المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة الفطر - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٢

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌باب زكاة الفطر

يعني: لولا أنا نقدرها بقيمتها بعد الحول لذهبت فائدة التقدير على الفقراء.

• ثم قال رحمه الله:

وإن اشترى عرضاً بنصاب من أثمان أو عروض: بنى على حوله.

إذا اشترى عرضاً يعني عروضاً للتجارة في أثناء الحول فإنه لا يستأنف الحول بل يستمر على حوله ويبني على الأول.

والدليل على هذا:

- أن من شأن التجار تقليب الأموال والبضائع والسلع تارة تكون سلع وتارة تكون نقود. ولو اعتبرنا أنها إذا كانت نقوداً انقطع الحول وإذا كانت سلعاً انقطع الحول لم يتم حول على تاجر.

فإذاً يبني التاجرل على نصابه إذا قَلَّبَ الأموال التي عنده بين النقود والسلع.

ثم قال رحمه الله:

وإن اشتراه بسائمة: لم يبن.

إن اشتراه بسائمة لم يبن:

- لأن السائمة تختلف عن عروض التجارة في النصاب وفي الواجب. وما كان كذلك لا يمكن أن يبنى بعضه على بعض بل يستأنف الحول من جديد.

مسألة / وهي مهمة جداً: إذا اشترى إنسان سائمة من الماشية ونوى بها التجارة: جعلها ترعى الحول كله ونوى بها التجارة فهل يخرج الزكاة منها باعتبارها من السائمة أو باعتبارها من عروض التجارة؟

فيه خلاف:

= فالمذهب: باعتبارها عروض تجارة. إلا في حالة واحدة إذا بلغت النصاب إذا لااعتبرناها سائمة دون إذا اعتبرناها عروض تجارة فحينئذ نزكيها باعتبار أنها سائمة. وإلا فالأصل عند الحنابلة أن تعتبر بأنها عروض تجارة.

= القول الثاني: أنها تزكا باعتبارها سائمة.

- لأن هذا مجمع عليه - يعني: إخراج الزكاة باعتبارها سائمة - وفيه النصوص بخلاف عروض التجارة.

= القول الثالث: أنها تخرج بالأحظ للفقراء. وفي الغالب الأعم أن الأحظ لهم أن تعتبر: عروض تجارة.

وبهذا يقترب القول الأخير من مذهب الحنابلة.

لكن نقول: الأصل والقول الراجح أن نعتبرها بالأحظ للفقراء.

فنقول: انظر: هل الأحظ للفقراء أن تزكيها باعتبارها عروض تجارة أو تزكيها باعتبارها سائمة.

‌باب زكاة الفطر

.

• ثم قال رحمه الله:

باب زكاة الفطر.

يعني: باب لبيان الأحكام التي تتعلق بالزكاة التي سببها الفطر.

• قال رحمه الله:

تجب.

أجمع الفقهاء على أن زكاة الفطر واجبة.

وَدَلَّ على الوجوب:

ص: 404

- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنه: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الحر والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى من المسلمين). وهذا حديث متفق عليه.

فدل على الوجوب النص والإجماع.

• وقوله رحمه الله:

وتجب على كل مسلم.

يعني ولو كان صغيراً ولو كان من أهل البادية ومهما كانت صفته فتجب عليه زكاة الفطر.

- لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (على الحر والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى .. ).

فإذاً الزكاة واجبة على جميع المسلمين ولهذا لم يشترط إلا أن يكون مسلماً:

• فقال رحمه الله:

على كل مسلم.

فلم يقل كبير ولا صغير ولا عاقل ولا مكلف ولا غير مكلف وإنما تجب على كل مسلم.

• ثم قال رحمه الله:

فَضَلَ له يوم العيد وليلته: صاع عن قوته وقوت عياله وحوائجه الأصلية.

يعني: أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم ملك صاعاً يوم العيد فاضل عن ثلاثة أمور:

1 -

قوته. 2 - وقوت عياله. 3 - وحوائجه الأصلية.

فإذا ملك هذا الصاع بهذه الشروط الثلاثة وجبت عليه الزكاة.

وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يشترط أن يملك نصاباً. بل تجب على من ملك صاعاً واحداً فقط.

وهذا هو الصحيح خلافاً لم خرج عن ظاهر نص ابن عمر واشترط أن يملك نصاباً فإن هذا القول ضعيف.

بناء على هذا: من ملك متاعاً خارجاً عن حاجته الأصلية وجاء يوم العيد وهو من أهل الوجوب كما سيأتينا متى يكون وقت الوجوب؟ وجب عليه أن يبيع هذا المتاع ويشتري صاعاً ليخرجه عن زكاة الفطر بشرط أن يكون هذا المتاع زائداً عن حاجته الأصلية.

ومن الحوائج الأصلية:

1 -

ما لا يستغني عنه الإنسان في البيت.

2 -

وآلة العمل.

3 -

وكتب طالب العلم التي لا يستغني عنها. فإن كتب طالب العلم من حاجاته الأصلية. بشرط أن لا تكون زائدة وإنما نقتصر على ما يحتاجه طالب العلم في المذاكرة ومراجعة المسائل.

• ثم قال رحمه الله:

ولا يمنعها الدين إلاّ بطلبه.

الدين لا يمنع زكاة الفطر بخلاف الزكاة التي تتعلق بالمال فهو يمنعها كما تقدم معنا.

الدليل:

الدليل على ذلك:

- أن زكاة الفطر آكد باعتبار أنها تتعلق بالبدن لا بالمال.

ص: 405

فهي آكد من هذه الجهة. فتقدم على الدين ولا يمنع الدين وجوبها.

إلا في حالة واحدة وهي التي قال عنها المؤلف رحمه الله:

إلا بطلبه.

يعني: إذا طلب الدائن الدين فحينئذ يقدم على زكاة الفطر.

والدليل:

- أنه إذا طلبها الدائن صارت آكد من الزكاة. لأنها تتعلق بحق الآدمي. فوجب أن تقدم.

وهذا صحيح.

فإذا كان عند الإنسان صاع وهو مدين بصاع فالواجب أن يخرج هذا الصاع إلا إذا جاء الدائن يوم العيد وطلب هذا الدين فحينئذ يخرج الدين ولا يخرج زكاة الفطر لأن الدين الذي له مطالب يوم العيد مقدم على زكاة الفطر.

ثم قال رحمه الله:

فيخرج: عن نفسه.

يجب أن يخرج الزكاة أول ما يخرجها عن نفسه.

- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: في سياق الكلام عن النفقات: (ابدأ بنفسك).

وسيأتينا مراراً وتكرارً أن زكاة الفطر تشبه إلى حَدٍّ كبير أحكام النفقات - كما سيأتينا.

- الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على كل حرٍّ وعبد وصغير وكبير

الخ. وأول من يدخل بهذا اللفظ نفس الإنسان.

• ثم بين رحمه الله القاعدة العامة فيمن يجب على الإنسان أن يخرجها عنهم بقوله رحمه الله:

ومسلم يمونه.

ص: 406

من الأسئلة:

= ما حكم اتخاذ سن من الذهب للزينة؟

- لا يجوز اتخاذ سن من الذهب للزينة لأنه تقدم معنا أنه يجوز للضرورة والسن الذي للزينة ليس من الضرورة في شيء ثم هو ليس باليسير.

(((الأذان))).

قال شيخنا حفظه الله:

أسألكم سؤالاً: ما هي المناسبة أن المؤلف رحمه الله ذكر ما يجوز اتخاذه من الذهب والفضة دون ما لا يجوز؟

لأنه يترتب على هذا مسألة الزكاة.

ص: 407

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

• باب زكاة الفطر

بين المؤلف رحمه الله في الدرس السابق أنه يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وتحدثت عن أدلة هذا الحكم.

ثم انتقل المؤلف رحمه الله في هذا الدرس إلى الكلام عن الذين يلزم الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عنهم:

• فقال رحمه الله:

ومسلم يمونه.

عني: ويجب أن يخرج زكاة الفطر عن كل مسلم يقوم هو بالنفقة عليه من الأبناء والزوجات والعبيد

إلخ.

فهذه هي القاعدة العامة عند الحنابلة.

والدليل على هذا:

- رواية في حديث ابن عمر أنه قال: (وعمن يمونون).

والذين يخرج الإنسان الصدقة عنهم ثلاثة أصناف:

- الصنف الأول: الزوجات.

- الصتف الثاني: العبيد.

- الصنف الثالث: الأقارب.

ص: 408

نبدأ بالصنف الأول: - الزوجات.

= ذهب جماهير أهل العلم إلى أنه يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته وأنه لا يجب عليها هي أن تخرج ذلك.

واستدلوا بأمرين:

- الأول: الرواية السابقة: (وعمن يمونون) والزوجة ممن يجب على الإنسان أن ينفق عليها.

- الثاني: أن صدقة الفطر تقاس على النفقة لأن كلاً منهما يتعلق بالبدن.

= والقول الثاني: للأحناف واختاره من المحققين ابن المنذر رحمه الله أنه يجب على الزوجة أن تخرج هي بنفسها الزكاة ولا يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عنها إلا إذا أراد أن يتبرع.

واستدلوا على هذا:

- بقوله صلى الله عليه وسلم: - في حديث ابن عمر: (فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير قال على الحر والعبد والذكر والأنثى) وهو بعمومه يتناول الزوجة.

وسيأتينا الراجح بعد أن نستكمل الحديث عن الأصناف الثلاثة.

- الصنف الثاني: العبيد. والعبيد يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عنهم بالنص والإجماع فهي مسألة لا إشكال فيها.

- أما النص فقواه صلى الله عليه وسلم: (ليس على الإنسان صدقة في فرسه ولا في عبده إلا زكاة الفطر) وهذا الحديث في صحيح مسلم.

- والإجماع: فقد أجمع أهل العلم على أنه يجب على الإنسان أن يخرج الزكاة عن عبده.

- الصنف الثالث: الأقارب. وهو أنواع:

- النوع الأول: الأبناء. - الصغار: فقد أجمع أهل العلم على أنه يجب على الأب أن يخرج زكاة الفطر عنهم.

- النوع الثاني: الأبوين: كذلك أجمع أهل العلم ولم يخالف إلا أبو حنيفة في أنه يجب على الإنسان أن يخرج الزكاة عن أبويه.

- والنوع الثالث: بقية الأقارب: فيهم خلاف.

والراجح والله أعلم. أنه:

- يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عن كل شخص يجب عليه أن ينفق عليه من الزوجات والأبناء والأقارب والآباء.

ص: 409

والدليل على هذه القاعدة والتي تشمل الأصناف جميعاً:

- أولاً: قوله: (وعمن يمونون) وهذا اللفظ ضعيف لكنه يصلح للإستدلال به لأنه صح موقوفاً. فهو فتوى من صحابي.

- ثانياً: عرفنا فيما سبق أنه فيث بعض المواضع - في ثلاثة مواضع - أجمع أهل العلم على وجوب إخراج زكاة الفطر عنهم وهم: العبيد والأبناء الصغار والآباء مع خلاف أبي حنيفة في الآباء فقط. وإذا نظرت في المواضع التي أجمع عليها أهل العلم لم تجد قاسماً مشتركاً بينها ولا معنى تخرج عليه إلا وجوب النفقة.

فتبين أن من وجبت نفقته وجب إخراج زكاة الفطر عنه.

- ثالثاً: ما تقدم معنا: أن زكاة الفطر في الحقيقة تتعلق بالبدن وليست تتعلق بالمال. فهي تشبه من هذه الجهة النفقة وتأخذ أحكامها.

فهذا القول هو الراجح فيما ظهر لي بعد تأمل في النصوص والأدلة:

أن الإنسان يجب عليه أن يخرج زكاة من وجب عليه أن ينفق عليهم.

• ثم قال رحمه الله:

ولو شهر رمضان.

قصده في قوله: (ولو شهر رمضان): أنه يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عمن تبرع بالنفقة عليه كما إذا قدم ضيف سكن عنده في رمضان فإنه إذا جاء وقت زكاة الفطر وهذا الضيف الذي تبرع بالنفقة عليه لكونه ضيفاً يجب أيضاً عند الحنابلة أن يخرج زكاة الفطر عنه على سبيل الوجوب.

بناء على هذا: الضيوف الذين يأتون عادة في العشر الأواخر من روضان إذا بقوا عند الإنسان في بيته ينفق عليهم فإنه يجب عليه وجوباً أن يخرج زكاة الفطر عنهم. = عند الحنابلة.

= القول الثاني: أنه لا يجب على الإنسان أن يخرج زكاة الفطر عمن أنفق عليه تبرعاً.

وهذا القول اختاره عدد من المحققين المتقدمين.

واستدلوا:

- بأن الأصل براءة الذمة وعدم الوجوب ولا دليل على إخراج الصدقة عمن لا تجب نفقته.

وهذا القول الثاني: هو الصواب. وقوة هذا القول ظاهره ولله الحمد.

• ثم قال رحمه الله:

فإن عجز عن البعض.

يعني: إذا لزمته زكاة الفطر عن عدد من أقاربه بما فيهم الزوجات والآباء والأبناء والعبيد ولكنه لا يستطيع أن يخرج زكاة الفطر عن الجميع فيرجع إلى الترتيب الذي ذكره المؤلف رحمه الله:

• قال رحمه الله: - أولاً:

بدأ بنفسه.

أول ما يبدأ بنفسه:

ص: 410

- لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم معنا: (ابدأ بنفسك) وهو في سياق الكلام عن النفقة.

- الدليل الثاني: أن نفقة الإنسان نفسه مقدمة على غيره فكذلك زكاة الفطر.

ثم في المرتبة الثانية:

• قال رحمه الله:

فامرأته.

وأتت المرأة في النرتبة الثانية لـ: تأكد النفقة. والإجماع على وجوبها في حق الزوجة فتكون هي في المرتبة الثانية.

• ثم قال رحمه الله:

فرقيقه.

يأتي الرقيق في المرتبة الثالثة لأمرين:

- أولا ً: أن وجوب زكاة الفطر على السيد متفق عليه ومحل إجماع كما تقدم.

- ثانياً: أنه يجب على الإنسان أن ينفق على العبد الذي يملكه سواء كان السيد موسراً أو معسراً فإن النفقة لا تسقط.

المرتبة الرابعة:

• قال رحمه الله:

فأُمه.

الأم تأتي في المرتبة الرابعة:

- لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن أوجب الناس برا فقال: أمك ثم أمك ثم أمك وقال في الرابعة قال ثم أبيك.

فدل الحديث على أن الأم مقدمة على الأب في البر.

• ثم قال رحمه الله:

فأَبيه.

- للحديث السابق حيث أنه يأتي في البر بعد الأم.

• ثم قال رحمه الله:

فولده.

يعني: أنه يجب بعد هؤلاء وفي الأخير: الولد. - لأنه محل إجماع بالنسبة للصغير. في زكاة الفطر وأيضاً محل إجماع في وجوب النفقة فجاء مقدماً على بقية الأقارب.

= والقول الثاني: أن ابن الإنسان مقدم على أبويه وزوجته.

والراجح مذهب الحنابلة.

ثم قال رحمه الله:

فأقرب في ميراث.

بعد هؤلاء: يرتب الأقارب حسب قربهم باعتبار الميراث.

والتعليل:

- لأن من كان أقرب فهو أولى.

وإنما يتصور أن يكون عند الإنسان كل هؤلاء أبناء وآباء وأقارب وعبيد، يتصور غالباً في أحد حالين: - إما في المجاعات والكوارث العامة حيث يمتليء البيت من العائلة الواحدة.

- أو في الحروب. فإنه في الحروب يجتمع في البيت الواحد من الأقارب عدد كبير.

ففيما سوى هاتين الحالتين يندر أن يجتمع عند الإنسان مثل هذا العدد من الأقارب حتى يحتاج إلى أن يرتبهم حسب الترتيب الفقهي الذي ذكره الحنابلة.

على كل حال: هذا هو الترتيب إذا فرض أنه وجب على الإنسان أن ينفق على كل هؤلاء.

• ثم قال رحمه الله:

والعبد بين شركاء عليهم صاع.

ص: 411

مقصوده: أنه إذا كان العبد مملوكاً لأكثر من شخص فإن الصاع يجب على الملاك جميعاً لكن يقيد ذلك بأنه بحسب الملك.

فمن ملك ثلثي العبد وجب عليه أن يخرج ثلثي الصاع وهكذا.

وحكي على هذه المسألة الإجماع ولم يخالف إلا أبو حنيفة فإنه قال ليس عليهم شيء.

وعن الإمام أحمد روية أنه على كل مالك صاع ولو كثر الملاك.

- مسألة: كيف نقول: أن المسألة إجماع ثم نذكر رواية أخرى عن الإمام أحمد؟

الجواب: أن الإمام أحمد رجع عن هذه الرواية وقوله الأخير هو الموافق للإجماع فلما رجع عن هذه الرواية أجمعو ولم يوجد مخالف إلا ما ذكرت عن أبي حنيفة.

والصواب مع الجماهير أن عليهم صاع بحسب ملكهم.

ثم قال رحمه الله:

ويستحب عن الجنين.

أي ولا يجب.

فيستحب للإنسان إذا كان الجنين في بطن زوجته أن يخرج عنه صاعاً على سبيل زكاة الفطر.

وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أن استحباب زكاة الفطر عامة سواء كان هذا الحنين نفخت فيه الروح أو لم تنفخ فيه الروح.

وسواء كان في أول الحمل أو بعد التخليق.

وبعبارة أخرى في كل مراحل الحمل.

دليل الاستحباب:

- أنه روي أن عثمان رضي الله عنه أمر بإخراج زكاة الفطر عن الحمل.

= والقول الثاني: أن إخراج زكاة الفطر عن الحمل واجب.

= والقول الثالث: أنه يجب أن يخرج زكاة الفطر عن الحمل إذا نفخت فيه الروح.

والصواب أنه مستحب. إذ لادليل على الوجوب والجنين في البطن لا تتعلق به الأحكام إلا في موضعين: - الإرث. - والوصية.

أما ما عداهما فلا تتعلق به الأحكام.

فالصواب والله أعلم أنه يستحب.

لكن كما أشرت مراراً وتكراراً أنك إذا عرفت الخلاف في هذه المسألة عرفت أن الاحتياط أن الإنسان إذا كان مستطيعاً أن يخرج عن الحمل صاعاً زكاة فطرة.

• ثم قال رحمه الله:

ولا تجب لناشز.

يعني لا يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته الناشز.

التعليل:

- لأنه لا تجب نفقتها وسبيل زكاة الفطر سبيل النفقة.

لذلك نقول أن قول المؤلف رحمه الله ولا تجب لناشز. إنما هو على سبيل التمثيل ومثل به لأنه هو الغالب.

والقاعدة: أن كل زوجة لا يجب على الزوج أن ينفق عليها فلا يجب تبعاً لذلك أن يخرج زكاة الفطر عنها.

كالزوجة التي لم يدخل بها.

ص: 412

ثم قال رحمه الله:

ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه: أجزأت.

إذا أخرج الإنسان عن نفسه زكاة الفطر وهي تجب على غيره فينقسم إلى قسمين:

- الأول: أن يكون بإذن الغير. الذي يجب عليه أن يخرجها عنه فهذا مجزئ بالإجماع.

- الثاني: وهو الذي ذكره المؤلف: أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه بغير إذن من تجب عليه:

كأن تخرج الزوجة زكاة الفطر بغير إذن الزوج أو الابن الصغير بغير إذن أبيه. فالحنابلة يرون أن هذا مجزئ ولو لم يأذن من تجب عليه الزكاة.

واستدلوا على هذا:

- بأن المخرج أخرج الزكاة عن نفسه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: على كل حر وعبد فدخل في الحديث.

= والقول الثاني: أنه لا تجزئ عنه.

- لأنه فعل ما يجب على غيره بغير إذنه.

- وقياساً على زكاة المال.

والصواب إن شاء الله أنها تجزئ.

لكن لا ينبغي للإنسان أن يصنعى هذا الأمر بأن يخرج الزكاة وهي تجب على غيره إلا بعد أن يستأذن هذا الغير خروجا من الخلاف.

ثم انتقل رحمه الله إلى مسألة مهمة وهي: وقت الوجوب:

• فقال رحمه الله:

وتجب بغروب الشمس ليلة الفطر.

نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أربع روايات. لكن أصول الأقوال قولان فقط وهما روايتان:

- الأولى: هي المذهب: أنه بغروب الشمس ليلة العيد تجب زكاة الفطر. وهو مذهب الجمهور.

واستدلوا على هذا القول:

- بقول ابن عمر رضي الله عنه: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) فأضاف الزكاة إلى الفطر.

قالوا: والإضافة تقتضي التخصيص والسببية. وأول وقت يحل فيه الفطر هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان.

= والقول الثاني: وهو رواية عن أحمد: أن الوجوب يتم بطلوع الفجر الثاني يوم العيد.

واستدلوا:

- بنفس الحديث: فقالوا: قوله: (فرض رسول صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) يعني: زكاة يوم الفطر ويوم الفطر يبدأ من طلوع الفجر الثاني.

- وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون) فأطلق على يوم العيد أنه يوم الفطر.

والأقرب القول الأول. - لأن ليلة العيد يحصل بها الفطر وتترتب عليها الأحكام من مشروعية التكبير وغيره مما يتعلق بالفطر فدل على أنه زمن الوجوب.

ص: 413

ولا يخفاكم أن ثمرة الخلاف في الليل: من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني. فمن ولد أو مات

الخ كما سيذكره المؤلف في هذا الوقت صار محل خلاف.

• يقول رحمه الله:

فمن أسلم بعده، أو ملك عبداً، أو تزوج، أو ولد له ولد: لم تلزمه فطرتهم.

لأنهم وقت الوجوب ليسوا من أهل الوجوب بالنسبة للمنفق.

فإذا ولد للإنسان مولود بعد مغيب الشمس فإنه لا يجب عليه أن يخرج فطرته.

وكذا لو اشترى عبداً وتزوج زوجة.

= وعلى القول الثاني: تجب عليه.

أما لو ولد للإنسان مولود بعد طلوع الفجر الثاني فإنه بالإجماع لا يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنه لأنه وقت الوجوب ليس من أهل الوجوب.

• ثم قال رحمه الله:

مقرراً لما تقدم وهو أمر واضح:

وقبله تلزم.

قبل هذا الوقت: يعني: إذا أسلم قبل غروب الشمس أو ملك أو تزوج أو ولد قبل غروب الشمس فإنه تلزم الإنسان نفقة هؤلاء.

أي تلزمه زكاة الفطر عنهم.

وقد عرفت الخلاف في هذه المسألة.

ثم قال رحمه الله:

ويجوز إخراجها: قبل العيد بيومين فقط.

= يجوز عند الحنابلة أن نخرج زكاة الفطر قبل يوم العيد بيوم أو يومين.

- لما صح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (كانوا يخرجون زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين) وهذا الحديث ثابت في الصحيح وهو نص في المسألة.

= القول الثاني: أنه يجوز أن نخرج زكاة الفطر قبل العيد بثلاثة أيام.

= القول الثالث: أنه يجوز أن نخرج زكاة الفطر من أول الشهر.

واستدل هؤلاء:

- بأن سبب الوجوب مركب من أمرين: الصوم والفطر. فإذا وجد أحد السببين جاز إخراج الزكاة.

- وبأن في هذا توسعة على المسلمين لا سيما إذا كان أهل الزكاة يحتاجون إلى مشقة في الوصول إليهم.

والصواب مع الحنابلة لأن معهم نصاً ظاهراً صريحاً واضحاً أنهم كانوا يخرجون الزكاة قبل العيد بيوم أو يومين فقط والتقييد بثلاثة أو بأول الشهر قول ضعيغ مخالف للنص الصريح.

• ثم قال رحمه الله:

ويوم العيد قبل الصلاة أفضل.

يعني أن أفضل الأوقات لإخراج الزكاة هو ما بين طلوع الفجر إلى صلاة العيد.

وهذه الأفضلية محل إجماع ويدل عليه:

- ما في حديث بن عمر أنه رضي الله عنه قال: وكانوا يأمرون بها أن تخرج قبل صلاة العيد.

ص: 414

= - ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة).

فإذاً اعتبار الوقت هو أفضل الأوقات دل عليه النص والإجماع فلا إشكال فيه.

• ثم قال رحمه الله:

وتكره في باقيه.

يتركب هذا من قولين - هذه العبارة تدل على مسألتين بعبارة أخرى:

- أنه يجوز أن نخرج الزكاة بعد الصلاة ولكنه مكروه.

أما دليل الكراهة فهو: - مخالفة السنة فإنهم كانوا يخرجونها قبل الصلاة.

وأما دليل الجواز:

- فعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم). يعني بزكاة الفطر.

والإغناء يحصل ولو بعد الصلاة.

= والقول الثاني: أنه يجوز بلا كراهة أن يخرج الزكاة بعد الصلاة.

= والقول الثالث: أنه يحرم ولا يجزئ أن يخرج الزكاة بعد الصلاة.

واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أخرجها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات). فنص الحديث على أنها إذا أخرجت بعد صلاة العيد لا تعتبر زكاة فطر فدل على أن هذا محرم وأنه لا يجزئ.

وهذا اختيار شيخ الاسلام وابن القيم وهو في الحقيقة الذي يتوافق مع النصوص وإن كان يخالف مذهب أكثر أهل العلم.

ويستثنى من هذا: إذا كان التأخير له سبب مقبول. وعذر واضح فإنه حينئذ يرجى أنه إن شاء الله تجزئ عنه ولا يأثم بهذا التأخير كأن لا يجد من يعطيه أو يضيع المال أو - وهو أكثر الأعذار انتشاراً - أن يوكل شخصاً ولا يخرج هذا الموكل الزكاة فإنه من أكثر أسباب التأخر كأن يفرط الموكل فإن الموكل لا حرج عليه وله أن يخرج بعد الصلاة.

• ثم قال رحمه الله:

ويقضيها بعد يومه آثماً.

يعني أنه إذا لم يخرج في كل اليوم فإنه آثم وعمله محرم ويجب عليه أن يتوب ولكن مع ذلك يجب أن يخرج الزكاة وتصبح قضاء.

واستدلوا على هذا:

- بأن زكاة الفطر تعلق بها حقان:

- الأول: حق الآدمي.

- والثاني: حق الله سبحانه وتعالى.

فحق الله بين الإنسان وربه سبحانه وهو آثم ويحتاج إلى توبه.

أما حق الآدمي فهو دين في ذمة الذي يجب عليه إخراج الزكاة ولا يسقط بمضي الوقت قياساً على دين الآدمي فيجب أن يخرج الزكاة بعد العيد.

ص: 415

هذا القول: الذي فيه وجوب إخراج الزكاة بعد العيد = مذهب الجماهير وحكاه بعضهم إجماعاً.

لكن الذين حكوا الإجماع هم من المتأخرين فلم أر أحداً من المتقدمين - حسب ما وقفت عليه - حكى الإجماع. ولكن هذا الإجماع يدلك على أن هذا القول هو قول عامة أهل العلم.

= والقول الثاني: أنه لا يجزئ ولو أخرجها فلا قيمة لها لا أداء ولا قضاء ولا ينظر إليها وهو أيضاً اختيار الشيخين: ابن تيمية وابن القيم وتمسكوا بالحديث.

- وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).

واختيارهم قوي. ومذهب الجماهير أحوط. فنقول للإنسان: مهما أخرت الزكاة أخرجها لأنها كالدين في ذمتك.

وما استدل به الجمهور فقوي وهو أن هذا دين يتعلق به حق الفقراء فمهما أخر فيجب أن يخرج قياساً على زكاة المال. فإن زكاة المال لها موعد إذا أخر عنه أثم من أخره كما سيأتينا على الخلاف في تحديد هذا الموعد.

ومع ذلك نقول: مهما أخرت وأثمت وارتكبت هذا المحرم فيجب أن تخرج الزكاة فكذلك هنا نقول. مهما أخرت وأثمت فيجب أن تخرج الزكاة.

فصل

[في قدر الواجب ونوعه ومستحقه وما يتعلق بذلك]

• ثم قال رحمه الله:

(فصل).

المقصود بهذا الفصل بيان القدر الواجب وما يتعلق بالأجناس وما يجزئ منها وما لا يجزئ. وهو مبحث مهم جداً.

• قال رحمه الله:

ويجب صاع.

الصاع: مكيال معروف. والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع أمداد. فهذا هو المقصود بقول الفقهاء: يجب صاع.

• قال رحمه الله:

يجب صاع من بر أو شعير ..... إلى آخره ..

= ذهب الأئة الثلاثة إلى أنه لا يجزئ من جميع الأصناف إلا إخراج صاع كامل سواء كان المخرج بر أو شعير أو تمر أو إقط أو زبيب أو أي نوع مما سيأتينا.

واستدلوا على هذا:

- بقول ابن عمر رضي الله عنه: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر.

- وبحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: كنا نخرج الزكاة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا صاعاً من طعام أو شعير أو إقط أو زبيب أو تمر. وهذه أربعة أصناف.

ص: 416

ففي الحديثين لم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين نوع وآخر.

= القول الثاني: أنه يجوز في البر خاصة نصف صاع. وإلى هذا ذهب الأحناف وبعض اليلف على رأسهم الإمام الكبير سعيد بن المسيب وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية.

واستدلوا بعدة أدلة:

- الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صاع من بر يكفي عن اثنين). وهو حديث إما ضعيف أو ضعيف جداً.

- الدليل الثاني: أن المسلمين استمروا على هذا العمل من زمن معاوية إلى أزمان متأخرة بعده. فما زال عمل المسلمين على هذا.

- الدليل الثالث - والأخير -: أن هذا القول مروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

والراجح والله أعلم القول الأول وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد.

- لأن أبا سعيد الخدري وهو أعرف الناس بهذه المسألة قال: كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا صاعاً من تمر أو شعير أو إقط أو زبيب حتى إذا قدم معاوية قال: أرى نصف صاع من سمراء الشام تكفي عن صاع من هذا التمر قال: فأخذ الناس بذلك.

وسمراء الشام: هو القمح الدمشقي. والمقصود به: البر. قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنا نخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومع كون القول بوجوب إخراج الصاع هو الراجح إلا أنه لا يخفى أبداً قوة القول الثاني. لا سيما وقد عمل به نحو خمسة من الصحابة فكلهم يرى هذا الرأي ولا سيما أن معاوية خطب بهذا على المنبر وأخذ الناس به والناس في زمن معاوية هم الصحابة والتابعون. فهذا القول قوي ولهذا اختاره شيخ الاسلام بن تيمية لهذه الاعتبارات.

لكن القول الراجح هو القول الأول باعتبار أن في المسألة نص وباعتبار أن أبا سعيد الخدري لم يرض بهذا القول وإنما رأى أنه يلزمهم أن يستمروا على إخراج صاع مهما كان نوع المخرج.

• قال رحمه الله:

ويجب صاع من بر.

البر لم يذكر في النصوص لكن أهل العلم أجمعوا على أنه يجزئ لأنه أولى مما ذكر من الشعير وغيره.

• قال رحمه الله:

أو شعير.

الشعير مذكور في جميع الأحاديث. أنه من الأصناف التي يجزئ إخراجها في زكاة الفطر: في حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد الخدري.

قال رحمه الله:

ص: 417

أو دقيقهما.

يعني: أنه يجوز أن نخرج دقيق القمح أو دقيق الشعير. لأن الدقيق هو عبارة عن القمح والشعير مطحون فهو أجزاء لما يشرع إخراجه. فدقيق القمح أجزاء للقمح ولذلك جاز إخراجه.

لكن يشترط:

1 -

أن يكون بالوزن.

2 -

وأن يحتاط إذا كان ثقيلاً بالزيادة. فيحتاط إذا كان وزنه ثقيل بأن يزيد عليه.

لأن الصاع مكيال وليس ميزان.

والصاع بالميزان الحديث اختلفوا فيه:

= منهم من قال: كيلوين وربع.

= ومنهم من قال: كيلوين ونصف.

= ومنهم من قال: كيلوين وأربعين جرام.

هذه ثلاثة أقوال. الوسط منها هو اختيار شيخنا رحمه الله وهو الأقرب لكون الشيخ رحمه الله بيده قد قاس هذا الأمر فنحن نرى أن هذا أدق شيء.

فكيلوين وأربعين جرام إذا كان البر ثقيل صار كمية قليلة من البر تزن كيلوين وأربعين جرام بينما لو وضعنا هذه الكمية في المكيال لكانت أقل من صاع لأن المكيال يعتمد على الحجم والميزان يعتد على الوزن. فإذا كان ثقيلاً فيجب أن نحتاط بالزيادة.،

والفقهاء رحمهم الله كلهم يقولون: إذا أردت أن تخرج دقيق فيجب أن يكون بالوزن حتى ينضبط ويجب أن تحتاط إذا كان ثقيلاً.

• ثم قال رحمه الله:

أو سويقهما.

يعني سويق الشعير والبر.

والسويق هو: ما يحمص من هذه الأشياء ثم الطحن.

فهو في الحقيقة قريب من الدقيق لكنه قبل أن يطحن يحمص فالحكم واحد.

ثم قال رحمه الله:

أو تمر أو زبيب أو أقط.

هذا مذكور في حديث أبي سعيد الذي ذكرته لك آنفاً فقد ذكر فيه: التمر والزبيب والإقط. فزاد الزبيب والإقط.

هذه الخمسة أصناف هي التي نص عليها الفقهاء رحمهم الله:

1 -

البر.

2 -

والشعير.

3 -

والتمر.

4 -

والزبيب.

5 -

والإقط.

• ثم قال رحمه الله:

فإن عدم الخمسة: أجزأ كل حب وثمر يقتات

إلخ.

= أفادنا المؤلف رحمه الله بهذه العبارة أنه لا يجوز أن نخرج من غير هذه الأصناف الخمسة إذا كانت موجودة فإذا وجدت وأخرج الإنسان غيرها ولو كان هذا الغير من قوت البلد فإنه: لا يجزئ.

واستدلوا على هذا:

- بأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على هذه الأصناف.

- والصحابة اتفقوا على البر.

فهي أصناف منصوص عليها ومتفق عليها لا يخرج عنها إلا إذا لم توجد.

ص: 418

= والقول الثاني: أنه يجوز أن نخرج من أي نوع من الطعام بشرط أن يكون قوتاً للبلد.

- لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نص على هذه الأصناف لأنها في وقتهم هي قوت البلد. بدليل: أنه لم يذكر البر مع أنه أعلى هذه الأصناف لأنه لا يوجد في المدينة بكثره.

فنص على الأقوات المعروفة في المدينة.

بناءً عليه: يجوز للإنسان أن يخرج أي نوع من أنواع الطعام إذا كان قوتاً ولو لم يكن من هذه الأصناف المنصوص عليها.

ووقتنا هذا يؤكد رجحان هذا القول:

لأن من الأصناف الآن: الشعير وهو صنف لا يقتات أبداً ولا ينتفع منه الفقير ولا أظن أحداً يقول أنه يخرج شعيراً ولو كان منصوصاً عليه لأن الفقير لا ينتفع منه مطلقاً.

وبالإجماع المقصود من زكاة الفطر إغناء الفقير وأن ينتفع بها فكيف نعطيه ما لا ينتفع به.

فدل هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن ينص على الأقوات فمهما كان الطعام قوتاً جاز أن يخرج.

بل من الممكن أن نقول: كما ذكرت الآن: أنه إذا كان بعض هذه الأنواع أصبح ليس من الأقوات فإنه لا يشرع أن نخرجه:

- لأنا نجزم أن العلة هي القوت فإذا خرج عن أن يكون قوتاً صار لا يجزئ.

• ثم قال رحمه الله:

أجزأ كل حب وثمر يقتات.

لما تقدم من أن القاسم المشترك بين الأصناف أو العلة المعتبرة فيها هي: الاقتيات.

• ثم قال رحمه الله:

لا معيب.

يعني: لا يجوز أن يخرج الإنسان لا من هذه الأصناف ولا من غيرها إذا لم توجد شيئاً معيباً.

- لقوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون

} [البقرة/267]

- ولأن نفع الفقير يقل أو ينعدم إذا أخرج المعيب.

والمعيب:

كـ: المبلول وكالذي تغيرت رائحته وطعمه من طول البقاء وكأي عيب يعرفه الناس.

• ثم قال رحمه الله:

ولا خبز.

لا يجوز أن يخرج الإنسان في زكاة الفطر خبزاً.

لأمرين:

- الأول: أنه لا يمكن أن نعرف بالدقة وزن هذا الخبز؟

- الثاني: أن هذا الخبز لا يبقى.

وبناءً على هذا يتضرر الفقير من تلفه ولا ينتفع به على الوجه الأكمل.

= والقول الثاني: أنه يجوز أن نخرج الخبز في حال واحدة: إذا عرف عن أهل هذا البلد أنهم يأكلون الطعام يوم العيد.

فإنه في هذه الحالة لا يفسد لأنه سيؤكل يوم العيد.

ص: 419