المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنن الحج وضرورة العمل بها إلا من عذر - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ١٢٧

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ باب صفة الحج والعمرة [5]

- ‌أركان الحج: بيانها وأهمية معرفتها والأحكام المتعلقة بها

- ‌الركن الأول: الإحرام حكمه وأهميته

- ‌الركن الثاني: الوقوف بعرفة حكمه وأهميته

- ‌الركن الثالث: طواف الإفاضة حكمه وأهميته

- ‌الركن الرابع: السعي حكمه وأهميته

- ‌واجبات الحج وما يتعلق بها من أحكام

- ‌الواجب الأول: الإحرام للحج والعمرة من الميقات

- ‌الواجب الثاني: الوقوف بعرفة حتى يتحقق مغيب الشمس

- ‌الواجب الثالث: المبيت بمنى ومزدلفة ودليل وجوبهما

- ‌الواجب الرابع: رمي الجمار

- ‌الواجب الخامس: الحلق أو التقصير

- ‌الواجب السادس: طواف الوداع

- ‌سنن الحج وضرورة العمل بها إلا من عذر

- ‌أركان العمرة وما يتعلق بها من أحكام

- ‌الركن الأول: الإحرام للعمرة بنية الدخول في النسك

- ‌الركن الثاني: الطواف

- ‌الركن الثالث: السعي بين الصفا والمروة

- ‌واجبات العمرة وما يتعلق بها من أحكام

- ‌الواجب الأول: الحلق أو التقصير للمعتمر

- ‌الواجب الثاني: الإحرام من الميقات

- ‌حكم من ترك ركناً من أركان العمرة غير الإحرام

- ‌حكم من ترك النية في ركن من أركان الحج والعمرة

- ‌حكم من ترك واجباً من واجبات الحج والعمرة

- ‌حكم من ترك سنة من مسنونات الحج والعمرة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من تجاوز الميقات

- ‌سبب اختيار ركنية الإحرام

- ‌وصية لطالب العلم

- ‌حكم طواف الوداع لمن أصابه مرض ويخشى فوات رفقته

- ‌حكم التنفل بالسعي بين الصفا والمروة

الفصل: ‌سنن الحج وضرورة العمل بها إلا من عذر

‌سنن الحج وضرورة العمل بها إلا من عذر

قال المصنف: [والباقي سنن] قوله: (والباقي سنن) أي: أن ما وصفته لك من صفة الحج غير الأركان والواجبات التي ذكرتها لك يعتبر سنة، والسنة: ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، فهي من هدي رسول الله صلى عليه وسلم، جعل الله الخير والهدى والرحمة لمن التزم بها، وعمل بها واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتدى به فيها، وأما إذا تركها المسلم فإنه لا ملامة عليه، ولا حرج عليه فهي على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب، والإنسان في السنة مخير بين أن يفعل وبين أن يترك، وهذه السنة من تركها لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يترك هذه السنة وهو يحب فعلها، ولكن طرأ عليه العذر وطرأ عليه ما لا يستطيع معه القيام بهذه السنة، فلو فرضنا مثلاً أن الإنسان سعى بين الصفا والمروة -وكان من هديه بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه أن يدعو على الصفا والمروة- فلما رأى الناس وشدة الزحام ذهب بسبب شدة الزحام ولم يستطع أن يقف، وهو في نيته ونفسه أنه لو تمكن لوقف، أو كان وقوفه يخشى معه الفتنة، ويخشى معه أذية الضعفة ونحو ذلك، وتحقق من وجود هذا الضرر، فانصرف عن الدعاء وفي نفسه أنه يحبه، وأنه لولا هذا العذر لوقف ودعا، فإن الله يبلغه أجر هذه السنة، ويبلغه ثواب من عمل بها لمكان العذر.

الحالة الثانية: أن يتركها وهو قادر على الفعل، فإنه حينئذٍ لا يخلو من ضربين: الضرب الأول: أن يتركها ترخصاً برخصة الشرع، ورأى أنها سنة وتركها وهو يعتقد فضلها ويعتقد ما لها من مزية فلا إشكال، فهذا قد فاته الأفضل ولكن لا يلام ولا يذم.

الضرب الثاني: أن يتركها -والعياذ بالله- زهداً فيها، فهذا هو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فالزهد في السنن لا خير فيه، ولذلك ينبغي على طالب العلم أن لا يجعل من علمه بالسنة طريقاً للزهد فيها، فإنك ترى بعض الناس -أصلحهم الله- إذا طُلِبَ منهم أن يفعلوا أمراً من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلوا عليه، قالوا: هذا سنة، ولا يقصدون من ذلك أنه لا يجب فعله، وإنما هو على سبيل التهكم أو على سبيل الرغبة عنها، نسأل الله السلامة والعافية! فمثل هذا نبه العلماء رحمهم الله على أنه لا خير فيه للإنسان.

وقال بعض أهل العلم في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:63]: إنه عموم هديه، وإن المراد هنا بالمخالفة إما في الواجبات وإما على سبيل الرغبة عما ليس بواجب، وكل ذلك لا خير فيه؛ لأن الله توعد صاحبه بالفتنة نسأل الله السلامة والعافية! وكان بعض السلف يكرهون ترك السنن، خاصة لطلاب العلم ولمن هم قدوة وأهل فضل، فإن طلاب العلم وأهل العلم إنما فضلهم الله بالعلم وشرفهم به إذا عملوا به، ومن عمل بالعلم رفع الله قدره بهذا العلم، وطيبه وطيب العلم منه إذا عمل به وحرص عليه، فإن من عمل بعلمه ورَّثه الله علماً لم يكن يعلمه، قال بعض السلف: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم.

فمن عمل بالسنن وطبقها فإن الله يورثه بركة هذه السنن، وذلك بالانتفاع بعلمه، أما إذا كان طالب العلم تستوي عنده فعل السنن وتركها فهذا لا يخلو من نظر، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله لما سئل عن رجل يترك الوتر؟ قال: لا خير فيه.

وذلك على سبيل عدم الحرص على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعض العلماء: إذا ترك طالب العلم السنن الراتبة لا أقبل شهادته.

أي: أن هذا يدل على أنه ليس على الحال الأمثل؛ لأن لطلاب العلم مزية على العوام وعلى سائر الناس، فالناس تقتدي بهم وتهتدي بهديهم، فعلى الإنسان أن يحرص خاصة إذا كان من طلاب العلم على السنة وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهلها وأن يحشرنا في زمرتهم.

ص: 14