الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ، فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ مِنَ الْحُبُوبِ والثِّمَارِ وَغَيرِهَا.
ــ
كِتابُ الأطْعِمَةِ
قوله: والأصْلُ فيها الْحِلُّ، فيَحِلُّ كُلُّ طَعامٍ طاهِرٍ لا مَضَرَّةَ فيه مِن الحُبُوبِ والثمارِ وغَيرِها. حتى المِسْكِ. وقد سألَه الشَّالنْجِيُّ عنِ المِسْكِ، يُجْعَلُ في الدَّواءِ ويشْرَبُه؟ قال: لا بأْسَ. وهذا المذهبُ. وقال في «الانْتِصارِ» : حتى شَعْر. وقال في «الفُنونِ» : الصَّحناءُ سَحِيقُ السَّمَكِ (1)، مُنْتِنٌ في غايةِ الخُبْثِ.
تنبيه: دخَل في كلام المُصَنِّفِ حِلُّ أكْلِ الفاكهةِ المُسَوَّسَةِ والمُدَوَّدَةِ، وهو كذلك. ويُباحُ أيضًا أكْلُ دُودِها معَها. قال في «الرِّعايةِ»: يُباحُ أكْلُ فاكهةٍ
(1) في النسخ: «المسك» . انظر: الفروع 6/ 294. والسان (ص ح ن).
فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ؛ كَالْمَيتَةِ، وَالدَّمِ، وَغَيرِهِمَا، وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنَ السُّمُومِ وَنَحْوهِا، فَمُحَرَّمَةٌ.
ــ
مُسَوَّسَةٍ ومُدَوَّدَةٍ بدُودِها، أو باقِلَّاءَ بذُبابِه، وخِيارٍ وقِثَّاءَ وحُبوبٍ وخَلٍّ بما فيه. وهو مَعْنَى كلامِه في «التَّلْخيصِ». قال في «الآدابِ»: وظاهِرُ هذا، أنَّه لا يُباحُ أكْلُه منْفَرِدًا. وذكَر بعْضُهم فيه وَجْهَين، وذكَر أبو الخَطَّابِ، في بحْثِ مسْألَةِ ما لا نَفْسَ له سائلةً، لا يحِلُّ أكْلُه، وإنْ كان طاهِرًا مِن غيرِ تفْصيلٍ.
قوله: فأمَّا النَّجاساتُ، كالمَيتَةِ، والدَّمِ، وغيرِهما، وما فيه مَضَرَّةٌ مِن السُّمُومِ ونَحْوها، فمُحَرَّمَةٌ. ويأْتِي مَيتَةُ السَّمَكِ ونحوه، في أوَّل بابِ الذَّكاةِ. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، أنَّ السُّمُومَ نَجِسَةٌ محَرَّمَةٌ، وكذا ما فيه مَضَرَّةٌ. وقال في «الواضِحِ»: والمَشْهورُ أنَّ السَّمَّ نجِسٌ. وفيه احْتِمالٌ، لأكْلِ رَسُولِ اللهِ عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مِنَ الذِّراعِ المَسْمُومَةِ (1). وقال
(1) تقدم تخريجه في 25/ 27.
وَالْحَيَوانَاتُ مُبَاحَةٌ، إلا الْحُمُرَ الْأهْلِيَّةَ،
ــ
في «التَّبْصِرَةِ» : ما يضُرُّ كثيرُه يحِلُّ يسِيرُه.
قوله: والحَيَواناتُ مُباحَةٌ، إلا الحُمُرَ الأَهلِيَّةَ، وما له نابٌ يَفْرِسُ به -سِوَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضَّبُعِ- مُحَرَّمٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، سواءٌ بدَأَ بالعُدْوانِ، أوْ لا. نصَّ
وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ؛ كَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَابْنِ آوَى، وَالسِّنَّوْرِ، وَابْنِ عِرْسٍ، وَالنِّمْسِ، وَالْقِرْدِ، إلا الضَّبُعَ.
ــ
عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يَحْرُمُ إلَّا إذا بَدَأَ بالعُدْوانِ.
قوله: كالأَسَدِ، والنَّمِرِ، والذِّئْبِ، والفَهْدِ، والكَلْبِ، والخِنْزِيرِ، وابنِ آوَى، والسِّنَّوْرِ، وابْنِ عِرْسٍ، والنِّمْسِ، والقِرْدِ. مُرادُه هنا بالسِّنَّوْرِ، السِّنَّوْرُ الأهْلِيُّ، بدَليلِ ما يأْتِي في كلامِه. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه مُحَرَّمٌ. قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: ليسَ يُشْبِهُ السِّباعَ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدِّينِ، رحمه الله: ليسَ في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ تعالى، إلا الكَراهَةُ. وجعَله الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، قِياسًا، وأنَّه قد يقالُ: يعُمُّها اللَّفْظُ.
تنبيه: شمِلَ قولُه: فيما له نابٌ يَفْرِسُ به. الدُّبَّ. وهو مُحَرَّمٌ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ رَزِينٍ في مُخْتَصَرِه «النِّهايَةِ»: لا يَحْرُمُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : ويَحْرُمُ دُبٌّ. وقيل: كبيرٌ له نابٌ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ» : وهو سَهْوٌ، قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: إنْ لم يكُنْ له نابٌ، فلا بأْسَ به. يعني، إنْ لم يكُنْ له نابٌ في أصْلِ خِلْقَتِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فظَنَّ أنَّه إنْ لم يكُنْ له نابٌ في الحالِ لصِغَرِه، وإنْ كان يحْصُلُ له نابٌ بعدَ ذلك. وليسَ الأمْرُ كذلك. وقال في «الحاوي»: ويَحْرُمُ دُبٌّ. وقال ابنُ أبِي مُوسى:
وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنَ الطَّيرِ يَصِيدُ بِهِ؛ كَالْعُقَابِ، وَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالْحِدَأةِ، وَالْبُومَةِ.
ــ
كبيرٌ. فظاهِرُ هذا مُوافِق لِمَا قاله في «الرِّعايَةِ» ، إلَّا أنَّ قوْلَه:«نصَّ عليه» . سَهْوٌ. وشَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا، الفِيلَ. وهو كذلك، فيَحْرُمُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، هو سَبُعٌ، ويعْمَلُ بأنْيابِه كالسَّبُعِ. ونقَل عنه جماعَةٌ، يُكْرَهُ.
وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ؛ كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ، وَغُرَابِ الْبَين وَالْأَبْقَعِ.
ــ
قوله: وما يأْكلُ الجِيَفَ. يعْنِي يَحْرُمُ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، وغيرُه، يُكْرَهُ. وجعَل فيه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، رِوايَتِي الجَلَّالةِ. وقال: عامَّةُ أجْوبَةِ الإِمام أحمدَ، رحمه الله، ليسَ فيها تحْريمٌ. وقال: إذا كان ما يأْكُلُها مِن الدَّوابِّ السِّباعَ، فيه نِزاعٌ، أو لم يُحَرمُوه، والخَبرُ في الصَّحِيحِ (1)، فمِن الطَّيرِ أوْلَى.
قوله: كالنَّسْرِ، والرَّخَمِ، واللَّقْلَقِ -وكذا العَقْعَقِ- وغُرابِ الْبَينِ،
(1) في ط، ا:«الصحيحين» .
والحديث أخرجه البخاري عن كعب بن مالك، في: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، و: باب ذبيحة المرأة والأمة، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 7/ 119. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 3/ 454. وأخرجه عن زيد بن ثابت، ابن ماجه، في: باب ما يذكى به، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1060. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 184.
وَمَا يُسْتَخْبَثُ؛ كَالْقُنْفُذِ، وَالْفَأْرِ، وَالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ، وَالْحَشَرَاتِ كُلِّهَا.
ــ
والأَبقَعِ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، تحْريمُ غُرابِ البَينِ، والأَبْقَعِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. ونقَل حَرْبٌ في الغُرابِ، لا بأْسَ به إنْ لم يأْكُلِ الجِيَفَ. وقيل: لا يَحْرُمان إنْ لم يأْكُلَا الجِيَفَ. [قال الخَلَّالُ: الغُرابُ الأَسْوَدُ والأَبْقَعُ مُباحان، إذا لم يأْكُلَا الجِيَفَ](1). قال: وهذا معْنَى قولِ أبي عَبْدِ اللهِ.
قوله: وما يُسْتَخْبَثُ. أي تسْتَخْبِثُه العَرَبُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: وعندَ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وقُدَماءِ أصحابِه، لا أثَرَ لاسْتِخْباثِ العرَبِ، وإنْ لم يُحَرِّمْه الشَّرْعُ، حَلَّ. واخْتارَه، وقال: أوَّلُ مَن قال: يَحْرُمُ. الْخِرَقِيُّ. وأنَّ مُرادَه ما يأْكلُ الجِيَفَ؛ لأنَّه تَبعَ الشَّافِعِيَّ، رحمه الله، وهو حرَّمَه بهذه العِلَّةِ. فعلى المذهبِ، الاعْتِبارُ بما
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يسْتَخْبِثُه ذَوُو اليَسارِ [مِن العرَبِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ ذَوُو اليَسارِ](1). وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وقيل: ما كانَ يُسْتَخْبَثُ على عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاويَيْن» . وقالوا: في القُرَى، والأمْصارِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، [في القُرَى] (1). وقيل: ما يُسْتَخْبَثُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: ما يسْتَخْبِثُه ذَوُو اليسَارِ والمُروءَةِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «البُلْغَةِ» .
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: كالقُنْفُذِ. نصَّ عليه. وعلَّل الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، القُنْفُذَ بأنَّه بلَغَه بأنَّه مَسْخٌ. أي لمَّا مُسِخَ على صُورَتِه، دلَّ على خُبْثِه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله.
قوله: والفَأْرِ -لكَوْنِها فُوَيسِقَةً. نصَّ عليه- والحَيَّاتِ -لأنَّ لها نابًا مِن السِّباعِ. نصَّ عليه- والعَقَارِبِ. نَصَّ عليه. ومِن المُحَرَّمِ أيضًا الوَطْواطُ. نصَّ عليه؛ وهو الخُشَّافُ، والخُفَّاشُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويحْرُمُ خُفَّاشٌ، ويقالُ: خُشَّافٌ؛ وهو الوَطْواطُ. وقيل: بل غيرُه. وقيل: الخُفَّاشُ صغيرٌ، والوَطْواطُ كبيرٌ، رأْسُه كرأْسِ الفأْرَةِ، وأُذُناه أَطْوَلُ مِن أُذُنَيها، وبينَ جَناحَيه في ظَهْرِه مِثْلُ كيسٍ يحْمِلُ فيه تَمرًا كثيرًا- وطَبُّوعٌ (1)، وقُرادٌ (2). انتهى. قال في «الحاوي»: والخُشَافُ هو الوَطْواطُ. وكذلك يَحْرُمُ الزُّنبُورُ والنَّحْلُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الإرْشادِ» رِوايةً، لايحْرُمُ الزُّنْبُورُ والنَّحْلُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُكْرَهُ الزُّنْبورُ. وقال في «التَّبْصِرَةِ» : في خُفَّاشٍ وخُطَّافٍ وَجْهان. وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، الخُشَّافَ. قال
(1) الطبوع: هو من جنس القردان إلا أن لعضته ألما شديدا.
(2)
القراد: دويبة متطفلة من المفصليات، ذات أربعة أزواج من الأرجل، تعيش على الدواب والطيور، تمتص دمها.
وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيرِهِ؛ كَالْبَغْلِ وَالسِّمْعِ؛ وَلَدِ الضَّبُعِ مِنَ الذِّئْبِ، والعِسْبَارِ؛ وَلَدِ الذِّئْبةِ مِنَ الذِّيخِ.
ــ
الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: هل هي للتَّحْريمِ؟ فيه وَجْهان.
تنبيه: دخَل في قوْلِه: والحَشَراتِ. الذُّبابُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُكْرَهُ. وهو رِوايةٌ عن الإِمام أحمدَ، رحمه الله. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . وقد تقدَّم أكْلُ دُودِ الفاكِهَةِ ونَحْوها قريبًا.
فائدة: لو اشْتَبَه مُباحٌ ومُحَرَّمٌ، غَلَبَ التَّحْريمُ. قاله في «التَّبْصِرَةِ» .
قوله: وما تَوَلَّدَ مِن مأْكُولٍ وغيرِه، كالبَغْلِ، والسِّمْعِ؛ وَلَدِ الضَّبُعِ مِنَ الذِّئْبِ، والعِسْبارِ؛ وَلَدِ الذِّئْبَةِ مِن الذِّيخِ؛ وهو ذكَرُ الضِّبْعان الكثيرُ الشَّعَرِ. وهذا بلا نِزاعٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: ولو تمَيَّزَ كحيوانٍ مِن نعْجَةٍ؛ نِصْفُه خَرُوفٌ، ونِصْفُه كَلْبٌ.
تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّ المُتَولِّدَ مِن المَأْكُولَين مُباحٌ. وهو صحيحٌ، كبَغْلٍ مِن وَحْشٍ وخَيلٍ. لكِن ما توَلَّدَ مِن مأْكُولٍ طاهرٍ، كذُبابِ الباقِلَّاءِ، فإنَّه يُؤْكَلُ تبَعًا لا أصْلًا، في أصحِّ الوَجْهَين فيهما. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يحِلُّ بمَوْتِه. قال: ويَحْتَمِلُ كوْنُه كذُبابٍ، وفيه رِوايَتان. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في الباقِلَّاءِ
وَفِي الثَّعْلَبِ، وَالْوَبْرِ، وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْيَرْبُوعِ، رِوَايَتَانِ.
ــ
المُدَوَّدِ: يجْتَنِبُه أحَبُّ إلَيَّ، وإنْ لم يتَقذَّرْه، فأرْجُو. وقال -عن تَفْتِيشِ التَّمْرِ المُدَوَّدِ: لا بأْسَ به إذا عَلِمَه. والمذهبُ تحْريمُ لذُّبابِ. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ». وقيل: لا يَحْرُمُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، وغيرِه، وتقدَّم مَعْناه.
قوله: وفي الثَّعْلَبِ، والوَبْرِ، وسِنَوْرِ البَرِّ، واليَرْبُوعِ، رِوايتَان. وأطْلَقهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «تجْريدِ العِنايةِ» ، وغيرِهم. أمَّا الثَّعْلَبُ، فيَحْرُمُ. على الصّحيحِ مِن المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أكثرُ الرِّواياتِ عن الإِمام أحمدَ، رحمه الله، تحْرِيمُ الثَّعْلَبِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، رحمه الله: لا أعْلَمُ أحدًا أَرْخَصَ فيه إلَّا عَطاءً (1)، وكلُّ شيءٍ اشْتَبَهَ عليك، فدَعْهُ. قال النَّاظمُ:
(1) بل أرخص فيه أيضًا طاووس. انظر ما أخرجه عبد الرزاق، في باب الثعلب والقرد، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 529.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا أوْلَى. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُباحُ. قال ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»: والثَّعْلَبُ مُباحٌ في أصحِّ الرِّوايتَين. واخْتارَها الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والْخِرَقِيُّ. وأَطْلَقهما في «الكافِي» . وأمَّا سِنَّوْرُ البَرِّ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه مُحَرَّمٌ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال النَّاظِمُ: هذا أَوْلَى. قال في «الفُروعِ» : ويَحْرُمُ سِنَّوْرُ بَرٍّ، على الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وهو ظاهِرُ ماجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُباحُ. وأطْلَقهما في «الكافِي» ، و «الإِشارَةِ» ، للشِّيرَازِيِّ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» . وأمَّا الوَبْرُ واليَرْبُوعُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّهما مُباحان. قال في «الفُروعِ»: لا يَحْرُمُ وَبْرٌ ويَرْبُوعٌ (1) على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه المُصَنِّفُ،
(1) الوبر: دويبة أصغر من السنور. واليربوع: حيوان طويل الرجلين قصير اليدين جدا وله ذنب كذنب الجرذ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الكافِي». قال ابنُ رَزِينٍ في «نِهايتِه»: يُباحُ اليَرْبُوعُ. والرِّوايةُ الثانيةُ، يحْرُمان. وجزَم في «الوَجيزِ» بتَحْريمِ اليَرْبُوعِ. وقال القاضي: يحْرُمُ الوَبْرُ. وأَطْلقَ الخِلافَ في «المُحَرَّرِ» .
فوائد؛ الأولى، في هُدْهُدٍ وصُرَدٍ، رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي» (1)، و «الفُروعِ» ، و «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ؛ إحْداهما، يحْرُمان. قال النَّاظِمُ: هذه الرِّوايَةُ أوْلَى. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وجزَم به في «المُنْتَخَبِ» ، في الأُولَى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» .
الثَّانيةُ، في الغُدافِ (2) والسِّنْجابِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ؛
(1) في الأصل: «الحاويين» .
(2)
الغداف: طائر مثل الغراب ضخم الجناحين، يقال إنه غراب القيظ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدُهما، يحْرُمان. صحَّحه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم في «الوَجيزِ» بتَحْريمِ الغُدافِ. قال أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافرِ»: لا يؤْكَلُ الغُدافُ. [وقال الخَلَّالُ: الغُدافُ مُحَرَّمٌ. ونسَبَه إلى الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. والوَجْهُ الثَّاني، لايحْرُمان. وجزَم في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» بأنَّ الغُدافَ](1) لا يَحْرُمُ. وقال القاضي: يَحْرُمُ السِّنْجابُ. ومال المُصَنِّفُ، والشًارِحُ إلى إباحَةِ السِّنْجابِ.
الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: في السِّنَّوْرِ والفَنَكِ (2) وَجْهان؛ أصحُّهما، يَحْرُمُ.
الرَّابعةُ، في الخُطَّافِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «التَّبْصِرَةِ» ، و «الرّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «المُحَرَّرِ» . وجزَم في «النَّظْمِ» ، في مَوْضِع بالتَّحْريمِ، وقال في مَوْضعٍ آخَرَ: الأَوْلَى التَّحْريمُ. وجزَم به في «المُغْنِي» ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
وهو ضرب من الثعالب، فروته أجود أنواع الفراء.
وَمَا عَدَا هَذَا مُبَاحٌ؛ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْخَيلِ، وَالدَّجَاجِ،
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ على الأصحِّ. وقيل: لا يحْرُمُ.
الخامسةُ، قال جماعةٌ مِن الأصحابِ، منهم صاحبُ «المُسْتَوْعِبِ»: وما لم يكُنْ ذُكِرَ في نصِّ الشَّرْعِ، ولا في عُرْفِ العرَبِ، يُرَدُّ إلى أقْرَبِ الأشْياءِ شبَهًا به؛ فإنْ كان بالمُسْتَطابِ أشْبَهَ، ألْحَقْناه به، وإنْ كان بالمُسْتَخْبَثِ أشْبَهَ، أَلْحَقْناه. وقال في «التَّبْصِرَةِ» ، و «الرِّعايَةِ»: أو مُسَمًّى باسْمِ حيَوانٍ خَبِيثٍ.
قوله: وما عَدا هذا مُباحٌ، كبَهِيمَةِ الأَنْعامِ، والخَيلِ. الخَيلُ مُباحَةٌ مُطَلقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وفي البِرْذَوْنِ رِوايَةٌ بالوَقْفِ.
وَالْوَحْشِيِّ مِنَ الْبَقَرِ، وَالظِّبَاءِ، وَالْحُمُرِ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالزَّرَافَةِ، وَالنَّعَامَةِ، وَالْأَرْنَبِ
ــ
قوله: والزَّرافَةِ. يعْنِي، أنَّها مُباحَةٌ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. قال في «الفُروعِ»: وتُباحُ في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الكافِي» ، و «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» (1)، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هذا أصحُّ. وقيل: لا يُباحُ. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهو سَهْوٌ. قَال في «المُحَرَّرِ» : وحرَّمها أبو الخَطَّابِ، وأَباحَها الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله. وعنه، الوَقْفُ.
قوله: والأَرْنَبِ. يعْنِي، أنَّه مُباحٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُباحُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم.
وَسَائِرِ الْوَحْشِ، وَالضَّبُعِ، والضَّبِّ،
ــ
قوله: والضَّبُعِ. أعْنِي أنَّه مُباحٌ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، و «تجْريدِ العِنايةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وعنه، لا يُباحُ. ذكرَها ابنُ البَنَّا. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ عُرِفَ بأَكْلِ المَيتَةِ، فكالجَلَّالةِ. قلتُ: وهو أقْرَبُ إلى الصَّوابِ.
وَالزَّاغِ، وَغُرَابِ الزَّرْعِ، وَسَائِرِ الطَّيرِ،
ــ
قوله: والزَّاغَ، وغُرابِ الزَّرْعِ؛ يعْنِي أنَّهما مُباحان. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابِ.
وَجَمِيعِ حَيَوَانِ الْبَحْرِ، إلا الضِّفْدِعَ، وَالْحَيَّةَ، وَالتِّمْسَاحَ. وَقَال
ــ
تنبيه: غُرابُ الزَّرْعِ، أحْمَرُ المِنْقارِ والرِّجْلِ. وقيل: غُرابُ الزَّرْعِ والزَّاغُ شيءٌ واحدٌ. وقيل: غُرابُ الزَّرْعِ أسْوَدُ كبيرٌ.
تنبيهٌ آخَرُ: دخَل في قولِ المُصَنِّفِ: وسائرِ الطَّيرِ. الطَّاووسُ، وهو مُباحٌ، لا أعلمُ فيه خِلافًا. ودخَل أيضًا البَبْغاءُ، وهي مُباحَةٌ. صرَّح بذلك في «الرِّعايَةِ» .
قوله: وجَمِيعِ حَيَواناتِ البَحْرِ -يعْنِي مُباحَةً- إلا الضِّفْدِعَ، والحَيَّةَ، والتِّمْساحَ. وأمَّا الضِّفْدِعَ، فمُحَرَّمَةٌ بلا خِلافٍ أعْلَمه، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ،
ابْنُ حَامِدٍ: وَإِلَّا الْكَوْسَجَ.
ــ
رحمه الله. وأمَّا الحَيَّةُ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّها محَرَّمَةٌ. وهو المذهبُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «النُّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يُباحُ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ»: ويُباحُ حيوانُ البَحْرِ جميعُه، إلَّا الضِّفْدِعَ [والتِّمْساحَ، فظاهرُ كلامِهم إباحَةُ الحيَّةِ. قال في «المُحَرَّرِ»: ويُباحُ حيوانُ البَحْرِ كلُّه إلَّا الضِّفْدِعَ، وفي التِّمْساحِ رِوايَتان](1). فظاهِرُه الإِباحَةُ، وهو ظاهرُ «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . وأطْلَقهما في «الفُروعِ» . وأمَّا التِّمْساحُ، فجزَم المُصنِّفُ هنا، أنَّه مُحَرَّمٌ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ» في المُسْتَثْنَى مِن المُباحِ مِن حَيوانِ البَحْرِ: والتِّمْساحُ على الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وجزَم به القاضي في «خِصالِه» ، و «ورُءوسِ المَسائلِ» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الهادِي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يُباحُ. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاويَيْن» (1)، وغيرِهم. وما عدَا هذه الثَّلاثَةَ، فمباحٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوَّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
وقال ابنُ حامدٍ: وإلَّا الكَوْسَجَ. وهو رِواية عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. ذكَرَها في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ مع ابنِ حامِدٍ. وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم.
(1) في الأصل: «الحاوي» .
وَقَال أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ: لَا يُبَاحُ مِنَ الْبَحْرِيِّ مَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ؛ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ، وَإنْسَانِهِ.
ــ
وقال أبو عليٍّ النَّجَادُ: لا يُباحُ مِن البَحْرِيِّ ما يحْرُمُ نِظيرُه من البَرِّ؛ كخِنْزِيرِ
وَتَحْرُمُ الْجَلَّالةُ الَّتي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ، وَلَبَنُهَا، وَبَيضُهَا، حَتَّى تُحْبَسَ. وَعَنْهُ، تُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ.
ــ
الماءِ، وإنْسانِه. وكذا كلْبُه، وبَغْلُه، وحِمارُه ونحوُها. وحكاه ابنُ عَقِيلٍ، عن أبي بَكْرٍ النَّجَّادِ، وحكاه في «التَّبْصِرَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما، رِوايةً. قال في «الفُروعِ»: وذكَر في «المُذْهَبِ» رِوايتَين. ولم أَرَه فيه، فلعَلَّ النسْخَةَ مغْلوطَةٌ.
قوله: وتَحْرُمُ الجَلَّالةُ التي أكثَرُ عَلَفِها النَّجاسَةُ، ولَبَنُها، وبَيضُها، حتى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُحْبَسَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلقَ في «الرَّوْضَةِ» وغيرِها تحْريمَ الجَلَّالةِ، وأنَّ مثْلَها خَروفٌ ارْتَضعَ مِن كَلْبَةٍ، ثم شرِبَ
وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا.
ــ
لبَنًا طاهرًا. قال في «الفُروعِ» : وهو معْنَى كلامِ غيرِه.
وعنه، تُكْرَهُ، ولا تَحْرُمُ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» .
قوله: وتُحْبسُ ثَلاثًا. حتَّى (1) تُطْعَمَ الطَّاهرَ وتُمْنَعَ مِنَ النَّجاسَةِ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي
(1) في ط، ا:«يعني» .
وَعَنْهُ، يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا، وَالشَّاةُ سَبْعًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
ــ
الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
وعنه، يُحْبَسُ الطَائِرُ ثلاثًا، والشَّاةُ سبْعًا، وما عدا ذلك أرْبَعِين يَوْمًا. وحكَى في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم، رِوايةً. أنَّ ما عدَا الطَّائرَ يُحْبَسُ أرْبَعِين يومًا.
وعنه، تُحْبَسُ البَقرَةُ ثلاثين يومًا. ذكَره في «الواضِحِ». قال في «الفُروعِ»: وهو وَهْمٌ. وقاله ابنُ بَطَّةَ. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ» . وقيل:
وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ مِنَ الزَّرْعِ والثَّمَرِ مُحَرَّمٌ، فَإِنْ سُقِيَ بِالطَّاهِرِ، طَهُرَ وَحَلَّ. وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: لَيسَ بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ، بَلْ يَطْهُرُ بِالاسْتِحَالةِ، كَالدَّمِ يَسْتَحِيلُ لَبَنًا.
ــ
يُحْبَسُ الكُلُّ أرْبَعِين. وهو ظاهِرُ روايةِ الشَّالنْجِيِّ.
فائدتان؛ إحْداهما، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، رُكوبَها. وعنه، يحْرُمُ.
الثَّانيةُ، يجوزُ له أنْ يعْلِفَ النَّجاسَةَ الحَيوانَ الذي لا يُذْبَحُ، أو لا يُحْلَبُ قرِيبًا. نقَله عَبْدُ اللهِ، وابنُ الحَكَمِ، واحْتَجَّ بكَسْبِ الحَجَّامِ، وبالَّذين عجَنُوا مِن آبارِ ثَمُودَ. ونقَل جماعَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، تحْريمَ عَلْفِها مأْكُولًا. وقيل: يجوزُ مُطْلَقًا، كغيرِ مأْكُولٍ، على الأصحِّ. وخصَّهما في «التَّرْغيبِ» بطاهِرٍ مُحَرَّمٍ، كهِرٍّ.
قوله: وما سُقِيَ بالماءِ النَّجِسِ من الزَّرْعِ والثَّمَرِ مُحَرَّمٌ. وينْجُسُ بذلك. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الكبيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
وقال ابنُ عَقيلٍ: ليسَ بنَجِسٍ ولا مُحَرَّمٍ، بل يطْهُرُ بالاسْتِحالةِ، كالدَّمِ يسْتَحِيلُ لبَنًا. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ» .
فوائد؛ منها، يُكْرَهُ أكْلُ التُّرابِ والفَحْمِ. جزَم به في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم.
ومنها، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أكْلَ الطِّينِ لضرَرِه. ونقَل جَعْفِرٌ، كأَنَّه لم يكْرَهْه. وذكَر بعْضهم أنَّ أكْلَه عَيبٌ في المَبِيعِ. نقَله ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّه لا يطْلُبُه
فَصْلٌ: وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، حَلَّ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ
ــ
إلَّا مَن به مرَضٌ.
ومنها، ما تقدَّم في بابِ الوَليمةِ، كَراهَةُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، للخُبْزِ الكِبارِ (1)، ووَضْعُه تحتَ القَصْعَةِ، والخِلافُ في ذلك.
ومنها، لا بأْسَ بأَكْلِ اللَّحْمِ النِّىْءِ. نقَله مُهَنَّا. وكذا اللَّحْمُ المُنْتِنُ. نقَله أبو الحارِثِ. وذكَر جماعَةٌ فيهما، يُكْرَهُ. وجعَله في «الانْتِصارِ» ، في الثَّانيةِ، اتفاقًا. قلتُ: الكراهَةُ في اللَّحْمِ المُنْتِنِ أشَدُّ.
ومنها، يُكْرَهُ أكْلُ الغُدَّةِ وأذُنِ القَلْبِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وقال أبو بَكْرٍ، وأبو الفَرَجِ: يَحْرُمُ. ونقَل أبو طالِبٍ: نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، عن أُذُنِ القَلْبِ. وهو هكذا. وقال في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ: كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أكْلَ الغُدَّةِ.
ومنها، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، حبًّا دِيسَ بالحُمُرِ، وقال: لا يَنْبَغِي وإنْ يَدُوسُوه بها. وقال حَرْبٌ: كرِهَه كراهِيَةً شديدةً. وهذا الحبُّ كطَعامِ لكافِرِ ومَتاعِه، على ما ذكرَه المَجْدُ. ونقَل أبو طالِبٍ، لا يُباعُ، ولا يُشْتَرَى، ولا يُؤْكَلُ حتى يُغْسَلَ.
ومنها، كرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أكْلَ ثُومٍ وبصَلٍ وكُرَّاثٍ ونحوه، ما لم ينْضَجْ، وقال: لا يُعْجِبُنِي. وصرَّح بأنَّه كرِهَه لمَكانِ الصَّلاةِ في وَقْتِ الصَّلاةِ. ومنها، يُكْرَهُ مُداوَمةُ أكلِ اللَّحْمِ. قاله الأصحابُ.
قوله: ومَن اضْطرَّ إِلى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنا، حَلَّ له منه ما يَسُدُّ رَمَقَه. يجوزُ له
(1) تقدم في 21/ 357.
رَمَقَهُ. وَهَلْ لَهُ الشِّبَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
الأكْلُ مِنَ المُحَرَّمِ مُطْلَقًا إذا اضْطُرَّ إلى أكلِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يحْرُمُ عليه المَيتَةُ في الحَضَرِ. ذكَره في «الرِّعايَةِ» . وذكَره الزَّرْكَشِيُّ رِوايَةً. وعنه، إنْ خافَ في السَّفَرِ، أكَل، وإلَّا فلا. اخْتارَه الخَلَّالُ.
تنبيهان؛ أحدُهما، الاضْطِرارُ هنا أنْ يخافَ التَّلَفَ فقطْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نقَل حَنْبَلٌ، إذا عَلِمَ أنَّ النَّفْسَ تَكادُ تَتْلَفُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقيل: أو خافَ ضرَرًا. وقال في «المُنْتَخَبِ» : أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مرَضًا، أو انْقِطاعًا عن الرُّفْقَةِ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه ينقَطِعُ فيَهْلَكُ، كما ذكَره في «الرِّعايَةِ» . وذكَر أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، أو زِيادَةَ مرَضٍ. وقال في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«التَّرْغيبِ» : إنْ خافَ طُولَ مرَضِه، فوَجْهان.
الثَّاني، قولُه: حَلَّ له منه ما يسُدُّ رمَقَه. يعْنِي، ويجبُ عليه أكْلُ ذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وذكَره الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رحمه الله، وفاقًا. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «القَواعِدِ الأُصوليَّةِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الوَجْهَين. وقيل: يُسْتَحَبُّ الأكْلُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. قال في «الرِّعايةِ» ، و «الحاوي»: وقيل: يُباحُ. وأَطلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» .
قوله: وهل له الشِّبَعُ؟ على رِوايتَين. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إحْداهما، ليسَ له ذلك، ولا يحِلُّ له إلَّا ما يَسُدُّ رَمَقَه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ عامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له الأَكْلُ حتى يشْبَعَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيل: له الشِّبَعُ إنْ دامَ خوْفُه. وهو قَويٌّ. وفرَّق المُصَنِّفُ، وتبِعَه جماعةٌ، بينَ ما إذا كانتِ الضَّرورةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُسْتَمِرَّةً، فيجوزُ له الشِّبَعُ، وبينَ ما إذا لم تكُنْ مسْتَمِرَّةً، فلا يجوزُ.
فوائد؛ إحْداها، هل له أنْ يتَزَوَّدَ منه؟ مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين في جَوازِ شِبَعِه. قاله في «التَّرْغِيبِ». وجوَّز جماعَةٌ التَّزَوُّدَ منه مُطْلَقًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وليسَ في ذلك ضَرَرٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أصحُّ الرِّوايتَين، يجوزُ له التَّزَوُّدُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، والفَضلُ بنُ زِيادٍ، يتَزَوَّدُ إنْ خافَ الحاجَةَ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو الصَّوابُ أيضًا.
الثَّانيةُ، يجبُ تقْديمُ (1) السُّؤالِ على أكْلِ المُحَرَّمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ نُقَله أبو الحارِثِ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رحمه الله: إنَّه لا يجِبُ
(1) بعده في الأصل، ا:«أكل» .
فَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَمَيتَةً، أَوْ صَيدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَال أَصْحَابُنَا: يَأْكُلُ الْمَيتَةَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ لَهُ الطَّعَامُ وَالصَّيدُ، إِذَا لَمْ تَقْبَلْ نَفْسُهُ الْمَيتَةَ.
ــ
ولا يأْثَمُ، وأنَّه ظاهِرُ المذهبِ.
الثَّالثةُ، ليسَ للمُضْطَرِّ في سَفَرِ المَعْصِيَةِ الأَكْلُ مِن المَيتَةِ؛ كقاطِعِ الطَّريقِ والآبِقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال صاحبُ «التَّلْخيصِ»: له ذلك. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وجماعةٍ.
الرَّابعَةُ، حكمُ المُحَرَّماتِ حكمُ المَيتَةِ فيما تقدَّم.
قوله: فإن وجَدَ طَعامًا لا يَعْرِفُ مالِكَه، ومَيتَةً، أو صَيدًا، وهو مُحْرِمٌ، فقال أصحابُنا: يَأْكُلُ المَيتَةَ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّ في أكْلِ الصَّيدِ ثَلاثَ جِنايَاتٍ؛ صَيدُه، وذَبْحُه، وأَكْلُه، وأَكْلُ المَيتَةِ فيه جِنايَةٌ واحدةٌ.
ويَحْتَمِلُ أنْ يحِلَّ له الطَّعامُ والصَّيدُ، إذا لم تَقْبَلْ نفْسُه المَيتَةَ. قال في «الفُنونِ»: قال حَنْبَلِيٌّ: الذي يقْتَضِيه مذهبُنا، خِلافَ ماقاله الأصحابُ. وقال في «الكافِي»: المَيتَةُ أوْلَى، إنْ طابَتْ نفْسُه، وإلَّا أكَل الطَّعامَ؛ لأنَّه مُضطَرٌّ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»: يُقَدِّمُ الطَّعامَ ولو بقِتالِه، ثم الصَّيدَ، ثم المَيتَةَ.
فوائد؛ الأُولَى، لو وجَد لَحْمَ صَيدٍ ذبَحَه مُحْرِمٌ، ومَيتَةً، أكَل لَحْمَ الصَّيدِ، قاله القاضي في «خِلافِه» ؛ لأنَّ كلُّا منهما فيه جِنايَةٌ واحدةٌ، ويتَميَّزُ الصَّيدُ بالاخْتلافِ في كَوْنِه مُذَكًّى. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عشْرَةَ بعدَ المِائةِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفيما قاله القاضي نظَرٌ. وعلَّلَه، ثم قال: وجَدْتُ أبا الخَطَّابِ في «انْتِصارِه» ، اخْتارَ أكْلَ المَيتَةِ، وعلَّلَه بما قاله. ولو وجَدَ بَيضَ صَيدٍ، فظاهِرُ كلامِ القاضي، أنَّه يأْكُلُ المَيتَةَ، ولا يكْسرُه ويأْكلُه؛ لأنَّ كسْرَه جِنايةٌ (1)، كذَبْحِ الصَّيدِ.
الثَّانيةُ، لو وجَد المُحْرِمُ صَيدًا وطَعامًا لا يعْرِفُ مالِكَه، ولم يجِدْ مَيتَةً، أكَلَ الطَّعامَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» (2)، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُخَيَّرُ.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ» . قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يأْكُلَ الصَّيدَ، لأنَّ حقَّ اللهِ مَبْنِيٌّ على المُسامَحَةِ، بخِلافِ حقِّ الآدَمِيِّ، كما في نَظائرِه.
الثَّالثةُ، لو اشْتبَهتْ مسْلُوخَتان؛ مَيتَةٌ ومُذَكَّاةٌ، ولم يجِدْ غيرَهما، تحرَّى المُضْطَرُّ فيهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: له الأكْلُ بلا تَحَرٍّ.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا طَعَامًا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إِلَيهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ أَبَى، فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا، وَيُعْطِيهِ قِيمَتَه، فَإِن مَنَعَه، فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ، أَوْ قَدْرِ شِبَعِهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَينِ. فَإِنْ قُتِلَ صَاحِبُ الطَّعَامِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ، وَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ، فَعَلَيهِ ضَمَانُهُ.
ــ
الرَّابعةُ، لو وجَد ميتَتَين، مُخْتَلَفٌ في إحْداهما، أكلَها دُونَ المُجْمَعِ عليها.
قوله: وإنْ لم يَجِدْ إلا طَعامًا لم يَبْذُلْه مالِكُه، فإن كانَ صاحِبُه مُضْطرًّا إليه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهو أَحَقُّ به. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو خافَ في المُستَقْبَلِ، فهل هو أحقُّ به، أمْ لا؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قلت: الأَوْلَى النَّظرُ إلى ما هو أصْلَحُ. [وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أظْهَرُهما إمْساكُه](1).
فائدة: حيثُ قُلْنا: إنَّ مالِكَه أحقُّ. فهل له إيِثارُه؟ قال في «الفُروعِ» : ظاهِرُ كلامِهم أنَّه لا يجوزُ. وذكَر صاحبُ «الهَدْي» ، في غَزْوَةِ الطَّائفِ، أنَّه يجوزُ، وأنَّه غايَةُ الجُودِ.
قوله: وإلَّا لَزِمَه بَذْلُه بقِيمَتِه. نصَّ عليه. ولو كان المُضْطَرُّ معْسِرًا وفيه
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ.
تنبيهان؛ أحَدُهما، ظاهِرُ قولِه: وإلَّا لَزِمَه بذْلُه بقِيمَتِه. أنَّه لو طلَبَ زِيادَةً لا تُجْحِفُ، ليسَ له ذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو الصَّحيحُ منهما. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به الشَّارِحُ في موْضِعَين. والوَجْهُ الآخَرُ، له ذلك. اخْتارَه القاضي. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وعلى كِلَا القَوْلَين، لا يلْزَمُه أكثرُ مِن ثَمَنِ مثْلِه. وقال في «عيُونِ المَسائلِ» ، و «الانْتِصارِ»: قَرْضًا بعِوَضِه. وقيل: مجَّانًا. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رحمه الله، كالمَنْفَعَةِ في الأَشْهَرِ.
الثَّاني، قولُه: فإنْ أبَى، فللمُضْطَرِّ أَخْذُه قَهْرًا، ويُعْطِيه قِيمَتَه. كذا قال جماعَةٌ. وقال جماعةٌ: ويُعْطِيه ثَمنَه. وقال في «المُغْنِي» (1): ويُعْطِيه عِوَضَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو أجْوَدُ. وقال في «الفُروعِ» : فإنْ أَبى أخَذَه بالأَسْهَلِ،
(1) انظر المغني: 13/ 339.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَمَّ قَهْرًا. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، وغيرِه.
قوله: فإِن مَنَعَه، فله قِتالُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: في قِتالِه وَجْهان. ونقَل عَبْدُ اللَّهِ، أكْرَهُ مُقاتلَتَه. وقال في «الإِرْشادِ»: فإنْ لم يقْدِرْ على أخْذِه منه إلَّا بمُقاتلَتِه، لم يُقاتِلْه، فإنَّ اللهَ يرْزُقُه.
فوائد؛ الأُولَى، لو بادرَ صاحِبُ الطَّعامِ فباعَه، أو رَهَنَه، فقال أبو الخَطَّابِ في «الانتِصارِ» ، في الرَّهْنِ: يصِحُّ، ويسْتَحِقُّ أخْذُه مِن المُرْتَهِنِ، والبائعُ مثْلِّه. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين»: ولم يُفرِّقْ بينَ ما قبلَ الطَّلَبِ وبعدَه. قال: والأظْهَرُ أنَّه لا يصِحُّ البَيعُ بعدَ الطَّلَبِ؛ لوُجوبِ الدَّفْعِ، بل لو قيل: لا يصِحُّ بيعُه مُطلَقًا، مع عِلْمِه باضْطِرارِه. لم يَبْعُدْ وأوْلَى؛ لأنَّ هذا يجِبُ بذْلُه ابْتِداءً لإِحْياءِ النَّفْسِ. انتهى.
الثَّانيةُ، لو بذَلَه بأكْثَرِ ما يَلْزَمُه، أخَذَه وأَعْطاه قِيمَتَه، يعْنِي مِن غيرِ مُقاتَلةٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقاتِلُه.
الثَّالثةُ، لو بذَلَه بثَمَنِ مِثْلِه، لَزِمَه قَبُولُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال ابنُ
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ؛ كَالْحَرْبِيِّ، وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ.
ــ
عَقِيلٍ: لا يَلْزَمُ معْسِرًا على احْتِمالٍ.
الرَّابعَةُ، لو امْتنَعَ المالِكُ مِن البَيعِ إلَّا بعَقْدِ رِبًا، فظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وجماعةٍ، أنَّه يجوزُ أخْذُه منه قَهْرًا. ونصَّ عليه بعْضُ الأصحابِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وقال: نعَمْ إنْ لم يقْدِرْ على قَهْرِه، دخَل في العَقْدِ، وعزَم على أنْ لا يُتِمَّ عَقْدَ الرِّبا، فإنْ كان البَيعُ نَساءً، عزَم على أنَّ العِوَضَ الثَّابتَ في الذِّمَّةِ قرْضٌ. وقال بعْضُ المُتأَخِّرين: لو قيلَ: إنَّ له أنْ يُظهِرَ صُورَةَ الرِّبا ولا يُقاتِلُه، ويكونَ كالمُكْرَهِ، فيُعْطِيَه مِن عَقْدِ الرِّبا صُورَتَه لا حقِيقَتَه، لَكانَ أقْوَى. قاله الزَّرْكَشِيُّ.
قوله: فإنْ لم يَجِدْ إلا آدَمِيًّا مُباحَ الدَّمِ؛ كالحَرْبِيِّ، والزَّانِي المُحْصَنِ، حَلَّ قَتْلُه وأَكْلُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: يَحْرُمُ أكْلُه. وما هو ببعيدٍ.
وَإِنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا، فَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَجْهَانِ.
ــ
قوله: وإنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا، ففي جَوازِ أَكْلِه وجْهان. وأَطلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ؛ أحدُهما، لا يجوزُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه الأكثرُ. وكذا قال في «الفُروعِ» . وجزَم به في «الإِفْصاحِ» . وغيرِه. قال في «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن»: لم يأْكُلْه في الأصحِّ. قال في «الكافِي» : هذا اخْتِيارُ غيرِ أبي الخَطَّابِ. قال في «المُغْنِي» (1): اخْتارَه الأصحابُ. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ أكْلُه. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الكافِي»: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . وقَّدمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «الفُروعِ» .
فائدتان؛ إحْداهما، يَحْرُمُ عليه أكْلُ عُضْوٍ مِن أعْضائِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقال في «الفُنونِ» ، عن حَنْبَليٍّ: إنَّه لا يَحْرُمُ.
الثَّانيةُ، مَنِ اضْطُرَّ إلى نَفْعِ مالِ الغَيرِ، مع بَقاءِ عَينِه، لدَفْعِ بَرْدٍ أو حَرٍّ، أو اسْتقاءِ ماءٍ ونحوه، وجَب بذْلُه مجَّانًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. صحَّحه في
فَصْلٌ: وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرٍ في شَجَرٍ لَا حَائِطَ عَلَيهِ وَلَا نَاظِرَ، فَلَهُ
ــ
«النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وقيل: يجبُ له العِوَضُ كالأَعْيانِ. وقال في «الفُصولِ» ، في الجنائزِ: يُقَدَّمُ حَيٌّ اضْطُرَّ إلى سُتْرَةٍ لبَرْدٍ أو مَطَرٍ على تكْفِينِ مَيِّتٍ، فإنْ كانتِ السُّتْرَةُ للمَيِّتِ، احْتَمَلَ أنْ يُقَدَّمَ الحَيُّ أيضًا، ولم يذْكُرْ غيرَه.
قوله: ومَن مَرَّ بثَمَرٍ على شَجَرٍ لا حائطَ عليه -نَصَ عليه- ولا ناظِرَ عليه،
أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَا يَحْمِلُ. وعَنْهُ، لَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلا لِحَاجَةٍ.
ــ
فله أَنْ يَأْكُلَ منه، ولا يَحْمِلُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسَّبْعِين» : هذا الصَّحيحُ المَشْهورُ مِن المذهبِ. قال في «الهِدايَةِ» : اخْتارَه عامَّةُ شيُوخِنا. وقال في «خِلافِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّغِيرِ»: اخْتارَه عامَّةُ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ولم يذْكُرْ في «المُوجَزِ»: لا حائِطَ عليه. ولم يذْكُرْ في «الوَسيلَةِ» : لا ناظِرَ عليه.
وعنه، لا يحِلُّ له ذلك إلَّا لحاجَةٍ. وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» . وعنه، يأْكُلُ المُتَساقِطَ. ولا يَرْمِي بحَجَرٍ. ولم يُثْبِتْها القاضي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعنه، لا يحِلُّ ذلك مُطْلَقًا إلَّا بإذْنِ المالكِ. حكاها ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» .
وعنه، لا يحِلُّ له ذلك إلَّا لضرُورَةٍ. ذكَرها جماعةٌ، كالمَجْموعِ المَجْنِيِّ.
وعنه، يُباحُ في السَّفَرِ دُونَ الحَضَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد تُحْمَلُ على رِوايةِ اشْتِراطِ الحاجَةِ. وجوَّزَه في «التَّرْغيبِ» لمُسْتَأْذِنٍ ثلاثًا؛ للخَبَرِ (4).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، ليسَ له رَمْيُ الشَّجَرِ بشيءٍ، ولا يضرِ بُه ولا يحْمِلُ. نصَّ عليه.
الثَّانيةُ، حيثُ جوَّزْنا له الأَكْلَ، فإنَّه لا يضْمَنُ ما أكَلَه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يضْمَنُه. اخْتارَه في «المُبْهِجِ» .
وَفي الزَّرْعِ وَشُرْبِ لَبَنِ الْمَاشيَةِ رِوَايَتَانِ.
ــ
وحيثُ جوَّزْنا الأَكْلَ، فالأَوْلَى تَرْكُه إلَّا بإذْنٍ. قاله المُصَنِّفُ، وغيرُه. قوله: وفي الزَّرْعِ وشُرْبِ لَبَنِ الماشِيةِ رِوايتَان. يعْنِي، إذا أبَحْنا الأَكْلَ مِن الثِّمارِ. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ» ؛ إحْداهما، له ذلك، كالثَّمرَةِ. وهو المذهبُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأَشْهَرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهما. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ، في لَبَنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الماشِيَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليسَ له ذلك. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» (1).
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به في «الوَجيزِ» . قال في «إدْراكِ الغايةِ» ، و «تجْريدِ العِنايةِ»: له ذلك في رِوايةٍ.
فائدة: قال المُصَنِّفُ، ومَن تابعَه: يَلْحَقُ بالزَّرْعِ الباقِلَّاءُ والحِمَّصُ وشِبْهُهما ممَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا، بخِلافِ الشَّعِيرِ ونحوه ممَّا لم تَجْرِ العادَةُ بأكْلِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو حسنٌ. وقال: ولهذه المسْألَةِ الْتِفاتٌ إلى ما تقدَّم مِن الزَّكاةِ، مِن الوَضْعِ لرَبِّ المالِ عندَ خَرْصِ الثَّمرَةِ الثُّلُثَ أو الرُّبْعَ ولا يُتْرَكُ له مِن الزَّرْعِ إلَّا ما العادَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكْلُه فَرِيكًا.
وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ يَوْمًا وَلَيلَةً، فَإِنْ أَبَى، فَلِلضَّيفِ طَلَبُهُ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
ــ
قوله: ويَجِبُ على المُسْلِمِ ضِيافَةُ المُسْلِمِ المُجْتازِ به يَوْمًا ولَيلةً. هذا المذهبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بشَرْطِه الآتِي، ونصَّ عليه في رِوايةِ الجماعَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: لَيلَةً. والأَشْهَرُ، ويَوْمًا. نقَله الجماعَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: الواجِبُ ليلَةٌ فقطْ. جزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، لكِنْ قال: الأوَّلُ الأَشْهَرُ. وهو أيضًا مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: ثَلاثةُ أيَّامٍ، فما زادَ فهو صدَقَةٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُوسى. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ونقَل عليُّ بنُ سَعِيدٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ما يدُلُّ على وُجوبِ الضِّيافَةِ للغُزاةِ خاصَّةً، على مَن يمُرُّونَ بهم ثَلاثةَ أيَّام. ذكَره ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ الأرْبَعِين النَّواويَّةِ» ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ؛ وهو مِنِ مُفْرَداتِ المذهِبِ أيضًا. وتقدَّم في أواخرِ بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، هل يجبُ عليهم ضِيافَةُ مَن يمُرُّ بهم مِن المُسْلِمين مُطْلَقًا، أو بالشَّرْطِ؟
تنبيه: في قوْلِه: المُجتازِ به. إشْعارٌ بأنْ يكونَ مُسافِرًا. وهو صحيحٌ، [فلا حقَّ لحاضِرٍ](1). وهو أحدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِه في
(1) في الأصل: «هو الحق الحاضر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم، فإنَّ عِبارَتَهم مثْلُ عِبارَةِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . والوَجْهُ الثَّاني، هو كالمُسافرِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ نُصوصِه، وحاضِرٌ، وفيه وَجْهان للأصحابِ. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: يُشْترَطُ للوُجوبِ أيضًا، أنْ يكونَ المُجْتازُ في القُرَى، فإنْ كانَ في الأمْصارِ، لم تجِبِ الضِّيافَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. وعنه، الأمْصارُ كالقُرَى. قال في «الفُروعِ»: وفي مِصرٍ رِوايَتان مَنْصوصَتان.
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: ويجِبُ على المُسْلِمِ ضِيافَةُ المُسْلِمِ المُجتْازِ به. أنَّها لا تجِبُ للذِّمِّي إذا اجْتازَ بالمُسْلِمِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ» ، وغيرِه مِن الأصحابِ. قال ابنُ رجَب في «شَرْحِ النَّواويَّةِ»: وخَصَّ كثيرٌ مِن الأصحابِ الوُجوبَ بالمُسْلمِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» . وعنه، هو كالمُسْلمِ في ذلك. نقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وهو قولٌ في «النَّظْمِ» . وقدَّمه ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ النَّواويَّةِ» ، وقال: هو المَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله.
قوله: فإنْ أَبَى، فللضَّيفِ طَلَبُه به عندَ الحاكمِ. بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.
فائدة: إذا امْتَنعَ مِن الضيافَةِ الواجبةِ عليه، جازَ له الأخْذُ مِن مالِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، ولا يُعْتَبرُ إذْنُه. قال في «القَواعِدِ»: ولا يُعْتَبرُ إذْنُه في
وَتُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ.
ــ
أصحِّ الرِّوايتَين. نقَلها عليُّ بنُ سَعِيدٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يأْخُذُ إلَّا بعِلْمِهم، يُطالِبُهم بقَدْرِ حقِّه. قلتُ: النَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» .
قوله: وتُسْتَحَبُّ ضِيافَتُه ثَلاثَةَ أَيامٍ، فما زادَ فهو صَدَقَةٌ. وهذا المذهبُ، وعليه
وَلَا يَجِبُ عَلَيهِ إِنْزَالُهُ في بَيتِهِ، إلا أنْ لَا يَجِدَ مَسْجِدًا، أوْ رِبَاطًا يَبِيتُ فِيهِ.
ــ
جماهيرُ الأصحابِ. وتقدَّم قول: أنَّها تجِبُ ثلاثَةَ أيَّامٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى.
قوله: ولا يَجِبُ عليه إنْزالُه في بَيتِه، إلا أنْ لا يَجِدَ مَسْجِدًا، أو رِباطًا يَبيتُ فيه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وأوْجبَ ابنُ عَقِيلٍ. في «مُفْرَداتِه» ، إنْزاله في بَيتِه مُطْلَقًا، كالنَّفَقَةِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.
فوائد؛ الأُولَى، الضِّيافةُ قَدْرُ كِفايَتِه مع الأُدْمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وأوْجبَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ تعالى، المَعْروفَ عادَةً، قال: كزَوْجَةٍ وقَريبٍ ورَقيقٍ. وفي «الواضِحِ» : ولفَرَسِه أيضًا تِبْنٌ لا شَعِيرٌ. قال في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» : ويتوَجَّهُ وَجْهٌ، يعْنِي، ويِجبُ شَعِيرٌ كالتِّبْنِ، كأهْلِ الذِّمَّةِ في ضِيافَتِهم المُسْلِمين.
الثَّانيةُ، مَنْ قدَّم لضِيفانِه طَعامًا، لم يَجُزْ لهم قَسْمُه؛ لأنَّه إباحَةٌ. ذكَره في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الانْتِصارِ» وغيرِه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ» . وتقدَّم في الوَليمَةِ أنَّه يحْرُمُ أخْذُ الطعامِ بلا إذْنٍ. على الصَّحيحِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: مَن امْتنَعَ مِن أكْلِ الطيِّباتِ بلا سبَب شَرْعِيٍّ، فهو مذْمومٌ مُبْتَدِعٌ، وما نُقِلَ عن الإِمام أحمدَ، رحمه الله، أنَّه امْتنَعَ مِن أكْلِ البِطِّيخِ لعدَمِ عِلْمِه بكَيفِيَّةِ أكْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم له، فكَذِبٌ.