الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتابُ الإِيلَاءِ
وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ.
ــ
باب الإِيلاءِ
فائدة: الإيلاءُ مُحَرَّمٌ في ظاهِرِ كلامِ الأصحابِ، لأنَّه يمينٌ على تَرْكِ واجِبٍ. قاله في «الفُروعِ» ، في آخرِ البابِ.
تنبيه: المُرادُ بقوْلِه: وهو الحَلِفُ على تَرْكِ الوَطْءِ. امْرَأتُه؛ سواءٌ كانت حُرَّةً
وَيُشْتَرَطُ لَهُ أرْبَعَةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُهَا، الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الْقُبُلِ.
ــ
أو أمَةً، مُسْلِمَةً أو كافِرَةً، عاقِلَةً أو مَجْنونَةً، صغِيرةً أو كبيرةً. وتُطالِبُ الصَّغِيرَةُ والمَجْنونَةُ عندَ تَكْليفِهما. ويأْتِي حُكْمُ الرَّتْقاءِ ونحوها عندَ الجَبِّ. [ومِن شَرْطِ صِحَّتِه، الحَلِفُ على زَوْجَتِه](1)، فلو حَلَفَ أنْ لا يَطَأَ أَمَتَه، أو أجْنَبِيَّةً مُطْلَقًا، أو إنْ تَزَوَّجَها، لم يَكنْ مُوليًا. على المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وغيرُه الصِّحَّةَ مِنَ الظِّهارِ قبلَ النِّكاحِ، وخرَّجها المَجْدُ بشَرْطِ إضافَتِه إلى النِّكاحِ، كالطَّلاقِ في رِوايةٍ.
قوله: ويُشْتَرَطُ له أرْبَعَةُ شرُوطٍ؛ أحَدُها، الحَلِفُ على تَرْكِ الوَطْء في القُبُلِ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وتقدَّم صِحَّةُ إيلاءِ الرَّجْعِيَّةِ.
(1) سقط من: ط.
فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيرِ يَمِينٍ، لَمْ يَكُن مُولِيًا، لَكِنْ إِنْ تَرَكَهُ مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيرِ عُذْرٍ، فَهَلْ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَيُحْكَمُ عَلَيهِ بِحُكْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: فإنْ ترَكَه بغيرِ يَمِينٍ، لم يَكُنْ مُوليًا، لَكِنْ إنْ تَرَكَه مُضِرًّا بها مِنْ غيرِ عُذْرٍ، فهل تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإيلاءِ ويُحْكَمُ له بحُكْمِه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ؛ إحْداهما، تُضْرَبُ له مُدَّتُه ويُحْكَمُ له بحُكْمِه. وهو الصَّوابُ. واخْتارَه القاضي في «خِلافِه» ، وتَبِعَه جماعةٌ. ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْلَى. قال في «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي»: ضُرِبَتْ له مُدَّةُ الإِيلاءِ، في أصحِّ الرِّوايتَين. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإيلاءِ ولا يُحْكَمُ له بحُكْمِه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» .
فائدة: وكذا حُكْمُ مَنْ ظاهَرَ ولم يُكَفِّرْ. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» آخِرَ البابِ: ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، على أنَّه تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإِيلاءِ. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في تَزْويجِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه لو ترَكَه مِن غيرِ مُضارَّةٍ، أنَّه لا يُحْكَمُ له بحُكْمِ الإِيلاءِ، مِن غيرِ خِلافٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وقطَع به الأكثرُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، و «المُفْرَداتِ»: عندي إنْ قصَدَ الإضْرارَ، خرَج
وَإنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الدُّبُرِ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
وَإِنْ حَلَفَ أنْ لَا يُجَامِعَهَا إلَّا جِمَاعَ سَوْءٍ، يُرِيدُ جِمَاعًا ضَعِيفًا، لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَينِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
ــ
مَخْرَجَ الغالِبِ، وإلَّا فمتى حصَلَ إضْرارُها بامْتِناعِه مِنَ الوَطْءِ -وإنْ كان ذاهِلًا عن قَصْدِ الإِضْرارِ- تُضْرَبُ له المُدَّةُ. وذكرَ في آخِرِ كلامِه، أنَّه إنْ حصَلَ الضَّرَرُ بتَرْكِ الوَطْءِ لعَجْزِه عنه، كان حُكْمُه كالعِنَّينِ. قال ابنُ رَجَبٍ في كتابِ تَزْويجِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ: يُؤْخَذُ مِن كلامِه، أنَّ حُصولَ الضَّرَرِ بتَرْكِ الوَطْءِ مُقْتَضٍ للفَسْخِ بكُلِّ حالٍ؛ سواءٌ كان بقَصْدٍ مِنَ الزَّوْجِ أو بغيرِ قَصْدٍ، وسواءٌ كان مع عَجْزِه أو قُدْرَتِه. وكذا ذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، في العاجِزِ وأَلْحَقَه بمَنْ طرَأَ عليه جَبٌّ أو عُنَّةٌ.
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ في الدُّبُرِ، أوْ دُونَ الْفَرْجِ، صَارَ مُولِيًا. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيرَهُ، كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَقَوْلِهِ: لَا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. وَلِلْبِكْرِ خَاصَّةً: لَا افْتَضَضْتُكِ. لَمْ يُدَيَّنْ فِيهِ.
ــ
قوله: وإنْ حَلَفَ على تَرْكِ الوَطْءِ في الفَرْجِ بلَفْظٍ لا يحْتَمِلُ غيرَه، كلَفْظِه الصَّرِيحِ، وقَوْلِه: ولا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. لم يُدَيَّنْ فيه.
قوله: وللْبِكْرِ خاصَّةً: لا افْتَضَضْتُكِ. لم يُدَيَّنْ فيه. هذ المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه
وَإِنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ وَلَا جَامَعْتُكِ. أوْ: لَا بَاضَعْتُكِ. أَوْ: لَا بَاشَرْتُكِ. أوْ: لَا بَاعَلْتُكِ. أوْ: لَا قَرِبْتُكِ. أَوْ: لَا مَسَسْتُكِ. أَوْ: لَا أَتَيتُكِ. أَوْ: لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ. فَهُو صَرِيحٌ في الْحُكْمِ،
ــ
جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وتخْتَصُّ البِكْرُ بلَفْظَين؛ وهما: واللهِ لا افْتَضَضْتُكِ. أو: لا أبْتَنِي بِكِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقال في «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهما: يُشْترَطُ في هَذين اللَّفْظَين أنْ يَأْتيَ بهما عرَبِيٌّ، فإنْ أتَى بهما غيرُه، دُيِّنَ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: لعَلَّه مُرادُ مَنْ لم يذْكُرْه.
قوله: وإن قال: واللهَ لا وَطِئْتُكِ. أو: لا جامَعْتُكِ. أو: لا باضَعْتُكِ. أو: لا باشَرْتُكِ. أو: لا باعَلْتُكِ. أو: لا قَرِبتُكِ. أو: لا مَسَسْتُكِ. أو: لا أتَيتُكِ.
وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ اللهِ تَعَالى. وَسَائِرُ الأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلا بِالنِّيَّةِ.
ــ
أو: لا اغْتَسَلْتُ منكِ. فهو صَرِيحٌ في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تَعالى. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل عبدُ الله في: لا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ، أنَّه كِنايَةٌ. وهو في الحِيلَةِ في اليمينِ. وقال في «الواضِحِ»: الأَبْضَاعُ؛ المَنافِعُ المُباحَةُ بعَقْدِ النِّكاحِ دُونَ عُضْوٍ مَخْصوصٍ؛ [مِن فَرْجٍ مَخْصوصٍ](1) أو غيرِه، على ما يعْتَقِدُه المُتَفَقِّهَةُ. والمُباضَعَةُ مُفاعَلَةٌ مِنَ المُتْعَةِ به، والمُتَفَقِّهَةُ تقولُ: مَنافِعُ البُضْعِ.
قوله: وسائِرُ الألفاظِ لا يكُونُ مُولِيًا فيها إلَّا بالنِّيَّةِ. شَمِلَ مَسائلَ؛ منها ما هو صرِيحٌ في الحُكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، ومنها ما هو كِنايَةٌ؛ فمِنَ الأَلْفاظِ الصَّريحَةِ في الحُكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ: واللهِ لا غَشَيتُكِ. فهي صَرِيحَةٌ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ الله تعالى. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: هي كِنايَةٌ تحْتاجُ إلى نِيّةٍ أو قرِينَةٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. ومنها، قوْلُه: واللهِ لا أفْضَيتُ إليكِ. صَرِيحٌ في الحُكْمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. صحَّحه في «الفُروعِ» . وقيل: هي كِنايَةٌ تحْتاجُ إلى نِيّةٍ أو قَرِينَةٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. ومنها: والله لا لَمَسْتُكِ. صَرِيحٌ. على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ويُدَيَّنُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وذكَر القاضي في «الخِلافِ» ، أنَّ المُلامَسَةَ اسْمٌ لالْتِقاءِ البَشَرَتَين. وفي «الانْتِصارِ»: لَمَسْتُم. ظاهِرٌ في الجَسِّ باليَدِ، و: لامَسْتُمْ. ظاهِرٌ في الجِماعِ، فيُحْمَلُ الأمْرُ عليهما؛ لأنَّ القَرائِنَ كالآيتَين (1). وذكَر القاضي هذا المَعْنَى أَيضًا.
(1) سورة النساء 43، وسورة المائدة 6.
فَصْل: الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ بِاللهِ تَعَالى، أوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.
وَإنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ، أَوْ عِتْقٍ، أوْ طَلَاق، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ وَعَنْهُ، يَكُونُ مُولِيًا.
ــ
ومنها، ما ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ، أنَّ قوْلَه: واللهِ لا افْتَرَشْتُكِ. صَرِيحٌ في الحُكْمِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه كِنايَة يحْتاجُ إلى نِيَّةٍ أو قرِينَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَررِ» . وأمَّا ألفاظُ الكِنايةِ التي لا يكونُ مُولِيًا بها إلَّا بنِيَّةٍ أو قرِينَةٍ، فمِنْها، قولُه: واللهِ لا ضاجَعْتُكِ، واللهِ لا دَخَلْتُ عليكِ، واللهِ لا دَخَلْتِ عليَّ، واللهِ لا قَرَبْتُ فِراشَكِ، واللهِ لا بِتُّ عنْدَكِ. ونحوُها.
فائدة: قولُه: الشرْطُ الثَّانِي، أنْ يَحْلِفَ باللهِ تعالى، أو بصِفَةٍ مِن صِفاتِه. وذلك لاخْتِصاصِ الدَّعْوَى بها، واخْتِصاصِها باللِّعانِ، وسواءٌ كان في الرِّضَا أو الغضَبِ.
قوله: وإنْ حَلَفَ بنَذْرٍ، أو عِتْقٍ، أو طلَاقٍ، لم يَصِرْ مُوليًا في الظَّاهِرِ عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو المذهبٌ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَشهورُ والمَنْصوصُ والمخْتارُ (1) لعامَّةِ الأصحابِ. قال في
(1) في ط: «المنصور» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«البُلْغَةِ» : لا يصِح الإيلاءُ بذلك، على المَشْهورِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذه المَشْهورَةُ. قال في «الهِدايةِ» : هذا ظاهِرُ مذهبِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» . وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه يكونُ مُولِيًا بذلك، وبتَحْريمِ المُباحِ، ونحوهما. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: وبعِتْقٍ وطلاقٍ، فلابُدَّ أنْ يلْزَمَ باليمينِ حَقٌّ. [وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»](1). وعنه، يكونُ مُولِيًا بحَلِفِه بيَمِين مُكَفَّرَةٍ؛ كنَذْرٍ، وظِهارٍ، ونحوهما. اخْتارَه أبو بَكْر في «الشَّافِي» . فعلى القولِ بصِحَّةِ الإيلاءِ بالطلاقِ، لو علَّق طَلاقَها ثلاثًا بوَطْئِها، يُؤمَرُ بالطَّلاقِ، ويحْرُمُ الوَطْءُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يَحْرُمُ. ومتى أَولَجَ أو تَمَّمَ أو لَبِثَ، لَحِقَه نسَبُه. وفي المَهْرِ وَجْهان، وأطلَقهما في «الفُروعِ». قال في «المُنْتَخَب»: لا مَهْرَ ولا نَسَبَ. وجزَم في «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصّغِيرِ» ، أنَّه (2) يجِبُ المَهْرُ. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ولا يجِبُ عليه الحَدُّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يجِبُ. وجزَم به في «التَّرغيبِ» ، وفيه: ويُعَزَّرُ جاهِلٌ. انتهى. وأطْلَقهما في
(1) سقط من: الأصل.
(2)
بعده في الأصل: «لا» .
وَإنْ قَال: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأنْتِ زَانِيَة. أوْ: فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
ــ
«الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وإنْ نزَعَ، فلا حَدَّ ولا مَهْرَ؛ لأنَّه تارِكٌ، وإنْ نزَعَ ثم أوْلَجَ، فإنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ، فالمَهْرُ والنَّسَبُ ولا حَدَّ، والعَكْسُ بعَكْسِه، وإنْ عَلِمَه، لَزِمَه المَهْرُ والحَدُّ ولا نَسَبَ. وإنْ عَلِمَتْه، فالحَدُّ والنَّسَبُ ولا مَهْرَ. وكذا إنْ تزَوَّجَتْ في عِدَّتِها. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لها المَهْرُ بما أصابَ منها، ويُؤدَّبان. وقيل: لا حدَّ في التي قبلَها. قال في «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ طَرْدُه في الثَّانيةِ، وتَعْزِيرُ جاهِل في نَظائرِه. ونقَل الأثْرَمُ في جاهلَين وَطِئَا أمَتَهما، يَنْبَغِي أنْ يُؤدَّبا.
فائدة: لو علَّق طَلاقَ غيرِ مدْخولٍ بها بوَطْئِها، ففي إيلائِه الرِّوايَتان. فلو وَطِئَها، وقَع رَجْعِيًّا. والرِّوايَتان في قوْلِه: إنْ وَطِئْتُكِ فضَرَّتُكِ طالِقٌ. فإنْ صحَّ فأبانَ الضَّرةَ، انْقطَعَ، فإنْ نكَحَها وقُلْنا: تعُودُ الصِّفَةُ. عادَ الإيلاءُ ويَنْبَنِي على المُدَّةِ. [والرِّوايَتان في: إنْ وَطِئْتُ واحدةً فالأخْرَى طالِقٌ. ومتى طلَّق الحاكِمُ هنا، طلَّق على الإبهامِ، ولا مُطالبَةَ](1)، فإذا عُيِّنَتْ بقُرْعَةٍ، [سُمِعَتْ دَعْوَى الأخْرَى](2).
فَصْل: الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أنْ يَحْلِفَ عَلَى أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُر.
ــ
قوله: الثَّالِثُ: أنْ يَحْلِفَ على أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُر. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَنْصوصُ المُخْتارُ للأصحابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعنه، يصِحُّ أيضًا على أرْبَعَةِ أشْهُر فقط.
أوْ يُعَلِّقَهُ عَلَى شَرْطٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي أقَلَّ مِنْهَا، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ. أوْ: يَخْرُجَ الدَّجَّالُ. أوْ: مَا عِشْتُ.
ــ
قوله: أوْ يُعَلِّقَه على شَرْط يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه لا يُوجَدُ في أقلَّ منها، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: واللهِ لا وَطِئْتُكِ حتى يَنْزِلَ عِيسَى بنُ مَرْيمَ. أو: يَخْرُجَ الدَّجَّالُ. أو: ما عِشْتُ. فيكونُ مُولِيًا بذلك (1)، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا.
(1) في الأصل، ط:«في ذلك» .
أَوْ: حَتَّى تَحْبَلِي؛ لأنَّهَا لَا تَحْبَلُ إِذَا لَمْ يَطَأْهَا. وَقَال الْقَاضِي: اذَا قَال: حَتَّى تَحْبَلِي. وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
ــ
قوله: أو يقولَ: واللهِ لا وَطِئْتُكِ حتى تَحْبَلِي؛ لأنَّها لا تَحْبَلُ إذا لم يَطَأْها. فيكونُ مُولِيًا بذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وقال القاضي: إذا قال: حتى تَحْبَلِي. وهي ممَّنْ يحْبَلُ مِثْلُها، لم يَكُنْ مُولِيًا. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وقال في «الرِّعايتَين» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوي الصَّغِيرِ» : فإنْ قال: حتى تَحْبَلِي. وهي (1) ممَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُها، فوَجْهان. وقيل: إنْ لم يَكُنْ وَطِيء، أو وَطِيء وحمَلْنا يَمِينَه (2) على حَبَل جديدٍ، صارَ مُولِيًا، وإلَّا فالرِّوايَتان. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ»:
(1) في ط: «هو» .
(2)
في الأصل: «نيته» .
وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ مُدَّةً. أوْ: لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِكِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَنْويَ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ.
وإنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْء حَتَّى يَقْدَمَ زَيدٌ، أَوْ نَحْوهِ مِمَّا لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُهُ فِي أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. أوْ: لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
ــ
وإنْ قال: حتى تَحْبَلِي. ولم يَكُنْ وَطِئَها، أو وَطِئَها، وحمَلْنا يمِينَه على حَبَلٍ مُتَجَدِّدٍ، فهو مُولٍ، وإلَّا فعلى رِوايتَين. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ لم يَكُنْ وَطِئَها، أو وَطِيء ونِيَّتُه حَبَل مُتَجَدِّدٌ، فهو مُولٍ. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ويكونُ مُولِيًا بحَبَلِ مَوْطُوأةٍ قصَدَه بمُتَجَدِّدٍ أو غيرِها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ آلى ممَّنْ تَظاهَرَ منها أو عَكْسُه، لم يصِحَّ منهما في رِوايةٍ.
وَإنْ قَال: إِنْ وَطِئْتُكِ فَوَالله لا وَطِئْتُكِ. أوْ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَوَ اللهِ لَا وَطِئْتُكِ. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا فِي الْحَالِ.
ــ
قوله: وإنْ قال: إنْ وَطِئْتُكِ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ. أو: إنْ دَخَلْتِ الدّارَ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ. لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يُوجَدَ الشَّرْطُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا في الحالِ. وهو لأبي الخطَّابِ في «الهِدايةِ» . قال في «الفُروعِ» : وإنْ علقَه
وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ في هَذِهِ السَّنَةِ إلا مَرَّةً. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَها وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَربَعَةِ اشْهُر.
ــ
بشَرْطٍ، صارَ مُولِيًا بوُجودِه. وقيل: تُعْتَبرُ مَشِيئَتُها في الحالِ، نحوَ قوْلِه: واللهِ لا وَطِئْتُكِ إنْ شِئْتِ. أو: دَخَلْتِ الدَّارَ.
قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ في السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. لم يَصِرْ مُولِيًا حتَّى يَطَأَها
وَإنْ قَال: إلا يَوْمًا. فَكَذَلِكَ فِي أحَدِ الْوَجْهَين. وَفِي الْآخَرِ، يَصِيرُ مُولِيًا فِي الْحَالِ.
ــ
وقد بَقِيَ منها أكثرُ مِن أرْبَعَةِ أشْهُر. بلا نِزاعٍ.
قوله: وإنْ قال: والله لا وَطِئْتُكِ في السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا. فكذلك في أحَدِ الوَجْهَين. يعْنِي، أنَّه لا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَها وقد بَقِيَ مِن السَّنَةِ أكثرُ مِن أرْبَعةِ أشْهُرٍ. هذا المذهبُ. قدّمه في «الهدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ» . وفي الآخَرِ، يصِيرُ مُولِيًا في الحالِ.
فائدة: لو قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ سنَةً -بالتَّنْكيرِ- إلَّا يَوْمًا. لم يَصِرْ مُوليًا حتى يَطَأَ، وقد بَقِيَ منها أكثرُ مِن أرْبَعةِ أشْهُرٍ. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: يصِيرُ مُولِيًا في الحالِ. اخْتارَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضِي وأصْحابُه. قاله في «الفُروعِ» . وقيل: لا يَصِيرُ مُولِيًا هنا، وإنْ حكَمْنا بأنَّه مُولٍ في التي قبلَها.
وَإنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَ الله لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا.
ــ
قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ أرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فإذا مَضَتْ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ أَربَعَةَ أشْهُر. لم يَصِرْ مُولِيًا. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،
وَإنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ إِنْ شِئْتِ. فَشَاءَتْ، صَارَ مُولِيًا، وَإلَّا فَلَا.
ــ
و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا. وهو لأبي الخَطَّابِ. وصحَّحه الشَّارِحُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهَبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الفُروع» .
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو حَلَفَ على مُدَّةٍ، ثم قال: إذا مَضَتْ، فوَ اللهَ لا وَطِئْتُكِ مُدَّةً. بحيثُ يكونُ مَجْموعُ المُدَّتَين أكثرَ مِن أرْبَعَةِ أشْهُر. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ قال: والله لا وَطِئْتُكِ إنْ شِئْتِ. فشاءَتْ، صارَ مُولِيًا. أنَّه سواءٌ شاءَتْ في المَجْلِسِ أو في غيرِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه
وَإنْ قَال: إلا أنْ تَشَائِي. أَوْ: إلا بِاخْتِيَارِكِ. أَوْ إلا أنْ تَخْتَارِي.
ــ
أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُها في الحالِ.
قوله: وإنْ قال: إلَّا أنْ تشَائِي. أو: إلَّا باخْتِيارِكِ. أو: إلَّا أنْ تَخْتارِي.
لَمْ يَصِرْ مُولِيًا. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: أنْ لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِس صَارَ مُولِيًا.
ــ
لم يَصِرْ مُوليًا. وهو المَذهبُ مُطْلَقًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمَه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. ونَصَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ لم تشَأْ في المَجْلِسِ، صارَ مُولِيًا. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «التَّبْصِرَةِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .
وَإِنْ قَال لِنِسَائِهِ: لَا وَطِئْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ. صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَاحِدَةً بعَينهَا. فَيَكُونَ مُولِيًا مِنْهَا وَحْدَهَا. وَإنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً، فَقَال أَبُو بَكْر: تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ.
ــ
قوله: وإنْ قال لنِسائِه: -واللهِ- لا وَطِئْتُ واحِدَةً مِنْكُنَّ. صارَ مُوليًا منهن. فيَحْنَثُ بوَطْءِ واحدةٍ وتَنْحَلُّ يمِينُه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ التاسِعَةِ بعدَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِائَةِ»: إذا قال: لا وَطِئْتُ واحدةً مِنْكُنَّ. فالمذهبُ الصَّحيحُ أنَّه يعُمُّ الجميعَ. وهو قولُ القاضي والأصحابِ، بناءً على أنَّ النَّكِرَةَ في سِياقِ النَّفي تُفِيدُ العُمومَ، وحكَى القاضي عن أبي بَكْر، أنَّه يكونُ مُولِيًا مِن واحِدَةٍ غيرِ مُعَينَّةَ. ورَدة في «القَواعِدِ» ، قال: وحكَى صاحِبُ «المُغْنِي» عن القاضي كذلك، والقاضي مُصَرِّحٌ بخِلافِه. انتهى. وقيل: يَبْقَى الإِيلاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الفَيئَةِ وإنْ لم يَحْنَث بوَطْئِهنَّ. قال في «المُحَرَّرِ» : وهو أصحُّ. وقيل: تتَعَيَّن واحِدَةٌ بقُرْعَةٍ.
قوله: إلَّا أنْ يُرِيدَ واحِدَةً بعَينِها، فيَكُونَ مُولِيًا منها وحْدَها. وهذا بلا نِزاعٍ.
وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ. كَانَ مُولِيًا مِنْ جَمِيعِهِنَّ، وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ. وَقَال الْقَاضِي: لَا تَنْحَلُّ فِي البَوَاقِي.
ــ
وإنْ أرادَ واحدةً مُبْهَمَةً، فقال أبو بَكْرٍ: تُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. واقْتَصَرَ عليه المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» و «الفُروعِ». وقيل: يُعَيِّنُ هو واحدةً.
قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُ كلَّ واحِدَةٍ منكنَّ. كانَ مُولِيًا مِن جَمِيعِهِنَّ،
وَإِنْ قَال: وَالله لا أَطَؤكُنَّ. فَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، لَا يَصِيرُ مُوليًا حَتَّى يَطَأَ ثَلاثًا، فَيَصِيرَ مُوليًا مِنَ الرَّابِعَةِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، أَوْ مَاتَتِ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ هَهُنَا. وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، لَا تَنْحَلُّ فِي الْبَوَاقِي.
ــ
وتَنْحَلُّ يَمِينُه بوَطْءِ واحِدَةٍ. هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال القاضي: لا تَنْحَلُّ فِي البَوَاقِي. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يَبْقَى الإِيلاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الفَيئَةِ وإنْ لم يَحْنَثْ بوَطْئِهِنَّ. قال في «المُحَرَّرِ» أيضًا: وهو أصحُّ.
قوله: وإنْ قال: واللهِ لا أَطَؤكُنَّ. فهي كالتي قبلَها في أَحَدِ الوَجْهَينِ، وفي الآخَرِ، لا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلًاثًا، فيَصِيرَ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. صرَّح المُصَنِّفُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الوَجْهِ الأوَّلِ، أنَّ حُكْمَ هذه المَسْألَةِ حُكْمُ التي قبلَها؛ وهي قولُه: واللهِ لا وَطِئْتُ كُلَّ واحدَةٍ مِنْكُنَّ. فيَجِئُ على هذا الوَجْهِ الوَجْهان اللَّذانِ في التي قبلَها عندَه. والوَجْهُ الثَّاني مُخالِفٌ للمَسْأَلةِ الأولَى، وهو أنَّه لا يصيرُ مُولِيًا حتى يطَأ ثلاثًا، فيصِيرَ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. هذا ظاهرُ كلامِه، بل هو كالصَّريحِ، وعليه شرَحَ ابنُ مُنَجَّى. والذي قطَع به في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» ، وغيرِهم، أنَّ أصْلَ الوَجْهَين الرِّوايَتان في فِعْلِ بعضِ المَحْلوفِ عليه؛ فإنْ قُلْنا: يَحْنَثُ بفِعْلِ البعضِ. صار مُولِيًا في الحالِ، وانْحَلّتْ يمِينُه بوَطْء واحدةٍ كالأولَى. وإنْ قُلْنا: لا يَحْنَثُ إلَّا بفِعْلِ الجميعِ. لم يصِرْ مُولِيًا حتى يَطأَ ثلاثًا، فحِينَئذ يصيرُ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل على القَوْلِ بأنَّه لا يَحْنَثُ إلَّا بفِعْلِ الجميعِ: يكونُ مُولِيًا منهن في الحالِ. وأطْلَقَهما في «الْمُحَرَّرِ» . وأخَّرَ هذه الطريقَةَ ابنُ مُنَحى في «شَرْحِه» ، ولم أرَ ما شرَحَ عليه ابنُ مُنَجَّى، مع أنَّه ظاهِرٌ في كلامِ المُصَنِّفِ. وقال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعدَ المِائَةِ»: وإنْ قال لزَوْجاتِه الأرْبَعِ: واللهِ لا وَطِئْتُكُنَّ. وقلْنا: لا يَحْنَث بفِعْلِ البعضِ. فأشْهَرُ الوَجْهَين، أنَّه لا يكونُ مُولِيًا حتى يطَأ ثلاثًا، فيَصِيرَ حِينَئذٍ مُولِيًا مِنَ الرَّابِعَةِ. وهو قولُ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وأبي الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّاني،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو مُولٍ في الحالِ مِنَ الجميعِ. وهو قولُ القاضي في «خِلافِه» ، وابنِ عَقِيلٍ في «عُمَدِه» ، وقالا: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وذكَر مَأْخَذَ
وَإنْ إلى مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَال لِلأُخْرَى: أشْرَكْتُكِ مَعَهَا. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ. وَقَال الْقَاضِي: يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهُمَا.
ــ
الخِلافِ.
قولُه: وإنْ آلى مِن واحِدَةٍ، وقال للأُخْرَى: شَرَكْتُكِ معها. لم يَصِرْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ذكَرَه في آخِرِ الباب. وقال القاضي: يصِيرُ مُولِيًا منها. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وذكَرَه في بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. وعنه، يَصِيرُ مُولِيًا منها إنْ نَوَاه، وإلَّا فلا. وأَطْلقَهُن في «الفُروعِ» ، ذكَرَه في بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه (1). ويأْتِي نظيرَيهما في الظِّهارِ.
(1) بعده في ط، ا:«وتقدم نظير ذلك في باب صريح الطلاق وكنايته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وإنْ قال: إنْ وَطِئْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. وقال للأخْرَى: شَرَكْتُكِ معَها. ونَوَى، وقُلْنا: يكونُ إيلاءً مِنَ الأُولَى. صارَ مُولِيًا مِنَ الثَّانيةِ.
فَصلٌ: الشَّرْطُ الرَّابعُ، أنْ يَكُونَ مِنْ زَوْج يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، مُسْلِمًا كَانَ أوْ كَافِرًا، حُرًّا أوْ عَبْدًا، سَلِيمًا أَوْ خَصِيًّا، أَوْ مَرِيضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ.
ــ
قوله: الرَّابعُ، أنْ يَكُونَ مِن زَوْج يُمكِنُه الجِماعُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ومَن تَبِعَه صِحَّةَ إيلاءِ مَن قال لأجْنَبِيَّةٍ: واللهِ لا وَطِئْتُ فُلانَةَ. أو: لا وَطِئْتُها إنْ تزَوَّجْتُها. مع لُزومِ الكفَّارَةِ له بوَطْئِها. وخرَّج أيضًا صِحَّةَ إِيلائِه بشَرْطِ إضافَتِه إلى النِّكاحِ، كالطَّلاقِ في رِوايةٍ، على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ.
قوله: وتَلْزَمُه الكَفَّارَةُ بالحِنْثِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، حُرًّا أو عَبْدًا، سَلِيمًا أو خَصِيًّا، أو مَرِيضًا يُرْجَى بُرؤُه. بلا نِزاعٍ.
فَأَمَّا الْعَاجزُ عَنِ الْوَطْءِ بِجَبٍّ أَوْ شَلَلٍ، فَلَا يَصِحُّ إِيلَاؤُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ. وَفَيئَتُهُ أَنْ يَقُولَ: لَوْ قَدَرْتُ لَجَامَعْتُكِ.
ــ
قوله: فأمَّا العاجِزُ عَنِ الوَطْءِ بِجَبٍّ أو شَلَلٍ، فلا يَصِحُّ إيلاؤُه. وكذا لو كانتْ رتْقَاءَ، ونحوَها. وهذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُحَرر» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «البُلْغَةِ» . وأوْرَدَه أبو الخَطابِ مَذهبًا. ويحْتَمِلُ أنَّ يَصِح. وهو لأبي الخَطَّابِ، وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. اخْتارَه القاضي وأصحابُه. وقدَّمه الزَّرْكَشِي. وفَيئتُه: لو قَدَرْتُ لجامَعْتُكِ.
وَلَا يَصِحُّ إِيلَاءُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
ــ
فائدة: [على المذهبِ](1)، لو حلَف ثم جُبَّ، ففي بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، [و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قلتُ: الصَّوابُ البُطْلانُ. ثم وجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ» صححه أيضًا](1).
قوله: ولا يَصِحُّ إيلاءُ الصبِيِّ. إنْ كان غيرَ مُمَيِّز لم يصِح إيلاؤُه، وإنْ كان مُمَيِّزًا صح إيلاؤُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم: يصِحُّ مِنْ كلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه لا يصِحُّ إيلاءُ الصَّبِيِّ ولا ظِهارُه. ذكَرَه في هذا الكتابِ، في كتابِ الظِّهارِ، على ما يأْتِي. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» ، في القاعِدَةِ الثانيةِ: وإذا قُلْنا: يصِحُّ طَلاقُه. فهل يصِحُّ ظِهارُه وإيلاؤُه أمْ لا؟ الأكْثرون مِن أصحابِنا على صِحَّةِ ذلك. وحكَى كلامَ المُصَنِّفِ، ثم قال: قلتُ: وحكَى في «المُذْهَبِ» ، في انْعِقادِ يمِينِه وَجْهَين. انتهى. والوَجْهان إنَّما هما مَبْنِيَّان
(1) سقط من: الأصل.
وَفِي إِيلَاءِ السَّكْرَانِ وَجْهَانِ.
ــ
على صِحَّةِ طَلاقِه وعدَمِها، كما صرَّح بذلك في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، فإنَّهما لمَّا حكَيَا الوَجْهَين، وأطْلَقاهُما قالا: بِناءً على طَلاقِه. وقد حكَى الوَجْهَين في «الخُلاصةِ» مِن غيرِ بِناءٍ، وهو وصاحبُ «المُذْهَبِ» تابِعان لصاحِبِ «الهِدايَةِ» . وقدّم الزَّرْكَشِيُّ، أنَّه لا يصِحُّ إيلاؤُه وإنْ صحَّ طَلاقُه.
قوله: وفي إيلاءِ السَّكْرانِ وجْهَان. بِناءً على طَلاقِه، على ما مَضَى في بابِه مُحَرَّرًا. قاله الأصحابُ.
وَمُدَّةُ الإِيلَاءِ فِي الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ.
ــ
قوله: ومُدَّةُ الإِيلاءِ في الأحْرارِ والرَّقِيقِ سَواءٌ. هذا المذهبُ. وعليه الجماهيرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّها في العَبْدِ على النِّصْفِ. نقَل أبو طالِبٍ، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، رجَع إليه، وأنَّه قولُ التَّابِعينَ كلِّهم إلَّا الزُّهْرِيَّ وحدَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واخْتارَه أبو بَكْر عَبْدُ العزيزِ. وذكَر في «عُيونِ المَسائلِ» هذه الرِّوايةَ، وقال: لأنَّها لا تخْتَلِفُ متى كانَ أحدُهما رقِيقًا يكونُ على النِّصْفِ فيما إذا كانَا حُرَّينِ.
وَلَا حَقَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي طَلَبِ الْفَيئَةِ وَالْعَفْو عَنْهَا، وَإنَّمَا ذَلِكَ إِلَيهَا.
فصلٌ: وإذَا صَحَّ الإيلَاءُ، ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أربَعَةِ أشْهُرٍ.
ــ
قولُه: وإذا صَحَّ الإيلاءُ ضُرِبَتْ له مُدَّةُ أرْبَعَةِ أشْهُر. يَعْنِي مِن وَقْتِ اليَمِين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «المُوجَزِ» : تُضْرَبُ لكافرٍ بعدَ إسْلامِه. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وقال: قاله القاضي في «تَعْليقِه» .
فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، احْتُسِبَ عَلَيهِ بِمُدَّتِهِ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا، لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيهِ، وَإنْ طَرأ بِهَا، اسْتُؤنِفَتِ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ،
ــ
قوله: فإنْ كانَ بالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، احْتُسبَ عليه بمُدَّتِه -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وإنْ كانَ ذلك بها، لم يُحْتَسَبْ عليه. كصِغَرِها وجُنونِها ونُشوزِها، وإحْرامِها ومرَضِها وحَبْسِها، وصِيامِها واعْتِكافِها المَفْرُوضَين. وهذا المذهبُ.
إلَّا الْحَيضَ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَيهِ بِمُدَّتِهِ. وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ.
ــ
جزَم به في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين». وقيل: يُحْتَسَبُ عليه، كالحَيضِ. قطَع به القاضي في «تَعْلِيقِه» ، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» ، والشيرَازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». قال في «الوَجيزِ»: تُضْرَبُ مُدَّتُه مِنَ اليمينِ؛ سواءٌ كان في المُدَّةِ مانِعٌ مِن قِبَلِها أو مِن قِبَلِه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الزرْكَشِيِّ». وقيل: مَجْنُونَةٌ لها شَهْوَةٌ كعاقِلَةٍ.
قوله: وإنْ طَرَأَ بها، اسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ عِنْدَ زَوالِه، إلَّا الحَيضَ، فإنَّه يُحْتَسَبُ بمُدَّتِه. إذا طَرَأَ بها عُذْرٌ، غيرُ الحَيضِ والنِّفاسِ، مِنَ الأَعْذارِ المُتقَدِّمَةِ ونحوها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تَسْتَأْنِفُ المُدَّةَ (1) عندَ زَوالِه. جزَم به في «الهِدايَةِ» . و «المُذْهَب» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُحْتَسَبُ عليه بمُدَّتِه، فلا تُسْتَأْنَفُ المُدَّةُ. وأما إنْ كان حَيضًا، فإنها تُحْتَسَبُ بمُدَّتِه. بلا نِزاعٍ. وفي النِّفاسِ وَجْهانِ. وأطْلَقَهما
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «الكافِي» ، و «المُغنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «الشرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» . وهما وَجْهان عندَ الأكثرِ. وفي «البُلْغةِ» ، و «الفُروعِ» ، رِوايَتان؛ أحدُهما، لا يُحْتَسَبُ عليه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . وقدَّمه في «إدْراكِ الغايةِ» . والثَّاني، يُحْتَسَبُ عليه كالحَيضِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «تَجْريدِ العِنايةِ» .
وَإنْ طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، انْقَطَعَتْ، وَإنْ رَاجَعَهَا أَوْ نَكَحَهَا إِذَا كانَتْ بَائنًا، اسْتُؤْنِفَتِ الْمُدَّةُ.
ــ
قوله: وإنْ طَلَّقَ في أَثْناءِ المُدَّةِ، انْقَطَعَتْ. إنْ كان طَلاقًا بائِنًا، انْقطعَتِ المُدَّةُ، وإنْ كان طَلاقًا رَجْعِيًّا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ المُدَّةَ تنْقَطِعُ أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . والوَجْهُ الثَّاني، لا تنْقَطِعُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» .
قوله: فإنْ راجَعَها، أو نَكَحَها إذا كانَتْ بائِنًا، اسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ. هذا مَبْنِيٌّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في -الرَّجْعَةِ (1) - على ما جزَم به أوَّلًا مِن أنَّ الطَّلاقَ الرَّجْعِيَّ يقْطَعُ المُدَّةَ. وأمَّا على المذهبِ، فلا أثَرَ لرَجْعَتِها قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها. فعلى الأوَّلِ، إنْ بَقِيَ بعدَ اسْتِئْنافِ المُدّةِ أقل مِن مُدَّةِ الإِيلاءِ، سقَطَ الإيلاءُ، وإلَّا ضُرِبَتْ له. وعلى المذهبِ، تُكَمَّلُ المُدَّةُ على ما قبلَ الطَّلاقِ. وقال المُصَنفُ في «المُغْنِي» (2): مُقْتَضَى كلامِ ابنِ
(1) في الأصل: «الرجعية» .
(2)
المغني 11/ 49.
وَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفَيئَةِ.
ــ
حامِدٍ، أنَّ المُدَّةَ تُسْتَأْنفُ مِن حينِ الطلاقِ. ونازَعَه الزرْكَشِيُّ في ذلك.
قوله: وإنِ انْقَضَتِ المُدَّةُ وبها عُذْرٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، لم تَمْلِكْ طَلَبَ الفَيئَةِ. هذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنِ الْوَطْءِ، أُمِرَ أَنْ يَفِئَ بِلِسَانِهِ فَيَقُولَ: مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُكِ.
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لمَن بها مانِعٌ شَرْعِيٌّ طَلَبُ الفَيئَةِ بالقَوْلِ.
قوله: وإنْ كانَ العُذْرُ به، وهو مِما يَعْجِزُ به عن الرَطْءِ، أُمِرَ أنْ يَفِئَ بلِسانِه، فيَقُولَ: متى قَدَرْتُ جامَعْتُكِ. فيقُولُ لها ذلك بهذا اللفْظِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِح: هذا أحْسَنُ. وقطَع به الخِرَقيُّ. واخْتارَه القاضي في «المُجَردِ» . وعنه، أنَّ فَيئَةَ المَعْذُورِ أنْ يقولَ: فِئْتُ إليكِ. وحكَاه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو الخَطَّاب عن القاضي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ عامَّةِ أصحابِه. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، فَيئتَه حَكه حتى يَبْلُغ به الجَهْدُ مِن تَفْتِيرِ الشَّهْوَةِ.
تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: أُمِرَ أنْ يَفِئَ بلِسَانِهْ. يعْنِي في الحالِ مِن غيرِ مُهْلَةٍ. الثَّاني، قولُه: فيقولَ: متى قَدَرْتُ جامَعْتُكِ. هذا في حقِّ المريضِ ونحوه، فأمَّا المجْبوبُ فإَّنه يقولُ: لو قَدَرْتُ جامَعْتُ. زادَ القاضي في «التَّعْليقِ» ، وقد نَدِمْتُ على ما فَعَلْتُ.
ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، أوْ يُطَلِّقُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ.
ــ
قوله: ثم متى قدَر على الوَطْءِ، لَزِمَه ذلك، أو يُطَلِّقُ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» . وأوْمَأَ إليه في رِوايةِ حَنْبَل. وقطَع به الخِرَقِي. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وإليه مَيلُ القاضي في «الرِّوايتَين» . وهو لازِمُ قوْله في «المُجَرّدِ» . وقال أبو بَكْر: إذا فاءَ بلِسانِه، لم يَلْزَمْه، ولم يُطالبْ بالفَيئَةِ مرَّةً أُخْرَى، وخرَج مِنَ الإيلاءِ. واخْتارَه القاضي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «التَّعْليقِ» ، وجُمْهورُ أصحابِه؛ كالشَّريفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» ، والشِّيرَازيِّ. قال أبو بَكْر، والقاضي: هو ظاهِرُ كلامِه في رِوايةِ مُهَنَّا.
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، بل هو كالصَّريحِ في ذلك، أنَّ الخِلافَ السَّابِقَ مَبْنيٌّ على قوْله: متى قَدَرْتُ جامَعْتُ. وقال الزرْكَشيُّ، بعدَ أنْ ذكَر الرِّوايتَين، أعْنِي في صِفَةِ الفَيئَةِ: وانْبَنَى عليه على ذلك إذا قدَر على الوَطْءِ، هل يَلْزَمُه؟ والخِرَقيُّ، وأبو محمدٍ يقُولان: يَلْزَمُه. واخْتارَه القاضي وأصْحابُه. وأبو بَكْر: لا يَلْزَمُه. انتهى. وعندَ صاحبِ «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما، أنَّ عدَمَ اللُّزومِ مَبْنِيٌّ على رِوايةِ قوْله: قد فِئْتُ إليكِ.
وَإنْ كَانَ مُظَاهِرًا، فَقَألَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي. أُمْهِلَ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ.
ــ
الثَّانِي، ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ كانَ مُظَاهِرًا، فقال: أَمْهِلُونِي حتى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُها عن ظِهارِي. أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّام. أنَّه لا يُمْهَلُ لصَوْمِ شَهْرَي الظِّهارِ. وهو صحيحٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيُطَلِّقُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي». وقيل: يصُومُ فيَفِئُ، كمَعْذُورٍ. وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ» .
وَإنْ قَال: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتي. أَوْ: أَتَغَدَّى. أوْ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ. أَوْ: أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ. أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْر وطَلَبَتِ الْفَيئَةَ -وَهِيَ الْجِمَاعُ-
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَجَامَعَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَعَلَيهِ كَفَّارَتُهَا.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأدْنَى مَا يَكْفِيهِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرْجِ. وَإنْ وَطِئَهَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ في الدُّبُرِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْفَيئَةِ.
ــ
فائدة: قولُه: وإنْ وَطِئَها دُونَ الفَرْجِ، أو في الدُّبرِ، لم يَخْرُجْ مِنَ الفَيئَةِ. بلا نِزاع. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يَحْنَث في يمينه بفِعْلِ ذلك. وقيل: يَحْنَثُ.
وَإنْ وَطِئَهَا في الْفَرْجِ وَطْاءً مُحَرَّمًا، مِثْلَ أَنْ يَطَأهَا حَال الْحَيضِ، أو النِّفَاسِ، أو الْإحْرَامِ، أوْ صِيَام فَرْض مِنْ أحَدِهِمَا، فَقَدْ فَاءَ إِلَيهَا؛ لأنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِهِ. وَقَال أَبو بَكْرٍ: الأصَحُّ أنهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَيئَةِ.
ــ
قوله: وإنْ وَطِئَها في الفَرْجِ وَطْأً مُحَرَّمًا، مثلَ أنْ يَطَأَ في حالِ الحَيضِ، أو النِّفَاسِ، أو الأحْرإمِ، أو صِيامِ فَرْضٍ مِن أحَدِهما، فقد فَاءَ؛ لأن يمِينَه انْحَلتْ به -وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «الفُروعِ» - وقال أبو بَكْر: الأصحُّ أنّه لا يخْرُجُ مِنَ الفَيئَةِ. وقال: هو قِياسُ المذهبِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيل رِوايةً.
فائدتان؛ إحْداهما، لو اسْتَدْخَلَتْ ذكَرَه وهو نائم، أو وَطِئَها نائمًا، أو ناسِيًا، أو جاهِلًا بها، أو مَجْنونًا -ولم نُحَنِّثِ الثلاثةَ- أو كفّر يَمِينَه بعدَ المُدَّةِ قبلَ الوَطْءِ، ففي خُروجِه مِنَ الفَيئَةِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوي» . قال في «الكافِي» : وإنْ وَطِئَها وهو مَجْنونٌ، لم يَحْنَثْ ويَسْقُطُ الإيلاءُ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يسْقُطَ. وإنْ وَطِئَها ناسِيًا، فأصحُّ الرِّوايَتَين، لا يَحْنَثُ. فعليها، هل يسْقُطُ الإِيلاءُ؟ على وَجْهَين، كالمَجْنونِ. وقال في «المُحَرَّرِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لو اسْتَدْخلَتْ ذكَرَه وهو نائمٌ، أو وَطِئَها. ناسِيًا، أو في حالِ جُنونِه -وقُلْنا: لا يَحْنَثُ- خرَج مِن الفَيئَةِ. وقيل: لا يَخْرُجُ. وقدَّم فيما إذا كفَّر بعدَ المُدَّةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ الوَطْءِ، أنَّه لم يخْرُجْ مِنَ الفَيئَةِ. وقال في «المُنَوِّرِ»: ويخْرُجُ بتَغْيِيبِ الحَشَفَةِ في قُبُل مُطْلَقًا. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» : ويُكَفِّرُ بوَطْءٍ، ولو مع إكْراهٍ ونِسْيانٍ. وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: وإنْ كفَّر بعدَ الأرْبعَةِ أشْهُر وقبلَ الوَقْفِ، صارَ كالحالِفِ على أكثرَ منها إذا مضَتْ يمِينُه قبلَ وَقْفِه. انتهيا.
الثانيةُ، لو أكْرِهَ على الوَطْءِ، فوَطِئَ، فقد فاءَ إليها. قال في «التَّرْغيبِ»: إذِ الإكراهُ على الوَطْءِ لا يُتَصَوَّرُ.
وَإنْ لَمْ يَفِئْ وأعْفَتْهُ الْمَرْأةُ، سَقَطَ حَقُّهَا. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَسْقُطَ، وَلَهَا الْمُطَالبَةُ بَعْدُ.
ــ
قوله: وإنْ لم يَفِئْ وأعْفَتْه المَرْأةُ، سقَط حَقها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْح» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يسْقُطَ. وهو لأبِي
وَإنْ لَمْ تُعْفِهِ، أُمِرَ بِالطَّلاقِ، فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، فَلَهُ رَجْعَتُهَا.
ــ
الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» ، ولها المُطالبَةُ بعدُ، كسُكوتِها. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ.
قوله: وإنْ لم تُعْفِه، أُمِرَ بالطَّلاقِ، فإنْ طَلَّقَ واحِدَةً، فله رَجْعتُها. هذا
وَعَنْهُ أنَّهَا تكون بَائِنَة.
ــ
المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وعنه، أنَّها تكونُ بائِنَةً. ويأتِي طَلاقُ الحاكِمِ
وَإنْ لَمْ يُطَلِّقْ، حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيهِ حَتَّى يُطَلِّقَ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَفِي الأخْرَى، يُطَلِّق الْحَاكِمُ عَلَيهِ.
ــ
إذا قُلْنا: يُطلِّقُ. هل هو رَجْعِيٌّ، أو بائِنٌ؟
قوله: فإن لم يُطَلِّقْ، حُبِسَ وضُيِّقَ عليه حتى يُطَلِّقَ، في إحْدَى الرِّوَايتَين -وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» - وفي الأخْرَى، يُطَلِّقُ الحاكمُ عليه. وهو المذهبُ. قال الشارِحُ: هذا أصحُّ. قال في «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ» ، والشرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «القَواعِدِ» . قال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» : وَآبِيها وطلاقٍ، يُحْبَسُ ثم يُطَلِّقُ عليه الحاكمُ. فعلى المذهبِ -وهو أنَّ الحاكِمَ يُطَلِّقُ عليه- فقال المُصَنِّفُ هنا. وإنْ طلَّق واحدةً، فهو كطَلاقِ المُولِىٍ. يَعْنِي، أنَّها هل تقَعُ رَجْعِيَّةً أو بائنةً؟ وأن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّها تقَعُ رَجْعِيَّة. وهذا المذهبُ. وعنه، أنَّ طَلاقَ الحاكِمِ بائِنٌ وإنْ قُلْنا: إن طَلاقَ المُولِي رَجْعِيٌّ. قال القاضي: المَنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أن فُرْقَةَ الحاكِمِ تكونُ بائِنًا. وعنه، فُرْقَةُ الحاكِمِ كاللعانِ، فتَحْرُمُ على التأبِيدِ. اخْتارَه أبو بَكْر. قاله الزَّرْكَشِي، وقال: امْتنَعَ ابنُ حامِدٍ
وَإنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، فَهِيَ كَطَلَاقِ الْمُولِي، وَإنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أوْ فَسَخَ، صَحَّ ذَلِكَ.
ــ
والجُمْهورُ مِن إثْباتِ هذه الرِّوايةِ، وقال: والطرِيقان في كلِّ فُرْقَةٍ مِنَ الحاكِمِ.
قوله: وإنْ طَلَّقَ ثَلاثًا أو فسَخ، صَحَّ ذلك. يعْنِي، لو طلّق الحاكِمُ ثلاثًا أو فسَخ، صحّ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثر الأصحابِ. قال القاضي: هذا ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، ونصَّ عليه في الطلاقِ الثَّلاثِ في رِوايةِ أبي طالِبٍ. وقطَع به في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، ونَصرَاه، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، واختارَه ابْنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّم في «التبصِرَةِ» أنَّه لا يَمْلِكُ ثلاثًا. وعنه، يتَعَيَّنُ الطلاقُ، فلا يَمْلِكُ الفَسْخَ. وعنه، يتَعَيَّنُ الفَسْخُ،
وَإنِ ادَّعَى أنَّ الْمُدَّةَ مَا انْقَضَتْ،
ــ
فلا يَمْلِكُ الطلاقَ.
فائدة: لو قال: فرَّقْتُ بينَكما. فهو فَسْخٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، طَلاق.
قوله: وإنِ ادعى أنَّ المُدةَ ما انْقَضَتْ، أو أنَّه وَطِئَها، وكانَتْ ثيِّبًا، فالقَوْلُ
أوْ أنهُ وَطِئَهَا، وَكَانَتْ ثيِّبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وإنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَادَّعَتْ أنهَا عَذْرَاءُ، فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأة عَدْلٌ، فَالْقَوْلُ
ــ
قوْلُه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وفي «الترْغيبِ» احْتِمال، أنَّ القَوْلَ قوْلُها في عدَمِ الوَطْءِ؛ بِناءً على رِوايَةٍ في العُنَّةِ. فعلى المذهبِ، لو طلَّقَها، فهل له رَجْعَة أمْ لا؟ لأنَّه ضرُورَة. وفي «التَّرْغيبِ» احْتِمالان في ذلك.
قوله: وإنْ كانَتْ بِكْرًا، وادَّعَتْ أنَّها عَذْرَاءُ، فشَهِدَتْ بذلك امْرأةٌ عَدْلٌ،
قَوْلُهَا، وإلا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَهَلْ يَحْلِفُ مَنِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
فالقَوْلُ قَوْلُها، وإلا فالقَوْلُ قَوْلُه. بلا نِزاع.
قوله: وهل يَحْلِفُ مَنَ القَوْلُ قَوْلُه؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وقال في «الرعايتَين» ، و «الحاوي»: في الثيبِ رِوايَتان، وفي البِكْرِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الزرْكَشِيِّ» ؛ أحدُهما، يحْلِفُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ في بعضِ النُّسَخِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «المُحَررِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . والوَجْهُ الثاني، لا يحْلِفُ. قال في رِوايةِ الأثرَمِ: لو ادعى وَطْءَ الثيبِ، لا يمِينَ عليه. وصحَّحه في «التصْحيح». واخْتارَه أبو بَكْر. قال القاضي: وهو أصحُّ. [وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقال: نصَّ عليه؛ لأنَّه لا يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ](1). قال في «المُغْنِي» (2): وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي، أنه لا يمِينَ هنا إذا شهِدَ بالبَكارَةِ لقَوْله
(1) سقط من: الأصل.
(2)
المغني 11/ 50.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في بابِ العِنِّينِ: فإنْ شَهِدْنَ بما قالتْ، أُجِّلَ (1) سنَةً. ولم يذْكُرْ يمينًا، وهذا قولُ أبي بَكْر. وقال النَّاظِمُ:
ودَعْواه بُقْيا الوَقْتِ أو وَطْءَ ثيِّب
…
فَقَلِّدْه ولْيَحْلِفْ على المُتَأكَّدِ
وإنْ تَكُ بِكْرًا ثُم تشْهَدُ عَدْلَةٌ
…
بعُذْرَتها تُقْبَلْ وتَحْلِفْ بمُبْعَدِ
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّ الوَجْهَينِ يشْمَلُ البِكْرَ إذا شَهِدَ بأنها بِكْرٌ، وأن فيها وَجْهًا يُحَلِّفُها. وهو صحيح. ذكَر هذا الوَجْهَ في «الشَّرْحِ» ، و «الرعايتَين» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النظْمِ» ، وغيرِهم. وظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ» ، أنَّ حِكايَةَ الوَجْهَينِ فيها لم يذْكُرْه إلَّا في «الترْغِيبِ» فقط؛ فإنَّه قال: إذا شَهِدَ بالبَكارَةِ امْرأةٌ، قُبِلَ. وفي «التَّرْغِيبِ» في يمِينها وَجْهان.
(1) في ط، ا:«أجلت» .