المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سوء أدبهم مع نبي الله عليه السلام - سلسلة القصص - المنجد - جـ ١٨

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌قصة بني إسرائيل مع البقرة

- ‌فوائد من قصص الأنبياء

- ‌القصص توجد عند أهل الكتاب من حيث العموم

- ‌موقفنا مما عند أهل الكتاب من العلم

- ‌الفائدة من سرد هذه القصص في القرآن

- ‌طبيعة اليهود من خلال نظرتهم إلى أوامر الله عز وجل

- ‌خلاصة القصة

- ‌أسلوب القرآن في عرض القصة

- ‌تنطعهم في تنفيذ الأوامر

- ‌سوء أدبهم مع نبي الله عليه السلام

- ‌خطورة الاستهزاء والمزاح في الأمور الدينية

- ‌تجرؤهم بقولهم: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ)

- ‌فائدة أصولية في باب الأمر

- ‌مواصلة العناد وزيادة التشديد عليهم

- ‌ما يستفاد من العِبر في التلكؤ وسؤالهم عن عمل البقرة

- ‌التباطؤ في التنفيذ طبيعة اليهود والمنافقين

- ‌المبادرة للتنفيذ هي المقصود من أمرهم بالذبح

- ‌ذبح البقرة وما كان بعدها

- ‌مجموعة من الفوائد في الآيات

- ‌جواز بيع السلم

- ‌حرمة الاستهزاء بالأنبياء

- ‌بيان كيف يحيي الله الموتى

- ‌وجوب تقديم الأصول على الفروع

- ‌اليهود قوم بهت مماطلون

- ‌الأسئلة

- ‌تأجير العين المستأجرة وشروط ذلك

- ‌الشعور بالغثيان أثناء الصلاة

- ‌الرد على من يفسرون القرآن بأهوائهم

- ‌حكم صيام من أكل بعد أذان الفجر

- ‌هجر القرآن

- ‌وقت إفطار الصائم

الفصل: ‌سوء أدبهم مع نبي الله عليه السلام

‌سوء أدبهم مع نبي الله عليه السلام

بهذا يواجهون نبيهم، نبي يأمرهم بأمر يقولون: أتهزأ بنا؟ أتسخر منا؟ هل هذا خطاب يليق بنبي؟ هل هذا أدب ينبغي للنبي؟ هذا من شأن بني إسرائيل الذين تمردوا على نبيهم، وظنوا أنه يلاعبهم، ظنوا أنه يهزأ بهم، وأشعر جوابهم هذا ما ثبت من فضاضتهم وسوء أدبهم، ولذلك رد موسى عليهم بقوله:{أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة:67] لأن الاستهزاء في أثناء التبليغ لا يليق بنبي، كيف يهزأ نبي وهو يبلغ قومه؟! كيف يجعل في التبليغ مجالاً للسخرية والاستهزاء والمزاح والضحك والعبث؟! لا يمكن، ولذلك تجلى سوء أدبهم، لما قالوا له:{أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً} [البقرة:67].

وفي قول موسى: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة:67] فائدة بديعة في دفاع الداعية عن نفسه إذا اتهم بشيءٍ باطل، وهذا الهزأ في أثناء تبليغ أمر الله تعالى جهلٌ وسفه نفاه موسى عن نفسه، وأكد أنه جاد غاية التأكيد، وقال: أعوذ بالله، ألتجئ وأعتصم به أن أكون من الجاهلين الذين يتقدمون في الأمور بغير علم، فرموا موسى بالسفه والجهالة، ودافع موسى عليه السلام عن نفسه، وقال: ألتجئ إلى الله وأعتصم بتأديبه إياي من الجهالة والهزأ بالناس.

وكان موسى عليه السلام حكيماً لما قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} [البقرة:67] لم يقل: أنا آمركم، أو اذبحوا بقرة؛ لأن موسى يعلم طبيعة هؤلاء القوم، ويعلم تلكؤهم وتباطؤهم وتمردهم، ولذلك قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} [البقرة:67] بيَّن لهم أن الأمر من الله حتى يقطع عليهم الطريق على التأخر في التنفيذ أو التحايل، ويقطع عليهم الطريق في المناقشة.

ربما قالوا له: إنما أتيت به من عند نفسك، هذا رأيك الشخصي أن نذبح بقرة، لكنه قال لهم بكلمات واضحة ومحددة:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67] وقوله: (بقرة) هذه نكرة في سياق الأمر تفيد العموم، اذبحوا أي بقرة، التنكير هنا يفيد العموم، لا يهم لونها ولا حجمها ولا عمرها، ولا عملها، ولا ثمنها، المهم أن تذبحوا بقرة، لكن اليهود قومٌ بهت، لم ينقادوا للأمر ولم ينفذوه فوراً، ولم يطيعوا الله ورسوله، وأنى لهم أن يفعلوا ذلك؟ فلذلك بدلاً من أن يوقروا نبيهم وينفذوا أمره، تواقحوا عليه وأساءوا الأدب واعترضوا قائلين:{أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً} [البقرة:67] وكأنهم يقولون: عجيب! ما هي الصلة بين ذبح البقرة وبين كشف هوية القاتل؟ نحن جئناك في حل قضيتنا نريد أن نعرف القاتل، وبما أنك نبي تعلم الغيب بإذن الله فأخبرنا من هو القاتل، ثم أنت تطلب منا أن نذبح بقرة بدلاً من أن تكشف لنا عن القاتل؟! وهذا طلبٌ مريبٌ يدل على أنك تريد أن تتخذنا هزواً.

ص: 10