الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ
وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ؛ الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَينِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا.
ــ
بابُ نواقضِ الوُضوءِ
فائدتان؛ إحداهما، الحدَثُ يَحُلُّ جميعَ البدَن، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَره القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ، وغيرُهم، وجزَمَ به في «الفُروعِ» ، كالجَنابَةِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ؛ لا يَحُلُّ إلَّا أعْضاءَ الوضوءِ فقط. والثَّانيةُ، يجِبُ الوضوءُ بالحَدَثِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمَه في «الفُروعِ» . وقاله ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: يجِبُ بإرادَةِ الصَّلاةِ بعدَه. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: لا تجِبُ الطَّهارةُ عن حدَثٍ ونَجِسٍ قبلَ إرادَة الصَّلاةِ، بل يُسْتحَبُّ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ قِياسُ المذهبِ أنَّه يجِبُ بدُخولِ الوَقْتِ كوُجوبِ الصَّلاة إِذَنْ، ووُجوبُ الشَّرْطِ بوجوبِ المَشْروطِ. قال: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه في الغُسْلِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والخِلافُ لَفْظِيٌّ.
قوله: وهي ثمانيةٌ؛ الخارجُ من السّبيلَيْن، قليلًا كان أو كثيرًا، نادرًا أو معتادًا. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وقيل: لا ينْقُضُ خروجُ الرِّيحِ مِن القُبُلِ. وقيل: لا ينقضُ خروجُ الرِّيحِ مِنَ الذَّكَرِ فقط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ عَقِيلٍ: يحْتَمِلُ أنْ يكونَ الأشْبَهَ بمذهبِنا في الرِّيحِ يخرُجُ مِنَ الذَّكَرِ، أنْ لا ينقُضَ. قال القاضي أبو الحُسَينِ: هو قِياسُ مذهبِنا. وأطْلقَ في الخارجِ مِنَ القبُلِ في «الرِّعايَتَين» الوَجْهَين.
فوائد؛ منها، لو قَطرَّ في إحْليلِه دُهْنًا ثم خرَج، نقضَ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَمَ به في «المُغْنِي» ، و «ابنِ رَزِينٍ» . وصحَّحَه في «الشرحِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمَه ابنُ عُبَيدان. وقالوا: إنَّه لا يخْلُو مِن نَتْنٍ يَصْحَبُه. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ» : لا ينْقُضُ. قال في «الحاوي الصَّغيرِ» : وإن خرَج ما قَطَّره في إحْليلِه لم ينْقُضْ. وأطْلَقَهُما في «الرِّعايتَين» ، و «ابنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَميمٍ» فيما إذا يخرجُ منه شيءٌ، وقال: في نَجاسَتِه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في نَجاسَتِه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، واخْتارَ إنْ خرجَ سائِلًا ببَلٍّ نجُس، وإلَّا فلا. ومنها، لو احْتَشَى في قُبُلِه أو دُبُرِه قُطْنًا أو مِيلًا، ثم خَرَج وعليه بَلَلٌ نقَض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينقُضُ. وإنْ خرجَ ناشِفًا؛ فقيلَ: لا ينقضُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ عبدِ اللهِ، عن أحمدَ. ذكرَه القاضي في «المُجَرَّدِ». ورَجَّحَه ابنُ حَمْدانَ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: ينقضُ. رجَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين» . وأطْلَقَهُما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الزَّرْكَشيِّ» ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وابنُ عُبَيدان. وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» عمَّا إذا احْتَشَى قُطْنًا. وقيلَ: ينقضُ إذا خرَجتْ مِنَ الدُّبُرِ خاصَّةً. ذكرَه القاضي. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . ومنها، إذا خرَجتِ الحُقْنَةُ مِنَ الفَرْجِ نقضَتْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ تَميمٍ: نقَضَتْ وَجْهًا واحدًا. قال صاحِبُ «النِّهايَةِ» : لا يَخْتلِفُ في ذلك المذهبُ. وهكذا لو وَطِئَ امْرأْتَه دونَ الفَرْجِ، فدَبَّ ماؤُه فدخلَ الفَرْجَ ثم خرجَ منه، نقَضَ ولم يجِبْ عليها الغُسْلُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يُغْتَسَلُ منه. وإنْ لم يخْرُجْ مِنَ الحُقْنَةِ أو المَنِيِّ شيءٌ، فقيل: ينْقُضُ. وقيل: لا ينقضُ. لكن إنْ كان المُحْتَقِنُ قد أدْخلَ رأْسَ الزَّرَّاقةِ نقضَ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في المَنِيِّ، والحُقْنَةُ مثْلُه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والْخِرَقِيِّ، وغيرِهما. وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: ينْقُضُ إذا كانتِ الحقنةُ في الدُّبُرِ دونَ القُبُلِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «حَواشِي المُقْنِعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . ومنها، لو ظهَرتْ مَقْعَدَتُه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلِمَ أنَّ عليها بَلَلًا، لم ينْقُضْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا ينْقضُ. وأطْلَقَهُما في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان» . وإنْ جَهِلَ أنَّ عليها بَلَلًا، لم ينْتقِضْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: ينْتَقِضُ. وجزَم الزَّرْكَشِيُّ بأنَّه لا ينْقُضُ إذا خَرَجَتْ مَقْعَدَتُه ومعها بِلًّةٌ لم تَنْفصِلْ عنها ثم عادَتْ. ومنها، لو ظهرَ طرَفُ مُصْرانٍ، أو رأْسُ دودَةٍ، نقضَ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْقُضُ. ومنها، لو صَبَّ دُهْنًا في أُذُنِه، فوصَل إلى دِماغِه، ثم خَرَج منها، لم ينقُضْ. وكذلك لو خرَج مِن فَمِه، في ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قاله في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: ينْقُضُ. ومنها، إذا خَرَجَتِ الحَصاةُ مِنَ الدُّبُرِ فهي نَجِسَةٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال القاضي في «الخِلافِ» في مسْألةِ المَنِيِّ: الحَصاةُ الخارِجَةُ مِنَ الدُّبُرِ، طاهِرَةٌ. قال في «الفُروعِ»: وهو غريبٌ بعيدٌ.
تنبيه: قوله: قَلِيلًا كَان أو كثيرًا، نادرًا أو معتادًا. قال صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرهم: طاهِرًا كان أو نَجِسًا.
فائدة: لو خرجَ مِن أحَدِ فَرْجَي الخُنْثَى المُشْكِل غيرُ بَوْلٍ وغائطٍ، وكان يسيرًا، لم يَنْقُضْ، على المذهبِ. قاله الزَّرْكَشِيِّ، وغيرُه. قال في «الرِّعايَةِ»: لم ينْقُضْ في الأَشْهَرِ.
الثَّانِي، خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ، فَإِنْ كَانَتْ غَائِطًا أو بَوْلًا نَقَضَ قَلِيلُهَا،
ــ
قوله: الثاني، خُروجُ النَّجاساتِ من سائرِ البَدَن، فإنْ كانتْ غائِطًا أو بوْلًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نقَضَ قلِيلُها. وهذا المذهب مُطْلقًا، أعْنِي، سواءٌ كان السَّبِيلان مَفْتُوحَين أو مَسْدودَين، وسواءٌ كان الخارِجُ مِن فوْق المَعِدَةِ أو مِن تحتِها. وتقدَّم في بابِ الاسْتِنْجاء، أنَّ ابنَ عَقِيلٍ، وغيرَه قالوا: الحُكْمُ مَنُوطٌ بما تحتَ المَعِدَةِ.
فائدة: لو انْسَدَّ المَخْرجُ وفُتِحَ غيرُه، فأحْكامُ المَخْرَجِ باقِيَةٌ مُطْلقًا، على
وَإنْ كَانَتْ غَيرَهُمَا لَمْ يَنْقُضْ إلا كَثِيرُهَا، وَهُوَ مَا فَحُشَ في النَّفْسِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ قَلِيلَهَا يَنْقُضُ.
ــ
الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «النِّهايَةِ» : إلَّا أنْ يكونَ سُدَّ خِلْقَةً، فسَبِيلُ الحدَثِ المُنْفتِحِ والمسْدودِ كعُضْوٍ زائدٍ مِنَ الخُنْثَى. انتهى. ولا يثْبُتُ للمُنْفَتحِ أحْكامُ المُعْتادِ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ينْقُضُ خروجُ الرِّيحِ منه. وهو مُخَرَّجٌ للمَجْدِ. قال في «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ عليه بقِيَّةُ الأحْكامِ.
وتقدَّم حكْمُ الاسْتِنْجاءِ فيه في بابِه (1).
قوله: وإن كانَتْ غَيرَهُما، لم يَنْقُضْ إلَّا كَثيرُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحُكِيَ أنَّ قليلَها ينْقُضُ، وهي رِوايةٌ ذكَرَها ابنُ أبي موسى وغيرُه. وأطْلَقَهُما في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ» ، لا يَنْقُضُ الكثيرُ مُطْلقًا. واخْتارَ الآجُرِّيُّ، لا ينْقُضُ الكثيرُ مِن غيرِ القَىْءِ. وعنه، لا ينْقُضُ القَيحُ والصَّديدُ
(1) تقدم في 1/ 232.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمِدَّةُ، إذا خرَج مِن غيرِ السَّبيلِ ولو كَثُرَ. ذكرَها ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. وتَبِعَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، ينْقُضُ كثيرُ القَىْءِ ويسيرُه، طعامًا كان أو دَمًا أو قَيحًا أو دُودًا، أو نحوَه. وقيل: إنْ قاءَ ذَمًا أو قَيحًا أُلْحِقَ بدَمِ الجُروحِ. ذكَره القاضي في «مُقْنِعِه» . وفيه، لا ينْقُضُ القَيحُ والصَّديدُ والمِدَّةُ، إذا خرَج مِن غيرِ السَّبيلِ ولو كَثُرَ. ذكرَها ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. ونفَى هذه الرِّوايَةَ المَجْدُ. والنَّقْضُ بخُروجِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدودِ والدَّمِ الكثيرِ مِنَ السَّبيلَين، مِنَ المُفْرَداتِ.
قوله: وهو مَا فَحُش في النفسِ. وكذا قال في «المُسْتَوْعِبِ» ، هذا تفْسيرٌ لحَدِّ الكثيرِ، وظاهرُ عبارَتِه أَنَّ كلَّ أحَدٍ بحَسَبِه، وهو إحْدَى الرِّوايات عن أحمدَ، ونقلَها الجماعَةُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هي ظاهرُ المذهبِ. قال الخَلَّالُ: الَّذي اسْتقَرَّتْ عليه الرِّواياتُ عن أحمدَ، أنَّ حَدَّ الفاحشِ ما اسْتَفْحَشَه كلُّ إنْسانٍ في نفْسِه. وتَبِعَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ المعْمولُ عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: ظاهِرُ المذهبِ، أنَّه ما يَفْحُشُ في القَلْبِ. وقدَّمه ابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعنه، ما فَحُشَ في نفْسِ أوْساطِ النَّاسِ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: وكثيرٌ نَجِسٌ عُرْفًا. واخْتارَه القاضي، وابن عَقِيلٍ، وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه القاضي، وجماعَةٌ كثيرةٌ. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. وجزَم به في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الإِفاداتِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ». قلتُ: والنَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» . وعنه، الكثيرُ قَدْرُ الكَفِّ. وعنه، قَدْرُ عَشْرِ أصابعَ. وعنه، هو ما لو انْبَسَطَ جامِدُه، أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انْضَمَّ مُتَفَرِّقُه كان شِبْرًا في شِبْرٍ. وعنه، هو ما إذا انْبَسَطَ جامِدُه، أو انْضَمَّ مُتَفَرِّقُه كان أكْثَرَ مِن شِبْرٍ في شِبْرٍ. وعنه، هو ما لا يُعْفَى عنه في الصَّلاةِ. حكاهُنَّ في «الرِّعايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرَةَ بما قطَع به ابنُ عَبْدُوسٍ، وحكَاه عن شَيخِه، أنَّ اليَسيرَ قَطرْتان. ويأْتِي نَظِيرُ ذلك في بابِ إزالةِ النَّجاسَةِ.
فوائد؛ إحْداها، لو مَصَّ العَلَقُ أو القُرَادُ دمًا كثيرًا نقَض الوضوءَ، ولو مَصَّ الذُّبابُ أو البَعُوضُ لم يَنْقُضْ، لقِلَّتِه ومشَقَّةِ الاحْتِرازِ منه. ذكَرَه أبو المَعالِي. الثانيةُ، لو شَرِبَ ماءً وقذَفَه في الحالِ، نجُس ونقَض الوُضوءَ كالقَىْءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكرَه الأصحابُ؛ منهم القاضي. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ» وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» . ووَجَّهَ تَخْريجًا واحْتِمالًا؛ أنَّه
الثَّالِثُ، زَوَالُ الْعَقْلِ إلا النَّوْمَ الْيَسِيرَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا. وَعَنْهُ، أَنَّ نَوْمَ الرَّاكِعِ وَالْسَّاجِدِ لَا يَنْقُضُ يسِيرُهُ.
ــ
كالقَىْءِ، بشرطِ أنْ يتَغَيَّرَ. الثالثةُ، لا ينْقُضُ بَلْغَمُ الرأْسِ، وهو ظاهرٌ على المذهبِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لا ينقُضُ بَلْغَمُ الصَّدْرِ أيضًا، وهو ظاهِرٌ، ونصرَه أبو الحُسَينِ، وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ طهارَةُ بَلْغَمِ الرَّأْسِ والصَّدْرِ. ذكرَه في باب إزالةِ النَّجاسَةِ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان وعنه، ينْقُضُ، وهو نَجِسٌ. وجزَم به ابنُ الجَوْزِيِّ. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه». قال أبو الحُسَين: لا ينْقُضُ بَلْغَمٌ كثيرٌ في إحْدَى الرِّوايتَين. وعنه، بَلَى. فظاهِرُه إدْخالُ بَلْغَمِ الرأْسِ في الخِلافِ. قال في «الفُروعِ»: وقيل: الرِّوايتان أيضًا في بَلْغَمِ الرَّأْسِ إذا انْعقَدَ وازْرَقَّ. وقال ابنُ تَميمٍ: ولا ينْقُضُ بَلْغَمُ الرَّأْسِ، وهو ظاهِرٌ، وفي بَلْغَمِ الصَّدْرِ روايتان؛ إحْدَاهما، لا ينْقُضُ وفي نَجاسَتِه وَجْهان. والثَّانيةُ، هي كالمَنِيِّ. وفي «الرِّعايَةِ» قريبٌ مِن ذلك. ويأْتِي حُكْمُ طهارَتِه ونَجاسَتِه في إزَالةِ النَّجاسَةِ بأتَمَّ مِن هذا.
قوله: الثالثُ، زَوَالُ العَقْلِ، إلَّا النَّوْمَ الْيَسِيرَ، جَالِسًا أوْ قائِمًا. زوالُ العَقْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغيرِ النَّوْمِ لا ينْقُضُ إجْماعًا، وينْقُضُ بالنَّوْمِ في الجُمْلَةِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. ونقَل المَيمُونِيُّ، لا ينْقُضُ النَّوْمُ بحالٍ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ ظَنَّ بقاءَ طُهْرِه، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الخَلَّالُ: هذه الرِّوايةُ خطأٌ بَيِّنٌ. إذا عُلِمَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ نَوْمَ الجالسِ لا ينْقُضُ يَسِيرُه، وينْقُضُ كثيرُه، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ. وعنه، لا ينْقُضُ نَوْمُ الجالِسِ، ولو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان كثيرًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وحُكِيَ عنه، لا يَنْقُضُ غيرُ نوْمِ المُضْطَجِعِ.
فائدة: يُستَثْنَى مِنَ النَّقْضِ بالنَّوْمِ، نوْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّه لا ينْقُضُ ولو كَثُرَ، على أيِّ حالٍ كان. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. ذكَرُوه في خَصائِصِه، فيُعايَى بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ نَوْمَ القائمِ كَنَوْمِ الجالسِ، فلا يَنْقُضُ اليسيرُ منه. نصَّ عليه. قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: الظَّاهِرُ عن أحمدَ التَّسْويَة بينَ الجالسِ والقائمِ. وعليه جمْهورُ الأصحابِ؛ منهم الخَلَّالُ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلَافَيهِما» ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَنَّا، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه القاضي، وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا. قال المُصَنِّفُ في «الكافِي»: الأوْلَى إلْحاقُ القائمِ بالجالسِ. وقطَع به الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «الإِفاداتِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَينِ» ، و «الحاويَين» . وعنه، ينقضُ منه، وإنْ لم ينْقضْ مِنَ الجالسِ. قدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفائقِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» . وأمَّا نوْمُ الراكع والسَّاجدِ إذا كان يسيرًا، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا أنَّه يَنْقُضُ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلحْناه. اخْتاره الخَلَّالُ، والمُصَنِّفُ. قال في «الكافِي»: الأوْلَى إلْحاقُ الرَّاكع والسَّاجدِ بالمُضْطَجِعِ. وهو ظاهِرُ «الْخِرَقِيِّ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «التَّسْهيلِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الفائقِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، أنَّ نَوْمَ الرَّاكعِ والسَّاجدِ لا ينْقُضُ يسيرُه. وعليه جمْهورُ الأصحابِ؛ منهمُ القاضي، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلَافَيهِما» ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي، وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» . وتقدَّمَ اخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين، وصاحِبِ «الفائقِ» . وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» . وعنه، لا ينْقُضُ نوْمُ القائمِ والرَّاكع، وينْقُضُ نوْمُ السَّاجِدِ. تنبيه: دخلَ في كلامِ المُصَنِّفِ، أن نَوْمَ المُسْتَنِدِ والمُتَوَكِّيء والمُحْتَبِي اليَسِيرَ، ينْقُضُ. وهو صَحِيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقَطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يَنْقُضُ. وأطْلقَهُما في «الحاويَين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحْدَاها، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنَّ النَّوْمَ ينْقُضُ بشَرْطِه. وعنه، لا ينْقُضُ النَّوْمُ مُطْلقًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ ظَنَّ بَقاءَ طُهْرِه، واخْتارَه في «الفائقِ». قال الخَلَّالُ عن هذه الرِّوايَةِ: وهذا خَطَأٌ بَيِّنٌ. وقد تقدَّم ذلك. الثانيةُ، مِقْدارُ النَّوْمِ اليسيرِ ما عُدَّ يسِيرًا في العُرْفِ، على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الزَّرْكَشِيَّ». وقيل: هو ما لا يَتَغَيَّرُ عن هَيئَتِه كسُقوطِه ونحوه.
الرَّابِعُ، مَسُّ الذَّكَرِ بِيَدِهِ، بِبَطنِ كَفِّهِ، أَوْ بِظَهْرِهِ،
ــ
وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَين». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: هو ذلك مع بَقاءِ نوْمِه. وقال أبو بَكرٍ: قَدْرُ صَلاةِ رَكْعَتَين يسيرٌ. وعنه، إنْ رأَى رُؤْيا فهو يسيرٌ. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. الثالثةُ، حيثُ ينْقُضُ النَّوْمُ فهو مَظِنَّةٌ لخُروجِ الحَدَثِ، وإنْ كان الأصْلُ عدَمَ خُروجِه وبَقاءَ الطَّهارَةِ. وحكَى ابنُ أبي موسى في «شَرْحِ الْخِرَقِيِّ» وَجْهًا؛ أنَّ النَّوْمَ نفْسَه حدَثٌ، لكنْ يُعْفَى عن يسيرِه، كالدَّم ونحوه.
قوله: الرَّابعُ، مَسُّ الذَّكَرَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَسَّ الذَّكَرِ ينقُضُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به جماعةٌ منهم. وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُطْلقًا، بل يُسْتَحَبُّ الوضوءُ منه. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «فَتاويه» . وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه سَهْوًا. وعنه، لا ينْقُضُ مسُّه بغيرِ شَهْوَةٍ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ غيرِ الحَشَفَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو بعيدٌ. قال في «الفُروعَ» ، و «الرِّعايتَين»: والقُلْفَةُ كالحَشَفَةِ. وحكَى ابنُ تَميمٍ وَجْهًا، لا ينْقُضُ مَسُّ القُلْفَةِ. وعنه، لا ينْقُضُ غيرُ مَسِّ الثُّقْبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ أيضًا: وهو بعيدٌ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ ذكَرِ المَيِّتِ، والصَّغيرِ، وفَرْجِ المَيِّتَةِ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ ذَكَرِ الطِّفْلِ. ذكَرَه الآمِدِيُّ. وقيل: لا ينقضُ إن كان عُمرُه دُونَ سَبْعٍ. وقال ابنُ أبي موسى: مسُّ الذَّكَرِ للَّذَّةِ ينْقُضُ الوُضوءَ، قولًا واحدًا. وهل ينْقُضُ مسُّه لغيرِ لَذَّةٍ؟ على روايتَين.
تنبيهات؛ أَحَدُها، ظاهِرُ قولِه: مَسُّ الذَّكَرِ بِيدِه. أنَّ المُماسَّةَ تكونُ مِن غيرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حائلٍ. وهو الصَّحيحُ. وهو المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: ينْقُضُ إذا مسَّه بشَهْوَةٍ مِن وراءِ حائلٍ. الثَّاني، مفْهومُ قولِه: مسُّ الذَّكَرِ. عَدَمُ النَّقْضِ بغيرِ المَسِّ، فلا يَنْقُضُ بانْتِشارِه بنَظرٍ أو فِكْرٍ، مِن غيرِ مَسٍّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: ينْقُضُ بذلك. وأطْلَقَهُما في «الفائقِ» . وقيل: ينقضُ بتَكْرارِ النَّظرِ دونَ دَوامِ الفِكْرِ. الثَّالثُ، شمِلَ قولُه: مَسُّ الذَّكَرِ. ذكَرَ نفْسِه، وذكَرَ غيرِه. وهو الصَّحيحُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وحكى ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايةً باخْتِصاصِ النَّقْضِ بمَسِّ ذكَرِ نفْسِه. الرَّابعُ، وشمِلَ قولُه أيضًا: الذَّكَرِ. الصَّحِيحَ والأشَلَّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: مَسُّ الذَّكَرِ الأشَلِّ كمَسِّ ذَكَرٍ زائدٍ، فلا ينْقُضُ في الأصَحِّ. الخامِسُ، مُرادُه بالذَّكَرِ، ذَكَرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الآدَمِيِّ، فالألِفُ واللَّامُ للعَهْدِ، فلا ينْقُضُ مَسُّ ذكَرِ غيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وفي مَسِّ فَرْجِ البَهِيمَةِ احْتِمالٌ بالنَّقْضِ. ذكَره أبو الفَرَجِ ابنُ أبي الفَهمِ، شيخُ ابنِ تَميمٍ. السَّادسُ، ظاهرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولِه: بيَدِه. أنَّه سواءٌ كان المَسُّ بأصْلِيٍّ أو زائدٍ، كالإِصْبَع واليَدِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه بزائدٍ. السَّابعُ، مُرادُه بقولِه: بيَدِه. غيرُ الظُّفْرِ، فإنْ مَسَّه بالظُّفْرِ لم ينقضْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هو في حُكْمِ المُنْفَصِلِ. هذا جادَّةُ المذهبِ. قاله في «الفُروعِ» . وقال بعضُهم: اللَّمْسُ بالظُّفْرِ كلَمْسِه. يعْني مِنَ المرْأَةِ، على ما يأْتِي. قال: وهو مُتَّجِهٌ. وقيل: ينْقُضُ اللَّمْسُ به. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّامِنُ، مفْهومُ قولِه: بيَدِه أنَّه لو مَسَّه بغيرِ يَدِه لا ينْقُضُ، وفيه تفْصيلٌ؛ فإنَّه تارَةً يمَسُّه بفَرْجِ غيرِ ذَكَرٍ، وتارَةً يَمَسُّه بغيرِه، فإنْ مَسَّه بفَرْجِ غيرِ ذكَرٍ، نقَض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: اخْتارَه أصحابُنا. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «الفُروعِ» : واخْتارَ الأكْثَرُ، ينْقُضُ مَسُّه بفَرْجٍ، والمُرادُ لا ذكَرُه بذَكَرِ غيرِه، وصرَّحَ به أبو المَعالِي. انتهى. وقيل: لا ينْقُضُ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ، وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتِمالٌ للمَجْدِ في «شَرْحِه» ، وهو مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وإنْ مَسَّه بغيرِ ذلك لم ينقضْ، قوْلًا واحدًا. ويأْتِي لو مَسَّتِ المَرْأَةُ فَرْجَ الرَّجُلِ، أو عَكْسُه، هل هو مِن قَبِيلِ مَسِّ الفَرْجِ، أو مَسِّ النِّساءِ؟ التَّاسعُ، ظاهِرُه أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ مَسِّ الذَّكَرِ، فلا ينْقُضُ لَمْسُ ما انْفتَحَ فوقَ المَعِدَةِ أو تحتَها، مع بَقاءِ المَخْرَجِ وعدَمِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنِ انْسَدَّ المَخْرجُ المُعْتادُ، وانْفتَحَ غيرُه، نقَضَ في الأضْعَفِ. قاله في «الرِّعايَةِ» .
قوله: بِبَطْنِ كَفِّه أوْ بِظَهْرِه. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. والنَّقْضُ بظاهرِ الكَفِّ مِنَ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا نَقْضَ إلَّا إذا مَسَّه بكَفِّه فقط. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاويَين» . وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «ابنِ تَميمٍ» . فعلى القولِ بعدَمِ النَّقْضِ بظَهْرِ يَدِه، ففي نقْضِه بحَرْفِ كفِّه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الَّزرْكَشِيِّ». قلتُ: الأوْلَى النَّقْضُ،
وَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِذِرَاعِهِ.
ــ
وهو ظاهرُ النَّصِّ.
قوله: ولا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِذِرَاعِه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ. وأطْلَقَهُما في «المُسشوْعِبِ» ، و «التّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الحاوي الكبيرِ» . وحكَاهما في
وَفِي مَسِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ وَجْهَانِ.
ــ
«التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» وَجْهَين.
قوله: وفي مَسِّ الذُّكَرِ المَقْطوع وجهان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ مُنَجَّى، والزَّرْكَشِيُّ، في «شُرُوحِهم» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ» و «تَجْريدِ الغَايَةِ» ؛ أحَدُهما، لا ينْقُضُ. وهو الصَّحيحُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: عدَمُ النَّقْضِ أقْوَى. وصَحَّحه في «التَّصْحيحِ» . قال في «إدْراكِ الغايَةِ» : ينْقُضُ مَسُّه ولو مُنْفَصِلًا، في وَجْهٍ. وَجَزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، فقالوا:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ينْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ المُتَّصِلِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . والثَّاني، ينْقُضُ. وجزَم به الشِّيرازِيُّ.
تنبيه، حكَى الخِلافَ وَجْهَين، كما حكَاه المُصَنِّفُ، جماعَةٌ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الهادِي» ، و «الكَافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرُهم. وحكَاه رِوايتَين في «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» وغيرهم. وهو الأَصحُّ.
فوائد؛ الأُولى، مُرادُه بالمَقْطوعِ، البائِنُ. واعلمْ أنَّ حُكْمَ الباقِي مِن أصْلِ المَقْطوعِ حكمُ البائِن، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر الأَزَجِيُّ، وأبو المَعالِي: ينْقُضُ محَلُّ الذَّكَرِ. قال الأَزَجِى في «نِهايَتِه» : لو جُبَّ الذَّكَرُ، فمَسَّ محَلَّ الجَبِّ، انْتقَضَ وُضُوءُه وإنْ لم يَبْقَ منه شيءٌ شاخِصٌ واكْتسَى بالجِلْدِ؛ لأنَّه قامَ مقامَ الذَّكَرِ. وقدَّمَه ابنُ عُبَيدان. الثَّانيةُ، لا ينْقُضُ مَسُّ القُلْفَةِ إذا قُطِعتْ؛ لزَوالِ الاسْمِ والحُرْمَةِ، ولا مَسُّ عُضْوٍ مقْطوعٍ مِن امرأةٍ. قاله في «الرِّعايَةِ». ثم قال: قلتُ: غيرَ فَرْجِها. الثَّالثةُ، حيثُ قُلْنا: ينْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ. لا يُنْقَضُ وُضوءُ المَلْموسِ، رِوايةً واحدةً. حكَاه القاضي، وغيرُه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لا أعلمُ فيه خِلافًا. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، وغيرهم. قال المَجْدُ، وغيرُه: وجعَله بعضُ المُتأخِّرين على رِوايتَين، بِناءً على ذِكْرِ أبي الخَطَّابِ له في أُصولِ مَسِّ الخُنْثَى، وادَّعَى أنَّه لا فائدةَ في جَعْلِه مِن أُصولِ هذه المسْأَلَةِ، إلَّا أنْ تكونَ الرِّوايتان في المَلْمُوسِ ذَكَرُه كما هي في مُلامسَةِ النِّساءِ. ورَدَّه المَجْدُ، وبَيَّنَ فَسادَه. ويأْتِي
وَإذَا لَمَسَ قُبُلَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَذَكَرَهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، فَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ، إلا أن يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ.
ــ
ذلك بأتَمَّ مِن هذا بعدَ نقْضِ وضوءِ المَلْموسِ.
قوله: وإذا لمَس قُبُلَ الْخُنْثَى المُشْكِلِ وذَكَرَه، انتقض وضوءُه، فَإن مَسَّ أحدَهما لم ينتقضْ، إلا أن يمسَّ الرجلُ ذكرَه لشَهْوَةٍ. قال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: إذا مَسَّ قُبُلَ الخُنْثَى انْبَنَى لنا على أرْبعَةِ أُصولٍ؛ أحدُها، مَسَّ الذَّكَرِ. والثَّانى، مَسُّ النِّساءِ. والثَّالثُ، مَسُّ المرأَةِ فرْجَها. والرَّابعُ، هل ينْتَقِضُ وضوءُ المَلْموسِ أمْ لا؟ قلتُ: وتَحْريرُ ذلك أنَّه متى وُجِدَ في حَقِّه ما يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وعدَمَه، تمَسَّكْنا بيَقينِ الطَّهارَةِ ولم نُزِلْها بالشَّكِّ. واعلمْ أنَّ اللَّمْسَ يخْتلِفُ؛ هل هو للفَرْجَين أو لأحَدِهما؟ وهل هو مِنَ الخُنْثَى نفْسِه، أو مِن غيرِه، أو منهما؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهل الغيرُ ذكَرٌ، أو أُنْثَى، أو خُنْثَى؟ واللَّمْسُ منهم هل هو لشَهْوَةٍ، أو لغيرِها؟ منهما، أو مِن أحَدِهما؟ فتَلَخَّصَ هنا اثْنَتَان وسَبْعون صورةً؛ لأنَّه تارَةً يَمَسُّ رجُلٌ ذَكَرَه، وامْرأةٌ قبُلَه، أو عكْسُه، لشَهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً تَمَسُّ امرأةٌ قبُلَه، أو خُنْثى آخَرُ ذكَرَه، أو عكْسُه، لشَهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً يمسُّ رجلٌ ذكَرَه، وخُنْثَى آخَرُ قُبُلَه، أوْ عكْسُه، لشهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، ويمَسُّ الذَّكَرَ أيضًا رجُلٌ أو امرأةٌ، أو خُنْثَى آخَرُ، لشهوةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى قُبُلٍ نفْسِه، ويمَسُّ القُبُلَ أيضًا رجُلٌ أو امرأةٌ، أو خُنْثَى آخَرُ، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الْخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، أو يمَسُّ رجلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى قُبُلَه، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارَةً يمَسُّ الخُنْثَى قبُلَ نفْسِه، ويمَسُّ رجُلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى آخَرُ ذكَرَه، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى قبُلَ نفْسِه أوٍ ذكَرَ نفْسِه، ويمَسُّ رجُلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى فَرْجَيه جميعًا، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ رجُلٌ فَرْجَيه، وامرأةٌ أحدَهما، أو عكْسُه، أو يمَسُّ رجُلٌ فَرْجَيه، وخُنْثَى آخَرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدَهما، أو عكسُه، أو تمَسُّ امرأةٌ فَرْجَيه، وخُنْثَى آخَرُ أحدَهما، أو عكْسُه. فهذه اثْنَتان وسَبْعون صورةً، يحْصُلُ النَّقْضُ في مَسائلَ منها؛ فمنها، إذا لمَس فَرْجَيه، سواءٌ كان اللَّامِسُ رجُلًا أو امْرأةً أو خُنْثَى آخَرَ، أو هو نفْسَه. ومنها، إذا مَسَّ الرَّجُل ذَكَره لشهْوَةٍ، كما صرَّحَ به المُصَنِّف هنا. ومنها، إذا لمَسَتِ امرأةٌ قُبُلَه بشَهْوَةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. ومفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا عدَمُ النَّقضِ. وهو وَجْهٌ. فهذه سِتُّ مسائلَ. وأمَّا الخُنْثَى نفْسُه، فيُتَصَوَّرُ نقْضُ وُضوئِه إذا قُلْنا بنَقْضِ وضوءِ المَلْموسِ في صُوَرٍ؛ منها، إذا لمسَ رجل ذكرَه، وامْرأةٌ قبُلَه، أو عكْسُه، لشهْوَةٍ منها. ومنها، لو لمسَ الرَّجُلُ ذكَرَه لشهْوَةٍ، ومَسَّهُ الخُنْثَى نفْسُه أيضًا. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، ولمسَ رجُلٌ قُبُلَه لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ قُبُلَه أيضًا لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ ذكَرَه لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى ذكرَ نفْسِه، ولمسَ رجُلٌ فَرْجَيه جميعًا لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ فَرْجيه جميعًا لشهْوَةٍ، فهذه ثَمانِ مسائِلَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُتَصَوَّرُ نَقْضُ وُضوءِ أحَدِهما لا بعَينْهِ في مسائلَ؛ منها، لو مَسَّ رجُلٌ ذكَرَه، وامْرأةٌ قُبُلَه لغيرِ شهْوَةٍ منها. ومنها، لو مَسَّ رجُلٌ قُبُلَه، وامرأةٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوةٍ، أو شهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما؛ لأنَّه قد مَسَّ فرْجًا أصْلِيًّا. ومنها، لو مَسَّتِ امرأةٌ ذكَرَه، وخُنْثَى آخَرُ قُبُلَه، فقد مَسَّ أحدُهما فَرْجَه الأَصْلِيَّ يقينًا. ومنها، لو مَسَّ رجُلٌ قُبلَه، وخُنْثَى آخَرُ ذكَره؛ لأنَّه قد وُجِدَ مِن أحَدِهما مَسُّ فَرْجٍ أصْلِيٍّ. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، وامْرأةٌ قُبُلَه، لغيرِ شهْوَةٍ؛ لأنَّهْ إمَّا رجُلٌ لمَس ذكَرَه، أو امْرأةٌ لمسَتِ امرأةٌ فَرْجَها. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ورَجُلٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوَةٍ؛ لأنَّه إمَّا رجُلٌ لمَس رجُلٌ ذكَرَه، أو امرأةٌ مَسَّتْ فرْجَها. رمنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبلَ نفْسِه، وامرأةٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوَةٍ. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِه، وخُنْثَى آخَرُ، لشهْوَةٍ أو غيرِها، وما أشْبَه ذلك. والحُكْمُ في ذلك أنَّه لا يصِحُّ أنْ يَقْتَدِيَ أحَدُهما بالآخرِ؛ لِتيَقُّنِ زَوالِ طُهْرِ أحَدِهما لا بعَينِه. هذا ظاهِرُ المذهبِ. وعنه ما يدُلُّ على وُجوبِ الوضوءِ عليهما.
تنبيه: هذا كلُّه إذا وُجدَ اللَّمسُ مِن اثْنَين، أمَّا إنْ وُجِدَ مِن واحدٍ؛ فإنْ مَسَّ أحَدُهما، لم ينْتَقِضْ، إلَّا أَن يمَسَّ ماله منه بشهْوَةٍ، وإنْ مَسَّهما جميعًا، انْتقَضَ، سواءٌ كان اللَّامِسُ ذكَرًا، أو أُنْثَى، أو خُنْثَى، أو هو لشهْوَةٍ أو غيرِها. فهذه اثْنَتا عَشْرَةَ مسْألَةً.
فائدة: لو لمَس رجُلٌ ذكَرَ خُنْثَى، ولمسَ الخُنْثَى ذكَرَ الرَّجُلِ، انْتقَضَ وضوءُ الخُنْثَى، وينْتَقض وضوءُ الرَّجُلِ، إنْ وُجِدَ منهما، أو مِن أحَدِهما لشهْوَةٌ، وإلَّا فلا. ولو لمَس الخُنْثَى فرْجَ امرأةٍ، ولمسَتِ امرأةٌ قُبُلَه، انْتقَضَ وُضوؤُهما، إنْ كان لشَهْوَةٍ منهما أو مِن أحَدِهما، ولو لمَس كلُّ واحدٍ مِنَ الخُنْثَيَين ذكَرَ الآخَرِ أو قُبُلَه، فلا نَقْضَ في حَقِّهما، فإنْ مَسَّ أحَدُهما ذكَرَ الآخَرِ، والآخَرُ قُبُلَ الأوَّلِ، انْتَقَضَ وضوءُ أحَدِهما لا بعَينِه، إنْ كان لشَهْوَةٍ، وإلَّا فلا، فَيَلْحَقُ حُكْمُه بما قبلَه. وإذا
وَفِي مَسِّ الدُّبُرِ وَمَسِّ الْمَرْأةِ فْرْجهَا رِوَايَتَانِ.
ــ
تَوَضَّأَ الخُنْثَى، ولمس أحَدَ فَرجَيه، وصَلَّى الظّهْرَ، ثم أحْدَثَ وتَطَهَّرَ، ولمَس الآخَرَ، وصَلَّى العَصْرَ، أو فاتَتْه، لَزِمَه إعادَتُهما دُونَ الوضوءِ. قلتُ: فيُعايىَ بها.
قوله: وفي مَسِّ الدُّبُرِ، وَمَسِّ المرأةِ فرجَها، روايتان. يعْني على القوْلِ بنَقْضِ مَسِّ الذَّكَرِ، أمَّا مَسُّ حَلْقَةِ الدُّبُرِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ الرِّوايتَين فيه، وأطْلَقَهما في «المُغْني» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرح» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرَّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّرْكَشِي» ؛ إحْدَاهما، يَنْقُضُ. وهي المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَنْقُضُ على الأصَحِّ. قال في «النِّهايَةِ» : وهي أصَحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ الأكْثَرين؛ الشَّرِيفِ، وأبي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخَطَّابِ،: الشِّيرازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ البَنَّا، وابنِ عَبْدُوسٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المَذْهَبِ الأحمَدِ» ، و «الهِدايَة» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الفائقِ» . والروايَةُ الثَّانيةُ، لا يَنْقُضُ. قال الخَلَّالُ: العمَلُ عليه، وهو الأشْبَهُ في قولِه وحُجَّتِه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا ينْقُضُ في أقْوَى الرِّوايتَين. قال في «الفُروعِ» : وهي أظْهَرُ. واخْتارَها جماعةٌ، منهما المَجْدُ في «شَرْحِه». وجَزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ» . وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، فإنَّهما ما ذكَرا إلَّا الذَّكَرَ. وأمَّا مَسُّ المرأةِ فرْجَهَا، فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الرِّوايتَين، وأطلَقَهُما في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّرْكَشيِّ» ، إحْداهما، يَنْقُضُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَنْقُضُ على الأصَحِّ. قال المَجْدُ في «شَرحِه» : هذه الرِّوايَةُ هي الصَّحيحَةُ. وصَحَّحَه في «التَّصحِيحِ» . وقطَع به في «النِّهايَةِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . والثَّانيةُ، لا يَنْقُضُ كإسْكَتَيها. قال ابنُ عُبَيدان: وظاهِرُ كلامِ الشَّيخِ في «المُغْنِي» عدَمُ النَّقْضِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِه في «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» .
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه أنَّه سواءٌ كان المَلْموسُ فْرجَها، أو فَرْجَ غيرِها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وقال في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ»: يَنْقُضُ مَسُّ فَرجِ المرأةِ، وفي مَسِّها فْرجَ نفْسِهْا وَجْهان. قال الزَّرْكَشِي: وفيه نظر. انتهى. قلتُ: لو قيلَ بالعَكسِ لَكان أوْجَه، قِياسًا على الرِّوايَةِ التي ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ في مَسِّ ذَكَرِ غيرِه.
وَعَنْهُ، لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْفَرْجِ بِحَالٍ.
ــ
فائدتان؛ إحداهما، قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ أَنَّه لا يُشْتَرَطُ للنَّقضِ ذلك الشَّهْوَةُ، وهو مُفَرَّعٌ على المذهبِ، واشْتَرَطَه ابنُ أبي موسى، وهو جارٍ على الرِّوايَةِ الضَّعيفَةِ. الثَّانيةُ، هل مَسُّ الرَّجُلِ فَرْجَ المرأةِ، أو مَسُّ المرأةِ فْرجَ الرَّجُلِ مِن قَبِيلِ مَسِّ النِّساءِ، أو مِن قَبِيلِ مَسِّ الفَرجِ؟ فيه وَجْهان، حكَاهما القاضي في «شَرْحِه» . وأطْلَقَهُما ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرُهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه مِن قبيلِ مَسِّ الفَرْجِ، فلا يُشْتَرَطُ لذلك شهْوَةٌ. قال في «النُّكَتِ»: وهو الأظْهَرُ. وإنْ قُلْنا: هو مِن قَبِيلِ مَسِّ النِّساءِ. اشْتُرِطَ الشَّهْوَةُ على الصَّحيحِ، على ما يأتِي.
الْخَامِسُ، أَنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أنْثَى لِشَهْوَةٍ. وَعَنْهُ، لَا يَنْقُضُ. وَعَنْهُ، يَنْقُضُ لَمْسُهَا بِكُلِّ حَالٍ.
ــ
قوله: الخامسُ، أن تَمَسَّ بَشَرَتُه بَشَرَةَ أُنثى لِشَهْوَةٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يَنْقُضُ مُطْلقًا. اخْتاره الآجُرِّيّ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «فَتاويه» ، وصاحِب «الفائقِ» ، ولو باشَرَ مُباشرَةً فاحِشَةً. وقيل: إنِ انْتَشَرَ نقَض، وإلَّا فلا. وعنه، يَنْقُضُ مُطْلقًا. وحُكِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ أنَّه رجَع عنها. وأطْلَقَهُنَّ في «المُسْتَوْعِبِ» .
فائدتان؛ إحْدَاهما، حيثُ قُلْنا: لا يَنْقُضُ مَسُّ الأنثى. اسْتُحِبَّ الوضوءُ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُسْتَحَبُّ إن لمَسها لشَهْوَةٍ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، حُكْمُ مَسِّ المرأةِ بَشَرَة الرَّجُلِ، حُكْمُ مَسِّ الرَّجُلِ بَشَرَةَ المرأةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرُ. وعنه، لا يَنْقُضُ مَسُّ المرأةِ للرَّجُلِ، وإنْ قُلْنا: يَنْقُضُ لَمْسُه لها. وهي ظاهِرُ «المُغْنِي» . وأطْلَقَهُما في «الكافِي» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «ابنِ تَميمٍ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ كلامِه، أنَّ مَسَّ الرَّجُلِ للرَّجُلِ، ومَسَّ المرأةِ للمرأةِ لا يَنْقُضُ. وهو صَحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يَنْقُضُ. اخْتاره القاضي في «المُجَرَّدِ» . فيَنْقُضُ مَسُّ أحَدِهما للخُنْثَى، ومَسُّه لهما. وأطْلَقهما ابنُ تَميم. وخَرَّجَ في «المُسْتَوْعِب» النَّقْضَ بمَسِّ المرأةِ المرأةَ لشَهْوَةِ السِّحاقِ. الثَّاني، دخلَ في عُموم كلامِه المَيِّتَةُ والصَّغيرةُ والعَجوزُ وذاتُ المَحْرَمِ، فهُنَّ كالشَّابَّةِ الحَيَّةِ الأجْنَبيةِ؛ أمَّا المَيِّتَةُ فهي كالحَيَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الإفاداتِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . واخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وابنُ البَنَّا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرى» . وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقيِّ، و «الكافِي» ، و «المُحَرِّر» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرهم. وقيل: لا ينْقُضُ لَمْسُها. اخْتارَه المَجْدُ، والشَّريفُ أبو جَعْفَرِ، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الحاويَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وأمَّا الصَّغيرةُ فهي كالكبيرةِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرحِ» ، وابنُ رَزِين في «شَرحِه» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الحاويَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبرى» . وقيل: لا ينْقُضُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» . وهو ظاهرُ «الوَجيزِ» . وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» . وصرَّحَ المَجْدُ أنَّه لا ينْقُضُ لمْسُ الطِّفْلَةِ، وإنَّما ينْقُضُ لمْسُ التي تُشْتَهى. قلتُ: لعَلَّه مُرادُ مَن أطْلقَ. وأمَّا العَجوزُ فهي كالشَّابَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحاب. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصٍ» ، و «الشَّرحِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «الإِفاداتِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الزَّرْكَشِي» . وصَحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا ينْقُضُ. وأطْلَقَهُما في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروع» وحكَاهُما روايَتْين ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. [انتهى. قلتُ: الصَّوابُ نقْضُ وُضوئِها إنْ حصَل لها شهْوَة، لا نَقْضُ وضوئِه مُطْلقًا] (1). وأمَّا ذاتُ المَحْرَمِ فهي كالأجْنَبِيَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» ، و «الزّرْكَشِيِّ» ، وغيرهم. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا ينْقُضُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» . وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» وحكَاهما ابنُ عُبَيدان وغيرُه، روايتَين.
فائدة: قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» : قلتُ: لو لمَس شيخٌ كبيرٌ لا شَهْوَةَ له مَن
(1) سقط من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لها شهْوَةٌ، احتَمَلَ وَجْهين.
فائدة: قدَّم في «الرعايَةِ الكُبْرى» إلْحاقَ الأرْبعَةِ بغَيرِهِم، [على رِوايَةِ النَّقْضِ بشهْوَةٍ، وقدَّم](1) على روالةِ النَّقْضِ مُطْلقًا عدَمَ الإلْحاقِ. وهو ظاهرُ «الرِّعايةِ الصُّغْرى» في الثَّاني.
فائدة: لمْسُ المرأةِ مِن وراءِ حائل لشَهْوَةٍ لا ينْقُضُ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وعنه، بَلَى. قال القاضي في «مُقْنِعِه»: قِياسُ المذهبِ، النَّقْضُ إذا كان لشهْوَةٍ. قال في «الرعايَة» عن هذه الرِّوايةِ: وهو بعيدٌ.
(1) سقط من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: شمِلَ قولُ المُصَنِّفِ: أنْ تمَسَّ بشَرَتُه بشَرَةَ أُنْثَى. المَسَّ بخِلْقَةٍ زائدَةٍ مِنَ اللَّامِسِ أو المَلْموسِ؛ كاليَدِ والرِّجْلِ والإصْبَع. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا ينْقُضُ المَسُّ بزائد، ولا مَسُّ الزَّائدِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا ينْقُضَ على ما وقَع لي؛ لأنَّ الزَّائِدَ لا يتَعلَّقُ به حُكْمُ الأصْلِ، بدَليلِ ما لو مَسَّ الذَّكَرَ الزَّائِدَ فإنَّه لا ينْقُضُ، كذا ها هنا. قال صاحِبُ «النِّهايةِ»: وهذا ليس بشيءٍ. وقيل: لا ينْقُضُ مَسُّ أصْلِيٍّ بزائدٍ، بخِلافِ
وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ الشَّعَرِ وَالسِّنِّ وَالظُفْرِ وَالأْمْرَدِ.
ــ
العكْسِ. وشمِل كلامُه أيضًا اللَّمِسَ بيَدٍ شَلَّاءَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهور. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرهم. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: لا ينْقُضُ. قال ابنُ عَقِيل: يَحتَمِلُ أنْ يكونَ كالشَّعَرِ؛ لأنَّها لا رُوع فيها. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، و «الحاويَين». وقيل: لا ينْقُضُ مسُّ أصَلِي بأشَل، بخِلافِ العكْس.
قوله: ولا يَنْقُضُ لَمسُ الشَّعَرِ والسِّنِّ والظُّفْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به كثير منهم. وقيل: ينْقُضُ.
قوله: والأمرَدُ. يعني، أنَّه لا ينْقُضُ لمسُه ولو كان لشهوْةٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، وقطع به أكْثَرُ المُتَقَدِّمين. وخرَّجَ أبو الخَطابِ روايَة بالنَّقْض إذا
وَفِي نَقْضِ وُضوءِ الْمَلْمُوس رِوَايَتَانِ.
ــ
كان بشَهْوَةٍ. وحكَاها ابنُ تميم وَجْهًا. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وحكاه في «الإيضاحِ» روايةً. قال ابنُ رَجَبٍ في «الطبقَات» : وهو غريبٌ. قال ابنُ عبَيدان: وهذا قول مُتَوجِّهٌ، ونصَره. قلتُ: وليس ببَعيدٍ. وتقدم قوْلُ القاضي في «المُجَردِ» ، أنه ينْقُضُ مَسُّ الرجُلِ الرجُلَ ومَسُّ المرأةِ المرأةَ لشهْوَةٍ، فهنا بطريقٍ أوْلَى.
قوله: وفي نَقْض وُضُوءِ الملْمُوس روايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «المُستوْعِب» ، و «الكافِي» ، و «المَذْهبِ الأحمَدِ» ، و «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَين» ، وابنُ مُنَجَّى في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَرحِه» ، و «ابنِ تَمِيم» ، و «الزَّركَشِيِّ» ، و «تَجْريدِ العِنَايَةِ» ، إحدَاهما، لا يُنْقَضُ، وإنِ انْتُقِضَ وُضوءُ اللَّامس. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لا يُنْقَضُ على الأصَحِّ. وصَحَّحَه المَجْدُ، والأزَجِيُّ في «النِّهايةِ» ، وابنُ هُبَيرَةَ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحرَين» ، و «التّصحيحِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُنْقَضُ وُضووه أيضًا. صَحَّحَه ابنُ عَقِيل. قال الزَّركَشِيُّ: اخْتارَها ابنُ عَبْدُوسِ. وجزَم به في «الإِفاداتِ» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، وابنُ رَزِين في «شَرحِه» . وحكَى القاضي في «شرحِ المُذْهبِ» إن كان المَلْموسُ رجُلًا انْتُقِضَ طُهْرُه، رِوايةً واحدةً. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: يُنْقضُ وضوءُ المرأةِ وحدَها. وقيل: مع الشَّهْوَةِ منها.
تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في المَلْمُوس إذا قُلْنا: يَنْتَقِضُ وضوءُ اللَّامِسِ. فأمَّا إذا قُلْنا: لا يَنْتَقِضُ. فالملْموسُ بطريقٍ أوْلَى.
فائدة: قال ابنُ تَميم: لم يَعتَبر أصحابُنا الشَّهْوَةَ في الملْموس. قال في «النُّكَتِ» عن قولِه: يجِبُ أنْ يكونَ اكْتِفاءً منهم ببَيانِ حُكْمِ اللَّامس، وأنَّ الشَّهْوَةَ، معتَبَرَة منه. قال الزَّركَشِي: محَل الخِلافِ، وفاقًا للشَّيخَين، يعنِي بهما المُصَنِّفَ والمَجْدَ، فيما إذا وُجِدَتِ الشَّهْوَةُ مِنَ الملْموس. قال المَجْدُ: يجِبُ أنْ تُحمَلَ روايةُ النَّقْضِ عنه على ما إذا الْتَذَّ المَلْموسُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرحِ العُمدَةِ» : إذا قُلْنا بالنَّقض في الملْموس، اعتَبرنا الشَّهْوَةَ في المَشْهورِ، كما نعتَبِرُها مِنَ اللَّامس، حتى يَنْتَقضَ وُضوؤه إذا وُجِدَتِ الشَّهْوَةُ منه دُونَ اللَّامس، ولا يَنْتَقِضُ إذا لم تُوجَد منه وإنْ وُجِدَتْ عندَ اللَّامس. انتهى.
فائدة: لا يَنْتَقِضُ وُضوءُ المَلْموس فَرجُه، ذَكَرًا كان أو أنثى، رِوايةً واحدَةً. قاله القاضي وغيرُه. قال المَجْدُ في «شَرحِه»: لا أعلمُ فيه خِلافًا. قال في
السَّادِسُ، غُسْل الْمَيِّت.
ــ
«النُّكَتِ» : وصَرَّحَ به غيرُ واحدٍ. وذكَر بعضُ المُتَأخِّرين رِوايةً بالنَّقْض. وحكَى الخِلافَ في «الرِّعايَة الكُبْرَى» وَجهين، وأطْلَقَهُما، ثم قال: وقيل: رِوايتان. وقيل: لا يَنْتَقِضُ وُضوءُ الملْموس ذكَرُه، بخِلافِ لمس قُبُلِ المرأةِ. انتهى. قال ابنُ عُبَيدان، بعدَ ذِكْرِه الرِّوايتَين في الملْموس: وحُكِيَ عدَمُ النَّقض إذا لمس الرَّجُلُ فَرجَ امرأةٍ، لم يَنْتَقِضْ طُهْرُها بحالٍ. قال: وعلى رِوايةَ النقْض؛ إن كان لشهْوَةٍ، انْتقَضَ وضوءُها، وإلَّا فلا. قال في «النُّكَتِ»: لا يَنْتَقِضُ وضوءُ الملْموس فرجُه في ظاهرِ المذهبِ، إلَّا أنْ يكونَ بشَهْوَةٍ، ففيه الرِّوَايتان. انتهى. وتقدّم بعضُ ذلك في البابِ، في آخِرِ الكلامِ على مَسِّ الذَّكَرِ.
قوله: السَّادِسُ، غُسْلُ المَيِّتِ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ غُسْلَ المَيِّتِ ينْقُضُ الوضوءَ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، صغِيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا ينْقُضُ. اخْتارَه أبو الحَسَنِ التمِيمِي، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحرَين» ، والشيخُ تَقِي الدِّينِ. ولبعض الأصحابِ احتِمال بعدَمِ النقْض إذا غَسَّلَه في قَمِيص. قال في
السَّابعُ، أكْلُ لَحمِ الْجَزُورِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإبِلِ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» .
ــ
«الرِّعايةِ الكُبْرَى» : وهي أظْهرُ.
تنبيه: قيَّدَ في «الرِّعايةِ» مسْألةَ نَقْض الوضوءِ بغُسْلِه، بما إذا قُلْنا: يَنْقضُ مَسُّ الفَرجِ. وهو ظاهرُ تَعْليلِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، الإطْلاقُ. وقد يكونُ تَعَبدِيًّا.
فائدتان؛ إحداهما، غُسْلُ بعض المَيِّتِ كغُسْلِ جَمِيعِه، على الصحيحَ، مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْقُضُ غُسْلُ البَعض. قال في «الرِّعايةِ» : وهو أظْهرُ. الثَّانية، لو يَمَّمَ المَيِّتَ لتَعَذُّرِ الغُسْلِ، لم ينقُضْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه، وعليه الأصحابُ. وفيه احتِمال أنَّه كالغُسْل.
قوله: السّابعُ، أكْلُ لَحمِ الجَزُورِ. هذا المذهبُ مُطلقًا بلا رَيب. ونصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وجزَم به في «المَذْهبِ الأحمَدِ» وغيرِه. وعنه، إنْ عَلِمَ النَّهْيَ، نقَض، وإلَّا فلا. اخْتارَه الخَلَّالُ وغيرُه. قال الخَلَّالُ: على هذا اسْتَقَرَّ قوْلُ أبي عبدِ اللهِ. وأطْلَقهما في «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذّهبِ» . وعنه، لا ينْقُضُ مُطلْقًا. اخْتارَه يوسُفُ الجَوْزِيّ، والشيخُ تَقِي الدِّينِ. وعنه، ينْقُضُ نَتَنِهِ فقط. ذكرَها، ابنُ حامِدٍ. وعنه، لا يعيدُ إذا طالتِ المُدَّةُ وفَحُشَتْ. قال الزَّركَشِي: كعَشْرِ سِنِين. وقيل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يعيدُ مُتَأوِّلٌ. وقيل: فيه مُطْلقًا رِوايتان. فعلي الرِّواية الثَّانيةِ، عدَمُ العلْمِ بالنَّهْي هو عدَمُ العلمِ بالحديثِ. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدينِ وغيرُه، فمَنْ علِمَ لا يُعذَرُ. وعنه، بَلَى، مع التَّأويلِ. وعنه، مع طولِ المُدَّةِ.
فَإِنْ شَرِبَ مِنْ لَبَنِها، فَعَلَى رِوَايَتَين،
ــ
قوله: فإنْ شَرِبَ من لَبَنِها، فعلى روايتين. يعني إذا قُلْنا: ينْقُضُ اللَّحمُ. وأطْلَقَهما في «الإِرشادِ» ، و «المُجَرَّدِ» ، و «الهِدَايةِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «المُغْني» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشرحِ» ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه» ، و «ابنِ تَميم» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» ؛ إحدَاهما، لا ينْقُضُ. وهي المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتارَها الكثيرُ مِن أصحابِنا. قال الزَّركَشِي: هو اخْتِيارُ الأكْثَرين. وهو مفْهومُ كلامِ «الْخِرَقِي» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، وغيرِهم. وصَحَّحَه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ» ، وصاحِبُ «التصحيحِ». قال النَّاظِمُ: هذا المنْصورُ. قال في «مَجْمَع البَحرَين» : هذا أقْوَى الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيز» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هو كاللَّحمِ. جزَم به
وَإنْ أكلَ مِنْ كَبِدِها أو طِحَالِها، فَعَلَى وَجْهينِ.
ــ
في «الرِّعايَة الصُّغْرى» ، و «الحاويَين» .
تِنبيه: حكَى الأصحابُ الخِلافَ رِوايتَيْن، وحكَاهما في «الإِرشادِ» وجهين.
قوله: وإن أكَلَ مِن كَبِدِها أو طِحَالِها، فعلى وَجْهين. وأطْلَقَهما في «المُجرَّدِ» ، و «الهِدايَة» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشرحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الفائِق» ؛ أحَدُهما، لا ينْقُضُ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الزَّركَشِيّ: هو اخْتِيارُ الأكْثَرين. وهو ظاهرُ كلامِ «الخِرَقِيِّ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرهم؛ لاقْتِصارِهم على اللَّحمِ. وصَحَّحَه في «التّصحيحِ» ، و «شَرحِ المَجْدِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «مَجْمَعِ البَحرَين» ، و «تَصحيحِ المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وقال: والصَّحيحُ أنه لا ينْقُضُ، وإن قُلْنا: ينْقُضُ اللحمُ واللَّبَنُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . والثَّاني، ينقض.
تنبيهات؛ أحَدُها، حكَى الخلافَ رِوايتَيْن، في «المُجَرَّدِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . وحكَى أكْثَرُهم الخِلافَ وَجْهين. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى» . الثاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا ينْقُضُ أكلُ ما عدَا ما ذكَرَه. واعلم أن الخِلافَ جارٍ في بَقِيةِ أجْزائِها غيرِ اللحم، ويحتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. قال في «الفُروعِ»: وفي بقِيةِ الأجْزاء والمَرَقِ واللَّبَنِ رِوايتان. وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: وحُكْمُ سائرِ أجْزائِه غيرِ اللَّحْمِ؛ كالسنَّامِ، والكَرِش، والدُّهْنِ، والمَرَقِ، والمُصرانِ، والجِلْدِ، حُكْمُ الطِّحَالِ والكَبِدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفي سَنَامِه، ودُهْنِه، ومَرَقِه، وكَرِشِه، ومُصرانِه، وقيلَ: وجلْده وعَظْمِه. وَجْهان. وقيل: رِوايتان. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» : في شحُومِها وَجْهان. وحكَى الخِلافَ في ذلك ابنُ تَميم، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» ،
الثَّامِنُ، الرِّدَّة عَنِ الإسْلَامَ.
ــ
و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» ، وغيرهم. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ أكْلَ الأطْعِمَةِ المُحَرمَةِ لا ينْقُضُ الوضوءَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ الطَّعامُ المُحَرَّمُ. وعنه، ينْقُضُ اللّحمُ المحرَّمُ مُطْلقًا. وعنه، ينْقُضُ لَحمُ الخِنْزيرِ فقط. قال أبو بَكرٍ: وبَقِيَّةُ النَّجاساتِ تُخَرَّجُ عليه. حكَاه عنه ابنُ عَقِيلٍ. وقال الشيخُ تَقِيّ الدِّينِ: وأمَّا لحمُ الخَبِيثِ المُباحُ للضرورَةِ؛ كلحمِ السِّباعِ، فيَنْبَنى الخِلافُ فيه على أنَّ النَّقْضَ بلَحمِ الإِبِلِ تَعَبُّدِيّ فلا يتَعدَّى إلى غيرِه، أو معقولُ المعنى، فيُعْطَى حُكْمَه، بل هو أْبلَغُ منه؟ انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ منَ المذهبِ، أن الوضوءَ مِن لَحمَ الإِبلِ تعَبُّدِيٌّ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّركَشِيّ: هو المشئهورُ. وقيل: هو مُعَلل؛ فقد قيل: إنَّها مِنَ الشَّياطِين، كما جاءَ في الحديثِ الصحيحِ، رَواه أحمدُ وأبو داود، [وفي حديثٍ آخَرَ:«على ذِروَةِ كُل بَعِيرٍ شَيطَانٌ» ] (1)، فإنْ أكَل منها، أوْرَثَ ذلك قوَّةً شيطانِيَّةً، فشُرِعَ وضوءُه منها، ليُذْهِبَ سَوْرَةَ الشيطانِ.
قوله: الثامنُ، الرِّدَّةُ عن الإِسلام. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الرِّدَّة عنِ الإِسْلامِ تنْقُضُ الوضوءَ، رِوايةً واحدةً. واخْتارَه الجمهورُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا تنْقُضُ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ روايتَين في النَّقْضِ بها. قال في «الفُروعِ» : ولا نَصَّ فيها.
فائدة: لم يذكُرِ القاضي في «الجامِعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الخِصَالِ» ،
(1) زيادة من: والحديث أخرجه الدارمي، في: باب ما جاء أن على كل ذروة بعير شيطانا، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمي 2/ 285، 286.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو الخَطَّابِ في «الهِداية» ، وابنُ البَنا في «العُقودِ» ، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَة» ، والسامرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «مَجْمَعِ البَحرَين» ، والفَخْرُ ابنُ تَيمِيَّةَ في «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرُهم، الرِّدَّةَ مِن نَواقض الوضوءِ؛ فقيل: لأنَّها لا تنْقُضُ عندَهم. وقيلَ: إنَّما تَرَكوها لعدَمِ فائدَتِها؛ لأنَّه إِنْ لم يَعُد إلى الإسْلامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فظاهِر، وإنْ عادَ إلى الإسْلامِ وجَب عليه الغُسْلُ، ويدخُلُ فيه الوضوءُ وقد أشارَ إلى ذلك القاضي في «الجامِع الكبيرِ» ، فقال: لا معنى لجعلِها مِنَ النواقِضِ، مع وُجوبِ الطَّهارَةِ الكبْرى. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: له فائدةٌ تظْهرُ فيما إذا عادَ إلى الإِسْلامِ، فإنَّا نُوجِبُ عليه الوضوءَ والغُسْلَ، فإنْ نواهُما بالغُسْلِ أجْزأه، وإنْ قُلْنا: لم يَنْتَقِضْ وُضوؤه. لم يجِبْ عليه الغُسْل. انتهى. قال الزَّركشيُّ: قلتُ: ومثْلُ هذا لا يَخْفَى على القاضي، وإنَّما أرادَ القاضي أنَّ وجُوبَ الغُسْلِ مُلازِمٌ لوجوبِ الطَّهارَةِ الصُّغْرى، وممَّنْ صرحَ بأنَّ مُوجِباتِ الغُسْلِ تنْقُضُ الوضوءَ، السَّامَرِّيُّ. وحكَى ابنُ حَمْدانَ وَجْهًا بأنَّ الوضوءَ لا يجِبُ بالالْتِقاءِ بحائل ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالإِسْلامِ، وإذَنْ يَنْتَفِي الخِلافُ بينَ الأصحابِ في المسْألَةِ. انتهى.
فائدة: اقْتِصارُ المُصَنِّفِ على هذه الثَّمانِيَةِ ظاهرٌ على أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ ذلك، والصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ كل ما يوجِبُ الغُسْلَ يُوجِبُ الوضوءَ، وإنْ لم يكنْ خارِجًا مِنَ السبيلِ، كالْتِقاءِ الخِتانَين وإنْ لم يُنْزِلْ، وانْتِقالِ المَنِيِّ وإنْ لم يَظهر، والرِّدَّة، والإِسْلام، والإِيلاجِ بحائلٍ إنْ قُلْنا بوُجوبِ الغُسْلِ، على ما يأتِي في أوَّلِ بابِ الغُسْلِ. جزَمَ به في «المسْتَوْعِبِ» ، كما تقدَّم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وغيرِه. قال ابنُ عُبَيدان: ذكرَه غيرُ واحدٍ مِن أصحابِنا. قلتُ: منهم المَجْدُ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّركَشِيُّ: وممَّنْ صرَّحَ بذلك الخِرَقِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ حمدَانَ. وقيل: لا، ولو مَيِّتًا. وقال ابنُ تَميمٍ: وما أوْجبَ الغُسْلَ، غيرَ الموْتِ، يجِبُ منه الوضوءُ، إلَّا انْتِقَال المَنِيِّ، والإِيلاجَ مع الحائلِ، وإسْلامَ الكافرِ، على أحَدِ الوَجْهين، والثَّاني، يجبُ الوضوءُ بذلك أيضًا. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: ومنها، ما أوجبَ غُسْلًا؛ كالْتِقاءِ الخِتانَين مع حائل يمنَعُ المُباشرَةَ بلا إنْزالٍ، في الأصَحِّ فيه، وانْتِقالِ المَنِيِّ بلا إنْزالٍ، على الأصَحِّ فيه، وإسْلامِ الكافِرِ في وَجْهٍ، إنْ وجَه غُسْلُه في الأشْهرِ. انتهى. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين» الوَجْهين في وُجوبِ الوضوءِ، على القوْلِ بوجوب الغُسْلِ بإسْلامِ الكافِر، في بابِ الغُسْلِ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ ذلك. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَة» ، وغيرِهما. مِنَ النَّواقِضِ زَوالُ حُكْمِ المُستَحاضَةِ ونحوها، بشَرطِه مُطْلقًا، وخُروجُ وَقتِ صلاةٍ وهي فيها، في وَجْهٍ، وبُطْلانُ المسْحِ بفَراغِ مُدَّتِه وخَلْعِ حائلِه، وغيرِهما مُطْلقًا، وبُرْءُ محَلِّ الجَبيرَةِ ونحوها مُطْلقًا كقَلْعِها، وانْتِقاضُ كَوْرٍ أو كَوْرَين مِنَ العِمامَةِ في رواية، وخَلْعُها، وبُطْلانُ التَّيَمُّمِ الذي كَمَّلَ به الوضوءَ وغيرَه، بخُروجِ وَقْتِ الصَّلاةِ، وبرُؤيَة الماءِ وغيرِهما، وزَوالُ ما أباحَه، وغيرُ ذلك. انتهى. قلتُ: كُلُّ ذلك مذْكورٌ في كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه في أماكِنِه، ولم يذْكُرهُ المُصَنِّفُ هنا اعتِمادًا على ذِكْرِه في أبوابِه، وإنَّما ذكَر هنا ما هو مُشْتَرِك، فأمَّا المخْصوصُ فيُذْكَرُ عندَ حُكْمِ ما اخْتَصَّ به. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا أنه لا نَقْضَ بالغِيبة ونحوها من الكلامِ المُحَرَّمِ. وهو المذهبُ، وعليه
وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهارَةِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ.
ــ
الأصحابُ. وحُكِيَ عن أحمدَ روايةٌ بالنَّقْض بذلك. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّه لا نقْضَ بإزالةِ شَعَرِه وظُفُرِه ونخوهما. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، ونص عليه الأصحابُ وقيل: ينْقُضُ. قال في «الرِّعايَةِ» : وهو بعيدٌ غريبٌ. قال ابنُ تَميمٍ: لا يَبْطُلُ بذلك في الأصحِّ.
فائدة: اقْتصَرَ يوسفُ الجَوْزِيّ في كِتابه «الطَّرِيقُ الأقْرَبُ» على النَّقْضِ بالخمسةِ الأوَلِ، فظاهِرُه أنَّه لا نقضَ بغيرِها.
تنبيه: دخَل في قولِ المُصَنِّفِ: ومَنْ تيَقَّنَ الطَّهارةَ وشَكَّ في الحَدَثِ، أو تَيَقَّنَ الحدَثَ وشكَّ في الطَّهارَةِ. مسائِلُ؛ منها ما ذكرَه هنا، وهو قولُه: فإنْ تَيقّنَهما وشَكَّ في السَّابقِ منهما، نُظِر في حالِه قَبْلَهما؛ فإنْ كان مُتَطَهِّرًا فهو مُحدِثٌ، وإنْ كان مُحدِثًا فهو مُتَطَهِّرٌ. وهذا هو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يَتَطَهَّرُ مُطْلقًا، كما لو جَهِلَ ما كان قبْلَهما في هذه المسْألةِ. وقال الأزَجِي في «النِّهاية»: لو قيل: يَتَطَهَّرُ. لَكان له وَجْهٌ؛ لأنَّ يَقِينَ الطَّهارَةِ قد عارَضَه يَقِين الحدَثِ، وإذا تَعارَضَا تَساقَطا، وبَقِيَ عليه الوضوءُ احتِياطا للصَّلاةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنَّه يكونُ مُودِّيًا فرضَه بِيَقين. ومنها، لو تَيَقَّن فِعْلَ طهارَةٍ رافعًا بها حدَثًا، وفِعْلَ حدَثٍ ناقِضًا به طهارَةً، فإنّه يكونُ على مثلِ حالِه قبلَهما قَطْعًا. ومنها، لو جَهِلَ حالهما وأَسْبَقَهما في هذه المسألة، أو عَيَّنَ وَقْتًا لا يَسَعُهما، فهل هو كحالِه قبلَهما، أو ضِدُّه؟ فيه وَجْهان. وقيل: رِوايتان. وأطْلَقهما في «الرِّعاية الكبرى» . وتَبِعَه في «الفُروع» ، و «الحواشي». قلتُ: وجوبُ الطَّهارةِ أقْوَى وأوْلَى. واخْتاره المَجْدُ في «شَرحِ الهِدايَة» ، وغيرُه، فيما إذا جَهِلَ حالهما، أنه يكونُ على ضِدِّ حالِه قبلَهما. وقدَّمه في «النُّكَتِ» . وظاهر كلامِه في «المُحَرَّرِ» ، أنَّه يكونُ كحالِه قبلَهما. [واخْتارَ أبو المَعَالِي في «شَرحِ الهِداية»، فيما إذا عيَّن وقْتًا لا يَسَعُهما، أنَّه يكونُ كحالِه قبلَهما](1). وجزَم في
(1) سقط من: ش.
فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا، وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، نَظرَ فِي حَالِهِ قَبْلَهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ مُحدِثٌ، وَإنْ كَانَ مُحدِثًا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ.
ــ
«المُسْتَوْعِبِ» في مسْألةِ الحالين، أنَّه لو تَيَقَّن فِعْلَهما في وقْتٍ لا يَتَّسِعُ لهما، تعارضَ هذا اليَقينُ وسقَط، وكان على حالِه قبلَ ذلك، مِن حدَثٍ أو طهارةٍ. قال في «النُّكَتِ»: وأظُنُّ أنَّ وَجِيه الدَينِ بنَ مُنَجَّى أخَذَ اخْتِياره مِن هذا، ونَزَّلَ كلامَ من أطْلَقَ مِنَ الأصحاب عليه. [ومنها، لو تَيَقَّنَ أنَّ الطَّهارةَ عَن حَدَثٍ، ولا يدرِي الحَدَثَ عن طُهْرٍ أَو لا؟](1) فهو مُتَطَهِّرٌ مُطْلقًا. ونها، لو تَيَقَّنَ حدَثًا أو فِعلَ
(1) سقط من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طهارةٍ فقط، فهو على ضِدِّ حالِه قبلَهما. ومنها، لو تَيَقَّنَ أنَّ الحَدَثَ عن طهارةٍ، ولا يَدرِي الطَّهارةَ عن حدَثٍ أم لا؟ عكْس التي قبلَها، فهو مُحدِثٌ مُطْلقًا.
وَمَنْ أحدَثَ حَرُمَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ، وَالطَّوَافُ، وَمَسُّ الْمُصحَف.
ــ
قوله: ومَنْ أحدَثَ حَرمَ عليه الصلاة، والطوافُ، ومَسُّ المصحفِ. أمَّا تَحريمُ الصَّلاةِ فبالإِجْماعِ، وأمَّا الطَّوافُ فتُشْتَرَطُ له الطَّهارةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. عليه الأصحابُ. فيَحرُمُ فِعلُه بلا طهارةٍ ولا يُجْزِئه. وعنه، يُجْزِئه بدَمٍ. وعنه، وكذا الحائضُ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: لا دَمَ عليها لعُذْرٍ. وقال: هل هي واجِبَةٌ، أو سُنَّةٌ لها؟ فيه قَوْلان في مذهبِ أحمدَ وغيرِه. ونقَل أبو طالبٍ: التَّطَوُّعُ أيسَرُ. ويأتي ذلك أيضًا في أوَّلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَيضِ، وفي بابِ دخولِ مكَّةَ، عندَ قوله: وإن طافَ مُحْدِثًا لم يُجْزِئْهُ. وأمَّا مسُّ المصحفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَحرُمُ مسُّ كِتابَتِه وجِلْده وحَواشِيه؛ لشُمولِ اسْمِ المُصحَفِ له، بدَليلِ البَيعِ، ولو كان المسُّ بصَدرِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يَحرُمُ إلَّا مسُّ كِتابَتِه فقط. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ» ، قال: لشُمولِ اسْمِ المُصحَفِ، لجَوازِ جُلوسِه على بِساطٍ على حَواشِيه كِتابةٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال القاضي في «شَرحِه الصَّغيرِ» : للجُنُبِ مسُّ ما لَه قراءَتُه. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ» جوازُ مسِّ الجِلْدِ؛ فإنَّه قال: لا يمسُّ المُحدِثُ مُصحَفًا. وقيل: ولا جِلْدَه.
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ للصَّبِيِّ مسُّه؛ وهو تارةً يَمَسُّ المصحَفَ، فلا يجوز على المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر القاضي في مَوْضعٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رِوايةً بالجوازِ، وهو وَجْهٌ في «الرِّعاية» ، وغيرِها. وتارةً يمَسُّ المكْتوبَ في الألْواحِ، فلا يجوزُ أيضًا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجوزُ. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ» . وتارةً يمَسُّ اللَّوْحَ أو يحمِلُه، فيجوزُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صَحَّحه الناظِمُ. وقدَّمه ابنُ رَزِيقِ في «شَرحِه» . وهو ظاهرُ ما جزَم به في «التَّلْخيصِ» ، فإنَّه قال: وفي مَسِّ الصبيان كِتابةَ القُرآنِ رِوايتان. واقْتَصرَ عليه. وعنه، لا يجوزُ. وهو وَجْهٌ ذكرَه في «الرِّعاية» ، و «الحاوي» ، وغيرِهما. [قال في «الفُروعَ»: ويجوزُ في روايةٍ مَسُّ صَبِيٍّ لوْحًا كُتِبَ فيه. قال ابنُ رَزِينِ: وهو أظْهر] (1). وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشرحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الزَركَشيِّ» ، و «الفائق» ، و «مَجْمعِ البحرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان». وقال القاضي في «مُسْتَدرَكِه الصَّغيرِ»: لا بأسَ بمسِّه لبعضِ القرآنِ، ويُمنَعُ مِن جُملَتِه. وقال في «مَجْمَعِ البَحرَين»: ويَحتَمِلُ أنْ يمنعَ مَن له عَشْرٌ فَصاعِدًا، بناءً على وجوبِ الصَّلاةِ عليه.
فوائد؛ منها، لا يحرُمُ حملُه بعِلَاقَتِه، ولا في غِلَافِه، أو كُمِّه، أو تصفُّحُه
(1) سقط من:.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بكُمِّه، أو بعُودٍ، أو مسُّه مِن وراءِ حائلٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقدَّمه في «الفُروع» ، و «الشَّرحِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرهم. وصَحَّحَه المُصَنِّفُ، وغيره. قال الزَّركشِيّ: هو المشْهورُ. وقطَع به أبو الخَطَّابِ، وابن عَبْدُوسِ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» . واخْتارَه القاضي، وأبو محَمدٍ. قال القاضي: وعنه، يحرُمُ. وقيل: يحرُمُ إلَّا لوَرَّاقٍ؛ لحاجَتِه. وعنه، المَنْعُ مِن تَصَفُّحِه بكُمِّه. وخرَّجَه القاضي، والمَجدُ، وغيرُهما إلى بقِيَّةِ الحوائلِ. وأبَى ذلك طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصنفُ في «المُغْنِي» ، وفرَّقَ بأنَّ كُمَّه وعَبَاءَتَهُ مُتَّصلًا به، أشْبهتْ أعضاءَهُ. وأطْلقَ الرِّوايتَين في حملِه بعِلاقَتِه، أو في غِلَافِه، وتَصَفُّحِه بكُمِّه، أو عودٍ ونحوه، في «المُسْتَوْعِب» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «مَجْمَعِ البَحرَين» ، و «الفائقِ» . ومنها، هل يجوزُ مسُّ ثَوْبٍ رُقِمَ بالقُرآنِ، أو فِضَّةٍ نُقِشَتْ به؟ فيه وَجْهان أو رِوايتان. روَى ابنُ عُبَيدان؛ في الثَّوْبِ المُطرَّزِ بالقُرآنِ رِوايتان. وقيل: وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «مَجْمَعِ البحرَين» ، و «وابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّركَشِيِّ» . وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، في الفِضَّةِ المنْقوشةِ. قال في «الفُروعِ»: ويجوزُ في روايةٍ مس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَوْبٍ رُقِمَ به، وفِضَّةٍ نُقِشتْ به. قال الزَّركشِيُّ: ظاهرُ كلامِه الجوازُ. قال في «النَّظْمِ» ، عن الدِّرهمِ المنْقوش: هذا المنْصورُ. وعنه، لا يجوزُ. وهو وَجْهٌ في «المُغْنِي» ، وغيرِه. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شرحِه» ، وقال: لأنَّه أبلغُ مِنَ الكاغِدِ. وقال القاضي في التخريج: ما لا يُتَعَامَلُ به غالبًا لا يجوز مسُّه، وإلا فوجهان. وقال في «النِّهايةِ»: وقطَع المَجْدُ بالجوازِ في مسِّ الخاتَمِ المرقوم فيه قرآنٌ. واخْتارَ في «النِّهايةِ» أنَّه لا يجوزُ للمُحدِثِ مسُّ ثوْبٍ كُتِبَ فيه قرآنٌ. ومنها، يجوزُ حملُ خرجٍ فيه مَتاعٌ وفيه مصحَف، على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وسواءٌ كان فوق المَتاع أو تحتَه. وقيل: لا يجوزُ حملُه وهو فيه. ومنها، يجوزُ مسُّ كتابِ التَّفْسيرِ ونحوه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابً. وحكى القاضي رِوايةً بالمَنْع. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ». وقيل: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايتان أيضًا في حملِ كُتُبِ التَّفْسيرِ. وقيل: وفي مسِّ القرآنِ المكْتوبِ فيه. وذكَر القاضي في «الخِلافِ» مِن ذلك، ما نقَله أبو طالبٍ في الرَّجُلِ يكتُبُ الحديثَ أو الكتابَ للحاجَةِ، فيكْتُبُ فيه: بسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ؛ فقال: بعضُهم يَكْرَهُه. وكأنَّه كَرهه. وقال: الصَّحيح المَنْعُ مِن حَملِ ذلك ومسِّه. انتهى. ومنها، يجوزُ مسُّ المنْسوخِ وتِلاوَتُه، والمأثورِ عن اللهِ تعالى، والتَّوْراةِ والإِنْجيلِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجوزُ ذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قلتُ: والمنْعُ مِن قراءةِ التَّوْراةِ والإِنْجيلِ أقْوَى وأوْلَى. ومنها، لو رفَع الحَدَثَ عن عُضْوٍ مِن أعضاءِ الوضوءِ، ثم مسَّ به المصحفَ لم يَجُزْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ولو قُلْنا: يرتَفِعُ الحدَثُ عنه. وقيل: لا يَحرُمُ إذا قُلْنا؛ يَرتَفِعُ عنه. واعلم أنَّ في رفْعِ الحدَثِ عن العُضْو قبلَ إتْمامِ الوضوءِ وَجْهين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» . قلتُ: الذي يظْهرُ أنْ يكونَ ذلك مُراعًى؛ فإنْ كَمَّلَه ارتَفَعَ، وإلَّا فلا. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ: لأنَّه لا يكونُ مُتَطَهِّرًا إلَّا بعمَلِ الجميعِ. قال الزَّركشِيُّ: لأنَّ الماءَ غيرُ طاهرٍ على المذهب. [وقال في «الرِّعايَة»: ولو رفَع الحدَثَ عن عُضْوٍ، لم يمَسَّه به قبلَ إكْمالِ الطَّهارةِ في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: ولو رفَع الحدثَ عن عُضْوٍ، لم يمَسَّ به المصحفَ حتى يُكْمِلَ طهارتَه](1). ومنها، يَحرُمُ مسُّ المُصحَفِ بعُضْوٍ نَجِسٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يحرُمُ. قلتُ: هذا خطَأ قَطْعًا. ومنها، لا يحرُمُ مسُّه بعُضْوٍ طاهرٍ إذا كان على غيره نجاسَةٌ، على الصَّحيح. مِنَ الذهبِ. وقيل: يحرُمُ. قال في «الفُروعِ» ، عن هاتَين المسألتَين: قاله بعضُهم. قلتُ: صرَّحَ ابنُ تَميمٍ بالثَّانيةِ، والزَّركَشِيّ بالأولَى، وذكرَ المسْألتَين في «الرِّعاية». وقال في «التبصِرَةِ»: لا تُعتَبرُ الطَّهارةُ مِنَ النَّجاسةِ لغيرِ الصَّلاةِ والطوافِ. ومنها، يجوزُ مسُّ المصحَفِ بطهارةِ التَّيَمُّمِ مُطْلقًا، على الصحيح مِنَ الذهبِ. وقيل: لا يجوزُ إلَّا عندَ الحاجَةِ. اخْتاره المُصَنِّفُ. فإنْ عَدِمَ الماءَ لتَكْميلِ الوضوءِ، تيَمَّمَ للباقِي ثم
(1) سقط من:.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَسَّه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: له مَسُّه قبلَ تَكْميلِها بالتيمم بخِلافِ الماءِ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمدانَ: وهو سَهْوٌ. ومنها، يجوز كتابتَه من غيرِ مسٍّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ. وهو مُقتَضى كلامِ الْخِرَقِيِّ. وقاله القاضي وغيرُه. وعنه، يَحرُمُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». وقيل: هو كالتَّقْليبِ بالعُودِ. وقيل: لا يجوزُ، وإنْ جازَ التَّقْليبُ بالعودِ. وللمَجْد احتِمالٌ بالجوازِ للمحدِثِ دُون الجُنُبِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الرِّعاية» . ومحَلُّ الخِلافِ إذا لم يَحمِلْه، على مُقْتَضَى ما في «التَّلْخيصِ» ، و «الرعايَة» ، وغيرِهما.
تنبيه: خرَج مِن كلامِ المُصَنِّفِ الذِّمِّيُّ؛ لانْتِفاءِ الطهارةِ منه وعدَمِ صِحَّتِها، وهو صحيحٌ، لكنْ له نَسْخُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: بدُون حَملٍ ومسٍّ. قاله القاضي في «التَّعليقِ» ، وغيرِه. قال ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»: يجوزُ اسْتِئْجارُ الكافرِ على كِتابةِ المصحَفِ إذا لم يَحمِلْه. قال أبو بَكرٍ: لا يخْتلِفُ قولُ أحمدَ أنَّ المصاحِفَ يجوزُ أنْ يكْتُبَها النَّصارى. وقال القاضي في «الجامعِ» : يَحتَمِلُ قولُ أبي بَكْرٍ: يُكَتِّبُه. مُكَتبًا (1) بينَ يَدَيه ولا يحمِلُه، وهو قِياسُ المذهبِ؛ أنَّه يجوزُ؛ لأنَّ مسَّ القلَمِ للحرفِ كمَسِّ العودِ للحَرفِ. وقيلَ لأحمدَ: يُعجِبُكَ أنْ تكتُبَ النَّصارى المصاحِفَ؟ قال: لا يُعجِبُنِي. قال
(1) زيادة من: «ش» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّركَشِيّ: فأُخِذَ مِن ذلك رواية بالمَنْع. قال القاضي في «خِلافِه» : يُمكنُ حملُها على أنَّهم حمَلوا المصاحفَ في حالِ كتابَتِها. وقال في «الجامع» : ظاهِرُه كراهةُ ذلك، وكَرِهه للخِلافِ. وقال في «النِّهايَةِ»: يُمنَعُ منه. وأطْلقَ في الجوازِ وعدَمِه الرِّوايتَين في «الفُروع» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايةِ» . ويمنَعُ مِن قِرَاءَتِه، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال القاضي: التَّخْريجُ لا يُمنَعُ، لكنْ لا يمكنُ مِن مَسِّه. انتهى. ويُمنَعُ مِن تَملُّكِه، فإنْ مَلَكَه بإرثٍ أو غيرِه أُلزِمَ بإزالةِ مِلْكِه عنه.
فائدتان؛ إحدَاهما، كَرهَ أحمدُ، رحمه الله، تَوسُّدَه. وفي تَخْريجِه وَجْهان، وأطْلَقَهُما في «الفُروع» . واختارَ في «الرعايةِ» التَّحريمَ. وقطَع به المصنِّفُ في «المُغْنِي» ، و «الشارِح». قال في «الآداب»: وقدَّم هو عَدَمَ التَّحريمِ. وهو الذي ذكَره ابنُ تَميم وَجْهًا. وكذا كُتُبُ العلْمِ التي فيها قُرآن، وإلَّا كُرِه. قال أحمدُ، في كتُب الحديثِ: إنْ خافَ سَرِقَةً، فلا بأْسَ. قال في «الفُروعِ»: ولم يذْكر أصحابُنا مَدَّ الرِّجْلَين إلى جِهةِ ذلك، وتركُه أوْلَى، أو يُكْرَهُ. الثَّانية، يحرُمُ السَّفر به إلى دارِ الحربِ. نصَّ عليه. وقيل: يحرمُ إلَّا مع غَلَبَةِ السَّلامَةِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» : يُكْرهُ بدونِ غلبَةِ السَّلامةِ. ويأتِي بقِيَّةُ أحكامِه في البيعِ، والرَّهْنِ، والإِجارَةِ.