المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الظِّهَارِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ. ــ كتابُ الظِّهارِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٣

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌كتابُ الظِّهَارِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ. ــ كتابُ الظِّهارِ

‌كتابُ الظِّهَارِ

وَهُوَ مُحَرَّمٌ.

ــ

كتابُ الظِّهارِ

ص: 225

وَهُوَ أنْ يُشَبِّهَ امْرَأتهُ أوْ عُضْوًا مِنْهَا، بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيهِ عَلَى التَّأبِيدِ، أوْ بِهَا أوْ بِعُضْوٍ مِنْهَا، فَيَقُولَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: كَوَجْهِ حَمَاتِي. أوْ: ظَهْرُكِ. أوْ: يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْر أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: خَالتِي. مِنْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ.

ــ

قوله: وهو أنْ يُشَبِّهَ امْرَأته أو عُضْوًا منها. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَشْبِيهَ عُضْوٍ مِنِ امْرَأتِه، كتَشْبِيهِها كلها. وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بمُظاهِرٍ حتى يُشَبِّهَ جُملَةَ امْرَأتِه.

قوله: بظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه على التأبِيدِ، أو بها أو بعُضْو منها، فيَقُولَ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. أو: كيَدِ أخْتِي. أو: كوَجْهِ حَماتي. أو: ظَهْرُكِ. أو: يَدُكِ عليَّ

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كظهْرِ أمِّي. أو: كيَدِ أخْتِي. أو: خالتِي. مِن نَسَبٍ أو رَضاع. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن مَنِ تَحْرُمُ عليه بسَبَبٍ -كالرَّضاعِ ونحوه- حُكْمُها (1) حُكْمُ مَن

(1) في الأصل، ط:«حكمه» .

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَحْرُمُ عليه بنَسَب. وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، لا يكونُ مُظاهِرًا إذا أضافَه إلى مَن تَحْرُمُ عليه بسَبَبٍ. وقيل: إنْ كان السَّبَبُ مُجْمَعًا عليه،

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فهو مُظاهِرٌ، وإلا فلا

ص: 231

وإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَأمِّي. كَانَ مُظَاهِرًا. وَإنْ قَال: أرَدْتُ كَأمِّي في الْكَرَامَةِ، أَوْ نَحْوهِ. دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ؟ يُخَرجُ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

قوله: وإنْ قال: أنتِ علي كأمي -وكذا قوْلُه: أنتِ عندِي، أو مِنِّي، أو معِي، كأمِّي أو مِثْلُ أمي- كانَ مُظاهِرًا. إنْ نَوَى به الظِّهارَ، كان ظِهارًا، وإنْ

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أطْلَقَ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه صَرِيحٌ في الظهارِ أيضًا. نصَّ عليه، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الشَّارِحُ. وجزَم به في «المُحَررِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، ليس بظِهارٍ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى في «الإرْشادِ» ، فقال: فيه رِوايَتان، أظْهَرُهما أنه ليس بظِهارٍ، حتى ينْويَه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، فقال: والذي يصِحُّ عندِي في قِياسِ المذهبِ، إنْ وُجِدَتْ نِيَّةٌ، أو قرِينة تدُلُّ على الظهارِ، فهو ظِهارٌ، وإلَّا فلا.

قوله: وإنْ قال: أرَدْتُ كأمِّي في الكَرامَةِ، أو نحوه. دُيِّنَ -بلا نِزاعٍ- وهل

ص: 234

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرجُ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفُروعِ» . وهما رِوايَتان في «المُحَررِ» ، و «الفُروعِ» ، ووَجْهان في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ؛ إحْداهما، يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وهو الصحيحُ مِن المذهبِ، اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وصححه في «التَّصْحيحِ». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (1). قال في «الإرْشادِ»: أظْهَرُهما، أنه ليس بظِهارٍ حتى يَنْويَه. والروايةُ الثانيةُ، لا يُقْبَلُ.

(1) زيادة من: ا.

ص: 235

وَإنْ قَال: أَنْتِ كَأُمِّي. أَوْ: مِثْلُ أمِّي. فَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ فِيهَا رِوَايَتَينِ. وَالأوْلَى أنَّ هَذَا لَيسَ بِظِهَارٍ، إلا أنْ يَنْويَهُ، أو يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ.

ــ

قوله: وإنْ قال: أنتِ كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. فذْكَرَ أبو الخطَّابِ فيها رِوايتَين. يعْنِي، يكونُ كقوْلِه: أنتِ عليَّ كأمِّي. هل هو صَرِيحٌ، أو كِنايَة؟ قال المُصَنِّفُ هنا: والأوْلَى. أن هذا ليس بظِهارٍ إلا أنْ يَنْويَه، أو يقْتَرِنَ به ما يدُل على إرادَتِه. وهو المذهبُ، اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «المُحَرّرِ»: ولو لم يقُلْ: عليَّ. لم يكُنْ

ص: 236

وَإِنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبِي.

ــ

مُظاهِرًا إلَّا بالنيةِ. وقال في «الفُروعِ» : وإنْ قال: أنتِ أمِّي. أو: كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. وأطْلقَ، فلا ظِهارَ. وقال في «البُلْغَةِ»: أمَّا الكِنايَةُ فنحوُ قوْلِه: أنتِ (1) أمِّي. أو: كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. لم يكُنْ مُظاهِرًا إلَّا بالنيةِ، أو (2) القَرِينَةِ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» . وعنه، أنه يكونُ ظِهارًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «التَّرْغِيبِ»: وهو المَنْصوصُ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: فهو صَرِيحٌ في الظهارِ. نصّ عليه، وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» . وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الحاوي الصغِيرِ»: وإنْ قال: أنتِ كأمِّي. أو: مِثْلُها. فصَرِيحٌ. نصّ عليه. وقيل: ليس ظِهارًا بلا نِيَّةٍ، ولا قرِينَةٍ. وإنْ قال: نَوَيتُ في الكَرامَةِ. دُيِّنَ، وفي. الحُكْمِ على رِوايتَين. وقيل: هو كِنايَةٌ في الظِّهارِ. وقيل: إنْ قال: أنتِ علي كأمِّي. أو: مِثْلُها. ولم يَنْو الكَرامَةَ، فمُظاهِر، وإنْ نَواها، دُيِّنَ، وفي الحُكْمِ رِوايَتان. وإنْ أسْقَطَ «عليَّ» ، فلَغْوٌ، إلَّا أنْ يَنْويَ الظِّهارَ، ومع ذِكْرِ «الظَّهْرِ» لا يُدَيَّنُ. انتهيا. فذَكَر الطرِيقَتَين.

قوله: وإنْ قال: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أبي. أو: كظَهْرِ أجْنَبِيَّةٍ. أو: أخْتِ

(1) سقط من: ط.

(2)

في الأصل: «و» .

ص: 237

أوْ: كَظَهْرِ أجْنَبِيَّةٍ. أوْ: أُخْتِ زَوْجَتِي. أوْ: عَمَّتِهَا. أوْ: خَالتِهَا. فَعَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

زَوْجَتِي. أو: عَمَّتِها. أو: خالتِها. فعلَى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الشرْحِ» ، وأطْلَقَهما في الأولتين في «الخُلاصَةِ» ؛ إحْداهما، هو ظِهارٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ». واخْتارَه -فيما إذا قال: كظهْرِ أجْنَبِيةٍ- الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ» ، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، على ما حَكاه القاضي. واخْتارَه القاضي أيضًا في مَوْضِع مِن كَلامِه. والروايَةُ الثَّانيةُ، ليس بظِهارٍ. واخْتارَه -فيما إذا قال: كظَهْرِ الأجْنَبِيَّةِ- ابنُ حامِدٍ، والقاضي في «التَّعْليقِ» ، والشرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وكذا أبو بَكْر، على ما حَكاه عنه المُصَنفُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفي مَعْنَى مسْألَةِ الخِرَقِيُّ، إذا شَبَّهَ امْرَأتَه

ص: 239

وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهرِ الْبَهِيمَةِ. لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا. وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. فَهُوَ مُظَاهِرٌ، إلا أنْ يَنْويَ طَلَاقًا أو يمِينًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أو مَا نَوَاهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

بأخْتِ زَوْجَتِه ونحوها؛ لأنَّ تحْرِيمَها تحْريم مُؤقت. وعنه، هو ظِهارٌ، إنْ قال: أنتِ على كظَهْرِ أبِي. أو: كظَهْرِ رَجُل. نصَرَه القاضي، وأصحابُه. قال في «الفُروعِ»: وعكَسَها أبو بَكْرٍ. فعلى الرِّوايةِ الثانيةِ، عليه كفارَةُ يمين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعنه، لَغْوٌ لا شيءَ فيه. وأطْلَقَهما الزرْكَشِيُّ.

قوله: وإن قال: أَنتِ عليَّ كظَهْرِ البَهِيمَةِ. لم يَكُنْ مُظاهِرًا. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحّحه في «النظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين». وقيل: يكونُ مُظاهِرًا إذا نَواه. وأطْلَقَهما في «المُحَررِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، [و «المُغْنِي»، وحَكاهما رِوايتَين، والمَعْروفُ وَجْهان](1).

قوله: وإنْ قال: أنتِ علي حَرامٌ. فهو مُظاهِر، إلا أنْ يَنْويَ طَلاقًا أو يَمِينًا، فهل يَكُونُ ظِهارًا أو ما نَواه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» إذا قال:

(1) زيادة من: ا.

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنتِ عليَّ حَرامٌ. وأطْلَقَ. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ظِهارٌ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، واخْتارَه الخِرَقِي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، هو يمِين.

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، هو طَلاق بائِنٌ. حتى نقَل حَنْبَلٌ، والأثْرَمُ، الحَرامُ ثلاث، حتى لو وجَدْتُ رجُلًا حرَّم امْرَأتَه، وهو يرَى أنها واحدة، فرَّقْتُ بينَهما. مع أن أكثرَ الرِّواياتِ عنه كَراهَةُ الفُتْيا في الكِناياتِ الظَّاهِرَةِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: لاخْتِلافِ الصَّحابَةِ، رضي الله عنهم. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في بابِ صَرِيحِ الطلاقِ وكِنايته. وأمّا إذا نَوَى بذلك طَلاقًا أو يمِينًا، فعنه، يكونُ ظِهارًا أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ. قال في «الفُروعِ»: وهو

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأشْهَرُ. وكذا قال في «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» . قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» وغيرِها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يقَعُ ما نَواه. جزَم به في «المُنَورِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس. في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النظْمِ» ، و «الحاوي الصغِيرِ» . وأطْلَقَهما في «الرعايتَين» ، و «الفُروعِ» . وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفى في بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايته.

[فائدة: لو قال: أنتِ حَرامٌ إنْ شاءَ اللهُ. فلا ظِهارَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، خِلافًا لابنِ شَاقْلَا، وابنِ بَطَّةَ، وابنِ عَقِيل](1).

(1) زيادة من: ا.

ص: 243

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِح طَلَاقُهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا. وَالأقْوَى عِنْدِي أنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ ظِهَارٌ وَلَا إِيلَاءٌ؛ لأنهُ يَمِينٌ مُكَفرَةٌ، فَلَم تنْعَقِدْ في حَقهِ.

ــ

قوله: ويصِحُّ مِن كُلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فيَصِحُّ ظِهارُ الصَّبِيِّ؛ حيثُ صححْنا طَلاقَه. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: سَوى الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، بينَه وبينَ الطّلاقِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ»: أكثرُ الأصحابِ على صِحةِ ظِهارِه وإيلائه. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ» : هذا هو المَشْهورُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال المُصَنِّف

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هنا: والأقْوَى عندِي، أنَّه لا يصِحُّ مِنَ الصَّبِي ظِهارٌ ولا إيلاءٌ؛ لأنَّه يمِين مُكَفَّرَة، فلم تَنْعَقِدْ في حقِّه. قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهَبِ» في بابِ الأيمانِ: وتَنْعَقِدُ يمِينُ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ في أحَدِ الوَجْهَين. وقال في «المُوجَزِ» : يصِحُّ مِن زَوْج مُكَلَّفٍ. قال في «عُيونِ المَسائلِ» : ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ ظِهارُه؛ لأنّه تحْريمٌ مَبْنِي على قَوْلِ الزُّورِ، وحُصولِ التَّكْفِيرِ، والمَأثَمِ، وإيجابِ مالٍ أو صَوْم. قال: وأمَّا الإيلاءُ، فقال بعضُ أصحابِنا: تصِحُّ رِدَّتُه وإسْلامُه. وذلك مُتَعَلق بذِكْرِ اللهِ، وإنْ سلَّمْنا، فإنَّما لم يصِحَّ، لأنَّه ليس مِن أهْلِ اليَمينِ بمَجْلِسِ الحُكْمِ لرَفْعِ الدَّعْوَى. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: مَنْ صَحَّ ظِهارُه

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صح طَلاقُه إلَّا المُمَيِّزَ في الأصحِّ فيه. وقيل: ظِهارُ المُمَيِّزِ كطَلاقِه. وقال في «التَّرْغيبِ» : يصِحُّ الظِّهارُ مِن مُرْتَدَّةٍ.

قوله: مُسْلِمًا كانَ أو ذِمِّيًا. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، صِحَّةُ ظِهارِ الذِّمِّي كالمُسْلِمِ، [وجزاءِ الصيدِ] (1). قال في «الفُروعِ»: وعلى الأصح، وكافِرٌ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يصِحُّ ظِهارُه؛ لتَعَقُّبِه كفَارَةً ليسَ مِن أهْلِها. ورُدَّ. فعلى المذهبِ، يُكَفرُ بالمالِ لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وجزَم في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» بصِحَّةِ التَّكْفيرِ بالإطْعام والعِتْق. وإذا لَزِمَتْه الكفَّارَةُ، فهل يَحْتاجُ إلى نِيَّةٍ؟ قال الدِّينَوَريُّ: ويُعْتبَرُ في تكفيرِ الذميِّ بالعِتْقِ والإطْعامِ النيةُ. وقال ابنُ عَقِيل: ويعْتِقُ أيضًا بلا نِيَّةٍ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ عَقِيل أيضًا: يصِحُّ العِتْقُ مِنَ المُرْتَدِّ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ» : لأن الظِّهارَ مِن فُروعِ النِّكاحِ، أو قوْلٌ مُنْكَر وزورٌ، والذمِّيُّ أهْلٌ لذلك، ويصِحُّ منه

(1) سقط من: ط، ا.

ص: 248

وَيَصِح مِن كل زَوْجَةٍ،

ــ

في غيرِ الكفَّارَةِ، فصَحَّ منه فيها، بخِلافِ الصَّوْمِ. وصححه في «الانْتِصارِ» مِن وَكيلٍ فيه.

تنبيهان؛ أحدُهما، شمِلَ قوْلُه: يصِحُّ مِن كلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. العَبْدَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الفُروع» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يصِحُّ ظِهارُه. فعلى المذهبِ، يأتِي حُكْمُ تكْفيرِه في آخِرِ كتابِ الأيمانِ.

الثَّاني، مَفْهومُ كلامِه، أن مَنْ لا يصِحُّ طَلاقُه لا يصِحُّ ظِهارُه. وهو صحيح؛ كالطِّفْلِ، والزَّائلِ العَقْلِ؛ بجُنونٍ أو إغْماءٍ أو نَوْم أو غيرِه، وكذا المُكْرَهُ إذا لم يُصَحَّحْ طَلاقُه. وحُكْمُ ظِهارِ السكْرانِ مَبْنِي على طَلاقِه.

ص: 249

فَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ أمَتِهِ، أوْ أُمِّ وَلَدِهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَلْزَمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ.

ــ

قوله: وإن ظاهَرَ مِن أمتِه، أو أمِّ وَلَدِه، لم يصِحَّ -بلا نِزاعٍ- وعليه كَفَّارَةُ يَمِين. هذا المذهب، نقَلَه الجماعَة. قال الزَّرْكَشِي: وهو المَشْهورُ والمُخْتارُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الخلاصةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المًحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفروعِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه كَفَّارَةُ ظِهارٍ. وهو لأبِي الخَطابِ، وهو رِوايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، نقلَها حَنْبَلٌ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «المحَرَّرِ»: نقلَها أبوْ طالِبٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه شيءٌ.

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو تخْريجٌ في «المُحَررِ» ، و «الفُروعِ» مِن رِوايةٍ فيما إذا ظاهَرَتْ هي مِن زوْجِها، الآتِيَةِ. وذكَر في «عُمَدِ الأدِلةِ» ، و «التَّرْغيبِ» رِواية بالصِّحَّةِ.

ص: 251

وَإنْ قَالتِ الْمَرأة لِزَوْجِهَا: أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي. لَمْ تَكُنْ مُظَاهِرَةً،

ــ

قوله: وإن قالتِ المَرْأةُ لزَوْجِها: أنتَ على كظَهرِ أبي. لم تكُنْ مُظَاهِرَةً. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَعْروفُ والمَشْهورُ والمَجزومُ به عندَ كثير مِنَ الأصحابِ، حتى قال القاضي في «رِوايَتَيه»: لم تَكُنْ مُظاهِرَةً، رِوايةً واحدةً. انتهى. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، أنَّها تَكونُ مُظاهِرَةً. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبي مُوسى، فتُكَفِّرُ إنْ طاوَعَتْه. وإنِ اسْتَمْتَعَتْ به، أو عزَمَتْ، فكمُظاهِرٍ.

ص: 252

وَعَلَيهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ. وَعَنْهُ، كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، لَا شَيْءَ عَلَيهَا.

ــ

قوله: وعليها كَفَّارةُ ظِهارٍ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. واخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وجماعَةٍ مِن أصحابِه؛ كالشرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، وأبيه أبي الحُسَينِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، عليها كفارَةُ يمين. قال

ص: 254

وَعَلَيهَا التَّمْكِينُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ.

ــ

المُصَنفُ، والشَّارِحُ: هذا أقيسُ على مذهبِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وأشْبَهُ بأصولِه. وعنه، لا شيءَ عليها. ومنها خرَّج في التي قبلَها، كما تقدّم.

قوله: وعليها التَّمْكِينُ قبلَ التَّكْفِيرِ. يعْنِي، إذا قُلْنا: إنّها ليست مُظاهِرَةً وعليها

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كفَّارَةُ الظِّهارِ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» : وعليها أنْ تُمَكِّنَه قبلَها في الأصحِّ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا تُمَكِّنُه قبلَ التَّكْفيرِ. وحكَى ذلك عن أبي بَكْر، حَكاه عنه في «الهِدايَةِ». قال المُصَنِّفُ: وليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ ظِهارَ الرَّجُلِ صحيح، وظِهارَها غيرُ صحيح. قال الزَّرْكَشِي: قلتُ: قوْلُ أبي بَكْرٍ جارٍ على قوْلِه، مِن أنَّها تكونُ مُظاهِرَة. وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وليس لها ابتِداءُ القُبْلَةِ والاسْتِمْتاعِ.

فائدتان: أحْداهما، يجِبُ عليها كفَّارَةُ الظِّهارِ قبلَ التَّمْكينِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: بعدَه. قال ابنُ عَقِيل: رأيتُ بخَطِّ أبي بَكْر «العَوْدُ التَّمْكِينُ» .

الثَّانيةُ، وكذا الحُكْمُ لو علَّقَتْه المَرْأةُ بتَزْويجِها، مِثْلَ أنْ قالتْ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلانًا فهو عليَّ كظَهْرِ أبي. قال في «الفُروعِ» : فكذلك ذكَره الأكْثرُ، وهو ظاهِرُ نُصوصِه، ولم يُفَرِّقْ بينَهما الإمامُ أحمدُ، رحمه الله. وقال في «المُحَررِ»: فهو ظِهارٌ، وعليها كفَّارَةُ الظِّهارِ. نصَّ عليه في رِوايةِ أبي طالِبٍ. وجزَم به في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم، وقالوا: نصَّ عليه. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنَّه لَغْوٌ.

ص: 256

وَإنْ قَال لأجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. لَمْ يَطَأهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا حَتى يُكَفِّرَ.

ــ

قوله (1): وإنْ قال لأجنَبِيَّةٍ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. لم يَطَأها إنْ تَزَوَّجَها حتَّى يُكَفرَ. يصِحُّ الظِّهارُ مِنَ الأجْنَبِيَّةِ، ولا يَطَؤها إذا تزَوَّجَها حتى يُكَفِّرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: صحَّ في الأشْهَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مَنْصوصُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وعليه أصحابُه. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ،

(1) سقط من: الأصل.

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ، كالطَّلاقِ. قال في «الانْتِصارِ»:

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا قِياسُ المذهبِ كالطلاقِ. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، رِواية. والفَرْقُ أنَّ الظهَارَ يَمينٌ، والطَّلاقَ حَلُّ عَقْدٍ ولم يُوجَدْ.

فائدة: وكذا الحُكْمُ إذا علقَه، فتَزَوَّجَها؛ بأنْ قال: إذا تزَوَّجْتُ فُلانَةَ، فهي عليَّ كظَهْرِ أمِّي. خِلافًا ومذهبًا.

ص: 259

وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. يُرِيدُ في كُلِّ حَالٍ، فَكَذَلِكَ، وَإنْ أرَادَ في تِلْكَ الْحَالِ فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ؛ لِأنَّهُ صَادِقٌ.

ــ

قوله: وإنْ قال: أنتِ عليَّ حَرامٌ. يُرِيدُ في كُل حالٍ، فكذلك -يعْنِي، إذا قال ذلك للأجْنَبِيَّةِ، وهذا بلا نِزاعٍ- وإنْ أرادَ في تلك الحالِ، فلا شيءَ عليه؛ لأنَّه صادِقٌ. وكذا إذا أطلَقَ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ فيما إذا أطلَقَ، أنَّها كالتي قبلَها في أنَّه يصِحُّ، ولا يطَأ إذا تزَوَّجَها حتى يُكَفِّرَ. وقال في «الرِّعايتَين»: وكذا إنْ قال: أنتِ عليَّ حَرامٌ. ونَوَى أبدًا، وإنْ نَوَى في الحالِ، فَلَغْوٌ، وإنْ أطلَقَ، احْتَمَلَ وَجْهَين.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ على كظَهْرِ أمِّي إنْ شاءَ اللهُ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه ليس بظِهارٍ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: هو ظِهارٌ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

الثَّانيةُ، لو ظاهَرَ مِن إحْدَى زَوْجَتَيه، ثم قال للأخْرَى: أشْرَكْتُكِ معها. أو:

ص: 260

وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلًا وَمُعَلَّقًا بشَرْطٍ، وَمُطْلَقًا وَمُؤقَّتًا، نَحْوَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ. أو: أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. فَمَتَى انْقَضَى الْوَقْتُ زَال الظِّهَارُ، وَإنْ أصَابَهَا فِيهِ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيهِ.

ــ

أنتِ مِثْلُها. فهو صَرِيحٌ في حقِّ الثَّانيةِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنه كِنايَة، وهو رِواية. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، آخِرَ بابِ الإيلاءِ: إذا قال ذلك، فقد صارَ مُظاهِرًا منهما، وفي اعْتِبارِ نِيته وَجْهان. وتقدم ذلك مُسْتَوْفًى في بابِ صَرِيحِ الطلاقِ وكِنايته. فليُعاوَدْ.

ص: 261

فَصْلٌ في حُكْمِ الظِّهَارِ: يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُظَاهَر مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ.

ــ

قوله: ويَحْرُمُ وَطْءُ المُظاهَرِ منها قبلَ التَّكْفِيرِ. إنْ كان التَّكْفِيرُ بالعِتْقِ أو الصِّيامِ، حَرُمَ الوَطْءُ إجْماعًا؛ للنَّصِّ، وإنْ كان بالإطْعامِ، حَرُمَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي في «خِلافِه» ، و «رِوايَتَيه» ، والشَّرِيفُ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» ،

ص: 265

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يَحْرُمُ وَطْؤُها، إذا كان التَّكْفِيرُ بالإطْعامِ. اخْتارَه أبو بَكْر، وأبو إسْحاقَ.

ص: 266

وَهَل يَحْرُمُ الاسْتِمْتَاعُ مِنْهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. وَعَنْهُ، لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا إِذَا كَانَ التَّكْفِيرُ بِالإِطْعَامِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

ــ

قوله: وهل يَحْرُمُ الاسْتِمْتاعُ منها بما دُونَ الفَرْجِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ إحْداهما، يَحْرُمُ. وهو المذهبُ، اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. وصحَّحها في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الهادِي» ، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ». قال في «القَواعِدِ»: أشْهَرُهما التَّحْريمُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ. نقَلَها الأكْثَرُون (1). وذكَر في «التَّرْغيبِ» ، أنها أظْهَرُهما عنه. وهو

(1) في الأصل، ط:«الأكثر» .

ص: 267

وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ الْوَطْءُ. نَصَّ عَلَيهِ أحْمَدُ، وَأنْكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ. وَقَال الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّاب: هُوَ الْعَزْمُ.

ــ

ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» .

قوله: وتَجِبُ الكَفَّارَةُ بالعَوْدِ، وهو الوَطْءُ. نَصَّ عليه أحمدُ، وأنْكَرَ على مالِكٍ، أنّه العَزْمُ على الوَطْءِ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ،

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: هو العَزْمُ. قال في

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُحَرَّرِ» وغيرِه: وقال القاضي وأصحابُه: العَوْدُ العَزْمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: تطَع به القاضي وأصحابُه، وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ رِوايةً. قال القاضي: نصَّ عليه في رِوايةِ جماعَةٍ، منهم الأثْرَمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «البُلْغَةِ»: وهو العَزْمُ على الأظْهَرِ.

ص: 270

وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أو طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ، فَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

ــ

قوله: ولو ماتَ أحَدُهما، أو طَلَّقَها قبلَ الوَطْءِ، فلا كَفَّارَةَ عليه. وهذا مَبْنِيٌّ على المذهبِ؛ وهو أنَّ العَوْدَ هو الوَطْءُ. وأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّ العَوْدَ هو العَزْمُ على الوَطْءِ. لو عزَم ثم ماتَ، أو طلَّقَها قبلَ الوَطْءِ، وَجَبَتِ الكفَّارَةُ. فَرَّعه في

ص: 271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُحَرَّرِ» وغيرِه على قوْلِ القاضي وأصحابِه. وعنِ القاضي، لا تجِبُ. قاله في «الفُروعِ» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال القاضي وأصحابُه: العَوْدُ العَزْمُ على الوَطْءِ. إلَّا أنَّهم لم يُوجِبُوا الكفَّارَةَ على العازِمِ على الوَطْءِ إذا ماتَ أحدُهما

ص: 272

وَإنْ وَطِيء قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَثِمَ، وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيهِ الْكَفَّارَةُ.

ــ

أو طلَّق قبلَ الوَطْءِ، إلَّا أبا الخَطَّابِ، فإنَّه قال: إذا ماتَ بعدَ العَزْمِ أوطلَّق، فعلية الكَفَّارَةُ.

قوله: وإنْ وَطِيء قبلَ التَّكْفِيرِ، أثِمَ، واسْتَقَرَّتْ عليه الكَفَّارَةُ. اعْلَمْ أنَّ الوَطْءَ قبل التَّكْفيرِ مُحَرَّم عليه، ولا تسْقُطُ الكفَّارَةُ بعدَ وَطْئِه بمَوْتٍ ولا طَلاقٍ، ولا غيرِ ذلك، وتحْرِيمُها عليه باقي حتى يُكَفِّرَ، ولو كان مَجْنونًا. نصَّ عليه. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه تَلْزَمُ مَجْنونًا بوَطْئِه. قلتُ:

ص: 273

وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَة وَاحِدَةٌ.

ــ

فيُعايَى بها. قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا يَلْزَمُ المَجْنونَ كفَّارَة بوَطْئِه، وأنَّه كاليمينِ. قال: وهو أظْهَرُ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهان، كإيلاءٍ.

ص: 274

وَإنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأتِهِ الْأمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ. وقَال أَبُو بَكْرٍ: يَبْطُلُ الظِّهَارُ وَتَحِلُّ لَهُ، فَإِنْ وَطِئَهَا فَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يمِينٍ.

ــ

قوله: وإنْ ظاهَرَ مِن امْرَأتِه الأمَةِ ثم اشْتَرَاها، لم تَحِلَّ له حتى يُكَفِّرَ. هذا

ص: 275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وغيرُهم. وجزَم به في «الخُلاصةِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»: يَبْطُلُ الظِّهارُ وتحِلُّ له، فإنْ وَطِئَها فعليه كفَّارَةُ يمينٍ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. ويتَخرجُ أنَّه لا كفَّارَةَ عليه، كظِهارِه مِن أمَتِه.

ص: 276

وَإنْ كَرَّرَ الظِّهَارَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ، إِنْ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِس وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإنْ كَرَّرَه فِي مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ.

ــ

قوله: وإنْ كَرَّرَ الظِّهارَ قبلَ التَكْفِيرِ، فكَفَّارَة واحِدَة. هذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، والمُخْتارُ

ص: 277

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لعامَّةِ الأصحابِ؛ القاضي، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، إنْ كرَّرَه في مَجْلِسٍ واحدٍ فكفَّارَةٌ واحدة، وإنْ كرَّرَه في مَجالِسَ فكفَّارات. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى أبو محمدٍ في «المُقْنِعِ» رِوايةً؛ إنْ كرَّرَه في مَجالِسَ

ص: 278

وَإنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَكَفَّارَة وَاحِدَة، وَإِنْ كَانَ بِكَلِمَاتٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ.

ــ

فكفَّاراتٌ. قال: لا أظُنُّه إلَّا وَهْمًا. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ الشَّارِحَ ذكَرَها، وقال: وهو مذهبُ أصحابِ الرَّأْي. ورُوِيَ عن عليٍّ، رضي الله عنه، وعَمْرِو بنِ دِينارٍ، رحمه الله. وذكرَها في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، تتَعَدَّدُ الكفَّارَةُ بتَعَدُّدِ الظِّهارِ ما لم يَنْو التَّأْكِيدَ، أو الإفْهامَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأبو محمدٍ في «الكافِي» يحْكِي هذه الرِّوايةَ؛ إنْ نوَى الاسْتِئْنافَ، تكَررتْ، وإلَّا لم تُكَرَّرْ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «رِوايَتَيه» . وليس بجيِّدٍ؛ فإن مأْخَذَ هذه الرِّوايةِ في الرجُلِ يحْلِفُ على شيءٍ واحدٍ أيمانًا كثيرةً، فإنْ أرادَ تأكيدَ اليمينِ، فكفَّارَة واحدة. انتهى. وعنه، تتعَدَّدُ مُطْلَقًا.

قوله: وإنْ ظاهَرَ مِن نِسائِه بكَلِمَةٍ واحِدَةٍ، فكَفَّارَةْ واحِدَة، فإنْ كان بكَلِماتٍ، فلكُلِّ واحِدَةٍ كَفَّارَةٌ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ حامِدٍ: إذا ظاهَرَ بكَلِماتٍ، فلكُلِّ واحدةٍ كفارَة. روايةً واحدةً. قال القاضي: المذهبُ عندِي ما قاله ابْنُ حامِدٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا ظاهَرَ

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بكلِمَةٍ واحدةٍ، فكفَّارَةٌ واحدةٌ. بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 280

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وعنه، عليه كفَّارَةٌ واحدة؛ سواءٌ كان بكَلِمَةٍ أو بكلماتٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهما. وعنه، عليه كفارات مُطْلَقًا. وعنه، إنْ كان بكَلمات في مَجالِسَ، فكفارات، وألَّا فواحدةٌ.

ص: 281