المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَدَلٌ لَا يَجُوزُ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، دُخُولُ الْوَقْتِ. ــ بابُ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌بَابُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَدَلٌ لَا يَجُوزُ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، دُخُولُ الْوَقْتِ. ــ بابُ

‌بَابُ التَّيَمُّمِ

وَهُوَ بَدَلٌ لَا يَجُوزُ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، دُخُولُ الْوَقْتِ.

ــ

بابُ التَّيمُّمَ

فائدة: قوله: وهو بَدَلٌ. يعْني لكلِّ ما يفْعَلُه بالماءِ؛ مِنَ الصَّلاةِ، والطَّوافِ،

ص: 165

فَلَا يَجُوزُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلَا لِنَفْلٍ فِي وَقْتِ النَّهْي عَنْهُ.

ــ

وسُجودِ التِّلاوَةِ والشُّكْرِ، واللُّبْثِ في المسْجدِ، وقراءةِ القُرْآنِ، ومَسِّ المُصْحَفِ. وقال المُصَنِّفُ فيه: إنِ احْتاجَ. وكوَطْءِ حائضٍ انْقطَع دَمُها. نقَله جماعةٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يَحْرُمُ الوَطْءُ والحالةُ هذه. ذكرَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وذكَرة ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً. وصَحَّحَها ابنُ الصَّيرَفِيِّ عنه.

فائدة: لا يُكْرَهُ لعادِمِ الماءِ وَطْءُ زَوْجَتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَره ابنُ تَميمٍ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وعنه، يُكْرَهُ إنْ لم يخَفِ العَنَتَ. اخْتارَه المَجْدُ. وصَحَّحَه أبو المَعالِي. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «شَرْحَ ابنِ

ص: 166

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَزِين». وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، و «المُذْهَبِ» .

قوله: وهو بدَلٌ لا يجوزُ إلَّا بِشَرْطَين؛ أحدُهما، دخُولُ الوَقْتِ، فلَا يَجُوزُ لفَرْضٍ قبلَ وقتِه، ولا لِنَفْلٍ في وقتِ النَّهْي عنه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وفي «المُحَرَّرِ» وغيرِه تَخْريجٌ بالجَوازِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يتَيَمَّمُ لفَرْضٍ ولا لنَفْلٍ مُعَيَّنٍ قبلَ وَقْتِهما. نصَّ عليه. وخرَّج: ولا لنَفْلٍ. وقيل: مُطْلَقٌ بلا سبَبٍ وَقْتَ نَهْيٍ. وقيل: بلى. وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ للفَرْضِ قبلَ وَقْتِه، فالنَّفْلُ المُعَيَّنُ أوْلَى. انتهى. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وهو أصَحُّ.

تنبيه: محَلُّ هذا الخِلافِ على القوْلِ بأنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لا رافِعٌ، وهو المذهبُ. فأمَّا على القولِ بأنَّه رافعٌ، فيجوزُ ذلك كما في كلِّ وَقْتٍ، على ما يأْتِي بَيانُه عندَ قوله: ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخروجِ الوقتِ (1).

فائدة: النَّذْرُ وفرْضُ الكِفاية كالفرْضِ، والجِنازَةُ، والاسْتِسْقاءُ، والكُسوفُ، وسُجودُ التِّلاوَةِ والشُّكْرِ، ومَسُّ المُصْحَفِ، والقراءةُ، واللُّبْثُ في المسْجدِ، كالنَّفْلِ. قال ذلك في «الرِّعايَةِ». وفي قولِه: الجِنازَةُ كالنَّفْلِ. نظرٌ، مع قوْلِه: وفَرْضُ الكِفَايةِ كالفَرْضِ. إلَّا أنْ يُرِيدَ الصَّلاةَ عليها ثانِيًا، ويأْتِي بَيانُ

(1) يأتي في صفحة 238.

ص: 167

الثَّانِي، الْعَجْزُ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ،

ــ

وَقْتِ ذلك عند قوله: وَيبطُلُ التَّيَمُّمُ بخُروجِ الوقْتِ (1).

تنبيه: ظاهرُ قولِه: الثَّاني، العَجْزُ عنِ اسْتِعْمالِ الماءِ لعدَمِه. أنَّ العَدَمَ سواءٌ كان حَضَرًا أو سَفَرًا، وسواءٌ كان العادِمُ مُطْلقًا أو مَحْبُوسًا، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُباحُ التَّيَمُّمُ للعُذْرِ (2)، إلَّا في السَّفَرِ. اخْتارَه الخَلَّالُ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ آخِرَ البابِ، مَنْ حُبِسَ في المِصْرِ. فعلى المذهبِ، لا تَلْزَمُه الإِعادةُ إذا وجَد الماءَ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، يعيدُ. وجزَم في «الإِفاداتِ» بأنَّ العاصِيَ

(1) يأتي في صفحة 238.

(2)

في: «للعدم» .

ص: 168

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بسَفَرِه يعيدُ. ويأْتِي هناك في كلام المُصَنِّفِ.

فائدتان؛ إحْدَاهما، يجوزُ التَّيَمُّمُ في السَّفَرِ المُباحِ والمُحَرَّمِ، والطَّويلِ والقَصيرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال القاضي: ولو خرَج إلى ضَيعَةٍ له تُقارِبُ البُنْيانَ والمَنازِلَ، ولو بخَمْسِين خُطْوَةً، جازَ له التَّيَمُّمُ، والصَّلاةُ على الرَّاحِلَةِ، وأكْلُ المَيتَةِ للضَّرورَةِ. وقيل: لا يُباحُ التَّيَمُّمُ إلَّا في السَّفَرِ المُباحِ الطَّويلِ. فعلَى هذا القولِ، يُصَلِّي ويعيدُ بلا نِزاغٍ. وعلى المذهبِ، لا يعيدُ على الصَّحيحِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يعيدُ.

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. ويأْتِي إذا خرَج إلى أرْضِ بلَدِه لحاجَةٍ؛ كالاحْتِطابِ ونحوه. والثَّانيةُ، لو عجَز المريضُ عنِ الحرَكَةِ وعَمَّن يُوَضِّيه، فحُكْمُه حُكْمُ العادِمِ، وإنْ خافَ فوْتَ الوَقْتِ إنِ انْتظرَ مَنْ يُوَضِّيه، تَيَمَّمَ وصَلَّى ولا يعيدُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكرَه ابنُ أبي موسى. وصَحَّحَه المَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» .

ص: 170

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: يَنْتَظِرُ مَن يُوَضِّيه ولا يَتَيَمَّمُ، لأنَّه مُقيمٌ يَنْتَظِرُ الماءَ قَريبًا، فأَشْبَهَ المُشْتَغِلَ بالاسْتِقاءِ.

ص: 171

أوْ لِضَرَرٍ فِي اسْتِعْمَالِهِ، مِنْ جُرْحٍ، أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ، أَوْ مَرَضٍ يَخْشَى زِيَادَتَهُ أَوْ تَطَاوُلَهُ،

ــ

قوله: أو لِضررٍ في استعمالِه مِن جُرْحٍ. يجوزُ له التَّيَمُّمُ إذا حصَل له ضَرَرٌ باسْتِعْمالِه في بدَنِه، أو بَقَاءِ شَيْنٍ، أو نَظائرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابُ. ويُصَلِّي ولا يعيدُ. وعنه، لا يجوزُ له التَّيَمُّمُ إلَّا إذا خافَ التَّلَفَ. اخْتارَه بعضُهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ.

قوله: أو بَرْدٍ. يجوزُ التَّيمُّمُ لخَوْفِ البَرْدِ بعدَ غَسْلِ ما يُمْكِنُ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، سواءٌ كان في الحضَرِ أو السَّفرِ. وعنه، لا يتَيَمَّمُ لخَوْفِ البرْدِ في الحضَرِ. وأمَّا الإعادةُ فتأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ.

فائدة: قوله: مِن جُرْحٍ، أو بَرْدٍ شديدٍ، أو مرَضٍ يَخْشَى زِيادَتَه، أو تَطاوُلَه. وكذا لو خافَ حدُوثَ نَزْلَةٍ ونحوها.

ص: 173

أْو عَطَشٍ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ رَفِيقِهِ، أَوْ

ــ

قوله: أوْ عَطَشٍ يَخافُه عَلَى نَفْسِه. إذَا خَافَ على نَفْسِه العَطَشَ، حبَس الماءَ

ص: 175

بَهِيمَتِهِ،

ــ

وتَيَمَّمَ، بلا نِزاع. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا.

قوله: أوْ رَفِيقِه. يَعْني المُحْتَرَمَ. قاله الأصحابُ، إذا وجَد عَطْشانَ يخافُ تَلَفَه، لَزِمَه سَقْيُه وتَيَمَّمَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ تَميمٍ يجبُ الدَّفْعُ إلى العَطْشانِ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «مَجْمَع البَحْرَين» ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال أبو بَكرٍ في «مُقْنِعِه» ، والقاضي: لا يَلْزَمُه بَذْلُه، بل يُسْتَحَبُّ.

ص: 176

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فعلَى المذهبِ، هل يجبُ حَبْسُ الماءِ للعَطَشِ غيرِ المُتَوَقَّعِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» للمَجْدِ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحَدُهما لا يجبُ بل يُسْتَحَبُّ. قال المَجْدُ: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقدَّمه في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . والوَجْهُ الثَّاني، يجبُ. وهو ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا. وظاهرُ ما جزَم به الشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: والوَجْهان أَيضًا في خَوْفِه عطَشَ نفْسِه بعدَ دُخولِ الوقتِ. وقال في «الرِّعايَةِ» : ولو خافَ أنْ يعْطَشَ بعدَ ذلك هو أو أهْلُه، أو عبْدُه، أو أمَتُه، لم يجِبْ دَفْعُه إليه. وقيل: بلى بثَمَنِه، إنْ وجَب الدَّفْعُ عن نفْسِ العَطْشانِ، وإلَّا فلا، ولا يجبُ دَفْعُه لطهارةِ غيرِه بحالٍ. انتهى.

فوائد؛ منها، إذا وجَد الخائِفُ مِنَ العطَشِ ماءً طاهرًا، أو ماءً نَجِسًا، يكْفِيه كُلٌّ منهما لشُرْبِه، حبَس الطَّاهِرَ لشُرْبِه، وأَراقَ النَّجِسَ إنِ اسْتَغْنَى عن شُرْبِه، فإنْ خافَ، حَبَسَهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ عُبَيدان». وقال القاضي: يتَوَضَّأ بالطَّاهرِ، ويحْبِسُ النَّجِسَ لشُرْبِه. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: وهو الصَّحيحُ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قال في «الفُروعِ» : وذكَر الأزَجِيُّ، يَشْرَبُ

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الماءَ النَّجِسَ. ومنها، لو أمْكَنَه أنْ يتوَضَّأَ به، ثم يَجْمَعَه ويَشْرَبَه، فقال في «الفُروعِ»: إطْلاقُ كلامِهم لا يَلْزَمُه؛ لأنَّ النَّفْسَ تَعافُه. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ. يعْني باللُّزومِ. ومنها، لو ماتَ رَبُّ الماءِ يَمَّمَه رَفِيقُه العَطْشَانُ، وغَرِمَ ثَمَنَه في مَكانِه وَقْتَ إتْلافِه لوَرَثَتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهرُ كلامِه في «النِّهايَةِ» ، وإنْ غَرِمَه مَكانَه فبِمِثْلِه. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى به. قال أبو بَكرٍ في «المُقْنِع» ، و «التَّنْبِيهِ»: وقيل: رَفِيقُه أوْلَى إنْ خافَ الموْتَ، وإلَّا فالمَيِّتُ أوْلَى. ويأْتِي حكمُ فَضْلَةِ الماءِ مِنَ المَيِّتِ آخِرَ البابِ.

فائدة: لو خافَ فوْتَ رُفْقَةٍ سَاغَ له التَّيَمُّمُ. قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِه ولو لم يَخَفْ ضَرَرًا بفَوْتِ الرُّفْقَةِ، لفَوْتِ الإلْفِ والأُنْسِ. قال: ويَتَوَجَّهُ احْتِمالٌ.

ص: 178

أَوْ خَشْيَةً عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ فِي طَلَبِهِ،

ــ

تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ قولِه: أو بَهِيمَتِه. أنَّه لا يَتَيَمَّمُ، ويدَعُ الماءَ لِخَوْفِه على بَهِيمَةِ غيرِه، وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ. والصَّحيحُ. مِنَ المذهب أنَّه يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِه على بَهيمَةِ غيرِه كبَهِيمَتِه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ؛ فإنَّ قوْلَه: أو رَفيقِه أو بهِيمَتِه. يَحْتَمِلُ أنْ يعودَ الضَّميرُ في: (بهِيمَتِه) إلى (رَفيقِه) فتَقْديرُه: أو بهِيمَةِ رَفيقِه، فيكونُ كلامُه مُوافِقًا للمذهبِ، وهو أوْلَى. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» . والثَّاني، مُرادُه بالبَهِيمَةِ؛ البَهِيمَةُ المُحْتَرَمَة؛ كالشَّاةِ، والحِمَارَةِ، والسِّنَّوْرِ، وكَلْبِ الصَّيدِ، ونحوه، احْتِرازًا مِنَ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ، والخِنْزِيرِ، ونحوهما.

تنبيه: شمِلَ قولُه: أو خَشْيَةً على نَفْسِه، أو مالِه في طَلَبِه. لو خافَتِ امرأةٌ على نَفْسِها فُسَّاقًا في طريقِها. وهو صحيحٌ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم: بل يَحْرُمُ عليها الخُروجُ إليه، وتَتَيَمَّمُ وتُصَلِّي ولا تعيدُ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّها تَتَيَمَّمُ ولا تعيدُ، وَجْهًا واحِدًا. قال

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابنُ أبي موسى: تَتَيَمَّمُ ولا إعادةَ عليها، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الفُروعِ» ،. و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: تعيدُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . قال الزَّرْكَشِيُّ: أبْعَدَ مَنْ قاله. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، لا أدْرِي.

تنْبيهات؛ أحَدُها، قولُه: أو خَشْيَةً على نفْسِه، أو مالِه في طلَبِه. لابُدَّ أنْ يكونَ خوْفُه مُحَقَّقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلو كان خوْفُه جُبْنًا، لا عن سبَب يُخافُ مِن مِثْلِه، لم تُجْزِهِ الصَّلاةُ بالتَّيَمُّمِ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وقال

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» : ويَحْتَمِلُ أنْ يُباحَ له التَّيَمُّمُ ويُعيدَ إذا كان ممَّن يَشْتَدُّ خوْفُه. الثَّاني، لو كان خَوْفُه لسَبَبٍ ظَنَّه، فتَبَيَّنَ عدَمُ السبَّبَ؛ مِثْلُ مَنْ رأَى سَوادًا باللَّيلِ ظَنَّه عَدُوًّا، فتَبَيَّنَ أنَّه ليس بعَدُوٍّ، بعدَ أنْ تَيَمَّمَ وصَلَّى، ففي الإِعادَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما ابنُ عُبَيدان، و «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ؛ أحَدُهما، لا يُعيدُ. وهو الصَّحيحُ. قال المَجدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ لا يُعيدُ؛ لكَثْرَةِ البَلْوَى بذلك في الأسْفارِ، بخِلافِ صلاةِ الخَوْفِ فإنَّها نادِرَةٌ في نَفْسِها (1)، وهي كذلك أنْدَرُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . والثاني، يعيدُ. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا يَتَيَمَّمُ لغيرِ الأعْذارِ المُتَقَدِّمَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» ، وغيرِها. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» . وظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إنِ احْتَاجِ المَاءَ لِلعَجْنِ، والطَّبْخِ، ونحوها تَيَمَّمَ وترَكَه. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّ الخوْف على نفْسِه لا يُجَوِّزُ تأْخيرَ الصَّلاةِ إلى الأمْنِ، بل يَتَيَمَّمُ

(1) في: «نصها» .

ص: 181

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويُصَلِّي، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، في غازٍ بِقُرْبِه الماءُ، يخافُ إنْ ذهَب على نفْسِه، لا يَتَيَمَّمُ، ويُؤَخِّرُ. وأطْلَقهما ابنُ تَميمٍ.

ص: 182

أَوْ تَعَذُّرِهِ إلا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ ثَمَنٍ يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ.

ــ

قوله: إلا بزِيادَةٍ كثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِه. يعْني، يُباحُ له التَّيَمُّمُ، إذا وجَد الماءَ يُباعُ بِزِيادَةٍ كثيرةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا أصَحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وعنه، إن كان ذا مالٍ كثيرٍ لا تُجْحِفُ به زِيادَةٌ، لَزِمَه الشِّراءُ. جزَم به في «الإفاداتِ» . وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التّلْخيصِ» .

تنبيه: مفْهومُ قولِه: إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ. أنَّ الزَّيادةَ لو كانتْ يسيرةً،، يَلْزَمُه شِراؤُه. وهو صحيحٌ، وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «النِّهايَةِ»: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يَلْزَمُه

ص: 183

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الأصَحِّ. وجزَم به في «الشرحِ» ، و «الحاويَين» ، و «الرعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وعنه، لا يَلْزَمُه. ذكَرهما أبو الحُسَينِ فمَنْ بعدَه. واخْتارَه في «الفائقِ» . وهما احْتِمالٌ. وأطْلقَهما وَجْهَين في «المُغْنِي» ، وقال: أحمدُ توَقَّفَ.

فائدتان؛ إحْداهما، ثَمَنُ المِثْلِ مُعْتَبَرٌ بما جَرَتِ العادةُ به في شِراءِ المُسافِرِ له في تلك البُقْعَةِ، أو مِثْلِها غالبًا، على الصَّحيحِ. وقيل: يُعْتَبَرُ بأُجْرَةِ النَّقْلِ. قدَّمه في «الفائقِ» . وهما احْتِمالان مُطْلقان في «التَّلْخيصِ» . الثَّانيةُ، لو لم يكُنْ معه الثَّمَنُ وهو يقْدِرُ عليه في بَلَدِه، ووَجدَه يُباعُ بثَمَن في الذِّمَّةِ، لم يَلْزَمْه شِراؤُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الآمِدِيُّ، وأبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. قاله الشَّارِحُ في

ص: 184

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بابِ الظِّهارِ. وصَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الكبيرِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقيل: يَلْزَمُه شِراؤُه. اخْتارَه القاضي. قال في «الرعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوي الصَّغيرِ»: أو بثَمَنِ مِثْلِه ولو في ذِمَّتِه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ» . وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه» . وأطلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الفائقِ» .

تنبيه: قوْلُه: أو تَعَذُّرِه إلَّا بزيادةٍ كثيرةٍ. قال في «المُطْلِع» : تقْدِيرُه؛ يُباحُ التَّيَمُّمُ للعَجْزِ عنِ اسْتِعْمالِ الماءِ لكَذا وكذا، أو لتعَذُّرِه إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ، فهو مُسْتَثْنًى مِن مُثْبَتٍ، والاسْتِثْناءُ مِنَ الإِثْباتِ نَفْيٌ، فظاهِرُه أنَّ تَعَذُّرَه في كلِّ صُورَةٍ مُبِيحٌ للتَّيَمُّمِ، إلَّا في صورةِ الاسْتِثْناءِ، وهي حُصولُه بزيادَةٍ كثيرةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه، وحصُولُه بزيادةٍ كثيرةٍ مُبِيحٌ أيضًا للتَّيَمُّمِ، وصُورَةُ الاسْتِثْناءِ مُوافِقَةٌ للمُسْتَثْنَى منه في الحُكْمِ، قال في الجَوابِ عن هذا: الإِشْكالُ في اللَّفْظِ، وتَصْحِيحُه أنَّه مُسْتَثْنًى مِن مَنْفِيٍّ مَعْنًى؛ فإنَّ قوْلَه: أو تعَذُّرِه. في مَعْنى قوْلِه: وبكَوْنِه لا يحْصُلُ له الماءُ إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ. فيَصيرُ الاسْتِثْناءُ مُفَرَّغًا؛ لأنَّ بِزِيادَةٍ كثيرةٍ مُتَعَلِّق بما لم

ص: 185

فَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحًا تَيَمَّمَ لَهُ وَغَسَلَ الْبَاقِيَ.

ــ

يحْصُلْ، والاسْتِثْناءُ المُفَرَّغُ ما قبلَ إلَّا، وما بعدَه فيه كلامٌ واحدٌ، فيَصِيرُ مَعْنَى هذا الكلامِ، يُباحُ التَّيَمُّمُ بأشْياءَ؛ منها حُصولُ الماءِ بزِيادَةٍ كثيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه، أو ثَمَنٍ يَعْجِزُ عن أَدائِه. ثم قال: وإنَّما تكَلَّمْتُ على إعْرابِ هذا؛ لأنَّ بعضَ مَشايخِنا ذكَر أنَّ هذه العِبارةَ فاسِدَةٌ. انتهى. قلتُ: ويُمْكِنُ الجوابُ عن ذلك بما هو أوْضَحُ ممَّا قال، بأنْ يقال: اسْتِثْناءُ المُصَنِّفِ مِنَ المفْهومِ. وتقديُر الكلامِ؛ فإنْ لم يتَعَذَّرْ، ولكنْ وُجِدَ، وما يُباعُ إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ، أو بثَمَن يَعْجِزُ عن أدائِه. وهو كثيرٌ في كلامِهم.

فائدتان؛ إحْدَاهما، يَلْزَمُه قَبولُ الماءِ قَرْضًا، وكذا ثَمَنِه، وله ما يُوَفِّيه. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «الفُروعِ»: وهو المُرادُ. ويَلْزَمُه قَبولُه هِبَةً مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه قَبولُه إذا كان عزِيزًا. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ حامِدٍ. وقيل: لا يَلْزَمُه قَبُولُه مُطْلقًا. ولا يَلْزَمُه قَبولُ ثَمَنِ الماءِ هِبَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [وعنه، يَلْزَمُه. ولا يَلْزَمُه اقْتِراضُ ثَمَنِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب](1). وقيل: يلْزَمُه. الثَّانيةُ، حُكْمُ الحَبْلِ والدَّلْو حُكْمُ الماءِ فيما تقدَّم مِنَ الأحْكامِ، ويلْزَمُه قَبُولُهما عارِيَّةً.

قولُه: فإنْ كان بَعْضُ بَدَنِه جَرِيحًا، تَيَمَّمَ له وغسَل الباقِيَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَكْفِية التَّيَمُّمُ للجُرْحِ إنْ لم يُمْكِنْ مَسْحُ الجُرْحِ بالماءِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: يَمْسَحُ الجُرْحَ بالتُّرابِ أيضًا. قاله

(1) زيادة من:.

ص: 186

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاضي في «مُقْنِعِه» . قال ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان: وقيلَ: يَمْسَحُ الجُرْحَ. وفيه نظرٌ. وقال ابنُ حامدٍ: ولو سافرَ لمَعْصِيَةٍ فأصابَه جُرْحٌ، وخافَ التَّلَفَ بغَسْلِه لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ. وأمَّا إذا أمْكَنَه مَسْحُهْ بالماءِ، فظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه يَكْفِيه التَّيَمُّمُ وحدَه، وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ كثيرةٍ، وهو إحْدَى الرِّواياتِ. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الشَّرْحِ» ، وقال: هو اخْتِيارُ الخِرَقي. وعنه، يُجْزِئُه المَسْح فقط. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: لو كان به جُرْح ويَخافُ من غَسْلِه، فمَسْحُه بالماءِ أوْلَى مِن مَسْحِ الجَبيرَةِ، وهو خَيرٌ

ص: 187

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنَ التَّيَمُّمِ. ونقَله المَيمُونِيُّ، واخْتارَه هو وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «التَّلْخيص» ، و «الفائقِ». وقيل: يَتَيَمَّمُ. قدَّمه ابنُ تَميم. وأطْلقَهما في «الحاوي الكبيرِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . وعنه، يَتَيَمَّمُ أيضًا مع المَسْحِ. قدَّمه ابنُ تَميم. وأطلقَه في «الحاوي الكبيرِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «الفُروعِ» . وأطْلَق الأولَى والأخِيرَةَ في «التَّلْخيص» . ومحَلُّ الخِلافِ عندَه إذا كان الجُرْحُ طاهِرًا، أمَّا إنْ كان نَجِسًا فلا يَمْسَحُ عليه،

ص: 188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلًا واحدًا. وقال في «الفُروعِ» : وظاهرُ نقْلِ ابنِ هانِئ؛ مَسْحُ البَشَرَةِ لعُذْرٍ كجَرِيحٍ، واخْتارَه شيخُنا، وهو أوْلَى.

فوائد؛ منها، لو كان على الجُرْحِ عِصابَةٌ، أو لَصُوقٌ، أو جَبيرةٌ كجبيرةِ الكَسْرِ، أجْزأَ المَسْحُ عليها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، ويتَيَمَّمُ معه. وتقدَّم ذلك في حُكْم الجَبِيرَةِ، في آخرِ بابِ المسْحِ على الخُفَّينِ مُسْتَوْفًى، فَلْيُعاوَدْ. ومنها، لو كان الجُرحُ في بعض أعْضاءِ الوضوءِ لَزِمَه مُراعاةُ التَّرْتيبِ والمُوالاةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الحاوي الكبيرِ» ، و «ابنِ عُبَيدان»: يَلْزَمُه مُراعاةُ الترتيبِ والمُوالاةِ عندَ أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: أمَّا الجَرِيجُ المُتَوَضِّيء؛ فعندَ عامةِ الأصحابِ يَلْزَمُه أنْ لا يَنْتَقِلَ إلى ما بعدَه، حتى يتَيَمَّمَ للجُرْحِ، نظرًا للتَّرتيب، وأنْ يَغْسِلَ الصَّحيحَ مع التيمُّمِ لكُلِّ صلاةٍ، إنِ اعْتُبِرَتِ المُوالاةُ. وقال في «التَّلْخيص»: هذا المشْهورُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : ويُرَتِّبُه غيرُ الجُنُبِ

ص: 189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونحوُه، ويُوالِيه على المذهب فيهما. وقدَّمه ابنُ رَزِين. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزمَ به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه إنْ جُرِحَ في أعْضاءِ الوضوءِ. وقيل: لا يجِبُ تَرْتِيبٌ ولا مُوالاةٌ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوي الكبيرِ». قال ابنُ رزِين في «شرحِه»: وهو الأصَحُّ. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجِبَ هذا التَّرتِيبُ. وعلَّلَه ومال إليه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَنْبَغِي أنْ لا يُرَتِّبَ. وقال أيضًا: لا يَلْزَمُه مُراعاةُ الترتيبِ، وهو الصَّحيحُ مِن مذهبِ أحمدَ وغيرِه. وكان الفَصْلُ بين أنَّها في أعْضاءِ الوضوءِ تَيَمُّمٌ أوْجَهَ. وأطْلَقَهما في

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . فعلَى المذهبِ، يَجْعَلُ محَلَّ

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التَّيَمُّم في مكانِ العُضو الذي يَتَيَمَّمُ بدَلًا عنه، فلو كان الجُرْحُ في وَجْهِه، لَزِمَه التَّيَمُّمُ، ثم يَغْسِل صحيحَ وَجْهِه، ثم يُكْمِل الوضوءَ، وإنْ كان الجُرْحُ في عُضْوٍ آخَرَ، لَزِمَه غَسْلُ ما قبلَه، ثم كان الحُكْمُ فيه على ما ذكَرْنا في الوَجْهِ، وإنْ كان في

ص: 192

وَإنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي إِنْ كَانَ جُنُبًا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.

ــ

وَجْهِهِ ويدَيه ورِجْلَيه، احْتاجَ في كلِّ عُضْوٍ إلى تَيَمُّمٍ في محَلِّ غَسْلِه؛ ليَحْصُلَ التَّرَتيبُ. وعلى المذهبِ أيضًا، يَلْزَمُه أنْ يغْسِلَ الصَّحيحَ مع التَّيَمُّمِ لكلِّ صلاةٍ، ويَبطُلُ تَيمُّمُه مع وُضوئِه إذا خرَج الوقْتُ، إنِ اعْتُبِرَتِ المُوالاةُ. صرَّح به الأصحابُ. وأمَّا إنْ كان الجُنُبُ جَرِيحًا فهو مُخَيَّرٌ؛ إنْ شَاءَ تيَمَّمَ للجُرْحِ قبلَ غَسْلِ الصَّجيحِ، وإنْ شاءَ غسَل الصَّحيحَ وتَيَمَّمَ بعدَه.

قولُه: وإن وجَد مَاءً يَكْفِي بعْضَ بَدَنِه، لَزِمَهُ اسْتِعْمالُه، وتَيَمَّمَ لِلبَاقِي، إن كان جُنُبًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكْثرُهم. قال القاضي في «رِوايتَيه»: لا خِلافَ فيه في المذهبِ. قال في «التَّلْخيص» : يَلْزَمُه في الجَنابَةِ، رِوايةً واحدةً. وعنه، لا يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه، ويُجْزِئُه التَّيمُّمُ. حَكاها ابنُ الزَّاغُونِيِّ، فمَنْ بعدَه.

تنبيه: في قوْلِه: لَزِمَه اسْتِعْمالُه وتَيَمَّمَ للباقِي. إشْعارٌ أنَّ تيَمُّمَه يكونُ بعدَ اسْتِعْمالِ الماءِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: فإنْ تَيَمَّمَ قبلَ اسْتِعْمالِ الماءِ في الجَنابَةِ جازَ. وقال هو وغيرُه: يَسْتَعْمِلُه في أعْضاءِ الوضوءِ، ويَنْوى به رَفْعَ الحَدَثَين.

قوله: وإنْ كان مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُه اسْتِعْمَالُه؟ عَلَى وَجْهَين. وأطلَقَهُما في «الهِدَايَةِ» ، و «الْمُذْهَبِ» ، و «الكافي» ، و «التَّلْخيص» ،

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «البُلْغَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاويَين» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة» ، و «ابنِ عُبَيدَان» ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، وغيرهم. وحكَى الجمهورُ الخِلافَ وَجْهَين، كالمُصَنِّفِ. وفي «النَّوادِرِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، رِوايتَين؛ إحْداهما، يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنتَخَبِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «المُغْني» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «المُسْتَوعِبِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ رَزِين» ،

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَة الكُبْرَى» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَين. واخْتارَه القاضي وغيرُه. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه. اخْتارَه أبو بَكرٍ، وابنُ أبي موسى. وقدَّمه في «الرِّعايَة الصُغْرى» .

تنبيه: قال بعضُهم: أصْلُ الوَجْهَين اخْتِلافُ الرِّوايتَين في المُوالاةِ. نقَله ابنُ تَميم وغيرُه وقال المَجْدُ: يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه، وإنْ قُلْنا: تجبُ المُوالاةُ. فهو كالجُنُبِ. وصَحَّحه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» ، ورَدُّوا الأوَّلَ بأُصول كثيرةٍ. وقيل: هذا يَنْبَنِي على جَوازِ تَفْريقِ النِّيَّةِ على أعْضاءِ الوضوءِ. واخْتارَه في «الرِّعايَة الكُبْرى» . فهذه ثلاثُ طُرُقٍ. وقال في القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ، على القوْلِ بأنَّ مَن مسَح على الخُفِّ ثم خلَعه، يُجْزِئُه غَسْلُ

ص: 195

ومَن عَدِم الماءَ لَزِمَه طَلَبُه في رَحْلِه،

ــ

قدَميه: لو وجَد الماءَ في هذه المسْألةِ بعْدَ تَيَمُّمِه، لم يَلْزَمْه إلَّا غَسْلُ باقِي الأَعْضاءِ.

فوائد؛ إحْداها، إذا قُلْنا: لا يلْزَمُه اسْتِعْمالُه. فلا يلْزَمُه إراقَتُه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايى بها. وسواء كان في الحَدَثِ الأكْبرِ أو الأصْغرِ. وحكَى ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الواضِحِ» ، في إراقَتِه قبلَ تيَمُّمِه رِوايتَين. الثَّانيةُ، لو كان على بدَنِه نَجاسةٌ وهو مُحْدِثٌ، والماءُ يكْفِي أحَدَهما، غسَل النَّجاسَةَ وتَيَمَّمَ للمحدَثِ. نصَّ عليه، قاله الأصحابُ. قال المَجْدُ: إلَّا أنْ تكونَ النَّجاسةُ في محَلٍّ يَصِحُّ تَطْهيرُه مِنَ الحَدَثِ، فيَسْتَعْمِلُه فيه عنهما. ولا يَصِحُّ تَيَمُّمُه إلَّا بعدَ غَسْلِ النَّجاسةِ بالماءِ، تحْقيقًا لشُروطِه، ولو كانتِ النَّجاسةُ في ثَوْبِه، فكذلك، في أصَحِّ الرِّوايتَين. ويأْتي ذلك في آخِرِ البابِ. الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايتَين»: لو وجَد تُرابًا لا يَكْفِيه للتَّيَمُّمِ، فقلتُ: يَسْتَعْمِلُه مَن لَزمَه اسْتِعْمالُ الماءِ القليلِ ثم يُصَلِّي، ثم يُعيدُ الصَّلاةَ إنْ وجَد ما يَكْفِيه مِن ماءٍ أو تُرابٍ، وإنْ تَيَمَّمَ في وَجْهِه، ثم وجَد ماءً طَهُورًا يكْفِي بعضَ بدَنِه بطَل تَيَمُّمُه. قلتُ: إنْ وجَب اسْتِعْمالُه بطَل، وإلَّا فلا. انتهى.

قولُه: ومَن عَدِمَ المَاءَ، لَزِمَه طَلَبُه. هذا المذهبُ بشُروطهِ، وعلية جماهيرُ

ص: 196

وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ دُلَّ عَلَيهِ قَرِيبًا لَزِمَهُ قَصْدُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ الطَّلَبُ.

ــ

الأصحابِ، وقطعَ به كثير منهم. وعنه، لا يلْزَمُه الطَّلَبُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ عبدُ العزيزِ، وأبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. قاله ابنُ رَجَب في «شَرْحِ البُخارِي» .

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في لُزومِ الطَّلَبِ إذا احْتمَل وُجودُ الماءِ وعَدَمُه، أمَّا إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الماء، فلا يَلْزَمُ الطَّلَبُ، روايةً واحدةً. قاله غيرُ واحدٍ؛ منهم ابنُ تَميمٍ. وإنْ ظَنَّ وجودَه؛ إمَّا في رَحْلِه، أو رأَى خُضْرَةً ونحوَها، وجَب الطَّلَبُ، روايةً واحدةً. قاله ابنُ تَميم. قال الزَّرْكَشِيُّ: إجْماعًا. وإنْ ظَنَّ عَدَمَ وجودِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يلْزَمُه الطَّلَبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يلْزَمُه الطَّلَبُ والحالةُ هذه. ذكرَها في «التَّبْصِرَةِ» . فعلى المذهبِ، وهو لُزومُ الطَّلَبِ حيثُ قُلْنا به، لو رأى ما يشُكُّ معه في الماءِ بطَل تَيَمُّمُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَبْطُّلُ كما لو كان في صلاةٍ. قال في «الفُروعَ» : جزَم به الأصحابُ، خِلافًا لظاهرِ كلامِ بعضِهم.

فائدتان؛ إحداهما، يلْزَمُه طَلَبُه مِن رَفيقِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يلْزَمُه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقيل: يلْزَمُه إنْ دُلّ عليه. اخْتارَه المُصَنِّفُ. الثَّانيةُ، وَقْتُ الطَّلبِ بعدَ دُخولِ الوقْتِ، فلا أثَرَ لطَلَبِه قبلَ ذلك،

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَلْزَمُه الطَّلبُ لوقْتِ كلِّ صلاةٍ بشَرْطِه.

فائدة: قوْلُه: لَزِمَه طَلَبُه في رحْلِه، وما قَرُبَ منه. صِفَةُ الطَّلَبِ، أنْ يُفَتِّشَ في رَحْلِه ما يمْكِنُ أنْ يكونَ فيه، ويسأُلَ رُفْقَتَه عن مَوارِدِ ماءٍ، أو عن ماءٍ معهم ليَبيعُوه له، أو يَبْذُلوه، كما تقدَّم. ومِن صِفَتِه؛ أنْ يَسْعَى عن يَمِينِه وشِمالِه، وأمامَه ووراءَه، إلى ما قَرُبَ منه، ممَّا عادةُ القَوافلِ السَّعْيُ إليه لطَلَب الماءِ والمَرْعَى، وإنْ رأى خُضْرَةً أو شيئًا يدُلُّ على الماءِ، قَصَدَه فاسْتَبْرَأه، وإنْ رَأى نَشْزًا أو حائِطًا، قَصَدَه واسْتَبانَ ما عندَه، فإنْ لم يَجِدْ فهو عادِمٌ له، وإنْ كان سائرًا طَلَبَه أمامَه. قال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ ظَنَّه فوقَ جَبَل بقُرْبِه عَلَاه، وإنْ ظَنَّه وراءَه. فوَجْهان، مع أمْنِه المذْكُورِ فيهما.

قوله: فإنْ دُلَّ عَلَيهِ قَرِيبًا، لَزِمَهُ قَصْدُه. يعْني إذا دَلَّه ثِقَةٌ. وهذا صَحيحٌ، لكنْ

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لو خافَ فواتَ الوقْتِ، لم يَلْزَمْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وكلامُ المُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بذلك. وعنه، يلْزَمُه.

[فائدة: القَرِيبُ ما عُدَّ قريبًا عُرْفًا، على الصَّحيحِ. جزَم به في «الفُروعِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ رَزِين». وقيل: مِيلٌ. وقيل: فَرْسَخٌ. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: ما تَتَرَدَّدُ القوافِلُ إليه في المَرْعَى ونحوه. قال المَجْدُ، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمعِ البَحْرَين»: وهو أظْهَرُ. وفسَّرُوه بالعُرْفِ. وقيل: ما يَلْحَقُه الفَوْتُ. ذكَر الأخِيرَين في «التَّلْخيص» ، وذكَر الأرْبعَةَ ابنُ تَميمٍ. وقيل: مَدُّ بصَرِه. ذكَره في «الرِّعايةِ» .

تنبيه: مفْهومُ قولِه: قريبًا. أنَّه لا يَلْزَمُه قصْدُه إذا كان بعيدًا، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلقًا. وعنه، يلْزَمُه] (1) إنْ لم يَخَفْ فَواتَ الوقتِ. قال في «التَّلْخيص»: ومِن أصحابِنا مَنْ أطْلَق مِن غيرِ اشْتِراطِ القُرْبِ. قال: وكلامُه محْمولٌ عندِي على القُرْبِ. وقيل: وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ.

فوائد؛ إحْداها، لو خرَج مِن بلَدِه إلى أرْضٍ مِن أعْمالِه لحاجَةٍ؛ كالحِراثَةِ، والاحْتِطابِ، والاحْتِشاشِ، والصَّيدِ، ونحو ذلك حمَل الماءَ، على الصَّحيحِ مِنَ

(1) زيادة من:.

ص: 199

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يَحْمِلُه. فعلَى المنْصوصِ، يَتَيَمَّمُ إنْ فاتَتْ حاجَتُه برُجوعِه، على الصَّحيحِ. وقيل: لا يجوزُ له التَّيَمُّمُ. وعلى القوْلِ بالتَّيَمُّمِ لا يُعيدُ، على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعيدُ؛ لأنَّه كالمُقيمِ.

[ومَحَلُّ هذا](1) إذا أمْكَنَه حمْلُه، أمَّا إذا لم يُمْكِنْه حمْلُه، ولا الرجوعُ للوضوءِ إلَّا بتَفْويتِ حاجَتِه، فلَه التَّيَمُّمُ ولا إعادةَ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلى. ولو كانتْ حاجَتُه في أرْضٍ قرْيَةْ أُخْرَى، فلا إعادةَ عليه، ولو كانتْ قريبةً. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وغيرُه. الثَّانيةُ، لو مَرَّ بماءٍ قبلَ الوقْتِ، أو كان معه فأراقَه ثم دَخل الوقْتُ وعَدِمَ الماءَ، صَلّى بالتَّيَمُّمِ ولا إعادةَ عليه، وإنْ مَرَّ به في الوقتِ وأمْكنَه الوضوءُ، قال المَجْدُ وغيرُه: ويَعلَمُ أنَّه لا يجدُ غيرَه، أو كان معه فأراقَه في الوقْتِ، أو باعَه في الوقْتِ، أو وَهَبَه فيه، حَرُمَ عليه ذلك بلا نِزاعٍ، ولم يَصِحَّ البَيعُ والهِبَةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به القاضي، وابنُ الجَوْزِيِّ، وأبو المَعالِي، والمَجْدُ، وغيرُهم. واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال

(1) في الأصل: «فوائد أحدها هذه» .

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الفُروعِ» : أشْهَرُها لا يصِحُّ. قال ابنُ تَميمٍ: لم يصِحَّ في أظْهَرِ الوَجْهَين؛ وذلك لتَعَلُّقِ حَقِّ اللهِ به، فهو عاجِزٌ عن تسْليمِه شَرْعًا. [قلتُ: فيُعايَي بها] (1). وقيلَ: يصِحُّ البَيعُ والهِبَةُ. وهو احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما في «الفائقِ» فيهما. وأطْلَقَهما في الهِبَةِ، في «التَّلْخيص» . ويأْتِي إذا آثرَ أبَوَيه بالماءِ آخِرَ البابِ. الثّالثةُ، لو تَيَممَ وصلَّى بعدَ إعْدامِ الماء، في مسْأَلَةِ الإِراقةِ والمُرورِ والبَيع والهِبَةِ، أو وُهِبَ له ماءٌ فلم يقْبَلْه، وتَيَمَّمَ وصلَّى بعدَ ما تَلِفَ، ففي الإعادةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «ابنِ رَزِين» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . [وأطْلقَهما في الإراقةِ والهِبَةِ، في «التَّلْخيص» و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ». وأطْلقَهما في الإراقةِ، والمُرورِ، في «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»](2). جزَم في «الإفاداتِ» ، بالإعادةِ في الإراقَةِ، والهِبَةِ. وصَحَّحَه في «المُسْتَوْعِبِ» . وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرى» ، في المُرورِ به والإراقةِ، وفي «الرِّعايةَ الصُّغْرى» في المرورِ به. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ تَيَمَّمَ مع بَقاءِ الماء لم يصِحَّ، وإنْ كان بعدَ تَصَرُّفِه، فهو كالإِراقَةِ. ونصَّ في «مَجْمع البَحرَين» على عَدَم الإعادةِ في الكُلِّ. وقيل: يُعيدُ إنْ أرَاقَه، ولا يعيدُ إنْ مَرَّ به. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ.

(1) زيادة من: ش.

(2)

زيادة من:.

ص: 201

وَإِنْ نَسِي الْمَاءَ بِموْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَيَمَّمَ لَمْ يُجْزِئْهُ.

ــ

قوله: وإنْ نَسِيَ المَاءَ بمَوْضِعٍ يُمْكِنُه اسْتِعْمَالُه وتَيَمَّمَ، لَمْ يُجْزِهِ. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه في روايةِ عبدِ اللهِ، والأثْرَمِ، ومُهَنَّا، وصالِح، وابنِ القاسِمِ (1)، كما لو نَسِىَ الرَّقَبَةَ فكَفَّرَ بالصِّيامِ. وعنه، يُجْزِئُ. ذكرَها القاضي في «شَرْحِه» ، و «المُجَرَّدِ» ، في صلاةِ الخَوْفِ، والآمِدِيّ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وعنه، التَّوَقُّفُ. حَكَاه ابنُ تَميمٍ.

فائدة: الجاهِلُ به كالنَّاسِي.

تنبيه: محَلُّ كلامِ المُصَنِّفِ فيما إذا ظهَر الماءُ بمَوْضعٍ يَظْهَرُ به تَفْرِيطُه

(1) أحمد بن القاسم، صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، حدث عن أبي عبيد، وعن أبي عبد الله أحمد بن حنبل أشياء كثيرة من مسائله، وكان من أهل العلم والفضل. تاريخ بغداد 4/ 349، طبقات الحنابلة 1/ 55، 56.

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتقْصيره في طَلَبِه؛ بأنْ يَجِدَه في رَحْلِه وهو في يَدِه، أو ببِئْرٍ بقُرْبِه أعْلامُها ظاهِرَةٌ، فأمَّا إنْ ضَلَّ عن رَحْلِه وفيه، الماءُ وقد طلَبَه، أو كانتِ البِئْرُ أعْلامُها خَفِيَّةٌ ولم يكُنْ يعْرِفُها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يُجْزِئُه التَّيَمُّمُ ولا إعادةَ عليه؛ لعدَمِ تَفْريطِه، وعليه الجمهورُ. وقيل: يُعيدُ. واخْتارَه القاضي في البِئْرِ، في موْضِعٍ مِن كلامِه. وأطْلقَهما ابنُ تَميم، [فيما إذا ضَلَّ عن رَحْلِه](1). وأمَّا إذا ادْرِجَ الماءُ في رَحْلِه ولم يَعْلَمْ به، أو ضَلَّ مَوْضِعَ البِئْرِ التي كان يعْرِفُها، فقيل: لا يُعيدُ. اخْتارَه أبو المَعالِي، في «النِّهايَة» ، في المسْألَةِ الأولَى، فقال: الصَّحيحُ الذي نقْطَعُ به أنَّه لا إعادةَ عليه؛ لأنّه لا يُعَدُّ في هذه الحالةِ مُفرِّطًا. وصَحَّحَه في «الرِّعاية الكُبْرَى» . في الثَّانيةِ، وكذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: يُعيدُ. واخْتارَه وصَحَّحَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الحاوي الكبيرِ» ، في الأُولَى. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ فيها. وقدَّم ابنُ رَزِين في الثَّانيةِ أنَّه كالنَّاسِي. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وأطْلقَهما في الثَّانيةِ، في

(1) زيادة:.

ص: 203

وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لجَمِيعِ الْأَحدَاثِ، وَلِلنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ تَضُرُّهُ إِزَالتُهَا.

ــ

«مَجْمَع البَحْرَين» . وأطْلقَهما في الأولَى في «الرِّعايةِ» . وأمَّا إذا كان الماءُ مع عَبْدِه ولم يَعْلَمْ به السَّيِّدُ، ونَسِيَ العَبْدُ أنْ يُعْلِمَه حتى صَلَّى بالتَّيَمُّمِ، فقيل: لا يُعيدُ؛ لأنَّ التَّفْريطَ مِن غيرِه. وقيل: هو كَنِسْيانِه. قال في «الفائِق» : يُعيدُ إذا جَهِلَ الماءَ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ رَزِين» .

قولُه: ويَجُوزُ التَّيَمُّمُ لجَمِيع الأحْدَاثِ، وللنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ تَضُرُّه إزَالتُها. يجوزُ التَّيَمُّمُ لجميع الأحْداثِ بلا نِزاع، ويجوزُ التَّيَمُّمُ للنَّجاسَةِ على جُرْحٍ تَضُرُّه إزَالتُها، ولعدَمِ الماءِ، علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما، والله أعلمُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ لها. قال في «الفائقِ»: وفيه وَجْهٌ؛ لا يجِبُ التَّيَمُّمُ لنَجاسَةِ البدَنِ مُطْلقًا، ونصَره شيخُنا، وهو المُخْتارُ. انتهى. وقال ابنُ أبي موسى: لا يُشْرَعُ التَّيَمُّمُ لنَجَاسَةِ البَدَنِ لعدَمِ الماءِ. قال ابنُ تَميمٍ: قال بعضُهم: لا يَتَيَمَّمُ لنَجاسَةٍ أصْلًا، بل يُصَلِّي على حسَبِ حالِه.

ص: 204

وَإنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَصَلَّى، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيهِ، إلا عِنْدَ أَبي الْخَطَّابِ.

ــ

قوله: وإنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لعَدَمِ المَاءِ وصَلَّى، فلا إِعَادَةَ عليه [إِلَّا عِنْدَ أبِي الخطَّابِ](1). يعْني إذا كانتْ على بَدَنِه. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ أنَّه لا يَلْزَمُ

(1) زيادة من:.

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَن تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ على بَدَنِه إعادةٌ لعدَمِ الماءِ، سواءٌ كانتْ على جُرْحٍ أو غيرِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال الشَّارِحُ: قاله أصحابُنا. وكذا قال في «الهِدايَة» ، وغيرِها. قال ابنُ عُبَيدان: وهو الصَّحيحُ والمَنْصوصُ عن أحمدَ. قال في «مَجْمعِ البَحْرَين» : هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. قال في «النَّظْمِ» : هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. قال في «تَجْريدِ العِنايَة» : لا يُعيدُ على الأظْهَرِ. قال ابنُ تَميمٍ: لا إعادةَ، نصَّ عليه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وجزَمَ به في «الوَجيزِ» ، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايَة» ، فيما إذا كان على جُرحِه نَجَاسَةٌ تَضُرُّه إزالتُها. وعندَ أبي الخَطَّابِ عليه الإِعادَةُ؛ يعْني إذا تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ لعدَمِ الماءِ. وهو روايةٌ عن أحمدَ. وذكَر في «الكافِي» قوْلَ أبي الخَطَّابِ، ثم قال: وقيل في الإِعادَةِ رِوايتَان. وعنه، يُعيدُ في المسْألتَين. وعنه، يعيدُ في الحَضَرِ. وأطلَق الإِعادةَ مُطْلقًا، وعدَمَها مُطْلقًا، في «الفائقِ» .

تنبيه: قال في «المُحَرَّرِ» : وإذا لم يَجِدْ مَن بِبَدَنِه نَجاسةٌ ماءً تيَمَّمَ لها، فإِنْ عَدِمَ التُّرابَ صلَّى، وفي الإعادَةِ روايتَان، فإنْ قُلْنا: يُعيدُ. فهل يُعِيدُ إذا تَيَمَّمَ لها؟ على وَجْهَين. [انَتَهى. والصَّحِيحُ عَدَمُ الإعَادَةِ. قال المَجْدُ: نصَّ عليه. وشَهَّرَه النَّاظِمُ. وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، وباتِّخاذِ عدَمِ الماءِ والتُّرابِ](1). قال ابنُ تَميمٍ: الخِلافُ في الإعادةِ هنا فَرْعٌ على القَوْلَ بوُجوبِ الإعادةِ إذا صلَّى بنَجاسَةٍ لا يَقْدِرُ على إزَالتِها مِن غيرِ تَيَمُّمٍ، ذكَرَه بعضُ أصحابِنا. وقال بعضُهم: لا يتَيَمَّمُ لنَجَاسَةٍ أصْلًا، بل يُصَلِّي على حسَبِ حالِه، وفي الإِعادَةِ رِوايَتان. وقال ابْنُ عُبَيدان، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ في الإِعادةِ إذا تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ

(1) زيادة من: ش.

ص: 208

وَإنْ تَيَمَّمَ في الْحَضَرِ خَوْفًا مِنَ الْبَرْدِ وَصَلَّى، فَفِي وُجُوبِ الإعَادَةِ رِوَايَتَانِ.

ــ

لعدمِ الماءِ وصلَّى: هذان الوَجْهان فَرْعٌ على رواية إيجابِ الإِعادَةِ على مَن صلَّى بالنَّجاسَةِ عاجِزًا عن إزَالتِها، وعنِ التَّيَمُّم لها، فأمَّا إذا قُلْنا: لا إِعادةَ هناك. فلا إعادةَ معَ التَّيَمُّم، وَجْهًا واحِدًا. انتهى.

تنبيه: مفْهومُ قولِه: ويجوزُ التَّيَمُّمُ لجميع الأحْداثِ، والنَّجاسَةِ على جُرْحٍ. أنَّه لا يجوز التَّيَمُّم للنّجاسَةِ على ثوْبِه، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابن عَقِيلٍ: متى قُلْنا: يُجْزئُ دَلْكُ أسْفَلِ الخُفِّ والحِذِاءِ مِنَ النَّجاسَةِ بالأرْضِ. فقد دخَل الجامِدُ في غيرِ البَدَنِ. قال في «الرِّعايَةِ» : وقيل: يجوزُ ذلك. وهو بعيدٌ. قال ابنُ عُبَيدان: أرادَ بذلك قوْلَ ابنِ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ» : وحكَى قوْلَه. انتهى. وأمَّا المَكانُ فلا يَتَيَمَّمُ له قوْلًا واحِدًا. ويأْتِي إذا كان مُحْدِثًا وعليه نجاسةٌ، هل يُجْزِئُ تَيَمُّمٌ واحِدٌ أم لا؟ وهل تجِبُ النِّيَةُ للتَّيَمُّمِ للنَّجاسَةِ أم لا؟

قوله: يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لما يَتَيَمَّمُ له مِن حَدَثٍ أو غيرِه.

فائدة: يلْزَمُه قبلَ التَّيَمُّمِ أنْ يُخَفِّفَ مِنَ النَّجاسَةِ ما أمْكَنَه، بمَسْحِه، أو حَتِّه بالتُّرابِ، أو غيرِه. قاله الأصحابُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: يَمْسَحُها بالتُّرابِ حتى لا يَبْقَى لها أثرَ.

قوله: وإن تَيَمَّمَ في الحَضَرِ خَوْفًا مِنَ البَرْدِ وصلَّى، ففي وُجُوبِ الإعادةِ روايتان. يعْني إذا قُلْنا بجَوازِ التَّيمُّمِ على ما تقدّم. وأطْلَقهما في

ص: 209

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الكافي» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرِهم؛ إحْدَاهما، لا إعادةَ عليه. وهو المذهبُ. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «المُغْنِي» ، و «ابنِ رَزِين». قال في «النَّظْمِ»: هذا أشْهَرُ القَوْلَين. قال في «إدْرَاكِ الغايَة» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لم يُعِدْ على الأظْهَرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» . واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. والثانيةُ، عليه الإِعادةُ، كالقُدْرَةِ على تَسْخينِه. قال في «الحاويَين»: أعادَ في أصَحِّ الرِّوايتَين.

تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لو تَيَمَّمَ خَوْفًا مِنَ البَرْدِ في السَّفَرِ أنَّه لا إِعادَةَ عليه، وهو صَحِيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهِدايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وغيرِه. وعنه، عليه الإعادةُ. وأطْلَقَه ابنُ تَميمٍ.

تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُعيدُ هنا. فهلِ الأولَى فرْضُه، أو الثَّانيةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَة الكُبْرى» ؛ أحَدُهما، الأولَى فرْضُه. والثَّاني، الثَّانيةُ فرْضُه. قلتُ: هذا الأوْلَى؛ وإلَّا لَمَا كان في الإعادَةِ فائدة. [ثُمَّ وَجَدْتُه جزَم به في «الفصولِ». ونقَله عنِ القاضي](1). ويأتي قريبًا إذا عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ، وقُلْنا: يُعيدُ. هلِ الأولَى، أو الثَّانيةُ فرْضُه؟.

(1) زيادة من: ش.

ص: 210

وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرابَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ،

ــ

قوله: ولَوْ عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ، صلَّى على حَسَبِ حالِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وجوبُ الصَّلاةِ عليه والحالةُ هذه، فيَفْعلُها وُجوبًا في هذه الحالةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وعنه، تَحْرُمُ الصَّلاةُ حِينئذٍ فَيَقْضِيها. فعلى المذهبِ، لا يزيدُ على ما يُجْزئُ في الصَّلاةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يتَوَجَّهُ لو فعَل ماشِيًا، لأنه لا تُجْزِئُه مع العَجْزِ، ولأنَّ له أنْ يزيدَ على ما يُجْزِئُ في ظاهرِ قوْلهم. قال في «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ»: له فِعْلُ ذلك على أصَحِّ القَوْلَين. قال في «الفُروعِ» : كذا قال. ثم قال: وقد جزم جَدُّه وجماعة بخِلافِه. [قلتُ: قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: يَقْرأُ الجُنُبُ فيها ما يُجْزِئُ فقط](1). وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» أيضًا: ولا يَتَنَفَّلُ. ثم قال: قلتُ: ولا يزيدُ على ما يُجْزِئُ في طُمأْنِينَةِ رُكوعٍ وسُجودٍ، وقيام وقعودٍ، وتَسْبيحٍ وتَشَهُّدٍ، ونحو ذلك. وقيل: ولا يقْرأُ جُنُبٌ في غيرِ صلاةِ فَرْضٍ شيئًا مع عدَمِهِما. انتهى. قال ابنُ تَميمٍ: ولا يَقْرأُ في غيرِ صلاةٍ إنْ كان جُنُبًا.

(1) زيادة من:.

ص: 211

وَفِي الإعَادَةِ رِوَايَتَانِ.

ــ

قوله: وفي الإعادَة رِوايتان. وأطْلَقهما في «الجامِع الصَّغيرِ» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُعيدُ. وهو المذهبُ. صَحَّحها في «التَّصْحيحِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ،

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الفائقِ». قال النَّاظِمُ: هذا المشْهورُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ونصَره ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها. وقه منها في «الفُروعِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُعيدُ. قال في «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الأكْثرُ. قال في «الرِّعايَة الكُبْرَى» : أعادَ على الأقْيَسِ. وقال في «الرِّعايَة الصُّغْرى» : وأعادَ في روايةٍ. وجزَم به في «الإفاداتِ» . فعلى القولِ بالإعادةِ، لو وجَد تُرابًا، تَيَمَّمَ وأعادَ على الصَّحيحِ. نصَّ عليه. زادَ بَعْضُ الأصحابِ: يسْقُطُ به الفَرْضُ. وقيل: لا يُعيدُ بوُجْدانِ التُّرابِ. فعلى المَنْصوصِ، إنْ قدَر فيها عليه، خرَج، وإنْ لم يَقْدِرْ، فهو كمُتَيَمِّم يجِدُ الماءَ، على ما يأْتِي.

فوائد؛ منها، على القوْلِ بالإعادةِ، الثَّانيةُ فرْضُه على الصَّحيحِ. جزَم به ابنُ

ص: 213

وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِاليَدِ،

ــ

تَميم، وابنُ حَمْدانَ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: وقيل: الأولَى فَرْضُه. وقيل: [هما فَرْضُه](1). واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» . وقيل: إحْدَاهما فَرْضُه لا بعَينها. ومنها، لو أحْدَثَ مَن لم يَجِدْ ماءً ولا تُرابًا، بنَوْمٍ أو غيرِه في الصَّلاةِ، بَطَلَتْ صلاُته. الْتَزَمَ به في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: ذكَره بعضُ أصحابِنا. واقْتَصَر عليه. وقال في «الرِّعايَة» : وقيل: إنْ وجَد المُصَلِّي الماءَ أو التُّرابَ، وقُلْنا: تُعادُ مع دَوامِ العَجْزِ. خرَج منها، وإلَّا أتمَّها إنْ شاءَ. وقال أيضًا: وهل تَبْطُل صلاُته بخُروجِ الوَقْتِ وهو فيها؟ فيه رِوايَتَان. قلتُ: الأوْلَى عدَمُ البُطْلانِ بخُروجِ الوقتِ وهو فيها. وقال في «الفائقِ» : ومَن صلى على حسَبِ حالِه، اخْتَصَّ مُبْطِلُها بحالةِ الصَّلاةِ. قال في «الفُروعِ»: وتَبْطُل الصلاةُ على المَيِّتِ إذا لم يُغَسَّلْ، ولا يتَيَمَّمُ بغُسْلِه مُطْلقًا، وتُعادُ الصَّلاةُ عليه به، والأصَحُّ: وبالتَّيمُّمِ. ويجوزُ نَبْشُه لأحَدِهما مع أمْن تَفَسُّخِه. ومنها، لو كان به قُروحٌ لا يَسْتطعُ معها مَسَّ البَشَرَةِ بوضوءٍ ولا تَيَمُّمٍ، فإنَّهما يَسْقُطانِ عنه ويُصَلِّي على حسَبِ حالِه. وفي الإعادةِ رِوايَتَان؛ لأنَّه عُذْرٌ نادِرٌ غيرُ مُتَّصِل. ذكَرَة المَجْدُ في «شَرْحِه» . وهذه المسْألةُ في الإعادةِ، كمَنْ عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ. ذكَره في «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهم. فالحُكْمُ هنا كالحكْمِ هناك.

قوله: ولا يجوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بتُرابٍ طاهرٍ لهُ غُبارٌ يَعْلَقُ باليَدِ هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يجوز بالسَّبخًةِ أيضًا. وعنه،

(1) زيادة من:.

ص: 214

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالرَّمْلِ أيضًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيَّدَ القاضي وغيرُه جوازَ التَّيَمُّم بالرَّمْلِ والسَّبَخًةِ، بأنْ يكونَ لهما غُبارٌ، وإلَّا فلا يجوزُ، رِوايةً واحدةً. وقال صاحِبُ «النِّهايَة»: يجوزُ التَّيَمُّمُ بالرَّمْلِ مُطْلقًا. نقَلَها عنه أكثرُ الأصحابِ. ذكَره ابنُ

ص: 215

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عُبَيدان. وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ بهما عندَ العدَمِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ أيضًا بالنُّورَةِ والجَصِّ. نقَلها ابنُ عَقِيلٍ. وقيل: يجوزُ بما تَصاعَدَ على الأرْضِ لا بعدم، على الأصَحِّ. قال ابنُ أبي موسى: يَتَيَمَّمُ عندَ عدمِ التُّرابِ بكلِّ طاهرٍ تَصاعَد على وَجْهِ الأرْضِ؛ مِثْلَ الرَّمْلِ، والسَّبخةِ، والنُّورَةِ، والكُحْلِ، وما في مَعْنى ذلك، ويُصَلِّي، وهل يُعيدُ؟ على رِوايتَين. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ جوازَ التَّيَمُّم بغيرِ التُّرابِ مِن أجْزاءِ الأرْضِ إذا لم يَجِدْ تُرابًا، وهو رواية عن أحمدَ.

تنبيه: مُرادُه بقولِه: بتُرابٍ طاهرٍ. التُّرابُ الطَّهورُ، ومُرادُه غيرُ التُّرابِ المُحْتَرِقِ، فإنْ كان مُحْتَرِقًا لم يَصِحَّ التَّيَمُّمُ به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يجوزُ.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: شمِل قولُه: بتُرابٍ. لو ضرَب على يَدٍ، أو على ثَوْبٍ، أو بِساطٍ، أو حَصيرٍ، أو حائطٍ، أو صَخْرَةٍ، أو حَيوانٍ، أو بَرْذَعَةِ حِمَارٍ، أو شجَرٍ، أو خشَبٍ، أو عِدْلٍ، أو شَعَرٍ، ونحوه ممَّا عليه غُبار طَهُور يَعْلَقُ بيَدِه. وهو صحيح. قاله الأصحابُ.

فوائد؛ منها، أعْجَبَ الإمامَ أحمدَ حَمْلُ التُّرابِ لأجْلِ التَّيَمِّمِ، وعندَ الشيخِ

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَقِيِّ الدِّينِ وغيرِهْ لا يَحْمِلُه، قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ إذْ لم يُنْقَلْ عنِ الصَّحابَةِ ولا غيرِهم مِنَ السَّلَفِ فِعْلُ ذلك مع كثرةِ أسْفارِهم. ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بالطِّينِ. قال القاضي: بلا خِلافٍ. انتهى. لكنْ إنْ أمْكنَه تَجْفيفُه والتَّيَمُّمُ به قبلَ خُروجِ الوقْتِ، لَزِمَه ذلك، ولا يَلْزَمُه إنْ خرَج الوقْتُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يلْزَمُه وإنْ خرَج الوقْتُ. وهو احْتِمال في «المُغْنِي» . ومنها، لو وجَد ثَلْجًا ولم يُمْكِنْ تَذْويبُه، لَزِمَه مَسْحُ أعْضائِه به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يلْزَمُه. قال القاضي: مَسْحُ الأعْضاءِ بالثَّلْجِ مُسْتَحَب غيرُ واجب. وقدَّمه في «الرعايةِ

ص: 218

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكُبْرَى». وإنْ كان يَجْرِي إذا مَسَّ يدَه وجَب، ولا إعادةَ. ونقَل المَرُّوذِيُّ: لا يَتَيَمَّمُ بالثَّلْجِ. فعلى المذهبِ، في الإِعادَةِ رِوايتَان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ؛ إحْدَاهما، يلْزَمُه. قدَّمه ابنُ عُبَيدان في «الرعاية الكُبْرَى» ، وابنُ تَميم. والثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه. ومنها، لو نحَت الحِجارَةَ كالكَذَّانِ (1)، والمَرْمَرِ ونحوهما حتى صارَ تُرابًا، لم يَجُزِ التَّيَمُّم به، وإنْ دَقَّ الطِّينَ الصُّلْبَ كالأرْمَنِيِّ جازَ التَّيَمُّم به؛ لأنَّه

(1) في: «كالمكدن» . والكذان: الحجارة الرخوة.

ص: 219

فإِنْ خَالطَهُ ذُو غُبَارٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّم بِهِ، كَالْجَصِّ وَنَحْوهِ، فَهُوَ كَالْمَاءِ إذَا خَالطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ.

ــ

تُراب. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرَى» : ويصِحُّ في الأشْهَرِ بتُرابِ طِين يابس خُراسَانِي، أو أرْمَنِي، ونحوهما. وقيل: مأكول قبلَ طَبْخِه. وقيل: وبعدَه. وفيه بُعْد. انتهى.

قوله: فإن خالطَه ذُو غُبارٍ لا يجوزُ التَّيَمُّمُ به، كالجَصِّ ونحوه، فهو كالماءِ إِذا خالطه الطَّاهِراتُ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ؛ منهمُ القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. وجزَم به في «النِّهايَة» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايَة الصُّغْرى» ، و «الحاوي الصَّغيرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَة الكُبْرَى» ، و «مَجْمع البَحْرَين». وقيل: لا يجوزُ التَّيَمُّمُ به إذا خالطَه غيرُه مُطْلقًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمَجْدُ في «شرْحِه» . قال ابنُ تَميم، وابنُ

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حَمْدانَ: وهو أقْيَسُ. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين» . وأطْلقَهما «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «المُذْهَبِ». وقيل: يجوزُ، ولو خالطَه غيرُه مُطْلقًا. ذكَره في «الرِّعاية» .

فائدة: لا يجوزُ التَّيَمُّمُ مِن تُرابِ مَقْبَرَةٍ تَكَرَّر نَبْشُها، فإنْ لم يتَكَرَّرْ، جازَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم.

ص: 221

فَصْلٌ: وَفَرَائِضُ التَّيَمُّمِ أرْبَعَةٌ؛ مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ، وَيَدَيهِ إِلَى كُوعَيهِ، والترتِيبُ، وَالمُوَالاةُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ.

ــ

وقيل: لا يصِحُّ. وقيل: يجوزُ ولو خالطَه غيرُه مُطْلقًا.

تنبيه: قولُه: فهو كالماءِ. اعلمْ أنَّ التُّرابَ كالماءِ في مَسائِلَ؛ منها ما تقدَّم. ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بتُرابٍ مَغْصوبٍ. قاله الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو بتُرابِ مَسْجِدٍ، ثم قال: ولعَلِّه غيرُ مُرادٍ. [وقال في بابِ صِفَةِ الحَجِّ والعُمْرَةِ، في فَصْلِ؛ ثم يَدْفَعُ بعدَ الغُروبِ إلى مُزْدَلِفَةَ: وفي «الفُصولِ»: إنْ رَمَى بحَصَى المسعَى، كُرِهَ وأجْزأ؛ لأنَّ الشرعَ نَهَى عن إخْراجِ تُرابِه، فدَلَّ أنه لو لم يصِحَّ أجْزَأ، وأنه يَلْزَمُ مِن مَنْعِه المَنْعُ](1). ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بتُرابٍ قد تُيُمِّمَ به؛ لأنَّه صارَ مُسْتَعْمَلا كالماءِ. وهذا الصَّحيحُ في المذهبِ. وقيل: يجوزُ التَّيَمُّم به مرَّةً ثانيةً، كما لو لم يَتَيَمَّمْ منه، على أصَح الوَجْهَين فيه.

فائدة: لا يُكْرَه التَّيَمُّم بتُرابِ زَمْزَمَ مع أنه مَسْجِدٌ. قاله في «الفُروعِ» ، و «الرعاية» .

تنبيهان؛ أحدهما، ظاهرُ قولِه: وفَرائِضُه أرْبَعَة؛ مَسْحُ جميع وَجْهِهِ. أنه يجِبُ مَسْحُ ما تحتَ الشَّعَرِ الخفيفِ، وهو أحَدُ الوَجْهَين. قال في «المُذْهَبِ»:

(1) زيادة من:.

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

محَلُّ التَّيَمُّمِ جميعُ ما يجِبُ غَسْلُه مِنَ الوَجْهِ، ما خلَا الأنف والفم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجبُ مَسْحُ ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. قطع به في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «ابنِ رَزِين» . وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وهو الصَّوابُ. وأطْلقَهُما في «الفُروع» ، و «ابنِ تَميم». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ويَمْسَحُ ما أمْكَن مسْحُه مِن ظاهرِ وَجْهِه ولِحْيَيه. قيل: وما نزَل عن ذَقَنِه. والثَّاني، مُرادُه بقوْلِه: مَسْحُ جميع وَجْهِه. سِوَى المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ قَطْعًا، بل يُكْرَهُ.

قوله: والترتيبُ والمُوَالاةُ على إحدى الروايَتَينْ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن حُكْمَ الترتيبِ والمُوالاةِ هنا حُكْمُهما في الوضوءِ، على ما تقدَّم، وعليه جمهورُ

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وقيل: هما هنا سُنَّة، وإنْ قُلْنا: هما في الوضوءِ فَرْضان. وقيل: الترتِيبُ هنا سُنَّةٌ فقط. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي، لأنَّه ذكَر الترتيبَ في الوُضوءِ، ولمْ يَذْكُره هنا. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: قِيَاسُ المذهبِ عندِي أنَّ الترتيبَ لا يجِبُ في التَّيَمُّمِ وإنْ وجَب في الوضوءِ؛ لأنَّ بُطونَ الأصابع لا يجبُ مَسحها بعدَ الوَجْهِ في التَّيَمُّمِ بالضربَةِ الواحِدَةِ، بل يَعْتَدُّ بمَسْحِها معه. واخْتارَه في «الفائقِ». قال ابنُ تَميم: وهو أوْلَى. قال في «الحاوي الكبيرِ» : إنْ تَيَمَّمَ بضَرْبَتَين وجَب التَّرْتِيبُ، وإنْ تَيَمَّمَ بضَرْبَةٍ لم يَجِبْ. قال ابنُ عَقِيل: رأيتُ

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التَّيَمُّمَ بضَرْبَةٍ واحدةٍ قد أسْقَط تَرْتِيبًا مُسْتَحَقًّا في الوضوءِ؛ وهو أنَّه يَعْتَدُّ بمَسْحِ باطِنِ يَدَيه قبلَ مَسْحِ وَجْهِه.

فائدة: قَدْرُ المُوالاةِ هنا، بقَدْرِها زَمنًا في الوضوءِ عُرْفًا. قاله في «الرِّعاية» .

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في الترتيبِ والمُوالاةِ في غيرِ الحَدَثِ الأكْبَرِ، فأمَّا

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَدَثُ الأكْبَرُ فلا يَجِبَانِ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: يَجِبانِ فيه أيضًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ عليه. وقدَّمه في «الرِّعايَة» . واخْتارَه أبو الحُسينِ. وأبطْلَه المَجدُ في «شَرْحِه» . وقيل: تَجِبُ المُوالاةُ فيه فقط. قال ابنُ تَميم: هذا القوْلُ أوْلَى.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّ التَّسْمِيَةَ ليستْ مِن فرائض التَّيَمُّمِ، وهو ماش على ما اخْتارَه في أنها لا تجبُ في الوضوءِ، وكذلك عندَه في التَّيَمُّمِ. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، أَن حُكْمَ التَّسْمِيَةِ هنا حُكْمُها على الوضوءِ، على ما تقدم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، أنها سُنَّةٌ، وإنْ قُلْنا بوُجوبِها في الوضوءِ والغُسْلِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه في «إدْرَاكِ الغايَة» ، مع تقديمِه في الوضوءِ أنَّها فَرْض.

فوائد؛ الأولَى، لو يمَّمَه غيرُه فحُكْمُه حُكْمُ ما لو وَضَّأه غيرُه، على ما تقدَّم في آخِرِ باب الوضوءِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ الآجُرِّيُّ وغيرُه، لا يصِحُّ هنا؛ لعدَمِ قَصْدِه. الثَّانيةُ، لو نَوَى وصمَد وَجْهَه للريحِ، فعَمَّ التُّرابُ جميعَ وَجْهِه، لم يصِحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «الكافِي». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي. وقيل: يصِحُّ. اخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، والمَجْدُ، و «الحاوي الكبيرِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» . وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى» . وأطْلقَهما في «الشرح» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «المُذْهَبِ». وقيل: إنْ مسَح أجْزَأ، وإلَّا فلا. وجزم به في «الفائق» . [وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى». واخْتارَه ابنُ عَقِيل، والشَّارِحُ](1). قلتُ: وهذا الصّحيحُ قِياسًا على مَسْحِ الرأس.

(1) زيادة من: ش.

ص: 226

وَيَجِبُ تَعْيِينُ النيةِ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ مِنْ حَدَثٍ أوْ غَيرِهِ.

ــ

وصَحَّحَ في «المُغْنِي» عدَمَ الإِجْزاءِ إذا لم يَمْسَحْ، ومع المَسْحِ حكَى احْتِمالين. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ عُبَيدان» . الثَّالثةُ، لو سَفَتِ الرِّيحُ غُبارًا، فمَسَح وَجْهَه بما عليه لم يصِحَّ، وإنْ فصَلَه ثم رَدَّه إليه، أو مسَح بغيرِ ما عليه، صَحَّ. وذكَر الأزَجِي، إن نَقَله مِنَ اليَدِ إلى الوَجْهِ، أو عَكْسه بنِيَّةٍ، [ففيه تَرَدُّدٌ](1). ويأتِي إذا تَيَمَّمَ بيَدٍ واحدةٍ، أو بعض يَدٍ، أو بخِرْقَةٍ ونحوه، بعدَ قولِه: والسنةُ في التَّيَمُّمِ أنْ يَنْوى.

قوله: ويَجِبُ تَعْيينُ النية لها يتَيَمَّمُ له؛ مِن حَدَثٍ أو غيرِه. فشَمِلَ التَّيَمُّمَ للنَّجاسَةِ، فتَجِبُ النيةُ لها، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. صَحَّحه المَجْدُ، وفي

(1) زيادة من:.

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«مَجْمَع البَحْرَين» . وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، وفي «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، في موْضِع. وهذا احْتِمالُ القاضي. وقيل: لا تَجِبُ النيةُ لها كبَدَلِه وهو الغُسْلُ، بخِلافِ تَيَمُّمِ الحَدَثِ. وهو احْتِمال لابنِ عَقِيل [في «الفُروعِ»: والمَنْعُ اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيل، والظَّاهِرُ، أنه أرادَ مَنْعَ الصِّحَّةِ] (1). وأطْلَقَهما في «الفُروجِ» ، و «الرِّعاية» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الفائقِ» ، وفي «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، في مَوْضِع. فعلى الأوَّلِ يكْفِيه تَيَمُّمٌ واحد، وإنْ تعَدَّدَتْ مَواضِعُها إنْ لم يكُنْ مُحْدِثًا، وإنْ كان مُحْدِثًا وعليه نَجاسَةٌ، فيأتِي بعدَ هذا.

(1) زيادة من: ش.

ص: 228

فَإنْ نَوَى جَمِيعَهَا جازَ، وَإنْ نَوَى أحدَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الآخَرِ.

ــ

قوله: فإِنْ نَوَى جَمِيعَها جَازَ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ كان عليه حدَثٌ ونَجاسَة هل يكْتَفِي بتَيَمُّم واحدٍ؟ يَنْبَنِي على تَداخُلِ الطهارَتَين في الغُسْلِ، فإنْ قُلْنا: لا يتَداخَلانِ. فهنا أوْلَى؛ لكَوْنِهما مِن جنْسَين، وإنْ قُلْنا: يتَداخَلانِ هناك. فالأشْبَهُ عندِي لا يتَداخَلانِ هنا. كالكفَّاراتِ والجُدودِ إذا كانَتَا مِن جِنْسَين. وأطْلقَهما ابنُ تَميم.

قوله: وإن نَوَى أحَدَها، لم يُجْزِئْه عَنِ الآخَرِ. اعلمْ أنه إذا كانتْ عليه أحْداث؛ فتارةً تكونُ مُتَنَوِّعَةً عن أسْبابِ أحَدِ الحَدَثَين، وتارةً لا تَتَنَوَّعُ، فإنْ

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنوَّعَتْ أسْبابُ أحَدِهما، ونوَى بعْضَها بالتَّيَمُّمِ، فإنْ قُلْنا في الوضوء: لا يُجْزِئُه عما لم يُنْوه. فهنا بطريقٍ أوْلَى. وإنْ قُلْنا: يُجْزِيء هناك. أجْزأ هنا، على الصَّحيحِ. صَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» . وقدَّمه في «الفائقِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى» ، في الحدَثِ الأكْبَرِ. وقيل: لا يُجْزِيء هنا. فلا يحْصُلُ له إلَّا ما نَواه، ولو قُلْنا: يَرْتَفِعُ جميعُها في الوضوءِ؛ لأنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ، والوضوءُ رافِع. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجَزم به في الحدَثِ الأكْبَرِ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» . وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميم» ،

ص: 230

وَإِن نَوَى نَفْلًا، أوْ أطْلَقَ النِّيَّةَ لِلصَّلَاةِ لَمْ يُصَل إلا نَفْلًا.

ــ

و «ابنِ عُبَيدان» . وقيل: إنْ كانَا جَنابَةً وحَيضًا، أو نِفاسًا لم يُجْزِه. وصَحَّحَه بعضُهم. فائدتان؛ إِحْداهما، لو تَيَمَّمَ للجَنابَةِ دُونَ الحدَثِ، أبِيحَ له ما يُباحُ للمُحْدِثِ، مِن قِراءةِ القُرْآنِ، واللبثِ في المسْجِدِ، ولم تُبَحْ له الصَّلاةُ، والطوافُ، ومَسُّ المُصْحَفِ، وإنْ أحْدَثَ، لم يُؤثِّرْ ذلك في تَيَمُّمِه. وإنْ تَيَمَّمَ للجَنابَةِ والحدَثِ ثم أحْدَثَ، بَطَلَ تَيَمُّمُه للحَدَثِ، وبَقِيَ تَيَمُّمُ الجَنابَةِ بحالِه. ولو تيَمَّمَتْ بعدَ طُهْرِها مِن حَيضِها لحدَثِ الحَيض ثم أجْنَبَتْ، لم يَحْرُمْ وَطْؤها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وصَحَّحَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ قُلْنا: كلُّ صلاةٍ تَحْتاجُ إلى تَيَمُّم. احْتاجَ كلُّ وَطْءٍ إلى تَيَمُّمٍ يَخُصُّه. الثَّانيةُ، صِفَةُ التَّيَمُّمِ أنْ يَنْويَ اسْتِباحَةَ ما يَتَيَمَّمُ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يصِحُّ بنيَّةِ رَفْعِ الحدَثِ. فعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ معه تَعْيِينُ ما يَتَيَمَّمُ له قبلَ الحدَث، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ ظَنَّ فائتةً فلم تكُنْ، أو بان غيرُها لم يصِحَّ. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ ابن الجَوْزِيِّ، إنْ نَوَي التَّيَمُّمَ فقط صلَّى نَفْلًا. وقال أبو المَعالي: إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أو فرْضَ الطهارَةِ فوَجْهان.

قوله: وإنْ نَوَى نَفْلًا، أو أطْلَق النِّيَّةَ للصَّلاةِ، لَمْ يُصَلِّ إلا نَفْلًا. وهذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ نَوَى اسْتِباحَةَ الصَّلاةِ وأطْلَق، جازَ له فِعْلُ الفَرْضِ والنَّفْلِ. وخَرَّجَه المَجْدُ، وغيرُه. وعنه، مَن نَوَى شيئًا له فِعْلُ أعْلَى منه.

ص: 231

وَإنْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ فِعْلُهُ، وَالْجَمْعُ بَينَ الصَّلَاتَينِ، وَقَضَاءُ الْفَوَائِتِ، وَالتَّنفُّلُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ.

ــ

قوله: وإنْ نَوَى فَرْضًا، فله فِعْله، والجَمْعُ بينَ الصَّلاتَين، وقَضَاءُ الفوائتِ. به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يَجْمَعُ في وَقْتِ الأولَى. قال ابنُ تَميمٍ: له الجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانيةِ، وفي الجَمْع في وَقتِ الأولَى وَجْهان؛ أصَحُّهما الجوازُ. وعنه، لا يَجْمَعُ به بينَ فَرْضَين، ولا يُصَلِّي به فائتتين. نصَّ عليه في رِوايَة ابن القاسِمِ، وبَكْرِ بنِ محمدٍ. ذكَره ابنُ عُبَيدان. واخْتارَه الآجُريّ. قال في «الرعاية» وغيرِها: وعنه، يجِبُ التَّيَمُّمُ لكلِّ صلاةِ فَرْضٍ. فعليها، له فِعْلُ غيرِه ممَّا شاءَ حتى يَخْرُجَ الوَقتُ. وفي «الفُروع»: لو خرَج الوقتُ، وفيه نظر، مِنَ النَّوافِلِ، والطَّوافِ، ومَس المُصْحفِ، والقراءَةِ، واللُّبْثِ في المَسْجِدِ إنْ كان جُنُبًا، والوَطْءِ إن كانتْ حائِضًا، على الصَّحيحِ. صَحَّحَه المَجْدُ، وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ،

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مَجْمَع البَحْرَين» عليها. وذكَر في «الانْتِصارِ» وَجْهًا؛ أنَّ كلَّ نافِلَةٍ تَفْتَقِرُ إلى تَيَمُّمٍ، وقال: هو ظاهرُ نَقْلِ ابنِ القاسمِ، وبَكْرِ بنِ محمدٍ. ذكَره في «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيل: لا يُباحُ الوَطْءُ بتَيَمُّمِ الصلاةِ على هذه الروايَة، إلا أنْ يَطَأ قبلَها، ثم لا تُصَلِّيَ به، وتَتَيَمَّمَ لكلِّ وَطْءٍ. وتقدَّم بعضُ ذلك عنه قرِيبًا. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: فعليها، لو تَيَمَّمَ لصلاةِ الجِنازَةِ، فهل يُصَلي به أخْرَى؟ على وَجْهَين؛ قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ غيرِ واحدٍ؛ إنْ تَعَيَّنتا، لم يُصَلِّ، وإلَّا صلَّى. انتهى. وعليها أيضًا، لو كان عليه صلاة مِن يوْم لا يَعْلَمُ عَينَها، لَزِمَه خَمْسُ صلَواتٍ، يَتَيَممُ لكلِّ صلاةٍ. جزَم به ابنُ تَيمم، وابنُ عُبَيدان. وقيل: يُجْزِئُه تَيَمُّمٌ واحد. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» . قال في «الرعايَة» ، بعدَ أنْ حكَى الروايةَ: قلتُ: فعلَيها، مَنْ نَسِيَ صلاةَ فَرْض مِن يوْم، كفَاه لصَلاةِ الخَمْسِ تَيَمُّمٌ واحد، وإنْ نَسِيَ صلاةً مِن صلاتَين، وجَهِلَ عَينَها، أعادَهُما بتَيَمُّم واحدٍ، وإنْ كانَتَا مُتَّفِقَتَين مِن يوْمَين، وجَهِلَ جِنْسَهما، صلَّى الخَمْسَ مَرَّتَين بتَيَمُّمَين، وكذلك إنْ كانَتا مُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ وجَهِلَهُما.

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: يَكْفِي صلاةُ يوْم بتَيَمُّمَين. وإنْ كانَتا مُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ، فلِكُلِّ صلاة تَيَمُّمٌ. وقيل في المُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ أو يَومَين: يُصَلِّي الفَجْرَ، والظُّهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ بتَيَمُّم، والظهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشاءَ بتَيَمُّم آخَرَ. انتهى. وعلى الوَجْهِ الذي ذكَره في «الانْتِصارِ» ، لو نَسِيَ صلاةً مِن يوْم، صلَّى الخَمْسَ بتَيَمُّم لكُلِّ صلاةٍ. قاله في «الرِّعاية» . وأمَّا جوازُ فِعْلِ التَّنَفُّلِ إذا نَوَى بتَيَمُّمِه الفَرْضَ، فهو المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: لا يجوزُ له التَّنَفُّلُ به إلَّا إذا عَيَّنَ الفَرْضَ الذي يَتَيَمَّمُ له. وعنه، لا يَتَنَفَّلُ قبلَ الفريضَةِ بغيرِ الرَّاتِبَةِ. وتقدَّم الوَجْهُ الذي ذكرَه في «الانْتِصارِ» ، أنَّ كلَّ نافِلَةٍ تَحْتاجُ إلى تَيَمُّم.

ص: 234

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهِرُ قولِه: والتَّنَفُّلُ إلى آخِرِ الوَقْتِ. أنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بخُروجِ الوَقْتِ، وهو صحيح، وهو المذهبُ. وقيل: لا يبْطُلُ إلَّا بدُخولِ الوقْتِ. ويأتِي الكلامُ على ذلك بأتَمَّ مِن هذا عندَ قوْلِه: ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخُروج الوَقْتِ.

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله تعالى، بقوْلِه: وإنْ نَوَى فرْضًا فلهُ فِعْلُه، والجَمْعُ بينَ الصَّلاتين، وقَضاءُ الفَوائِتِ والنَّوافِلِ. أنَّ مَن نَوَى شَيئًا، استَباحَ فِعْلَه، واسْتَباحَ ما هو مِثْلُه أو دُونَه، ولم يَسْتَبِحْ ما هو أعْلَى منه، وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، فهذا هو الضَّابِطُ في ذلك. وقيل: مَن نَوَى الصَّلاةَ، لم يُبَحْ له فِعْلُ غيرِها؛ قال في «الرعاية»: وقيل: مَن نَوَى الصَّلاةَ لم يبح له غيرُها، والقِراءةُ فيها، وأنَّ مَن نوَى شيئًا لم يُبَحْ له غيرُه. قال: وفيها بُعْدٌ. وعنه، يُباحُ له أيضًا فِعْلُ ما هو أعْلَى ممَّا نَوَاه. وقيل: إنْ أطْلَق النيةَ، صلَّى فَرْضًا. وتقدم هو والذي قبلَه قرِيبًا. فعلى المذهبِ، النَّذْرُ دُونَ ما وجَب

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالشرعِ، على الصَّحيحِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ظاهِرُ كلامِهِم؛ لا فَرْقَ بينَ ما وجَب بالشرعِ وما وجَب بالنَّذْرِ. انتهى. وفَرْضُ الكِفَالةِ دُونَ فَرْضِ العَينِ، وفَرْضُ جِنازَةٍ أعْلَى مِنَ النَّافِلَةِ، على الصَّحيحِ. وقيل: يُصَلِّيها بتَيَمُّمِ نافِلَةٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَحَرَّجُ أنْ لا يُصَلِّيَ نافِلَةً بتَيَمُّمِ جِنازَةٍ. ويُباحُ الطَّوافُ بتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ، على المشْهورِ في المذهبِ، كمَسِّ المُصْحَفِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولو كان الطَّوافُ فَرْضًا. وقال أبو المَعالِي: ولا تُباحُ نافِلَة بتَيَمُّمِه لمَسِّ المُصْحَفِ، وطَوافٍ، ونحوهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. وإنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ للِقراءَةِ، أو لِمسِّ مُصْحَفٍ، فلَه اللبْثُ في المَسْجِدِ. وقال القاضي: له فِعْلُ جميع النَّوافِلِ؛ لأنَّها في درَجَةٍ واحدةٍ. وعلى

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأوَّلَ، يَتَيَمَّمُ لمَسِّ المُصْحَفِ، فلَه القراءَةُ لا العَكْسُ، ولا يَسْتَبِيحُ مَسَّ المُصْحَفِ والقراءَةَ بتَيَمُّمِه للُّبْثِ. وقيل: في القِراءَةِ وَجْهان. ويُباحُ اللُّبْثُ، ومَسُّ المُصْحَفِ، والقِراءَةُ بتَيَمُّمِه للطوافِ لا العَكْسُ، على الصَّحيحِ. وقيل: بلى في العكْس. وإنْ تَيَمَّمَ لمَسِّ المُصْحَفِ، ففي جوازِ فِعْلِ نَفْلِ الطَّوافِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الرعايَة» ، و «ابنِ عُبَيدان». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الجوازِ؛ لأن جِنْس الطَّوافِ أعْلَى مِن مَسِّ المُصْحَفِ. كذا نقَله ابنُ عُبَيدان. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان: إنْ تَيَمَّمَ جُنُب لقراءةٍ، أو لُبْثٍ، أو مَسِّ مُصْحَفٍ لم يَسْتَبِحْ غيرَه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال ابنُ تَميم، وفيه نظر. قال ابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَة»: وفيه بُعْدٌ.

[تنبيه: هذا كله مَبْنِيٌّ على أنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيح، أمَّا على القَوْلِ بأنَّه رافِعٌ فتُباحُ الفريضَةُ بنيَّةِ مُطْلَقِ النَّافِلَةِ. وقال ابنُ حامدٍ: تُباحُ الفريضَةُ بنيته مُطْلقًا، لا بنِيَّةِ النافِلَةِ، كما تقدَّم](1).

فائدة: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: لو تيَمَّمَ صَبِيٌّ لصلاةِ فَرْض ثم بلَغ، لم يَجُزْ له أنْ يُصَلِّيَ بتَيَمُّمِه فَرْضًا، لأنَّ ما نَواه

(1) زيادة من: ا.

ص: 237

وَيَبْطُلُ التَّيَمُّم بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَوُجُودِ الْمَاءِ، وَمُبْطِلَاتِ الْوُضُوءِ.

ــ

كان نَفْلًا. وجزَم به ابن عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقال في «الرِّعايَة»: لو تَيمَّم صَبِيٌّ لصلاةِ الوقْتِ ثم بلَغ فيه، وهو فيها أو بعدَها، فلَه التَّنَفُّلُ به، وفي الفَرْض وَجْهان. [والوَجْهُ بالجوازِ ذكَره أبو الخَطابِ](1).

قوله: ويَبْطُلُ التَّيَمُّم بخُرُوجِ الوَقْتِ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يَبْطُل إلَّا بدُخولِ الوقْتِ. اخْتارَه المَجْدُ. قاله في «الفائقِ» . وهو ظاهرُ كلامِ

(1) زيادة من: ش.

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِرَقِيِّ. وحمَله المُصَنِّفُ على الأولِ. وقال ابنُ تَميم: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، فقال: وهل يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ للفَجْرِ بطُلُوعِ الشَّمْس أو بزَوالِها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما ابنُ تَميم، وقيل: لا يبْطُل التَّيَمُّمُ عنِ الحدَثِ الأكْبَرِ والنَّجاسَةِ بخُروجِ الوقْتِ؛ لتَجَدُّدِ الحدَثِ الأصْغَرِ بتَجَدُّدِ الوقْتِ في طَهارَةِ الماءِ، عندَ بعض العُلَماءِ.

تنبيهات؛ منها، أنّ التَّيَمُّمَ على القَوْلَين يَبْطُل به مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، فلا يُباحُ له فِعْلُ شيء مِنَ العِباداتِ المُشْتَرَطِ لها التَّيَمُّمُ. وقيل: يَبْطُلُ تَيَمُّمُه بالنِّسْبَةِ إلى الصَّلاةِ التي دخَل وقْتُها، فيُباحُ له قَضَاءُ التي تَيَمَّمَ في وَقْتِها، إنْ لم يكُنْ صلَّاها، وفِعْلُ الفوائتِ، والتنَّفَلُ، ومس المُصْحَفِ، والطوافُ، وقراءَةُ القُرْآنِ، واللُّبْثُ في المَسْجدِ، ونحو ذلك.

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايةِ» ، [وصاحِبُ «الحاوي»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»](1)، وقال: وعكْسُه لو تَيَمَّمَ للحاضِرَةِ ثم نذَر في الوَقْتِ صلاةً، لم يَجُزْ فِعْلُ المَنْذُورَةِ به عندِي؛ لأنَّه سبَق وجُوبُها. وظاهِرُ قوْلِ الأصحاب الجوازُ، انْتَهى كلامُ المَجْدِ ومَنْ تابعَه. ومنها، دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ أَنَّه إذا تَيَمَّمَ الجُنُبُ لقراءةِ القُرْآنِ، واللُّبْثِ في المَسْجدِ، أو تَيَمَّمَتِ الحائضُ للوَطْءِ، أو اسْتَباحَا ذلك بالتَّيَمُّمِ للصَّلاةِ ثم خرَج الوقْتُ، بطَل تَيَمُّمُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يَبْطلُ كما لا تَبْطلُ بالحدَثِ ورَدَّ ما عللَ به الأصحابُ. واخْتارَ في «الفائقِ» ، في الحائض، اسْتِمْرارَ تَيَمُّمِها إلى الحَيضِ الآتِي. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. ومنها، لو خرَج الوَقْتُ وهو في الصَّلاةِ، أنها تَبْطلُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، تَبْطلُ بخُروجِ الوَقْتِ ولو كان في الصَّلاةِ. وصرَّح به في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الكافِي» . وقدَّمه ابنُ عُبَيدانَ، و «الرِّعايةِ» ، وابنُ تَميم. وقيل: لا تَبْطُل وإنْ كان الوقْتُ شَرْطًا. وقاله ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» . وقيل: حُكمُه حُكمُ مَنْ وجَد الماءَ وهو في الصَّلاةِ. وخَرَّجه في «المُسْتَوْعِبِ» على رِواية وُجودِ الماءِ في الصَّلاةِ. قال ابنُ تَميمٍ: وكذا يُخَرَّجُ في المُسْتَحاضَةِ إذا خرَج الوقْتُ وهي في الصَّلاةِ، أو انْقَضَتْ مُدَّةُ المَسْحِ. قاله في «الرِّعايَة» . وكذا الخِلافُ عنِ المُسْتَحاضَةِ إذا خرَج

(1) زيادة من: ش.

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَقْتُ وهي تُصَلِّي، وانْقِطاعُ دَمِ الاستِحاضَةِ فيها مَنُوطٌ بشَرْطِه، وفَراغُ مُدَّةِ المَسْحِ فيها، وزَوالُ المَلْبُوسِ عن مَحَلِّه عَمْدًا قبلَ السَّلامِ فيها.

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في هذه المسْألَةِ إذا كان في غيرِ صلاةِ الجُمُعَةِ، أمَّا إذا خرَج وقْتُ الجُمُعَةِ وهو فيها، لم يَبْطُلْ. ذكَره الأصحابُ. وجزَمَ به في «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِي» ، وغيرِهما. قلتُ: فيُعايى بها. ومنها، يَبْطُل التَّيَمُّمُ لطَوافٍ، وجِنازَةٍ، ونافِلَةٍ، بخُروجِ الوَقْتِ كالفَرِيضَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، إنْ تَيَمَّمَ لجِنَازَةٍ ثم جِئَ بأخْرَى؛ فإنْ كان بينَهما وَقْتٌ يُمْكِنُه التَّيَمُّمُ فيه، لم يُصَلِّ عليها حتى يَتَيَمَّمَ لها. قال القاضي: هذا للاسْتِحْبابِ. وقال ابنُ عَقِيل: للإِيجابِ؛ لأنَّ التَّيَمُّمَ إذا تَقَدَّرَ للوقْتِ، فوَقْتُ كلِّ صلاةِ جِنازَةٍ قَدْرُ فِعْلِها. وكذا قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لأنَّ الفِعْلَ المُتواصِلَ هنا كتَواصُلِ الوقْتِ للمَكْتوبَةِ. قال: وعلى قِياسِه ما ليس له وَقْتٌ مَحْدودٌ؛ كمَسِّ المُصْحَفِ، والطَّوافِ. قال في «الفُروعِ»: فعلَى هذا، النوافِلُ المُؤقَّتَةُ؛ كالوتْرِ، والسننِ الرَّاتِبَةِ، والكُسوفِ، يَبْطُل التَّيَمُّم لها بخُروجِ وَقْتِ تلك النَّافِلَةِ، والنَّوافِلُ المُطْلَقَةُ يَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبَرَ فيها تَواصُلُ الفِعْلِ كالجِنازَةِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَمْتَدَّ وَقْتُها إلى وَقْتِ النَّهْي عن تلك النّافلةِ. وتقدم كلامُ ابنِ الجَوْزِي في «المُذْهبِ» (1).

تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويَبْطُل التَّيَمُّم بخُروجِ الوَقْتِ. أنَّ التَّيَمُّمَ مُبيحٌ لا رافِعٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصّ عليه، وعليه

(1) انظر ما تقدم في صفحة 233.

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المُخْتارُ للإِمامِ والأصحابِ. وقال أبو الخطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: يَرْفَعُه رَفْعًا مُوقَّتًا، على روايةِ الوَقف. وعنه، أنه رافِعٌ، فيُصَلِّي به إلى حَدَثِه. اخْتاره أبو محمدٍ بنُ الجَوْزِيِّ، والشيخُ تَقِي الدِّينِ، وابنُ رَزِيق، وصاحب «الفائقِ» . فيَرْفَعُ الحَدَثَ إلى القُدْرَةِ على الماءِ، ويتَيَمَّمُ لفَرْض ونَفْلٍ قبلَ وقْتِه، ولنَفْلٍ غيرِ مُعَيَّن لا سبَبَ له وقتَ نَهْي. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، في «الفَتاوَى المِصْرِيةِ»: التَّيَمُّم لوَقْتِ كلِّ صلاةٍ إلى أنْ يدْخُلَ وقتُ صلاةٍ أخْرَى أعْدَلُ الأقْوالِ. وعَلَى المذهبِ، لا يصِحُّ ذلك، كما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وعلى المذهبِ، يَتَيَمَّمُ للفائتةِ إذا أرادَ فِعْلَها. ذكَره أبو المَعالِي، والأزَجِيُّ. وقال في «الفُروعَ»: وظاهرُ كلامَ جماعَةٍ، إذا ذكَرها. قال: وهو أوْلَى. ويَتَيَمَّمُ للكُسوفِ عندَ وُجودِه، وللاسْتِسْقاءِ إذا اجْتَمَعُوا، وللجِنازَةِ إذا غُسِّلَ المَيِّتُ، أو يُمِّمَ لعدَمِ الماءِ. فيُعايىَ بها، فيقال: شَخْصٌ لا يصِحُّ تَيمُّمُه حتى يَتَيَمَّمَ غيرُه. وقال في «الرِّعاية» ووَقْتُ التَّيَمُّمِ لصلاةِ الجِنازَةِ إذا طُهِّرَ المَيتُ. وقيل: بل إنْجازُ غُسْلِه. ووَقْتُه لصلاةِ العيدِ ارْتِفاعُ الشَّمْسِ. وقال الزَّرْكشي: وقتُ المَنْذورَةِ كل وَقْتٍ على المذهبِ، ووَقْتُ جميعِ التَّطوُّعاتِ وَقْتُ جوازِ فِعْلِها. وقال في «الرِّعايةِ»: وعنه، يُصَلِّي به ما لم يُحْدِثْ. وقيل: أو يَجِدِ الماءَ. قلتُ: ظاهرُ هذا مُشكِل؛ فإنَّه يَقْتَضِي أنَّه على النَّص يصَلِّي وإنْ وجَد الماءَ، وهو خِلافُ الإجْماعَ.

فائدة: وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : لو نوَى الجمْعَ في وَقْتِ الثَّانيةِ ثم تَيَمَّمَ لها، أو لِثَانيةٍ في وَقْتِ الأولَى، لم يَبْطُلْ بخُروجِ وَقْتِ الأوَّلَةِ في الأشْهَرِ. وجزَم به ابنُ تَميم، والزَّرْكَشِي، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، وابنُ عُبَيدان. وقيل: يَبْطُل.

ص: 242

قال الشيخ رحمه الله: فَإِنْ تَيَمَّمَ وَعَلَيهِ مَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيهِ، ثُمَّ خَلَعَهُ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ. وَقَال أصْحَابُنَا: يَبْطُلُ.

ــ

قلتُ: ويَحْتَمِلُها كلامُ المُصَنِّفِ.

قوله: ويَبْطُل التَّيَمُّم بِخُرُوجِ الوقتِ، ووُجُودِ الماءِ، ومُبْطِلاتِ الوضوءِ. أمَّا خُروجُ الوقْتِ، فقد تقدَّم الكلامُ عليه، وأمَّا وجودُ الماءِ لفاقِدِه، فيَأتِي حكْمُه قريبًا، وأمَّا مُبْطِلاتُ الوضوءِ، فيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عنِ الحَدَثِ الأصْغَرِ بما يُبْطِلُ الوضوءَ بلا نِزاعٍ، ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عن الحدَثِ الأكْبَرِ بما يُوجِبُ الغُسْلَ، وعنِ الحَيض والنفاسِ بحُدوثِهما، فلو تَيَمَّمَتْ بعدَ طُهْرِها مِنَ الحَيض له ثم أجْنَبَتْ، جازَ وَطْؤها؛ لِبَقاءِ حُكْمِ تَيَمُّمِ الحَيضِ، والوَطْءُ إنَّما يوجِبُ حدَثَ الجَنابَةِ على ما تقدَّم، ويَتَيَمَّمُ الرَّجلُ إذا وَطِئ ثانيًا عن نَجاسَةِ الذَّكَرِ؛ إنْ نَجَّسَتْ رطوبَةُ فَرْجِها.

قوله: فإن تَيَمَّمَ وعليه ما يَجُوزُ المسْحُ عليه ثم خلَعه، يَبْطُلُ تَيَمُّمُه. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفائقِ» ، والشيخِ تَقِي الدِّينِ. قاله في «الفائقِ». وقدَّمه النَّاظِمُ. قال في «الرِّعاية»: قلتُ: إلَّا أنْ يكونَ الحائِلُ في مَحَلِّ التَّيَمُّمِ أو بعضِه فيَبْطُلَ بخَلْعِه. وقال أصحابُنا: يَبْطُل. وهو المذهبُ

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المنْصوص أحمدَ في رواية عبدِ اللهِ، على الخُفَّينِ. وفي رواية حَنْبَل، عليهما وعلى العِمامَةِ. ورَد المَجْدُ وغيرُه الأوَّلَ. وهذا مِنَ المُفْرَداتِ.

ص: 244

وإنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ إِعَادَتُهَا،

ــ

قوله: وإنْ وجَد الماءَ بعدَ الصَّلاةِ، لَمْ تَجِبْ إِعادَتُها. بلا نِزاعٍ، ولم يُسْتَحَبَّ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وهما وَجْهان مُطْلَقانِ في «شَرْحِ الزَّرْكَشِي» .

تنبيه: شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، لو صلَّى على جِنازَةٍ ثم وجَده قريبًا، وهو صَحيحٌ، فلا يَلْزَمُه إعادَتُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، الوَقْفُ. وإنْ تيممَ أعادَ غَسْلَه في أحَدِ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ» .

ص: 245

وَإنْ وَجَدَهُ فِيهَا بَطَلَتْ. وَعَنْهُ، لَا تَبْطُلُ.

ــ

قوله: وإنْ وجَده فيها بطلتْ. هذا المذهبُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا تَبْطُل ويَمْضِي في صَلاته. اخْتارَها (1) الآجُرِّيُّ. وأطْلَقهما في «مَجْمَعِ البَحْرَين» . فعلَى هذه الروايةِ، يجبُ المُضِيُّ، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال الشَّارِحُ:

(1) في: «اختارهما» .

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو أوْلَى، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: لا يجِبُ المُضِيُّ لكن هو أفضَلُ. وقيلِ: الخُروجُ منها أفْضَلُ؛ للخُروجِ مِنَ الخِلافِ، واخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ. قال في «الفائقِ»: وعنه، يَمْضِى. فقيلَ: وُجوبًا. وقيل: جَوازًا. وأطْلَقهما في «المُغْنِي» . وقال في «الرِّعايَةِ» : قلتُ: الأولَى قَلْبُها نَفْلًا.

فائدة: روَى المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ أنَّه رجَع عنِ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، فلذلك أسْقَطها أكثرُ الأصحابِ، وأثْبتَها ابنُ حامِدٍ وجماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ هنا، نظرًا إلى أنَّ الرِّوايتَين عنِ اجْتِهادَين في وَقْتَين، فلم يُنْقَضْ أحَدُهما بالآخَر وإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، بخِلافِ نسْخِ الشَّارِعِ. وهكذا اخْتِلافُ الأصحابِ في كلِّ روايةٍ عُلِمَ رُجوعُه عنها. ذكَر ذلك المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وغيرُه.

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهان؛ أحَدُهما، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لو عَيَّنَ نَفْلًا، أَتَمَّه، وإنْ لم يُعَيِّنْ لَمْ يَزِدْ على أقَلِّ الصَّلاةِ. وعليها، متى فرَغ منَ الصلاةِ بطَل تَيَمُّمُه. قاله ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وتابَعَه مَن بعدَه. واقْتصَر عليه في «الفُروعِ» . هكذا الحُكْمُ عليها لو انْقلَب الماءُ وهو في الصَّلاةِ فيَبْطُلُ تَيَمُّمُه بعدَ فَراغِها. قاله. القاضي، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: إنْ عَلِمَ تَلَفَه فيها بَقِيَ تَيَمُّمُه بعدَ فَراغِها. وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ. وإنْ لم يَعْلَمْ به لكنْ لمّا فرَغ

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شرَع في طَلَبِه، بطَل. وعلى المذهبِ، تَبْطُلُ الصَّلاةُ والتيَّمِّمُ بمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الماءِ، ولو انْقلَب، قوْلًا واحِدًا. وعليها، لو وجَده وهو يُصَلِّي على مَيِّتٍ بتَيَمُّمٍ، بطَلتِ الصَّلاةُ، وبطَل تَيَمُّمُ المَيِّتِ أيضًا، على الصَّحيحِ فيهما، فيُغَسِّلُ المَيِّتَ ويُصَلِّي عليه. وقيل: لا تَبْطُل ولا يُغَسَّلُ. فهذان الفَرْعان مُسْتَثْنَيان مِنَ الرِّوايةِ، على المُقَدَّمِ. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه يَتَطَهَّرُ ويسْتَأْنِفُ الصَّلاةَ، مِن قوْلِه: بطَلتْ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يَتَطهَّرُ ويَبْنِي. وخَرَّجَه القاضي على مَنْ سبَقه الحَدَثُ. ورَدَّه المَجْدُ ومَنْ تابَعه.

فائدتان؛ إحْدَاهما، يلْزَمُ مَن تَيَمَّمَ لِقراءةٍ، أو وَطْءٍ، أو لُبْثٍ ونحوه، التَّرْكُ

ص: 249

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بوُجودِ الماءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما، رِوايةً واحدةً. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ وَجْهًا؛ لا يَلْزَمُ. الثَّانيةُ، الطَّوافُ كالصَّلاةِ إنْ وجَبتِ المُوالاةُ.

ص: 250

وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ، لِمَنْ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ.

ــ

قوله: ويُسْتَحَبُّ تأخيرُ التَّيَمُّمِ إلى آخِرِ الوَقتِ لمَن يَرْجُو وجُودَ الماءِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ بهذا الشَّرْطِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المُخْتارةُ للجُمهورِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُنْتَخبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «الفُروعِ» ،

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الرِّعايتَين» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الحاويَين» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. ونصَره المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وغيرُه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وقيَّدَه بوَقْتِ الاخْتِيارِ، وهو قَيدٌ حَسَنٌ. وعنه، التَّأْخيرُ مُطْلقًا أفْضَلُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» . واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ (1)، والقاضي. وقيل: التَّأْخيرُ أفْضَلُ إنْ عَلِمَ وُجودَه فقط. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وعنه، يجبُ التَّأْخيرُ حتى يَضِيقَ الوقْتُ. ذكَرها أبو الحُسَينِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرةَ بهذه الرِّوايَةِ. وهي مِنَ المُفْرَداتِ.

تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لو عَلِمَ عدَمَ الماءِ آخِرَ الوَقْتِ، أنَّ التَّقْديمَ أفْضَلُ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، التَّأْخيرُ أفْضَلُ. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّه لو ظَنَّ عدمَه أنَّ التَّقْدِيمَ

(1) علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس، الحراني، أبو الحسن، سمع وتفقه وبرع في الفقه والتفسير والوعظ، له تفسير كبير، وله «المذهب في المذهب» ، ولد سنة عشر وخمسمائة، وتوفي سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 241.

ص: 252

وَإنْ تَيَمَّمَ وصَلَّى في أَوَّلِ الْوَقْتِ أَجْزأَةُ.

ــ

أفْضَلُ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، التَّأْخيرُ أفْضَلُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وظاهِرُ كلامِه أيضًا أنَّه لو اسْتَوَى الأمْرانِ عندَه أنَّ التَّقديمَ أفْضَلُ، وهو أحَدُ الوَجْهَين، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قلتُ: وهو أوْلَى. وعنه، التَّأْخِيرُ أفْضَلُ. وهو المذهبُ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وفي «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . الثَّاني، أفادَنا المُصَنِّف، رحمه الله، بطريقٍ أوْلَى، أنَّه إذا عَلِم وُجُودَ الماءِ في آخِرِ الوَقْتِ، أنَّ التَّأْخيرَ أفْضَلُ، وهو صَحيحٌ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا، ولا يجِبُ التَّأْخيرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ. والحالةُ هذه. وقيل: يجبُ. قال في «الرِّعايَةِ» : قلتُ: إلى مَكانِ الماءِ لقُرْبِه منه، إنْ وجَب الطَّلَبُ، وبَقِيَ الوَقْتُ. انتهى.

قولُه: فإِنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى في أَوَّلِ الْوَقتِ أجزَأَة. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وعنه، ليسَ له التَّيَمُّمُ حتى يَضِيقَ الوقْتُ. ذكرَه أبو الحُسَينِ، كا تقدَّم. وقيل: يجبُ التَّأْخيرُ إذا عَلِمَ وُجودَه، كما تقدَّم.

ص: 253

وَالسُّنَّةُ فِي التَّيَمُّمِ أَن يَنْويَ، وَيُسَمِّيَ، وَيَضْرِبَ بِيَدَيهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابعِ عَلَى التُّرَابِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، فَيَمْسَحَ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ، وَكَفَّيهِ بِرَاحَتَيهِ.

ــ

قولُه: والسُّنَّةُ في التَّيمُّمِ، أن ينويَ، وَيُسَمِّيَ، ويضرِبَ بِيَدَيه مُفَرَّجَتَيِ الأصَابعِ على التُّرابِ، ضَرْبَةً واحدةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَسْنونَ والواجِبَ ضَرْبةٌ واحِدَة. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِن مُفْرَداتِ المَذهبِ. وقال القاضي: المسْنونُ ضَرْبَتان. يَفْعَلُ بهما كما قال المُصَنِّفُ عنه. واخْتارَه الشِّيرازِيُّ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، والمَجْدُ. وجزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . قاله في «الفُروعِ» ، وحُكِيَ روايةً. قلتُ: حكَاه ابنُ تَميمٍ، واينُ حَمْدان، وغيرُهما روايةً. وأطْلقَ الوَجْهَين في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ». وقيل: الأوْلَى ضَرْبَةٌ للوَجْهِ، وضَرْبَة لليدَين إلى الكُوعَين. ذكَره

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الرِّعايَةِ» . وقال: ولو مسَح وَجْهَه بيَمينِه، ويَمِينَه بيَسارِه، أو عكَس، وخلَّلَ أصابِعَهُما فيهما، صَحَّ. وقيل: لا. وعلى الأقْوالِ الثَّلاثةِ، يُجْزِئُ ضَرْبَةٌ واحدةٌ بلا نِزاعٍ. وقال المُصَنِّفُ، وغيرُه: وإنْ تَيَمَّمَ بأكْثَرَ مِن ضَرْبتَين، جازَ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُسَنُّ ضَرْبتَين. وقيك: أو أكْثَرَ مِن ضَرْبَةٍ.

تنبيه: قولُه: فَيَمْسَحَ وَجْهَهُ بباطِنِ أصابِعِه، وكَفَّيهِ براحَتَيهِ. يمْسَحُ ظاهِرَ

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَجْهِ بما لا يَشُقُّ، فلا يمْسَحُ باطِنَ الفَمِ والأنْفِ، ولا باطِنَ الشُّعورِ الخَفيفَةِ. وظاهِرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» اسْتِثْناءُ باطِنِ الفَمِ والأنْفِ فقط.

فائدة: لو تَيَمَّمَ بيَدٍ واحدةٍ، أو بعْضِ يَدِه، أجْزأَهُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: هو كالوُضوءِ. يعْنِي في مسْحِ الرأْسِ، وقدَّم هناك الإِجْزاءَ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وقيل: لا يُجْزِئُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» . فإنْ أوْصَل التُّرابَ إلى محَلِّ الفَرْض بخِرْقَةٍ أو خَشَبَةٍ صَحَّ، على الصَّحيحِ. قال في «الفُروعِ»: وهو كالوضوءِ. وصَحَّحَ هناك الصِّحَّةَ. واخْتارَه القاضي قال ابنُ عَقِيلٍ: فيه وَجْهان. بِناءً على مسْحِ الرأْسِ

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بحائلٍ. انتهى. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلقَهما في «الفائقِ» ، و «الرِّعايَةِ» . وإنْ أمَرَّ الوَجْهَ على التُّرابِ، صَحَّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يصِحَّ. وهو ظاهِرُ «الْخِرَقِيِّ» . قال في «الفُروعِ» : وقيل: إنْ تَيَمَّمَ بيَدٍ، أو أمَرَّ الوَجْهَ على التُّرابِ، لم يصِحَّ. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ» ، و «الشَّرحِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الفائقِ» . وتقدَّم إذا يَمَّمَهْ غيرُه، أو صَمَدَ وَجْهَه للرِّيحِ، فعَمَّ التُّرابُ وَجْهَه، وإذا سفَتِ الرِّيحُ غُبارًا، فمَسَحَ وَجْهَه بما عليه بعد (1).

(1) بعده في الأصل، ا:«قوله: والترتيب والموالاة» .

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو قُطِعَتْ يدُه مِنَ الكُوعِ، وَجَبَ مَسْحُ مَوْضعِ القَطْعِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذْهب. نصَّ عليه. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» . وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يجبُ، بل يُسْتَحَبُّ. اخْتارَهَ القاضي، والآمِدِيُّ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في آخِرِ بابِ الوضوءِ. وأمَّا إنِ انْقَطَعَتْ مِن فوْقِ الكُوعِ، لم يجِبْ، قوْلًا واحِدًا، لكنْ يُسْتَحَبُّ. نصَّ عليه.

ص: 258

وَقَال الْقَاضِي: الْمَسْنُونُ ضَرْبَتَانِ، يَمْسَحُ بإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ، وَبِالأُخْرَى يَدَيهِ إِلَى الْمِرْفَقَينِ، فَيَضَعُ بُطُونَ أصَابِعِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ أصَابِعِ الْيُمْنَى، وَيُمِرُّهَا إِلَى مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطنِ الذِّرَاعِ ويُمِرُّهَا عَلَيهِ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 259

ويُمِرُّ إِبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ إِبْهَامِ الْيُمْنَى، وَيَمْسَحُ الْيُسْرَى بالْيُمْنَى كَذَلِكَ، وَيَمْسَحُ إِحْدَى الرَّاحَتَينِ بِالأخْرَى، وَيُخَلِّلُ الأصَابِعَ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 260

وَمَنْ حُبِسَ فِي الْمِصْرِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيهِ.

ــ

قولُه: وَمَن حُبِسَ في المِصْرِ، صَلَّى بالتَّيَمُّمِ، ولا إعادَةَ عليه. إذا عَدِمَ المَحْبوسُ ونحوُه الماءَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يَتَيَمَّمُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُصَلِّي بالتَّيَمُّمِ في الحضَرِ حتى يُسافِرَ، أو يقْدِرَ على الماءِ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وتقدَّم ذلك في أوَّلِ البابِ. فعلى المذهبِ، لا يُعيدُ، على الصَّحيح مِن المذهبِ، وعليه الأصْحابُ. وعنه، يُعيدُه. وهي تَخْريجٌ في «المُحَرَّرِ» ، وغيرِه. وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .

ص: 261

وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا الْجِنَازَةِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ لِلْجِنَازَةِ.

ــ

قولُه: ولا يَجُوزُ لِواجِدِ الماءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِن فَواتِ المكتوبةِ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، فيشْتَغِلُ بالشَّرْطِ. وعنه، تقْديم الوَقْتِ على الشَّرْطِ، فيُصَلِّي مُتَيَمِّمًا. قاله في «الفائقِ» . واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، في مَنِ اسْتَيقَظَ آخِرَ الوَقْتِ وهو جُنُبٌ، وخافَ إنِ اغْتَسَلَ خرَجَ الوَقْتُ، أو نَسِيَها وذكَرَها آخِرَ الوقْتِ، وخافَ أنْ يَغْتَسِلَ أو يتَوضَّأَ ويُصَلِّيَ خارِجَ الوَقْتِ، كالمذهبِ. واخْتارَ أيضًا؛ إنِ اسْتَيقَظَ أوَّلَ الوقْتِ، وخافَ إنِ اشْتَغَلَ

ص: 262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بتَحْصيلِ الماءِ، يفُوتُ الوقْتُ، أنْ يَتَيَمَّمَ ويُصَلِّيَ، ولا يُفَوِّتَ وقْتَ الصَّلاةِ. واخْتارَ أيضًا، في مَن يُمْكِنُه الذَّهابُ إلى الحمَّامِ، لكنْ لا يُمْكِنُه الخُروجُ حتى يفُوتَ الوقْتُ؛ كالغُلام والمرأةِ التي معها أوْلادُها، ولا يُمْكِنُها الخُروجُ حتى تَغْسِلَهم، ونحو ذلك، أَنْ يَتَيَمَّمَ ويُصَلِّيَ خارِجَ الحمَّامِ؛ لأنَّ الصَّلاةَ في الحمَّامِ وخارِجَ الوقْتِ مَنْهِيٌّ عنهما، كمَن انْتقَضَ وُضوءُه وهو في المسْجدِ. واخْتارَ أيضًا جوازَ التَّيَمُّمِ خوْفًا مِن فَوَاتِ الجُمُعَةِ، وأنَّه أوْلَى مِنَ الجِنازَةِ؛ لأنَّها لا تُعادُ. قلتُ: وهو قَويٌّ في النَّظرِ. وخرَّجَه في «الفائقِ» لنَفْسِه مِنَ الرِّوايَةِ التي في العيدِ، وجعَل القاضي وغيرة الجُمُعَةَ أصْلًا للمَنْع، وأنَّهم لا يَخْتلِفون فيها.

فائدة: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، الخائِفُ فَواتَ عدُوِّه؛ فإنَّه يجوزُ له التَّيَمُّمُ لذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ» في صلاةِ الخَوْفِ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه، لا يجوزُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وأكثَرِ الأصْحابِ. قال في «الفُروعِ»

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هنا: وفي فَوْتِ مَطْلُوبِه رِوايَتان. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. ويأْتِي ذلك أيضًا في آخِرِ صلاةِ أهْلِ الأعْذارِ.

قوله: ولا الجِنازَةِ. يعْني أنَّه لا يجوزُ لواجِدِ الماءِ التَّيَمُّمُ. خَوْفًا مِن فَواتِ الجنازَةِ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. قال في «الفُروعِ»: قال الأَصْحابُ: وكذا اختارَه. يعني أنَّها كالمَكْتُوبَةِ في عدَمِ جَوازِ التَّيَمُّمِ لها خوْفًا مِن فَواتِها. وعنه، يجوزُ للجِنازةِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. ومال إليه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» . وأطْلقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ

ص: 264

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين» .

تنبيهات؛ أحَدُها، مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه بفَواتِ الجِنازَةِ فَواتُها مع الإِمام. قاله القاضي وغيرُه. قال جماعةٌ؛ ولو أمْكَنَه الصَّلاةُ على قَبْرِه؛ لكَثْرَةِ وُقوعِه، وعِظَمِ المَشَقَّةِ فيه. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّ صلاةَ العيدِ لا تُصَلَّى بالتَّيَمُّمِ مع وُجودِ الماءِ خَوْفًا مِن فَواتِها، قوْلًا واحِدًا. وهو الصَّحيحُ عندَ أكثرِ الأصْحابِ. قال ابنُ تَميم: وألْحَقَ عبدُ العزيزِ صلاةَ العيدِ بصَلاةِ الجِنازَةِ، وقطَع غيرُه بعدَمِ التَّيَمُّمِ. فيها. وقال في «الرِّعايتَين»: وفي صلاةِ الجِنازَةِ، وقيل: والعيدِ، إذا خافَ الفَوْتَ رِوايَتَان. وحكَى في «الفائقِ» وغيرِه روايةً كالجِنازَة. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين أيضًا. وقال في «الفُروعِ»: وعنه، وعيدٍ وسُجودِ تِلاوَةٍ. قال ابنُ حامِدٍ: يُخَرَّجُ سجودُ التِّلاوَةِ على الجِنازَة. وقال ابنُ تَميمٍ: وهو حسَنٌ. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه إذا وَصَلَ المُسافِرُ إلى الماءِ، وقد ضاقَ الوَقْتُ، أنَّه لا يَتَيَمَّمُ، وهو ظاهرُ كلامِ جماعة. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» . وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، ورَدَّ غيرَه. وقيل: تَيَمَّمَ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه»: وهو ظاهِرُ كلام أحمدَ في روايةِ صالح. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاويَين» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميم» ، ونصَرَه. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وابنُ عُبَيدان، وقال: ما أدَقَّ هذا النَّظرَ، ولو طَرَدَه في الحضَرِ لَكانَ قد أجادَ وأصابَ. قلتُ: وهو المذهبُ، وهو مُخافٌ لما أسْلَفْناه مِنَ القاعِدَةِ في الخُطْبَة. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» . وكذا الحُكْمُ والخِلافُ إذا عَلِمَ أنَّ النَّوْبَةَ لا تصِلُ إليه إلَّا بعدَ الوقْتِ، أو علِمَ الماءَ قريبًا، أو خافَ فوْتَ الوقْتِ، أو دُخولَ وقْتِ الضَّرُورَةِ، إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إليه، أو دَلَّه ثِقَةٌ. قال في «الفُروعِ»: والمذهبُ في خوْفِ دُخولِ

ص: 265

وَإنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ، وَمَيِّتٌ، وَمِنْ عَلَيهَا غُسْلُ حَيضٍ، فَبُذِلَ مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمْ لأَوْلَاهُمْ بِهِ، فهُوَ لِلْمَيِّتِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِلْحَيِّ. وَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

ــ

وَقْتِ الضرورَةِ، كخَوْفِ فَواتِ الوقْتِ بالكُلِّيَّةِ. وجزَم ابنُ تَميم في الأولَى. وأطْلقَ ابنُ حَمْدانَ فيه الوَجْهَين.

قولُه: وإنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمَيِّتٌ ومَن عَلَيها غُسْلُ حَيضٍ، فَبُذِلَ ماءٌ يَكْفِي أحَدَهم، لأوْلَاهم به، فهو للمَيِّتِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به في «الكافِي» ، و «الإِفاداتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. ونصَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، وغيرِهم. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَة»: هذا الأظْهَرُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الهادِي» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وعنه، أنَّه للحَيِّ. يعْني، هو أوْلَي به مِنَ المَيِّت. واخْتارَها أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ» ،

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُذْهَبِ» ، «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرِهم.

قولُه: وأيُّهما يُقَدَّمُ؟ فيه وَجْهَان. يعني، على روايةِ، أنَّ الحَيَّ أَوْلَى.

وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشرحِ» ، و «الحاوي الكبيرِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ؛ أحَدُهما، الحائِضُ أوْلَى. وهو الصَّحيحُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ تقْديمُ الحائِضِ بكُلِّ حالٍ. وجزَم به في «الكافِي» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . والثَّاني، الجُنُبُ مُطْلقًا أوْلَى. قدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغيرِ». وقيل: الرَّجُلُ الجُنُبُ خاصَّةً أوْلَى مِنَ المرأةِ الجُنُبِ والحائضِ. وأطْلقَهُنَّ ابنُ

ص: 267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَميمٍ. وقيل: يُقْسَمُ بينَهما. وقيل: يُقْرَعُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ» . فوائد؛ إحْدَاها، مَن عليه نَجاسَةٌ أحَقُّ مِنَ المَيِّتِ، والحائضِ، والجُنُبِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصْحاب. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وغيرِه. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى أيضًا. اخْتارَه المَجْدُ وحفِيدُه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين» : هذا أظْهَرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وأطْلقَهما «ابنِ تَميمٍ» ، و «التَّلْخيصِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ونَجَسُ البَدَنِ غيرُ قُبُلٍ ودُبُرٍ، وقيل: وغيرُ ثوبِ سُتْرَةٍ. أوْلَى منهم، ومِنَ المَيِّتِ إذَنْ، وإلَّا فَالميِّتُ أوْلَى. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى منه مُطْلقًا ومِن غيرِه الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: يقدَّمُ جُنُبٌ على مُحْدِث. وقيل: المُحْدِثُ، إلَّا أنْ يكْفِيَ مَن تَطهَّرَ به منهما، وإنْ كَفاه فقط، قُدِّمَ. وقيل: الجُنُبُ. وقال ابنُ تَميمٍ: فإنِ اجْتَمعَ مُحْدِثٌ وجُنُبٌ، ووُجِدَ ماءٌ يكْفِي كلَّ واحدٍ منهِما، ولا يفْضُلُ منه شيءٌ، أو لا يكْفِي واحدًا منهما، فالجُنُبُ أوْلَى، فإنْ كان يكْفِي أحدَهما، ويفْضُلُ منه ما لا يكْفِي الآخَرَ، فالجُنُبُ أوْلَى، في وَجْهٍ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وفي آخَرَ، المُحْدِث أوْلَى. وقدَّمه في «المُذْهَبِ» . وفي ثالثٍ، هما سواءٌ، يُقْرَعُ بينَهما، أو يُعْطِيه الباذِلُ لمَنْ شاءَ منهما. وأطْلقَهُنَّ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . وإنْ كان يكْفِي الجُنُبَ ويفْضُلُ عن المُحْدِثِ، فالجُنُبُ أوْلَى، وإنْ

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان يكْفي المُحْدِثَ وحدَه، فهو أوْلَى. وقال في «الرِّعايَةِ»: ومَن كَفاه وحدَه ممَّنْ يُقَدَّمُ، ومِنَ المُحْدِثِ حدَثًا أصْغَرَ، فهو أوْلَى، وإنْ لم يكُنْ أحدُهم، فالجُنُبُ ونحوُه أوْلَى مِنَ المُحْدِث. وقيل: عكْسُه. وقيل: هما سواءٌ، فبِالقُرْعَةِ. وقيل: أو بالتَّخْييرِ مِن باذِلِه. وإنْ كفَى الجُنُبَ أو نحوَه، وفَضَلَ مِنَ المُحْدِث شيءٌ، فوَجْهان. وإنْ كان يفْضُلُ مِن كلِّ واحدٍ ما لا يكْفِي الآخَرَ، قُدِّمَ المُحْدِثُ. وقيل: الجُنُبُ ونحوُه. وقيل: بل مَن قَرَعَ. وقيل: بل بالتَّخْييرِ مِن باذِلِه. الثَّالثةُ، لو بادَرَ مَن غيرُه أوْلَى منه، فَتَطَهَّرَ به، أساءَ وَصَحَّتْ صلاتُه. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال ابنُ تميمٍ: قاله بعْضُ أصْحابِنا، واقْتَصَرَ عليه. الرَّابعةُ، قال في «التَّلْخيصِ»: واعلمْ أنَّ هذه المسْألةَ لا تُتَصَوَّرُ إذا كان الماءُ لبَعْضِهم؛

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأنَّه أحَقُّ به، وصوَّرَها جماعةٌ مِن أصْحابِنا في ماءٍ مُباحٍ أو مَمْلوكٍ، أرادَ مالِكُه بذْلَه لأحَدِهم، وفيه نظَرٌ؛ فإنَّ المُباحَ قبلَ وَضْع الأيدِي عليه لا مِلْكَ فيه، وبعدَ وَضْعِ الأيدِي للجَمِيع، والمالِكُ له ولايَةُ صَرْفِه إلى مَنْ شاءَ، إلَّا أنْ يُرِيدُوا به الفَضِيلةَ، ولفْظُ «الأحَقيَّةِ» و «الأوْلَويَّةِ» لا يُشْعِرُ بذلك، وعندِي لذلك صورَةٌ معْصومَةٌ مِن ذلك؛ وهي أنْ يُوصِيَ بِمَائِه لأَوْلَاهُم به. انتهى. قال في القاعِدَةِ الأخيرَةِ، بعدَ حِكايَةِ كلامِه في «التَّلْخيصِ»: ويُتَصَوَّرُ أيضًا في النَّذْرِ لأَوْلَاهُم به، والوَقْفِ عليه، وفيما إذا طلبَ المالِكُ مَعْرِفَةَ أوْلَاهم به ليُؤْثِرَ به، وفيما إذا ما ورَدُوا على مُباحٍ وازْدَحَموا وتَشاحُّوا في التَّناوُلِ أوَّلًا. الخامسةُ، قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتأْتِي هذه المسْأَلةُ أيضًا في الماءِ المُشْتَرَك. وقال: هو ظاهرُ ما نُقِلَ عن أحمدَ، وهو أوْلَى مِنَ التَّشْقيصِ. السَّادسةُ، لو اجْتَمَعَ جُنُبان، أو نحوُهما، أو مُحْدِثان حدَثًا أصْغَرَ،

ص: 270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والماءُ يَكْفِي أحدَهما، ولا يَخْتَصُّ به أحدُهما، اقْتَرَعا. وقيل: يُقْسَمُ بينَهما. قال ذلك في «الرِّعايَةِ» . وأطْلقَهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . السَّابعةُ، لو اجْتمعَ على شَخْصٍ واحدٍ حَدَثٌ ونَجاسَةٌ في بَدِنه، ومعه ما يكْفِي أحدَهما، قُدِّمَ غَسْلُ النَّجاسَةِ. نصَّ عليه. وكذا إنْ كانتْ على ثوْبِه، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ» ، و «مُخْتَصَرِ» ابنِ تَميمٍ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، يُقَدَّمُ الحَدَثُ. وهي قوْلٌ في «الرِّعايَةِ» . ولو اجْتمعَ عليه نَجاسَة في ثَوْبِه وبدَنِه، قُدِّمَ الثَّوْبُ. جَزم به ابنُ تَميمٍ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: تُقَدَّمُ نَجاسَةُ ثَوْبِه على نَجاسَةِ بدَنِه، ونَجاسَة البدَنِ على نَجاسَةِ السَّبِيلَين، ويَسْتَجْمِرُ وَيَتَيَمَّمُ للحدَثِ. الثَّامنة، لو كان الماءُ لأحَدِهم، لَزِمَ اسْتِعْمالُه، ولم يكُنْ له بَذْلُه لغيرِ الوالِدَين، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

ص: 271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصْحابُ، لكنْ إنْ فَضَلَ منه عن حاجتِه، اسْتُحِبَّ له بذْلُه. وذكرَ العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي» ، أنَّه لا يَمْتَنِعُ أنْ يُؤْثِرَ بالماءِ مَنْ يَتَوَضَّأُ به، ويَتَيَمَّمَ هو. وأمَّا إذا كان الماءُ للوَلَدِ، فهل له أنْ يُؤْثِرَ أحَدَ أبوَيه به ويَتَيَمَّمَ؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وقدَّم ابنُ عُبَيدان عدَمَ الجَوازِ. قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: إنْ كان الماءُ لأحَدِهم، فهو أحَقُّ به، ولا يجوزُ بذْلُه لغيرِه. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وإنْ كان الماءُ مِلْكًا لأحَدِهم، تَعَيَّنَ. وقال في «الكافِي»: ولا يجوزُ أنْ يُؤْثِرَ به أحدًا. وأطْلقَ، وقال: فإنْ آثرَ به وتَيَمَّمَ، لم يصِحَّ تَيَمُّمُه مع وُجودِه لذلك، وإنِ اسْتَعْمَلَه الآخَرُ، فحُكْمُ المُؤْثِرِ به حُكْمُ مَن أراقَ الماءَ، على ما تقدَّم بعَد قوْلِه: فإنْ دُلَّ عليه قَرِيبًا. وأمَّا إذا كان الماءُ للمَيِّتِ، غُسِّلَ به، فإنْ فَضَلَ منه فَضْلٌ، فهو لوَرَثَتِه، فإنْ لم يَكُنِ الوارِثُ حاضِرًا، فلِلْحَيِّ أخْذُه للطهارَةِ بثَمَنِه في مَوْضِعِه، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الحَواشِي» ، وغيرِهم. وقيل: ليسَ له ذلك. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم إذا كان رَفِيقُ المَيِّتِ عَطْشانَ وله ماءٌ، أوَّلَ البابِ. التَّاسعة، لو اجْتمعَ حَيٌّ ومَيِّتٌ لا ثَوْبَ لهما، وحضرَ وَقْتُ الصَّلاةِ، فبُذِلَ ثَوْبٌ لِأوْلَاهُما به، صَلَّى فيه الحَيُّ، ثم كُفِّنَ فيه المَيِّتُ، في وَجْهٍ، وهو الصَّوابُ. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ» . ذكرَه في بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ. وفي وَجْهٍ آخَرَ، يُقَدَّمُ المَيِّتُ على صلاةِ الحَيِّ فيه. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وقال: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ الحَيُّ أوْلَى به مُطْلقًا. قال في «الرِّعايَةِ» : وهو بعيدٌ. ويأْتِي في الجَنائزِ، في فصْلِ الكفَنِ؛ لو وُجِدَ كفَنٌ واحدٌ ووُجِدَ جماعةٌ مِنَ الأموْاتِ، هل يُجْمَعُونَ فيه، أو يُقْسَمُ بينَهم؟. العاشِرَةُ، لو احْتاجَ حَيٌّ لِكَفَنِ مَيِّتٍ؛ لبَرْدٍ ونحوه، زادَ المَجْدُ وغيرُه: إنْ خَشِيَ التَّلفَ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ

ص: 272

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّه يُقَدَّمُ على المَيِّتِ. قال في «الفُروعِ» : يُقدَّمُ في الأصَحِّ مَنِ احْتاج كفَنَ مَيِّتٍ لبَرْدٍ ونحوه. وقيل: لا يُقَدَّمُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِي: يصَلِّي عليه عادِمُ السُّترَةِ في إحْدَى لِفافَتَيْه. قال في «الفُروعِ» : والأشْهَرُ عُرْيانًا، كلِفافَةٍ واحدةٍ يُقدَّمُ المَيِّتُ بها. ذكَرَه في الكَفَنِ.

ص: 273