الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: الصِّفَاتُ غَيْرُ الذَّاتِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: صِفَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، فَإِنَّ الثَّانِيَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ مُسَمَّى اللَّهِ يَدْخُلُ فِيهِ صِفَتُهُ بِخِلَافِ مُسَمَّى الذَّاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الصِّفَاتُ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصِّفَاتِ زَائِدَةٌ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ الْمُثْبِتُونَ مِنَ الذَّاتِ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:" لَا زَالَ بِصِفَاتِهِ " وَلَمْ يَقُلْ: لَا زَالَ وَصِفَاتُهُ ; لِأَنَّ الْعَطْفَ يُؤْذِنُ بِالْمُغَايَرَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِي مُنَاظَرَتِهِ الْجَهْمِيَّةَ، لَا نَقُولُ: اللَّهُ وَعِلْمُهُ، اللَّهُ وَقُدْرَتُهُ، اللَّهُ وَنُورُهُ، وَلَكِنْ نَقُولُ: اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَنُورِهِ هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ سبحانه وتعالى.
فَإِذَا قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ فَقَدْ عُذْتُ بِالذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُقَدَّسِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الِانْفِصَالَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ
وَإِذَا قُلْتُ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ، فَقَدْ عُذْتُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ أَعُذْ بِغَيْرِ اللَّهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ الذَّاتِ، فَإِنَّ ذَاتَ فِي أَصْلِ مَعْنَاهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُضَافَةً، أَيْ: ذَاتُ وُجُودٍ، ذَاتُ قُدْرَةٍ، ذَاتُ عِزٍّ، ذَاتُ عِلْمٍ، ذَاتُ كَرَمٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ. فَذَاتُ كَذَا بِمَعْنَى صَاحِبَةِ كَذَا: تَأْنِيثُ ذُو. هَذَا أَصْلُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ.
[لَا يُتَصَوَّرُ انْفِصَالُ الصِّفَاتِ عَنِ الذَّاتِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ]
فَعُلِمَ أَنَّ الذَّاتَ لَا يُتَصَوَّرُ انْفِصَالُ الصِّفَاتِ عَنْهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَإِنْ كَانَ الذِّهْنُ قَدْ يَفْرِضُ ذَاتًا مُجَرَّدَةً عَنِ الصِّفَاتِ، كَمَا يَفْرِضُ الْمُحَالَ. وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ
شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» . وَلَا يَعُوذُ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ اللَّهِ.
وَكَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا» . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ