المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الموصى به - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٧

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الموصى به

‌بَابُ الْمُوصَى بِهِ

تَصِحُّ الْوَصِيّةُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ كَالْآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَالطَّيرِ: فِي الْهَوَاء، وَالْحَمْلِ في الْبَطْنِ، وَاللَّبَنِ في الضَّرْعِ، وَبِالْمَعْدُومِ؛ كَالَّذِي تَحْمِلُ أمَتُهُ أوْ شَجَرَتُهُ أبَدًا، أوْ في مُدَّةٍ مُعَينةٍ.

ــ

بابُ المُوصَى به

قوله: تصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَعْدُومِ، كالَّذي تحْمِلُ أمَتُه، أو شَجَرَتُه أبَدًا، أوْ مُدَّةً

ص: 342

فَإنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصيَّةُ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بمِائَةٍ لا يَمْلِكُهَا، صَحَّ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَيهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أوْ عَلَى شَيءٍ مِنْهَا، وَإلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ.

ــ

مُعَيَّنَةً- هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ- فإنْ حصَل شيءٌ، فهو له، وإلَّا بطَلَتْ. قال في «الفُروع»: ويُعْتَبَرُ إمْكانُ المُوصَى به. وفي «التَّرْغيبِ» وغيرِه، واخْتِصاصُه. فلو وَصَّى بمالِ غيرِه، لم يصِحَّ، ولو مَلَكَه بعدُ. وتصِحُّ بزَوْجَتِه، ووَقْتُ فَسْخِ النِّكاحِ، فيه الخِلافُ. وبما تحْمِلُ شَجَرَتُه أبدًا، أو إلى مُدَّةٍ، ولا يلْزَمُ الوارِثَ. السَّقْيُ؛ لأنَّه لم يضْمَنْ تسْلِيمَها، بخِلافِ مُشْتَرٍ. ومثْلُه بمِائَةٍ لا يمْلِكُها إذَنْ. وفي «الرَّوْضَةِ» ، إنْ وَصَّى بما تحْمِلُ هذه الأمَةُ، أو هذه النَّخْلَةُ، لم تصِحَّ؛ لأنَّه وَصِيَّةٌ بمعْدومٍ. والأشْهَرُ، وبحَمْلِ أمَتِه، ويأْخُذُ قِيمَتَه. نصَّ عليه. وقيل: ويدْفَعُ أُجْرَةَ حَضانَتِه. انتهى كلامُ صاحِبِ «الفُروعِ» . وقيل: لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ بحَمْلِ أَمَتِه.

ص: 343

وَتَصِحُّ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيرِ الْمَالِ؛ كَالْكَلْبِ، وَالْزَّيتِ النَّجِسَ.

ــ

قوله: وتَصِحُّ بما فيه نَفْعٌ مُباحٌ مِن غيرِ المالِ؛ كالكَلْبِ، والزَّيتِ النَّجِسِ، فَإنْ لم يكُنْ له مالٌ، فللمُوصَى له ثُلُثُ ذلك -يعْنِي، إذا لم تُجِزِ الوَرَثَةُ، وهذا بلا نِزاعٍ، وَإنْ كان له مالٌ، فجميعُ ذلك للمُوصَى له، وإِنْ قَلَّ، في أحَدِ الوَجْهَين، وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، إلَّا أنْ تكونَ النُّسْخَةُ مَغْلوطَةً. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأظْهَرُ عندَ الأصحابِ وفي الآخَرِ له

ص: 344

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي مَالٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإنْ قَلَّ الْمَالُ، في أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَفِي الآخَرِ، لَهُ ثُلُثُهُ. وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ.

ــ

ثُلُثُه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . واخْتارَه في «المُحَررِ» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال الحارِثِيُّ: ويَحْتَمِلُ وجْهًا ثالثًا، وهو أنْ يُضَمَّ إلى المالِ بالقِيمَةِ، فتُقَدَّرَ المالِيَّةُ فيه، كتَقْديرِها في الجُزْءِ في بعضِ الصُّوَرِ، ثم يُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلثِ كأنَّه مالٌ. قال: وهذا أصحُّ.

فوائد؛ إحْداها، الكَلْبُ المُباحُ النَّفْعِ؛ كَلْبُ الصَّيدِ، والماشِيَةِ، والزَّرْعِ، لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : في الصَّيدِ. وقيل: أو البُسْتانِ. وقاله في «الرِّعايتَين» ، في آدابِهما. وقيل: وكَلْبُ البُيوتِ أَيضًا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، فعليه تصِحُّ

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَصِيّةُ أَيضًا. وأمَّا الجَرْوُ الصَّغِيرُ، فيُباحُ ترْبِيَتُه لما يُباحُ اقْتِناؤُه له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى» في آدابِهما، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الكافِي» ، فتَصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وقيل: لا تجوزُ ترْبِيَتُه، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى» . أمَّا إنْ كان عندَه ما يَصِيدُ به، ولم يَصِدْ به، أو يَصِيدُ به عندَ الحاجَةِ إلى الصَّيدِ، أو لحِفْظِ ماشِيَةٍ، أو زَرْعٍ، إنْ حصَلا، فخِلافٌ. قاله في «الفُروعِ» . ذكَرَه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» احْتِمالين مُطْلَقَين. ذكَرَه في البَيعِ. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أن ذلك كالجَرْو الصَّغِيرِ. وقدَّم في «الكافِي» الجوازَ. وقدَّمه ابنُ

ص: 346

وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، كَالْخَمْرِ وَالْمَيتَةِ وَنَحْوهِمَا.

ــ

رَزِينٍ، وجعَل في «الرِّعايةِ» الكَلْبَ الكبيرَ، الذي لا يَصِيدُ بهْ لهْوًا، كالجَرْو الصَّغيرِ، وأطْلَقَ الخِلافَ فيه. وجزَم بالكَراهَةِ في «آدابِ الرِّعايتَين». وقال في «الواضِحِ»: الكَلْبُ ليس ممَّا يمْلِكُه. وفي طَريقةِ بعضِ الأصحابِ، إنَّما يصِحُّ لمِلْكِ اليَدِ الثَّابِتِ له، كخَمْرٍ تَخَلَّلَ، ولو ماتَ مَن في يَدِه خَمْرٌ، وُرِثَ عنه، فلهذا يُورَثُ الكَلْبُ؛ نظَرًا إلى اليَدِ حِسًّا. الثَّانيةُ، تُقْسَمُ الكِلابُ المُباحَةُ بينَ الوَرَثَةِ، والمُوصَى له، والمُوصَى لهما، بالعَدَدِ، فإنْ تشاحُّوا، فبِقُرْعَةٍ. ويأْتِي في بابِ الصَّيدَ، تحْريمُ اقْتِناءِ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ، وجَوازُ قَتْلِه، وكذا الكَلْبُ العَقُورُ. الثَّالثةُ، لو أوْصَى له بكَلْبٍ، وله كِلابٌ. قال في «الرِّعايةِ»: له أحَدُها (1) بالقُرْعَةِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وعنه، بل ما شاءَ الوَرَثَةُ. انتهى. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ.

(1) في ط: «أخذها» .

ص: 347

وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ؛ كَعَبْدٍ، وَشَاةٍ، وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيهِ الاسْمُ.

ــ

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، بقوْله: وتصِحُّ بما فيه نفْعٌ مُباحٌ، كالزَّيتِ النَّجِسِ. أنَّ ذلك على القولِ بجوازِ الاسْتِصْباحَ به (1). وهو المذهبُ، على ما تقدَّم في كتابِ البَيعِ. أمَّا على القولِ بعدَمِ الجوازِ، فما فيه نفْعٌ مُباحٌ، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وهو صحيحٌ. صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» الإطْلاقُ، وإنَّما جعَل التَّقْيِيدَ بما قال المُصَنِّفُ مِن عندِه.

قوله: وتَصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَجْهُولِ؛ كعبدٍ وشاةٍ -بلا نِزاعٍ- ويُعْطَى ما يقَعُ

(1) زيادة من: ا.

ص: 348

فَإنِ اخْتَلَفَ الاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْعُرْفِ؛ كَالشَّاةِ في الْعُرْفِ لِلأنْثَى، وَالْبَعِيرُ وَالثَّوْرُ هُوَ في الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى، غُلِّبَ الْعُرْفُ. وَقَال أصْحَابُنَا: تُغَلَّبُ الْحَقِيقَةُ.

ــ

عليه الاسمُ، فإنِ اخْتَلَفَ الاسمُ بالحَقِيقَةِ والعُرْفِ، كالشَّاةِ، هي في العُرْفِ للأُنثَى -يعْني، الأُنْثَى الكَبيرَةَ- والبَعِيرِ والثَّوْرِ، هو في العُرْفِ للذَّكَرِ -يعْنِي، الذَّكرَ الكبيرَ- وَحْدَه، وفي الحَقِيقَةِ للذَّكَرِ والأُنثَى، غُلِّبَ العُرْفُ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّم في «الرِّعايتَين» أنَّ الشَّاةَ للأُنْثَى. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ» ، في البَعِيرِ والثَّوْرِ. وقال المُصَنِّفُ: العَبْدُ للذَّكَرِ المَعْروفِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، في بابِ الوَقفِ، والحارِثِيُّ هنا. وعندَ

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاضي وغيرِه، لا يُشْتَرَطُ كوْنُه ذَكَرًا. وقال في «الفُروعِ» ، في الوَقْفِ، فيما إذا أوْصَى بعَبْدٍ: في إجْزاءِ خُنْثَى غيرِ مُشْكِلٍ وَجْهان. جزَم الحارِثِيُّ أنَّه لا يدْخُلُ في مُطْلَقِ العَبْدِ. وقال أصحابُنا: تُغَلبُ الحَقِيقةُ. وهو المذهبُ. فيَتَناولُ الذُّكورَ والإِنَاثَ، والصِّغارَ والكِبارَ. وأطْلَقَ في «الشَّرْحِ» ، في البَعيرِ وَجْهَين. وقال القاضي في «الخِلافِ»: الشَّاةُ اسْمٌ لجنْسِ الغَنَمِ، يتَناوَلُ الصِّغارَ والكبارَ.

ص: 350

وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِنَ الْخَيلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ.

ــ

قوله: والدَّابةُ اسْمٌ للذَّكَرِ والأُنْثَى مِنَ الخَيلِ والبِغالِ والحَمِيرِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. فتَتَقَيَّدُ يمِينُ مَن حَلَف لا يرْكَبُ دابَّةً

ص: 351

وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيرِ مُعَيَّنٍ؛ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُعْطى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ.

ــ

بها. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ في وَصِيّةٍ بدابَّةٍ، يُرْجَعُ إلى عُرْفِ البَلَدِ. وذكَر أبو الخَطَّابِ في «التَّمْهيدِ» ، في الحَقيقَةِ العُرْفِيَّةِ، أنَّ الدَّابَّةَ اسْمٌ للفَرَسِ عُرْفًا، وعندَ الإطْلاقِ، ينْصَرِفُ إليه. وذكَرَه في «الفُنونِ» ، عن أُصُوليٍّ، يعْنِي نَفْسَه، قال: لَأنّ لها نَوْعُ قُوةٍ مِنَ الدَّبِيبِ، ولأنَّه ذو كَرٍّ وفَرٍّ.

فوائد؛ الحِصانُ والجَمَلُ والحِمارُ، للذَّكَرِ. والنَّاقَةُ والبَقَرَةُ والحِجْرَةُ (1) والأتانُ، للأُنْثَى. وأمَّا الفرَسُ، فللذَّكَرِ والأُنْثَى. قال في «الفائقِ»: قلتُ: والبَغْلُ للذَّكَرِ، والبَغْلَةُ تحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. ولو قال: عشَرَة مِن إبِلِي وغَنَمِي. فهو للذَّكَرِ والأُنْثَى. على الصَّحيحِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أنَّه إنْ قال: عَشَرَة. بالهاءِ، فهو للذُّكررِ، وبعَدَمِها للإناثِ. والرَّقيقُ للذَّكَرِ والأُنْثَى والخُنْثَى.

قوله: وإنْ وَصَّى له بغيرِ مُعَيَّنٍ؛ كعَبْدٍ مِن عَبِيدِه، صَحَّ، ويُعْطِيه الوَرَثَةُ ما شاءُوا منهم. في ظاهِرِ كَلامِه. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. ونصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ

(1) كذا في النسخ، وهي «الحِجْر»؛ الفرس الأنثى. قال صاحب اللسان: لم يدخلوا فيه الهاء لأنه اسم لا يشركها فيه المذكر. اللسان (ح ج ر).

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَنْصُورٍ، وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في «خِلافَيهِما» ، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقال الخِرَقِيُّ: يُعْطَى واحدًا بالقُرْعَةِ. وهو روايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال في «التَّبْصِرَةِ»: هاتان الرِّوايتان في كُلِّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَين، قال: ويَحْتَمِلُ حَمْلَه على ظاهِرِهما.

فائدة: قال القاضي، في هذه المَسْأَلَةِ: يُعْطِيه الوَرَثَةُ ما شاءُوا مِن عَبْدٍ أو

ص: 353

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ وَتَصِحُّ في الآخَرِ، وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا.

ــ

أمَةٍ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ: الصَّحيحُ عندِي، أنَّه لا يسْتَحِقُّ إلَّا ذكَرًا. وظاهِرُ «النَّظْمِ» الإِطْلاقُ.

قوله: فإنْ لم يَكُنْ له عَبِيدٌ، لم تصِحَّ الوَصِيّةُ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الحارِثيُّ: المذهبُ البُطْلانُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وتصِحُّ في الآخَرِ، ويُشْتَرَى له ما يسَمَّى عبْدًا. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» . فعلى المذهبِ، لو مَلَك عَبِيدًا قبلَ مَوْتِه، فهل تصِحُّ الوَصِيَّةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» ؛ أحدُهما، تصِحُّ. وهو

ص: 354

وَإنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا، تَعينَّتَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ. وَإنْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ، فَلَهُ قِيمَةُ أحَدِهِمْ عَلَى قَاتِلِهِ.

ــ

الصَّحيحُ، جزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ» . وقدمه في «الرِّعايتَين» . والثَّاني، لا تصِحُّ، كمَن وَصَّى لعَمْرٍو بعبدِ زَيدٍ، ثم مَلَكه.

فائدة: لو وَصَّى بأنْ يُعْطَى مِائَةً مِن أحَدِ كِيسَيَّ، فلم يُوجَدْ فيهما شيءٌ، اسْتَحَقَّ مِائَةً على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: اسْتَحَقَّ مِائَةً على المَنْصوصِ. وجزَم به في «الرِّعايتَين» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به الحارِثِيُّ. وقيل: لا يسْتَحِقُّ شيئًا.

قوله: وإنْ كان له عَبِيدٌ فماتُوا إلَّا واحِدًا، تَعَيَّنَتِ الوَصِيَّةُ فيه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ،

ص: 355

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ، وَلَهُ أَقْوَاسٌ لِلرَّمْي وَالْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ، فَلَهُ قَوْسُ النُّشَّابِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا، إلَّا أنْ تَقْتَرِنَ بِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى

ــ

و «الرِّعايةِ الكُبْرى» . وقيل: يَتَعَيَّنُ بالقُرْعَةِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : ويتوَجَّهُ أنْ يُقْرَعَ بينَ الحَيِّ والمَيتِ.

فائدة: لو لم يَكُنْ له إلَّا عبدٌ واحدٌ، صحَّتْ، وتَعَيَّنَتْ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقال الحارِثِيُّ: قِياسُ المذهبِ بُطْلانُ الوَصِيَّةِ. ولو تَلِفَ رَقيقُه كُلُّهم قبلَ موتِ المُوصِي، بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ، ولو تَلِفُوا بعدَ مَوْتِه مِن غيرِ تفْرِيطٍ، فكذلك.

قوله: وإنْ قُتِلُوا كُلُّهم، فله قِيمَةُ أحَدِهم على قاتِلِه. إمَّا بالقُرْعَةِ أو باخْتِيارِ الوَرَثَةِ، على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ. قاله الأصحابُ. وقال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ قُتِلُوا في حَياتِه، بَطَلَتْ، وإنْ قُتِلُوا بعدَ مَوْتِه، أخِذَتْ قِيمَةُ عَبْدٍ مِن قاتلِه. وقاله في «النَّظْمِ» وغيرِه. فيُحْمَلُ كلامُ المُصَنِّفِ على ذلك.

قوله: وإِنْ وَصَّى له بِقَوْسٍ، وله أقْواسٌ للرَّمْيِ والبُنْدُقِ والنَّدْفِ، فله قَوْسُ

ص: 356

غَيرِهِ. وَعِنْدِ أَبِي الْخَطَّابِ، لَهُ واحِدٌ مِنْهَا، كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ.

ــ

النُّشَّابِ؛ لأنَّه أظْهَرُها، إلَّا أن تقْتَرِنَ به قَرِينةٌ تصْرِفُه إلى غيرِه. هذا المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، له واحِدٌ منها، كالوَصِيُّةِ بعَبْدٍ مِن عبيدِه. واخْتارَه في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». وقيل: له واحدٌ منها غيرُ قَوْسِ البُنْدُقِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفائقِ» . وقيل: له ما يُرْمَى به عادَةً. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فله قَوْسُ النُّشَّابِ.

ص: 357

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: والنَّبْلِ. قال في «المُذْهَبِ» : فيه وَجْهان؛ أحدُهما، تنْصَرِفُ الوَصِيَّةُ إلى قَوْسِ النُّشَّابِ والنَّبْلِ، على قَوْلِ القاضي.

فوائد؛ إحْداها، يُعْطَى قَوْسًا معْمُولَةً بغيرِ وَتَرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأظْهَرُ. وقيل: يُعْطَى قَوْسًا مع وَتَرِه. جزَم به في «التَّرْغيبِ» ، وبه جزَم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله الحارِثِيُّ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . الثَّانيةُ، قَوْسُ النُّشَّابِ، هو الفارِسِيُّ. وقَوْسُ النَّبْلِ، هو العَرَبِيُّ. وقوْسُ جُوخٍ [وقَوْسٌ بمَجْرَى](1) وهو الذي يُوضَعُ

(1) سقط من: ط.

ص: 358

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ، وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ.

ــ

في مَجْراه السَّهْمُ، فيَخْرُجُ مِنَ المَجْرَى. وقوْسُ البُندُقِ؛ هو قَوْسُ جُلاهِقٍ. الثَّالثةُ، لو كان له أقْواسٌ مِن جِنْسٍ، أو قَوْسُ نُشَّابٍ ونَبْلٍ، وقُلْنا: يُعْطَى مِن كُلٍّ منهما، أُعْطِيَ أحدَها بالقُرْعَةِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحِاوي الصَّغِيرِ». وقيل: بل برِضا الوَرَثَةِ.

قوله: وإنْ وَصَّى له بِكَلْبٍ، أو طَبْلٍ، وله منها مُباحٌ ومُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إلى المُباحِ، وإنْ لم يكُنْ له إلَّا مُحَرَّمٌ، لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ. بلا نِزاعٍ في ذلك. وتقدَّم حُكْمُ ما إذا تعَدَّدَتِ الكِلابُ قريبًا.

ص: 359

وَتنْفُذُ الْوَصِيّةُ فِيمَا عَلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ.

ــ

قوله: وتَنْفذ الوَصِيّةُ فيما عَلِمَ مِن مالِه وما لم يَعْلَمْ. جزَم به في «المغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما، ولا أعْلَمُ فيها خِلافًا.

ص: 360

وَإِذَا أوْصَى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا، دَخَلَ ثُلثهُ في الْوَصِيَّةِ.

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى بثُلُثِه، فاسْتَحْدَثَ مالًا، دَخَلَ ثُلُثُه في الوَصِيَّةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، يدْخُلُ المُتَجَدِّدُ مع عِلْمِه به، أو قولِه: بثُلُثِي يومَ أموتُ. وإلَّا فلا.

تنبيه: قد يدْخُلُ في كلامِه، لو نصَب أُحْبُولَةً قبلَ مَوْتِه (1)، فوقَع فيها صيدٌ بعدَ موْتِه؛ فإنَّ الصَّيدَ يكونُ للنَّاصبِ، فيدْخُلُ ثُلُثُه في الوَصِيَّةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الانْتِصارِ» وغيرِه: لا يدْخُلُ، ويكونُ كلُّه للوَرَثَةِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ» .

(1) سقط من: ط.

ص: 361

وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ.

ــ

قوله: وإنْ قُتِلَ وأُخِذَتْ دِيَتُه، فهل تدْخُلُ في الوَصِيَّةِ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما الخِرَقِيُّ، والزَّرْكَشِيُّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الهِدايَةِ» ، في بابِ مِيراثِ القاتلِ؛ إحْداهما، تدْخُلُ، فتكونُ مِن جُمْلَةِ التَّرِكَةِ. وهو المذهبُ. قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: قد قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الدِّيةَ مِيراثٌ (1). واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال في «الخُلاصةِ» ، في بابِ

(1) أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 224.

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِيراثِ القاتلِ: وتُؤْخَذُ دُيونُ المَقْتولِ ووَصاياه مِن دِيَتِه على الأصحِّ. ويأْتِي كلامُه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفائقِ» ، في التي بعدَها، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تدْخُلُ، فتكونُ للوَرَثَةِ خاصَّةً. وقيل: يُقْضَى منها الدَّينُ أَيضًا. على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، فإنَّهم قالوا، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: وكذلك يُقْضَى منها دُيونُه، ويُجَهَّزُ منها. وطريقَةُ المَجْدِ، وصاحِبِ «الفُروعِ» ، وغيرِهما، أنَّ وَفاءَ الدَّينِ مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين، إنْ قُلْنا: له. قُضِيَتْ دُيونُه، وإنْ قُلْنا: للوَرَثَةِ. فلا، وهو المذهبُ. وأمَّا تجْهِيزُه، فإنَّه منها، بلا نِزاعٍ. ويأْتِي ما يُشابِهُ ذلك في أثْناءِ بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ.

تنبيه: مَبْنَى الخِلافِ هنا، على أنَّ الدِّيَةَ تحْدُثُ على مِلْكِ المَيِّتِ، أو على مِلْكِ الوَرَثَةِ؟ فيه رِوايَتان. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تحْدُثُ على مِلْكِ المَيِّتِ.

ص: 363

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ، قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَينِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.

فَصْل: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ.

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى بمُعَيَّنٍ بقَدْرِ نِصْف الديةِ، فهل تُحْسَبُ الديةُ على الوَرَثَةِ؟ على وَجْهَين. بِناءً على الروايتَين المُتَقَدِّمَتَين. قاله الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، والحارِثِي. وقال في «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفائقِ»: ودِيَةُ المَقْتولِ عمْدًا أو خَطَأً تَرِكَة، تُقْضَى منها دُيونُه، وفي وَصِيته وَجْهان. ولو وَصَّى بمُعَيَّنٍ قَدْرِ نِصْفِ الديةِ، فالديةُ محْسوبَةٌ على الوَرَثَةِ مِن ثُلُثَيه. وقيل: لا. وعنه، دِيَتُه لهم، فلا حقَّ فيها لوَصِيَّةٍ ولا دَين. وقيل: يُقْضَى منها الدَّينُ فقط.

قوله: وتصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَنْفَعَةِ المُفْرَدَةِ؛ فلَوْ وَصَّى لرَجُلٍ بمَنافِعِ أمَتِه أبَدًا،

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو مُدَّةً مُعَيَّنةً، صَحَّ -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وللوَرَثَةِ عِتْقُها، بلا نِزاعٍ، ولهم بَيعُها مسْلُوبَةَ المَنْفَعَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: هذا

ص: 365

فَلَوْ وَصَّى لِرَجُل بِمَنَافِعِ أمَتِهِ أبَدًا أوْ مُدَّةً مُعَيَّنةً، صَحَّ. فإذا أَوْصَى بِهَا أبَدًا، فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا وَبَيعُهَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيعُهَا إلا لِمَالِكِ نَفْعِهَا.

ــ

المذهبُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» ، وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحارِثِي» ، و «الفُروعِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم. وقطَع به القاضي، وابنُ عَقِيل. وقيل: لا يصِحُّ بَيعُها مُطْلَقًا. وقيل: يصِحُّ لمالِكِ نَفْعِها، لا غيرُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وأطْلَقَهنُّ في «الفائقِ» . وهنَّ في «الكافِي» احْتِمالاتٌ مُطْلَقاتٌ.

ص: 366

وَلَهُمْ ولايةُ تزويجِهَا،

ــ

تنبيه: قولُه: وللوَرَثَةِ عِتْقُها. يعْنِي مجَّانًا. أمَّا عِتْقُها عن كفَّارَةٍ؛ فلا يُجْزِئ. على الصَّحيحِ مِنَ المذَهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقيل: يُجْزِئ، كعَبْدٍ مُؤجَر. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» . ومتى قُلْنا بالجَوازِ؛ إمَّا مجَّانًا، وإمَّا عن كفَّارَةٍ، على هذا القَوْلِ، فانْتِفاعُ رَبِّ الوَصِيَّةِ به باقٍ.

فائدة: صِحةُ كِتابَتِها مَبْنِيٌّ على صِحَّةِ بَيعِها هنا.

قوله: لهم ولايةُ تَزْويجِها. يعْنِي للوَرَثَةِ الذين يمْلِكون رَقَبَتَها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ وَلِيَّها مالِكُ رَقَبَتِها. جزَم به في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ،

ص: 367

وَأَخذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ؛ لأنَّ مَنَافِعَ الْبُضْع لا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا. وَقَال أَصحَابُنَا: مَهْرُهَا لِلْوَصِيِّ.

ــ

و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحارِثِيِّ» وصحَّحه، وغيرُهم. وقيل: وَلِيُّها مالِكُ الرقَبَةِ ومالِكُ المَنْفَعَةِ جميعًا. فعلى المذهبِ، لا يُزَوِّجُها إلا بإذْنِ مالِكِ المَنْفَعَةِ. قاله في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

قوله: وأخذُ مَهْرِها في كُلِّ مَوْضِعٍ وجَب. يعْنِي، لمُلَّاكِ الرقَبَةِ ذلك. وهذا

ص: 368

وَإنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ. وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْوَاطِئَ.

ــ

اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وابنِ عَقِيل. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أصحابُنا: مهْرُها للوَصِيِّ. يعْنِي، للمُوصَى له بنَفْعِها. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» ، و «الحارِثِي» ، وغيرِهما. قال في «الفائقِ»: هذا قوْلُ الجُمْهورِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . وهذه المَسْألةُ مِن غيرِ الغالِبِ الذي ذكَرْناه في الخُطبَةِ مِنَ المُصْطَلَحِ في مَعْرِفَةِ المذهبِ.

قوله: وإنْ وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ، فالوَلَدُ حُرٌّ، وللوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِها عندَ الوَضْعِ على الواطِئ. يعْنِي، لأصحابِ الرَّقَبَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ،

ص: 369

وَإنْ قُتِلَتْ، فَلَهُمْ قِيمَتُهَا، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يُشْتَرَى بِهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.

ــ

و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُشْتَرى بها ما يقُومُ مَقامَها. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» .

قوله: وإنْ قُتِلَتْ، فلهم قِيمَتُها، في أحَدِ الوَجْهَين. وتبْطُلُ الوَصِيَّةُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وفي الأُخْرَى، يُشْتَرَى بها ما يقُومُ مَقامَها. قدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «التبصِرَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» . واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» .

تنبيه: ينبنِي على الخِلافِ ما إذا عَفا عن قاتلِها؛ هل تلْزَمُه القِيمَةُ، أم لا؟ قاله في «الفُروعِ» .

ص: 370

وَلِلْوَصِيِّ اسْتِخْدَامُهَا وإجَارَتُهَا وإعَارَتُهَا، وَلَيسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا.

ــ

فائدة: لو قَتَلَها الوَرَثَةُ، لَزِمَهم قِيمَةُ المَنْفَعَةِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» ، عندَ الكلامِ على الخُلْعِ بمُحَرَّمٍ. قلتُ: وعُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّ قتْلَ الوارِثِ كقَتْلِ غيرِه.

قوله: وليس لواحِدٍ منهما وَطْؤُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: في جَوازِ وَطْءِ مالِكِ الرَّقَبَةِ وَجْهان.

فائدة: لو وَطِئَها واحِدٌ منهما، فلا حَدَّ عليه، ووَلَدُه حُرٌّ؛ فإنْ كان الواطِئ مالِكَ الرَّقَبَةِ، صارَتْ أم وَلَدٍ، وإلَّا فلا. وفي وُجوبِ قِيمَةِ الوَلَدِ عليه، الوَجْهان. وكذا المَهْرُ على ما تقدَّم مِنِ اخْتِيارِ المُصَنِّفِ، واخْتِيارِ الأصحابِ. وقيل: يجِبُ الحدُّ على صاحِبِ المَنْفَعَةِ، إذا وَطِئ. فعلى هذا، يكونُ وَلَدُه مَمْلوكًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثين بعدَ المِائَةِ»: لا يجوزُ للوارِثِ وَطْؤها، إذا كان مُوصًى بمَنافِعِها. على أصحِّ الوَجْهَين. وهو قَوْلُ القاضي، خِلافًا لابنِ عَقِيلٍ.

ص: 371

وَإنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أوْ زِنًى، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا،

ــ

قوله: وإنْ وَلَدَتْ مِن زَوْجٍ، أو زِنًى، فحُكْمُه حُكْمُها. هذا أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الكافِي» ، و «شَرْحِ ابنِ

ص: 372

وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُهَا، أنهُ فِي كَسْبِهَا. وَالثانِي، عَلَى مَالِكِهَا. وَالثَّالِثُ، عَلَى الْوَصِيِّ.

ــ

مُنَجَّى». وقدَّمه في «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الشَّرْحِ» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لمالِكِ الرَّقَبَةِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلحْناه في الخُطْبَةِ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والعِشْرِين»: الوَلَدُ هل هو كالجُزْءِ، أو كالكَسْبِ؟ والأظْهَرُ أنَّه جُزْءٌ. ثم قال، مُفَرِّعًا على ذلك: لو وَلَدَتِ المُوصَى بمَنافِعِها؛ فإنْ قُلْنا: الوَلَدُ كَسْب. فكُلُّه لصاحِبِ المَنْفَعَةِ، وإنْ قُلْنا: هو جُزْءٌ. ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّه بمَنْزِلَتِها. والثَّاني، أنَّه للوَرَثَةِ؛ لأنَّ الأجْزاءَ لهم دُونَ المنافِعِ.

قوله: وفي نَفَقَتِها ثَلاثةُ أوْجُهٍ. وهُنَّ احْتِمالاتٌ في «الهِدايَةِ» . وأطْلَقَهُنَ في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَب» ، و «مَسْبوكِ الذهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «الفُروعِ»: وفي نفَقَتِها وَجْهان. انتهى. أحَدُها، أنَّه في كَسْبِها؛ فإنْ عُدِمَ ففي بيتِ المالِ. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارحُ: فإنْ لم يكُنْ لها كَسْبٌ، فقيل: تجِبُ في بيتِ المالِ.

ص: 373

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الحارِثِي: وهو قولُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ، عنِ القوْلِ أنَّه يكونُ في كَسْبِها: هو راجِعٌ إلى إيجابِها على صاحِبِ المَنْفَعَةِ. وهذا الوَجْهُ للقاضي في «المُجَرَّدِ» . والوَجْهُ الثَّاني، أنَّها على مالِكِها. يعْني، على مالِكِ الرَّقَبَةِ. وهو

ص: 374

وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ وَجْهَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا مِنَ الثُّلُثِ. وَالثانِي، تُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا، ثُمَّ تُقَوَّمُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ مَا بَينَهُما.

ــ

الذي ذكَرَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، وأبو الخَطابِ في «رُءوسِ المَسائلِ» ، وابنُ بَكْروسٍ، وغيرُهم، وعنِ القاضي مِثْلُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . والوَجْهُ الثَّالِثُ، أنَّه على الوَصِيِّ، وهو مالِكُ المَنْفَعَةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ» . وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» .

قوله: وفي اعْتِبارِها مِنَ الثُّلُثِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنْجَّى» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» ، أحدُهما، يُعْتَبَرُ جمِيعُها مِنَ الثُّلُثِ. وهو الصَّحيحُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» . والوَجْهُ الثَّاني، تُقَوَّمُ بمَنْفَعَتِها، ثم تُقَوَّمُ

ص: 375

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبَتِهَا وَلِآخَرَ بِمنْفَعَتِهَا، صَحَّ. وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا.

ــ

مَسْلُوبَةَ المَنْفَعَةِ، فيُعْتَبَرُ ما بينَهما. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ». وقيل: إنْ وَصَّى بمَنْفَعَةٍ على التَّأبيدِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الرقَبَةِ بمَنافِعِها مِنَ الثلُثِ؛ لأنَّ عَبْدًا لا منْفَعَةَ له لا قِيمَةَ له. وإنْ كانتِ الوَصِيَّةُ بمُدَّةٍ مَعْلومةٍ، اعْتُبِرَتِ المَنْفَعَةُ فقط مِنَ الثلُثِ. اخْتارَه في «المُسْتَوْعِبِ» . وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» أيضًا، فقال: وهل يُعْتَبَرُ خُروجُ ثَمِنَها مِن ثُلُثِه، أو ما قِيمَتُها بنَفْعِها وبدُونِه؛ فيها وَجْهان. وإنْ وَصَّى بنَفْعِها وَقْتًا، فقيل كذلك. وقيل: يُعْتَبَرُ وحدَه مِن ثُلُثِه؛ لإمْكانِ تقْويمِه مُفْرَدًا. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .

فائدة: لو ماتَ المُوصَى له بنَفْعِها، كانتِ المَنْفَعَةُ لوَرَثَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الانْتِصارِ» ، في الأُجْرَةِ بالعَقْدِ. وقال: يَحْتَمِلُ مِثْلُه في هِبَةِ نَفْعِ دارِه، وسُكْناها شهْرًا، وتَسْلِيمِها. انتهى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: بل لوَرَثَةِ المُوصِي. قلتُ: وينْبَغِي أنْ يكونَ الحُكْمُ كذلك فيما إذا ماتَ المُوصَى له برَقَبَتِها، أنْ (1) تكونَ الرَّقَبَةُ لوارِثِه.

(1) في ط: «أو» .

ص: 376

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، صَحَّ، وَيَكُونُ كَمَا لَو اشْتَرَاهُ.

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى لرَجُلٍ بمُكاتَبِه، صَحَّ، ويكُونُ كما لو اشْتَراه -على ما يأتِي في بابِ الكِتابَةِ، وهذا بلا نِزاعٍ- وإنْ وَصَّى له بمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها،

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صَحَّ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ القاضيَ قال في «الخِلافِ» ، في مَن ماتَ وعليه زَكاة: إنَّ الوَصِيَّةَ لا تصِحُّ بمالِ الكِتابَةِ والعَقْلِ، لأنه غيرُ مُسْتَقِر.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: ضَعُوا نَجْمًا مِن كِتابَتِه. فلهم وَضْعُ أيِّ نَجْمٍ شاءُوا. وإنْ قال: ضَعُوا ما شاءَ المُكاتَبُ. فالكُل. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إذا شاءَ. وقيل: لا. كما لو قال: ضَعُوا ما شاءَ مِن مالِها. وإنْ قال: ضَعُوا أكْثَرَ ما عليه، ومِثْلَ نِصْفِه. وُضِعَ عنه فوقَ نِصْفِه، وفوقَ رُبْعِه. يعْنِي، بشَرْطِ أنْ يكونَ مِثْلَ نِصْفِ المَوْضوعِ أوَّلًا. الثَّانيةُ، لو أوْصَى لمُكاتَبِه بأوْسَطِ نُجومِه، وكانتِ النُّجومُ شَفْعًا مُتَساويَةَ القَدْرِ، تعَلَّقَ الوَضْعُ بالشَّفْعِ المُتَوَسِّطِ، كالأرْبَعَةِ، المُتَوَسِّطُ منها الثَّانِي والثَّالِثُ، وكالسِّتَّةِ، المُتَوَسِّطُ منها الثَّالِثُ والرَّابع. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: ذكَرَه أبو محمدٍ المَقْدِسِي وغيرُه.

ص: 379

وإنْ وَصَّى لَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، أوْ بِنَجْمٍ مِنْهَا، صَحَّ. وإنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ، وَبِمَا عَلَيهِ لِآخرَ، صَحَّ. فَإِنْ أدَّى

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى له بمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها، صَحَّ. بلا نِزاعٍ، وللمُوصَى له الاسْتِيفاءُ والإبراءُ، ويَعْتِقُ بأحَدِهما، والوَلاءُ للسَّيِّدِ، فإنْ عَجَز، فأرادَ الوارِثُ تعْجِيزَه، وأرادَ المُوصَى له إنْظارَه، فالقَوْلُ قولُ الوارِثِ. وكذا إذا أرادَ الوارِثُ إنْظارَه، وأرادَ المُوصَى له تَعْجيزَه، فالحُكْمُ للوارِثِ.

قوله: وإنْ وَصَّى برقَبَتِه لرَجُلٍ، وبما عليه لآخَرَ، صَحَّ. فَإنْ أدَّى عَتَقَ، وإنْ

ص: 380

عَتَقَ، وإنْ عَجَزَ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ المَالِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيهِ.

ــ

عجَز، فهو لصاحِبِ الرَّقَبَةِ، وبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحِبِ المَالِ فيما بَقِيَ عليه. إذا أدَّى لصاحِب المالِ، أو أبرأه منه، عَتَقَ وبطَلَتِ الوَصِيَّةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأَصحابُ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَبْطُلَ وَصِيَّةُ صاحِبِ الرَّقَبَةِ، ويكونُ الوَلاءُ له؛ لأنه أقامَه مَقامَ نَفْسِه. ومال إليه وقوَّاه. فإنْ عجَز، فسَخ صاحِبُ الرقبَةِ كتابَتَه، وكان رَقِيقًا له، وبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحبِ المالِ. وإنْ كان قبَض مِن مالِ الكِتابَةِ شيئًا، فهو له.

ص: 381

فصل: وَمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِشَيءٍ بِعَينهِ، فَتَلِفَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أوْ بَعدَهُ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ.

ــ

قوله: ومَن أُوصِيَ له بشَئٍ بعَينه، فتَلِفَ قبلَ مَوْتِ المُوصِي أو بعدَه،

ص: 383

وَإنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيرَهُ بَعْدَ مَوْتِ المُوصِي، فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإنْ لَمْ يَأخُذْهُ زَمَانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقتَ الْأخْذِ.

ــ

بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ -بلا نِزاعٍ- وإنْ تَلِفَ المالُ كُلُّه غيرَه، بعدَ مَوْتِ المُوصِي، فهو للمُوصَى له. بلا نِزاعٍ.

قوله: وإنْ لم يأخُذْه زَمانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الموْتِ لا وَقْتَ الأخْذِ. يعْنِي، إذا

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوْصَى له بشيءٍ معَيَّنٍ فنَما. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور. وقطَع به الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: قوْلُ الخِرَقِي هَو قوْلُ قُدماءِ الأصحابِ، وهو أوْجَهُ مِن قوْلِ الجدِّ. يعْنِي الآتِيَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُحَرَّرِ»: إنْ قُلْنا: يمْلِكُه بالمَوتِ. اعْتُبِرَت قِيمَتُه مِنَ الترِكَةِ بسِعْرِه يومَ المَوْتِ، على أدْنَى صِفاتِه مِن يومِ الموْتِ إلى القَبُولِ، سِعْرًا وصِفَةً. انتهى. فبَنى ذلك على أنَّ المِلْكَ بينَ الموْتِ

ص: 385

وَإنْ لَمْ يَكُن لَهُ سِوَى الْمُعَيَّنِ إلَّا مَالٌ غَائِبٌ، أوْ دَين فِي ذِمَّةِ مُوسِرٍ أوْ مُعْسِرٍ، فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمُوصَى بِهِ. وَكُلَّمَا اقْتُضِيَ مِنَ الدَّينِ شيءٌ، أوْ حَضَرَ مِنَ الْغائِبِ شَيْءٌ مَلَكَ مِنَ الْمُوصَى بِهِ قَدْرَ ثُلُثِهِ حتَّى يَمْلِكَهُ كُلَّهُ،

ــ

والقَبُولِ؛ هل هو للمُوصَى له، أو للوَرَثَةِ؟ على ما تقدَّم في كتابِ الوَصايا، في الفَوائدِ المَبْنِيَّةِ على قوْلِه: وإنْ قَبِلَها بعدَ الموْتِ، ثبَت المِلْكُ حينَ القَبُولِ. وذكَرْنا هذا هناك أيضًا.

قوله: وإنْ لم يكُنْ له شَيءٌ سِوَى المُعَيَّنِ إلَّا مالٌ غائِبٌ، أو دَين فِي ذِمَّةِ

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُوسِرٍ أوْ مُعْسِرٍ، فَللمُوصَى له ثُلُثُ المُوصَى به، وكُلما اقْتُضِيَ مِنَ

ص: 387

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ.

ــ

الدَّينِ شَيء، أو حضَر مِنَ الغائِبِ شَيء، مَلَك مِنَ المُوصَى به بقَدْرِ ثُلُثِه حتى يمْلِكَه كُلَّه، وكذلك الحُكْمُ في المُدَبَّرِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وذكَرَه

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِرَقِيُّ في المُدَبَّرِ. وقدَّمه في «الفائقِ» ، و «الحارِثِيِّ». وقال: قاله الأصحابُ. وصحَّحه. وقيل: لا يُدْفَعُ إليه شيءٌ، بل يُوقَفُ؛ لأن الوَرَثَةَ شُركاؤه في التَّرِكَةِ، فلا يحْصُلْ له شيءٌ ما لم يحْصُلْ للوَرَثَةِ مِثْلاه. قلتُ: وهذا

ص: 389

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعيدٌ جدًّا؛ فإنه إذا أخَذ ثُلُثَ هذا المُعَيَّنِ، يبْقَى ثُلُثاه، فإنْ لم يحْصُلْ مِنَ المالِ الغائبِ والدَّينِ شيء ألْبَتةَ، فللوَرَثَةِ الباقِي من هذا المُوصَى به، فما يحْصُلُ للمُوصَى له شيء إلا وللوَرَثَةِ مِثْلاه. غايَتُه أنه غيرُ مُعَيَّنٍ، ولا يضُرُّ ذلك. فعلى المذهبِ، تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الحاصِلِ بسِعْرِه يومَ المَوْتِ على أدْنَى صِفتِه، مِن يوم المَوْتِ إلى يومِ الحُصولِ.

ص: 390

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ، فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ، فَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَإنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ ثَلَاثةِ أعْبُدٍ، فَاسْتَحَقَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ أوْ مَاتَا،

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى له بثُلُثِ عَبْدٍ، فاسْتُحِق ثُلُثاه، فله الثُّلُثُ الباقِي. يَعْنِي، إذا

ص: 391

فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي.

ــ

خرَج مِن ثُلُثِ التَّرِكَةِ. قاله الأصحابُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: له ثُلُثُ ثُلُثِه، لا غيرُ.

تنبيه: مِثْلُ ذلك، إذا أوْصَى بثُلُثِ صُبْرَةٍ مِن مَكِيلٍ أو مَوْزونٍ، فتَلِفَ، أو اسْتُحِقَّ ثُلُثاها، خِلافًا ومذهبًا.

قوله: وإن وَصَّى له بثُلُثِ ثَلاثةِ أعْبُدٍ، فاسْتُحِق اثْنان، أو ماتا، فله ثُلُثُ الباقِي. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحارِثِيِّ» ، وغيرِهم. وقيل: جَمِيعُه له، إذا لم يُجاوزْ ثُلُثَ قِيمَتِها.

ص: 392

وَإنْ وَصَّى بِمعَيَّن بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى مَالِهِ، وَمِلْكُهُ غَيرَ الْعَبْدِ مِائَتَانِ، فَأجَازَ الْوَرَثَةُ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَتَينِ وَرُبْعُ الْعَبْدِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثةُ أَرْبَاعِهِ. فَإِنْ رَدُّوا، فَقَال الْخِرَقِي: لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سُدْسُ الْمِائَتَينِ وَسُدْسُ الْعَبْدِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ نِصْفُهُ. وَعِنْدِي أنهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَينَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لَهُمَا فِي حَالِ الإجَازَةِ، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ خُمْسُ الْمِائَتَينِ وَعُشْرُ الْعَبْدِ وَنِصْف عُشْرِهِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ رُبْعُهُ وَخُمْسُهُ.

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى له بعَبْدٍ لا يمْلِكُ غيرَه، قيمَتُه مِائةٌ، ولآخَرَ بثُلُثِ مالِه، ومِلْكُه غيرَ العَبْدِ مِائَتان، فَأجازَ الوَرَثَةُ، فللمُوصَى له بالثُّلُثِ ثُلُثُ المِائتين ورُبْعُ العَبْدِ، وللمُوصَى له بالعبْدِ ثَلاثةُ أرباعِه. وهذا المذهبُ، أعْنِي في المُزاحَمةِ في العَبْدِ، وعليه الأصحابُ؛ الخِرَقِيُّ، فمَن بعدَه. قال الشَّارِحُ: وهو قولُ سائرِ

ص: 393

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وتَبعَ الخِرَقِيَّ على ذلك ابنُ حامِدٍ، والقاضي، والأصحابُ. ثم قال: فهذا قد يُحْمَلُ على ما إذا كانتِ الوَصِيَّتان في وَقْتَين مُخْتَلِفَين. ولا إشْكال على هذا. وإنْ حُمِلَ على إطْلاقِه، وهو الذي اقْتَضاه كلامُ

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأكْثَرِين، فهو وَجْهٌ آخَرُ. ثم قال: ونُصوصُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وأُصولُه مُخالِفَةٌ لذلك. ثم قال: وقد ذكَر ابنُ حامِدٍ، أن الأصحابَ اسْتَشْكَلُوا مَسْألةَ الخِرَقيِّ، وأنْكَرُوها عليه، ونَسَبُوه إلى التفَرُّدِ بها. ذكَر ذلك في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ» .

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإنْ رَدُّوا، فقال الخِرَقِيُّ: للمُوصَى له بالثُّلُثِ سُدْسُ المِائتَين وسُدْسُ العَبْدِ، وللمُوصَى له بالعَبْدِ نِصْفُه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الحارِثِي: هو قولُ الخِرَقِيِّ، ومُعْظَمِ الأصَحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قولُ جُمْهورِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الزرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ: وعندِي أنه يُقسَمُ الثُّلُثُ بينَهما على حسَبِ مالِهما في حالِ الإجازَةِ؛ لصاحِبِ الثلُثِ

ص: 396

وَإنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مَكَانَ الثُّلُثِ، فَأجَازُوا، فَلَهُ مِائَةٌ وَثُلُثُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهُ. وإنْ رَدُّوا، فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُ الْمِائَتَينِ وَسُدْسُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثُهُ. وَقَال أبو الْخَطّابِ: لِصَاحِبِ النِّصْفِ خُمْسُ الْمِائَتَين وَخُمْسُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ خُمْسَاهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْخرَقِيِّ. وَالطَّرِيقُ فِيهَا، أنْ تَنْظُرَ مَا حَصَلَ لَهُمَا فِي حَالِ

ــ

خُمْسُ المِائتين، وعُشْرُ العَبْدِ، ونِصْفِ عُشْرِه، ولصاحِبِ العَبْدِ رُبْعُه وخُمْسُه. وهو تَخْرِيجٌ في «المُحَرَّرِ» . قال في [«القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ](1)»، وفي تخْرِيجِ صاحِبِ «المُحَرَّرِ» نظَر، وذكَرَه.

قوله: وإنْ كانتِ الوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مكانَ الثُّلُثِ، فرَدُّوا، فلصاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُ المِائتَينِ وسُدْسُ العَبْدِ، ولصاحِبِ العَبْدِ ثُلُثُه. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . فوافقَ المُصَنِّفَ هنا، وخالفَه في التي قبلَها. وهو

ص: 397

الإجَازَةِ فَتَنْسِبَ إلَيهِ ثُلُثَ الْمَالِ، وَتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا كَانَ لَهُ فِي الإجَازَةِ مِثْلَ نِسْبَةِ الثُلُثِ اليهِ. وَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، تَنْسِبُ الثُّلُثَ إلَى وَصِيَّتهِمَا جَمِيعًا، وتُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا لَهُ فِي الْإجَازَةِ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ.

ــ

غريبٌ. وقال أبو الخَطَّابِ: لصاحِبِ النِّصْفِ خُمْسُ المِائتَين، وخُمْسُ العَبْدِ، ولصاحبِ العَبْدِ خُمْساه. وهو قِياسُ قولِ الخِرَقِي. وهو الصَّحيحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ الجُمْهورِ.

ص: 398

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، وَلِثَالِثٍ بِتَمَامِ الثُّلُثِ عَلَى الْمِائَةِ، فَلَمْ يَزِدِ الثُّلُثُ عَلَى الْمِائَةِ، بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ التَّمَامِ، وَقَسَمْتَ الثُّلُثَ بَينَ الْآخَرَين عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتهِمَا. وإنْ زَادَ عَلَى الْمِائَةِ، فَأجَازَ الْوَرَثَة، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَا قَال الْمُوصِي. وَإنْ رَدُّوا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ وصِيَّتهِ عِنْدِي. وَقَال الْقَاضِي: لَيسَ لِصَاحِبِ التَّمَامِ شَيْءٌ حَتَّى تَكْمُلَ الْمِائَةُ لِصَاحِبِهَا، ثُمَّ يَكُون

ــ

قوله: وإنْ وَصَّى لرَجُلٍ بثُلُثِ مالِه، ولآخَرَ بمِائَةٍ، ولثالِثٍ بتَمامِ الثُّلُثِ على المِائَةِ، فلم يزِدِ الثُّلُثُ -يعْنِي الثُّلُثَ الثَّاني- عنِ المِائَةِ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحِبِ التَّمامِ، وقُسِمَ الثلُثُ بينَ الآخرَين على قَدْرِ وَصِيَّتهما، وإنْ زادَ على المِائَةِ، فأجازَ الوَرَثَةُ، نَفَذَتِ الوَصِيَّةُ على ما قال المُوصِي، وإن رَدُّوا فلكُلِّ واحِدٍ نِصْفُ

ص: 400

لَهُ مَا فَضَلَ عَنْهَا. وَيَجُوزُ أن يُزَاحِمَ بِهِ وَلَا يُعْطِيَهُ، كَوَلَدِ الْأبِ مَعَ وَلَدِ الْأبَوَينِ فِي مُزاحَمَةِ الْجَدِّ.

ــ

وَصِيَّته عندِي. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ». وقال القاضي: ليس لصاحِبِ التَّمامِ شيء، حتى تَكْمُلَ المِائَةُ لصاحِبِها.، ثم يكونَ له ما فَضَلَ عنها. ويجوزُ أن يُزاحِمَ به، ولا يُعْطَى، كوَلَدِ الأبِ مع وَلَدِ الأبوْين في مُزاحَمَةِ الجَدِّ. قال الحارِثِيُّ: الأصحُّ ما قال القاضي. قال في «الفُروعِ» : وقيل: إنْ جاوَزَ المِائتين، فللمُوصَى له بالثُّلُثِ نِصْفُ وَصِيَّته، وللمُوصَى له بالمِائَةِ مِائَةٌ، وللثَّالثِ نِصْفُ الزَّائدِ. وإنْ جاوَزَ مِائَةً، فللمُوصَى له

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأولِ نِصْفُ وَصِيَّتِه، وللمُوصَى له الثانِي بقِيَّةُ الثلُثِ مع مُعادَلَتِه بالثالثِ. انتهى. وقال في «المُحَرَّرِ»: وعندِي تبْطُلُ وَصِيَّةُ التَّمامِ هاهنا، ويقْتَسِمُ الآخَران الثلُثَ، كأنْ لا وَصِيَّةَ لغيرِهما، كما إذا لم يُجاوزِ الثلُثُ مِائة. وأطْلَقَهما في «الشرْحِ». وقيل: إنْ جاوَزَ الثلُثُ مِائتين، فللمُوصَى له بثُلُثِ مالِه نِصْفُ وَصِّتِه، ولصاحِبِ المِائَةِ مِائَة، وللثالِثِ نِصْفُ الزَّائدِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» .

ص: 402