الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس جميعاً على أن الخلة بضم الخاء لإبراهيم وعلى أن موسى كليم الله وإبراهيم خليل الله، وعيسى روح الله، فإن كان معنى خليل الله: الفقير إلى الله، فأي فضيلة لإبراهيم في هذا القول إذ كان الناس جميعاً فقراء إلى الله والعجب لهم كيف لم يقولوا في قول الناس موسى كليم الله: أنه جريح الله من الكلم أو من معنى آخر.
ما منعهم من ذلك إلا أن الله يقول: {إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} فضاق عليهم الاحتيال، وما أشبه هذا بقولهم في:{وعصى آدم ربه فغوى} أي بشم من أكل الشجرة، وذهبوا إلى قول العرب: غوى الفصيل: إذا أتخم وهذا غوى يغوى وذلك غوى يغوي بكسر الواو غياً ولو وجدوا في: {وعصى آدم} مثل هذا التأويل أيضاً لقالوه.
(الرد على متأولي الاستواء)
وقالوا في قوله: {الرحمن على العرش استوى} أنه استولى وليس يعرف في اللغة استويت على الدار: أي استوليت عليها وإنما استوى في هذا المكان: استقر كما قال الله تعالى: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} أي استقررت وقد يقول الرجل لصاحبه إذا رآه مستوفزاً (استو) يريد: استقر.
وأما قوله: {ثم استوى إلى السماء} فإنه أراد عمد لها وقصد فكل من كان في شيء ثم تركه لفراغ أو غير فراغ وعمد لغيره فقد استوى إليه.
فهذا مذهب القوم في تأويل الكتاب بآرائهم وعلى ما أصلوا من قولهم.
(الرد على متأولي صفة الأصابع)
وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اعترضوه بالنظر فيما كان له وجه في
النظر من هذه الجهة صدقوا به، وما لم يكن له مخرج رووه واستشفوه وكذبوا ناقليه ولم يلتفتوا إلى صحيح من الحديث ولا سقيم فآمنوا بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:((إن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن)) لأنه عندهم يحتمل المخرج في اللغة وقالوا الإصبع: النعمة يذهبون إلى قول الراعي:
ضعيف العصا بادي العروق ترى له
…
عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا
أي ترى له أثراً حسناً وكقول الطفيل يصف فحل إبل:
كميت كبكر الناب أحيا بنابه
…
مَقالِيتَها واستحملتهن إصبع
يقول لما ضرب في الإبل هذا الفحل عاشت أولادها وكانت قبل ذلك مَقاليت لا يعيش لها ولد.
وقوله: (واستحملتهن إصبع) أي ظهر عليهن أثر حسن المرعى.
والعرب تقول: ما أحسن إصبع فلان على ماله.
ومن تدبر هذا التأويل وجده لا يشاكل ما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لأنه قال في دعائه: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) فقالت له إحدى أزواجه: أو تخاف يا رسول الله على نفسك فقال: ((إن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الله)) . فلو كان قلب المؤمن بين نعمتين من نعم الله لكان القلب محفوظاً بتينك النعمتين فلأي شيء دعا بالتثبيت. ولم