المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه) - شرح النووي على مسلم - جـ ١٦

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

- ‌(باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها

- ‌(باب فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وأمه رضي الله عنهما

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أبي بن كعب وجماعة من الأنصار)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي دجانة سماك بن حرشة رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن حرام والد جابر

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(باب من فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

- ‌(باب من فضائل بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌(بَاب فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة وأهل بدر رضي الله

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي مُوسَى وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ رَضِيَ

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ صخر بْنِ حَرْبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب من فضائل جعفر وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ)

- ‌(باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله عنهم

- ‌(باب من فضائل الانصار رضي الله عنهم قَوْلُهُ[2505](بَنُو سَلِمَةَ)

- ‌(باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة)

- ‌(بَاب خِيَارِ النَّاسِ)

- ‌(بَاب مِنْ فَضَائِلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه سلم)

- ‌(بَاب فَضْلِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم على رأس

- ‌(باب تحريم سب الصحابة)

- ‌(باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه قَوْلُهُ[2542](أُسَيْرُ

- ‌(بَاب وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ مِصْرَ)

- ‌(بَاب فَضْلِ أَهْلِ عُمَانَ[2544](عُمَانَ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِضَمِّ الْعَيْنِ

- ‌(قَوْلُهُ[2545](رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ

- ‌(بَاب فَضْلِ فَارِسَ)

- ‌(باب قوله صلى الله عليه وسلم

- ‌(كِتَاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ)

- ‌(بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ)

- ‌(باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها)

- ‌(باب فضل صلة اصدقاء الاب والام ونحوهما)

- ‌(بَاب تَفْسِيرِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ التَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ وَالتَّدَابُرِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الهجرة فوق ثلاثة ايام بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ)

- ‌(باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها)

- ‌(باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه

- ‌(باب النهي عن الشحناء)

- ‌(باب فضل الحب في اللَّهُ تَعَالَى)

- ‌(بَاب فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَاب ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ فِيمَا يُصِيبُهُ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الظُّلْمِ)

- ‌(باب نصر الاخ ظالما أو مظلوما)

- ‌(باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم)

- ‌(باب النهي عن السباب)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ)

- ‌(بَاب بِشَارَةِ مَنْ ستر الله تعالى عليه فِي الدُّنْيَا بِأَنْ

- ‌(باب مداراة من يتقي فحشه)

- ‌(بَاب فَضْلِ الرِّفْقِ)

- ‌(باب النهي عن لعن الدواب وغيرها)

- ‌(باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو

- ‌(باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله)

- ‌(باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ)

- ‌(بَاب قُبْحِ الْكَذِبِ وَحُسْنِ الصِّدْقِ وَفَضْلِهِ)

- ‌(باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شئ يذهب الغضب)

- ‌(باب خلق الانسان خلقا لا يتمالك)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ)

- ‌(بَاب الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِمَنْ عَذَّبَ النَّاسَ بِغَيْرِ حَقٍّ)

- ‌(باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما)

- ‌(باب النهي عن الاشارة بالسلاح إلى مسلم)

- ‌(بَاب فَضْلِ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ تَعْذِيبِ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الْكِبْرِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم[2620](الْعِزُّ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ تَقْنِيطِ الْإِنْسَانِ مِنْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى)

- ‌(بَاب فَضْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْخَامِلِينَ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ هَلَكَ النَّاسُ)

- ‌(بَاب الْوَصِيَّةِ بِالْجَارِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ)

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ فِيمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ)

- ‌(بَاب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السواء)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ مَنْ يَمُوتُ لَهُ وَلَدٌ فَيَحْتَسِبَهُ)

- ‌(بَابُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَمَرَ جِبْرِيلَ فَأَحَبَّهُ وَأَحَبَّهُ أَهْلُ

- ‌(بَاب الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ)

- ‌(باب المرء مع من أحب)

- ‌(بَاب إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى وَلَا تَضُرُّهُ)

- ‌(كِتَاب الْقَدَرِ)

- ‌(بَاب كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ)

- ‌(باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب تَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ)

- ‌(باب كل شئ بِقَدَرٍ)

- ‌(باب قدر على بن آدم حظه من الزنى وغيره)

- ‌(باب معنى كل مولود يولد علىالفطرة)

- ‌(باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها)

- ‌(باب الايمان للقدر والاذعان له)

- ‌(كِتَاب الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ اتِّبَاعِ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ

- ‌(بَاب رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ

- ‌(بَاب مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً وَمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى أَوْ

الفصل: ‌(باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه)

(بَاب إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى وَلَا تَضُرُّهُ)

قَوْلُهُ

[2642]

(أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ) وَفِي رِوَايَةٍ وَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ هَذِهِ الْبُشْرَى الْمُعَجَّلَةُ لَهُ بِالْخَيْرِ وَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ فَيُحَبِّبُهُ إِلَى الْخَلْقِ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يُوضِعُ لَهُ الْقَبُولَ فِي الْأَرْضِ هَذَا كُلُّهُ إِذَا حَمِدَهُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ مِنْهُ لِحَمْدِهِمْ وَإِلَّا فَالتَّعَرُّضُ مَذْمُومٌ

(كِتَاب الْقَدَرِ)

(بَاب كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ)

وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ قَوْلُهُ

[2643]

(حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ

ص: 189

فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سَعِيدٌ) أَمَّا قَوْلُهُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فَمَعْنَاهُ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ الْمَصْدُوقُ فِيمَا يَأْتِي مِنَ الْوَحْيِ الكريم وأما قوله إن أحدكم فبكسر الْهَمْزَةِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ بِكَتْبِ رِزْقِهِ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فِي أَوَّلِهِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ أَرْبَعٍ وَقَوْلُهُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ مَرْفُوعٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ (ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إِرْسَالَهُ يَكُونُ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هذه يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم باربعين او خمسة واربعين ليلة فيقول يارب أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَتَسَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ مَلَكًا مُوَكَّلًا بِالرَّحِمِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِإِذْنِ اللَّهِ لِبِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ لِلْمَلَكِ ملازمة ومراعاة لحال النطفة وأنه يقول يارب هَذِهِ عَلَقَةٌ هَذِهِ مُضْغَةٌ فِي أَوْقَاتِهَا فَكُلُّ وَقْتٍ يَقُولُ فِيهِ مَا صَارَتْ إِلَيْهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَعْلَمُ سُبْحَانَهُ وَلِكَلَامِ الْمَلَكِ وَتَصَرُّفِهِ أَوْقَاتٌ أَحَدُهَا حِينَ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى نُطْفَةً ثُمَّ يَنْقُلُهَا عَلَقَةً وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمِ الْمَلَكِ بِأَنَّهُ وَلَدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ نُطْفَةٍ تَصِيرُ وَلَدًا وَذَلِكَ عَقِبَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى وَحِينَئِذٍ يَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقَاوَتَهُ أَوْ سَعَادَتَهُ ثُمَّ لِلْمَلَكِ فِيهِ تَصَرُّفٌ آخَرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَهُوَ تَصْوِيرُهُ

ص: 190

وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وَعَظْمِهِ وَكَوْنُهُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَهِيَ مُدَّةُ الْمُضْغَةِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لِأَنَّ نَفْخِ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ صُورَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ فَإِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يارب أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي رَبُّكُ مَا شَاءَ ويكتب الملك ثم يقول يارب أجله فيقول ربك ماشاء ويكتب الملك وذكر رزقه فقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلِ الْمُرَادُ بِتَصْوِيرِهَا وَخَلْقُ سَمْعِهَا إِلَى آخِرِهِ أَنَّهُ يَكْتُبُ ذَلِكَ ثُمَّ يَفْعَلُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ التَّصْوِيرَ عَقِبَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَهِيَ مُدَّةُ الْمُضْغَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلْقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فكسونا العظام لحما ثم يكون للملك فيه تصوير آخر وهووقت نَفْخِ الرُّوحِ عَقِبَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ حِينَ يَكْمُلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ فَقَوْلُهُ ثُمَّ يُبْعَثُ بِحَرْفِ ثُمَّ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ كَتْبِ الْمَلَكِ هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَى مَا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَالْأَحَادِيثُ الْبَاقِيَةُ تَقْتَضِي الْكَتْبَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ ثم يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمُلْكُ فَيُؤْذَنُ فَيَكْتُبُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَمُتَعَلِّقٌ بِهِ لَا بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِإِرْسَالِ الْمَلَكِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمْرُهُ بِهَا وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ موكل بالرحم وانه يقول يارب نطفة يارب عَلَقَةٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ يارب أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ لَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُضْغَةِ بَلِ ابْتِدَاءٌ لِلْكَلَامِ وَإِخْبَارٌ عَنْ حَالَةٍ أُخْرَى فَأَخْبَرَ أَوَّلًا بِحَالِ الْمَلَكِ مَعَ النُّطْفَةِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ إِظْهَارَ خَلْقِ النُّطْفَةِ عَلَقَةً كَانَ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ مِنَ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ

ص: 191

وَالشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالْعَمَلِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَنَّهُ يُظْهِرُ ذَلِكَ لِلْمَلَكِ وَيَأْمُرُهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَتِهِ وَإِلَّا فَقَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَعِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَوَاَلَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ إِلَخْ) الْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ التَّمْثِيلُ لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْتِهِ وَدُخُولِهِ عَقِبَهُ وَأَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَصِلَهَا إِلَّا كَمَنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ ذِرَاعٌ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَعُ فِي نَادِرٍ مِنَ النَّاسِ لَا أَنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ ثُمَّ أَنَّهُ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ انْقِلَابُ النَّاسِ مِنَ الشَّرِّ إِلَى الْخَيْرِ فِي كَثْرَةٍ وَأَمَّا انْقِلَابُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ إِلَى الشَّرِّ فَفِي غَايَةِ النُّدُورِ وَنِهَايَةِ الْقِلَّةِ وَهُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وَغَلَبَتْ غَضَبِي وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنِ انْقَلَبَ إِلَى عَمَلِ النَّارِ بِكُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ لَكِنْ يَخْتَلِفَانِ فِي التَّخْلِيدِ وَعَدَمِهِ فَالْكَافِرُ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَالْعَاصِي الَّذِي مَاتَ مُوَحِّدًا لَا يُخَلَّدُ فِيهَا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِإِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَأَنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ الذنوب قبلها وأن من مات على شئ حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الْمَعَاصِي غَيْرَ الْكُفْرِ

ص: 192

فِي الْمَشِيئَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ

[2644]

(عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فيقول يارب أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَيُكْتَبَانِ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَيُكْتَبَانِ) يُكْتَبَانِ فِي

ص: 193

الْمَوْضِعَيْنِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَمَعْنَاهُ يُكْتَبُ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ

[2645]

(دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَرِيحَةَ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ) هكذا هو جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَتَصَوَّرُ بِالصَّادِ وَذَكَرَ الْقَاضِي يتسور بالسين قال والمراد بيتسور يَنْزِلُ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مِنْ تَسَوَّرْتُ الدَّارَ إِذَا نزلت فيها من أعلاها ولا يكون التسورالا مِنْ فَوْقٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الصَّادُ الْوَاقِعَةُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا مُبَدَّلَةٌ مِنَ السِّينِ وَاَللَّهُ اعلم

ص: 194

قَوْلُهُ

[2647]

(فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ) أَمَّا نَكَّسَ فَبِتَخْفِيفِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِهَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ يُقَالُ نَكَسَهُ ينكسه فهو ناكس كقتله يقتله فهوقاتل وَنَكَّسَهُ يُنَكِّسُهُ تَنْكِيسًا فَهُوَ مُنَكِّسٌ أَيْ خَفَضَ رَأْسُهُ وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى هَيْئَةِ الْمَهْمُومِ وَقَوْلُهُ يَنْكُتُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ وَآخِرِهِ تاء مُثَنَّاةٌ فَوْقُ أَيْ يَخُطُّ بِهَا خَطًّا يَسِيرًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهَذَا فِعْلُ الْمُفَكِّرِ الْمَهْمُومِ والمخصرة بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا أَخَذَهُ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ وَاخْتَصَرَهُ مِنْ عَصًا لَطِيفَةٍ وَعُكَّازٍ لَطِيفٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا دَلَالَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَأَنَّ جَمِيعَ الْوَاقِعَاتِ

ص: 195

بقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وَضَرِّهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ

ص: 196

لعملهم كما قَالَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَلِلْعُسْرَى وَكَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَوْلُهُ

[2648]

(جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ) أَيْ مَضَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وَسَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَتَمَّتْ كِتَابَتُهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَجَفَّ القلم الذي

ص: 197

كُتِبَ بِهِ وَامْتَنَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْحُهُ وَقَلَمُهُ وَالصُّحُفُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْأَحَادِيثِ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ ذَلِكَ وَصِفَتُهُ فَعِلْمُهَا إلى الله تعالى ولا يحيطون بشئ من علمه الا بما شاء وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ

[2650]

(مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فيه

ص: 198

أي يسعون والكدح هوالسعي فِي الْعَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْآخِرَةِ أَمْ لِلدُّنْيَا قَوْلُهُ 0لِأَحْزُرَ عَقْلَكَ) أَيْ لِأَمْتَحِنَ عَقْلَكَ وَفَهْمَكَ ومعرفتك والله اعلم

ص: 199