المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الرَّجْعَةِ ــ بابُ الرَّجْعَةِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٣

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌كتابُ الرَّجْعَةِ ــ بابُ الرَّجْعَةِ

‌كتابُ الرَّجْعَةِ

ــ

بابُ الرَّجْعَةِ

ص: 77

إِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ امْرَأتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا أقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، أو الْعَبْدُ وَاحِدَةً بِغَيرِ عِوَضٍ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، رَضِيَتْ أوْ كَرِهَتْ.

ــ

قوله: إذا طَلَّقَ [الحُرُّ](1) امْرَأتَه بعدَ دُخُولِه بها أقَلَّ مِن ثَلاثٍ، أو العَبْدُ واحِدَةً بغيرِ عِوَضٍ، فله رَجْعَتُها ما دامَتْ في العِدَّةِ، رَضِيَتْ أو كَرِهَتْ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: لا يُمَكَّنُ مِنَ الرَّجْعَةِ إلَّا مَنْ أرادَ إصْلاحًا وأمْسَكَ بمَعْروفٍ. فلو طَّلق إذًا، ففي تحْريمِه الرواياتُ. وقال: القُرآنُ يدُلُّ على أنَّه لا يمْلِكُه، وأنَّه لو أوْقَعَه لم يقَعْ، كما لو طلَّق

(1) سقط من: النسخ.

ص: 78

وَألفَاظُ الرَّجْعَةِ: رَاجَعْتُ امْرأتِي. أوْ: رَجَعْتهَا. أو: ارْتَجَعْتهَا. أَوْ: رَدَدْتهَا. أوْ: أمْسَكْتهَا.

ــ

البائِنَ، ومَنْ قال: إن الشَّارِعَ مَلَّكَ الإنْسانَ ما حَرُمَ عليه. فقد تَناقَضَ.

تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: بعدَ دُخولِه بها. أنَّه لو خَلَا بها ثم طلَّقها، يَمْلِكُ عليها الرَّجْعَةَ؛ لأن الخَلْوَةَ بمَنْزِلَةِ الدخولِ. وهو صحيح. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهبِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا رَجْعَةَ بالخَلْوَةِ مِن غيرِ دُخولٍ. وأطلَقهما في «الخُلاصةِ» .

فائدة: الصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ وَلِيَّ المَجْنونِ يَمْلِكُ عليه (1) الرَّجْعَةَ. وقيل: لا يَمْلِكُها.

قوله: وألْفاظُ الرَّجْعَةِ: راجَعْتُ امْرَأتِي. أو: رجَعْتُها. أو: ارْتَجَعْتُها. أو:

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 79

فَإِنْ قَال: نَكَحْتُهَا. أو: تَزَوَّجْتُهَا. فَعَلَى وَجْهَينِ.

ــ

رَدَدْتُها. أو: أمْسَكْتُها. الصحيحُ مِن المذهبِ أن هذه الألفاظَ الخَمْسَةَ ونحوَها صَرِيحٌ في الرَّجْعَةِ، وعليه الأصحابُ. ولو زادَ بَعْدَ هذه الألفاظِ: للمَحَبَّةِ. أو: للإهانَةِ. ولا نِيَّةَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» وغيرِهمْ. وقيل: الصَّرِيحُ مِن ذلك لَفْظُ الرَّجْعَةِ. وهو تَخْريجٌ للمُصَنِّفِ، واحْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ» .

قوله: فإنْ قال: نَكَحْتُها. أو: تَزَوَّجْتُها. فعلى وَجهَين. عندَ الأكثرِ، وهما رِوايَتان في «الإيضاحِ» . وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ،

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الزُّبْدَةِ» ، و «المَذْهَبِ الأحمدِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «الإيضاحِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم، أحدُهما، لا تَحْصُلُ الرّجْعَةُ بذلك. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي. قاله في «المُبْهِجِ» . والوجْهُ الثاني، تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك. أوْمَأ إليه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله. قاله في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» . واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال في «المُوجَزِ» ، و «التبصِرَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك مع نِيَّةٍ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . قال في «المُنَوِّرِ» : وَ: نَكَحْتُها. و: تَزوَّجْتُها كِنايَة. وقال في «التّرْغِيبِ» : هل تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بكِنايةٍ، نحوَ: أعَدْتُكِ. أو: اسْتَدَمْتُكِ؟ فيه وَجْهان. قال في «الرِّعايتَين» : يَنْوي في قوْلِه: أعَدْتُكِ. أو: اسْتَدَمْتُكِ. فقط. وقال في «القاعِدَةِ التاسِعَةِ والثَّلاثينَ» :

ص: 81

وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا الإشْهَادُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

إنِ اشْترَطْنا الإشْهادَ في الرَّجْعَةِ، لم تَصِحَّ رجْعَتُها بالكِنايةِ، وإلَّا فوَجْهان. وأطْلقَ صاحِبُ «التَّرْغيبِ» وغيرُه الوَجْهَين، والأوْلَى ما ذَكَرْنا. انتهى.

قوله: وهل مِن شَرْطِها الإشْهادُ؟ على رِوَايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهَب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» . ويأتي قريبًا الخِلافُ في محَلِّ هاتَين الرِّوايتَين، إحْداهما، لا يُشْترَطُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ.

ص: 82

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ ومنهم أبو بَكْرٍ، والقاضي وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ، وابنُ عَقِيل، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، وغيرِهم. والثَّانِية،

ص: 83

وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّاقُ وَالظِّهَارُ وَالإيلَاءُ.

ــ

يُشْترَطُ. ونصَّ عليها في رِوايةِ مُهَنَّا. وعُزِيَتْ إلى اخْتِيارِ الخِرَقِيِّ، وأبي إسْحاقَ ابنِ شَاقْلَا في «تعَاليقِه» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . فعلى هذه الرِّوايةِ، إنْ أشْهَدَ وأوْصَى الشهودَ بكِتْمانِها، فالرَّجْعَةُ باطِلَةٌ. نصَّ عليه. ويأتِي، إذا ارْتَجعَها في عِدَّتِها، وأشْهَدَ على رَجْعَتِها مِن حيثُ لا تَعْلَمُ، في كلامِ المُصَنِّفِ.

قوله: والرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُها الطلاقُ والظِّهارُ والإيلاءُ. وكذا اللعانُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ الإيلاءُ منها. فعلى المذهبِ، ابْتِداءُ المُدَّةِ مِن حينِ اليَمِينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وأخَذَ المُصَنِّفُ مِن قولِ الخِرَقِيِّ بتَحْريمِ الرجْعِيَّةِ، أن ابْتِداءَ المُدَّة لا يكونُ إلَّا

ص: 84

وَيُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤهَا، وَالْخَلْوَةُ وَالسَّفَرُ بِهَا، وَلَهَا أن تَتَشَرَّفَ لَهُ وَتَتَزَيَّنَ، وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا، نَوَى الرَّجْعَةَ بِهِ أوْ لَمْ يَنْو.

ــ

مِن حينِ الرَّجْعَةِ. قال الزَّرْكَشيُّ: يجِئُ هذا على قَوْلِ أبي محمدٍ: إذا كانَ المانِعُ مِن جِهَتِها، لم يُحْتَسَبْ عِلْمُه بمُدَّتِه. أمَّا على قوْلِ غيرِه بالاحْتِسابِ، فلا يتَمَشَّى.

[تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: والرَّجْعِيَّةُ زوْجَةٌ. أنَّ لها القَسْمَ. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وصرَّح المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1)، أنَّه لا قَسْمَ لها. ذكره في الحَضانَةِ، عندَ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: وإذا أُخِذَ الوَلَدُ مِن الأمِّ إذا تزَوَّجَتْ ثم طَلُقَتْ](2).

قوله: ويباحُ لزَوْجِها وَطْؤها، والخَلْوَةُ والسَّفَرُ بها، ولها أنْ تَتَشَرَّفَ له وتَتَزَيَّنَ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «إدْراكِ الغايةِ» : هذا أظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «الهِدايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» أيضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: والمذهبُ المَشْهورُ المَنْصوصُ، حِلُّها. وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وعنه، ليستْ مُباحَةً حتى يُراجِعَها بالقَوْلِ. وهو ظاهِرُ

(1) 11/ 427.

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . فعلى هذا، هل مِن شَرْطِها الإشْهادُ؟ على الروايتَين المُتقَدِّمتَين. وبَناهما على هذه الرِّوايةِ في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو واضِحٌ. أمَّا إنْ قُلْنا: تحْصُلُ الرجْعَةُ بالوَطْءِ. فكَلامُ المَجْدِ يقْتَضِي أنَّه لا يُشْتَرَطُ الإشْهادُ. رِوايةً واحدةً. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعامَّةُ الأصحابِ يُطْلِقونَ الخِلافَ، وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «التَّعْلِيقِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وألزَمَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، بإعْلانِ الرَّجْعَةِ، والتَّسْريحِ، والإشْهادِ؛ كالنِّكاحِ والخُلْعِ عندَه، لا على ابْتِداءِ الفُرْقَةِ.

قوله: وتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها؛ نَوَى الرَّجْعَةَ به أو لم يَنْو. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ، والقاضي وأصحابُه. قال في «المُذْهَبِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ»: تحْصُلُ الرجْعَةُ بوَطْئِها. وجزَم به في «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» وغيرِهما. [قال في «الكافِي»: هذا ظاهِرُ المذهبِ] (1). وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفُروعِ» . وعنه، لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك إلا مع نِيَّةِ الرَّجْعَةِ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ. قال ابنُ أبِي مُوسى: إذا نَوَى بوَطْئِه الرَّجْعَةَ، كانتْ رَجْعَةً. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله. وقيل: لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها مُطْلَقًا. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 86

وَعَنْهُ لَيسَتْ مُبَاحَةً، وَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا، وَإنْ أَكْرَهَهَا عَلَيهِ، فَلَهَا الْمَهْرُ إِذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا بَعْدَهُ.

ــ

تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ: واعلمْ أنّ الأصحابَ مُخْتَلِفونَ في حُصولِ الرَّجْعَةِ بالوَطْءِ؛ هل هو مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بحِلِّ الرَّجْعِيّةِ، أم مُطْلَقٌ؟ على طَرِيقَتَين؛ إحْداهما -وهي طريقةُ الأكْثَرِين؛ منهم القاضي في «الرِّوايتَين» ، و «الجامِعِ» ، وجماعَةٌ- عدَمُ البِناءِ. والطَّريقةُ الثانيةُ -وهو مُقْتَضَى كلامِ أبي البَرَكاتِ، ويَحْتَمِلُها كلامُ القاضي في «التَّعْليقِ» - البِناءُ.

فإنْ قلْنا: الرَّجْعِيَّةُ مُباحَةٌ. حصَلَتِ الرّجْعَةُ بالوَطْءِ، وإنْ قُلْنا: غيرُ مُباحَةٍ. لم تحْصُلْ. وهي طَريقةُ أبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ» ؛ فإنَّه قال: لعَلَّ الخِلافَ مَبْنِيٌّ على حِلِّ الوَطْءِ وعدَمِه. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين» : وهل تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها؟ على رِوايتَين؛ مأْخَذُهما عندَ أبِي الخَطَّابِ الخِلافُ في وَطْئِها، هل هو مُباحٌ أو مُحَرمٌ؟ والصَّحيحُ، بِناؤُه على اعْتِبارِ الإِشْهادِ للرَّجْعِيّةِ وعدَمِه؛ وهو البِناءُ المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، ولا عِبْرَةَ بحِلِّ الوَطْءِ

ص: 87

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا عدَمِه، فلو وَطِئَها في الحَيضِ أو غيرِه، كان رَجْعَةً. انتهى. فعلى القَوْلِ بأنَّ الرجْعَةَ لا تحْصُلُ بوَطْئِه، وأنَّ وَطْأها غيرُ مُباحٍ، جزَم المُصَنِّفُ بأن لها المَهْرَ إذا أكْرَهَها على الوَطْءِ إنْ لم يَرْتَجِعْها بعدَه. وهو أحدُ الوُجوهِ. وقيل: يجِبُ المَهْرُ؛ سواءٌ ارْتَجَعها أو لم يَرْتَجِعْها. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . قال في «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ»: وهو ضعيفٌ. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَلْزَمُه مَهْرٌ إذا أكْرَهَها على الوَطْءِ؛ سواءٌ ارْتَجعَها أو لم يَرْتَجِعْها، وسواءٌ قُلْنا: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ

ص: 88

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بوَطْئِها، أو لم تحْصُلْ. اخْتارَه الشارِحُ، والقاضي في «الجامِعِ» ، و «التّعْليقِ» ، والشَّرِيفُ في «خِلافِه» . وصحّحه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» ، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ. وقدمه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» ، و «الزُّبْدَةِ» ،

ص: 89

وَلَا تَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَالنَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا، وَالْخلْوَةِ بِهَا لِشَهْوَةٍ. نَصَّ عَلَيهِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَينِ.

ــ

و «الفُروعِ» . وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وأَطْلَقَ في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، في وُجوبِ المَهْرِ للمُكْرَهَةِ (1) وَجْهَين.

قوله: ولا تَحْصُلُ بمُباشَرَتِها، والنَّظَرِ إلى فَرْجِها، والخَلْوَةِ بها لشَهْوَةٍ، نصَّ عليه. في رِوايةِ ابنِ (2) القاسِمِ، في المُباشَرَةِ والنَّظَرِ. يعْنِي، إذا قُلْنا: تَحْصُلُ بالوَطْءِ. لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك. أمَّا مُباشَرَتُها والنَّظَرُ إلى فَرْجِها، فلا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بأحَدِهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. وقدَّمه في «المُحَرّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وخرَّجه ابنُ حامِدٍ على وَجْهَين مِن تحْريمِ المُصاهَرَةِ بذلك. قال القاضي: يُخَرَّجُ رِوايةً

(1) في ط: «للمكره» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 90

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّها تحْصُلُ؛ بِناءً على تَحْريمِ المُصاهَرَةِ، وخرَّجه المَجْدُ مِن نصِّه على أن الخَلْوَةَ تحْصُلُ بها الرجْعَةُ، قال: فاللَّمْسُ ونظَرُ الفَرْجِ أوْلَى. انتهى. وأمَّا الخَلْوَةُ؛ فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أَيضًا، أنَّ الرَّجْعَةَ لا تحْصُلُ بها. كما قدَّمه المُصَنِّفُ هنا. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وقيل: تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بالخَلْوَةِ. وهو رِوايةٌ نقَلَها ابنُ مَنصُورٍ، وعليه أكثرُ الأصحابُ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهما: هذا قولُ أصحابِنا. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها، وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وأطْلقَ الخِلافَ في «المُذْهَبِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الخُلاصَةِ» .

تنبيه: ظاهِرُ قولِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ قوْلَه: نصَّ عليه. يشْمَلُ الخَلْوَةَ. قال

ص: 91

وَلا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِشَرْطٍ، وَلَا الارْتِجَاعُ في الرِّدَّةِ.

ــ

الزَّرْكَشِيُّ: وليس كذلك؛ فإنَّ النَّصّ إنَّما ورَدَ في المُباشَرَةِ والنَّظَرِ فقط. قلتُ: وحكَى في «الرِّعايتَين» في حُصولِ الرَّجْعَةِ بالخَلْوَةِ رِوايتَين. وحكَاهما في «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» وَجْهَين.

فائدتان؛ إحْداهما، لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بإنْكارِ الطَّلاقِ. قاله في «التَّرْغيبِ» ، في بابِ التَّدْبيرِ، وقاله في «الرِّعايتَين» وغيرِهما.

الثَّانيةُ، قولُه: ولا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بشَرْطٍ. فلو قال: راجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ. أو: كُلَّما طَلَّقْتُكِ فقد راجَعْتُكِ. لم يصِحَّ، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو عكَسَ فقال: كلَّما راجَعْتُكِ فقد طَلّقْتُكِ. صحّ، وطَلُقَتْ.

قوله: ولا يَصِحُّ الارْتجاعُ في الرِّدَّةِ. إنْ قُلْنا: تُتَعَجّلُ الفُرْقَةُ بمُجَرّدِ الرِّدَّةِ، لم يصِح الارْتجاعُ؛ لأنَّها قد بانَتْ، وإنْ قُلْنا: لا تُتَعَجَّلُ. فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّ الارْتجاعَ لا يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ،

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِهم. وقدّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. [وأطْلَقهما في «الفُروعِ»](1). وقال ابنُ حامِدٍ والقاضي: إنْ قُلْنا: تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ بالرِّدّةِ. لم تصِح الرَّجْعَةُ، وإنْ قُلْنا: لا تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. فالرَّجْعَةُ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 93

فَإِنْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ، فَهَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

موْقُوفَةٌ. قال الشَّارِحُ تبَعًا للمُصَنِّفِ: وهذا يَنْبَغِي أنْ يكونَ فيما إذا راجَعَها بعدَ إسْلامِ أحَدِهما. انتهى. وتقدَّم حُكْمُ الرَّجْعَةِ في الإحْرامِ، في بابِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ.

قوله: فإنْ طَهُرَتْ مِنَ الحَيضَةِ الثَّالِثَةِ ولمَّا تَغْتَسِلْ، فهل له رَجْعَتُها؟ على رِوايتَين. ذكَرَهما ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وذكَرَه في العِدَّةِ؛ إحْداهما،

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له رَجْعَتُها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ حَنْبَلٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال به كثيرٌ مِن أصحابِنا. قال في

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، وغيرِهما: قال أصحابُنا: له أنْ يرْتَجِعَها. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، واختِيارُ أصحابِه؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي، والشَّرِيفِ، والشِّيرازِيِّ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين». قال في «الخُلاصَةِ»: له ارْتجاعُها قبلَ أنْ تَغْتَسِلَ، على الأصحِّ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليسَ له رَجْعَتُها، بل تَنْقَضِي العِدّةُ بمُجَرّدِ انْقِطاعِ الدَّمِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: وهو الصَّحيحُ. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في مَسائلَ في الطَّلاقِ.

تنبيه: ظاهِرُ الرِّوايَةِ الأُولَى، أنّ له رَجْعَتَها ولو فرَّطَتْ في الغُسْلِ سِنِين، حتَّى قال به شَرِيكٌ القاضي عِشْرِين سنَةً. وذكَرَها ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي» إحْدَى الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وجماعةٍ. ويأْتِي حِكايَتُه عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وعنه، بمُضِيِّ وَقْتِ صلاةٍ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ويأْتِي نظِيرُ ذلك عندَ قوْلِه: والقُرْءُ الحَيضُ.

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، محَلُّ الخِلافِ في إباحَتِها للأزْواجِ وحِلِّها لزَوْجِها بالرَّجْعَةِ، أمّا ما عدا ذلك مِن انْقِطاعِ نفَقَتِها، وعدَمِ وُقوعِ الطَّلاقِ بها، وانْتِفاءِ المِيراثِ، وغيرِ ذلك، فيَحْصُلُ بانْقِطاعِ الدَّمِ. رِوايةً واحدةً. قاله القاضي وغيرُه، وذلك قَصْرًا على مَوْرِدِ حُكْمِ الصّحابَةِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجعَله ابنُ عَقِيلٍ [مَحَلًّا للخِلافِ](1)، وما هو ببعيدٍ.

الثَّانيةُ، لو كانتِ العِدّةُ بوَضْعِ الحَمْلِ، فوَضَعَتْ وَلَدًا وبَقِيَ معها آخَرُ، فله رَجْعَتُها قبلَ وَضْعِه. قاله الأصحابُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهل له رَجْعَتُها بعدَ وَضْعِ الجميعِ وقبلَ أنْ تَغْتَسِلَ مِن النِّفاسِ؟ قال ابنُ عَقِيلٍ: له رَجْعَتُها على

(1) في الأصل: «على الخلاف» .

ص: 97

وَإنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا، بَانَتْ، وَلَمْ تَحِلَّ إلا بِنِكَاحٍ

ــ

رِوايةِ حَنْبَلٍ، والصَّحيحُ أنَّه لا يَمْلِكُ رَجْعَتَها، وتُباحُ (1) لغيرِه؛ سواءٌ طَهُرَتْ مِنَ النِّفاسِ أوْ لا، نصَّ عبيه، وذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ» . انتهى. وجزَم بهذا في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . ويأْتِي نظِيرُ ذلك في أوَائلِ العِدَدِ.

قوله: وإنِ انْقَضَتْ عِدَّتُها ولم يُراجِعْها، بَانَتْ، ولم تَحِلَّ إلَّا بِنكاحٍ جَدِيدٍ،

(1) في الأصل: «تباع» .

ص: 98

جَدِيدٍ. وَتَعُودُ إِلَيهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، سَوَاءٌ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيرِهِ أَوْ قَبْلَهُ. وَعَنْهُ، إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيرِهِ، رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ.

ــ

وتعُودُ إليه على ما بَقِيَ من طَلاقِها؛ سَواءٌ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكاحِ زَوْجٍ غَيرِه أو قَبْلَه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وعنه، إنْ رجَعَتْ بعدَ نِكاحِ زَوْجٍ غيرِه، رجَعَتْ بطَلاقِ ثَلاثٍ. نقَلَها حَنْبَل. وتُلَقَّبُ هذه المَسْألةُ بالهَدْمِ؛ وهو أن نِكاحَ الثَّانِي هل يَهْدِمُ

ص: 99

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نِكاحَ الأوَّلِ، أمْ لا؟ قاله الزَّرْكَشِيُّ.

ص: 100

وَإنِ ارْتَجَعَهَا في عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ، وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أصَابَهَا، رُدَّتْ إِلَيهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي.

ــ

قوله: وإنِ ارْتَجَعَها في عِدَّتِها، وأشْهَدَ على رَجْعَتِها مِن حيث لا تعْلَمُ، فاعْتَدَّتْ، وتَزَوَّجَتْ مَن أصابَها، رُدت إليه، ولا يَطؤُها حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ،

ص: 101

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، أنَّها زوْجَةُ الثَّاني إنْ كان أصابَها. نقَلَها الخِرَقِيُّ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، هل تَضْمَنُ المَرْأةُ لزَوْجِها المَهْرَ، أمْ لا؟ على

ص: 102

وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأةُ، لَمْ يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا، لَكِنْ مَتَى بَانَتْ مِنْهُ، عَادَتْ إِلَى الأوَّلِ بِغَيرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ.

ــ

وَجْهَين. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ» ؛ أحدُهما، تَضْمَنُ. اخْتارَه القاضي؛ لأنَّ خُروجَ البُضْعِ مُتقَوَّمٌ. والثَّاني، لا تَضْمَنُ. ويأْتِي في بابِ الرَّضاعِ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنَّ خُروجَ البُضْعِ غيرُ مُتَقَوَّمٍ.

قوله: فإنْ لم تَكُنْ له بَيِّنةٌ برَجْعَتِها، لم تُقْبَلْ دَعْواه، لكنْ إنْ صَدَّقَه الزَّوْجُ الثَّاني، بانَتْ منه، وإنْ صَدَّقَتْه المَرْأةُ، لم يُقْبَلْ تَصْدِيقُها، لكنْ متى بانَتْ منه، عادَتْ

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى الأوَّلِ بغيرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الواضِحِ» : إنْ صدَّقَتْه، لم يُقْبَلْ، إلَّا أنْ يُحال بينَهما.

فائدة: لا يَلْزَمُها [المهْرُ للأولِ](1) إنْ صدَّقَتْه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يَلْزَمُها. اخْتارَه القاضي. وقال في «الواضِحِ» : إنْ صدَّقَتْه، لَزِمَها للثَّاني

(1) في ط، ا:«مهر الأول له» .

ص: 104

فَصْلٌ: وَإذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا إِذَا كَانَ مُمْكِنًا، إلا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيضِ في شَهْرٍ، فَلَا يُقْبَلُ إلا بِبَيِّنَةٍ.

ــ

مَهْرُها أو نِصْفُه، وهل يُؤْمَرُ بطَلاقِها؟ فيه رِوايَتان. انتهى. فإنْ ماتَ الأوَّلُ، والحالةُ هذه، وهي في نِكاحِ الثَّاني، فقال المُصَنِّفُ ومَنْ تَبِعَه: يَنْبَغِي أنْ تَرِثَه؛ لإقْرارِه بزَوْجِيَّتِها وتَصْديقِها له، وإنْ ماتَتْ، لم يرِثْها؛ لتَعلُّقِ حقِّ الثَّاني بالإرْثِ، وإنْ ماتَ الثاني، لم تَرِثْه؛ لإنْكارِها صِحَّةَ نِكاحِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: ولا يُمَكَّنُ مِن تَزْويجِ أُخْتِها ولا أرْبَعٍ سِواها.

قوله: وإذا ادَّعتِ المَرْأةُ انْقِضاءَ عِدَّتِها، قُبِلَ قَوْلُها إذا كانَ مُمْكِنًا، إلا أنْ تدَّعِيَه

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالحَيضِ في شَهْرٍ، فلا يُقْبَلُ إلا ببَيِّنةٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الوَجيزِ»: إذا ادَّعَتْه الحُرَّةُ بالحَيضِ في أقَلَّ مِن تِسْعَةٍ وعِشْرِين يَوْمًا ولَحْظَةٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وجزَم بما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» . وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم، كخِلافِ عادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ في أصحِّ الوَجْهَين. وظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ (1) قَبُولُ قَوْلِها مُطْلَقًا إذا كان مُمْكِنًا. واخْتارَه أبو الفَرَجِ. وذكَرَه ابنُ مُنَجَّى [في «شَرْحِه»](2)، و «الفُروعِ» رِوايةً عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، كثَلَاثَةٍ وثلاثين يَوْمًا. ذكرَه في «الواضِحِ» . و «الطَّريقِ الأقْرَبِ» .

(1) بعده في ط: «في» .

(2)

زيادة من: ش.

ص: 106

وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدّةِ مِنَ الأقْرَاءِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ إِذَا قُلْنَا: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ. وَأقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ. فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاُثونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ.

ــ

ذكَرَه في «الفُروعِ» ، في بابِ العِدَدِ. وأقَلُّ ما يُصَدَّقُ في ذلك تِسْعَةٌ وعِشرون يَوْمًا ولَحْظَةٌ. [وهو](1) مِنَ المُفْرَداتِ.

قوله: وأقَلُّ ما يُمكِنُ انْقِضاءُ العِدَّةِ به مِنَ الأقْراءِ تِسْعَة وعِشْرُون يَوْمًا ولَحْظَةٌ، إذا قُلْنا: الأقْراءُ الحِيَضُ. وأقَلُّ الطهْرِ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا -ولِلأمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ ولَحْظَةٌ- وإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُّ خَمْسَةَ عَشَرَ. فَثلاثَةٌ وثَلاثُون يَوْمًا ولَحْظَةٌ -وللأمَةِ

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 107

وَإنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الأطْهَارُ. فَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ. وَإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ.

ــ

سَبْعَةَ عَشَرَ ولَحْظَةٌ- وإنْ قُلْنا: القُرُوءُ الأطْهارُ. فثمانِيَة وعِشْرُون يَوْمًا ولَحْطان -ولِلأمَةِ أرْبَعَةَ عَشَرَ ولَحْظَتان- وإنْ قُلْنا: أقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فاثْنَان وثَلاثُون يَوْمًا ولَحْظتان- وللأَمةِ سِتَّةَ عَشَرَ ولَحْظَتان. هكذا قال كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ» : يكونُ تِسْعَةً وعِشْرِين يوْمًا ولَحْظَةً، إنْ قُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ، وإنّ أقَلّها يَوْمٌ، وإنّ أقَلَّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي أقَلِّهما مرَّتَين، واللَّحْظَةُ المذكُورةُ بقُرْءٍ لَحْظَةٌ مِن حَيضَةٍ ثالثةٍ في وجْهٍ؛ وذلك

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثمانِيَةٌ وعِشرون ولَحْظَتان. وإنْ طلَّق في سَلْخِ طُهْرٍ، وقُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ. ففي ثَلاثِ حِيَضٍ وطُهْرَين؛ وذلك تِسْعَةٌ وعِشْرون فقط. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي ثَلَاثَةِ أطْهارٍ وثَلاثِ حِيَضٍ ولَحْظَةٍ مِن حَيضَةٍ رابعَةٍ في وَجْهٍ؛ وذلك أحدٌ وأرْبَعُون يوْمًا ولَحْظَةٌ. وإنْ طلَّق في سَلْخِ حَيضَةٍ، وقُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ. ففي ثَلاثِ حِيَضٍ

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثَلَاثةِ أطْهارٍ؛ وذلك اثْنان وأرْبَعُون يوْمًا فقط. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي ثَلاثَةِ أطْهارٍ وحَيضَتَين ولَحْظَةٍ في وَجْهٍ مِن حَيضَةٍ ثالثَةٍ؛ وذلك أحدٌ وأرْبَعُون يوْمًا

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولَحْظَةٌ.

وأقَلُّ عِدَّةِ الأمَةِ أقَلُّ الحَيضِ مرَّتَينِ، وأقَلُّ الطهْرِ مَرَّةٌ ولَحْظَةٌ مِن طُهْرٍ طلَّقها فيه بلا وَطْءٍ؛ وذلك خَمْسَةَ عَشَرَ يوْمًا ولَحْظَةٌ إنْ قُلْنا: إن القُرْءَ حَيضَةٌ. وإنْ قُلْنا:

ص: 111

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القُرْءُ طُهْرٌ. فَأقَلُّهما ولَحْظَةٌ مِن طُهْرٍ طلَّق فيه بلا وَطْءٍ، ولَحْظَةٌ مِن حَيضَةٍ أخْرَى

ص: 112

وَإذَا قَالتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي. فَقَال: قَدْ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ. فَأنْكَرَتْهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا.

ــ

في وَجْهٍ. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .

قوله: وإذا قالتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي. فقال: قد كُنتُ راجَعْتُكِ. فأنكَرَتْه،

ص: 113

وَإنْ سَبَقَ فَقَال: ارْتَجَعْتُكِ. فَقَالتْ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا.

ــ

فالقَوْلُ قَوْلُها. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

قوله: وإنْ سَبَقَ، فقال: ارْتَجَعْتُكِ. فقالتْ: قدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قبلَ رَجْعَتِكَ. فالقَوْلُ قَوْلُه. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ» : والأصحُّ، القَوْلُ قوْلُه. قال في «الرِّعايتَين»: قُبِلَ قوْلُه في الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،

ص: 114

وَإنْ تَدَاعَيَا مَعًا، قُدِّمَ قَوْلُهَا. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ القُرْعَةُ.

ــ

و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال الخِرَقِيُّ: القَوْلُ قوْلُها. قال في «الواضِحَ» في الدَّعاوَى: نصَّ عليه. وجزَم به أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». قال في «الفُروعِ»: جزَم به ابنُ الجَوْزِيِّ. والذي رأَيتُه في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ما ذكَرْتُه أوَّلًا، فلعَلَّه اطَّلَع على غيرِ ذلك. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ.

قوله: وإنْ تَداعَيا معًا، قُدِّمَ قَوْلُها. هذا المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 115

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، [و «المُحَرَّرِ»] (1). وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». [قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ] (2). وقيل: يُقَدَّمُ قوْلُ مَنْ تقَعُ له القُرْعَةُ. وهو احْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» . وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، والزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُقَدَّمُ قوْلُه مُطْلَقًا.

(1) زيادة من: ش.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 116

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعِ» .

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا قُلْنا: القَوْلُ قولُه في المَسْألَةِ التي قبلَها. وهو واضِحٌ.

فائدة: متى قُلْنا: القَوْلُ قوْلُها. فمع يَمِينِها عندَ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي». وقال القاضي: قِياسُ المذهبِ، لا يجِبُ عليها

ص: 117

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَمِينٌ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ذكَرَها في «الرِّعايتَين» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «الحاوي». وكذا لو قُلْنا: القَوْلُ قولُ الزَّوْجِ. فعلى الأوَّلِ، لو نَكَلَتْ، لم يُقْضَ عليها بالنُّكولِ. قاله القاضي، وغيرُه. وللمُصَنِّفِ

ص: 118

فَصْلٌ: وَإنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ، وَيَطَأَها في الْقُبُلِ، وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرجِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ.

ــ

احْتِمالٌ، يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ إذا نَكَلَتْ وله الرَّجْعَةُ؛ بِناءً على القولِ برَدِّ اليَمِينِ.

تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: وإذا طلَّقَها ثَلَاثًا، لم تَحِلَّ له حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غيرَه، ويَطَأ في القُبُلِ. إذا كان مع انْتِشارٍ. قاله الأصحابُ.

وظاهرُ قوْلِه: وأدْنَى ما يَكْفِي مِنْ ذلك تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ. ولو كان خَصِيًّا أو

ص: 119

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نائمًا أو مُغْمًى عليه، وأدْخَلَتْ ذكَرَه في فَرْجِها، أو مَجْنونًا أو ظَنَّها أجْنَبِيَّةً. وهو المذهبُ في ذلك كلِّه. وقيل: يُشْترَطُ في الخَصِيِّ أنْ يكونَ ممَّنْ يُنْزِلُ. وقيل: لا تحِلُّ بوَطْءِ نائمٍ ومُغْمًى عليه ومَجْنُونٍ. وقيل: لا يُحِلُّها وَطْءُ مُغْمًى عليه ومَجْنُونٍ. وقيل: لو وَطِئَها يَظُنُّها أجْنَبِيّةً، لم يُحِلَّها. فالمذهبُ خِلافُه مع الإثْمِ.

ص: 120

فَإِنْ كَانَ مَجْبُوَبًا بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، فَأَوْلَجَهُ، أَوْ وَطِئَهَا زَوْجٌ مُرَاهِقٌ،

ــ

فائدة: قولُه: وإنْ كانَ مَجْبُوبًا، وبَقِيَ مِنْ ذَكَرِه قَدْرُ الحَشَفَةِ، فأوْلَجَه، أحَلَّها. هذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو بَقِيَ أكثرُ مِن قَدْرِ الحَشَفَةِ، فأوْلَجَ قَدْرَها. على

ص: 123

أَوْ ذِمِّيٌّ وهِيَ ذِمِّيَّةٌ، أَحَلَّهَا،

ــ

الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، لا يُحِلها إلَّا بإِيلاجِ كُلِّ البَقِيَّةِ.

قوله: أو وَطِئَها مُراهِقٌ، أحَلَّها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوي

ص: 124

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وقال القاضي: يُشْترَطُ أنْ يكونَ ابنَ اثْنَتَيْ

ص: 125

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَشْرَةَ سنَةً. ونقَلَه مُهَنَّا. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، عَشْرِ سِنِينَ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» . ويأْتِي في بابِ اللِّعانِ، أقَلُّ سِنٍّ يحْصُلُ به البُلوغُ للغُلامِ. وتقدَّم في بابِ الغُسْلِ.

ص: 126

وَإنْ وَطِئَهَا في الدُّبُرِ، أوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ، لَمْ تَحِلَّ، وَإنْ وُطِئَتْ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لَمْ تَحِلَّ في أصَحِّ الْوَجْهَينِ.

ــ

قوله: وإنْ وُطِئَتْ في نِكاح فاسِدٍ، لم تَحِلَّ في أصَحِّ الوَجْهَين. وكذا قال في «المُذْهَبِ» ، كالنِّكاحِ الباطِلِ، وفي الرِّدَّةِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: لم يُحِلَّها في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ونَصَره المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: تَحِلُّ. وهو تخْريجٌ لأبي الخَطَّابِ. فيَجِئُ عليه إحْلالُها بِنكاحِ المُحَلِّلِ. ورَدَّه المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» .

ص: 127

وَإنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا في حَيضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أوْ إِحْرَامٍ، أَحَلَّهَا. وَقَال أَصْحَابُنَا: لَا يُحِلُّهَا.

ــ

قوله: وإنْ وَطِئَها زَوْجُها في حَيضٍ، أو نِفاسٍ، أو إحْرامٍ -وكذا في صَوْمِ فَرْضٍ- أحَلَّها -هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحَ. وهو احْتِمالٌ لأبي الخَطَّابِ- وقال أصحابُنا: لا يُحِلُّها. وهو المذهبُ المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وعليه الأصحابُ، كما قال المُصَنِّفُ هنا. وأطْلَقَ وَجْهَين في «الخُلاصَةِ» .

فائدة: لو وَطِئَها وهي مُحَرَّمَةُ الوَطْءِ؛ لمَرَضٍ، أو ضِيقِ وَقْتِ صلاةٍ، أو في المَسْجِدِ، أو لقَبْضِ مَهْرٍ، ونحوه، أحَلَّها؛ لأنَّ الحُرْمَةَ لا لمَعْنًى فيها، بل (1) لحقِّ الله تعالى. وفي «عُيونِ المَسائلِ» ، و «المُفْرَداتِ»: مَنْعٌ وتَسْليمٌ. وقال

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 128

وَإنْ كَانَتْ أمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا، لَمْ تَحِلَّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَحِلَّ.

ــ

بعْضُ أصحابِنا: لا نُسَلِّمُ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، علَّلَه بالتَّحْريمِ، فنَطْرُدُه، وهذا قولُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، في جميعِ الأُصولِ؛ كالصَّلاةِ في دارِ غَصْبٍ، وثَوْبِ حَريرٍ. وقال في «القاعِدَةِ السادِسَةِ (1) والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: لو نَكَحَتِ المُطَلقَةُ ثلاثًا زَوْجًا آخَرَ فَخَلا بها ثم طلَّقها، وقُلْنا: يجِبُ عليها العِدَّةُ بالخَلْوَةِ وتَثْبُت الرَّجْعَةُ -وهو ظاهِرُ المذهبِ- ثم وَطِئَها في مُدَّةِ العِدَّةِ، فهل يُحِلها لزَوْجِها الأوَّلِ؟ على رِوايتَين. حكَاهما صاحِبُ «التَّرْغيبِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يُحِلُّها.

قوله: وإنْ كانت أمَةً، فاشْتَراها مُطَلِّقُها، لم تَحِلَّ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ويحْتَمِلُ أنْ تَحِلَّ.

(1) في النسخ: «الخامسة» .

ص: 129

وَإنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأتَهُ طَلْقَتَينِ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ، سَوَاءٌ عَتَقَا أَوْ بَقِيَا عَلَى الرِّقِّ.

ــ

قوله: وإنْ طَلَّقَ العَبْدُ امْرأَتَه طَلْقَتَين، لم تحِلَّ له حتَّى تَنْكِح زَوْجًا غيرَه؛ سَواءٌ عَتَقا أو بَقِيا على الرِّقِّ. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: وهذا ظاهرُ المذهبِ. قال في «البُلْغةِ» ، و «النَّظْمِ»: لم يَمْلِكْ نِكاحَها على الأصحِّ. قال

ص: 130

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الرِّعايَةِ» : لم تَحِلَّ له في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وعنه، يمْلِكُ تَتِمَّةَ الثَّلاثِ إذا عَتَقَ بعدَ طَلْقتَين، ككافرٍ طَلَّقَ ثِنْتَينِ ثم اسْتُرِقَّ ثم تزَوَّجَها. وأطْلقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصُّغْرى». وكذا تأْتِي هذه الرِّوايةُ في عِتْقِهما معًا. فعليها، يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. وتقدّم مَعْنَى ذلك في أوَّلِ بابِ ما يَخْتَلِفُ به عدَدُ الطَّلاقِ.

فائدة: لو علَّق العَبْدُ طَلاقًا ثلاثًا بشَرْطٍ، فوَجَدَ الشَّرْطَ بعدَ عِتْقِه، لَزِمَتْه الثَّلاثُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: يَبْقَى له طَلْقَةٌ، كما لو علَّق الثَّلاثَ بعِتْقِه، على أصحِّ الوَجْهَين.

تنبيه: هذه المَسائِلُ كلُّها مَبْنِيَّةٌ على أن الطَّلاقَ بالرِّجال. وتَقدَّم التَّنْبيهُ على ذلك

ص: 132

وَإذَا غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ، فَأَتَتْهُ فَذَكَرَتْ أنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَكَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَلَهُ نِكَاحُهَا، إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا، وَإلَّا فَلَا.

ــ

في أوَّلِ بابِ ما يَخْتَلِفُ به عَدَدُ الطِّلاقِ، فبَعْضُ الأصحابِ يذْكُرُها هنا، وبعْضُهم يذْكُرُها هناك.

قوله: وإذا غابَ عن مُطَلَّقَتِه، فأتَتْه فذَكَرَتْ أنَّها نَكَحَتْ من أصابَها وانْقَضَتْ

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عدَّتُها، وكان ذلك مُمْكِنًا، فله نِكاحُبها، إذا غَلَبَ على ظَنِّه صِدْقُها، وإلا فلا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُها، إلَّا أنْ تكونَ مَعْروفَةً بالثِّقَةِ والدِّيانَةِ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو كذبَها الزوْجُ الثَّاني في الوَطْءِ، فالقَوْلُ قوله في تَنْصِيفِ المَهْرِ، والقولُ قوْلُها في إباحَتِها للأوَّلِ؛ لأنَّ قوْلَها في الوَطْءِ مَقْبولٌ.

ص: 134

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولو ادَّعَتْ نِكاحَ حاضِرٍ وإصابَتَه، وأنْكَرَها (1) الإصابَةَ، حلَّتْ للأوَّلِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا تحِلُّ (2). [قاله في «الفُروعِ». و [قال في](3)«المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم: بعدَ ما تقدَّم. وكذا إنْ تزَوَّجَتْ حاضِرًا وفارَقَها، وادَّعَتْ إصابَتَه وهو مُنْكِرُها. انْتَهَوْا] (4). قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيّةِ» ، في القاعدَةِ الأُولَى: وهَذان الفَرْعان مُشْكِلان جِدًّا. الثَّانيةُ، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو جاءَتِ امْرأةٌ حاكِمًا وادَّعَتْ أنَّ زَوْجَها طلَّقها وانْقَضَتْ عِدَّتُها، كان له تَزْويجُها إنْ ظنَّ صِدْقَها، كمُعامَلَةِ عَبْدٍ لم يثْبُتْ عِتْقُه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، لا سِيّما إن كان الزَّوْجُ لا يُعْرَفُ.

(1) في الأصل: «وأنكرها أصل النكاح و» وفي ا: «فأنكر» .

(2)

في الأصل: «يصح» .

(3)

سقط من: ا.

(4)

سقط من: الأصل.

ص: 135