المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القول الفصل في الخضر عليه السلام] - زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور

[ابن تيمية]

الفصل: ‌[القول الفصل في الخضر عليه السلام]

[القول الفصل في الخضر عليه السلام]

والصواب الذي عليه المحققون: أنه ميت، وأنه لم يدرك الإسلام ولو كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوجب عليه أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكون في مكة والمدينة، ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليرقع لهم سفينتهم، ولم يكن مختفيا عن خير أمة أخرجت للناس، وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنهم.

ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم ولا في دنياهم؛ فإن دينهم أخذوه عن الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وآله

ص: 70

وسلم الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقال لهم نبيهم:«لو كان موسى حيا ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم» وعيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل من السماء إنما يحكم فيهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم، فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره؟ ! والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرهم بنزول عيسى من السماء، وحضوره مع المسلمين، وقال:" كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسي في آخرها؟ ! " فإذا كان النبيان الكريمان اللذان هما مع إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة لا عوامهم ولا خواصهم، فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم؟ ! وإذا كان الخضر حيا دائما فكيف لم -

ص: 71

يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قط، ولا أخبر به أمته، ولا خلفاؤه الراشدون؟ ! وقول القائل: إنه نقيب الأولياء، فيقال له: من ولاه النقابة وأفضل الأولياء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ وليس فيهم الخضر.

وعامة ما يحكى في هذا الباب من الحكايات بعضهما كذب، وبعضها مبني على ظن رجل مثل شخص رأى رجلا ظن أنه الخضر، وقال: إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك، وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال - وقد ذكر له الخضر - من أحالك على غائب فما أنصفك. وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان. وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

ص: 72