المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم تارك الزكاة - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ٥١

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ مذهب المرجئة في الإيمان [2]

- ‌باب ما روي في تضليل المرجئة وهجرانهم

- ‌ملحوظتان حول حديث (كلها في النار إلا واحدة)

- ‌شرح حديث (صنفان من أمتي كلاهما في النار)

- ‌ذم الصحابة للمرجئة

- ‌تدرج البدع من الإرجاء إلى المجوسية

- ‌حكم سؤال الشخص أهو مؤمن

- ‌تحذير إبراهيم النخعي من المرجئة

- ‌هجر العلماء للمرجئة

- ‌قاعدة في الحكم على الأشخاص

- ‌شروط الخروج على الحاكم

- ‌تحذير العلماء من التنقل بين الفرق

- ‌تشبيه العلماء للمرجئة باليهود

- ‌التحذير من الإرجاء وتضليل السلف لهم

- ‌ترجمة الحجاج بن يوسف الثقفي وأقوال العلماء فيه

- ‌اشتراط العمل في صحة الإيمان

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌حكم تارك الزكاة

- ‌حكم السجود للأصنام

- ‌حكم العمل وتركه في الإيمان

- ‌ضرورة التفريق بين رؤساء الفرق والأتباع

- ‌ترك العلماء شهود جنائز أهل البدع

- ‌حكم رواية المبتدع

- ‌نهي الإمام مالك عن تزويج المرجئة

- ‌بعض معتقدي الإرجاء كانوا من أكثر الناس عملاً

- ‌اختلاف حكم الداعية للبدعة عن المتبع لها فقط

- ‌مخالفة المرجئة للإيمان

- ‌باب ما نقل من مقابح مذهب المرجئة

- ‌ما روي عن أبي حنيفة من القول بالإرجاء

- ‌تحذير السلف من منهج المرجئة

- ‌ثناء العلماء على أبي حنيفة

- ‌الأسئلة

- ‌تحالف الشيعة مع المجوس واليهود والنصارى

- ‌حكم إقامة غير المؤذن، وحكم الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌حكم الاتكاء على راحة اليد الشمال

- ‌حكم الأكل من الطعام المصنوع بمناسبة مولد الحسين

- ‌صفة ثوب الصلاة للمرأة

- ‌حكم العقيقة، وميقاتها

- ‌قول الشيعة الإمامية بنقص القرآن الكريم

- ‌حكم حلق اللحية للسفر إلى العمرة

- ‌حكم لعن إبليس والاستعاذة منه

- ‌العذر بالإكراه

- ‌حد عورة المرأة المسلمة بين المحارم

- ‌حكم الصلاة خلف مرتكب البدعة غير المكفرة

- ‌إفتاء الشيخ الألباني بإخراج زكاة الفطر حبوباً وما شابهها

- ‌حكم الدراسة عند أهل البدع

- ‌حكم العلاج بالعسل

- ‌حكم تشميت العاطس

- ‌حكم الاستعانة بالجن على إخراج الكنوز من باطن الأرض

- ‌الواجب على من أراد أن يكون طالب علم

- ‌النية شرط في العبادات

- ‌ما يحذر العاقد فعله أيام العقد

الفصل: ‌حكم تارك الزكاة

‌حكم تارك الزكاة

اختلف العلماء في تارك الزكاة؛ لما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قاتل مانعي الزكاة، لكن مقاتلة أبي بكر لمانعي الزكاة كان لها فقه وتأويل، بدليل أن أبا بكر لما سئل: أكفار هم؟ قال: لا، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما سئل عن مقاتله الخوارج: أكفار هم؟ قال: لا، ولكنهم إخواننا بالأمس بغوا علينا اليوم، فعدهم من البغاة، بل والنبي عليه الصلاة والسلام حكم بذلك عندما قال:(تقتل عمار الفئة الباغية).

وكان عمار بن ياسر في صف علي بن أبي طالب، فسماهم بغاة، والبغاة لا يقاتلون إلا بشرطين، الشرط الأول: أن يتحزبوا ويتميزوا ويتحيزوا في صعيد واحد، والشرط الثاني: أن يعظم خطرهم على الإمام ومن معه، أو أن يبدءوا الإمام بالقتال، فحينئذ يجوز بل يجب على الإمام أن يقاتل من بغى وخرج عليه، وهذا الذي حدث من علي بن أبي طالب مع الخوارج ومن قبله أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومن مانعي الزكاة من تأول قول الله عز وجل:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:103].

فمانعو الزكاة الذين حاربهم أبو بكر الصديق كانوا صنفين، منهم قوم ظنوا واجتهدوا اجتهاداً خاطئاً أن الزكاة إنما تخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون من يأتي بعده، لقول الله تعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام:((خُذْ))، أي: يا محمد! ((مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، وفهموا أن هذا الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام خاصة، وليس لأحد من الخلفاء ممن يأتي من بعده.

فهؤلاء تأولوا، ولكنهم أخطئوا، والمتأول المخطئ لا يحارب، وإنما يفهم ويبين له الأمر، ولكن هؤلاء تميزوا وتحيزوا مع المرتدين الذين ارتدوا عن دين الإسلام، فصاروا في صعيد واحد، فأخذ هذا الأمر حكم ما يسمى في الإسلام بقتال أهل الثغر.

والثغر يجوز فيه قتل المؤمنين الموحدين إذا بقوا في وسط الكفار إذا قامت الحرب بينهم وبين الإمام، وهذا أمر معلوم، كما قال الله تعالى:{لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا} [الفتح:25]، ولكنهم لم يتزيلوا، ومعنى تزيلوا: أي: تحيزوا وتميزوا، فهؤلاء لم يتميزوا ولم يتحيزوا، وصاروا ثلة قليلة من مانعي الزكاة المتأولين في وسط قوم عظام كثرة ارتدوا عن دين الإسلام صراحة، وكان يلزم أبا بكر الصديق أن يقاتل ويحارب هؤلاء المرتدين حتى يردهم إلى الإسلام أو يقتلهم، وإذا قتلهم فلابد أن يقتل معهم المتأولين في منع الزكاة، وإما أن يتركهم بلا قتال، وبالتالي يعظم خطرهم جداً على المدينة وعلى أهل المدينة من المؤمنين، خاصة مع موت النبي عليه الصلاة والسلام وجرح جميع القلوب في المدينة، بل وفي كل بقعة دخلت في الإسلام، فكانت المصلحة تستدعي قتالهم، وقد أنكر عمر بن الخطاب على أبي بكر قتالهم في أول الأمر، ثم أقره في آخر الأمر وشاركه في مقاتلتهم وقال: فما خاصمت أبا بكر فيها بعد، فسرعان ما انشرح لذلك، وعلمت أنه الحق، أي: علمت أن ما عليه أبو بكر الصديق هو الحق، وعلمت أن الله شرح صدره لذلك، فعلم عمر بذلك أن أبا بكر رضي الله عنه على الحق.

ص: 18