المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ذكر العقول - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٦٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ذكر العقول

ما يحتاج إلى التنصيص

بيننا وبينهم ميثاق إذا كانوا مؤمنين ما يحتاجون إلى تنصيص، فيرثونه على كل حال، وتجب الدية على كل حال كالقسم الأول، لكن الكلام إذا كانوا مخالفين له في الدين، فهل نقول: إن هذا إرث يرثون هذه الدية كسائر أمواله؟ ومعلوم أن اختلاف الدين مما يمنع الميراث، أو نقول: إنه كافر مثلهم كما قال جمع من أهل العلم -ولعلهم الأكثر-؟ يقولون: فيه الدية وفيه الكفارة، إذا كان من قوم بيننا وبينهم ميثاق، أو نقول: إن أخذهم الدية لا على سبيل الإرث؟ ويش تكون إذا لم تكن على سبيل الإرث؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

معاوضة باعتبار أنه لو جنى لكانت عليهم الدية؛ لأنهم هم عاقلته، والغنم مع الغرم، وعلى كل حال كلام أهل التفسير في الآية كثير جداً، ومنهم من يرى أنها خاصة بالمؤمن إذا قُتل خطأً، ومنهم من قال: إن القسم الثالث يتناول الكافر.

يقولون: سميت الدية عقلاً لأن الأصل فيها الإبل، وهي تعقل، فإذا سلمت وودي القتيل عقلت عند دار أهله، فسميت بهذا تسمية لها بالمصدر، ثم توسع في استعمال هذا اللفظ حتى شمل الديات كلها إبلاً كانت أو دراهم أو دنانير، فإنها تسمى دية، وتسمى أيضاً عقل.

قال رحمه الله:

‌باب: ذكر العقول

العقول: جمع عقل، والمراد به أيضاً الديات، ديات النفوس التي تختلف باختلاف الأجناس بين ذكر وأنثى، ومسلم وغير مسلم، وديات أيضاً الأعضاء.

ص: 6

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه -أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم- أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لجده عمرو بن حزم" أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، طريقة التحديث هنا أولاً: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم صحابي وإلا غير صحابي؟ نعم غير صحابي، وجده عمرو بن حزم صحابي، وهو يحكي القصة، يحكي الكتاب الذي كتب لجده، ولم يلق جده "أن في الكتاب" ويحكيها بصيغة (أن) فهو مرسل عند أهل العلم، الحديث مرسل؛ لأنه من رواية تابعي لقصة لم يشهدها، قد يكون وقف على الكتاب، والكتابة والمكاتبة طريق من طرق التحمل المعروفة عند أهل العلم الثمانية منها: الكتابة والمكاتبة، وهذا منها، كتب النبي عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم، فروايته لهذه الكتابة هو ليس بكاتب، ولا مكتوب له، وليس بطرف في الكتابة، إنما يروي هذه الكتابة عن طريق الوجادة، إذا قلنا: إنه اطلع على الكتاب قلنا: وجادة، فهو وجد في الكتاب الذي كتبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى جده عمرو بن حزم، ولا شك أن مثل هذا يحكم بانقطاعه، وإن كان فيه شوب اتصال كما يقول أهل العلم، الأصل فيه الانقطاع؛ لأنه لم يلق المكتوب له، يعني كما نجد بخط عالم نعرف خطه، وجدنا بخط شيخ الإسلام، أو وجدنا بخط شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، أو عالم لم ندركه، ونحن لا نشك أن هذا خطه هذه وجادة، لكن لا يحكم باتصالها، إنما هي منقطعة، إلا لو وجدنا بخط الشيخ يعني إذا وجد الإنسان الواجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، باعتبار أنه لقيه، وروى عنه يروي عنه هذا، بخطه الذي لا إشكال فيه، أما أن يروي عن شخص لم يعاصره بمجرد الوجادة، هذا يحكم عليه أهل العلم بالانقطاع، لكن قالوا: فيها شوب اتصال باعتبار أن الخط لا يشك فيه، وأن الإنسان وقف على هذا الخط كما يوجد في الكتب وفي حواشي الكتب دائماً نقف ويقف غيرنا في المخطوطات على حواشي كتبت بخط عالم من أهل العلم تنسب إليه، النسبة إليه صحيحة بحيث لا يشك في الخط، أما إذا وجد أدنى نسبة للشك فلا.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

لا، يروي بالوجادة، يقول: وجدت بخط فلان.

عبد الله بن الإمام أحمد كثيراً ما يقول: وجدت بخط أبي، وهو يروي عنه، وجدت بخط أبي، وهذا أولى ما يقال؛ لأنه بيان للواقع بدقة، وجدت بخط أبي، وجدت بخط الشيخ فلان، وجدت بخط شيخ الإسلام، ومعروف خطه، نعم، فهذه أولى ما يقال؛ لأن فيها بيان الواقع، لكن إذا وجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، أو بخط والده وقل مثل هذا في الوصايا والأوقاف، وما أشبه ذلك إذا كان لا يشك بخطه، فأهل العلم يقررون أنه له أن يحلف عليه؛ لأنه غلبة ظن، ويجوز الحلف على غلبة الظن، إذا وجد بخط أبيه الذي لا يشك فيه أن له ديناً على فلان ابن فلان، نعم فإنه يحلف عليه بناءً على جواز الحلف على غلبة الظن، وهذا منه، وإن كان التقليد وارد، تقليد الخطوط وارد، كما أن تقليد الأصوات أيضاً موجود، لكن الكلام فيما إذا لم يساوره أدنى شك.

وعلى كل حال على أن الخبر مرسل إلا أنه متلقى بالقبول عند أهل العلم، وابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول: تلقي العلماء للخبر بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق.

"أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم" عرفنا وجه الانقطاع أنه يحكي قصة لم يحضرها، وإنما وقف عليها مكتوبة "أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم" الرسول يكتب وإلا ما يكتب؟

طالب: ما يكتب.

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

لكن الرسول يكتب وإلا ما يكتب؟

طالب: ما يكتب.

{وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [(48) سورة العنكبوت] معروف أنه لا يكتب هذا بالنص القطعي، الرسول لا يكتب، وإنما أمر بالكتابة، والفعل ينسب إلى من أمر به، كما أنه ينسب إلى من باشره، واختلفوا هل كتب النبي عليه الصلاة والسلام يوم الصلح أو لم يكتب؟ لأن علياً رفض رضي الله عنه أن يمسح من محمد رسول الله، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام القلم فمحاه وكتب، في الصحيح، فهل هذه كتابة أو أمر كما هنا؟ أمر عند أكثر أهل العلم، وإن كان أبو الوليد الباجي يقول: إنه كتب بخطه، وكتابة الكلمة والكلمتين لا تخرجه عن كونه أمياً عليه الصلاة والسلام، ورد على الباجي، بل ضلله بعض أهل العلم، وردوا عليه بقوة وقسوة.

ص: 8

"أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول" يعني في الديات "أن في النفس" يعني في قتل النفس "مائة من الإبل" وهذا في قتل الخطأ وشبه العمد، ومثله العمد إذا عدل عن القود إلى الدية "في النفس" كاملة مائة من الإبل "وفي الأنف إذا أوعي جدعاً" يعني استوعب كله، مسح مسحاً "مائة من الإبل" دية كاملة، فالإنسان كامل فيه الدية كاملة، وفي كل عضو منه غير متعدد، يعني واحد الدية كاملة، وما كان فيه منه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية، وما كان فيه منه ثلاثة ففي كل واحد ثلث الدية وهكذا، وما كان فيه منه عشرة فيه عشر الدية.

يتصور أن تكون الجناية على الشخص مع بقاء روحه في جسده أن يحكم له بديات، يعني لو كان القتل كامل إزهاق للنفس دية واحدة، جدع أنفه كاملاً، وقطع أذنيه، وفقأ عينيه، وقطع يديه، ورجليه، وقطع ذكره، وأنثييه، كم من دية هذه؟ نعم؟ وخلع أسنانه، نعم؟ كمن من ديات؟

طالب: ثمان.

ثمان، لو قال قائل: هل في هذا تسويغ للقاتل أن يجهز عليه؛ لأنه بدلاً من أن يدفع ثمان ديات دية واحدة؟

طالب:. . . . . . . . .

لا يجوز، نعم عندك الآن الأنف إذا أوعي جدعاً كم فيه؟ مائة من الإبل، دية كاملة، اليد الواحدة كم فيها؟ نصف الدية، العين الواحدة نصف الدية، وفي كل شيء منه شيئان نصف الدية، وثلاثة ثلث الدية وهكذا، إذا اجتمعت تجمع الديات.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

في كل حاسة من الحواس دية، لكن في العين؟ نصف الدية، في العينين؟ دية، يجتمع ثمان ديات، وقد حصلت، حكم بها، حكم بها ثمان ديات معروفة، شخص معروف اعتدي عليه فضرب، فتعطلت منه حواسه، وتلف بعض أطرافه وحكم له بديات.

ص: 9

أولاً: لا يسوغ للإنسان أن يجهز على مثل هذا، فإن قتله بعد ذلك كله صار قتله عمداً -نسأل الله السلامة والعافية-، ما دامت الروح في الجسد، وهو إنسان كامل الحقوق، ومثل هذا لو كان في العناية، وعايش على الأجهزة، وروحه في جسده، قتله قتل عمد، وهذا شرع، لا بد من التسليم، نعم يوجد في الأنظمة الوضعية أنه مع ذلك ينفق عليه حتى يموت، وهذا يدعوهم إلى الإجهاز عليه، المسألة ما تنتهي، يدعوهم إلى الإجهاز عليه، يتخلص من الإنفاق عليه إلى أن يموت، فمثل هذا كل شيء له حكمه في الشرع، وهناك مسائل لا يملك المسلم إلا أن يرضى ويسلم، كما قيل في قطع اليد في السرقة، ربع دينار تقطع بها اليد، ثلاثة دراهم أترجة قيمتها ثلاثة دراهم قطعت بها اليد، .... في عهد عثمان رضي الله عنه، وديتها كم؟

طالب: خمسون.

خمسين من الإبل، أو خمسمائة دينار، ومع ذلك تقطع بهذا المبلغ اليسير، لا نقول: التافه؛ لأن اليد لا تقطع في الشيء التافه كما قالت عائشة، الشيء اليسير، ثلاثة دراهم، ومع ذلك هذا كله شرع علينا أن نرضى ونسلم، وإذا تصورنا المعنى وجدناه عين الحكمة؛ لأنها لما كانت أمينة كانت ثمينة، ولما خانت هانت.

"أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعي جذعاً مائة من الإبل" مائةٌ وإلا مائةً؟ إيش عندكم؟ الأولى مائةً، والثانية مائةٌ كذا عندكم؟ يجوز وإلا ما يجوز؟

"وفي المأمومة ثلثُ أو ثلثَ، وفي الجائفة مثلها، وفي العين خمسون" ما قال: خمسين، وفي اليد خمسون، وهكذا في الرجل، وفي كل أصبع، يجوز الرفع على معمول (إن) مرفوعاً، العطف على معمول (إن) بالرفع شريطة أن تستوفي خبرها، أما إذا لم تستوف فلا يجوز.

يقول: "إن في النفس وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائةً من الإبل" لا بد أن تستوفي الجملة، أما إذا لم تستوف، تستوفي ركنيها المبتدأ والخبر، الاسم والخبر فإنه لا يجوز.

وجائزٌ رفعك معطوفاً على

معمول (إن) بعد أن تستكملا

يعني إذا استكملت الخبر لا بأس.

ص: 10