الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ شَيْطَانِ الْوَسْوَسَةِ فِي الصَّلَاةِ)
قَوْلُهُ
[2203]
(إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يُلَبِّسُهَا عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي) أَمَّا خِنْزَبٌ فَبِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ زَايٍ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ وَيُقَالُ أَيْضًا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالزَّايِ حَكَاهُ الْقَاضِي وَيُقَالُ أَيْضًا بضم الخاء وفتح الزاى حكاه بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَفِي هَذَا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وَسْوَسَتِهِ مَعَ التَّفْلِ عَنْ الْيَسَارِ ثَلَاثًا وَمَعْنَى يَلْبِسُهَا أَيْ يَخْلِطُهَا وَيُشَكِّكُنِي فِيهَا وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ وَمَعْنَى حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا أَيْ نَكَّدَنِي فِيهَا وَمَنَعَنِي لَذَّتَهَا وَالْفَرَاغَ لِلْخُشُوعِ فيها
بَاب لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ وَاسْتِحْبَابِ التَّدَاوِي
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
[2204]
(لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فاذا أصيب دواء الداء بريء بِإِذْنِ اللَّهِ) الدَّوَاءُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَمْدُودٌ وَحَكَى جَمَاعَاتٌ مِنْهُمُ الْجَوْهَرِيُّ فِيهِ لُغَةً بِكَسْرِ الدَّالِ قال القاضي هي لغة الكلابيين وهو شاذوفى هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِحْبَابِ الدَّوَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَعَامَّةِ الْخَلْفِ قَالَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جُمَلٌ مِنْ عُلُومِ الدين والدنيا وصحة علم الطب وجواز التطيب فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتِحْبَابُهُ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ التَّدَاوِيَ مِنْ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ وَقَالَ كل شيء بقضاء وقدر فلاحاجة إِلَى التَّدَاوِي وَحُجَّةُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ وَأَنَّ التَّدَاوِيَ هُوَ أَيْضًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ وَهَذَا كَالْأَمْرِ بالدعاء وكالأمر بقتال الكفار وبالتحصن ومجانية الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إِلَى التَّهْلُكَةِ مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لايتغير والمقادير لاتتأخر ولا تتقدم عن أوقاتها ولابد مِنْ وُقُوعِ الْمُقَدَّرَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ فِي الطِّبِّ وَالْعِلَاجِ وَقَدِ اعْتَرَضَ فِي بَعْضِهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ فَقَالَ الْأَطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْعَسَلَ مُسَهِّلٌ فَكَيْفَ يُوصَفُ لِمَنْ بِهِ الْإِسْهَالُ وَمُجْمِعُونَ أَيْضًا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ مُخَاطَرَةٌ قَرِيبٌ مِنَ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُ يُجَمِّعُ الْمَسَامَّ وَيَحْقِنُ الْبُخَارَ وَيَعْكِسُ الْحَرَارَةَ إِلَى دَاخِلِ الْجِسْمِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ وينكرو أيضا مداواة ذات الجنب بالقسط مع مافيه مِنَ الْحَرَارَةِ الشَّدِيدَةِ وَيَرَوْنَ ذَلِكَ خَطَرًا قَالَ المازرى وهذا الذى قال هَذَا الْمُعْتَرِضُ جَهَالَةٌ بَيِّنَةٌ وَهُوَ فِيهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يحيطوا بعلمه وَنَحْنُ نَشْرَحُ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ) فَهَذَا فِيهِ بَيَانٌ واضح لأنه قد علم أن الأطباء يقولونالمرض هُوَ خُرُوجُ الْجِسْمِ عَنِ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ وَالْمُدَاوَاةُ رَدُّهُ إِلَيْهِ وَحِفْظُ الصِّحَّةِ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ فَحِفْظُهَا يَكُونُ بِإِصْلَاحِ الْأَغْذِيَةِ وَغَيْرِهَا وَرَدُّهُ يَكُونُ بِالْمُوَافِقِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْمُضَادَّةِ لِلْمَرَضِ وَبُقْرَاطُ يَقُولُ الْأَشْيَاءُ تُدَاوَى بِأَضْدَادِهَا وَلَكِنْ قَدْ يَدِقُّ وَيَغْمُضُ حَقِيقَةُ الْمَرَضِ وَحَقِيقَةُ طَبْعِ الدَّوَاءِ فَيَقِلُّ الثِّقَةُ بِالْمُضَادَّةِ ومن ها هنا يَقَعُ الْخَطَأُ مِنَ الطَّبِيبِ فَقَطْ فَقَدْ يَظُنُّ الْعِلَّةَ عَنْ مَادَّةٍ حَارَّةٍ فَيَكُونُ عَنْ غَيْرِ مَادَّةٍ أَوْ عَنْ مَادَّةٍ بَارِدَةٍ أَوْ عَنْ مادة حارة دون الحرارة التى ظنها فلايحصل الشِّفَاءُ فَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَبَّهَ بآخر كلامه على ماقد يُعَارَضُ بِهِ أَوَّلُهُ فَيُقَالُ قُلْتُ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ وَنَحْنُ نَجِدُ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَرْضَى يُدَاوُونَ فَلَا يَبْرَءُونَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بحقيقة المداواة لالفقد الدواء وهذا واضح والله أعلم وأما الحديث الآخر وهو قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ) فَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الطِّبِّ عِنْدَ أَهْلِهِ لِأَنَّ الْأَمْرَاضَ الْامْتِلَائِيَّةَ دَمَوِيَّةٌ أَوْ صَفْرَاوِيَّةٌ أَوْ سَوْدَاوِيَّةٌ أَوْ بَلْغَمِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ دَمَوِيَّةً فَشِفَاؤُهَا إِخْرَاجُ الدَّمِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَشِفَاؤُهَا بِالْإِسْهَالِ بِالْمُسَهِّلِ اللَّائِقِ لِكُلِّ خَلْطٍ مِنْهَا فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ صلى الله عليه وسلم بِالْعَسَلِ عَلَى الْمُسَهِّلَاتِ وَبِالْحِجَامَةِ
عَلَى إِخْرَاجِ الدَّمِ بِهَا وَبِالْفَصْدِ وَوَضْعِ الْعَلَقِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا
[2207]
وَذَكَرَ الْكَيَّ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ نَفْعِ الْأَدْوِيَةِ الْمَشْرُوبَةِ وَنَحْوِهَا فَآخِرُ الطِّبِّ الْكَيُّ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ إِشَارَةٌ إِلَى تَأْخِيرِ الْعِلَاجِ بِالْكَيِّ حَتَّى يَضْطَرَّ إِلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ فِي دَفْعِ أَلَمٍ قَدْ يَكُونُ أَضْعَفَ مِنْ أَلَمِ الْكَيِّ وأما مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُلْحِدُ الْمَذْكُورُ فَنَقُولُ فِي إِبْطَالِهِ إِنَّ عِلْمَ الطِّبِّ مِنْ أَكْثَرِ الْعُلُومِ احيتاجا إلى التفصيل حتى ان المريض يكونالشىء دَوَاءَهُ فِي سَاعَةٍ ثُمَّ يَصِيرُ دَاءً لَهُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تَلِيهَا بِعَارِضٍ يَعْرِضُ مِنْ غَضَبٍ يَحْمِي مِزَاجَهُ فَيُغَيِّرُ عِلَاجَهُ أَوْ هَوَاءٍ يتغير أو غير ذلك مما لاتحصى كثرته فاذا وجد الشفاء بشئ فى حالة بالشخص لم يلزم منه الشفاءبه فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَجَمِيعِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْوَاحِدَ يَخْتَلِفُ عِلَاجُهُ بِاخْتِلَافِ السن والزمان والعادة والغذاء الْمُتَقَدِّمَةِ وَالتَّدْبِيرِ الْمَأْلُوفِ وَقُوَّةِ الطِّبَاعِ فَإِذَا
عرفت ماذكرناه فَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْهَالَ يَحْصُلُ مِنْ أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْإِسْهَالُ الْحَادِثُ مِنَ التُّخَمِ وَالْهَيْضَاتِ وَقَدْ أجمع الأطباء فى مثل هذا على عِلَاجَهُ بِأَنْ يَتْرُكَ الطَّبِيعَةَ وَفِعْلَهَا وَإِنِ احْتَاجَتْ إلى معين على الاسهال أعينت مادامت الْقُوَّةُ بَاقِيَةً فَأَمَّا حَبْسُهَا فَضَرَرٌ عِنْدَهُمْ وَاسْتِعْجَالُ مَرَضٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِسْهَالُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ أَصَابَهُ مِنَ امْتِلَاءٍ أَوْ هَيْضَةٍ فَدَوَاؤُهُ تَرْكُ إِسْهَالِهِ عَلَى مَا هُوَ أَوْ تَقْوِيَتُهُ فَأَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِشُرْبِ الْعَسَلِ فَرَآهُ إِسْهَالًا فَزَادَهُ عَسَلًا إِلَى أَنْ فَنِيَتِ الْمَادَّةُ فَوَقَفَ الْإِسْهَالُ وَيَكُونُ الْخَلْطُ الَّذِي كَانَ يُوَافِقُهُ شُرْبُ الْعَسَلِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَسَلَ جَارٍ عَلَى صِنَاعَةِ الطِّبِّ وَأَنَّ الْمُعْتَرِضَ عَلَيْهِ جَاهِلٌ لَهَا وَلَسْنَا نَقْصِدُ الاستظهار لتصديق الحديث بقول الأطباء بل لوكذبوه كَذَّبْنَاهُمْ وَكَفَّرْنَاهُمْ فَلَوْ أَوْجَدُوا الْمُشَاهَدَةَ بِصِحَّةِ دَعْوَاهُمْ تَأَوَّلْنَا كَلَامَهُ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ وَخَرَّجْنَاهُ عَلَى مَا يَصِحُّ فَذَكَرْنَا هَذَا الْجَوَابَ
أكحله فكواه
عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَصُبُّ الْمَاءَ فِي جَيْبِهَا وَتَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ فَهَذِهِ أَسْمَاءُ رَاوِيَةُ الْحَدِيثِ وَقُرْبُهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْلُومٌ تَأَوَّلَتْ الْحَدِيثَ عَلَى نَحْوِ مَا قلناه فلم يبق للملحد المعترض إلااختراعه الْكَذِبَ وَاعْتِرَاضُهُ بِهِ فَلَا يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ وَأَمَّا إِنْكَارُهُمُ الشِّفَاءَ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ بِالْقُسْطِ فَبَاطِلٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ قُدَمَاءِ الْأَطِبَّاءِ إِنَّ ذَاتَ الْجَنْبِ إِذَا حَدَّثَتْ مِنَ الْبَلْغَمِ كَانَ الْقُسْطُ مِنْ عِلَاجِهَا وَقَدْ ذَكَرَ جَالِينُوسُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الصَّدْرِ وَقَالَ بَعْضُ قُدَمَاءِ الْأَطِبَّاءِ وَيُسْتَعْمَلُ حَيْثُ يُحْتَاجُ إِلَى إِسْخَانِ عُضْوٍ منالأعضاء وَحَيْثُ يُحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَجْذِبَ الْخَلْطَ مِنْ باطن البدن إلى ظاهره وهتكذا قاله بن سِينَا وَغَيْرُهُ وَهَذَا يُبْطِلُ مَا زَعَمَهُ هَذَا الْمُعْتَرِضُ الْمُلْحِدُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِيهِ سَبْعَةُ أَشْفِيَةٍ فَقَدْ أَطْبَقَ الْأَطِبَّاءُ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يُدِرُّ الطَّمْثَ وَالْبَوْلَ وَيَنْفَعُ مِنَ السُّمُومِ وَيُحَرِّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَقْتُلُ الدُّودَ وَحُبَّ الْقَرْعِ فِي الْأَمْعَاءِ إِذَا شُرِبَ بِعَسَلٍ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ إِذَا طُلِيَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُ من بدر المعدة والكبدويردهما ومن حمى الورد والربع وغير ذلك صِنْفَانِ بَحْرِيٌّ وَهِنْدِيٌّ وَالْبَحْرِيُّ هُوَ الْقُسْطُ الْأَبْيَضُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ صِنْفَيْنِ وَنَصَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبَحْرِيَّ أَفْضَلُ مِنَ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ أَقَلُّ حَرَارَةً مِنْهُ وَقِيلَ هُمَا حَارَّانِ يَابِسَانِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَالْهِنْدِيُّ أَشَدُّ حَرًّا فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ من الحرارة وقال بن سنيا الْقُسْطُ حَارٌّ فِي الثَّالِثَةِ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَنَافِعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْقُسْطِ فَصَارَ مَمْدُوحًا شَرْعًا وَطِبًّا وَإِنَّمَا عَدَدْنَا مَنَافِعَ الْقُسْطِ مِنْ كُتُبِ الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ مِنْهَا عَدَدًا مُجْمَلًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ من كل داء إلاالسم فَيُحْمَلُ أَيْضًا عَلَى الْعِلَلِ الْبَارِدَةِ عَلَى نَحْوِ ماسبق فِي الْقُسْطِ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم قَدْ يَصِفُ بِحَسَبِ مَا شَاهَدَهُ مِنْ غَالِبِ أَحْوَالِ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ فِي مَنْفَعَةِ الْحَبَّةِ
السَّوْدَاءِ الَّتِي هِيَ الشُّونِيزُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَخَوَاصَّ عَجِيبَةً يَصْدُقُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فيها فذكر جالينوس أنها أَنَّهَا تَحِلُّ النَّفْخَ وَتُقِلُّ دِيدَانَ الْبَطْنِ إِذَا أُكِلَ أَوْ وُضِعَ عَلَى الْبَطْنِ وَتَنْفِي الزُّكَامَ إِذَا قُلِيَ وَصُرَّ فِي خِرْقَةٍ وَشُمَّ وَتُزِيلُ العلة التى تقشر منها الجلد ويقلع الثَّآلِيلَ الْمُتَعَلِّقَةَ وَالْمُنَكَّسَةَ وَالْخِيلَانَ وَتُدِرُّ الطَّمْثَ الْمُنْحَبِسَ إِذَا كَانَ انْحِبَاسُهُ مِنْ أَخْلَاطٍ غَلِيظَةٍ لَزِجَةٍ وَيَنْفَعُ الصُّدَاعَ إِذَا طُلِيَ بِهِ الْجَبِينُ وَتَقْلَعُ الْبُثُورَ وَالْجَرَبَ وَتُحَلِّلُ الْأَوْرَامَ الْبَلْغَمِيَّةَ إِذَا تُضُمِّدَ بِهِ مَعَ الْخَلِّ وَتَنْفَعُ مِنَ الْمَاءِ الْعَارِضِ فِي الْعَيْنِ إِذَا اسْتُعِطَ بِهِ مَسْحُوقًا بِدُهْنِ الْأَرَلْيَا وَتَنْفَعُ مِنَ انْتِصَابِ النَّفْسِ وَيُتَمَضْمَضُ بِهِ مِنْ وَجَعِ الْأَسْنَانِ وَتُدِرُّ الْبَوْلَ وَاللَّبَنَ وَتَنْفَعُ من نهشة الرتيلا واذا بخربه طَرَدَ الْهَوَامَّ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ غَيْرُ جَالِينُوسَ خَاصِّيَّتُهُ إِذْهَابُ حُمَّى الْبَلْغَمِ وَالسَّوْدَاءِ وَتَقْتُلُ حَبَّ الْقَرْعِ وَإِذَا عُلِّقَ فِي عُنُقِ الْمَزْكُومِ نَفَعَهُ وينفع من حمى الربع قال ولايبعد مَنْفَعَةُ الْحَارِّ مِنْ أَدْوَاءٍ حَارَّةٍ بِخَوَاصَّ فِيهَا فَقَدْ نَجِدُ ذَلِكَ فِي أَدْوِيَةٍ كَثِيرَةٍ فَيَكُونُ الشُّونِيزُ مِنْهَا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ أَحْيَانًا مُنْفَرِدًا وَأَحْيَانًا مُرَكَّبًا قَالَ الْقَاضِي وَفِي جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا حَوَاهُ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ والدنيا وصحة علم الطب وجواز التطبب في الْجُمْلَةِ وَاسْتِحْبَابِهِ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الْأَدْوِيَةِ وَالسَّعُوطِ وَاللَّدُودِ وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَالرُّقَى قَالَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ هَذَا إِعْلَامٌ لَهُمْ وَإِذْنٌ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِإِنْزَالِهِ إِنْزَالَ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِمُبَاشَرَةِ مَخْلُوقَاتِ الْأَرْضِ مِنْ دَاءٍ وَدَوَاءٍ قال وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَرْطَةُ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةُ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٌ بِنَارٍ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى جَمِيعِ ضُرُوبِ الْمُعَافَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَادَ الْمُقَنَّعَ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ قَوْلُهُ (يَشْتَكِي خُرَاجًا) هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ قَوْلُهُ (أُعَلِّقُ فِيهِ مِحْجَمًا) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَهِيَ الآلة التى تمص ويجمع بها وضع الْحِجَامَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (شَرْطَةُ مِحْجَمٍ (فَالْمُرَادُ بِالْمِحْجَمِ هُنَا الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُشْرَطُ بِهَا مَوْضِعُ الْحِجَامَةِ لِيَخْرُجَ الدَّمُ قَوْلُهُ (فَلَمَّا رَأَى تَبَرُّمَهُ) أَيْ تَضَجُّرَهُ وَسَآمَتَهُ مِنْهُ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رُمِيَ أُبَيُّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَوْلُهُ أُبَيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الباء وبشديد الياء وَهَكَذَا صَوَابُهُ وَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ وَالنُّسَخِ وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ التى قبل هذه وصفحه بَعْضُهُمْ فَقَالَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الياء وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ أَبَا جَابِرٍ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ قَبْلَ الْأَحْزَابِ بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَأَمَّا الْأَكْحَلُ فَهُوَ عِرْقٌ مَعْرُوفٌ قَالَ الْخَلِيلُ
هُوَ عِرْقُ الْحَيَاةِ يُقَالُ هُوَ نَهَرُ الْحَيَاةِ فَفِي كُلِّ عُضْوٍ شُعْبَةٌ مِنْهُ وَلَهُ فِيهَا اسم متفرد فاذا قطع فى اليد لم يرقأالدم وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ عِرْقٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ فِي الْيَدِ الْأَكْحَلُ وَفِي الْفَخِذِ النَّسَا وَفِي الظَّهْرِ الْأَبْهَرُ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْحَجَّامِ فسبق قوله (فحسمه) أى كواه ليقطع دمع وأضل الْحَسْمِ الْقَطْعُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ) جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا وَلَهَبِهَا وَانْتِشَارِهَا وَأَمَّا أَبْرِدُوهَا فَبِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَبِضَمِّ الرَّاءِ يُقَالُ بَرَدْتُ الحمى أبردها بردا على وزن قتلتها أقتلها قَتْلًا أَيْ أَسْكَنْتُ حَرَارَتَهَا وَأَطْفَأْتُ لَهَبَهَا كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ وَهَذَا الذى ذكرناه من كَوْنِهِ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَضَمِّ الرَّاءِ هُوَ الصَّحِيحُ الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ وَكُتُبِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ أَنَّهُ يُقَالُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ فِي لُغَةٍ قَدْ حكاه الجوهر وَقَالَ هِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ جَهَنَّمَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ مَوْجُودَةٌ قَوْلُهُ (عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيْبِهَا وَتَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ) وَفِي رِوَايَةٍ صَبَّتِ الْمَاءَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا قَالَ الْقَاضِي هَذَا يَرُدُّ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ وَيُصَحِّحُ حُصُولَ الْبُرْءِ بِاسْتِعْمَالِ المحموم الماء وأنه على ظاهره لاعلى ما سبق من تأويل المازرى
قال ولو لاتجربة أسماء والمسلمين لمنفعة لَمَا اسْتَعْمَلُوهُ قَوْلُهَا
[2213]
(لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ فَأَشَارَ أَنْ لاتلدونى بفقلنا كراهية المريض للدواء فما أفاق لايبقى منكم أحد إلالد غير العباس فانه لم يشدكم) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ اللَّدُودُ بِفَتْحِ اللَّامِ هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ فَمِ المريض ويسفا أَوْ يَدْخُلُ هُنَاكَ بِأُصْبُعٍ وَغَيْرِهَا وَيُحَنَّكُ بِهِ وَيُقَالُ مِنْهُ لَدَدْتُهُ أَلُدُّهُ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَيْضًا أَلَدَدْتُهُ رُبَاعِيًّا وَالْتَدَدْتُ أَنَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُقَالُ لِلَّدُودِ لَدِيدٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِلَدِّهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ حِينَ خَالَفُوهُ فى إشارته اليهم لاتلدونى ففيه أن الاشارة المفهمة تصريح العبارة فى نحوهذه المسألة وفيه تعزيز الْمُتَعَدِّي بِنَحْوٍ مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ إلا أن يكون فعلا
محرما قَوْلُهَا
[2214]
(دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِابْنٍ لِي قَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بهذا العلاق عليكن بهذا العلاق عليكن بهذا العود لاهندى فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةُ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ) أما قولها أعلقت عليه فكهذا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ فَأَعْلَقْتُ عَلَيْهِ كَمَا هُنَا وَمَنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَأَعْلَقْتُ عَنْهُ بِالنُّونِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ أَعَلَقْتُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ عَنْهُ وكذا قال غَيْرُهُ وَحَكَاهُمَا بَعْضُهُمْ لُغَتَيْنِ أَعَلَقْتُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ وَمَعْنَاهُ عَالَجْتُ وَجَعَ لَهَاتِهِ بِأُصْبُعِي وَأَمَّا الْعُذْرَةُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَهِيجُ مِنَ الدَّمِ يُقَالُ فِي عِلَاجِهَا عَذَرْتُهُ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَقِيلَ هي قرحة تخرج في الخر الذى يبن الْحَلْقِ وَالْأَنْفِ تَعْرِضُ لَلصِّبْيَانِ غَالِبًا عِنْدَ طُلُوعِ الْعُذْرَةِ وَهِيَ خَمْسَةُ كَوَاكِبَ تَحْتَ الشِّعْرَى الْعَبُورِ وَتُسَمَّى الْعَذَارَى وَتَطْلُعُ فِي وَسَطِ الْحَزِّ وَعَادَةُ النِّسَاءِ فِي مُعَالَجَةِ الْعُذْرَةِ أَنْ تَأْخُذَ الْمَرْأَةُ خِرْقَةً فَتَفْتِلَهَا فَتْلًا شَدِيدًا وَتُدْخِلَهَا فِي أَنْفِ الصَّبِيِّ وَتَطْعَنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدُ وَرُبَّمَا أَقْرَحَتْهُ وَذَلِكَ الطَّعْنُ يُسَمَّى دَغْرًا وَغَدْرًا فَمَعْنَى تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ أَنَّهَا تَغْمِزُ حَلْقَ الْوَلَدِ بِأُصْبُعِهَا فَتَرْفَعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَتَكْبِسُهُ وَأَمَّا الْعَلَاقُ فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْإِعْلَاقُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ حَتَّى زَعَمَ بعضهم أنه الصواب وأن العلاق لايجوز قالوا والعلاق مَصْدَرُ أَعَلَقْتُ عَنْهُ وَمَعْنَاهُ أَزَلْتُ عَنْهُ الْعَلُوقَ وَهِيَ الْآفَةُ وَالدَّاهِيَةُ وَالْإِعْلَاقُ هُوَ مُعَالَجَةُ عُذْرَةِ الصَّبِيِّ وَهِيَ وَجَعُ حَلْقِهِ كَمَا سَبَقَ قَالَ بن الْأَثِيرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَاقُ هُوَ الِاسْمُ منه وأما ذات الجنبفعلة معروفة والعودالهندى يُقَالُ لَهُ الْقُسْطُ
وَالْكُسْتُ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (عَلَامَهْ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ) هَكَذَا هُوَ فِي جميع النسخ علامه وهى هاء السكت ثبت هُنَا فِي الدَّرْجِ قَوْلُهُ
[2215]
(وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ قَالَ الْقَاضِي وَذَكَرَ الْحَرْبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهَا الْخَرْدَلُ قَالَ وَقِيلَ هِيَ الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ وَهِيَ الْبُطْمُ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَخْضَرَ أَسْوَدَ وَمِنْهُ سَوَادُ العراق
لِخُضْرَتِهِ بِالْأَشْجَارِ وَتُسَمِّي الْأَسْوَدَ أَيْضًا أَخْضَرَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
[2216]
(التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ وَتُذْهِبُ بَعْضَ الْحَزَنِ) أَمَّا مَجَمَّةٌ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ وَيُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ تُرِيحُ فُؤَادَهُ وَتُزِيلُ عَنْهُ الْهَمَّ وَتُنَشِّطُهُ وَالْجَمَامُ الْمُسْتَرِيحُ كَأَهْلِ النَّشَاطِ وَأَمَّا التَّلْبِينَةُ فَبِفَتْحِ التَّاءِ وَهِيَ حَسَاءٌ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ نُخَالَةٍ قالوا وربما جعل فيها عسل قال الهرواى وَغَيْرُهُ سُمِّيَتْ تَلْبِينَةً
تَشْبِيهًا بِاللَّبَنِ لِبَيَاضِهَا وَرِقَّتِهَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّلْبِينَةِ للمخزون قَوْلُهُ
[2217]
(إِنَّ أَخِي عَرِبَ بَطْنُهُ) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مَعْنَاهُ فَسَدَتْ مَعِدَتُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ) الْمُرَادُ قَوْلُهُ تَعَالَى يَخْرُجُ مِنْ بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء لِلنَّاسِ وَهُوَ الْعَسَلُ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ شِفَاءٌ يَعُودُ إِلَى الشَّرَابِ الَّذِي هو العسل وهو الصحيح وهو قول بن مسعود وبن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَلِصَرِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْآيَةُ عَلَى الْخُصُوصِ أَيْ شِفَاءٌ مِنْ بَعْضِ الْأَدْوَاءِ وَلِبَعْضِ النَّاسِ وَكَانَ دَاءُ هَذَا الْمَبْطُونِ مِمَّا يُشْفَى بِالْعَسَلِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَلَكِنَّ عِلْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دَاءَ هَذَا الرَّجُلِ مِمَّا يُشْفَى بِالْعَسَلِ وَاللَّهُ أعلم