الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حُكْمِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ
الْعُيُوبُ الْمُثْبِتَةُ لِلْفَسْخِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ شَيئَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَجْبُوبًا قَدْ قُطِعَ ذَكَرهُ، أَو لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلا مَا لَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ،
ــ
بابُ حُكْمِ العُيوبِ في النِّكاحِ
فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي إِمْكَانِ الْجِمَاعِ بِالْبَاقِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ.
ــ
قوله: فإنِ اخْتَلَفا في إمْكانِ الجِماعِ بالباقِي، فالقَوْلُ قَوْلُها. هذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ،
ــ
و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ قَوْلُها في الأصحِّ. ويحْتَمِلُ أنَّ القولَ قوْلُه. وهو لأبِي الخَطَّابِ، واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. ومحَلُّه، ما لم تَكُنْ بِكْرًا. صرَّح به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو واضِحٌ. وأطْلَقَهما في «البُلْغَةِ» .
قوله: الثَّاني، أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لا يُمْكِنُه الوَطْءُ. العِنِّينُ؛ هو الذي لا يُمْكِنُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَطْءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو الذي له ذكَرٌ ولا ينْتَشِرُ.
فَإِنِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ، أُجِّلَ سَنَةً مُنْذُ تُرَافِعُهُ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا، وَإِلَّا
ــ
قوله: فَإنِ اعْتَرَفَ بذَلِكَ، أُجِّلَ سَنَةً منذُ تُرَافِعُهُ، فإنْ وَطِئَ فيها، وإلَّا فلها
فَلَهَا الْفَسْخُ،
ــ
الفَسْخُ. إذا اعْتَرَفَ بالعُنَّةِ، أو أقامَتْ هي بَيِّنَةً بها، أُجِّلَ سَنَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. انتهى. واخْتارَ جماعَةٌ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ، أنَّ لها الفَسْخَ في الحالِ؛ منهم أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» ، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ» .
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإنِ اعْتَرَفَ بذلك، أُجِّلَ. أنَّه لو أنْكَرَ، لا يُؤَجَّلُ ما لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، اخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ». قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ لا يُؤَجَّلُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُؤَجَّلُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ» . وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقاله القاضي في «التَّعْليقِ» أيضًا، في مَوْضِعٍ آخَرَ. وعنه، يُؤَجَّلُ للبِكْرِ. فعلى المذهبِ، يحْلِفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: ويحْلِفُ في الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: يحْلِفُ، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ». وقيل: لا يحْلِفُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و، «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القاضي: الوَجْهان مَبْنِيَّان على دَعْوَى الطَّلاقِ. فعلى المذهبِ، لو نَكَل، أُجِّلَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: تُرَدُّ اليَمِينُ، فيَحْلِفُ ويُؤَجَّلُ.
فائدتان؛ إحْداهما، المُرادُ بالسَّنةِ هنا، السَّنَةُ الهِلالِيَّةُ، اثْنا عَشَرَ شَهْرًا هِلالِيًّا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: هذا هو المَفْهومُ مِن كَلامِ العُلَماءِ، فإنَّهم حيث أطْلَقُوا السَّنَةَ أرادُوا بها الهلالِيَّةَ. قال: ولكِنَّ تعْلِيلَهم بالفُصولِ يُوهِمُ خِلافَ ذلك. قال ابنُ رَجَبٍ: وقَرَأْتُ بخَطِّ وَلَدِ أبِي المَعالِى ابنِ مُنَجَّى (1)، يحْكِي عن والِدِه، أنَّ المُرادَ بالسَّنَةِ هنا، هي الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ؛ لأنَّها هي الجامِعَةُ للفُصولِ الأرْبَعَةِ التي تخْتَلِفُ الطِّباعُ باخْتِلافِها، بخِلافِ الهِلالِيَّةِ. قال: وما أظُنُّه أخذَ ذلك إلَّا مِن تعْليلِ الأصحاب، لا مِن تصْريحِهم به. انتهى. قلتُ: الخَطْبُ في ذلك يَسِيرٌ، والمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ؛ فإنَّ زِيادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ على السَّنَةِ الهِلالِيَّةِ أحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ورُبْعُ يَوْمٍ، أو وخُمْسُ يَوْمٍ. الثَّانيةُ، لو اعْتَزَلَتِ المرْأَةُ الرَّجُلَ، لم تُحْتَسَبْ عليه مِنَ المُدَّةِ، ولو عزَل نفْسَه أو سافَرَ، احْتُسِبَ عليه ذلك. ذكَرَه في «البُلْغَةِ» . وذكَرَ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» احْتِمالين؛ هل يُحْتَسَبُ عليه في مُدَّةِ نُشوزِها، أم لا؟ ووقَع للقاضي في «خِلافِه» ترَدُّدٌ. وذكَر فيه أيضًا، أنَّه لا يُحْتَسَبُ عليه بمُدَّةِ الرَّجْعَةِ.
(1) هو عمر بن أسعد بن المنجى بن بركات، التنوخي، شمس الدين، أبو الفتوح، تفقه على والده، وولي قضاء حران، وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات، صدرا نبيلا، له كتاب «المعتمد والمعول» . توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 225، 226.
ونقل ابن رجب عنه موجود في صفحة 226.
فَإِنِ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً، بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا،
ــ
تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: فَإنِ اعْتَرَفَتْ أنَّه وَطِئَها مَرَّةً، بطَل كَوْنُه عِنِّينًا. الوَطْءَ في الحَيضِ، والإِحْرامِ، وغيرِهما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَبْطُلُ كوْنُه عِنِّينًا بوَطْئِه في الحَيضِ والإِحْرامِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. قلتُ: هذا ضعيفٌ جِدًّا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، يكْفِي في زَوالِ العُنَّةِ تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُشْتَرَطُ إيلاجُه جَمِيعُه. قطَع به القاضي في «الجامِعِ» . فعلى الأوَّلِ، يكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الجَشَفَةِ مِنَ الذَّكَرِ المَقْطُوعِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: يُشْتَرَطُ إيلاجُ بقِيَّتِه. قاله القاضي في «الجامعِ» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وذكَر الوَجْهَينِ في «المُجَرَّدِ» . وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» .
وَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ وَطِئَ غَيرَهَا، لَمْ تَزُلِ الْعُنَّةُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَزُولَ.
ــ
الثَّانيةُ، لو وَطِئَها في الرِّدَّةِ، لم تَزُلْ به العُنَّةُ. ذكَرَه القاضي محَلَّ وفاقٍ مع الشَّافِعِيَّةِ. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ زَوالُها بذلك. وهو الصَّوابُ.
قوله: وإنْ وَطِئَها في الدُّبُرِ، أو وَطِئَ غيرَها، لم تَزُلِ العُنَّةُ. وهو المذهَبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، وغيرِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَيَحْتَمِلُ أنْ تَزُولَ. وهو وَجْهٌ. قال في «الهِدايَةِ» : ويُخَرَّجُ على قوْلِ الخِرَقِيِّ، أنَّها تَزُولُ. قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: لم تَزُلِ العُنَّةُ على قَوْلِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وهو مُقْتَضَى قوْلِ أبِي بَكْرٍ، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»؛ فإنَّه قال: وتَزُولُ بإِيلاجِ الحَشَفَةِ في فَرْجٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «الفُروعِ». وقال: لاخْتِلافِ أصحابِنا في إمْكانِ طَرَيانِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العُنَّةِ. على ما في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه، وعلى ما في «المُغْنِي» وغيرِه، ولو أمْكَنَ؛ لأنَّه بمَعْناه، ولهذا جزَم بأنَّه لو عَجَز لكِبَرٍ، أو مرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، ضُرِبَتِ المُدَّةُ. انتهى. قلتُ: قال في «البُلْغَةِ» : اخْتَلَفَ أصحابُنا؛ هل يُمْكِنُ طَرَيانُها؟ على وَجْهَين. ويَنْبَنِي عليها، لو تَعَذَّرَ الوَطْءُ في إحْدَى الزَّوْجَتَين، أو كان يُمْكِنُ في الدُّبُرِ دُونَ غيرِه. وقال في «الرِّعايتَين»: وإنْ وَطِئَ غيرَها، أو وَطِئَها
وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَقَالتْ: إِنَّهَا عَذْرَاءُ. وَشَهِدَ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَالْقَولُ قَوْلُهَا، وَإِلَّا فَالْقَولُ قَوْلُهُ.
ــ
في الدُّبُرِ، أو في نِكاحٍ آخَرَ، لم تَزُلْ عُنَّتُه؛ لأنَّها قد تَطْرَأُ في الأصحِّ. وقيل: تَزولُ، كمَن أقرَّتْ أنَّه وَطِئَها في هذا النِّكاحِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّ هذينِ الوَجْهَين مَبْنِيَّان على تَصَوُّرِ طَرَيانِ العُنَّةِ. وقد وقَع للقاضي، وابنِ عَقِيلٍ، أنَّها لا تَطْرَأُ، وكلامُهما هنا يدُلُّ على طَرَيانِها.
قوله: وإنِ ادَّعَى أنَّه وَطِئَها، وَقَالتْ: إنِّها عَذْراءُ. وشَهِدَ بذلك امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فالقَوْلُ قَوْلُها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يكْفِي شَهادَةُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، كالرَّضاعِ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المَشْهورَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَتان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلو قال: أَزلْتُ بَكارَتها، ثمَّ عادَتْ. وأنْكَرَتْ هي، كان القَوْلُ قوْلَها. بلا نِزاعٍ، ويحْلِفُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، والسَّامَرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ» ، وأبو المَعالِي في «الخُلاصَةِ» ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقيل: لا يَمِينَ عليها. ويحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى. قاله الزَّرْكَشِيُّ.
فائدة: لو تزوَّجَ بِكْرًا، فادَّعَتْ أنَّه عِنِّينٌ، فكَذَّبَها، وادَّعَى أنَّه أصابَها، وظهَرَتْ ثَيِّبًا، فادَّعَتْ أنَّ ثُيوبَتَها بسَبَبٍ آخَرَ، فالقَوْلُ قوْلُ الزَّوْجِ. ذكَرَه الأصحابُ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ»: ويتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ.
فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَعَنْهُ، الْقَوْلُ قَوْلُهَا.
ــ
قوله: فإنْ كانَتْ ثَيِّبًا، فالقَوْلُ قَوْلُه. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به في «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي في كِتابِ «الرِّوايتَين» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» . وعنه، القَوْلُ قوْلُها. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ،
وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُخْلَى مَعَهَا فِي بَيتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ مَاءَكَ عَلَى شَيءٍ. فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ لَيسَ بِمَنِيٍّ، جُعِلَ عَلَى النَّارِ، فَإِنْ ذَابَ، فَهُوَ مَنِيٌّ، وَبَطَلَ قَوْلُهَا.
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: يُخْلَى معها في بَيتٍ، ويُقالُ له: أخْرِجْ ماءَك على شيءٍ. فإنِ ادَّعَتْ أنَّه ليس بمَنِيٍّ، جُعِلَ على النَّارِ، فإنْ ذابَ، فهو مَنِيٌّ، وبطَل قوْلُها. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. نقَلَها مُهَنَّا، وأبو داودَ، وأبو الحارِثِ وغيرُهم. واخْتارَها القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» ، والشِّيرازِيُّ. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ. وهو منها. فعلى هذا، لو ادَّعَتْ أنَّه مَنِيُّ غيرِه، فقال في «المُبْهِجِ»: القَوْلُ قوْلُها. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللهُ، في رِوايَةِ أبي داودَ، أنَّ القَوْلَ قوْلُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» : يُزَوَّجُ امْرأَةً مِن بَيتِ المالِ. قال القاضي: لها دِينٌ. وقال المُصَنِّفُ: لها حَظٌّ مِنَ الجَمالِ. فإنْ ذكَرَتْ أنَّه قَرَبَها، كُذِّبَتِ الأُولَى، وخُيِّرَتِ الثَّانيةُ في الإِقامَةِ والفِراقِ، ويكونُ الصَّداقُ مِن بَيتِ المالِ، وإنْ كذَّبَتْه، فُرِّقَ بينَه وبينَ الأُولَى، وكان الصَّداقُ عليه مِن مالِه. واعْتَمَدَ في ذلك على أَثَرٍ رَواه عن سَمُرَةَ، وضعَّفَه الأصحابُ، ورَدُّوه، منهم المُصَنِّفُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: اعْلمْ أنَّ المَجْدَ، ومَن تابَعَه، خصَّ الرِّوايَةَ الثَّانيةَ بما إذا ادَّعَى الوَطْءَ بعدَ ما ثَبَتَتْ عُنَّتُه وأُجِّلَ؛ لأنَّه انْضَمَّ إلى عدَمِ الوَطْءِ وُجودُ ما يقْتَضِي الفَسْخَ، وجعَلُوا، على هذه الرِّوايَةِ، إذا ادَّعَى الوَطْءَ ابْتِداءً، وأنْكَرَ العُنَّةَ، أنَّ القَوْلَ قوْلُه مع يَمِينِه. وهي طريقَةُ صاحِبِ «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وأطْلَقَ هذه الرِّوايَةَ جُمْهورُ الأصحابِ، ولَفْظُها يشْهَدُ لهم؛ فإنَّه قال: إذا ادَّعَتِ المرْأَةُ أنَّ زَوْجَها لا يصِلُ إليها، اسْتُحْلِفَتْ. انتهى.
فائدة: لو ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَه، ضُرِبَتْ له مُدَّةٌ، عندَ ابنِ عَقِيلٍ.
فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي، يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ، وَهُوَ شَيئَانِ؛ الرَّتْقُ، وَهُوَ كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا لَا مَسْلَكَ لِلذَّكَرِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْقَرْنُ وَالْعَفَلُ، وَهُوَ لَحْمٌ يَحْدُثُ فِيهِ يَسُدُّهُ. وَقِيلَ: الْقَرْنُ عَظْمٌ، وَالْعَفَلُ رغْوَةٌ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ. وَالثَّانِي، الْفَتَقُ، وَهُوَ انْخِرَاقُ مَا بَينَ السَّبِيلَينِ. وَقِيلَ: انْخِرَاقُ مَا بَينَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ.
ــ
قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعندَ القاضي، لا تُضْرَبُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» . وهل تبْطُلُ بحُدوثِه، فلا يفْسَخُ الوَلِيُّ؟ فيه الوَجْهان. قاله في «الفُروعِ» .
قوله: القِسْمُ الثَّاني، يخْتَصُّ النِّساءَ، وهو شَيئان؛ الرَّتْقُ؛ وهو كَوْنُ الفَرْجِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا، لا مَسْلَكَ للذَّكَرِ فيه. وكذلكِ القَرْنَ والعَفَلُ؛ وهو لَحْمٌ يحْدُثُ فيه يسُدُّه. فجَعَل الرَّتْقَ السَّدَّ، وجعَل القَرَنَ والعَفَلَ لَحْمًا يحْدُثُ في الفَرْجِ، فهما في مَعْنَى الرَّتْقِ إلَّا أنَّهما نَوْعٌ آخَرُ. وهو قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وتَبِعَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» . وجعَل القاضي في «الخِلافِ» الثَّلاثَةَ لَحْمًا ينْبُتُ في الفَرْجِ. ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أبو حَفْصٍ: العَفَلُ؛ رَغْوَةٌ تمْنَعُ لَذَّةَ الوَطْءِ. وهو بعضُ القَوْلِ الذي حَكاه المُصَنِّفُ. قال في «الرِّعايَةِ» ، بعدَ هذا القوْلِ: فإذَنْ لا فَسْخَ له في وَجْهٍ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وإذَنْ في ثُبوتِ الخِيارِ به وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» أيضًا. قلتُ: الصَّوابُ ثُبوتُه بذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. وقيل: القَرْنُ؛ عَظْمٌ. وهو مِن تَتِمَّةِ القَوْلِ الذي ذكَرَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . قال صاحِبُ «المُطْلِعِ» ، والزَّرْكَشِيُّ: هو عَظْمٌ أو غُدَّةٌ تمْنَعُ مِن وُلوجِ الذَّكَرِ. وقالا: العَفَلُ؛ شيءٌ يخْرُجُ مِن فَرْجِ المرْأَةِ، وحَيا النَّاقَةِ، شَبِيهٌ بالأُدْرَةِ التي للرِّجالِ في الخِصْيَةِ. وعلى كلا الأقْوالِ، يثْبُتُ به الخِيارُ على الصَّحيحِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإذَنْ لا فَسْخَ له في وَجْهٍ. كما قال في العَفَلِ.
قوله: والثَّاني، الفَتْقُ؛ وهو انْخِراقُ ما بين السَّبِيلَين. وقيل: انْخِراقُ ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وكذا قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم. وقال في «الخُلاصَةِ»:
فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ، مُشْتَرَكٌ بَينَهُمَا، وَهُوَ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ، سَوَاءٌ كَانَ مُطْبِقًا أَوْ يَخْنُقُ فِي الْأَحْيَانِ. فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ يَثْبُتُ بِهَا خِيَارُ الْفَسْخِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
هو انْخِراقُ ما بينَ القُبُلِ والدُّبُرِ، أو ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وجزَم في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، أنَّ الفَتْقَ؛ انْخِراقُ ما بينَ السَّبِيلَين. وقدَّم في «الكافِي» ، أنَّ الفَتْقَ؛ انْخِراقُ (1) ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وثُبوتُ الخِيارِ في الفَتْقِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. إذا عَلِمْت ذلك، فانْخِراقُ ما بينَ السَّبِيلَين يُثْبِتُ للزَّوْجِ الخِيارَ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قال في «الرَّوْضَةِ»: أو وُجِدَ اخْتِلاطُهما لعِلَّةٍ؛ لأنَّ النَّفْسَ تَعافُه أكثَرَ. وأمَّا انْخِراقُ ما بينَ البَوْلِ والمَنِيِّ، فالصَّحيحُ أيضًا مِنَ المذهبِ، أنَّه يثْبُتُ به للزَّوْجِ الخِيارُ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: يثْبُتُ به الخِيارُ عندَ أصحابِنا. وجزَم به في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الكافِي». وقيل: لا يثْبُتُ به خِيارٌ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» . وهو ظَاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» .
قوله: القِسْمُ الثَّالثُ، مُشْتَرَكٌ بينَهما؛ وهو الجُذامُ، والبَرَصُ، والجُنُونُ،
(1) في الأصل: «انخراج» .
فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْبَخَرِ، وَهُوَ نَتَنُ الْفَمِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: نَتَنٌ فِي الْفَرْجِ يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ. وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْو، وَالقُرُوحِ السَّيَّالةِ فِي الْفَرْجِ، وَالْبَاسُورِ، وَالنَّاسُورِ، وَالْخِصَاءِ، وَهُوَ قَطْعُ الْخُصْيَتَينِ، وَالسَّلِّ، وَهُوَ سَلُّ الْبَيضَتَينِ، وَالْوجَاءِ، وَهُوَ رَضُّهُمَا، وَفِي كَوْنِهِ خُنْثَى، وَفِيمَا إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيبًا بِهِ مِثْلُهُ، أَوْ حَدَثَ بِهِ الْعَيبُ بَعْدَ
ــ
سواءٌ كان مُطْبِقًا، أو يَخْنُقُ في الأحْيانِ. وقال في «الواضِحِ»: جُنونٌ غالِبٌ. وقال في «المُغْنِي» (1): أو إغماءٌ، لا إغماءَ مرِيضٍ لم يَدُمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ: فإنْ زال العَقْلُ بمَرَضٍ، فهو إغْماءٌ لا يُثْبِتُ خِيارًا، فإنْ دامَ بعدَ المَرَضِ، فهو جُنونٌ.
قوله: واخْتَلَفَ أصحابُنا في البَخَرِ، واسْتِطْلاقِ البَوْلِ، والنَّجْو، والقُرُوحِ
(1) انظر: المغني 10/ 58.
الْعَقْدِ، هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
السَّيَّالةِ في الفَرْجِ، والباسُورِ، والنَّاسُورِ، والخِصاءِ؛ وهو قَطْعُ الخُصْيَتَين، والسَّلِّ، وهو سَلُّ البَيضَتَين، والوجاءُ؛ وهو رَضُّهما، وفي كَوْنِه خُنْثَى، وفيما إذا وجَد أحَدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِثْلُه، أو حدَث بهِ العَيبُ بعدَ العَقْدِ، هل يثْبُتُ الخِيارُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، فيما سِوَى الخَصْي والسَّلِّ والوَجْءِ. وأطْلَقهما في «البُلْغَةِ» في الجميعِ، إلَّا فيما إذا حدَث به عَيبٌ بعدَ العَقْدِ. وأطْلَقَ في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» الخِلافَ فيما إذا وجَد أحدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه. [وأَطْلقَ في «المُذْهَبِ» الخِلافَ في الخَصْيِ، والسَّلِّ، والوَجْءِ، وإذا وجَد أحَدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه](1)؛ أحدُهما، يثْبُتُ الخِيارُ في ذلك كلِّه. جزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، واخْتارَه ابنُ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القَيِّمِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» فيما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» في غيرِ ما إذا وجَد أحَدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه، أو حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. واخْتارَه أبو البَقاءِ في الجميعِ وزادَ، وكلُّ عَيبٍ يُرَدُّ به المَبِيعُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو غَرِيبٌ. وقال أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ: يثْبُتُ الخِيارُ فيما إذا كان أحدُهما لا يَسْتَمْسِكُ بوْلُه ولا نَجْوُه. قال أبو الخَطَّابِ: فيُخَرَّجُ على ذلك مَن به باسُورٌ، وناسُورٌ، وقُروحٌ سيَّالةٌ في الفَرْجِ. قال أبو حَفْصٍ: والخِصاءُ عَيبٌ يُرَدُّ به. وقال أيضًا أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: يثْبُتُ الخِيارُ بالبَخُرِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا وُجِدَ أحدُ الزَّوْجَين خُنْثَى، فله الخِيارُ في أظْهَرِ الوَجْهَين. واخْتارَ القاضي في «تَعْليقِه الجديدِ» ، قاله الزَّرْكَشِيُّ، و «المُجَرَّدِ» ، قاله النَّاظِمُ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» ، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ثُبوتَ الخِيارِ فيما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ فيه. وقدَّم في «الرِّعايتَين» ، ثُبوتَ الخِيارِ بالخَصْيِ والسَّلِّ والوَجْءِ. وصحَّح في «المُذْهَبِ» ثُبوتَ الخِيارِ في البَخَرِ، واسْتِطْلاقِ البَوْلِ، والنَّجْو، والنَّاسُورِ، والباسُورِ، والقُروحِ السَّيَّالةِ في الفَرْجِ، والخُنْثَى المُشْكِلِ، وحدُوثِ هذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العُيوبِ بعدَ العَقْدِ. والوجهُ الثَّاني، لا يثْبُتُ الخِيارُ بذلك كلِّه. وهو مفْهومُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه ذكَرَ العُيوبَ التي يثْبُتُ بها الخِيارُ في فَسْخِ النِّكاحِ، ولم يذْكُرْ شيئًا مِن هذه. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» غيرَ ما تقدَّم إطْلاقُه. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، في غيرِ حُدوثِ العَيبِ بعدَ العَقْدِ. وظاهِرُ كلامِ أبِي حَفْصٍ، أنَّه لا يثْبُتُ الخِيارُ بالبَخَرِ مع كوْنِه عَيبًا. وذكَر القاضي في «المُجَرَّدِ»: لو حدَث به عَيبٌ بعدَ العَقْدِ، لا يمْلِكُ به الفَسْخَ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وهو مُناقِضٌ لما نقدَّم عنه فيه، واخْتارَه أيضًا في «التَّعْليقِ القديمِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ» ، وابنُ حامِدٍ، وابنُ البَنَّا. وصحَّحَه في «البُلْغَةِ» . وقدَّمه في «النَّظْمِ» .
تنبيهات؛ أحدُها، قولُه في البَخَرِ: وهو نَتْنُ الفَمِ. هو الصَّحيحُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «البُلْغَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين». وقال ابنُ حامِدٍ: نَتْنٌ في الفَرْجِ يثُورُ عندَ الوَطْءِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أرادَ أنَّه يُسَمَّى بَخَرًا ويثْبُتُ به الخِيارُ، وإلَّا فلا مَعْنَى له؛ لأنَّ نَتْنَ الفَمِ يمْنَعُ مقارَبَةَ صاحِبِه إلَّا على كُرْهٍ. وقال في «الفُروعِ»: البَخَرُ يشْمَلُهما. وقال في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم: في كلٍّ منهما وَجْهان في ثُبوتِ الخِيارِ به. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» بثُبوتِ الخِيارِ بهما. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» ، بعدَ أنْ ذكَر الخِلافَ بينَ أبِي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ: وعلى قوْلِ أبِي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، يثْبُتُ الخِيارُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبِى حَفْصٍ أنَّه عَيبٌ لا يثْبُتُ به خِيارٌ.
الثَّاني، ظاهِرُ قوْلِه: وفي كَوْنِه خُنْثَى. أنَّه سواءٌ كان مُشْكِلًا، وقُلْنا: يجوزُ نِكاحُه. أو غيرَ مُشْكِلٍ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» ، وقال: قاله جماعَةٌ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقال في «الفُروعِ»: وخصَّه في «المُغْنِي» بالمُشْكِلِ، وفي «الرِّعايَةِ» عكْسُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» يُخالِفُ ما قال؛ فإنَّه قال: وفي البَخَرِ، وكوْنِ أحدِ الزَّوْجَين خُنْثَى، وَجْهان. وأطْلَقَ الخُنْثَى. وقال في «الرِّعايتَين»: وبكوْنِ أحَدِهما خُنْثَى غيرَ مُشْكِلٍ أو مُشْكِلًا، وصحَّ نِكاحُه في وَجْهٍ. انتهى. [فما نَقَلَه المُصَنِّفُ عنهما مُخالِفٌ لما هو مَوْجودٌ في «كِتابَيهِما». واللهُ أعلمُ. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وكَوْنُ أحَدِهما خُنْثَى غيرَ](1)
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مُشْكِلٍ. فخَصُّوا الخُنْثَى بكَوْنِه غيرَ مُشْكِلٍ، وخصَّه في «المُذْهَبِ» بكَوْنِه مُشْكِلًا](1).
الثَّالثُ، كثيرٌ مِنَ الأصحابِ حَكَوُا الخِلافَ في ذلك كلِّه وَجْهَين. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ في البَخَرِ رِوايتَين. وحكَى في «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، فيما إذا وجَد أحدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه، رِوايتَين.
الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ما عَدا ما ذكَرَه لا يثْبُتُ به خِيارٌ. وكذا قال الشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ. وأَطْلقَ في «الفُروعِ» ، في ثُبوتِ الخِيارِ بالاسْتِحاضَةِ، والقَرَعِ في الرَّأْسِ، إذا كان له رِيحٌ مُنْكَرَةٌ، الوَجْهَين. وأطْلَقهما في الاسْتِحاضَةِ في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: يثْبُتُ بالاسْتِحاضَةِ الفَسْخُ، في أظْهَرِ الوَجْهَين. قلتُ: الصَّوابُ ثُبوتُ الخِيارِ بذلك. وألْحَقَ ابنُ رَجَبٍ بالقَرَعِ رَوائِحَ الإِبِطِ المُنْكَرَةِ التي تثُورُ عندَ الجِماعِ. وأجْرَى في «المُوجَزِ» الخِلافَ في بَوْلِ الكبيرِ في الفِراشِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» ثُبوتَ الخِيارِ بنِضْو الخَلْقِ كالرَّتْقِ. واخْتارَ ابنُ حَمْدانَ ثُبوتَ الخِيارِ فيما إذا كان الذَّكَرُ كبيرًا والفَرْجُ صغِيرًا. وعن أبِي البَقاءِ العُكْبَرِيِّ، ثُبوتُ الخِيارِ بكُلِّ عَيبٍ يُرَدُّ به المَبِيعُ، كما تقدَّم قريبًا. وقال أبو البَقاءِ أيضًا: لو ذهَب ذاهِبٌ إلى أنَّ الشَّيخُوخَةَ في أحَدِهما يُفْسَخُ به، لم يَبْعُدْ. وقال ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله، في «الهَدْيِ» ، في مَن به عَيبٌ؛ كقَطْعِ يَدٍ أو رِجْلٍ، أو عَمىً، أو خَرَسٍ، أو طَرَشٍ: وكلُّ عَيبٍ يَنفِرُ (2) الزَّوْجُ الآخَرُ منه، ولا يحْصُلُ به مقْصودُ النِّكاحِ مِنَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في النسخ: «يفر» . وانظر زاد المعاد، لابن القيم 5/ 183.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَوَدَّةِ والرَّحْمَةِ، يُوجِبُ الخِيارَ، وإنَّه أوْلَى مِنَ البَيعِ، وإنَّما ينْصَرِفُ الإِطْلاقُ إلى السَّلامَةِ، فهو كالمَشْروطِ عُرْفًا (1). انتهى. قلتُ: وما هو ببعيدٍ، وفي مَعْناه، إنْ لم يكُنْ دخَل في كلامِه مَن عُرِفَ بالسَّرِقَةِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا كان عَقِيمًا، أعْجَبُ إليَّ أنْ يُبَيِّنَ لها. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا كان به جُنونٌ أو وسْواسٌ، أو تغَيُّرٌ في عَقْلٍ، وكان يعْبَثُ ويُؤْذِي، رأَيتُ أنْ أُفَرِّقَ بينَهما، ولا يُقِيمُ على هذا.
الخامسُ، مفْهومُ قولِه: وإذا وجَد أحدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِثْلُه. أنَّه إذا وجَد أحدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِن غيرِ جِنْسِه، ثبَت به الخِيارُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال في «البُلْغَةِ» ، و «الفُروعِ»: والأصحُّ ثُبوتُه إن تَغايرَتْ. ولم يَسْتَثْنِ شيئًا. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك، إذا وجَد المَجْبوبُ المرْأَةَ رَتْقاءَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فيَنْبَغِي أنْ لا يثْبُتَ لهما الخِيارُ. وقيل: حُكْمُه كالمُماثِلِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» .
(1) في ط: «غيره» .
وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيبِ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ قَال: قَدْ رَضِيتُ بِهِ مَعِيبًا. أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ مِنْ وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ الْعِلْمِ
ــ
قوله: وإنْ عَلِمَ بالعَيبِ وَقْتَ العَقْدِ، أو قال: قد رَضِيتُ به مَعِيبًا.
بِالْعَيبِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ.
ــ
أو وُجِدَ منه دِلالةٌ على الرِّضا، مِن وَطْءٍ، أو تمْكِينٍ، مع العِلْمِ بالعَيبِ، فلا خِيارَ له. بلا خِلافٍ في العِلْمِ بالعَيبِ، أو الرِّضا به، وأمَّا التَّمْكِينُ، فيَأْتِي.
فائدة: خِيارُ العُيوبِ على التَّراخِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهم. قال في «البُلْغَةِ»: هذا أظْهَرُ الوَجْهَين. قال النَّاظِمُ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا أقْوَى الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: هو على الفَوْرِ. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا في «الخِصالِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: ومَعْناه أنَّ المُطالبَةَ بحَقِّ الفَسْخِ تكونُ على الفَوْرِ، فمتى أخَّرَ ما لم تَجْرِ العادَةُ به، بطَل؛ لأنَّ الفَسْخَ على الفَوْرِ. فعلى المذهبِ، لا يَبْطُلُ الخِيارُ إلَّا بما يدُلُّ على الرضا؛ مِنَ الوَطْءِ، والتَّمْكِينِ [مع العِلْمِ بالعَيبِ](1)، أو يأْتِي بصَريحِ الرِّضا. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا، وغيرُه. وقال المَجْدُ: لا يسْقُطُ خِيارُ العُنَّةِ إلَّا بالقَوْلِ، فلا يسْقُطُ بالتَّمْكِينِ مِنَ الاسْتِمْتاعِ ونحوه. وجزَم به في
(1) سقط من: الأصل.
وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلا بِحُكْمِ حَاكِمٍ،
ــ
«الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» . وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: لم نجِدْ هذه التَّفْرِقَةَ لغيرِ الجَدِّ.
قوله: ولا يجوزُ الفَسْخُ إلَّا بحكْمِ حاكِمٍ. فيفْسَخُ بنَفْسِه، أو يرُدُّه إلى مَن له الخِيارُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ» ، وغيرِها. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُوجَزِ»: يتَوَلَّاه الحاكِمُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس هو الفاسِخَ، وإنَّما يأْذَنُ ويحْكُمُ به، فمتى أَذِنَ أو حكَم لأحَدٍ باسْتِحْقاقِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ، فعقَد أو فسَخ، لم يحْتَجْ بعدَ ذلك إلى حُكْمٍ بصِحَّتِه، بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو عقَد هو أو فسَخ، فهو فِعْلُه، فيه الخِلافُ. وإنْ عقَد المُسْتَحِقُّ أو فسَخ بلا حُكْمٍ، فأمْرٌ مُخْتَلَفٌ فيه، فيُحْكَمُ بصِحَّتِه. وخرَّج الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، جوازَ الفَسْخِ بلا حُكْمٍ في الرِّضا بعاجِزٍ عنِ الوَطْءِ، كعاجِزٍ عنِ النَّفَقَةِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والسِّتِّين»: ورجَّحْ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّ جميعَ الفُسوخِ لا تَتَوقَّفُ على حُكْمِ حاكِمٍ.
فائدة: لو فسَخ، مع غَيبَتِه، ففي «الانْتِصارِ» ، الصِّحَّةُ وعدَمُها. وقال في «التَّرْغِيبِ»: لا يُطَلَّقُ على عِنِّينٍ كمولٍ، في أصحِّ الرِّوايتَين.
فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُول، فَلا مَهْرَ، وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ، فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى. وَقِيلَ عَنْهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ.
ــ
قوله: فإنْ فُسِخَ قبلَ الدُّخُولِ، فلا مَهْرَ، وإنْ فُسِخَ بعدَه، فلها المَهْرُ المُسَمَّى. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل عنه: مَهْرُ المِثْلِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وبنَى القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» ، هاتَينِ الرِّوايتَين على الرِّوايتَين في النِّكاحِ الفاسِدِ، هل الواجِبُ فيه المُسَمَّى، أو مَهْرُ المِثْلِ؟ على ما يأْتِي في آخِرِ الصَّداقِ. وقيل: يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ في فَسْخِ النِّكاحِ بشَرْطٍ أو عَيبٍ قديمٍ، لا بما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. قلتُ: وهو قَويٌّ. وقيَّد المَجْدُ الرِّوايَةَ بهذا. وقيل: في فسْخِ الزَّوْجِ بعَيبٍ قديمٍ، أو بشَرْطٍ، يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ المِثْلِ، لأجلِ ذلك إلى مَهْرِ المِثْلِ كامِلًا، فيسْقُطُ مِنَ المُسَمَّى بنِسْبَتِه، فسَخ أو أمْضَى. وقاسَه القاضي في «الخِلافِ» على المَبِيعِ المَعِيبِ. وحَكاه ابنُ شَاقْلَا في بعضِ تَعالِيقِه عن أبِي بَكْرٍ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، ويحْتَمِلُه كلامُ الشِّيرازِيِّ، ورجَّحَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين. قلتُ: وفيه قُوَّةٌ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله أيضًا: وكذلك إنْ ظهَر الزَّوْجُ مَعِيبًا، فللزَّوْجَةِ الرُّجوعُ عليه بنَقْصِ مَهْرِ المِثْلِ. وكذا في فَواتِ
وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ، مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ. وَعَنْهُ، لَا يَرْجِعُ.
ــ
شَرْطِها. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد ذكَر الأصحابُ مِثْلَه في الغَبْنِ في البَيعِ، في بابِ الشُّفْعَةِ.
فائدة: الخَلْوَةُ هنا، كالخَلْوَةِ في النِّكاحِ الذي لا خِيارَ فيه.
قوله: ويرْجِعُ به على مَن غرَّه، مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. قال في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ»: ويرْجِعُ على الغارِّ، على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1): والصَّحيحُ أنَّ المذهبَ رِوايَةٌ واحدَةٌ. قال الشَّارِحُ: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ مِنَ الرِّوايتَين. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يرْجِعُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ» ، وهو قولُ عليٍّ، رضي الله عنه. وقد رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه رجَع عن
(1) 10/ 64.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذه الرِّوايَةِ. قال في رِوايةِ ابنِ الحَكَمِ: كنتُ أذْهَبُ إلى قَوْلِ عليِّ بنِ أبِي طالِبٍ، رضي الله عنه، ثمَّ هِبْتُه، فمِلْتُ إلى قَوْلِ عمرَ، رضي الله عنه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .
فائدة: قولُه: ويرْجِعُ بذلك على مَن غرَّه مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ. وكذلك الوَكِيلُ. وهذا المذهبُ. فعلى هذا، أيُّهم انْفَرَدَ بالتَّغْرِيرِ (1)، ضَمِنَ. فلو أنْكَرَ الوَلِيُّ عدَمَ عِلْمِه بذلك، ولا بَيِّنَةَ، قُبِلَ قوْلُه مع يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فإنْ أنْكَرَ [الغارُّ عِلْمَه](2) به، ومِثْلُه يجْهَلُه، وحلَف، بَرِئَ. واسْتُثْنِيَ مِن ذلك، إذا كان العَيبُ جُنونًا. وقيل: القوْلُ قولُ الزَّوْجِ إلَّا في عُيوبِ الفَرْجِ. وقيل: إنْ كان الوَلِيُّ ممَّا يخْفَى عليه أمْرُها، كأباعِدِ العَصَباتِ، فالقَوْلُ قوْلُه، وإلَّا فالقَوْلُ قوْلُ الزَّوْجِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، إلَّا أنَّه فصَل بينَ عُيوبِ الفَرْجِ (3) وغيرِها، فسَوَّى بينَ الأوْلِياءِ كلِّهم في
(1) في الأصل، ط:«الغرور» .
(2)
في الأصل: «الغارم عليه» .
(3)
في الأصل: «الزوج» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُيوبِ الفَرْجِ، بخِلافِ غيرِها. وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وقال في «الفُروعِ»: ويُقْبَلُ قوْلُ الوَلِيِّ في عَدَمِ عِلْمِه بالعَيبِ؛ فإنْ كان ممَّنْ له رَؤْيَتُها، فوَجْهان. وأمَّا الوَكِيلُ، إذا أنْكَرَ العِلْمَ بذلك، فيَنْبَغِي أنْ يكونَ القَوْلُ قوْلَه مع يَمِينِه، بلا خِلافٍ. وأمَّا المَرْأةُ؛ فإنَّها تَضْمَنُ، إذا غرَّتْه، لكِنْ يُشْتَرَطُ لتَضْمِينِها أنْ تكونَ عاقِلَةً. قاله ابنُ عَقِيلٍ. وشرَط مع ذلك أبو عَبْدِ اللهِ بنُ تَيمِيَّةَ بلُوغَها. فعلى هذا، حُكْمُها، إذا ادَّعَتْ عدَمَ العِلْمِ بعَيبِ نَفْسِها واحْتُمِلَ ذلك، حُكْمُ الوَلِيِّ على ما تقدَّم. قاله الزَّرْكَشِيُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، لو وُجِدَ التَّغْرِيرُ (1) مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ، فالضَّمانُ على الوَلِيِّ، على قَوْلِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ، وغيرِهم؛ لأنَّه المُباشِرُ. وقال المُصَنِّفُ، فيما إذا كان الغَرَرُ مِنَ المرْأَةِ والوَكِيلِ: الضَّمانُ بينَهما نِصْفان. فيَكونُ في كلٍّ مِنَ الوَلِيِّ والوَكِيلِ قوْلانِ. وتقدَّم نظِيرُها في الغَرَرِ بالأَمَةِ على أنَّها حُرَّةٌ. الثَّانيةُ، مِثْلُها في الرُّجوعِ على الغارِّ، لو زُوِّجَ امْرَأَةً فأدْخَلُوا عليه غيرَها، ويلْحَقُه الوَلَدُ، ويُجَهِّزُ زوْجَتَه بالمَهْرِ الأَوَّلِ. نصَّ على ذلك.
(1) في الأصل، ط:«الغرور» .
فَصْلٌ: وَلَيسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ، أَوْ مَجْنُونَةٍ، وَلَا سَيِّدِ أَمَةٍ، تَزْويجُهَا مَعِيبًا، وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْويجُهَا بِهِ بِغَيرِ رِضَاهَا.
ــ
قوله: وليس لوَليِّ صَغِيرَةٍ، أو مَجْنُونَةٍ، أو سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْويجُها مَعِيبًا، ولا لوَلِيِّ
فَإِنِ اخْتَارَتِ الْكَبِيرَةُ نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أَوْ عِنِّينٍ، لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا،
ــ
كَبِيرَةٍ تَزْويجُها به بغيرِ رِضاها. بلا نِزاعٍ. مِن حيث الجُمْلَةُ، لكِن لو خالفَ وفعَل، فثَلاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، الصِّحَّةُ مع جَهْلِه (1) به. وهو المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وهو ظاهِرُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. والثَّاني، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» . والثَّالِثُ، يصِحُّ مُطْلَقًا. فعلى المذهبِ، هل له الفَسْخُ إذَنْ، أو يَنْتَظِرُها؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، له الفَسْخُ، إذا عَلِمَ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . والوَجْهُ الثَّاني، ينْتَظِرُها. وذكرَ في «الرِّعايَةِ» الخِلافَ، إنْ أجْبَرَها بغيرِ كُفْءٍ. وصحَّحَه في «الإِيضاحِ» ، مع جَهْلِه، وتُخَيَّرُ. وذكَر في «التَّرْغِيبِ» ، في تَزْويجِ مَجْنُونٍ أوْ مَجْنونَةٍ بمِثْلِه، وملَك الوَلِيُّ الفَسْخَ، وَجْهَين.
قوله: فإنِ اخْتارَتِ الكَبِيرَةُ نِكاحَ مَجْبُوبٍ، أو عِنِّينٍ، لم يملِكْ مَنْعَها. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،
(1) في الأصل: «جهلها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ،
وَإِنِ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ، أَوْ مَجْذُومٍ، أَوْ أَبْرَصَ، فَلَهُ مَنْعُهَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ، وَإِنْ عَلِمَتِ الْعَيبَ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ حَدَثَ بِهِ، لَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ.
ــ
و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: له منْعُها. قال المُصَنِّفُ: هذا أوْلَى.
قوله: فإنِ اخْتارَتْ نِكاحَ مَجْنُونٍ، أو مَجْذُومٍ، أو أبْرَصَ، فله مَنْعُها، في أَصَحِّ الوَجْهَينِ. وهو المذهبُ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ»: فله مَنْعُها، في الأصحِّ. قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: هذا أوْلَى الوَجْهَين. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال: هذا أظْهَرُ](1). وصحَّحَه في «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يَمْلِكُ مَنْعَها.
فائدتان؛ إحْداهما، الذي يمْلِكُ منْعَها وَلِيُّها العاقِدُ للنِّكاحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: لبقِيَّةِ الأوْلِياءِ المَنْعُ. كما قُلْنا في الكَفاءَةِ. قلتُ: وهو أوْلَى.
الثَّانيةُ، قولُه: وَإنْ عَلِمَتِ العَيبَ بعدَ العَقْدِ، أو حدَثَ به، لم يمْلِكْ إجبارَها على الفَسْخِ. بلا نِزاعٍ؛ لأنَّ حقَّ الوَلِيِّ في ابْتِدائِه، لا في دَوامِه. قاله الأصحابُ.
(1) سقط من: الأصل.