المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أنواع الأوامر والنواهي - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ١٦

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[16]

- ‌ترجمة أبي هريرة وبيان سبب إكثاره من رواية الحديث

- ‌بيان بعض الكتب التي اعتنت بذكر عدد روايات الصحابة في الكتب الستة

- ‌تكليف الشرع بالمستطاع

- ‌أنواع الأوامر والنواهي

- ‌كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء سبب من أسباب هلاك الأمم السابقة

- ‌فوائد من حديث: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)

- ‌معنى قول المحدثين والمخرجين: (متفق عليه)

- ‌تقييد امتثال الأمر بالاستطاعة

- ‌ضابط فعل المأمورات وترك المنهيات

- ‌بيان نوع المسائل المنهي عنها

- ‌أنواع الناس في الاشتغال بالمسائل

- ‌خلاصة الفوائد المأخوذة من حديث: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)

- ‌الأسئلة

- ‌كراهة الاشتغال بالمسائل الافتراضية

- ‌اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في التشريع

- ‌وقت إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وصحبته

- ‌حكم الصلاة في أوقات النهي

- ‌ضرر كثرة المسائل

- ‌التدرج في تحريم الخمر

- ‌إمساك المسافر عن الطعام إذا قدم من سفره

- ‌ذكر الخلاف في كون الأمر يحمل على الفور أو على التراخي

- ‌عدم اقتضاء الأمر للتكرار

- ‌الزكاة على أموال الجمعيات الفردية

- ‌حكم الشرب قائماً

- ‌حكم السؤال عن حال الإنسان

- ‌حكم التقيد والالتزام بمذهب معين

- ‌الترك أو الفعل بالتدرج

الفصل: ‌أنواع الأوامر والنواهي

‌أنواع الأوامر والنواهي

من الأوامر ما يكون واجباً، ومنها ما يكون مستحباً ومندوباً، فالواجب: لابد من الإتيان به، ولولم يأت به فإنه يأثم، ويستحق العقوبة، وأما المندوب: ففيه تكميل، وفيه فضل وثواب، وتكمل الفرائض بالنوافل إذا حصل فيها نقص، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإذا كانت العبادة واجبة فيتعين الإتيان بها، وإذا كانت مستحبة فيستحب الإتيان بها، ومن تركها فإنه لا يأثم؛ لأن المندوب هو: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، ويطلبه الشارع طلباً غير جازم.

ويدل على ذلك الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، فإن المقصود بهذا الأمر، ولكن لم يأمر به لخوف المشقة، وأما الاستحباب فإنه مأمور به وحاصل، ولكن الذي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من المشقة على أمته هو الإيجاب عند كل صلاة.

فقوله: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، يعني: أمرتهم أمر إيجاب؛ لأن أمر الاستحباب موجود، والترغيب فيه موجود، حيث قال عليه الصلاة والسلام:(السواك مطهرة للفم مرضاة للرب).

وعلى هذا فإن الأوامر منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، والواجب: يتعين الإتيان به ويأثم من تركه، والمستحب: مطلوب ومندوب للإنسان أن يفعله، وأن يأتي به وتكمل به الفرائض، والنوافل هي كالسياج للفرائض، والإنسان الذي يتساهل في النوافل قد يجره ذلك إلى التساهل في الفرائض، لكن الإنسان إذا فعل المندوبات وحرص عليها فهو على الفرائض أحرص من باب أولى، فتكون النوافل كالوقاية لها، بمعنى: أن الإنسان يكون مطمئناً إلى فعلها لحرصه على ما دونها، ويكمل النقص الذي في الفرض من النفل، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك المنهيات: ما كان منها على سبيل التحريم ويتعين تركه، ولا يجوز الإقدام عليه، ويعاقب فاعله، وما كان من قبيل المنهيات للتنزيه فيكون تركها أولى من فعلها، ولا شك أن هذا هو الأولى وهو الأفضل، ولكنه لو فعل ذلك لم يكن فعل أمراً محرماً، وإنما فعل أمراً جائزاً، فهو يثاب تاركها ولا يعاقب فاعلها، فالمكروه كراهة تنزيه يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله؛ لأنه جائز.

فإذاً: الأوامر منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب، والمكروهات منها ما هو محرم لا يسوغ الإتيان به، ومنها ما جاء ما يدل على أنه للتحريم، وأن عدم فعله هو الأولى، مثل: الشرب عن قيام، فقد جاء النهي عن الشرب عن قيام، ولكنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وكذلك جاء عن أصحابه الكرام مثل علي رضي الله عنه، فهذا يدل على أن شرب الإنسان جالساً هو المطلوب والذي ينبغي، وأن الإنسان لو شرب قائماً فإن ذلك سائغ وليس بحرام.

ص: 5