الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا وَعَدَ فِي خُطْبَتِهِ وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي معاوية ولاخرجه مِنْ طَرِيقِهِ بَلْ خَرَّجَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وعلى كل حال فالمتن صحيح لامطعن فيه والله أعلم
(
كتاب اللباس والزينة)
(باب تحريم استعمال أوانى الذهب والفضة فى الشرب
وغيره على الرجال والنساء
[2065]
)
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ) وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى كَسْرِ الْجِيمِ الثَّانِيَةِ من يجر جر وَاخْتَلَفُوا فِي رَاءِ النَّارِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَنَقَلُوا فِيهَا النَّصْبَ وَالرَّفْعَ وَهُمَا مَشْهُورَانِ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي كُتُبِ الشَّارِحِينَ وَأَهْلِ الْغَرِيبِ وَاللُّغَةِ وَالنَّصْبُ هُوَ الصَّحِيحُ
الْمَشْهُورُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَزْهَرِيُّ وَآخَرُونَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ وَرَجَّحَهُ الزَّجَّاجُ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الثالثة يجرجر فى بطنه نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ وَرَوَيْنَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي عوانة الاسفرابنى وَفِي الْجَعْدِيَّاتِ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارًا كَذَا هو فى الأصول نارمن غَيْرِ ذِكْرِ جَهَنَّمَ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَعَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ الْفَاعِلُ هُوَ الشَّارِبُ مُضْمَرٌ فِي يُجَرْجِرُ أى يلقيها فى بطنه يجرع مُتَتَابَعٍ يُسْمَعُ لَهُ جَرْجَرَةٌ وَهُوَ الصَّوْتُ لِتَرَدُّدِهِ فِي حَلْقِهِ وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ تَكُونُ النَّارُ فاعله ومعناه تصوت النَّارِ فِي بَطْنِهِ وَالْجَرْجَرَةُ هِيَ التَّصْوِيتُ وَسُمِّيَ المشروب نارا لأنه يؤول إِلَيْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارا وَأَمَّا جَهَنَّمُ عَافَانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ قَالَ يُونُسُ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ هي عجمية لاتنصرف لِلتَّعْرِيفِ وَالْعَجَمِيَّةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِ قَعْرِهَا يُقَالُ بِئْرٌ جِهِنَّامٌ إِذَا كَانَتْ عَمِيقَةَ الْقَعْرِ وَقَالَ بعض اللغويين مشقة مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ الْغِلَظُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعَذَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحَدِيثِ فَقِيلَ هُوَ إِخْبَارٌ عَنِ الْكُفَّارِ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ وَغَيْرِهِمُ الَّذِينَ عَادَتُهُمْ فِعْلُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ أَيْ هُمُ الْمُسْتَعْمِلُونَ لَهَا فِي الدُّنْيَا وَكَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي ثوب الحرير انما يلبس هذا من لاخلاق له فى الآخرة أى لانصيب قَالَ وَقِيلَ الْمُرَادُ نَهْيُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ وأن
مَنِ ارْتَكَبَ هَذَا النَّهْيَ اسْتَوْجَبَ هَذَا الْوَعِيدَ وَقَدْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ أَنَّ النَّهْيَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنْ يَسْتَعْمِلُ إِنَاءَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لأن الصحيح أن الكفار مخاطبون بغروع الشَّرْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي إِنَاءِ الذَّهَبِ وَإِنَاءِ الْفِضَّةِ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَا حَكَاهُ أصحابنا العراقيون أن للشافعى قولاقديما أنه يكره ولايحرم وَحَكَوْا عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ تَحْرِيمَ الشُّرْبِ وَجَوَازَ الْأَكْلِ وَسَائِرَ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ وَهَذَانِ النَّقْلَانِ بَاطِلَانِ أَمَّا قَوْلُ دَاوُدَ فَبَاطِلٌ لِمُنَابَذَةِ صَرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ جَمِيعًا وَلِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَسَائِرِ الِاسْتِعْمَالِ فِي إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ فَهُمَا مَرْدُودَانِ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ وَهَذَا إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَدُّ بِقَوْلِ دَاوُدَ فِي الاجماع والخلاف والافالمحققون يقولون لايعتد بِهِ لِإِخْلَالِهِ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ أَحَدُ شُرُوطِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ فَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ إِنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ نَفْسَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّذِي اتُّخِذَ مِنْهُ الْإِنَاءُ لَيْسَتْ حَرَامًا وَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمِ الْحُلِيُّ عَلَى المرأة هذاكلام صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَهُوَ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا وَهُوَ أَتْقَنُهُمْ لِنَقْلِ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَلِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَدِيمِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ من الأصولين أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إِذَا قَالَ قَوْلًا ثُمَّ رَجَعَ عنه لايبقي قولا له ولاينسب إِلَيْهِ قَالُوا وَإِنَّمَا يُذْكَرُ الْقَدِيمُ وَيُنْسَبُ إِلَى الشَّافِعِيِّ مَجَازًا وَبِاسْمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ قَوْلٌ لَهُ الْآنَ فَحَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ إِنَاءِ الذَّهَبِ وَإِنَاءِ الْفِضَّةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّهَارَةِ والأكل بمعلقة من أحدهما والتجمر بمجمرة منهما والبول غي الْإِنَاءِ مِنْهُمَا وَجَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ وَمِنْهَا الْمُكْحُلَةُ واميل وطرف العالية وَغَيْرُ ذَلِكَ سَوَاءٌ الْإِنَاءُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَيَسْتَوِي فى التحريم الرجل
والمرأة بلاخلاف وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي التَّحَلِّي لما يقصد منها من التزين لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَاءِ الْوَرْدِ وَالْأَدْهَانِ مِنْ قَارُورَةٍ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالُوا فَإِنِ ابْتُلِيَ بِطَعَامٍ فِي إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فضة فيخرج الطَّعَامَ إِلَى إِنَاءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا وَيَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِنَاءٌ آخَرُ فَلْيَجْعَلْهُ عَلَى رَغِيفٍ إِنْ أَمْكَنَ وَإِنِ ابْتُلِيَ بِالدُّهْنِ فى القارورة فِضَّةٍ فَلْيَصُبَّهُ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَصُبَّهُ من اليسرى فى اليمين وَيَسْتَعْمِلْهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَحْرُمُ تَزْيِينُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَالْمَجَالِسِ بِأَوَانِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَجَوَّزَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ لَوْ تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَلَ مِنْ إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَصَى بِالْفِعْلِ وَصَحَّ وضوءه وغسله هذامذهبنا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً الاداود فقال لايصح وَالصَّوَابُ الصِّحَّةُ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ مِنْهُ أَوْ شرب عصى بالفعل ولايكون الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ حَرَامًا هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ الاختبار وَأَمَّا إِذَا اضْطَرَّ إِلَى اسْتِعْمَالِ إِنَاءٍ فَلَمْ يجد الاذهبا أَوْ فِضَّةً فَلَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ بلاخلاف صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا قَالُوا كَمَا تُبَاحُ الْمَيْتَةُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ بَاعَ هذا الاناءصح بَيْعُهُ لِأَنَّهُ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِأَنْ تُسْبَكَ وَأَمَّا اتِّخَاذُ هَذِهِ الْأَوَانِي مِنْ غيراستعمال فَلِلشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَالثَّانِي كَرَاهَتُهُ فَإِنْ كَرِهْنَاهُ اسْتَحَقَّ صَانِعُهُ الْأُجْرَةَ وَوَجَبَ على كاسره أرش النقص ولافلا وأما اناء الزجاج النفيس فلايحرم بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا إِنَاءُ الْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَنَحْوِهَا فَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا جَوَازُ اسْتِعْمَالِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ حرمها والله أعلم