المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في كفن الميت: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٤٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في كفن الميت:

((ابدأن بميامينها)) مقتضاه أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى هذا مقتضى هذه الجملة ((ابدأن بميامينها)) مقتضى ذلك أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى ومقتضى قوله: ((ومواضع الوضوء منها)) والعطف على نية تكرار العامل وابدأن بمواضع الوضوء منها أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى الجملتان متفقتان أو بينهما شيء من الاختلاف؟ في اختلاف ظاهر، لكن نسلك بذلك مسلك الحي، يبدأ بمواضع الوضوء كالحي توضأ وضوءه للصلاة ثم بعد ذلك في الغسلات بعد الوضوء يبدأ بالميامن، كما أن الحي يفيض الماء على رأسه ثم يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في كفن الميت:

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال لعائشة -رضي الله تعالى عنها- وهو مريض في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، فقال أبو بكر: خذوا هذا الثوب لثوب عليه قد أصابه مشق أو زعفران فاغسلوه ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين، فقالت عائشة: وما هذا؟ فقال أبو بكر: الحي أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هذا للمهلة.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: الميت يقنص ويؤزر ويلف في الثوب الثالث، فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كفن الميت"

ص: 7

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب" في طبقات ابن سعد عن الشعبي: "إزار ورداء ولفافة بيض" جاء في السنن من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((البسوا ثياب البياض، فإنها أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم)) وصححه الترمذي والحاكم، وله شاهد حديث سمرة بن جندب بإسناد صحيح "بيض" فالبياض هو الأفضل لهذا الحديث وللأمر به:((كفنوا فيها موتاكم)) يرى الحنفية أن المستحب أن يكون في أحدها ثوب حبرة، وكأنهم أخذوا هذا بما جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام كفن في ثوبين وبردٍ حبرة، أخرجه أبو داود من حديث جابر وإسناده حسن، لكن روى مسلم والترمذي من حديث عائشة أنهم نزعوها عنه، يعني كأنه سجي بهذا البرد الحبرة المخطط ثم نزع عنه عليه الصلاة والسلام "سَحولية" أو سُحولية بضم السين أو فتحها سَحولية نسبة إلى سحول قرية في اليمن، قال الأزهري: بالفتح المدينة التي باليمن، وبالضم الثياب البيض النقية، ولا تكون إلا من قطن، إذا قلنا: نسبة إلى سَحول فالنسبة ماشية سَحولية نسبة إلى سَحول قرية باليمن، وإذا قلنا: سُحولية جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي يقول أهل العلم: ولا يكون إلا من قطن، يقول هذا: سقط من بعض النسخ نص الحديث الساقط يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سُحولية" يعني مفاده مفاد ما معنى سُحولية جمع سحل نسبة إلى السحول السُحول وهو جمع سحل، والنسبة حينئذٍ إلى الجمع، النسبة إلى الجمع عند أهل العلم إيش؟ شاذة، النسبة إلى الجمع شاذة، لا بد أن يرد الجمع إلى مفرده، ثم ينسب إليه، لكن يرد على هذا أنه إذا كان الجمع أشهر من المفرد كالأنصار مثلاً والأعراب نسب إلى الجمع هم صرحوا بأن النسبة إلى الجمع شاذة "ليس فيها قميص" الجمهور على أن الميت لا يكفن في القميص، وعن بعض الحنفية يستحب القميص، يستحب القميص لماذا؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كفن عبد الله بن أبي في قميصه، يعني ألبس عبد الله بن أبي في قميصه وأدخله القبر، وهذا فعله وذاك ما فعل به،

ص: 8

لكن ما كان الله -جل وعلا- ليختار لنبيه إلا الأكمل، وأما كونه يكفن في قميص النبي عليه الصلاة والسلام فهذا مكافئة له، وجبراً لخاطر ولده، ولده من خيار الصحابة، مكافئة له لأنه كسا العباس قميصاً لما جاء مهاجراً، المقصود أن مثل هذه قضية عين كونه عليه الصلاة والسلام كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص هذا ما اختاره الله -جل وعلا- لنبيه، وما كان الله ليختار لنبيه الإ الأكمل "ليس فيها قميص ولا عمامة" الذين يقولون: يكفن في القميص ماذا يجيبون عن هذا الحديث؟ يقولون: ليس فيها يعني في الثلاثة، فلا يمنع أن يكون ليس في العدد وهو موجود، لكن هل هذا ظاهر اللفظ، لا، ظاهر اللفظ يعني المعنى المتبادر من اللفظ أنه لا يوجد القميص البتة، لا يعني أنه يوجد قميص من غير الثلاثة، كما يقول بعض الحنفية، أو أنه لا يوجد قميص وعمامة مجتمعان، يعني قميص دون عمامة لا بأس، فالمنفي اجتماع القميص والعمامة، وليس المنفي القميص وحده أو العمامة وحدها، لكن هذا لا شك أنه إيش؟ تكلف، هذا تكلف ظاهر.

ص: 9

يقول: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أبا بكر الصديق قال لعائشة" أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال لعائشة رضي الله عنها "وهو مريض في مرض موته، في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " يسأل في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أهل العلم: ذكر ذلك لها بصيغة الاستفهام توطئة لها على الصبر على فقده رضي الله عنه وأرضاه- يقولون: لأن مثل هذا لا يخفى على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه-، "فقالت: في ثلاثة أثواب" كان في مرض الموت ويقول لها: في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ليذكرها بمصيبة النبي عليه الصلاة والسلام، فتهون مصيبتها به -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، ولا شك أن من أصيب وتذكر المصاب به عليه الصلاة والسلام تهون جميع المصائب "فقالت: في ثلاثة أثواب بيضٍ سحولية، فقال أبو بكر: خذوا هذا الثوب لثوب كان عليه يمرض فيه قد أصابه مشق" بكسر الميم وإسكان الشين المغرة عند أهل المدينة، يعني اختلاط البياض بالحمرة، المشق يقولون: هو المغرة اختلاط البياض بالحمرة، وما زال مستعمل مثل هذا، يقال: هذا شيء أمغر، واللبن فيه مغر إذا كان مختلط بشوب من الدم، أحياناً إذا حلبت الناقة أو الشاة أو العنز ظهر مع اللبن شيء أحمر يسمونه مغر، على كل حال هذا معنى المشق "أو زعفران" أو هذه شك "فاغسلوه" ليزول عنه اللون الذي فيه وإلا فالثوب الملبوس لا يجب غسله "ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين" لتكون ثلاثة، يعني كما كفن النبي عليه الصلاة والسلام "فقالت عائشة: وما هذا؟ " يعني ثوب مستعمل لخليفة المسلمين؟! الخليفة الإمام الأعظم يكفن في ثوب فيه مغرة ما هذا؟ وفي رواية البخاري: "قلت: إن هذا خلق" يعني ما يليق بإمام المسلمين "فقال أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هذا للمِهلة" أو المُهلة أو المَهلة روي بالكسر والضم والفتح، والمراد به الصديد والقيح الذي يسيل من الجسد.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف -الزهري- عن عبد الله" عن عبد الله كذا عندكم في كل النسخ؟ يعني ما في عبد الرحمن أبداً؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10

ما فيها طبعة فيها عبد الرحمن عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن إيش؟ من اللي يقوله؟ في نسخه يعني من رواية يحيى؟ هذه النسخة هي الصواب، لا أقول: إن عبد الرحمن هو الصواب، لكن وجوده في النسخة هو الصواب، والصواب أنه عبد الله، لماذا؟ لأن يقول ابن عبد البر وغيره: عن عبد الله بن عمرو بن العاص هذا هو الصواب، وغلط يحيى فسماه عبد الرحمن، دليل على أن تسمية عبد الرحمن من عند يحيى، من الأصل، فالأصل أن لا تصحح مثل هذه، تترك كما هي عبد الرحمن، ويبين الصواب في الحاشية، يعني إذا أردنا أن نصحح الكتب من روايات أخرى، الأصل أن يعتمد الإنسان في كتابه على رواية واحدة، ويشير إلى ما عداها يعتمد أرجح الروايات بصوابها وخطئها ثم يصحح الأخطاء من الروايات الأخرى، ولا يتصرف في الكتاب، يبقي الخطاء كما هو في الكتاب ويعلق عليه، يقول: كذا والصواب كذا كما في وراية فلان، أما أن يهجم على رواية يحيى ويقول: عن عبد الله بن عمرو بن العاص وروايته عبد الرحمن هذا خطاء عبد الرحمن بن عمرو بن العاص.

طالب:. . . . . . . . .

إيش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

لا يمكن أنه من قبل عبد الباقي، ما يلزم أن يكون هو، لا هو موجود في نسخ عتيقة، ما يلزم أن يكون هو هو وجده هكذا، لكن رواية يحيى الذي فيها عبد الرحمن فالنساخ من الأصل لا يجوز لهم أن يتصرفوا، يعني وجدنا ابن عبد البر يقول: الصواب عبد الله نمسح ونصحح ما هو بصحيح، يبقى كما هو، ثم يشار إلى الصواب في الحاشية، الآن يفاضل بين النسخ، يرجح بين النسخ إن كان هناك نسخة معتمدة عليها سماعات لأهل العلم موثقة تعتمد بما فيها، ويصحح الخطأ في الحاشية، إذا كان ما هناك ميزة لأحد النسخ عن غيرها فيعتمد الصواب في الأصل، ويشار إلى اختلاف النسخ في الحاشية، ويبقى أن كثير ممن يسلك هذا المسلك الذي يسمونه النص المختار كثير منهم يرجح أمور الراجح الذي في الحاشية، وهذا أمر في غاية الأهمية اعتداء على كتب أهل العلم، فالذي لا يأنس من نفسه الأهلية والكفاءة لا يتصدى لتحقيق كتب أهل العلم.

ص: 11