المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٦٩

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الملك [2]

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً)

- ‌طلب الآخرة مع طلب الرزق

- ‌الحث على كسب الرزق

- ‌تفسير قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء

- ‌تفسير قوله تعالى: (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات

- ‌تفسير قوله تعالى: (أمن هذا الذي هو جند لكم

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفمن يمشي مكباً على وجهه

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل هو الذي أنشأكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي

- ‌الأسئلة

- ‌حديث: (إذا فتحت عليكم الشام فاتخذوا منها جنداً)

- ‌القول في كتاب: عمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌البدوي وأحمد الرفاعي

- ‌حكم سؤر الحمير والبغال والسباع

- ‌حكم التصوير بالفيديو

- ‌هل النوم مبطل للوضوء

- ‌حكم التسمية في الوضوء

- ‌حديث: (الأذنان من الرأس)

- ‌حديث: (لا صلاة لمن لا وضوء له)

- ‌حديث: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)

- ‌حكم الأضحية

- ‌هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها

الفصل: ‌هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها

‌هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها

؟

‌السؤال

تنازلت زوجتي عن مبلغ ثلاثين ألف جنيه من ميراثها من وليها لشقيقها الوحيد الذي لم يتزوج بحجة أنه لم يتزوج، ولكنه ثري وعنده ما يكفيه، وبعد ذلك تركت له أرضها التي تؤجر بمبلغ ستة آلاف جنيه سنوياً، ويستولي أخوها على المبلغ كله دون أن يعطيها منه شيئاً، وحينما حدثتها في ذلك ثارت وقالت لي: ليس من حقك التدخل في أموالي، وعندما حدثت شقيقها في عدم أحقيته في أخذ المبلغ قال لي: ليس هذا من شأنك، وقد قرأت في فتاوي الشيخ فلان أنه لا يحق للمرأة التصرف في مالها بدون إذن زوجها، فما المطلوب مني تجاه هذا الموضوع، خصوصاً أنني غير مستريح نفسياً من زوجتي؟

‌الجواب

في الحقيقة أن هذا الباب وردت فيه جملة أدلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدل بها بعض العلماء على منع المرأة من التصرف في مالها إلا إذا أذن لها زوجها، كحديث:(لا يحل للمرأة عطية من مالها إلا بإذن زوجها) هذا الدليل المانع، لكن -والله سبحانه أعلم- الجمهور على أن هذا الحديث على الاستحباب وليس على الإيجاب، حتى تدوم العشرة بين الزوجين على ما يرضي، والأصل أن المرأة أحق بالتصرف في مالها، إذ هو مالها، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم (لما انتهى من خطبة العيد ذهب إلى النساء يذكرهن ومعه بلال، وبلال باسط ثوبه، فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها -أي: العقد والحلق- في حجر بلال) ، ولم يرد أن النساء ذهبن واستأذن من الأزواج حينئذٍ، فلو كان استئذان المرأة لزوجها في إنفاق مالها واجباً لأمرهن النبي أن يستأذن أزواجهن، فلما لم يأمرهن النبي صلى الله عليه وسلم باستئذان الأزواج دل ذلك على عدم الوجوب.

بيد أن حديث (نهي المرأة عن التصدق بمالها إلا بإذن زوجها) فيه كلام من الناحية الحديثية ومن الناحية الفقهية أيضاً، فمن العلماء من حمل:(من مالها إلا بإذن زوجها) أي: من مالها الذي أعطاها إياه الزوج، وهذا وجه آخر للتوجيه، أما القطع بأن إنفاق المرأة مالها بغير إذن زوجها حرام فهو قول لا وجه له، إذ الأدلة تدفعه، والله أعلم.

لكن فقط من باب تطييب الخواطر، ودوام المودة والمحبة بين الزوجين يستحب لها ذلك، حتى تدوم معيشتها مع الزوج، وتطيب خاطره ولو بالكلمة الطيبة، أما أنه يتسلط عليها ويفرض عليها أن تفعل أو لا تفعل فليس هذا من حقه إذ قد يطلقها من الغد، فإذا قلنا: له أن يمنعها أو يجب عليها أن تستأذن منه، سيتسلط ويقول لها: أنفقي في موطن كذا، ولي هذا، وكأنه من حقه!! فالصداق الذي هو لها من الزوج يقول الله فيه:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4] إن طابت نفسها لزوجها بجزء من المال، فليس لأخيها أن يأتي ويقول لها: لا تعطي الزوج، ليس لأخيها ذلك.

ولكن نقول: ينبغي للمرأة أن تكون عاقلة ورشيدة في التصرف، فإذا نظرنا إلى قوله تعالى في شأن المهور:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ} [النساء:4] ولم يقل: طبن لكم عن كل الصداق، إنما قال:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ، فيستحب للمرأة أن تبقي في يديها بعض الأموال لتتصدق بها وتحسن بها إلى الفقراء، وخاصة إذا كان أخوها من الأثرياء، فالصدقة على الذي هو أشد احتياجاً تبلغ مبلغاً أعظم في الأجر، فالمرأة إذا أرادت الثواب العظيم والأجر الجزيل من الله سبحانه عليها أن تعمد إلى أهل الاستحقاق فتنفق عليهم، أما الزوج فما عليه إلا النصح، والله أعلم.

ص: 26