الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1052]
زهرَة الدُّنْيَا زينتها وَمَا يزهر مِنْهَا مَأْخُوذ من زهرَة الْأَشْجَار وَهُوَ مَا يصفر من نوارها والنوار هُوَ الْأَبْيَض مِنْهُ هَذَا قَول بن الْأَعرَابِي وَحكى أَبُو حنيفَة أَن الزهر والنوار سَوَاء وَقد فَسرهَا صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهَا بَرَكَات الأَرْض أَي مَا تزهر بِهِ الأَرْض من الْخيرَات وَالْخصب أَيَأتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ سُؤال من استبعد حُصُول شَرّ من شَيْء سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَرَكَات أَو خير هُوَ بِفَتْح الْوَاو وَهِي العاطفة دخلت عَلَيْهَا همزَة الِاسْتِفْهَام للإنكار على من توهم أَنه لَا يحصل مِنْهُ شَرّ أصلا لَا بِالذَّاتِ وَلَا بِالْعرضِ قَالَه الْقُرْطُبِيّ إِن كل مَا ينْبت الرّبيع هُوَ الْجَدْوَل الَّذِي يسقى بِهِ والجدول النَّهر الصَّغِير الَّذِي ينفجر من النَّهر الْكَبِير يقتل حَبطًا بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة وَهِي التُّخمَة والانتفاخ يُقَال حبطت الدَّابَّة تحبط إِذا انتفخ بَطنهَا من كَثْرَة الْأكل أَو يلم يُقَارب الْقَتْل إِلَّا بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام على الِاسْتِثْنَاء على الْمَشْهُور وَرَوَاهُ بَعضهم بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف على الاستفتاح آكله بِهَمْزَة ممدودة الْخضر بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد كلأ الصَّيف قَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ هُنَا ضرب من الجنبة وَهِي من الْكلأ مَاله أصل غامض فِي الأَرْض واحدتها خضرَة وَوَقع فِي رِوَايَة العذري إِلَّا آكِلَة الخضرة بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد على الفراد وَعَن وَعند الطَّبَرِيّ بِضَم الْخَاء وَسُكُون الضاء ثَلَطَتْ بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي أَلْقَت الثلط وَهُوَ الرجيع الرَّقِيق وَأكْثر مَا يُقَال لِلْإِبِلِ وَالْبَقر الفيلة ثمَّ اجْتَرَّتْ أَي مضغت الجرة بِكَسْر الْجِيم وَهِي مَا يُخرجهُ الْبَعِير من بَطْنه ليمضغه ثمَّ يبتلعه فَمن يَأْخُذ مَالا بِحقِّهِ إِلَى آخِره قَالَ الْأَزْهَرِي هَذَا الْخَبَر إِذا تدبر لم يكد يفهم وَفِيه مثلان فَضرب أَحدهمَا للمفرط فِي جمع الدُّنْيَا ومنعها من حَقّهَا وَضرب الآخر للمقتصد فِي أَخذهَا وَالِانْتِفَاع بهَا فَإِن قَوْله وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع مَا يقتل حَبطًا فَهُوَ مثل للمفرط الَّذِي يَأْخُذهَا بِغَيْر حق وَذَلِكَ ان الرّبيع ينْبت أجرار الْبُقُول والعشب فتستكثر مِنْهَا الْمَاشِيَة حَتَّى تنتفخ بطونها لما جَاوَزت حد الِاحْتِمَال فَتَنْشَق أمعاؤها وتهلك كَذَلِك الَّذِي يجمع الدُّنْيَا من غير حلهَا وَيمْنَع ذَا الْحق حَقه يهْلك فِي الْآخِرَة بِدُخُولِهِ النَّار وَأما مثل المقتصد فَقَوله صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَكلَة الْخضر إِلَى آخِره وَذَلِكَ أَن آكِلَة الْخضر لَيست من أجرار الْبُقُول الَّتِي ينبتها الرّبيع لَكِنَّهَا من الجنبة الَّتِي ترعاها الْمَوَاشِي بعد هيج الْبُقُول فَضرب النَّبِي صلى الله عليه وسلم آكِلَة الْخضر من الْمَوَاشِي مثلا لمن يقتصد فِي أَخذه الدُّنْيَا وَجَمعهَا وَلَا يحملهُ الْحِرْص على أَخذهَا بِغَيْر حَقّهَا فَهُوَ ينجو من وبالها كَمَا نجت آكِلَة الخضرة أَلا ترَاهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَإِنَّهَا إِذا أَصَابَت من الْخضر اسْتقْبلت عين الشَّمْس ثَلَطَتْ وبالت أَرَادَ أَنَّهَا إِذا شبعت مِنْهَا بَركت مُسْتَقْبلَة الشَّمْس لتستمرىء بذلك مَا أكلت وتجتر وتثلط وَإِذا ثلطته فقد زَالَ عَنْهَا الحبط وَإِنَّمَا تحبط الْمَاشِيَة لِأَنَّهَا لَا تثلط وَلَا تبول هَذَا كَلَام الْأَزْهَرِي وَقَالَ النَّوَوِيّ معنى الحَدِيث أَنه صلى الله عليه وسلم حذرهم من زهرَة الدُّنْيَا وَخَافَ عَلَيْهِم مِنْهَا فَقَالَ ذَلِك الرجل إِنَّمَا يَجْعَل ذَلِك لنا مِنْهَا من جِهَة مُبَاحَة كغنيمة وَغَيرهَا وَذَلِكَ خير وَهل يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ أَي يبعد أَن يكون الشَّيْء خيرا ثمَّ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الشَّرّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أما الْخَيْر الْحَقِيقِيّ فَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير أَي لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ إِلَّا خير ثمَّ قَالَ أَو هُوَ خير وَمَعْنَاهُ أَن هَذَا الَّذِي يحصل لكم من زهرَة الدُّنْيَا لَيْسَ بِخَير وَإِنَّمَا هُوَ فتْنَة وَتَقْدِيره الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير وَلَكِن لَيْسَ هَذِه الزهرة بِخَير لما تُؤدِّي إِلَيْهِ من الْفِتْنَة والمنافسة والاشتغال بهَا عَن كَمَال الإقبال إِلَى الْآخِرَة ثمَّ ضرب لذَلِك مثلا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِن كل مَا ينْبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم إِلَّا آكِلَة الْخضر إِلَى آخِره وَمَعْنَاهُ أَن كل نَبَات الرّبيع وخضره يقتل حَبطًا بالتخمة وَكَثْرَة الْأكل أَو يقرب الْقَتْل إِلَّا إِذا اقْتصر مِنْهُ على الْيَسِير الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة وَتحصل بِهِ الْكِفَايَة المقتصدة فَإِنَّهُ لَا يضر وَكَذَا الْمِثَال كنبات الرّبيع مستحسن تطلبه النُّفُوس وتميل إِلَيْهِ فَمِنْهُ من يستكثر مِنْهُ ويستغرق فِيهِ غير صَارف لَهُ فِي وجوهه فَهَذَا يهلكه أَو يُقَارب إهلاكه وَمِنْهُم من يقتصد فِيهِ وَلَا يَأْخُذ إِلَّا يَسِيرا وَإِن أَخذ كثيرا فرقه فِي وجوهه كَمَا تثلط الدَّابَّة فَهَذَا لَا يضرّهُ انْتهى الرحضاء بِضَم الرَّاء وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وضاد مُعْجمَة وَمد الْعرق وَأكْثر مَا يُسمى بِهِ عرق الْحمى أَيْن هَذَا السَّائِل وَفِي رِوَايَة أَنى وَهُوَ بِمَعْنى أَيْن وَفِي رِوَايَة إِن أَي إِن هَذَا هُوَ السَّائِل الممدوح الحاذق الفطن قَالَه النَّوَوِيّ قلت وعَلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون السَّائِل بِالرَّفْع على أَنه خبر إِن ليَصِح هَذَا الْمَعْنى وَلِأَن خبر إِن لَا يجوز حذفه وَفِي رِوَايَة أَي أَي أَيّكُم فَحذف الْكَاف وَالْمِيم قَالَه النَّوَوِيّ وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع قَالَ النَّوَوِيّ رِوَايَة كل تحمل على هَذِه وَيكون عَلَيْهِ شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل الْبَقَاء على ظَاهره وَهُوَ أَن يجاء بِمَالِه يَوْم الْقِيَامَة ينْطق بِمَا فعل فِيهِ كَمَا جَاءَ فِي مَال مَانع الزَّكَاة أَو يشْهد عَلَيْهِ الموكلون بكتب الْكتب والإنفاق وإحصاء ذَلِك