المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: العمل فيمن أعطى شيئا في سبيل الله - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: العمل فيمن أعطى شيئا في سبيل الله

"أهي منزلة الكلام؟ فقال: نعم، وإني أرى أن يتقدم إلى الجيوش ألا تقتل أحداً أشاروا إليه بالأمان" يعني هي بمنزلة الكلام، هل نقول: إنها في هذا الباب وفي باب الصلاة يختلف؟ يعني لا تبطل الصلاة؟ كما في حديث صلاة الكسوف لما جاءت أسماء في الصحيح، في البخاري، فرأت الناس يصلون، فاستفهمت ما هذه؟ فأشارت عائشة إلى السماء بأصبعها، فقالت: آية؟ فقالت عائشة: أي نعم، إشارة، فهل هذا مما يبطل الصلاة أم لا؟ عائشة ما أعادت الصلاة، ولا قال أحد ببطلان صلاتها، على كل حال الأبواب أو التصرفات تختلف من باب إلى باب، بعض الأبواب أخف من بعض، وبعضها يحتاط له أكثر من بعض، وما يتعلق بالمخلوق أمره أشد، والذي معنا من باب ما يتعلق بالمخلوق "لأن الإشارة عندي بمنزلة الكلام، وإنه بلغني أن عبد الله بن عباس يقول: ما ختر قوم بالعهد -يعني غدروا به أشد الغدر ونقضوه- إلا سلط الله عليهم العدو" لأن هذه معصية، وتسليط العدو عقوبة يستحقها المسلم إذا عصى.

سم.

أحسن الله إليك.

‌باب: العمل فيمن أعطى شيئاً في سبيل الله

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا أعطى شيئاً في سبيل الله يقول لصاحبه: إذا بلغت وادي القرى فشأنك به.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له.

قال يحيى: وسئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه أو أحدهما، فقال: لا أرى أن يكابرهما، ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر، فأما الجهاز فإني أرى أن يرفعه حتى يخرج به، فإن خشي أن يفسد باعه، وأمسك ثمنه حتى يشتري به ما يصلحه للغزو فإن كان موسراً يجد مثل جهازه إذا خرج فليصنع بجهازه ما شاء.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: العمل فيمن أعطى شيئاً في سبيل الله

يقول -رحمه الله تعالى-

معروف أن العطية لا يجوز الرجوع فيها، لكن هنا عطية موقوتة.

ص: 3

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أعطى شيئاً في سبيل الله يقول لصاحبه: إذا بلغت وادي القرى فشأنك به" وادي القرى منزل كان بين المدينة والشام، ولماذا خصص وادي القرى؟ لأن الإنسان إذا وصله وبلغه يصعب عليه الرجوع، فيغلب على الظن أنه يستمر إلى ما قصده من الجهاد، لكن لو كان قال: شأنك به من المدينة، احتمال أنه يتملكه ويبيعه ولا يجاهد، لكن إذا قطع نصف المسافة لا شك أنه يتشجع لإكمالها، نظير ذلك لو أن شخص قال: لا أريد أن أدرس في المكان الفلاني في الكلية الفلانية، أو أدرس على الشيخ الفلاني، وهو يشرح الموطأ مثلاً، وأنا أحتاج لهذا الكتاب، أو أحتاج أدرس في كلية الشريعة أحتاج إلى حاشية الروض المربع مثلاً، يقول: أنا أعيرك الكتاب، خذ الكتاب، لكن لا يقول: عطية من أول الأمر؛ لكي لا يراه في يوم لاحق يباع في الكتاب المستعمل؛ لأنه ما يضمن استمراره ما دام في المستوى الأول، أو من الأيام الأولى من الطلب كثير من الطلاب يجربون، يحضرون عند الشيوخ يوم يومين أسبوع، ثم يتركون، فإذا أعطي الكتاب مآله إلا أن يباع، لكن إذا قال: إذا انتهى المجلد الأول فهو لك، إذا انتهى المجلد الأول من الكتاب لا شك أن الطالب يتشجع إلى الاستمرار بالحضور، ومثله لو قال: إذا وصلت إلى المستوى الخامس مثلاً فالكتاب لك، إذا أنهى نصف المرحلة الجامعية حينئذٍ يتشجع على إكمال النصف الثاني فلا يعطيه إياه عطية أو هبة تمليكاً من أول الأمر خشية أن يفرط به، فتقل منفعته، لكن يعطيه الكتاب لأن له أجر من قرأ فيه، وهذا يريد متابعة القراءة فيه، لا يريد أن يعطيه، لو أراد أن يعطيه ليبيعه وينتفع بثمنه أعطاه القيمة مثلاً، وهنا يقول:"إذا بلغت وادي القرى فشأنك به" لماذا؟ لأنه يصعب عليه الرجوع، ويسهل عليه متابعات ما قصد، ومثل هذا إذا انتصف في الدراسة يعني يصعب عليه أن يهدر السنتين، يعني إهدار الكتاب سهل، لكن إهدار سنتين من العمر صعب، فعلى هذا يضمن استمرار الانتفاع بكتابه، يضمن الاستمرار.

ص: 4

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له" لأنه إنما أعطي لينتفع به في الغزو، يقول: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له، يعني تحقق الشرط العرفي الذي من أجله دفع إليه هذا الشيء، يعني كأنه لما أعطاه الكتاب، ما يملكه من أول يوم، أو من أول مدة، يملكه إذا عزم على الإكمال، فإذا بلغ رأس مغزاته فهو له، كأنه قال: إن لم تقرأ فيه فليس لك، كأنه قال: إن لم تقاتل بهذا السيف، أو بهذه الفرس فليست لك، فإذا وصل، ولو أعطي عطية يعني بلفظ صريح، أريد أن أدرس قال: خذ استعن بهذا الكتاب على دراستك، فإنه لا يملك هذا الكتاب إلا إذا درس به بالفعل، كأنه قيل له: خذ هذا الكتاب شريطة أن تنتفع به في دراستك، طيب الجهات الحكومية توزع الكتب فهل يملكها من أعطيها من أول الأمر، أو لا يمكلها إلا بالانتفاع بها؟ يعني وزارة الشؤون الإسلامية وقبلها الإفتاء وجهات حكومية كثيرة والجامعات والمدارس توزع على الطلاب، لكن هل نقول: إن هذا شرط عرفي ولو لم يذكر أن هذه الكتب إنما وزعت للانتفاع ولو لم يكتب عليها وقف؟ إذا كتب عليها وقف انتهى الإشكال، الوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، هل نقول: إن مثل هذه الكتب يستفاد منها؟ ولو بغير القراءة تباع وينتفع بثمنها؟ أو نقول: إنها أعطيت بهذا الشرط؟ نعم هذا مقتضى الشرط العرفي الذي يذكره أهل العلم، وأن حكمه كالشرط الذكري، يمثلون له بأنه لو قيل لزيد من الناس: إن امرأتك زنت، فقال: هي طالق، فتبين أنها لم تزنِ، ما يقع الطلاق، الطلاق ما يقع، كأنه قال: إن كانت زانية فهي طالق، ونحن نرى الكتاب المستعمل والحراج وغيره مليئة بهذه الكتب التي توزع، ولا شك أن مثل هذا الاشتراط يحد من الدفع لغير المنتفع، ويوسع التوزيع على من ينتفع، فمثل هذا الأمر لا بد منه، ما نصبت هذه الجهات لأمور الانتفاع .. ، لوجوه الانتفاع الأخرى غير العلم.

ص: 5

"إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له" يعني إذا استعمله فيما وضع من أجله، "وسئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز، ثم إذا أراد أن يخرج منعه أبواه" ما استشار الأبوين قبل التجهز، تجهز وما استشار فمنعه أبواه والجهاد لا يجوز إلا بإذن الأبوين ((أحي والداك؟ )) قال: نعم، قال:((ففيهما فجاهد)) لا يجوز بغير إذنهم، والمراد بذلك الجهاد الذي هو لا يعارض به فرض العين الذي هو البر، وهو جهاد التطوع أو فرض الكفاية، لا يعارض به، أما الجهاد المتعين فأهل العلم يوازنون بين المصالح العامة والخاصة، الجهاد يتعين كما يقول أهل العلم في ثلاث مسائل:

إذا استنفره الإمام، أو داهمه العدو، أو حضر الصف لا يجوز له أن يفر من الزحف.

"حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه أن يخرج أو أحدهما، فقال: لا يكابرهما" لا يعاند ولا يكثر من الإلحاح إذا علم الله منه صدق النية أثابه ثواب الجهاد، إذا منعه من له حق المنع أثابه ثواب الجهاد "لا يكابرهما، ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر" لعل الوالدين يأذنان له "فأما الجهاز الذي تجهز به قبل أن يستأذن والديه فإني أرى أن يرفعه" إيش معنى يرفعه؟ يحفظه، يحفظه في مكان يحفظ به مثله "أن يرفعه حتى يخرج به من العام القادم إذا أذن له، فإن خشي أن يفسد" بأن كان طعاماً، ماذا يصنع به؟ "باعه وأمسك ثمنه" لأنه لا يرجع فيه "حتى يشتري به ما يصلحه للغزو، فإن كان موسراً

" إن كان معسراً يحجز هذا المال عنده؛ لأنه قد يحتاجه في العام القادم ولا يجده إذا أنفقه، أما إذا "كان موسراً يجد مثل جهازه إذا خرج فليصنع بجهازه ما شاء" لأنه بيتجهز مرة ثانية، موسر، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أيوه؟

طالب:. . . . . . . . .

الذي هو المجاهد الذي منعه أبوه؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا كأنه أخرجه لله فلا يعود فيه، أخرجه لله لا يجوز العود به، فإن كان أخرجه بالفعل وميزه عن ماله فلا يجوز بحال، وإن لم يخرجه بل نواه وقصده فهذا يجوز له أن يرجع فيه، ما لم يقرن ذلك بعهد {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ} [(75) سورة التوبة] نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6