الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ
إِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أوْ لَا، لَمْ تَطْلُقْ.
ــ
بابُ الشَّكِّ في الطَّلاق
فوائد؛ إحْداها، قولُه: إذا شَكَّ هل طَلَّقَ أم لا؟ لم تَطْلُقْ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ قال المُصَنِّفُ، ومَنْ تابعَه: الوَرَعُ الْتِزامُ الطَّلاقِ. فإنْ كان المَشْكُوكُ فيه رَجْعِيًّا، راجَع امْرأته إنْ كانتْ مدْخُولًا بها، وإلَّا جدَّد نِكاحَها إنْ كانتْ غيرَ مدْخولٍ بها، أو قدِ انْقَضَتْ عِدَّتُها. وإنْ شكَّ في طَلاقِ ثَلاثٍ، طلَّقها واحِدَةً وترَكَها حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها، فيجوزُ لغيرِه نِكاحُها. وأمَّا إذا لم يُطَلِّقْها، فيَقِينُ نِكاحِه باقٍ، فلا تَحِلُّ لغيرِه. انتهى.
الثَّانيةُ، لو شكَّ في شَرْطِ الطَّلاقِ، لم يَلْزَمْه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَلْزَمُه مع شَرْطٍ عدَمِيٍّ، نحوَ: لقد فَعَلْتُ كذا. أو: إنْ لم أفْعَلْه اليومَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فمضَى، وشكَّ في فِعْلِه. وأفْتَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، في مَن حَلَفَ ليَفْعَلنَّ شيئًا ثم نَسِيَه، أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه عاجِزٌ عنِ البَرِّ.
الثَّالثةُ، لو أوْقَع بزَوْجَتِه كلمةً وجَهِلَها، وشكَّ، هل هي طَلاقٌ، أو ظِهارٌ؟ فقيلَ: يُقْرَعُ بينَهما. قال في «الفُنونِ» : لأنَّ القُرْعَةَ تُخْرِجُ المُطَلَّقَةَ، فيخْرُجُ أحدُ اللَّفْظَين. وقيل: لَغْوٌ. قدَّمه في «الفُنونِ» ، كمَنِيٍّ وُجِدَ في ثَوْبٍ لا يَدْرِي مِن أيِّهما هو. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مِثْلُه، مَن حَلَفَ يمينًا ثم جَهِلَها. يُؤَيِّدُ أنَّه لَغْوٌ قوْلُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، لمَّا سألَه رجُلٌ: حَلَفْتُ بيَمِينٍ لا أدْرِي أيُّ شيءٍ هي؟ قال: ليت أنَّكَ إذا دَرَيتَ دَرَيتُ أنا. وقدَّمه في «القاعِدَةِ السِّتينَ بعدَ المِائَةِ» ، فقال: والمَنْصوصُ، لا يَلْزَمُه
وَإنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطَّلاقِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَقَال الْخِرَقيُّ: إِذَا طَلَّقَ، فَلَمْ يَدْرِ أواحِدَةً طَلَّقَ أم ثَلَاثًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ.
ــ
شيءٌ. قال في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، في رجُلٍ حَلَفَ بيمِينٍ لا يدْرِى ما هي؛ طَلاقٌ أو غيرُه؟ قال: لا يجِبُ عليه الطَّلاقُ حتى يعْلَمَ أو يَسْتَيقِنَ. وتوَقَّف في روايةٍ أُخْرَى. وفي المَسْألَةِ قوْلانِ آخَرانِ؛ أحدُهما، يُقْرَعُ، فما خرَج بالقُرْعَةِ، لَزِمَه. قال: وهو بعيدٌ. والثَّاني، يَلْزَمُه كفَّارَةُ كلِّ يمين شكَّ فيها وجَهِلَها. ذكَرهما ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ» ، وذكَر القاضي في بعضِ تعاليقِه، أنَّه اسْتُفْتِيَ في هذه المَسْألةِ فتوَقَّف فيها، ثم نظَرَ فإذا قِياسُ المذهبِ، أنَّه يُقْرَعُ بينَ الأيمانِ كلِّها؛ الطَّلاقِ، والعَتاقِ، والظهارِ، واليمينِ باللهِ تعالى، فأيُّ يَمينٍ وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ، فهي المَحْلوفُ عليها. قال: ثم وَجَدْتُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ما يقْتَضِي أنَّه لا يَلْزَمُه حُكْمُ هذه اليمينِ. وذكَر رِوايةَ ابنِ مَنْصُورٍ. انتهى. قلتُ: فالمذهبُ المنْصوصُ، أنَّه لا يَلْزَمُه شيءٌ. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ عن ابنِ عَقِيلٍ أنَّه ذكَر رِوايةً، أنَّه يَلْزَمُه كفَّارَةُ يمين، ورِوايةً، أنَّه لَغْوٌ، يُويِّدُ كفَّارَةَ اليمينِ الرِّوايةُ التي في قوْلِه: أنْتِ عليَّ كالمَيتَةِ والدَّمِ. ولا نِيَّةَ -كما تقدَّم- لأنَّه لفْظٌ مُحْتَمِلٌ، فثبَتَ اليقينُ.
قوله: وإنْ شَكَّ في عَدَدِ الطَّلاقِ، بَنَى على اليَقِينِ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، خَلا الخِرَقيِّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قال المُصَنِّفُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشارِحُ: وظاهِرُ قولِ أصحابنا، أنَّه إذا راجَعَها، حلَّتْ له. قال في «القَواعِدِ»: تصِحُّ الرَّجْعَةُ عندَ أكثرِ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه.
وقال الخِرَقِي: إذا طلَّق، فلم يَدْرِ أواحِدَةً طلَّق أم ثلاثًا؟ لا يحِلُّ له وَطْؤها حتى يَتَيقَّنَ. لشَكِّه في حِلِّه بعدَ حُرْمَتِه، فتُباحُ الرَّجْعَةُ، ولم يُبَحِ الوَطْءُ، فتَجِبُ نَفَقَتُها. وهو رِواية عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولضَعْفِ هذا القولِ، لم يَلْتَفِتْ إليه القاضي في «تَعْليقِه» ، وحمَل كلامَه على الاسْتِحْبابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انتهى. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسِّتِّين» ، في تعْليلِ كلامِ الخِرَقيِّ: لأنَّه قد تَيَقَّنَ سبَبَ التَّحْريمِ، وهو الطلاقُ، فإنَّه إنْ كان ثلاثا، فقد حصَلَ به (1) التحَّريمُ بدُونِ زوجٍ وإصابةٍ، وإنْ كان واحدةً، فقد حصَل به التَّحْريمُ بعدَ البَينُونَةِ بدُونِ عَقْدٍ جديدٍ، فالرجْعَةُ في العِدَّةِ لا يَحْصُلُ بها الحِلُّ إلَّا على هذا التَّقْديرِ فقط، فلا يُزيلُ الشَّكَّ مُطْلَقًا، فلا يصِحُّ؛ لأنَّ تيَقُّنَ سبَبِ وُجُودِ التَّحْريمِ، مع الشَّكِّ في وُجودِ هذا المانعِ منه (1)، يقُومُ مَقامَ تحَقُّقِ وُجودِ الحُكْمِ مع الشَّكِّ ووُجودِ المانعِ، فيَسْتَصْحِبُ حُكْمَ السَّبَبِ، كما يُعْمَلُ بالحُكْمِ ويُلْغَى المانِعُ المشْكوكُ فيه، كما يُلْغَى مع تَيقُّنِ وُجودِ حُكْمِه. قال: وقد اسْتَشْكَلَ كثير مِن الأصحابِ كلامَ الخِرَقِيِّ في تعْليله بأنه تيَقَّنَ التَّحْريمَ وشَكّ في التَّحْليلِ، فظنُّوا أنَّه يقولُ بتَحْريم الرَّجْعِةِ، وليسَ بلازِمٍ؛ لِمَا ذكَرْنا. انتهى.
(1) سقط من: الأصل.
وَكَذَلِكَ قَال فِي مَنْ حَلَف بِالطَّلَاقِ لَا يَأكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً، مُنِعَ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أنَّهَا لَيسَتِ الَّتِي وَقَعَتِ الْيَمِينُ عَلَيهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ.
ــ
قوله: وكذلك قال -يعْنِي الخِرَقِيَّ- في مَن حلَف بالطلاقِ لا يأكلُ تَمْرَةً، فوَقَعَتْ في تَمْرٍ، فأكَلَ منه واحِدَةً، مُنِعَ مِن وَطْءِ امْرَأتِه حتى يَتَيَقَّنَ أنَّها ليسَتِ التي وَقَعَتِ اليَمِينُ عليها، ولا يَتَحَقَّقُ حِنْثه حتى يأكُلَ التمْرَ كُلَّه. وتابعَه على ذلك ابنُ البَنَا. وقال أبو الخَطَّابِ: هي باقِيَةٌ على الحِلِّ إذا لم يتحَقَّقْ أنَّه أكَلَها. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِن الأصحابِ. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا شَكَّ، هل أكَلْتُ أم لا؟ أمَّا إنْ تحَقَّقَ أنَّه أكَلَها، فإنَّه يَحْنَثُ، وإنْ تحَققَ عدَمَ أكْلِها، لم يَحْنَثْ، قوْلًا واحدًا فيهما.
فائدة: لو علَّق الطَّلاقَ على عدَمِ شيءٍ وشَكَّ في وُجودِه، فهل يقَعُ الطلاقُ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يقَعُ. وهو المذهبُ عندَ صاحبِ «المُحَرَّرِ» ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ النِّكاحِ وعدَمُ وُقوعِ الطَّلاقِ. والثَّاني، يقَعُ. ونقَل مُهَنَّا، عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ما يدُلُّ عليه. وجزَم به ابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرَازِيُّ، والسَّامَرِّيُّ. ورَجَّحه ابنُ عَقِيلٍ في «فنونِه» .
وَإنْ قَال لِامْرَأتيهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ. يَنْوي وَاحِدَةً مُعَينَّةً، طَلُقَتْ وَحْدَهَا، وَإنْ لَمْ يَنْو، أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ.
ــ
قوله: وإنْ قال لامْرَأتَيه: إحْداكما طالقٌ. يَنْوي واحدَةً مُعَيَّنةً، طَلُقَتْ وَحْدَها -بلا خِلافٍ- وإنْ لم يَنْو، أُخْرِجَتِ المُطَلَّقَةُ بالقُرْعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِي: هذا الأشهَرُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وعليه عامَّةُ الأصحابِ، حتى إنَّ القاضِيَ في «تَعْليقِه» ، وأبا محمدٍ، وجماعَةً لا يذْكُرون خِلافًا. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُعيِّنُها الزَّوْح. وذكَر هذه الرِّوايةَ ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ» وغيرِها، في العِتْقِ أيضًا، وتَوقفَ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، مرَّةً فيها، في رِوايةِ أبِي الحارِثِ.
فوائد؛ الأولَى، لا يجوزُ له أنْ يَطَأ إحْداهما قبلَ القُرْعَةِ أو التَّعْيِينِ، على الرِّوايةِ الأخْرَى، وليسَ الوَطْءُ تَعْيِينًا لغيرِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي. وقطَع به في «الفُروعِ» ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وغيرُهما. وقال في «الرِّعايَةِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» . وذكَر في «التّرْغيبِ» وَجْهًا، أنَّ العِتْقَ كذلك، كما ذكَرَه القاضي.
الثَّانيةُ، لا يقَعُ الطَّلاقُ بالتعْيِينِ. بل تَبَيَّنَ وُقوعُه به. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: بلَى.
الثَّالثةُ، لو ماتَ، أقْرَعَ وارِثُه بينَهما، فمَنْ وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ بالطَّلاقِ، فحُكْمُها في المِيراثِ حُكْمُ ما لو عينَّهَا بالتَّطْليقِ عنهما. قاله الشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: وإنْ ماتَ، أقْرَعَ وارِثُه. وقال في «الرِّعايةِ»: وإنْ مات، فوَارِثُه كهو في ذلك. وقيل: يَقِفُ الأمْرُ حتى يَصْطَلِحُوا. قال في «القاعِدَةِ السِّتِّين بعدَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِائَةِ»: تُخْرَجُ المُطَلَّقَةُ بالقُرْعَةِ، وتَرِثُ البَواقِي، كما نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايةِ الجماعَةِ على أن (1) الوَرثَةَ يُقْرِعون بينَهُنَّ. والمُصَنِّفُ يُوافِقُ على القُرْعَةِ بعدَ الموتِ، وإنْ لم يَقُلْ بها في المَنْسِيَّةِ.
الرَّابعَةُ، إذا ماتَتْ إحْداهما، ثم ماتَ هو قبلَ البَيانِ، فكذلك. قدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي» . والإقْراعُ إذا ماتَتْ واحدةٌ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: هل للوَرَثَةِ البَيانُ مُطْلَقًا؟ على وَجْهَين. وإنْ صحَّ بَيانُهم فعَيَّنوا المَيِّتةَ، قُبِلَ قوْلُهم، وإن عيَّنوا الحَيَّةَ، حَلَفُوا
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنهم لا يَعْلَمون طَلاقَ المَيِّتةِ.
الخامِسةُ، إذا ماتَتِ المرْأتانِ، أو إحْداهما، عيَّن المُطَلِّقُ؛ لأجْلِ الإرْثِ، فإنْ كان نَوَى المُطَلَّقَةَ، حَلَفَ لوَرَثَةِ الأخْرَى أنَّه لم ينْوها، ووَرِثَها، أو الحَيَّةَ، ولم يَرِثِ المَيِّتةَ. وإنْ كان ما نَوَى إحْداهما، أقْرَعَ، على الصَّحيحِ، أو يُعَيِّنُ، على الرِّوايةِ الأخْرَى، فإنْ عيَّن الحَيَّةَ للطَّلاق، صحَّ، وحَلَفَ لورَثَةِ المَيِّتةِ أنَّه لم
وَإن طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَينهَا وَأُنْسِيَهَا، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.
ــ
يُطَلِّقْها، ووَرِثَها، وإنْ عيَّنها للطَّلاقِ، لم يَرِثْها، وحَلَفَ للحَيَّةِ. وعنه، [يُعْتَبَرُ لهما](1) ما إذا ماتا حتى يَتبَيَّن الحالُ. السَّادسةُ، لو قال لزَوْجَتَيه، أو أمَتَيه: إحْداكما طالِق أو حُرة غدًا. فماتَتْ إحْداهما قبلَ الغَدِ، طَلُقَتْ وعتَقَتِ الباقِيَةُ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ». وقيل: لا تَطْلُقُ ولا تَعْتِقُ إلا بقُرْعَةٍ تُصِيبُها كمَوْتِهما (2)، وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» في مسْألةِ الزوْجتَين. وأطْلَقهما في «الفُروع» .
قوله: وإنْ طَلَّقَ واحِدَةً بعَينها وأُنسيَها، فكذلك عندَ أصحابِنا. يعْنِي، أنَّ المَنْسِيَّةَ تُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. وهذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه
(1) في الأصل: «يعتزلهما» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الله. واخْتارَه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ» : هذا المَشْهورُ، وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مَنْصوصُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وعليه عامَّةُ الأصحابِ؛ الخِرَقِيُّ، والقاضي وأصحابُه، وغيرُهم. وقال المُصَنِّفُ هنا: والصحيحُ أن القُرْعَةَ لا مدْخَلَ لها هنا، ويَحْرُمان عليه جميعًا، كما لو اشْتَبَهتْ أُخْتُه بأجْنَبِيَّةٍ. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الله، واخْتارَها المُصَنِّفُ. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» . فعلى المذهبِ، يحِلُّ له وَطْءُ الباقِي مِن نِسائِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: ويحِلُّ له وَطْءُ البواقِي على المذهبِ الصَّحيحِ المَشهورِ. فعلى اخْتِيارِ المُصَنِّفِ، يجِبُ عليه
وَالصَّحِيحُ أنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هاهنَا، وَتَحْرُمَانِ عَلَيهِ جَمِيعًا، كَمَا لَو اشْتَبَهَتِ امْرَأتهُ بِأجْنَبِيَّةٍ.
ــ
نفَقَتُهُنَّ. وكذا على المذهبِ قبلَ القُرْعَةِ.
وَإنْ تَبَيَّنَ أنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيرُ الّتِي خَرَجَتْ عَلَيهَا الْقُرْعَةُ، رُدَّتْ إِلَيهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، إلا أن تَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَتْ، أو تَكُونَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ،
ــ
قوله: وإنْ تَبَيَّنَ أنَّ المُطَلَّقَةَ غيرُ التي خَرَجَتْ عليها القُرْعَةُ، رُدَّتْ إليه في ظاهِرِ كلامِه، إلَّا أنْ تَكُونَ قد تَزَوَّجَتْ، أو تَكُونَ -أي القُرْعَةُ- بحُكْمِ حاكِم.
وَقَال أبو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: تَطْلُقُ الْمَرْأتَانِ.
ــ
وهذا المذهبُ فيهما، وعليه جُمهورُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» . وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: تَطْلُقُ المرْأتان. وقدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِين، أنَّها تُرَدُّ إليه مُطْلَقًا، فإنَّه قال: إنْ ذكَر المُطَلِّقُ أنَّ المُعَيَّنةَ غيرُ التي وقَعَت عليها القُرْعَةُ، طَلُقَتْ، ورَجَعَتْ إليه التي وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ.
وَإنْ طَارَ طَائِرٌ، فَقَال: إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِق. وَلَمْ يَعْلَمْ حَالهُ، فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ.
ــ
قوله: وإنْ طارَ طائِرٌ، فقال: إنْ كانَ هذا غُرابًا ففُلانَةُ طَالق، وإنْ لم يَكُنْ غُرابًا ففُلانَةُ طالق. ولم يَعْلَمْ حاله، فهي كالمَنْسِيَّةِ. يعْنِي، في الخِلافِ والمذهبِ. وهو صحيحٌ، وقاله الأصحابُ.
فائدة: لو قال: إنْ كانَ غُرابًا فامْرأتِي طالِقٌ. وقال آخَرُ: إنْ لم يكُنْ غُرابًا فامْرَأتِي طالِق. ولم يعْلَمَاه، لم تَطْلُقا، ويَحْرُمُ عليهما الوَطْءُ، إلَّا مع اعْتِقادِ أحَدِهما خَطأ الآخَرِ، في أصحِّ الوَجْهَين فيهما. نقَل ابنُ القاسِمِ، فليَتَّقِيا الشُّبْهَةَ. قاله في «الفُروعِ». قال في «القَواعِدِ»: فيها وَجْهان؛ أحدُهما، يبني كلُّ واحدٍ منهما على يَقِينِ نِكاحِه، ولا يُحْكَمُ عليه بالطلاقِ؛ لأنَّهُ مُتَيَقِّن لحِلِّ زوْجَتِه شَاكٌّ في تحْريمِها. وهذا اخْتِيارُ القاضي، وأبي الخَطَّابِ، وكثير مِن المُتأخِّرِين. وقال في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «القَواعِدِ» ، وغيرِهم: إنِ اعْتقَدَ أحدُهما خطَأ الآخَرِ، فله الوَطْءُ، وإنْ شكَّ ولم يَدْرِ، كَفَّ
وإنْ قَال: إِنْ كَانَ غرَابًا فَفلَانَةُ طَالِقٌ، وَإنْ كَان حَمَامًا فَفُلَانَة طَالِق. لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ.
ــ
حَتْمًا عندَ القاضي. وقيل: وَرَعًا عندَ ابنِ عَقِيلٍ. وقال في «المُنْتَخَبِ» : إمْساكُه عن تصَرُّفِه في العَبِيدِ كوَطْئِه، ولا حِنْثَ. واخْتارَ أبو الفَرَجِ في «الإيضاحِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، والحَلْوانِيُّ، وابْنُه في «التَّبصِرَةِ» ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، وُقوعَ الطلاقِ. وجزَم به في «الروْضَةِ» ، فيُقْرَعُ. وذكَره القاضي المَنْصُوصَ، وقال أيضًا: هو قِياسُ المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الرابِعَةَ عَشْرَةَ» : وذكَر بعْضُ الأصحابِ احْتِمالًا يقْتَضِي وُقوعَ الطلاقِ بهما. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: هو ظاهِرُ كلامِ الأمامِ أحمدَ، رحمه الله. وذكَره. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مِثْلُه في العِتْقِ (1). يعْنِي في المَسْألةِ الآتيةِ بعدَ ذلك.
قوله: وإنْ قال: إنْ كانَ غُرابًا ففُلانَةُ طالق، وإنْ كانَ حَمامًا ففُلانَةُ طالق. لم تَطْلُقْ واحدَةٌ منهما إذا لم يَعْلَمْ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قلتُ: لو قيلَ: إن هذه المَسْألةَ تتَمَشَّى على كلامِ الخِرَقيِّ في مَسْألةِ الشكِّ في عدَد الطلاقِ، وأَكْلِ
(1) في ط، ا:«المعتق» . وانظر الفروع: 5/ 461.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التمْرَةِ. لَمَا كان بعيدًا.
وَإنْ قَال: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. فَقَال آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. وَلَمْ يَعْلَمَاهُ، لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنِ اشْتَرَى
ــ
قوله: وإنْ قال: إنْ كانَ غُرابًا فعَبْدِي حُر. فقال آخَرُ: إنْ لم يَكُنْ غُرابًا فعَبْدِي حُر. ولم يَعْلَماه، لم يَعْتِقْ عَبْدُ واحِدٍ منهما. قال في «القَواعِدِ»: فالمَشْهورُ أنَّه لا يَعْتِقُ واحدٌ مِنَ العَبْدَين. فدَلَّ على خِلافٍ، والظَّاهِرُ، أن القَوْلَ الآخَرَ هو القَوْلُ بالقُرْعَةِ. وقال في «القاعِدَةِ الرابعَةَ عَشْرَةَ»: لو كانَتا أمَتَينِ، ففيهما الوَجْهان. وقِياسُ المَنْصوصِ هنا، أنْ يَكُفَّ كُلُّ واحِدٍ عن وَطْءِ أمَتِه حتى يتَيَقَّنَ.
أحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ، أُقْرِعَ بَينَهُمَا حِينَئِذٍ. وَقَال الْقَاضِي: يَعْتِقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ.
ــ
قوله: فإنِ اشْتَرَى أحَدُهما عَبْدَ الآخَرِ، أُقْرِعَ بينَهما حينئذٍ. هذا المذهبُ، اخْتارَه أبو الخطابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القاعِدَةِ الأخيرةِ»: وهذا أصحُّ. وقاله في «الرابِعَةَ عَشْرَةَ» . وقدَّمه في «النَّظْمِ» . وقال القاضي: يَعْتِقُ الذي اشْتَراه مُطْلَقا. وجزَم به في «الوَجيزِ» . [وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -ذكراه في بابِ الوَلاءِ- و «النِّهايَةِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه](2). وقيل: يعْتِقُ الذي اشْترَاه إنْ كانَا تَكاذَبا قبلَ ذلك. [قال في](1)
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[«المُحَرَّرِ»: وقيلَ: إنَّما يعْتِقُ إذا تَكاذَبا، وإلَّا يعْتِقُ أحدُهما بالقُرْعَةِ. وهو الأصحُّ، وتَبِعَه في «تَجْريدِ العِنايَةِ»](1). وأطْلَقَهن في «الفُروعِ» . وذكَر هذه ونَظيرَتَها في الطَّلاقِ، في آخِرِ كتابِ العِتْقِ. فعلى قولِ القاضي، وَلاؤه مَوْقوفٌ حتى يتَصادَقَا على أمْرٍ يتفِقان عليه. وعلى المذهبِ، إنْ وقَعَتِ الحُرِّيَّةُ على المُشْتَرِي، فكذلك، وإنْ وقَعَتْ على عَبْدِه، فوَلاؤه له. قال في «القَواعِدِ»: ويتَوَجَّهُ أنْ يُقال: يُقْرَعُ بينَهما، فمَنْ قَرَعَ، فالوَلاءُ له. كما تقدَّم مِثْلُ ذلك في الوَلَدِ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذي يدَّعِيه أبَوان، وأوْلَى.
فائدة: لو كانَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بينَ مُوسِرَين، فقال أحدُهما: إنْ كان غُرابًا فنَصِيبِي حُرٌّ. وقال الآخَرُ: إنْ لم يَكُنْ غُرابًا فنَصِيبِي حُرٌّ. عَتَقَ على أحَدِهما. فيُمَيَّزُ بالقُرْعَةِ، والوَلاءُ له.
وَإنْ قَال لِامْرأتِهِ وَأجْنَبِيَّةٍ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ. أوْ قَال: سَلْمَى طَالِقٌ. وَاسْمُ امْرَأتِهِ سَلْمَى، طَلُقَت امْرَأتُهُ، فَإِنْ أرَادَ الْأجْنَبِيَّةَ، لَمْ تَطْلُقِ امْرَأتُهُ، وَإنِ ادَّعَى ذَلِكَ دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: وإن قال لامْرَأتِه وأجْنَبِيَّةٍ: إحْداكما طالقٌ. أو قال: سَلْمَى طالق. واسْمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
امْرَأتِه سَلْمَى، طَلُقَتِ امْرَأتُه، فإنْ أرادَ الأجْنَبِيَّةَ، لم تَطْلُقِ امْرَأتُه، وإنِ ادَّعَى ذلك دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وهما وَجْهان مُخَرَّجان في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ؛ إحْداهما، لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ إلَّا بقَرِينَةٍ. وهو المذهبُ. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رجُلٍ تزَوَّجَ امْرأةً، فقال لحَماتِه: ابْنَتُك طالِق. وقال: أرَدْتُ ابْنَتَكِ الأُخْرَى التي ليستْ بزَوْجَتِي. فلا يُقْبَلُ منه. ونقَل أبو داودَ، في مَن له امْرأتان اسمهما واحدٌ، ماتتْ إحْداهما، فقال: فُلانَةُ طالِق. يَنْوي المَيِّتةَ، فقال: المَيِّتةُ تَطْلُقُ؟! كأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، أرادَ أنَّه لا يُصدِّقُ حُكْمًا. والرِّوايةُ الثانيةُ،
وَإنْ نَادَى امْرأتَهُ، فَأجَابَتْهُ امْرأةٌ لَهُ أُخْرَى، فَقَال: أنْتِ طَالِقٌ. يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ، طَلُقَتَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، وَالأُخْرَى، تَطْلُقُ الَّتِي نَادَاهَا.
ــ
يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وهو تَخْريجٌ في «المُحَرَّرِ» ، وقوْلٌ في «الرِّعايَةِ الصُّغرَى». وفي «الانْتِصارِ» خِلافٌ في قوْلِه لها ولرَجُلٍ: أحَدُكما (1) طالِقٌ. هل يقَعُ بلا نِيَّةٍ؟
قوله: وإنْ نادَى امْرَأتَه، فأجابَتْه امْرأة له أُخْرَى، فقال: أنتِ طالِق. يَظنُّها المناداةَ، طَلُقَتا في إحدَى الرِّوايتَين. واخْتارَها ابنُ حامِدٍ. قاله الشارِحُ. والأُخْرى، تَطْلُقُ التي نادَاها فقط. نقَلَها مُهَنَّا. وهو المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ:
(1) في ط، ا:«إحداهما» .
وَإنْ قَال: عَلِمْتُ أنَّهَا غَيرُهَا، وَأرَدْتُ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ. طَلُقَتَا مَعًا، وَإنْ قَال: أردْتُ طَلَاقَ الثَّانِيَةِ. طَلُقَتْ وَحْدَهَا.
ــ
لا يخْتَلِفُ كلامُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه لا تَطْلُقُ غيرُ المُناداةِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والعِشْرِينَ بعدَ المِائَةِ»: هذا اخْتِيارُ الأكثرينَ؛ أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، والقاضي. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «القَواعِدِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، في رِوايةِ أحمدَ بن الحُسَينِ، أنَّهما تَطْلُقان جميعًا، ظاهِرًا وباطِنًا. وزَعَم صاحبُ «المُحَررِ» أنَّ المُجِيبَةَ إنما تَطْلُقُ ظاهِرًا.
قوله: وإنْ قال: عَلِمْتُ أنها غَيرُها، وَأرَدْتُ طلاقَ المُناداةِ. طَلُقَتا مَعًا، وإنْ قال: أرَدْتُ طَلاقَ الثَّانِيَةِ. طَلُقَتْ وَحْدَها. بلا خِلافٍ أعْلَمُه.
وَإنْ لَقِيَ أجْنَبِيَّةً ظَنَّهَا امْرأتَهُ، فَقَال: فُلَانَةُ، أنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتِ أمْرَأتهُ.
ــ
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ لَقِيَ أجْنَبِيَّةً فظنَّها امْرَأتَه، فقال: فلانَةُ، أنتِ طالق. طَلُقَتِ امْرَأتُه. إذا لم يُسَمِّها، بل قال: أنتِ طالِق. أنَّها لا تَطْلُقُ. وهو أحدُ الوَجْهَينِ. والصحيحُ مِن المذهبِ أنها لا تَطْلُقُ؛ سواء سماها أوْ لا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» .
فائدة: لو لَقِيَ امْرأتَه، فظنَّها أجْنَبِيَّةً -عكْسُ مسْألةِ المُصَنِّفِ- فقال: أنتِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طالِقٌ. ففي وُقوعِ الطلاق رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، و «الأصُولِيَّةِ» . وهما أصْلُ هذه المَسألةِ وغيرِها، وبَناهما أبو بَكْرٍ على أنَّ الصَّرِيحَ، هل يحْتاجُ إلى نِيَّةٍ أم لا؟ قال القاضي: إنَّما هذا (1) الخِلافُ في صُورَةِ الجَهْلِ بأهْلِيَّةِ المَحَلِّ، ولا يطَّرِدُ مع العِلْمِ. إحْداهما، لا يقَعُ (2). قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: العَمَلُ على أنّه لا يقَعُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الشَّرحِ» ، و «المُغْنِي» . وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . والرِّوايةُ الثّانيةُ، يقعُ. جزَم به في «تَذكِرَةِ ابنِ عَقِيل» ، و «المُنَوِّرِ». قال في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»: دُيِّنَ (3)، ولم يُقْبَلْ حُكمًا. وكذا حُكْمُ العِتقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يقَعُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في من قال: يا غُلامُ، أنْتَ حُرٌّ. يعْتِقُ الذي نَواه. وقال في «المُنْتَخَبِ»: أو (4) نَسِيَ أنَّ له عَبْدًا أو (5) زَوْجَةً، فَبانَ له.
(1) بعده في ط، ا:«على» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: ط.
(4)
في ط، ا:«لو» .
(5)
في ط، ا:«و» .