المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: جامع الطلاق - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: جامع الطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ –‌

‌ كتاب النكاح والطلاق (9)

‌باب: جامع الطلاق

- باب: عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً - باب: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل - باب: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها - باب: عدة الأمة إذا توفي سيدها أو زوجها - باب: ما جاء في العزل.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يقول: هل إذا دعت أو دعيت العائلة للوليمة يكون الوجوب في حق كل أفراد العائلة، وإذا تخلف أحد من أفراد العائلة هل يدخل في النهي؟

يعني إذا قيل: فلان وعائلته، أما من نص عليه باسمه هذا لا يسعه إلا إجابة الدعوة، يجب عليه، أما من أجمل مع غيره ولم ينص عليه هذا لا يجب، إنما يتأكد في حقه لكن لا يجب عليه، وأيضاً يفرق بين من أمره بيده ومن أمره بيد غيره، من أمره بيده له حكم، ومن أمره بيد غيره له حكم آخر، فيفرق بينهم من هذه الحيثية.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع الطلاق

وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف اسلم

أسلَمَ.

قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة حين أسلم الثقفي: ((أمسك منهن أربعاً، وفارق سائرهن)).

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول: سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يقول: أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجاً غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول، فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها.

قال مالك رحمه الله: وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها.

ص: 1

وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة، وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما، فقال: طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا، قال: فقلت: هي الطلاق ألفاً قال: فخرجت من عنده، فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله وقال: ليس ذلك بطلاق، وإنها لم تحرم عليك، فارجع إلى أهلك، قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذٍ بمكة أمير عليها فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر، قال: فقال لي عبد الله بن الزبير: لم تحرم عليك، فارجع إلى أهلك، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري، وهو أمير المدينة يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن، وأن يخلي بيني وبين أهلي، قال: فقدمت المدينة فجهزتُ صفية امرأة عبد الله ....

فجهزتْ

أحسن الله إليك.

قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر وامرأتي

امرأتي، امرأتي.

أحسن الله إليك.

جهزت امرأتي.

قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها الذين آمنوا}

يا أيها النبي.

أحسن الله إليك.

قرأ: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن}

قبل، يعني لاستقبال العدة.

أحسن الله إليك.

{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن} .

قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة.

ص: 2

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها، ثم قال: لا والله لا آويك إلي، ولا تحلين أبداً، فأنزل الله تبارك وتعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذٍ من كان طلق منهم أو لم يطلق.

وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديَلي

الديْلي.

أحسن الله إليك.

عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها، ولا يريد إمساكها كيما يطول بذلك عليها العدة ليضارها، فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [(231) سورة البقرة] يعظهم الله بذلك.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران، فقالا: إذا طلق السكران جاز طلاقه، وإن قتل قتل به.

قال مالك رحمه الله: وعلى ذلك الأمر عندنا.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما.

قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع الطلاق

يعني المسائل المتفرقة التي لا يجمعها باب واحد؛ لعدم تماثلها في الأحكام، تجمع هذه المسائل المتفرقة في باب يسمونه الجامع، والإمام مالك رحمه الله في جميع الكتب السابقة من موطئه يصنع هذا.

باب: جامع الطلاق

ص: 3

قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف" اسمه كما جاء في الروايات: غيلان بن سلمة الثقفي، أسلم وعنده عشر نسوة، ما زاد على أربع حرام، وإذا تزوج خامسة فنكاحها باطل، وعقدها ليس بصحيح، ولا تحتاج إلى طلاق، إذا تزوج الخامسة بعد تحريم ما زاد على الأربع، لكن غيلان ما كان عنده مشكلة؛ لأنه كان مشركاً ينكح ما شاء، ويوجد الآن في بعض القبائل الإفريقية من عنده عشر، من عنده عشرون، من عنده مائة من النساء، فإذا أسلم الواحد منهم يمسك أربعاً، ويسرح ما زاد على ذلك، وحينئذٍ يختار، لماذا لم يقل: اختر الأربع الأول والست الباقية دخلت على الأربع فنكاحها ليس بصحيح؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم هو حال كفره، فهل يعامل في مثل هذه الصورة معاملة المسلم؟ لا؛ لأنه بالنسبة للعقد لا فرق بين الأولى والعاشرة في حال الكفر، وعلى هذا يخير، ولا شك أن مثل هذا من باب الرفق به، كونه يختار الأفضل فالأفضل عنده أولى من أن يقال: طلق من كانت بهذه الصفة، أو من كانت بهذه الصفة؛ لأنه قد يؤمر بإمساك من لا يرغب فيها، ولذا أسلم شخص عن خمس من النسوة، فقيل له: أمسك أربعاً وفارق واحدة، يقول: فنظرت فإذا عتود عندي منذ ستين سنة فطلقتها، قديمة عنده، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه تسريح، هو تسريح على كل حال، هو يطلق باعتبار أن من أسلم فرق بين من يعقد على خامسة في الإسلام هذا ما يحتاج إلى طلاق؛ لأن النكاح ما انعقد أصلاً، بينما انعقد عليها في حال الكفر نعم يطلق، لماذا؟ لأن الإسلام جاء وأقر العقود السابقة على ما هي عليه، ثم لما كان

، لو هن أربع مثلاً ما صار شيء نكاحه صحيح، فعلى هذا نكاحه للعشر صحيح فيحتاج إلى طلاق، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

في الإسلام؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 4

تعزير بالغ شديد، إلا إذا كان مما يجهل مثل هذا الحكم، وإلا إذا كان يعرف تعزير بالغ؛ لأن العقد على الخامسة بعد علمه به الآن العقد على المحارم عقد على زوجة أبيه، مثل هذا يعني فرق بين أن يطأ زوجة أبيه، هذا من أعظم المحرمات، لكن كونه يعقد عليها هذا استحلال لما أجمع على تحريمه، هذا مرتد، لكن لو عقد على خامسة؟ الإجماع عند من يعتد بقوله من أهل العلم على تحريم ما زاد على الأربع، لكن ليس كالإجماع على نكاح زوجة الأب؛ لأن الآية {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [(3) سورة النساء] تقتضي أن يكون العدد أربع، وجاء في النصوص ما يدل على أربع كحديث الباب، لكن ليست دلالته قطعية مثل دلالة تحريم نكاح زوجة الأب.

فهذا يعزر تعزير بالغ، ولا يحكم عليه بالردة مثل ذاك، من عقد على خامسة ما يحكم عليه، في أقوال شاذة حتى عند بعض من أهل العلم النكاح إلى تسع، وليس خاص هذا القول بالرافضة يقولون بهذا، لكن غيرهم قد يستروح، ويظن أو دلالة الآية عنده تقتضي هذا:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [(3) سورة النساء] اجمع يصير تسع، يعني إذا فعل ذلك فاهماً دلالة الآية على هذا شبهة هذه، فلا يحكم بردته لكنه يعزر تعزيراً بالغاً، أما من عقد على أخته، أو على عمته، أو زوجة أبيه مما دلت النصوص القطعية على تحريمه، وأجمع العلماء على ذلك، ولم يوجد مخالف، والنصوص لا تحتمل هذا مرتد، ولذلك الذي عقد على زوجة أبيه أرسل له النبي عليه الصلاة والسلام من يقتله، ويخمس ماله.

ص: 5

قال رحمه الله: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجاً غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها" يعني نكاحها للزوج الثاني لا يلغي النكاح السابق، بينما لو كانت مبتوتة، لو طلقها ثلاثاً، ثم نكحت زوجاً غيره، ثم رجعت إلى الأول ترجع صفر، من جديد، وهذه ترجع بطلاقها الأول، واحدة أو اثنتين، وهي المسألة التي سأل عنها عمر -رضي الله تعالى عنه- أبا هريرة، وكأن أبا هريرة نسب هذا إلى عمر من خلال هذا السؤال والإقرار، أو يكون سمعه بعد ذلك أو قبل ذلك، المقصود أن هذه المسألة سأل عمر -رضي الله تعالى عنه- أبا هريرة عنها، فقال: ترجع بطلاقها الأول، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أهل العلم يستدلون به على هذا، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني من باب أولى، يعني إذا هدم الزوج الثاني الثلاث يهدم الثنتين ويهدم الثالثة، لكن هذا معروف عن عمر -رضي الله تعالى عنه-، وكون المطلقة المبتوتة تهدم هذا واضح؛ لأنها تحل له، ولو بقيت الثلاث ما حلت له، وكونها تهدم واحدة ويبقى ثنتين أو واحدة لا دليل عليه، يعني المطلقة المبتوتة يعني إذا قلنا: المطلقة مرتين ترجع بطلقتيها لماذا لا يقال: إن النكاح هدم الثالثة وبقيت الثانية؟ صارت بحكم الرجعية، لأنه قد يقال مثل هذا، أو يقال بالمقابل: إذا كان النكاح يهدم الثلاث فلماذا لا يهدم الثنتين؟ المسألة مسألة مع النصوص، جارية مع النصوص، أما المبتوتة فإنها ترجع صفراً بدون طلقات، وهذا مقتضى {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] فإذا نكحت فلا يخلو إما أن يقال: إنها ترجع صفر، أو ترجع بطلقتين فتلغي الأخيرة فقط؟ الزوجة الثانية أو الأخيرة فقط، أو ترجع بواحدة، وكل هذا لا دليل عليه.

"قال مالك: وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها".

ص: 6

قال: "وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب" ابنه، هذه أم ولد أبيه "فجئته فدخلت عليه، فإذا سياط موضوعة" لأن بعض الناس يأنف أن تتزوج أمه بعد أبيه، أو تزوج زوجة أبيه يأنف من هذا، وهذا أم ولد لأبيه "قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة وإذا قيدان من حديد، وعبدان له قد أجلسهما" مبيت شر "قال: طلقها وإلا والذي يحلف به" وهو الله -جل وعلا- "فعلت بك كذا وكذا" يعني جلدتك بهذه السياط، وقيدتك بهذين القيدين من الحديد، وبواسطة هذين العبدين.

"قال: فقلت: هي الطلاق ألفاً" هي الطلاق ألفاً يريد أن يتخلص، وإن كان الطلاق على غير رغبته؛ لأنه لو كان الطلاق من رغبة منه ما احتاج إلى سياط، وما احتاج إلى قيود، المقصود أنه مكره "فقال: هي الطلاق ألفاً" يعني هل قوله: "ألفاً" يدل على رضاه أو على أنه من غير رضا؟ نعم؟ لأنه قد يقول قائل: إنها تطلق بواحدة ما الداعي لأن يقول: ألف؟ فقد أصدر الألف طلقة وهو مختار؛ لأن المكره يقتصر على أقل قدر يزول به الإكراه، يعني لو أن واحداً اعترض شخصاً، وقال: أعطني ألف، صائل قال: أعطني ألف، فإذا معه صرة فيها عشرة آلاف، قال: خذها كلها، هذا رضا وإلا ليس برضا؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا أقرب إلى الرضا ليش؟ لأنه يدفع بأقل قدر؛ يعني ممكن يقول له: لا، هذه تكفيك خمسمائة؟ نعم؟ يفاوضه على الأقل، لكن هنا ما فاوض، قال: الطلاق ألف، وهذا واضح، واضح أنه غضبان ومكره، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، هو خشي من السياط، خشية السياط.

ص: 7

"قال: فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني، فتغيظ عبد الله بن عمر" غضب على عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد "فتغيظ عبد الله، وقال: ليس ذلك بطلاق، وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك" نعم طلاق المكره، وأحياناً يستعمله بعض الولاة لأخذ البيعة لولده هذا حصل، يعني في عهد بعض بني أمية، وبني العباس حصل أنه يأتي بأهل الحل والعقد من تردد منه، أو خشي منه التردد من البيعة لولده، حلفه بالطلاق، حلفه فإذا كان مكرهاً على ذلك لم يقع طلاقه.

"فأرجع إلى أهلك، قال: فلم تقررني نفسي" يعني ما ارتحت، ومثل هذا الموضوع لا شك أنه يستمر التردد في النفس، بسببه؛ لأنه لفظ بالطلاق، فخشي أن يؤاخذ به ولو كان مكرهاً.

"قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذٍ بمكة أمير عليها، فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" هو يريد هذه الزوجة، وإلا لو كان الرغبة فيها أقل ما أخبره بفتوى ابن عمر حتى ينظر في اجتهاده هل يوافقه ابن عمر أو يخالف ابن عمر، لكن العالم إذا سئل، وكان متردداً في الحكم فسمع فتوى من غيره جزم به.

"قال: فأخبرته بالذي كان من شأني، وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" من أجل إيش؟ أن يقول مثل ما قال ابن عمر، لا شك أن أهل العلم يستأنس بعضهم بقول بعض، قد يكون متردداً ثم إذا سمع أن مثل عبد الله بن عمر صاحب التحري والتثبت قال له: إن زوجتك، وما حصل شيء، بل مكره، عزم على ذلك "وبالذي قال لي عبد الله بن عمر" وإلا فالأصل أن لا يخبره بما سمع من الفتوى حتى ينظر إلى ما عنده من علم ثم

، حينئذِ يناقشه، لكن ابن عمر قال لي كذا، فما حجتك مثلاً؟ أو يرجع إلى ابن عمر، فقال: قال لي ابن الزبير كذا، أو يرجح بثالث.

ص: 8

"قال: فقال لي عبد الله بن الزبير: لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة" يعني من قبل عبد الله بن الزبير "يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن، وأن يخلي بيني وبين أهلي" يسلمه زوجته "قال: فقدمت المدينة فجهزت صفية بنت أبي عبيد" أخت المختار مرت بنا أكثر من مرة "امرأة عبد الله، جهزت امرأتي" الآن ثابت بن الأحنف ويش علاقته بابن عمر لتقوم امرأة ابن عمر بتجهيز هذه المرأة؟ ابن عمر هو سبب الرد، فصارت العلاقة قوية، حتى أن امرأة ابن عمر جهزت المرأة، يعني ما جهزتها امرأة عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد، وهو أصلاً لا يرغب في الزواج.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن هي ما لها علاقة صفية هذه، لكن باعتبار أن ابن عمر هو الذي أفتاه، صار لهم شوب اتصال بهذا، يعني هو الذي سبب له الرجوع، فصار في شوب اتصال، وفي أيضاً قرابة بينهم، ابن عمه، لكن المرأة قال:"فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر، ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني" صار هناك صلة، يعني قد لا تكون هذه الصلة قبل مثل ما صارت بعد، يعني صار سبب مبارك، رد عليه زوجته، وإن كان هذا حكم شرعي، لكن أحياناً النفس، الناس يتفاوتون، منهم من يرضى بالحكم، وسلم تسليماً ولا يناقش، ولا، ومنهم من يبقى في نفسه شيء، يعني ذهب إلى فلان، فقال: عليك كفارة، ذهب إلى فلان، قال: ما عليك كفارة، تجده يميل إلى هذا الذي خفف عنه، فضلاً عن كون هذا حكم بأن زوجته بانت منه، وهذا أرجعها إليه، ولذلك تجدون الذين يفتون بعدم وقوع الطلاق في الثلاث، بعدم وقوع الطلاق في الحيض أحب إلى عموم الناس من الذي يفتون بالوقوع، ظاهر هذا، أحب إلى الناس من الذين يفتون بالوقوع، لا سيما من يطلق.

"ثم دعوت ابن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني".

قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها النبي} "

ص: 9

بالنسبة لطلاق المكره اختلف فيه فعند الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وجماعة من أهل العلم أنه لا يقع، وبه قال ابن عمر وابن الزبير كما في هذه القصة، قالوا: لا يقع، ومنهم من قال: إنه يقع، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وبعض أصحاب الشافعي يفرقون بين أن ينوي الطلاق بعد الإكراه، وبين أن لا ينوي، فإن نواه وقع، وإن لم ينوه لم يقع، يعني أكره على الطلاق فنواه، كمن أكره على الوقوع في الفاحشة، يقول أهل العلم: إن الزنا لا يمكن إكراه الرجل عليه، لماذا؟ لأنه لا ينتشر إذا أكره عليه، وكان بالفعل مكره، لكن إن رضيت نفسه بذلك بعد الإكراه، ولا شك أنه يأثم، بدليل

، دليل الرضا أنه انتشر وجامع، ولو لم يرضى بالفعل وصادق ما حصل منه هذا، هذا حجة من يقول: إن الزنا لا يمكن الإكراه عليه.

وهنا لو كان بالفعل مكرهاً ما نوى إيقاعه إلا بمجرد اللسان وقلبه مطمئن إلى زوجته مرتاح إليها، أما إذا نواه فزال حكم الإكراه، ولذا يفرق بعض الشافعية عن هذا وهذا.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه بعد الزوال. . . . . . . . . بعد زوال الإكراه.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا لا، هم يوقعونه، ما دام لفظ الطلاق صريح لا يحتاج إلى نية ولا يحتاج إلى

، خلاص، فأبو حنيفة وأصحابه قالوا: هو واقع، وكذلك عتقه دون بيعه، ففرقوا بين البيع والطلاق والعتق، البيع لا يصح، والطلاق والعتق يقع، من الأدلة ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) مع قوله -جل وعلا-:{إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل] فإذا كان الشرك والكفر لا يقع مع الإكراه، إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان فلئن لا يقع الطلاق من باب أولى.

"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر قرأ: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن} " يعني لوقت عدتهن، لاستقبال عدتهن.

ص: 10

"قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة" لا يطلق في حيض؛ لأنه لا تستقبل به العدة ولا يعد منها، ويكون الطلاق في الطهر، لكن دلالة الآية على أن الأقراء هي الأطهار كما قالوا وجه الاستدلال من الآية، يعني من يرى أن الأقراء هي الأطهار، وهذا قول عائشة رضي الله عنها وقد تقدم، وبه يقول المالكية والشافعية، استدلوا بالآية، وفي تفسير عائشة أن {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] استقبال عدتهن في الطهر، مثلما هنا، ولا شك أن الطهر القرء لا شك أن القرء مشترك بين الحيض وبين الطهر، ومن اختار كل له أصل، وكل له ما يدل له، وعرفنا المسألة فيما تقدم، ومن أقوى الأدلة للحنابلة والحنفية ((دعي الصلاة أيام أقرائك)) يعني الحيض.

قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان له ذلك وإن طلقها ألف مرة" يعني هذا قبل تحديد الطلاق بالثلاث "فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها، ثم قال: لا والله لا آويك" أوى يأوي، أو يؤي، أوى يأوي إذا أوى بنفسه، لا آويك، يعني لا آوي إليك، لا آويك يعني لا آوي إليك، ولا يؤويك، أو أويك إذا أراد أن تأوي إليه "إلي، ولا تحلين أبداً" ولو قال: لا آويك إلي، يعني لا أضمك إلي "ولا تحلين أبداً، فأنزل الله تبارك وتعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذٍ" لما نزلت الآية من طلق مرة مرتين، ثلاث، عشر، مائة، بدأ من جديد؛ لأن الحكم إنما يلزم العمل به من بلوغه "من يومئذٍ من طلق منهم أو لم يطلق" وهذا مرسل؛ لأن عروة ما أدرك وقت نزول الآية، وقت التنزيل، ولا أدرك السبب، سبب النزول، لكنه موصول عند الترمذي.

ص: 11

قال: "وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها، وإنما من أجل الإضرار بها، ولا يريد إمساكها كيما يطول بذلك عليها العدة ليضارها، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [(231) سورة البقرة] يعظهم الله بذلك" أنه إذا أراد الرجعة والإمساك أن يكون عن رغبة لا عن إضرار.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا: إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل به".

"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا" السكران لا شك أنه لا يعقل، والعقل مناط التكليف، فالمجنون لا يقع طلاقه، فهل في حكمه السكران؟، بينهما وجه من الشبه وبينهما شيء من الافتراق، فوجه الشبه بين السكران، والمجنون كلاهما لا يدري ما يقول، لا يعي ما يقول، كلاهما لا يعي، فهو من هذه الحيثية مثله، لكن الفرق بينهما أن المجنون لم يكن سبباً في جنونه بخلاف السكران، هو المتسبب في إزالة عقله، فإيقاع الطلاق عليه إيقاع الطلاق بالنسبة للسكران من باب التشديد في العقوبة عليه، باعتبار أن هذا الأمر هو الذي ارتضاه فيتحمل تبعته، ومن باب ربط الأسباب بالمسببات، فما دام هو المتسبب يتحمل ما ترتب على هذا السبب من أثر.

الجمهور من الفقهاء يوقعون طلاق السكران، وقال قوم: لا يقع، وهؤلاء منهم المزني وبعض أصحاب الشافعي وداود وأبو ثور وإسحاق، والسبب في ذلك، سببه اختلافهم هل حكمه حكم المجنون أو بينهما فرق؟ فمن أوقعه قال: إنه هو الذي أدخل الفساد على عقله فيوقع تغليظاً عليه، ومن لم يوقعه قال: إن العقل شرط التكليف، وجاء عن عثمان رضي الله عنه أنه لا يرى طلاق السكران، وزعم بعضهم أنه لا مخالف له من الصحابة.

ص: 12

في قصة ماعز لما جاء معترفاً بالزنا، وردده النبي عليه الصلاة والسلام قال:((استنكهوه))، ((أبك جنون؟ )) قال: لا، سأل قومه قالوا: ما علمنا إلا أنه وفي العقل من صالحينا، يعني ما فيه جنون، ثم قال:((استنكهوه)) قال: ((شربت خمرا؟ )) قال: لا، قال:((استنكهوه)) شموه؛ لأن مثل هذا الترديد من النبي عليه الصلاة والسلام القصد منه أن يرجع عن اعترافه، وما رجع فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يتأكد ومثل هذا يفعل مع من تقع منه الهفوة أو الزلة ويأتي تائباً منيباً لينفذ عليه الحد، والمجتمع نظيف، ما فيه من القضايا ما يجعل الوالي يضرب بيد من حديد على هؤلاء المجرمين؛ لأن مثل هذا الصنيع والترديد لماعز والتلقين هذا ما يصلح لكل شخص كما أنه لا يصلح لكل مكان، ولا يصلح لكل زمان، فالظروف لا شك أنها تختلف، والأشخاص يختلفون، يعني فرق بين من حصلت منه هفوة أو زلة، ثم جاء تائباً إلى الله -جل وعلا- وإلى رسوله ليقام عليه الحد، مثل هذا لا شك أن توبته هدمت أثر الذنب، ولعله يبقى فيعمل صالحاً، ويفيد ويفاد منه، مثل هذا لا مانع من أن يستر عليه، وبين أن يلقن بعض ما يدعوه يرجع عن إقراره، وبين شخص له جرائم وله سوابق، وكل ما كاد أن يقع فر، وآذى المسلمين وهتك أعراضهم، مثل هذا لا يلقن، بل هذا يفرح به، ولا يستر عليه، وفرق بين أن يكون المجتمع لا نسبة لوقوع المخالفات فيه، يعني لا تكاد تذكر النسبة، يعني في العهد النبوي خمس قضايا من الزنا فقط، طول مدة الرسالة، وبعد ذلك يأتي من يقول: إن مثل هذه القضايا سهلة، حتى قال بعضهم صرح بأن عشرة بالمائة ما تعد ظاهرة، نسأل الله العافية، يعني إذا كان البلد فيه مليون وزنى مائة ألف هذه ما هي بظاهرة، لا، إذا وصل الأمر إلى هذا الحد لا بد من الحزم والعزم في القضاء على دابر الفساد والمفسدين.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما".

"قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا" لأن النفقة واجبة عليه، فإذا عجز قصر في النفقة لا شك أن لها طلب الفسخ؛ لأنه لا يمكن بقاؤها بدون نفقة، نعم.

أحسن الله إليك.

ص: 13