المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه - شرح النووي على مسلم - جـ ١٦

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

- ‌(باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها

- ‌(باب فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وأمه رضي الله عنهما

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أبي بن كعب وجماعة من الأنصار)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي دجانة سماك بن حرشة رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن حرام والد جابر

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(باب من فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

- ‌(باب من فضائل بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌(بَاب فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة وأهل بدر رضي الله

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي مُوسَى وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ رَضِيَ

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ صخر بْنِ حَرْبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب من فضائل جعفر وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ)

- ‌(باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله عنهم

- ‌(باب من فضائل الانصار رضي الله عنهم قَوْلُهُ[2505](بَنُو سَلِمَةَ)

- ‌(باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة)

- ‌(بَاب خِيَارِ النَّاسِ)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه سلم)

- ‌(بَاب فَضْلِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم على رأس

- ‌(باب تحريم سب الصحابة)

- ‌(باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه قَوْلُهُ[2542](أُسَيْرُ

- ‌(بَاب وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ مِصْرَ)

- ‌(بَاب فَضْلِ أَهْلِ عُمَانَ[2544](عُمَانَ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِضَمِّ الْعَيْنِ

- ‌(قَوْلُهُ[2545](رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ

- ‌(بَاب فَضْلِ فَارِسَ)

- ‌(باب قوله صلى الله عليه وسلم

- ‌(كِتَاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ)

- ‌(بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ)

- ‌(باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها)

- ‌(باب فضل صلة اصدقاء الاب والام ونحوهما)

- ‌(بَاب تَفْسِيرِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ التَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ وَالتَّدَابُرِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الهجرة فوق ثلاثة ايام بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ)

- ‌(باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها)

- ‌(باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه

- ‌(باب النهي عن الشحناء)

- ‌(باب فضل الحب في اللَّهُ تَعَالَى)

- ‌(بَاب فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَاب ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ فِيمَا يُصِيبُهُ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الظُّلْمِ)

- ‌(باب نصر الاخ ظالما أو مظلوما)

- ‌(باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم)

- ‌(باب النهي عن السباب)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ)

- ‌(بَاب بِشَارَةِ مَنْ ستر الله تعالى عليه فِي الدُّنْيَا بِأَنْ

- ‌(باب مداراة من يتقي فحشه)

- ‌(بَاب فَضْلِ الرِّفْقِ)

- ‌(باب النهي عن لعن الدواب وغيرها)

- ‌(باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو

- ‌(باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله)

- ‌(باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ)

- ‌(بَاب قُبْحِ الْكَذِبِ وَحُسْنِ الصِّدْقِ وَفَضْلِهِ)

- ‌(باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شئ يذهب الغضب)

- ‌(باب خلق الانسان خلقا لا يتمالك)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ)

- ‌(بَاب الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِمَنْ عَذَّبَ النَّاسَ بِغَيْرِ حَقٍّ)

- ‌(باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما)

- ‌(باب النهي عن الاشارة بالسلاح إلى مسلم)

- ‌(بَاب فَضْلِ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ تَعْذِيبِ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الْكِبْرِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم[2620](الْعِزُّ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ تَقْنِيطِ الْإِنْسَانِ مِنْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى)

- ‌(بَاب فَضْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْخَامِلِينَ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ هَلَكَ النَّاسُ)

- ‌(بَاب الْوَصِيَّةِ بِالْجَارِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ فِيمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ)

- ‌(بَاب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السواء)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ مَنْ يَمُوتُ لَهُ وَلَدٌ فَيَحْتَسِبَهُ)

- ‌(بَابُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَمَرَ جِبْرِيلَ فَأَحَبَّهُ وَأَحَبَّهُ أَهْلُ

- ‌(بَاب الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ)

- ‌(باب المرء مع من أحب)

- ‌(بَاب إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى وَلَا تَضُرُّهُ)

- ‌(كِتَاب الْقَدَرِ)

- ‌(بَاب كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ)

- ‌(باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب تَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ)

- ‌(باب كل شئ بِقَدَرٍ)

- ‌(باب قدر على بن آدم حظه من الزنى وغيره)

- ‌(باب معنى كل مولود يولد علىالفطرة)

- ‌(باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها)

- ‌(باب الايمان للقدر والاذعان له)

- ‌(كِتَاب الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ اتِّبَاعِ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ

- ‌(بَاب رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ

- ‌(بَاب مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً وَمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى أَوْ

الفصل: ‌(باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه

‌(بَاب فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

هُوَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ عَاشَ هُوَ وَآبَاؤُهُ الثَّلَاثَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعَاشَ حَسَّانُ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ

[2485]

(إِنَّ حَسَّانَ أَنْشَدَ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ بِإِذْنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ جَوَازُ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مُبَاحًا وَاسْتِحْبَابُهُ إِذَا كَانَ

ص: 45

في ممادح الاسلام وأهله

[2486]

أوفي هِجَاءِ الْكُفَّارِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى قِتَالِهِمْ أَوْ تَحْقِيرِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَكَذَا كَانَ شِعْرُ حَسَّانَ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِمَنْ قَالَ شِعْرًا مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَفِيهِ جَوَازُ الِانْتِصَارِ مِنَ الْكُفَّارِ وَيَجُوزُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِمْ بِشَرْطِهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ

[2487]

(يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ يُدَافِعُ وَيُنَاضِلُ قَوْلُهُ

[2488]

(يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ فَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ) أَمَّا قَوْلُهُ يُشَبِّبُ فَمَعْنَاهُ يَتَغَزَّلُ كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْمَشَارِقِ وَحَصَانٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مُحْصَنَةٌ عَفِيفَةٌ وَرَزَانٌ كَامِلَةُ الْعَقْلِ ورجل رزين وقوله ما تزن أي ماتتهم يُقَالُ زَنَنْتُهُ وَأَزْنَنْتُهُ إِذَا ظَنَنْتُ بِهِ خَيْرًا أو شرا

ص: 46

وَغَرْثَى بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ جَائِعَةٌ وَرَجُلٌ غَرْثَانُ وَامْرَأَةٌ غَرْثَى مَعْنَاهُ لا تغتاب الناس لأنها لَوْ اغْتَابَتْهُمْ شَبِعَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ قَوْلُهُ

[2489]

(يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي أَبِي سُفْيَانَ قَالَ كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ قَالَ وَاَلَّذِي أَكْرَمَكَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ فَقَالَ حَسَّانُ وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ) وَبَعْدَ هَذَا بَيْتِ لَمْ يَذْكُرْهُ مُسْلِمٌ وَبِذِكْرِهِ تَتِمُّ الْفَائِدَةُ وَالْمُرَادُ وَهُوَ وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءُ زُهْرَةَ مِنْهُمُو كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزُكَ الْمَجْدَ الْمُرَادُ بِبِنْتِ مَخْزُومٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرِ وَأَبِي طَالِبٍ وَمُرَادُهُ

ص: 47

بِأَبِي سُفْيَانَ هَذَا الْمَذْكُورُ الْمَهْجُوُّ أَبُو سُفْيَانَ بن الحارث بن عبد المطلب وهو بن عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَقَوْلُهُ وَلَدَتْ أَبْنَاءُ زُهْرَةَ مِنْهُمْ مُرَادُهُ هَالَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أُمُّ حَمْزَةَ وَصْفِيَّةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَوَالِدُكُ الْعَبْدُ فَهُوَ سَبٌّ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ أُمَّ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِدِ أَبِي سُفْيَانَ هَذَا هِيَ سُمَيَّةُ بِنْتُ مُوهِبٍ وَمُوهِبٌ غُلَامٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَكَذَا أُمُّ أَبِي سُفْيَانَ بن الحارث كانت كذلك وهومراده بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزُكَ الْمَجْدَ قَوْلُهُ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ الْمُرَادُ بِالْخَمِيرِ الْعَجِينُ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَمَعْنَاهُ لَأَتَلَطَّفَنَّ فِي تَخْلِيصِ نَسَبِكَ مِنْ هَجْوِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى جُزْءٌ مِنْ نَسَبِكَ فِي نَسَبِهِمُ الَّذِي نَالَهُ الْهَجْوُ كَمَا أَنَّ الشَّعْرَةَ إِذَا سُلَّتْ مِنَ الْعَجِينِ لَا يَبْقَى مِنْهَا شئ فيه بخلاف ما لو سلت من شئ صلب فانهار بما انْقَطَعَتْ فَبَقِيَتْ مِنْهَا فِيهِ بَقِيَّةٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

[2490]

(اهْجُوَا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِهَا وَأَمَّا الرِّشْقُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلنَّبْلِ الَّتِي تُرْمَى دَفْعَةً وَاحِدَةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ رَشْقِ النَّبْلِ وَفِيهِ جَوَازُ هَجْوِ الكفار مالم يَكُنْ أَمَانٌ وَأَنَّهُ لَا غِيبَةَ فِيهِ وَأَمَّا أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِجَائِهِمْ وَطَلَبُهُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَلَمْ يَرْضَ قَوْلَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حَتَّى أَمَرَ حَسَّانَ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ النِّكَايَةُ فِي الْكُفَّارِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْجِهَادِ فِي الْكُفَّارِ وَالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ وَكَانَ هَذَا الْهَجْوُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ فَكَانَ مَنْدُوبًا لِذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ كَفِّ أَذَاهُمْ وَبَيَانِ نَقْصِهِمْ وَالِانْتِصَارِ بِهِجَائِهِمُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْعُلَمَاءُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْدَأَ الْمُشْرِكُونَ بِالسَّبِّ وَالْهِجَاءِ مَخَافَةً مِنْ سَبِّهِمُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يدعون

ص: 48

مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ علم وَلِتَنْزِيهِ أَلْسِنَةِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْفُحْشِ إِلَّا أَنْ تدعو إلى ذلك ضرورة لابتدائهم به فيكف أَذَاهُمْ وَنَحْوَهُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ (قَدْ آنَ لَكُمْ) أَيْ حَانَ لَكُمْ (أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِذَنَبِهِ هُنَا لسانه فشبهه نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ فِي انْتِقَامِهِ وَبَطْشِهِ إِذَا اغْتَاظَ وَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ جَنْبَيْهِ كَمَا فَعَلَ حَسَّانُ بِلِسَانِهِ حِينَ أَدْلَعَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ وَلِسَانَهُ بِذَنَبِهِ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنِ الشَّفَتَيْنِ يُقَالُ دَلَعَ لِسَانَهُ وَأَدْلَعَهُ وَدَلَعَ اللِّسَانِ بِنَفْسِهِ قَوْلُهُ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ أَيْ لَأُمَزِّقَنَّ أَعْرَاضَهُمْ تَمْزِيقَ الْجِلْدِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى) أَيْ شَفَى الْمُؤمِنِينَ وَاشْتَفَى هُوَ بِمَا نَالَهُ مِنْ أَعْرَاضِ الْكُفَّارِ وَمَزَّقَهَا وَنَافَحَ عن الاسلام والمسلمين قوله (هجوت محمدا برا تَقِيًّا) وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ حَنِيفًا بَدَلُ تَقِيًّا فَالْبَرُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْوَاسِعُ الْخَيْرِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ وَقِيلَ البر هنا

ص: 49

بِمَعْنَى الْمُتَنَزِّهُ عَنِ الْمَآثِمَ وَأَمَّا الْحَنِيفُ فَقِيلَ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْمَائِلُ إِلَى الْخَيْرِ وَقِيلَ الْحَنِيفُ التَّابِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ (شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ) أَيْ خُلُقُهُ قوله (فإن أبي ووالدتي وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ) هَذَا مِمَّا احتج به بن قُتَيْبَةَ لِمَذْهَبِهِ أَنَّ عِرْضَ الْإِنْسَانِ هُوَ نَفْسُهُ لَا أَسْلَافُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عِرْضَهُ وَأَسْلَافَهُ بِالْعَطْفِ وَقَالَ غَيْرُهُ عِرْضُ الرَّجُلِ أُمُورُهُ كُلُّهَا الَّتِي يُحْمَدُ بِهَا وَيُذَمُّ مِنْ نَفْسِهِ وَأَسْلَافِهِ وَكُلُّ مَا لَحِقَهُ نَقْصٌ يَعِيبُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وِقَاءُ فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْمَدِّ وَهُوَ مَا وَقَيْتَ بِهِ الشئ قَوْلُهُ (تُثِيرُ النَّقْعَ) أَيْ تَرْفَعُ الْغُبَارَ وَتُهَيِّجُهُ قَوْلُهُ (مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ جَانِبَيْ كَدَاءِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِالْمَدِّ هِيَ ثَنِيَّةٌ عَلَى بَابِ مَكَّةَ سَبَقَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْبَيْتِ إِقْوَاءٌ مُخَالِفٌ لِبَاقِيهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ غَايَتُهَا كَدَاءِ وَفِي بَعْضِهَا مَوْعِدُهَا كَدَاءِ قَوْلُهُ (يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ) وَيُرْوَى يُبَارِعْنَ الْأَعِنَّةَ قَالَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ هُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لِصَرَامَتِهَا وَقُوَّةِ نُفُوسِهَا تُضَاهِي أَعِنَّتَهَا بِقُوَّةِ جَبْذِهَا لَهَا وَهِيَ مُنَازَعَتُهَا لَهَا أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي وَفِي رواية بن الْحَذَّاءِ يُبَارِينَ الْأَسِنَّةَ وَهِيَ الرِّمَاحُ قَالَ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهَا أَنَّهُنَّ يُضَاهِينَ قَوَامَهَا وَاعْتِدَالَهَا قَوْلُهُ (مُصْعِدَاتٍ) أَيْ مُقْبِلَاتٍ إِلَيْكُمْ وَمُتَوَجِّهَاتٍ يُقَالُ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا ذَهَبَ فِيهَا مُبْتَدِئًا وَلَا يُقَالُ لِلرَّاجِعِ قَوْلُهُ (عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ) أَمَّا أَكْتَافُهَا فَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالْأَسَلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا لَامٌ هَذِهِ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ وَالْأَسَلُ الرِّمَاحُ وَالظِّمَاءُ الرِّقَاقُ فَكَأَنَّهَا لِقِلَّةِ مَائِهَا عِطَاشٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالظِّمَاءِ الْعِطَاشُ لِدِمَاءِ الْأَعْدَاءِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْأُسْدُ الظِّمَاءُ بِالدَّالِ أَيِ الرِّجَالُ الْمُشْبِهُونَ لِلْأُسْدِ الْعِطَاشِ إِلَى دِمَائِكُمْ قَوْلُهُ (تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ) أَيْ تَظَلُّ خُيُولُنَا مُسْرِعَاتٍ

ص: 50

يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا قَوْلُهُ (تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ) أَيْ تَمْسَحُهُنَّ النِّسَاءُ بِخُمُرِهِنَّ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ أَيْ يُزِلْنَ عَنْهُنَّ الْغُبَارَ وَهَذَا لِعَزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا عِنْدَهُمْ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ بِالْخَمْرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ خَمْرَةَ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الْأَبْلَغُ فِي إِكْرَامِهَا قَوْلُهُ (وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا) أَيْ هَيَّأْتُهُمْ وَأَرْصَدْتُهُمْ قَوْلُهُ (عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ مَقْصُودُهَا وَمَطْلُوبُهَا قَوْلُهُ (لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ) أَيْ مُمَاثِلٌ وَلَا مُقَاوِمٌ والله اعلم

ص: 51