المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب أَنْعَمت فزد   ‌ ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف   الْحَمد لله الَّذِي - شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب أَنْعَمت فزد   ‌ ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف   الْحَمد لله الَّذِي

‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب أَنْعَمت فزد

‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

الْحَمد لله الَّذِي أيقظ من شَاءَ من سنة الْغَفْلَة وَرفع من أحب لقاءه إِلَى عليين وَوضع عَنهُ أوزاره وَثقله وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عَلَيْهَا من رِدَاء الْإِخْلَاص حلَّة وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث بأشرف مِلَّة الْمَخْصُوص بأكرم خلة صلى الله عليه وسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه السَّادة الأجلة

هَذَا مَا اشْتَدَّ تشوف النُّفُوس إِلَيْهِ من كتاب شاف فِي علم البرزخ أذكر فِيهِ الْمَوْت وفضله وكيفيته وَصفَة ملك الْمَوْت وأعوانه وَمَا يرد على الْمَيِّت عِنْد الإحتضار وَحَال الرّوح بعد مُفَارقَة الْبدن وصعودها إِلَى الله تَعَالَى وإجتماعها بالأرواح ومقرها بعد ذَلِك وَحَال الْقَبْر وضمته وفتنته وعذابه وسعته وضيقه وَمَا ينفع فِيهِ مستوعبا شرح كل ذَلِك من حِين يبْدَأ فِي مرض الْمَوْت إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور نَاقِلا لَهُ من الْأَحَادِيث المرفوعة والْآثَار الْمَوْقُوفَة والمقطوعة متتبعا لذَلِك من كتب الحَدِيث مُعْتَمدًا كَلَام أَئِمَّة الحَدِيث فِي ذَلِك محررا مَا وَقع من ذَلِك فِي تذكرة الْقُرْطُبِيّ بالتنقيح والتخريج مَعَ زَوَائِد جمة لم تقع فِي كِتَابه وسميته شرح الصُّدُور بشرح حَال الْمَوْتَى والقبور وَأَرْجُو إِن كَانَ فِي الْأَجَل فسحة أَن أضم إِلَيْهِ كتابا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي أَشْرَاط السَّاعَة وَآخر فِي أَحْوَال الْبَعْث وَالْقِيَامَة وَصفَة الْجنَّة وَالنَّار على وَجه الإستيعاب أَيْضا حقق الله ذَلِك بمنه وَكَرمه آمين

أخرج أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ مَا بَين الْمَوْت إِلَى الْبَعْث

ص: 11

1 -

بَاب بَدْء الْمَوْت

1 -

قَالَ إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد مَعًا حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن حبيب بن الشَّهِيد عَن الْحسن قَالَ لما خلق الله تَعَالَى آدم وَذريته قَالَت الْمَلَائِكَة إِن الأَرْض لَا تسعهم فَقَالَ إِنِّي جَاعل موتا قَالُوا إِذا لَا يهنأ لَهُم الْعَيْش قَالَ إِنِّي جَاعل أملا

2 -

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ لما أهبط آدم عليه الصلاة والسلام إِلَى الأَرْض قَالَ لَهُ ربه ابْن للخراب ولد للفناء

2 -

بَاب النَّهْي عَن تمني الْمَوْت وَالدُّعَاء بِهِ لضر ينزل بِهِ فِي المَال والجسد

1 -

أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ فَإِن كَانَ لَا بُد متمنيا فَلْيقل اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي

2 -

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ إِنَّه إِذا مَاتَ أحدكُم إنقطع عمله وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن من عمره إِلَّا خيرا

3 -

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب

ص: 12

قَالَ فِي الصِّحَاح أعتبني فلَان إِذا عَاد إِلَى مسرتي رَاجعا عَن الْإِسَاءَة واستعتب وأعتب بِمَعْنى

4 -

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تمنوا الْمَوْت فَإِن هول المطلع شَدِيد وَإِن من السَّعَادَة أَن يطول عمر الْمَرْء حَتَّى يرزقه الله الْإِنَابَة

قَالَ فِي النِّهَايَة المطلع بِالتَّشْدِيدِ مَكَان الإطلاع من مَوضِع عَال وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا مَا يشرف عَلَيْهِ من أَمر الْآخِرَة عقيب الْمَوْت تَشْبِيها بالمطلع الَّذِي يشرف عَلَيْهِ من مَوضِع عَال

5 -

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ لَوْلَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَن نتمنى الْمَوْت لتمنيناه

6 -

وَأخرج البُخَارِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ دَخَلنَا على خباب نعوده وَقد إكتوى سبع كيات فَقَالَ لَوْلَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ لَدَعَوْت بِهِ

7 -

وَأخرج الْمروزِي عَن الْقَاسِم مولى مُعَاوِيَة أَن سعد بن أبي وَقاص تمنى الْمَوْت وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسمع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تتمن الْمَوْت فَإِن كنت من أهل الْجنَّة فالبقاء خير لَك وَإِن كنت من أهل النَّار فَمَا يعجلك إِلَيْهَا

8 -

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَاذَا قدم لنَفسِهِ

9 -

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أم الْفضل أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهِم وَعَمه الْعَبَّاس يشتكي فتمنى الْمَوْت فَقَالَ لَهُ يَا عَم لَا تتمن الْمَوْت فَإنَّك إِن كنت محسنا فَإِن تُؤخر وتزداد إحسانا إِلَى إحسانك خير لَك وَإِن كنت مسيئا فَإِن توخر وتستعتب من إساتك خير لَك فَلَا تتمنين الْمَوْت

10 -

وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت من قبل أَن يَأْتِيهِ وَلَا يدع بِهِ إِلَّا أَن يكون قد وثق بِعَمَلِهِ

ص: 13

3 -

بَاب فضل طول الْحَيَاة فِي طَاعَة الله تَعَالَى

1 -

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم عَن أبي بكرَة أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير قَالَ من طَال عمره وَحسن عمله قَالَ فَأَي النَّاس شَرّ قَالَ من طَال عمره وساء عمله

2 -

وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خياركم أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أعمالا

3 -

وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خياركم أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أعمالا

4 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلا أنبئكم بخياركم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ أطولكم أعمارا فِي الْإِسْلَام إِذا سددوا

5 -

وَأخرج أَيْضا عَن عَوْف بن مَالك قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول كلما طَال عمر الْمُسلم كَانَ لَهُ خير

6 -

وَأخرج أَحْمد وإبن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رجلَانِ من بني حييّ من قضاعة أسلما مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أَحدهمَا وَأخر الآخر سنة قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله فَرَأَيْت الْجنَّة وَرَأَيْت الْمُؤخر مِنْهُمَا أَدخل قبل الشَّهِيد فعجبت من لذَلِك فَأَصْبَحت فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلَيْسَ قد صَامَ بعده رَمَضَان وَصلى سِتَّة آلَاف رَكْعَة وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَة صَلَاة سنة

7 -

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن طَلْحَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ أحد أفضل عِنْد الله من مُؤمن يعمر فِي الْإِسْلَام لتسبيحه وتكبيره وتهليله

8 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ إِن بَقَاء الْمُسلم كل يَوْم غنيمَة لأَدَاء الْفَرَائِض والصلوات وَمَا يرزقه الله من ذكره

9 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عَبدة قَالَ بَلغنِي أَن الْمُؤمن

ص: 14

إِذا مَاتَ تمنى الرّجْعَة إِلَى الدُّنْيَا لَيْسَ ذَاك إِلَّا ليكبر تَكْبِيرَة أَو يهلل تَهْلِيلَة أَو يسبح تَسْبِيحَة

4 -

بَاب جَوَاز تمني الْمَوْت وَالدُّعَاء بِهِ لخوف الْفِتْنَة فِي الدّين

1 -

أخرج مَالك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول يَا لَيْتَني كنت مَكَانَهُ

2 -

وَأخرج مَالك وَالْبَزَّار عَن ثَوْبَان أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِذا أردْت بِالنَّاسِ فتْنَة فاقبضني إِلَيْك غير مفتون

3 -

وَأخرج مَالك عَن عمر رضي الله عنه أَنه قَالَ اللَّهُمَّ قد ضعفت قوتي وَكَبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إِلَيْك غير مضيع وَلَا مقصر فَمَا جَاوز ذَلِك الشَّهْر حَتَّى قبض

4 -

وَأخرج إِبْنِ عبد الْبر فِي التَّمْهِيد والمروزي فِي الْجَنَائِز وَأحمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عليم الْكِنْدِيّ قَالَ كنت مَعَ أبي عبس الْغِفَارِيّ على سطح فَرَأى قوما يتحملون من الطَّاعُون فَقَالَ يَا طاعون خذني إِلَيْك ثَلَاثًا يَقُولهَا فَقَالَ لَهُ عليم لم تَقول هَذَا ألم يقل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك إنقطاع عمله وَلَا يرد فيستعتب قَالَ فَقَالَ أَبُو عبس أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول بَادرُوا بِالْمَوْتِ سِتا إمرة السُّفَهَاء وَكَثْرَة الشَّرْط وَبيع الحكم وإستخفافا بِالدَّمِ وَقَطِيعَة الرَّحِم ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ الرجل لِيُغنيَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِن كَانَ أقل مِنْهُم فقها قَالَ فِي الصِّحَاح تحمل بِمَعْنى إرتحل

ص: 15

5 -

وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحسن قَالَ قَالَ الحكم بن عَمْرو يَا طاعون خذني إِلَيْك فَقيل لَهُ لم تَقول هَذَا وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت قَالَ قد سَمِعت مَا سَمِعْتُمْ وَلَكِنِّي أبادر سِتا بيع الحكم وَكَثْرَة الشَّرْط وإمارة الصّبيان وَسَفك الدِّمَاء وَقَطِيعَة الرَّحِم ونشوا يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان قراء يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير

6 -

وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات عَن حبيب بن أبي فضَالة أَن أَبَا هُرَيْرَة ذكر الْمَوْت فَكَأَنَّهُ تمناه فَقَالَ بعض أَصْحَابه وَكَيف تتمنى الْمَوْت بعد قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لأحد أَن يتَمَنَّى الْمَوْت لَا بر وَلَا فَاجر إِمَّا بر فَيَزْدَاد برا وَإِمَّا فَاجر فيستعتب فَقَالَ وَكَيف لَا أَتَمَنَّى الْمَوْت وَإِنَّمَا أَخَاف أَن تدركني سِتَّة التهاون بالذنب وَبيع الحكم وتقاطع الْأَرْحَام وَكَثْرَة الشَّرْط ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير

7 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن عبسة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت إِلَّا أَن يَثِق بِعَمَلِهِ فَإِن رَأَيْتُمْ فِي الْإِسْلَام سِتّ خِصَال فتمنوا الْمَوْت وَإِن كَانَت نَفسك فِي يدك فأرسلها إِضَاعَة الدَّم وإمارة الصّبيان وَكَثْرَة الشَّرْط وإمارة السُّفَهَاء وَبيع الحكم ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير

8 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يخرج الدَّجَّال حَتَّى لَا يكون شَيْء أحب إِلَى مُؤمن من خُرُوج نَفسه

9 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان قَالَ يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون الْمَوْت فِيهِ أحب إِلَى قراء ذَلِك الزَّمَان من الذَّهَب الْأَحْمَر

10 -

وَأخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوشك أَن يكون الْمَوْت أحب إِلَى الْمُؤمن من المَاء الْبَارِد يصب عَلَيْهِ الْعَسَل فيشربه

11 -

وَأخرج عَن أبي ذَر قَالَ ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان تمر الْجِنَازَة فيهم فَيَقُول الرجل لَيْت أَنِّي مَكَانهَا

12 -

وَأخرج إِبْنِ سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ مرض أَبُو هُرَيْرَة فَأتيت أعوده فَقلت اللَّهُمَّ إشف أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا ترجعها وَقَالَ يُوشك يَا أَبَا سَلمَة أَن يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون الْمَوْت أحب إِلَى أحدهم من الذَّهَب الْأَحْمَر ويوشك يَا أَبَا سَلمَة إِن بقيت إِلَى قريب أَن يَأْتِي الرجل الْقَبْر

ص: 16

فَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانك

13 -

وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ تمنى عبد الله لنَفسِهِ ولأهله الْمَوْت فَقيل لَهُ إِنَّك تمنيت لأهْلك فَلم تتمناه لنَفسك فَقَالَ لَو أَنِّي أعلم أَنكُمْ تسلمون على حالتكم هَذِه لتمنيت أَن أعيش فِيكُم عشْرين سنة

14 -

وَأخرج عَن أبي عُثْمَان قَالَ بَيْنَمَا إِبْنِ مَسْعُود ذَات يَوْم فِي صفة لَهُ وَتَحْته فُلَانَة وفلانة إمرأتان لَهُ ذواتا منصب وجمال وَله مِنْهُمَا ولد كأحسن الْوَلَد وَإِذ شقشق على رَأسه عُصْفُور ثمَّ قذف دَاء بَطْنه فنكته بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ لِأَن يَمُوت آل عبد الله ثمَّ يتبعهُم أحب إِلَيّ من أَن يَمُوت هَذَا العصفور الشقشقة بمعجمتين وقافين صَوت العصفور وهديره

15 -

وَأخرج الْمروزِي عَن قيس قَالَ كَانَ صبيان لعبد الله يَشْتَدُّونَ بَين يَدَيْهِ فَقَالَ ترَوْنَ هَؤُلَاءِ لَهُم أَهْون عَليّ موتا من عدتهمْ من الْجعلَان الْجعلَان بِكَسْر الْجِيم جمع جعل بضَمهَا وَهِي دويبة

16 -

وَأخرج عَن الْحسن قَالَ كَانَ فِي مصركم هَذَا رجل عَابِد فَخرج من الْمَسْجِد فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب أَتَاهُ ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ مرْحَبًا لقد كنت إِلَيْك بالأشواق فَقبض روحه

17 -

وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات والمروزي عَن خَالِد بن معدان قَالَ مَا من دَابَّة فِي بر وَلَا بَحر يسرني أَن تفديني من الْمَوْت وَلَو كَانَ الْمَوْت علما يستبق النَّاس إِلَيْهِ مَا سبقني إِلَيْهِ أحد إِلَّا رجل يغلبني بِفضل قوته

18 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَنهُ قَالَ وَالله لَو كَانَ الْمَوْت فِي مَكَان مَوْضُوعا لَكُنْت أول من يسْبق إِلَيْهِ

19 -

وَأخرج عَن عبد ربه بن صَالح أَنه دخل على مَكْحُول فِي مرض مَوته فَقَالَ لَهُ عافاك الله فَقَالَ كلا اللحوق بِمن يُرْجَى عَفوه خير من الْبَقَاء مَعَ من لَا يُؤمن شَره شياطين الْإِنْس وإبليس وَجُنُوده

20 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبي مسْهر قَالَ سَمِعت رجلا

ص: 17

يَقُول لسَعِيد بن عبد الْعَزِيز التنوخي أَطَالَ الله بَقَاءَك فَغَضب فَقَالَ بل عجل الله بِي إِلَى رَحمته

21 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُبَيْدَة بن المُهَاجر قَالَ لَو قيل من مس هَذَا الْعود مَاتَ لقمت حَتَّى أمسه

22 -

وَأخرج عَن أبي عبد الله الصنَابحِي قَالَ الدُّنْيَا تَدْعُو إِلَى فتْنَة والشيطان يَدْعُو إِلَى خَطِيئَة ولقاء الله خير من الْإِقَامَة مَعَهُمَا

23 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن مَيْمُون أَنه كَانَ لَا يتَمَنَّى الْمَوْت قَالَ إِنِّي أُصَلِّي كل يَوْم كَذَا وَكَذَا صَلَاة حَتَّى أرسل إِلَيْهِ يزِيد بن مُسلم فتعنته وَلَقي مِنْهُ فَكَانَ يَقُول اللَّهُمَّ ألحقني بالأخيار وَلَا تخلفني مَعَ الأشرار

24 -

وَأخرج عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء إِذا مَاتَ الرجل على الْحَال الصَّالِحَة قَالَ هَنِيئًا لَك يَا لَيْتَني كنت مَكَانك فَقَالَت أم الدَّرْدَاء لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ هَل تعلمين يَا حمقاء أَن الرجل يصبح مُؤمنا ويمسي منافقا يسلب إيمَانه وَهُوَ لَا يشْعر فَأَنا لهَذَا الْمَيِّت أغبط مني لهَذَا بِالْبَقَاءِ فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام

25 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ مَا من نفس تسرني أَن تفديني من الْمَوْت وَلَا نفس ذُبَاب

26 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا والخطيب وإبن عَسَاكِر عَن أبي بكرَة الصَّحَابِيّ رضي الله عنه قَالَ وَالله مَا من نفس تخرج أحب إِلَيّ من نَفسِي هَذِه وَلَا نفس هَذَا الذُّبَاب الطَّائِر فَفَزعَ الْقَوْم فَقَالُوا لم قَالَ إِنِّي أَخَاف أَن أدْرك زَمَانا لَا أَسْتَطِيع أَن آمُر فِيهِ بِمَعْرُوف وَلَا أنهى عَن مُنكر وَمَا خير يَوْمئِذٍ

27 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة أَنه مر بِهِ رجل فَقَالَ لَهُ أَيْن تُرِيدُ قَالَ السُّوق قَالَ إِن اسْتَطَعْت أَن تشتري لي الْمَوْت قبل أَن ترجع فافعل

28 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وإبن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَكَانَ شَيخا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَ

ص: 18

يحب أَن يقبض فَكَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ كَبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إِلَيْك قَالَ فَبَيْنَمَا أَنا يَوْمًا فِي مَسْجِد دمشق وَأَنا أُصَلِّي وأدعو أَن أَقبض فَإِذا أَنا بفتى شَاب من أجمل الرِّجَال وَعَلِيهِ دواج أَخْضَر فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ قلت وَكَيف أَدْعُو يَا ابْن أخي قَالَ قل اللَّهُمَّ حسن الْعَمَل وَبلغ الْأَجَل قلت من أَنْت يَرْحَمك الله قَالَ أَنا رتائيل الَّذِي يستل الْحزن من صُدُور الْمُؤمنِينَ ثمَّ إلتفت فَلم أر أحدا الدواج الَّذِي يلبس ضَبطه الصغاني فِي الشوارد نقلا عَن أبي حَاتِم السجسْتانِي بِضَم الدَّال وَالْوَاو مُشَدّدَة ومخففة

5 -

بَاب فضل الْمَوْت

قَالَ الْعلمَاء الْمَوْت لَيْسَ بِعَدَمِ مَحْض وَلَا فنَاء صرف وَإِنَّمَا هُوَ إنقطاع تعلق الرّوح بِالْبدنِ ومفارقة وحيلولة بَينهمَا وتبدل حَال وإنتقال من دَار إِلَى دَار

1 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره وَأَبُو نعيم عَن بِلَال بن سعد أَنه قَالَ فِي وعظه يَا أهل الخلود وَيَا أهل الْبَقَاء إِنَّكُم لم تخلقوا للفناء وَإِنَّمَا خلقْتُمْ للخلود والأبد وَإِنَّكُمْ تنقلون من دَار إِلَى دَار

2 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ إِنَّمَا خلقْتُمْ لِلْأَبَد والبقاء وَلَكِنَّكُمْ تنقلون من دَار إِلَى دَار

3 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تحفة الْمُؤمن الْمَوْت

وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث جَابر مثله

4 -

وَأخرج أَيْضا عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَوْت رَيْحَانَة الْمُؤمن

5 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَضَعفه والديلمي أَيْضا عَن عَائِشَة

ص: 19

قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَوْت غنيمَة وَالْمَعْصِيَة مُصِيبَة والفقر رَاحَة والغنى عُقُوبَة وَالْعقل هَدِيَّة من الله وَالْجهل ضَلَالَة وَالظُّلم ندامة وَالطَّاعَة قُرَّة الْعين والبكاء من خشيَة الله النجَاة من النَّار والضحك هَلَاك الْبدن والتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ

6 -

وَأخرج أَحْمد وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي سنَنه بِسَنَد صَحِيح عَن مَحْمُود بن لبيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إثنتان يكرههما إِبْنِ آدم يكره الْمَوْت وَالْمَوْت خير لَهُ من الْفِتْنَة وَيكرهُ قلَّة المَال وَقلة المَال أقل لِلْحسابِ

7 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن زرْعَة بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يحب الْإِنْسَان الْحَيَاة وَالْمَوْت خير لنَفسِهِ وَيُحب الْإِنْسَان كَثْرَة المَال وَقلة المَال أقل لحسابه مُرْسل

8 -

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة قَالَ مر على النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِجنَازَة فَقَالَ مستريح ومستراح مِنْهُ قَالُوا يَا رَسُول الله مَا المستريح والمستراح مِنْهُ فَقَالَ العَبْد الْمُؤمن يستريح من تَعب الدُّنْيَا وأذاها إِلَى رَحْمَة الله عز وجل وَالْعَبْد الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْبِلَاد والعباد وَالشَّجر وَالدَّوَاب

9 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن يزِيد بن أبي زِيَاد قَالَ مروا بِجنَازَة على أبي جُحَيْفَة فَقَالَ إستراح وأستريح مِنْهُ

10 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وسنته فَإِذا فَارق الدُّنْيَا فَارق السجْن وَالسّنة السّنة بِفَتْح أَوله الْقَحْط والجدب

11 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن الدُّنْيَا جنَّة الْكَافِر وسجن الْمُؤمن وَإِنَّمَا مثل الْمُؤمن حِين تخرج نَفسه كَمثل رجل كَانَ فِي سجن فَأخْرج مِنْهُ فَجعل يتقلب فِي الأَرْض ويتفسح فِيهَا

12 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ الدُّنْيَا

ص: 20

سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر فَإِذا مَاتَ الْمُؤمن يخلى سربه يسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَ

السرب هُنَا بِفَتْح أَوله الطَّرِيق كَمَا فِي الصِّحَاح

13 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي ذَر يَا أَبَا ذَر إِن الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن والقبر أَمنه وَالْجنَّة مصيره يَا أَبَا ذَر إِن الدُّنْيَا جنَّة الْكَافِر والقبر عَذَابه وَالنَّار مصيره

16 -

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا على وَجه الأَرْض من نفس تَمُوت وَلها عِنْد الله خير تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَلها نعيم الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيد فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع فَيقْتل مرّة أُخْرَى لما يرى من ثَوَاب الله لَهُ

17 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف والمروزي فِي الْجَنَائِز وَالطَّبَرَانِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ ذهب صفو الدُّنْيَا فَلم يبْق إِلَّا الكدر فالموت تحفة لكل مُسلم

18 -

وَأخرج الْمروزِي وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ حبذا المكروهان الْفقر وَالْمَوْت

19 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن طَاوُوس قَالَ لَا يحرز دين الْمَرْء إِلَّا حفرته

20 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن الْمُبَارك فِي الزّهْد والمروزي عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ مَا من غَائِب ينتظره الْمُؤمن خير لَهُ من الْمَوْت

21 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن مغول قَالَ بَلغنِي أَن أول سرُور يدْخل على الْمُؤمن الْمَوْت لما يرى من كَرَامَة الله وثوابه

22 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ لَيْسَ لِلْمُؤمنِ رَاحَة دون لِقَاء الله

23 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وإبن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ مَا من مُؤمن إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ وَمَا من هُوَ كَافِر إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ فَمن لم يصدقني فَإِن

ص: 21

الله يَقُول {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ}

24 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ مَا من نفس برة وَلَا فاجرة إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهَا من الْحَيَاة فَإِن كَانَ برا فقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} وَإِن كَانَ فَاجِرًا فقد قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا}

26 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد عَن حَيَّان بن جبلة أَن أَبَا ذَر وَأَبا الدَّرْدَاء قَالَ تلدون للْمَوْت وتعمرون للخراب وتحرصون على مَا يفنى وتذرون مَا يبْقى أَلا حبذا المكروهات الثَّلَاث الْمَوْت وَالْمَرَض والفقر

27 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ أَلا حبذا المكروهان الْمَوْت والفقر

28 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن جَعْفَر الْأَحْمَر قَالَ من لم يكن لَهُ فِي الْمَوْت خير فَلَا خير لَهُ فِي الْحَيَاة

29 -

وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ أحب الْفقر تواضعا لرَبي وَأحب الْمَوْت إشتياقا لرَبي وَأحب الْمَرَض تكفيرا لخطيئتي

30 -

وَأخرج إِبْنِ سعد وإبن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه قيل لَهُ مَا تحب لمن تحب قَالَ الْمَوْت قَالُوا فَإِن لم يمت قَالَ يقل مَاله وَولده

31 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ أَتَمَنَّى لحبيبي أَن يقل مَاله ويعجل مَوته

32 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ مَا

ص: 22

أهْدى إِلَيّ أَخ هَدِيَّة أحب إِلَيّ من السَّلَام وَلَا بَلغنِي عَنهُ خير أعجب إِلَيّ من مَوته

33 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز التَّيْمِيّ قَالَ قيل لعبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ مَا تشْتَهي لنَفسك وَلمن تحب من أهلك قَالَ الْمَوْت

34 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ حبب الْمَوْت إِلَى من يعلم أَنِّي رَسُولك

35 -

وَأخرج أَحْمد أَن ملك الْمَوْت جَاءَ إِلَى إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه ليقْبض روحه فَقَالَ إِبْرَاهِيم يَا ملك الْمَوْت هَل رَأَيْت خَلِيلًا يقبض روح خَلِيله فعرج ملك الْمَوْت إِلَى ربه فَقَالَ قل لَهُ هَل رَأَيْت خَلِيلًا بكره لِقَاء خَلِيله فَرجع قَالَ فاقبض روحي السَّاعَة

36 -

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ إِن حفظت وصيتي فَلَا يكونن شَيْء أحب إِلَيْك من الْمَوْت

37 -

وَأخرج إِبْنِ سعد عَن الْحسن قَالَ لما حضر حُذَيْفَة الْمَوْت قَالَ حبيب جَاءَ على فاقة لَا أَفْلح من نَدم الْحَمد لله الَّذِي سبق بِي الْفِتْنَة

وَقَالَ سهل بن عبد الله التسترِي لَا يتَمَنَّى الْمَوْت إِلَّا ثَلَاثَة رجل جَاهِل بِمَا بعد الْمَوْت أَو رجل يفر من أقدار الله أَو مشتاق محب للقاء الله

وَقَالَ حَيَّان بن الْأسود الْمَوْت جسر يُوصل الحبيب إِلَى الحبيب وَقَالَ أَبُو عُثْمَان عَلامَة الشوق حب الْمَوْت مَعَ الرَّاحَة وَقَالَ بَعضهم إِن المشتاقين يحسون حلاوة الْمَوْت عِنْد وُرُوده لما قد كشف لَهُم من روح الْوُصُول أحلى من الشهد

38 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن ذِي النُّون الْمصْرِيّ قَالَ الشوق أَعلَى الدَّرَجَات وَأَعْلَى المقامات إِذا بلغَهَا العَبْد إستبطأ الْمَوْت شوقا إِلَى ربه وحبا للقائه وَالنَّظَر إِلَيْهِ

ص: 23

39 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عتبَة الْخَولَانِيّ الصَّحَابِيّ رضي الله عنه أَنه قيل لَهُ إِن عبد الله بن عبد الْملك خرج هَارِبا من الطَّاعُون فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون مَا كنت أرى أَنِّي أبقى حَتَّى أسمع بِمثل هَذَا أَفلا أخْبركُم عَن خلال كَانَ عَلَيْهَا إخْوَانكُمْ أَولهَا لِقَاء الله تَعَالَى كَانَ أحب إِلَيْهِم من الشهد

وَالثَّانيَِة لم يَكُونُوا يخَافُونَ عدوا قلوا أَو كَثُرُوا

وَالثَّالِثَة لم يَكُونُوا يخَافُونَ عوزا من الدُّنْيَا كَانُوا واثقين بِاللَّه أَن يرزقهم

وَالرَّابِعَة إِن نزل بهم الطَّاعُون لم يبرحوا حَتَّى يقْضِي الله فيهم مَا قضى

40 -

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْنِ عبد ربه أَنه قَالَ لمكحول أَتُحِبُّ الْجنَّة قَالَ وَمن لَا يحب الْجنَّة قَالَ فأحبب الْمَوْت فَإنَّك لن ترى الْجنَّة حَتَّى تَمُوت

41 -

وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر أَن عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا كَانَ يَقُول لَو خيرت بَين أَن أعمر مائَة سنة فِي طَاعَة الله وَأَن أَقبض فِي يومي هَذَا أَو فِي سَاعَتِي هَذِه لاخترت أَن أَقبض فِي يومي هَذَا أَو فِي سَاعَتِي هَذِه شوقا إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله وَإِلَى الصَّالِحين من عباده

42 -

وَأخرج أَبُو نعيم وإبن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله النباجي يَقُول لَو خيرت بَين أَن تكون لي الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقت أتنعم فِيهَا حَلَالا لَا أسأَل عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة وَبَين أَن تخرج نَفسِي السَّاعَة لاخترت أَن تخرج نَفسِي السَّاعَة أما تحب أَن تلقى من تطيع

43 -

وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَوْت كَفَّارَة لكل مُسلم صَححهُ إِبْنِ الْعَرَبِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَذَلِكَ لما يلقاه الْمَيِّت فِيهِ من الآلام والأوجاع وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا كفر الله بهَا من سيئاته فَمَا ظَنك بِالْمَوْتِ الَّذِي سكرة من سكراته أَشد ثَلَاثمِائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ

ص: 24

44 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن مَسْرُوق قَالَ مَا غبطت شَيْئا بِشَيْء كمؤمن فِي لحده قد أَمن من عَذَاب الله وإستراح من أَذَى الدُّنْيَا

45 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة بِلَفْظ مَا من شَيْء خير لِلْمُؤمنِ من لحد قد إستراح من هموم الدُّنْيَا وَأمن من عَذَاب الله

46 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن الْهَيْثَم بن مَالك كُنَّا نتحدث عِنْد أَيفع بن عبد وَعِنْده أَبُو عَطِيَّة الْمَذْبُوح فتذاكروا النَّعيم فَقَالَ من أنعم النَّاس قَالُوا فلَان وَفُلَان فَقَالَ أَيفع مَا تَقول يَا أَبَا عَطِيَّة قَالَ أَنا أخْبركُم بِمن هُوَ أنعم مِنْهُ جَسَد فِي لحد قد أَمن من الْعَذَاب

47 -

وَأخرج عَن محَارب بن دثار قَالَ قَالَ لي خَيْثَمَة أَيَسُرُّك الْمَوْت قلت لَا قَالَ مَا أعلم أحدا لَا يسره الْمَوْت إِلَّا مَنْقُوص

48 -

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد بِلَفْظ فَقَالَ إِن هَذَا بك لنَقص كَبِير

49 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن أبي عبد الرَّحْمَن أَن رجلا قَالَ فِي مجْلِس أبي الْأَعْوَر السّلمِيّ وَالله مَا خلق الله شَيْئا أحب إِلَيّ من الْمَوْت فَقَالَ أَبُو الْأَعْوَر لِأَن أكون مثلك أحب إِلَيّ من حمر النعم

50 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ فِي الْمَوْت رَاحَة لِلْمُؤمنِ من شَدَائِد الدُّنْيَا وَإِن كَانَ الْمَوْت ذَا غصص وكرب

51 -

وَأخرج عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ حدثت عَن بعض الْحُكَمَاء أَنه قَالَ للْمَوْت أَهْون على الْعَاقِل من زلَّة عَالم غافل

52 -

وَأخرج عَن سُفْيَان قَالَ كَانَ يُقَال الْمَوْت رَاحَة العابدين

ص: 25

6 -

بَاب ذكر الْمَوْت والإستعداد لَهُ

1 -

أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات يَعْنِي الْمَوْت وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث عمر بن الْخطاب مثله

2 -

وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات فَإِنَّهُ مَا ذكره أحد فِي ضيق من الْعَيْش إِلَّا وَسعه عَلَيْهِ وَلَا فِي سَعَة إِلَّا ضيقه عَلَيْهِ

3 -

وَأخرج ابْن ماجة عَن عمر قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي الْمُؤمنِينَ أَكيس قَالَ أَكْثَرهم للْمَوْت ذكرا وَأَحْسَنهمْ لما بعده إستعدادا أُولَئِكَ الأكياس

4 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْكيس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت وَالْعَاجِز من أتبع نَفسه هَواهَا وَتمنى على الله

5 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَكْثرُوا ذكر الْمَوْت فَإِنَّهُ يمحص الذُّنُوب ويزهد فِي الدُّنْيَا فَإِن ذكرتموه عِنْد الْغنى هَدمه وَإِن ذكرتموه عِنْد الْفقر أرضاكم بعيشكم

6 -

وَأخرج أَيْضا عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَجْلِس قد إستعلاه الضحك فَقَالَ شوبوا مجلسكم بمكدر اللَّذَّات قَالُوا وَمَا مكدر اللَّذَّات قَالَ الْمَوْت

7 -

وَأخرج أَيْضا عَن سُفْيَان قَالَ حَدثنَا شيخ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا فَقَالَ أَكثر ذكر الْمَوْت فَإِن ذكره يسليك عَمَّا سواهُ

8 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن زيد السليمي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا آنس من أَصْحَابه غَفلَة نَادَى فيهم بِصَوْت رفيع أتتكم الْمنية راتبة لَازِمَة إِمَّا بشقاوة وَإِمَّا بسعادة

ص: 26

9 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَضِين بن عَطاء قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أحس من النَّاس بغفلة من الْمَوْت جَاءَ فَأخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب ثمَّ هتف ثَلَاثًا يَا أَيهَا النَّاس يَا أهل الْإِسْلَام أتتكم الْمنية راتبة لَازِمَة جَاءَ الْمَوْت بِمَا جَاءَ بِهِ جَاءَ بِالروحِ والراحة وَالْكَثْرَة الْمُبَارَكَة لأولياء الرَّحْمَن من أهل دَار الخلود الَّذين كَانَ سَعْيهمْ ورغبتهم فِيهَا أَلا إِن لكل ساع غَايَة وَغَايَة كل ساع الْمَوْت سَابق ومسبوق

10 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كفى بِالْمَوْتِ واعظا

11 -

وَرُوِيَ أَنه قيل يَا رَسُول الله هَل يحْشر مَعَ الشُّهَدَاء أحد قَالَ نعم من يذكر الْمَوْت فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عشْرين مرّة

وَقَالَ السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} قَالَ أَكْثَرَكُم للْمَوْت ذكرا وَأحسن لَهُ إستعدادا وَأَشد خوفًا وحذرا

وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان

12 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن سابط قَالَ ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل فأثني عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ ذكره للْمَوْت فَلم يذكر ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ مَا هُوَ كَمَا تذكرُونَ وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار مَوْصُولا عَن أنس نَحوه وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد نَحوه وَقَالَ بَعضهم من أَكثر ذكر الْمَوْت أكْرم بِثَلَاثَة أَشْيَاء تَعْجِيل التَّوْبَة وقناعة الْقلب ونشاط الْعِبَادَة وَمن نسي الْمَوْت عُوقِبَ بِثَلَاثَة أَشْيَاء تسويف التَّوْبَة وَترك الرِّضَا بالكفاف والتكاسل فِي الْعِبَادَة

وَقَالَ التَّيْمِيّ شَيْئَانِ قطعا عني لَذَّة الدُّنْيَا ذكر الْمَوْت وَذكر الْوُقُوف بَين يَدي الله تَعَالَى أخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا

ص: 27

وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} هُوَ الْكَفَن فَهُوَ وعظ مُتَّصِل بِمَا تقدم من قَوْله {وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة} أَي أطلب فِيمَا أَعْطَاك الله من الدُّنْيَا الْجنَّة بصرفها فِيمَا يُوصل إِلَيْهَا وَلَا تنس أَنَّك تتْرك جَمِيع مَالك إِلَّا نصيبك الَّذِي هُوَ الْكَفَن كَمَا قيل شعر

(نصيبك مِمَّا تجمع الدَّهْر كُله

رداءان تلوى فيهمَا وحنوط)

13 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا لي لَا أحب الْمَوْت قَالَ لَك مَال قَالَ نعم قَالَ قدمه فَإِن قلب الْمُؤمن مَعَ مَاله إِن قدمه أحب أَن يلْحق بِهِ وَإِن أَخّرهُ أحب أَن يتَأَخَّر مَعَه

14 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ موعظة بليغة وغفلة سريعة كفى بِالْمَوْتِ واعظا وَكفى بالدهر مفرقا الْيَوْم فِي الدّور وَغدا فِي الْقُبُور

15 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن رَجَاء بن حَيْوَة قَالَ مَا أَكثر عبد ذكر الْمَوْت إِلَّا ترك الْفَرح والحسد

16 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ من أَكثر ذكر الْمَوْت قل حسده وَقل فرحه

17 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الرّبيع بن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كفى بِالْمَوْتِ مزهدا فِي الدُّنْيَا ومرغبا فِي الْآخِرَة

18 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن طَارق الْمحَاربي قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إستعد للْمَوْت قبل الْمَوْت

19 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عون بن عبد الله قَالَ مَا أحد ينزل الْمَوْت حق مَنْزِلَته إِلَّا عبد عد غَدا لَيْسَ من أَجله كم من مُسْتَقْبل يَوْمًا لَا يستكمله وراج غَدا لَا يبلغهُ إِنَّك لَو ترى الْأَجَل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره

20 -

وَأخرج أَيْضا عَن أبي حَازِم قَالَ أنظر الَّذِي تحب أَن يكون مَعَك فِي الْآخِرَة فقدمه الْيَوْم وَانْظُر الَّذِي تكره أَن يكون مَعَك ثمَّ فَاتْرُكْهُ الْيَوْم

ص: 28

21 -

وَأخرج عَنهُ قَالَ كل عمل كرهت الْمَوْت من أَجله فَاتْرُكْهُ ثمَّ لَا يَضرك مَتى مت

22 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ من قرب الْمَوْت من قلبه إستكثر مَا فِي يَدَيْهِ

وَأخرج عَن رَجَاء بن نوح قَالَ كتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى بعض أهل بَيته أما بعد فَإنَّك إِن إستشعرت ذكر الْمَوْت فِي ليلك ونهارك بغض إِلَيْك كل فان وحبب إِلَيْك كل بَاقٍ

23 -

وَأخرج عَن مجمع التَّيْمِيّ قَالَ ذكر الْمَوْت غنى

24 -

وَأخرج عَن سميط قَالَ من جعل الْمَوْت نصب عَيْنَيْهِ لم يبال بِضيق الدُّنْيَا وَلَا بسعتها

25 -

وَأخرج عَن كَعْب قَالَ من عرف الْمَوْت هَانَتْ عَلَيْهِ مصائب الدُّنْيَا وغمومها

26 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ مَا ألزم عبد قلبه ذكر الْمَوْت إِلَّا صغرت الدُّنْيَا عِنْده وَهَان عَلَيْهِ جَمِيع مَا فِيهَا وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ يُقَال طُوبَى لمن ذكر سَاعَة الْمَوْت

27 -

وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ قَالَ حَكِيم كفى بِذكر الْمَوْت للقلوب حَيَاة للْعَمَل

28 -

وَأخرج عَن صَفِيَّة أَن إمرأة شكت إِلَى عَائِشَة رضي الله عنها الْقَسْوَة فَقَالَت أكثري ذكر الْمَوْت يرق قَلْبك

29 -

وَأخرج عَن أبي حَازِم قَالَ يَا إِبْنِ آدم بعد الْمَوْت يَأْتِيك الْخَبَر

30 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ الْقَبْر صندوق الْعَمَل وَبعد الْمَوْت يَأْتِيك الْخَبَر

31 -

وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الزّهْد فِي

ص: 29

الدُّنْيَا ذكر الْمَوْت وَأفضل الْعِبَادَة التفكر فَمن أثقله ذكر الْمَوْت وجد قَبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة

وَقَالَ عَليّ كرم الله وَجهه النَّاس نيام فَإِذا مَاتُوا إنتبهوا

ونظم هَذَا الْمَعْنى الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فَقَالَ

(وَإِنَّمَا النَّاس نيام من يمت

مِنْهُم أَزَال الْمَوْت عَنهُ وسنه)

32 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أحد يَمُوت إِلَّا نَدم قَالُوا وَمَا ندامته يَا رَسُول الله قَالَ إِن كَانَ محسنا نَدم أَن لَا يكون إزداد وَإِن كَانَ مسيئا نَدم أَن لَا يكون نزع

قَالَ فِي الصِّحَاح نزع عَن الْأُمُور أَي إنتهى عَنْهَا

7 -

بَاب مَا يعين على ذكر الْمَوْت

1 -

أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكر الْمَوْت

2 -

وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن إِبْنِ مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها فَإِنَّهَا تزهد فِي الدُّنْيَا وتذكر الْآخِرَة

3 -

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها فَإِن فِيهَا عِبْرَة

4 -

وَأخرج أَيْضا عَن أنس مَرْفُوعا كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها فَإِنَّهَا ترق الْقلب وتدمع الْعين وتذكر الْآخِرَة وَلَا تَقولُوا هجرا

5 -

وَأخرج أَيْضا عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عليه وسلم كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها ولتزدكم زيارتها خيرا

ص: 30

6 -

وَأخرج أَيْضا عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زر الْقُبُور تذكر بهَا الْآخِرَة واغسل الْمَوْتَى فَإِن معالجة جَسَد خاو موعظة بليغة وصل على الْجَنَائِز لَعَلَّ ذَلِك أَن يحزنك فَإِن الحزين فِي ظلّ الله يتَعَرَّض لكل خير

8 -

بَاب تَحْسِين الظَّن بِاللَّه وَالْخَوْف مِنْهُ

1 -

أخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول قبل وَفَاته بِثَلَاث لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه

2 -

وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب حسن الظَّن وَزَاد فَإِن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بِاللَّه فَقَالَ تبارك وتعالى لَهُم {وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}

3 -

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل على شَاب وَهُوَ فِي الْمَوْت قَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أَرْجُو الله وأخاف ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد فِي مثل هَذَا الموطن إِلَّا أعطَاهُ الله مَا يرجوه وأمنه مِمَّا يخَاف

4 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ قَالَ ربكُم لَا أجمع على عَبدِي خوفين وَلَا أجمع لَهُ أمنين فَمن خافني فِي الدُّنْيَا أمنته فِي الْآخِرَة وَمن أمنني فِي الدُّنْيَا أخفته فِي الْآخِرَة وَأخرجه أَبُو نعيم مَوْصُولا من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس

5 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ الرجل بِالْمَوْتِ فبشروه ليلقى ربه وَهُوَ حسن الظَّن بِاللَّه وَإِذا كَانَ حَيا فخوفوه بربه

6 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عليه وسلم لَا يموتن أحدكُم حَتَّى يحسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فَإِن حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى ثمن الْجنَّة

ص: 31

7 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ كَانُوا يستحبون أَن يلقنوا العَبْد محَاسِن عمله عِنْد الْمَوْت حَتَّى يحسن ظَنّه بربه

8 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ وَالله الَّذِي لَا إِلَه غَيره لَا يحسن أحد الظَّن بِاللَّه إِلَّا أعطَاهُ الله ظَنّه

9 -

وَأخرج أَحْمد عَن وَاثِلَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول قَالَ الله تَعَالَى أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ

10 -

وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ إِن ظن خيرا فَلهُ وَإِن ظن شرا فَلهُ

11 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن شِئْتُم أنبأتكم مَا أول مَا يَقُول الله تَعَالَى للْمُؤْمِنين يَوْم الْقِيَامَة وَمَا أول مَا يَقُولُونَ لَهُ قُلْنَا نعم يَا رَسُول الله قَالَ فَإِن الله يَقُول للْمُؤْمِنين هَل أَحْبَبْتُم لقائي فَيَقُولُونَ نعم يَا رَبنَا فَيَقُول لم فَيَقُولُونَ رجونا عفوك ومغفرتك فَيَقُول قد وَجَبت لكم مغفرتي

12 -

وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن عقبَة بن مُسلم قَالَ مَا من خصْلَة فِي العَبْد أحب إِلَى الله من أَن يحب لقاءه

13 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وإبن عَسَاكِر عَن أبي غَالب صَاحب أبي أُمَامَة قَالَ كنت بِالشَّام فَنزلت على رجل من قيس من خِيَار النَّاس وَله ابْن أَخ مُخَالف لَهُ يَأْمُرهُ وينهاه ويضربه فَلَا يطيعه فَمَرض الْفَتى فَبعث إِلَى عَمه فَأبى أَن يَأْتِيهِ فَأَتَيْته أَنا بِهِ حَتَّى أدخلته عَلَيْهِ فَأقبل عَلَيْهِ يشتمه وَيَقُول أَي عَدو الله ألم تفعل كَذَا قَالَ أَرَأَيْت أَي عَم لَو أَن الله دفعني إِلَى والدتي مَا كَانَت صانعة بِي قَالَ كَانَت وَالله تدخلك الْجنَّة قَالَ فوَاللَّه لله أرْحم بِي من والدتي فَقبض الْفَتى وَدَفنه عَمه فَلَمَّا سوي اللَّبن سَقَطت مِنْهُ لبنة فَوَثَبَ عَمه فَتَأَخر قلت مَا شَأْنك قَالَ ملىء قَبره نورا وفسح لَهُ مد الْبَصَر

14 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن حميد قَالَ كَانَ لي ابْن أُخْت مرهق فَمَرض فَأرْسلت إِلَيّ أمه فأتيتها فَإِذا هِيَ عِنْد رَأسه

ص: 32

تبْكي فَقَالَ يَا خَال مَا يبكيها قلت مَا تعلم مِنْك قَالَ أَلَيْسَ إِنَّمَا ترحمني قلت بلَى قَالَ فَإِن الله أرْحم بِي مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أنزلته الْقَبْر مَعَ غَيْرِي فَذَهَبت أسوي لبنة فاطلعت فِي اللَّحْد فَإِذا هُوَ مد بَصرِي فَقلت لصاحبي وَأَنت مَا رَأَيْت مَا رَأَيْت قَالَ نعم فليهنك ذَاك قَالَ فَظَنَنْت أَنه بِالْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا

9 -

بَاب نَذِير الْمَوْت

1 -

قَالَ الْقُرْطُبِيّ ورد فِي الْخَبَر أَن بعض الْأَنْبِيَاء قَالَ لملك الْمَوْت أما لَك رَسُول تقدمه بَين يَديك ليَكُون النَّاس على حذر مِنْك قَالَ نعم لي وَالله رسل كَثِيرَة من الإعلال والأمراض والشيب والهرم وتغيير السّمع وَالْبَصَر فَإِذا لم يتَذَكَّر من نزل بِهِ ذَلِك وَلم يتب ناديته إِذا قَبضته ألم أقدم إِلَيْك رَسُولا بعد رَسُول وَنَذِيرا بعد نَذِير فَأَنا الرَّسُول الَّذِي لَيْسَ بعدِي رَسُول وَأَنا النذير الَّذِي لَيْسَ بعدِي نَذِير

2 -

أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ مَا من مرض يمرضه العَبْد إِلَّا رَسُول ملك الْمَوْت عِنْده حَتَّى إِذا كَانَ آخر مرض يمرضه العَبْد أَتَاهُ ملك الْمَوْت عليه السلام فَقَالَ أَتَاك رَسُول بعد رَسُول ونذير بعد نَذِير فَلم تعبأ بِهِ وَقد أَتَاك رَسُول يقطع أثرك من الدُّنْيَا

3 -

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أعذر الله إِلَى إمرىء أخر أَجله حَتَّى بلغه سِتِّينَ سنة

أعذر فِي الْأَمر أَي بَالغ فِيهِ فَلم يتْرك لصَاحبه عذرا

10 -

بَاب عَلامَة خَاتِمَة الْخَيْر

1 -

أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا إستعمله فَقيل كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ يَا رَسُول الله قَالَ يوفقه لعمل صَالح قبل الْمَوْت

ص: 33

2 -

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن الْحمق قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أحب الله عبدا عسله قَالُوا وَمَا عسله قَالَ يوفق لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي أَجله حَتَّى يرضى عَنهُ جِيرَانه

3 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رضي الله عنها مَرْفُوعا إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا بعث إِلَيْهِ قبل مَوته بعام ملكا يسدده ويوفقه حَتَّى يَمُوت على خير أحايينه فَيَقُول النَّاس مَاتَ فلَان على خير أحايينه فَإِذا حضر وَرَأى مَا أعد لَهُ جعل يتهوع نَفسه من الْحِرْص على أَن تخرج فهناك أحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد شرا قيض لَهُ قبل مَوته بعام شَيْطَانا يضله ويغويه حَتَّى يَمُوت على شَرّ أحايينه فَيَقُول النَّاس قد مَاتَ فلَان على شَرّ أحايينه فَإِذا حضر وَرَأى مَا أعد لَهُ جعل يتبلع نَفسه كَرَاهِيَة أَن تخرج فهناك كره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه

قَالَ صَاحب الإفصاح فِي معنى هَذَا الحَدِيث إعلم أَن خُرُوج الرّوح عِنْد دُعَاء ملك الْمَوْت لَهُ من جنس دُعَاء حاوي الْحَيَّة من جحرها وَخُرُوج الجسمين عِنْد الدُّعَاء على حد سَوَاء فَأَما الْمُؤمن فيتهوع نَفسه أَي يَسْتَدْعِي إخْرَاجهَا إِذْ التهوع إِنَّمَا هُوَ إستدعاء الْقَيْء للبروز وَأما الْكَافِر فيتبلع روحه والتبلع رد الْجِسْم الَّذِي فِي الْفَم أَو يُرِيد الرُّجُوع إِلَى الْجوف إنتهى فَائِدَة

قَالَ بعض الْعلمَاء الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة لسوء الخاتمة وَالْعِيَاذ بِاللَّه أَرْبَعَة التهاون بِالصَّلَاةِ وَشرب الْخمر وعقوق الْوَالِدين وأذى الْمُسلمين

11 -

بَاب من دنا أَجله وكيفيه الْمَوْت وشدته

قَالَ الله تَعَالَى {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت}

ص: 34

) الْآيَة وَقَالَ {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} الْآيَات وَقَالَ {كلا إِذا بلغت التراقي وَقيل من راق} الْآيَات

1 -

أخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَت بَين يَدَيْهِ ركوة أَو علبة فِيهَا مَاء فَجعل يدْخل يَده فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات

2 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت مَا أغبط أحدا بهون موت بعد الَّذِي رَأَيْت من شدَّة موت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

الْهون بِفَتْح الْهَاء الرِّفْق

3 -

وَأخرج البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَ لَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحد أبدا بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم

4 -

وَأخرج عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ يعالج من كرب الْمَوْت لَو لم يعْمل إِبْنِ آدم إِلَّا لهَذَا لَكَانَ نوله أَن يعْمل

5 -

وَأخرج عَن لُقْمَان الْحَنَفِيّ ويوسف بن يَعْقُوب الْحَنَفِيّ قَالَا بلغنَا أَن يَعْقُوب عليه السلام لما أَتَاهُ البشير قَالَ لَهُ مَا أَدْرِي مَا أَتَيْتُك الْيَوْم إِلَّا أَنه يهون الله عَلَيْك سكرة الْمَوْت

6 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن نفس الْمُؤمن تخرج رشحا وَإِن نفس الْكَافِر تسل كَمَا تسل نفس الْحمار وَإِن الْمُؤمن ليعْمَل الْخَطِيئَة فيشدد بهَا عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا عَنهُ وَإِن الْكَافِر ليعْمَل الْحَسَنَة فيسهل عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليجزى بهَا

7 -

وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن وهيب بن الْورْد يَقُول الله تَعَالَى إِنِّي لَا أخرج أحدا من الدُّنْيَا وَأَنا أُرِيد أَن أرحمه حَتَّى أوفيه بِكُل خَطِيئَة كَانَ

ص: 35

عَملهَا سقما فِي جسده ومصيبة فِي أَهله وضيقا فِي معاشه وإقتارا فِي رزقه حَتَّى أبلغ مِنْهُ مَثَاقِيل الذَّر فَإِن بَقِي عَلَيْهِ شَيْء شددت عَلَيْهِ الْمَوْت حَتَّى يُفْضِي إِلَيّ كَيَوْم وَلدته أمه وَعِزَّتِي لَا أخرج عبدا من الدُّنْيَا وَأَنا أُرِيد أَن أعذبه حَتَّى أوفيه بِكُل حَسَنَة عَملهَا صِحَة فِي جسده وسعة فِي رزقه ورغدا فِي عيشه وَأمنا فِي سربه حَتَّى أبلغ مِنْهُ مَثَاقِيل الذَّر فَإِن بَقِي لَهُ شَيْء هونت عَلَيْهِ الْمَوْت حَتَّى يُفْضِي إِلَيّ وَلَيْسَ لَهُ حَسَنَة يَتَّقِي بهَا النَّار

قَالَ فِي الصِّحَاح فلَان آمن فِي سربه بِالْكَسْرِ أَي فِي نَفسه

8 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن زيد بن أسلم قَالَ إِذا بَقِي على الْمُؤمن من ذنُوبه شَيْء لم يبلغهُ بِعَمَلِهِ شدد عَلَيْهِ من الْمَوْت ليبلغ بسكرات الْمَوْت وشدائده دَرَجَته من الْجنَّة وَإِن الْكَافِر إِذا كَانَ قد عمل مَعْرُوفا فِي الدُّنْيَا هون عَلَيْهِ الْمَوْت ليستكمل ثَوَاب معروفه فِي الدُّنْيَا ثمَّ يصير إِلَى النَّار

9 -

وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الْمُؤمن ليؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي الكظ عِنْد الْمَوْت

10 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن بُرَيْدَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمُؤمن يَمُوت بعرق الجبين

11 -

وَأخرج التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إرقبوا الْمَيِّت عِنْد مَوته ثَلَاثًا فَأَما إِن رشحت جَبينه وذرفت عَيناهُ وانتشر منخراه فَهِيَ رَحْمَة من الله تَعَالَى قد نزلت بِهِ وَإِن غط غطيط الْبكر المخنوق وخمد لَونه وأزبد شدقاه فَهُوَ عَذَاب من الله تَعَالَى قد حل بِهِ

ص: 36

الإنتشار الإنتفاخ وذرفت بِمُعْجَمَة وَرَاء مَفْتُوحَة سَالَتْ والغط ترديد الصَّوْت حَيْثُ لَا يجد مساغا وَالْبكْر من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْفَتى من النَّاس

12 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن يبْقى عَلَيْهِ خَطَايَا من خطاياه يجازى بهَا عِنْد الْمَوْت فيعرق لذَلِك جَبينه

13 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَلْقَمَة بن قيس أَنه حضر ابْن عَم لَهُ وَقد حَضرته الْوَفَاة فَمسح جَبينه فَإِذا هُوَ يرشح فَقَالَ الله أكبر حَدثنِي إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ موت الْمُؤمن برشح الجبين وَمَا من مُؤمن إِلَّا لَهُ ذنُوب يكافأ بهَا فِي الدُّنْيَا وَيبقى عَلَيْهِ بَقِيَّة يشدد بهَا عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت قَالَ عبد الله وَلَا أحب موتا كموت الْحمار

14 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة أَنه حضر ابْن أَخ لَهُ لما حضر فَجعل يعرق جَبينه فَضَحِك فَقيل لَهُ مَا يضحكك قَالَ سَمِعت إِبْنِ مَسْعُود يَقُول إِن نفس الْمُؤمن تخرج رشحا وَإِن نفس الْكَافِر أَو الْفَاجِر تخرج من شدقه كَمَا تخرج نفس الْحمار وَإِن الْمُؤمن ليَكُون قد عمل السَّيئَة فيشدد عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا وَإِن الْكَافِر أَو الْفَاجِر ليَكُون قد عمل الْحَسَنَة فيهون عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا

15 -

وَأخرج الْمروزِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ قَالَ عَلْقَمَة للأسود إحضرني فلقني لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن عرق جبيني فبشرني

16 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن سُفْيَان قَالَ كَانُوا يستحبون الْعرق للْمَيت قَالَ بعض الْعلمَاء إِنَّمَا يعرق جَبينه حَيَاء من ربه لما اقْتَرَف من مُخَالفَته لِأَن مَا سفل مِنْهُ قد مَاتَ وَإِنَّمَا بقيت قوى الْحَيَاة وحركاتها فِيمَا علا وَالْحيَاء فِي الْعَينَيْنِ وَالْكَافِر فِي عمى عَن هَذَا كُله والموحد المعذب فِي شغل عَن هَذَا بِالْعَذَابِ الَّذِي قد حل بِهِ

17 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ كَانَ فيهم أَعَاجِيب ثمَّ أنشأ يحدثنا قَالَ خرجت طَائِفَة مِنْهُم فَأتوا مَقْبرَة من مقابرهم فَقَالُوا لَو صلينَا رَكْعَتَيْنِ ودعونا الله تَعَالَى ليخرج بعض الْأَمْوَات يخبرنا عَن

ص: 37

الْمَوْت فَفَعَلُوا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طلع رجل أسود اللَّوْن بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ مَا أردتم إِلَيّ لقد مت مُنْذُ مائَة سنة فَمَا سكنت عني حرارة الْمَوْت حَتَّى الْآن فَادعوا الله أَن يُعِيدنِي كَمَا كنت

18 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عُمَيْر بن حبيب أَن رجلَيْنِ من بني إِسْرَائِيل عبدا حَتَّى سئما الْعِبَادَة فَقَالُوا لَو خرجنَا إِلَى الْقُبُور فجاورناها لَعَلَّنَا أَن نراجع فجاورا الْقُبُور فعبدا الله فنشر لَهما ميت فَقَالَ لَهما لقد مت مُنْذُ ثَمَانِينَ سنة وَإِنِّي لأجد ألم الْمَوْت بعد

19 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ لَا يذهب عَن الْمَيِّت الم الْمَوْت مَا دَامَ فِي قَبره وَإنَّهُ لأشد مَا يمر على الْمُؤمن وأهون مَا يُصِيب الْكَافِر

20 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ بلغنَا أَن الْمُؤمن يجد ألم الْمَوْت حَتَّى يبْعَث من قَبره

21 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ألم الْمَوْت وغصته فَقَالَ هُوَ كَقدْر ثَلَاثمِائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ

22 -

وَأخرج عَن الضَّحَّاك بن حَمْزَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمَوْت فَقَالَ أدنى جبذات الْمَوْت بِمَنْزِلَة مائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ

23 -

وَأخرج الْخَطِيب فِي التَّارِيخ عَن أنس مَرْفُوعا لمعالجة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ

24 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لِأَلف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ أَهْون من موت على فرَاش

25 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كِتَابه العظمة عَن الْحسن قَالَ قيل لمُوسَى عليه السلام كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ كسفود دَاخل جوفي لَهُ شعب كَثِيرَة تعلق كل شُعْبَة مِنْهُ بعرق من عروقي ثمَّ انتزع من جوفي نزعا شَدِيدا فَقيل لَهُ لقد هونا عَلَيْك

ص: 38

26 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي إِسْحَاق قَالَ قيل لمُوسَى كَيفَ وجدت طعم الْمَوْت قَالَ كسفود أَدخل فِي جزة صوف فامتلخ قَالَ يَا مُوسَى لقد هونا عَلَيْك

27 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن ابْن أبي مليكَة أَن إِبْرَاهِيم عليه السلام لما لَقِي الله قيل لَهُ كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ وجدت نَفسِي كَأَنَّمَا تنْزع بالسلى قيل لَهُ قد يسرنَا عَلَيْك الْمَوْت

28 -

وَرُوِيَ أَن مُوسَى لما صَارَت روحه إِلَى الله تَعَالَى قَالَ لَهُ ربه يَا مُوسَى كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ وجدت نَفسِي كالعصفور الْحَيّ حِين يقلى على المقلاة لَا يَمُوت فيستريح وَلَا ينجو فيطير وروى عَنهُ قَالَ وجدت نَفسِي كشاة تسلخ بيد القصاب

29 -

وَأخرج عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن الْمَلَائِكَة تكتنف العَبْد وتحبسه لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ يعدو فِي الصَّحَارِي والبراري من شدَّة سَكَرَات الْمَوْت قَالَ فِي الصِّحَاح إكتنفوا أحاطوا بِهِ

30 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن الفضيل بن عِيَاض أَنه قيل لَهُ مَا بَال الْمَيِّت تنْزع نَفسه وَهُوَ سَاكِت وإبن آدم يضطرب من القرصة قَالَ إِن الْمَلَائِكَة توثقه

31 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمَوْت وشدته فَقَالَ إِن أَهْون الْمَوْت بِمَنْزِلَة حسكة كَانَت فِي صوف فَهَل تخرج الحسكة من الصُّوف إِلَّا وَمَعَهَا صوف

32 -

وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن ميسرَة رَفعه قَالَ لَو أَن قَطْرَة من ألم الْمَوْت وضعت على أهل السَّمَاء وَالْأَرْض لماتوا جَمِيعًا وَإِن فِي الْقِيَامَة سَاعَة تضعف على شدَّة الْمَوْت سبعين ضعفا

ص: 39

33 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يسَاف قَالَ لما أحتضر عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لَهُ إبنه يَا أبتاه إِنَّك كنت تَقول لَيْتَني ألْقى رجلا عَاقِلا عِنْد نزُول الْمَوْت حَتَّى يصف لي مَا يجده وَأَنت ذَلِك الرجل فَصف لي الْمَوْت قَالَ يَا بني وَالله لكأن جَنْبي فِي تخت وَكَأَنِّي أتنفس من سم إبره وَكَأن غُصْن شوك يجر بِهِ من قدمي إِلَى هامتي

34 -

وَأخرج إِبْنِ سعد عَن عوَانَة بن الحكم قَالَ كَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول عجبا لمن نزل بِهِ الْمَوْت وعقله مَعَه كَيفَ لَا يصفه فَلَمَّا نزل بِهِ قَالَ لَهُ إبنه عبد الله يَا أَبَت إِنَّك كنت تَقول عجبا لمن نزل بِهِ الْمَوْت وعقله مَعَه كَيفَ لَا يصفه فَصف لنا الْمَوْت قَالَ يَا بني الْمَوْت أجل من أَن يُوصف وَلَكِن سأصف لَك مِنْهُ شَيْئا أجدني كَأَن على عنقِي جبال رضوى وأجدني كَأَن فِي جوفي شوك السلاء وأجدني كَأَن روحي تخرج من ثقب إبرة

35 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن أبي مليكَة أَن عمر رضي الله عنه قَالَ لكعب أَخْبرنِي عَن الْمَوْت قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ مثل شَجَرَة كَثِيرَة الشوك فِي جَوف إِبْنِ آدم فَلَيْسَ مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا فِيهِ شَوْكَة وَرجل شَدِيد الذراعين فَهُوَ يعالجها وينزعها وَلَفظ إِبْنِ أبي شيبَة كغصن كثير الشوك أَدخل فِي جَوف رجل فَأخذت كل شَوْكَة بعرق ثمَّ جذبه رجل شَدِيد الجذب فَأخذ مَا أَخذ وَأبقى مَا أبقى

36 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن شَدَّاد بن أَوْس الصَّحَابِيّ رضي الله عنه قَالَ الْمَوْت أفظع هول فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة على الْمُؤمنِينَ وَالْمَوْت أَشد من نشر بالمناشير وقرض بِالْمَقَارِيضِ وغلي فِي الْقُدُور وَلَو أَن الْمَيِّت نشر فَأخْبر أهل الدُّنْيَا بألم الْمَوْت مَا انتفعوا بعيش وَلَا لذوا بنوم وَأخرج عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ الْمَوْت أَشد من ضرب بِالسَّيْفِ وَنشر بالمناشير وغلي فِي الْقُدُور وَلَو أَن ألم عرق من عروق الْمَيِّت قسم على أهل الأَرْض لأوسعهم ألما ثمَّ هُوَ أول شدَّة يلقاها الْكَافِر وَآخر شدَّة يلقاها الْمُؤمن

ص: 40

38 -

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أحضروا مَوْتَاكُم ولقنوهم لَا إِلَه إِلَّا الله وبشروهم بِالْجنَّةِ فَإِن الْحَلِيم من الرِّجَال وَالنِّسَاء يتحير عِنْد ذَلِك المصرع وَإِن الشَّيْطَان أقرب مَا يكون من إِبْنِ آدم عِنْد ذَلِك المصرع وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لمعاينة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تخرج نفس عبد من الدُّنْيَا حَتَّى يتألم كل عرق مِنْهُ على حياله

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا نَحوه عَن أبي حُسَيْن البرجمي رَفعه

39 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن طعمة بن غيلَان الْجعْفِيّ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنَّك تَأْخُذ الرّوح من بَين العصب والقصب والأنامل اللَّهُمَّ أَعنِي على الْمَوْت وهونه عَلَيْهِ

40 -

وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده بِسَنَد جيد عَن عَطاء بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ معالجة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَمَا من مُؤمن يَمُوت إِلَّا وكل عرق مِنْهُ يألم على حِدة وَأقرب مَا يكون عَدو الله مِنْهُ تِلْكَ السَّاعَة

41 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبيد بن عُمَيْر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَاد مَرِيضا فَقَالَ مَا مِنْهُ عرق إِلَّا وَهُوَ يألم مِنْهُ غير أَنه قد أَتَاهُ آتٍ من ربه فبشره أَن لَيْسَ بعده عَذَاب

42 -

وَدخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم على رجل من أَصْحَابه وَهُوَ مَرِيض قَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أجدني رَاغِبًا رَاهِبًا قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَجْتَمِعَانِ لأحد عِنْد هَذِه الْحَالة إِلَّا أعطَاهُ الله مَا رجا وأمنه مِمَّا يخَاف

43 -

وَأخرج أَحْمد عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ آخر شدَّة يلقاها الْمُؤمن الْمَوْت

44 -

وَأخرج أَبُو نعيم والمروزي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ مَا أحب أَن يهون عَليّ سَكَرَات الْمَوْت لِأَنَّهُ آخر مَا يُؤجر بِهِ الْمُسلم

45 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ لم يلق إِبْنِ آدم شدَّة قطّ مُنْذُ خلقه الله أَشد عَلَيْهِ من الْمَوْت

ص: 41

46 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ إِن أَشد مَا يلقى من أَمر الْآخِرَة الْمَوْت

47 -

وَأخرج عَن زيد بن أسلم أَن رجلا قَالَ لكعب الْأَحْبَار مَا الدَّاء الَّذِي لَا دَوَاء لَهُ قَالَ الْمَوْت قَالَ زيد بن أسلم إِن الْمَوْت دَاء ودواؤه رضوَان الله

48 -

وَأخرج الْقشيرِي فِي الرسَالَة وَأَبُو الْفضل الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار والديلمي من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هدبة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن العَبْد ليعالج كرب الْمَوْت وسكرات الْمَوْت وَإِن مفاصله ليسلم بَعْضهَا على بعض تَقول السَّلَام عَلَيْك تُفَارِقنِي وأفارقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

49 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ أَشد مَا يكون من الْمَوْت على العَبْد إِذا بلغت الرّوح التراقي فَعِنْدَ ذَلِك يضطرب ويعلو أنفسه قلت قد إختص الشَّهِيد بِأَن لَا يجد من ألم الْمَوْت مَا يجده غَيره

50 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الشَّهِيد لَا يجد ألم الْقَتْل إِلَّا كَمَا يجد أحدكُم ألم مس القرصة

51 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ بَلغنِي أَن آخر من يَمُوت ملك الْمَوْت يُقَال لَهُ يَا ملك الْمَوْت مت فيصرخ عِنْد ذَلِك صرخة لَو سَمعهَا أهل السَّمَوَات وَأهل الأَرْض لماتوا فَزعًا ثمَّ يَمُوت

52 -

وَأخرج عَن زِيَاد النميري قَالَ قَرَأت فِي بعض الْكتب أَن الْمَوْت أَشد على ملك الْمَوْت مِنْهُ على جَمِيع الْخلق

تَنْبِيه

قَالَ الْقُرْطُبِيّ لتشديد الْمَوْت على الْأَنْبِيَاء فَائِدَتَانِ

إِحْدَاهمَا تَكْمِيل فضائلهم وَرفع درجاتهم وَلَيْسَ ذَلِك نقصا وَلَا عذَابا بل هُوَ كَمَا جَاءَ أَن أَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأمثل فالأمثل

وَالثَّانيَِة أَن يعرف الْخلق مِقْدَار ألم الْمَوْت وَأَنه بَاطِن وَقد يطلع الْإِنْسَان على بعض الْمَوْتَى فَلَا يرى عَلَيْهِ حَرَكَة وَلَا قلقا وَيرى سهولة خُرُوج روحه فيظن

ص: 42

سهولة أَمر الْمَوْت وَلَا يعرف مَا الْمَيِّت فِيهِ فَلَمَّا ذكر الْأَنْبِيَاء الصادقون فِي خبرهم شدَّة ألمه مَعَ كرامتهم على الله تَعَالَى قطع الْخلق بِشدَّة الْمَوْت الَّذِي يقاسيه الْمَيِّت مُطلقًا لإخبار الصَّادِقين عَنهُ مَا خلا الشَّهِيد قَتِيل الْكفَّار على مَا ثَبت فِي الحَدِيث إنتهى

فَائِدَة

53 -

ذكر جمَاعَة من الْعلمَاء أَن السِّوَاك يسهل خُرُوج الرّوح وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها فِي الصَّحِيح فِي قصَّة سواك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد مَوته

فَائِدَة

54 -

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ لَا يزَال أحدكُم حَدِيث عهد بِعَمَل صَالح فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْهِ حِين ينزل بِهِ الْمَوْت أَو يتَذَكَّر عملا صَالحا قدمه

فَائِدَة

55 -

أخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة} قَالَ الْحَيَاة فرس جِبْرِيل وَالْمَوْت كَبْش أَمْلَح وَقَالَ مقَاتل والكلبي خلق الْمَوْت فِي صُورَة كَبْش لَا يمر على أحد إِلَّا مَاتَ وَخلق الْحَيَاة فِي صُورَة فرس لَا تمر على شَيْء إِلَّا حييّ

56 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان فِي كتاب العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ خلق الله الْمَوْت كَبْشًا أَمْلَح مستترا بسواد وَبَيَاض لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة جنَاح تَحت الْعَرْش وَجَنَاح فِي الثرى وَجَنَاح فِي الْمشرق وَجَنَاح فِي الْمغرب قَالَ لَهُ كن فَكَانَ ثمَّ قَالَ لَهُ ابرز فبرز الْمَوْت لعزرائيل

وبهذه الْآثَار عرف أَن الْمَوْت جسم خلق فِي صُورَة كَبْش لَا عرض واتضح بِمَا ورد فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ يجاء بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُقَال هَل تعرفُون هَذَا فَيَقُولُونَ نعم وكل قد

ص: 43

رَآهُ هَذَا الْمَوْت فَيذْبَح وَزَاد أَبُو يعلى فِي رِوَايَة عَن أنس كَمَا تذبح الشَّاة

فَائِدَة

57 -

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ سَأَلت عَائِشَة رضي الله عنها عَن موت الْفجأَة أيكره قَالَت لأي شَيْء يكره سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك فَقَالَ رَاحَة لِلْمُؤمنِ وَأخذ أَسف لِلْفَاجِرِ

12 -

بَاب مَا يَقُوله الْإِنْسَان فِي مرض الْمَوْت وَمَا يقْرَأ عِنْده وَمَا يُقَال إِذا احْتضرَ وتلقينه وَمَا يُقَال إِذا مَاتَ وغمض عَيناهُ

1 -

أخرج أَحْمد وإبن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من ميت يقْرَأ عِنْد رَأسه يس إِلَّا هون الله عَلَيْهِ

2 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان عَن معقل بن يسَار أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اقرؤوا على مَوْتَاكُم يس قَالَ ابْن حبَان أَرَادَ بِهِ من حَضْرَة الْمَوْت لِأَن الْمَوْت لَا يقْرَأ عَلَيْهِ

3 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن جَابر بن زيد قَالَ كَمَا يسْتَحبّ إِذا حضر الْمَيِّت أَن يقْرَأ عِنْده سُورَة الرَّعْد فَإِن ذَلِك يُخَفف عَن الْمَيِّت وَأَنه أَهْون لقبضه وأيسر لشأنه

وَكَانَ يُقَال قبل أَن يَمُوت الْمَيِّت بساعة فِي حَيَاة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إغفر لفُلَان بن فلَان وَبرد عَلَيْهِ مضجعه ووسع عَلَيْهِ قَبره وأعطه الرَّاحَة بعد الْمَوْت وألحقه بِنَبِيِّهِ وتول نَفسه وَصعد روحه فِي أَرْوَاح الصَّالِحين واجمع بَيْننَا وَبَينه فِي دَار تبقى فِيهَا الصِّحَّة وَيذْهب عَنَّا فِيهَا النصب والتعب وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويكرر ذَلِك حَتَّى يقبض

4 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت الْأَنْصَار يقرؤون عِنْد الْمَيِّت سُورَة الْبَقَرَة

ص: 44

5 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ مخرجا من شُبُهَات الدُّنْيَا وَمن الكرب عِنْد الْمَوْت وَمن مَوَاقِف يَوْم الْقِيَامَة

6 -

وَأخرج مُسلم عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ ابْن حبَان وَغَيره أَرَادَ بِهِ من حَضْرَة الْمَوْت

7 -

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة

8 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إفتحوا على صِبْيَانكُمْ أول كلمة بِلَا إِلَه إِلَّا الله ولقنوهم عِنْد الْمَوْت لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهُ من كَانَ أول كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَآخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ عَاشَ ألف سنة مَا سُئِلَ عَن ذَنْب وَاحِد قَالَ الْبَيْهَقِيّ خبر غَرِيب لم نَكْتُبهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد

9 -

وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي أَمَالِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا إِذا ثقلت مرضاكم فَلَا تملوهم قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَكِن لقنوهم فَإِنَّهُ لم يخْتم بِهِ لمنافق قطّ

10 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن هَا هُنَا غُلَاما قد أحتضر فَيُقَال لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَلَا يَسْتَطِيع أَن يَقُولهَا فَقَالَ أَلَيْسَ كَانَ يَقُولهَا فِي حَيَاته قَالُوا بلَى قَالَ فَمَا مَنعه مِنْهَا عِنْد مَوته فَنَهَضَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ونهضنا مَعَه حَتَّى أَتَى الْغُلَام فَقَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ لَا أَسْتَطِيع أَن أقولها قَالَ وَلم قَالَ لعقوقي والدتي قَالَ أحية هِيَ قَالَ نعم قَالَ أرْسلُوا إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إبنك هُوَ قَالَت نعم قَالَ أَرَأَيْت لَو أَن نَارا أججت فَقيل لَك إِن لم تشفعي فِيهِ

ص: 45

دفناه فِي هَذِه النَّار فَقَالَت إِذا كنت أشفع لَهُ قَالَ فأشهدي الله وأشهدينا بأنك قد رضيت عَنهُ فَقَالَت قد رضيت عَن إبني فَقَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار

11 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن الْمحَاربي قَالَ حضرت رجلا الْوَفَاة فَقيل لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ لَا أقدر كنت أصحب قوما يأمرونني بشتم أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما

12 -

وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن طَلْحَة وَعمر قَالَا سمعنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا رجل يحضرهُ الْمَوْت إِلَّا وجد روحه لَهَا رَاحَة حِين تخرج من جسده وَكَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَفِي لفظ إِلَّا نفس الله عَنهُ وأشرق لَهَا لَونه وَرَأى مَا يسره لَا إِلَه إِلَّا الله

13 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول حضر ملك الْمَوْت رجلا يَمُوت فشق أعضاءه فَلم يجده عمل خيرا ثمَّ شقّ قلبه فَلم يجد فِيهِ خيرا ففك لحييْهِ فَوجدَ طرف لِسَانه لاصقا بحنكه يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فغفر لَهُ بِكَلِمَة الْإِخْلَاص

14 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن فرقد السنجي قَالَ إِذا حضر العَبْد الْوَفَاة قَالَ الْملك صَاحب الشمَال لصَاحب الْيَمين خفف فَيَقُول صَاحب الْيَمين لَا أخفف لَعَلَّه أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فأكتبها

15 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا من قَالَ عِنْد مَوته لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم لَا تطعمه النَّار أبدا

16 -

وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ هَل أدلكم على إسم الله الْأَعْظَم دُعَاء يُونُس {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} فأيما مُسلم دَعَا بهَا فِي مرض مَوته أَرْبَعِينَ مرّة فَمَاتَ فِي مرضة

ص: 46

ذَلِك أعطي أجر شَهِيد وَإِن برأَ برأَ وَقد غفر لَهُ جَمِيع ذنُوبه

17 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَرَض وَالْكَفَّارَات وَابْن منيع فِي مُسْنده من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا يَا أَبَا هُرَيْرَة أَلا أخْبرك بِأَمْر هُوَ حق من تكلم بِهِ فِي أول مضجعه من مَرضه نجاه الله من النَّار قلت بلَى قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت وَسُبْحَان الله رب الْعباد والبلاد وَالْحَمْد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ على كل حَال وَالله أكبر كبرياؤه وجلاله وَقدرته بِكُل مَكَان اللَّهُمَّ إِن كنت أمرضتني لتقبض روحي فِي مرضِي هَذَا فَاجْعَلْ روحي فِي أَرْوَاح من سبقت لَهُم مِنْك الْحسنى وأعذني من النَّار كَمَا أعذت أُولَئِكَ الَّذين سبقت لَهُم مِنْك الْحسنى فَإِن مت فِي مرضك ذَلِك فَإلَى رضوَان الله وَالْجنَّة وَإِن كنت قد إقترفت ذنوبا تَابَ الله عَلَيْك

18 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَلِمَات من قالهن عِنْد وَفَاته دخل الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم ثَلَاث مَرَّات الْحَمد لله رب الْعَالمين ثَلَاث مَرَّات تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير

19 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرفعهُ إِن الْمُؤمن عِنْدِي بِمَنْزِلَة كل خير يحمدني وَأَنا أنزع نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ

20 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الْمُؤمن تخرج نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ وَهُوَ يحمد الله عز وجل

21 -

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه والمروزي وَمُسلم وإبن أبي شيبَة عَن أم الْحسن قَالَت كنت عِنْد أم سَلمَة فَجَاءَهَا إِنْسَان فَقَالَ فلَان بِالْمَوْتِ فَقَالَت إنطلق فَإِذا رَأَيْته أحتضر فَقل سَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

22 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكرَة قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سَلمَة وَهُوَ فِي الْمَوْت فَلَمَّا شقّ بَصَره مد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده

ص: 47

فأغمضه فَلَمَّا أغمضه صَاح أهل الْبَيْت فسكتهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ إِن النَّفس إِذا خرجت يتبعهَا الْبَصَر وَإِن الْمَلَائِكَة تحضر الْمَيِّت فيؤمنون على مَا يَقُول أهل الْبَيْت ثمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إرفع دَرَجَة أبي سَلمَة فِي المهديين واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين وإغفر لنا وَله يَوْم الدّين

23 -

وَأخرج الْحَاكِم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا حضرتم الْمَيِّت فأغمضوا الْبَصَر فَإِن الْبَصَر يتبع الرّوح وَقُولُوا خيرا فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن على دُعَاء أهل الْبَيْت

24 -

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ لي إِبْنِ عَبَّاس لَا تنامن إِلَّا على وضوء فَإِن الْأَرْوَاح تبْعَث على مَا قبضت عَلَيْهِ

25 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَتَاهُ ملك الْمَوْت وَهُوَ على وضوء أعطي الشَّهَادَة

26 -

وَأخرج الْمروزِي عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ إِذا غمضت مَيتا فَقل بِسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

13 -

بَاب مَا جَاءَ فِي ملك الْمَوْت وأعوانه

قَالَ الله تَعَالَى {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم} وَقَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون}

1 -

أخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {توفته رسلنَا} قَالَ أعوان ملك الْمَوْت من الْمَلَائِكَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مثله وَزَاد ثمَّ يقبضهَا ملك الْمَوْت مِنْهُم بعد

2 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن

ص: 48

الْمَلَائِكَة الَّذين يأْتونَ النَّاس هم الَّذين يتوفونهم ويكتبون لَهُم آجالهم فَإِذا توفوا النَّفس دفعوها إِلَى ملك الْمَوْت وَهُوَ كالعاقب يَعْنِي العشار الَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ من تَحْتَهُ

3 -

وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما أَرَادَ الله أَن يخلق آدم بعث ملكا من حَملَة الْعَرْش يَأْتِي بِتُرَاب من الأَرْض فَلَمَّا هوى ليَأْخُذ قَالَت الأَرْض أَسأَلك بِالَّذِي أرسلك أَن لَا تَأْخُذ الْيَوْم مني شَيْئا يكون للنار فِيهِ نصيب غَدا فَتَركهَا فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى ربه قَالَ مَا مَنعك أَن تَأتي بِمَا أَمرتك قَالَ سَأَلتنِي بك فعظمت أَن أرد شَيْئا سَأَلَني بك فَأرْسل آخر فَقَالَ مثل ذَلِك حَتَّى أرسلهم كلهم فَأرْسل ملك الْمَوْت فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ إِن الَّذِي أَرْسلنِي أَحَق بِالطَّاعَةِ مِنْك فَأخذ من وَجه الأَرْض كلهَا من طيبها وخبيثها فجَاء بِهِ إِلَى ربه فصب عَلَيْهِ من مَاء الْجنَّة فَصَارَ حمأ مسنونا فخلق مِنْهُ آدم

4 -

وَأخرج أَبُو حُذَيْفَة إِسْحَاق بن بشر فِي كتاب الْمُبْتَدَأ عَن ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ نَحوه وسمى الْملك الْمُرْسل أَولا إسْرَافيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل

5 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن إِبْنِ عَبَّاس وَعَن مرّة عَن إِبْنِ مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة وسمى الْمُرْسل أَولا جِبْرِيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل

6 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر أَيْضا عَن يحيى بن خَالِد نَحوه وسمى الأول جِبْرِيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل وَقَالَ فِي آخِره فَسَماهُ ملك الْمَوْت ووكله بِالْمَوْتِ

7 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن سابط قَالَ يدبر أَمر الدُّنْيَا أَرْبَعَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت فَأَما جِبْرِيل فَصَاحب الْجنُود وَالرِّيح وَأما مِيكَائِيل فَصَاحب الْقطر والنبات وَأما ملك الْمَوْت فَهُوَ مُوكل بِقَبض الْأَنْفس وَأما إسْرَافيل فَهُوَ ينزل عَلَيْهِم بِالْأَمر وَفِي لفظ بِمَا يؤمرون

8 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حَيَّان فِي كتاب العظمة عَن الرّبيع بن أنس أَنه سُئِلَ عَن ملك الْمَوْت هَل هُوَ وَحده الَّذِي يقبض الْأَرْوَاح قَالَ هُوَ الَّذِي يَلِي أَمر الْأَرْوَاح وَله أعوان على ذَلِك غير أَن ملك الْمَوْت هُوَ الرئيس وكل خطْوَة مِنْهُ من

ص: 49

الْمشرق إِلَى الْمغرب قلت أَيْن تكون أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ عِنْد السِّدْرَة

9 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله {فالمدبرات أمرا} قَالَ مَلَائِكَة مَعَ ملك الْمَوْت يحْضرُون الْمَوْتَى عِنْد قبض أَرْوَاحهم فَمنهمْ من يعرج بِالروحِ وَمِنْهُم من يُؤمن على الدُّعَاء وَمِنْهُم من يسْتَغْفر للْمَيت حَتَّى يصلى عَلَيْهِ ويدلى فِي حفرته

10 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَقيل من راق} قَالَ أعوان ملك الْمَوْت يَقُول بَعضهم لبَعض من يرقى بِرُوحِهِ من أَسْفَل قدمه إِلَى مَوضِع خُرُوج نَفسه

11 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم وإبن مَنْدَه كِلَاهُمَا فِي الصَّحَابَة من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن الْحَارِث بن الْخَزْرَج عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول وَنظر إِلَى ملك الْمَوْت عِنْد رَأس رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت إرفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن فَقَالَ ملك الْمَوْت طب نفسا وقر عينا وَاعْلَم أَنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق وَاعْلَم يَا مُحَمَّد أَنِّي لأقبض روح إِبْنِ آدم فَإِذا صرخَ صارخ قُمْت فِي الدَّار وَمَعِي روحه فَقلت مَا هَذَا الصَّارِخ وَالله مَا ظلمناه وَلَا سبقنَا أَجله وَلَا استعجلنا قدره وَمَا لنا فِي قَبضه من ذَنْب فَإِن ترضوا لما صنع الله تؤجروا وَإِن تسخطوا تأثموا وتوزروا وَإِن لنا عنْدكُمْ عودة بعد عودة فالحذر والحذر وَمَا من أهل بَيت شعر وَلَا مدر بر وَلَا فَاجر سهل وَلَا جبل إِلَّا أَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة حَتَّى لأَنا أعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله لَو أردْت أَن أَقبض روح بعوضة مَا قدرت على ذَلِك حَتَّى يكون الله هُوَ يَأْذَن بقبضها

قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد بَلغنِي أَنه إِنَّمَا يتصفحهم عِنْد مَوَاقِيت الصَّلَاة فَإِذا نظر عِنْد الْمَوْت فَإِن كَانَ مِمَّن يحافظ على الصَّلَوَات الْخمس دنا مِنْهُ الْملك وطرد عَنهُ الشَّيْطَان ويلقنه الْملك لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فِي ذَلِك الْحَال الْعَظِيم وَأخرجه إِبْنِ أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن

ص: 50

أَبِيه مَرْفُوعا معضلا

12 -

وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ مَا من يَوْم إِلَّا وَملك الْمَوْت يتصفح فِي كل بَيت ثَلَاث مَرَّات فَمن وجده مِنْهُم قد أستوفي رزقه وإنقضى أَجله قبض روحه فَإِذا قبض روحه أقبل أَهله برنة وبكاء فَيَأْخُذ ملك الْمَوْت بِعضَادَتَيْ الْبَاب فَيَقُول مَا لي إِلَيْكُم من ذَنْب وَإِنِّي لمأمور وَالله مَا أكلت لَهُ رزقا وَلَا أفنيت لَهُ عمرا وَلَا إنتقصت لَهُ أَََجَلًا إِن لي فِيكُم لعودة ثمَّ عودة حَتَّى لَا أُبْقِي مِنْكُم أحدا قَالَ الْحسن فوَاللَّه لَو يرَوْنَ مقَامه ويسمعون كَلَامه لذهلوا عَن ميتهم ولبكوا على أنفسهم

13 -

وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن سليم بن عَطِيَّة قَالَ دخل سلمَان على صديق لَهُ يعودهُ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت إرفق بِهِ فَإِنَّهُ مُؤمن فَتكلم الرجل وَقَالَ إِنَّه يَقُول إِنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق

14 -

وَأخرج الزبير بن بكار وإبن عَسَاكِر من طرق عَن حميد بن مَيْمُون عَن أَبِيه قَالَ كنت فِيمَن حضر الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب بمنبج وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ وَلَقي من الْمَوْت شدَّة فَقَالَ رجل مِمَّن حضر وَهُوَ فِي غَشيته اللَّهُمَّ هون عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ سخيا وَكَانَ يثني عَلَيْهِ فأفاق فَقَالَ من الْمُتَكَلّم فَقَالُوا فلَان فَقَالَ فَإِن ملك الْمَوْت يَقُول لَك إِنِّي بِكُل مُؤمن سخي رَفِيق ثمَّ مَاتَ فِي الْحَال

15 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ بَيْنَمَا إِبْرَاهِيم صلوَات الله على نَبينَا وَعَلِيهِ يَوْمًا فِي دَاره إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل حسن الشارة فَقَالَ يَا عبد الله من أدْخلك دَاري فَقَالَ أدخلنيها رَبهَا قَالَ رَبهَا أَحَق بهَا فَمن أَنْت قَالَ ملك الْمَوْت قَالَ لقد نعت لي مِنْك أَشْيَاء مَا أَرَاهَا فِيك قَالَ فَأَدْبَرَ فَأَدْبَرَ فَإِذا عُيُون مقبلة وعيون مُدبرَة وَإِذا كل شَعْرَة مِنْهُ كَأَنَّهَا السنان قَائِم فتعوذ إِبْرَاهِيم عليه السلام من ذَلِك وَقَالَ عد إِلَى الصُّورَة الأولى قَالَ يَا إِبْرَاهِيم إِن الله إِذا بَعَثَنِي إِلَى من يحب لقاءه بَعَثَنِي فِي الصُّورَة الَّتِي رَأَيْت أَولا

الشارة بشين مُعْجمَة وَرَاء خَفِيفَة الْهَيْئَة

16 -

وَأخرج عَن وهب قَالَ إِن إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم رأى فِي بَيته رجلا فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا ملك الْمَوْت قَالَ إِبْرَاهِيم إِن كنت صَادِقا فأرني مِنْك آيَة أعرف أَنَّك

ص: 51

ملك الْمَوْت قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت أعرض بِوَجْهِك فَأَعْرض ثمَّ نظر فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْمُؤمنِينَ قَالَ فَرَأى من النُّور والبهاء شَيْئا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله ثمَّ قَالَ أعرض بِوَجْهِك فَأَعْرض ثمَّ نظر فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْكفَّار والفجار فرعب إِبْرَاهِيم رعْبًا شَدِيدا حَتَّى إرتعدت فرائصه وألصق بَطْنه بِالْأَرْضِ وكادت نَفسه أَن تخرج

17 -

وَأخرج عَن إِبْنِ مَسْعُود وإبن عَبَّاس مَعًا قَالَا لما اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا سَأَلَ ملك الْمَوْت ربه أَن يَأْذَن لَهُ أَن يبشره بذلك فَأذن لَهُ فجَاء إِبْرَاهِيم فبشره فَقَالَ الْحَمد لله ثمَّ قَالَ يَا ملك الْمَوْت أَرِنِي كَيفَ تقبض أنفاس الْكفَّار قَالَ يَا إِبْرَاهِيم لَا تطِيق ذَلِك قَالَ بلَى قَالَ أعرض فَأَعْرض ثمَّ نظر فَإِذا بِرَجُل أسود تنَال رَأسه السَّمَاء يخرج من فِيهِ لَهب النَّار لَيْسَ من شَعْرَة فِي جسده إِلَّا فِي صُورَة رجل يخرج من فِيهِ ومسامعه لَهب النَّار فَغشيَ على إِبْرَاهِيم ثمَّ أَفَاق وَقد تحول ملك الْمَوْت فِي الصُّورَة الأولى فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت لَو لم يلق الْكَافِر من الْبلَاء والحزن إِلَّا صُورَتك لكفاه فأرني كَيفَ تقبض أنفاس الْمُؤمنِينَ قَالَ أعرض فَأَعْرض ثمَّ الْتفت فَإِذا هُوَ بِرَجُل شَاب أحسن النَّاس وَجها وأطيبهم ريحًا فِي ثِيَاب بيض فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت لَو لم ير الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت من قُرَّة الْعين والكرامة إِلَّا صُورَتك هَذِه لَكَانَ يَكْفِيهِ

18 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ جعلت الأَرْض لملك الْمَوْت مثل الطست يتَنَاوَل من حَيْثُ شَاءَ وَجعل لَهُ أعوان يتوفون الْأَنْفس ثمَّ يقبضهَا مِنْهُم

19 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الحكم بن عتبَة قَالَ الدُّنْيَا بَين يَدي ملك الْمَوْت بِمَنْزِلَة الطست بَين يَدي الرجل

20 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَشْعَث بن أسلم قَالَ سَأَلَ إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ ملك الْمَوْت وإسمه عزرائيل وَله عينان فِي وَجهه وعينان فِي قَفاهُ فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت مَاذَا تصنع إِذا كَانَت نفس بالمشرق وَنَفس بالمغرب وَوَقع الوباء وإلتقى الزحفان كَيفَ تصنع قَالَ أَدْعُو الْأَرْوَاح بِإِذن الله

ص: 52

فَتكون بَين أُصْبُعِي هَاتين قَالَ ودحيت لَهُ الأَرْض فَتركت مثل الطست يتَنَاوَل مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ

21 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم أَن يَعْقُوب عليه السلام قَالَ لملك الْمَوْت مَا من نفس منفوسة إِلَّا وَأَنت تقبض روحها قَالَ نعم قَالَ فَكيف وَأَنت عِنْدِي هَا هُنَا والأنفس فِي أَطْرَاف الأَرْض قَالَ إِن الله سخر لي الدُّنْيَا فَهِيَ كالطست يوضع قُدَّام أحدكُم فَيتَنَاوَل من أطرافها مَا شَاءَ كَذَلِك الدُّنْيَا عِنْدِي

22 -

وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن أبي قيس الْأَزْدِيّ قَالَ قيل لملك الْمَوْت كَيفَ تقبض الْأَرْوَاح قَالَ أدعوها فتجيبني

23 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ ملك الْمَوْت جَالس وَالدُّنْيَا بَين رُكْبَتَيْهِ واللوح الَّذِي فِيهِ آجال بني آدم فِي يَدَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قيام وَهُوَ يعرض اللَّوْح لَا يطرف فَإِذا أَتَى على أجل عبد قَالَ أقبضوا هَذَا

24 -

وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن نفسين إتفق مَوْتهمَا فِي طرفَة عين وَاحِد بالمشرق وَآخر بالمغرب كَيفَ قدرَة ملك الْمَوْت عَلَيْهِمَا قَالَ مَا قدرَة ملك الْمَوْت على أهل الْمَشَارِق والمغارب والظلمات والهوى والبحور إِلَّا كَرجل بَين يَدَيْهِ مائدة يتَنَاوَل من أَيهَا شَاءَ

26 -

وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن الْكَلْبِيّ عَن مُجَاهِد عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ ملك الْمَوْت الَّذِي يتوفى الْأَنْفس كلهَا وَقد سلط على مَا فِي الأَرْض كَمَا سلط أحدكُم على مَا فِي رَاحَته وَمَعَهُ مَلَائِكَة من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَإِذا توفى نفسا طيبه دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَإِذا توفى نفسا خبيثة دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب

27 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْمثنى الْحِمصِي قَالَ إِن الدُّنْيَا سهلها وجبلها بَين فَخذي ملك الْمَوْت وَمَعَهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَيقبض الْأَرْوَاح فيعطي هَؤُلَاءِ لهَؤُلَاء وَهَؤُلَاء لهَؤُلَاء يَعْنِي مَلَائِكَة

ص: 53

الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب قيل فَإِذا كَانَت ملحمة وَكَانَ السَّيْف مثل الْبَرْق قَالَ يدعوها فَتَأْتِيه الْأَنْفس

28 -

وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ قيل يَا رَسُول الله ملك الْمَوْت وَاحِد والزحفان ملتقيان من الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا بَين ذَلِك من السقط والهلاك فَقَالَ إِن الله حوى الدُّنْيَا لملك الْمَوْت حَتَّى جعلهَا كالطست بَين يَدي أحدكُم فَهَل يفوتهُ مِنْهَا شَيْء

29 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف قَالَ حَدثنَا عبد الله بن نمير عَن الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة قَالَ أَتَى ملك الْمَوْت سُلَيْمَان بن دَاوُد وَكَانَ لَهُ صديقا فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان مَالك تَأتي أهل الْبَيْت فتقبضهم جَمِيعًا وَتَدَع أهل الْبَيْت إِلَى جنبهم لَا تقبض مِنْهُم أحدا قَالَ مَا أعلم بِمَا أَقبض مِنْهَا إِنَّمَا أكون تَحت الْعَرْش فَتلقى إِلَيّ صكاك فِيهَا أَسمَاء

30 -

وَأخرج بِهَذَا السَّنَد عَن خَيْثَمَة قَالَ دخل ملك الْمَوْت على سُلَيْمَان فَجعل ينظر إِلَى رجل من جُلَسَائِهِ يديم النّظر إِلَيْهِ فَلَمَّا خرج قَالَ الرجل من هَذَا قَالَ هَذَا ملك الْمَوْت قَالَ رَأَيْته ينظر إِلَيّ كَأَنَّهُ يُرِيدنِي قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيد أَن تحملنِي على الرّيح حَتَّى تلقيني بِالْهِنْدِ فَدَعَا الرّيح فَحَمله عَلَيْهَا فألقته فِي الْهِنْد ثمَّ أَتَى ملك الْمَوْت سُلَيْمَان فَقَالَ إِنَّك كنت تديم النّظر إِلَى رجل من جلسائي قَالَ كنت أعجب مِنْهُ أمرت أَن أقبضهُ بِالْهِنْدِ وَهُوَ عنْدك

31 -

وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن خَيْثَمَة قَالَ قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد لملك الْمَوْت إِذا أردْت أَن تقبض روحي فَأَعْلمنِي بذلك قَالَ مَا أَنا بِأَعْلَم بذلك مِنْك إِنَّمَا هِيَ كتب تلقى إِلَيّ فِيهَا تَسْمِيَة من يَمُوت

32 -

وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِن ملكا إستأذن ربه أَن يهْبط إِلَى إِدْرِيس فَأَتَاهُ فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس هَل بَيْنك وَبَين ملك الْمَوْت شَيْء فَقَالَ ذَاك أخي من الْمَلَائِكَة قَالَ هَل تَسْتَطِيع أَن تنفعني بِشَيْء عِنْده قَالَ إِمَّا أَن يُؤَخر شَيْئا أَو يقدمهُ فَلَا وَلَكِن سأكلمه لَك فيرفق بك عِنْد الْمَوْت فَقَالَ إركب بَين جناحي فَركب إِدْرِيس فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الْعليا فلقي ملك الْمَوْت

ص: 54

وَإِدْرِيس بَين جناحيه فَقَالَ لَهُ الْملك إِن لي حَاجَة قَالَ علمت حَاجَتك تكلمني فِي إِدْرِيس وَقد مُحي إسمه وَلم يبْق من أَجله إِلَّا نصف طرفَة فَمَاتَ إِدْرِيس بَين جناحي الْملك

33 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عمر قَالَ بلغنَا أَن ملك الْمَوْت لَا يعلم مَتى يحضر أجل الْإِنْسَان حَتَّى يُؤمر بِقَبْضِهِ

34 -

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن ابْن جريج قَالَ بلغنَا أَنه يُقَال لملك الْمَوْت اقبض فلَانا فِي وَقت كَذَا فِي يَوْم كَذَا

35 -

وَأخرج الْمروزِي وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الشعْثَاء جَابر بن زيد أَن ملك الْمَوْت كَانَ يقبض الْأَرْوَاح بِغَيْر وجع فَسَبهُ النَّاس ولعنوه فَشَكا إِلَى ربه فَوضع الله الأوجاع وَنسي ملك الْمَوْت يُقَال مَاتَ فلَان بوجع بِكَذَا وَكَذَا

36 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْأَعْمَش قَالَ كَانَ ملك الْمَوْت يظْهر للنَّاس فَيَأْتِي الرجل فَيَقُول إقض حَاجَتك فَإِنِّي أُرِيد أَن أَقبض روحك فَشَكا فَأنْزل الدَّاء وَجعل الْمَوْت خُفْيَة

37 -

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ كَانَ ملك الْمَوْت يَأْتِي النَّاس عيَانًا فَأتى مُوسَى فَلَطَمَهُ ففقأ عينه فَأتى ربه فَقَالَ يَا رب عَبدك مُوسَى فَقَأَ عَيْني وَلَوْلَا كرامته عَلَيْك لشققت عَلَيْهِ قَالَ لَهُ إذهب إِلَى عَبدِي فَقل لَهُ فليضع يَده على جلد ثَوْر أَو مسك ثَوْر فَلهُ بِكُل شَعْرَة وارت يَده سنة فَأَتَاهُ فَقَالَ مَا بعد هَذَا قَالَ الْمَوْت قَالَ فَالْآن قَالَ فشمه شمة فَقبض روحه قَالَ يُونُس فَرد الله إِلَيْهِ عينه فَكَانَ يَأْتِي بعد النَّاس خُفْيَة

38 -

وَأخرج أَبُو حُذَيْفَة إِسْحَاق بن بشر فِي كتاب الشدائد بِسَنَدِهِ عَن إِبْنِ عمر قَالَ قَالَ ملك الْمَوْت يَا رب إِن عَبدك إِبْرَاهِيم جزع من الْمَوْت فَقَالَ لَهُ قل لَهُ الْخَلِيل إِذا طَال بِهِ الْعَهْد من خَلِيله إشتاق إِلَيْهِ فَبَلغهُ فَقَالَ نعم يَا رب قد إشتقت إِلَى لقائك فَأعْطَاهُ رَيْحَانَة فشمها فَقبض فِيهَا روحه

39 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن ملك الْمَوْت قَالَ لإِبْرَاهِيم عليه السلام إِن رَبِّي أَمرنِي أَن أَقبض نَفسك بأيسر مَا قبضت نفس مُؤمن قَالَ فَأَنا أَسأَلك بِحَق الَّذِي أرسلك أَن تراجعه فِي فَقَالَ إِن خَلِيلك سَأَلَني أَن

ص: 55

أراجعك فِيهِ فَقَالَ ائته وَقل لَهُ إِن رَبك يَقُول إِن الْخَلِيل يحب لِقَاء خَلِيله فَأَتَاهُ فَقَالَ إمض لما أمرت بِهِ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم هَل شربت شرابًا قطّ قَالَ لَا قَالَ فاستنكهه فَقبض نَفسه على ذَلِك

40 -

وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كَانَ دَاوُد فِيهِ غيرَة شَدِيدَة فَكَانَ إِذا خرج أغلقت الْأَبْوَاب فَلم يدْخل على أَهله أحد حَتَّى يرجع قَالَ فَخرج ذَات يَوْم وغلقت الدَّار فَأَقْبَلت إمرأته تطلع إِلَى الدَّار فَقَالَت لمن فِي الْبَيْت من أَيْن دخل هَذَا الرجل الدَّار وَالدَّار مغلقة لتفتضحن بِدَاوُد فجَاء دَاوُد فَإِذا الرجل قَائِم وسط الدَّار فَقَالَ لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا الَّذِي لَا أهاب الْمُلُوك وَلَا يمْنَع مني شَيْء قَالَ دَاوُد أَنْت وَالله إِذا ملك الْمَوْت مرْحَبًا بِأَمْر الله فزمل دَاوُد مَكَانَهُ حَيْثُ قبضت نَفسه

41 -

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحُسَيْن أَن جِبْرِيل هَبَط على النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم مَوته فَقَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أجدني يَا جِبْرِيل مغموما وأجدني مكروبا فَاسْتَأْذن ملك الْمَوْت على الْبَاب فَقَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد هَذَا ملك الْمَوْت يسْتَأْذن عَلَيْك مَا إستأذن على آدَمِيّ قبلك وَلَا يسْتَأْذن على آدَمِيّ بعْدك قَالَ ائْذَنْ لَهُ فَأذن لَهُ فَأقبل حَتَّى وقف بَين يَدَيْهِ فَقَالَ إِن الله أَرْسلنِي إِلَيْك وَأَمرَنِي أَن أطيعك إِن أَمرتنِي أَن أَقبض نَفسك قبضتها وَإِن كرهت تركتهَا قَالَ وَتفعل يَا ملك الْمَوْت قَالَ نعم بذلك أمرت فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل إِن الله قد إشتاق إِلَى لقائك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إمض لما أمرت بِهِ

42 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عَطاء بن يسَار قَالَ مَا من أهل بَيت إِلَّا يتصفحهم ملك الْمَوْت فِي كل يَوْم خمس مَرَّات هَل مِنْهُم أحد أَمر بِقَبْضِهِ

43 -

وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ مَا من بَيت فِيهِ أحد إِلَّا وَملك الْمَوْت على بَابه كل يَوْم سبع مَرَّات ينظر هَل فِيهِ أحد أَمر بِهِ يتوفاه

44 -

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ مَا على ظهر الأَرْض من بَيت شعر وَلَا مدر إِلَّا وَملك الْمَوْت يطوف بِهِ كل يَوْم مرَّتَيْنِ

ص: 56

45 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ قَالَ مَا من أهل دَار إِلَّا وَملك الْمَوْت يتصفحهم فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ

46 -

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ اللَّيْل وَالنَّهَار أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَة لَيْسَ فِيهَا سَاعَة تَأتي على ذِي روح إِلَّا وَملك الْمَوْت قَائِم عَلَيْهَا فَإِن أَمر بقبضها وَإِلَّا ذهب

47 -

وَأخرج أَبُو الْفضل الطوسي فِي كتاب عُيُون الْأَخْبَار بِسَنَدِهِ وإبن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هدبة عَن أنس مَرْفُوعا إِن ملك الْمَوْت لينْظر فِي وُجُوه الْعباد فِي كل يَوْم سبعين نظرة فَإِذا ضحك العَبْد الَّذِي بعث إِلَيْهِ يَقُول وَاعجَبا بعثت إِلَيْهِ لأقبض روحه وَهُوَ يضْحك

48 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة وإبن أبي الدُّنْيَا عَن زيد بن أسلم قَالَ يتصفح ملك الْمَوْت الْمنَازل كل يَوْم خمس مَرَّات ويطلع فِي وَجه إِبْنِ آدم كل يَوْم إِطْلَاعَة قَالَ فَمِنْهَا الذعرة الَّتِي تصيب النَّاس يَعْنِي القشعريرة والإنقباض

49 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ مَا من يَوْم إِلَّا وَملك الْمَوْت ينظر فِي كتاب حَيَاة النَّاس قَائِل يَقُول ثَلَاثًا وَقَائِل يَقُول خمْسا

50 -

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والعقيلي فِي الضُّعَفَاء والديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آجال الْبَهَائِم وخشاش الأَرْض كلهَا فِي التَّسْبِيح فَإِذا إنقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وَلَيْسَ إِلَى ملك الْمَوْت من ذَلِك شَيْء

وَله طَرِيق آخر أخرجه الْخَطِيب فِي الروَاة عَن مَالك من حَدِيث إِبْنِ عَمْرو مثله قَالَ إِبْنِ عَطِيَّة والقرطبي وَكَأن معنى ذَلِك أَن الله يعْدم حَيَاتهَا بِلَا مُبَاشرَة ملك الْمَوْت وَأما الْآدَمِيّ فشرف بِأَن خلق الله لَهُ ملكا وأعوانه وَجعل قبض روحه وانسلالها من جسده على يَده

51 -

لَكِن أخرج الْخَطِيب فِي الروَاة عَن مَالك عَن سُلَيْمَان بن معمر الْكلابِي قَالَ حضرت مَالك بن أنس وَسَأَلَهُ رجل عَن البراغيث أملك الْمَوْت

ص: 57

يقبض أرواحها فَأَطْرَقَ طَويلا ثمَّ قَالَ ألها أنفس قَالَ نعم فَقَالَ فَإِن ملك الْمَوْت يقبض أرواحها ثمَّ قَالَ {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} ثمَّ رَأَيْت جُوَيْبِر أخرج فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ وكل ملك الْمَوْت بِقَبض أَرْوَاح الْآدَمِيّين فَهُوَ الَّذِي يقبض أَرْوَاحهم وَملك فِي الْجِنّ وَملك فِي الشَّيَاطِين وَملك فِي الطير والوحوش وَالسِّبَاع والخشاش وَالْحِيتَان والنمل فهم أَرْبَعَة أَمْلَاك وَالْمَلَائِكَة يموتون فِي الصعقة الأولى وَإِن ملك الْمَوْت يَلِي قبض أَرْوَاحهم ثمَّ يَمُوت وَأما الشُّهَدَاء فِي الْبَحْر فَإِن الله يَلِي قبض أَرْوَاحهم لَا يكل ذَلِك إِلَى ملك الْمَوْت لكرامتهم عَلَيْهِ حَيْثُ ركبُوا لجج الْبَحْر فِي سَبيله وجويبر ضَعِيف جدا وَالضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس مُنْقَطع ولآخره شَاهد مَرْفُوع

52 -

وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله عز وجل وكل ملك الْمَوْت بِقَبض الْأَرْوَاح إِلَّا شَهِيد الْبَحْر فَإِنَّهُ يتَوَلَّى قبض روحه

53 -

وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عِيسَى قَالَ كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل عبد الله أَرْبَعِينَ سنة فِي الْبر ثمَّ قَالَ يَا رب قد إشتقت أَن أعبدك فِي الْبَحْر فَأتى قوما فاستحملهم فَحَمَلُوهُ وَجَرت بهم سفينتهم مَا شَاءَ أَن تجْرِي ثمَّ وقفت فَإِذا شَجَرَة فِي نَاحيَة المَاء فَقَالَ ضعوني على هَذِه الشَّجَرَة فوضعوه وَجَرت بهم سفينتهم فَأَرَادَ ملك أَن يعرج إِلَى السَّمَاء فَتكلم بِكَلَامِهِ الَّذِي كَانَ يعرج بِهِ فَلم يقدر على ذَلِك فَعلم أَن ذَلِك لخطيئة كَانَت مِنْهُ فَأتى صَاحب الشَّجَرَة فَسَأَلَهُ أَن يشفع لَهُ إِلَى ربه فصلى ودعا للْملك وَطلب إِلَى ربه أَن يكون هُوَ الَّذِي يقبض نَفسه ليَكُون أَهْون عَلَيْهِ من ملك الْمَوْت فَأَتَاهُ حِين حضر أَجله فَقَالَ إِنِّي طلبت إِلَى رَبِّي أَن يشفعني فِيك كَمَا شفعك فِي وَأَن أَقبض نَفسك فَمن حَيْثُ شِئْت قبضتها فَسجدَ سَجْدَة فَخرجت من عينه دمعة فَمَاتَ فَائِدَة

54 -

أخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبي زرْعَة قَالَ قَالَ لي نجيب بن أبي عبيد اليسري رَأَيْت ملك الْمَوْت فِي النّوم وَهُوَ يَقُول قل لأَبِيك يُصَلِّي عَليّ حَتَّى أرْفق بِهِ عِنْد قبض روحه فَحدثت أبي بِمَا رَأَيْت فَقَالَ يَا بني لأَنا بِملك الْمَوْت آنس مني بأمك

ص: 58