الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْفِدْيَةِ
وَهِىَ عَلَى ثَلَاَثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُهَا، مَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنِ صِيَام ثَلَاَثَةِ أيَّام، أوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ؛ لِكُلِّ مِسْكِين مُدُّ بُرٍّ، اوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ، أوْ ذَبْحِ شَاةٍ، وَهِىَ فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمِ الْأظْفَار، وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَاللُّبْسِ، وَالطِّيبِ. وَعَنْهُ، يَجِبُ الدَّمُ، إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِعُذْرٍ، فَيُخَيَّرَ.
ــ
بابُ الفِدْيَةِ
قوله: وهى على ثَلَاثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، ما هُو على التَّخْييرِ، وهُو نَوْعان؛ أحدُهما، يُخَيَّرُ فيه بينَ صِيامِ ثلاثَةِ أيَّام، أو إطْعامِ سِتَّةِ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أو نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أو شَعِيرٍ، أو ذَبْحِ شاةٍ، وهى فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأسِ، وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ، وتَغطِيَةِ الرَّأْسِ، واللُّبْسِ، والطِّيبِ. هذا المذهبُ فى ذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كُلِّه (1) من حيثُ الجُمْلَةُ. أمَّا [مِن حيثُ](2) التَّفْصيلُ، فإنْ كان بالصِّيامِ، فيُجْزِئُه ثَلَاثَةُ أيَّام. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقالَه الإمامُ أحمدُ والأصحابُ. وقال الآجُرِّىُّ: يصُومُ ثَلَاثةَ أيَّام فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رجَع. وإنْ كان بالإطْعامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، أنَّه يُطْعِمُ لكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المنَوِّرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقدَّمه فى «الفَائقِ» ، و «الفُروعِ» ، وهى أشْهَرُ. وعنه، لا يُجْزِئُه إلَّا نِصْفُ صاعِ بُرٍّ لكُلِّ مِسْكينٍ كغيرِه. وجزَم به فى «الكَافِى» . وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ،
(1) زيادة من: ش.
(2)
سقط: من الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» .
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَه لا يُجْزِئُ الخُبْزُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واختارَ الشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ الإجْزاءَ، ويكونُ رَطْلَيْن عِراقِيَّيْن، كرِوايَةٍ ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه فى كفَّارَةِ الظِّهارِ. قال: ويَنْبَغِى أنْ يكونَ بأُدْمٍ، وإنْ كان ممَّا يُؤْكَلُ مِن بُرٍّ وشَعِيرٍ، فهو أفْضَلُ. الثَّاني، ظاهِرُ كلامِه، أنَّه سَواءٌ كان معْذُورًا، أو غيرَ معْذُورٍ. وذِكْرُه الرِّوايَةَ بعدَ ذلك يدُلُّ عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نقَله جَعْفَرٌ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهِرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهب. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، [و «المُحَرر»](1)، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يجِبُ الدَّمُ، إلَّا أنْ يفْعلَه لعُذْرٍ، فيُخَيَّرَ. جزَم به القاضى وأصحابُه فى كُتُبِ الخِلَافِ. قال المُصَنِّفُ: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يتَعَيَّنُ الدَّمُ، فإنْ عَدِمَه أطْعَمَ، فإنْ تعَذَّر صامَ، فيكونُ علي التَّرْتِيبِ.
فائدة: يجوزُ له تقْديمُ. الكفَّارَةِ على الحَلْقِ، ككَفَّارَةِ اليَمِين.
(1) زيادة من: ش.
الثَّانِى، جَزَاءُ الصَّيْدِ؛ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ أوْ تَقْوِيمِهِ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِى بِهَا طَعَامًا، فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِين مُدًّا، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ، خُيِّرَ بَيْنَ الإطْعَامِ وَالصِّيَامِ. وَعَنْهُ، أنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَجِبُ الْمِثْلُ، فَإِن لَمْ يَجِدْ، لَزِمَهُ الإطْعَامُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ.
ــ
قوله: الثَّاني، جزَاءُ الصَّيْدِ؛ يُخيَّرُ فيه بينَ المِثْلِ أو تَقْويمِه -أىْ تَقْوِيمِ المِثْلِ- بدَراهمَ يَشْتَرِى بها طَعامًا، فيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أو يَصُومُ عن كُلِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُدٍّ يومًا، وإن كان ممَّا لا مِثْلَ لَه، خُيِّرَ بينَ الإطْعامِ والصِّيامِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ كَفَّارةَ جزَاءِ الصَّيْدِ على التَّخْيِيرِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصُوصُ، والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحرَّرِ» ، وغيرِهم. وعنه، أنَّ جَزاءَ الصَّيْدِ على التَّرْتِيبِ، فيَجِبُ المِثْلُ، فإنْ لم يجِدْ، لَزِمَه الإِطْعامُ، فإنْ لم يجِدْ، صامَ. نقلَها محمدُ بنُ الحَكَمِ. فعلى المذهبِ، يُخَيَّرُ بينَ الثَّلاثَةِ الأشْياءِ التى ذكَرَها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصَنِّفُ؛ وهى إخْراجُ المِثْلِ، أو التَقويمُ بطَعامٍ، أو الصِّيامُ عنه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، الخِيَرَةُ بينَ شَيْئَيْن؛ وهى إخْراجُ المِثْلِ، والصِّيامُ، ولا إطْعامَ فيها. فإنما ذُكِرَ في الآيَةِ ليعْدِلَ به الصِّيامَ، لأنَّ مَن قدَر على الإطْعامِ قدَر على الذَّبْحِ. نقَلَها الأَثْرَمُ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو أرادَ الإطْعامَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنَّه يُقَوِّمُ المِثْلَ، كما قال المُصَنِّفُ: بدَرَاهِمَ، ويَشْتَرِى بها طَعامًا. وعنه، لا يقَوِّمُ المِثْلَ، وإنَّما يقَوِّمُ الصَّيْدَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَكانَ إتْلافِه أو بقُرْبِه. وأطْلَقهما فى «الإرْشَادِ» . وحيثُ قَوَّمَ المِثْلَ أو الصَّيْدَ، فإنَّه يَشْتَرَى به طَعامًا للمَساكِينِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، له الصَّدَقةُ بالدَّراهِمِ، وليْستِ القِيمَةُ ممَّا خَيَّرَ الله فيه (1). ذكَرَها ابنُ أبي مُوسَى. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وهل يجوزُ إخْراجُ القِيمَةِ؟ فيه احْتِمالَان.
تنبيهات؛ الأوَّلُ، التَّقْويمُ يكونُ بالمَوْضِعِ الذى أتْلَفَه فيه وبقُرْبِه. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وسِنْدِىٌّ. وجزَم به القاضى وغيرُه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غيرُ واحدٍ، يُقَوِّمُه بالحَرَم؛ لأنَّه محَلُّ ذَبْحِه. وتقدَّم روايَةٌ، أنَّه يقوِّمُ الصَّيْدَ مَكانَ إتْلافِه أو بقُرْبِه. الثَّاني، الطَّعامُ هنا، هو الذى يُخْرَجُ فى الفِطْرَةِ، وفِدْيَةِ الأذَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقَدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيلَ: ويُجْزِئُ أيضًا كل ما يُسَمَّى طَعامًا. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» وغيرِه. وجزَم به القاضى فى «الخِلَافِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّالثُ، ظاهِرُ قوْلِه: فيُطْعِمُ كلَّ مِسْكِين مُدًّا. أنَّه سَواءٌ كان مِنَ البُرِّ، أو مِن غيرِه. وكذا هو ظاهِرُ الخِرَقِىِّ، وأجْراه ابنُ مُنَجَّى على ظاهِرِه، وشرَح عليه، ولم يتَعرَّضْ إلى غيرِه. وقال الشَّارِحُ: والأوْلَى أنَّه لا يُجْزِئُ؛ مِن غيرِ البُرِّ أقَلُّ مِن نِصْفِ صَاعٍ؛ لأنَّه لم يَرِدِ الشَّرْعُ فى مَوْضِع بأقَلَّ مِن ذلك فى طُعْمَةِ المسَاكِينِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المنْصُوصُ والمَشْهورُ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو المذهبُ المَنْصُوصُ. الرَّابعُ، ظاهِرُ قوْلِه أيضًا: أو يصُومُ عن كُلِّ مُدِّ يوْمًا. أنَّه سَواءٌ كان مِنَ البُرِّ أو مِن غيرِه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أيضًا. وتابَعه فى «الإرْشَادِ» ، و «الجَامِعِ الصَّغِيرِ» ، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا» ، و «الإيضَاحِ» . وقدَّمه فى «التَّلْخِيصِ» ، و «الشَّرْح» . وهو رِوايَةٌ أثْبتَها بعضُ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، أنَّه يصُومُ عن طَعامِ كُلِّ مِسْكين يَوْمًا. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» .
فوائد؛ الأُولَى، أطْلَقَ الإمامُ أحمدُ فى رِوايَةٍ عنه، فقالَ: يصُومُ عن كل مُا يَوْمًا. وأطْلقَ فى رِوايَةٍ أُخْرَى، فقالَ: يصُومُ عن كُل مُدَّيْن يَوْمًا. فنَقَل المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ» ، عنِ القاضى، أنَّه قال: المَسْألةُ رِوايةٌ واحِدةٌ. وحمَل رِوايَةَ المُدِّ على البُرِّ، ورِوايَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُدَّيْن على غيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: والذى رأيْتُه فى رِوايَتَىِ القاضى، أنَّ حَنْبلًا، وابنَ مَنْصُورٍ نقَلا عنه، أنَّه يصُومُ عن كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. وأنَّ الأثْرَمَ نقَل فى فِدْيَةِ الأذَى، عن كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وعن نِصْفِ صَاعٍ، تَمْرًا أو شَعِيرًا، يَوْمًا. قال: وهو اخْتيارُ الخِرَقِىِّ، وأبي بَكْرٍ. قال: ويُمْكِنُ أنْ يُحْمَلَ قوْلُه: عن كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. على أن نِصْفَ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ والشَّعيرِ، لا مِنَ البُرِّ. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعلى هذا، فإحْدَى الرِّوايتَيْن مُطْلَقَةٌ، والأُخْرَى مُقَيَّدَة، [لا أنَّ](1)
(1) فى الأصل، ط:«لأنَّ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايتَيْن مُطْلَقَتان. وإذنْ يَسْهُلُ الحَمْلُ. وكذلك قطَع أبو البَرَكاتِ وغيرُه، إلى أنَّ عَزْوَ ذلك إلى الخِرَقِيِّ. وفيه نظَرٌ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: فأقَرَّ بعضُ الأصحابِ النَّصَّيْن على ظاهِرِهما، وحمَل بعضُ الأصحابِ ذلك على ما سبَق، يعْنِى، حمْلَ رِوايَةِ المُدِّ على البُرِّ، ورِوايَةِ المُدَّيْن على غيرِه. قال: وهو أظْهَرُ. انتهى. الثَّانيةُ، لو بَقِىَ مِنَ الطَّعام ما لا يعْدِلُ يَوْمًا، صامَ عنه يَوْمًا. نصَّ عليه؛ لأنَّه لا يتَبَعَّضُ. الثَّالثةُ، لا يجِبُ التَّتابُعُ في هذا الصِّيامِ، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه؛ للآيَةِ. الرَّابعةُ، لا يجوزُ أنْ يصُومَ عن بعضِ الجَزاءِ، ويُطْعِمَ عن بعضِه. نصَّ عليه، ولا أعلمُ فيه خِلافًا.
[66 ظ] فصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِى عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهُوَ ثَلَاثةُ أنْوَاعٍ؛ أحَدُهَا، دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، فَيَجِبُ الْهَدْىُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ ثَلَاَثَةِ أَيَّام فِى الْحَجِّ، وَالأفْضَلُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَإنْ صَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، أَجْزأَهُ،
ــ
قوله: الضَّرْبُ الثَّانِى على التَّرْتِيبِ، وهو ثلَاثَةُ أنواعٍ؛ أحَدُها، دَمُ المُتْعَةِ والقِرانِ، فيَجِبُ الهَدْىُ. ولا خِلافَ فى وُجوبِه، وقد تقدَّم وَقْتُ وُجوبِه، ووَقْتُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذبْحِه، فى بابِ الإحْرامِ، عندَ قَوْلِه: ويَجِبُ على القَارِنِ والمُتَمَتِّعِ دَمُ نُسُكٍ، فإنْ لم يَجِدْه -يعْنِى، فى مَوْضِعِه، فلو وجَدَه فى بَلَدِه، أو وجَد مَن يُقْرِضُه، فهو كمَن لم يَجِدْه. نصَّ عليه- فصيامُ ثَلَاثةِ أيام فى الحَجِّ، والأفْضَلُ أن يكونَ آخِرُها يَوْمَ عَرَفَة. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، منهم القاضى فى «التَّعْلِيقِ». قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ عن أحمدَ، وعليه أصحابُه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعلَّلَ بالحاجَةِ. قال فى «الفُروعِ» : وفيه نظَرٌ. وعنه، الأفْضَلُ أنْ يكونَ آخِرُها يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. وذكَرَها القاضى فى «المُجَرَّدِ» . ذلك مذهَبُ أحمدَ، وإليه مَيْلُ صاحِبِ «الفُروعَ» . فعلى المذهبِ، قال المُصَنفُ وغيرُه: يُقدِّمُ الإِحْرامَ على يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، فيُحْرِمُ يَوْمَ السَّابعِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يُحْرِمُ يَوْمَ السَّادِسِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قلتُ: فيكونُ مُسْتَثْنًى مِن قوْلِهم: يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّعِ الذى حَلَّ، الإحْرامُ بالحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. فيُعايىَ بها.
فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ تقْديمُ صِيامِ الثَّلَاثَةِ أيَّامٍ بإحْرامِ العُمْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. وفى كلامِ المُصَنِّفِ إيماءٌ إليه؛ لقَوْلِه: والأَفْضَلُ أنْ يكونَ آخِرُها يَوْمَ عرَفَةَ. وعنه، يصُومُها إذا حَلَّ مِنَ العُمْرَةِ. الثَّانيةُ، لا يجوزُ صَوْمُها قبلَ الإحْرامِ بالعُمْرَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ فى أشْهُرِ الحَجِّ. ونقَلَه الأَثْرَمُ، فَيَكُونُ السَّبَبَ. قال ابنُ عَقِيلٍ: أحَدُ نُسُكَىِ التَّمَتُّعِ، فجازَ تقْدِيمُها عليه، كالحَجِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، عن هذه الرِّوايَةِ: وليس بشئٍ، وأحمدُ مُنَزَّهٌ عن هذه المُخَالَفَةِ لأهْلِ العِلْمِ. الثَّالثةُ، وَقْتُ وُجوبِ صَوْم الأيَّام الثَّلاثَةِ، وَقْتُ وُجوبِ الهَدْىِ، على ما تقدَّم فى بابِ الإحْرامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه الأصحابُ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه بدَلٌ كسائِر الأبْدالِ. وقال القاضى: وعندَنا يجِبُ إذا أحْرَمَ بالحَجِّ. وقد قال أحمدُ فى رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ وسِنْدِيٍّ، عن صِيَامِ المُتْعَةِ، متى يجِبُ؟ قال: إذا عقَد الإِحْرامَ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. وقال القاضى أيضًا: لا خِلافَ أنَ الصَّوْمَ يتَعَيَّنُ قبلَ يَوْمِ النَّحْرِ، بحيثُ لا يجوزُ تأْخِيرُه إليه، بخِلافِ الهَدْىِ. انتهى. الرَّابعةُ، ذكَر القاضى، وأصحابُه، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرُهم، إنْ أخَّر صِيامَ أيَّامِ التَّشْريقِ والأيَّامِ الثَّلاثَةِ إلى يَوْمِ النَّحْرِ، فقَضاءٌ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على مَنْعِ صِيامٍ، وإلَّا كان أداءً. ولعَلَّ فى كلامَ صاحِبِ «الفُروعِ»: مَبْنى على عدَمِ مَنْعِ صِيامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ. بزِيادَةِ «عَدَمِ» ، وبها يتَّضِحُ المَعْنَى.
قوله: وسَبْعَةٍ إذا رجَع إلى أهْلِه، وإنْ صامَ قبلَ ذلك، أجْزَأ. يعْنى، بعدَ إحْرامِه بالحَجِّ، لكنْ لا يجوزُ صَوْمُها فى أيَّامِ التَّشْريقِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛
فَإِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنْهُ، لَا يَصُومُهَا، وَيَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةَ أَيَّام، وَعَلَيْهِ دَمٌ.
ــ
لبَقاءِ أعْمالِ الحَجِّ. قالَه فى «الفُروعِ» . ويجوزُ صَوْمُها بعدَ أيَّام التَّشْرِيقِ. يعْنِى، إذا كان قد طَافَ طَوافَ الزِّيارَةِ. قالَه القاضى. والمُرادُ بقَوْلِه:{إِذَا رَجَعْتُمْ} . يعنى، مِن عَمَلِ الحَجِّ؛ لأنَّه المذكُورُ، ومُعْتَبَرٌ لجَوازِ الصَّوْمِ.
قوله: فإن لم يَصُمْ قبلَ يومِ النَّحْرِ -يعْنِى، الأيَّامَ الثَّلاثَةَ- صَامَ أيَّامَ مِنًى. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، فى باب أقْسامِ النُّسُكِ. وجزَم به فى «الإفادَاتِ» ، وصحَّحَه فى «الفَائقِ» . وعنه، لا يصُومُها. وتقدَّم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك مع زِيادَةٍ حسَنَةٍ فى أوَاخِرِ بابِ صَوْمِ التطَوُّعِ، وذُكِرَ مَن قدَّم وأطْلَقَ وصحَّح. فعلى القَوْلِ بأنَّه يصُومُ أيَّامَ مِنىً، وصامَها، فلا دَمَ عليه. جزَم به جماعَةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، وقال: لعَله مُرادُ القاضى وأصحابِه، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم، بتَأخيرِ الصَّوْمِ عن أيَّامِ الحَجِّ.
وقوْلُه: ويَصومُ بعدَ ذلك عَشَرَةَ أيَّامٍ، وعليه دَمٌ. يعْنِى، إذا قُلْنا: لا يَجُوزُ صَوْمُ أيَّامِ مِنىً. وكذا لو قُلْنا: يجوزُ صَوْمُها. ولم يَصُمْها، فقام المُصَنِّفُ هنا، أنَّ عليه دَمًا على هذه الرِّوايَةِ. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به فى «الإفادَاتِ» ،
وَعَنْهُ، إنْ تَرَكَ الصّوْمَ لِعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهُ، وَإنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ.
ــ
و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنتخَبِ» (1). واخْتارَها الخِرَقِىُّ، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفَائقِ» . وعنه، إنْ ترَك الصَّوْمَ لعُذْرٍ، لم يَلْزَمْه إلَّا قَضاؤُه، وإنْ ترَكَه لغيرِ عُذْر، فعليه مع فِعْلِه دَمٌ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» . وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، فى
(1) سقط من: ط.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ أَخَّرَ الْهَدْىَ أوِ الصَّوْمَ لعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهُ، وَإنْ أَخَّرَ الْهَدْىَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ: وَعِنْدِى أنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الصَّوْمِ دَمٌ بِحَالٍ، وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِى الصِّيَامِ.
ــ
المَعْذُورِ دُونَ غيرِه. وقدَّم ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، أنَّه إنْ ترَكَه لغيرِ عُذْرٍ، عليه دَمٌ، وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى المَعْذُورِ. وعنه، لا يَلْزَمُه دَمٌ بحالٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، كما قالَه المُصَنِّفُ عنه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى التى نَصَّها القاضى فى «تَعْلِيقِه» . وأطْلَقهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكَافِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «الفُروعِ». وقال: التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ. وأطْلقَ الخِلافَ فى غيرِ المَعْذُورِ، فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» . وأمَّا تأْخِيرُ الهَدْىِ عن أيَّامِ النَّحْرِ، فهل يَلْزَمُه فيه دَمٌ أمْ لا، أمْ يَلْزَمُه مع عدَمِ العُذْرِ، ولا يَلْزَمُه مع العُذْرِ؟ فيه الرواياتُ المُتقَدِّمةُ فى الدَّمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ؛ إحْداهُنَّ، يلْزَمُه دَمٌ مُطْلَقًا. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفَائقِ» . والثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه دَمٌ بحالٍ سِوَى الهَدْىِ. وقدَّمه فى «إدْرَاكِ الغَايَةِ» . والثَّالثةُ، إنْ أخَّرَه لعُذْرٍ، لم يَلْزَمْه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وصحَّحَه فى «الكُبْرَى» . وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الكَافِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «إدْرَاكِ الغايةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، فى المَعْذُورِ دُونَ غيرِه. قلتُ: هذا المذهبُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أيضًا، وُجوبُ الدَّمِ على غيرِ المَعْذُورِ. وأطْلَقَ الخِلافَ فى غيرِ المَعْذُورِ، فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الكَافِى» ، و «الشَّرْحِ» . وحكَى جماعَةٌ الخِلافَ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَعْذُورِ وَجْهَيْن، وفى غيرِ المَعْذُورِ رِوايتَيْن.
فائدتان؛ إحداهما، قوله: ولا يَجِبُ التَّتابُعُ فى الصِّيامِ. اعلمْ أنَّه لا يجِبُ تَتابُعٌ، ولا تَفْرِيقٌ فى الأيَّام الثَّلَاثَةِ والسَّبْعَةِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ لإطْلاقِ الأمْرِ، ولا يجِبُ التًّفْريقُ ولا التَّتابُعُ بينَ الثَّلاثَةِ والسَّبْعَةِ إذا قضَى، كسائرِ الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، لو ماتَ قبلَ الصَّوْمِ، فحُكْمُه حُكْمُ صَوْمِ رَمَضانَ، على ما سبَق، تَمَكَّنَ منه أوْلا. نصَّ عليه.
وَمَتَى وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، فَشَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْىِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ.
ــ
قوله: ومتى وجَب عليه الصَّوْمُ فشرَع فيه ثم قدَر على الهَدْىِ، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ إليه، إلَّا أنْ يَشاءَ، هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفى «الفُصُولِ» وغيرِه تخْرِيجٌ، يَلْزَمُه الانْتِقالُ إليه. وخرَّجُوه مِن اعْتِبارِ الأغْلَظِ فى الكَفَّارَةِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «وَاضِحِه»: إنْ فرَغَه ثم قدَر يَوْمَ النَّحْرِ عليه، نَحَره إنْ وجَب إذَنْ، وإنَّ دَمَ القِرانِ يجبُ بإحْرام. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال فى «القَاعِدَةِ الخامِسَةِ» : لو كفَّرَ المُتَمَتِّعُ بالصَّوْمِ، ثم قدَر على الهَدْىِ وَقْتَ وُجوبِه، فصرَّح. ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإقْنَاعِ» ، بأنَّه لايجْزِئُه الصَّوْمُ. وإطْلاقُ الأكْثَرِين يُخالِفُه،
وَإنْ وَجَبَ، وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
بل وفى كلامِ بعضِهم تصْرِيحٌ به.
قوله: وإن وجَب، ولم يَشْرَعْ فيه، فهل يَلْزَمُه الانْتِقالُ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الكَافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم؛ إحداهما، لا يَلْزَمُه. وهى المذهبُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذه المذهبُ. انتهى. وصحَّحَه فى «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه، كالمُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ. صحَّحه فى «التَّصْحِيحِ» ، و «النَّظْمِ» ، والقاضى المُوَفَّقُ [فى «شَرْح المَناسِكِ»](1). وجزَم به فى «الإفادَاتِ» ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الخِرَقِىِّ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ»؛ لأنَّهم قالوا: لا يَلْزَمُه الانْتِقالُ بعدَ الشُّروعِ. قال فى «التَّلْخِيصِ» : ومَبْنَى الخِلافِ، هل الاعْتِبارُ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ، أو بأغْلَظِ الأحْوالِ؟ فيه رِوايَتان. انتهى. قلتُ: المذهبُ، الاعْتِبارُ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ. كما يأْتِى فى كلامِه فى كفَّارَةِ الظِّهارِ مُحَرَّرًا. فعلى المذهبِ، لو قدَر على الشِّراءِ بثَمَنٍ فى الذِّمَّةِ، وهو مُوسِرٌ فى بَلَدِه، لم يَلْزَمْه ذلك، بخِلافِ كفَّارَةِ الظِّهارِ واليَمِينِ وغيرِهما. قالَه فى «القَواعِدِ» .
فائدة: قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عشَرَ»: إذا عَدِمَ هَدْىَ المُتْعَةِ ووجَب الصِّيامُ عليه، ثم وجَد الهَدْىَ قبلَ الشُّروعِ فيه، فهل يجِبُ عليه
(1) زيادة من: ش.
النَّوْعُ [67 و] الثَّانِى، الْمُحْصَرُ، يَلْزَمُهُ الْهَدْىُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ، ثُمَّ حَلَّ.
ــ
الانْتِقالُ أم لا؟ يَنْبَنِى على أنَّ الاعْتِبارَ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ، أو بحالِ الفِعْلِ، وفيه رِوايَتان. وقالَه فى «التَّلْخِيصِ». فإنْ قُلْنا: بحالِ الوُجوبِ، صارَ الصَّوْمُ أصْلًا، لا بدَلًا. وعلى هذا، فهل يُجْزِئُه فِعْلُ الأصْلِ، وهو الهَدْىُ؟ المَشْهورُ، أنَّه يُجْزِئُه. وحكَى القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ» ، عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه لا يُجْزِئُه. قلتُ: يأْتِى فى كلامِ المُصَنفِ فى أثْناءِ الظهارِ الخِلافُ فى ذلك، وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الاعْتِبارُ بحالِ الوُجوبِ.
قوله: النَّوْعُ الثَّاني، المُحْصَرُ، يَلْزَمُه الهَدْىُ، فَإنْ لم يَجِدْ، صامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ، ثم حَلَّ. اعلمْ أنَّه إذا أُحْصِرَ عنِ البَيْتِ بعَدُوٍّ، فله التَّحَلُّلُ، بأنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِنيَّةِ التَّحَلُّلِ وُجوبًا مَكانَه، ويجوزُ أنْ يَنْحرَه فى الحِلِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، ينْحَرُه فى الحَرَمِ. وعنه، يَنْحَرُه المُفْرِدُ والقَارِنُ يَوْمَ النَّحْرِ. ويأْتِي ذلك فى قوْلِه: ودَمُ الإحْصارِ يُخْرِجُه حيْثُ أُحْصِرَ. فإنْ لم يجِدِ الهَدْىَ، صامَ عَشَرَةَ
النَّوْعُ الثَّالِثُ، فِدْيَةُ الْوَطْءِ، تَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ، فَان لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أيَّام؛ ثَلَاثَةً فِى الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ؛ كَدَمِ الْمُتْعَةِ؛ لِقَضَاء الصَّحَابَةِ بِهِ.
ــ
أيَّامٍ بالنِّيَّةِ، ثم حَلَّ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونقَله الجماعةُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ولا إطْعامَ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، بلَى. وقال الآجُرِّىُّ: إنْ عَدِمَ الهَدْىَ مَكانَه قَوَّمَه طَعامًا، وصامَ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وحَلَّ. قال: وأُحِبُّ أنْ لا يحِلَّ حتى يصُومَ إنْ قدَر، فإنْ صَعُبَ عليه، حَلَّ ثم صامَ. ويأْتِى حُكْمُ الفَواتِ قرِيبًا، وتأْتِى أحْكامُ المُحْصَرِ في بابِه بأَتَمَّ مِن هذا.
قوله: النَّوْعُ الثَّالِثُ، فِدْيَةُ الوَطْءِ؛ تَجِبُ به بَدَنَةٌ، فإن لم يَجِدْها، صامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلَاثةً في الحَجِّ، وسَبْعَةً إذَا رجَع، كَدَمِ المُتْعَةِ؛ لِقَضاءِ الصَّحابَةِ به، رَضِىَ اللهُ عَنْهم. هذا المذهبُ. يعْنِى، أنَّه يَنْتِقلُ مِنَ الهَدْىِ إلى الصِّيامِ. قال المُصَنِّفُ،
وَقَالَ القَاضِى: إنْ لَمْ يَجِدِ الْبَدَنَةَ، أخْرَجَ بَقَرَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَسَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ، أخْرَجَ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا فَإنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّهُ مُخَيَّرٌ فِى هَذِهِ الْخَمْسَةِ، فَبِأَيِّهَا كَفَّر أجْزَأَهُ.
ــ
والشارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الكَافِى» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقال القاضى: إنْ لم يَجِدِ البَدَنَةَ، أخْرَجَ بَقَرَةً، فإنْ لم يَجِدْ، فَسَبْعًا مِنَ الغنَمِ، فإنْ لم يَجِدْ أخْرَجَ بقِيمَتِها، أىِ البَدَنَةِ، طَعامًا، فإن لم يَجِدْ صامَ عن كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهم، وقالوا: فإنْ لم يجِدْ، صامَ عن كلِّ مُدِّ بُرٍّ، أو نِصْفِ صَاعِ تَمْرٍ أو شَعيرٍ، يَوْمًا. وقال فى «الفُروعِ»: وقال القاضى: يتَصدَّقُ بقِيمَةِ البَدَنَةِ طَعامًا، فإنْ لم يجِدْ، صامَ عن طعامِ كلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا؛ كجَزاءِ الصَّيْدِ، لا ينتقِلُ فى إحْدَى الرِّوايتَيْنِ لا الى الإطْعامِ مع وُجودِ المِثْلِ، ولا الى الصِّيامِ مع القُدْرَةِ على الإطْعامِ. ونقلَه أيضًا المُصَنِّفُ والشَّارِحُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن القاضى. ويأْتى فى كلامِ المُصَنِّفِ، مَن وَجبَتْ عليه بَدَنَةٌ، أجْزأَتْه بقَرَةٌ، ويُجْزِئُه أيضًا سَبْعٌ مِنَ الغَنَمِ. على ما يأْتِى هناك. قال المُصَنِّفُ هنا: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنه مُخَيَّرٌ فى هذه الخَمْسَةِ، فبأَيِّها كفَّر أجْزأه. وكذا نقَله عنه فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: إنَّما صرَّح الخِرَقِىُّ بإجْزاءِ سَبْعٍ عِنَ الغَنَمِ مع وُجودِ البَدَنَةِ. هكذا ذكَر فى كِتَابِه. ولعَل ذلك قد نَقَله بعضُ الأصحابِ عنه فى غيرِ كِتَابِه «المُخْتَصَرِ» . انتهى.
فائدة: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : قال صاحِبُ «النِّهايَةِ» فيها، يعْنِى، [بعدَ هذَا] (1): مَنْشَأُ الخِلافِ بينَ الخِرَقِىِّ والقاضى، أنَّ الوَطْءَ، هل هو مِن قَبِيلِ الاسْتمْتَاعاتِ، أو مِن قَبِيلِ الاسْتِهْلاكاتِ؟ فعلى هذا، إنْ قيلَ: هو مِن قَبيلِ الاسْتِمْتاعاتِ، وجَب أنْ تكونَ كفارَتُه على التَّخْيِيرِ؛ لأنَّ الطِّيبَ واللُّبْسَ اسْتِمْتَاعٌ،
(1) فى، الأصل، ط:«جده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهما على التَّخْيِيرِ. على الصَّحيحِ. وإنْ قيلَ: هو مِن قَبِيلِ الاسْتِهْلاكِ، وجَب أنْ يكونَ على التَّرْتيبِ؛ لأنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ اسْتِهْلاكٌ، وكفَّارَتُه على التَّرتِيبِ. على الصَّحيحِ. انتهى.
فائدة: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : واعلمْ أنَّ الانْتِقالَ مِنَ البَدَنَةِ إلى الصِّيام لم أجِدْ به قوْلًا لأحمد، ولا لأحَدٍ مِنَ الأصحابِ. وكأنَّه، واللهُ أعلمُ، اخْتارَه لِمَا فيه مِن مُوافَقَةِ العبَادِلَةِ، إلَّا أنَّ فيه نَظَرًا، نقْلًا وأثَرًا؛ أمَّا النَّقْلُ، فقال فى «المُغْنِى» (1): يجِبُ على المُجامِعِ بدَنَةٌ، فإنْ لم يجِدْ، فشَاةٌ. وأيضًا فإنَّه شَبَّهَ هنا فِدْيَةَ الوَطْءِ بِفدْيَةِ المُتْعَةِ، والشبَهُ إنَّما يكونُ فى ذاتِ الواجِبِ، أو فى نَفْسِ الانْتقالِ. ويُرَدُّ على الأوَّلِ، أنَّه لا يجِبُ فيها بدَنَةٌ بل شَاةٌ. وعلى الثَّانِى، أنَّه لا يجوزُ الانْتِقالُ فى المُتْعَةِ مع القُدْرَةِ على الشَّاةِ. وأما الأثَرُ، فإنّ المَرْوِىَّ عنِ العَبادِلَةِ، أنَّ مَن أفْسَدَ حَجَّه، أفْتَوْه إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ، انْتَقَلَ إلى صيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ولا يَلْزَمُ فى حَق مَن لم يَجِدْ بَدَنَةً أن يُقالَ عنه: لم يَجِدِ الهَدْىَ؛ لأنَّه قد
(1) انظر: المغنى 5/ 167.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يَجِدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بَقَرَةً أو شاةً. انتهى. قلتُ: فى كلامِ ابنِ مُنَجَّى شئٌ؛ وهو أنَّه نقَل عنِ المُصَنفِ فى «المُغْنِى» أنَّه قال: يجِبُ على المُجامِعِ بَدَنَةٌ، فإن لم يجِدْ، فشَاةٌ. وهذا لم يَقُلْه المُصَنفُ فى «المُغْنِى» عن أصحابِ المذهَبِ، وإنَّما نقَلَه عنِ الثَّوْرِيِّ، وإسْحاقَ، فلعَلَّه كان فى النُّسْخَةِ التى عندَه نَقْصٌ، فسقَط هذا النَّقْلُ والاعْتِراضُ. وقوْلُه: والشَّبَهُ إنَّما يكونُ فى ذاتِ الواجِبِ، أو فى نَفْس الانْتِقالِ. فيُرَدٌّ على الأوَّلِ، أنَّه لا يجِبُ فيها بَدَنَةٌ، بل شَاةٌ. قلتُ: هذا غيرُ وارِدٍ، والجامِعُ بينَهما، أنَّ هذا هَدْىٌ وهذا هَدْيٌ، ولا يَلْزَمُ المُساوَاةُ مِن كل وَجْهٍ، بل يُكْتَفَى بجامِعٍ ما. وقوْلُه: ويُرَدُّ على الثَّاني، أنَّه لا يَجُوزُ الانْتِقالُ فى المُتْعةِ مع القُدْرَةِ على الشَّاةِ. قلتُ: وهذا مُسَلَّمٌ، فإنَّا نقولُ: لا يجوزُ الانْتِقالُ عنِ الهَدْىِ الواجِب بالوَطْءِ مع القُدْرَةِ عليه. وهكذا قال المُصَنِّفُ، فلا يُرَدُّ عليه. وقوْلُه: وأمَّا الأَثَرُ، فإنَّ المَرْوِيَّ عنِ العَبادِلَةِ، أنَّ مَنْ أفْسَدَ حَجَّه، أفْتَوْه إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ، انْتقَلَ إلى صِيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ولا يَلْزَمُ فى حَقِّ مَن لم يَجِدْ بَدَنَةً أنْ يُقالَ عنه: لم يَجِدِ الهَدْىَ؛ لأنَّه قد لا يَجدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بقَرَةً أو شَاةً. قُلْنا: هذا مُسَلَّمٌ. والمُصَنِّفُ، رحمه الله، قد نَبَّه على هذا بعدَ ذلك بقَوْلِه: ومَن وَجبَتْ عليه بَدَنةٌ، أجْزَأَتْه بقَرَةٌ، ويُجْزِئُه أيضًا سَبْعٌ مِنَ الغنَمِ. على ما يأْتِى. فلم يَمْنَعْ ذلك المُصَنِّفُ. غايَتُه، أنَّ ذلك ظاهِرُ كلامِه. فيُرَدُّ بصَرِيحِ كلامِه الآتِى، ونُقَيِّدُه به. وكلامُ المُصَنِّفِ يُقَيِّدُ بعضُه بعضًا، وهذا عَجَبٌ منه؛ إذْ هو شارِحُ كلامِه.
وَيَجِبُ بِالْوَطْءِ فِى الْفَرْجِ بَدَنَةٌ، إِنْ كَانَ فِى الْحَجِّ، وَشَاةٌ، إنْ كَانَ فِى الْعُمْرَةِ.
ــ
قوله: ويَجِبُ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ بَدَنَةٌ، إن كانَ فى الحَجِّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وسَواءٌ كان قَارِنًا أو غيرَه. وعنه، يَلْزَمُ القَارِنَ بَدَنَةٌ للحَجِّ، وشاةٌ للعُمْرَةِ، إنْ لَزِمَه طَوافَان وسَعْيان. قال فى «الحاوِى» وغيرِه: اخْتارَه القاضى. وقال فى «الفُروعِ» : وعندَ أبي حَنِيفَةَ، إنْ وَطِئَ قبلَ طَوافِ العُمْرَةِ، فسَدَتْ، وعليه شاةٌ لها وشَاةٌ للحَجِّ، وبعدَ طَوافِها لا تَفْسُدُ، بل حَجَّةٌ، وعليه دَمٌ. قال القاضى: ويتَخَرَّجُ لنا مثلُ هذا على رِوايَتِنا، عليه طَوَافان وسَعْيان. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: ويتَخرَّجُ لنا، أنْ يَلْزَمَه بَدَنَةٌ للحَجِّ وشاة للعُمْرَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ أفْسَدَ قَارِنٌ نُسُكَه بوَطْءٍ، لَزِمَه بَدَنَةٌ. نصَّ عليه، وشاةٌ مع دَمٍ القِرَانِ. وقيل: إنْ لَزِمَه طَوافَان- وقيل: وسَعْيَان- لَزِمَه كفَّارَتان لهما، وبَدَنةٌ وشاةٌ، وسقَط دَمُ القِرَانِ.
قوله: وشاةٌ إنْ كانَ فى العُمْرَةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَلَه أبو طالِبٍ. وقال الحَلْوَانِىُّ فى «المُوجَزِ»: الأشْبَهُ أنَه يجِبُ بَدَنَةٌ، كالحَجِّ. قوْلُه: وُجوبُ البَدَنَةِ بوَطْئِه فى الحَجِّ، والشَّاةِ بوَطْئِه فى العُمْرَةِ. إنَّما هو مِن حيثُ الجُمْلَةُ، أمَّا مِن حيثُ التَّفْصِيلُ، فقد تقدَّم فى آخِرِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ؛ فإنَّه تارةً يكونُ
وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، إِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً، وَإنْ كَانَتْ مُكرَهَةً، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا. وَقِيلَ: تَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ يَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا.
ــ
قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ، وتارَةً بعدَه، وما فيه مِنَ الخِلَافِ، فَلْيُعْلَمْ ذلك.
قوله: ويَجِبُ على المَرْأةِ مثلُ ذلك، إنْ كانت مُطاوِعَةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونقَلَه الجَماعَةُ عن الإمامِ أحمد، أن المرْأَةَ كالرَّجُلِ إذا طاوَعَتْ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ، والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّر» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يُجْزِئُهما هَدْىٌ واحِدٌ؛ لأنَّه جِماعٌ وَاحِدٌ.
فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّالِثُ، الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ، أَوْ لِتَركِ وَاجِبٍ، أَوْ لِلْمُبَاشَرَةِ فِى غَيْرِ الْفَرْجِ؛ فَمَا أَوْجَبَ مِنْهُ بَدَنَةً،
ــ
وعنه، لا فِدْيَةَ عليها؛ لأنَّه لا وَطْءَ منها. ذكَرَه القاضى وَغيرُه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وصحَّحَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه.
قوله: وإن كانت مُكْرَهَةً، فلا فِدْيَةَ عليها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، عليها الفِدْيَةُ. وعنه، يَفْدِى عنها الواطِى. ووَجَّه فى «الفُروعِ» رِوايَةً، أنَّها تَفْدِى وتَرْجِعُ على الواطِئِ، مِنَ الرِّوايةِ التى فى الصَّوْمِ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: المُكْرهَةُ يَفْسُدُ صَوْمُها، ولا يَلْزَمُها كفَّارَةٌ، ولا يَفْسُدُ حَجُّها، وعليها بَدَنَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.
قوله: الضَّرْبُ الثالِثُ، الدِّماءُ الواجِبَةُ للفَواتِ، أو لتَرْكِ واجِبٍ، أو للمُباشَرةِ
فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْوَطْءِ فِى الْفَرْجِ. وَمَا عَدَاهُ، فَقَالَ [67 ظ] الْقَاضِى: مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ مُلْحَق بِدَمِ الْمُتْعَةِ، وَمَا وَجَبَ لِلْمُبَاشَرَةِ مُلْحَقٌ بِفِدْيَةِ الأَذَى.
ــ
فى غيرِ الفَرْجِ؛ فما أوْجَبَ منه بَدَنَةً، فَحُكْمُها حُكْمُ البَدَنَةِ الوَاجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. إذا فاتَه الحَجُّ لعدَمِ وقوفِه بعَرَفَةَ لعُذْرِ حَصْرٍ أو غيرِه، ولم يَشْتَرِطْ أنَّ مَحِلِّى حيثُ حَبَسْتَنِى، فعليه هَدْيٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا هَدْىَ عليه. وأطْلَقَهما المُصَنِّفُ فى هذا الكِتابِ، فى بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ. فعلى المذهبِ، يُجْزِئُ مِنَ الهَدْىِ ما اسْتَيْسَرَ، مِثْلُ هَدْى المُتْعَةِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقال فى «المُوجَزِ»: هوٍ بَدَنَةٌ. وعلى المذهبِ، إنْ عَدِمَ الهَدْىَ زَمَنَ وُجوبِه، صامَ عشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلاثَةً فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رجَع. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، مِن أنَّ دمَ الفَواتِ مَقِيسٌ على دَمِ المُتْعَةِ، فهو مثلُه سَواءٌ، فهو داخِل فى كلامِ القاضى الآتِى. وعلى كلامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صاحِبِ «المُوجَزِ» ، حُكْمُها حُكْمُ البَدَنَةِ الواجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. هذا ما يَظْهَرُ. وأمَّا الخِرَقِىُّ، فإنَّه جعَل الصَّوْمَ عن دَمِ الفَواتِ كالصَّوْمِ عن جَزاءِ الصَّيْدِ؛ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا. ويأْتِى ذلك فى بابِ المُحْصَرِ بأتَمَّ مِن هذا. وأمَّا إذا باشَرَ دُونَ الفَرْجِ، وأوْجَبْنا عليه بَدَنَةً، فإنَّ حُكْمَها حُكْمُ البَدَنَةِ الواجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. على ما تقدَّم مِن غيرِ خِلافٍ أعْلَمُه.
قوله: وما عَداه -يعْنِى، ما عدَا ما يجِبُ فيه البَدَنَةُ- فقال القاضى: ما وجَب لتَرْكِ واجبٍ، مُلْحَقٌ بدَمِ المُتْعَةِ، وما وجَب للمُباشَرَةِ، مُلْحَقٌ بفِدْيَةِ الأذَى. مِثالُ تَرْكِ الواجِبِ الذى يجِبُ به دَمٌ، تَرْكُ الإحْرامِ مِنَ المِيقاتِ، والوُقُوفِ بعَرَفَةَ إلى غُروبِ الشَّمْسِ، أو المَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ الى بعدِ نِصْفِ الليْلِ، أو طَوافِ الوَداعِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو المَبِيتِ بمِنىً، أو الرَّمْىِ، أو الحِلَاقِ، أو نحوِها، فحُكْمُ هذه الدِّماءِ الواجِبَةِ بتَرْكِ الواجِبِ، حُكْمُ دَمِ المُتْعَةِ، على ما تقدَّم. جزَم به الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ومَن ترَك واجِبًا، ولو سَهْوًا، جَبَره بدَمٍ، فإنْ عَدِمَه؛ فكَصَوْمِ المُتْعَةِ والإطْعامِ عنه. ومِثَالُ فِعْلِ المُباشَرَةِ المُوجِبَةِ للدَّمِ، كُلُّ اسْتِمْتاعٍ يُوجِبُ شاةً، كالوَطْءِ فى العُمْرَةِ، وبعدَ التَّحَللِ الأوَّلِ فى الحَجِّ، إذا قُلْنا به، والمُباشَرَةِ مِن غيرِ إنْزالٍ، ونحوِ ذلك، إذا قُلْنا: تَجِبُ شاةٌ. فحُكْمُها حُكْمُ فِدْيَةِ الأذَى، على ما تقدَّم فى أوَّلِ البابِ. وهذا أيضًا مِن غيرِ خِلافٍ. جزَم به الشَّارِحُ، وابنُ
وَمَتَى أَنْزَلَ بِالْمُبَاشَرَةِ دُوِن الْفَرْجِ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَإِنْ لَم يُنْزِلْ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَعَنْهُ، بَدَنةٌ.
ــ
مُنَجَّى، وغيرُهما.
قوله: ومتى أنْزَلَ بالمُباشَرَةِ دونَ الفَرْجِ، فعليه بَدَنَةٌ. هذا المذهبُ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ» . وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، عليه شاةٌ، إنْ لم يَفْسُدْ نُسُكُه. ذكَرَها القاضى وغيرُه. وأطْلَقهما الحَلْوانِىُّ. وتقدَّم ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى البابِ الذى قبلَه، فى قوْلِه: التاسع، المُباشَرَةُ فيما دونَ الفَرْجِ، وهل يَفْسُدُ نُسُكُه بذلك؟
قوله: فإن لم يُنْزِلْ، فعليه شاةٌ. هذا المذهبُ، وإحْدَى الرِّوايتَيْن. قال الشَّارِحُ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعليه شاةٌ فى الصَّحيحِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «الكَافِى» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ» . وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وعنه، بَدَنةٌ. نَصَرهاَ القاضى وأصحابُه. قاله فى «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» .
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قبَّل، أو لمَسَ لشَهْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. والخِرَقِىُّ حكَم
وَإنْ كَرَّرَ النَّظرً فَأَنْزَلَ، أوِ اسْتَمْنَى، فَعَلَيْهِ دَمٌ، هَلْ هُوَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإنْ مَذَى بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ.
ــ
بأنَّه إذا أنْزَلَ بالمُباشَرَةِ دونَ الفَرْجِ، يَفْسُدُ حَجُّه، وحكَى الرِّوايتَيْن فى ما أنْزَلَ بالقُبْلَةِ. وعكْسُه (1) ابنُ أبي مُوسَى فحكَى الرِّوايتَيْن فى الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ، وجزَم بعَدَمِ الإفْسادِ فى القُبْلَةِ.
قوله: وإن كرَّر النظَرَ فأنْزَلَ، أو اسْتَمْنَى، فعليه دَمٌ، هل هو بَدَنَةٌ أو شاةٌ؟ على رِوايَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكَافِى» ؛ إحْداهما، عليه بَدَنَةٌ. وهو المذهبُ. نصَّ
(1) بياض فى: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، وعليه الجُمْهورُ؛ منهم القاضى، وأصحابُه، والخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» . والثَّانيةُ، عليه شاةٌ. جزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: لَزِمَه دَمٌ. قال الزُّرْكَشِىُّ: هى المَنْصُوصَةُ. قال ناظِمُ المُفْرَداتِ:
ومُحْرِمٌ بالنَّظَرِ المُكَرَّرِ
…
أمْنَى فَدَى بالشَّاةِ أو بالْجَزَرِ
فائدة: لو نظَر نَظْرَةً فأمْنَى، فعليه شاةٌ، بلا نِزاعٍ، وإنْ لم يُمْنِ، فلا شئَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر القاضى رِوايَةً؛ يَفْدِى بمُجَرَّدِ النَّظَرِ، أنْزَلَ أم لا. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه إنْ كرَّر.
قوله: وإنْ مَذَى بذلك، فعليه شاةٌ. يعْنِى، إذا مَذَى بتَكْرارِ النَّظَرِ. وهذا
وَإنْ فَكَّرَ فَانزَلَ، فَلَا فِديَةَ عَلَيْهِ.
ــ
المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ؛ فهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلَاصَة» ، و «الهادِى» ، و «المُجَرَّدِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروع» وغيره. قال الزَّرْكَشِىُّ: اتَفقَ عليه الأصحابُ. وقال فى «الكَافِى» : لا فِنيَةَ بمَذْىٍ بتَكْرارِ نَظَر. قال فى «الفُروعِ» : فيتَوجَّه منه تخْرِيج، لا فِديَةَ بمَذْىٍ بغيرِ النَظَرِ. وجزَم به الآدَمِىُّ البَغْدادِىُّ فى «كِتَابِه»؛ فقال: إنْ مَذَى باسْتِمناء. قلتُ: وجزَم به فى «الوَجيزِ» ؛ فقال: وإنْ مَذَى باسْتمناءٍ، فلا فِدْيَةَ. وتقَدَّم الرِّوايةُ التى ذكَرَها القاضى.
تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يُكَرِّرِ النَّظرَ وأمْنَى، لا شئَ عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأَكْثَرِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرَّوْضَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: عليه شاة بذلك. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقيِّ؛ فإنَّه قال: وإنْ نظَر فصرَف بصَرَه فأَمْذَى، فعليه دَمٌ. وشرَح على ذلك ابنُ الزَّاغُونِىِّ.
قوله: وإن فكَّر فأنْزَلَ، فلا فديَةَ علَيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروع» وغيرِه. وعن أبى حَفْصٍ، وابنِ عَقِيلٍ، أنَّه كالنَّظرِ؛ لقُدرَتِه عليه. ومُرادُهما، إذا اسْتَدْعاه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمَّا إذا غَلبَه، فلا نِزاعَ أنَّه لا شئَ فيه. قالَه الزَّركَشِىُّ وغيرُه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» .
فائدتان؛ إحداهما، الخَطَأْ هنا كالعمدِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،
فَصْلٌ: وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ، مِثْلَ أَنْ حَلَقَ ثُمَّ حَلَقَ، أَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ، قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ كَفَّرَ عَنِ الْأوَّلِ، لَزِمَتْهُ لِلثَّانِى كَفَّارَةٌ.
ــ
كالوَطْءِ. وقيلَ: لا. كما سبَق فى الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، المرأةُ كالرَّجُلِ مع وُجودِ الشَّهْوَةِ منها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويَتوَجَّهُ فى خَطَإٍ ما سبَق.
قوله: ومَن كرَّر مَحْظُورًا مِن جِنْس، مثلَ أنْ حلَق ثم حلَق، أو وَطِئَ ثم وَطِئَ - سواءٌ وَطِئَ المرأةَ الأُولَى أو غيرَها- قبلَ التَّكْفِيرِ عنِ الأوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وكذا لو قلَّم ثم قلَّم، أو لَبِسَ ثم لَبِسَ، ولو بخَيْطٍ على رأْسِه، أو بدَواءٍ مُطَيَّبٍ فيه، أو تطَيَّبَ ثم تطَيَّبَ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، ونصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وسَواءٌ تابَعه أو فرَّقَه. فظاهِرُه، أنَّه لو قلَّم خَمْسَةَ أظْفَارٍ فى خَمْسَةِ أوْقاتٍ، يَلْزَمُه دَمٌ. وهو صحيحٌ، وقالَه القاضى، وعلَّلَه بأنَّه لمَّا ثبَتَتِ الجُمْلَةُ فيه على الجُمْلَةِ فى تَداخُلِ الفِدْيَةِ، كذا الواحِدُ على الواحِدِ فى تكْمِيلِ الدَّمِ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» . وعنه، أنَّ لكُلِّ وَطْءٍ كفَّارَةً، وإنْ لم يُكَفرْ عنِ الأوَّلِ؛ لأنَّه سبَبٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للكفَّارَةِ، فأوْجَبَها، كالأوَّلِ. قال فى «الفُروع»: فيتوَجَّهُ تخْرِيجٌ فى غيرِه. وعنه، إنْ تعَدَّدَ سبَبُ المَحْظُورِ، مِثْلَ أنْ لَبِسَ لشِدَّةِ الحَرِّ، ثم لَبِسَ للبَرْدِ، ثم للمَرضِ، فعليه كفَّاراتٌ، وإلَّا واحِدَةٌ. ونقَل الأَثْرَمُ فى مَن لَبِسَ قَمِيصًا أو جُبَّةً وعِمَامَةً لعِلَّةٍ واحدةٍ، فكفَّارَة واحدَةٌ. قلتُ: فإنِ اعْتَلَّ فلَبِسَ جُبَّةً، ثم بَرِئَ، ثم اعْتَلَّ فَلِبسَ جُبَّة؟ قال: عليه كفَّارَتان. وقال ابنُ أبِى مُوسى فى «الإرْشَادِ» : إنْ لَبِسَ وغطَّى رأْسَه مُتَفرِّقاً، وجَب عليه دَمان، وإنْ كان فى وَقْتٍ واحدٍ، فعلى رِوايتَيْن. انتهى.
قوله: وإنْ كفَّر عنِ الأَوَّلِ، لَزِمَتْه للثَّانى كَفَّارةٌ. هذا المذهبُ، وعليه
وإنْ قَتَل صَيْدًا بَعدَ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِ جَزَاوهُمَا. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ.
ــ
الأصحابُ، ولا أعلَمُ فيه خِلافًا، إلَاّ أنَّ المُصَنِّفَ، والشَّارِحَ، وصاحِبَ «الفُروعِ» ، ذكَرُوا الخِلافَ المُتقدَّمَ بعدَ ذِكْرِ هذه المسْأَلَةِ. وذكَر فى «الرعايَة» الرِّوايَةَ الأولَى فى المسْأَلةِ الأُولَى، وأعادَها فى الثَّانيةِ، وليسَ بشئٍ.
قوله: وإنْ قتل صَيْدًا بعد صَيْدٍ، فعليه جَزاؤهما. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ. وعنه، عليه جَزاءٌ واحدٌ، سَواءٌ كفَّر عن الأوَّلِ أوْ لا، وحكَاها فى «الفُروعِ» بصِيغةِ التَّمْرِيضِ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا تتَعَدَّدُ
وَإِنْ فَعَلَ مَحْظُوراً مِنْ أَجْنَاس، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِدَاءٌ. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ.
ــ
إنْ لم يكَفِّرْ عنِ الأوَّلِ. ونقلَ حَنْبَلٌ أيضًا، إنْ تَعَمَّدَ قتْلَه ثانِيًا، فلا جزاءَ فيه، ويَنْتَقِمُ الله منه.
فائدة: لو قتَل صَيْدَيْن فأكثرَ معًا، تعَدَّدَ الجَزاءُ، قوْلًا واحِدًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم.
قوله: وإنْ فعَل مَخظُورًا مِن أجْناس، فعليه لِكُلِّ واحِدٍ فداءٌ. اعلمْ أنَّه إذا فعَل مَخظُورًا مِن أجْناس، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ تتَّحِدَ كفَّارَتُه أو تخْتَلِفَ، فإنِ اتَّحَدَتْ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ؛ لحِكايَتِه الخِلافَ، مِثْلَ أنْ حلَق، ولَبِسَ، وتطَيَّبَ، ونحوَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ما قالَه المُصَنِّفُ، أنّ عليه لكُلِّ واحدٍ كفَّارَةً. ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروع»: وهو أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه، [وصحَّحَه فى «التَّلْخِيصِ»، و «تَصحِيحِ المُحَرَّر». وقدَّمه فى «المُغنِى»، و «الشّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، عليه فِديَةٌ واحِدَةٌ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»](1). وعنه، إنْ كانت فى وَقْتٍ واحدٍ، ففِديَةٌ واحِدَةٌ، وإنْ كانت فى أوْقاتٍ، فعليه لكُلِّ واحد فِديَة. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيلَ: إنْ تَباعَدَ الوَقْتُ تعَدَّدَ الفِداءُ، وإلَّا فلا.
فائدة: قال الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه: إذا لَبِسَ وغطَّى رأْسَه ولَبِسَ الخُفَّ، ففِدْيَةٌ واحِدَةٌ؛ لأنَّ الجميعَ جِنْسٌ واحدٌ. [وإنِ اخْتَلَفَ](2) الكفَّارَةُ، مِثْلَ أنْ حلَق، أو لَبِس، أو تَطيَّبَ ووَطِئَ، تعدَّدَتِ الكفَّارَةُ، قوْلا واحِداً.
وَإنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ قَتَلَ صَيْدًا عَامِدًا أوْ مُخْطِئًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَعَنْهُ فِى الصَّيْدِ، لَا كَفَّارَةَ إلَّا فِى الْعَمدِ. وَيُخَرَّجُ فِى الْحَلْقِ مِثْلُهُ.
ــ
قوله: وإنْ حلَق، أو قلَّم، أو وَطِئَ، أو قتَل صَيْدًا عامِدًا أو مُخْطِئًا، فعليه الكَفَّارَةُ. إذا حلَق أو قلَّم، فعليه الكفَّارَةُ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونَصَّ عليه. وقيل: لا فِدْيَةَ على مُكْرَهٍ وناس وجاهِلٍ ونائمٍ ونحوِهم. وهو رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِن قَتْلِ الصَّيْدِ. وذكَرَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضُهم رِوايَةً. واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ وغيرُه، وهو قَوْلُ المُصَنِّفِ، ويُخَرَّجُ فى الحَلْقِ مِثْلُه. واخْتارَه فى «الفَائقِ» فى حَلْقِ الرّأْسِ، وتَقْليمِ الأَظْفارِ. وأمَّا إذا وَطِئَ، فإنَّ عليه الكفَّارَةَ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطعُوا به، إلَّا المرْأَةَ إذا كانت مُكْرَهَةً، على ما تقدَّم فيها مِنَ الخِلافِ قرِيباً، مع أنَّها لا تنخُلُ فى كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا إذا قتَل صَيْدًا، فعليه الكفَّارَةُ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جفهورُ الأصحابِ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ، منهم صالِحٌ. قال فى «المُغْنِى» ، و «الشّرحِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: عليه الأصحابُ. وعنه، لا جَزاءَ بقَتْلِ الخَطَإِ. نقَلَه صالِحٌ أيضاً، واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزىُّ وغيرُه.
فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: المُكْرَهُ عندَنا كمُخْطِئٍ، وذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، فى كِتابِ الأيْمانِ، فى مَوْضِعَيْن، أنَّه لا يَلْزَمُه، وإنَّما
وَإنْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ، أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
ــ
يَلْزَمُ المُكْرِة، يعْنِى بكَسْرِ الرَّاءِ، وجزَم به ابنُ الجَوْزِىِّ. قالَه فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّة» . الثَّانيةُ، عمدُ الصَّبِىِّ ومَن زالَ عقْلُه بعدَ إحرامِه، خَطَأٌ. وتقدَّم ذلك.
قوله: وإنْ لَبِسَ، أو تَطَيَّبَ، أو غَطَّى رَأْسَه ناسِيًا، فلَا كَفَّارَةَ عليه. وكذا إنْ كان جاهِلًا أو مُكْرَهًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهم القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن» . ونقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، ظاهِرَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. وعنه، تجِبُ الكفَّارَةُ. نصَرَها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضى فى «تَعْلِيقِه» وأصحابُه. وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوجَّهُ أن الجاهِلَ بالحُكْمِ هنا كالصَّوْمِ، على ما تقدَّم. وقال القاضى لخَصْمِه؛ يجِبُ أنْ يقولَ ذلك.
فائدتان؛ إحداهما، متى زالَ عُذْرُ مَن تطَيَّبَ، غَسَلَه فى الحالِ، فلو أخَّر غُسْلَه بلا عُذْرٍ، فعليه الفِدْيَةُ، ويجوزُ له غَسْلُه بيَدِه وبمائعٍ وغيرِه. ويُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَعِينَ فى غَسْلِه بحَلالٍ، فإنْ كان الماءُ لا يكْفِى الوُضوءَ وغَسْلَه، غسَلَ به الطِّيبَ، وتَيَمَّمَ للحَدَثِ؛ لأنَّ الوُضُوءَ له بدَلٌ. قلتُ: فيُعايىَ بها. ومحلُّ هذا، إذا لم يَقْدِرْ على قطْعِ رائحَتِه بغيرِ الماءِ، فإنْ قدَر على قَطْعِ الرَّائحَةِ بغيرِ الماءِ، فعَل وتوَضَّأ؛ لأنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القَضدَ قَطْعُها. وإنْ لم يَجِدِ الماءَ، مسَحَه بخِرقَةٍ، أو حَكَّه بتُرابٍ أو غيرِه حسَبَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإمكانِ. الثَّانيةُ، لو مَسَّ طِيبًا، يظُنُّه يابِسًا، فَبانَ رَطْبًا، ففى وُجوبِ الفِدْيَةِ بذلك وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروع» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِير» ، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» ؛ أحدُهما، يَلْزَمُه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه قصَد مَسَّ الطيِّبِ. والثَّانى، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه جَهِلَ تحْرِيمَه، فأشْبَهَ مَن جَهِلَ تحْريمَ الطِّيبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ
وَمَنْ رَفَضَ [68 و] إحْرَامَهُ، ثُمَّ فَعَلَ محْظُورًا، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ.
ــ
الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ.
قوله: ومَن رفَض إحْرامَه، ثم فعَل مَحْظُورًا فعليه فِداؤُه. اعلمْ أنَّه لا يَفْسُدُ الإحْرامُ برَفْضِه بالنِّيَّةِ، ولو كان مُحْصَرًا، لم يُبَحْ له التَّحَلُّلُ، بل حُكْمُه باقٍ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، فإذا فعَل مَحْظُورًا بعدَ رَفْضِه، فعليه جَراؤُه. وكذا لو فعَل جميعَ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ بعدَ رَفْضِه، فعليه لكُلِّ مَحْظُورٍ كفَّارَةٌ، إنْ لم يتَداخَلْ، إن لم يرْفُضْ إحْرامَه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُجْزِئُه كفَّارَة واحدَةٌ. ذكَرَها فى «المُسْتَوْعِب» فى آخِرِ بابِ ما يَحْرُمُ على المُحْرِمَ.
فائدة: يَلْزَمُه لرَفْضِه دَمٌ. ذكَرَه فى «التَّرْغِيب» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال المُصَنفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا شئَ عليه
ومَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِى بَدَنِهِ، فَلَهُ اسْتِدَامَةُ ذَلِكَ فِى إِحْرَامِهِ، وَلَيْسَ لَهُ لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ.
ــ
لرَفْضِه؛ لأنَّها نِيَّةٌ لم تُفِدْ شيئاً. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. وتقدَّم -إذا أفْسَدَ الحَجَّ التَّطوُّعَ أو العُمْرَةَ- رِوايَة؛ أنَّه لا يَلْزَمُ القَضاءُ، عندَ قوْلِه: وعليهما المُضِىُّ فى فاسِدِه. فى البابِ الذى قبلَ هذا.
قوله: ومن تطَيَّبَ قَبلَ إحْرامِه فى بَدَنِه، فله اسْتِدامَةُ ذلك. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ لو نقَله مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ مِن بَدَنِه، أو نقَلَه عنه، ثم رَدَّه إليه، أو مَسَّه بيَدِه، فعليه الفِدْيَةُ، بخِلافِ سَيَلانِه بعَرَقٍ وشَمْسٍ.
وَإنْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، خَلَعَهُ وَلَم يَشُقَّهُ،
ــ
قوله: وليس لهُ لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّب. يعْنِى، بعدَ إحْرامِه، وأمَّا عندَ إحْرامِه، فيَجُوزُ، لكِنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، كراهَةُ تَطيبِ ثَوْبِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الآجُرىُّ: يَحْرُمُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وقيلَ: هو كتَطْيِيبِ بَدَنِه. وتقدَّم ذلك فى أوَّل بابِ الإحْرامِ.
فائدة: قوله: وإنْ أحْرَمَ وعليه قَميصٌ، خَلَعَه ولم يَشُقَّه. وكذا لو كان عليه سَراوِيلُ، أو جُبَّةٌ، أو غيرُهما. صرَّح به الأصحابُ.
فَإنِ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ، فعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَإنْ لَبِس ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا، وَانْقَطَعَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ إِذَا رُشَّ فِيهِ مَاءٌ فَاحَ رِيحُهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
ــ
قوله: فإن اسْتَدامَ لُبْسَه، فعليه الفِدْيَةُ. مُرادُه، ولو اسْتَدامَ لحْظةَ فأكثرَ فوقَ المُعْتادِ فى خَلْعِه.
قوله: وإنْ لَبِسَ ثَوْبًا كان مُطَيبًا، فانْقَطَع رِيحُ الطِّيبِ منه، وكان بِحَيْثُ إذا رُشَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيه ماءٌ فاحَ رِيحُه، فعليه الفِدْيَةُ. وهذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو افْتَرشَه. نصَّ عليه. ولو كان تحتَ حائل غيرِ ثِيَابِ بَدَنِه، ولوكان ذلك الحائلُ لا يَمْنَعُ رِيحَه ومُباشَرَتَه. وإنْ منَع، فلا فِدْيَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقَ الآجُرِّىُّ، أنَّه إذا كان بينَهما حائلٌ، كُرِهَ، ولا فِدْيَةَ.
فائدة: القارِنُ كغيرِه فيما تقدَّم مِنَ الأحْكام. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروع» وغيرِه؛ لظاهرِ الكِتابِ والسُّنَّةِ. فاخْتارَ القاضى إنَّه إحْرامَان. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه ظاهرُ قوْلِ أحمدَ؛ فإنَّه شبَّهَهُ بحُرْمَةِ الحَرَمِ، وحرَمِ الإحْرامِ؛ لأنَّ الأحْرامَ هو نِيَّةُ النُّسُكِ، ونِيَّةُ الحَجِّ غيرُ نِيَّةِ العُمْرَةِ. واخْتارَ بعضُهم أنَّه إحْرامٌ واحدٌ، كبَيْعِ عَبْدٍ ودارٍ صَفْقَةً واحِدَةً، فهو عَقْدٌ واحِدٌ والمَبِيعُ اثْنان. وعنه، يَلْزَمُه بفعْلِ مَحْظُورٍ جَزاءَان. ذكَرَها فى «الوَاضِحِ» . وذكَرَه القاضى وغيرُه تخْرِيجًا، إنْ لَزِمَه طوافَان وسَعْيان. [وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (1): قال القاضى: إذا قُلْنا: عليه طَوافَان، لَزِمَه جَزاءَان. انتهى] (2). وخَصَّها ابنُ عَقِيلٍ بالصَّيْدِ، كما لو أفْرَدَ كل واحدٍ بإحْرامٍ. قال فى «الفُروع»: والفَرْقُ ظاهرٌ، وكما لو وَطِئَ وهو مُحْرِمٌ صائمٌ. قال القاضى: لا يمْتَنِعُ التَّداخُلُ، ثم لم يتَداخَلا؛ لاخْتِلافِ كفَّارَتهما، أو لأنَّ الإحْرامَ والصِّيامَ لا يتَداخَلان، والحَجَّ والعُمْرَةَ يتَداخَلانِ عندَنا. [وخرَّج فى «المُغْنِى»، لُزومَ بَدَنَةٍ وشاةٍ، فيما إذا أفْسَدَ نُسُكَه بالوَطْءِ، إذا قُلْنا: يَلْزَمُه طَوافَان](3).
(1) انظر: المغنى 5/ 349.
(2)
زيادة من: ش.
(3)
زيادة من: ش.
فَصْلٌ: وَكُلُّ هَدْىٍ أَوْ إِطْعَام، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، إِنْ قَدَرَ عَلَى إِيصَالِهِ إِلَيْهِم، إِلَّا فِدْيَةَ الأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوَهَا، إِذَا وُجِدَ سَبَبُهَا فِى الْحِلِّ، فيُفَرِّقُهَا حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا. وَدَمُ الإِحْصَارِ يُخْرِجُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ.
ــ
قوله: وكُلُّ هَدْي أو إطْعام، فهُوَ لمَساكِينِ الحَرَمِ، إنْ قدَر على إيصالِه إليهم. يعْنِى، إذا كان مُتَعَلِّقًا بالإحْرامِ، أو الحَرَمِ، فالهَدايَا والضَّحايَا مُخْتَصَّةٌ بمسَاكِينِ الحَرَمِ، كهَدْىِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ وغيرِهما، وكذا ما وجَب لتَرْكِ واجِبٍ، كالإحْرامِ مِنَ المِيقاتِ، وطَوافِ الوَداعِ ونحوِهما، وكذا جَزاءُ المَحْظُوراتِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا فَعَلها فى الحَرَمِ. نصَّ عليه، فيَجِبُ نَحْرُه بالحَرَمِ، ويُجْزِئُه فى أىِّ نَواحِى الحَرَمِ كان. قال الإمامُ أحمدُ: مَكَّةُ ومِنِّى واحِدٌ. وقال مالِكٌ: لا يَنْحَرُ فى الحَجِّ إلَّا بمِنَى، ولا فى العُمْرَةِ إلَّا بمَكَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَوجَّهٌ. وأمَّا الإطْعامُ، فهو تَبَعٌ للنَّحْرِ، ففى أىِّ مَوْضِعٍ فى النَّحْرِ، فالطَّعامُ كذلك.
فوائد؛ إحداها، الأفْضَلُ أنْ يَنْحَرَ فى الحَجِّ بمِنَى، وفى العُمْرَةِ بالمَرْوَةِ. جزَم به فى «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. الثَّانيةُ، اخْتِصاصُ فُقَراءِ الحَرَمِ بِهَدْىِ المُحْصَرِ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال ناظِمُها:
وهَدْيُه فعِنْدَنا يَخْتَصُّ
…
بفُقرَاءِ الحَرَمِ قَدْ نَصُّوا
الثَّالثةُ، لو سلَّمه للفُقَراءِ فنَحَرُوه، أجْزَأ، فإنْ لم يفْعَلُوا، اسْتَرَدَّه ونحَرَه، فإنْ أبَى أو عجَز، ضَمِنَه. وقال فى «الفُروعِ»: ويَتوجَّهُ احْتِمالٌ، لا يَضْمَنُ، ويجِبُ تَفْرِقَةُ لَحْمِه بالحَرَمِ، وإطْلاقُه لمَساكِيِنه. الرَّابعةُ، مَساكِينُ الحَرَمِ؛ مَن كان فيه أهْلُه، ومَن ورَد إليه مِنَ الحَاجِّ، وغيرُهم؛ وهم الذين تُدْفَعُ إليهم الزَّكاةُ.
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: إنْ قدَر على إيصَالِه إليهم. أنَّه إذا لم يَقْدرْ على إيصَالِه إليهم، أنَّه يجوزُ ذَبْحُه وتفْرِقَتُه هو والطَّعامِ فى غيرِ الحَرَمِ. وهو صحيحٌ، وهو الصَّحيحُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الرِّوايتَيْن. قال فى «الفُروع» : والجَوازُ أظْهرُ. وجزَم به الشَّارِحُ وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» .
قوله: إلَّا فِدْيَةَ الأذَى واللُّبْس وِنحْوَها. كالطِّيبِ ونحوِه. وزادَ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، ودَمَ المُباشَرةِ دُونَ الفَرْجِ، إذا لم يُنْزِلْ. وقال فى «الفُروعِ»: وما وجَب بفِعْلِ محْظُورٍ، فحيثُ فَعَله. ولم يَسْتَثْنِ سِوَى جَزاءِ الصَّيْدِ. وكذا قال الزَّرْكَشِىُّ: إذا وُجدَ سبَبُها فى الحِلِّ، فيُفَرِّقُها حيثُ وُجِدَ سبَبُها. وهذا المذهبُ مُطْلَقَا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُفَرِّقُها فى الحَرَمِ. وقالَه الخِرَقىُّ فى غيرِ الحَلْقِ. قاله فى «الفُصُول» ، و «التَّبْصِرَة» ؛ لأنَّه الأَصْلُ، خُولِفَ فيه لما سبَق. واعْتبَرَ فى «المُجَرَّدِ» ، و «الفُصُولِ» ، العُذْرَ فى المَحْظُورِ، وإلَّا فغيرُ المَعْذُورِ كسائرِ الهَدْىِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو البَرَكاتِ: ما فعَلَه لعُذْرٍ، يَنْحَرُ هَدْيَه حيثُ اسْتَباحَه، وما فعلَه لغيرِ عُذْرٍ، اخْتَصَّ بالحَرَمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قيلَ: النَّحْرُ فى الحِلِّ. فذلك على سَبِيلِ الجَوازِ، على مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وغيرِهما. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والخِرَقِىِّ، و «التَّلْخِيص» ، الوُجوبُ. الثَّانى، مفْهومُ كلامِه، أنَّ فِدْيَةَ الأَذَى واللُّبْسِ نحوِهما، إذا وُجِدَ سبَبُها فى الحَرَمِ، يُفَرِّقُها فيه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ.
فوائد؛ الأولَى، جَزاءُ الصَّيْدِ لمَساكِينِ الحَرَمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُفَرِّقُه حيثُ قتَلَه، كحَلْقِ الرَّأْسِ. ذكَرَها القاضى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا يُخالِفُ نصَّ الكتابِ، ومَنْصُوصَ أحمدَ، فلا يُعَوَّلُ عليه. وقيل: يُفَرِّقُه حيثُ قتَلَه لعُذْر. الثَّانيةُ، دَمُ الفَواتِ، كجَزاءِ الصَّيْدِ. الثَّالثةُ، وقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الأَذَى واللُّبْسِ ونحوِهما، وما أُلْحِقَ به، حينَ فعَلَه، إلَّا أنْ يَسْتَبِيحَه لعُذْرٍ، فله الذَّبْحُ قبلَه. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيره: وكذلك ما وجَب لتَرْكِ واجِبٍ. الرابعةُ، لو أمْسَكَ صَيْدًا أو جرَحَه، ثم أخرَجَ جَزاءَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم تَلِفَ المَجْروحُ أو المُمْسَكُ، أو قدَّم مَن أبِيحَ له الحَلْقُ فِدْيَتَه قبلَ الحَلْقِ، ثم حلَق، أجْزأ. نصَّ عليه، وقال فى «الرِّعايَةِ»: إنْ أخْرجَ فِداءَ صَيْدٍ بيَدِه قبلَ تَلَفِه فتَلِفَ، أجْزأَ عنه. وهو بعيدٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.
قوله: ودَمُ الإحْصارِ، يُخْرجُه حَيْثُ احْصِرَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وِعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُجْزِئُه إلا فى الحَرَمِ، فيَبْعَثُه إليه، ويُواطِئٌ رجُلًا على نَحْرِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقْتَ تَحلُّلِه. قال فى «المُبْهِجِ» : وقال بعضُ أصحابِنا: لا ينْحَرُ هدىَ الإحْصارِ، إلَّا بالحَرَمِ. قال المُصَنِّفُ: هذا فى مَن كان حَصْرُه خاصًّا، أمَّا الحَصْرُ العامُّ،
وَأما الصِّيَامُ، فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ. وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ، يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ أوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ. وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، أَجْرأَتْهُ بَقَرَةٌ.
ــ
فلا يقُولُه أحد. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، عندَ قوْله: الثَّانِى، دَمُ المُحْصَرِ.
فوائد؛ إحْداها، قوله: وأما الصِّيامُ، فيجْزِئُه بكُلِّ مَكان. قال فى «الفُروعِ»: ويُجْزِئ صَوْمٌ وِفاقًا، والحَلْقُ وِفاقًا، وهَدْىُ تَطوُّع. ذكَرَه القاضى وغيرُه وفاقا. وما يُسَمى نُسُكًا بكُلِّ مَكانٍ. الثانيةُ، قوله: وكُلُّ دَمٍ ذَكَرناه، يُجْزئُ فيه شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. ويُجْزئُ أيضًا سُبْعُ بقَرةٍ، والأفْضَلُ ذبْحُ بَدَنَةٍ أو بقَرَة، لكِنْ إذا ذَبحَها عنِ الدَّمِ، هل تَلْزَمُه كلُّها، كما لو اخْتارَ الأعْلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن خِصالِ الكفَّارَة؟ اخْتارَه ابنُ عَقِيل، وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ» . ذكَرَه فى المَنْذُورِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . [وصحَّحَه فى «تَصْحِيح المُحَرَّرِ»](1). أم يَلْزَمُ سُبْعُها فقط، والبَاقِى له اكْلُه والتَّصَرُّفُ فيه؛ لجَوازِ ترْكِه مطْلَقًا، كذَبْحِه سَبْعَ شِيَاهٍ؟ قال ابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»: فإنْ ذبَح بَدَنَةً، لم تَلْزمه كلُّها فى الأشْهرِ. انتهى. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرحِه» ، وقال: هذا أقْيَسُ. فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، [و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»](1)، و «الفَائق» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، وقال: قلتُ: ويَنْبَغِى أنْ يَنْبَنِىَ على الخِلافِ أيضًا زِيادَةُ الثَّوابِ؛ فإنَّ ثَوابَ الواجِبِ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعظَمُ مِن ثَوابِ التَّطَوُّعِ. انتهى. ويأْتِى نظِيرُها فى بابِ الهدىِ والأَضاحِى، عندَ قوْلِه: وإذا نذَر هَدْيًا مُطْلَقًا. فأقَلُّ ما يُجْزِئ شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وتقدَّم نظِيرُها فيما إذا كان عندَه خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ، فأخْرَجَ زَكاتَها بعِيرا، فى بابِ زَكاةِ بَهيمَةِ الأنعامِ. الثَّالثةُ، حُكْمُ الهدىِ حُكْمُ الأضْحِيَةِ. نصَّ عليه قِياسا عليها، فلا يُجْزِئُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى الهدىِ مالا يُضَحَّى به، على ما يأْتِى فى بابِ الأُضْحِيَةِ.
قوله: ومَن وَجَبتْ عليه بَدَنَة، أجْزَأئه بقَرَة. وكذا عكْسُها، وتُجْزِئُه أيضًا البقَرَةُ فى جَزاءِ الصَّيْدِ عنِ البَدَنَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جاهيرُ الأصحاب. وقيلَ: لا تُجْزِئُه؛ لأنَّها تُشْبِهُ النعامَةَ. وذكَر القاضى وغيرُه رِوايَةً فى غيرِ النًّذرِ، لا تُجْزِى البَقَرَةُ عنِ البَدَنَةِ مُطْلَقًا، إلَّا لعَدَمِها، وقدَّمه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرِّعايَةِ» . ويأْتِي فى بابِ الهدىِ والأضاحِى، فى فَصْلِ سَوْقل الهدىِ، إذا نذَر بدَنَةً، أجْزأتْه بقَرَةٌ.
فائدة: مَن لَزِمَتْه بَدَنَة، أجْزأَه سَبْعُ شِيَاهٍ مُطْلَقًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يُجْزئُ عندَ عَدَمِها. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. نقَلَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، لا يُجْزِئُه إلَاّ عشْرُ شِيَاهٍ، والبَقَرَةُ كالبَدَنَةِ فى إجْزاءِ سَبْعِ شِيَاهٍ عنها بطَريقٍ أوْلَى. ومَن لَزِمَتْه سَبْعُ شِيَاهٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أجْزأه بَدَنَة أو بَقَرَة. ذكَرَه المُصَنفُ فى «الكَافِى» ؛ لإجْزائِها عن سَبْعَةٍ. وقدَّمه فى «الفُروع» . وذكَر جماعةٌ، تُجْزئ إلا فى جَزاءِ الصَّيْدِ. وجزَم به فى «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال المُصَنِّفُ: لا تُجْزئ البَدَنَةُ عن سَبْعِ شِيَاهٍ فى الصَّيْدِ. والظَّاهِرُ عنه؛ لأنَّ الغنَمَ أطْيَبُ لَحْمًا، فلا يعدِلُ عنِ الأعْلَى إلى الأدْنَى. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ. ويأْتِي فى بابِ الهَدْىِ، إذا نذَر بَدَنَةً، تُجْزِئُه بقَرَةٌ. فى كلامَ المُصَنِّفِ.