المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الاخْتِلَافَاتِ الأَسَاسِيَّةِ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالقَانُونِ: تختلف الشريعة الإسلامية عن القوانين الوضعية - الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه

[عبد القادر عودة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: مَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَهُ:

- ‌أَحْكَامُ الإِسْلَامِ وَمُقَوِّمَاتُهُ:

- ‌أَحْكَامُ الإِسْلَامِ شُرِّعَتْ لِلْدِّينِ وَالدُّنْيَا:

- ‌أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ لَا تَتَجَزَّأُ:

- ‌الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ شَرِيعَةٌ عَالَمِيَّةٌ:

- ‌الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ شَرِيعَةٌ كَامِلَةٌ دَائِمَةٌ:

- ‌مُقَارَنَةٌ بَيْنَ نَشْأَةِ الشَّرِيعَةِ وَنَشْأَةِ القَانُونِ:

- ‌طَبِيعَةُ الشَّرِيعَةِ تَخْتَلِفُ عَنْ طَبِيعَةِ القَانُونِ:

- ‌الاخْتِلَافَاتِ الأَسَاسِيَّةِ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالقَانُونِ:

- ‌الوَجْهُ الأَوَّلُ:

- ‌الوَجْهُ الثَّانِي:

- ‌الوَجْهُ الثَّالِثُ:

- ‌المُمَيِّزَاتُ الجَوْهَرِيَّةُ التِي تُمَيِّزُ الشَّرِيعَةَ عَنْ القَانُونِ:

- ‌طَرِيقَةُ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي التَّشْرِيعِ:

- ‌حَقُّ أُولِي الأَمْرِ فِي التَّشْرِيعِ:

- ‌حُكْمُ خُرُوجِ أُولِي الأَمْرِ عَنْ حُدُودِ حَقِّهِمْ:

- ‌هَلْ اِسْتَعْمَلَ أُولُو الأَمْرِ حَقَّهُمْ فِي حُدُودِهِ

- ‌عِلَّةُ نَقْلِ القَوَانِينِ الأُورُوبِيَّةِ لِلْبِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ:

- ‌أَثَرُ القَوَانِينِ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنَ الوِجْهَةِ العِلْمِيَّةِ:

- ‌أَثَرُ القَوَانِينِ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنَ الوِجْهَةِ النَّظَرِيَّةِ:

- ‌حُكْمُ تَعَارُضِ القَوَانِينِ مَعَ الشَّرِيعَةِ:

- ‌كَيْفَ خَرَجَتْ القَوَانِينُ المُخَالِفَةُ لِلْشَّرِيعَةِ عَنْ وَظِيفَتِهَا

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: مَدَى عِلْمُ المُسْلِمِينَ بِشَرِيعَتِهِمْ:

- ‌1 - طَائِفَةُ غَيْرِ المُثَقَّفِينَ:

- ‌2 - طَائِفَةُ المُثَقَّفَةِ ثَقَافَةً أُورُوبِيَّةً:

- ‌أَوَّلاً - الادِّعَاءُ بِأَنَّ الإِسْلَامَ لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالحُكْمِ:

- ‌ثَانِيًا - الاِدِّعَاءُ بِأَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْعَصْرِ الحَاضِرِ:

- ‌ثَالِثًا - الاِدِّعَاءُ بِأَنَّ بَعْضَ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ مُؤَقَّتٌ:

- ‌رَابِعًا - الاِدِّعَاءُ بِأَنَّ بَعْضَ الأَحْكَامِ لَا يُسْتَطَاعُ تَطْبِيقُهَا:

- ‌خَامِسًا - الاِدِّعَاءُ بِأَنَّ الفِقْهَ الإِسْلَامِيَّ يَرْجِعُ إِلَى آرَاءِ الفُقَهَاءِ:

- ‌3 - طَائِفَةُ المُثَقَّفِينَ ثَقَافَةً إِسْلَامِيَّةً:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: مَنْ المَسْؤُولُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ

- ‌مَسْؤُولِيَةُ الحُكُومَاتِ الإِسْلَامِيَّةِ:

- ‌مَسْؤُولِيَةُ رُؤَسَاءِ الدُّوَلِ:

الفصل: ‌ ‌الاخْتِلَافَاتِ الأَسَاسِيَّةِ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالقَانُونِ: تختلف الشريعة الإسلامية عن القوانين الوضعية

‌الاخْتِلَافَاتِ الأَسَاسِيَّةِ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالقَانُونِ:

تختلف الشريعة الإسلامية عن القوانين الوضعية اختلافًا أساسيًا من ثلاثة وجوه:

‌الوَجْهُ الأَوَّلُ:

أن الشريعة من عند الله، أما القانون فمن صنع البشر، وكلا الشريعة والقانون يتمثل فيه بجلاء صفات صانعه، فالقانون من صنع البشر، ويتمثل فيه نقص البشر وعجزهم وضعفهم، فالقانون من صنع البشر، ويتمثل فيه نقص البشر وعجزهم وضعفهم وقلة حيلتهم ومن ثم كان القانون عرضة للتغيير، أو ما نسميه التطور كلما تطورت الجماعة إلى درجة لم تكن متوقعة، أوجدت حالات لم تكن منتظرة، فالقانون ناقص دائمًا، ولا يمكن أن يبلغ حد الكمال ما دام صانعه لا يمكن أن يوصف بالكمال، ولا يستطيع أن يحيط بما سيكون، وإن استطاع الإلمام بما كان.

أما الشريعة، فصانعها هو الله، وتتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته وإحاطته بما كان، وبما هو كائن، ومن ثم صاغها العليم الخبير بحيث تحيط بكل شيء في الحال والاستقبال.

‌الوَجْهُ الثَّانِي:

أن القانون عبارة عن قواعد مؤقتة، تضعها الجماعة، لتنظيم شؤونها وسد حاجتها، فهي قواعد متأخرة عن الجماعة، أو هي في مستوى الجماعة اليوم، ومتخلفة عنه غدًا، لأن القوانين لا تتغير.

ص: 18

بسرعة تطور الجماعة، وهي قواعد مؤقتة تتفق مع الجماعة المؤقتة، وتستوجب التغيير كلما تغيرت حال الجماعة.

أما الشريعة فقواعدها وضعها الله على سبيل الدوام، لتنظيم شؤون الجماعة، فالشريعة تتفق مع القانون في أن كليهما وضع لتنظيم الجماعة، ولكن الشريعة تختلف عن القانون في أن قواعدها دائمة لا تقبل التعبير والتبديل، وهذه الميزة التي تمتازها الشريعة تقتضي منطقيًا:

أولاً: أن تكون قواعد الشريعة ونصوصها من المرونة والعموم بحيث تتسع لحاجات الجماعة مهما طالت في الأزمان، وتطورت الجماعة، وتعددت الحاجات وتنوعت.

ثانيًا: أن تكون قواعد الشريعة ونصوصها من السمو والارتفاع بحيث لا يمكن أن تتأخر في وقت عصر ما عن مستوى الجماعة.

والواقع أن ما يقتضيه المنطق متوفر بوجهيه في الشريعة، بل هو أهم ما يميز الشريعة، فقد جاءت نصوص الشريعة عامة ومرنة إلى آخر حدود العموم والمرونة، كما أنها وصلت من السمو درجة لا يتصور بعدها سمو.

ولقد مر على الشريعة أكثر من ثلاثة عشر قرنًا، تغيرت في خلالها الأوضاع أكثر من مرة، وتطورت الآراء والعلوم

ص: 19

تطورًا كبيرًا، واستحدث من الصناعات والمخترعات ما لم يكن يخطر على خيال إنسان، وتغيرت قواعد القانون الوضعي ونصوصه أكثر من مرة، لتتلاءم مع الحالات الجديدة والظروف الجديدة بحيث انقطعت العلاقة بين قواعد القانون الوضعي التي تطبق اليوم، وبين قواعده التي كانت تطبق يوم نزلت الشريعة، وبالرغم من هذا كله، ومن أن الشريعة الإسلامية، لا تقبل التغيير والتبديل، ظلت مبادؤها ونصوصها أسمى من مستوى الجماعات، وأكفل بتنظيم وسد حاجاتهم، وأقرب إلى طبائعهم وأحفظ لأمتهم وطمأنينتهم.

هذه هي شهادة التاريخ الرائعة، يقف بها في جانب الشريعة الإسلامية، وليس ثمة ما هو أروع منها إلا شهادة النصوص ومنطقها وخذ مثلاً قوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (1). وقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (2). وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (3). وقول الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَر وَلَا ضِرَارَ فِي الإِسْلَامِ» فهذه نصوص من القرآن وَالسُنَّةِ، بلغت من العموم والمرونة الحد الأقصى. وهي تقرر «الشُّورَى» قاعدة للحكم على الوجه

(1)[سورة آل عمران، الآية: 159].

(2)

[سورة الشورى، الآية: 38].

(3)

[سورة المائدة، الآية: 2].

ص: 20