المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٩٢

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الغاشية

- ‌تفسير قوله تعالى: (هل أتاك حديث الغاشية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وجوه يومئذٍ خاشعة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (عاملة ناصبة، تصلى ناراً حامية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (تسقى من عين آنية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لسعيها راضية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (في جنة عالية، لا تسمع فيها لاغية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فيها سرر مرفوعة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

- ‌الأسئلة

- ‌الجمع بين الأمر بترك صيام آخر شعبان وفعل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على الفرش المزخرفة برسم الصليب

- ‌حكم الصلاة مع الجماعة الثانية والثالثة بنية النافلة

- ‌حكم محاسبة الرجل على معصية زوجته

- ‌حكم اعتكاف المرأة في البيت أو في المسجد

- ‌شفاعة القرآن لأصحابه

- ‌كيفية البحث في فتح الباري

- ‌حكم النفقة على العيال

- ‌حكم التجميل والعلاج بالزبادي والعسل

- ‌الحكم على حديث: (اطلبوا العلم ولو في الصين)

- ‌صلاة المرأة خلف زوجها في البيت

- ‌حكم منع الزوج زوجته من إعارة دفتر محاضراتها

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

‌تفسير قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

.)

قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:17] من أهل العلم من قال: فمن طرح له

‌السؤال

لماذا مُثل بالإبل ولم يمثل مثلاً بالفيل وهو أعظم خلقاً من الجمل؟ فأجاب الحسن البصري رحمه الله تعالى على ذلك بقوله: إن الفيل لم يكن معروفاً عند العرب كمعرفتهم للإبل، وقال أيضاً: ثم إن الفيل كالخنزير، لا يؤكل لحمه، ولا يركب ظهره، ولا يحلب دره، أما الناقة، فيحلب لبنها، ويركب ظهرها، ويؤكل لحمها، فوجه الانتفاع بالجمال أكبر بمراحل من الانتفاع بالفيل، {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} على هذه الحال من فضل الخلق، كما هي ظاهرة بادية أمام أعينكم معشر العرب.

{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} إن قال قائل مثلاً: لماذا لم يقل: أفلا ينظرون إلى الشياه كيف خلقت؟ فالمطرد: أن توجيه النظر يكون إلى الأعظم دائماً، فالعرب كان كثيرٌ منهم أهل فخر واختيال، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن الفخر والخيلاء قال:(الفخر والخيلاء من الفدادين أهل الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم)، يعني: أهل الإبل ينظرون إلى الناقة ورأسها مرتفع في السماء وأهلها يشتبهون بها، وتجده أعرابياً جلفاً جافاً ومع ذلك مستكبر غاية الكبر، ولا يبالي بأي شخص؛ لمعاشرته للجمال، أما الذي يرعى الغنم يكون فيه سكينة ووقار، فلا يخفى عليك أن الشاة دائماً رأسها منكساً في الأرض، فيكون أهل الشياه أهل تواضع، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(ما بعث الله من نبيٍ إلا ورعى الغنم) لذلك تجد في الأنبياء تواضع، فإذا مثلت للأعرابي: أفلا ينظرون إلى الشياه كيف خلقت؟ يحتقر التمثيل ويقول: لا أريد أن أكون من أهل هذه الشياه.

{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية:17-21] حالك أنك مذكر، ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله تعالى:{جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، وبين قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة:5] لأن في باب التذكرة أنت فقط مذكر، وأمر الهداية مرده إلى الله، إلا أن من أهل العلم من قال: أن هذه الآية مسبوقة بآية السيف، لكن منهم من حملها على أنها في باب التذكير؛ وليس لك إلا التذكير، لأنك لست بمجبرٍ لهم، ولا بمسلط على قلوبهم فيؤمنوا، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية:21] * {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية:22]، وكما في الآية الأخرى:{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق:45] ، لست بمكره لهم على الإيمان.

{إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} [الغاشية:23] من أهل العلم من قال: (إِلَّا) هنا بمعنى: (لكن)، فالمعنى: لكن من تولى وكفر، {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية:24-25] أي: رجوعهم، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:26] أي: يوم رجوعهم إلينا.

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ص: 11