تكون لكم طهورا) قالوا أو يفعل ذلك قال (نعم) قالوا فدعها قالت عائشة رضى الله عنها قدمنا المدينة وهى اوبى ارض الله ولما حصلت لها الحمى قال لها عليه السلام (مالى أراك هكذا) قالت بابى أنت وأمي يا رسول الله هذه الحمى وسببتها فقال (لا تسبيها فانها مأمورة ولكن ان شئت علمتك كلمات إذا قلتهن اذهب الله عنك) قالت فعلمنى قال (قولى اللهم ارحم جلدى الرقيق وعظمى الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم ان كنت آمنت بالله العظيم فلا تصدعى الرأس ولا تنتنى الفم ولا تأكلى اللحم ولا تشربى الدم وتحولي عنى الى من اتخذ مع الله الها آخر) فقالتها فذهبت عنها كذا فى انسان العيون وَإِذا تُتْلى [و چون خوانده شود] عَلَيْهِمْ اى على المشركين آياتُنا القرآنية بَيِّناتٍ واضحات الاعجاز والمعاني وهى حال مؤكدة فان آيات الله لا ينفك عنها الوضوح قالَ [گويند] الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر بن الحارث وأصحابه لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لفقراء المؤمنين واللام للتبليغ كما فى مثل قوله تعالى وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ أو لام الاجل اى لاجلهم فى حقهم أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ اى المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا أينا خَيْرٌ نحن او أنتم مَقاماً مكانا ومسكنا يعنى [ما را منازل نزه است وهمه اسباب معيشت] وَأَحْسَنُ نَدِيًّا اى مجلسا ومجتمعا قال بعض المفسرين الندى المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم يعنى [در مجمع ما همه صنا ديد قريش واشراف عرب اند ودر مجلس او همه موالى وضعفا]- يروى- انهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة فاذا سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيوية على فقراء المؤمنين لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم فى الدنيا احسن لان الحكيم لا يليق به ان يوقع أولياءه فى العذاب والذل وأعداءه فى العز والراحة لكن الأمر بالعكس وقصدهم بهذا الكلام صرفهم عن دينهم فرد الله عليهم بقوله وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ كم مفعول أهلكنا ومن قرن بيان لابهامها واهل كل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مأخوذ من قرن الدابة وهو مقدمها وقال الكاشفى [من قرن: كروهى را مجتمع بودند در زمان واحد] انتهى كأنه اخذه من الاقتران هُمْ أَحْسَنُ فى محل النصب على انه صفة لكم أَثاثاً تمييز عن النسبة وهو متاع البيت يعنى [نيكوتر از جهت امتعه بيت كه آرايش منازل بدان باشد] وَرِءْياً هو المنظر والهيئة
فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثيرا من القرون التي كانوا أفضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود واضرابهم من الأمم العاتية قبل هؤلاء اى كفار قريش أهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء ايضا مثل ذلك قال الكاشفى [نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت]
بر مال وجمال خويشتن تكيه مكن
…
كانرا بشبى برند وآنرا بتبى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الإنكار واهل العزة بالله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ من الحقائق والاسرار قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق بالإنكار والاستهزاء لِلَّذِينَ آمَنُوا من اهل التحقيق إذا رأوهم مرتاضين مجاهدين مع أنفسهم متحملين متواضعين متذللين متخاشعين وهم متنعمون متمولون متكبرون متبعوا شهوات أنفسهم ضاحكون مستبشرون أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ منا ومنكم خَيْرٌ مَقاماً منزلة ومرتبة فى الدنيا ووجاهة عند الناس وتوسعا فى المعيشة وَأَحْسَنُ نَدِيًّا مجلسا ومنصبا وحكما فقال تعالى فى جوابهم وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ اى أهلكناهم بحب الدنيا ونعيمها إذا غرفناهم فى بحر شهواتها واستيفاء لذاتها والتعزز بمناصبها هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً استعدادا واستحقاقا فى الكمالات الدينية منكم كما قال عليه السلام (خياركم فى الإسلام خياركم فى الجاهلية إذا فقهوا) قُلْ للمفتخرين بالمال والمنال مَنْ شرطية والمعنى بالفارسية [هر كه] كانَ مستقرا فِي الضَّلالَةِ [در گمراهى ودر دورى از راه حق] مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى يمد له ويمهله بطول العمر وأعطاه المال والتمكين من التصرفات وإخراجه على صيغة الأمر للايذان بان ذلك مما ينبغى ان يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير او للاستدراج واعتبار الاستقرار فى الضلالة لما ان المد لا يكون الا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله والتعرض لعنوان الرحمانية لما ان المد من احكام الرحمة الدنيوية قال شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى فليستدرجه الرحمن استدراجا بمد عمرة وتوسيع ماله وتكثير ولده او فليمهله الرحمن امهالا بمد راحته على الطغيان وإيصال نعمته على وجه الإحسان حتى يقع فى العقاب والعذاب على سبيل التدريج لا التعجيل فيكون عقابه وعذابه أكمل وأشمل اثرا والما لان الاخذ على طريق التدريج والنعمة أشد منه على طريق التعجيل والنقمة مع ان مبدأ المد مطلقا هو الرحمن دون القهار او الجبار لان كلا منهما مبدأ الشدة ولذلك عبربه لا بغيره هذا هو الخاطر ببالي فى وجه التعبير بالرحمن وان كانت أشدية عقاب الرحمن وجها لكن وجه أشدية عقابه ما ذكرنا لانه إذا أراد العقاب يأتى به على وجه الرحمة والنعمة فيكون كدرا بعد الصفاء والما بعد الراحة وشدة بعد الرخاء فهذا أقوى اثرا والحاصل لا يتصور وقوع المد المذكور الا من الرحمن لانه أصله ومنشأه انتهى كلامه روح الله روحه حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ [تا وقتى كه ببينند آنچهـ بيم كرده شده اند بدان] غاية للمد الممتد وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين الأولين باعتبار لفظها إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ
تفصيل للموعود على سبيل البدل فانه اما العذاب الدنيوي بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا واسرا واما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الحزن والنكال على طريقة منع الخلو دون الجمع فان العذاب الأخروي لا ينفك عنهم بحال قال الامام اى لو فرض ان هذا الضال المتنعم قد مدله فى اجله أليس انه ينتهى الى عذاب فى الدنيا او فى الآخرة فسيعلم ان النعم لا تنفعه كما قال تعالى فَسَيَعْلَمُونَ جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى فانها هى التي تحكى بعدها الجملة ولذا وقع بعد الجملة الشرطية اى حتى إذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوي او الأخروي فقط فسيعلمون حينئذ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما قال الكاشفى [پس بدانند آنرا كه بدترست از هر دو كروه از جهت مكان چهـ جاى مؤمنان درجات جنان باشد ومأواى ايشان دركات نيران]
افتخار از رنك وبو واز مكان
…
هست شادى وفريب كودكان
قال فى بحر العلوم جعلت الشرارة للمكان ليفيد إثباتها لاهله لانه إذا ثبت الأمر فى مكان الرجل فقد ثبت له كما فى قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه وَأَضْعَفُ جُنْداً اى فئة وأنصارا لا احسن نديا كما كانوا يدعونه قال فى تفسير الجلالين وذلك انهم ان قتلوا ونصر المؤمنون عليهم علموا انهم أضعف جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وانما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون ان لهم أعوانا من الأعيان وأنصارا من الأخيار ويفتخرون بذلك فى الاندية والمحافل وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً كلام مستانف سيق لبيان حال المهتدين اثر بيان حال الضالين اى ويزيد الله المؤمنين ايمانا وعملا ويقينا ورشدا كما زاد الضالين ضلالا ومدهم فى استدراجهم وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ كلام مستأنف وارد من جهته تعالى لبيان فضل اعمال المهتدين غير داخل فى حيز الكلام الملقن لقوله تعالى عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً هو الجزاء لانه نفع يعود الى المجزى وهو اسم من الاثابة او التثويب اى الأعمال التي تبقى عائدتها ابدا خير عند ربك من مفاخرات الكفار وحظوظهم العاجلة وَخَيْرٌ مَرَدًّا مرجعا وعاقبة لان ما لها رضوان الله والنعيم الدائم ومآل هذه السخط والعذاب المقيم وقال الكاشفى يعنى [اگر كافرانرا در دنيا جاه ومال است ودر آخرت وبال ونكال خواهد شد اما مؤمن در دنيا هم هدايت دارند وهم حمايت ودر آخرت هم ثواب خواهند داشت وهم حسن المآب]
بدنيا سرفراز ونام دارند
…
بعقبى كامدار وكام كارند «1»
ففى الآية اشارة الى ان الضرر القليل المتناهي الذي يعقبه نفع كثير غير متناه كما هو حال المؤمنين خير من عكسه كما هو حال الكافرين فامهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله كما ان قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه بل لان الله تعالى أراد به ما هو خير له وعوضه منه واعلم ان الباقيات الصالحات هى اعمال الآخرة كلها ومنها الكلمات الطيبة قال ابو الدرداء رضى الله عنه جلس رسول الله عليه السلام ذات يوم وأخذ عودا يابسا وأزال الورق عنه ثم قال (ان قول لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله ليحط الخطايا كما يحط ورق
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون
هذه الشجرة الريح خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن فهن الباقيات الصالحات وهى من كنوز الجنة) . وفى التأويلات النجمية الباقيات الصالحات هى الأعمال الصالحات التي هى من نتائج الواردات الالهية التي ترد من عند الله الى قلوب اهل الغيوب يعنى كل عمل يصدر من عند نفس العبد من نتائج طبعه وعقله لا يكون من الباقيات الصالحات يدل عليه قوله ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ انتهى فعلى العاقل ان يجتهد فى إصلاح النفس وتزكيتها ليتولد منها الأعمال الباقية والأحوال الفاضلة ويحصل له نسل بلا عقم ونكاح منتج قوانا الله وإياكم فى ذلك آمين أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا نزلت فيمن سخر بالبعث وهو العاص بن وائل كان لحباب بن الأرت عليه مال فتقاضاه فقال له لا حتى تكفر بمحمد فقال لا والله لا اكفر بمحمد حيا ولا ميتا ولا حين نبعث قال وإذا بعثت جئتنى فيكون لى مال وولد فاعطيك والهمزة للتعجب من حاله والإيذان بانها من الغرابة والشناعة بحيث يجب ان يرى ويقضى منها العجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا التي من جملتها آيات البعث وَقالَ مستهزئابها مصدرا كلامه باليمين الفاجرة لَأُوتَيَنَّ فى الآخرة ان بعثت يعنى [بمن دهند] مالًا وَوَلَداً اى انظر اليه يا محمد فتعجب من حالته البديعة وجراءته الشنيعة أَطَّلَعَ الْغَيْبَ همزته استفهام وأصله أأطلع من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى الى أعلاه وطلع الثنية. والمعنى أقد بلغ من عظمة الشان الى ان ارتقى الى علم الغيب الذي توحد به العليم الخبير حتى ادعى ان يؤتى فى الآخرة مالا وولدا واقسم عليه أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً او اتخذ من عالم الغيب عهدا بذلك فانه لا يتوصل الى العلم به الا بأحد هذين الطريقين علم الغيب وعهد من عالمه وقيل العهد كلمة الشهادة والعمل الصالح فان وعد الله بالثواب عليهما كالعهد الموثق عليه كَلَّا ليس الأمر على ما يقول سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ سنحفظ عليه ما يقول من الكذب والكفر والاستهزاء فنجازيه به وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا مكان ما يدعيه لنفسه من الامداد بالمال والولد اى نطول له من العذاب ما يستحقه وَنَرِثُهُ بموته ما يَقُولُ اى مسمى ما يقول ومصداقه وهو ما أوتيه فى الدنيا من المال والولد وفيه إيذان بانه ليس لما يقوله مصداق موجود سوى ما ذكر اى ننزع ما آتيناه كما فى الإرشاد وقال فى العيون ما بدل من هاء نرثه بدل اشتمال اى نهلكه ونورث ماله وولده غيره وقال الكاشفى [وميراث ميكيريم آنچهـ ميكويد كه فردا بمن خواهند داد يعنى مال وفرزند] وَيَأْتِينا يوم القيامة فَرْداً وحيدا خاليا لا يصحبه مال ولا ولد كان له فى الدنيا فضلا عن ان يؤتى ثمة زائدا وفى الاية اشارة الى ان اهل الغرور يدعون الاحراز للفضيلتين المال والولد فى الدنيا والنجاة والدرجات فى الآخرة وينكرون على اهل التجرد فى الاعراض عن الكسب واعتزال النساء والأولاد ولا يدرون انهم يقعون بذلك فى عذاب البعد إذ لا سند لهم أصلا: قال الكمال الخجندي
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان
…
يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
وَاتَّخَذُوا اى مشركوا قريش مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً اى اتخذوا الأصنام آلهة
متجاوزين الله تعالى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا اى ليتعز زوابهم بان يكونوا لهم وصلة اليه تعالى وشفعاء عنده وأنصارا ينجون بهم من عذاب الله قال بعضهم كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه فى محل الذل ومكانه إذ ذللت نفسك بسؤال الخلق ولو كنت موفقا لا عززت نفسك بسؤال الحق او بذكره او بالرضى لما يرد عليك منه فتكون عزيزا فى كل حال دنيا وآخرة كَلَّا ليس الأمر على ما ظنوا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ سينكر الكفرة حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم عبادتهم لهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا اعداء للآلهة كافرين بها بعد ان كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها وقال فى تفسير الجلالين سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ اى يجحدونها لانهم كانوا جمادا لم يعرفوا انهم يعبدون ويكونون عليهم ضدا اى أعوانا وذلك ان الله تعالى يحشر آلهتهم فينطقهم ويركب فيهم العقول فتقول يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك انتهى فالضمير فى يكفرون ويكونون للآلهة أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ اى سلطناهم عليهم بسبب سوء اختيارهم حال كون تلك الشياطين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا اى تغربهم وتهيجهم على المعاصي تهييجا شديدا بانواع الوساوس والتسويلات فان الاز والهز والاستفزاز أخوات معناها شدة الإزعاج وفى العيون الاز فى الأصل هو الحركة مع صوت متصل من ازيز القدر اى غليانه والمراد تعجيب رسول الله عليه السلام من أقاويل الكفرة وتماديهم فى الغى والانهماك فى الضلال والافراط فى العناد والإجماع على موافقة الحق بعد اتضاحه وتنبيه على ان جميع ذلك منهم بإضلال الشياطين واغوائهم لا لان له مسوغا فى الجملة فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ اى بان يهلكوا حسبما تقضيه جناياتهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم يقال عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ ايام آجالهم عَدًّا اى لا تعجل بهلاكهم فانه لم يبق لهم الا ايام محصورة وأنفاس معدودة فيجازيهم بها وكان ابن عباس رضى الله عنهما إذا قرأها بكى وقال آخر العدد خروج نفسك آخر العدد فراق أهلك آخر العدد دخول قبرك وكان ابن السماك رحمه الله عند المأمون فقرأها فقال إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما اسرع ما تنفذ قال أعرابي كيف تفرح بعمر تقطعه الساعات وسلامة بدن تعرض للآفات قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر ممدود قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من حافظ على الأنفاس فالساعات فى حكمه الى ما فوق ذلك ومن كان وقته الساعات فاتته الأنفاس ومن كان وقته الأيام فاتته الساعات ومن كان وقته الجمعة فاتته الأيام ومن كان وقته الشهور فاتته الأسابيع ومن كان وقته السنون فاتته الشهور ومن كان وقته العمر فاتته السنون ومن فاته عمره لم يكن له وقت ولم تعد همته بهمة على نفسه فليبك من ضاع عمره ويطول الوقت ويقصر بحسب حضور صاحبه فمنهم من وقته ساعة ويوم وجمعة وشهر وسنة ومرة واحدة فى عمره ومن الناس من لا وقت له لغلبة بهيميته عليه واستغراقه فى الشهوات: قال المولى الجامى
هر دم از عمر كرامى هست كنج بي بدل
…
ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آخ آخ
وقال
عمر تو كنج وهر نفس از وى يكى كهر
…
كنجى چنين لطيف مكن رايكان تلف
وقال الحافظ
كارى كشيم ور نه خجالت بر آورد
…
روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ اى اذكر يا محمد لقومك بطريق الترغيب والترهيب يوم نجمع اهل التقوى والطاعة إِلَى الرَّحْمنِ الى ربهم الذي يغمرهم برحمته الواسعة حال كونهم وَفْداً وافدين عليه كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم والوافد من يأتى بالخير وفى التهذيب الوفد والوفادة [بنزديك امير شدن بحاجت] وفى القاموس وفد اليه وعليه قدم ورد وهم وفود ووفد وفى التأويلات النجمية انما خص حشر وفد المتقين الى حضرة الرحمانية لانها من صفات اللطف ومن شأنها الجود والانعام والفضل والكرم والتقريب والمواهب انتهى والرحمة ان كانت من صفات الذات يراد بها ارادة إيصال الخير ودفع الشر وان كانت من صفات الفعل يراد بها إيصال الخير ودفع الشر كما فى بحر العلوم وعن على رضى الله عنه ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها ذهب وعلى نجائب سروجها ياقوت وأزمتها زبر جد ثم ينطق بهم حتى يقرعوا باب الجنة قال الكاشفى وَفْداً [در حالتى كه سواران باشند بر ناقهاى بهشت يعنى ايشانرا سوار ببهشت برند چنانچهـ وافدان را بدرگاه ملوك ميبرند امام قشيرى رحمة الله فرمود كه بعضى بر نجائب طاعات وعبادات باشند وقومى بر مراكب همم ونيات. آنانكه بر مراكب طاعت باشند بهشت جويانند ايشانرا بروضه جنان برند. وآنانكه بر نجائب همت باشند خداى طلبانند ايشانرا بقرب رحمت خوانند جنان جوى ديكرست ورحمان جوى ديكر در كشف الاسرار آورده كه ممشاد دينورى رحمه الله در حال نزع بود درويشى پيش وى ايستاده ودعا مى كرد كه خدايا برو رحمت كن وبهشت او را كرامت كن ممشاد بانك بروزد كه اى غافل سى سالست كه بهشت را با شرف وعزت وحور وقصور بر من جلوه ميدهند ومن كوشه چشم هست برو نيفكنده ام اكنون بدرگاه قرب ميروم زحمت خود آورده وبراى من بهشت ورحمت مى خواهى]
باغ فردوس از براى ديدنش بايد مرا
…
بي جمالش روضه رضوان چهـ كار آيد مرا
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ العاصين كما تساق البهائم إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً مشاة عطاشا فان من يرد الماء لا يرده الا لعطش وحقيقة الورد المسير الى الماء لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ان كانت الشفاعة مصدرا من المبنى للفاعل والعهد بمعنى الاذن لانه يقال عهد الأمير الى فلان بكذا إذا امره به فالمعنى لا يملك أحد من العباد أيا من كان ان يشفع للعصاة الا من اتخذ من الله اذنا فيها كقوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وان كانت مصدرا من المبنى للمفعول والعهد عهد الايمان فالمعنى لا يملك المجرمون ان يشفع لهم الا من كان منهم مسلما وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي عليه السلام قال لاصحابه ذات يوم (أيعجز أحدكم
ان يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قالوا وكيف ذلك قال (يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد إليك بأنى اشهد ان لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانك ان تكلنى الى نفسى تقر بنى من الشر وتباعدني من الخير وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عهدا توفينيه يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع) اى ختم عليه بخاتم (ووضع تحت العرش فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين لهم عند الرحمن عهدا فيدخلون الجنة كما فى بحر العلوم الكبير وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً اى قال اليهود والنصارى ومن يزعم من العرب ان الملائكة بنات الله فقال الله تعالى لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا الاد والادة بكسرهما العجب والأمر الفظيع والداهية والمنكر كالاد بالفتح كما فى القاموس اى فعلتم امرا منكرا شديدا لا يقادر قدره فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته وقال الكاشفى [بدرستى كه آوردى چيزى زشت يعنى ناخوش وبى ادبانه] تَكادُ السَّماواتُ صفة الاد اى تقرب من ان يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ يتشققن مرة بعد اخرى من عظم ذلك الأمر فان التفطر التشقق وهو بالفارسية [شكافته شدن] واصل التفعل التكلف وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتكاد تنشق الأرض وتنصدع اجزاؤها- وروى- عن بعض الصحابة انه قال كان بنو آدم لا يأتون شجرة الا أصابوا منها منفعة حتى قالت فجرة بنى آدم اتخذ الرحمن ولدا فاقشعرت الأرض وشاك الشجر وَتَخِرُّ الْجِبالُ اى تسقط وتتهدم هَدًّا مصدر مؤكد لمحذوف هو حال من الجبال اى تهد هدا اى تكسر كسرا يعنى [پاره پاره كردد] قال فى القاموس الهد الهدم الشديد والكسر كالهدود. والمعنى ان هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها بحيث لو تصورت بصورة محسوسة لم تطق بها هاتيك الاجرام العظام وتفتتت من شدتها او ان فظاعتها فى استجلاب الغضب واستيجاب السخط بحيث لولا حلمه تعالى على اهل الأرض وانه لا يعالجهم بالعقاب لخرب العالم وبدد قوائمه غضبا على من تفوه بها أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً منصوب على حذف اللام المتعلقة بتكاد او مجرور باضمارها اى تكاد السموات تتفطرن والأرض تنشق والجبال تخر لان دعوا له سبحانه ولدا ودعوا من دعا بمعنى سمى المتعدّى الى المفعولين وقد اقتصر على ثانيهما ليتناول كل مادعى له من عيسى وعزير والملائكة ونحوهم إذ لو قيل دعوا عيسى ولدا لما علم الحكم على العموم او من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ادعى الى فلان اى انتسب اليه وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً حال من فاعل قالوا وينبغى مطاوع بغى إذا طلب اى قالوه والحال انه ما يليق به تعالى اتخاذ الولد ولا ينطلب له لو طلب مثلا لاستحالته فى نفسه وذلك لان الولد بضعة من الوالد فهو مركب ولا بد للمركب من مؤلف فالمحتاج الى المؤلف لا يصلح ان يكون الها إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما منهم أحد من الملائكة والثقلين فان بمعنى النفي كما وكل مبتدأ خبره آتى ومن موصوفة لأنها وقعت بعد كل نكرة إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ حال كونه عَبْداً اى الا وهو مملوك يأوى اليه بالعبودية والانقياد وفى العيون سيأتى جميع الخلائق يوم القيامة الى الرحمن خاضعا ذليلا مقرا بالعبودية كالملائكة
وعيسى وعزير وغيرهم يعنى يلتجئون الى ربوبيته منقادين كما يفعل العبيد للملوك فلا يليق به اتخاذ الولد منهم انتهى قال ابو بكر الوراق رحمه الله ما تقرب أحد الى ربه بشئ ازين عليه من ملازمة العبودية واظهار الافتقار لان ملازمة العبودية تورث دوام الخدمة واظهار الافتقار اليه يورث دوام الالتجاء والتضرع: قال الحافظ
فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى
…
كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز
لَقَدْ أَحْصاهُمْ اى حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يكاد يخرج منهم أحد من حيطة علمه وقبضة قدرته وملكوته مع افراط كثرتهم وَعَدَّهُمْ عَدًّا اى عد أشخاصهم وأنفاسهم وآجالهم وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً اى كل واحد منهم آت إياه تعالى منفردا من الاتباع والأنصار فلا يجانسه شىء من ذلك ليتخذه ولدا ولا يناسبه ليشرك به وفى الحديث القدسي (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب (ولم يكن له ذلك) يعنى لم يكن التكذيب لائقا به بل كان خطأ (وشتمنى) الشتم وصف الغير بما فيه نقص وإزراء (ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدأنى) يعنى لن يحيينى الله بعد موتى كما خلقنى وليس أول الخلق باهون علىّ اى بأسهل والخلق بمعنى المخلوق من إعادته اى من إعادة المخلوق بل إعادته أسهل لوجود اصل البنية اعلم ان هذا مذكور على طريق التمثيل لان الاعادة بالنسبة الى قوانا أيسر من الإنسان واما بالنسبة الى قدرة الله تعالى فلا سهولة فى شىء ولا صعوبة (واما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا) وانما صار هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء عن الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون فى المركب وكل مركب محتاج الى المؤلف او لان الحكمة فى التولد استحفاظ النوع عند فناء الآباء تعالى الله عما لا يليق فان قلت قوله (اتخذ الله) تكذيب ايضا لانه تعالى اخبر ان لا ولد له وقوله (لن يعيدنى) شتم ايضا لانه نسبة له الى العجز فلم خص أحدهما بالشتم والآخر بالتكذيب قلت نفى الاعادة نفى صفة كمال واتخاذ الولد اثبات صفة نقصان له والشتم افحش من التكذيب ولذلك نفاه الله عنه بأبلغ الوجوه فقال (وانا الأحد) اى المتفرد بصفات الكمال من البقاء والتنزه وغيرهما الواو فيه للحال (الصمد) بمعنى المصمود يعنى المقصود اليه فى كل الحوائج (الذي لم يلد) هذا نفى للتشبيه والمجانسة (ولم يولد) هذا وصف بالقدم والاولية (ولم يكن له كفوا أحد) هذا تقرير لما قبله فان قلت لا يلزم من نفى الكفو فى الماضي نفيه فى الحال والاستقبال قلت يلزم لانه إذا لم يكن فى الماضي فوجد يكون حادثا والحادث لا يكون كفوا للقديم كذا فى شرح المشارق لابن ملك فاذا ثبت ان الالوهية والربوبية لله تعالى وانه لا يجانسه ولا يشاركه شىء من المخلوقات ثبتت العبودية والمربوبية للعبد وان من شأنه ان لا يعبد شيأ من الأجسام والأرواح ولا يتقيد بشئ من العلويات والسفليات بل يخص عبادته بالله تعالى ويجرد توحيده عن هواه قال على رضى الله عنه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذي هم اى الكفار عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان فهذا من آثار حسن الاستعداد حيث استغنى عن البرهان بقاطع العقل فليتبع العاقل اثر متبوعه المصطفى عليه
السلام وقد لاح المنار واستبان النور من النار فالنور هو التوحيد والإقرار والنار هو الشرك والإنكار والتوحيد إذا تجلى بحقائقه ظهر التجريد وهو إذا حصل بمعانيه ثبت التفريد فالفردانية صفة السر الا على وهى حاصلة للعارفين فى هذه الدار ولغيرهم يوم القيامة وما فى هذه الدار اختياري مقبول وما فى الآخرة اضطراري مردود فيا ارباب الشرك ابن التوحيد ويا اهل التوحيد اين التجريد ويا اصحاب التجريد اين التفريد وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً وقد قيل قيامة العارفين دائمة: قال لصائب
ترك هستى كن كه آسودست از تاراج سيل
…
هر كه پيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين عمل القلب وعمل الجوارح سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا اى سيحدث لهم فى القلوب مودة من غير تعرض منهم لاسبابها من قرابة او صداقة او اصطناع معروف او غير ذلك سوى ما لهم من الايمان والعمل الصالح والسين اما لان السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله ذلك إذا قوى الإسلام واما ان يكون ذلك يوم القيامة يحببهم الله الى خلقه بما يظهر من حسناته وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بذر الايمان إذا وقع فى ارض القلب وتربى بماء الأعمال الصالحات ينمو ويتربى الى ان يثمر فتكون ثمرته محبة الله ومحبة الأنبياء والملائكة والمؤمنين جميعا كما قال تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها انتهى واعلم ان المحبة الموافقة ثم الميل ثم الود ثم الهوى ثم الوله فالموافقة للطبع والميل للنفس والود للقلب والمحبة للفؤاد وهو باطن القلب والهوى غلبة المحبة والوله زيادة الهوى يقال نور المحبة ثم نار العشق ثم حرارة الشهوة ثم البخار اللطيف ثم النفس الرقيق ثم الهواء الدقيق قال رجل لعبد الله ابن جعفر ان فلانا يقول انا أحبك فبم اعلم صدقه فقال استخبر قلبك فان توده فانه يودك قيل
وعلى القلوب من القلوب دلائل
…
بالود قبل تشاهد الأشباح
وفى الحديث (أكثروا من الاخوان فان ربكم حى كريم يستحيى ان يعذب عبده بين إخوانه يوم القيامة) وعنه عليه السلام (من نظر الى أخيه نظر مودة ولم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه) يقال طرف بصره إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر قال عمر رضى الله عنه ثلاث يثبتن الود فى صدر أخيك ان تبدأه بالسلام وان توسع له فى المجلس وان تدعوه بأحب أسمائه اليه وقال سقراط اثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الذكر ومن بلاغات الزمخشري محك المودة الآخاء حال الشدة دون حال الرخاء وقال ابو على الدقاق قدس سره لما سعى غلام الخليل بالصوفية الى الخليفة امر بضرب أعناقهم فاما الجنيد فانه تستر بالفقه وكان يفتى على مذهب ابى ثور واما الشحام والرقام والنوري وجماعة فقبض عليهم فبسط النطع لضرب أعناقهم فتقدم النوري فقال السياف تدرى لماذا تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر أصحابي بحياة ساعة فتحير السياف فأنتهى الخبر الى الخليفة فردهم الى القاضي ليتعرف حالهم فالقى القاضي على ابى الحسن النوري مسائل فقهية فاجاب عن الكل ثم أخذ يقول وبعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد ألفاظا ابكى القاضي فارسل القاضي الى
الخليفة وقال ان كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم فانظر واعتبر من معاملة النوري مع إخوانه فانه آثرهم حال الشدة على نفسه بخلوص جنانه
حديث عشق از آن بطال منيوش
…
كه در سختى كند يارى فراموش
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ اى سهلنا القرآن. وبالفارسية [پس جز اين نيست كه آسان كردانيده قرآنرا] بِلِسانِكَ بان أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على والفاء لنعليل امر ينساق اليه النظم الكريم كأنه قيل بعد ايحاء السورة الكريمة بلغ هذا المنزل وبشر به وانذر فانما يسرناه بلسانك العربي المبين لِتُبَشِّرَ بِهِ [تا مژده دهى بدو] الْمُتَّقِينَ اى الصائرين الى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهى وَتُنْذِرَ بِهِ يقال أنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كما فى القاموس قَوْماً لُدًّا لا يؤمنون به لجاجا وعنادا. واللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة اللجوج المعاند قال فى القاموس الألد الخصم الشحيح الذي لا يزيغ الى الحق وفى الحديث (ابغض الرجال الى الله الألد الخصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة القرآن التي هى صفة الله تعالى القديمة القائمة بذاته لا تسعها ظروف الحروف المحدثة المعدودة المتشابهة لانها قديمة غير معدودة ولا متناهية وانما يسر الله درايته بقلب النبي عليه السلام وقراءته باللسان العربي المبين ليبشر به المتقين لانهم اهل البشارة وهم اصناف ثلاثة فصنف منهم يتقون الشرك بالتوحيد وصنف يتقون المعاصي بالطاعة وصنف يتقون عما سوى الله تعالى بالله وينذر به قوما لذا شدادا فى الخصومة لانهم اهل الانذار وهم ثلاث فرق ففرقة منهم الكفار الذين يقاتلون على الباطل وفرقة منهم اهل الكتاب الذين يخاصمون على اديانهم المنسوخة وفرقة منهم اهل الأهواء والبدع والفلاسفة الذين يجادلون اهل الحق بالباطل وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ سبق معنى القرن اى قرونا كثيرة أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين بعد ان أنذرهم انبياؤهم بآيات الله وحذروهم عذابه وتدميره هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ قال فى تهذيب المصادر الاحساس [دانستن وديدن] قال الله تعالى (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) إلخ اى هل تشعر بأحد منهم وترى اى لا وبالفارسية [هيچ مى بايد ومى بينى از آن هلاك شدكان يكى را] أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ [يا مى شنوى مرا يشانرا] رِكْزاً اى صوتا خفيا واصل الركز هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه فى الأرض والركاز المال المدفون المخفي والمعنى أهلكناهم بالكلية وأستأصلناهم بحيث لا يرى منهم أحد ولا يسمع منهم صوت خفى. وبالفارسية يعنى [چون عذاب ما بديشان فرود آمد مستأصل شدند نه از ايشان شخصى باقى ماند كه كسى بيند ونه آواز بر جاى كه كسى بشنود بلكه مؤكل قهر الهى با هيچكس در نساخت وهمه را بدست فنا در دام خمول ونيسان انداخت] كان لم يخلقوا ولم يكونوا
كو اثر از سروران تاج بخش
…
كونشان از خسروان تاجدار
سوخت ديهيم شهان كامجوى
…
خاك شد تحت ملوك كامكار
وفى الآية وعد لرسول الله صلى الله عليه عليه فى ضمن وعيد الكفرة بالا هلاك وحث له على الانذار قال الشيخ سعدى قدس سره