الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها)
[2550]
فِيهِ قِصَّةُ جُرَيْجٍ رضي الله عنه وَأَنَّهُ آثَرَ الصَّلَاةَ عَلَى إِجَابَتِهَا فَدَعَتْ عَلَيْهِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ فِي حَقِّهِ إِجَابَتَهَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاةِ نَفْلٍ وَالِاسْتِمْرَارُ فِيهَا تَطَوُّعٌ لَا وَاجِبٌ وَإِجَابَةُ الْأُمِّ وَبِرُّهَا وَاجِبٌ وَعُقُوقُهَا حَرَامٌ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ وَيُجِيبَهَا ثُمَّ يَعُودَ لِصَلَاتِهِ فَلَعَلَّهُ خَشِيَ أَنَّهَا تَدْعُوهُ إِلَى مُفَارَقَةِ صَوْمَعَتِهِ وَالْعَوْدِ إِلَى الدُّنْيَا وَمُتَعَلِّقَاتِهَا وَحُظُوظِهَا وَتُضْعِفُ عَزْمَهُ فِيمَا نَوَاهُ وَعَاهَدَ عَلَيْهِ قَوْلُهَا (فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهِ الْمُومِسَاتِ) هِيَ بضم الميم الاولى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَيِ الزَّوَانِي الْبَغَايَا الْمُتَجَاهِرَاتِ بِذَلِكَ وَالْوَاحِدَةُ مُومِسَةٌ وَتَجْمَعُ عَلَى مَيَامِيسَ أَيْضًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم 0وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ) الدَّيْرُ كَنِيسَةٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنِ الْعِمَارَةِ تَنْقَطِعُ فِيهَا رُهْبَانُ النَّصَارَى لِتَعَبُّدِهِمْ وَهُوَ بِمَعْنَى الصَّوْمَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ نَحْوَ الْمَنَارَةِ يَنْقَطِعُونَ فِيهَا عَنِ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فجاؤوا بفؤوسهم
هو مهموز ممدود جمع فأس بالهمزة وهي هذه المعروفة كرأس ورؤوس وَالْمَسَاحِي جَمْعُ مِسْحَاةٍ وَهِيَ كَالْمِجْرَفَةِ إِلَّا أَنَّهَا مِنْ حَدِيدٍ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ) فَذَكَرَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمُ الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ السَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْدِ بَلْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ صَاحِبِ الْمَهْدِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا قَوْلُهُ (بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا) أَيْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ لِانْفِرَادِهَا بِهِ قَوْلُهُ
(يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلَانٌ الرَّاعِي) قَدْ يُقَالُ إِنَّ الزَّانِيَ لَا يَلْحَقَهُ الْوَلَدُ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَعَلَّهُ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ يَلْحَقُهُ وَالثَّانِي الْمُرَادُ مِنْ مَاءِ مَنْ أَنْتَ وَسَمَّاهُ أَبًا مَجَازًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ) الْفَارِهَةُ بِالْفَاءِ النَّشِيطَةُ الْحَادَّةُ الْقَوِيَّةُ وَقَدْ فَرُهْتُ بِضَمِّ الرَّاءِ فَرَاهَةً وَفَرَاهِيَةً وَالشَّارَةُ الْهَيْئَةُ وَاللِّبَاسُ قَوْلُهُ (فَجَعَلَ يَمَصُّهَا) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ فَقَالَتْ حَلْقَى) مَعْنَى تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ أَقْبَلَتْ عَلَى الرَّضِيعِ تُحَدِّثُهُ وَكَانَتْ أَوَّلًا لَا تَرَاهُ أَهْلًا لِلْكَلَامِ فَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكَلَامَ عَلِمَتْ أَنَّهُ أَهْلٌ لَهُ فَسَأَلَتْهُ وَرَاجَعَتْهُ وَسَبَقَ بَيَانُ حَلْقَى فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُهُ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي نَسَبُوهَا إلى
السَّرِقَةِ وَلَمْ تَسْرِقْ (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا) أَيِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي سَالِمًا مِنَ الْمَعَاصِي كَمَا هِيَ سَالِمَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِثْلَهَا فِي النِّسْبَةِ إِلَى بَاطِلٍ تَكُونُ مِنْهُ بَرِيًّا وَفِي حَدِيثِ جُرَيْجٍ هَذَا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا عِظَمُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَتَأَكُّدُ حَقِّ الْأُمِّ وَأَنَّ دُعَاءَهَا مُجَابٌ وَأَنَّهُ إذا تعارضت الامور بدئ بأهما وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ لِأَوْلِيَائِهِ مَخَارِجَ عِنْدَ ابْتِلَائِهِمْ بِالشَّدَائِدِ غَالِبًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ يتق الله يجعل له مخرجا وَقَدْ يُجْرِي عَلَيْهِمُ الشَّدَائِدَ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ زِيَادَةً فِي أَحْوَالِهِمْ وَتَهْذِيبًا لَهُمْ فَيَكُونُ لُطْفًا وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ بِالْمُهِمَّاتِ وَمِنْهَا أَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ مَعْرُوفًا فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلنَا فَقَدْ ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ زَعَمَ اخْتِصَاصَهُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَمِنْهَا إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَفِيهِ أَنَّ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ قَدْ تَقَعُ بِاخْتِيَارِهِمْ وَطَلَبِهِمْ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا تَقَعُ بِاخْتِيَارِهِمْ وَطَلَبِهِمْ وَفِيهِ أَنَّ الْكَرَامَاتِ قَدْ تَكُونُ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَادَّعَى أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمِثْلِ إِجَابَةِ دُعَاءٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ وَإِنْكَارٌ لِلْحِسِّ بَلِ الصَّوَابُ جَرَيَانُهَا بِقَلْبِ الْأَعْيَانِ وَإِحْضَارُ الشَّيْءِ من العدم ونحوه قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
[2551]
(رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ مَعْنَاهُ ذَلَّ وَقِيلَ كُرِهَ وَخُزِيَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الرُّغْمُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا