الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ السَّلَمِ
وَهوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَيعِ، يَصِحُّ بِأَلْفَاظِهِ وبِلَفْظِ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ.
ــ
باب السَّلَمِ
فائدة: قال في «المُسْتَوْعِبِ» : هو أنْ يُسْلِمَ إليه مالًا في عَين مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشارِحِ»: هو أنْ يُسْلِمَ عَينًا حاضِرَةً في عِوَض مَوْصُوفٍ في الذِّمةِ إلى أجَل. وقال في «المُطْلِعِ» : هو عَقْدٌ على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ مُؤجَّل بثَمَن مَقْبُوض في مَجْلِسِ العَقْدِ. وهو مَعْنَى الأوَّلِ، وهو حسَن. وقال في «الوَجيزِ»: هو بَيعُ مَعْدُوم خاص ليس نَفْعًا إلى أجَل بثَمَنٍ مَقْبُوضٍ في مَجْلِسِ العَقْدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِها: هو بَيعُ عَين مَوْصُوفَةٍ مَعْدُومَةٍ في الذِّمَّةِ إلى أجَل مَعْلُوم مَقْدور عليه عندَ الأجَلِ
وَلَا يَصِحُّ إلا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ؛ أحَدُهَا، أن يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ
ــ
بثَمَنٍ مَقْبُوضٍ عندَ العَقْدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» : هو بَيعُ مَعْدُوم خاصٍّ بثَمَن مَقْبُوض، بشُروطٍ تُذْكَرُ.
تنبيه: قوْلُه: ولا يَصِحُّ إلّا بشُرُوطٍ سَبْعَةٍ. وكذا ذكَرَه جَماعَةٌ. وذكَر في
صِفَاتِهِ، كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْمَذْرُوعِ.
ــ
«الفُروعِ» وغيرِه سِتَّةً. وذكَر في «الهِدايَةِ» وغيرِها خَمسَةً. وذكَر في «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهما أربعَةً. مع ذِكْرِ هم كُلِّهم جميعَ الشُّرُوطِ. والظَّاهِرُ، أنَّ الذي لم يُكْمِلْ عدَدَ ذلك، جعَل الباقِيَ مِن تَتِمَّةِ الشُّرُوطِ، لا شُرُوطًا لنَفْسِ السَّلَمِ.
قوله: أحَدُها، أنْ يكونَ فيما يُمكِنُ ضَبْطُ صِفاتِه؛ كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ والمَذْرُوعِ. أمَّا المَكِيلُ والمَوْزُونُ، فيَصِحُّ السَّلَمُ فيهما، قوْلًا واحِدًا. وأمَّا المَذْرُوعُ، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ السَّلَمِ فيه،؛ قال المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ السَّلَمُ فيه. ذكَرَها إسْماعِيلُ في الطَّرِيقَةِ.
فأمَّا الْمَعْدُودُ الْمُخْتَلِفُ؛ كَالْحَيَوَانِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ، وَالْجُلُودِ، وَالرُّءُوسِ، وَنَحوها، فَفِيه رِوَايَتَانِ.
ــ
قوله: فأمَّا المَعدُودُ المُخْتَلِفُ؛ كالحَيَوانِ، والفَواكِهِ، والبُقولِ، والرءوسِ، والجُلودِ، ونَحوها، ففيه رِوايَتان. أمَّا الحَيَوانُ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الرِّوايتَين، سَواء كان آدَمِيًّا أو غيرَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَة» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم؛ إحداهما، يصِحُّ السَّلَمُ فيه. وهو الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1): هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: المَشْهُورُ صِحَّةُ السَّلَمِ في الحَيَوانِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثرَم. قال في «الكافِي» : هذا الأظْهرُ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» : صحّ على الأَظهرِ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال في
(1) انظر: المغني 6/ 388.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» : يصِحُّ على الأصحِّ. قال في «الفائقِ» : يصِحُّ في أصحِّ الرِّوايتَين. واخْتاره ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الإرشادِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الوَجيزِ» . وصحَّحَه في «التصحيحِ» ، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِين» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ فيه، وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِين» ، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِير» . وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكبْرَى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، يصِحُّ السلَمُ في اللَّحمِ النِّئِ -بلا نِزاعٍ- ولا يُعتبَرُ نَزْعُ عَظْمِه؛ لأنّه كالنوَى في التمرِ، لكِنْ يُعتبَرُ قوْلُه: بقَر أو غَنَمٌ، ضَأن أو مَعز، جَذَعٌ أو ثَنِيٌّ، ذكَر أو أنثَى، خَصِيٌّ أو غيرُه، رَضِيع أو فَطِيم، مَعلُوفَة أو راعِيَةٌ، مِنَ الفَخِذِ أو الجَنْبِ -نقَلَها الجماعَةُ- سَمِين أو هزِيل. ومنها، لا يصِحُّ السلَمُ في اللحمِ المَطبوخِ والمَشْويِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وغيرِهما. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: يصِحُّ. قدَّمه ابنُ رَزِين. وهما احتِمالان مُطْلَقان في «التلْخيصِ» . وأطْلَقَ وَجْهين في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُغْنِي» ، و «الشّرحِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» . ومنها، يصِحُّ السَّلَمُ في الشَّحمِ. جزَم به في «الفُروعِ». قيل لأحمدَ: إنَّه يخْتَلِفُ. قال: كل سَلَفٍ يخْتَلِفُ. وأمَّا الفَواكِهُ والبُقولُ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها رِوايَتَين، وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «الحاوي» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الشّرحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ إحداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التصحيحِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يصِحُّ في معدُودٍ مُخْتَلِفٍ، على الأصحِّ. قال أبو الخَطَّابِ: لا أرَى السَّلَمَ في الرُّمَّانِ والبَيضِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «شَرحٍ ابنِ رَزِين» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . والرِّوايَةُ الثَّانية، يصِحُّ. جزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وأمَّا الجُلُودُ والرُّءوسُ ونحوُها، كالأكارِعِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها رِوايتَين، وأطْلَقَهما في «الكافِي» ،
وَفِي الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ وَالأوْسَاطِ؛ كَالْقَمَاقِمِ، وَالأسْطَالِ الضَّيِّقَةِ الرُّءُوسِ، وَمَا يَجْمَعُ أخْلاطًا مُتَمَيِّزَةً؛ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَينِ، وَجْهانِ.
ــ
و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّارِحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّركَشِيِّ» ، إحداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحَه في «التصحيحِ» ، و «الرعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرحِه» ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ السَّلَمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ» ، في مَكانٍ آخَرَ. جزَم به القاضي يَعْقُوبُ في «التبصِرَةِ». وصحَّحَه في «تصحيحِ المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ فيما قاله المُصَنِّفُ كلَّه، حيثُ أمكَنَ ضَبْطُه (1).
قوله: وفي الأوانِي المُخْتَلِفَةِ الرُّءوسِ، والأوْساطِ، كالقَماقِمِ، والأسْطالِ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضَّيِّقَةِ الرُّءوسِ، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الهادِي» ، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزركَشِيِّ» ، و «الشَّرحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الكَبِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «الوَجيزِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «إدراكِ الغايَةِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِين» . والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. صححَه في «التصحيحِ» ، فيُضْبَطُ بارتفاعِ حائطِه، ودَوْرِ أسْفَلِه أو أعلاه.
قوله: وفي ما يَجْمَعُ أخْلاطًا مُتَمَيِّزَةً، كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّركَشِيِّ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الوَجيزِ» . وصحَّحَه في «الكافِي» ، و «الشرحِ» ، و «التصحيحِ» . وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، و «شرح ابنِ رَزِين» . والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» .
فائدة: حُكْمُ النُّشَّابِ المَرِيشِ، والنبلِ المَرِيشِ، والخِفافِ، والرِّماحِ، حُكْمُ الثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهما. وقام في «المُغْنِي» ، و «الشّرحِ» ، و «ابنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَزِين»، وغيرِهم، الصِّحَّةَ هنا أيضًا. وأمَّا القِسِيُّ، فجعَلَها صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحرَّزِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَينِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، وَغيرِهم، كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ من نوْعَين. [والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها ليستْ كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين](1)، ولا يَصِحُّ السَّلَمُ فيها؛ لأنَّها مُشْتَمِلَة على خَشَب وقرنٍ وعَقَب (2) وتُوزٍ (3)، إذْ لا يمكِنُ ضَبْطُ مَقادِيرِ ذلك وتَميِيزُ ما فيها، بخِلافِ الثِّيابِ وما أشْبَهها. قدَّمه في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الهادِي» .
تنبيه: مَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ السَّلَمِ في الثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعٍ واحدٍ. وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقد دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ السابقِ، في قوْلِه: والمَذْرُوعِ. وتقدَّم هناك رِوايَة، أنه لا يصِحُ السَّلَمُ في المَذْرُوعَ.
(1) زيادة من: ش.
(2)
في ا: «وعصب» .
(3)
في الأصل، ا «ووتر». والتوز: شجر وخشبة يستخدمها الصبيان في لعبهم.
وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ، كَالْجَوَاهِرِ كُلِّها، وَالْحَوَامِلِ مِنَ الْحَيَوانِ، وَالْمَغْشُوشِ مِنَ الأَثْمَانِ وَغَيرِها، وَمَا يَجْمَعُ أخْلَاطًا غَيرَ مُتَمَيِّزَةٍ، كَالْغَالِيَةِ، وَالنَّدِّ، وَالْمَعَاجِينِ. وَيَصِحُّ فِيمَا يُتْرَكُ فِيهِ شَيْءٌ غيرُ مَقْصُودٍ لِمَصلَحَتِهِ، كَالْجُبْنِ، وَالْعَجِينِ، وَخَلِّ التَّمرِ، والسّكَنْجَبِينِ، وَنَحوها.
ــ
قوله: ولا يصِح فيما لا ينْضَبِطُ، كالجَواهِرِ كُلها. هذا المذهبُ في الجَواهِرِ كُلِّها. وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. ونقَل أبو داودَ، السَّلَمُ فيها لا بأسَ به. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في اللُّولُؤِ مَنعٌ وتَسْلِيم. وأطْلَقَ في «الفُروعِ» ، في العَقِيقِ، وَجْهين. وجزَم في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشّرحِ» ، و «ابنِ رَزِين» ، وغيرِهم، بعَدَمِ الصِّحَّةِ فيه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: والحَوامِلِ مِنَ الحَيَوانِ. لا يصِحُّ السَّلَمُ في الحَوامِلِ مِنَ الحَيَوانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرعايَةِ الكُبْرَى» ، [و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الشّرحِ»](1). وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يصِحُّ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في الخَلِفاتِ (2) مَنْعٌ وتَسْليمٌ. وأطْلَقَهما في «الكافِي» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» .
(1) زيادة من: ش.
(2)
الخَلِفَات: جمع خَلِفَة، من قولهم: خَلِفَت الناقة أي حمَلت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحداها، لا يصِحُّ السَّلَمُ في شاةٍ لبونٍ (1). على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» . الثَّانيةُ، لا يصِحُّ السلَمُ في أمَةٍ
(1) في الأصل، ط:«أيوب» .
فصل: الشَّرطُ الثَّانِي، أنْ يَصِفَهُ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ ظَاهِرًا، فَيَذْكُرَ جِنْسَهُ، وَنَوْعَهُ، وَقَدْرَهُ، وَبَلَدَهُ، وَحَدَاثَتَهُ، وَقِدَمَهُ، وَجَوْدَتَهُ، وَرَدَاءَتَهُ. وَمَا لا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ لَا يَحتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ.
ــ
ووَلَدِ بها، أو وأخِيها، أو عَمَّتِها، أو خالتِها؛ لندرَةِ جَمعِهما الصِّفَةَ. الثَّالثةُ، يصِحُّ السَّلَمُ في الشُّهْدِ (1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وصحّحَه في «التلْخيصِ». وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .
تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: ولا يصِحُّ فيما لا ينْضَبطُ. ومثَّلَ مِن جُملَةِ ذلك، المَغْشُوشَ مِنَ الأثْمانِ، أنَّ السَّلَمَ يصِحُّ في الأَثْمانِ نَفْسِها، إذا كانتْ غيرَ مَغْشُوشَةٍ. وهو صحيح، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فيصِحُّ أنْ يُسْلِمَ عرضًا في ذَهبٍ أو فِضةٍ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ إسْلامُ عَرْض في عَرض، أو في ثَمَنٍ (2)، على الأصحِّ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: وإنْ أسْلَمَ في نَقْدٍ أو عَرضٍ
(1) الشُّهْد: عسل النحل ما دام لم يعصر من شمعه.
(2)
في الأصل، ط: بياض بمقدارها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَرضًا، مَقْبُوضًا جازَ في الأصحِّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . ونصَرَه في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» . وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «الفائقِ» . فعلى المذهبِ، يُشْترَطُ كَوْنُ رَأسِ المالِ غيرَهما؛ فيُجْعَلُ عرضًا (1). وهذا الصّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الجُمهورُ. وصحَّحَه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ». وقال أبو الخَطّابِ: والمَنافِعُ أيضًا كمَسْألتِنا (2).
(1) في الأصل: «عوضًا» .
(2)
في الأصل، ط: بياض بمقدارها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، يجوزُ إسْلامُ عَرض في عَرض. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أنْ أكثرُ الأصحابِ. وصحُّحَه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الكافِي» ، و «ابنِ عَبْدُوس» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. وعنه، لا يجوزُ السَّلَمُ إلَّا بعَين أو وَرِقٍ (1) خاصَّةً. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى. قال ابنُ عَقِيل. لا يجوزُ جَعلُ رَأسِ المالِ غيرَ الذَّهبِ والفِضَّةِ. وعليها، لا تُسَلَّمُ العُروضُ بعضُها في بعض، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعلى المذهبِ، يصِحُّ. فعلى المذهبِ، لو جاءَه بعَينه عندَ مَحِلِّه، لَزِمَه قَبُولُه. صحَّحَه في «الفائقِ» . وقدَّمه في «شَرحِ ابنِ رَزِين» ، و «الرِّعايتَين». وقال: فإنِ اتَّخَذا صِفَةً، فجاءَه عندَ الأجَلِ بما أخَذَه منه، لَزِمَه أخْذُه. وقيل:
(1) في الأصل: «وزن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا. وإنْ أسْلَمَ جارِيَةً صغِيرَةً في كَبِيرَةٍ (1)، فصارَتْ عندَ المَحِلِّ؛ كما شرَط، ففي جَوازِ أخْذِها وَجْهان، وإنْ كان حِيلَةً حَرُمَ. انتهى. وقيل: لا يلْزَمُه أخْذُ عَينه إذا جاءَه به عندَ مَحِلِّه. ورَدَّه ابنُ رَزِين وغيرُه. وأطْلَقَهما في «الكافِي» . الثَّانية، في جَوازِ السَّلَمِ في الفُلوسِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ» . نقَل أبو طالِبٍ، وابنُ مَنْصُورٍ في «مَسائلِه» ، عنِ الثَّوْرِيِّ، وأحمدَ، وإسْحاقَ، الجَوازَ، ونقَل عنِ ابنِ سعِيدٍ (2) المَنْعَ. ونقَل حَنْبَل الكراهةَ. ونقَل يَعقُوبُ، وابنُ أبِي حَربٍ، الفُلوسُ بالدَّراهِمِ يَدًا بيَدٍ ونَسِيئَةً، وإنْ أرادَ فَضْلًا لايجوزُ. فهذه نُصُوصُه في ذلك. قال في «الرِّعايَةِ» ، بعدَ أنْ أطْلَقَ الرِّوايتَين: قلتُ: هذا إنْ قُلْنا: هي سِلْعَة. انتهى. اخْتارَ ابنُ عَقِيل، في بابِ الشّرِكَةِ مِنَ «الفُصولِ» ، أنَّ الفُلوسَ عُروضن بكلِّ حال. واخْتارَه عَلِيُّ بنُ نابِتٍ الطَّالِبانِيُّ (3) مِنَ الأصحابِ. ذكَرَه عنه ابنُ رَجَب في «الطبقاتِ» ، في تَرجَمَتِه،
(1) في ط: «كبره» .
(2)
في الأصل: «أبي سعيد» .
(3)
هو علي بن نابت -أوله نون- بن طالب الطالباني، البغدادي، الأزجي، الفقيه الواعظ، أبو الحسن، ويلقب موفق الدين، توفي في شعبان سنة ثمان عشرة وستمائة من الهجرة. ذيل الطبقات 2/ 125، شذرات الذهب 5/ 81.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهي قبلَ تَرجَمَةِ المُصَنِّفِ بيَسِير. فعليه، يجوزُ السَّلَمُ فيها. وصرح به ابنُ الطَّالِبانِيِّ، واخْتارَه، وتأوَّلَ رِوايَةَ المَنْعِ. وقال أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ» وغيرِه: الفُلوسُ النَّافِقَةُ أثْمانٌ. وهو قوْلُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قاله ابنُ رَجَبٍ. واخْتارَ الشّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ» ، أنَّها أثْمان بكُلِّ حالٍ. فعليها، حُكْمُها حُكْمُ الأثْمانِ في جَوازِ السَّلَمِ فيها وعدَمِه، في ما تقدَّم. وتوَقَّفَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها، فقال: أنا مُتَوَقِّفٌ عنِ الفُتْيا في هذه المَسْألَةِ. ذكَرَه عنه ابنُ رَجَب في تَرجَمَةِ ابنِ الطَّالِبانِيِّ. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ، السَّلَمُ فيها؛ لأنها إمَّا عَرض أو ثَمَن، لا يخْرُجُ عن ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ السَّلَمِ في ذلك، على ما تقدَّم. وأمَّا، أنَّا نقُولُ بصِحَّةِ السَّلَمِ في الأثْمانِ والعُروضِ، ولا نُصَحِّحُ السَّلَمَ فيها، فهذا لا يقُولُه أحَد، فالظَّاهِرُ أنَّ محَلَّ الخِلافِ المَذْكُورِ إذا قُلْنا (1) بعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ، في الأثْمانِ.
قوله: ولا يصِحُّ فيما يجْمَعُ أخْلاطًا غيرَ مُتَمَيِّزَةٍ؛ كالغالِيَةِ والنَّدِّ والمَعاجِينِ ونحوها -بلا نِزاعٍ أعلَمُه- ويَصِحُّ فيما يُتْرَكُ فيه شيء غيرُ مَقْصُودٍ لمَصلَحَتِه؛ كالجُبْنِ تُوْضَعُ فيه الإنْفَحَّةُ، والعَجِينِ يُوضَعُ فيه المِلْحُ، وكذا الخُبْزُ وخَلُّ التَّمرِ يُوضَعُ فيه الماءُ، والسَّكَنْجَبِينِ يوضَعُ فيه الخل، ونحوها. بلا نِزاعٍ.
(1) سقط: من الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: الثَّاني، أنْ يصِفَه بما يخْتَلِفُ به الثمَنُ ظاهِرًا، فيَذْكُرَ جِنْسَه، ونَوْعَه، وقَدرَه، وبَلَدَه، وحَداثَتَه، وقِدَمَه، وجَوْدَتَه، ورَداءَتَه. قال في «التلْخيصِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصحابُنا يعتَبِرُون ذِكْرَ الجَوْدَةِ والرَّداءَةِ، مع بقِيَّةِ الصِّفاتِ. قال: وعندِي، أنَّه لا حاجَةَ إلى ذلك، لأنَّه إذا أتَى بجَمِيعِ الصِّفات التي يَزِيدُ الثَّمَنُ لأجْلِها، فلا يكونُ إلَّا جَيِّدًا، وبالعَكْسِ. انتهى. ويذْكُرُ -على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ- ما يُمَيِّزُ مُخْتلِفَ النَّوْعِ، وسِنَّ الحَيَوانِ، وذُكُورَتَه وأنُوثَتَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وسِمَنَه وهُزاله. وراعِيًا أو مَعلُوفًا. على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ، ويذْكُرُ آلةَ الصَّيدِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحبُولَةً، أو صَيدَ كَلْبٍ أو فَهْدٍ أو صَقْر. وعندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، لا يُشْترَطُ ذلك، لأنَّ التَّفاوُتَ فيه يَسير، قال: وإذا يُعتَبر في الرَّقيقِ ذِكْرُ الله مَنِ والهُزالِ، ونحوهما، ممَّا يتَبايَنُ به الثَّمَنُ، فهذا أوْلَى. انتهيا. ويُعتَبرُ ذِكْرُ الطُّولِ بالشِّبْرِ في الرَّقيقِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «التَّرغِيبِ»: إلَّا أنْ يكونَ رَجُلًا، فلا يحتاجُ (1) إلى ذِكْرِه، لكِنْ يَذْكُرُ طَويلًا أو قَصِيرًا أو رَبْعًا.
(1) في الأصل، ط:«فيحتاج» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويعتَبرُ في الرَّقيقِ ذِكْرُ الكَحَلِ، والدَّعَجِ، وتكَلثُمِ الوَجْهِ (1)، وكَوْنُ الجاريَةِ خَمِيصةً (2)، ثَقِيلَةَ الأردافِ، سَمِينَةً، بكْرًا، أو ثيِّبًا، ونحوُ ذلك ممَّا يقْصدُ ولا يطولُ، ولا يَنْتَهِي إلى عِزَّةِ الوُجودِ عندَ أكثرِ الأصحابِ. قال في «التَّلْخيصِ»: قاله غيرُ القاضي. وقيل: لا يُعتَبر ذلك. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» ، و «الخِصالِ» . وأطْلَقَهما في «البُلْغَةِ» ، و «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وفي اشْتِراطِ ذِكْرِ الكَحَلِ، والدَّعَجِ، وثِقَلِ الأردافِ،
(1) تكلثم الوجه: اجتماع لحمه بلا جُهومة.
(2)
خميصة: ضعيفة ضامرة البطن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ووَضاءَةِ الوَجْهِ، وكَوْنِ الحاجِبَين مَقْرُونَين، والشَّعَرِ (1) سَبْطًا، أو جَعدًا، أشْقَرَ، أو أسْودَ، والعَينِ زَرقاءَ، والأنْفِ أقْنَى -في صِحَّةِ السَّلَمِ- وَجْهان. انتهى. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويذكُرُ الثُّيوبَةَ والبَكارَةَ، ولا يحتاجُ إلى ذِكْرِ
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجُعودَةِ (1) والسبوطَةِ. انتهى. وإنْ أسْلَمَ في الطَّيرِ، ذكَر النوْعَ واللوْنَ، والكِبَرَ والصِّغَرَ، والجَوْدَةَ والرداءَةَ، ولا يعرَفُ سِنُّها أصلًا. وقال في «عُيُونِ المَسائلِ»: يُعتبَرُ ذِكْرُ الوَزْنِ في الطَّيرِ، كالكُركِيِّ والبَطِّ؛ لأنّ القَصدَ لحمُه، ويُنَزلُ الوَصفُ على أقلِّ دَرَجَةٍ. وقال في «التلْخيصِ» ، و «عُيُونِ المَسائل»: ويذْكُرُ في العَسلِ المَكانَ؛ بَلَدِيٌّ أو جَبَلِيٌّ، رَبِيعِيٌّ أو خَرِيفِيٌّ، واللَّوْنَ:(2)، ولا
(1) في الأصل، ط. «الحقودة» .
(2)
في الأصل، ط:«الوزن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حاجَةَ إلى عَتِيقٍ أو جَدِيدٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وقيل: في المُسْلَمِ فيه، خَمسَةُ أضْرُبٍ، الأولُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بثَلاثةِ أوْصافٍ إنْ حَفِظَ أوْصافَه -كاللبِنِ وحِجارَة الباءِ. الثَّاني، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بأربَعةِ أوْصافٍ، وإنِ اخْتلَفَتْ، وهو أربعَةَ عشَرَ شيئًا؛ الرّصاصُ، والصُّفْرُ، والنُّحاسُ، وحِجارَةُ الآنِيَةِ؛ كالبِرامِ، والرَّجسُ الطَّاهِرُ، والشَّوْكُ، ولَحمُ الطَّيرِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والسَّمَكُ، والإبريسَمُ، والآجُرُّ، والرُّءوسُ، والسَّمْنُ، والجُبْنُ، والعسَلُ. الثَّالثُ، ما يُضْبَطُ كل واحدٍ منه بخَمسَةِ أوْصافٍ، وهو ثَلاثَةَ عشَرَ شيئًا؛ الجُلودُ، وحِجارَةُ الأرحاءِ، والصُّوفُ (1)، والقُطْنُ، والغَزْلُ، وخَشَبُ الوَقُودِ والبِناءِ، والخُبْزُ، ولزُّبْدُ، واللِّبأ، والرُّطَبُ، والطَّعامُ، والنَّعَمُ، والخَيلُ. الرّابعُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بسِتَّةِ أوْصافٍ، وهو ثَلاثةُ أشْياءَ؛ السَّمَرُ في العَبِيدِ، وخشَبُ
(1) في ط: «والصرف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القِسِيِّ. الخامسُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بسَبْعَةِ (1) أوْصافٍ، وهو شَيئان؛ الثِّيابُ، ولَحمُ الصَّيدِ وغيرُه. انتهى. قلتُ: جزَم بهذا في «المُسْتَوْعِبِ» . ومِنَ الأوْصافِ المَضْبُوطَةِ بذلك كلِّه. وقال في «الرِّعايَةِ» أيضًا، وغيرِه، غيرَ ما تقدّم: ويذْكُرُ أيضًا ما يخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأجْلِه غالِبًا، كالعرضِ، والسُّمكِ، والتّدويرِ، والسِّن، واللَّوْنِ، واللِّينِ، والنعُومَةِ، والخُشُونَةِ، والدقَّةِ،
(1) في الأصل، ط:«تسعة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والغِلَظِ، والرّقةِ، والصفاقَةِ، وحَلَبِ يَوْمِه، وزُبْدِ يَوْمِه، والحَلاوَةِ، والحُمُوضَةِ، والمَرعَى، والعَلَفِ، وكوْنِ المَبِيعِ حَدِيثا أو عَتِيقا، رَطْبا أو يابِسًا،
فَإِنْ شَرَطَ الْأَجْوَدَ، لَمْ يَصِحَّ، وَإنْ شَرَطَ الأَرْدَأَ، فَعَلَى وَجْهَينِ. وَإذَا جَاءَهُ بِدُونِ مَا وَصَفَ، أَوْ نَوْعٍ آخَرَ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ.
ــ
رَبِيِعيًّا أو خَرِيفِيًّا، وغيرِ ذلك. كلُّ شيءٍ بحسَبِه مِن ذلك وغيرِه. انتهى. وتقدَّم بعضُ ذلك. وذِكْرُ أوْصافِ كلِّ واحد ممَّا يجوزُ السَّلَمُ فيه يَطُولُ. وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرُهم، فليُراجَعُوا.
قوله: وإنْ شرَط الأَرْدأَ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الحاوي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَّجِيِّ» . وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال في «التَّلْخيصِ»: لأنَّ طلَبَ الأرْدَأَ مِنَ الأَرْدَأَ عِنادٌ، فلا يُؤَثِّرُ فيه نِزاعٌ.
فائدة: لو شرَطَه جيِّدًا أو رَدِيئًا، صحَّ، بلا نِزاعٍ.
قوله: وإذا جاءَه بدونِ ما وصَفَه له، أو بنَوْعٍ آخَرَ، فله أَخْذُه. إذا جاءَه بدُونِ ما وصَف مِن نَوْعِه، فلا خِلافَ أنَّه مُخَيَّرٌ في أخْذِه. وإنْ جاءَه بنَوْعٍ آخَرَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُخَيَّرٌ أيضًا في أخْذِه وعدَمِه. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الكافِي» -وقال: هو أصحُّ- وغيرِهم. وعندَ القاضي وغيرِه، يَلْزَمُ أخْذُه إذا لم يَكُنْ أدْنَى مِنَ النَّوْعِ المُشْتَرَطِ. واخْتارَه المَجْدُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ» . وعنه، يَحْرُمُ أخْذُه، كأخْذِ غيرِ جِنْسِه. نقَلَه جماعَةٌ عن أحمدَ. وأطْلَقهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ، وأطْلَقَ في «التَّلْخيصِ» ، في الأَخْذِ وعدَمِه، رِوايتَين. وقال: بِناءً على كوْنِ النَّوْعِيَّةِ تَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ أو الجِنْسِ.
وَإِنْ جَاءَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ. وَإنْ جَاءَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ،
ــ
قوله: وإنْ جاءَه بجنْسٍ آخَرَ، لم يَجُزْ له أخْذُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل جماعَةٌ عن أحمدَ جَوازَ الأخْذِ للأرْدَأَ عنِ الأَعْلَى، كشَعِيرٍ عن بُرٍّ بقَدْرِ كَيلِه. نقَلَه أبو طالِبٍ، والمَرُّوذِيُّ. وحمَلَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ على رِوايَةِ أنَّهما جِنْسٌ واحدٌ. قال في «التَّلْخيصِ»: جعَل بعضُ أصحابِنا هذا رِوايَة في جَوازِ الأخْذِ مِن غيرِ الجِنْسِ بقَدْرِه، إذا كان دُونَ المُسْلَمِ فيه. قال: وليس الأمرُ عندِي كذلك، وإنَّما هذا يخْتَصُّ الحِنْطَةَ والشَّعِيرَ، مُطابِقًا لنَصِّه في إحْدَى الرِّوايتَين عنه، أنَّ الضَّمَّ في الزَّكاةِ يَخُصُّهما، دُونَ القُطْنِيَّاتِ وغيرِها، بِناءً على كْونِهما جِنْسًا واحِدًا في إحْدَى الرِّوايتَين عنه، وإن تنَوَّعَ. نقَلَه حَنْبَلٌ. ولا يجوزُ التَّفاضُلُ بينَهما. ذكَرَه القاضي في أبو يَعْلَى وغيرُه. انتهى.
فَإِنْ قَال: خُذْهُ وَزدْنِي دِرْهَمًا. لَمْ يَجُزْ. وَإنْ جَاءَهُ بِزِيَادَةٍ فِي الْقَدْرِ، فَقَال ذَلِكَ، صَحَّ.
فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَن يَذْكُرَ قَدْرَهُ بِالْكَيلِ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ. فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا، وَفِي الْمَوْزُونِ كَيلًا، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ.
ــ
قوله: وإنْ جاءَه بأجْوَدَ منه مِن نَوْعِه، لَزِمَه قَبُولُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يَلْزَمُه قَبُولُه. وقيل: يَحْرُمُ أخْذُه، وحُكِيَ رِوايَةً. نقَل صالِحٌ وعبدُ اللهِ، لا يأْخُذُ فوقَ صِفَتِه، بل دُونَها.
فائدة: لو وجَدَه مَعِيبًا، كان له ردُّه أو أرْشُه.
قوله: فإنْ أسْلَمَ في المَكِيلِ وَزْنًا، وفي المَوْزُونِ كَيلًا، لم يَصِحَّ. وهو إحْدَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايتَين. نصَّ عليه، واخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ والمُخْتارُ للعامَّةِ. قلتُ: منهم القاضي، وابنُ أبِي مُوسى. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «الفائقِ» . وهذا المذهبُ. وعنه، يصِحُّ. وهي مِن زَوائدِ الشَّارِحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ» . ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وهما رِوايَتان مَنْصُوصَتان، وأطْلَقَهما في «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ
وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مَعْلُومًا، فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالًا بعَينهِ، أَوْ صَنْجَةً بِعَينِهَا غَيرَ مَعْلُومَةٍ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
الكُبْرَى»، و «الفُروعِ» .
فائدة: لا يصِحُّ السَّلَمُ في المَذْرُوعِ إلَّا بالذَّرْعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخُرِّجَ الجَوازُ وَزْنًا.
قوله: ولا بُدَّ أنْ يكُونَ المِكيالُ مَعْلُومًا، فإنْ شرَط مِكيالًا بعَينِه، أو صَنْجَةً بعَينِها غيرَ مَعْلُومَةٍ، لم يَصِحَّ. وكذا المِيزانُ والذِّراعُ. وهذا بلا نِزاعٍ فيه، ولكِنْ
وَفِي الْمَعْدُودِ الْمُخْتَلِفِ غَيرِ الْحَيَوانِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يُسْلِمُ فِيهِ عَدَدًا. وَالْأُخْرَى، وَزْنًا. وَقِيلَ: يُسْلِمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيضِ عَدَدًا، وَفِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ وَزْنًا.
ــ
لو عيَّن مِكْيال رَجُلٍ واحدٍ أو مِيزانَه، صحَّ، ولم يتَعَيَّنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لم يتَعَيَّنْ في الأصحِّ. قال في «الرِّعايَةِ» : صحَّ العَقْدُ، [ولم يتَعَيَّنا](1) في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. قال الزَّركَشِي: هذا المذهبُ. وقيل: يتَعَيَّنُ. فعلى المذهبِ، في فَسادِ العَقْدِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزّرْكَشِيِّ» -وأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ رِوايتَين في صِحَّةِ العَقْدِ؛ يتَعَيَّنُ مِكْيالٌ. انتهى- أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهما. والثَّاني، لا يصِحُّ.
قوله: وفي المَعْدُودِ المُخْتَلِفِ غَيرِ الحَيَوانِ رِوايَتان -يعْنِي، على القَوْلِ بصِحَّةِ
(1) في الأصل، ط:«يتعينا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السَّلَمِ فيه، كما تقدَّم. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِي» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفائقِ» ، و «الزّرْكَشِي» -إحْداهما، يُسْلِمُ فيه عدَدًا. صحَّحَه في التَّصْحيحِ. وهو مُقْتَضَى كَلامِ الخِرَقِيِّ. والأُخْرَى، يُسْلِمُ فيه وَزْنًا. قدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وقيل: يُسْلِمُ في الجَوْزِ، والبَيضِ عدَدًا، في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وأطْلَقَ في الفَواكِهِ وَجْهَين. وقدَّم في «الفُروعِ» صِحَّةَ السَّلَمِ في مَعْدودٍ غيرِ حَيوانٍ يتَقارَبُ عدَدًا. وهذا المذهبُ.
فَصْلٌ: الرَّابعُ، أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا، لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ، كَالشَّهْرِ وَنَحْوهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ حَالًّا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ، كَالْيَوْمِ وَنَحْوهِ، لَمْ يَصِحَّ،
ــ
قال في «الكافِي» . فأمَّا المَعْدودُ، فيُقدَّرُ بالعَدَدِ. وقيل: بالوَزْنِ. والأوَّلُ أوْلَى. فإنْ كان يتَفاوَتُ كثيرًا؛ كالرُّمَّانِ والبِطِّيخِ والسَّفَرْجَلِ والبُقولِ، قدَّرَه بالوَزْنِ. وقال في «المُغْنِي» (1): يُسْلِمُ في الجَوْزِ والبَيضِ ونحوهما عدَدًا، وفيما يتَفاوَت؛ كالرُّمَانِ، والسَّفَرْجَلِ والقِثَّاءِ، وَجْهان. وتقدَّم كلامُ الشَّارِحِ. والصَّحِيحُ إذَنْ مِنَ المذهبِ، أنَّ ما يتَقارَبُ، السَّلَمُ فيه عدَدًا، وما يتَفاوَتُ تفَاوُتًا كثيرًا، السَّلَمُ فيه وَزْنًا.
قوله: الرَّابعُ، أنْ يَشْتَرِطَ أجَلًا مَعْلُومًا له وَقْعٌ في الثَّمَنِ -يعْنِي، في العادَةِ-
(1) انظر: المغني 6/ 401.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالشَّهْرِ ونحوه. قاله الأصحابُ. قال في «الرِّعايَةِ» : ويتَغَيَّرُ فيه الثَّمَنُ غالِبًا بحسَبِ البُلْدانِ، والأزْمانِ، والسِّلَعِ. قال في «الكافِي»: كالشَّهْرِ ونِصْفِه، ونحوه. قال الزَّرْكَشِيُّ، وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ: يُمَثَّلُ بالشَّهْرَين؛ فمِن ثَمَّ قال بعضُهم: أقلُّه شَهْرٌ. انتهى. قلتُ: قال في «الخُلاصَةِ» : ويَفْتَقِرُ إلى ذِكْرِ الأجَلِ، فيَكونُ شَهْرًا. فصاعِدًا. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: أقلُّه شَهْرٌ. قال في «الفُروعِ» : وليس هذا في كلامِ أحمدَ، وظاهِرُ كلامِه، اشْتِراطُ الأجَلِ، ولو كان أجَلًا قَرِيبًا. ومال إليه، وقال: هو أظْهرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: فإنْ أسْلَمَ حالًا أو إلى أجَلٍ قَرِيبٍ؛ كاليَومِ ونحوه، لم يصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الانْتِصارِ» رِوايَةً؛ يصِحُّ حالًّا. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كان في مِلْكِه. قال: وهو المُرادُ بقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ لحَكِيمِ بنِ حِزامٍ: «لا تَبْع ما ليس عِندَك» . أي ما ليس في مِلْكِك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلو لم يُجِزِ السَّلَمَ حالًّا، لقال: لا تَبعْ هذا سواءٌ كان عِندَك أوْ لا. وتكَلَّم على ما ليس عندَه. ذكَرَه عنه صاحِبُ «الفُروعِ» ، في كتابِ البَيعِ، في الشَّرْطِ الخامسِ، واخْتاوَه في «الفائقِ». قال في «النَّظْمِ»: وما هو ببَعيدٍ. وحمَل القاضي وغيرُه هذه الرِّوايَةَ على المذهبِ، ولم يَرْتَضِه في «الفُروعِ» ، واخْتارَ الصِّحَّةَ إذا أسْلَمَه إلى أجَلٍ قَرِيبٍ، كما تقدَّم، ورَدَّ ما احْتَجَّ به الأصحابُ. قال في «القاعِدَةِ الثَّامنَةِ والثَّلا ثين»: لها (1) وَجْهٌ. قاله القاضي في مَوْضِعٍ مِنَ «الخِلافِ» بصِحَّةِ السَّلَمِ حالًّا، ويكونُ بَيعًا. انتهى.
(1) في ا: «لنا» .
إلا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأُخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحُّ.
ــ
قوله: إلَّا أنْ يُسْلِمَ في شيءٍ يأْخُذُ منه كُلَّ يَوْمٍ أجْزاءً مَعْلُومَةً -كاللَّحْمِ والخُبْزِ، ونحوهما- فيَصِحُّ هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: إنْ بيَّن قِسْطَ كُلِّ أجَلٍ وثَمَنَه (1)، صحَّ، وإلَّا فلا.
(1) في الأصل، ط:«وعنه» .
وَإنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَينِ، أَوْ فِي جِنْسَينِ إِلَى أَجلٍ صَحَّ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ.
ــ
قوله: وإنْ أسْلَمَ في جِنْس إلى أجَلَين، أو في جِنْسَين إلى أجَلٍ، صَحَّ. إذا أسْلَمَ في جِنْس واحدٍ إلى أجَلَين، صحَّ، بشَرْطِ أنْ يُبَيِّنَ قِسْطَ كُلِّ أجَلٍ وثَمَنَه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وإنْ أسْلَمَ في جِنْسَين إلى أجَلٍ، صحَّ أيضًا، بشَرْطِ أنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ وإنْ لم يُبَيِّنْ. ويأَتِي هذا قَرِيبًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ الفَصْلِ السَّادسِ، حيثُ قال: وإنْ أسْلَمَ ثمَنًا واحدًا في جِنْسَين، لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وقال في «الرِّعايَةِ» ، بعدَ ذِكْرِ هاتَين المَسْأَلتَين وغيرِهما: وعنه، يصِحُّ في الكُلِّ قبلَ البَيانِ.
فائدة: مِثْلُ المَسْألةِ الثَّانيةِ، لو أسْلَمَ ثَمَنَين في جِنْس واحدٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه أبو داودَ، واخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصِحُّ هنا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ.
قوله: ولا بُدَّ أنْ يكونَ الأجَلُ مُقَدَّرًا بزَمَنٍ مَعْلُومٍ. فإنْ أسْلَمَ إلى الحَصادِ والجَدادِ، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «المُحَرَّرِ» ؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. قال في «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. وصحَّحَه في «المُذْهبِ» ، و «التَّصْحيحِ» ، وغيرِهما. وجزَم به في «الوَجيز» وغيرِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونصَراه هما، وغيرُهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: محَلُّ الخِلافِ في الحَصادِ إذا جعَلَه إلى زَمَنِه، أمَّا إلى فِعْلِه، فلا يصِحُّ. قلتُ: جزَم بهذه الطرِيقَةِ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وهو ظاهِرُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وتقدَّم نَظِيرُها في مَسْأَلةِ خِيارِ الشَّرْطِ.
فائدة: لو اخْتلَفا في قَدْرِ الأجَلِ، أو مُضِيِّه، ولا بَيِّنةَ، فالقَوْلُ قوْلُ المَدِينِ
فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَو الْجِذَاذِ، أَو شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيهِ، فَعَلَى رِوَايَتَينَ.
ــ
مع يَمِيِنه في قَدْرِ الأجَلِ، على المذهبِ، ونقَلَه حَرْبٌ. وكذا في مُضِيِّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُه، ويُقْبَلُ قَوْلُ المُسْلَمِ إليه، وهو المَدِينُ، في مَكانِ سَلَمِه. نقَلَه حَرْبٌ. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه.
قوله: أو شرَط الخِيارَ إليه، فعلى رِوايتَين. قد تقدَّم ذِكْرُ الرِّوايتَين في خِيارِ الشَّرْطِ، وذكَرْنا الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ هناك، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، لو جعَل الأجَلَ مُقَدَّرًا بأشْهُرِ الرُّومِ، كشُباطٍ ونحوه، وعِيدًا لهم لا يَخْتَلِفُ، كالنَّيرُوزِ والمِهْرَجانِ، ونحوهما ممَّا يَعْرِفُه المُسْلِمون، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ. كالشَّعانِينِ، وعِيدِ الفَطِيرِ، ونحوهما ممَّا يَجْهَلُه المُسْلِمون غالِبًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، [وابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»](1)؛ حيثُ قالُوا بالأهِلَّةِ (2). ومنها، لو قال: مَحِلُّه شَهْرُ كذا. صحَّ، وتعَلَّقَ بأوَّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهِبِ. وصحَّحَه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. ومنها، لو قال: مَحِلُّه أوَّلُ شَهْرِ كذا، أو آخِرُه. صحَّ، وتعَلَّقَ بأَوَّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ، لأنَّ أوَّلَ الشَّهْرِ يُعَبَّرُ به عن النِّصْفِ الأوَّلِ، وكذا الآخِرُ. وهو احْتِمالٌ
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
في الأصل، ط:«بأهلته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «التَّلْخيصِ» . ومنها، لو قال. إلى شَهْرِ رَمَضانَ. حَلَّ (1) بأوَّلِه. هذا المذهبُ. جزَم به الأصحابُ. قال في «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: ويتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ، أنَّه لا يحِلُّ إلَّا بانْقِضائِه. ومنها، لو جعَل الأجَلَ -مَثَلًا- إلى جُمادَى، أو رَبِيعٍ، أو يَوْمِ النَّفْرِ ونحوه -ممَّا يشْتَرِكُ فيه شَيئان- لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقدَّمه في «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ، ويتَعَلَّقُ بأوَّلِهما. جزَم به في «المُعْنِى» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وأمَّا إذا جعَلَه إلى الشَّهْرِ، وكان في أثْناءِ شَهْرٍ، فيَأْتِي حُكْمُه في أثْناءِ بابِ الإجارَةِ.
(1) في الأصل، ط:«لأجل» .
وَإذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ، لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإلَّا فَلَا.
ــ
قوله: وإذا جاءَه بالسَّلَمِ قبلَ مَحِلِّه، ولا ضرَرَ في قَبْضِه، لَزِمَه قَبْضُه، وإلَّا فلا. هذا المذهبُ. نقلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ كان ممَّا يَتْلَفُ، أو يتَغَيَّرُ قَدِيمُه أو حَدِيثُه، لَزِمَه قَبْضُه، وإلَّا فلا. وقطَع القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم، أنَّه إذا كان ممَّا يَتْلَفُ، أو يتَغَيَّرُ قَدِيمُه أو حَدِيثُه، لا يَلْزَمُ قَبْضُه، للضَّرَرِ (1). وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا.
(1) في الأصل، ط:«للضرورة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: عبَّر المُصَنِّفُ رحمه الله بالسَّلَمِ عنِ المُسْلَمِ فيه، كما يُعَبَّرُ بالسَّرِقَةِ عنِ المَسْرُوقِ، وبالرَّهْنِ عنِ المَرْهُونِ.
فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قلْنا: يَلْزَمُه قَبْضُه. وامْتنَعَ منه، قيل له: إمَّا أنْ تَقْبِضَ حقَّك، أو تُبْرِئ منه. فإنْ أبَى رُفِعَ الأمْرُ إلى الحاكِمِ، فيَقْبِضُه له. قال في «الفُروعِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الشَّرْحِ» هنا، وكذلك في
فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ،
ــ
«الكافِي» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا: إنْ أبَى قَبْضَه، بَرِئَ. ذكَراه في المَكْفُولِ به. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والعِشْرِين»: لو أتاه الغَرِيمُ بدَينِه الذي يجبُ عليه قَبْضُه، فأبَى أنْ يَقْبِضَه، قال في «المُغْنِي»: يَقْبِضُه الحاكمُ، وتَبْرأُ ذِمَّةُ الغَريم؛ لِقيامِ الحاكمِ مَقامَ المُمْتَنِعِ بولايَتِه. الثَّانيةُ، وكذا الحُكْمُ في كُلِّ دَينٍ لم يحِلَّ، إذا أتَى به قبلَ مَحِلِّه. ذكَرَه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الكِتابةِ (1): إذا عَجَّلَها قبلَ مَحِلِّها.
قوله: الخامِسُ، أنْ يكونَ المُسْلَمُ فيه عامَّ الوُجُودِ في مَحِلِّه، فإنْ كان لا يُوجَدُ
(1) في ط: «الأمانة» .
فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ، أَوْ لَا يُوجَدُ إلا نَادِرًا، كَالسَّلَمِ فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ إِلَى غَيرِ وقْتِهِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإنْ أَسْلَمَ فِي ثمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَينِهِ، أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
فيه، أو لا يُوجَدُ فيه إلَّا نادِرًا؛ كالسَّلَمِ في العِنَبِ والرُّطَبِ إلى غيرِ وَقْتِه، لم يَصِحَّ بلا نِزاعٍ.
قوله: فإنْ أسْلَمَ في ثَمَرَةِ بُسْتانٍ بعينِه، أو قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، لم يصِحَّ. وكذا لو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أسْلَمَ في مِثْلِ هذا الثَّوْبِ. وهذا المذهبُ في ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. ونقَل أبو طالِبٍ، وحَنْبَلٌ: يصِحُّ إنْ بَدَا صَلاحُه، أو اسْتَحْصَدَ. وقاله أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ» ، إنْ أمِنَ عليها الجائحَةَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: وهو قَوْل حسَنٌ، إنْ لم يحْصُلْ إجْماعٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ كانتِ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً، [فعنه، يصِحُّ السَّلَمُ فيها. وعنه، لا. وعليها، يُشْتَرَطُ عدَمُه عندَ العَقْدِ.
تنبيه: مُقْتَضَى قوْلِ المُصَنِّفِ: الخامِسُ، أنْ يكونَ المُسْلَمُ فيه عامَّ الوُجودِ] (1) في مَحِلِّه. أنَّه لا يُشْتَرَطُ وُجودُه حالةَ العَقْدِ، وهو كذلك، وكذلك لا يُشْتَرَطُ
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَإنْ أَسْلَمَ إِلَى مَحِلِّ يُوجَدُ فِيهِ عَامًّا، فَانْقَطَعَ، خُيِّرَ بَينَ الصَّبْرِ وَبَينَ
ــ
عدَمُه. على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. قاله ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وغيرُه.
قوله: وإنْ أسْلَمَ إلى مَحِلٍّ يُوجَدُ فيه عامًّا، فانْقَطَعَ، خُيِّرَ بينَ الصَّبْرِ، والفَسْخِ
الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِرأَسِ مَالِهِ، أَو عِوَضِهِ إِنْ كَانَ مَعْدُومًا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَنْفسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ.
ــ
والرُّجُوعِ برَأْسِ مالِه، أو عِوَضِه إنْ كان مَعْدُومًا، في أَحَدِ الوَجْهَينِ، وفي الآخَرِ، ينْفَسِخُ بنَفْسِ التَّعَذُّرِ. اعلمْ أنَّه إذا تعَذَّرَ كلُّ المُسْلَمِ فيه عندَ محِلِّه أو بعضُه؛ إمَّا لغَيبَةِ المُسْلَمِ فيه، أو لعَجْزٍ عنِ التَّسْليمٍ، أو لعدَم حَمْلِ الثِّمارِ تلك السَّنَةَ، وما أشْبَهَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ الصَّبْرِ، والفَسْخِ في الكُلِّ أو البعضِ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيل: ينْفَسِخُ بنَفْسِ التَّعَذُّرِ. وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَجْهُ الثَّانِي. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ». وقيل: ينْفَسِخُ في البعض للتَّعَذُّرِ، وله الخِيارُ في الباقِي. قاله في «المُحَرَّرِ» . وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، فيما إذا تعَذَّرَ البعضُ: وقيل: ليس له الفَسْخُ إلَّا في الكُلِّ، أو يصْبِرُ.
فَصْلٌ: السَّادِسُ، أَنْ يَقْبِضَ رأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ.
ــ
تنبيه: قال في «الفُروعِ» ، في نَقْلِ المَسْأَلَةِ: وإنْ تعَذَّرَ أو بعضُه. وقيل: أو انْقطَعَ وتحَقَّقَ بَقاؤُه. فذَكَر أنَّه إذا انْقطَعَ وتحَقَّقَ بَقاؤُه، يَلْزَمُ تَحْصِيلُه، على المُقَدَّمِ. وذكَر المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا يُلْزَمُ بتَحْصِيِله إذا انْقطَعَ، بلا خِلافٍ. فيَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على ظاهِرِه، فيكونَ مُوافِقًا للقَوْلِ الضَّعيفِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ الانْقِطاعَ في كلامِ المُصَنِّفِ على التَّعَذُّرِ، فيكونَ مُوافِقًا للصَّحيحِ. وهو أوْلَى.
قوله: السَّادسُ، أنْ يَقْبِضَ رَأَسَ مالِ السَّلَمِ في مَجْلِسِ العَقْدِ. نصَّ عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ وقَع في كلامِ القاضي، في «الجامِعِ الصَّغِيرِ» ، إنْ تأَخَّرَ القَبْضُ اليَوْمَين أو الثَّلاثَةَ، لم يصِحُّ.
فوائد؛ الأُولَى، لو قبَض البعضَ، ثم افْتَرقا، بطَل فيما لم يقْبِضْ، ولا يَبْطُلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيما قبَض. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، بِناءً على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. قاله أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، في «الكافِي» ، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. قال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وعنه، يَبْطُلُ في الجميعِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، في بابِ الصَّرْفِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ وَجْهَين، في بابِ الصَّرْفِ، وكذلك صاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، وأطْلَقهما هنا في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» . الثَّانيةُ، لو قبَض رأْسَ مالِ السَّلَمِ، ثم افْتَرَقا، فوجَدَه مَعِيبًا، فتارَةً يكونُ العَقْدُ قد وقَع على عَينٍ، وتارَةً يكونُ قد وقَع على مالٍ في الذِّمَّةِ، ثم قبَضَه؛ فإنْ كان وقَع على عَينٍ، وقُلْنا: النُّقُودُ تتَعَيَّنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتَّعْيِينِ. وكان العَيبُ مِن غيرِ جِنْسِه، بطَل العَقْدُ، وإنْ قُلْنا: لا تتَعَيَّنُ. فله (1) البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ. وإنْ كان العَيبُ مِن جِنْسِه، فله إمْساكُه وأخْذُ أرْشِ عَيبِه، أو ردُّه وأخْذُ بدَلِه في مَجْلِسِ الرَّدِّ. وإنْ كان العَقْدُ وقَع على مالٍ في الذِّمَّةِ، ثم قبَضَه، فتارَةً يكونُ العَيبُ مِن جِنْسِه، وتارةً يكونُ مِن غيرِ جِنْسِه؛ فإنْ كان مِن جِنْسِه، لم يَبْطُلِ السَّلَمُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وله البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، وإنْ تَفرَّقا قبلَه، بطلَ العَقْدُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، يبْطُلُ إنِ اخْتارَ الرَّدَّ. وإنْ كان العَيبُ مِن غيرِ
(1) في الأصل، ط:«فكذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جِنْسِه، فسَد العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأجْرَى المُصَنِّفُ وغيرُه فيه رِوايةً بعَدَمِ البُطْلانِ، وله البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، على ما تقدَّم في الصَّرْفِ، فليُعاوَدْ. الثَّالثةُ، لو ظهَر رَأْسُ المالِ مُسْتَحَقًّا بغَصْبٍ أو غيرِه، وهو معَيَّنٌ، وقُلْنا: تتَعَيَّنُ النُّقُودُ بالتَّعْيِينِ. لم يَصِحَّ العَقْدُ. وإنْ قُلْنا: لا تتَعَيَّنُ. كان له البَدَلُ في مَجْلِسِ
وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَينَ.
ــ
الرَّدِّ. وإنْ كان العَقْدُ وقَع في الذِّمَّةِ، فله المُطالبَةُ ببَدَلِه في المَجْلِسِ، وإنْ تفَرَّقا بطَل العَقْدُ، إلَّا على روايَةِ صِحَّةِ تصَرُّفِ الفُضُولِيِّ، أو أنَّ النُّقُودَ لا تتَعَيَّن. وتقدَّم في الصَّرْفِ أحْكامٌ كهذه الأحْكامِ، واسْتَوْفَينا الكَلامَ هناك بأتَمَّ مِن هذا، فَلْيُعاوَدْ، فإنَّ أكثرَ أحْكامِ المَوْضِعَين على حَدٍّ سَواءٍ.
قوله: وهل يُشْتَرَطُ كَوْنُه مَعْلُومَ الصِّفَةِ والقَدْرِ كالمُسْلَمِ فيه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، يُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «الكافِي» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . واخْتارَه القاضي وغيرُه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والوَجْهُ الثَّاني، لا يُشْتَرَطُ، وتَكْفِي مُشاهَدَتُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْه في شُروطِ السَّلَمِ، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . فعلى المذهبِ، لا يجوزُ أنْ يجْعَلَ رَأْسَ مالِ السَّلَمِ ما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يُمْكِنُ ضَبْطُه بالصِّفَةِ؛ كالجَواهِرِ، وسائرِ ما لا يجوزُ السَّلَمُ فيه، فإنْ فعَل بطَل العَقْدُ. وتقدَّم، هل يصِحُّ السَّلَمُ في أحَدِ النَّقْدَين والعُروضِ؟ عندَ ذِكْرِ المَغْشوشِ
وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا فِي جِنْسَينِ، لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ.
ــ
مِنَ الأثْمانِ.
قوله: وإنْ أسْلَمَ ثَمَنًا واحِدًا في جِنْسَين، لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ قبلَ البَيانِ. وهي تَخْرِيجُ وَجْهٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للمُصَنِّفِ والشَّارِحِ مِنَ المَسْأَلَةِ التي قبلَها، وقالا: الجَوازُ هنا أوْلَى .. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذه المَسْألَةُ الْتِفاتٌ إلى مَعْرِفَةِ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ وصِفَتِه، ولعَلَّ الوَجْهَين ثَمّ مِنَ الرِّوايتَين هنا. وقد شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ هذه المَسْألَةَ، حيثُ
فَصْلٌ: السَّابعُ، أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ أَسْلَمَ فِي عَينٍ لَمْ يَصِحَّ.
ــ
قال: وإنْ أسْلَمَ في جِنْسَين إلى أجَلٍ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ» .
قوله: السَّابعُ، أنْ يُسْلِمَ في الذِّمَّةِ، فإنْ أسْلَمَ في عَينٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال في «الواضِحِ»: إنْ كانتِ العَينُ حاضِرَةً، صحَّ، ويكونُ بَيعًا بلَفْظِ السَّلَمِ، فيَقْبِضُ ثَمَنَه فيه.
فائدة: هذه الشُّروطُ السَّبْعَةُ هي المُشْتَرَطَةُ في صِحَّةِ السَّلَمِ لا غيرُ، لكِنْ هذه زائدَةٌ على شُروطِ البَيعِ المُتقَدِّمَةِ في كتابِ البَيْعِ. وذكَر في «التَّبْصِرَةِ» أنَّ الإِيجابَ والقَبُولَ مِن شُروطِ السَّلَمِ أيضًا. قلتُ: هما مِن أرْكانِ السَّلَمِ، كما هما مِن أرْكانِ البَيعِ، وليس هما مِن شروطِه.
وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكَانِ الإِيفَاءِ، إلا أنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فِيهِ، كَالْبَرِّيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ،
ــ
قوله: ولا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكانِ الإِيفاءِ، إلَّا أنْ يكونَ مَوْضِعُ العَقْدِ لا يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه، كالبَرِّيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُه. إذا كان مَوْضِعُ العَقْدِ يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه، لم يُشْتَرَطْ
وَيَكُونَ الْوَفَاءُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ،
ــ
ذِكْرُ مَكانِ الإِيفاءِ، ويكونُ الوَفاءُ في مَوْضِعِ العَقْدِ، على ما يأْتِي. وإنْ كان لا يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه؛ كالبَرِّيَّةِ، والبَحْرِ، ودارِ الحَرْبِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكانِ الوَفاءِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الإِرْشادِ» ، و «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقال القاضي: لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُه، ويُوَفِّي بأقْرَبِ الأماكِنِ إلى مَكانِ العَقْدِ. قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: ولم أجِدْه في كُتُبِ القاضي. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وقال: قلتُ: إن كان مَكانُ (1) العَقْدِ لا يصْلُحُ للتَّسْليمِ، أو يصْلُحُ لكِنْ لنَقْلِه مُؤْنَةٌ، وجَب ذِكْرُ مَوْضِعِ الوَفاءِ، وإلَّا فلا. انتهى. ولم يذْكُرِ المُقَدَّمَ في المذهبِ.
قوله: ويكونُ الوَفاءُ في مَكانِ العَقْدِ -يعْنِي، إذا عقَداه في مَوْضِع يُمْكِنُ الوَفاءُ
(1) سقط من: الأصل، ط.
فَإِنْ شَرَطَ الْوَفَاءَ فِيهِ، كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ شَرَطَهُ فِي غَيرِهِ، صَحَّ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ.
ــ
فيه- فإنْ شرَط الوَفاءَ فيه، كان تأْكيدًا. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يصِحُّ هذا الشَّرْطُ. ذكَرَها القاضي، وأبو الخَطَّابِ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ.
قوله: وإنْ شَرَطَه في غَيرِه، صَحَّ -وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم- وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ أيضًا في «التَّنْبِيهِ». قال في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والسَّبْعِين»: والمَنْصُوصُ فَسادُه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وأطْلَقَهما في «الكافِي» ، و «القواعِدِ» .
فائدة: يجوزُ له أخْذُه في غيرِ مَوْضِعِ العَقْدِ مِن غيرِ شَرْطٍ، إنْ رَضِيا به، لا
وَلَا يَصِحُّ بَيعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا أَخْذُ غَيرِهِ مَكَانَهُ، وَلَا الْحَوَالةُ بِهِ (1).
ــ
مع أُجْرَةِ حَمْلِه إليه. قال القاضي: كأخْذِ بدَلِ السَّلَمِ.
قوله: ولا يجوزُ بَيعُ المُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وفي «المُبْهِجِ» وغيرِه رِوايَةٌ؛ بأنَّ بَيعَه يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: هو قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، لكِنْ يكونُ بقَدْرِ القِيمَةِ فقط؛ لئَلَّا يَرْبَحَ فيما لم يَضْمَنْ. قال: وكذا ذكَرَه أحمدُ في بَدَلِ القَرْضِ وغيرِه. فعلى المذهبِ،
(1) بعده في النسخة الخطية: «ولَا يَجُوزُ بَيعُ كُلِّ دَينٍ غَيرِ مُسْتَقِرٍّ لِمَنْ هْوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلِغَيرِهِ» . ولم نجده في غيرها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في جَوازِ بَيعِ دَينِ الكِتابَةِ، ورَأْسِ مالِ السَّلَمِ بعدَ الفَسْخِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فيهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» . وأطْلَقَهما في دَينِ الكِتابَةِ، في «الفُروعِ» . أمَّا رَأْسُ مالِ السَّلَمِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ بَيعُه بعدَ الفَسْخِ. نصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، الجَوازَ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ» . وأمَّا بَيعُ مالِ الكِتابَة، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ أيضًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ مِنَ البُيوعِ. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ» .
قوله: ولا هِبَتُه. ظاهِرُه، أنَّه سواءٌ كان لمَن هو في ذِمَّتِه أو لغيرِه. فإنْ كان لغيرِ منَ هو في ذِمَّتِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ، وعليه الأصحابُ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وعنه، يَصِحُّ (1). نقَلَها حَرْبٌ، واخْتارَها في «الفائقِ» . وهو مُقْتَضَى اخْتِيارِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وإنْ كان لمَن هو في ذِمَّتِه، فظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه، أنَّه لا يصِحُّ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في مَكانٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقد نَبَّه عليه
(1) في الأصول: «لا يصح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصَنِّفُ في كلامِه في هذا الكِتابِ في بابِ الهِبَةِ، حيثُ قال: وإنْ أبْرَأَ الغَرِيمُ غَرِيمَه مِن دَينِه، أو وهَبَه له، أو أحَلَّه منه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه. فظاهِرُه، إدْخالُ دَينِ السَّلَمِ وغيرِه. وهو كذلك. قال في «الفُروعِ»: ولا يصِحُّ هِبَةُ دَينٍ لغيرِ غَريمٍ. ويأْتِي الكَلامُ هناك بأتَمَّ مِن هذا وأعَمَّ.
قوله: ولا أخْذُ غَيرِه مَكانَه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وعنه، يجوزُ أخْذُ الشَّعِيرِ عنِ البُرِّ. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى، وجماعةٌ. وحُمِلَ على أنَّهما جِنْسٌ واحدٌ. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ جاءَه بجِنْسٍ آخَرَ لم يَجُزْ له أخْذُه.
قوله: ولا الحَوالةُ به. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يصِحُّ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ؛ تصِحُّ الحَوالةُ على دَينِ السَّلَمِ، وبدَين السَّلَمِ. ويأْتِي ذلك في بابِ الحَوالةِ. فعلى المذهبِ، في صِحَّةِ الحَوالةِ على رَأْسِ مالِ السَّلَمِ وبه بعدَ الفَسْخِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في
وَيَجُوزُ بَيعُ الدَّينِ الْمُسْتَقِرِّ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيرِهِ.
ــ
«المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ في البَيعِ: ولا يصِحُّ التَّصَرُّفُ مِع المَدْيُونِ وغيرِه بحالٍ، في دَينٍ غيرِ مُسْتَقِرٍّ قبلَ قَبْضِه، وكذا رَأْسُ مالِ السَّلَمِ بعدَ فسْخِه مع اسْتِقْرارِه إذَنْ. وقيل: يصِحُّ تصَرُّفُه. انتهى. [والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. قال في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ، على ما يظْهَرُ لي، ومُسْتَنَدُ عُمومِ عِباراتِ الأصحابِ، أو جُمْهورِهم؛ لأنَّ بعضَهم اشْتَرَطَ في الدَّينِ أنْ يكونَ مُسْتَقِرًّا، وبعضَهم يقولُ: يصِحُّ في كلِّ دَينٍ عَدا كذا. ولم يَذْكُرْ هذا في المُسْتَثْنَى، وهذا دَينٌ، فصَحَّتِ الحَوالةُ عليه على العِبارَتَين. انتهى](1).
قوله: ويجوزُ بَيعُ الدَّينِ المُسْتَقِرِّ -من عَينٍ وقَرْضٍ ومَهْرٍ بعدَ الدُّخولِ،
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَها وفرَغَتْ مُدَّتُها، وأرْشِ جنايَةٍ، وقِيمَةِ مُتْلَفٍ، ونحو ذلك -لمَن هو في ذِمَّتِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثَرُ الأصحابِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الكَبِيرِ» ، وغيرِهما. وقدّمه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهما. وقطَع به ابنُ مُنَجَّى، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهما. وعنه، لا يجوزُ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وذكَرَها في «عُيُونِ المَسائلِ» عن صاحبِه أبِي بَكْرٍ، كدَينِ السَّلَمِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» . وتقدَّم الخِلافُ في جَوازِ بَيعِ دَينِ الكِتابَةِ قَرِيبًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: يُسْتَثْنَى، على المذهبِ، إذا كان عليه دَراهِمُ مِن ثَمَنِ مَكيلٍ أو مَوْزُونٍ باعَه منه بالنَّسِيئَةِ، فإنَّه لا يجوزُ أنْ يسْتَبْدِلَ عمَّا في الذِّمَّةِ بما يُشارِكُه المَبِيعُ في عِلَّةِ رِبا الفَضْلِ. نصَّ عليه؛ حَسْمًا لمادَّةِ رِبا النَّسِيئَةِ، كما تقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في آخِرِ كتابِ البَيعِ. ويُسْتَثْنَى أيضًا ما في الذِّمَّةِ مِن رَأْسِ مالِ السَّلَمِ إذا فُسِخَ العَقْدُ، فإنَّه لا يجوزُ الاعْتِياضُ عنه، وإنْ كان مُسْتَقِرًّا، على الصَّحيحِ، كما تقدَّم قَرِيبًا. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ كَلامِ المُصَنِّفِ هنا. فعلى المذهبِ، في أصْلِ المَسْأَلَةِ في جَوازِ رَهْنِه عندَ مَن عليه الحَقُّ له رِوايَتان. ذكَرَهما في «الانْتِصارِ» في المُشاعِ. قلتُ: الأوْلَى الجَوازُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، حيثُ قالُوا: يجوزُ رَهْنُ ما يصِحُّ بَيعُه.
قوله: بشَرْطِ أنْ يَقْبِضَ عِوَضَه في المَجْلِسِ. إذا باعَ دَينًا في الذِّمَّةِ مُسْتَقِرًّا لمَن هو في ذِمَّتِه، وقُلْنا بصِحَّتِه، فإنْ كان ممَّا لا يُباعُ به نَسِيئَةً، أو بمَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ، اشْتُرِطَ قَبْضُ عِوَضِه في المَجْلِسِ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان [بغيرِهما ممَّا](1) لا يُشْتَرَطُ فيه التَّقابُضُ، مثْلَ ما لو قال: بِعْتُك الشَّعِيرَ الذي في ذِمَّتِك بمِائَةِ دِرْهَمٍ. أو بهذا العَبْدِ. أو الثَّوْبِ. ونحوه، فجزَم المُصَنِّفُ باشْتِراطِ قَبْضِ العِوَضِ في المَجْلِسِ أيضًا. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ في البُيوعِ. قال في «التَّلْخيصِ»: وليس بشيءٍ. انتهى. والضحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ للصِّحَّةِ قَبْضُ العِوَضِ في
(1) في الأصل، ط:«بعدهما فيما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَجْلِسِ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرحِ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» .
قوله: ولا يجوزُ لغيرِه. يعْنِي، لا يجوزُ بَيعُ الدَّينِ المُسْتَقِرِّ لغيرِ مَن هو في ذِمَّتِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين»: نصَّ عليه. وقد شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مَسْأَلَةَ بَيعِ الصِّكَاكِ؛ وهي الدُّيونُ الثَّابِتَةُ على النَّاسِ تُكْتَبُ في صِكاكٍ؛ وهو الوَرَقُ ونحوُه. قال في القاعِدَةِ المَذْكُورَةِ: فإنْ كان الدَّينُ نَقْدًا وبِيعَ بنَقْدٍ، لم يَجُزْ، بلا خِلافٍ؛ لأنَّه صَرْفٌ بنَسِيئَةٍ. وإنْ بِيعَ بعَرْضٍ، وقبَضَه في المَجْلِسِ، ففيه رِوايَتان؛ عدَمُ الجَوازِ، قال الإِمامُ أحمدُ: هو غَرَرٌ. والجَوازُ، نصَّ عليها في رِوايَةِ حَرْبٍ، وحَنْبَلٍ، ومحمدِ بنِ الحَكَمِ. انتهى.
وَتَجُوزُ الْإِقَالةُ فِي السَّلَمِ، وَتَجُوزُ فِي بَعْضِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، إِذَا قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَوْ عِوَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالةِ.
ــ
قوله: وتجوزُ الإِقالةُ في السَّلَمِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تجوزُ. ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ» . وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الإِقالةِ في المُسْلَمِ فيه، سواءٌ قُلْنا: الإِقالةُ فَسْخٌ أو بَيعٌ. وهو صَحِيحٌ. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» : قيلَ: تجوزُ الإِقالةُ فيه على الطَّرِيقَتين، وهي طَرِيقَةُ الأكْثَرِين، ونقَل ابنُ المُنْذِرِ الإِجْماعَ على ذلك. وقيل: إنْ قيلَ: هي فَسْخٌ. صحَّتِ الإِقالةُ فيه. وإنْ قيلَ: هي بَيعٌ. لم يصِحَّ. وهي طَرِيقَةُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، وصاحِبِ «الرَّوْضَةِ» ، وابنِ الزَّاغُونِيِّ. انتهى. قلتُ: جزَم بهذه الطَّرِيقَةِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» . وقدَّمها في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وتقدَّم ذلك في فَوائدِ الإِقالةِ.
فائدة: لو قال في دَينِ السَّلَمِ: صالِحْنِي منه على مِثْلِ الثَّمَنِ. فقال القاضي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يصِحُّ، ويكونُ إِقالةً. وقال هو وابنُ عَقِيلٍ:[لا يجوزُ بَيعُ](1) الدَّينِ مِنَ الغَرِيمِ بمِثْلِه؛ لأنَّه نَفْسُ حقِّه. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ (2) والثَّلاثين» : فيُخَرَّجُ في المَسْألةِ وَجْهان؟ الْتِفاتًا إلى اللَّفْظِ والمَعْنَى.
قوله: وتجوزُ في بعضِه في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ إحْداهما، تجوزُ وتصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «العُمْدَةِ» . وصحَّحَه في «الكافِي» ، و «النَّظْمِ» ، و «التَّصْحيحِ» ، و «الفائقِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
في الأصول: «التاسعة» خطأ. انظر القواعد 50.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«تَذْكِرَتِه» ، وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تجوزُ ولا تصِحُّ. وصحَّحَه في «التَّلْخيصِ» . وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .
قوله: إذا قبَض رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أو عِوَضَه، يعْنِي، إنْ تعَذَّرَ ذلك، في مَجْلِسِ الإِقالةِ. يعْنِي، يُشْترَطُ ذلك في الصِّحَّةِ. وهذا اخْتِيارُ أبِي الخَطّابِ وغيرِه. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقال: صرَّح به أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «المُسْتوعِبِ» . وصحَّحَه في «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ ولا عِوَضِه، إنْ تعَذَّرَ في مَجْلسِ الإِقالةِ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: وفي «المُغْنِي» ، لا يُشْتَرَطُ في ثَمَنٍ؛ لأنَّه ليس بعِوَضٍ، ويَلْزَمُ ردُّ الثَّمَنِ المَوْجُودِ، فإنْ أخَذ بدَلَه
وَإِنِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِإِقَالةٍ أَوْ غَيرِهَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ.
ــ
ثَمَنًا وهو ثَمَنٌ، فصَرْفٌ، وإلَّا فبَيعٌ يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ القَبْضِ.
قوله: وإذا انْفَسَخَ العَقْدُ بإقالةٍ أو غيرِها، لم يَجُزْ أنْ يأْخُذَ عنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِن غيرِ جِنْسِه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن». وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقيل: يجوزُ مِن غيرِ جِنْسِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» . وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: إذا أقاله، رَدَّ الثَّمَنَ إنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان باقِيًا، أو مِثْلَه إنْ كان مِثْلِيًّا، أو قِيمَتَه إنْ لم يكُنْ مِثْلِيًّا. فإنْ أرادَ أنْ يُعْطِه عِوَضًا عنه، فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: ليس له صَرْفُ ذلك الثَّمَنِ في عَقْدٍ آخَرَ حتى يَقْبِضَه وقال القاضي أبو يَعْلَى: يجوزُ له أخْذُ العِوَضِ عنه. انتهيا. وقال في «الفائقِ» : يرْجِعُ برَأْسِ المالِ أو عِوَضِه عندَ الفَسْخِ، فإنْ كان مِن غيرِ جِنْسِه، ففي جَوازِه وَجْهان. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إذا تَقايَلا السَّلَمَ، لم يَجُزْ أنْ يَشْتَرِيَ برَأْسِ المالِ شيئًا قبلَ قبْضِه. نصَّ عليه، ولا جَعْلُه في سَلَمٍ آخَرَ. وقال في «المُجَرَّدِ»: فيجوزُ الاعْتِياضُ، حالًّا عنه قبلَ قَبْضِه. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في الإِقالةِ: ويَقْبِضُ الثَّمَنَ أو عِوَضَه مِن غيرِ جِنْسِه في مَجْلِسِ الإِقالةِ. وقيل: متى شاءَ. وقيل: متى انْفَسَخَ بإِقالةٍ أو غيرِها، أخَذ ثَمَنَه (1) المَوْجودَ. وقيل: أو بدَلَه مِن جنْسِه. وقيل: أو غيرَه قبلَ التّفَرُّقِ، إنْ كانا رِبَويَّيْن (2). وإنْ كان الثَّمَنُ مَعْدُومًا أخَذ قبلَ التَّفَرُّقِ مِثْلَ المِثْلِيِّ. وقيل: أو بدَلَه كغيرِه. وقيل: لا يشْتَرِي بثَمَنِه غيرَه قبلَ قَبْضِه. نصَّ عليه. وقيل: يجوزُ أخْذُ عِوَضِه، ولم يَجُزْ قبلَه، سَلَمًا في شيءٍ آخَرَ. انتهى.
(1) في الأصل، ط:«عنه» .
(2)
في الأصل، ط:«يومين» .
وَإنْ كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ، وَعَلَيهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ، فَقَال لِغَرِيِمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِكَ. فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، وَهَلْ يَقَعُ قَبْضُه لِلْآمِرِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
قوله: وإنْ كان لرَجُلٍ سَلَمٌ، وعليه سَلَمٌ مِن جِنْسِه، فقال لغَرِيمِه: اقْبِضْ سَلَمِي لنَفْسِك. ففعَلَه، لم يصِحَّ قَبْضُه لنَفْسِه. لأنَّ قَبْضَه لنَفْسِه حَوالةٌ به، والحَوالةُ بالسَّلَمَ لا تجوزُ.
قوله: وهل يَقَعُ قَبْضُه للآمِرِ؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يقَعُ قبْضُه للآمِرِ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في
وَإِنْ قَال: اقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ. صَحَّ.
ــ
«التصْحيحِ» ، وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يقَعُ قَبْضُه للآمِرِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . فعلى المذهبِ، يبْقَى المَقْبوضُ على مِلْكِ المُسْلَمِ إليه.
فائدة: لو قال الأوَّلُ للثَّانِي: احْضُرِ اكْتِيالِي منه؛ لأُقَبِّضَه (1) لك. ففَعَل، لم يصِحَّ قَبْضُه للثَّانِي، ويكونُ قابِضًا لنَفْسِه، على أوْلَى الوَجْهَين. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: لا يصِحُّ قَبْضُه لنَفْسِه أيضًا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .
قوله: وإنْ قال: اقْبِضْه لي، ثم اقْبِضْه لنَفْسِك، صَحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ
(1) في الأصل، ط:«لا أقبضه» .
وَإِنْ قَال: أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي، وَخُذْهُ بِالْكَيلِ الَّذِى تُشَاهِدُهُ. فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
الكُبْرَى»، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وعنه، لا يصِحُّ. قال في «التَّلْخيصِ»: صارَ مَقْبُوضًا للآمِرِ. وهل يَصِيرُ مَقْبُوضًا له مِن نَفْسِه؟ على وَجهَين.
قوله: وإنْ قال: أنا أقْبِضُه لنَفْسِي، وخُذْه بالكَيلِ الذي تُشاهِدُه. فهل يجوزُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، في الرَّهْنِ؛ إحْداهما، يجوزُ ويَصِحُّ، ويكونُ قَبْضًا لنَفْسِه. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ
وَإِنِ اكْتَالهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمِكْيَالِ، وَسَلَّمَهُ إِلَى غَرِيمِهِ، فَقَبَضَهُ، صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا.
ــ
ابنِ عَبْدُوسٍ». والثَّانيةُ، لا يجوزُ ولا يَصِحُّ، ولا يكونُ قَبْضًا لنَفْسِه. صحَّحَه في «النَّظْمِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي. قال في «الفُروعِ» ، في بابِ التَّصَرُّفِ في المَبِيعِ: وإنْ قبَضَه جُزافًا لعِلْمِهما قَدْرَه، جازَ، وفي المَكِيلِ رِوايَتان. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ» . وذكَر جماعَةٌ في مَن شاهَدَ كَيلَه قبلَ شِرائِه [رِوايتَين في شِرائِه](1) بلا كَيلٍ ثانٍ. وخصَّهما في «التَّلْخيصِ» بالمَجْلِسِ، وإلَّا لم يَجُزْ، وأنَّ المَوْزُونَ مِثْلُه. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، إنْ لم يَحْضُرْ هذا المُشْتَرِي المَكِيلَ، فلا، إلَّا بكَيلٍ. وقال في «الانْتِصارِ»: ويُفْرِغُه في المِكْيالِ، ثم يَكِيلُه. انْتَهى كلامُه في «الفُروعِ» .
قوله: وإنِ اكْتاله، وترَكَه في المِكْيالِ، وسَلَّمَه إلى غَرِيمِه، فقَبَضَه، صَحَّ القَبْضُ لهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» و «النَّظْمِ» ،
(1) سقط من: الأصل، ط. وانظر الفروع وتصحيحه 4/ 135، 136.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم.
فوائد؛ منها، لو دفَع إليه كِيسًا، وقال له: اسْتَوْفِ منه قَدْرَ حَقِّك. ففعَل، فهل يصِحُّ؟ على وجْهَين، بِناءً على قَبْضِ المُوَكَّلِ مِن نَفْسِه لنَفْسِه. والمَنْصُوصُ، الصِّحَّةُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ. وهو المذهبُ، ويكونُ الباقِي (1) في يَدِه وَدِيعَةً. وعلى عدَمِ الصِّحَّةِ، قَدْرُ حقِّه كالمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْم، والباقِي (2) أمانَةٌ. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» . وتقدَّم ذلك في أحْكامِ القَبْضِ، في آخِرِ بابِ الخِيارِ في البَيعِ. ومنها، لو أَذِنَ لغَرِيمِه في الصَّدَقَةِ، بدَينِه الذي عليه، عنه، أو في صَرْفِه، أو المُضارَبَةِ به (2)، لم يصِحَّ، ولم يَبْرَأْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يصِحُّ. بَناه القاضي على شِرائِه مِن نَفْسِه، وبَناه في «النِّهايَةِ» على قَبْضِه مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه.
(1) في ط: «الثاني» .
(2)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفيهما رِوايَتان تقَدَّمَتا في أحْكامِ القَبْضِ مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه، وتأْتِي المُضارَبَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ في الشَّرِكَةِ. وكذا الحُكْمُ لو قال: اعْزِلْه وضارِبْ به. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يجْعَلُه مُضارَبَةً إلَّا أنْ يقولَ: ادْفَعْه إلى زَيدٍ، ثُمَّ يدْفَعُه إليك. ومنها، لو قال: تصَدَّقْ عنِّي بكذا. ولم يَقُلْ: مِن دَينِي. صحَّ، وكان إقْراضًا، كما لو قال ذلك لغيرِ غَرِيمِه، ويسْقُطُ مِنَ الدَّينِ بمِقْدارِه للمُقَاصَّةِ (1). قاله في «المُحَرَّرِ» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهما. ومنها، مسْألَةُ المُقاصَّةِ، وعادَةُ المُصَنِّفِين؛ بعضُهم يذْكُرُها هنا، وبعضُهم يذكُرُها في أواخِرِ بابِ الحَوالةِ. والمُصَنِّفُ، رحمه الله، لم يذْكُرْها رَأسًا، ولكِنْ ذكَر ما يدُلُّ عليها في كِتابِ الصَّداقِ، وهو قوْلُه: وإذا زوَّجَ عبْدَه حُرَّةً، ثم باعَها العَبْدَ بثَمَنٍ في الذِّمَّةِ، تحَوَّلَ صَداقُها أو نِصْفُه، إنْ كان قبلَ الدُّخولِ، إلى ثَمَنِه. فنَقُولُ: مَن ثبَت له على غَرِيمِه مِثْلُ ما له عليه -قَدْرًا وصِفةً، حالًا ومُؤَجَّلًا- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما يتَساقَطان، أو يَسْقُطُ مِنَ الأكْثَرِ قَدْرُ الأقَلِّ مُطْلَقًا. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» في هذه المَسْأَلَةِ، وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهمِ، بل عليه الأصحابُ. وعنه.، لا يتَساقَطان إلَّا برِضَاهُما. قال في «الفائقِ»: وتتَخرَّجُ الصِّحَّةُ بتراضِيهما، وهو المُخْتارُ. وعنه، يتَساقَطان برِضَى أحَدِهما. وعنه، لا يتَساقَطان مُطْلَقًا.
(1) في الأصل، ط:«للمفاوضة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في غيرِ دَينِ السَّلَمِ، أمَّا (1) إنْ كان الدَّينان أو أحَدُهما دَينَ سَلَمٍ، امْتَنَعَتِ المُقاصَّةُ، قَوْلًا واحدًا. قطَع به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائِق» ، وغيرُهم. وقال القاضي أبو الحُسَينِ في «فُروعِه»: وكذلك لو كان الدَّيْنان مِن غيرِ الأثْمانِ. وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: مَن عليها دَينٌ مِن جِنْسِ واجبِ نفَقَتِها، لم يُحْتَسَبْ به مِع عُسْرَتِها؛ لأنَّ قَضاءَ الدَّينِ فيما فضَل. ومنها، لو كان أحَدُ الدَّينَين حالًّا، والآخرُ مُؤَجَّلًا، لم يَتَساقَطا. ذكَرَه الشِّيرازِيُّ في «المُنْتَخَبِ» ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ في وَطْءِ المُكاتَبَةِ، وذكَرَه المُصَنِّفُ أيضًا، والشَّارِحُ في مَسْألَةِ الظَّفرِ. وفها، لو قال لغَرِيمِه: اسْتَلِفْ (2) ألْفًا في ذِمَّتِك في طَعامٍ، ففعَل، ثم أَذنَ له [في قَضائِه بالثَّمَنِ الذي له عليه، فقدِ اشْتَرَى لغيره بمالِ ذلك الغَيرِ، ووَكَّلَه](3) في قَضاءِ دَينِه بما لَه عليه مِنَ الدَّينِ. ومنها، لو قال: أعْطِ فُلانًا كذا. صحَّ، وكان قَرْضًا. وذكَر -في «المَجْموعِ» ، و «الوَسِيلَةِ» فيه- رِوايَتَيْ قَضاءِ دَينِ غيرِه بغيرِ إذْنِه. وظاهِرُ «التَّبْصِرَةِ» ، يَلْزَمُه إنْ قال: عنِّي. فقط، وإنْ قاله لغيرِ غَرِيمِه، صحَّ إنْ قال: عنِّي. وإلَّا فلا. ونصَر الشَّرِيفُ الصِّحَّةَ، وجزَم به الحَلْوانِيُّ. وفها، لو دفَع لغَرِيمِه نَقْدًا، ثم قال: اشْتَرِ به مالك (4) علَيَّ، ثم اقْبِضْه لك. صحَّا. نصَّ عليه. قاله في «الرِّعايَةِ». وإنْ قال: اشْتَرِه لي، ثم اقْبِضْه لنَفْسِكَ. صحَّ الشِّراءُ، ثم إنْ قال: اقْبِضْه لنَفْسِك. لم يصِحَّ قَبْضُه لنَفْسِه. وفي صِحَّةِ قَبْضِه للمُوَكَّلِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في
(1) في الأصل، ط:«لها» .
(2)
في الأصل، ط:«أسلف» .
(3)
سقط من: الأصل، ط.
(4)
في الأصل، ط:«بمالك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» . قال في «الرِّعايَةِ» : صحَّ الشِّراءُ دُونَ القَبْضِ لنَفْسِه. وإنْ قال: اقْبِضْه لي، ثم اقْبِضْه لك. صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ. وإنْ قال: اشْتَرِ به مِثْلَ ما لكَ علَيَّ. لم يصِحَّ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: لم يصِحَّ؛ لأنَّه فُضُولِيٌّ. قال: ويتَوَجَّهُ في صِحَّتِه الرِّوايَتان في التي قبلَها. ومنها، لو أرادَ قَضاءَ دَينٍ عن غيرِه، فلم يَقْبَلْه ربُّه، أو أعْسَرَ بنَفَقَةِ زَوْجَتِه، فبذَلَها أجْنَبِيٌّ، لم يُجْبَرا. وفيه احْتِمالٌ كتَوْكِيلِه، وكتَمْلِيكِه للزَّوْجِ والمَدْيُونِ. ومتى نوَى مَدْيُونٌ وَفاءَ دَينٍ بَرِئَ، وإلَّا فمُتَبَرِّعٌ، وإنْ وَفَّاه حاكِمٌ قَهْرًا، كفَتْ نِيَّتُه إنْ قَضاه مِن مَدْيُونٍ. وفي لُزومِ رَبِّ دَينٍ بنِيَّةِ قَبْضٍ مِنه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ اللُّزومِ. وإنْ ردَّ بدَلَ عَينٍ، فلا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ. ذكَرَه في «الفُنونِ» ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» (1).
تنبيه: عادَةُ بعضِ المُصَنِّفِين ذِكْرُ مَسْأَلَةِ قَبْضِ أحَدِ الشَّرِيكَين مِنَ الدَّينِ المُشْتَرَكِ، في التَّصَرُّفِ في الدَّينِ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهما. وذكَرَها في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم، في آخِرِ بابِ الحَوالةِ. وذكَرَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في بابِ الشَّرِكَةِ، فنَذْكُرُها هناك، ونذْكُرُ ما يتَعلَّقُ بها مِنَ الفُروعِ، إنْ شاءَ اللهُ تَعالى. وعادَةُ المُصَنِّفِينَ، أيضًا، ذِكْرُ مَسْأَلَةِ البَراءَةِ مِنَ الدَّينِ، والبَراءَةِ مِنَ المَجْهُولِ هنا، ولم يذكُرْهما المُصَنِّفُ هنا، وذكَر البَراءَةَ مِنَ الدَّينِ في بابِ الهِبَةِ؛ فنَذْكُرُهما، وما يتَعلَّقُ بهما مِنَ الفُروعِ هناك، إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
(1) بعدها في الأصل، ط:«التي قبلها» .
وَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ جُزَافًا، فَالْقَولُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ.
ــ
قوله: وإنْ قبَض المُسْلَمَ فيه جُزافًا، فالقَوْلُ قَوْلُه في قَدْرِه. متى قبَضَه جُزافًا، أو ما هو في حُكْمِ المَقْبُوضِ جُزافًا، أخَذ منه قَدْرَ حقِّه، ويَرُدُّ الباقِيَ، إنْ كان، ويُطالِبُ بالنَّقْصِ، إنْ كان. وهل له أنْ يتَصَرَّفَ في قَدْرِ حقِّه بالكَيلِ قبلَ أنْ يَعْتَبِرَه كلَّه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ التَّصَرُّفُ في قَدْرِ حقِّه منه. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» عندَ كلامِ الخِرَقِيِّ في الصُّبْرَةِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ ولا يصِحُّ. ولو اخْتلَفا في قَدْرِ ما قبَضَه جُزافًا، فالقَوْلُ قوْلُ القابِضِ، بلا نِزاعٍ. لكنْ هل يَدُه يَدُ أمانَةٍ، أو يَضْمَنُه لمالِكِه، لأنَّه قبَضَه على أنَّه عِوَضٌ عمَّا لَه؟ فيه قَوْلان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يَضْمَنُه. ثم إنَّه في «الكافِي» علَّلَ القَوْلَ بجَوازِ التَّصَرُّفِ في قَدْرِ حقِّه، بأنَّه قَدْرُ حقِّه، وقد أخَذَه ودخَل في ضَمانِه. وقال في «التَّلْخيصِ»: لو دفَع إليه كِيسًا، وقال: اتَّزِنْ منه قَدْرَ حَقِّك. لم يكُنْ قابِضًا قَدْرَ حقِّه قبلَ الوَزْنِ، وبعدَه فيه الوَجْهان. وعلى انْتِفاءِ
وَإِنْ قَبَضَهُ كَيلًا، أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينَ.
ــ
الصِّحَّةِ، يكونُ في حُكْمِ المَقْبوضِ للسَّوْمِ، والكِيسُ وبَقِيَّةُ ما فيه، في يَدِه أمانَةٌ، كالوَكيلِ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في ضَمانِ الرَّهْنِ، لو دفَع إليه عَينًا، وقال: خُذْ حقَّك منها. تعَلَّقَ حقُّه بها، ولا يضْمَنُها إذا تَلِفَتْ. قال: ومَن قبَض دَينَه، ثم (1) بانَ لا دَينَ له، ضَمِنَه. قال: ولو اشْتَرَى به عَينًا، ثم بانَ لا دَينَ له، بطَل البَيعُ.
قوله: وإنْ قبَضَه كَيلًا، أو وَزْنًا، ثم ادَّعَى غَلَطًا، لم يُقْبَلْ قَوْلُه، في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «التّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «الخُلاصَةِ»: لم يُقْبَلْ في الأصحِّ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» : لا يُقْبَلُ قَوْلُه في الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . والوَجْهُ الثَّاني، يُقْبَلُ قَوْلُه إذا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا. صحَّحَه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «إدْراكِ الغايَةِ». قلتُ:
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك، مع صِدْقِه وأمانَتِه.
فائدة: وكذا حُكْمُ ما قبَضَه مِن مَبِيعٍ غيرِه، أو دَينٍ آخَرَ، كقَرْضٍ وثَمَنِ مَبِيعٍ وغيرِهما، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الرِّعايَةِ» وغيرِها.
قوله: وهل يجوزُ الرَّهْنُ والكَفِيلُ بالمُسْلَمِ فيه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الهادِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» في الرَّهْنِ وفي الكَفِيلِ، في بابِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الحاوي الكَبِيرِ» في الكَفيلِ (1) في بابِه؛ إحْداهما، لا يجوزُ. وهو
(1) في الأصل، ط:«الأصل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وابنُ البَنَّا في «خِصَالِه» ، وناظمُ «المُفْرَداتِ». قال في «الخُلاصَةِ»: لا يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ، [وإلَّا كُفِلَ](1) به على الأصحِّ. واخْتارَه أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ، تلْمِيذُ القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وقدَّمه في «المُسْتَوعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، في هذا البابِ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ
(1) في الأصل، ط:«والأصل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ رَزِينٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يجوزُ ويصِحُّ. نقَلَها حَنْبَلٌ. وصححَه في «التَّصْحِيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ. وحكَاه القاضي في «رِوايَتَيه» عن أبِي بَكْرٍ. قال الزَرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. قال: وفي تَعْليِله على المذهبِ نظَرٌ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال الآدَمِيُّ (1) في «مُنْتَخَبِه» : ويصِحُّ الرَّهْنُ في السَّلَمِ. فعلى المذهبِ، لا يجوزُ الرَّهْنُ برَأْسِ مالِ السَّلَمِ. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ،
(1) في ط: «الأزجي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . وعنه، يجوزُ ويصِحُّ. صححَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في آخِرِ بابِ السَّلَمِ. وقال في بابِ الرَّهْنِ: ويصِحُّ الرَّهْنُ برَأْسِ مالِ السَّلَمِ على الأصَحِّ. قال في «الوَجِيزِ» : ويجوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ والضَّمِينِ في السَّلَمِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والقَرْضِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «التَّرْغِيبِ» . وحكَى في «الفُروعِ» كلامَ صاحِبِ «التَّرْغِيبِ» ، واقْتَصَرَ عليه.