المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حقيقة التعجل ووجوب المبيت والرمي لغير المتعجل - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ١٢٥

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ باب صفة الحج والعمرة [3]

- ‌بيان ما ينبغي على الحاج يوم النحر بعد فراغه من أعمال منى

- ‌حكم طواف الإفاضة بالنسبة للمفرد والقارن

- ‌بيان وقت طواف الإفاضة من حيث الابتداء والانتهاء والأفضلية

- ‌أقوال العلماء في تأخير طواف الإفاضة عن يوم النحر

- ‌أفضلية الطواف للإفاضة يوم النحر

- ‌السعي بعد طواف الإفاضة للقارن والمفرد والمتمتع الذي لم يسع

- ‌حقيقة التحلل الأول والثاني وما يباح فيهما

- ‌ماء زمزم لما شرب له

- ‌الدعاء عند شرب ماء زمزم

- ‌وجوب المبيت بمنى

- ‌بيان وقت رمي الجمار وضرورة ترتيبها وأحكامها

- ‌جعل الجمرتين الصغرى والوسطى عن يساره بعد رميهما عند الدعاء

- ‌عدم الوقوف عند جمرة العقبة بعد رميها من بطن الوادي

- ‌مشروعية استقبال القبلة عند رمي الجمار

- ‌حكم جمع الرمي إلى اليوم الثاني أو الثالث

- ‌وجوب النية في الرمي مع الترتيب وجواز التوكيل فيه

- ‌حكم تأخير الرمي وعدم المبيت بمنى

- ‌حقيقة التعجل ووجوب المبيت والرمي لغير المتعجل

- ‌وجوب طواف الوداع وأن يكون آخر العهد بالبيت هذا الطواف

- ‌لزوم إعادة طواف الوداع لمن اتجر بعده

- ‌ترك طواف الوداع للحائض والنفساء

- ‌لزوم الدم على من ترك طواف الوداع وشق عليه الرجوع

- ‌دخول طواف الوداع تحت طواف الإفاضة إن أخر

- ‌أقوال العلماء في وقوف غير الحائض بين الركن والباب

- ‌عدم مشروعية الوقوف بباب المسجد الحرام للمرأة الحائض

- ‌عدم مشروعية شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره

- ‌الأسئلة

- ‌مشروعية صلاة ركعتي الطواف

- ‌وصايا عامة لمن وفقه الله للحج وما يكون عليه بعد الحج

الفصل: ‌حقيقة التعجل ووجوب المبيت والرمي لغير المتعجل

‌حقيقة التعجل ووجوب المبيت والرمي لغير المتعجل

[ومن تعجل في يومين خرج قبل الغروب وإلا لزمه المبيت والرمي من الغد].

قوله: (ومن تعجل في يومين) المراد بذلك: أن يتعجل في اليوم الثاني عشر فيخرج من حدود منى قبل مغيب الشمس، فإذا غابت عليه الشمس وهو خارج حدود منى فقد تعجل، والعجلة تستلزم من المسلم أن يأخذ بأسباب التعجل، وذلك بالاحتياط والتحفظ؛ لأن التعجل ورد في صيغة القرآن، في قوله تعالى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:203]، هذا اللفظ الذي نص عليه القرآن يدل على شيء من التكلف، وأخذ الحيطة والحزم في الأمر، أما لو أنه قصر وغابت عليه الشمس ولو كان مرتحلاً وعجل فللعلماء فيه وجهان: جمهور العلماء -والمنصوص عليه عند الأئمة-: على أنه يعتبر ملزماً بالمبيت؛ لأنه لم يتعجل حقيقة، وفرق بين تعجل الصورة وتعجل الحقيقة؛ لأن الله يقول:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] وفي للظرفية، ومعنى ذلك: أنه قد حصلت العجلة والخروج من حدود منى في اليومين، واليومان المراد بهما: الحادي عشر والثاني عشر، بمعنى: أنه قد خرج من حدود منى قبل أن تغيب عليه شمس اليوم الثاني عشر، واشترط بعض العلماء: أن يكون تعجله وخروجه من منى على التقوى؛ وذلك لقوله تعالى: {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:203] والمراد بالتقوى كما يقول بعض السلف: أن لا يخرج سآمة من الحج وفراراً من كلفة الحج، كما يفعله بعض العامة، فإنه يريد أن يتعجل لا من باب التقوى وإنما يتعجل سآمة وفراراً من تكاليف الحج، وحينئذ ٍقالوا: لم يتحقق فيه الشرط، ولا يجوز للمسلم أن يسأم العبادة والخير والطاعة والقربة، ولذلك ينبغي لمن تعجل أن ينتبه لهذا الأمر، وهو أن لا يخرج من مشعر منى كارهاً العبادة -والعياذ بالله-، أو سائماً منها أو فاراً من كلفتها وتبعتها، وإنما يخرج على سبيل التقوى والاسترخاص برخص الله كما قال صلى الله عليه وسلم:(عليكم برخص الله التي رخص لكم).

قوله رحمه الله: (خرج) هذا يدل دلالة واضحة على أنه لابد وأن يتحقق الخروج، فإذا لم يحصل الخروج فإنه لم يتعجل، وهذا كما ينص عليه جماهير أهل العلم من السلف رحمهم الله ومن بعدهم: أنه لابد من حقيقة التعجل وذلك إعمالاً لنص القرآن على ظاهره: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:203]، وحقيقة التعجل أن يخرج من حدود منى، فإذا خرج من حدود منى بمتاعه ورحله، وأدركه المغيب وهو خارج حدود منى ولو بخطوة واحدة فقد تعجل حقيقة، وحينئذٍ يسقط عنه مبيت اليوم الأخير والرمي عن اليوم الأخير، أما لو خرج عن حدود منى قبل المغيب ثم رجع بعد المغيب وأخذ متاعه فليس بمتعجل، وإنما هو محتال على الشرع ويلزمه المبيت الليلة الأخيرة ويلزمه الرمي لذلك اليوم؛ لأنه لم يتعجل حقيقة، وعبر المصنف بالخروج لكي يدل على أنه إذا لم يقع منه الخروج الحقيقي فليس بمتعجل، ويلزمه ما يلزم من لم يتعجل من مبيت الليلة الأخيرة والرمي إعمالاً للأصل الذي ذكرناه.

ص: 19