الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ» (1).
والحديث مضمونه مزارعة الأرض، وليس له صلة خاصة بالباب السابق، وإنما يتصل به بالمناسبة لأصل الموضوع (الحَرْثِ وَالمُزَارَعَةِ) ومثل ذلك كثير في الكتاب، وربما تكلف الشراح عقد الصلة لهذا النوع من الأبواب بما قبلها. ولسنا نرى ذلك لأنه ما دام الباب مُنَاسِبًا للمبحث الذي عُقِدَ فيه كان ذلك كَافِيًا (2).
رَابِعًا - التَّرَاجِمُ المُفْرَدَةُ:
التراجم المفردة: هي تراجم يجعلها البخاري في باب من الأبواب، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا من الحديث للدلالة عليها. لها مثال ذلك قوله في (الصَّلَاةِ):
(بَابُ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ)، قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (3) وقوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا
…
) (4) ثم لم يخرج فيهما شيئا من الحديث للدلالة على ما ترجم له.
قال الحافظ ابن حجر: «وَرُبَّمَا اكْتَفَى أَحْيَانًا بِلَفْظ التَّرْجَمَةِ الَّتِي هِيَ لَفْظُ حَدِيثٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى شَرْطِهِ وَأَوْرَدَ مَعَهَا أَثَرًا أَوْ آيَةً فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ يَصِحَّ فِي البَابِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطَي» (5).
وفي الختام: ونذكر تَفَنُّنَ البخاري في تراجمه، وأنه كَثِيرًا ما يجمع بين ألوان مِمَّا ذكرنا من فنونه وأساليبه، حَتَّى لنجد الترجمة في كتابه تمثل بَحْثًا قَائِمًا بنفسه، جمع العناوين
(1) جـ 3 ص 104.
(2)
وقد حاول ابن حجر أن يربط بين بَابَيْ المزارعة المذكورين، فَتَكَلَّفَ تَكَلُّفًا بَعِيدًا. انظر " الفتح ": جـ 5 ص 6، 7. والأسلم هو ما ذكرنا، خُصُوصًا وأن ذلك كثير في الكتاب.
(3)
جـ 1 ص 162.
(4)
جـ 2 ص 148.
(5)
" هدي الساري ": جـ 1 ص 10 لكن قوله «هِيَ لَفْظُ حَدِيثٍ» ليس بلازم فربما لا يكون لفظ الترجمة لفظ حديث كما في المثال الثاني أوردناه.
والآيات والأحاديث ثم الآثار، والأحاديث تَدُلُّ على بعضها بالمطابقة الظاهرة، وعلي بعضها بالنظر والاستنباط، ومن هنا تكثر الأنواع والمسالك، حتى تبلغ العشرات. فلذلك أدهشت العلماء، وشغلت عنايتهم واهتمامهم، فأطالوا القول فيها والثناء عليها، حتى كان ذلك من أساليب تقديم الكتاب على غيره من الكتب. قال الحافظ ابن حجر:«كَذَلِكَ الجِهَةُ العُظْمَى الْمُوجِبَةُ تَقْدِيمَهُ، وَهِيَ: مَا ضَمَّنَهُ أَبْوَابَهُ مِنَ التَّرَاجِمِ التِي حَيَّرَتْ الأَفْكَارَ وَأَدْهَشَتْ العُقُولَ وَالأَبْصَارَ» (1).
(1) المرجع السابق: جـ 1 ص 9.